شرح عمدة الأحكام عبد الكريم الخضير

شرح عمدة الأحكام - كتاب البيوع (2)
باب: اللقطة - باب: الوصايا - باب: الفرائض

الشيخ: عبد الكريم الخضير
لأننا نشترك معاً في الغنم والغرم، نعم، ولذلك يقول: "كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه" جزء معلوم من الأرض، لا نسبة معينة من النتاج "وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه" إذا أخرجت هذه تضرر واحد، وإذا أخرجت هذه تضرر الثاني، "فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا" الذهب والورق يعني بالأجرة، قلت لك: والله هذه مساحتها كيلو متر مربع، ازرعها لي وأعطيك كل سنة مائة ألف، ما في ما يمنع، بالذهب والورق ما في ما يمنع، "فأما الذهب والورق فلم ينهنا" ولمسلم عن حنظلة بن قيس: قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما على الماذيانات، وأقبال الجداول.
الماذيانات: الأنهار الكبار، وأقبال الجدول: النهر الصغير.
فيقول صاحب الأرض: ازرعها لي، لكن ترى كل اللي حول السواقي والأنهار القريب من الماء لي، والبعيد عنه لك، نعم، يصح وإلا ما يصح؟ ما يصح، ليش؟ لأنه يمكن يتضرر صاحب .. ، المزارع؛ لأن النصيب الذي جعل له بعيد عن الماء، فيهلك من العطش، وربما يتضرر صاحب الأرض بحيث يزيد الماء على الزراعة فتغرق؛ لأن الزيادة والنقص على حد سواءً، إذا زاد الماء على الزرع يتضرر، وإذا نقص عنه يتضرر.
فيقول: "وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه" النبي -عليه الصلاة والسلام- "فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" معلوم النسبة، لا معلوم الجهة، الآن الفرق ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الفرق ظاهر؛ لأنهم في علم النسبة فقط يشتركون في الغنم والغرم، وفي علم الجهة يتضرر واحد دون الثاني، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الماذيانات الأنهار الكبار.
ترون الكبر والصغر نسبي، ما هو معنى هذا أنه مثل النيل أو الفرات، نعم، المقصود أنه مجرى ماء كبير بالنسبة لغيره.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، المهم أنه أمور نسبية، نعم.


عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له.
وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)).
وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها".
وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني حكم، حكم النبي -عليه الصلاة والسلام-، القضاء الحكم "بالعمرى لمن وهبت له" وهي الهبة المعلقة بعمر الإنسان، كأن يقول: هذا البيت لك مدة عمرك، أو مدة عمري، يعني ما دمت حياً، فإذا مت ينتقل إلى ورثتي، مادمتَ حياً فإذا متَ انتقل إلي، نعم.


"قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وهذا محمول على العمرى غير المحددة، أو التي يقول فيها: هي لك مدة عمرك ولعقبك؛ لتتفق الروايات "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه)) يعني هذه المطلقة ((فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)) يعني ما تقع المواريث إلا إذا لم تحدد بالعمر، نعم "وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك" فهذه لمن أعطيها، لمن وهبت له، إذا قال: لك ولعقبك لمن أعمرها، ولمن أعطيها "فأما إذا قال: هي لك ما عشت" يعني فقط دون العقب "فإنها ترجع إلى صاحبها" وهو ظاهر اللفظ، يعني كأن المعطي والواهب يشترط هبة موقوتة إلى أمد، وفي رواية: "كأنه قال: اسكن هذه الدار سنة أو سنتين أو ثلاث، بدلاً من أن تكون المدة محددة صارت المدة غير محددة، طيب قد يقول قائل: هذا أمد مجهول كيف نصحح عقد فيه أمد مجهول، نقول: نعم، نصحح؛ لأنه ليس فيه معاوضة، والعقود التي ليس فيها معاوضة تصح مع الجهالة، لو قال مثلاً: جميع ما في ذمتك لك، وأنت ما تدري كم في ذمتك وأنا ما أدري يصح وإلا ما يصح؟ هبة المجهول؟ تصح، يعني لو أن عامل مثلاً يشتغل بمحل عند تاجر وهذا العامل ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو بمسألة أكل، لا، اشتريت بتسعين مثلاً وأعطاك مائة، ورد عليك .. ، ردت عليه .. ، لا، اشتريت بمائة مثلاً وعشرة مثلاً، أو أنت عامل عند شخص تشتري له، فاشتريت بتسعين وبقي عشرة حطيت. . . . . . . . .، نسيتها في أول الأمر وراحت، ثاني عشرين، ثالث خمسين وهكذا إلى أن اجتمع عندك أرقام وأنت ما تدري كم هي؟ ولما أن أراد ينهي العقد قلت له: ترى والله، الآن يدخل علي أشياء لا أحصيها، أسوف في ردها إليك إلى أن نسيتها، وبلغ منها مبالغ أنا لا أعلمها وأنت لا تعلمها يجوز أن يقول: أنت بحل منها؛ لأنها ما هي معاوضة، لكن لو كانت معاوضة لا بد أن تكون معلومة.


"فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها" وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)).
هذا إذا لم تحدد بعمر الموهوب والمعطى، الحاصل أن العمرى لها ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: أن يقول: هي لك مدة عمرك ولعقبك، هذه هبة دائمة، لا تعود إلى صاحبها.
الحالة الثانية: أن يقول: هي لك مدة عمرك فقط، وهذه ترجع بعد وفاته إلى صاحبها الأول، تكون غايتها أنها عارية موقوتة.
إذا قال: هي لك، ولم يقل: مدة عمرك، ولم يقل: ولعقبك، هذه هبة مطلقة ولا تعود، نعم.
وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) " بالإفراد، أو خُشبَه في جداره على الجمع ((لا يمنعن)) (لا) ناهية، والفعل مؤكد، إذن المنع منهي عنه، وهل هو حرام أو مكروه؟ مقتضى النهي التحريم.


" ((أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" الجار يحتاج إلى أن يضع الخشب على جدار جاره وإلا فيلزمه أن يقيم جدار آخر بجواره، وهذه الأمور مما يجب أن تسود بين المسلمين، ولا يحصل فيها مشاحنة ولا مشاحة، فهذه الأمور من الآداب الإسلامية التي جاء بها الشرع، فلا يجوز لصاحب الجدار أن يمنع، لكن إذا كان الجدار لا يحتمل مثلاً، يتضرر، الجدار ما يحتمل، عليه خشب البيت نفسه، وإذا أضيف إليه خشب أخرى سقط مثلاً، المسألة لا ضرر ولا ضرار، ليس معنى هذا أن تلاحظ مصلحة الجار، ولا تلاحظ مصلحة صاحب الأصل، لا بد أن تلاحظ مصلحة الطرفين، المقصود أنه إذا لم يتضرر به، وقل مثل هذا إذا بنى صاحب البيت بنى قبل جاره وأقام جدار هل يلزم جاره بجدار آخر؟ هو ما يحتاج إلى خشب الآن، سور، سبق زيد من الناس وبنى بيته في أرض فضاء وعليه أربعة أسوار، وجاء الجيران الثلاثة وعمر هل نقول: كل جار يقيم جدار بجواره؟ يقول: لا تستعمل جداري؟ لا، لا هذا مما يجب أن يسود بين المسلمين من المودة والمؤاخاة وعدم المشاحنة والمشاحة، لكن يبين أن الجدار لفلان، يبين أن الجدار يتفقون على أن الجدار لفلان، وفي أرض فلان، وأقامه فلان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هذه لا شك أنها مع عدم الاحتياج إليها لا تنبغي أن توجد بين المسلمين، يعني مثل شخص جاء يستظل بجدارك، أو يستصبح بنارك، أو يستدفئ بها، تقول: قم، أنت ما عليك ضرر بأي وجه من الوجوه، نعم؟ لا، ما يصلح هذا.
"ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" يعني عن هذه السنة "والله لأضربن بها بين أكتافكم"
وفي رواية بالنون: "أكنافكم"؛ لأنه كان أمير في وقتها، أمير على المدينة فعنده سلطة "لأضربن بها" يعني الخشبة "بين أكتافكم" أو السنة التي أحملها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأحملكم مسؤوليتها وتبعتها، نعم.
عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)).
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:


"عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) " الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ويتفاوت من الشيء اليسير إلى أن يصل إلى حد الشرك الأكبر: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] وأعظم الظلم الشرك الأكبر {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] وما دونه من ظلم النفس وظلم الغير، وهو متفاوت، المقصود أن الظلم محرم ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) والمظالم شأنها عظيم بحيث لا بد فيها من الاستيفاء، هذه حقوق العباد، ولذا جاء الترهيب من ظلم الشيء اليسير من الأرض، ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) قدر شبر فقط، فكيف بمن يظلم ويغتصب وينتهك المساحات الكبيرة من الأرضين اللي بعضها حر، وبعضها مملوك، وبعضها موات، وبعضها محيا، فكيف بهذا -نسأل الله السلامة والعافية-؟!
((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)) جعل في عنقه كالطوق، يحمله يوم القيامة، يأتي به من سبع أرضين ما هي بأرض واحدة، يعني الذي ينتهب الكيلوات، أو يغتصب الكيلوات، كيف يشيل هذه الكيلوات؟! يحمل هذه المساحات الكبيرة من سبع أرضين؟ ما هي بأرض واحدة، يعني أرض واحدة لا يتصور حملها، لو اجتمع عليها الناس كلهم ما حملوها فكيف بسبع أرضين؟! وهذا من النصوص الصريحة في كون الأرضين سبع كالسموات {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] لكن هذا ليس بصريح أنها سبع، ليس بصريح، يعني مثلها في الطول، في العرض، في الحجم، في السمك، نعم، الله أعلم، لكن كونها سبع في العدد احتمال، والحديث صريح في أن الأرضين سبع كالسماوات، وجاء فيه أيضاً حديث: ((لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله)) فالأدلة تدل على أن الأرضين سبع كالسماوات.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم.
طالب:. . . . . . . . .


ما يلزم تكون سبع.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا بوجه من وجوه الشبه.
طالب:. . . . . . . . .
الله أعلم، بوجه من وجوه الشبه، الله أعلم، يعني ليس بصريح، نعم ظاهر يغلب على الظن أما كونه صريح لا.
والحديث فيه دليل على أن الأرضين سبع كالسماوات، وأن من ملك وجه الأرض يملك ما تحتها؛ لأنه كيف يطوق سبع أرضين وقد استولى وظلم الأرض الأولى إلا لأن ملكه يسري على ما في هذه الأرض وما تحتها، ولذا إذا اشترى أرضاً ووجد فيها ركازاً دفناً، ركاز الجاهلية ومن أموالهم له، يملكه، ومما يذكر أن شخصاً اشترى أرضاً فوجد فيها .. ، أراد حرثها وحفر فيها بئراً فوجد فيها كنز، ركاز، فذهب إلى البائع وقال: وجدت فيها كذا، وأنا ما اشتريت منك إلا الأرض، والثاني قال: أنا بعتك الأرض بما فيها، انتهوا؟ ما انتهوا، تخاصموا عند القاضي، ما انتهوا، كل واحد يقول: هذا لك، وهذا يقول: لا، ليس لي، نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن هل لك من ابن؟ قال: نعم، وهل لك من بنت؟ قال: نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن، هل لك من ابن؟ قال: نعم، وله لك من بنت؟ قال: نعم، قال: زوجوا الاثنين، وأنفقوا عليهم من هذا الكنز، يعني كانت النيات صافية، والناس يبحثون عن الحق، ويبحثون عن طيب المطعم، يعني هل يتصور مثلاً أنه توجد خصومة بين اثنين فيقول أحدهما للآخر: أنت تعرف القضية بكمالها، روح اشرحها للقاضي، وإذا علمك بالحكم تعال أخبرني، يروح للقاضي ويشرح له القضية ويقول له: الحق لخصمك، ويذهب ويقول: ترى الحق لك، يقول القاضي: الحق لك.
والآن محامين وحيل، وجرجرة، والله المستعان، كان الهم الآخرة، فصار الهم الدنيا، وإلى وقت قريب وإذا سئل العالم عن مسألة مالية، السائل يحتاج إلى من يقنعه بأن هذه الصورة حلال، والآن إذا قيل للسائل: حرام، قال: أقنعني أنها حرام، نعم، فشتان، نعم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: اللقطة


عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب والورق فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل، فقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها)) وسأله عن الشاة، فقال: ((خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) رواه الجماعة إلا البخاري.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: اللقطة
اللقطة: فعلة، وبناؤها على هذه الصيغة إنما هو مستعمل في الكثرة، كما تقول: هُزأة، هُمزة، لُمزة، ضُحكة، هُمزة لُمزة، يعني يكثر الهمز واللمز، هُزأة، يكثر الاستهزاء، ضُحكة يكثر الضحك، رُحلة يكثر الرحلة، بخلاف الرحْلة أي: المرحول إليه، مثل الضحْكة المضحوك عليه.
هذه الصيغة استعملت على غير أصلها، استعملت فيما يلتقط في المال الضائع من ربه، من صاحبه، على غير القياس، وهو ما يلتقط مما يضيع عن ربه من الأموال.
يقول: "عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في بعض الروايات: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "عن لقطة الذهب والورق" يعني عن الإنسان يجد مالاً ضائعاً من صاحبه من الذهب، من الدنانير، من الورق، من الدراهم، وفي حكمها العروض، وجدت قلم، وجدت كتاب، وجدت ما يمكن التقاطه.
"فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها)) " الوكاء: الحبل الذي تربط به، يربط به الوعاء الذي هو العفاص، فالعفاص هو عبارة عن الوعاء الذي يكون في هذا المال الملتقط، والوكاء هو الحبل الذي يربط به الفم، فم الوعاء.


((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) وفي رواية: ((أشهد عليها)) لماذا يشهد عليها؟ نعم لئلا تضيع بين أمواله، ويعرف عفاصها ووكاءها لئلا تختلط بماله فتضيع، ويشهد عليها لئلا ينساها، أو يموت فتضم إلى أمواله قبل تمام السنة، فالإشهاد سنة، كالإشهاد على ما يخشى نسيانه {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة] البيع يثبت بالإيجاب والقبول، لكن الإشهاد لا شك أنه أحوط، وقل مثل هذا فيما يخشى نسيانه، رجل تزوج ثم طلق طلقة واحدة، وراجع زوجته، ثم بعد عشرين سنة طلق ثانية، الأولى احتمال يكون نسيها، لكن كونه يدونها، أو يشهد عليها، لا شك أن هذا أحوط؛ لئلا تتم الثلاث، وقد نسي الأولى.
((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) عرفها بأن تقول: من ضاع له كذا، من ضاع له الذهب، من ضاع له الدنانير، من ضاع له الورق، من ضاع له القلم، من ضاعت له الساعة، من ضاع له ... إلى آخره، في الأماكن العامة، في أبواب الجوامع مثلاً من خارج المسجد، في الأسواق العامرة، في مجتمعات الناس، في أنديتهم، في محافلهم، المقصود أنها تعرف لمدة سنة، فإن لم تعرف، ما جاء أحد يطلبها، ولا عرفت ((فاستنفقها)) يعني أنفقها على نفسك بنية إرجاعها إلى صاحبها، لو جاء يوماً من الدهر بنية إرجاعها.


((فاستنفقها ولتكن وديعة عندك)) كيف تكون وديعة وأنت استنفقتها؟ بدلها يكون وديعة، وجدت قلم عرفته سنة، ثم عرضته على أهل الصنف، كم قيمة هذا القلم؟ قالوا: مائة ريال مثلاً، أو كتاب، أو أدنى شيء، أي عرض من عروض التجارة، يُقوّم ويكون بدله –قيمته- وديعة عندك، مقتضى الوديعة والأمانة أنها لا تضمن، أنت قررت أن مائة ريال قيمة هذا القلم بحيث لو جاء صاحبه أعطيتها إياه، مقتضى كونها وديعة أنه لو تلفت هذه المائة أنك لا تضمنها، لكن هل أنت إذا قومت القلم بمائة تأخذ مائة وتفردها في مكان تقول: هذه قيمة قلم لقيته .. ؟ متى جاء له ... ، ما أنت مسوي هكذا، إذاً أنت تصرفت في اللقطة التي هي في الأصل وديعة عندك حتى يأتي صاحبها، وفي قيمتها الذي هو بدل عنها، نعم فأنت ضامن من هذه الحيثية، وإن كان أصلها حكمه حكم الوديعة، ((ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) يقول: والله قبل عشرين سنة فقدت قلم، طيب صف لي هذا القلم؟ وصفه فإذا هو هو، أو فإذا هو إياه، أيهم أصح؟ فإذا هو هو أو فإذا هو إياه؟ تعرفون المسألة الزنبورية؟ هذه المسألة الزنبورية التي حصلت بين سيبويه والكسائي ومات بسببها، وما له داعي على شان ما يصيبنا ما أصابهم.
((فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) فلما عرفت أن هذا صاحب القلم وقومته في وقته، ووافقك صاحبه على تقويمه، تقول: والله هذا أنا مقومه بمائة ريال هذه مائة ريال.


