مراتب
الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات كتاب الْأَقْضِيَة
اتَّفقُوا أَن من وَلَا الامام الْقرشِي الْوَاجِب طَاعَته الاحكام فان
أَحْكَامه إذا وَافق الْحق نَافِذَة على أَنه ان حكم بِمَا يُخَالف الإجماع
فان حكمه مَرْدُود
وَاتَّفَقُوا على أَن من لم يوله سُلْطَان نَافِذ الْأَمر بِحَق أو بتغلب
وَلَا حكمه الخصمان وَلَا هُوَ قَادر على انفاذ الحكم أَن حكمه غير نَافِذ
وَأَن تَحْلِيفه لَيْسَ تحليفا
وَاتَّفَقُوا أَن من لم يكن مَحْجُورا وَكَانَ بَالغا حسن الدَّين سَالم
الِاعْتِقَاد حرا غير مُعتق عالمابالحديث وَالْقُرْآن وَالنَّظَر والإجماع
وَالِاخْتِلَاف لم يبلغ الثَّمَانِينَ جَائِز أَن يُولى الْقَضَاء
وَاتَّفَقُوا أَن مَا حكم بِهِ لغير نَفسه ولغير أَبَوَيْهِ ولغير عَبده
ولغير كل من يخْتَلف فِي قبُول شَهَادَته لَهُ من ذَوي رَحمَه وَمن وَلَده
أَو من ولد وَلَده بِكُل وَجه واخوته وأخواته وَمن هُوَ فِي كفَالَته
وَصديقه الملاطف وعَلى عدوه أَن حكمه جَائِز إذا وَافق الْحق
(1/49)
وَاخْتلفُوا فِي حكمه لكل من ذكرنَا
أَيجوزُ أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن من ولى الْقَضَاء كَمَا ذكرنَا فِي جِهَة مَا أَو وَقت
مَا أَو أَمر مَا أَو بَين قوم مَا فان لَهُ أَن يحكم بَينهم
وأظن أَنهم اخْتلفُوا هَل لَهُ أَن يحكم فِي غير ماقلد وَلَكِن لااعلم فِي
الْمَنْع من ذَلِك خلافًا فِي وقتي هَذَا
وَاتَّفَقُوا على وجوب الحكم بِالْبَيِّنَةِ مَعَ يَمِين الْمَشْهُود لَهُ
وبالاقرار الَّذِي لَا يتَّصل بِهِ اسْتثِْنَاء أَو مَا يُبطلهُ إذا كَانَ
فِي مجْلِس القَاضِي وَلم يكن تقدمه انكار عِنْده أَو أثْبته القَاضِي فِي
ديوانه وَشهد بِهِ عَدْلَانِ عِنْد ذَلِك القَاضِي
وَاتَّفَقُوا على أَن للْقَاضِي أَن يحكم فِي منزله
وَاتَّفَقُوا على أَنه فرض عَلَيْهِ أَن يحكم بِالْعَدْلِ وَالْحق
وَاتَّفَقُوا على تَحْرِيم الرِّشْوَة على قَضَاء بِحَق أَو بَاطِل أَو
تعجيلا لقَضَاء بِحَق أَو بَاطِل
وَاتَّفَقُوا على أَنه ان حكم بَين الذميين الراضيين بِحكمِهِ مَعَ رضَا
حكام أهل دين ذَيْنك الذميين أَن ذَلِك لَهُ وَأَنه يحكم بِمَا أوجبه دين
الإسلام
وَاخْتلفُوا فِي حكمه بَينهم فِي الْخمر والخنازير وَالْميتَة
وَاتَّفَقُوا أَن من كَانَ غير عَالم بِأَحْكَام الْقُرْآن والْحَدِيث
صَحِيحه وسقيمه وبالاجماع وَالِاخْتِلَاف فانه لَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي
