منهج
السالكين وتوضيح الفقة في الدين كِتَابُ العِدَدِ والاسْتِبْرَاءِ
مدخل
...
كِتَابُ العِدَدِ والاسْتِبْرَاءِ
581- اَلْعِدَّةُ تَرَبُّصُ مَنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا1 بموتٍ أَوْ
طَلَاقٍ.
582- فَالْمُفَارَقَةُ بِالْمَوْتِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا تَعْتَدُّ عَلَى
كُلِّ حَالٍ:
أَ- فَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً فَعِدَّتُهَا وَضْعُهَا جَمِيعَ مَا فِي
بَطْنِهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [اَلطَّلَاقُ: 4] .
وَهَذَا عَامٌّ فِي اَلْمُفَارَقَةِ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ.
بِ- وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلاً فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أشهرٍ وَعَشَرَةُ
أَيَّامٍ.
583- وَيَلْزَمُ فِي مُدَّةِ2 هَذِهِ اَلْعِدَّةُ أَنْ تُحِدَّ
اَلْمَرْأَةُ:
أَ- بِأَنْ تَتْرُكَ اَلزِّينَةَ وَالطِّيبِ وَالْحُلِيَّ، والتحسين3 بحناء
ونحوه،
ب- وأن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، فلا
__________
1 بيَّن الشيخ في "المختارات الجلية، ص: 110": أن الموطوءة بشبهة،
والزانية، ونحوهن، لا تعتد بعدة زواج، بل تستبرأ استبراء الإماء، بحيضة
واحدة.
2 ليست في: "ب، ط".
3 في "ط": "التحسن".
(1/217)
تخرج منه إلا لحاجتها نهاراً؛ لقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية [البقرة: 234] .
584- وأما المفارقة في حال الحياة:
1- فإذا طلقها قبل أن يدخل بها، فلا عدة له عليها؛ لقوله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ
عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] .
2- وإن كان قد دخل بها أو خلا بها:
أ- فإن كانت حاملاً فعدتها وضع حملها، قصرت المدة أو طالت.
ب- وإن لم تكن حاملاً:
فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حِيَضٍ كاملة؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] .
وإن لم تكن تحيض -كالصغيرة، ومن1 لم تحض، والآيسة- فعدتها ثلاثة أشهر؛
لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ
ارْتَبْتُمْ
__________
1 في "ط": "التي".
(1/218)
فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ
وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] .
فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ،
انتظرت حتى يعود الحيض فتعتد به1.
وَإِنْ اِرْتَفَعَ وَلَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، اِنْتَظَرْتَ تِسْعَةً
أَشْهُرٍ اِحْتِيَاطًا لِلْحَمْلِ، ثُمَّ اِعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ
أَشْهُرٍ.
وَإِذَا اِرْتَابَتْ بَعْدَ اِنْقِضَاءِ اَلْعِدَّةِ لِظُهُور أَمَارَاتِ
اَلْحَمْلِ لَمْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَزُولَ اَلرِّيبَةُ.
585- وَاِمْرَأَةُ اَلْمَفْقُودِ تَنْتَظِرُ حَتَّى يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ،
بِحَسَبِ اِجْتِهَادِ اَلْحَاكِمِ ثُمَّ تَعْتَدُّ.
586- وَلَا تَجِبُ اَلنَّفَقَةُ إِلَّا:
أَ- لِلْمُعْتَدَّةِ اَلرَّجْعِيَّةِ،
بِ- أَوْ لِمَنْ فَارَقَهَا زَوْجُهَا فِي اَلْحَيَاةِ وَهِيَ حَامِلٌ؛
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [اَلطَّلَاقُ: 6] .
587- وَأَمَّا اَلِاسْتِبْرَاءِ: فَهُوَ تربص الأمة التي كان سيدها يطؤها.
