عمدة
الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم كتابُ الطَّهَارَةِ
(1/31)
1 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي
الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَقُولُ: ((إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ - وَفِي رِوَايَةٍ:
بِالنِّيَّةِ - وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى , فَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ , وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ
امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا , فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ)) .
النيةُ: القصدُ والعزمُ على الشيء.
(1/31)
2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَقْبَلُ
اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ))
أَحدثَ: حصل منه الحدثُ، وهو الخارجُ منْ أَحدِ السبيلينِ أَوغيرهِ منْ
نواقض الوُضوءِ
(1/31)
3 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ [ص:32] رضي الله عنهم قَالُوا:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
((وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ)) .
الويلُ: العذابُ والهلاكُ، وجاءَ في بعضِ الآثارِ أَنَّه وادٍ في جهنم.
الأَعقاب: جمعُ عَقِبٍ، وهو مُؤَخَّرُ القَدَمِ. والمرادُ أَصحابُها.
(1/31)
4 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذَا تَوَضَّأَ
أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً , ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ , وَمَنْ
اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ , وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ
فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الإِنَاءِ ثَلاثاً،
فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ)) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: ((فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمِنْخَرَيْهِ مِنَ
الْمَاءِ))
وَفِي لَفْظٍ: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ)) .
لِينْثِرْ: يعني يُخرجُ الماءَ منْ أَنفِهِ، بعدَ إِدخاله فيهِ، وهو
الاستنشاقُ.
استجمرَ: استعملَ الحجارةَ في مسحِ البولِ والغائطِ.
فلْيوتِرْ: أَيْ لِيُنْهِ استجمارَه على وِترٍ، ثلاثٍ أَوخمسٍ أَوأَكثرَ.
فَلْيَستنشقْ: الاستنشاقُ هو إِدخالُ الماء في الأَنفِ ثمَّ نثْرُهُ
خارِجَهُ.
(1/32)
5 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [ص:33] ((لا
يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَجْرِي , ثُمَّ
يَغْتَسِلُ مِنْهُ)) وَلِمُسْلِمٍ: ((لا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي
الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ)) .
الماءُ الدائمُ: المستَقِرُّ في مكانِهِ كالغُدرانِ والبِرَكِ.
جُنُبٌ: الجُنُبُ، مَنْ أَصابته الجنابةُ، يطلقُ على المُذَكَّرِ
والمُؤَنَّثِ، والفردِ والجماعةِ.
(1/32)
6 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذَا شَرِبَ
الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً)) .
وَلِمُسْلِمٍ: ((أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) .
7 - وَلَهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي
الإِناءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعاً وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)) .
ولَغَ: شَرِبَ بطَرَفِ لسانِهِ
عَفِّروهُ: التعفيرُ: التمريغُ في العَفْرِ وهو الترابُ.
(1/33)
8 - عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ
عَفَّانَ رضي اللهُ عنهما: ((أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ ,
فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ , فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ،
ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ , ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ
وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً , وَيَدَيْهِ إلَى
الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا , ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ , ثُمَّ غَسَلَ كِلْتَا
رِجْلَيْهِ ثَلاثًا , ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، وَقَالَ: ((مَنْ تَوَضَّأَ
نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , لا يُحَدِّثُ
فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))
بِوَضوءٍ: الوَضوءُ بفتحِ الواوِ، معناه الماءُ الذي يتوضأُ بِهِ،
وبضمِّها، فعلُ الوُضوءِ.
(1/34)
9 - عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى
الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ
سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -؟ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ , فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ
رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ
التَّوْرِ , فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثاً , ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي
التَّوْرِ , فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثاً بِثَلاثِ
غَرْفَاتٍ , ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً , ثُمَّ
أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ , فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ إلَى
الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ [ص:35] يَدَهُ فِي التَّوْرِ , فَمَسَحَ
رَأْسَهُ , فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ
رِجْلَيْهِ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ , حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا
إلَى قَفَاهُ , ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي
بَدَأَ مِنْهُ)) . وَفِي رِوَايَةٍ ((أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ)) .
التَّوْرُ: شِبْهُ الطَّسْتِ. أهـ
التَّورُ: هو إِناءٌ صغيرٌ.
فأَكْفَأَ على يديْهِ: أَمالَ وصَبَّ على يديْهِ.
قَفَاهُ: مُؤَخِّرَةُ رِأْسِهِ.
منْ صُفْرٍ: هوَ نوعٌ منَ النُّحاسِ.
