شرح بلوغ المرام عبد الكريم الخضير

شرح: بلوغ المرام - كتاب الطهارة (11)
تابع: باب قضاء الحاجة، وباب: الغسل وحكم الجنب

الشيخ: عبد الكريم الخضير
((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طيب معنا حديث أبي مرثد قال: ((لا صلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) هل نخصص ((جعلت لي الأرض)) بالمقبرة مثلاً؟ على كلامهم ما تخصص ((جعلت لي الأرض)) باقية على عمومها؛ لأن الخصائص لا تقبل التخصيص، لماذا؟ لأن هذه الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تقليل لهذا التشريف، ولذا قالوا: الخصائص لا تقبل التخصيص، حق النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه الخصائص إذا عورض بحق الله -عز وجل- فأيهما أولى بالمحافظة؟ نعم حق الله -عز وجل- أولى بالمراعاة، فالمنع من الصلاة في المقبرة وإلى القبور رعاية لحق الله -عز وجل-. . . . . . . . .
وعلى هذا لا يخصص حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمثل هذا، في حديث جرهد: ((غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة)) وفي حديث أنس وهو في الصحيح، حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه، يقول بعضهم: إن حسر الفخذ من خواصه -عليه الصلاة والسلام- وحديث: ((غطِ فخذك)) هذا بالنسبة للأمة نقول: هل كشف الفخذ أكمل من تغطيته أو أقل؟ التغطية أكمل بلا شك، إذاً لا نقول: بأن هذا من خصائصه؛ لأن الكمال المطلوب من الأمة النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، في كلام يطول في توضيح هذه المسألة وشرحها، له مقامات أخرى -إن شاء الله تعالى-.
"أو أن نستنجي بأقل من ثلاث أحجار" وفي حديث ابن مسعود الذي وسيأتي. . . . . . . . . "أو أن نستنجي برجيع أو عظم"، وسيأتي البيان في الأحاديث اللاحقة.


الحديث الذي يليه: وللسبعة من حديث "أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا)) " ولكن شرقوا أو غربوا هذا الخطاب لمن؟ لأهل المدينة، ومن كان في سمتها، والجهة المقابلة لها، يعني يقال لأهل المدينة: إذا أردتم البول أو الغائط فشرقوا أو غربوا، يقال لأهل الشام: إذا أردتم الغائط شرقوا أو غربوا، يقال لأهل الجنوب -جيزان وعسير واليمن- شرقوا أو غربوا، لكن أهل المشرق والمغرب يقال: شرقوا أو غربوا؟ لا؛ لأنهم إن شرقوا استقبلوا القبلة، وإن غربوا استدبروا القبلة، فالخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، وبهذا نعلم ضعف ما جاء من النهي عن استقبال النيرين الشمس والقمر، حال البول والغائط، لما فيهما من نور الله -عز وجل-، هذا التعليل، نقول: لا قوله: ((شرقوا أو غربوا)) يرد هذا القول؛ لأنه يشرق بوقت طلوع الشمس في الصباح وتستقبل القبلة، وإن غرب وقت غروبها استقبلها، ومثل هذا. . . . . . . . .، على كل حال هذا القول ضعيف، ولا معول عليه؛ لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل-، لم ترد علة صحيحة، ولا أثر يعتمد عليه في ترك مثل هذا.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود" وهو ضعيف، مداره على أبي سعد أو سعيد الحبراني، ومختلف عنه، والراوي عنه مجهول، فالخبر ضعيف ((من أتى الغائط فليستتر))، وهناك الخبر الذي قبله: ((فليتوارى)) وأقوى منهما: ((احفظ عورتك)).
((من أتى الغائط فليستتر)) الأصل في الغائط أنه المكان المطمئن المنخفض الذي يقصده من أراد قضاء الحاجة، فنقل هذا اللفظ إلى نفس الخارج الذي يوضع في هذا المكان المنخفض، فصار حقيقة عرفية فيه، الحديث كما ذكرنا ضعيف مداره على أبي سعد الحبراني، والراوي عنه مجهول، وإن حسن إسناده الحافظ في فتح الباري، وصححه ابن حبان والحاكم على كل حال الحديث ضعيف، وإن كان معناه صحيح، ولا تلازم بين صحة المعنى وصحة الخبر، وهل هناك تلازم بين ضعف المعنى وضعف الخبر؟ فيه تلازم؟ نعم؟ في تلازم.


"وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) أخرجه الخمسة، وصححه الحاكم وأبو حاتم".


وعنها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) مصدر نائب عن فعله، أي: اغفر، غفرانك، أو أطلب غفرانك، مصدر نائب اغفر، أو مفعول لفعل محذوف أصله: غفرانك، هذا الحديث حسنه جمع من أهل العلم، وصححه أبو حاتم والحاكم، على كل حال هو قابل للتصحيح، أما أقل ما يقال فيه: إنه صحيح، وعلى هذا على الإنسان أن يعتني بمثل هذا، أن يطلب مغفرة الله -عز وجل- كل ما غفل عن ذكره، فإذا غفل عن الذكر، وأخذ وقتاً في محل قضاء الحاجة التي لا يليق الذكر فيه يقول: غفرانك، فطلب المغفرة مطلوب لا سيما مع الغفلة، فضلاً عن مقارفة المكروهات، ناهيكم عن مقارفة المحرمات؛ لأن التوبة والمبادرة بها واجب، وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إذا خرج من الخلاء يقول: غفرانك، فغيره ممن هو متلبس بالذنوب والمعاصي من باب أولى، كونه -عليه الصلاة والسلام- مغفور له لا يعني أنه لا يستغفر {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [(19) سورة محمد] {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [(3) سورة النصر] غفرانك امتثال للأوامر؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا. . . . . . . . .، فالمكان غير لائق، فيعوض؛ لأنه ارتكب هنا خلاف الأولى، الأولى أن يكون العمر معمور بذكر الله -عز وجل-، هذا المطلوب لكل مسلم ((لا يزال لسانك رطب بذكر الله -عز وجل-)) {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] ((سبق المفردون)) والذكر لا يكلف أبداً، وأنت قائم قاعد مضطجع على أي حال أنت، واللسان متحرك متحرك، إن ما حركته بالخير يتحرك بضده، وهناك أذكار رتب عليها من الأجور الشيء الكثير، من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، حرز، كتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة، وحفظ من الشيطان، من قالها عشر مرات إضافة إلى يحيى ويميت كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، عشر مرات في دقيقة تقال، ومائة مرة في عشر دقائق، سبحان الله وبحمده في دقيقة ونصف حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، والحرمان لا نهاية له، الشخص المحروم ما فيه شيء .... ، تجده لا


