شرح عمدة
الأحكام عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (13)
باب: صلاة الكسوف
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الآن لو افترضنا أن مالكي أو شافعي نام بعد صلاة الصبح، انتبه الساعة تسع
وذبح ذبيحته، نقول: نسك وإلا ما أصاب النسك؟ هل أتى بالشرطين أو ما أتى
بهما؟ أتى بواحد، طيب لو قام من نومه يوم الجمعة توضأ ومشى في الساعة
الأولى يدرك بدنه وإلا ما يدرك؟ على مقتضى الحديث ما يدرك حتى يغتسل، وهنا
لأن الجواب متعقب لجملتين، لا بد أن تتحقق الجملتان، واضح مفهوم وإلا ما هو
مفهوم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما يكفي، لا هذا قول، ما في شيء يصيبه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو تحقق له أحد الشرطين، هل نقول: إنه مثل الذي لم يصل؟ ذبح ولم يصل هل هو
مثل من صلى ولم يذبح؟ كلاهما لم يصب النسك؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا المفروض، يعني هذا الأصل، لكن أنت تفترض المسألة في شخص يقول: صلاة
العيد ليست بواجبة سنة، ما الذي يلزمني بها؟ أنا أميل يمكن الناس عموماً في
ليالي العيد، كثير منهم ابتلى بالسهر، يصلي الفجر وينام إلى تسع، ويقوم
يتعيد مع الناس ونشيط، ويذبح مع الناس، نقول: أصاب النسك وإلا ما أصاب؟ فهل
تقدم الصلاة شرط لقبول النسك أو ليس بشرط؟ قيل به لهذا الخبر، الذي ما يصلي
لا يذبح، قيل به، لكنه قول غير معتبر عند أهل العلم، والجهة منفكة.
أما قوله: ((من صلى صلاتنا)) يعني ممن أراد الصلاة، أو من صلى فإنه لا يذبح
حتى يصلي، يعني من أراد النسك فإنه لا يذبح حتى يصلي، الصلاة أو قدرها،
والخلاف معروف بين أهل العلم في هذا، هل المقصود الصلاة ذاتها أو وقت
الصلاة؟ أنت افترض أن الإمام تأخر على الناس، يعني بدلاً من أن تصلى الصلاة
في .. ، الساعة الآن في مثل هذه الأيام مثلاً خمس ونصف تصلى أو قبلها، تأخر
الإمام إلى الساعة السادسة، فالساعة ستة المفروض أنهم صلوا وانتهوا، هذا
نظر الساعة وقال: الشمس طالعة لها مدة، وهذا الوقت كافي لأداء الصلاة وذبح،
صحيحة وإلا ما هي بصحيحة؟ أو نقول: هذا معلق بصلاة الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
شوف اللفظ، اللفظ: ((من صلى صلاتنا))
واللفظ الثاني: ((من ذبح قبل أن يصلي)) فالنصوص كلها معلقة بالصلاة تقدمت
أو تأخرت، هذا ظاهر النص، أليس هذا ظاهر النص؟ فهو معلق بالصلاة، لكن هل
يخضع الناس لا سيما البعيدون عن مكان الإمام، ومن ينيبه الإمام، يخضعون
لمثل هذا، لا تفترض المسألة في سهولة الاتصال بمثل هذه الأيام هل صلى أو ما
صلى؟ تعلم الدنيا كلها في آنٍ واحد أن الإمام صلى أو ما صلى، نعم، لو يبعد
عشرين كيلو عن الحاضر عن محل الإمام، ما يدري هل الإمام صلى أو ما صلى؟
ويبي ثلاث ساعات وما وصله الخبر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي لكن أقول: هل المعتبر في مثل هذا تحقق الصلاة أو مقدار وقت تقضى فيه
الصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الذي يظهر، نعم أهل العلم اعتبروا وقت الصلاة كافي، وإن كان منهم من
تقيد بالحرفية فقال: لا بد من الفراغ من الصلاة.
((من صلى صلاتنا)) يعني صلاة العيد ((ونسك نسكنا)).
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن ..
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه جاء نصوص تقول: ((من راح)) ما في اغتسل ((من راح)) ((من هجر في الساعة
الأولى)) فهو منفك لا شك، لكن الغسل أيضاً له ثوابه ((ومن نسك قبل الصلاة
فلا نسك له)) قبل الصلاة، هذا يرجح قول من يقول: إن الأمر معلق بالصلاة،
والقول الآخر يحتاج قائله أن يقدر، ومن نسك قبل وقت الصلاة، أو قبل زمن
تؤدى فيه الصلاة فلا نسك له.
"قال أبو بردة بن نيار -خال البراء بن عازب-: يا رسول الله إني نسكت شاتي"
يعني ذبحت شاتي "قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب" نعم أيام
الأعياد، أيام أكل وشرب، وليست محل صيام ولا غيره، "وعرفت أن اليوم يوم أكل
وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي" لينال الأجر قبل الناس،
ليطعم الناس، ليَطْعم ويطُعم، فينال الأجر، ويتفرد به؛ لأن العبرة بمن يذبح
الأول، إذا أكل الناس من الأولى ما احتاجوا إلى الثانية.
"وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن
تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، وتغديت قبل أن آتي للصلاة، فقال: ((شاتك
شاة لحم)) " الآن أبو بردة هذا عالم بالحكم أو جاهل؟ جاهل بالحكم، عذر
بالجهل أو لم يعذر؟ لم يعذر، لماذا لم يعذر بالجهل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يفرقون بين المأمور والمنهي، بين الأمر والنهي، فالمأمور لا يعذر فاعله
بالجهل؛ لأنه لا بد من إيجاده، والمنهي عنه يعذر بالجهل لأن المراد تركه،
والقاعدة أن الجهل مثل النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل
المعدوم منزلة الموجود، لو أن هذا نسي الأضحية، ثم قال: {رَبَّنَا لاَ
تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وكنت
ناوٍ أضحي ونسيت أضحي، يعذر وإلا ما يعذر؟ يعذر بالنسيان وإلا ما يعذر؟
يعني هل فعل محظور وإلا ترك مأمور؟ فالنسيان لا ينزل المعدوم منزلة
الموجود، لكنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، الآن هنا في القصة المذكورة،
هذا ذبح فالنسيكة موجودة، والجهل في حكم النسيان، وهذه النسيكة التي جهل
أمرها جاءت على خلاف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهي مردودة
عليه، ولم يعذر بجهلة؛ لأن هذا الجهل والنسيان نزل هذه الموجودة منزلة
المعدومة، والذي نسيها لم ينزل المعدوم منزلة الموجود، لا بد من الإتيان
بها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كالتسمية، التسمية شرط، سواء نسي وإلا جاهل ما عليه، كل هذا يجوز الأكل
منها.
"قال: ((شاتك شاة لحم)) " يعني يجوز أكلها؛ لأن الشروط متوافرة، لكن الشروط
التي تجعلها نسيكة يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- مقبولة غير متوافرة.
إلا أن هذا جاء من المسلمين، حديث عهد بإسلام، الأصل أنهم يسمون.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هذه ذبيحة جاءت من مسلمين، نعم كونهم حديثي عهد بإسلام قد الشك
يتساور الذهن أنهم ما سموا، ما بلغهم الحكم، سم أنت وكل، إنما تأكل على
الأصل أنها ذبيحة مسلم، لكن لو قال لك مسلم: ما سمى، تسمي وتأكل أنت؟ ما
ينفع.
طالب:. . . . . . . . .
"إن نسينا"؟
طالب:. . . . . . . . .
النسيان هذا في الإيجاد لا في الترك.
"قال: ((شاتك شاة لحم)) " بمعنى أنها تؤكل،
ذبيحة توافرت الشروط في حل أكلها فتؤكل، لكنها لا تجزئ عن الأضحية.
