شرح بلوغ المرام عبد الكريم الخضير

بلوغ المرام – كتاب الصلاة (7)
شرح: باب: الحث على الخشوع في الصلاة

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً, فإن لم يجد فلينصب عصاً, فإن لم يكن فليخط خطاً, ثم لا يضره من مر بين يديه)) أخرجه أحمد وابن ماجه, وصححه ابن حبان, ولم يصب من زعم أنه مضطرب, بل هو حسن".
الذي يليه.
"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) أخرجه أبو داود، وفي سنده ضعف".
حديث أبي هريرة المخرج في المسند والسنن وغيرها وهو المعروف بحديث الخط "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) يعني أي شيء ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) فلينصب عصا، العصا ليس بشيء؟ نعم ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصا)) نعم؟ ((فليستتر أحدكم ولو بسهم)) الأصل أن تكون الجملة الأولى أكمل من التي تليها، المخفف فيها ((فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)) كأنه قال: كبيراً، فإن لم يجد هذا الشيء الكبير فلينصب عصا، لكن إطلاق الشيء في الجملة الأولى يدل على أن الاستتار يحصل بأدنى شيء، لماذا؟ لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم، تعم أي شيء يمكن أن يطلق عليه شيء صغر أو كبر، طال أو قصر عرض أم دق، ((فإن لم يجد فلينصب عصاً)) وهو شيء، لكن التنصيص عليه لأنه يغلب وجوده، ((فإن لم يكن)) يعني فإن لم يكن فإن لم يوجد العصا ((فليخط خطاً)) يعني إذا كانت الأرض تراب، أو كان معه شيء يمكن له لون يخط به ((فإن لم يكن فليخط خطاً, ثم لا يضره من مر بين يديه)) يخط خط، وهذا الحديث "أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان" وصححه أحمد وابن المديني، كما قال ذلك ابن عبد البر في التمهيد، ورواه أيضاً أبو داود والبيهقي، وضعفه الشافعي والبيهقي والنووي.


يقول الحافظ: "وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب, بل هو حديث حسن" الذي زعم أنه مضطرب، بل ذكره مثالاً للمضطرب، مثل به للمضطرب ابن الصلاح في علوم الحديث، والحديث المضطرب: هو الحديث الذي يروى على أوجه، يعني على أكثر من وجه، أوجه مختلفة، إن كانت متحدة أو متفقة في الدلالة فلا اضطراب، أولاً: إذا روي الحديث من وجه واحد فلا اضطراب، لا بد أن يروى من أوجه، إذا روي من أوجه مختلفة في الدلالة فإن كانت دلالتها ومفادها واحداً فلا اضطراب، ولا بد أن تكون هذه الأوجه المختلفة متساوية، متساوية في الثبوت، أما إذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، انتفى الاضطراب، وحديث الخط مثل به ابن الصلاح للحديث المضطرب، ولا شك أنه مروي على أوجه، وهذه الأوجه بينها اختلاف وتفاوت كبير، لم تتحد رواتها، وهي أيضاً من وجهة نظر ابن الصلاح متساوية، بمعنى أنه لم يستطع أن يرجح بعض هذه الأوجه على بعض، الحافظ ابن حجر رجح بعض الطرق على بعض، فانتفى عنده الاضطراب، لكن إذا انتفى الاضطراب وبقي ضعف بعض الرواة يعني نفي الاضطراب بإمكان الترجيح لا ينفي ضعف بعض الرواة، فالحديث ضعيف وإن أمكن ترجيح بعض طرقه على بعض، ولذا قال سفيان بن عيينة: "لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث" وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: "هل عندكم شيء تشدونه به؟ " وأشار الإمام الشافعي وغيره إلى ضعفه على أن الضعف ليس بشديد، الضعف ليس بشديد، ولذا يقول بعضهم: لا بأس به في مثل هذا الحكم؛ لأن ضعفه ليس بشديد.


