الموسوعة الفقهية الدرر السنية

النكاح وتوابعه
• * فضل الزواج:.
• * حكمة مشروعية الزواج:.
• * حكم النكاح:.
• * اختيار الزوجة:.
• * أفضل النساء:.
• * حكمة تعدد الزوجات:.
• * خطبة المرأة:.
• * أركان عقد النكاح ثلاثة:.
• * حكم استئذان المرأة في الزواج:.
• * خطبة النكاح:.
• * حكم التهنئة بالنكاح:.
• * شروط النكاح:.
• * مقاصد الجماع:.
• * ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته:.
• المحرمات في النكاح.
• * المحرمات من النساء قسمان: 1 - محرمات إلى الأبد وهن ثلاثة أقسام:.
• * ضابط المحرمات من النسب:.
• 2 - محرمات إلى أمد محدد، وهن:.
• الشروط الفاسدة في النكاح * الشروط الفاسدة في النكاح نوعان: الأول: شروط فاسدة تبطل العقد، ومنها:.
• الثاني: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح، ومنها:.
• العيوب في النكاح * العيوب في النكاح نوعان:.
• نكاح الكفار.
• * الكفار يُقَرُّونَ على أنكحتهم الفاسدة بشرطين:.
• * صفة عقد نكاح الكفار:.
• * الحكم إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين:.
• * حكم النكاح إذا ارتد أحد الزوجين:.
• الصداق.
• * مقدار صداق المرأة:.
• وليمة العرس.
• * حكم إجابة دعوة العرس:.
• * ما يقوله من حضر الوليمة:.
• * ما يفعله إذا رأى امرأة فأعجبته:.
• * إعلان النكاح:.
• * حكم التصوير:.
• الحقوق الزوجية.
• * حقوق الزوجة على زوجها:.
• * حقوق الزوج على زوجته:.
• * فضل طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله تعالى:.
• * صفة العدل بين الزوجات:.
• * حكم مصافحة المرأة الأجنبية:.
• * حكم سفر المرأة بلا محرم:.
• * صفة الحجاب الشرعي:.
• * حكم تناول ما يمنع الحمل:.
• * حكم الإنجاب بالتلقيح:.
• * حمل المرأة:.
• النشوز وعلاجه.
• * صفة علاج المرأة الناشز:.


* فضل الزواج:
النكاح من آكد سنن المرسلين، ومن السنن التي رغّب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم.
1 - قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/21).
2 - قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً .. ) (الرعد/38).
3 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)). متفق عليه (1).
* النكاح: هو عقد شرعي يقتضي حِلّ استمتاع كل من الزوجين بالآخر.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5066)، واللفظ له، ومسلم برقم (1400).


* حكمة مشروعية الزواج:
1 - الزواج بيئة صالحة تؤدي إلى بناء وترابط الأسرة، وإعفاف النفس، وصيانتها عن الحرام، وهو سكن وطمأنينة؛ لما يحصل به من الألفة والمودة والانبساط بين الزوجين.
2 - الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل مع المحافظة على الأنساب التي يحصل بها التعارف والتعاون والتآلف والتناصر.
3 - الزواج أحسن وسيلة لإرواء الغريزة الجنسية، وقضاء الوطر مع السلامة من الأمراض.
4 - والزواج يحصل به تكوين الأسرة الصالحة التي هي نواة المجتمع، فالزوج يكد ويكتسب وينفق ويعول، والزوجة تربي الأطفال وتدبر المنزل وتنظم المعيشة، وبهذا تستقيم أحوال المجتمع.
5 - وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال.


* حكم النكاح:
1 - النكاح سنة لمن له شهوة ولا يخاف الزنى؛ لاشتماله على مصالح كثيرة للرجال والنساء والأمة جمعاء.
2 - يجب النكاح على من يخاف على نفسه الوقوع في الزنى إذا لم يتزوج، وينبغي للزوجين أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عز وجل، فتكتب مباضعتهما صدقة لهما.


* اختيار الزوجة:
يسن لمن أراد الزواج أن يتزوج المرأة الودود الولود البكر، ذات الدين والعفاف.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5090)، واللفظ له، ومسلم برقم (1466).


* أفضل النساء:
أفضل النساء المرأة الصالحة التي تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره، وتفعل ما أمرها الله به، وتجتنب ما نهى الله عنه.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)). أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1467).


* حكمة تعدد الزوجات:
1 - أباح الله عز وجل للرجل أن يتزوج بأربع نساء لا يزيد عليها، بشرط أن يكون عنده قدرة بدنية، وقدرة مالية، وقدرة على العدل بينهن، لما في ذلك من المصالح الكثيرة من عفة فرجه، وإعفاف من يتزوجهن، والإحسان إليهن، وتكثير النسل الذي تكثر به الأمة، ويكثر به من يعبد الله وحده، فإن خاف أن لا يعدل بينهن فليس له أن يتزوج إلا واحدة، أو ما ملكت يمينه، وملك اليمين لا يجب عليه القسم لها.
قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا) (النساء/3).
2 - ولما أباح العليم الحكيم تعدد الزوجات نهى أن يكون ذلك بين الأقارب الذين تجمعهم نسب قريبة جداً كالجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها لما يجر من قطيعة الرحم ويولد العداوة بين الأقارب، فإن الغيرة بين الضرات شديدة جداً.


* خطبة المرأة:
يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها بلا خلوة، ولا يصافحها، أو يمس بدنها، ولا ينشر ما رأى منها، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك، فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تنظر إليها ثم تصفها له.
* المرأة إذا توفي عنها زوجها ثم تزوجت بعده فهي لآخر أزواجها يوم القيامة.
* يحرم تبادل الصور في الخطبة وغيرها، ويحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له أو يُرد الأول، فإن خطب على خطبة الأول صح العقد لكنه آثم وعاصٍ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
* يجب على ولي المرأة أن يتحرى لنكاحها الرجل الصالح، ولا، بأس أن يعرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير والصلاح بقصد الزواج.
* يحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة، والمبانة، ويجوز التعريض كقوله: إني في مثلك راغب، وتجيبه: ما يُرغب عنك ونحو ذلك.
* يباح التصريح والتعريض في خطبة المعتدة لزوجها الذي طلقها طلاقاً بائناً دون الثلاث كرجعية، ويحرم التصريح والتعريض من غير زوج لمطلقة رجعة في عدتها.


* أركان عقد النكاح ثلاثة:
1 - وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالرضاع، واختلاف الدين ونحوهما.
2 - حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول زوجتك أو أنكحتك أو ملَّكتك فلانة ونحوه.
3 - حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بأن يقول: قبلت هذا النكاح ونحوه، فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح.


* حكم استئذان المرأة في الزواج:
يجب على ولي المرأة المكلفة أن يستأذنها قبل الزواج بكراً كانت أو ثيباً، ولا يجوز له إجبارها على من تَكرَه، فإن عقد عليها وهي غير راضية فلها فسخ العقد.
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُنكح الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن)) قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)). متفق عليه (1).
2 - عن خنساء بنت خدام الأنصارية رضي الله عنها: أن أباها زوَّجها وهي ثيّب فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّ نكاحَه. أخرجه البخاري (2).
* يجوز للأب تزويج من دون تسع سنين بكفئها ولو بلا إذنها ولا رضاها.
* يحرم على الرجل لبس خاتم الذهب الذي يسمى خاتم الخطبة، فهذا مع كونه تشبهاً بالكفار فهو محرم شرعاً.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5136)، ومسلم برقم (1419).
(2) أخرجه البخاري برقم (5138).


* خطبة النكاح:
يستحب أن يخطب العاقد قبل العقد بخطبة الحاجة كما تقدم في خطبة الجمعة وهي في النكاح وغيره ((إن الحمد لله نحمده ونستعينه ... الخ)) ثم يتلو الآيات الواردة، ثم يعقد بينهما ويشهد على ذلك رجلين.


* حكم التهنئة بالنكاح:
تستحب التهنئة بالنكاح، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفّأ قال: ((بارك الله لكم، وبارك عليكم، وجمع بينكما في خير)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
* يجوز للإنسان بعد العقد أن يجتمع بزوجته ويخلو بها ويستمتع بها؛ لأنها زوجته، ويحرم ذلك قبل العقد ولو بعد الخطبة.
* يجوز عقد النكاح على المرأة في حال الطهر وحال الحيض، أما الطلاق فيحرم حال الحيض ويجوز حال الطهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
_________
(1) صحيح / أخرجه أبو داود برقم (2130)، صحيح سنن أبي داود رقم (1866). وأخرجه ابن ماجه برقم (1905)، وهذا لفظه، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1546).


* شروط النكاح:
1 - تعيين الزوجين.
2 - رضا الزوجين.
3 - الولي، فلا يجوز نكاح امرأة إلا بولي.
ويشترط أن يكون الولي ذكراً، حراً، بالغاً عاقلاً، رشيداً، ويشترط الاتفاق في الدين، وللسلطان تزويج كافرة لا ولي لها، والولي: هو أبو المرأة، وهو أحق بتزويجها، ثم وصيُّه في النكاح، ثم جدها لأب، ثم ابنها، ثم أخوها، ثم عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان.
4 - الشهادة على عقد النكاح، فلا تصح إلا بشاهدين عدلين، ذكرين، مكلفين.
5 - خلو الزوجين من الموانع بأن لا يكون بهما أو بأحدهما ما يمنع التزويج من نسب، أو سبب كرضاع واختلاف دين ونحوهما.
* إذا عضل الأقرب من الأولياء، أو لم يكن أهلاً، أو غاب ولم تمكن مراجعته إلا بمشقة زَوَّج من بعده في الولاية.
* النكاح بدون ولي فاسد يجب فسخه عند حاكم، أو الطلاق من الزوج، وإن وطئها بنكاح فاسد فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها.
* الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي في الدين والحرية، فإذا زَوَّج الولي عفيفة بفاجر، أو حرة بعبد فالنكاح صحيح، وللمرأة الخيار في البقاء أو فسخ النكاح.