يفتر من الكلام من القيل والقال في المباح والمكروه والمحظور، في العظائم، ويلقي الكلام لا يلقي له بال فـ ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً)) فالله المستعان، والأذكار فيها ما سمعتم، ((سبق المفردون)) ... ، يعني الذاكرون، الذكر يا إخوة، الذكر يا معاشر الإخوان أمره وشأنه عظيم، وذكر ابن القيم من فوائده الشيء الكثير في مقدمة الوابل الصيب، فعلينا أن نعنى به، وأفضل الأذكار تلاوة القرآن، ومع الأسف الشديد كثير من طلبة العلم ليس له نصيب محدد من تلاوة القرآن، إن تيسر له أن يحضر إلى المسجد قبل الإقامة خمس عشر دقائق قرأ وإلا فلا، نقول: لا بهذه الطريقة تضيع القرآن، بل لا بد أن تعطي للقرآن، وتفرض له وقت من أنفس الأوقات لديك؛ لأنه كلام الله.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
فضله كفضل الله على خلقه، كل حرف فيه عشر حسنات، والختمة ثلاثة ملايين حسنة، ما تكلف شيء، وبعض الناس مع الأسف الشديد قد يأتي يطلب من شخص حاجة وهو يراه يقرأ القرآن وهذا واقع، جالس في المسجد يقرأ القرآن فيأتي يطلب منه شيء، يقول: والله أنا مشغول، يقول: سبحان الله يقول: أنا مشغول وهو قاعد يقرأ القرآن؟! هذا مشغول؟! يستغرب من كونه مشتغل بكتاب الله، ومع الأسف أن هذا يوجد في طلبة العلم، يأتي يطلب خير ما هو بيطلب شر، يقول: نقرأ عليه ربع ساعة نص ساعة تقول له: مشغول، يقول: مشغول! كيف مشغول؟ يستغرب أن تكون مشغول بكتاب الله، وهذا خلل، "وبالهم المهم ابدأ" أهم المهمات كتاب الله، وما يعين على فهم كتاب الله، هو الكلام الوحيد الذي تعبدنا بتلاوته، مجرد قراءته تحصيل للحسنات، التدبر قد زائد، فهم عمل تطبيق كل هذا قدر زائد، وما عداه لا تؤجر على قراءته إلا إذا انتفعت به، فعلينا أن نعتني بكتاب الله والأذكار عموماً، إضافة إلى ما نحن بصدده من طلب العلم وتعلمه وتعليمه، الله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .


نعم، جاءت بها أخبار تقال عند الخروج من الخلاء، كما في حديث أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الخلاء قال: ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)) لكنه حديث ضعيف، وجاء عنه سؤال، هناك أمور أخرى ((الحمد الذي أدركني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه)) لكن هذه أحاديث كلها ضعيفة، ومنه أيضاً أنه ما ينسب لنوح وما كان من جملة شكره يقول: ((الحمد الله الذي أذهب عني أذاه، ولو شاء حبسه فيّ)) على كل حال كل هذه لا تثبت، نقف على حديث ابن مسعود؛ لأن الأسئلة كثيرة جداً، والإخوان متوافرون الآن أكثر من .... ، وممن خرج جمع من الإخوة، لكن هنا ...
هذا يقول: المقارنة بين شروح الكتب الستة وعدتم بكتابة تنقيح فهل تم ذلك؟
لم يتم، بيتم -إن شاء الله-، لكن إلى الآن ما تم.
وماذا عن شرح مختصر الزبيدي فنحن حريصون على استمراره وعلى كتابته؟
إن شاء الله النية استمراره، هذا النية -إن شاء الله تعالى-.
في سؤال يتعلق بالبخاري؛ لأنه مر تضعيف من قبل أبي داود -رحمه الله-، لفظة: ((ولا تنتقب)) نعم هل يعني وجود أحاديث معلة في البخاري أننا لا نحتج بها؟
كونه يوجد فيه أحاديث أعلت من قبل أهل العلم لا يعني أن واقعها معلة، مع البخاري وليس بالمعصوم، لكن كتابه تلقته الأمة بالقبول، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-، وكون أبي داود يعل، أو الدارقطني يعل، أو غيرهم يعل، هم أئمة مجتهدون، لكن كم نسبة المعل في البخاري إذا قارناها بالنسبة للمعل عند الدارقطني؟ لا مقارنة، وكم نسبة المعل في صحيح البخاري إذا قارناه بالنسبة لما أعل في سنن أبي داوود؟ لا نسبة، لا مقارنة، على كل حال كلهم أئمة، ويبقى أن أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل- صحيح البخاري.
أيهما أفضل حفظ زاد المستقنع أم العمدة أم منهج السالكين؟ المقارنة بينهم أيهم أقرب للصواب، وأفود للتطبيق؟


الأكثر فائدة للتطبيق الزاد؛ لأنه أكثر مسائل، وأعقد أسلوب، قد يقول قائل: ليش التعقيد إلى هذا الحد؟ نقول: إذا فهم الكتاب الصعب ففهم ما دونه من باب أولى، والحمد لله الآن يمكن أن تتمرن على هذا الكتاب رغم صعوبة أسلوبه فيما كتب عليه من الشروح، وما سجل عليه من دروس، يقوى على هذه فيجتمع عندك التمرين على أساليب المتقدمين بأجلى صورها، وتستفيد أكثر المسائل، أما العمدة كتاب معتمد عند أهل العلم، وذلله الموفق -رحمه الله تعالى- ليكون للمبتدئين؛ ليرقى بعده إلى المقنع، ثم الكافي، ثم المغني وهكذا، المقصود أن هذه الكتب كلها نافعة، منهج السالكين كتاب لطيف وسهل، ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، لكن مسألة التفقه ذكرنا أنها تكون على الجواد المطروقة، والسبل المتبعة عند أهل العلم.
لا شك أن الأحوط بل الأكمل أن يمسح ثلاثاً، سواء كانت هذه المسحات الثلاث بحجر أو بحجرين أو بثلاثة، المقصود أنه يمسح ثلاثاً على الأقل، إذا لم ينقِ بثلاثة أحجار عليه أن يزيد رابع، وإذا لم ينقِ بالأربعة عليه أن يزيد خامساً، إذا أنقى بأربعة زاد الخامس من أجل أن يقطع الاستجمار على وتر، كما جاء في الحديث الصحيح: ((ومن استجمر فليوتر)) قد يقول قائل: لماذا لا تجزئ الروثة؟ جاء في الحديث الذي يليه حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن نستنجي بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) رواه الدارقطني وصححه"، وأخرجه ابن خزيمة بلفظه، والبخاري بمعناه، وجاء من حديث رويفع ((لعل الحياة تطول بك يا رويفع فأخبر الناس أن)) هاه؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .


((أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً منه بريء)) وهنا يقول: نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) عزاه المصنف للدارقطني، وذكر تصحيح الدارقطني، على أن ابن عدي أعل الحديث، أعله ابن عدي، وهو مخرج أيضاً في صحيح ابن خزيمة، ومعناه في صحيح البخاري، والنهي عن الاستنجاء بالروث والعظم ثابت، والعلة في ذلك ظاهرة، العلة أن العظم زاد أخوانكم من الجن، وقد سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- الزاد، فقال: ((لكم كل عظم يعود أوفر ما كان قبل أن يؤكل)) وأما الروث فهو علف دوابهم، يعود حباً كما كان، وقال: ((إنهما لا يطهران)) لا يطهران هل معنى هذا أنهما لا يزيلان أثر النجاسة، أو أن النجاسة قد تزول بهما، لكن الطهارة لا تحصل بهما؟ لكن أثر النجاسة قد يزول، العظم أملس كالزجاج قد لا يزيل الطهارة إلا في بعض جوانبه، أو إذا تقادم العهد به وأخشوشن فإنه يزيل أثر النجاسة، كذلك الروث يزيل أثر النجاسة، كيف يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنهما لا يطهران؟ )) حكماً، لا يطهران حكماً، وإن حصلت الطهارة حقيقة، لماذا؟ الآن عندنا نهي، والنهي يقتضي إيش؟ التحريم من وجه، هو محرم بلا شك، لكن هل تترتب آثاره عليه أو لا تترتب؟ كل نهي لا تترتب آثاره عليه؟ المعنى هل كل نهي يقتضي الفساد والبطلان، أو من النواهي ما يقتضي الصحة مع الإثم ومن النواهي ما يقتضي البطلان مع حصول الإثم؟ قوله: ((إنهما لا يطهران)) يدل على أن النهي هنا اقتضى الفساد، هل كل نهي يقتضي الفساد، أو من النهي ما يقتضي الفساد، ومن النهي ما يقتضي الفساد؟ والمسألة تحتاج إلى تفصيل، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .


إيه، ما نهي عنه لذاته يقتضي الفساد، ما نهي عنه لشرطه أو لوصفه الملازم له عند أهل العلم يقتضي الفساد أيضاً، ما نهي عنه لوصف غير ملازم أو لأمر خارج عنه فإنه لا يقتضي الفساد، هذا فرق بين من صلى وقد ستر عورته بمحرم، بمغصوب أو بحرير، هذا شرط، وبين من صلى وبيده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير، هذا النهي عاد لأمر خارج لا أثر له في العبادة، الجهة منفكة، وإن كان أهل الظاهر يرون أن كل من تلبس بمعصية أثناء العبادة بطلت العبادة عندهم، ولذا يبطلون الصلاة في المسجد المزخرف للنهي عن زخرفة المسجد، النهي عاد لأمر خارج عن الصلاة، عندهم كل نهي يقتضي الفساد؛ لأنه لا يجتمع النقيضان أمر ونهي في آن واحد، عبادة ومحظور في آن واحد، أمر ونهي، إثم وأجر، ما يجتمع عندهم، نقول: إذا توارد الأمر والنهي الأجر والإثم على شيء واحد امتنع، يعني مع اتحاد الجهة، أما مع انفكاك الجهة فيمكن، يمكن مع انفكاك الجهة، هذا الكلام مفهوم وإلا ما هو مفهوم؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .


إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه، السجود للصنم مثلاً منهي عنه وإلا لا؟ منهي عنه، إذاً هذا السجود باطل، ما نقول: هو آثم؛ لأنه سجد لغير الله، ومأجور لأنه سجد ... ، وقد أتى ما أمر به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحج] سجد هو، وكونه لغير الله يأثم من هذه الحيثية ويؤجر من تلك .. ؟ لا الجهة واحدة، فهذا السجود منهي عنه لذاته، لكن شخص صلى وعلى رأسه عمامة حرير، هو مأمور بالصلاة كونه ارتكب هذا المحظور. . . . . . . . . أمر خارج عن الصلاة. . . . . . . . . بأصبعه خاتم ذهب يأثم لارتكابه المحظور، وصلاته صحيحة؛ لأن الجهة منفكة، لكن إذا توارد الأمر والنهي على شيء واحد هل يمكن أن نقول: إن له أجره وعليه أثمه؟ كما يقول بعض الأشعرية: إنه يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، كيف؟ يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها؟ هو منهي عن الزنا، ومأمور بغض البصر، وقع في المحرم، يقصد المأمور، نقول: الجهة واحدة ليست منفكة، والأمر بغض البصر إنما أمر به من أجل أن لا تحصل هذه الغاية وقد حصلت، فالمذهب الوسط في هذه المسألة أن لا نبالغ في إنفكاك الجهات كما تقول الأشعرية كما في هذا المثال، ولا نقول: إن كل نهي يقتضي الفساد فنجعل الجهة واحدة مع انفكاكها كما تقول الظاهرية، شخص يدخن في حال استعماله للدخان رأى أخر يدخن فقال: يا أخي لا تدخن الدخان حرام، وش الحكم؟ هو مأمور بإنكار المنكر، كما أنه مأمور باجتنابه، فهو يرتكب محظور، ويمتثل مأمور في آن واحد، يتصور وإلا ما يتصور؟ ما هو كثير من الناس متلبس بمعصية ويكف أولاده ومن تحت يده عنها، لما فيها من الضرر، ولذا يقول أهل العلم: إنه لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون معصوماً، أو غير مقارف للمعاصي لا ما يشترط، لكن إذا كان في الأمر ما يقتضي الاستهتار فإنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يأمر، ولو كان مطالباً بالأمر، إذا كان الوضع يشعر باستهتار، في حال الدخان قد يقول: أنا مبتلى وعجزت وحاولت ولا استطعت، فنصحيتي لك أن لا تدخن؛ لأن الدخان حرام، ومضر بالصحة وكذا، هذا مقبول إلى حد ما، لكن شخص على كرسي الحلاق يحلق لحيته، وأخر يحلق لحيته