وان كَانَ ورعا
وَاتَّفَقُوا أَن من كَانَ عَالما بِمَا ذكرنَا وَكَانَ ورعا فَلهُ أَن
يُفْتِي
وَاتَّفَقُوا أَنه لَا يحل لقاض وَلَا لمفت تَقْلِيد رجل بِعَيْنِه بعد موت
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يحكم وَلَا يُفْتِي الا بقوله
وَسَوَاء كَانَ ذَلِك الرجل قَدِيما أَو حَدِيثا
وَاتَّفَقُوا على وجوب الحكم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة والإجماع
(1/50)
وَاتَّفَقُوا أَن من حكم بِغَيْر هَذِه
الثَّلَاثَة أَو الْقيَاس أَو الِاسْتِحْسَان أَو قَول صَاحب لَا مُخَالف
لَهُ مِنْهُم أَو قَول تَابع لَا مُخَالف لَهُ من التَّابِعين وَلَا من
الصَّحَابَة أَو قَول الأكثر من الْفُقَهَاء فقد حكم بباطل لَا يحل
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يحل لمفت وَلَا لقاض أَن يحكم بِمَا يَشْتَهِي
مِمَّا ذكرنَا فِي قصَّة وَبِمَا اشْتهى مِمَّا يُخَالف ذَلِك الحكم فِي
أخرى مثلهَا وان كَانَ كلا الْقَوْلَيْنِ مِمَّا قَالَ بِهِ جمَاعَة من
الْعلمَاء مَا لم يكن ذَلِك لرجوع عَن خطأ لَاحَ لَهُ إلى صَوَاب بَان لَهُ
وَأَجْمعُوا على أَن قبُول التَّرْجَمَة بِشَاهِدين عَدْلَيْنِ
وَاتَّفَقُوا على أَن للْقَاضِي أَن يكْتب للمحكوم عَلَيْهِ كتابا بِحكم
لَهُ يشْهد لَهُ فِيهِ ان أحب الْمَحْكُوم لَهُ ذَلِك أَو دَعَا إليه
وَاتَّفَقُوا أَن الامام إذا أعْطى الْحَاكِم مَالا من وَجه طيب دون أَن
يسْأَله اياه فانه لَهُ حَلَال وَسَوَاء رتبه لَهُ كل شهر أَو كل وَقت
مَحْدُود أَو قِطْعَة عَنهُ
وَاتَّفَقُوا أَن الْحَاكِم إذا حكم بِشَهَادَة عدُول عِنْده على مَا
نذكرهُ فِي كتَابنَا هَذَا فِي الشَّهَادَات ان شَاءَ الله تَعَالَى على
اقرار أَو على علمهمْ أَن لَهُ أَن يحكم
وَاتَّفَقُوا على انه لَيْسَ لَهُ أَن يحكم بِمَا عدا علمه أَو اقرار
الْمَحْكُوم عَلَيْهِ أَو مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة
وَاتَّفَقُوا أَن من أمره الامام الْوَاجِبَة طاعتة من الْحُكَّام بِقبُول
كتاب حَاكم آخر إليه من بلد بعيد أَو بمخاطبة غَيره من الْوُلَاة أَن
للْحَاكِم أَن يقبل الْكتاب وَأَن يكْتب وَيحكم بِمَا ورد فِيهِ مِمَّا
يُوجب الحكم وَيحكم بكتابه من أَمر بقبوله أَيْضا كَذَلِك إذا شهد بِمَا
فِي نَص الْكتاب عَدْلَانِ وَكَانَ الْكتاب مَخْتُومًا وَكَانَ إلى هَذَا
الَّذِي وصل إليه وَكَانَ الَّذِي كتبه حَيا غير مَعْزُول فِي حِين وُصُول