* مقاصد الجماع:
مقاصد الجماع ثلاثة، وهي: حفظ النسل، وإخراج الماء الذي يضر احتباسه، وقضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع بالنعمة، وهذه الأخيرة تنفرد وتبلغ كمالها في الجنة.


* ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته:
يسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يلاطفها، كأن يقدم إليها شيئاً من الشراب كلبن ونحوه، ويضع يده على مقدمة رأسها ويسمي الله تعالى، ويدعو بالبركة، ثم يقول: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جَبلْتها عليه، وأعوذ بك من شرِّها ومن شرِّ ما جَبَلتها عليه)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
* ثم يسن أن يصليا ركعتين معاً، وتكون الزوجة وراءه، ثم يدعو: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهما فيَّ ونحوه.
* وتسن التسمية عند الوطء وقول ما ورد: ((باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً)). متفق عليه (2).
* يجوز للزوج أن يأتي زوجته في قبلها من أي جهة شاء، من أمامها أو من خلفها، ويحرم إتيانها في دبرها.
* إذا وطئ الرجل زوجته وأراد العَود سن له أن يتوضأ وضوءه للصلاة فهو أنشط للعَوْد، والغسل أفضل، ويجوز لهما أن يغتسلا معاً في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه في حمام في دارهما.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في القدح، وهو الفرق وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد، قال قتيبة: قال سفيان: والفرق ثلاثة آصع. متفق عليه (3).
* ويستحب أن لا يناما جنبين، إلا إذا توضئا.
_________
(1) حسن / أخرجه أبو داود برقم (2160) وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (1892). وأخرجه ابن ماجه برقم (2252) صحيح سنن ابن ماجه رقم (1825).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6388)، واللفظ له، ومسلم برقم (1434).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (250)، ومسلم برقم (319)، واللفظ له.


المحرمات في النكاح
* يشترط في المرأة التي يريد الزوج أن يعقد عليها أن تكون غير محرَّمة عليه.


* المحرمات من النساء قسمان:
1 - محرمات إلى الأبد وهن ثلاثة أقسام:
1 - محرمات بالنسب وهن: الأم وإن علت، والبنت وإن سفلت، والأخت، والخالة، والعمة، وبنت الأخ، وبنت الأخت.
2 - محرمات بالرضاع، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حَرُمت من النسب حَرُمَ مثلها من الرضاع إلا أم أخيه وأخت ابنه من الرضاع فلا تحرم.
والرضاع المحرِّم: خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين.
3 - محرمات بالمصاهرة، وهن: أم الزوجة، وبنت الزوجة من غيره إذا دخل بأمها، وزوجة الأب، وزوجة الابن.
فالمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع سبع مثلهن، والمحرمات بالمصاهرة أربع.
قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء/23).
* أسباب التحريم المؤبد هي: النسب، والرضاع، والمصاهرة.


* ضابط المحرمات من النسب:
جميع أقارب الرجل من النسب حرام عليه إلا بنات أعمامه، وبنات عماته، وبنات أخواله، وبنات خالاته، فهذه الأربع حلال له.


2 - محرمات إلى أمد محدد، وهن:
1 - يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها من نسب أو رضاع، فإذا ماتت أو طُلِّقت حَلَّت الأخرى.
2 - المعتدة حتى تخرج من العدة.
3 - مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره.
4 - المُحْرِمَةُ حتى تَحِلّ.
5 - تحرم المسلمة على الكافر حتى يسلم.
6 - تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم حتى تسلم.
7 - زوجة الغير ومعتدته إلا ما ملكت يمينه.
8 - تحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها.
* إذا تزوج عبد بغير إذن مواليه فهو زانٍ، يجب التفريق بينهما، ويقام عليه الحد.
* يحرم على الرجل أن يتزوج ابنته من الزنى، ويحرم على الأم تزوج ابنها من الزنى.
* لا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته؛ لأنه يملكها بملك اليمين، ومن حَرُمَ وطؤها بعقد حَرُمَ بملك يمين إلا أمة كتابية فلا يجوز نكاحها، ويجوز وطؤها بملك اليمين، ولا يجوز وطء امرأة في الشرع إلا بنكاح، أو ملك يمين.
* أم الولد هي الأَمَة التي حملت من سيدها وولدت له، يجوز وطؤها وخدمتها وتأجيرها كالأمة، ولا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها كالحرة، وتعتد بحيضة واحدة يُعلم بها براءة رحمها.
* إذا شرطت المرأة أو وليها أن لا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو زيادة في مهرها ونحو ذلك مما لا ينافي العقد صح الشرط، فإن خالفه فلها الفسخ إن شاءت.
* إذا تزوجت امرأة المفقود، فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول، وبعد الوطء له أخذها زوجة بالعقد الأول بدون طلاق الثاني، ويطؤها بعد إكمال عدتها، وله تركها معه ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني.
* إذا كان زوج المرأة لا يصلي فلا يحل لها أن تبقى معه، ويحرم عليه وطؤها؛ لأن ترك الصلاة كفر، ولا ولاية لكافر على مسلمة، فإن تركتها هي وجب فراقها إن لم تتب إلى الله تعالى؛ لأنها كافرة.
* إذا كانت الزوجة والزوج لا يصليان حين العقد فالعقد صحيح، أما إن كانت الزوجة تصلي حين العقد وزوجها لا يصلي، أو كانت الزوجة لا تصلي وزوجها يصلي وتزوجا ثم اهتديا فالواجب تجديد عقد النكاح؛ لأن أحدهما حين العقد كافر.
* نكاح المرأة في عدة أختها إن كان الطلاق رجعياً فباطل، وإن كانت العدة من طلاق بائن فهو محرم.


الشروط الفاسدة في النكاح
* الشروط الفاسدة في النكاح نوعان:
الأول: شروط فاسدة تبطل العقد، ومنها:
1 - نكاح الشغار: وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليها على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ونحو ذلك، وهذا النكاح فاسد ومحرم، سواء سمُيِّ فيه مهر أو لم يسم فيه شيء.
* إذا وقع مثل هذا النكاح فعلى كل واحد تجديد العقد دون شرط الأخرى، ويتم العقد بمهر جديد، وعقد جديد، وولي، وشاهدي عدل، والأخرى كذلك ولا حاجة إلى الطلاق.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشِّغَار. متفق عليه (1).
2 - نكاح المحلل: وهو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثاً بشرط أنه متى حلّلها للأول طلقها، أو نوى التحليل بقلبه، أو اتفقا عليه قبل العقد.
وهذا النكاح فاسد ومحرم، ومن فعله فهو ملعون، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لعن الله المحلِّل والمحلَّل له)). أخرجه أبو داود والترمذي (2).
3 - نكاح المتعة: وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوماً أو أسبوعاً أو شهراً أو سنة أو أقل أو أكثر ويدفع لها مهراً فإذا انتهت المدة فارقها.
وهذا النكاح فاسد لا يجوز؛ لأنه يضر بالمرأة ويجعلها سلعة تنتقل من يد إلى يد، ويضر بالأولاد كذلك، حيث لا يجدون بيتاً يستقرون ويتربّون فيه، فالمقصود به قضاء الشهوة لا النسل والتربية، وقد أُحلّ في أول الإسلام لفترة ثم حُرّم إلى الأبد.
عن سبرة الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليُخَلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً)). أخرجه مسلم (3).
* من تزوج بأربع نساء ثم عقد على خامسة فالعقد عليها فاسد، والنكاح باطل يجب إنهاؤه.
* يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، سواء كان من أهل الكتاب أو غيرهم؛ لأنها أعلى منه بتوحيدها وإيمانها وعفتها، وإذا وقع هذا الزواج فهو فاسد ومحرم يجب إنهاؤه؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم أو مسلمة.
قال الله تعالى: (وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (البقرة/221).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5112)، واللفظ له، ومسلم برقم (1415).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2076)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (1827). وأخرجه الترمذي برقم (1119)، صحيح سنن الترمذي رقم (894).
(3) أخرجه مسلم برقم (1406).


الثاني: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح، ومنها:
1 - إذا شرط الزوج في عقد النكاح إسقاط حق من حقوق المرأة كأن شرط أن لا مهر لها، أو لا نفقة لها، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها، أو أكثر، أو شرطت طلاق ضرتها فالنكاح صحيح والشرط باطل.
2 - إذا شرطها الزوج مسلمة فبانت كتابية، أو شرطها بكراً فبانت ثيباً، أو شرط نفي عيب لا ينفسخ به النكاح كالعمى، والخرس ونحوهما فبانت بخلاف ما ذكر فالنكاح صحيح، وله الفسخ إن شاء.
3 - إذا تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة فله الخيار إن كانت ممن تحل له، وإذا تزوجت المرأة رجلاً حراً فبان عبداً فلها الخيار في البقاء أو الفسخ.


العيوب في النكاح
* العيوب في النكاح نوعان:
1 - عيوب تمنع الوطء، ففي الرجل جَبّ ذكره، وقطع خصيتيه، وعِنَّته، وفي المرأة الرَّتْق والقَرن والعَفَل.
2 - عيوب لا تمنع الاستمتاع ولكنها منفِّرة أو معدية في الرجل أو المرأة كالبرص والجنون والجذام والباسور والناسور وقروح سيّالة في الفرج ونحو ذلك.
* من وجدت زوجها مجبوباً، أو بقي له ما لا يطأ به فلها الفسخ، فإن علمت ورضيت به قبل العقد أو رضيت به بعد الدخول سقط حقها في الفسخ.
* كل عيب ينفِّر الزوج الآخر منه كالبرص، والخرس، وعيوب في الفرج، وقروح سيالة، وجنون، وجذام، واستطلاق بول، وخصاء، وسل، وبخر الفم، وريح منكرة ونحوها يثبت لكل واحد من الزوجين الفسخ إن شاء، ومن رضي بالعيب وعقد النكاح فلا خيار له، وإن حدث العيب بعد العقد فللآخر الخيار.
* إذا تم الفسخ لأجل أحد هذه العيوب السابقة ونحوها، فإن كان الفسخ قبل الدخول، فلا مهر للمرأة، وإن كان الفسخ بعد الدخول فلها المهر المسمى في العقد، ويرجع الزوج ليأخذ المهر ممن غرّه، ولا يصح نكاح خنثى مشكل قبل تَبيُّن أمره.
* إذا بان الزوج عقيماً ثبت الخيار للمرأة، لأن لها حقاً في الولد.
* العنين: هو العاجز عن الإيلاج، ومن وجدت زوجها عنيناً أُجِّل سنة منذ تحاكمه، فإن وطئ فيها وإلا فلها الفسخ، وإن رضيت به عنيناً قبل الدخول أو بعده سقط خيارها.