حديث الخط على الخلاف في قبوله ورده على الخلاف في قبوله ورده هذا الخط وفي حكمه طرف السجادة، حكم الخط؛ لأنه إذا نواه المصلي سترة مثل الخط ما يفرق، فهذا الخط إذا وضع يوضع بين يدي المصلي، بينه وبين من يمر بين يديه ممتد من اليمين إلى الشمال كالجنازة خط هكذا، ومنهم من يقول: يوضع الخط طولاً؛ لأن الخط قائم مقام -في الحديث- قائم مقام العصا، فأنت إذا وضعت العصا كأنه أمامك هذا، تخط خطاً أمامك، ومنهم من قال: يوضع الخط بما يشبه الهلال نصف دائرة كالمحراب، على كل حال كل هذا الكلام على فرض ثبوت الخبر، وعرفنا ما فيه من ضعف، وهو قابل لترجيح بعض رواياته على بعض، فينتفي الاضطراب ويبقى الكلام الذي في بعض رواته فهو ضعيف.
بعض من يحقق الكتب يترجح له التصحيح أو التضعيف، وليته يقول: هو صحيح عنده، أو ضعيف عنده، بل يتجاوز ذلك فيقول: ضعيف وإن صححه أحمد، يقوله بعض المعاصرين، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، بالمقابل يقول: صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا سوء أدب، هذا لا يليق بطالب علم، يكفي أن تبين وجهة نظرك مع احترام الأئمة وإجلالهم، من أين تعلمت؟ وعلى من اعتمدت؟ وما وصلت ما وصلت إليه من علم -إن كان لديك علم- إلا من طريقهم، فعلى طالب العلم أن يلتزم الأدب، الأدب الشرعي مع الكبار، ضعيف وإن صححه أحمد وابن المديني، صحيح وإن ضعفه الشافعي والبيهقي، هذا كلام؟! هذا لا ينفع، هذا فيه جرأة على أهل العلم، وتربية طلاب العلم على مثل هذه الأساليب هذا لا شك أن هذه كارثة، فلا بد من لزوم الأدب مع أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .


إذا قال: ضعيف وسكت خلاص، هذا قول من الأقوال، قول من الأقوال التي قيلت في الحديث، وإذا قال: ضعيف وبين لا بأس، بين وجهة نظره لا بأس، ويوجد من الباحثين من يجهل بدهيات العلوم ويقول: وقد قال الجماهير بكذا، والذي أراه كذا، إيش الكلام هذا؟ أحياناً يسرد الأئمة الأربعة وأتباعهم أحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة وفلان وفلان، والذي أراه كذا، هو ما يمنع أن يبدي الإنسان وجهة نظره، ولا يلزم أن يوافق كل قول، ولا يمنع طالب العلم المتأهل للترجيح أن يرجح، فإذا تأهل تعين عليه أن يعمل ويفتي ويقول بما يدين الله به، لكن بالأسلوب المناسب، بالطريقة المناسبة، وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم.
حديث "أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقطع الصلاة شي، وادرءوا ما استطعتم)) الحديث مخرج عند أبي داود وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي وجمع من أهل العلم لكنه ضعيف، في إسناده مجالد بن سعيد، يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء"، وقال ابن معين: "لا يحتج به" فالحديث ضعيف، مجالد بن سعيد يقول الإمام أحمد: "ليس بشيء".
من أهل العلم من يرى أن هذا الحديث ناسخ لحديث أبي ذر ((يقطع صلاة الرجل المسلم)) ما ذُكر، فيقولون: إن حديث أبي ذر منسوخ، وما جاء في معناه منسوخ بهذا الحديث.
أولاً: هذا الحديث -كما سمعنا- ضعيف.