" ((فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل" لما سأله عن ضالة الإبل غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ترجم عليه البخاري باب: الغضب في الموعظة والتعليم، غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يعرف، السائل يعرف أن الشيء الذي يلتقط من عروض التجارة عليه خطأ، إذا ما أخذته أنت أخذه غيرك، إذا ما أخذته أنت وأنت تستشعر الأمانة فيأخذه شخص يضيعه، لكن الإبل، يعيش بدونك، وبدون غيرك، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها)) الحذاء: أخفافها التي تحتمل الحصى، وتحتمل الرمضاء، وتحتمل .. ، معها الحذاء ومعها السقاء الذي هو البطن الكبير، ومعها العنق الذي تتناول به الأشجار الكبيرة والبعيدة، وتشرب من الماء النازل، المقصود أنها تقوم بنفسها، وليست بحاجة إلى من يرعاها ((فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها)) ... الإبل تمتنع من صغار السباع، فلا خشية عليها، وهي أيضاً في مأمن من أن تموت جوعاً وعطشاً، فليست بحاجة إلى رعاية فتترك، يعني كون إنسان معه سيارة ووجد بعير ضائع، ما عنده أحد، يلبق بالسيارة ويشيله ويدخله إلى البلد؟ متى بيلقى صاحبه؟ لكن لو تركه في البر وجده صاحبه، وهو ما عليه خطر.
"وسأله عن الشاة" عن ضالة الغنم "فقال: ((خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " إن ما أخذتها أنت جاء ثاني يأخذها، هي لا تقوم بنفسها، ولا تحمي نفسها من صغار السباع، لا للذئاب ولا دون الذئاب، فهي لا تحمي نفسها، وفي خطر من الموت، وخطر من أن يأخذها شخص آخر، فأنت أحق بها من غيرك، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب، وليس معنى هذا أن الناس يتساهلون، كل من استطرف شيئاً استولى عليه، لا، هذا ليس في هذا ترخيص إلى أن يتساهل الناس في هذا الباب، كل من وجد شاة أو عنز طلعت من بيت أهلها أخذها، أو بحاجة هو في رحلة أو نزهة ووجد شاة، وصاحبها قريب منها، لا يبرر لنفسه مثل هذا، المقصود أنها ضالة، ويخشى عليها، فإذا غلب على الظن أنها تتلف وتهلك فهو أولى بها من غيره، وإذا غلب على ظنه أنها في مأمن من أن تتلف وتهلك أو يأكلها ذئب، أو يأخذها غيرك، فأنت أحق بها.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين:

باب: الوصايا
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) زاد مسلم: قال ابن عمر: "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا وعندي وصيتي ".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الوصايا وغير ذلك
الباب في الاصطلاح عند أهل العلم هو عرف خاص لما يضم مسائل وفصول غالباً.
ترى هذه موسيقى يا إخوان، في فتوى من اللجنة الدائمة بتحريم ذلك، فلا بد أن تغير مثل هذه النغمة.
والأصل في الباب أنه ما يدخل ويخرج معه، والعرف الخاص عند أهل العلم أن الباب لما يضم فصول ومسائل غالباً، في كتب الحديث يضم أحاديث تشتمل على مسائل، وهو حقيقة عرفية عند أهل العلم، وليس من باب المجاز كما يقوله كثير من الشراح.
الوصايا: جمع وصية، كالضحايا والهدايا جمع ضحية وهدية، ويراد بالوصية ما يخرجه الإنسان من ماله تبرعاً لله -جل وعلا- بالثلث فما دون، وحكم الوصية تخالف حكم الوقف باعتبار أن الوقف لا بد أن يكون منجزاً، لا يحق لصاحبه أن يتصرف فيه إذا عقده، وأما الوصية فلا تثبت إلا بالموت بالثلث فما دون كما سيأتي.
للموصي أن يزيد وينقص حتى تلزم فإذا لزمت الوصية بالموت فلا يجوز تغييرها إلا إذا اشتملت على جنف فيجوز تعديلها، بل يتعين تعديلها على مقتضى الشرع؛ لأن الجنف والحيف والميل يخالف الهدف الشرعي من شرعية الوصية، وقل مثل هذا في الوقف، وهناك مسائل وفروع كثيرة تتعلق بهذين البابين، محلها كتب الفقه، والوقت لا يستوعب الكلام عن كل مسائل هذا الباب.
"وغير ذلك" لأن الباب اشتمل على مسائل أخرى، يأتي بيانها في شرح أحاديثها -إن شاء الله تعالى-.


الحديث الأول: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده))، ((ما حق)) يعني ليس من حقه أن يفرط في هذا الشأن، ولذا جاء في بعض الروايات: ((لا يحل لامرئ مسلم)) فدل على أن المراد بالحق المذكور الذي لا يجوز التفريط فيه، بدليل الرواية الأخرى ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه)) أما غير المسلم وقد فرط بأهم المهمات الذي هو الإسلام، لا يطالب بمثل هذا في الدنيا، أما في الآخرة فهو مخاطب بجميع الفروع كمخاطبته بالأصل؛ لأن القول المحقق عند أهل العلم والمرجح أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [(42 - 44) سورة المدثر] فذكروا فروعاً، الجمهور على أن الكافر مخاطب، لكن لا يخاطب بها في الدنيا قبل أن يسلم، ولا تصح منه لو فعلها قبل الإسلام، ولو أوصى بجميع ماله وهو غير مسلم في أعمال البر وفي رعاية اليتامى والمساكين ما نفعه ذلك؛ لأنه لم يأتِ بشرطها {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ} [(54) سورة التوبة] فالكافر لا يقبل منه ما يؤديه على كفره، وقد ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- المطعم بن عدي وغيره من المشركين الذين كانت لهم أعمال، أعمال خيرية، يتعدى نفعها وإحسانها إلى الناس، لكن ذكر أنها لا تنفعه؛ لأنه لم يقل يوم من الأيام: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، ما ينفعه، ولذا المخاطبة بمثل هذا على المرء المسلم، وأما الكافر وإن خوطب بها في الآخرة، وعذب بسببها زيادة على ما يعذب به من أجل الإيمان، إلا أنه لا يخاطب بفعلها، ولا يؤمر به، ولا يطالب به.
((ما حق امرئ مسلم)) وفي حكمه المرأة مسلمة؛ لأن النساء شقائق الرجال، لكن التعبير بمثل هذا لأن الغالب أن الأموال إنما تكون بيد الرجال وإلا لو وجدت امرأة مسلمة توجه إليها مثل هذا الخطاب؛ لأن النساء شقائق الرجال، والتكليف واحد.


((ما حق امرئ مسلم)) وصف أول ((له شيء)) وصف ثاني ((يوصي فيه)) وصف لشيء ((يبيت)) كذلك وصف ثالث، ((ما حق امرئ مسلم له شيء)) نكرة في سياق النفي، فتطلق على أدنى شيء تتناوله هذه الكلمة، لكن عرفنا أن السياق سياق إيجاب، بدليل: ((لا يحل لامرئ مسلم)) والواجب مخصوص عند أهل العلم بأي شيء؟ بما إذا كان عليه حقوق واجبة، عليه ديون يجب عليه أن يوصي بها، ويجب عليه أن يثبتها؛ لئلا يؤدي التفريط في كتابتها إلى ضياعها على أهلها، والديون يجب وفاؤها، وهي مقدمة على الإرث، ومقدمة على الوصية؛ لأن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة: الأول: مؤونة التجهيز، عنده كفن، عنده حنوط، عنده ماء يغسل فيه، في أجرة للغاسل، أجرة لمن يحفر القبر، هذا مقدم على كل أحد حتى الديون، ما يقال: والله يباع الكفن ويسدد ديونه لا، مؤونة التجهيز مقدمة على كل الحقوق.
الثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة كالدَّيون التي بها رهن، متعلق بهذا البيت، فالدين المتعلق بهذه العين مقدم على غيره من الديون، الديون المطلقة التي ليس فيها رهن، ومنها حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات.