"قال: يا رسول الله فإن عندنا عناقاً" يعني صغيرة لم تبلغ السن المطلوب،
والسن المطلوب جذع الضأن، وثني ما سواه "فإن عندنا عناقاً، وهي أحب إلينا
من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: ((نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك)) " لو أقتصر على
قوله: "أفتجزئ عني؟ قال: ((نعم)) " يعني تكفي، تقضي، قال: ((نعم)) صارت له
ولغيره ممن يشبه حالُه حالَه، وقوله: ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) لا تجزئ لمن
ذبح قبل الصلاة، ولا لمن لم يذبح، لا تجزئ عن أحد بعدك.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود المعلق بها صلاة الإمام، هذا المقصود بها عند أهل العلم، مع
الإمام، أو قدر صلاة الإمام، لكن أنت افترض أن الإمام تأخر، أخذه نوم ونام
له زيادة ساعة، والوقت ما زال، وإن كانت السنة تعجيل الأضحى وتأخير الفطر،
وقال مثلاً: الوقت من ارتفاع الشمس إلى الزوال وأخرها، وخالف السنة في هذا،
ينتظر الناس حتى يصلي؟ من أهل العلم من قال: ينتظر، لكن إن كان بالإمكان
الإطلاع على حال الإمام لا شك أن الأحوط ينتظر حتى يصلي الإمام، إذا لم يكن
بالإمكان كما هو بعيد عن الإمام مثلاً، ولا وسائل للاتصال، مثل هذا يعمل
بالوقت.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
بارتفاع الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
هو وقتها نعم إلى زوال الشمس.
" ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) " دليل على أن الخطاب يعم الجميع إلا ما
استثني؛ لأنه لو لم يرد هذا الاستثناء لأجزئت عن الجميع، فدل على أن الأصل
أن خطاب الواحد يعم الأمة إلا ما استثني.
نعم.
الحديث الثالث:
عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله تعالى عنه- قال: صلى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يوم النحر، ثم خطب وقال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى
مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
الحديث الثالث:
"عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله
عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ثم خطب" صلى ثم
خطب، هناك قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة، في
الحديث الأول: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر يصلون
العيدين قبل الخطبة، كل هذا مما يدل على أن الخطب للأعياد تكون بعد الصلاة،
ولم يذكر في حديث واحد -على ما سيأتي- أنه أذن لها ولا أقيم لها، فدل على
أن صلاة العيد لا أذان لها ولا إقامة، على ما سيأتي.
"صلى يوم النحر ثم خطب، قال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها)) "
لا تجزئ، شاة لحم، إذا تعجل فشاته شاة لحم ((فليذبح أخرى مكانها، ومن لم
يذبح فليذبح باسم الله)) قائلاً: باسم الله، والتسمية شرط {وَلاَ
تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة
الأنعام] والمقصود أن التسمية شرط لحل الذبيحة، فإذا تركت التسمية صارت
الذبيحة ميتة، لا تحل لأحد.
وقت الأضحية من بعد الصلاة يوم العيد إلى أخر أيام التشريق، إلى غروب شمس
أخر أيام التشريق الثلاثة، ومن أهل العلم من يرى أن الذبح ثلاثة أيام: يوم
العيد، ويومين بعده، والمسألة معروفة عند أهل العلم، وأيام التشريق أيام
أكل وشرب، وهي ثلاثة وهو المرجح.
"إذا ذبح" يعني بالنسبة للأضحية النصوص ظاهرة فيها واضحة، لكن ماذا عن
الهدي؟ هل حكمه حكم الأضحية؟ يذبح بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق أو
يجوز ذبحه قبل صلاة العيد؟ يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
الكلام في أوله، دعنا من آخر الوقت، أنت افترض أن هذا بعد نزوله من مزدلفة،
أول عمل بدأ به الذبح، قبل الرمي وقبل الطواف، وقبل الحلق، يصح أنه لما سئل
عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) يجوز تقديم الذبح على الرمي،
لكن هل يجوز تقديم الذبح على الصلاة صلاة العيد؟
طالب:. . . . . . . . .
وقتها وقت الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الكلام على إيش؟ أن هذا نزل من مزدلفة
وذبح قبل صلاة العيد، ذبح هديه، يصح أنه ما سُئل عن شيء قدم ولا أخر إلا
قال: ((افعل ولا حرج)) وهو في ذلك اليوم، لكنه وقع ذبح الهدي قبل الصلاة،
فهل نقول: إن الهدي حكمه حكم الأضحية، أو أن الهدي له حكم يخصه؟ كما تقول
الشافعية: إنه يجوز ذبحه قبل يوم النحر، بعد انعقاد السبب.
طالب:. . . . . . . . .
ما في شك أن هذا قول معتبر، وهو الأحوط.
يقول في الحديث: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ثم خطب،
وقال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى)) " واللام لام الأمر،
والأصل في الأمر الوجوب، بهذا يستدل من يقول بوجوب الأضحية.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . يعني هذا الذي ذبح قبل العيد أولى بالوجوب ممن لم يذبح
شيء أصلاً، أقول: في هذا دليل لمن يقول بوجوب الأضحية، ومنهم من يحمله على
الأضحية المعينة، لما تعينت الأضحية صارت واجبة، وهذه الواجبة التي وجبت
بالتعيين ما تجزئ لا بد من بدلها، واضح وإلا ما هو بواضح؟ منهم من يقول
بوجوب الأضحية مطلقاً أخذاً من قوله: ((فليذبح مكانها أخرى)) ومنهم من يقول
الوجوب في حق من عينها، تعينت الأضحية الأولى بالتعيين فيجب ذبحها، وذبحها
على غير الوجه المشروع فليزمه بدلها، فيجب عليه أن يذبح بدلها، ظاهر
الاستدلال وإلا ما هو ظاهر؟ والجمهور على مذهبهم بأن الأولى والثانية كلها
على سبيل الاستحباب.
طالب:. . . . . . . . .
الأولى تعينت.
طالب:. . . . . . . . .
تعينت فوجبت عليه، وجب عليه ذبحها، ذبحها على وجه لا يجزئ كمن نذر، نذر أن
يذبح بدنة فذبح شاة تكفي؟ يذبح إيش؟ بدنة، يذبح مكانها البدنة، أو ذبح بدنة
معيبة، نذر أن يضحي مثلاً فضحى بأضحية معيبة هل يكفي؟ لا، هذا عين هذه
الشاة أضحية فوجبت في ذمته، يجب عليه أن يذبحها، ذبحها على وجه لا يجزئ ولا
تبرأ به الذمة، لا بد أن يذبح على وجه تبرأ به الذمة.
طالب:. . . . . . . . .
الاستحباب إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن قبل العيد نُهي عن الذبح وإلا ما نهي؟
نعم؟ نُهي عن الذبح قبل العيد ((وليذبح)) أمر بعد حظر، بعد منع، أمر بعد
حظر، إذا صليت تذبح {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة]
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] هل يقال
بوجوب الانتشار بعد صلاة الجمعة؟ هل يقال بوجوب الاصطياد بعد الإحلال؟ هذا
أمر بعد حظر، جمهور أهل العلم على أنه للندب وليس للوجوب، ومنهم من يقول:
إن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل المنع، وكل على مذهبه، فالذي يرى وجوب
الأضحية قبل المنع يرى وجوبها بعده، والذي يرى وجوب الاصطياد قبله يرى
وجوبها بعد الحظر، فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبل الحظر.
طالب:. . . . . . . . .
عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة.
طالب:. . . . . . . . .
تنتهي خلاص مستحبة، يعود الأمر على ما كان عليه، الأصل نعم ما في واجب بأصل
الشرع.
((فليذبح مكانها أخرى)) أو أخرى مكانها، ((من لم يذبح فليذبح باسم الله))
اللام هذه؟ نعم لام الأمر، لكن هل الأمر مطلق أو مقيد بالتسمية؟ وليكن ذبحه
مقترناً باسم الله، فيدل على وجوب الذبح وإلا على وجوب التسمية؟ اللام لام
الأمر (فليذبح) ذبحاً مقترناً باسم الله.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم، إنما الأمر لم يتجه إلى الذبح إنما إلى الذبح المقترن باسم الله،
كما قيل في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(101) سورة يوسف] ما هو بطلب
للوفاة إنما طلب للوفاة المقترنة بالإسلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لو صح الخبر اللفظ لفظ اشتراط، لو صح الخبر ما في مندوحة من اشتراط.