الأمر الثاني: إنه لا بد من معرفة التاريخ، لا بد من معرفة التاريخ لنحكم بالنسخ، طيب، لو افترضنا هذا الحديث صحيح وجهل التاريخ، افترضنا أن هذا الحديث صحيح ((لا يقطع الصلاة شيء)) وجهلنا التاريخ، كيف نوفق بينه وبين حديث أبي ذر؟ وهذا .. ، أقول: إلقاء مثل هذا الكلام لا يعني أننا نصحح الحديث أو نعتبر الحديث؛ لأن الحديث إذا ضعف نعم ولا يجد له ما يسنده ويدعمه فإنه لا يتكلف اعتباره، هذه القاعدة عند أهل العلم، لكن من باب التمرين على التوفيق بين الأحاديث المتعارضة، والعمل في مختلف الحديث، يعني لو افترضنا أن هذا الحديث ثابت مع حديث أبي ذر وغيره من الأحاديث التي تقول بالقطع هل نستطيع أن نقول: لا يقطع الصلاة شيء؟ يعني لا ينقص ثواب المصلي شيء؟ نعم؟ أو نقول: لا يبطل صلاة الرجل شيء؟
أولاً: الشيء هذا لا بد أن يحمل على ما جاء في الأحاديث الأخرى، وإلا لا يقطع الصلاة شيء يحتمل الحدث، الحدث يقطع الصلاة وإلا ما يقطعها؟ يقطعها إجماعاً، نعم، فقوله: ((ادرءوا ما استطعتم)) لا يعين المراد وهو أن المراد الثلاثة المذكورة، لأن قد يقول قائل: لا يقطع الصلاة شيء ولو كان من الأحداث، ادرءوا، ادفعوا هذه الأحداث بقدر الاستطاعة، إن فات شيء غصباً عليكم ما في شيء، ما يقطع الصلاة، نقول: لا، المقصود به ما جاء في الأحاديث التي تدل على أنه يقطع الصلاة، وليس معنى: ((لا يقطع الصلاة شيء)) لا ينقص ثوابها كما قيل هناك، بل يوجد ما ينقص الثواب قطعاً بالنصوص الأخرى، فلو افترضنا صحة هذا الخبر مع صحة الخبر الأول، نقول: نؤول القطع هناك لتتحد الأحاديث، مع أن هذا الحديث ضعيف، وأهل العلم يقررون أنه إذا كان الخبر لا يثبت فإنه لا يتكلف اعتباره، ونحن لم نتكلف اعتباره من أجل معارضة حديث بحديث، حديث صحيح بضعيف، لا، وإنما مجرد تمرين، وإلا فالحديث كما ذكرنا ضعيف، نعم.

باب: الحث على الخشوع في الصلاة:
باب: الحث على الخشوع في الصلاة:
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" متفق عليه, واللفظ لمسلم، ومعناه: أن يجعل يده على خاصرته.


وفي البخاري: عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- "أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم".
يقول -رحمه الله-: "باب: الحث على الخشوع في الصلاة" الحث، باب الحث والحض بمعنىً واحد، وهو أعم من أن يكون الأمر المحضوض والمحثوث عليه واجباً أو غير واجب، فيحث ويحض على فعل الواجبات كما يحض ويحث على فعل المندوبات، فهذه الترجمة تجعل الخشوع أعم من أن يكون واجباً أو مندوباً، ولم يقل الحافظ -رحمه الله-: باب وجوب الخشوع في الصلاة، ولم يقل: باب استحباب الخشوع في الصلاة، إنما جاء بما هو أعم من ذلك، ويترك الحكم للأدلة التي يوردها.