(1/34)
10 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ
التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ , وَتَرَجُّلِهِ , وَطُهُورِهِ , وَفِي
شَأْنِهِ كُلِّهِ)) .
يعجبُهُ التَّيَمُنُ: استعمالُ اليدِ اليمينِ، والبَدْءُ باليمينَ في كلِّ
ماهو شريفٌ وطاهرٌ وطيبٌ.
تنعُّله: لبْسُ النعلِ وهو الحِذاءُ.
ترجلِهِ: تسريحُ شعرِهِ بالمِشطِ.
طُهُورِهِ: بضم الطاء: يشملُ الوُضوءَ والغسلَ.
وفي شأْنِهِ كلِهِ: في الأُمورِ الشريفةِ المُسْتَطابَةِ.
(1/35)
11 - عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ [ص:36] النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
- أَنَّهُ قَالَ: ((إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً
مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ)) . فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ
يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: ((رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ ,
فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ ,
ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ , ثُمَّ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إنَّ أُمَّتِي
يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرَّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ
الْوُضُوءِ)) فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ
وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ.
12 - وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: سَمِعْتُ خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم -
يَقُولُ: ((تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ
الْوُضُوءُ)) . [ص:37]
يُدْعَوْنَ: يُنَادَوْنَ.
غُرَّاً: الغُرَّة: بياضٌ في وجهِ الفرسِ، أُطْلِقَتْ على نورِ وجوهِهِمْ
المُشَبَّهَةِ بغُرَّةِ الفَرَسِ.
محَجَّلينَ: من التحجيلِ وهو بياضٌ في قوائمِ الفرسِ. والمرادُ بذلك النورُ
الذي يعلو وجوهَهُمْ وأَيدِيَهُمْ وأَرْجُلَهُمْ يوم القيامة، وهذا من
خصائصِ هذهِ الأُمَّةِ.
الحِلْيةُ: حليةُ النورِ التي تبلغُ مابلغَ ماءُ الوُضوءِ.
(1/35)
بابُ دخولِ الخلاءِ والاستطابةِ
(1/37)
13 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا دَخَلَ
الْخَلاءَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ
وَالْخَبَائِثِ)) .
الاستطابةُ: الاستنجاءُ.
الخُبُثُ: بضمِّ الخاءِ والباءِ، جمعُ خبيثٍ، وهمْ ذُكرانُ الشياطينِ.
الخبائثُ: جمعُ خبيثةٍ، وهنَّ إِناثُ الشياطينِ.
(1/37)
14 - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ -
رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
((إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ , فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ
وَلا بَوْلٍ , وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا , وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ
غَرِّبُوا)) . [ص:38] قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: «فَقَدِمْنَا الشَّامَ ,
فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَنَنْحَرِفُ
عَنْهَا , وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» .
شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا: اتجهوا نحوَ المشرقِ أَوالمغربِ. وهذا بالنسبةِ
لأَهلِ المدينةِ المنورةِ.
(1/37)
15 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ: ((رَقِيْتُ يَوْماً عَلَى بَيْتِ
حَفْصَةَ , فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِي
حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامَ , مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ)) . وَفِي
رِوَايَةٍ ((مُسْتَقْبِلاً بَيْتَ الْمَقْدِسِ)) .
رَقِيتُ: صعدتُ.
(1/38)
16 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه - أَنَّهُ قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَدْخُلُ الْخَلاءَ , فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ
مَاءٍ وَعَنَزَةً , فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ)) .
العَنَزَةُ: الحَرْبَةُ الصَغِيرَةُ. والإِداوةُ: إِناءٌ صغيرٌ منْ جلدٍ.
غلامٌ نَحْوي: غلامٌ مقاربٌ لي في السنِّ.
(1/38)
17 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ
رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: ((لا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ
وَهُوَ يَبُولُ وَلا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلاءِ بِيَمِينِهِ وَلا
يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ)) .
(1/38)
18 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
بِقَبْرَيْنِ , فَقَالَ: ((إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ , وَمَا يُعَذَّبَانِ
فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ ,
وَأَمَّا الآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً
رَطْبَةً , فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ , فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّهُ
يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)) .
لايستترُ منَ البولِ: لايجعلُ سترةً تقيهِ منْ بولِهِ.
النَّميمةُ: نقلُ كلامِ الغيرِ على وجهِ الإِفسادِ والإِضرارِ.