الحديث الرابع:
عن جابر -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم
العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على
بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على الطاعات، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى
أتى النساء فوعظهن وذكرهن، فقال: ((تصدقن، فإنك أكثر حطب جهنم)) فقامت
امرأة من سطة النساء، سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: ((لأنكن
تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير)) قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب
بلال من أقراطهن وخواتمهن.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث
الرابع:
"عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة" ويشهد له جميع ما تقدم من
الأحاديث الثلاثة، وأن الصلاة تكون قبل الخطبة، ويركز الصحابة الرواة على
هذه المسألة، لماذا؟ لأنه حصل التغيير في عهدهم، وهذه البدعة، وهي تقديم
الخطبة على الصلاة حصلت في عصر الصحابة، صار كل من روى صلاة النبي -عليه
الصلاة والسلام- يؤكد على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى قبل أن يخطب
ليرد على الوضع القائم.
"فبدأ بالصلاة قبل الخطبة".
أحاديث متتابعة، كلها تنص: "صلى ثم خطب" "بدأ بالصلاة قبل الخطبة" "خطب بعد
الصلاة" والحديث الأول: "يصلون قبل الخطبة" كلها للرد على ما حصل في عهدهم
من تقديم الخطبة على الصلاة، وسببه ومنشأه ما ذكرنا.
"فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة" فالأذان بأي لفظ كان،
والمقصود بالأذان إعلام الناس بصلاة العيد بدعة؛ لأنه لم يثبت عن النبي
-عليه الصلاة والسلام- أنه أذن لها، أو أقيم لها، وما يختاره بعض أهل العلم
من قياسه على صلاة الكسوف من قول: الصلاة جامعة، فلا أصل له، هذا خاص بصلاة
الكسوف؛ لأنه في الغالب يحصل والناس في غفلة، أما صلاة العيد تحصل والناس
في غفلة؟ الناس في الأصل مجتمعون للصلاة، فكيف ينادون لها؟ كيف ينادون
لصلاة العيد؟ أما قول: "صلاة العيد" أو ما أشبه ذلك التنبيه فهو خلاف السنة
بلا شك، لم يحصل لها تنبيه ألبتة، والناس يعلمون بدخول الإمام، ويعلمون
بتكبيره، فلا داعي للإعلام بها.
"بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً" قام
-عليه الصلاة والسلام- "متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على
الطاعة، ووعظ الناس وذكرهم" يعني خطبهم خطبة بعد صلاة العيد، هذا بالنسبة
للرجال، والنساء لبعدهن عن الرجال لم يسمعن وعظه لهم، وإلا فالأصل أن ما
يوجه للرجال يوجه للنساء، إلا ما دل الدليل على اختصاصهم به، ولذا لما لم
يسمعن خطبته ووعظه "مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن" لأنهن شقائق الرجال،
وجاءت الشكوى من النساء؛ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استأثر به الرجال،
فوعدهن يوماً ووعظهن وذكرهن، فالنساء لا شك أن لهن حق في الموعظة والتذكير
والتعليم، لكنهن لسن على مستوى الرجال، الأصل في العلم وتحمله الرجال،
ولذلك وعدهن يوماً، ما وعدهن ثلاثة أيام أو أربعة أيام في الأسبوع، وعدهن
يوماً يجتمعن فيه، فأمرهن ونهاهن ووعظهن، وهنا في صلاة العيد لما لم يسمعن
الموعظة أتاهن فوعظهن وذكرهن "فقال: ((تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم)) " لأن
الصدقة تدفع البلاء، سواء كان في الدنيا أو في الآخرة ((تصدقن)) سبب الأمر؟
العلة؟ ((فإنكن أكثر حطب جهنم)) والصدقة تطفئ غضب الرب.
"فقامت امرأة من سطة النساء" يعني من وسطهن
في المجلس، أو من وسطهن في العمر، أو في النسب، أو ما أشبه ذلك، المقصود
أنها من سطتهن، أي من أوسطهن، بعضهم يقول: إنها من خيارهن؛ لأن الوسط
الخيار العدول، لكن المرجح عند كثير من الشراح أنها قامت من وسطهن، من
المكان الواقع في وسطهن. "من سطة النساء، سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول
الله؟ " سفعاء الخدين هذه المرأة من سطة النساء، من بين النساء قامت
"فقالت: لم يا رسول الله؟ " تسأل عن السبب، كيف عُرف أنها سفعاء الخدين؟
والسفعاء التي في خديها لون يخالف لون بشرتها، لون يخالف لون البشرة
الأصلي، كيف عُرف هذا الوصف منها؟ الأجوبة كثيرة؛ لأن هذا النص محتمل، فلا
بد من رده إلى النصوص المحكمة، النص المحكم: "كان يعرفني قبل الحجاب، فخمرت
وجهي بخماري" {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(59) سورة
الأحزاب] المقصود أن الحجاب أمر مفروض محكم، فيرد إليه مثل هذا اللفظ
المتشابه، فيحمل على أنها إما قبل الحجاب، أو يقال: إنها من القواعد، لا
يمنع أن تكون القواعد التي ليس عليهن حجاب، المقصود أن الإجابة عن هذا سهل.
"سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ " فبين السبب "قال: ((لأنكن تكثرن
الشكاية، وتكفرن العشير)) " ما جلس في الغالب امرأتان إلا وتشكي إحداهما
على الأخرى، حصل كذا، ويحصل كذا، يكثرن الشكاية، وقل من النساء من تستغل
الوقت لما ينفعها في أمر دينها ودنياها، كثير الشكاية عند النساء، وإن وجد
هذا في الرجال، لكنه في النساء أكثر.
((وتكفرن العشير)) العشير الزوج، تكفرن نعمته عليكن، إذا رأت إحداهن ولو
مرة واحدة خللاً في معاملة، أو في نفقة نفت كل ما تقدم، كل ما تقدم ينسف،
ما رأيت خيراً قط.
" ((وتكفرن العشير)) قال: فجعلن يتصدقن" خفن؛ لأنه ذكر أشياء موجودة، تقتضي
أن يكن أكثر حطب جهنم، وما دام هذا موجود لا بد من تكفيره، يحتاج إلى
كفارة، والكفارة تكون بقوله: ((تصدقن)) بالصدقة "فجعلن يتصدقن " استجبن،
وفي هذا مسارعة النساء في الصدر الأول كالرجال إلى ما تكفر به الذنوب
والخطايا، مسارعة إلى بذل الخير، وفعل الخير.
"فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال
من أقراطهن وخواتمهن" والأقراط ما يعلق في الأذن من حلي، والخواتيم جمع
خاتم، وهو ما يلبس في الأصابع، وفي هذا ما يدل على أن للمرأة أن تتصرف
بمالها، وأن تتصدق منه، من غير إذن زوجها، وجاء في سنن أبي داود ما هو قابل
للتحسين نهي المرأة أن تتصدق أو أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها، فلعل
هذا من الشيء اليسير المتعارف عليه، المقصود أن مثل هذا حصل، ولو حصل نظيره
لكان مشروعاً، ولا يتوقف في ذلك على إذن الزوج.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل هي خطبة واحدة أو خطبتين؟
جمهور أهل العلم على أنها خطبتان، وجاء في سنن أبي داود ما يدل على أنها
خطبة واحدة، لكن عامة أهل العلم على أنها خطبتان.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور خطبتين يجلس بينهما، هو ما في شك أنها ما دامت خطبة، والخطبة لا
يتم نظر المأمومين مع كثرتهم في العيد للإمام أن يكون على شيء مرتفع، هذا
مما لا يتم الأمر إلا به، وهذا مستحب، وما لا يتم المستحب إلا به فهو
مستحب، كونه -عليه الصلاة والسلام- اعتمد متوكئاً على بلال وخطب، لا يعني
عدم وجود منبر، أو أنه لا يشرع المنبر، يحتمل أنه -عليه الصلاة والسلام- في
مكان بحيث يرونه؛ لأن الصحراء فيها المرتفع وفيها المنخفض.