الْكتاب الَّذِي كتب بِهِ إليه هَذَا فِي غير الْحُدُود وَالْقصاص وَفِي
غير كِتَابه من الْبَلَد الْقَرِيب
(1/51)
وَاتَّفَقُوا ان كتب الْحَاكِم إلى
الْحَاكِم إذا كَانَ بِأَمْر من الامام كَمَا ذكرنَا فَشهد عَدْلَانِ عِنْد
الْحَاكِم الْمَكْتُوب إليه أَن هَذَا كتاب فلَان الْحَاكِم إليك وأشهدنا
على مافيه أَن على الْمَكْتُوب إليه أَن يحكم بِهِ
بَقِيَّة من الاقضية وَالدَّعْوَى والاقرار وَالْقِسْمَة والشهادات
وَاتَّفَقُوا على قبُول شَاهِدين مُسلمين عَدْلَيْنِ فاضلين فِي دينهما
ومعتقدهما حسنى الزي وَالِاسْم والكنية معروفين حُرَّيْنِ بالغين معروفي
النّسَب ضابطين للشَّهَادَة غير محدودين فِي قذف ولافي خمر ولافي شَيْء من
الْحُدُود ولايكونان مَعَ ذَلِك أبوين ولاجدين ولاابنتين ولاابني ابْن
أوابنة وَأَن سفل ولاأخوين ولاذوي رحم مُحرمَة من الَّذِي شَهدا لَهُ
ولاأحدهما ولاآكل طين ولاناتف لحيتة ولاصديقين ولاشريكين ولاأجيرين
ولاسيدين للْمَشْهُود لَهُ ولاأحدهما ولاأغلفين ولاصيرفيين ولاأخرسين
ولامغنيين ولانائحين ولابائعي مالايجوز ولامتخذيه ولامكاريي حمير وَلَا
صَاحِبي حمام ولامتقبلي حمام ولاطفيليين وَلَا يكون أَحدهمَا شَيْئا مِمَّا
ذكرنَا ولازوجا ولايكونان عدوين للْمَشْهُود عَلَيْهِ ولاأحدهما وَلَا
بدويين على قروى وَهُوَ الحضرى ولاخصيين ولاأعميين ولايكونان أَيْضا
أَخَوَيْنِ ولاأبا وابنا ولاشاهدا الْمَشْهُود فِيهِ يَتَمَلَّكهُ غير من
شَهدا لَهُ بِهِ فسكتا ولافقيرين وَلَا شاعرين ولاأحدهما شَيْئا مِمَّا
ذكرنَا
فاذا شهد اثْنَان كَمَا ذكرنَا وَحلف الْمَشْهُود لَهُ وَلم يرجعا عَن
شَهَادَتهمَا وَلَا أَحدهمَا وَلم يكوناحين سماعهما الشَّهَادَة مختفيين
وَقَالَ لَهما الْمَشْهُود عَلَيْهِ اشهدا على بِهَذَا وَقَالا حِين
أدائهما الشَّهَادَة نشْهد بِشَهَادَة الله على هَذَا لهَذَا بِكَذَا وَلم
يكن عِنْد الْمَشْهُود عَلَيْهِ اعْتِرَاض وَكَانَ حَاضرا بعد تَأتي مُدَّة
يَنْقَطِع فِيهَا عذرة فقد وَجب الحكم بِمَا شَهدا بِهِ فِي جَمِيع
الْحُقُوق كلهَا وَالْحُدُود كلهَا حاشا الدِّمَاء وَالزِّنَا واللياطة
(1/52)
نعني بالدماء مَا أوجب قتلا بقود أَو غَيره
فَقَط الا أَن يكون أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا شهد فِي حد قد أقيم عَلَيْهِ
أَو شَهدا بِهِ قبل فَردَّتْ أَو علما مَا شَهدا بِهِ وَكَانَ مُنْكرا
فَبَقيَ مُدَّة مَا لَا يَشْهَدَانِ بهَا أَو أَحدهمَا فانهم اخْتلفُوا فِي