نكاح الكفار
* نكاح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حكمه كنكاح المسلمين فيما يجب به من مهر ونفقة ووقوع طلاق ونحوها، ويحرم عليهم من النساء من تحرم علينا.


* الكفار يُقَرُّونَ على أنكحتهم الفاسدة بشرطين:
1 - أن يعتقدوا صحتها في دينهم.
2 - أن لا يترافعوا إلينا، فإن ترافعوا إلينا حكمنا عليهم بما أنزل الله علينا.


* صفة عقد نكاح الكفار:
إذا جاءنا الكفار قبل عقد النكاح بينهم عقدناه على حكمنا، بإيجاب، وقبول، وولي، وشاهدي عدل منا، وإن جاؤوا بعد عقد النكاح بينهم، فإن كانت المرأة خالية من موانع النكاح أقررناهم عليه، وإن كان بالمرأة مانع من موانع النكاح فرَّقنا بينهما.
* مهر الكافرة: إن كانت قد سُمِّي لها مهر وقبضته، استقر صحيحاً كان أو فاسداً كخمر وخنزير، وإن لم تقبضه: فإن كان صحيحاً أخذته، وإن كان فاسداً أو لم يفرض لها مهر فلها مهر المثل صحيحاً.
* إذا أسلم الزوجان معاً، أو أسلم زوج كتابية بقيا على نكاحهما.
* إن أسلم زوج غير كتابية قبل الدخول بها بطل النكاح.
* إذا أسلمت المرأة الكافرة قبل دخول الكافر بها بطل النكاح؛ لأن المسلمة لا تحل لكافر.


* الحكم إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين:
إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد الدخول فالنكاح موقوف: فإذا أسلم الرجل، فإن أسلمت المرأة قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن أسلمت هي وانقضت عدتها ولم يسلم هو فلها أن تنكح زوجاً غيره، وإن أحبت انتظرته، فإن أسلم كانت زوجته من غير تجديد نكاح ولا عقد ولا مهر، ولا تمكنه من نفسها حتى يسلم.


* حكم النكاح إذا ارتد أحد الزوجين:
إذا ارتد الزوجان أو أحدهما عن الإسلام، فإن كان قبل الدخول بطل النكاح، وإن كان بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة، فإن تاب فيها من ارتد فعلى نكاحهما، وإن لم يتب انفسخ النكاح بعد انقضاء العدة منذ وقت الردة.
* إذا أسلم الزوج، فإن كان تحته كتابية فالنكاح باق، وإن كان تحته كافرة غير كتابية فإن أسلمت وإلا فارقها.
* إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع نسوة وأسلمن، أو كن كتابيات، اختار أربعاً وفارق الباقي.
* إذا أسلم الكافر وتحته أختان اختار منهما واحدة، وإن جمع بين امرأة وعمتها أو خالتها اختار واحدة، وكل من أسلم تجري عليه أحكام الإسلام في النكاح وغيره.
قال الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران/85).


الصداق
* رفع الإسلام مكانة المرأة وأعطاها حقها في التملك، وفرض لها المهر إذا تزوجت، وجعله حقاً لها على الرجل يكرمها به؛ جبراً لخاطرها، وإشعاراً بقدرها، وعوضاً عن الاستمتاع، يطيّب نفسها، ويرضيها بقوامة الرجل عليها.
قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (النساء/4).
* المهر حق للمرأة، يجب على الرجل دفعه لها بما استحل من فرجها، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاها، ولأبيها خاصة أن يأخذ من صداقها ما لا يضرها ولا تحتاج إليه ولو لم تأذن.


* مقدار صداق المرأة:
يسن تخفيض مهر المرأة، وتيسير صداقها، وخير الصداق أيسره، وكثرة الصداق قد يكون سبباً في بُغض الزوج لزوجته، ويحرم إذا بلغ حد الإسراف والمباهاة وأثقل كاهل الزوج بالديون والمسألة.
عن أبي سلمة رضي الله عنه أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونَشّاً، قالت: أتدري ما النّشُّ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه. أخرجه مسلم (1).
* كانت مهور نساء النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة درهم، تعادل اليوم (140) ريالاً سعودياً تقريباً، ومهور بناته أربعمائة درهم، تعادل اليوم (110) ريالات سعودية تقريباً، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
* كل ما صح ثمناً صح مهراً وإن قل، ولا حد لأكثره، وإن كان معسراً جاز أن يجعل صداقها منفعة كتعليم قرآن أو خدمة ونحوهما، ويجوز أن يعتق الرجل أمته ويجعل عتقها صداقاً لها وتكون زوجته.
* يستحب تعجيل الصداق، ويجوز تأجيله، أو تعجيل البعض وتأجيل البعض الآخر، وإذا لم يُسمَّ المهر في العقد صح العقد ووجب مهر المثل، وإن تراضيا ولو على قليل صح.
* إذا زوج رجل ابنته بمهر مثلها، أو أقل، أو أكثر صح، وتملك المرأة صداقها بالعقد، ويستقر كاملاً بالدخول والخلوة.
* إذا توفي الزوج بعد العقد وقبل الدخول ولم يفرض لها صداقاً فلها مثل صداق نسائها، وعليها العدة، ولها الميراث.
* يجب مهر المثل لمن وُطِئت في نكاح باطل كالخامسة، والمعتدة، والموطوءة بشبهة ونحو ذلك.
* إذا اختلف الزوجان في قدر الصداق أو عينه فقول الزوج مع يمينه، وإن اختلفا في قبضه فقول الزوجة ما لم تكن بينة لأحدهما.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1426).


وليمة العرس
* وليمة العرس: هي طعام العرس خاصة لاجتماع الزوجين.
* وقتها: تكون الوليمة عند العقد، أو بعده، أو عند الدخول، أو بعده، حسب أعراف الناس وعاداتهم.
* حكمها: تجب الوليمة للعرس على الزوج، وتُسن بشاة أو أكثر، حسب اليسر والعسر، ويحرم الإسراف في الوليمة وغيرها.
* يسن أن يدعو للوليمة الصالحين فقراء كانوا أم أغنياء، وأن يجعل الوليمة ثلاثة أيام بعد الدخول، وتجوز بأي طعام حلال، ويحرم أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء.
* يستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة بأموالهم في إعداد الوليمة للعرس.


* حكم إجابة دعوة العرس:
تجب إجابة الدعوة إذا كان الداعي مسلماً، وإذا عيَّنه بالدعوة، وكان في اليوم الأول، ولم يكن له عذر، ولم يكن ثَمّ منكر لا يقدر على تغييره.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دُعِيَ أحدُكم فليُجب، فإن كان صائماً فليصلِّ، وإن كان مفطراً فليَطعَم)). أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1431).


* ما يقوله من حضر الوليمة:
يستحب لمن حضر الوليمة وأجاب الدعوة أن يدعو لصاحبها عند الفراغ بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه:
1 - ((اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم)). أخرجه مسلم (1).
2 - ((اللهم أطعم من أطعمني وأسق من سقاني)). أخرجه مسلم (2).
3 - ((أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصَلَّت عليكم الملائكة)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (3).
* يستحب للزوج صبيحة بنائه بأهله أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره، ويسلم عليهم ويدعو لهم، وأن يقابلوه بالمثل فيسلمون عليه ويدعون له.
* يستحب الأكل من طعام الوليمة ولا يجب، ومن صومه واجب حضر ودعا وانصرف، والمتنفل في الصيام إذا دُعي يستحب أن يفطر لجبر قلب أخيه المسلم وإدخال السرور عليه.
* إذا دخل المسلم على قوم سلَّم عليهم، وجلس حيث ينتهي به المجلس، وسيد المجالس قبالة القبلة، فإذا أراد أن يخرج سلم.
* إذ علم أن في الوليمة منكراً يقدر على تغييره حضر وغيره، وإن لم يقدر فلا يلزمه الحضور، وإن حضر ثم علم به أزاله، وإلا يقدر انصرف، وإن علم بالمنكر ولم يره أو يسمعه خُيِّر بين البقاء والانصراف.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2042).
(2) أخرجه مسلم برقم (2055).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3854)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (3263). وأخرجه ابن ماجه برقم (1747)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1418).


* ما يفعله إذا رأى امرأة فأعجبته:
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تَمعسُ مَنيئةً لها، فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: ((إن المرأة تُقبِل في صُورة شيطان، وتُدبِر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأتِ أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه)). أخرجه مسلم (1).
* ويحرم في الزواج وغيره الإسراف في الطعام والشراب واللباس، واستعمال آلات الطرب، وَلَيَبيتَنَّ قومٌ من هذه الأمة على طعام وشراب ولهو، فيصبحوا قد مُسخوا قردة وخنازير نسأل الله السلامة.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في هذه الأمة خَسفٌ ومسْخٌ وقذفٌ)) فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال: ((إذا ظهرت القَينَات والمعازف وشُربت الخمور)). أخرجه الترمذي (2).
* يجوز أن تقوم العروس بخدمة المدعوين إذا كانت متسترة، وأُمنت الفتنة.
عن سهل بن سعد قال: دعا أبو أُسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عُرسه، وكانت امرأتة يومئذ خادمهم وهي العَروس، قال سهل: تدرون ما سَقَت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أنقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه. متفق عليه (3).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1403).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2212)، صحيح سنن الترمذي رقم (1801).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5176)، واللفظ له، ومسلم برقم (2006).