نعم.
الحديث الخامس:
عن أم عطية نسيبة الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا النبي -صلى الله
عليه وسلم- أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحُيض أن
يعتزلن مصلى المسلمين، وفي لفظ: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر
من خدرها، وحتى تخرج الحُيض فيكبرن بتكبيرهن، ويدعون بدعائهن، يرجون بركة
ذلك اليوم وطهرته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس:
"عن أم عطية نسيبة" بضم النون وفتحها، وهي
بنت كعب الأنصارية "-رضي الله تعالى عنها- قالت: أمرنا" تعني النبي -عليه
الصلاة والسلام-، وفي بعض ألفاظ الحديث: "أمرنا" واللفظ الذي معنا مرفوع
قطعاً لذكر الآمر، وفي قولها: أمرنا في بعض الروايات، الأمر لا يتجه إلا
لمن له الأمر والنهي في أحكام الشرع، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو
مرفوع عند الجمهور، وإن قال أبو بكر الإسماعيلي: إنه موقوف حتى يصرح
بالآمر، لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، اللفظ
الذي معنا أمرنا بالبناء للمفعول، وذكر الآمر وهو النبي -عليه الصلاة
والسلام-، مساوٍ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: أخرجوا في العيدين، مساوٍ
لصريح الأمر، وإن قال داود الظاهري وبعض المتكلمين: إنه لا يدل على حقيقة
الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، لماذا؟ قالوا: لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه
أمر أو نهي، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، لكن هذا القول مردود، لماذا؟
لأن الصحابة إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها؟ وإذا تطرق
مثل هذا الاحتمال ما قامت للنصوص قائمة، كل لفظ وفيه احتمال.
"أمرنا" تعني النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن نخرج في العيدين العواتق"
العواتق جمع عاتق، وهي التي عتقت عن الخدمة ببلوغها، أو بمقاربتها البلوغ.
"وذوات الخدور" هي التي لا تبرز، بل تلازم خدرها من الحرائر المكنونات
"وأمر الحيض" وفي رواية: وذوات الحيض، أو الحيض داخلات في الأمر، أمرنا أن
نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور والحيض، فالكل مأمور بالخروج لصلاة
العيد، ومع ذلك أمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين، فالمرأة الحائض لا تدخل
المصلى، علماً بأن مصلى العيد أحكامه أخف من أحكام المسجد، فإذا أمرت
باعتزال المصلى فلئن تؤمر باعتزال المسجد من باب أولى، ومنهم من يقول: إن
المراد بمصلى المسلمين المكان الذي تؤدى فيه الصلاة، فتؤمر بالابتعاد عنه؛
لئلا تضيق على المصلين، أو لئلا يوجد من بين المصلين من لا يصلي فيساء الظن
به، كما أن من صلى في رحله إذا دخل المسجد يصلي مع المسلمين؛ لئلا يساء به
الظن.
"وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين" وعلى
كل حال الحائض لا تدخل المسجد بهذا الخبر كالجنب.
"وفي لفظ: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج
الحيض فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، ويرجون بركة ذلك اليوم وطهرته"
"يشهدن الخير" كما في الصحيح "يشهد الخير ودعوة المسلمين" فالكل يخرج،
ومنصوص على العواتق وذوات الخدور رداً على من يقول بأن الشواب لا يخرجن،
ولا يبرزن لصلاة العيد، نعم لا يخرجن على هيئة يفتتن بهن الرجال، بل يخرجن
تفلات كسائر الصلوات، بحيث لا يفتتن بهن الرجال، وأما كون الأبكار وذوات
الخدور والشواب يمنعن من البروز لصلاة العيد فلا، وفي الحديث رد على من
يمنعهن، نعم إذا خشيت الفتنة فالمسألة معروفة عند أهل العلم، درء المفاسد
مقدم على جلب المصالح، ومع هذا لا بد من الاحتياط، من أن يخرجن فاتنات
مفتونات، أو متبرجات، أو يكن بمقربة من الرجال، أو بدون فاصل ولا عازل، لا
بد أن يعتزل النساء عن الرجال، ولبعدهن خصهن النبي -عليه الصلاة والسلام-
بالخطبة، ولو كن قريبات من الرجال ما خصهن بخطبة كما في الحديث السابق، فدل
على بعدهن من الرجال، وأنهن بمثابة من لا يفتتن بهن، فإذا توافرت هذه
الشروط فإخراج النساء إلى صلاة العيد سنة عند الجمهور، وأوجبه بعضهم؛ لأن
الأمر الأصل فيه الوجوب، ولا يبعد القول بالوجوب بالشروط والضوابط
المذكورة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله-:
باب: صلاة الكسوف
عن عائشة -رضي الله عنها- أن الشمس خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، فبعث منادياً ينادي: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، وتقدم فكبر، وصلى أربع
ركعات في ركعتين، وأربع سجدات.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صلاة الكسوف
والكسوف مصدر كالخسوف، ويطلقان معاً على
ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه، فيقال: كسفت الشمس وخسفت، كسف القمر وخسف،
جاء: ((لا ينكسفان)) وجاء أيضاً ((لا ينخسفان)) ومنهم من يخصص الكسوف
بالشمس والخسوف بالقمر، ومنهم من يعكس، لكن جاء هذا بإطلاق هذا بإزاء هذا،
وجاء العكس، فالأمر فيه سعة، وجاء إطلاق الخسوف على القمر {فَإِذَا بَرِقَ
الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(7 - 8) سورة القيامة] وفي هذا الحديث
حديث عائشة: "أن الشمس خسفت" ويطلق الخسوف على كل منهما، كما أنه جاء
الكسوف بإزاء كل واحد منهما، فالأمر فيه سعة.
والكسوف ومثله الخسوف ذهاب ضوء أحد النيرين الشمس والقمر أو بعضه، وأهل
الهيئة يردون الأمر إلى شيء عادي، ويدركونه بحسابهم، ويقولون في خسوف القمر
مثلاً: إن الأرض حالت بين القمر وبين استمداده من نور الشمس، وماذا عن كسوف
الشمس؟ ما الذي حال دونها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف يحول القمر دونها؟ هو يستمد نوره منها، على كلامهم، يعني يتصور أن تحول
الأرض دون الشمس، ونحن على ظهرها ولا نرى حائلاً؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا الأرض ما تحول دون الشمس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والأرض؟
طالب:. . . . . . . . .