يلتفت إلى الآخر يقول: حلق اللحية حرام! أليس هذا يشعر بشيء من الاستهتار؟ إذا كان للدخان دافع ويمسك على ما يقولون الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يفك، على حسب دعواهم، يقول: إنه حاول ولم يستطع تركه، فهو ينهى عنه؛ لأنه مضر؛ ولأنه اقتنع أنه محرم، قال: حرام ولكنه لا يستطيع أن ينفك عنه، هذه دعوى كثير من الناس، نقول: قد تقبل مثل هذه على أنه يبقى حرام، لكن له أن ينكر على غيره، لكن وهو يزاول المعصية في صورة المستهتر وينكر! وهذا كله استطراد حول قوله: وقال: ((إنهما لا يطهران)) وهل كل نهي يقتضي الفساد أو تختلف النواهي؟
الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، الحديث السابق حديث أبي هريرة أيضاً رواه الدارقطني وصححه، وهو أيضاً مر عند ابن خزيمة والبخاري بمعناه، وأعله ابن عدي، فالحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، أعله ابن عدي، وهل كل علة تكون مؤثرة تقدح في الخبر؟ نعم؟ يعني إذا صحح الحديث الدارقطني والعقيلي وأخرجه البخاري بمعناه وهو عند ابن خزيمة ويشترط الصحة، وإذا خرجه ابن خزيمة لنا أن نقول: صححه ابن خزيمة، إذا أعل الحديث هل كل علة تقدح في الخبر؟ أو من العلل ما لا يقدح في الخبر؟ نعم؟ جميع العلل تقدح في الأخبار أو في علل ما تقدح؟ نعم، ولذا يقيدون العلة المشترط انتفاؤها لصحة الخبر أن تكون قادحة، ولذا يقول الحافظ العراقي:
فالأول المتصل الإسنادِ ... بنقل عدل ضابط الفؤادِ
عن مثله من غير ما شذوذِ ... وعلة قادحة فتوذي


فدل على أن من العلل ما لا يقدح، نأتي إلى حديث أبي هريرة: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القبر منه)) رواه الدارقطني" وقال الصواب: مرسل ((استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القبر منه)) جاء في حديث صاحبا القبرين أن أحدهما كان لا يستنزه من بوله ((إنهما لا يعذبان، وما يعذبان في كبير)) ثم قال: ((بلى إنه كبير، كان أحدهما لا يستنزه من بوله)) وفي رواية: ((كان لا يستبرئ من بوله)) وفي رواية: ((كان لا يستتر من بوله)) وفي رواية أشير إليها في النهاية على ما سيأتي: ((كان لا يستنثر من بوله)) لكن الرواية بلفظ: ((لا يستنزه) أو ((لا يستبرئ)) أقوى وأفضل، فدل على أن الاستنزاه من البول أمر واجب لا بد منه، وعدم الاستنزاه والاستبراء محرم ((فإن عامة عذاب القبر منه)) لأن الإنسان لا يعذب إلا على فعل محرم، أو على ترك واجب، فالاستنزاه واجب، فإذا ترك عُذب، عدم الاستنزاه محرم فإذا حصل العدم عذب، فهو محرم، على خلاف بين أهل العلم في هذا هل هو كبيرة أو ليس بكبيرة؟


((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير)) بهذا استدل من يقول: إن هذا ليس بالكبائر، ثم جاء الاستدراك: ((بلى أنه كبير)) كيف يثبت وينفي في آن واحد؟ كلام أهل العلم معروف في هذا، أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، يعني على حسب اعتقادهما، أو فيما هو معروف متداول بين الناس، هذا أمر يسير عند الناس، والدليل على ذلك كونهم يتساهلون فيه، يتساهل الناس في النميمة، يتساهل الناس في كثير من الذنوب، فليست بكبائر عندهم، وهي في الحقيقة كبائر، ولذا جاء في الحديث الصحيح ((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً)) يستسهلها ويستصغرها، ومع ذلك يهوي بها في النار سبعين خريفاً، نسأل الله العافية، فكون الإنسان يستصغر هذا الأمر، حشف وسوء كيل، يعني يرتكب المحرم ويتساهل في أمره، ويتكرر منه؛ لأنه لا يراه كبيراً، وهو في الحقيقة كبير، ولذا عد الذهبي عدم الاستنزاه من البول من كبائر الذنوب، والله المستعان، "رواه الدارقطني، وقال: الصواب مرسل" لكن الحديث له شواهد، ومما يشهد له حديث صاحب القبرين وهو في الصحيح، مخرج في الصحيحين وغيرهما، فهو صحيح بشواهده، وإلا فالأصل عند الدارقطني مرسل، ولذا قال الدارقطني: الصواب مرسل، فالذي يحتج بالمرسل ما عنده مشكلة، والذي لا يحتج بالمرسل يرد مثل هذا الخبر، لكن يقبله من جهة أخرى، قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وللحاكم: ((أكثر عذاب القبر من البول)) وهو صحيح الإسناد" رواه الحاكم وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولا يعرف له علة، وقال الذهبي: له شاهد، أين الشاهد؟ الحديث الذي قبله: ((استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه)) أكثر عذاب القبر وعامة عذاب القبر، ما في فرق، والشاهد إيش معنى الشاهد؟ ما معنى الشاهد؟ نعم؟ يعني عن طريق صحابي آخر؟
الطالب:. . . . . . . . .
الفرق بين الشاهد والمتابع؟ هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
طيب، الشاهد والمتابع نعم؟ هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .


طيب مختلف، نعم، الشاهد يكون عن صحابي آخر، والمتابع عن نفس الصحابي، هذا الذي استقر عليه الاصطلاح، وإن كان بعضهم يرى أن الشاهد ما جاء بالمعنى، والمتابع ما جاء في اللفظ، وعلى كل حال المقصود من الشواهد والمتابعات التقوية، ومنهم من يطلق الشاهد على المتابع، ومنهم من يعكس، على كل حال يقول الذهبي: له شاهد، والشاهد الحديث الذي قبله، وهل هذا الحديث مع الذي قبله لأن الحديث الثاني عن أبي هريرة أيضاً، كون الحديثين معناهما واحد عن صحابي واحد هل نجزم بأنهما حديث واحد، أو حديثان؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
يعني مرة أداه أبو هريرة بهذا اللفظ، ومرة أداه باللفظ الآخر، أو الرواة عنه رووه بالمعنى؟ هو المخرج واحد بلا شك، المخرج أبو هريرة ((فإن عامة عذاب القبر منه)) وهنا ((أكثر عذاب القبر من البول)) الذي يغلب على الظن أنه حديث واحد، وعلى هذا يكون الشاهد حديث صاحبي القبرين، النبي -عليه الصلاة والسلام- مر بقبرين ثم أخبر أنهما يعذبان وما يعذبان بكبير .. إلى آخره، هذا هو الشاهد، كما قال الذهبي، وقال الذهبي: له شاهد، على أن أبا حاتم الإمام أبو حاتم الرازي أعل الحديث، وقال: إن رفعه باطل، وعلى هذا يكون من قول أبي هريرة، رفعه للنبي -عليه الصلاة والسلام- باطل، وعلى هذا يكون الكلام لأبي هريرة، وإذا تعارض الرفع مع الوقف .. ، يعني رفعه بعضهم، ووقفه آخرون، فما الحكم؟ يعني مقتضى صنيع الحاكم وموافقة الذهبي أنه مرفوع، ومقتضى كلام أبي حاتم أن رفعه باطل، على هذا يكون موقوفاً، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ فإذا تعارض الرفع مع الوقف فما الحكم؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .


نعم يا إخوان؟ يحكم بالرفع؛ لأن الرفع زيادة والزيادة من الثقة مقبولة، صح؟ هاه؟ كيف أجل تحكم بالرفع؟ يحكم بالرفع لأن من رفع يعني ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن وقف حذف النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذكر زيادة والزيادة من الثقة مقبولة، هذه حجة من قال: إنه يحكم لمن رفع، بينما من قال: الحكم لمن وقف قال: لأنه الوقف متيقن، أبو هريرة قطعاً مذكور في الحديث، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مرة ذكر ومرة ما ذكر، قال: نقتصر على المتيقن، ونطرح المشكوك فيه، فالوقف هو المتيقن، فالحكم لمن وقف، لكن المتأخرين يجزمون على أن الحكم للرفع، وللوصل، وزيادة الثقة مقبولة عندهم، والأئمة لا يحكمون بأحكام عامة مطردة، يتركون الحكم للقرائن المرجحة، ولذا أبو حاتم نفسه حكم على هذا بأن رفعه باطل، وحكم على أحاديث أخرى بأنها رفع، بأن هذا هو الصواب، فليست لهم قاعدة مطردة في هذا، بل يتركون الحكم للقرائن.
على كل حال الحديث معناه صحيح، ويشهد له حديث صاحبا القبرين، وهو صحيح في الصحيحين وغيرهما، والحديث الذي قبله أيضاً بمعناه، أكثر عذاب القبر من البول، والذي قبله: ((استنزهوا من البول)) والذي قبله ((استنزهوا من البول)) وفي حديث صاحبي القبرين ((كان لا يستنزه من البول)) وفي رواية: ((من بوله)) فـ (أل) في البول في هذه الأحاديث تقوم مقام المضاف إليه؛ لأنه جاء في بعض الروايات: ((كان لا يستنزه من بوله)) فالمقصود من البول المذكور في هذه الأحاديث هو بول الآدمي، وإن زعم الشافعية ونصره ابن حجر بقوة أن كلمة البول جنس تعم جميع الأبوال، وبهذا يستدل على نجاسة جميع الأبوال حتى بول ما يؤكل لحمه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر العرنيين أن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها، فـ (أل) هنا ليست جنسية، وإنما هي قائمة مقام المضاف إليه، الضمير كما جاء في رواية أخرى: ((كان لا يستنزه من بوله)) وعلى هذا فالمرجح طهارة أبوال ما يؤكل لحمه. . . . . . . . .، بخلاف بول الإنسان فإنه نجس إجماعاً.


الحديث الذي يليه حديث: "سراقة بن مالك -رضي الله عنه- قال: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخلاء أن نقعد على اليسرى، وننصب اليمنى" رواه البيهقي بسند ضعيف" علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخلاء أن نقعد على اليسرى -اليسرى الرجل اليسرى-، يعتمد على اليسرى، وينصب اليمنى؛ ليكون الاعتماد على الجهة اليسرى، والفقهاء يقولون بهذا، يقولون: أسهل للخارج، وتكريماً لجهة اليمين، فلا يعتمد عليها في هذا الباب، بل يعتمد على الجهة اليسرى، وإذا كان الحديث ضعيفاً فلا عبرة به، وهنا الحديث ضعيف، سواء اعتمد الشخص على رجله اليسرى، وخفف عن اليمنى أو العكس، أو راوح بينهما، أو اعتمد عليهما معاً، لا إشكال -إن شاء الله تعالى-؛ لأن الحديث معل، يقول الحازمي: في سنده من لا نعرفه، هذا فيه مجهول، بل فيه مجاهيل، وعلى كل حال الحديث ضعيف، فلا يلتفت إليه، وإن قال بعض الفقهاء: إنه يستحب أن يعتمد على اليسرى؛ لأنه أسهل للخارج، نعم إذا كان هناك ما يفيد صحياً، فالمحافظة على الصحة مطلب شرعي، إذا قرر الأطباء أن الاعتماد على اليسرى أنفع صحياً من الاعتماد على اليمنى، كما قرروا أن المكث على الحاجة مضر، نقول: إذا ثبت هذا من الناحية الطبية فهذا أمر له حظ من النظر الشرعي.
الحديث الذي يليه: "وعن عيسى بن يزداد عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاثة مرات)) " وش عندكم؟
((إذا بال أحدكم)) هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
بالثاء المثلثة؟ ما في نسخ ثانية؟ ليش؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش الطبعة اللي معك؟ هاه؟ وريني إياها.
الطالب:. . . . . . . . .


خلها معك عرفتها ((فلينتر)) بالتاء، الإشكال أنه في الطبعات التي أدعي تحقيقها بالثاء، كلها، الطبعات التي أدعي تحقيقها كلها بالثاء، وهذا خطأ، صوابه: ((إذا بال أحدكم فلينتر)) بالتاء ذكره ثلاث مرات، وهو حديث مخرج كما قال الحافظ: "رواه ابن ماجة بسند ضعيف" على أنه موجود في المسند عند أحمد، في المراسيل لأبي داود عند البيهقي وعند غيره ((إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً)) لكنه حديث ضعيف، يقول ابن معين: عيسى لا يعرف ولا أبوه، وقال النووي في شرح المهذب: اتفقوا على أنه ضعيف، في النهاية لابن الأثير: النتر جذب فيه قوة وجفوة، وش معنى ينتر ذكره؟ ينتر ذكره، يقول ابن الأثير: النتر جذب فيه قوة وجفوة، وذكر هذا الكلام بعد إيراد الحديث، ثم قال: ومنه الحديث: إن أحدكم يعذب في قبره فيقال: إنه لم يكن يستنتر عند بوله، وقلنا: إن هذه الرواية الأصح فيها يستنزه أو يستبرئ، يقول: الاستنتار استفعال من النتر يريد الحرص عليه والاهتمام به، وهو بعث على التطهر والاستبراء من البول، النتر عند ابن الأثير: جذب للذكر فيه قوة وجفوة، هذا نافع أو مضر؟ أولاً: الخبر ضعيف جداً، لا يعتمد عليه، الخبر ضعيف، وعلى هذا فالحكم المستنبط منه، الاستنباط ضعيف من الضعيف، في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- ذكر النتر، الآن النتر عند ابن الأثير جذب فيه قوة وجفوة، والنتر فيما فسره الشيخ محمد بن عثيمين -رحمة الله عليه- النتر معناه أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده، وش معناه؟ يقول: النتر معناه أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده؛ لأجل أن يخرج بقية البول إن كان فيه شيء، هذا تعريف للنتر، ثم قال الشيخ -رحمة الله عليه-: لكن الحديث ضعيف، لا يعتمد عليه، والنتر: من باب التنطع المنهي عنه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: النتر بدعة، وليس بسنة، ولا ينبغي للإنسان أن ينتر ذكره، هذا كلام شيخ الإسلام، في فرق بين تعريف الشيخ ابن عثيمين، وتعريف ابن الأثير للنتر؟ نعم؟ في فرق ظاهر؛ لأن ابن الأثير يرى أن النتر جذبه بقوة وجفوة، هذا عند من؟ عند ابن الأثير، الشيخ ابن عثيمين يقول: أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده، كيف


يحركه من الداخل؟ نعم؟ يستعمل شيء رفيع دقيق سيم أو شبهه، هاه؟ لا، إذاً كيف يتحرك الذكر من الداخل؟ هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
هاه يا إبراهيم؟ أو معروف عند الجميع ولا يحتاج إلى استرسال؟ هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .


على كل حال هذا الحكم ضعيف، ومثلما ذكر شيخ الإسلام النتر بدعة، وبعضهم يقول: يتنحنح؛ لكي يخرج ما بقي، وبعضهم يقول: يمشي خطوات، وبعضهم يقول: ينفض بدنه، وبعضهم يقول: يمسح ذكره .. إلى آخر الأقوال التي لا أثارة لها من علم، لا دليل عليها، بل هي مدخل وباب واسع للشيطان، من أجل أن يوسوس على الناس، ويفسد عليهم عباداتهم، بل هي من التنطع؛ لأنها قدر زائد على ما أمر به الشرع، ونعرف أن هذه المواطن كالثدي تدر مع الحركة، ويتحرك وينتر ويمسح كذا لينقطع وهو العكس يزيد ما ينقطع، مثل هذه الأمور ما .. ، علاجها أن تقتصر على ما شرع الله لك، تغسله بالماء ثلاث مرات وخلاص ينتهي الإشكال، ولا تلفت إليه، حتى لو كان هناك وسواس أو أمور أو هواجيس وتخيلات كلها تنقطع بهذه الطريقة، أما الاسترسال خرج ما خرج، غسلته القدر المطلوب شرعاً لا تلتفت إلى شيء، انضح فرجك وسراويلك، وانتهى الإشكال، حتى لو خرج شيء لا تلتفت إليه، لكي تقطع الباب على الشيطان، مداخل الشيطان وملاحظه دقيقة همه أن يفسد على الناس طاعاتهم، فإذا استرسلنا معه في هذه الأمور لا شك أننا وقعنا في حبائله ومصايده. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل أهل قباء فقال: ((إن الله يثني عليكم)) " أين الثناء؟ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] هذا ثناء من الله -عز وجل- على أهل هذا المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى، سأل أهل قباء فقال: " ((إن الله يثني عليكم)) فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء" رواه البزار بسند ضعيف" وأصله في أبي داود، وصححه ابن خزيمة، من حديث أبي هريرة بدون ذكر الحجارة، يثني عليهم لأنهم يستنجون بالماء فقط، بدون ذكر الحجارة، وتصحيح ابن خزيمة يدل على أن الآية إنما وردت في المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى، مسجد قباء، لكن يختلف ابن خزيمة مع غيره في كونهم يقتصرون على الماء، وغيره كما عند البزار: يتبعون الحجارة الماء، وعرفنا سابقاً مر بنا أن المسجد الذي أسس على التقوى كما في الحديث الصحيح النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن المسجد الذي هو أول مسجد أسس على التقوى؟ فأخذ كبة من حجارة


فألقاها في مسجده، وقال: هذا، يشير إلى مسجده -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أنه من حيث المعنى الحديث صحيح، من حيث المعنى فتأسيس مسجد قباء سابق على تأسيس مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيه خلاف؟ نعم؟ والذي أسس مسجد قباء من هو؟ نعم؟ من الذي أسس مسجد قباء؟ هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، هم الذين أسسوه وابتدءوه، فهو أسس على التقوى بلا شك، فهنا تكون الأولية مطلقة، وأولية مسجده -عليه الصلاة والسلام- أولية نسبية، فيكون مسجده -عليه الصلاة والسلام- أول مسجد أسس على التقوى يعني بعد مسجد قباء، بدليل الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم، والحديث هنا لا شك أنه ضعيف، فقال: ((إن الله يثني عليكم)) {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] وقالوا .. ، يعني ما السبب في كون الله -سبحانه وتعالى- يثني عليكم؟ فأجابوا: بأنا كنا نتبع الحجارة الماء، يعني لا يقتصروا على الحجارة ولا يقتصرون على الماء، بل يجمعون بين الحجارة والماء، لا شك أن هذا أنقى، أنقى كون الإنسان يتنظف بحجارة أو مناديل أو ما أشبه ذلك، ثم يغسل بالماء، لكن هل كونه أنقى يدل على شرعيته؟ أنه هو المشروع؟ أو لا بد من ثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه أنه جمع بينهما، لو قلنا بهذه القاعدة كونه أنقى فهو أفضل لقلنا: إن الغسل عشر مرات أفضل من الثلاث؛ لأنه أنقى، صح وإلا لا؟ لكن العشر ليست مشروعة إذا حصل الإنقاء بدونها.


"رواه البزار بسند ضعيف" يقول البزار: لا نعلم أحداً رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، ولا عنه إلا ابنه، ومحمد ضعيف، وراويه عنه عبد الله بن شبيب ضعيف أيضاً، المقصود كما قال الحافظ: سنده ضعيف، السند ضعيف، وأصله في أبي داود، قد تكون القصة في أبي داود، لكن محل الشاهد منها لا يكون في الأصل، كثيراً ما يقولون كذا، رواه أبو داود، وأصله في البخاري، أصله في مسلم، أصله في الصحيحين، تكون القصة موجودة في الصحيح، لكن محل الشاهد لا يوجد في الصحيح كما هنا، هل هناك تلازم بين ضعف السند وضعف المتن؟ قد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، قد يضعف السند ويصح المتن لوروده من طرق أخرى، وقد يصح السند ويضعف المتن لاشتماله على شذوذ أو علة، فلا تلازم بينهما، ولذا إذا قيل: إسناده صحيح يكفي لتصحيح الحديث؟ لا يكفي، كما أنه إذا قيل: إسناده ضعيف لا يكفي لتضعيف الحديث، بل لا بد أن يقال: الحديث صحيح، أو يقال: الحديث ضعيف، ابن دقيق العيد في الإمام أشار إلى ثبوت الخبر، وإن قال النووي: ليس فيه أنهم كانوا يجمعون بين الماء والحجارة، والخبر الذي عندنا أثبته بعضهم، وكأن النووي نقل الاتفاق أنه ليس في طرق الحديث أنهم كانوا يجمعون، والحديث الذي عندنا: "نتبع الحجارة الماء" وأثبته بعضهم، فهذا وارد على إطلاق النووي، لكن عرفنا أن الخبر ليس بصحيح، وإن قواه بعضهم؛ لأن فيه ثلاثة من الضعفاء، في إسناده ثلاثة على الولاء، ثلاثة متتالين من الضعفاء، فعلى هذا فالخبر ضعيف، فيبقى أن أول مسجد أسس على التقوى هو مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم المسألة المستنبطة من هذا الحديث، وهو إتباع الحجارة الماء، ما دام سندها ضعيف، فالاستنباط أيضاً ضعيف، فلا يشرع الجمع بين الاستنجاء والاستجمار، بل يكتفى بأحدهما؛ لأنه لم يثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بينهما.
هنا يقول:. . . . . . . . . ((استنزهوا من البول)) له حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي؟