والخشوع قالوا: هو الخضوع أو قريب منه، ويكون بالقلب والجوارح، ويكون بالقلب والجوارح، الخشوع أمر مطلوب، بل هو لب الصلاة، وبقدره ينال المصلي النسبة من صلاته، فإذا خشع في صلاته وأحضر قلبه وتمثل أنه قائم بين يدي ربه وخالقه المتصرف فيه، مخبتاً متذللاً خاضعاً ينال من ذلك النسبة المناسبة لنسبة الخشوع في القلب، وبعدمه -بعدم الخشوع- ينقص، أو بنقص الخشوع ينقص ثواب الصلاة، ولذا جاء في الحديث: ((قد ينصرف الرجل من صلاته وليس له إلا ربعها ... أو عشرها)) لماذا؟ لأنه لم يستحضر، لم يعقل من صلاته إلا هذه النسبة، فماذا عمن لم يعقل في صلاته شيئاً؟ دخل في الصلاة وخرج وكأنه لم يصلِ، ما عقل من صلاته شيء، لكنه جاء بالصلاة بجميع شروطها وأركانها وواجباتها، جاء بجميع ذلك، بالشروط والأركان والواجبات، صلاته صحيحة مجزئة مسقطة للطلب أو باطلة؟ ما عقل من صلاته شيء، وقل مثل هذا في العبادات، يعني شخص شرع يقرأ القرآن وما عقل من قراءته شيء، بدأ بالسورة وفرغ منها ودخل بالتي تليها وخرج منها ما يدري هو قرأ هذه السورة أو لم يقرأها، وهذا كثير وملاحظ، كثير ممن يصلي كثير ممن يقرأ بهذه الصورة، يدخل المسجد وذهنه مشغول مشوش بأمور دنياه، دعنا ممن هو مشغول بأمور الدين، فقد كان عمر -رضي الله عنه- يجهز الجيوش وهو في الصلاة، لا يدخل هذا في هذا، يحصل التشريك عبادة بعبادة، لكن هل هذا مؤثر في الصلاة أو غير مؤثر؟ تشريك عبادة بعبادة؟ نعم؟ يعني شخص يسمع قراءة الإمام والإمام يبكي ومن حوله يبكون وهو يبكي لكن هم يبكون متأثرون بالقراءة، وهو يبكي متأثر من أوضاع المسلمين مثلاً، متألم لأوضاع المسلمين متأثر بأحوالهم، يؤثر في صلاته أو لا يؤثر؟ نعم؟ يعني هذا خلط عبادة بعبادة، عمر -رضي الله عنه- يجهز الجيوش وهو في الصلاة، هذا يسمونه تشريك لكنه تشريك عبادة بعبادة، لا شك أنه مؤثر في صلاته.


شخص -وهذا حصل- يصلي في الدور الثاني في الحرم والإمام يقرأ في صلاة التهجد ويبكي ويبكي من حوله وهو يبكي لا لقراءة الإمام يرى الطائفين ويتصور يوم العرض، اليوم الآخر، الناس يموج بعضهم في بعض، هذا تشريك، ولا شك أنه غفلة عما هو بصدده، لكنه غفلة إلى أين؟ ولا شك أن هذا مؤثر في الصلاة، لكن ليس تأثيره مثل تأثير من قلبه معلق بمتجره، هذا يختلف، وهذا أسهل بكثير ممن قلبه متأثر منشغل بمعاصي، يخطط لمعصية وهو في الصلاة هذا أمره عظيم، وكل هذا يتبع حكم الخشوع في الصلاة، جماهير أهل العلم على أن الخشوع في الصلاة مندوب، جماهير أهل العلم على أن الخشوع في الصلاة مندوب، بل ادعى النووي الإجماع، النووي ادعى الإجماع على عدم وجوب الخشوع في الصلاة، وقال بوجوبه جمع من أهل العلم، الغزالي في الإحياء أطال في تقرير الوجوب، ابن رجب -رحمه الله- يرى وجوب الخشوع في الصلاة، لكن الجمهور على عدم وجوبه بمعنى أن الصلاة تصح إذا أديت مكتملة الشروط والأركان والواجبات تصح، ولو لم يعقل منها شيء، لكن يفوته الثوب المرتب عليها، ومعنى الصحة؟ الصحة نعم عدم المطالبة بها، عدم المطالبة بها، بمعنى أنه لا يطالب بقضائها أو بإعادتها، إذا جاء بها مكتملة الشروط والأركان والوجبات، وإذا قلنا: إن الخشوع مستحب تكون الصلاة صحيحة ولو لم يعقل منها شيء، وقد مدح الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بأنهم في صلاتهم إيش؟ {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [(2) سورة المؤمنون] وجاء في الحديث: ((أول ما تفقدون من صلاتكم)) -إيش؟ - ((الخشوع)) من يلاحظ حال الناس اليوم وقبل اليوم يجد أن هذا القدر المهم الذي بقدره يكون مقدار الصلة بين العبد وبين ربه كيف يتلذذ إنسان بمناجاة ربه وقلبه غافل؟ كيف يتلذذ؟ يوجد خلط، نعم يوجد خلط في الفهم الصحيح للصلاة وغيرها من أمور الدين، تجد الإنسان ذهب إلى عمل خيري، من الأمور المطلوبة شرعاً من المستحبات، لكن عاقه هذا عن فعل .. ، عن صلاته مثلاً، انشغل بأمر مستحب ليس من أعمال الصلاة ذهب لتحصيله وتشوشت نفسه عليه فما عقل من صلاته شيء، لا بد أن يعيد حسابه، الواجب أهم من النفل، الواجب أهم من النفل، فعلى الإنسان أن يتحسس هذا


