خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

كتاب الطلاق
الحديث الأول
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغيَّظ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسَّها، فتلك العدة كما أمر الله - عزَّ وجلَّ)) ، وفي لفظ: ((حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلَّقها فيها)) ، وفي لفظ: "فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم".
(الطلاق) : حل قيد النكاح، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] ، وقال - تعالى -: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] .
قالت عائشة - رضي الله عنها -: "لم يكن للطلاق وقت يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ما لم تنقض العدَّة، وكان بين رجل من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس فقال: والله لأتركنك لا أيمًا ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها، ففعل ذلك مرارًا، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - فيه: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] ، فوقَّت الطلاق ثلاثًا لا رجعة فيه بعد الثالثة حتى تنكح زوجًا غيره"؛ أخرجه ابن مردويه.
قال البخاري: "وطلاق السنة أن يطلقها

(1/296)


طاهرًا من غير جماع، ويشهد شاهدين".
قوله: "طلق امرأته وهي حائض"، ولمسلم: "تطليقة واحدة فتغيَّظ منه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"، قال ابن عباس: "الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال، ووجهان حرام: فأمَّا اللذان هما حلال أن يطلق الرجل امرأته طاهرًا من
غير جماع، أو يطلقها حاملاً مستبينًا حملها، وأمَّا اللذان هما حرام: فأن يطلقها حائضًا، أو يطلقها عند الجماع لا يدري أشتمل الرحم على ولد أم لا"؛ رواه الدارقطني.
قوله: ((ليراجعها)) فيه دليلٌ على وجوب المراجعة لِمَن طلَّق في الحيض لأنه حرام، وفي رواية: ((مُرْهُ فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرًا - أو حاملاً)) .
قوله: ((ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر)) ، في رواية: ((مُرْهُ أن يراجعها، فإذا طهرت مسَّها حتى إذا طهرت أخرى فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها)) ، والحكمة في ذلك أن لا تصير الرجعة لغرض الطلاق.
قوله: ((فتلك العدة كما أمر الله - عزَّ وجلَّ)) ؛ أي: في قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] .
قوله: "فحسبت من طلاقها"، في لفظ: "حسبت عليَّ بتطليقة"، وفي رواية: عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: ((هي واحدة)) ؛ رواه الدارقطني.
وفي الحديث من الفوائد أن الرجعة يستقلُّ بها الزوج دون الولي ورضا المرأة كما قال - تعالى -: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا} [البقرة: 228] .
وفيه تحريم الطلاق في الحيض أو في طهر جامَعَها فيه، وفيه أن الطلاق يقع بالحائض ويُحسَب عليه بتطليقة واحدة، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها -: "أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب"، وفي رواية: "طلقها ثلاثًا، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) .

(1/297)


وفي لفظ: ((ولا سكنى)) ، فأمرها أن تعتدَّ في بيت أم شريك، ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدِّي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني)) ، قالت: فلمَّا حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأمَّا معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)) ، فكرهته، ثم قال: ((انكحي أسامة بن زيد)) ، فنكحته فجعل الله فيه خيرًا واغتبطت به.
قوله: "طلقها ألبتة وهو غائب"؛ وفي رواية: "طلقها ثلاثًا"، في روايةٍ لمسلم: "أن زوجها خرج مع عليٍّ - رضي الله عنه - لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فبعث إليها بتطليقة ثالثة بقيت لها".
قوله: ((ليس لك عليه نفقة)) فيه دليل لقول الجمهور: أن المطلقة البائن لا نفقة لها.
قوله: "وفي لفظ ولا سكنى" فيه دليل لمذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور: أنه لا نفقة لها ولا سكنى أيضًا.
قوله: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي)) ؛ أي: يزورونها لصلاحها.
قوله: ((أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) ، في رواية: ((أنه ضرَّاب للنساء)) .
وفي الحديث دليلٌ على جواز ذكر الإنسان بما فيه عند النصيحة، وأنه لا يكون من الغيبة المحرمة، وفيه استعمال المبالغة وجواز نكاح القرشية للمولى، والله أعلم.
* * *