(1/39)
بابُ السواكِ
(1/39)
19 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
- عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَوْلا أَنْ أَشُقَّ
عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ)) . [ص:40]
السِّواكُ: اسمُ للعودِ الذي يتسوكُ به، ولفعلِ الاستياكِ نفسِهِ. وخيرُ
مايُستاكُ بهِ عودُ جذورِ شجرِ الأَراكِ.
(1/39)
20 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي
الله عنهما قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا
قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ)) .
يشوصُ فاه: يَدْلُكُ أَسنانَهُ ويُنَقِّيها.
(1/40)
21 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي
الله عنه - عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ
إلَى صَدْرِي , وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ
فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ. فَأَخَذْتُ
السِّوَاكَ فَقَضَمْتُهُ , فَطَيَّبْتُهُ , ثُمَّ دَفَعْتُهُ إلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَنَّ بِهِ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَنَّ اسْتِنَانًا أَحْسَنَ مِنْهُ ,
فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: رَفَعَ
يَدَهُ - أَوْ إصْبَعَهُ - ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى -
ثَلاثاً - ثُمَّ قَضَى. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي
وَذَاقِنَتِي)) . [ص:41]
وَفِي لَفْظٍ ((فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ , وَعَرَفْتُ: أَنَّهُ
يُحِبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَنْ
نَعَمْ)) هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ.
يستَنُّ بِهِ: يُمِرُّ السِّواكَ على أَسنانِهِ.
فَأَبَّدَهُ: مدَّ إِليهِ بصرَهُ وأَطالَهُ.
بين حاقنتي وذاقنتي: الحاقنةُ: مابين التَّرْقُوَتَيْنِ وحبلِ العاتقِ،
والذاقنةُ: طرفُ الحُلْقومِ الأَعلى.
فقضمتُهُ: مضغته بأَسنانِها ليكونَ ليِّنَاً.
(1/40)
22 - عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -
رضي الله عنه - قَالَ: ((أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
وَهُوَ يَسْتَاكُ بِسِوَاكٍ رَطْبٍ , قَالَ: وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى
لِسَانِهِ , وَهُوَ يَقُولُ: أُعْ , أُعْ , وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ ,
كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ)) .
يتهوَّعُ: يتقيأُ.
(1/41)
بابُ المسحِ على الخفينِ
(1/41)
23 - عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -
رضي الله عنه - قَالَ: ((كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
فِي سَفَرٍ , فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ , فَقَالَ: دَعْهُمَا ,
فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ , فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا)) .
فأَهويتُ لأَنزعَ خفيهِ: مددتُ يدي لإِخراجِهما من رجليه لغسلِهما.
خُفَّيْهِ: تثنيةُ خُفٍ، وهو نعلٌ من جلدٍ يغطي القدمينِ.
(1/41)
24 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضيَ
اللهُ عنهما قَالَ: ((كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
فَبَالَ , وَتَوَضَّأَ , وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ)) .
(1/41)
بابٌ في المذيِ وغيرِهِ
(1/42)
25 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -
رضي الله عنه - قَالَ: ((كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً , فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ
أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ
مِنِّي , فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ , فَقَالَ:
يَغْسِلُ ذَكَرَهُ , وَيَتَوَضَّأُ)) .
وَلِلْبُخَارِيِّ ((اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ)) . وَلِمُسْلِمٍ
((تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ)) .
المذيُ: سائلٌ يخرجُ من الرجلِ والمرأَة عندَ الشهوةِ، ويخرجُ بلا تدفقٍ
ولالَذَّةٍ.
مذَّاء: كثير المذي.
انضحْ فرجَكَ: اغسلْ فرجكَ.
(1/42)
26 - عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ - رضي الله عنه -
قَالَ: ((شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ
يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ, فَقَالَ: لا
يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً, أَوْ يَجِدَ رِيحاً)) .
(1/42)
27 - عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ
الأَسَدِيَّةِ ((أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا [ص:43] صَغِيرٍ , لَمْ
يَأْكُلِ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ , فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ , فَدَعَا بِمَاءٍ
فَنَضَحَهُ عَلَى ثَوْبِهِ , وَلَمْ يَغْسِلْهُ)) .
نَضَحَهُ: رشَّهُ.
(1/42)
28 - وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها ((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
أُتِيَ بِصَبِيٍّ , فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ , فَدَعَا بِمَاءٍ ,
فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ)) وَلِمُسْلِمٍ: ((فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ , وَلَمْ
يَغْسِلْهُ)) .