القلب، ويسعى جاهداً في تصفية هذا القلب، ولا أنفع للقلب من قراءة القرآن على الوجه المأمور به ملازمة الذكر، صدق اللجأ إلى الله -سبحانه وتعالى-، والانكسار بين يديه والانطراح بين يديه، لا سيما في الأوقات التي تكون فيها فراغ البال، لا يجي من عمله ثم يقول: الله أكبر، هذا طيب، لكن ما تكون الآثار المترتبة على هذه العبادة مثل ما لو ارتاح من هموم الدنيا ثم أقبل عليها، لكن هذا يتصور فيمن همه الآخرة، أما إذا كان همه الدنيا والآخرة مجرد إسقاط واجب، هذا ما يفلح في الغالب، ليس معنى هذا أنه ما يفلح أنه يلزم عليه أنه يعذب، لا، يمكن المسألة فوق ذلك، يعني شخص يتلذذ بمناجاة الله -عز وجل- مثل هذا لا بد أن يعالج، هذا يحتاج إلى علاج، والله المستعان.
فأنت تلاحظ كثير من المصلين بل وجد جماعة المسجد ثلاثة صفوف أربعة صفوف خمسة يترك الإمام ركعة أو يزيد ركعة ما يجد من يقول له: سبحان الله، هذا دليل على إيش؟ على المتابعة؟ نعم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .


مشغولين ما في أحد حاضر البال، لكن قد يقول قائل: إن مثل هذا قد ينشأ من انشغاله بصلاته، ما هو بلما الإمام ولا مع الإمام بصدد صلاته، يتدبر ما يقرأ، يستحضر أثناء الذكر والدعاء، ومنشغل عن إمامه بصلاته، ولذا يقرر بعضهم عند قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [(5) سورة الماعون] نعم يقول: إن الذي لا يخطئ في صلاته، الذي لا يخطئ في صلاته ليس بأكمل ممن يخطئ في صلاته، يزيد وينقص، يسهو في صلاته، لماذا؟ لأن هذا منشغل بإكمال ظاهرها، وذاك منشغل بتكميل حقيقتها وباطنها، ذكره المفسرون عند تفسير سورة الماعون، قالوا: الذي يسهو في صلاته أكمل من الذي لا يسهو، لكن المسألة تعود وترجع على السبب الباعث على هذا السهو، إن كان السبب الباعث على هذا السهو تدبر ما يقرأ والتفكر فيه لا شك أنه أكمل ممن يقرأ من غير تدبر ولا تفكر، وإذا كان السبب -سبب هذا السهو- هو الانشغال بأمور خارج الصلاة لا شك أنه أقل، فيكون السهو نعم لذاته جبلي، لا يذم ولا يمدح، إنما الأثر الذي يؤثر في وجود هذا السهو وعدمه هو الذي يمدح ويذم، السبب الذي نشأ عنه هذا السهو يمكن أن يمدح، ويمكن أن يذم.