((استنزهوا من البول)) قد يكون أبو هريرة قاله من تلقاء نفسه موقوفاً عليه، استنباطاً منه، من حديث صاحبي القبرين، ((لا يستنزه من بوله)) قال: استنزهوا، ((إنهما ليعذبان)) قال: "استنزهوا ... ، فإن عامة عذاب القبر منه" فيكون هذا استنباط من أبي هريرة من حديث صاحبي القبرين، فلا يلزم أن يكون له حكم الرفع.
يقول: هل يوجد نسخة محققة من كتاب بلوغ المرام بحيث يعتمد عليها في التصحيح والتضعيف؟
نسخة الشيخ حامد الفقي، وهي من أوائل الطبعات نسخة جيدة في الجملة، لكن ليس فيها عزو للأحاديث، ولا المصادر بالجزء والصفحة والرقم، وهناك أيضاً طبعات أخرى لو ضم إليها طبعة سمير الزهيري، على أن عليه أن يعيد النظر في بعض الألفاظ، أحياناً هو يقول: الحديث صحيح رواه البخاري، هذه لا قيمة لها، التصحيح والتضعيف والحديث في الصحيح كلام لاغي لا قيمة له، فإذا مجرد عزو الحديث للبخاري. . . . . . . . . أو لمسلم، هذا ما يستدرك عليه، على أن فيه ألفاظ قالها في حق بعض الأئمة فيها شدة، الحديث وإن أعله أحمد، وإن أعله الدارقطني فهو صحيح، وإن صححه فلان فهو ضعيف، هذه ألفاظ ينبغي أن يتحاشاها طالب العلم، ويتعلم ويمرن نفسه على الأدب مع هؤلاء الكبار، فالإنسان إذا لم يعرف قدر نفسه فإنه يتعب نفسه، ويتعب غيره، الأدب مطلوب، والله المستعان.
يقول: تناقشنا أنا وصديق لي من شأن تحية المسجد هل هي واجبة أو مستحبة؟
على كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) يعني الأصل في مثل هذه الصيغة تحريم الجلوس، ومن مقتضاه ومن لوازمه وجوب الصلاة، وبهذا يقول جمع من أهل العلم، لكن جماهير أهل العلم على أن هذا الأمر مصروف، فتحية المسجد مستحبة.
يقول: ما حكم الشوارما علماً بأن الدجاج يأتي من الصين، وأغلب أهلها بوذيين وشيوعيين وملحدين؟
على كل حال الذبيحة إذا لم تكن قد تولاها مسلم أو كتابي فإنه لا يجوز أكلها، وإذا شك في ذابحها فالأصل الامتناع، أن لا يأكل الإنسان إلا ما تأكد من حله.
يقول: ما هو الاستنزاه من البول؟
طلب النزاهة منه؛ لأن السين والتاء للطلب، فالمطلوب طلب النزاهة من البول، والبعد عن مقارفته.


وما حكم استعمال التراب في الاستنجاء؟
على كل حال الأصل الاستنجاء بالماء، لكن يبقى الاستجمار استعمال الجمار التي هي الحجارة، ويقوم مقامها كل شيء حشن من تراب أو مناديل خشنة أما أشبه ذلك.
هذا يسأل مجموعة أسئلة: هل يلزم من بال أن يستنجي بثلاثة أحجار؟
بالنسبة للبول مسكوت عنه، والأحجار الثلاثة إنما طلبت كما فصل ذلك الشارح أنها للغائط، لكن الثلاثة بالنسبة للبول أحوط.
يقول: من أفضل من تكلم في مسألة النهي هل يقتضي الفساد على الإطلاق مع توضيح ذلك؟
كتب الأصول كلها تتكلم على هذا.
يقول: في قوله تعالى: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(79) سورة المائدة] قال بعض المفسرين: ينبغي لمن شرب الخمر أن ينكر على من شرب في المجلس. . . . . . . . .؟
أنا أقول: الأصل الإنكار، هو مطالب بالكف ومطالب بالإنكار، فهذا الأصل لا يحاد عنه، إلا إذا تضمن ارتكاب هذا الأصل محظور أكبر منه من استهتار مثلاً مثل ما مثلنا فيجتنب حينئذٍ.
يقول: ما توجيهكم لبعض الأشخاص الذين لا يسترون عوراتهم بلبسهم القصير والشفاف؟ وهل لذلك أثر على صلاتهم؟
لا شك أن الذي يرى أن الفخذ عورة في الصلاة يبطل الصلاة إذا كان الثوب لا يستر الفخذ.
من المعلوم أن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل هدي، فكيف يكون جمع الحجارة مع الماء أفضل من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الاقتصار على أحدهما؟
وهذا الذي ذكرنا، نقول: ما دام أنه لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه جمع بينهما فالأصل أنه هو القدوة وهو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: إنه حفظ القرآن فبماذا يبدأ من المتون العلمية في الفقه؟
بعد أن من الله عليه -عز وجل- بحفظ كتابه، عليه أن يتجه لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما يخدم الكتاب والسنة، وما يعينه على فهمهما، مما يسميه أهل العلم علوم الآلة، ويحفظ في كل علم متن، ويحضر شرحه عند من تسير من أهل العلم، ويقرأ عليه الشروح والحواشي، ويسمع الأشرطة ويعتني بذلك؛ لأن هذه مما يعينه على فهم كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: هل يجوز حجز المكان في المسجد لقضاء الحاجة أو للوضوء؟