* إعلان النكاح:
يسن إعلان النكاح، ويجوز للنساء إعلان النكاح في العرس بالضرب على الدف فقط، وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال والمفاتن وذكر الفجور ونحوه.
* لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها، ولا يجوز دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات وغيرهن.
* لا يجوز الغناء الذي يصف مفاتن النساء وشعورهن، ويحرم استعمال آلات اللهو كعود ومزمار وموسيقى في الزواج وغيره، ويحرم استئجار مغنين ومغنيات للغناء في الزواج وغيره.
عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)). أخرجه البخاري وأبو داود (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه البخاري معلقاً برقم (5590) واللفظ له، انظر السلسلة الصحيحة رقم (91). ووصله أبو داود برقم (4039)، صحيح سنن أبي داود رقم (3407).


* حكم التصوير:
يحرم التصوير لكل ذي روح، وتعليق الصور على الجدران مجسمة أو غير مجسمة، لها ظل أو لا ظل لها، يدوية أو فوتغرافية، ولا يجوز من التصوير إلا ما كان لضرورة كالطب والتعرف على المجرمين ونحو ذلك، فيجوز للحاجة.
* يحرم تصوير حفل الزفاف رجالاً أو نساء أو كلاهما، وأشد منه وأقبح تصويره بالفيديو، وأقبح منه بيعه في الأسواق وعرضه على الناس.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)). متفق عليه (1).
* يحرم على النساء نتف الحواجب ولبس الباروكة ووصل الشعر والوشم، ووشر الأسنان، ورقص النساء مع الرجال، وإطالة الأظفار أكثر من أربعين يوماً؛ لمخالفتها الفطرة، ولبس ملابس الرجال، وثياب الشهرة والاختيال، وما فيه إسراف.
* يجوز للرجل إزالة شعر جسده من الظهر والصدر والساقين والفخذين إذا لم يضر بدنه ولم يقصد التشبه بالنساء.
* يجوز للنساء لبس الذهب والحرير، ويحرم ذلك على الرجال، ويجوز صبغ أظافر النساء بما لا يمنع وصول الماء كالحناء ونحوه، ويحرم التشبه بالكافرات، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
* لا يجوز للمرأة لبس البنطلون ولو كانت أمام النساء؛ لأنه يبين تفاصيل البدن، ولما فيه من التشبه بالرجال والكافرات، ويحرم عليها صبغ الشعر بالأحمر أو الأصفر أو الأزرق؛ لما فيه من التشبه بالكافرات وحصول الفتنة، أما صبغ الشيب فيجوز بالحناء والكتم، ولبس الكعب العالي محرم؛ لأنه من التبرج الذي نهى الله عنه، وتُمنع المرأة من النقاب والبرقع؛ لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز وقد حصل.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5951)، واللفظ له، ومسلم برقم (2108).


الحقوق الزوجية
* للزواج آداب وحقوق على الطرفين: وهي أن يقوم كل واحد من الزوجين بما لصاحبه من حقوق، ويراعي ما له من واجبات، لتتحقق السعادة، ويصفو العيش، وتهنأ الأسرة.
قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة/228).


* حقوق الزوجة على زوجها:
على الزوج القيام بالإنفاق على زوجته وأولاده، وما يتبعه من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، حسن العشرة، حسن الصحبة، يعاشر زوجته باللطف واللين والبشاشة، يحلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل الأذى منها، ويعتني بعلاجها إن مرضت، ويعينها في خدمة بيتها، ويأمرها بفعل الواجبات، وترك المحرمات، يعلمها الدين إن جهلت أو أهملت، ولا يكلفها ما لا تطيق، ولا يحرمها ما تطلب من الممكن المباح، ويحفظ كرامة أهلها ولا يمنعها عنهما.
* وله أن يستمتع بزوجته الاستمتاع المباح في أي وقت، وعلى أي حال ما لم يضرّ بها الاستمتاع أو يشغلها عن واجب.
وعليه أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يُقَبِّح، ولا يهجر إلا في الفراش.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( .. واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خُلِقْن من ضِلَعٍ، وإن أعوج شيء في الضِّلَعِ أعلاه، فإن ذَهَبتَ تُقيمُهُ كسرتَه، وإن تَركتَه لم يزل أعوج، فاستوصُوا بالنساء خيراً)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5186)، واللفظ له، ومسلم برقم (1468).


* حقوق الزوج على زوجته:
على الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها، وإصلاح بيته، وتدبير منزله، وتربية أولاده، والنصح له، وأن تحفظ زوجها في نفسها وماله وبيته، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة، وتتزين له، وأن تجلَّه وتوقره وتعاشره بالحسنى، وتهيئ له أسباب الراحة، وتدخل على نفسه السرور ليجد في بيته السعادة والانشراح.
وأن تطيعه في غير معصية الله، وتتجنب ما يغضبه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تفشي له سراً، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، ولا تدخل بيته إلا من تحب، وأن تحافظ على كرامة أهله، وتعينه ما أمكن عند مرضه أو عجزه.
* وبهذا نعلم أن المرأة في بيتها تؤدي لزوجها ومجتمعها أعمالاً كبيرة لا تقل عن عمل الرجل خارج البيت، فالذين يريدون إخراجها من بيتها ومكان عملها لتشارك الرجال في أعمالهم وتزاحمهم قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا ضلالاً بعيداً، وأضلوا غيرهم ففسدت مجتمعاتهم.


* فضل طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله تعالى:
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)). أخرجه أحمد (1).
* يحرم مطل كل واحد من الزوجين بما يلزمه للآخر، والتكره لبذله، والمن والأذى.
* يحرم على الرجل وطء المرأة وهي حائض حتى تطهر، فإن وطئها في أول الحيض فعليه دينار، وإن وطئها عند انقطاع الدم فعليه نصف دينار (الدينار= 4.25 جراماً من الذهب).
* يحرم وطء المرأة في الدبر، ولا ينظر الله إلى رجل جامع امرأة في دبرها، والدبر: محل الأذى والقذر.
* إذا طهرت المرأة من الحيض وانقطع الدم عنها جاز لزوجها وطؤها بعد أن تغتسل.
قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/222).
* للزوج إجبار زوجته على غسل حيض، ونجاسة، وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره.
* إذا جامع الرجل زوجته، فإن سبق ماؤه كان الشبه له، وإن سبق ماؤها كان الشبه لها.
وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَر بإذن الله تعالى، وإن علا ماء المرأة أَنْثَى بإذن الله تعالى.
* يجوز للرجل أن يعزل ماءه عن المرأة، وترك العزل أولى؛ لأنه يُفوت لذة المرأة، ويُفوت تكثير النسل وهو من مقاصد النكاح.
* يباح لعذر أو حاجة إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح، بشرط إذن الزوج، وعدم تضرر الزوجة ولا يجوز إسقاطه خوفاً من كثرة الأولاد أو عجزاً عن معيشته أو تربيته.
* يحرم على الزوج جمع زوجتين فأكثر في منزل واحد إلا برضاهما، وليس له السفر بإحداهن إلا بقرعة، ومن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (1661)، انظر آداب الزفاف للألباني ص (182)، وانظر صحيح الجامع رقم (660).


* صفة العدل بين الزوجات:
يجب على الزوج العدل بين زوجاته في القسم، وفي المبيت، والنفقة، والسكن، أما الجماع فلا يجب، فإن أمكن فهو المستحب، ولا جناح عليه في الميل القلبي؛ لأنه لا يملكه.
* السنة إذا تزوج الرجل بكراً وعنده غيرها أن يقيم عندها سبعاً ثم يقسم، وإن تزوج ثيباً أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، وإن أحبت سبعاً فعل وقضى مثله للبواقي، ثم قسم بعد ذلك ليلة لكل واحدة.
عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً وقال: ((إنه ليس بِكِ على أِهلِكِ هَوانٌ، إن شئتِ سَبَّعتُ لكِ، وإن سبَّعت لكِ سبَّعتُ لنِسائي)). أخرجه مسلم (1).
* الزوجة البكر غريبة على الزوج، وغريبة على فراق أهلها فاحتاجت لزيادة الإيناس وإزالة الوحشة بخلاف الثيّب.
* من وهبت يومها لضرتها بإذن زوجها أو له فجعله لأخرى جاز.
* يجوز لمن له عدة زوجات أن يدخل على المرأة التي ليس لها ذلك اليوم ويدنو منها لكن بدون جماع ويتفقد أحوالها، فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبة النوبة فخصها بالليل.
* إذا سافرت المرأة بلا إذن زوجها، أو أبت السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه فلا قَسْم لها ولا نفقة؛ لأنها عاصية كالناشز.
* يسن للزوج الغائب أن لا يفاجئ أهله بقدومه، بل يعلمهم بوقت قدومه لتستقبله زوجته على أحسن هيئة، وتمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1460).