الرابع: الوصايا، مقدم على الإرث، والحق الأخير: الإرث، خمسة الحقوق، الحقوق خمسة، فتجب الوصية إذا كان بذمته دين، إذا كان في عهدته وديعة وأمانة، لا بد أن يبين، وهل يبين كل شيء؟ يعني حتى ما تعارف الناس على مسارعة الوفاء به، يعني تعارف الناس على أنهم لا يسجلون الأمور اليسيرة، الأمور اليسيرة تعارف الناس على عدم تسجيلها؛ لأنها تسدد، يعني هل يكتب في وصيته ما يقترضه من البقالة، من المخبز من كذا من كذا؟ ما يحتاج هذا، هذا تعارف الناس على المسارعة بسداده، أما الديون التي تستحق الكتابة لأن قوله: ((له شيء يوصي فيه)) هذا المال الذي يوصى منه، لكن هذا الكلام فيمن عليه الديون التي تجب كتابتها، وقل مثل هذا في الحقوق الأخرى، يجب على الإنسان أن يسجل ويكتب كل ما يخشى نسيانه مما له أثر في دينه أو في دنياه، يعني شخص تزوج ثم بعد مضي شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين وقع منه طلقة، عليه أن يسجلها، بعد عشرين ثلاثين سنة وقع طلقة ثانية ينسى الأولى، وبعد عشرين ثانية وقع طلقة ثالثة، خلاص تبين امرأته، إذا نسي الأولى يمكن يعاشر زوجته وهي بائنة، فمثل هذه الأمور لا بد من تسجيلها، وعلى الإنسان أن يحرص على إبراء ذمته، والدين شأنه عظيم، فلا بد من تسجيله.
أنت عندك كتاب لزميلك عارية، وقع بأيدينا كتب كثيرة لأناس ماتوا، وتجد يكتب: هذا الكتاب عارية لفلان، لماذا؟ لأنه لو لم يكتب هذا وتوفي باعوه الورثة وأكلوا ثمنه، لكن من يثبت أن هذا الكتاب لفلان أو علان إلا بالكتابة، ثم بعد ذلك فلان يتعلق برقبتك يوم القيامة، فاحرص على إبراء ذمتك.


نقرأ هذا الحديث. . . . . . . . . ((له شيء يوصي فيه)) بعض الناس يخاف من هذا الكلام، يخاف من مثل هذا الكلام؛ لأن هناك اقتران بين الوصية والموت، قصة واقعة، نذكر قصة واقعة، شخص كتب وصيته قرأ هذا الحديث وكتب الوصية، ووضعها تحت وسادته، تقلب تقلب يبي ينام، قال: موصي أنا خلاص، معناه أن الموت جاء، ما استطاع أن ينم حتى مزق الوصية، لكن يا أخي ويش العقول اللي تتصور مثل هذا التصور؟ لأنه يكتب في صيغة الوصية كلام متوارث عن السلف: هذا ما أوصى به فلان ابن فلان ابن فلان الحر البالغ المكلف الرشيد، نعم، بعدما شهد أن لا إلا إله الله .. إلى آخره، لكن ما يلزم أن تكون بهذه الصيغة، يكون عندك دفتر وتسجل فيه الذي لك والذي عليك هذا الواجب، هذا بالنسبة للواجب، وتجعل صفحة من هذا الدفتر لما يستحب أن ينفذ فيه جزء من مالك بعد وفاتك وهذه وصية، لا يلزم أن تكون بالأسلوب المتوارث الذي يخافه بعض الناس، قال: ما دخل عينه النوم حتى مزق هذه الوصية؛ لأنه ويش يفهم؟ يفهم اقتران الوصية بالموت، ما يلزم يا أخي، ولذلك الصحابة لما كانوا يسارعون إلى الخيرات، ماذا صار لابن عمر؟ "فو الله ما مرت علي ليلة" ابن عمر هذا الصحابي المقتدي المؤتسي المبادر المسارع المسابق "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا ووصيتي عندي" لكن على المسلم أن يهتم بحقوق العباد؛ لأنها مبنية على المشاحة، أما كونه عنده مال ويوصي بأعمال البر والخير هذا مطلوب، وجاء الحث عليه من قبل الشارع، لكن أهم من ذلك ما يجب في ذمته، وهو مرتهن به، مرتهن بدينه.
((له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين)) وفي رواية: ((ليلة)) وفي رواية: ((ليلتين أو ثلاثة)) وكل هذا يدل على المسارعة، وأن الوقت لا مفهوم له، كما جاء في سفر المرأة بدون محرم ((لا تحل لامرأة تؤمن بالله أن تسافر مسافة يوم)) جاء يومين، وجاء ثلاثة، كل هذا يدل على أن العدد لا مفهوم له، وأن الوصف المؤثر هو السفر، وهنا المطلوب المسارعة بالوصية وليس المقصود الحد.


((له شيء يوصي فيه)) وكانت الوصية واجبة للوالدين والأقربين ثم نسخت بالمواريث، ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) وعرفنا أن الواجب بالنسبة لما يجب في ذمته وما عدا ذلك مما يستحب له يكون حكم الوصية مستحب "زاد مسلم" طيب الأول من خرجه؟ الكلام الأول الذي قبل: زاد مسلم؟
طالب:. . . . . . . . .
متفق عليه، هذا الأصل في شرط الكتاب أنه من الصحيحين، من البخاري ومسلم، هذا شرط المؤلف، وقد يزيد من أفراد البخاري، أو من أفراد مسلم ما يحتاج إليه.
"زاد مسلم: قال ابن عمر: "فو الله ما مرت علي ليلة" طيب والرسول يقول: ((ليلتين)) كيف ما مرت عليك ليلة؟ نعم فهم ابن عمر أن المقصود المسارعة والمبادرة "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا ووصيتي عندي" كتب ما يجب وما ينبغي.
ابن عمر له مواقف من هذا ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) قال عبد الله: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" كلها مبادرات من ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، والمسلم يسمع قال الله وقال رسوله، الأوامر المؤكدة، والنواهي المغلظة وما كأن الأمر يعنيه، لا يا أخي لا تقول: والله المقصود عاد وثمود، لا، المقصود أنت، حتى في قصص الماضين ليس المقصود الأمم السابقة، وليس المقصود والمراد من سياقها المتعة، لا، ما هو المقصود أنك تتسلى بها، لا، مضى القوم ولم يرد به سوانا {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} [(111) سورة يوسف] ما هي المسألة تذكر النصوص على أنها تقرأ للبركة كما يفعله بعض متعصبي المذاهب، بعض متعصبي المذاهب يجعلون الدساتير أقوال الأئمة، وأما النصوص من الكتاب والسنة تقرأ للبركة، هذا الكلام ليس بصحيح {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ} [(59) سورة النساء] لمن؟
طالب:. . . . . . . . .


نعم، هنا يرد عند الاختلاف، أما والله القول الفصل في قول فلان أو علان هذا ما هو بصحيح، نعم قد يرجع إلى فلان وفلان لبيان قول الله وقول رسوله عند من لا يدرك ذلك.
قال عبد الله: "والله" يقسم "ما مرت علي ليلة منذ سمعت" طيب وهذا .. ، لكن هل منا أحد الليلة بيكتب وصيته بعد هذا الكلام؟ ترى ما .. ، سبحان الله العظيم! القلوب رانت عليها الذنوب، ونسمع الكلام، وسمعناه، وقرأناه، وشرحناه، وشُرح لنا، وإلى الآن ما سوينا شيء، نعم اللي عنده وفي ذمته مال لا يجوز له أن يفرط بحال، خلاص في ذمتك حقوق سجلها يا أخي؛ لأن هذا الدين شأنه عظيم، النبي -عليه الصلاة والسلام- رفض أن يصلي على من في ذمته ثلاثة دراهم، ترى ما تعادل ريال ثلاثة دراهم، سجل يا أخي، الذي عليك احرص عليه، والذي لك الأمر إليك، إن بنيت أمرك على المسامحة، وقلت: المستطيع يؤدي وغيره تعفو عنه، فالله -جل وعلا- أحق بالعفو، وأبشر من الله -جل وعلا- بما يرضيك، لكن الحقوق التي بذمتك ولو قلت سجل، لكن ما تدري متى يفجأك الوقت، يعني تظنون أن الإنسان لا بد أن يمر بمراحل يبدأ به المرض شيئاً فشيئاً فشيئاً، شهر شهرين ثلاثة، ثم يدخل العناية، ويأخذ له .. ، ما هو بصحيح، كم شخص عمر ولا سكن، فرش وأثث ولا سكن، ويش يصير؟ هذا كثير ترى، مما ذكر: تزوج بالليل وجلس بعد صلاة الفجر تصب له القهوة ومكانه، الأمر ليس ببعيد يعني،. . . . . . . . . نتصور أننا لا بد نمر بمراحل مر بها من سمعنا، مرض شيئاً فشيئاً، لا، لا ما هو بصحيح، فليحرص الإنسان على إبراء ذمته؛ لئلا يتعلق به الناس، والشهادة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تكفر كل الذنوب -المعروف الشرك ما يدخل في هذا- لكن تكفر جميع الذنوب إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، فليحرص الإنسان على المبادرة بوفائه، إذا لم يستطع يسجل: في ذمتي لفلان ابن فلان، وطلاب العلم يتداولون الكتب، بعض الناس ما يرضى أن تكتب على كتابه: أن هذا الكتاب عارية عندي، اكتب بقلم يمكن مسحه، وإذا خشيت من ورثتك أنهم يمسحنه؛ لأنه يمسح الكلام، بعض الناس يتصرف، وجاء بعض الكتب تمسح الأختام، وقف لله تعالى ثم يمسحونه، يبيعونه.