__________
1 وإذا لم يظن عوده فإنها تعتد سنة كاملة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة،
والقول: بأنها تنتظر حتى تبلغ سن الإياس، ضرر عظيم عليها لا تأتي بمثله
الشريعة كما قرره الشيخ في "المختارات الجلية، ص: 110".
(1/219)
588- فلا يطؤها بعده زوج أو سيد:
أ- حتى تحيض حيضة واحدة،
ب- وإن لم تكن من ذوات الحيض تستبرأ بشهر،
جـ- أو وضع حملها إن كانت حاملاً،
(1/220)
بَابُ النَّفَقَاتِ للزَّوجَاتِ
والأَقَارِبِ والْمَمَالِيكِ وَالْحَضَانَةِ
589- عَلَى اَلْإِنْسَانِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا
بِالْمَعْرُوفِ1 بِحَسَبِ حَالِ اَلزَّوْجِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ
فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
مَا آتَاهَا} [اَلطَّلَاقُ: 7] .
590- وَيَلْزِمُ بِالْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا طَلَبَتْ،
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ اَلَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ: "وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ
رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" 2.
__________
1 قرر الشيخ أن الصواب أن نفقة الزوجة لا تسقط إلا بنشوزها، وأما حبسها
وسفرها الواجب أو المباح بإذنه فلا يسقط. قال: ولا نسلم أن النفقة علتها
إمكان التمكين فقط.
كما صوب، أن المرأة لا تملك الفسخ لعسرة زوجها، إلا إذا وجد منه غرور لها.
ينظر "المختارات الجلية، ص: 112" وما بعدها.
2 "1218".
(1/220)
591- وعلى الإنسان:
أ- نفقة أصوله وفروعه الفقراء إذا كان غنيًّا،
بِ- وَكَذَلِكَ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيب1.
592- وَفِي اَلْحَدِيثِ: "لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا
يُكَلَّفُ مِنْ اَلْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ" رَوَاهُ مُسْلِم2.
593- وَإِنْ طَلَبَ اَلتَّزَوُّجَ زَوَّجَهُ وُجُوبًا.
594- وَعَلَى اَلْإِنْسَانِ أَنْ يُقِيتَ بَهَائِمه طَعَامًا وَشَرَابًا،
وَلَا يُكَلِّفُهَا مَا يَضُرُّهَا،
وَفِي اَلْحَدِيثِ: "كَفَى بِالْمرِء إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ
يَمْلِكُ قُوتَهُ" رَوَاهُ مُسْلِم3.
595- واَلْحَضَانَةُ: هِيَ حِفْظُ اَلطِّفْلِ عَمَّا يَضُرُّهُ،
وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ.
596- وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النفقة.
597- ولكن الأم أحق بولدها ذكرًا كان أو أنثى إن كان دون سبع.
__________
1 إذا كان القريب من غير أصوله، ولا فروعه اشترط لوجوب النفقة عليه أن يكون
المنفق وارثا للمُنْفَق عليه. "نور البصائر، ص: 54".
2 "1662".
3 "996".
(1/221)
598- فإذا بلغ سبعًا:
أ- فإن كان ذكرًا خير بين أبويه، فكان مع من اختار.
ب- وإن كانت أنثي فعند من يقوم بمصلحتها من أمها أو أبيها.
599- وَلَا يُتْرَكُ اَلْمَحْضُونُ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ ويصلحه1.
__________
1 قال الشيخ في "المختارات الجلية ص 114": ولم يتحرر لي في الحضانة- في
تقديم بعض النساء على بعض-ضابط تطمئن إليه النفس، إلا أنه يراعى مصلحة
المحضون، وأن من تحققت فيه فهو أولي من غيره ... وكذلك الصحيح ما رجحه ابن
القيم في الهدي: أن الرقيق والفاسق وكذلك المزوجة-خصوصًا إذا رضي زوجها-
لهم الحضانة، وأنه لا يسقط حقهم منهم؛ لعدم الدليل المسقط لحقهم..
(1/222)
|