* حكم مصافحة المرأة الأجنبية:
المرأة الأجنبية التي تحرم مصافحتها أو الخلوة بها هي من ليست زوجة ولا محرماً له.
والمَحْرم: من يحرم نكاحها على التأبيد إما بالقرابة أو بالرضاع أو بالمصاهرة.
* لا يجوز لإخوان الزوج أو أعمامه أو أخواله أو بني عمه أن يصافحوا زوجات إخوانهم، أو أعمامهم، أو أخوالهم، أو بني عمهم كسائر الأجنبيات؛ لأن الأخ ليس محرماً لزوجة أخيه وكذا من سبق.
*لا يجوز لأحد أن يصافح أجنبية منه، وأشد منه أن يُقَبِّلها، سواء كانت شابة أو عجوزاً، وسواء كان المصافح شاباً أو شيخاً كبيراً بحائل أو بغير حائل لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إني لا أصافح النساء)). أخرجه النسائي وابن ماجه (1).
* يحرم على المرأة المسلمة مصافحة الأجانب عنها، ويحرم ركوبها في السيارة وحدها مع الأجنبي وحده كالسائق.
* يحرم على الزوجين الوطء بمرأى أحد، وإفشاء الأسرار الزوجية المتعلقة بالوقاع بينهما، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجلُ يفضي إلى امرأته، وتُفضي إليه، ثم ينشر سرَّها)). أخرجه مسلم (2).
* يحرم على المرأة إذا دعاها زوجها إلى الفراش أن تمتنع منه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبانَ عليها، لَعَنَتْها الملائكة حتى تُصبح)). متفق عليه (3).
_________
(1) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (4181)، صحيح سنن النسائي رقم (3897). وأخرجه ابن ماجه برقم (2874)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (2323).
(2) أخرجه مسلم برقم (1437).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3237)، ومسلم برقم (1436)، واللفظ له.


* حكم سفر المرأة بلا محرم:
يحرم على المرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كانت في سيارة أو طائرة أو سفينة أو قطار أو غير ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم: ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1862)، واللفظ له، ومسلم برقم 1341).


* صفة الحجاب الشرعي:
1 - الحجاب الشرعي واجب على كل مسلمة بالغة، وهو أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه كالوجه، والكفين، والشعر، والعنق، والقدم، والساق، والذراع ونحو ذلك، لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (الأحزاب/53).
2 - لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال الأجانب في الوظائف والمدارس والمستشفيات وغيرها، كما يحرم عليها التبرج وإظهار مفاتنها وإبراز محاسنها لغير زوجها؛ لما في ذلك من أسباب الفتنة.
3 - يجب على المرأة أن تحتجب ممن ليس بمحرم لها كزوج أختها، وأبناء عمها، وأبناء خالها ونحوهم؛ لأنهم ليسوا بمحارم لها.


* حكم تناول ما يمنع الحمل:
1 - النسل نعمة كبرى منّ الله بها على عباده، حث الإسلام عليها ورغّب فيها، فلا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق.
قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) (الإسراء/31).
2 - يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهو ما يعرف بالإعقام إلا لضرر محقق.
3 - يجوز للمرأة برضا زوجها تناول ما يمنع الحمل لضرر محقق كأن تكون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو مريضة يضرها أن تحمل كل سنة، فلا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره إذا رضي الزوجان بذلك وكان بوسيلة مشروعة لا ضرر فيها على المرأة، وقرر ذلك طبيب ثقة.


* حكم الإنجاب بالتلقيح:
1 - إذا حملت الزوجة من مائين أجنبيين، أو من بيضتها وماء أجنبي فهذا حمل سفاح محرم شرعاً.
2 - إذا حملت الزوجة من ماء زوجها بعد انتهاء عقد الزوجية بوفاة أو طلاق فهذا محرم.
3 - إذا كان الماء من الزوجين، والرحم أجنبي مستعار فهذا محرم أيضاً.
4 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم زوجة له أخرى بتلقيح داخلي أو خارجي فهذا محرم.
5 - إذا كان الماء من الزوجين في رحم الزوجة ذات البويضة بتلقيح داخلي أو خارجي في أنبوب ثم ينقل إلى رحم الزوجة نفسها، فهذا يَحُفُّ به عدد من المخاطر والمحاذير فيباح للمضطر، والضرورة تقدَّر بقدرها، وعلى المكلف إذا ابتلي بهذا سؤال من يثق بدينه وعلمه.
* الذكر والأنثى إذا كملت أعضاء خلقهما لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقاب؛ لأنها تغيير لخلق الله وهو محرم.
* من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فينظر فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته بالجراحة أو الهرمونات.


* حمل المرأة:
1 - تفرز المرأة بأمر الله كل شهر بيضة، فإذا جاء موعد القدر ولقح الحيوان المنوي تلك البيضة اتحدت النطفتان وحملت المرأة وهي نطفة الأمشاج.
2 - أكثر ما تلد النساء مولوداً واحداً كل سنة، وقد تلد توأمين ذكرين أو أنثيين أو ذكراً وأنثى، وقد تلد ثلاثة أو أكثر، والتوائم نوعان:
أحدهما: يحدث من حيوان منوي واحد وبيضتين يكون منهما توأمان متشابهان تمام التشابه.
والثاني: توأم غير متشابه وذلك يحدث بأمر الله من حيوانين منويين يلقحان بيضتين كل واحد يلقح بيضة والله أعلم.
1 - قال الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (الإنسان/2).
2 - قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران/6).
3 - قال الله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى/49 - 50).


النشوز وعلاجه
* النشوز: هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها.
* النفوس مجبولة على عدم الرغبة في بذل ما عليها، والحرص على الحق الذي لها، ومما يسهِّل الصلح قلع هذا الخلق الدنيء واستبداله بضده وهو السماحة ببذل الحق الذي عليك، والقناعة ببعض الحق الذي لك، وبذلك تصلح الأمور.


* صفة علاج المرأة الناشز:
إذا ظهر من المرأة أمارات النشوز كأن لا تجيبه إلى الفراش، أو الاستمتاع، أو تجيبه متبرّمة، أو متكرِّهة وعظها وخوَّفها بالله عز وجل وأدبها بالأسهل فالأسهل.
فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام.
فإن أصرت ضربها ضرباً غير مبرح عشرة أسواط فأقل، ولا يضرب الوجه، ولا يُقبِّح فإن حصل المقصود بما سبق وأطاعت المرأة ترك معاتبتها على ما مضى.
قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (النساء/34).
* إذا ادعى كل من الزوجين ظلم الآخر له، وأصرت المرأة على نشوزها وترفعها وسوء عشرتها، وتعذر الإصلاح بينهما بعث الحاكم حكماً من أهلها وحكماً من أهل الزوج، ويفعلان الأصلح من جمع أو تفريق، بعوض أو بدون عوض.
* فإن لم يتفق الحكمان أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً بعوض أو بدون عوض.
قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) (النساء/35).
* إذا أحست المرأة من زوجها نفوراً أو إعراضاً وخافت أن يفارقها فلها أن تسقط عنه حقها أو بعضه من مبيت أو نفقة أو كسوة أو غيرها، وله أن يقبل منها ذلك ولا جناح عليهما، وهذا أفضل من الفرقة والمنازعة والمخاصمة كل يوم.
قال الله تعالى: (وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء/128).


2 - الطلاق
• * حكمة مشروعيته:.
• * من يملك الطلاق:.
• * حكم الطلاق:.
• * يقع الطلاق من جاد وهازل:.
• * صور الطلاق:.
• الطلاق السني والبدعي.
• الطلاق الرجعي والبائن.
• * متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟.


* حكمة مشروعيته:
شرع الله النكاح لإقامة الحياة الزوجية المستقرة، المبنية على المحبة والمودة بين الزوجين، وإعفاف كل منهما صاحبه، وتحصيل النسل، وقضاء الوطر.
وإذا اختلت هذه المصالح وفسدت النوايا بسبب سوء خلق أحد الزوجين، أو تنافرت الطباع، أو ساءت العشرة بينهما أو نحوها من الأسباب التي تؤدي إلى الشقاق المستمر الذي تصعب معه العشرة الزوجية، فإذا وصل الأمر إلى هذه الحال فقد شرع الله عز وجل رحمة بالزوجين فرجاً بالطلاق.
قال الله تعالى: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) (الطلاق/1).


* من يملك الطلاق:
1 - الطلاق من حق الرجل وحده؛ لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها المال، وهو أكثر تريثاً وصبراً وتفكيراً بعقله لا بعواطفه.
2 - أما المرأة فهي أسرع غضباً، وأقل احتمالاً، وأقصر رؤيةً، وليس عليها من تبعات الطلاق مثل ما على الزوج، ولو كان الطلاق بيد كل من الزوجين، لتضاعفت حالات الطلاق لأتفه الأسباب.
3 - الطلاق بيد الرجال، فالحر يملك ثلاث تطليقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك تطليقتين.
* يقع الطلاق من كل بالغ عاقل مختار، ولا يقع الطلاق من مكره، ولا سكران لا يعقل ما يقول، ولا غضبان لا يدري ما يقول، كما لا يقع الطلاق من المخطئ، والغافل، والناسي، والمجنون ونحوهم.


* حكم الطلاق:
يُباح الطلاق للحاجة كسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، ويحرم الطلاق لغير حاجة، بأن كانت حياة الزوجين مستقرة، ويستحب الطلاق للضرورة كما لو تضررت الزوجة في البقاء معه، أو كرهت زوجها ونحو ذلك.
* يجب الطلاق على الزوج إذا كانت امرأته لا تصلي، أو كانت غير نزيهة في عرضها ما لم تتب وتقبل النصح.
* يحرم على الزوج أن يطلق زوجته حال الحيض والنفاس، وفي طهر جامعها فيه ولما يتبين حملها، وأن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد أو بمجلس واحد.
* يصح وقوع الطلاق من الزوج أو وكيله، ويطلق الوكيل واحدة ومتى شاء إلا أن يعين له وقتاً وعدداً.
* صيغ الطلاق: ينقسم الطلاق من حيث اللفظ إلى قسمين:
1 - الطلاق الصريح: ويكون بالألفاظ التي لا تحتمل إلا الطلاق ولا تحتمل غيره كطلقتك، أو أنت طالق، أو أنت مطلقة، أو عليّ الطلاق ونحو ذلك.
2 - الطلاق بالكناية: وهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره كقوله: أنت بائن، أو الحقي بأهلك ونحوها.
* يقع الطلاق باللفظ الصريح لظهور معناه، أما الكناية فلا يقع بها الطلاق إلا بنية مقارنة للفظ.
* إذا قال لزوجته (أنت علي حرام) فليس التحريم طلاقاً وإنما يكون يميناً فيها كفارة يمين.