(1/43)
29 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه - قَالَ: ((جَاءَ أَعْرَابِيٌّ , فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ ,
فَزَجَرَهُ النَّاسُ , فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ , فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ)) . [ص:44]
طائفةِ المسجدِ: ناحيةِ المسجدِ.
فزجره الناس: نهروه.
الذَّنوبُ: الدَّلوُ الكبيرُ مَليءٌ بالماءِ.
أُهريقَ عليه: صُبَّ عليه.
(1/43)
30 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:
((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ , وَالاسْتِحْدَادُ , وَقَصُّ الشَّارِبِ
, وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ , وَنَتْفُ الإِبِطِ)) .
الختانُ: قطعُ الجلدةِ التي تغطي الحشفةَ في الذَّكرِ لكي لايجتمعَ فيها
الأَوساخُ.
الاسْتِحْدَادُ: حلقُ شعرِ العانةِ.
(1/44)
بابُ الجنابةِ
(1/44)
31 - عنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -
((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَهُ في بعْضِ طُرُقِ
المدينَةِ وهو جُنُبٌ، قالَ: فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبْتُ
فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ، فقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ ياأَبا هُرَيْرَةَ؟
قَالَ: كُنْتُ جُنُبَاً فَكَرِهْتُ أَنْ أُجالِسَكَ على غَيْرِ طَهارَةٍ،
فَقَالَ: سُبْحانَ اللهِ، إِنَّ المُؤْمِنَ لايَنْجُسُ)) . [ص:45]
انْخَنَسْتُ: من الخُنوسِ، وهو التأَخرُ والاختفاءُ والتسترُ.
(1/44)
32 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اغْتَسَلَ مِنَ
الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ , ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ ,
ثُمَّ اغْتَسَلَ , ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعْرَهُ , حَتَّى إذَا
ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ , أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاثَ
مَرَّاتٍ , ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ,
33 - وَكَانَتْ تَقُولُ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى
الله عليه وسلم - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ , نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعاً)) .
أَرْوَى بَشَرَتَهُ: أَوصلَ الماءَ إلى أُصولِ الشعرِ، والبشرةُ: الجلدُ.
أَفَاضَ عَلَيْهِ: أَسالَ الماءَ على شعرِهِ.
(1/45)
34 - عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ
رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ:
((وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضُوءَ الْجَنَابَةِ
, فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثاً -
ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ , ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ , أَوْ الْحَائِطِ
, مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثاً - ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ , وَغَسَلَ
وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ , ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ , ثُمَّ
غَسَلَ جَسَدَهُ , ثُمَّ تَنَحَّى , فَغَسَلَ [ص:46] رِجْلَيْهِ ,
فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا , فَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ
بِيَدِهِ)) .
فلم يُرِدْها: من الإِرادةِ لا منَ الردِّ.
(1/45)
35 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: ((يَا رَسُولَ
اللَّهِ , أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ , إذَا
تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ)) .
يرقد: ينام.
36 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَتْ: ((جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ -
إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ , إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ , فَهَلْ عَلَى
الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ , إذَا رَأَتِ الْمَاءَ)) . [ص:47]
احتلمتْ: الاحتلامُ: هوَ مايراهُ النائمُ في نومِهِ، ومايصحبُ ذلكَ منْ
إنزالِ المنِيِّ، ويكونُ منَ الرجلِ والمرأَةِ.
37 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كُنْت أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ
مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَخْرُجُ إلَى
الصَّلاةِ , وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ)) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ ((لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرْكاً, فَيُصَلِّي فِيهِ)) .
38 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: ((إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ , ثُمَّ
جَهَدَهَا , فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ)) , وَفِي لَفْظٍ ((وَإِنْ لَمْ
يُنْزِلْ)) .
شعبُها الأَربعُ: رجلاها ويداها، وهو كنايةٌ عنِ الجِماعِ.
جَهَدَها: بلغَ المشقةَ بِكَدِّها، وهوَ كنايةٌ عنِ المباشرةِ بالتقاءِ
الخِتانَيْنِ.
(1/46)
39 - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي اللهُ عنهم
((أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ,
[ص:48] وَعِنْدَهُ قَوْمٌ , فَسَأَلُوهُ عَنْ الْغُسْلِ؟ فَقَالَ: صَاعٌ
يَكْفِيكَ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي , فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ
يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْك شَعَرَاً , وَخَيْراً مِنْكَ - يُرِيدُ
رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ)) ,
وَفِي لَفْظٍ ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْرِغُ
الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)) .