ابن العربي يستبعد مثل هذا، أن الصغير كيف
يحول ويغطي الكبير؟ يستبعد هذا جداً، ويرد عليهم بقوة، كيف الصغير يغطي
الكبير؟ لكن ترى هذا أمر ما هو مستغرب نظراً للقرب والبعد، فلو وضعت هذه
الورقة دون الباب حالت دون الباب ما ترى شيئاً من الباب، طيب نسبتها إلى
الباب؟ صغيرة جداً، لكن نظراً لقربها تحجب الباب، فليس بمستبعد من هذه
الحيثية، وهم يقولون: إن هذه أمور تدرك بالحساب ولا تتخلف، حساباتهم منضبطة
بالدقيقة بل بالثانية، وينكر جمع من أهل العلم علمهم بهذا، ويقولون: إن هذا
من إدعاء علم الغيب، أو من الكهانة أو شيء من هذا، لكن الواقع يثبت أن هذا
شيء مطرد، وهذا أمر ما دام يدرك بحسابهم واطرد أمرهم فيه، وعرف أن بعضهم
ثقات، لا يستخدمون شيئاً محرماً للوصول إلى هذه الحقائق، فلا مانع من
إدراكه بالحساب، لكن يبقى أن إخبار الناس بهذا يفوت الفائدة التي من أجلها
وجد هذا التغير في الكون، هل يخاف الناس إذا حصل الكسوف أو الخسوف؟ الآن
وضع الناس يخافون أو هذا أمر عادي مثل ما تطلع الشمس وتغاب يذهب ضوؤها أو
بعضه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عادي صار عند الناس، وسببه إخبارهم قبل حدوثه بمدة، فهذا يفوت المصلحة
والحكمة من التغيير، وهو التخويف، آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده،
{وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] هذه
الفائدة، ولذا لا نرى أثراً على عامة الناس، بل وعلى خاصتهم من أهل العلم،
وطلبة العلم عندما يحدث هذا التغير، شيء عادي، وسمعوه من الصحف قبل أسبوع
أو شهر أنه سوف يحدث، وقد يخبر بما يحدث في هذه السنة كلها، فهذا لا شك أن
له أثره، ويكون سبباً في إذهاب الفائدة والحكمة من إرسال هذه الآيات أو
وقوع هذه الآيات، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حدث الكسوف في عصره خرج
يجر رداءه يظن أنها الساعة، من شدة الخوف من الله -جل وعلا-، وكونه أمر
مطرد، ويدرك بالحساب، وأنه وقع وسيقع، لكن قد يحدث أمور تقارن هذا التغيير،
فالقادر على هذا التغيير لا شك أنه قادر على أن يقرنه بشيء أعظم منه، وقد
حصل.
الأمر الثاني: أن من الحِكم أن الإنسان
يتذكر ما سيحصل في القيامة فيرعوي ويراجع نفسه {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}
[(1) سورة التكوير] {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(8) سورة القيامة] المقصود أن
هذه الآيات، الآيات يحصل لها ما يحصل في يوم القيامة، وإذا حصل شيء من
التغير تذكرنا التغيير الأكبر.
طالب:. . . . . . . . .
الفقهاء يقولون: ذهب، وهو ذهاب بالنسبة للرائي.
يقول في الحديث الأول:
"عن عائشة -رضي الله عنها- أن الشمس خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، فبعث منادياً ينادي" خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يوم مات إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال الناس: خسفت الشمس
لموت إبراهيم، وكان عندهم هذا الاعتقاد، أنها إنما تنكسف إذا مات عظيم،
فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي: ((إن الشمس والقمر آيتان
من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) فبين النبي -عليه الصلاة
والسلام- الحكمة، وأن هذا غير مقترن بموت أحد ولا وفاته.
"فبعث منادياً ينادي الصلاة جامعة" بفتح الجزأين، ويروى بضمهما الصلاةُ
جامعةٌ، على المبتدأ والخبر، وأما الصلاةَ فعلى الإغراء، وجامعة حال.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الصلاة جامعة، الصلاة على الإغراء، وجامعة حال، الصلاة جامعة برفع الجزأين
على المبتدأ والخبر. "فاجتمعوا" الآن صلاة الخسوف ينادى لها، الصلاة جامعة،
وعرفنا أن العيد لا ينادى لها ولا الاستسقاء؛ لأن صلاة العيد وصلاة
الاستسقاء يرتب لها قبل ذلك، ويعرف أنها تقع في الوقت الفلاني والمكان
الفلاني، أما الكسوف وهو يحصل على غرة، والناس في أعمالهم وأشغالهم، وقد
يكون في وقت نومهم وراحتهم، فينادى لها ليجتمع الناس، فالتجميع لصلاة
الكسوف سنة.
"فاجتمعوا وتقدم" ...
طالب:. . . . . . . . .
ومع ذلك يقع على غرة؛ لأن الناس لا يولونها
من العناية مثل ما يولون صلاة العيد، صلاة العيد مقترنة بأحداث تحف بها
قبلها وبعدها فيهتم بها، وصلاة الاستسقاء يدعى لها من قبل الإمام، ويؤكد
على ذلك، فيجتمع الناس في وقت محدد، لكن صلاة الكسوف هل سبق أن سمعتم بيان
من الديوان الملكي أنه بيصير كسوف في يوم كذا، فاجتمعوا وصلوا، لا، هذا
مقرون بالرؤية، والحكم معلق بها ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا)).
"وتقدم فصلى فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات" أربع ركعات يعني
ركوعات، ويأتي تفصيلها في الأحاديث اللاحقة "في ركعتين" الأصل أن صلاة
الكسوف ركعتان، في كل ركعة ركوعان وسجدتان، ففيها أربع ركوعات، وأربع سجدات
في ركعتين.
الحديث الثاني:
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-:
((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، وإنهما لا
ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، فإذا رأيتم منهما شيئاً فصلوا
وادعوا حتى ينكشف ما بكم)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:
"عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري" بدري منسوب إلى بدر، المكان،
نزل بدراً فنسب إليه، ولم يشهد بدراً الغزوة المعروفة عند الجمهور، وإن
ذكره البخاري أنه شهدها "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن
الشمس والقمر آيتان)) " يعني علامتان من العلامات التي ((يخوف الله بهما
عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته)) وكانوا يعزمون في
الجاهلية أن الشمس تنكسف أو القمر ينكسف لموت عظيم، فنفاه النبي -عليه
الصلاة والسلام-، وبالغ في النفي حتى ألحق الحياة بالموت، وإلا هل يوجد من
يقول: إن الشمس تكسف لحياة أحد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا تنكسف لحياة أحد، ما قال أحد.
طالب:. . . . . . . . .
نعم ما هي بالمولد، إنما يزعمون أنها تنكسف للموت لا للحياة، فبالغ النبي
-عليه الصلاة والسلام- ونفى ذلك، لا موت ولا حياة، كما قال الصحابي: لا
يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها، في أحد يسمي في
آخر القراءة؟ هذا مبالغة في النفي.
طالب:. . . . . . . . .
أنت راجعتها أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هي موجودة، هي صحيحة على كل حال.
((فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا)) التعليق بالرؤية، والعطف بالفاء في الجزاء
دليل على أن الصلاة معلقة بالرؤية، لا بالتوقع ولا بالظن، ولا اعتماد قول
فلان ولا علان، إنما يصلى عند رؤية شيء من ذلك، ومقتضى قوله: ((إذا رأيتم
منها شيئاً فصلوا)) وهو أمر، والأمر للوجوب، وقد نقل الإجماع على أن صلاة
الكسوف سنة وليست بواجبة، نقله النووي وغيره، وقد ترجم أبو عوانة في صحيحه:
باب وجوب صلاة الكسوف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا قال: باب وجوب صلاة الكسوف، وعلى كل حال قول الجمهور معروف،
وحجته أنه لا يجب غير الصلوات الخمس على ما ذكرناه في الاستدلال لحكم صلاة
العيد.
((إذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) ومقتضى هذا أنه
مجرد ما يقع يحصل الأمر بالصلاة، في أي وقت كان، ولو كان وقت نهي، أما على
القول بوجوبها فلا تعارض بينها وبين أحاديث النهي؛ لأن النهي عن النوافل لا
عن الواجبات، وعلى القول باستحبابها، فمن يقول بأن أوقات النهي لا يفعل
فيها شيء من النوافل مطلقاً، وهم الجمهور، المالكية والحنفية والحنابلة
يطرد مذهبهم، يقولون: لا تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي، يعني لو حصل مع
طلوع الشمس، أو مع زوالها، أو مع غروبها، أو بعد الصبح، أو بعد العصر، لا
صلاة عند من يقول بأنه لا يفعل شيء حتى ما له سبب في أوقات النهي من
النوافل، وأما عند الشافعية فهم يصلون بناء على فعل ذوات الأسباب في أوقات
النهي عندهم، والمسألة فرع من المسألة السابقة الكبيرة التي بحثناها
مراراً، وهي فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، والجمهور الحنفية والمالكية
والحنابلة لا يفعل شيئاً، حتى ما له سبب، خلافاً للشافعية، الآن ابن خزيمة
وش قال؟ باب الأمر، ما نحتاج إلى هذه الترجمة وعندنا من النص ((فصلوا
وادعوا)) يعني هل القائل بوجوب صلاة الكسوف يقول بوجوب الدعاء؟ مقتضى الأمر
نعم، أنه يجب عليه أن يدعو.
