بستان
الأحبار مختصر نيل الأوطار أَبْوَابُ مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ
لأَجْلِهِ
بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَالرُّخْصَةُ
فِي تَرْكِهِ
342- عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ أَنَّهُ وَجَدَ
أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ عَلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إنَّمَا
أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتهَا لأَنِّي سَمِعْت رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «تَوَضَّأوا مِمَّا مَسَّتْ
النَّارُ» .
343- وَعَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«تَوَضَّأوا مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» .
344- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
مِثْلَهُ. رَوَاهُنَّ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
345- وَعَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: أَكَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم
- مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
346- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: رَأَيْت
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ
مِنْهَا فَدُعِيَ إلَى الصَّلاةِ، فَقَامَ وَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى
وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
347- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَكَلْت مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
- وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَصَلَّوْا وَلَمْ
يَتَوَضَّئُوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
348- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
(1/94)
قَوْلُهُ: «تَوَضَّأوا مِمَّا مَسَّتْ
النَّارُ» . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالأَحَادِيثُ
تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَقَدْ
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْخِلافَ كَانَ
فِي الصَّدْرِ الأَوَّلِ ثُمَّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَنَّهُ لا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَهَذِهِ النُّصُوصُ إنَّمَا تَنْفِي الإِيجَابَ لا الاسْتِحْبَابَ
وَلِهَذَا قَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟
349-: «إنْ شِئْت فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلا تَتَوَضَّأْ» .
وَلَوْلا أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَمَا أَذِنَ فِيهِ،
لأَنَّهُ إسْرَافٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَاءِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ.
بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ
350- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتهمْ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ
بِوُضُوءٍ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ بِسِوَاكٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
351- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ، قِيلَ لَهُ: فَأَنْتُمْ كَيْفَ
تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا
لَمْ نُحْدِثْ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا مُسْلِمًا.
352- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ
غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ
عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ، وَوُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إلا مِنْ حَدَثٍ، وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً عَلَى ذَلِكَ، كَانَ
يَفْعَلُهُ حَتَّى مَاتَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
353- وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ - بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ - عَنْ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ
تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ» .
قَوْلُهُ: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتهمْ عِنْدَ كُلِّ
صَلاةٍ بِوُضُوءٍ» قال
(1/95)
الشَّارحُ رحمه الله: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى
عَدَمِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلاةِ، وَهُوَ
مَذْهَبُ الأَكْثَرِ، بَلْ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ
أَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَتْوَى، وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ
خِلافٌ.
قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ
عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ
عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ.
بَابُ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ
354- عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَوَضَّأُ - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى
فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ
يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْك إلا أَنِّي كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ
اللَّهَ إلا عَلَى طَهَارَةٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ
بِنَحْوِهِ.
355- وَعَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ
رَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
356- وَمِنْ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ
عَنْ عَلِيٍّ.
357- وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ.
وَسَنَذْكُرُهُمَا.
358- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -
يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا
النَّسَائِيّ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ) قَالَ
الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ
الذِّكْرِ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد (
وَهُوَ يَبُولُ) ، وَيُعَارِضُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ
وَعَائِشَةَ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: (لا يَحْجِزُهُ مِنْ الْقُرْآنِ
شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ) ، فَإِذَا كَانَ الْحَدَثُ الأَصْغَرُ لا
يَمْنَعُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ كَانَ
جَوَازُ مَا عَدَاهُ مِنْ الأَذْكَارِ بِطَرِيقِ الأَوْلَى.
بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ
359- عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم -: «إذَا أَتَيْت مَضْجَعَك
(1/96)
فَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلاةِ ثُمَّ
اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّك الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْت
نَفْسِي إلَيْك، وَوَجَّهْت وَجْهِي إلَيْك، وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَيْك،
وَأَلْجَأْت ظَهْرِي إلَيْك رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْك لا مَلْجَأَ وَلا
مَنْجَى مِنْك إلا إلَيْك، اللَّهُمَّ آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت
وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت، فَإِنْ مِتّ مِنْ لَيْلَتِك فَأَنْتَ عَلَى
الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» . قَالَ:
فَرَدَّدْتهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا بَلَغْت:
اللَّهُمَّ آمَنْت بِكِتَابِك الَّذِي أَنْزَلْت، قُلْت: وَرَسُولِك قَالَ:
«لا وَنَبِيِّك الَّذِي أَرْسَلْت» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «فَتَوَضَّأَ»
ظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ
النَّوْمَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
مَخْصُوصًا بِمَنْ كَانَ مُحْدِثًا.
بَابُ تَأْكِيدِ ذَلِكَ لِلْجُنُبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ
لأَجْلِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ
360- عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنَامُ
أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ. إذَا تَوَضَّأَ» .
361- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ - وَهُوَ جُنُبٌ - غَسَلَ فَرْجَهُ
وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ. رَوَاهُمَا الْجَمَاعَةُ.
362- وَلأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ
تَوَضَّأَ.
363- وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم
- رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ
يَنَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
364- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ
فَلْيَتَوَضَّأْ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَحَادِيثُ الْبَابِ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ
(1/97)
لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ وَيَأْكُلَ قَبْلَ
الاغْتِسَالِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ مُعَاوَدَةُ الأَهْلِ، وَكَذَلِكَ
الشُّرْبُ، وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ.
بَابُ جَوَازِ تَرْكِ ذَلِكَ
365- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ - وَهُوَ جُنُبٌ - يَغْسِلُ
يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
366- وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
إذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ إلَى أَهْلِهِ أَتَاهُمْ ثُمَّ يَعُودُ وَلا
يَمَسُّ مَاءً. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
367- وَلأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلا يَمَسُّ مَاءً.
قَوْلُهَا: (كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَرَادَ أَنْ
يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ
وَيَشْرَبُ) . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هُوَ طَرَفٌ
مِنْ الْحَدِيثِ
وَلَفْظُهُ فِي النَّسَائِيّ: (كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ
جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ
أَوْ يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ) .
قَوْلُهَا: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنَامُ وَهُوَ
جُنُبٌ وَلا يَمَسُّ مَاءً) . قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى:
وَهَذَا لا يُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ
يَتْرُكُ الْوُضُوءَ أَحْيَانًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيَفْعَلُهُ
غَالِبًا لِطَلَبِ الْفَضِيلَةِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ
مُخْتَصَرًا، وَاقْتَطَعَهُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَأَخْطَأَ فِي
اخْتِصَارِهِ إيَّاهُ. وَنَصُّ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو
غَسَّانَ قَالَ: أَتَيْت الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ وَكَانَ لِي أَخًا
وَصَدِيقًا فَقُلْت: يَا أَبَا عَمرو حَدِّثْنِي مَا حَدَّثَتْك عَائِشَةُ
أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَقَالَ: قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ،
ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ
يَمَسَّ مَاءً، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الأَوَّلِ وَثَبَ
وَرُبَّمَا قَالَتْ: قَامَ فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَمَا قَالَتْ:
اغْتَسَلَ وَأَنَا أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ وَإِنْ نَامَ جُنُبًا تَوَضَّأَ
وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلاةِ.
(1/98)
|