نعم إذا جاء يتقدم هو أحق بالمكان، فإن احتاج إلى الخروج وعاد إليه سريعاً فهو أحق به أيضاً.
ما معنى بلوغ المرام؟
البلوغ هو الوصول، والمرام الغاية والمطلب.
يقول: على ماذا يحمل تصحيح ابن خزيمة لحديث ابن عباس: ((إن الله يثني عليكم))؟
يدل على أنه يثبت أن مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى؛ لكنه لا يثبت أنهم يجمعون بين الحجارة والماء.
ولماذا نقول: بالصحة المطلقة لجميع أحاديث البخاري بالرغم من وجود الأحاديث متكلم في صحتها؟
على كل حال الأحاديث المتكلم في صحتها أحاديث يسيرة، والرجال المتكلم فيهم رجال الصحيح كلام يسير، وعدد يسير، وأيضاً هذه الأحاديث التي تكلم فيها كلام لم يسلّم، نعم في هذا الكلام بعض ما تعذرت الإجابة عنه؛ لكنه نادر جداً، فالصواب غالباً في هذه الأحاديث المتكلم فيها مع البخاري.
لماذا لا يكون الأخذ قائم على الدليل دون الأشخاص والمذهب؟
هذا الأصل، الأصل قال الله قال رسوله، الأصل في الاستدلال ما يثبت به الحكم، وهو الدليل من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، أو القياس على الدليل الثابت إذا توفرت فيه شروطه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: الغسل وحكم الجنب
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، وأصله في البخاري.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)).
وعن أم سلمة أن أم سليم وهي امرأة أبي طلحة قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا رأت الماء)) .. الحديث، متفق عليه.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: ((تغتسل)) متفق عليه، زاد مسلم: فقالت أم سليم: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم فمن أين يكون الشبه؟ )).


وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت، رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم، وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، رواه عبد الرزاق، وأصله متفق عليه.
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة.
وعن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) رواه الخمسة، وحسنه الترمذي.
وعن علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، رواه الخمسة، وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، زاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)).
وللأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء، وهو معلول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: الغسل وحكم الجنب
الغسل: عندنا الفعل غسل والفعل اغتسل، عندنا غسل مصدره إيش؟ غسل يغسل غسلاً، الغسْل مصدر غسل، واغتسل يغتسل اغتسالاً، إذاً الغُسل ما نوع الاشتقاق؟ هل هو مصدر؟ وإذا قلنا: مصدر قلنا: مصدر لأي شيء؟ هاه؟ عرفنا أن مصدر غسل الغسل، غسل يغسل غسلاً، ومصدر اغتسل اغتسالاً، فالغسل .. ؛ لأن عندنا غُسل وغَسل وغِسل، فالغَسل مصدر غسل، والغُسل إيش؟ إذا عرفنا أن الاغتسال مصدر اغتسل، والغسل مصدر غسل، إذاً الغُسل؟ إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .


يعني هو مغسل ثاني لاغتسل، أو اسم مصدر؟ نعم؟ اسم المصدر؟ {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [(17) سورة نوح] هذا إيش؟ مصدر وإلا اسم مصدر؟ اسم مصدر، والمصدر؟ إنباتاً، فمصدر اغتسل: اغتسالاً، والغسل اسم مصدر، فالغُسل والاغتسال بمعنى، وأما الغَسل فهو مصدر غسل، غسلت الثوب غَسلاً، وأما الغِسل فهو ما يجعل مع الماء، يُغسل به، ويغتسل به، فهو غِسل كالصابون والشامبو، والأشنان وغيرها من المواد التي توضع مع الماء يقال لها: غِسل.
"وحكم الجنب" أي الأحكام المتعلقة بمن أصابته جنابة؛ لأن الجنب من أصابته جنابة، وهو ملازم لهذا اللفظ زيد جنب، وهند جنب، والزيدان جنب، والزيدون جنب .. إلى آخره، ومنهم من يطابق على قلة، يقول: جنبان وجنبون، المقصود أن الجنب من أصابته جنابة، وهذا الباب معقود لأحكام الغسل، وما يوجب الغسل، وصفة الغسل، وما يستحب له الغسل، ومن يلزمه الغسل، فهو جنب.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:


"عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، واصله في البخاري" الماء من الماء، الماء الأول المراد به الماء الذي يغتسل به، الماء الأول الماء المعروف الذي يغتسل به، من الماء الذي هو إيش؟ نعم؟ الذي يخرج، الماء الموجب للاغتسال، سواء كان من الرجل أو من المرأة، الماء من الماء، هذا الحديث يدل بمنطوقه أنه إذا حصل الإنزال سواء كان من الرجل أو من المرأة فإنه حينئذٍ يجب غسل الجسد بالماء، إذا حصل الماء بسبب الإنزال فإنه يجب غسل البدن بالماء، ولذا يقول: ((الماء من الماء)) مفهومه إنه إذا لم يحصل إنزال فإنه حينئذٍ لا غسل، يكفي في ذلك أوله، منطوق الحديث منطوقه أنه إذا حصل الإنزال وجب الاغتسال، ومفهومه أنه إذا لم يحصل الإنزال فإنه لا يجب الاغتسال، والأسلوب أسلوب حصر ((الماء من الماء)) لأن المسند إليه الذي هو المبتدأ معرف ((الماء من الماء)) وهذا أسلوب يقتضي الحصر عند أهل العلم، فلا ماء، يعني لا اغتسال، كأنه قال: لا ماء، يعني لا اغتسال إلا من الماء، من الإنزال، وكان هذا في أول الأمر، كان هذا في أول الأمر، أنه لا اغتسال إلا من الإنزال، ثم بعد ذلك نسخ، وأن الاغتسال يجب بمجرد التقاء الختانين، ولذا جاء الحديث الذي يليه:


"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) " إذا جلس يعني الرجل بين شعبها، يعني شعب المرأة الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل، متفق عليه، زاد مسلم: ((وان لم ينزل)) هذا الحديث ناسخ للحديث الذي قبله، فالحديث الأول كان في أول الأمر رخصة، كان الحديث في أول الأمر السابق رخصة ((الماء من الماء)) كانت قبل هذا الحديث ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل)) كما في رواية مسلم، وقد بين أهل العلم أن الأول حديث منسوخ والثاني حديث ناسخ، من نص على ذلك جمع من أهل العلم، الترمذي قال: إنه حديث منسوخ، وكان ذلك في أول الأمر، وفي العلل ذكر الحديث قال: وبينا علته في الكتاب، فسمى النسخ علة، النسخ علة أو ليست بعلة؟ نعم؟ الحديث صحيح ما فيه إشكال، لما بين الترمذي في كتابه علة هذا الحديث وهي النسخ، ذكر أنه منسوخ، ثم قال في العلل -علل الجامع-: "وقد بينا علته في الكتاب" فسمى الترمذي النسخ علة، وهل صحيح أن النسخ علة؟ نعم؟ ذكرنا سابقاً أن العلة عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منه، هذا الأصل في العلة أنها السبب الخفي، لكن هذا السبب جلي، يقدح في صحة الخبر ....