الحكم بِتِلْكَ الشَّهَادَة
وَاتَّفَقُوا على قَول رجل وَامْرَأَتَيْنِ كَمَا ذكرنَا فِي الرِّجَال
سَوَاء بِسَوَاء ان لم يُوجد رجلَانِ فِي الدُّيُون من الاموال خَاصَّة
وَاتَّفَقُوا على قبُول أَرْبَعَة رجال كَمَا ذكرنَا فِيمَا أوجب الْقَتْل
بقود أَو غَيره وَفِي الزِّنَا وفقل قوم لوط
وَاتَّفَقُوا أَن الْحَاكِم إذا تقصى الْبَحْث عَن الشَّهَادَة وَالشُّهُود
فَلم يَأْتِ محرما عَلَيْهِ
وَاخْتلفُوا فِي شَهَادَة من لم يبلغ من الصّبيان والجواري وَفِي شَهَادَة
النِّسَاء منفردات وَفِي شَهَادَة الرجل الْوَاحِد وَالْمَرْأَة
الْوَاحِدَة مَعَ يَمِين الطَّالِب وَدون يَمِينه أَيجوزُ ذَلِك أم لَا
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يقبل مُشْرك على مُسلم فِي غير الْوَصِيَّة فِي
السّفر
وَاخْتلفُوا فِي قبُول الْمُشْركين فِي الْوَصِيَّة فِي السّفر
وَاتَّفَقُوا على أَن الْمُسلمين يقبلُونَ على الْمُشْركين الذميين
وَغَيرهم فِي كل حَال من الدِّمَاء فَمَا دونهَا
وَاخْتلفُوا فِي قبُول الْمُشْركين على الْمُشْركين
وَاتَّفَقُوا على أَن الشَّاهِد إذا لم يكن غَيره يَنُوب عَنهُ وَلم يكن
مَشْغُولًا وَكَانَت الإجابة لَهُ مُمكنَة فدعى إلى أَدَاء شَهَادَته فَفرض
عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا
وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَبَائِر والمجاهرة بالصغائر والاصرار على
الْكَبَائِر جرحة ترد بهَا الشَّهَادَة
وَاخْتلفُوا فِي غير كل مَا ذكرنَا قبل هَذَا ترد بِهِ الشَّهَادَة أم لَا
وَاتَّفَقُوا على أَن قبُول من يرى من أهل الاهواء أَن يشْهد لموافقه على
مُخَالفَة بِمَا لَا يعلم غير جَائِز
(1/53)
وَاتَّفَقُوا على أَن قبُول من بلغت بدعته
الْكفْر الْمُتَيَقن على أَنه كفر غير جَائِز
وَأَجْمعُوا أَن السحر وَالْفساد فِي الأرض وَالزِّنَا والربا وَقذف
الْمُحْصنَات واللياطة وَأخذ أَمْوَال النَّاس استحلالا وظلما وَشرب الْخمر
وعقوق الْوَالِدين بِالضَّرْبِ والسب وَمنع حَقّهمَا وَهُوَ قَادر عَلَيْهِ
وَالْكذب الْمحرم الْكثير جرح ترد بِهِ الشَّهَادَة
وَاخْتلفُوا فِي الْمُسلم يُخَاصم الذِّمِّيّ فَقَالَ الْجُمْهُور الْيَمين
على الْمُدعى عَلَيْهِ مِنْهُمَا أَيهمَا كَانَ وَقَالَ بعض التَّابِعين
الْمُسلم أَحَق بِالْيَمِينِ على كل حَال
وَاتَّفَقُوا أَن الشُّهُود إذا شهدُوا كَمَا ذكرنَا أَن الحكم
بِشَهَادَتِهِم قد وَجب