الصَّاعُ: مكيالٌ يسعُ أَربعةَ أَمدادٍ، والمُدُّ: مِلءُ كَفَّي الرجلِ
الوَسَطِ.
(1/47)
بابُ التَّيَمُّمِ
(1/48)
40 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي
الله عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً
مُعْتَزلاً , لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: يَا فُلانُ , مَا
مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ , وَلا مَاءَ , فَقَالَ: عَلَيْك بِالصَّعِيدِ ,
فَإِنَّهُ يَكْفِيَكَ)) .
التيممُ لغةً: القصدُ، قال تعالى: (وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ)
[المائدة:2] .
التيممُ شَرْعاً: هو القصدُ إلى الصعيدِ لمسحِ الوجهِ واليدينِ بِنِيَّةِ
استباحةِ الصلاةِ وغيرِها
الصعيدُ: الترابُ.
يَكفيكَ: يُجزِئُكَ عنِ الماءِ.
(1/48)
41 - عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله
عنهما قَالَ: ((بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ ,
فَأَجْنَبْتُ , فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ , فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ ,
كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ , ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ: إنَّمَا [ص:49] يَكْفِيَكَ أَنْ
تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا - ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً
وَاحِدَةً , ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ , وَظَاهِرَ
كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ)) .
تَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ: تقلبتُ في الأَرضِ حتَّى عمَّ بدني الترابُ.
(1/48)
42 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي
الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((أُعْطِيتُ
خَمْساً, لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ
بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ , وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا
وَطَهُورًا , فَأَيُّمَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ
فَلْيُصَلِّ , وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ , وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ
قَبْلِي , وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى
قَوْمِهِ خَاصَّةً , وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً)) .
نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ: أَي ينصرُني اللهُ بإِلقاءِ الخوفِ في قلوبِ
أَعدائي.
(1/49)
بابُ الحيضِ
(1/49)
43 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ((أَنَّ
فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ: سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - فَقَالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ , أَفَأَدَعُ
الصَّلاةَ؟ قَالَ: لا، إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ , وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ
قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا , ثُمَّ اغْتَسِلِي
وَصَلِّي)) . [ص:50]
وَفِي رِوَايَةٍ ((وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ , فَإِذَا أَقْبَلَتْ
الْحَيْضَةُ: فَاتْرُكِي الصَّلاةَ فِيهَا , فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا
فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي)) .
الحَيْضُ: جريانُ دَمِ المرأَةِ في أَوقاتٍ معلومةٍ يُرخِيهِ رَحِمُها بعدَ
بُلوغِها.
الاستِحاضَةُ: جريانُ الدَّمِ في غيِر أَوانِهِ.
عِرْقٌ: يقالُ له: العاذِلُ، ويكونُ في أَدْنى الرَّحِمِ يسيلُ منه الدَّمُ
في غيرِ أَيامِ الحيضِ.
(1/49)
44 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ((أَنَّ
أُمَّ حَبِيبَةَ اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ , فَسَأَلَتْ رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ
, قَالَتْ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ)) .
(1/50)
45 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ , كِلانا جُنُبٌ. [ص:51]
46 - وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ , فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ.
47 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إلَيَّ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ , فَأَغْسِلُهُ
وَأَنَا حَائِضٌ)) .
أَتَّزِرُ: أَي تشدُّ إِزاراً يسترُها منَ السُّرَّةِ إلى الرُّكبةِ
وماتحتها.
يباشرُني: المباشرةُ هنا الاستمتاعُ منْ غيرِ جِماعٍ.
(1/50)
48 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّكِئُ فِي
حِجْرِي , فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ)) .
الحِجْرُ: حضنُ الإِنسانِ.
(1/51)
49 - عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: ((سَأَلْتُ
عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَلتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ
, وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ [ص:52] فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟
فَقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ , وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. فَقَالَتْ: كَانَ
يُصِيبُنَا ذَلِكَ , فَنُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ , وَلا نُؤَمَّرُ
بِقَضَاءِ الصَّلاةِ)) . [ص:53]
أَحروريةٌ أَنتِ: نسبةٌ إِلى بلدةٍ قربَ الكوفةِ، اسمُها حَروراءُ، خرجتْ
منها فرقةٌ منَ الخوارجِ على عليِّ بنِ أَبي طالبٍ - رضي الله عنه -،
ويُسمَى الخوارجُ حَروريةً لِتَعَنُّتِهِمْ ومخالفتِهمُ السُّنَّةَ
وخروجِهمْ على جَماعةِ المسلمينَ.
(1/51)
|