على كل حال احرص على إبراء ذمتك بأي وسيلة تراها نافعة، نعم.
وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقباهم، لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:
"عن سعد بن أبي وقاص" أحد العشرة المبشرين بالجنة.
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة ... وعامر فهر والزبير الممدحُ
وهذا منهم، من العشرة، يعني ما بعد الأربعة ذكر الستة، وهذا منهم، من العشرة المبشرين بالجنة، وسيرته وأخباره ومناقبه واعتزاله للفتن معروف، وبلاؤه وغناؤه في الجهاد معروف أيضاً، والرجل مرض في حجة الوداع، واشتد به الوجع فخشي أن يموت، فعاده النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخبره؛ لأنه عله أن يخلف، وقد خلف بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أربعين سنة، وانتفع به أقوام، وانتفعت به الأمة، في الفتوح، وتضرر به آخرون من طوائف الكفر، ومناقبه في كتب الصحابة موجودة.


"عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع" الإمام الأعظم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعود المرضى، وقد جاء الحث على ذلك، وأن عيادة المريض من حقوق المسلم على أخيه، ونقل النووي -رحمه الله تعالى- أن عيادة المريض سنة، الإجماع، نقل الإجماع على أن عيادة المريض سنة، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يقول: باب وجوب عيادة المريض، تجب عيادة المريض، لكن هل تلزم كل أحد؟ لا، إنما عيادة المريض جاء الأمر بها، والنووي نقل الإجماع على أنها سنة، فهل يخفى عليه ترجمة البخاري: باب وجوب عيادة المريض؟ يعني إذا قال إذا نقل الإجماع على أن صلاة الكسوف سنة، مع قول أبي عوانة في صحيحه: باب وجوب صلاة الكسوف، نقول: قد يذهل عن مسند أبي عوانة، لكن هل يذهل عما في صحيح البخاري؟ إذا غفل عن صحيح البخاري يتذكر أين؟ ماذا يتذكر إذا غفل عن صحيح البخاري؟ ولا نتصور أن مثل النووي، مثل من ينتسب إلى العلم، أو كثير ممن ينتسب إلى العلم في هذه العصور قد يخفى عليه بعض البدهيات، وهذا خلل في التحصيل، تجد طالب العلم يعنى بالأجزاء والمشيخات، وليست له أدنى عناية في صحيح البخاري، هذا خلل في المنهجية، جزء بي بي، وجزء ألف دينار، وجزء كذا، ومشيخة فلان، ومشيخة علان، ويهتمون بها طلاب العلم، ويتركون صحيح البخاري، وأمثال صحيح البخاري، يعني ما بعد القرآن إلا صحيح البخاري، فعلينا أن نعنى به، ونوليه العناية التامة الفائقة، ولا نقتصر على المختصرات، كم فات من علم عظيم وخير على من يعتني بالمختصرات، ويترك الأصول، تقرأ تحفظ مختصر البخاري، لكن ما يمر بك مثل هذا الحكم باب: وجوب عيادة المريض، الذي هو فقه أهل الحديث، تراجم البخاري هي فقه أهل الحديث، إمام الصنعة الإمام البخاري، فيقول: باب وجوب عيادة المريض، والرسول -عليه الصلاة والسلام- الأسوة والقدوة زار، زار المرضى الشريف والوضيع، بل زار غير المسلمين، زار اليهودي، واستغل الزيارة في الدعوة إلى الله -جل وعلا-، ومنا من يعود المرضى، يتردد على المستشفيات طلباً للأجر والثواب من الله -جل وعلا-، وفي طريقه ذهاباً وإياباً ينظر من المنكرات ما


يتكلم بكلمة، هذا أمر لا بد أن نتنبه له، وليس معنى هذا أننا يا فلان يا علان، لا، لا بالرفق واللين، بالكلمة الطيبة، وتبرأ ذمتك، وينفع الله به كلام ينتفع به الخلق، بالرفق واللين مجرد إشارة أو شيء يعني ينبئ عن أنك ليست براضٍ عن هذه الأعمال، أما التواطؤ على السكوت هذا الذي جعل المنكرات تستشري وتزيد، وكل يوم طالع لنا مصيبة بسببها، فعيادة المريض سنة.
أيضاً استغلال الوضع، والظرف، يوسف -عليه السلام- لما دخل السجن واحتاجوا إليه، تركهم دعاهم إلى التوحيد، وهكذا ينبغي أن يكون كل مسلم داعية حسب موقعه، ولا يتصور الإنسان أن الأمة ليست بحاجة إليه، الأمة بحاجة إليك، أنت تعطي مواعيد، الناس كلها اللي يبون مواعيد بحاجة إليك، لاحظت شيء قل كلمة طيبة، طبيب، والمرضى كلهم بحاجة إليه، والمريض مثل الغريق بس تملي عليه إملاء ويقبل -إن شاء الله-، لو لم يكن في ذلك إلا إبراء الذمة.
معلم مع طلابه، داعية، شيخ، قاضي، عالم، كل في موقعه، عامي، هناك أمور يدركها الناس كلهم من المنكرات يؤدي ما عليه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما زار اليهودي عرض عليه الإسلام، فنفعه الله -جل وعلا- بزيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- فأسلم.
"جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني في عام حجة الوداع" في أواخر أيامه -عليه الصلاة والسلام- مكث بعدها ثلاثة أشهر وأيام "من وجع اشتد بي" يخبر، فالإخبار عن الوجع بل عن شدة الوجع لا ينافي الصبر، إذا كان لمجرد الإخبار دون جزع، ودون تسخط، ودون تشكي لا بأس، وهذا لا ينافي الصبر، يقول: "من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى" وهذا أيضاً إخبار بأنه بلغ الوجع مبلغه، حتى أنه خشي من الموت، "وأنا ذو مال" صاحب مال، (ذو) من الأسماء الستة أو الخمسة، تعرب بالحروف، وهي هنا خبر مرفوع بالواو، (ذو) مضاف ومال مضاف إليه.


"ولا يرثني إلا ابنة" بنت واحدة "أفأتصدق بثلثي مالي؟ " يعني البنت هذه يكفيها الثلث، والباقي يتصدق به، "أفأتصدق بثلثي مالي؟ " قال: ((لا)) " طيب لو أنجزه، أنجز الثلث، الثلثين أخرجه من عهدته، لكنه في هذه الحالة مريض، أما في حال الصحة له أن يتصدق، والخلاف في الشخص الذي يريد أن يتصدق بجميع ماله، وقد فعل ذلك أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، فإن كان عنده من اليقين والثبات والصبر والتحمل مثل ما عند أبي بكر يجوز له ذلك وإلا فلا، إن كان يبي يتصدق بجميع ماله، ويجلس عالة على الناس يتكففهم ويسألهم هذا لا.


"أفأتصدق بثلثي مالي؟ " يعني ويترك الثلث الثالث لهذه البنت "قال: ((لا)) قلت: فالشطر يا رسول الله؟ يعني النصف "قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " وفي رواية قال: ((العشر)) وما زال يزيده حتى بلغ الثلث والثلث كثير، في مثل هذا أحياناً يأتي الإنسان عنده الرغبة الشديدة في الخير، فمثل هذا يبدأ به من الأدنى، لكن بعض الناس منصرف، عنده الملايين والمليارات، وهل يقال: لمثل هذا الثلث كثير أو يقال له: أبو بكر تصدق بجميع ماله؟ النصوص الشرعية تأتي بهذا وهذا علاج لأحوال الناس وأوضاعهم، شخص شحيح ممسك، يقول: يا أخي أبو بكر تصدق بجميع ماله، وعسى هذا يتصدق بالعشر، إذا قلت له مثل هذا الكلام، لكن شخص مندفع جاب لك أمواله كلها، تقول: يا أخي يكفي العشر، واترك مالك لنفسك وورثتك، نعم، فالنصوص الشرعية علاج، لما جاء عبد الله بن عمرو وهو مندفع يريد أن يقرأ القرآن كل يوم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) لكن هل يحسن أن يقال لطلاب العلم: يكفي منكم أن تقرؤوا القرآن في شهر مع الانصراف الذي نلاحظه؟ لا، يقال لهم: إن عثمان يختم في ركعة، وفلان يختم في كل يوم، أقل الأحوال أن طالب العلم يقرأ القرآن في ثلاث، يقال مثل هذا لمن؟ للمنصرف، لعله أن يرعوي، لكن المندفع تقول: لا يا أخي، جزء في يوم تتدبر هذا الجزء أفضل لك من ختمة، فالنصوص تأتي علاج لأمراض الناس، فالداعية والمعلم والعالم إذا رأى في الناس انصراف وتفريط أورد عليهم من نصوص الوعيد، والعكس فيما إذا كان في مجتمع فيه إفراط وغلو، أورد عليهم نصوص الوعد، والأصل التوسط، يعني الأصل أن ينظر إلى هذا مثلما ينظر إلى هذا، لكن في المجتمع المتوسط، أما إذا وجد غلو وإفراط وتشريد تقرأ نصوص الوعد، وأن رحمته وسعت كل شيء، وإذا وجد مجتمع ثاني مفرط متساهل مضيع للواجبات مرتكب للمحرمات، هات نصوص الوعيد، ومثل هذا فيما إذا جاءك شخص مندفع يخرج من جميع أمواله تقول: لا يا أخي، العشر، الثمن، الخمس، إلى أن تصل الثلث كثير، حد، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.