وَاخْتلفُوا أَيْضا إذا رجعُوا عَنْهَا بعد انفاذ الحكم أيفسخ أم لَا
وَاتَّفَقُوا على أَن من حلف فِي جَامع بَلْدَة قَائِما حاسرا مُسْتَقْبل
الْقبْلَة بامر الْحَاكِم الَّذِي يجوز حكمه بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا
هُوَ الطَّالِب الْغَالِب الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من
الْعَلَانِيَة على الْبَتّ فانها يَمِين يَنْقَطِع بهَا عَنهُ الطّلب
ثمَّ اختلفواان جَاءَ الْمَحْلُوف لَهُ بعد ذَلِك بِبَيِّنَة
وَاتَّفَقُوا على أَن من حلف لخصمه دون أَن يحلفهُ حَاكم أَو من حكماه على
أَنفسهمَا أَنه لَا يبرأ بِتِلْكَ الْيَمين من الطّلب (1)
وَاتَّفَقُوا على وجوب التَّحْلِيف فِي دَعْوَى الاموال
وَاخْتلفُوا فِي الْوَالِد يَأْخُذ مَال الْوَلَد أيقضى عَلَيْهِ برده أم
لَا
وَاتَّفَقُوا على أَن الْخلطَة بالمبايعة والمشاراة إذا ثبتَتْ وَكَانَ
الْمُدعى عَلَيْهِ مُتَّهمًا بِمثل مَا يدعى بِهِ عَلَيْهِ مظنونا مِنْهُ
ذَلِك فقد وَجب على الْحَاكِم أَن يسمع مِنْهُمَا
وَاتَّفَقُوا أَن من أثبت حَقًا على ميت فَأثْبت مَوته وعدة ورثته فانه
يحكم لَهُ
وَاتَّفَقُوا أَن من أسلم أَبَوَاهُ وَأمه جَمِيعًا وَهُوَ غير بَالغ فان
الإسلام يلْزمه
وَاتَّفَقُوا أَنه ان كَانَ بَالغا فَأسلم أَبَوَاهُ أَو أَحدهمَا أَنه لَا
يجْبر على الإسلام
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 293:
قد نص أحمد على أنه إذا رضي بيمين خصمه فحلف له لم يكن له مطالبته باليمين
بعد ذلك.
(1/54)
وَاخْتلفُوا أيلزمه الإسلام بِغَيْر إسلام
أَبَوَيْهِ أَو أَحدهمَا من عَم أَو جد
وَاتَّفَقُوا أَن الزَّوْجَيْنِ إذا كَانَا كتابيين وَولد لَهما ولد وَلم
يسب وَلَا اسْلَمْ أَحدهمَا وَلَا كِلَاهُمَا فانه على دينهما
وَاتَّفَقُوا على أَن جَمِيع الشُّرَكَاء إذا دعوا كلهم إلى الْقِسْمَة
وَكَانَ الشَّيْء إذا قسم وَقع لكل وَاحِد مِنْهُم مَا ينْتَفع بِهِ وَلم
يكن ذَلِك الشَّيْء الْمشَاع وَاحِدًا كجوهرة وَاحِدَة أَو ثوب وَاحِد أو
اثْنَيْنِ مزدوجين كَزَوج بَاب أَو خُفَّيْنِ أَو نَعْلَيْنِ أَو مَا أشبه
ذَلِك وأثبتوا مَعَ ذَلِك ملكهم لما طلبُوا قسمه بِبَيِّنَة عدل أَنه
يقسمهُ الْحَاكِم بَينهم
وَاتَّفَقُوا انه من ملك اناث حَيَوَان فَكل مَا تولد مِنْهَا من لبن أَو
ولد أَو كسب أَو غلَّة أَو صوف فاللبن وَالْولد وَالصُّوف وَالشعر والوبر
ملك لمَالِك أمهاته وَأَن لَهُ أَخذ الامهات وَالْغلَّة وَالْكَسْب