(1/298)


باب العدة
الحديث الأول
عن سُبَيعة الأسلمية: أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممَّن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تلبث أن وضعت حملها بعد وفاته، فلمَّا تعلت من نفاسها تجمَّلت للخُطَّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَكٍ - رجل من بني عبد الدار - فقال لها: ما لي أراك متجمِّلة؟ لعلك ترجين النكاح، والله ما أنت بناكحٍ حتى تمرَّ عليك أربعة أشهرٍ وعشر، قالت سُبَيعة: فلمَّا قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي، قال ابن شهاب: ولا أرى بأسًا أن تتزوَّج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر.
الأصل في وجوب العدَّة الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] ، وقال - تعالى -: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] ، وقال - تعالى -: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] ، والعدة اسم لمدَّة التربص، والمقصود الأصلي منها

(1/299)


براءة الرحم، والحديث دليل على أن الحامل تنقضي عدَّتها بوضع الحمل أي وقت كان.
قوله: "فلمَّا تعلت من نفاسها"؛ أي: طهرت.
وفي الحديث من الفوائد أنه ينبغي لِمَن ارتاب في فتوى المفتي أن يبحث عن النص في تلك المسألة، وفيه الرجوع في الوقائع إلى الأعلم، وفيه جواز تجمُّل المرأة بعد انقضاء عدَّتها لِمَن يخطبها، وفيه غير ذلك، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن زينب بنت أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: "توفي حميم لأم حبيبة فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها، فقالت: إنما صنعت هذا لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدَّ على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشرًا)) ، (الحميم) القرابة.
قال ابن بطال: الإحداد امتناع المرأة المتوفى عنها من الزينة كلها من لباس وطيب وغيرهما، وكل ما كان من دواعي الجماع، وأباح الشارع للمرأة أن تحد على غير زوجها ثلاثة أيام؛ لما يغلب من لوعة الحزن، ويهجم من ألم الوجد، انتهى.
وقال البخاري، قال الزهري: لا أرى أن تقرب الصبية الطيب؛ لأن عليها العدة.
وفي الحديث دليل على تحريم الإحداد على غير الزوج، ووجوب الإحداد في المدَّة المذكورة على الزوج، وفيه أنه لا إحداد على امرأة المفقود لقوله ((على ميت)) ، وأمَّا المطلقة الرجعية فلا إحداد عليها بالإجماع، وقال الجمهور: لا إحداد على البائن أيضًا، وفيه أن الإحداد على كل زوج سواء كان الموت قبل الدخول أو بعده، لقوله: ((إلا على زوج)) ، ولقوله - تعالى -: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] .

(1/300)


قوله: ((أربعة أشهر وعشرًا)) قيل: الحكمة فيه أن الولد يتكامل تخليقه وتُنفَخ فيه الروح بعد مائة وعشرين، وهي زيادة على أربعة أشهر بنقصان الأهلَّة، فجبر الكسر إلى عقد العشرة على طريق الاحتياط، وتجب عدَّة الوفاة في المنزل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفُرَيعَة بنت مالك: ((امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله)) ؛ رواه الخمسة، ويجوز خروجها للعذر.
وعن ابن مسعود: في نساء نعي إليهن أزواجهن ويشتكين الوحشة، فقال: "يجتمعن بالنهار، ثم ترجع كلُّ امرأة منهن إلى بيتها بالليل"؛ أخرجه عبد الرزاق، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن أمِّ عطية - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُحِدُّ امرأة على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلا على زوج أربعة أشهرٍ وعشرًا، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصبٍ، ولا تكتحل ولا تمسُّ طيبًا ولا شيئًا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار)) .
(العصب) : ثياب من اليمن فيها بياض وسواد.
* * *
الحديث الرابع
عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: "جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا)) ، مرتين أو ثلاثًا، كل ذلك يقول: ((لا)) ، ثم قال: ((إنما هي أربعة

(1/301)