"قلت: فالشطر يا رسول الله؟ -النصف- قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " من أهل العلم من أخذ من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) قاعدة يدخلها في جميع أبواب الدين، طيب، الغبن في الأموال، اشتريت سيارة بخمسين ألف، سألت عنها، قالوا: ما تسوى إلا أربعين، نقول: لا، بعد شوية، ما وصل الثلث؛ لأن الثلث كثير فما دونه قليل، يعني مفهومه أن ما دون الثلث قليل، تسوى خمسة وثلاثين، لا، غبن هذا، أو سبعة عشر، الثلث، نعم، لو ثلاثة وثلاثين قلنا: الثلث، والثلث كثير، إذن لك الخيار، خيار الغبن، منهم من قال: يمسح ثلث الرأس؛ لأن الثلث كثير، ومنهم من .. ، في مسائل كثيرة يجعلون الثلث حد، في قضايا متعددة، ومنهم من يقول: كل باب له ما يخصه، وأن هذا الثلث كثير في باب الوصايا، وما عدا ذلك ما جاءت قاعدة عامة من الشرع، اشترى سيارة تسوى عشرين ألف بخمسين ألف، فالثلث كثير، نقول: لا، لا يقول شخص آخر لا يرى تعميم مثل هذا الكلام، لا، يقول: ذلك يوم التغابن، الدنيا ما فيها غبن، الغبن كله في الآخرة، نعم، الغبن كله في الآخرة، الدنيا ما فيها، كلها ما تسوى غبن، يعني الذي ما يجري هذا قاعدة شرعية، والذي يجريه قاعدة شرعية يستعملوه في أبواب الدين كلها، الثلث والثلث كثير، لكن هل هي قاعدة عامة أنت مدين بمائة ألف تقول: خذ هذه خمسة وثلاثين أكثر من الثلث والثلث كثير، ما هو بصحيح، يوجب عليك صلوات وصيام، تصوم عشرة أيام وتقول: والله صمت الثلث والثلث كثير؟ لا، لا هذا لا يدخل في مثل هذا أبداً.


في بعض الروايات: ((كبير))، ((إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة)) (أن) جاءت بفتح الهمز وكسرها ((خير من أن تذرهم عالة)) فقراء ((يتكففون الناس)) يسألون الناس بأكفهم، يسألون الناس بأكفهم ((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) هذا من فضل الله -جل وعلا- ورحمته للأمة أن جعل النفقة الواجبة فيها أجر، بل جعل اللذة فيها أجر "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ " قال: ((نعم، أرأيت لو وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ )) قال: نعم، قال: ((فكذلك الحلال)) فيه أجر، نعم، لكن مثل هذا يحتاج إلى نية.
((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) تشتري حليب لطفلك فيه أجر، تشتري أدنى شيء نفقة لأولادك فيه أجر، لكن استحضر النية، وأنك تؤدي بذلك واجب أوجبه الله عليك، ولا أقل من أن يستحضر الإنسان النية العامة، يعني إذا عزبت النية في كونه يدخل بقالة يأخذ خبز يحتاج إلى نية، لكن أقل الأحوال النية العامة في ميزانية المصروف الشهري، وأنت داخل المحل الكبير تأخذ أغراض لمدة شهر، تنوي بذلك التقرب إلى الله -جل وعلا-، وأنك تؤدي هذا الواجب، أما بالنسبة لكل فرد فرد هذا ما في شك أن فيه مشقة على الناس، نعم، يعني بعض الناس يجعل يوم وليكن اليوم الذي يستلم فيه المرتب الشهري لقضاء الحوائج، ميزانية الحوائج لهذا الشهر، والله خمسة آلاف مثلاً ادخل المحل الكبير بهذه النية، وتجري لك الأجور إلى مثله من الشهر الثاني.


((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) النية العامة تنفع، ولذلك المزارع إذا زرع ينوي بذلك الخير، وأن يستحضر بذلك وقت الزراعة أن يؤكل منه، من الناس، من الدواب، من الطيور، كل هذا فيه أجر، لكن ما يلزم أن ينوي أن كل ما أكل منه يكتب له أجر، النية العامة تكفيه، بل مثل هذا يقول بعض أهل العلم: أن مثل هذا لا يحتاج إلى نية، الأجر رتب عليه وهو ما نوى، وقل مثل هذا في الفرس التي يربطها للجهاد في سبيل الله، ثم تشرب من الماء يكتب له الأجر، ولو لم يقصد شربها، كما جاء في الحديث الصحيح، ولم لم ينوِ شربها من الماء؛ لأنه إنما ربطها في سبيل الله، وفضل الله واسع، فعلينا أن نري الله -جل وعلا- منا الإخلاص، وقصد التقرب إليه -جل وعلا-.
((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) هذا من حسن العشرة والتعامل، يعني تأخذ اللقمة وتضعها في فيها، بعض الناس يأنف من هذا ويتكبر، لكن هذا لا شك أنه من العشرة بالمعروف، وبعض الناس إذا دخل البيت مثل الإمبراطور ما يريد أحد يتنفس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خدمة أهله {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] تريد منك احترام وتقدير مثلما تريد منها، هي امرأة إنسانة كاملة الحقوق، ويبقى أن الرجل هو الراعي، وهو القوام على من تحت يده، لا نقول: إن المرأة مثل الرجل، لا، أما المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله -جل وعلا- فضل الجنس على الجنس {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [(228) سورة البقرة] لكن لا يعني هذا أنك تستغل هذه القوامة وهذه الدرجة لتجعلها مسخرة مذللة، لا يا أخي؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] لك حقوق ولها حقوق، وتريدها تتعامل معك باحترام وتقدير احترمها وقدرها هي إنسانة لها حقوق ولها مشاعر ولها نفس مثلك، وابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "إني لأتجمل لها كما أحب أن تتجمل لي".
((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) يعني في فمها، وهذا أيضاً من الأسماء الخمسة، أو الستة على الخلاف في السادس، وهناك مرفوع ذو مال، وهنا في فيّ امرأتك.


"قال: فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) " يعني السياق هل يدل على أنه راغب في البقاء أو راغب في الموت، يعني كونه يموت في الدار التي هاجر منها، وتركها لله -جل وعلا- هذا ما فيه شك أنه بالنسبة له منقصة، ولذلك رثى النبي -عليه الصلاة والسلام- سعد بن خولة؛ لأن هذا شيء تركه لله -جل وعلا-، فكونه يموت فيه وقد تركه لله -عز وجل- الأكمل أن لا يموت فيه، وأن لا يبقى فيه حتى يموت، ولذا لم يترك للمهاجر فرصة إلا ثلاثة أيام، يبقى في البلد الذي هاجر منه، فقوله: "أخلف بعد أصحابي؟ " هل يعني هذا أنه متشوف لطول المدة أو متشوف للموت؟ ويش يدل عليه السياق؟ "قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به)) " كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يسليه، وقوله: أصحابي، يعني كأن الرفقة كلهم مشوا وأنا بقيت، يدل على أنه راغب في الحياة أو غير راغب؟ يعني الأسلوب يدل على أنه غير راغب، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سلاه "فقال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) " هذا تسلية له، إنك يعني إذا خلفت تكسب خير، ولذا بعض الناس في مثل هذه الظروف، وفي أيام الفتن والمحن يتمنى أن لو مات، ويغبط من مات، نعم يأتي في وقت من الأوقات تزداد الفتن والمحن بحيث يخشى الإنسان على دينه، يمر بصاحب القبر فيقول: ليتني مكانك، لكن في مثل هذه الأيام -ولله الحمد- أبواب الخير مفتوحة، افعل الخيرات، اذكر الله، أقل الأحوال الذكر اللي ما يكلفك شيء، وأنت الآن تظن أن غرسك اكتمل، وأن الجنة تنتظرك؟ لا يا أخي لا تظن هذا، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر الباقيات الصالحات كل جملة شجرة في الجنة، اغرس يا أخي، والجنة قيعان، وجاء في الخبر أن أخوين استشهد أحدهما وبقي الآخر أربعين يوم بعده، فرؤي المتأخر أفضل من ذلك، لماذا؟ كم صلى من فرض؟ صلى مائتين فرض، وصام، وذكر الله -جل وعلا-، وأتى بأنواع من العبادات، مثل هذا ما يتيسر للي مات خلاص انقطع عمله، إلا إن كان هناك من الأمور التي تجري بعد الموت.