وَاخْتلفُوا إذا غصب الامهات أَو ملكهَا ملكا فَاسِدا وإنما اخْتلفُوا فِي
الْغَصْب وَالْملك الْفَاسِد لأنهم جعلُوا الْغَاصِب وَالْمَالِك ملكا
فَاسِدا مالكين للامهات والاصول بالتضمن لَهُ وبالشبهة
وَاتَّفَقُوا فِي ولد حدث بَين أمة زيد وَعبد خَالِد أَن ذَلِك الْوَلَد
لسَيِّد أمه
وَاتَّفَقُوا فِي ولد الأمة من زنا أَنه لسَيِّد أمه
وَاخْتلفُوا وَاخْتلفُوا فِي ولد الْغَارة المتزوجة أَيْضا
وَاتَّفَقُوا أَن ولد الأمة من زَوجهَا عبد لسَيِّد أمه
وَاخْتلفُوا فِيهِ ان كَانَ أَبوهُ عَرَبيا أيملك أم يفْدِيه أَبوهُ
وَاتَّفَقُوا أَن من ملك شَجرا أَو حبا فَكل مَا تولد مِنْهُ فَهُوَ لَهُ
من حب أو تبن أَو ثَمَرَة أَو ورق
وَاتَّفَقُوا أَن الْوَلَد ملك لمَالِك أمهاته لَا لمَالِك آبَائِهِ
وَاخْتلفُوا ان كَانَ أَبوهُ عَرَبيا أَو ولد مُسْتَحقّه أيملكه مَالك
أمهاته أم لَا
وَاتَّفَقُوا أَن من أقرّ على نَفسه فِي حد وَاجِب بقتل أَو سَرقَة فِي
مجلسين
(1/55)
مفترقين وَهُوَ حر عَاقل بَالغ غير سَكرَان
وَلَا مكره وَكَانَ ذَلِك الاقرار فِي مجْلِس الْحَاكِم بِحَضْرَة بَيِّنَة
عدُول وَغَابَ بَين الاقرارين عَن الْمجْلس حَتَّى لم يروه ثمَّ ثَبت على
اقراره حَتَّى يقتل أَو يقطع على مَا نذكرهُ فِي كتاب الْحُدُود ان شَاءَ
الله فقد أقيم عَلَيْهِ الْحَد الْوَاجِب
وَاتَّفَقُوا أَن من أقرّ بِالزِّنَا وَهُوَ حر بَالغ غير سَكرَان وَلَا
مكره فِي أَربع مجَالِس مُتَفَرِّقَة كَمَا ذكرنَا فِي الْمَسْأَلَة
الَّتِي قبلهاوثبت على اقراره حَتَّى أقيم عَلَيْهِ جَمِيع الْحَد فانه قد
أقيم عَلَيْهِ الْحَد الْوَاجِب
وَاتَّفَقُوا أَن الرجل ان أقرّ بِولد يحْتَمل أَن يكون مِنْهُ وَلَا يعرف
كذبه فِيهِ وَيُمكن أَن يكون ملك أمه أَو تزَوجهَا وَلم يذكر الْوَلَد
دَعْوَاهُ وَلم يكن فِيهِ مُنَازع وَلم يكن على الْوَلَد وَلَا لأحد فَهُوَ
لَاحق بِهِ
وَاتَّفَقُوا أَن اقرار الْحر الْبَالِغ الْعَاقِل غير الْمَحْجُور
عَلَيْهِ فِيمَا يملك إذا كَانَ اقراره ذَلِك مفهوما غير مُسْتَثْنى مِنْهُ
شَيْء وَلَا مُتَّصِل بِهِ مَا يُبطلهُ وَكَانَ غير سَكرَان وَلَا مكره
وَلَا مُفلس وَلم يُوقن كذبه فانه مُصدق ومحكوم عَلَيْهِ إذا صدقه الْمقر
لَهُ
وَاتَّفَقُوا أَن لفظ الْجمع يَقع على ثَلَاثَة فَصَاعِدا
وَاتَّفَقُوا أَنه لَا يَقع على وَاحِد فِي غير مُعظم شَأْنه واخباره عَن
نَفسه