أشهرٍ وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول، فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت خِفْشًا، ولبست شرَّ ثيابها، ولم تمسَّ طيبًا ولا شيئًا حتى تمرَّ عليها سنة، ثم تؤتى بدابة حمارٍ أو طيرٍ أو شاةٍ فتفتضُّ به، فقلَّما تفتضُّ بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدما شاءت من طيبٍ أو غيره)) .
قوله: ((إلا ثوب عصب)) قال الحافظ: هي برود اليمن يعصب غزلها؛ أي: يربط ثم يصبغ، ثم ينشج معصوبًا، ثم يخرج موشى لبقاء ما عصب به أبيض لم ينصبغ، وإنما يعصب السدي دون اللحمة.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادَّة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبغة إلاَّ ما صُبِغ بسواد، فرخَّص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتَّخذ للزينة، بل هو من لباس الحزن.
قوله: ((ولا تمسُّ طيبًا ولا شيئًا إلا إذا ظهرت نبذة من قسط أو أظفار)) قال النووي: القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخَّص فيه للمغتسِلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم.
قولها: "إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا)) " فيه دليل على تحريم الاكتحال على الحادَّة، وفي الموطأ وغيره من حديث أم سلمة: ((اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار)) ، وعنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرًا، فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب، فقال: ((إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وانزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب)) ، قالت: قلت: بأيِّ شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: ((بالدر تغلغلين به رأسك)) ؛ رواه أبو داود والنسائي.
قال الحافظ: ووجه الجمع بين الأحاديث أنها إذا لم تحتج

(1/302)


إلى الكحل لا يحلُّ، وإذا احتاجت لم يجز بالنهار ويجوز بالليل، مع أن الأَوْلَى تركه، فإن فعلت مسحته بالنهار.
قوله: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)) فيه إشارة إلى تقليل المدَّة بالنسبة إلى ما كان قبل ذلك، وفي رواية: فقال: ((لا تكتحل، قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها - أو: شر بيتها - فإذا كان حولٌ فمرَّ كلب رمت ببعرة، فلا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر)) .
قوله: ((دخلت حفشًا)) هو البيت الصغير الشعث البناء.
قوله: ((بدابة حمار أو طير أو شاة فتفتضُّ به)) قال مالك: تمسح به جلدها، وقال ابن قتيبة: سألت الحجازيين عن الافتضاض، فذكروا أن المعتدَّة كانت لا تمسُّ ماء ولا تقلِّم ظفرًا ولا تزيل شعرًا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر، ثم تفتضُّ؛ أي: تكسر ما هي فيه من العدَّة بطائر تمسح به قُبُلَها وتنبذه، فلا يكاد يعيش بعدما تفتضُّ به.
قوله: ((ثم تخرج فتعطي بعرة فترمي بها)) ، وفي رواية: ((من بعر الغنم أو الإبل فترمي به أمامها فيكون ذلك إحلالاً لها)) ، وقيل: ترمي من عرض من كلب أو غيره تُرِي مَن حضرها أن مُقامَها حولاً أهون عليها من بعرة ترمي بها كلبًا؛ والمراد: الإشارة إلى أنها رمت العدَّة رمي البعرة، وقيل: إشارة إلى أن الفعل الذي فعلته من التربُّص والصبر على البلاء الذي كانت فيه لما انقضى كان عندها بمنزلة البعرة التي رمتها استحقارًا له وتعظيمًا لحق زوجها، والله أعلم.
* * *
باب اللعان
الحديث الأول
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أن فلان بن فلانٍ قال: يا رسول الله، أرأيت لو وجد أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ كيف يصنع؟ إن تكلَّم تكلَّم بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكت سكت على مثل ذلك،

(1/303)


قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، فلمَّا كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - هؤلاء الآيات في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ... } [النور: 6] ، فتلاهن عليه ووعظه، وأخبره أن عذاب الدنيا أَهْوَن من عذاب الآخرة، فقال: لا، والذي بعثك بالحق نبيًّا ما كذبت عليها، ثم دعاها ووعظها، وأخبرها أن عذاب الدنيا أَهْوَن من عذاب الآخرة، فقالت: لا، والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم ثنَّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليه إن كان من الصادقين، ثم فرَّق بينهما، ثم قال: ((الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب)) ثلاثًا، وفي لفظ: ((لا سبيل لك عليها)) ، قال: يا رسول الله، مالي؟ قال: ((لا مال لك إن كنت صدتَ عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنتَ كذبتَ عليها فهو أبعد لك منها)) .
* * *
الحديث الثاني
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أن رجلاً رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهما

(1/304)


رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاعنا كما قال الله - تعالى - ثم قضى بالولد للمرأة وفرَّق بين المتلاعنين)) .
الأصل في اللعان قوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6- 9] .
واللعان والملاعنة والالتعان: بمعنًى، وهو مأخوذ من اللعن، وخصَّت المراة بالغضب لعظم ذنبها إن كانت كاذبة؛ لما فيه من تلويث الفراش والتعرُّض لإلحاق ما ليس من الزوج به، قال القفال في "محاسن الشريعة": كررت أيمان اللعان لأنها أُقِيمت مقام أربعة شهود في غيره ليقام عليها الحد، ومن ثَمَّ سُمِّيت شهادات، اهـ.
وفي أحاديث اللعان من الفوائد: أن المفتي إذا سُئِل عن واقعة ولم يعلم حكمها ورجا أن يجد فيها نصًّا لا يبادر إلى الاجتهاد فيها، وفيه أن البلاء موكَّل بالمنطق، وأنه إن لم يقع بالناطق وقع بِمَن له به وصلة، وفيه أن الحاكم يردع الخصم عن التمادي على الباطل بالموعظة والتحذير ويكرِّر ذلك ليكون أبلغ، وفيه أن اللعان إذا وقع سقط حدُّ القذف عن الملاعن للمرأة والذي رميت به، وفيه أنه ليس على الإمام أن يعلم المقذوف بما وقع من قاذفه، وفيه أن الحامل تلاعن قبل الوضع لأن اللعان شرع لدفع حدِّ القذف عن الرجل ودفع حدِّ الرجم عن المرأة، فلا فرق بين أن تكون حاملاً أو حائلاً، وفيه أن الحكم يتعلَّق بالظاهر، وأمر السرائر موكلاً إلى الله - تعالى - وفيه غير ذلك، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "جاء رجلٌ من بني فزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال

(1/305)


النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هل لك إبل؟)) ، قال: نعم، قال: ((فما ألوانها؟)) ، قال: حُمْرٌ، قال: ((فهل يكون فيها من أَوْرَق؟)) ،
قال: إن فيها لَوُرْقًا، قال: ((فأنَّى أتاها ذلك؟)) ، قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: ((وهذا عسى أن يكون نزعه عرق)) .
قوله: "إن امرأتي ولدت غلامًا أسود"، في رواية لمسلم: "وهو يعرِّض بأن ينفيه" والتعريض هو ذكر شيء يُفهَم منه شيء آخر لم يُذكَر.
قال المهلب: التعريض إذا كان على سبيل السؤال لا حدَّ فيه، وإنما يجب الحدُّ في التعريض إذا كان على سبيل المواجهة والمشاتمة.
قوله: ((هل فيها من أَوْرَق)) هو الذي فيه سواد وليس بحالك بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة: ورقاء.
قوله: ((فأنى أتاها ذلك؟)) ، قال: عسى أن يكون نزعه عرق؛ أي: يحتمل أن يكون في أصولها ما هو باللون المذكور فاجتذبه فجاء على لونه.
وفي الحديث ضرب المثل، وتشبيه المجهول بالمعلوم تقريبًا لفهم السائل، وفيه أن الزوج لا يجوز له الانتفاء من ولده بمجرَّد الظن، وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون والديه، وفيه الاحتياط للأنساب وإبقاؤها مع الإمكان والزجر عن تحقيق ظن السوء، وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشبه.
قال القرطبي: لا يحلُّ نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقرَّ بالوطء ولم تمضِ مدَّة الاستبراء، اهـ، والله أعلم.
* * *
الحديث الرابع
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلامٍ، فقال سعد: يا رسول الله، هذا ابن أخي