((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) فالإنسان يتمنى طول العمر من أجل إيش؟ زيادة العمل، زيادة الرصيد، ما يتمنى طول العمر ليبني العمارات الشاهقة، ويكدس الأموال الطائلة، وتزيد أرصدته في البنوك إلى أن يكسب الملايين، بل مئات الملايين، هذه من أجل إيش؟ ترى ما زاد على العيش على الكفاف عذاب في الدنيا قبل الآخرة، تدرون هناك ناس يراقبون الشاشات ليل نهار، ويش حياتهم هذه؟ زاد الدولار أخذ له حبة، ارتفع عنده الضغط، نقص ما أدري إيش؟ اللين، أخذ حبة، انخفض عنده السكر، هذه حياة هذه؟! ملايين يناظرونها في الشاشات، ما يستطيعون .. ، ما يأكلون، ولا يتلذذون على فرش، تعطلت منافعهم، ومع ذلك وراء هذه الشاشات لا يذكرون الله إلا قليلاً، فالإنسان يتمنى طول العمر من أجل إيش؟ ((فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) هذا الذي يتمناه الإنسان، بعض الناس يوسع الآمال ويطولها على شان إيش؟ على شان يرى الأموال، ويرى الأولاد، ويرى .. ، لأنه تبع، هذا ما هو بهدف، الهدف الشرعي من وجودك تحقيق العبودية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] أما والله زادت ملايينك وإلا نقصت والله هذه وبال عليك، حلالها حساب وحرامها عقاب، ولن تزول قدماك حتى تسأل، من أين اكتسبت؟ وفيما أنفقت؟ وقد تنفق الأموال الطائلة عندك مليار قد تنفق خمسمائة مليون، وتكون من الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار، قد تبني بالخمسمائة مليون ألوف المساجد، ثم ماذا؟ تكوم من الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فعلى الإنسان أن يحرص، ماذا فعلت؟ اكتسبت الأموال، طيب من أين؟ كيف اكتسبت؟ حيل، غش، ربا، خيانة، سرقات، وإلا إيش؟ حلال، طيب حلال، فيما أنفقتها؟ أنفقتها ابتغاء مرضاتك، وطلباً لجنتك، لا، أنفقت ليقال: فلان جواد، هذا كلام من لا ينطق عن الهوى، يعني وجد من يصرف إذا جاءه الفقير وعنده مجمع من التجار وكذا صرف له الشيك، على شان إيش؟ على شان يشوفونه التجار، ووجد أيضاً بعد من يتصرف يروح إلى .. ، يدخل مباشرة يكلم البنك احجزوا المبلغ، يعني كلام من لا ينطق عن الهوى، وإلا


قد يقول قائل: يا أخي الناس فيهم خير، وفيهم بركة، لكن الإنسان يحرص على نيته، وقد يفني الإنسان عمره في تحصيل العلم، وفي تعليمه للناس وتوجيههم، ويستفيد منه خلائق، يدخلون بعلمه الجنة، وهو أول من تسعر به النار، فليكن الإنسان على حذر، يحقق هذه العبودية التي من أجلها خلق والهدف، شوف ((لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) هذا الذي .. ، من أجل هذا يتمنى الإنسان طول العمر، يقول: ((ولعلك أن تخلف)) ولعلك هذه صيغة ترجي، وهي في القرآن لا تخلف واجبة كما يقول أهل العلم، والكلام في السنة جاء ما يدل على هذا وعلى هذا، لكنه هنا تحققت، تحقق هذا الرجاء.
((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام)) الأمة بكاملها انتفعت بتخلفه، حيث عمر بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أربعين سنة ((حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون)) انتفعت الأمة، وتضرر به الكفر والكفار، وحصل على يديه من الفتوح ما حصل، الجهاد الصريح ضرب فيه بسهم وافر، لكن الفتن هل أقحم نفسه في الفتن؟ لا، اعتزل، يأتي ابنه: يا أبتاه، الناس اقتسموا الملك، اقتسموا الدنيا، قال: لهم الدنيا، وهو معتزل بالعقيق.


((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون)) وهذا هو الحاصل ((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) يعني ما تركوه لله -جل وعلا- أمضه لهم، ولا تردهم على أعقابهم بأن يسكنوا ويستوطنوا البلدان التي تركوها من أجل الله، والهجرة شأنها عظيم في الإسلام، وهي باقية، باقية إلى قيام الساعة، وهي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، من بلاد البدع، بلاد المعاصي إلى بلاد السنة، بلاد الاستقامة والالتزام عند من يعينك على تحقيق الهدف، هذه الهجرة، وهي باقية إلى قيام الساعة، وهي واجبة، ولا يجوز البقاء بحال بين ظهراني الكفار، والخطر على المسلم وعلى ذريته معروف يدركه كل أحد، وكمن طفل من أبناء المسلمين تنصر وإلا تهود وإلا ترك دينه؛ لأنه بيضطر يدرسه في مدارسهم، يدرسه دياناتهم، يقول: والله إحنا عندنا حرية ونزاول أعمالهم ما هو بصحيح، عندك حرية وأنت طالع نازل ذاهب آيب تشوف الكفار وأعمالهم وكفرهم وفجورهم تشوف معاصيهم الظاهرة والباطنة ما هو بصحيح، إذا كان أهل العلم يوجبون بل يحرمون البقاء في بلد ولو كان إسلامي، ليس فيه عالم يفتي الناس، ويدلهم على الحق، ويدلهم على الخير، ويرشدهم إليه، منهم من أفتى بتحريم البقاء في مثل هذا البلد، فكيف بالإقامة في بلاد الكفار؟! ونحن -ولله الحمد- في هذه البلاد نعيش نعم، نعم لا تخطر على البال، يعني أنواع مما يرضي الله -جل وعلا- موجود عندنا، نعم عندنا شيء من الخلل عندنا نقص، عندنا معاصي، والخبث كثر، نسأل الله -جل وعلا- أن يعيد الأمة إلى دينها.
((لكن البائسُ)) أو البائسَ، لماذا؟ لأنها مخففة.
وخففت (إن) فقل العملُ ... . . . . . . . . .
{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] وإلا الأصل إن هذين، ((لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) يتوجع له، لكونه مات في البلد الذي هاجر منه، الذي تركه لله -جل وعلا-، نعم.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الثلث، والثلث كثير)).


نعم هذا من كلام ابن عباس يقول -رضي الله عنهما-: "لو أن الناس غضوا" نقصوا "من الثلث إلى الربع"؛ لأنه ما دام الثلث كثير فالمطلوب ما هو دونه إلى الربع أو الخمس، وقد فعله أبو بكر -رضي الله عنه-، وقد رضي أبو بكر بما رضي به الله لنفسه، الرب -جل وعلا- رضي بالخمس {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41) سورة الأنفال] يقول: رضيت بما رضي به الله لنفسه، الخمس.
يقول: "لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " وكل هذا من أجل مراعاة حقوق الورثة، فيراعي الإنسان .. ، وألزم ما عنده من يمون، وكفى به إثماً أن يضيع من يمون، فهم أولى الناس ببره وعطفه، لكن لا ينسى نفسه، فماله الذي يقدمه لنفسه، لكن لا ينظر إلى النصوص التي تحث على الصدقة وينسى من تحت يده؛ لأن بعض الناس ما يستوعب الأمور مكتملة، ما يستوعب الأمور من جميع وجوهها، فيسمع الحث على الصدقة وأن ماله ما قدم، ومال الوارث ما أخر وكذا، يقول: ما علي من الوارث، قد يقول هذا الكلام فينساه، فيقال له: لا يا أخي أنت غض من الثلث؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((الثلث كثير)) وهذا أيضاً يقال فيه مثلما قيل في الحديث السابق، نعم.
قال -رحمه الله تعالى-:

باب: الفرائض
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) وفي رواية: ((اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر)).