طالب:. . . . . . . . .
إيه الأمر ما فيه إشكال، لكن هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما يفيد القارئ، يعني إذا أردنا أن نستفيد الأمر من الترجمة، وعندنا
أمر صريح، ما في قدر زائد على ما في النص، لكن لو صرح بالوجوب أو
بالاستحباب عرفنا رأيه في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ما يرد عليه كلام ابن خزيمة.
طالب:. . . . . . . . .
يرد عليه، ابن عوانة يرد عليه، وقد يغفل أثناء النقل عن صحيح أبي عوانة،
لكن هل يغفل عن صحيح البخاري؟ النووي يظن أنه يغفل عن صحيح البخاري في
قوله: وعيادة المريض سنة بالإجماع، والبخاري يقول: باب وجوب عيادة المريض؟
يعني إذا تصورنا أنه يغفل عن أبي عوانة ما يغفل عن البخاري.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما وصل، ما وصل لا لا.
((فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) يعني حتى ينجلي
هذا الكسوف، ويعود النور إلى النيرين.
طالب:. . . . . . . . .
المغلظة، لا، والموسعة لا بأس.
طالب: الغلظة لا يصلي؟
لا ما يصلي أبداً، الثلاثة المضيقة لا.
طالب:. . . . . . . . .
ينشغل بالدعاء حتى يؤذن نعم، المسألة كلها عشر دقائق ما تزيد.
أهل العلم يقولون: إذا غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصل، طلعت
الشمس، هم يقولون: لذهاب الانتفاع بهما؛ لأنه إذا غابت الشمس خلاص ما لنا
دعوة، وطلعت الشمس خلاص لسنا بحاجة إلى القمر بطلوع الشمس لذهاب الانتفاع
بهما، لكن هذا التعليل عليل، إذا غابت الشمس كاسفة متى نعرف أنه أنجلى أو
ما أنجلى؟ ما ندري، الأمر معلق بالرؤية، فإذا غابت كيف نراها؟ كيف نرى
حصوله؟ وكيف نرى انجلاؤه؟ وقل مثل هذا في القمر؛ لأنه إذا طلعت الشمس،
واشتد ضوؤها، ذهبت الصفرة عنها، انتهى ضوء القمر.
نعم.
الحديث الثالث:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خسفت الشمس
على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فصلى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- بالناس فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال
القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول،
ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة
الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم
قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا
لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)) ثم قال: ((يا
أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله سبحانه من أن يزني عبده أو تزني
أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً))
وفي لفظ: فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات.
نعم يقول المؤلف -رحمة الله عليه- في الحديث الثالث:
"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خسفت
الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" العلماء يقررون أن الشمس لم
تنكسف إلا مرة واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مقترنة بموت
إبراهيم، وفي كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- تصريح بذلك، والتعريض بمن يقول:
إن صلاة الكسوف تعددت، ولذا جاءت على صفات متعددة، هي ركعتان في كل ركعة
ركوعان، وهذا المتفق عليه، وجاء ثلاثة ركوعات، وأربعة ركوعات في مسلم،
وخمسة ركوعات في غيره، فمنهم من يحكم بما اتفق عليه الشيخان هو المحفوظ،
وما عداه يكون شاذاً، ومنهم من يحمل التعدد في الصفات على تعدد وقوع القصة،
يريد أن يحفظ ثقة الرواة من أن تخدش بالوهم أو بالخطأ، حماية لجنابهم،
نقول: بعض العلماء عندهم من الجرأة المبنية على الإطلاع على نصوص الشريعة
وقواعدها، تحمله هذه الجرأة على أن يحكم بتوهيم الرواة وإن كانوا ثقات،
ومنهم من يجبن عن هذا، فيحتاط للرواة من أن يحكم عليهم بالخطأ والوهم، ما
داموا ثقات، فلا مانع أن تتعدد القصة وش المانع؟ ما دامت الرواية في الصحيح
فما المانع أن تثبت القصص كلها التي دلت الأدلة الصحيحة على اختلاف صورها؟
وبعضهم يتوسع في هذا حتى يجعل ما مرده إلى اختلاف الرواة في ألفاظهم التي
لا يترتب عليها اختلاف في الحكم، فيقول بتعدد القصة.
شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: ما حدث الخسوف إلا مرة واحدة، وما مات
إبراهيم إلا مرة واحدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مبالغة في النفي، النووي وغيره ما عندهم مانع أن تتعدد القصة صيانة لجناب
الرواة الثقات من أن يحكم عليهم بالوهم.
"خسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فقام فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس فأطال القيام"
وفي حديث ابن عباس: نحواً من سورة البقرة، وجاء أنه قرأ فيها سورة البقرة،
فقوله: "نحواً" يستدل به من يقول: إن صلاة الكسوف سرية وليست جهرية، إذ لو
كانت جهرية ما قال: نحواً من سورة البقرة، لقال: قرأ سورة البقرة، لكن جزم
بذلك، فدل على أنها جهرية، وكون ابن عباس لم يتبين القراءة إما لبعده، أو
لمؤثر آخر جعله لم يتبين القراءة، المقصود أن من أثبت مقدم على من لم يثبت
سواء كان نافياً أو غير نافٍ.
"فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع" قام قياماً طويلاً "ثم ركع فأطال
الركوع" ركع ركوعاً طويلاً "ثم قام فأطال القيام وهو دون قيام الليل" أطال
القيام بعد ركوعه، والاتفاق حاصل على أن القيام الأول يقرأ فيه الفاتحة
وسورة طويلة، القيام الثاني بعد الركوع يقرأ فيه القرآن؛ لأنه تابع للقيام
الأول، لكن هل تقرأ الفاتحة أو لا؟ الجمهور على أنها تقرأ في القيام الأول،
وبعض أصحاب مالك يقولون: يُكتفى بقراءة الفاتحة في القيام الأول؛ لأنه تابع
له، تابع للقيام الأول.
"فأطال القيام وهو دون القيام الأول" القيام الأول أولية مطلقة "ثم ركع
فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد" يعني ثم رفع من ركوعه, ولم
يتعرض فيه هل هو قيام طويل بعد الركوع الثاني أو لا؟ "ثم سجد" القيام الأول
والركوع الأول هما ركنا الركعة الأولى، والقيام الثاني مع ركوعه قدر زائد
على أصل الصلاة، فلا تدرك بهما الركعة، يعني إذا جاء المسبوق والإمام يقرأ
في القيام الثاني من الركعة الأولى أدرك الركعة وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، حتى
يدرك الركوع الأول.
"ركع ركوعين في الركعة الأولى" بهذا قال
الجمهور، أكثر أهل العلم على أن في كل ركعة ركوعين، والحنفية يقولون: تصلى
صلاة الكسوف ركعتين لا صفة لهما زائدة، يعني مثل ما تصلى النوافل، ومثل ما
تصلى الصبح، لا صفة لهما زائدة، ركعتان بركوعين وأربع سجدات، استدل لهم
بحديث: ((فإذا رأيتم ذلك فصلوهما كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة)) ثم
يقولون: ركعتان، لا صفة لهما زائدة، والذي حصل في وقت النبي -عليه الصلاة
والسلام- في وقت الضحى، وأحدث صلاة من المكتوبة هي صلاة الصبح، فيصلي
ركعتين، لا صفة لهما زائدة، لكن ماذا عما لو كان الخسوف بعد الظهر؟ يلزم
على قولهم: إن يصلوا صلاة الكسوف أربع ركعات، أو بعد العصر، أو بعد العشاء؟
على هذا الحديث، لكن الحديث لا يقاوم ما ثبت في الصحيحين وغيره.