(1/306)


عتبة بن أبي وقاص عهد إليَّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى شبهًا بينًا بعتبة، فقال: هو
لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة، فلم يرَ سودة قطُّ)) .
قال الحافظ: والذي يظهر من سياق القصة أنها كانت أمَة مُستَفْرَشة لزمعة، فاتَّفق أن عتبة زنى بها، وكانت طريقة الجاهلية في مثل ذلك أن السيد إن استلحقه لحقه، وإن نفاه انتفى عنه، وإن ادَّعاه غيره كان مردُّ ذلك إلى السيد أو القافة.
وقد أخرج أبو داود تلو حديث الباب بسند حسن إلى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "قام رجل فقال: يا رسول الله، إن فلانًا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر)) .
قوله: ((الولد للفراش)) ؛ أي: سواء كانت المستفرشة حرَّة أو أمَة، ولا تصير الأمَة فراشًا إلا بالوطء، وأمَّا الزوجة فتكون فراشًا بمجرَّد العقد، بشرط الإمكان زمانًا ومكانًا.
قال الموفق: مَن أتت امرأته بولد يمكن كونه منه؛ وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها، ولأقل من أربع سنين منذ أبانها، وهو ممَّن يُولَد لمثله - لَحِقَه نسبه.
وقال ابن دقيق العيد: والحديث أصلٌ في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرَّم، وقال الشافعي: هو له ما لم ينفِه، فإذا نفاه بما شرع له كاللعان انتفى عنه.
قوله: ((وللعاهر الحجر)) ؛ أي: للزاني الخيبة والحرمان، وجرت عادة العرب أن تقول لِمَن خاب: له الحجر، وبفيه الحجر والشراب، وأخرج الحاكم في حديث زيد بن أرقم: ((الولد للفراش وفي فم العاهر الحجر)) ، وقيل: المراد بالحجر أنه يُرجَم.
قوله: ((واحتجبي منه يا سودة)) ؛ أي: ابنة زمعة، زوج النبي - صلى الله

(1/307)


عليه وسلم - أخت عبد بن زمعة، أمرها بالحجاب احتياطًا لما رأى الشبه بينًا بعتبة، ولأن الحجاب في حق أمهات المؤمنين أغلظ منه في غيرهن.
وفي الحديث دليلٌ على أن القائف إنما يعتمد في الشبه إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتلفت هنا إلى الشبه بل حكم بالولد لصاحب الفراش، وكذا لم يُحكَم بالشبه في قصة الملاعنة؛ لأنه عارَضَه حكم أقوى منه وهو مشروعية اللعان، والله أعلم.
* * *
الحديث الخامس
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليَّ مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: ((ألم تري أن مجزرًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد. فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض)) ، وفي لفظ: ((كان مجزر قائفًا)) .
(القائف) : هو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر والجمع القافة.
قوله: "تبرق أسارير وجهه" (الأسارير) : الخطوط التي في الجبهة.
قوله: ((ألم تري أن مجزرًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد)) ، وفي رواية: ((ألم تري أن مجزرًا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدًا وعليهما قطيفة قد غطَّيَا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) ، (المدلجي) : نسبة إلى مدلج بن مرة بن عبدمناف بن كنانة، وكانت العرب تعترف لهم بالقيافة، وليس ذلك خاصًّا بهم.
قال أبو داود: نقل أحمد بن صالح عن أهل النسَب أنهم كانوا في الجاهلية يقدحون في نسب أسامة؛ لأنه كان أسود شديد السواد، وكان أبوه أبيض من القطن، فلمَّا قال القائف ما قال مع اختلاف اللون سُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -

(1/308)