* يقع الطلاق من جاد وهازل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث جِدُّهُن جِدٌّ، وهَزْلُهُنّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرَّجعة)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
_________
(1) حسن بطرقه/ أخرجه أبو داود برقم (2194) صحيح سنن أبي داود رقم (1920). وأخرجه ابن ماجه برقم (2039) صحيح سنن ابن ماجه رقم (1658). انظر الإرواء رقم (1826).


* صور الطلاق:
الطلاق إما أن يكون مُنَجَّزاً، أو مضافاً، أو معلقاً كما يلي:
1 - الطلاق المنجز: أن يقول للزوجة أنت طالق، أو طلقتك ونحوها، وهذا الطلاق يقع في الحال؛ لأنه لم يقيد بشيء.
2 - الطلاق المضاف: أن يقول لزوجته مثلاً أنت طالق غداً، أو رأس الشهر، وهذا الطلاق لا يقع إلا بعد حلول الأجل الذي حدده.
3 - الطلاق المعلق: وهو ما جعل الزوج حصول الطلاق فيه معلقاً على شرط وهو قسمان:
1 - إن كان يقصد بطلاقه الحمل على الفعل أو الترك، أو الحظ أو المنع، أو تأكيد الخبر ونحو ذلك كقوله: إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، يقصد منعها فهذا لا يقع، ويجب فيه كفارة يمين إذا خالفت.
والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
2 - أن يقصد إيقاع الطلاق عند حصول الشرط كقوله: إن أعطيتني كذا، فأنت طالق مثلاً، وهذا الطلاق يقع عند حصول المعلق عليه.
* إذا طُلِّقت من لم يسم لها مهر قبل الدخول وجبت المتعة على الزوج، على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، وإن طُلِّقت من لم يسم لها مهر بعد الدخول فلها مهر المثل من غير متعة.
قال الله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (البقرة/236).
* إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول أو الخلوة وقد فرض لها صداقاً فلها نصفه إلا أن تعفو أو يعفو وليها، وإن كانت الفرقة من قِبَلها سقط حقها كله.
قال الله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة/237).
* إذا افترق الزوجان في نكاح فاسد قبل الدخول فلا مهر ولا متعة، وبعد الدخول يجب لها المهر المسمى بما استحل من فرجها.


الطلاق السني والبدعي
1 - الطلاق السني: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي ثلاثة قروء.
فإذا انقضت العدة ولم يراجعها طلُقت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن راجعها في العدة فهي زوجته.
* وإن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين.
* ثم إن طلقها الثالثة كما سبق بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح، وهذا الطلاق بهذه الصفة وهذا الترتيب سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت.
* ومن الطلاق السني: أن يطلق الزوج زوجته بعدما يتبين حملها طلقة واحدة.
* قال الله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ... ) ثم قال: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (البقرة/229 - 230).
* فإذا تم الطلاق وحصلت الفرقة فيسن للزوج أن يمتعها بما يناسب حاله وحالها جبراً لخاطرها، وأداء لبعض حقوقها كما قال سبحانه: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة/241).
2 - الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع، وهو نوعان:
1 - بدعي في الوقت: كأن يطلقها في حيض، أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، وهذا الطلاق حرام ويقع، وفاعله آثم، ويجب عليه أن يراجعها منه إن لم تكن الثالثة.
وإذا راجع الحائض أو النفساء أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها، ومن طلقها في طهر جامعها فيه أمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها.
1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((مُرْهُ فليراجعها، ثم لْيُطلِّقها طاهراً أو حاملاً)). أخرجه مسلم (1).
2 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مُرْهُ فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر ثم يُطلِّق بعدُ أو يمسك)). متفق عليه (2).
2 - بدعي في العدد: كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وهذا الطلاق محرم ويقع، وفاعله آثم، لكن الطلاق ثلاثاً بكلمة أو كلمات في طهر واحد لا يقع إلا واحدة مع الإثم.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1471).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (525)، وأخرجه مسلم برقم (1471)، واللفظ له.


الطلاق الرجعي والبائن
1 - الطلاق الرجعي: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة، وله مراجعتها إن رغب ما دامت في العدة، فإن راجعها ثم طلقها الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي في الحالتين زوجته ما دامت في العدة، يرثها وترثه، ولها النفقة والسكنى.
* يجب على المطلقة طلاقاً رجعياً وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، بعد الدخول أو الخلوة أن تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها، ويستحب لها أن تتزين له ترغيباً له في مراجعتها، ولا يجوز للزوج إخراجها من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها.
2 - الطلاق البائن: هو الطلاق الذي تنفصل به الزوجة عن زوجها نهائياً، وهو قسمان:
1 - بائن بينونة صغرى: وهو لطلاق دون الثلاث، فإذا طلق زوجته كما سبق طلقة واحدة ثم انتهت عدتها ولم يراجعها فهذا يسمى طلاقاً بائناً بينونة صغرى.
ومن حقه كغيره أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره، وكذا لو طلقها الطلقة الثانية ولم يراجعها في العدة بانت منه، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره.
2 - بائن بينونة كبرى: وهو الطلاق المكمل للثلاث، فإذا طلقها الطلقة الثالثة انفصلت عنه نهائياً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الدوام، ودخل الثاني بها ووطئها بعد العدة، فإن طلقها الثاني وفرغت من العدة جاز لزوجها الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين كغيره.
* المطلقة ثلاثاً تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى، ولا تخرج من بيت أهلها إلا لحاجة.
* إذا شك الزوج في الطلاق أو شرطه فالأصل بقاء النكاح حتى يجزم بزواله.
* إذا قال الزوج لزوجته (أمرك بيدك) ملكت طلاق نفسها ثلاثاً على السنة إلا أن ينوي الزوج واحدة.


* متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟
يجوز للمرأة طلب الطلاق أمام القاضي إذا تضررت تضرراً لا تستطيع الحياة في ظله، كما في هذه الصور:
1 - إذا قَصَّر الزوج في النفقة
2 - إذا أضر الزوج بزوجته إضراراً لا تستطيع معه دوام العشرة مثل سبها، أو ضربها، أو إيذائها بما لا تطيقه، أو إكراهها على منكر ونحو ذلك.
3 - إذا تضررت بغيبة زوجها وخافت على نفسها الفتنة.
4 - إذا حُبس زوجها مدة طويلة وتضررت بفراقه.
5 - إذا رأت المرأة بزوجها عيباً مستحكماً كالعقم، أو عدم القدرة على الوطء، أو مرضاً خطيراً منفّراً ونحو ذلك.
* يحرم على المرأة أن تسأل زوجها طلاق ضرتها لتنفرد به.
* إذا قال لزوجته إن حضت فأنت طالق طلقت بأول حيض متيقن.
* يقع الطلاق بائناً إذا كان على عوض أو كان قبل الدخول، أو كان مكملاً للثلاث.
* إذا قال لزوجته إن ولدت ذكراً فأنت طالق طلقة وإن ولدت أنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكراً ثم أنثى طلقت بالأول ثم بانت بالثاني، ولا عدة عليها.


3 - الرجعة
• * حكمة مشروعية الرجعة:.
• * شروط صحة الرجعة:.


* حكمة مشروعية الرجعة:
قد يقع الطلاق في حالة غضب واندفاع، وقد يصدر بدون تدبر وتَرَوٍّ وتصور لعاقبة الطلاق وما يترتب عليه من المضار والمفاسد، لذا شرع الله تعالى الرجعة للحياة الزوجية، وهي حق من حقوق الزوج وحده كالطلاق.
* من محاسن الإسلام جواز الطلاق، وجواز الرجعة، فإذا تنافرت النفوس، واستحالت الحياة الزوجية جاز الطلاق، وإذا تحسنت العلاقات، وعادت المياه إلى مجاريها جازت الرجعة، فلله الحمد والمنة.
قال الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) (البقرة/228).


* شروط صحة الرجعة:
1 - أن تكون المطلقة مدخولاً بها.
2 - أن يكون الطلاق دون ما يملك من العدد كالطلاق دون الثلاث.
3 - أن يكون بلا عوض، فإن كان على عوض فهي بائن.
4 - أن تكون الرجعة في العدة من نكاح صحيح.
* تحصل الرجعة بالقول كقوله: راجعت امرأتي، أو أمسكتها ونحوهما، وتحصل بالفعل كالوطء إذا نوى به الرجعة.
* يسن الإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة بشاهدين، ويصح الطلاق والرجعة من غير إشهاد، والمطلقة الرجعية زوجة ما دامت في العدة، وينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة.
* لا تفتقر الرجعة إلى ولي، ولا صداق، ولا رضا المرأة، ولا علمها.


4 - الخلع
• * حكمة مشروعيته:.
• * موجبات الخلع:.


* حكمة مشروعيته:
إذا عدمت المحبة بين الزوجين، وحل محلها الكراهة والبغضاء، ووجدت المشاكل، وظهرت العيوب من الزوجين أو من أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً.
فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق، وإن كان من قِبَل المرأة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي الزوج ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر؛ ليفارقها.
1 - قال الله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (البقرة/229).
2 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَتَردّين عليه حديقته؟)) قالت: نعم، قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقبل الحديقة وطَلِّقها تطليقة)). أخرجه البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5273).