وَاتَّفَقُوا أَن اسْتثِْنَاء الأقل من جنسه بعد أَن يبْقى الأكثر جَائِز
وَاتَّفَقُوا أَن الرّبع فِي هَذَا الْمَكَان قَلِيل
وَاتَّفَقُوا أَن من أقرّ بِابْن امته أَنه لَاحق بِهِ
وَاتَّفَقُوا أَن مَا ولدت الأمة أَو الزَّوْجَة لسِتَّة أشهر بعد وَطْء
السَّيِّد أو الزَّوْج وَلم يكن وَطئهَا رجل قبلهمَا أَو وَطئهَا وَكَانَ
بَين آخر وَطْء كَانَ من الأول وَبَين وَطْء الثَّانِي مَا لَا يكون حملا
فانه لَاحق بِالَّذِي هُوَ فِي عصمته الْآن
(1/56)
وَاتَّفَقُوا أَن الْحمل يكون من سِتَّة
أشهر إلى تِسْعَة أشهر وَهُوَ غير سقط فانه لَاحق بِالَّذِي هُوَ فِي عصمته
الْآن
وَاتَّفَقُوا أَن مَا ولدت لاكثر من سبع سِنِين من آخر وَطْء وَطئهَا
الزَّوْج أَو السَّيِّد أَنه غير لَاحق بِهِ الا أَن يكون الْحمل مَشْهُورا
بِشَهَادَة قوابل عدُول مُتَّصِلا
وَأَجْمعُوا أَن ولد المتزوجة زواجا صَحِيحا أَو فَاسِدا وَالزَّوْج جَاهِل
بفساده وَولد الْمَمْلُوكَة ملكا صَحِيحا أَو فَاسِدا وَالْمَالِك جَاهِل
بفساده وَلم يكن فِيهَا شرك فِي الْملك والزوجية فانهما لاحقان بِالزَّوْجِ
وبالسيد
واختلفوافي ولد الزِّنَا يسْتَحقّهُ الَّذِي حملت بِهِ أمه مِنْهُ وَفِي
ولد الْمَرْأَة يحلهَا لزَوجهَا وَولد الْجَارِيَة من السَّبي يَطَؤُهَا من
لَهُ فِي الْغَنِيمَة حق فَتحمل وَفِي امة ولد الرجل يَطَؤُهَا أَبوهُ أَو
ابْنه فتحم وَفِي ولد الْمَرْهُونَة يَطَؤُهَا الْمُرْتَهن باذن الرَّاهِن
فَتحمل وَفِي ولد المخدمة يَطَؤُهَا المخدم فَتحمل وَفِي ولد المتزوجة
زواجا فَاسِدا وَهِي مِمَّن لَا يحل أَن تنْكح أصلا أَو لسَبَب والناكح
عَالم بِفساد ذَلِك النِّكَاح وعالم بِالتَّحْرِيمِ وَفِي ولد
الْمَمْلُوكَة وَهِي مِمَّن لَا يحل وَطْؤُهَا لسَبَب أَو يلحقون بِمن
خلقُوا من نطفته أم لَا وَفِي ولد الْمكَاتب وَالْعَبْد يَقع عَلَيْهِمَا
سيدهما بِغَيْر انتزاع فَتحمل أيلحق أم لَا قَالَ الْحسن يلْحق ولد
الزِّنَا إذا اسْتَلْحقهُ الَّذِي حملت بِهِ أمه مِنْهُ وَقَالَ سُفْيَان
الثَّوْريّ يلْحق ولد الْمَرْأَة يحلهَا لزَوجهَا بِهِ وَلَا حد عَلَيْهِ
وَهُوَ مَمْلُوك للْمَرْأَة
وَقَالَ الْحسن بن حييّ يلْحق بِالرجلِ مَا حملت مِنْهُ أمة ابيه أَو أمة
أمه وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْحق بِالرجلِ ولد المتزوجة وان كَانَت امهِ أَو
ابْنَته وَهُوَ عَالم بذلك كُله وَقَالُوا يلْحق ولد الْمُشْتَركَة
يَطَؤُهَا أحد مالكيها وَقَالَ الشَّافِعِي يلْحق ولد الْمَرْهُونَة إذا