باب: الفرائض


الفرائض: جمع فريضة، الفريضة النصيب المقدر المفروض للوارث، ويدخل فيه تبعاً ما جاء في هذا الحديث التعصيب؛ لأن الفرائض الأصل فيها الفروض المقدرة في كتاب الله -جل وعلا-، الستة المعروفة، النصف ونصفه ونصف نصفه، النصف والربع والثمن، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، الثلثان والثلث والسدس، هذه الفرائض، يعني المفروضة المقدرة، ويلحق بها التعصيب الوارد في مثل هذا الحديث، من باب الإلحاق، ويراد بالفرائض قسمة المواريث، جمع فريضة، فعيلة بمعنى مفعولة، مثل جريحة بمعنى مجروحة، قتيلة بمعنى مقتولة، قد تطلق الفرائض ويراد بها الواجبات في أبواب الدين كلها، ولذا يقول أهل الحديث: إنه ينبغي لطالب العلم أن يبدأ بالحديث عند العشرين، وما قبل ذلك يشتغل بالفرائض، هل معنى هذا أنه يشتغل بالمواريث؟ لا، يشتغل بعلم الحلال والحرام، ثم يبدأ بطلب الحديث، والخلاف في متى يبدأ الطالب بالحديث معروف عند أهل العلم، والأولى أن يبدأ به من التمييز كغيره من العلوم.
المقصود أن الفرائض بالاصطلاح الخاص يراد بها قسمة التركات والمواريث؛ لقوله -جل وعلا-: {نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [(7) سورة النساء] فهي مفروضة.
"عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) " هذا صاحب نصف، لا بد أن يعطى النصف ما لم يوجد حاجب يحجبه حجب نقصان، هذا صاحب نصف أو ربع يعطى نصفه أو ربعه ما لم يوجد حاجب حجب حرمان أو نقصان، أو مانع من موانع الإرث، المقصود أن مثل هذه لا بد من أن تؤدى إلى أهلها ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) الفرائض الله -جل وعلا- تولى قسمتها، ولم يكل ذلك إلى أحد، ما ترك هذا إلى اجتهاد الناس، بل تولى قسمتها كالزكاة.


((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) صاحب النصف أخذ نصفه، صاحب الربع أخذ ربعه، وصاحب السدس .. ، بقي عندنا يعطى المعصب، يعطى العاصب، والعاصب له ما بقي بعد الفروض، يعطى ما بقي بعد الفروض، فإذا لم يوجد صاحب فرض العاصب يأخذ المال كله، توفي شخص عن ابن فقط ماله لابنه، توفي شخص عن زوجة وأم وابن، الزوجة تأخذ الثمن، والأم تأخذ السدس، والابن يأخذ الباقي، توفي شخص عن ابن وبنت للذكر مثل حظ الأنثيين، طيب البنت صاحبة فرض ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) البنت لها النصف، نعم؟ نعم لا بد أن لا يوجد عاصب، وهو أخوها، فإذا وجد هذا العاصب صار للذكر مثل حظ الأنثيين {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] وهذه قاعدة الفرائض أن الذكر له نصيب اثنتين من النساء إلا في باب الإخوة لأم، وهذا من وجوه تفضيل جنس الذكر على جنس الأنثى؛ لأنهم هم أهل التبعات، وهم أهل النفقات، وهم أهل البذل، فعليهم من الالتزامات ما لا يوجد نظيره في النساء، ولذلك فضل الرجال على النساء في هذا الباب، وجاء تفضيل الرجل على المرأة في الضعف في خمسة مواضع، هنا في المواريث، في الإرث، والثاني: على النصف، نعم في الشهادة، القوامة ويش دخلها يا إخوان؟ يعني على المرأة نصف قوامة الرجل؟ نعم؟ الشهادة {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] الثالث؟ هاه؟ الدية، دية المرأة نصف دية الرجل، الرابع؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أسمع والله.
طالب: العقيقة.
عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، بقي واحد، الصلاة، تصلي نصف صلاة الرجل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني نصف صلاة الرجل تصلي؟ أنا أقول: على النصف، على النصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .


العتق، من أعتق رجل كمن أعتق امرأتين، هذه خمسة مواضع ولا سادس لها، المرأة على النصف من الرجل في هذه الخمسة المواضع في الشرع، ثم يأتي من يطالب أن المرأة كالرجل، وأنها جنسه، وشقيقة الرجال، ويأتينا من يقول: إن لو استعرضنا آيات المواريث لوجدنا أن المرأة على النصف في ثلاث آيات، وثلاث آيات متساويين، والسابعة سجال، مرة هذا ومرة هذا.
كل هذا تلبية لرغبات أعداء، يُتنازل معهم إلى هذا الحد، هذا ديننا، لا بد أن نعتز بديننا {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [(33) سورة فصلت] ولا عليك من أحد، لا بد منه، ما نجعل الدين متهم في قفص، والسعيد من يدافع عنه، أبداً، ما له حاجة بأحد، هذا ديننا، الذي يدخل بطوعه الله يحييه، واللي ما يدخل جهنم موعود إياها، أما أن نستحيي ونستخفي بديننا على أن الأمم كلها ضدنا ما علينا منهم، فلا بد أن نعتز بهذا الدين، وعلى المرأة أن ترضى بالشرع، وعلى الرجل الذي لم يكتب له حظ في هذه الدنيا أن يرضى ويسلم، نفس الشيء:
كن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ


ما تقول لي: والله فلان يملك مليار وأنا ما أملك ريال نشتري به خبز، هذا ما هو بشغلنا، أنت لك ما يترتب على وضعك من الثواب والعقاب، وذاك أيضاً عليه تبعات، وأنت تحسبه سالم؟! بكرة يتمنى أنه مثلك، لا تظن أنك مظلوم أبداً، فالمرأة يجب عليها أن ترضى وتسلم، والرجل كذلك، ولو رأى أن فلان فضل عليه ما يضر {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} وانتهينا؟ {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] لا بد من التسليم، وقدم الإسلام كما يقول أهل العلم: لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، ويش معنى إسلام يا أخي؟ أنت رضيت بأن تكون مسلم، بل شرفك الله -جل وعلا- بالإسلام، ومنّ عليك أن هداك للإسلام، الإسلام هو الاستسلام والانقياد والتذلل والخضوع لله -جل وعلا-، أنت ما ترجو والله شيء من فلان أو علان تقول: بكيفه يعطيني وإلا ما يعطيني الأمر واحد، لا، أنت ترجو جنة عرضها السماوات والأرض، ولا يكفي أنك في جنة وإلا في صحراء ترعى من حشائش الأرض، لا، إما في جنة وإلا في نار، فريق في الجنة وفريق في السعير، لأنه قد يقول قائل: والله الجنة تبي تكاليف، وحفت بالمكاره، أنا ما عندي استعداد، أنا أتستدح، يعني لو البديل أنك ترعى بالحشائش بالبرية ومتى ما جاءك الموت تموت سهلة، لكن نار تلظى {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [(36) سورة فاطر] ما هي المسألة سهلة، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] بس ما تهيأ، يعني مو بالبديل، إنك إما جنة عرضها السماوات والأرض وجاء في وصفها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هذه جنة، لكن تقول أنت: والله أنا أتستدح ما عندي استعداد نسوي تكاليف، لكن عندك صبر على النار؟ هذا الإشكال، فعلى الإنسان أن يرضى ويسلم، ولو أن الإنسان طار فرحاً وشوقاً، واستمر لسانه رطباً بذكر الله -جل وعلا- وشكره لأنه هداه للإسلام، نعمة لا يقوم بها .. ، لا يعدلها شيء هذه النعمة.


شخص من عامة المسلمين أسره الكفار، فكتب لصاحب له: أن الكفار أسروني، فكتب صاحبه: اشكر الله، شكر الله، ثم كتب له ثانية، وقال: سلسلني الكفار وقيدوني، فكتب له صاحبه: اشكر الله، شكر الله، ماشي، طيب، قيد معه أسير آخر يهودي، كتب لصاحبه، قال: اشكر الله، قال: معي واحد ساحبه معي، قال: اشكر الله، اشكر الله، أصيب اليهودي ببطنه فصار ما يمسك، ما جاء طلع، وهذا مربوط معه ... ، فكتب له صاحبه: اشكر الله، قال: وبعدين إلى متى؟ أشد من ها الحالة اللي أنا أعيشها؟ قال: نعم، اشكر الله إن لم تكن مثلهم، فشكر الله من خالص قلبه، فانفك القيد فخرج يمشي ...