"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" متفق عليه, واللفظ لمسلم، ومعناه -تفسير معنى الاختصار- أن يجعل يده على خاصرتيه"، "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا مرفوع وإلا موقوف؟ مرفوع قطعاً، لكن هل هو بمثابة قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا تختصروا في الصلاة" أو" لا تجعلوا أيديكم على خواصركم في الصلاة"؟ "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل مختصراً" وفي حكم الرجل المرأة، مختصراً: يضع يديه أو إحدى يديه على خاصرته، وهي الشاكلة، وجاء التعليل بأنه من فعل اليهود، من فعل اليهود، فالنهي عنه -عن الاختصار- للمشابهة للتشبه باليهود أو لأنه مخل بالخشوع؟ إدخال المصنف الحديث في باب الحث على الخشوع يدل على أن للاختصار أثر في الخشوع، أثر في تقليل الخشوع، يعني لو رأيت شخص يصلي ويديه على شاكلته كم تعطيه من نسبة في الخشوع؟ بينما شخص واضع يديه على صدره ومخبت، يعني وضع مثل هذا الحديث في الخشوع ما بعبث يا الإخوان، ليس من باب العبث أن يوضع مثل هذا الحديث في هذا الباب، نعم التخصر لا يناسب في مثل هذه الحال إطلاقاً، بل لا يناسب المسلم مطلقاً، تجدون من .. ، تعرفون من يضع يديه على خاصرته، هو من فعل اليهود ومن يتشبه باليهود من فنانين ومغنين فهل هذا يليق بالصلاة؟ هذا مصادمة تامة للخشوع، بين من وضع إحدى يديه على الأخرى على صدره، ونظر إلى موضع سجوده، وطأطأ رأسه وأخبت هذا الخشوع، هذا خشوع الجوارح، لكن أما خشوع القلب فأمر ثاني، لكن الظواهر عنوان البواطن، الظواهر عنوان البواطن، ما يقول: التقوى هاهنا، والخشوع في القلب، وأنا لو اختصرت أنا .. ، ما يطرح، ما يمكن، فالناس إنما يحكمون عليك بظاهرك.


جاء في حديث: ((المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور)) أي المصلون بالليل فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم، لكن الحديث لا أصل له فلا يعارض به حديث الباب، لا يعارض به حديث الباب، فسر بعضهم الحديث الاختصار في القراءة، الاختصار في القراءة، يعني يقتصر على الشيء اليسير من المقروء، يقتصر على الشيء اليسير من الدعاء، يقتصر على الشيء اليسير من الذكر هذا اختصار، نعم، وهذا وإن كان مجزئاً إذا جاء بالقدر الواجب إلا أنه خلاف هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأولى ما يفسر به الحديث ما ذكر من أن الاختصار وضع اليدين على الخاصرة أو الخاصرتين، والعلة في ذلك كما "في البخاري: عن عائشة -رضي الله عنها- "أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم" فعل اليهود في صلاتهم، وقد نهينا عن التشبه بهم خارج العبادات، فالتشبه بهم في داخل العبادات أشد بلا شك، التشبه بهم في داخل العبادات أشد، ولذا مما ينقل عن اليهود أنهم يغمضون أعينهم، فيكره إغماض العين تشبهاً باليهود، وإن كان ابن القيم -رحمه الله- يرى أنه لا بأس به إذا كان أجمع للقلب، فما كان فيه تشبه فهو ممنوع.
"وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قُدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) متفق عليه".


"عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قُدم العشاء)) " والعشاء طعام العشي، يعني طعام آخر النهار، الغداء طعام الغداة أول النهار، ((إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) لماذا؟ لأن البداءة بالصلاة مع تقديم العشاء لا سيما مع الحاجة إليه والتعلق به مما يشوش الخاطر، ولذا أدخله المصنف -رحمه الله تعالى- في باب الخشوع، وقل مثل العشاء ما يقاس عليه مما يشوش الذهن، مما يشوش، لكن إذا كان ديدن الإنسان كل شيء يشغل باله نقول له: لا تصلي حتى ترتاح؟ لو اقتنى أدنى شيء ما يرتاح إلى أن يقلبه مراراً، وإن صلى انشغل به، نقول له: انتظر حتى تنهي نهمتك من هذه الشغلة؟ لا تصلي حتى تنتهي، شخص مفتون بأمر من الأمور كتب مثلاً، خلينا بالعلم والدين، اشترى صفقة كتب وهو يقلب في هاالكتب، الليل كله يقلب هذه الكتب، وباقي عليه شيء من إكمالها فأذن لصلاة الفجر نقول له: انتظر، انتظر حتى تنهي نهمتك من هذه الكتب؟ هو بينشغل أحياناً، بعض الناس لهم ميول في طباعهم، وكل مفتون بشيء، هل نقول: انتظر لا تصلي حتى تنتهي نهمتك من هذه الكتب ولو انشغل بالك؟ أو نقول: صلِ ولو انشغل بالك؟ نقول: مثل هذه القلوب التي تنشغل بأدنى شيء أو بأي شيء لا بد من علاجها، هذه فيها خلل، أعظم ما عند المسلم من عمل هو الصلاة، فإذا كان يقتني هذه الكتب من أجل أن تعينه على العبادة، على أن يعبد ربه -جل وعلا- فقدم هذه الوسيلة على الغاية فعنده خلل، لا بد أن يعالج قلبه، إذا قام إلى الصلاة من الليل ثم نعس بما ينصح؟ بإيش؟ بأن ينام، نعم؛ لئلا يذهب يدعو لنفسه فيدعو على نفسه، إذا كان ديدنه النوم، لو نام عشر ساعات تقول له: يصلي نعس، تقول له: روح نام بعد؟ مثل هذا يحتاج إلى علاج، نايم كل الليل ويجلس بعد صلاة الصبح يقرأ القرآن وينعس، تقول له: روح نم؟. . . . . . . . . ما ينفع؛ لأن الذي يكون عنده الشيء ليس بعادة ولا ديدن يعالج به، لكن شخص نهوم أكول، كل ما قدم له طعام انشغل به، قبل الصلاة مشغول بالطعام، وبعد الصلاة مشغول بالطعام وإلى متى؟ يقال له: قدم العشاء على العِشاء على الصلاة على المغرب؟ مثل هذا يحتاج إلى علاج قبل،