يجيبون عن هذه الأحاديث بأجوبة لا أدري كيف تمشي على عالم؟ هنا الركوع
الثاني هو راكع الرسول -عليه الصلاة والسلام- ركوع طويل، ثم يرفع لينظر هل
أنجلى الكسوف، ثم يرجع إلى ركوعه، هذا هو الرفع الذي حصل، هل يتصور أنه جاء
في مثله .. ، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول هذا مجرد رفع لينظر
فقط؟ المقصود أن مثل هذا الجواب يثبت لرد مثل هذه النصوص أو لمعارضة مثل
هذا؟ لا يمكن.
"ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود" أطال
السجود، المعروف عند الشافعية أن السجود لا يطال، وكأنه لم يثبت عندهم،
والشافعي لم يذكره في الأم، وتبعوه على هذا، لكن الحق أحق أن يتبع، والعبرة
بما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذا قال بعض الشافعية: بأنه يطال
طرداً لقول الإمام الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وقد صح بذلك.
"ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة
الأولى" نعم في بعض الروايات: ثم قام قياماً طويلاً للركعة الثانية، وهو
دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم قام
قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع
الأول، ثم سجد سجوداً طويلاً، وهو دون السجود الأول ... إلى آخره.
وهنا يأتي البحث في الأولية هنا هل هي
أولية نسبية أو نسبية مطلقة؟ إذا قلنا: أولية مطلقة قلنا: إن القيام في
المواضع الثلاثة متساوي، في الثاني والثالث والرابع، هذا القيام متساوٍ،
يعني إذا قرأ في القيام الأول سورة البقرة، فيقرأ في الثاني آل عمران، وفي
الثالث الأعراف؛ لأنها بقدرها، بقدر آل عمران، ثم .... للقيام الرابع سورة
بقدر، أو يجمع بين سورتين بقدر آل عمران والأعراف، تكون متساوية، لكنها
يشملها وصف واحد وهي دون القيام الأول.
وإذا قلنا: إن الأولية نسبية، قلنا: الأول طويل جداً، الذي يليه طويل، لكنه
دونه، والثالث يلي الثاني، لكنه دونه، والرابع يلي الثالث لكنه دونه، فيكون
الأول بالنسبة لما قبله، الأول أولية مطلقة هو الذي لم يتقدمه شيء، الثاني
تقدمه الأول، لكنه أول بالنسبة للثالث، والثالث تقدمه اثنان، لكنه أول
بالنسبة للرابع وهكذا، وعلى هذا يكون القيام الأول طويل جداً، يليه الثاني
ثم الثالث ثم الرابع وهكذا.
"ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى، ثم انصرف وقد تجلت
الشمس" إذا قرأ في القيام الأول سورة البقرة، وسورة بنحو آل عمران في
الثانية وهكذا، زمن طويل، نعم زمن طويل مع ركوعه الطويل وسجوده الطويل "وقد
تجلت الشمس" لكن لو أنصرف ولم تتجل الشمس؟ يعيدون الصلاة؟ لا، الصلاة ما
تعاد، وإنما يكثرون من الذكر والدعاء.
طالب:. . . . . . . . .
في مكانهم أو إذا انصرفوا ما في ما يمنع.
"ثم أنصرف وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه" أستدل بهذا
من يقول: إن صلاة الكسوف لها خطبة، وهو صريح في الدلالة على ذلك، خطب
الناس، والصحابي يعرف معنى الخطبة.
"فحمد الله، وأثنى عليه" مقومات الخطبة "ثم
قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا
لحياته، فإذا رأيتم ذلك)) " ... إلى آخر الحديث، فدل على أن صلاة الكسوف
لها خطبة أخذاً من هذا الحديث، ويخالف جمع من أهل العلم ويقولون: إنها ليس
لها خطبة راتبة، وإنما قد يوجد ما يدعو إلى موعظة، أو دفع إشكال أو شبهة،
أو تنبيه على مخالفة، إذا وجد مثل هذا، كما وجد في عصره -عليه الصلاة
والسلام- أنهم قالوا: كسفت لموت إبراهيم، فأراد النبي -عليه الصلاة
والسلام- كشف هذه الشبهة، ولم يرد الخطبة.
((فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)) لا شك أن الصدقة على
ما تقدم في باب صلاة العيد تدفع مثل هذه الأمور المخوفة، وتطفئ غضب الرب،
فهي مناسبة جداً مع الذكر والدعاء، والإكثار من الاستغفار "ثم، قال: ((يا
أمة محمد، والله ما من أحد أغيرَ)) " أو أغيرُ؟ ((والله ما من أحد)) (من)
هذه زائدة لتأكيد النفي، و (أحد) مجرور لفظاً مرفوع محلاً، اسم (ما) وخبرها
(أغير) فإن كانت حجازية قلنا: أغيرَ، تعمل عمل ليس، وإن كانت تميمية قلنا:
أغيرُ ((من الله -سبحانه وتعالى-)) ويوصف الله -جل وعلا- بالغيرة على ما
يليق بجلاله وعظمته ((أن يزني عبده أو تزني أمته)) الزنا الفاحشة أمرها
عظيم، وشأنها خطير من كبائر الذنوب، بإجماع أهل العلم، فالله -جل وعلا-
يغار، فلا بد من وضع .. ، وقد وضع الشرع الاحتياطات الكفيلة بمنع هذه
الفاحشة ((أو تزني أمته)).
((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) يعني ما عند الله -جل وعلا- من
العذاب للعصاة والمخالفين ((لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) ولو علم الناس
ما عند الله من العذاب والانتقام ما طمع في رحمته أحد، ولو علم ما عنده من
سعة الرحمة والنعيم المقيم ما أيس من رحمته أحد، المقصود أنه لا بد أن يجمع
الإنسان بين المقامين مقام الخوف ومقام الرجاء.
((والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً،
ولبكيتم كثيراً)) مع الأسف أن مجالس الناس ومحافلهم معمورة بالطرائف
والنكت، وهذا ديدن كثير من الناس، منهم من ينقل ويؤثر عن غيره, ومنهم من
يبتدع ويختلق القصص، وينسب إلى بعض الناس، أو إلى بعض الجهات، ويلصق بهم ما
ليس فيهم، وهذا شأنه عظيم، وقد جاء في الخبر، ويل لمضحك القوم.
((ولبكيتم كثيراً)) وفي لفظ: "فأستكمل أربع ركعات وأربع سجدات" لا بد من
السرعة في الشرح على شان الباقي كثير جداً.
نعم.
عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: خسفت الشمس على زمان رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد فقام
فصلى بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: ((إن هذه
الآيات التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله
يرسلها يخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه
واستغفاره)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع من باب صلاة الكسوف:
"وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: خسفت
الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فزعاً يخشى أن تكون
الساعة" جاءه ما ذهله، وإلا فالساعة مسبوقة بعلامات لم تحصل، فكيف يخشى
-عليه الصلاة والسلام- مع أن العلامات التي أخبر هو بها لم تحصل؟ هذا أمر
بالنسبة لأرباب العقول والألباب والقلوب الحية السلمية لا شك أنه مذهل، لكن
إذا ماتت القلوب فلا فائدة.
خرج -عليه الصلاة والسلام- "قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد
فقام فصلى بأطول قيام" وعرفنا أنه نحو من سورة البقرة، وركوع وسجود ما
رأيته يفعله في صلاته قط لطوله "ثم قال: ((إن هذه الآيات)) ومنها الشمس
والقمر ((التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله
يرسلها يخوف بها عباده)) " كما قال الله -جل وعلا-: {وَمَا نُرْسِلُ
بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء].