* موجبات الخلع:
1 - يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها إما لسوء عشرته، أو سوء خُلقه، أو خَلقه، أو خافت إثماً بترك حقه، ويستحب للزوج إجابتها إلى الخلع حيث أبيح.
2 - إذا كرهت الزوجة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإذا لم يمكن تقويمه وجب عليها أن تسعى لمفارقته، وإذا فعل بعض المحرمات ولم يجبرها على فعل محرم فلا يجب عليها أن تختلع، وأيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
* يحرم على الزوج عضل زوجته ليأخذ منها الصداق إلا إذا أتت بفاحشة مبينة فلا يحرم.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (النساء/19).
* الخلع فسخ سواء وقع بلفظ (الخلع أو الفسخ أو الفداء)، وإن وقع بلفظ الطلاق أو كنايته مع نيته فهو طلاق، ولا يملك رجعتها بعده، وله أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بعد العدة إذا لم يسبقه من عدد الطلاق ما يصير به ثلاثاً.
* يجوز الخلع في كل وقت في الطهر والحيض، وتعتد المختلعة بحيضة واحدة، ويجوز للزوج أن يتزوج من خالعها برضاها بعقد ومهر جديدين بعد العدة.
* كل ما جاز أن يكون صداقاً جاز أن يكون عوضاً في الخلع، فإذا قالت اخلعني بألف ففعل بانت واستحق الألف، ولا ينبغي أن يأخذ منها أكثر مما أصدقها.


5 - الإيلاء
• * حكمة إباحة الإيلاء وحُكمه:.
• * صفة الإيلاء:.


* حكمة إباحة الإيلاء وحُكمه:
الإيلاء فيه تأديب للنساء العاصيات الناشزات على أزواجهن، فأبيح منه بقدر الحاجة وهو أربعة أشهر فما دونها، وأما ما زاد على ذلك فهو حرام وظلم وجور؛ لأنه حلف على ترك واجب عليه.
* كان الرجل في الجاهلية إذا كان لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوج بها غيره يحلف أن لا يمس امرأته أبداً أو السنة والسنتين بقصد الإضرار بها، فيتركها معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة فأراد الله عز وجل أن يضع حداً لهذا الجور، فحدده بأربعة أشهر وأبطل ما فوقها دفعاً للضرر.


* صفة الإيلاء:
إذا حلف أن لا يقرب زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر صار مولياً، فإن وطئها في الأربعة أشهر انتهى الإيلاء ولزمته كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام)، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يجامعها فللزوجة أن تطالبه بالوطء، فإن وطئ فلا شيء عليه إلا كفارة يمين.
فإن أبى طالبته بالطلاق، فإن أبى طلق عليه الحاكم طلقة واحدة منعاً للضرر عن الزوجة.
قال الله تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة/226 - 227).
* عدة الزوجة المولى منها كالمطلقة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.


6 - الظهار
• * صور الظهار:.
• * كفارة الظهار تجب بالترتيب الآتي:.


* صور الظهار:
1 - يكون الظهار مُنَجَّزاً كقوله: (أنتِ عليّ كظهر أمي).
2 - ويكون معلقاً كقوله: (إذا دخل رمضان فأنتِِ عليّ كظهر أمي).
3 - ويكون مؤقتاً كقوله: (أنت علي كظهر أمي في شهر شعبان مثلاً) فإن خرج الشهر ولم يطأها فيه زال الظهار، وإن وطئها في شعبان فعليه كفارة الظهار.
* إذا ظاهر الزوج من زوجته أخرج الكفارة قبل الوطء، فإن وطئ قبل إخراجها أثم وعليه إخراجها.


* كفارة الظهار تجب بالترتيب الآتي:
1 - عتق رقبة مؤمنة.
2 - فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع الفطر في العيدين، والحيض ونحوهما.
3 - فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا من قوت بلده، كل مسكين نصف صاع (كيلو وعشرين جراما) تقريبا، وإن غدى المساكين أو عشاهم كفى.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة/3 - 4).
* الله رؤوف بعباده حيث جعل إطعام الفقراء والمساكين كفارات للذنوب وماحية للآثام.
* إذا قال لزوجته: إذا ذهبت إلى مكان كذا فأنت علي كظهر أمي.
فإن قصد بذلك تحريمها عليه فهو مظاهر، ولا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار.
وإن قصد به منعها من هذا الفعل ولم يقصد تحريمها فلا تحرم عليه، ويجب عليه كفارة يمين ثم ينحل يمينه.
* إذا ظاهر من نسائه بكلمة واحدة لزمه كفارة واحدة، وإن ظاهر منهن بكلمات لزمه لكل واحدة كفارة.


7 - اللعان
• * حكمة مشروعيته:.
• * شروط اللعان:.
• * صفة اللعان:.
• * إذا تم اللعان ثبتت خمسة أحكام:.


* حكمة مشروعيته:
إذا رأى الرجل امرأته تزني ولم يمكنه إقامة البينة، أو قذفها بالزنى ولم تقر هي بذلك، وحتى لا يلحقه العار بزناها ويفسد فراشه، أو يلحقه ولد غيره شرع الله عز وجل اللعان حلاًّ لمشكلته وإزالة للحرج عنه، ويستحب وعظهما وتخويفهما بالله قبل اللعان.
* إذا نكل الزوج وامتنع عن الأيمان فعليه حد القذف ثمانين جلدة، وإذا نكلت الزوجة وأقرت بالزنى أقيم عليها الحد وهو الرجم.
* من قذف غير زوجته بفعل الفاحشة ولم يستطع إقامة البينة (أربعة شهود) يشهدون بصحة ما قال وجب جلده ثمانين جلدة، ويعتبر فاسقاً لا تقبل شهادته إلا إن تاب وأصلح.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور/4 - 5).


* شروط اللعان:
1 - أن يكون بين زوجين مكلفين، عند الإمام أو نائبه.
2 - أن يتقدمه قذف الزوج امرأته بالزنى.
3 - أن تكذبه الزوجة وتستمر في تكذيبه إلى انقضاء اللعان.


* صفة اللعان:
إذا قذف الرجل زوجته بالزنى ولم يقم البينة فعليه حد القذف ولا يسقط عنه حد القذف إلا باللعان، وصفته:
1 - يبدأ الزوج فيقول أربع مرات: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنى) يشير إليها إن كانت حاضرة، ويسميها إن كانت غائبة، ثم يزيد في الخامسة: (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) (النور/7).
2 - ثم تقول الزوجة أربعاً: (أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى) ثم تزيد في الخامسة: (أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ) (النور/9).
* يُسن وعظ كل واحد من المتلاعنين عند الشروع في اللعان، ووضع اليد على فم الرجل عند الخامسة، ويقال له: (اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب) وكذلك يفعل مع المرأة، لكن لا يضع يده على فمها، والسنة أن يكون اللعان بحضرة الإمام أو نائبه، وأن يتلاعنان قياماً بحضرة جماعة من الناس.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ) (النور/6 - 9).


* إذا تم اللعان ثبتت خمسة أحكام:
1 - سقوط حد القذف عن الزوج.
2 - سقوط حد الرجم عن الزوجة.
3 - الفرقة بين المتلاعنين.
4 - التحريم المؤبد بينهما.
5 - انتفاء الولد إن وجد عن الزوج ولحوقه بالمرأة.
* المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق في مدة العدة نفقة ولا سكنى.


8 - العدة
• * حكم العدة:.
• * حكمة مشروعيتها:.
• * أصناف المعتدات:.
• * حكم الإحداد:.
• * مكان العدة:.


* حكم العدة:
العدة واجبة على كل امرأة فارقها زوجها أو مات عنها بعد خلوته بها، سواء كانت الفرقة بطلاق، أو خلع، أو فسخ؛ لتعرف براءة رحمها بوضع حمل، أو مضي أقراء، أو أشهر.


* حكمة مشروعيتها:
1 - التأكد من براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب.
2 - إتاحة الفرصة للمطلق أن يراجع امرأته إذا ندم كما في الطلاق الرجعي.
3 - تعظيم شأن النكاح وأنه لا ينعقد إلا بشروط، ولا ينفك إلا بانتظار وتريُّث.
4 - احترام المعاشرة بين الزوجين، فلا تنتقل لآخر إلا بعد انتظار وإمهال.
5 - صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة حاملاً.
ففي العدة أربعة حقوق: حق الله، وحق الزوج، وحق الزوجة، وحق الولد.
* المرأة إذا طُلقت قبل الدخول فلا عدة عليها، وإن طُلقت بعد الدخول فعليها العدة، أما المتوفى عنها زوجها قبل الدخول أو بعده فعليها العدة أربعة أشهر وعشرا، وفاء للزوج ومراعاة لحقه، ولها الميراث.
1 - قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) (الأحزاب/49).
2 - قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة/234).


* أصناف المعتدات:
1 - الحامل: وعدتها من موت، أو طلاق، أو فسخ إلى وضع الحمل الذي تبين فيه خلق إنسان، وأقل مدة الحمل ستة أشهر منذ نكاحها، وغالبه تسعة أشهر.
قال الله تعالى: (وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق/4).
2 - المتوفَّى عنها زوجها: إن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل، وإن لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي هذه المدة يتبين الحمل من عدمه.
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (البقرة/ 234).
3 - المفارقة لزوجها في الحياة بطلاق بلا حمل وهي ذات الأقراء وهي الحيض فعدتها ثلاثة قروء كاملة، أما المفارقة لزوجها بخلع أو فسخ فتعتد بحيضة واحدة، قال الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (البقرة/228).
4 - من فارقها زوجها حياً ولم تحض لصغر، أو إياس فعدتها ثلاثة أشهر.
قال الله تعالى: (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ) (الطلاق/4).
5 - من ارتفع حيضها ولم تدر ما سبب رفعه فعدتها سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة.
6 - امرأة المفقود: وهو من انقطع خبره، فلم تعلم حياته ولا موته، فتنتظر زوجته قدومه أو تَبَيُّن أمره في مدة يضربها الحاكم للاحتياط في شأنه، فإذا تمت تلك المدة ولم يأت حكم الحاكم بوفاته، ثم اعتدت زوجته أربعة أشهر وعشراً عدة وفاة من وقت الحكم، ولها أن تتزوج بعد العدة إن شاءت.
* عدة الأمة المطلقة ذات الحيض قرءان، والآيسة والصغيرة شهران، والحامل بوضع الحمل.
* إذا ملك الرجل أمة توطأ فلا يحل له أن يجامعها حتى يستبرئها، إن كانت حاملاً بوضع الحمل، والتي تحيض بحيضة، والآيسة والصغيرة بمضي شهر.
* الموطوءة بشبهة، أو زنى، أو بنكاح فاسد، أو مختلعة تعتد بحيضة واحدة لمعرفة براءة رحمها، وإذا مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت وابتدأت عدة وفاة منذ مات.