بذلك لكونه كافلاً لهم، اهـ.
وأم سلمة هي أم أيمن مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن شهاب: كانت حبشية وصيفة لعبد الله والد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال الحافظ: وفي الحديث جواز الشهادة على المنتقبة، والاكتفاء بمعرفتها من غير رؤية الوجه، وقبول شهادة مَن شهد أن يستشهد عند عدم التهمة، وسرور الحاكم لظهور الحق لأحد الخصمين عند السلامة من الهوى، وبالله التوفيق.
* * *
الحديث السادس
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "ذكر العزل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ولِمَ يفعل أحدُكم ذلك؟)) ، ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم، فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها.
* * *
الحديث السابع
عن جابر - رضي الله عنه - قال: "كنَّا نعزل والقرآن ينزل لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن".
(العزل) : النزع بعد الإيلاج ليُنزِل خارج الفرج.
قوله: "ذكر العزل لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"، في رواية: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، فسبينا كرائم العرب، وطالت علينا الغربة ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا لا نسأله، فسألناه".
وفي روايةٍ لمسلم قال: "ذُكِر العزل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وما ذلكم؟)) ، قالوا: الرجل تكون له المرأة ترضع له فيصيب منها ويكره أن تحمل منه، والرجل تكون له الأمَة فيصيب منها ويكره أن تحمل منه.

(1/309)


قوله: فقال: ((ولم يفعل أحدكم ذلك؟)) ، ولم يقل: "فلا يفعل ذلك أحدكم"، أشار إلى أنه لم يصرِّح لهم بالنهي، وإنما أشار إلى أن الأَوْلَى ترك ذلك؛ لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك؛ لأن الله إن كان قدَّر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك، فقد يسبق الماء فلا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد، ولا رادٌّ لما قضى الله، ولهذا قال: فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها.
قوله: "كنَّا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن"، كأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا لم نقرَّ عليه، ولمسلم عن جابر: "أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي جارية، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: ((اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها)) ، فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت، قال: ((قد أخبرتك)) ، وفي رواية: فقال: ((أنا عبد الله ورسوله)) .
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرَّة إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقِّها ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل، اهـ.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال: "تُستَأذن الحرَّة في العزل ولا تُستَأمر الأمَة، فإن كانت أمَة تحت حر فعليه أن يستأمرها".
* * *
الحديث الثامن
عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليس من رجلٌ أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومَن ادَّعى ما ليس له فليس منَّا، وليتبوَّأ مقعده من النار، ومَن دعا رجلاً بالكفر أو قال: يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه)) ، كذا عند مسلم، وللبخاري نحوه.

(1/310)


قوله: ((إلا كفر)) ؛ أي: فعل فعلاً شبيهًا بفعل أهل الكفر، وذلك حرام، وليس المراد بالكفر حقيقة الكفر الذي يخلِّد صاحبه في النار، فهو كفر دون كفر.
قال ابن بطال: ليس معنى هذا أن مَن اشتهر بالنسبة إلى غير أبيه أن يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود، وإنما المراد مَن تحوَّل عن نسبه لأبيه إلى غير أبيه عالمًا عامدًا مختارًا.
قوله: ((ومَن ادَّعى ما ليس له فليس منَّا وليتبوَّأ مقعده من النار)) ؛ أي: ليتَّخذ منزلاً من النار، وهو خبر بلفظ الأمر.
قوله: ((ومَن دعا رجلاً بالكفر أو قال: يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه)) ؛ أي: رجع.
قال ابن دقيق العيد: وهذا وعيد عظيم لِمَن كفَّر أحدًا من المسلمين وليس كذلك، وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة، وأهل الحديث لمَّا اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم، والحقُّ أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة عن صاحبها، فإنه حينئذ يكون مكذبًا للشرع، اهـ.
قال الحافظ: وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادِّعاء إلى غيره، وقيد في الحديث بالعلم، ولا بُدَّ منه في الحالتين إثباتًا ونفيًا؛ لأن الإثم إنما يترتَّب على العالم بالشيء المتعمِّد له، وفيه جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر، ويُؤخَذ من رواية مسلم تحريم الدعوى بشيءٍ ليس هو للمدَّعي فيدخل فيه الدعاوي الباطلة كلها؛ مالاًً وعلمًا، وتعلمًا ونسبًا، وحالاً وصلاحًا، ونعمة وولاء، وغير ذلك، ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتِّبة على ذلك، اهـ، والله أعلم.
* * *

(1/311)