((فإذا رأيتم منها شيئاً)) (شيئاً) نكرة في
جواب الشرط فتعم ((فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)) ولذا يقول جمع من
أهل العلم: إن الآيات كلها يصلى لها مثل صلاة الكسوف، زلزلة مثلاً، أو ظلمة
في النهار، أو ضوء شديد في الليل، أو تساقط نجوم، أو ما أشبه ذلك من الآيات
المخوفة يصلى لها، وقد صلى بعض الصحابة للزلزلة، لكن لم يثبت بشيء منها ما
يدل على أنه يصلى لها إلا مثل هذا العموم.
((إن مثل هذه الآيات التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته،
ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكره
وإلى دعائه واستغفاره)) لا شك أن مثل هذه الآيات مخوفة، ولو لم يرد فيها نص
يدل على الصلاة من أجلها على هذه الصفة، لكن قوله: ((فافزعوا إلى ذكر الله
وإلى دعائه واستغفاره)) بما يدفع به مثل هذا الأمر المخوف من الذكر والدعاء
والاستغفار والندم والتوبة والإقلاع والصدقة، وغير ذلك مما يستدفع به
البلاء، هذا متجه، أما الصلاة فهي خاصة بالشمس والقمر.
باب: الاستسقاء
عن عبد الله بن عاصم المازني قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي
فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة، وفي
لفظ: أتى المصلى.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الاستسقاء
والسين والتاء للطلب، يعني طلب السقيا من الله -جل وعلا-، إذا قام السبب من
الجدب، القحط، واحتاج الناس إلى نزول المطر يستسقون، والنبي -عليه الصلاة
والسلام- استسقى على أوجه: منها ما في هذا الباب، مما يقترن بالصلاة صلاة
الاستسقاء، ومنها ما هو في خطبة الجمعة، كما سيأتي في الحديث الثاني،
يستسقي في خطبة الجمعة، ومنها: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسقى عند
أحجار الزيت، دعا فسقوا، واستسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالدعاء في
إحدى الغزوات لما سبقهم المشركون إلى الماء وغير ذلك، المقصود أنه -عليه
الصلاة والسلام- يُجاب، أجيب في جميع استسقاءاته، ونزل المطر، وزالت الشدة.
"عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني" هذا
راوي الوضوء، بخلاف عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان "-رضي
الله عنه- قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي" خرج، فدل على أن
صلاة الاستسقاء يُخرج لها عن البلد، وتكون في الصحراء كالعيد "يستسقي فتوجه
إلى القبلة" لكن إذا وجد الداعي لئن تصلى في المساجد، إذا وجد الداعي لذلك
فلا مانع منه، لكن الأصل أنها يُخرج لها، يعدهم يوماً يستسقون فيه، ثم
يخرجون إلى الصحراء.
"خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول
رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة" في بعض الروايات: "كما يصلي في
العيد" ولذا يشرع التكبير في أول صلاة الاستسقاء، مثل التكبير لصلاة العيد،
المقصود أنه توجه إلى القبلة "ودعا وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما
بالقراءة" وفي لفظ: أتى المصلى، يعني ثم بعد ذلك "دعا، وحول رداءه، ثم صلى
ركعتين" ثم صلى ركعتين يدل على أن الصلاة بعد الدعاء، وجاء ما يدل على أن
الصلاة قبل، وفي الأمر سعة، يعني إن قدم الدعاء قبل الصلاة فلا بأس، وإن
أخر عنها فلا بأس، بعضهم يجمع بين ما اختلف من الروايات بأنه يبدأ بدعاء
خفيف، ثم يصلي الركعتين، ثم بعد ذلك يخطب الخطبة المتضمنة للدعاء المفصل.
يقول: "ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة" فدل على أن صلاة الاستسقاء يجهر
فيها بالقراءة كالجمعة، وإن كانت نهارية، خلافاً لمن يطرد القول بأن صلاة
الليل جهر، وصلاة النهار سر، فيفرق بين كسوف الشمس، وخسوف القمر، فالشمس
سرية، والقمر جهرية، والخلاف معروف بين أهل العلم، لكن الأدلة دلت على
الجهر بهذه الصلوات.
نعم.
عن أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم
الجمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم
يخطب، فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً، ثم قال: يا رسول
الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعُ الله يغثنا، قال: فرفع رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم
أغثنا)) قال أنس: فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة, وما بيننا
وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت
السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، قال: ثم دخل
رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله قائم يخطب، فاستقبله
قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها
عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم
حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية، ومنابت
الشجر)) قال: فأقلعت، وخرجنا نمشي في الشمس.
قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري.
الضراب: الجبال الصغار، والآكام: جمع أكمة، وهي أعلى من الرابية، ودون
الهضبة، ودار القضاء: دار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، سميت بذلك لأنها
بيعت في قضاء دينه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:
"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان
نحو دار القضاء، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب الجمعة" ودار
القضاء المتبادر من اللفظ: أنها المكان المعد للقضاء، وفصل الخصومات بين
الناس، لكنها ليست كذلك، إنما عرفت بهذا الاسم؛ لأنها كانت لعمر -رضي الله
عنه-، فأوصى بها أن تباع وتقضى ديونه، ويقضى من قيمتها ديونه -رضي الله عنه
وأرضاه-، وهو الخليفة الراشد، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- كان مديوناً،
بيعت داره وسددت الديون منها.
"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم
يخطب" والجمعة حال، والحال أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب
"فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً" يعني الرجل استقبل النبي
-عليه الصلاة والسلام-، يعني وجهاً لوجه، قائم بإزائه ليراه "ثم قال: يا
رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغثنا" وفي رواية:
"يغيثنا" بالياء، هذا الرجل اختلف في اسمه هل هو أبو سفيان أو غيره؟
المقصود أنه لا يترتب على ذكره فائدة.
"هلكت الأموال" من القحط والجدب، وعيشها بالكلأ والعشب، فإذا عدم هذا هلكت
الأموال التي هي ذوات الأرواح "وانقطعت السبل" يعني الطرق انقطعت، لماذا؟
لأنها صارت مفاوز مهلكة، لا يوجد فيها ماء للشرب ولا للاستعمال، فيؤدي هذا
إلى انقطاعها.
"فادعُ الله يغثنا" وفي رواية: يغيثنا، فإذا كانت بلفظ: "يغثنا" فهي جواب
الطلب، ادع الله يغثنا، أو جواب شرط مقدر، ادع الله فإن تدعه يغثنا، وعلى
"يغيثنا" إما أن يقال: إنها إشباع، الياء هذه إشباع "إنه من يتقي ويصبر"
إشباع، أو يقال كما قيل في: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا *
يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم] ما قال: يرثْني، والتوجيه ذكر في التفسير.
"قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم أغثنا،
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) " ثلاثاً، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا تكلمَ
تكلم ثلاثاً، وإذا سلمَ سلم ثلاثاً.
"قال أنس: فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة" لا في سحاب متصل
بعضه ببعض، ولا متفرق؛ لأن القزع الأشياء المتفرقة، ومنه القزع في رأس
الصبي، وهو حلق بعض شعره وترك بعضه "ليس فيه سحاب ولا قزع، وما بيننا وبين
سلع" وهو جبل في المدينة "وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار" يستفاد من
هذا؟ الفضاء من المسجد إلى سلع، يعني لو كان فيه بيوت يحتمل أن يكون في
السماء سحاب لا يرى مما يحول دونه من البيوت، لكن المجال مكشوف، وليس فيه
لا سحاب ولا قزع.
"قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس" يعني مثل هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بقدر المدينة، مثل الترس "فلما توسطت
السماء انتشرت، ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً" مطر متتابع
سبتاً، يعني أسبوع، ويطلق البعض ويراد الكل، وإلا فالسبت اليوم المعروف،
يطلق على الأسبوع سبت، ويطلق عليه جمعة، باعتبار أنه جزء من أجزائه.
"فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة
المقبلة" الجمعة الثانية التي تليها دخل رجل ورسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قائم يخطب بالناس، "فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل"
....
|