* حكم الإحداد:
يلزم الإحداد مدة العدة كل متوفَّى عنها زوجها.
الإحداد: لزوم بيت زوجها واجتناب ما يدعو إلى جماعها من الزينة والطيب، ولباس زينة، وحناء، وحلي، وكحل ونحوه، وإن تركت الإحداد أثمت وتستغقر الله وتتوب إليه.
عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُحِدُّ امرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْبٍ ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نُبذةً من قُسطٍ أو أظفار)). متفق عليه (1).
* يجوز الإحداد على غير زوج ثلاثة أيام، أما الإحداد على الزوج المتوفي عنها فإنه تابع للعدة أربعة أشهر وعشراً، وأما الحامل المتوفى عنها زوجها فإذا وضعت حملها سقط وجوب الإحداد عنها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5342)، ومسلم في كتاب الطلاق برقم (938)، واللفظ له.


* مكان العدة:
1 - تجب عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فإن تحولت خوفاً، أو قهراً، أو بحق انتقلت حيث شاءت، ولها الخروج من بيتها إن احتاجت لذلك، وتنقضي العدة بمضي الزمان حيث كانت.
2 - المعتدة من طلاق رجعي تكون في بيت زوجها، ولها النفقة والسكنى؛ لأنها زوجة، ولا يجوز إخراجها من بيت زوجها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة من أقوال أو أفعال يتضرر بها أهل البيت.
3 - المعتدة من طلاق بائن لها النفقة إن كانت حاملاً حتى تضع حملها، وإن كانت غيرحامل فلا نفقة لها ولا سكنى.
وتعتد المطلقة البائن والمفسوخة والمختلعة في بيت أهلها.


9 - الرضاع
• * المحرم من الرضاع خمس رضعات في الحولين:.
• * حد الرضعة:.
• * حكم إرضاع الكبير:.


* المحرم من الرضاع خمس رضعات في الحولين:
فإذا أرضعت المرأة الطفل خمس رضعات قبل استكمال الحولين صار ولدها وولد زوجها، ومحارم الزوج محارمه، ومحارم المرضعة محارم للمرتضع، وأولادهما إخوانه، أما أبوي المرتضع وأصولهما وفروعهما فلا تنتشر الحرمة عليهم، فيجوز لإخوته من الرضاع أن يتزوجوا بأخواته من النسب وبالعكس.


* حد الرضعة:
أن يمص الثدي ثم يتركه باختياره من غير عارض فذلك رضعة، أو انتقل من ثدي لآخر فذلك رضعة، فإن عاد فثنتان، ويُرجع في ذلك إلى العرف، والأفضل أن ترضعه حسنة الخَلق والخُلق والدين.
* يثبت الرضاع بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو بشهادة امرأة واحدة مرضية في دينها سواء كانت المرضعة أو غيرها.
* إذا أرضعت امرأة طفلاً سواء كانت بكراً أو ثيباً صار ولدها في تحريم النكاح، وإباحة النظر، والخلوة، وفي المحرمية، دون وجوب النفقة والولاية والإرث.
* لبن البهيمة لا يحرِّم كلبن المرأة، فلو رضع طفلان من بهيمة لم ينشر الحرمة بينهما، ونقل الدم من رجل إلى امرأة أو العكس ليس برضاع، فلا ينشر الحرمة بينهما.
* إذا شك أحد في وجود الرضاع، أو شك في كماله خمس رضعات، وليس هناك بينة فلا تحريم؛ لأن الأصل عدم الرضاع.


* حكم إرضاع الكبير:
الرضاع المحرِّم خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإن دعت الحاجة إلى إرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله البيت ويشق الاحتجاب عنه جاز.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني أرى في وجه أبي حُذيفة من دخولِ سالمٍ (وهو حَليفُهُ). فقال النبي: صلى الله عليه وسلم ((أرضعيه)). قالت: وكيف أرضعه؟ وهو رجلٌ كبير، فتبسم رسول الله؟ وقال: ((قد عَلمتُ أنه رجلٌ كبير)).
زاد عمرو في حديثه: وكان قد شهد بدراً. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4000)، ومسلم برقم (1453)، واللفظ له.


10 - الحضانة
• * الولاية على الطفل نوعان:.
• * الأحق بالحضانة:.


* الولاية على الطفل نوعان:
نوع يقدم فيه الأب على الأم، وهي ولاية المال والنكاح.
ونوع تقدم فيه الأم على الأب، وهي ولاية الحضانة والرضاع.


* الأحق بالحضانة:
الحضانة من محاسن الإسلام وعنايته بالأطفال، فإذا افترق الأبوان وبينهما ولد فالأحق بالحضانة الأم؛ لأنها أرفق بالصغير وأصبر عليه وأرحم به، وأعرف بتربيته وحمله وتنويمه، ثم أمهاتها القربى فالقربى، ثم الخالة، ثم الأب، ثم أمهاته كذلك، ثم الجد، ثم أمهاته كذلك، ثم الأخت لأبوين، ثم لأم، ثم لأب، ثم العمة كذلك وهكذا.
* إذا امتنع من له الحضانة، أو كان غير أهل، أو لم تتحقق مصلحة الطفل انتقلت إلى من بعده، وإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة وانتقل إلى من بعدها إلا أن يرضى زوجها بالحضانة.
* إذا بلغ الغلام سبع سنين عاقلاً خُيِّر بين أبويه فكان مع من اختار منهما، ولا يُقر محضون بيد من لا يصونه ولا يصلحه، ولا حضانة لكافر على مسلم.
* أب الأنثى أحق بها بعد السبع إن تحققت مصلحة المحضونة، ولما ينلها ضرر من ضرة أمها وإلا عادت الحضانة لأمها.
* يكون الذكر بعد رشده حيث شاء، والأنثى عند أبيها حتى يتسلمها زوجها، وليس له منعها من زيارة أمها، أو زيارة أمها لها.


11 - النفقات
• * فضل النفقة:.
• * أحوال الإنفاق على الزوجة:.
• * النفقة على الآباء والأولاد والأقارب:.
• * أحوال المنفق:.


* فضل النفقة:
1 - قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/274).
2 - عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة)). متفق عليه (1).
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار)). متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5351)، واللفظ له، ومسلم برقم (1002).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5353)، واللفظ له، ومسلم برقم (2982).


* أحوال الإنفاق على الزوجة:
1 - نفقة الزوجة واجبة على زوجها من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن ونحو ذلك بما يصلح لمثلها، وذلك يختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة، وحال الزوجين وعاداتهما.
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم ... - وفيه- ((فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ... ولهنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)). أخرجه مسلم (1).
2 - يجب على الزوج نفقة زوجته المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها، لكن لا قسم لها.
3 - الزوجة البائن بفسخ أو طلاق لها النفقة إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها ولا سكنى.
4 - لا نفقة ولا سكنى لمتوفى عنها زوجها، فإن كانت حاملاً وجبت نفقتها من نصيب الحمل من التركة، فإن لم يكن فعلى وارثه الموسر.
5 - إذا نشزت المرأة أو حُبست عنه سقطت نفقتها إلا أن تكون حاملاً.
* إذا غاب الزوج ولم ينفق على زوجته لزمته نفقة ما مضى.
* إذا أعسر الزوج بالنفقة، أو الكسوة، أو السكن، أو غاب ولم يدع للزوجة نفقة وتعذَّر أخذها من ماله فلها الفسخ إن شاءت بإذن الحاكم.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1218).


* النفقة على الآباء والأولاد والأقارب:
تجب النفقة لأبويه وإن علوا حتى ذوي الأرحام منهم، وتقدم الأم على الأب في البر والنفقة، وتجب لولده وإن سفل، حتى ذوي الأرحام منهم إن كان المنفق غنياً والمنفَق عليه فقيراً، والوالد تجب عليه نفقة ولده كاملة ينفرد بها.
1 - قال الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة/233).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن الصحبة؟ قال: ((أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك)). متفق عليه (1).
* تجب النفقة على كل من يرثه المنفق بفرض أو تعصيب.
* يشترط لوجوب النفقة على القريب من غير الأصول والفروع أن يكون المنفق وارثاً للمنفق عليه، فقر المنفق عليه، غنى المنفق، عدم اختلاف الدين.
* يجب على السيد نفقة رقيقه المملوك، وإن طلب نكاحاً زوجه سيده أو باعه، وإن طلبته أمة خُيِّر سيدها بين وطئها، أو تزويجها، أو بيعها.
* تجب النفقة على ما يملكه الإنسان من البهائم والطيور ونحوها، فيقوم بإطعامها وسقيها وما يصلحها، ولا يحمِّلها ما تعجز عنه، فإن عجز عن نفقتها أجبر على بيعها، أو إجارتها، أو ذبحها إن كانت مما يؤكل، ولا يجوز ذبحها للإراحة كالمريضة والكبيرة ونحوها، وعليه أن يقوم بما يلزمها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5971)، ومسلم برقم (2548)، واللفظ له.


* أحوال المنفق:
إن كان المنفق قليل المال وجب عليه أن يبدأ بالنفقات الواجبة من الزوجة، والفروع، والأصول، والمماليك فيبدأ بنفسه أولا، ثم من تجب نفقتهم مع العسر واليسر وهم: الزوجة، والمماليك، والبهائم.
ثم من تجب نفقتهما ولو لم يرثهم المنفق من الأصول، كالأم والأب، والفروع كالأولاد، ثم نفقة الحواشي إن كان المنفق يرثهم بفرض أو تعصيب، أما إن كان المنفق غنياً فينفق على الجميع.