فلا بد أن تكون النفس مرتبطة بمطالب الشرع، نعم هناك أمور فطرية جبلية، أكل، شرب، حر، برد، لا بد من أن تهيأ الظروف المناسبة لهذه العبادة العظيمة، لكن إذا كان شخص كل حياته على هذه الطريقة، ينتهي من شغل ويدخل في شغل يقال له: اترك الصلاة؟ نقول: لا، أنت تصلي وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، واحرص أن يحضر قلبك في صلاتك. وهنا يقول: " ((إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب)) متفق عليه" إذا وضع العشاء كما في الحديث: ((إذا وضع العشاء وأحدكم صائم)) هذا مقيد بالصيام والحديث مطلق، والأولى أن تستنبط العلة من النصوص كلها فتربط بالحاجة إلى الطعام، تربط بالحاجة إلى الطعام، هذه الحاجة تحول دون المصلي وبين صلاته؛ لأنه عرفنا العلة من تقديم العشاء على الصلاة؛ لئلا ينشغل المصلي عن صلاته بطعامه، لئلا ينشغل المصلي بطعامه عن صلاته، ومع ذلكم إذا وجد ما يشغل الإنسان مما يطرأ عليه لا يكون ملازم له، فلا بد من أن يفرغ باله من هذا الطارئ وينصرف إلى صلاته بقلب حاضر.
والتنصيص على الصائم، التنصيص على الصائم للاهتمام بشأنه والعناية به؛ لأنه أحوج الناس إلى الطعام، وذكره من بين سائر الأفراد، أفراد من يقدم لهم الطعام لا شك أنه من ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام، فلا يقتضي التخصيص بالصائم، بل كل من وجدت عنده الحاجة الملحة الطارئة، لا نقول لشخص نهوم، دائم شغوف بالطعام، محتاج إلى طعام نقول له: قدم الطعام؟ هذا لم يقل به أحد، إلا إذا كانت حاجته للطعام طارئة تزول إذا أكل العشاء أو الغداء أو أكل الطعام يقدمها حينئذٍ على العبادة ليتفرغ للعبادة، لا اهتماماً بالطعام، إنما اهتماماً بالعبادة، الهدف من هذا ليس الاهتمام بالطعام، إنما الهدف منه الاهتمام بهذه العبادة ليقبل على صلاته بقلب حاضر، والله المستعان.


بقي إذا ضاق الوقت يعني لم يبق من الوقت إلا الشيء اليسير وقدم الطعام نقول: لو فات الوقت، نعم، لا بد أن يصلي الصلاة في وقتها {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] ولو تشوش ذهنه؛ لأن المحافظة على الوقت شرط من شروط صحة الصلاة، والخشوع الذي يذهبه تعلق القلب بالطعام على القول بوجوبه لا يقاوم ما اشترط للصلاة، إذا قدم الطعام وخشي فوت الجماعة ننظر بقدر ما يذهبه هذا الطعام من صلاته ومن أجره يفاضل بينه، وكل يعرف هذا من نفسه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.