وطئهاالمرتهن باذن الرَّاهِن وَكَذَلِكَ ولد أمة الْمكَاتب يَطَؤُهَا
سَيّده فَتحمل وَقَالَ إبراهيم النَّخعِيّ من ادّعى أَخا وَله اخوة منكرون
لَهُ دخل مَعَهم وان أَبَوا
وَاتَّفَقُوا أَن ولد المتزوجة أمة كَانَت أَو حرَّة ذِمِّيَّة أَو مسلمة
إذا نَفَاهُ زَوجهَا سَاعَة
(1/57)
علمه بِهِ سَاعَة وِلَادَته وَلم يكن علم
حمل أمه بِهِ وَلم يتأن فِي ذَلِك وَقذف أمه بِالزِّنَا ولاعنها وأكذبته
والتعنت هِيَ وَأَتَتْ بِهِ لأكْثر مَا يَأْتِي بِهِ النِّسَاء
وَكِلَاهُمَا حر مُسلم بَالغ عَاقل غير مَحْدُود فِي زنا وَلَا قذف وَلَا
هُوَ أعمى وَلَا سَكرَان واذا ادّعى رُؤْيَته وَلم يُمكنهُ حَاكم الا
حِينَئِذٍ فان الْوَلَد عَنهُ مُنْتَفٍ
كتاب التَّفْلِيس
أَجمعُوا على أَن كل من لزمَه حق فِي مَاله أو ذمَّته لأحد فَفرض عَلَيْهِ
أَدَاء الْحق لمن هُوَ لَهُ عَلَيْهِ إذا أمكنه ذَلِك وَبَقِي لَهُ بعد
ذَلِك مَا يعِيش بِهِ أَيَّامًا هُوَ وَمن تلْزمهُ نَفَقَته (1)
وَاخْتلفُوا فِيمَا وَرَاء هَذَا مِمَّا لَا سَبِيل إلى إجماع فِيهِ حَتَّى
اخْتلفُوا أيباع الْحر فِي الدَّين أم لَا وَهل يُؤَاجر فِيمَا لزمَه أم
لَا وَهل يحبس أم لَا وَهل يُبَاع عَلَيْهِ مَاله ان وجد لَهُ أم لَا وَهل
يتْرك مِنْهُ شَيْء أم لَا
كتاب الْحجر
اتَّفقُوا على أَن وجوب الْحجر على من لم يبلغ وعَلى من هُوَ مَجْنُون
معتوه أَو مطبق لَا عقل لَهُ وَأَن كل مَا أنفذ من ذكرنَا فِي حَال فقد
عقله أَو قبل بُلُوغه من هبة أَو عتق أَو بيع أَو صَدَقَة أَن ذَلِك بَاطِل
وَاخْتلفُوا لابتياعه لما لَا بُد لَهُ مِنْهُ من قوته ولباسه
وَاتَّفَقُوا على وجوب حسن النّظر لمن هَذِه صفته
__________
(1) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع) ، ص 293:
مذهب أحمد أنه يترك له من ماله ما تدعو إليه الحاجة من مسكن وخادم وثياب،
وكذلك قال إسحاق.
فظاهر مذهب أحمد أيضا أنه إذا لم تكن له صنعةٌ يترك له ما يتَّجر به لقوته
وقوت[ص:293] عياله، وإن كان ذا حرفة تُرك له آلةُ حرفته، وقد نقل عنه عبدُ
الله ابنُه أنه قال: يباع عليه كل شيء إلا المسكن وما يواريه من ثيابه،
والخادم إن كان شيخا كبيرا أو زمنا وبه حاجة إليه، فلم يستثن ما يكتسب به
لقول الأكثرين.
(1/58)
وَاتَّفَقُوا أَن من كَانَ بَالغا عَاقِلا حرا عدلا فِي دينه حسن النّظر
فِي مَاله أَنه لَا يحْجر عَلَيْهِ وان كل مَا أنفذمما يجوز انفاذه فِي
مَاله فَهُوَ نَافِذ |