الإيجاز في شرح
سنن أبي داود السجستاني 2 - باب: الرجل يَتَبَوَّأ لبوله
هو مهموز (1)، أي: يطلب موضعًا صالحًا له.
3 - (ضعيف) حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حمادٌ، نا أبو
التياحِ قال: حدثني شيخٌ قال: لما قدم أبو عبد الله بن
عباس البصرة، فكان يحدث عن أبي موسى، فكتب أبو عبد الله
إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى: إني كنت
مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فأراد أن
يبول فأتى دَمثًا في أصل جدارٍ، فبال، ثم قال - صلى الله
عليه وسلم -: "إذا أراد أحدكم أن يبول فليَرْتَدْ لبوله
موضعًا" (2).
__________
(1) يريد: "يتبوأ".
(2) أخرجه أحمد (4/ 396، 399، 414)، والطيالسي (519) ومن
طريقه الحاكم (3/ 528)، والبيهقي (1/ 93)، من طرق عن أبي
التياح به، وهو ضعيف لجهالة الراوي عن ابن عباس.
وله شاهد من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجه ابن
حبان في "المجروحين" (2/ 91)، من طريق عمر بن هارون عن
الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبو عبد الله بن أبي
قتادة، عن أبيه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- يرتاد لبوله كما يرتاد أحدكم لصلاته"، وعمر بن هارون
متروك، فالحديث ضعيف.
وذكره المصنف في "خلاصة الأحكام" (1/ 149) رقم (322) في
(قسم الضعيف) من (كتاب الاستطابة) وقال في "المجموع" (2/
83): "ضعيف، رواه أحمد وأبو داود عن رجل عن أبي موسى".
وقال المناوي في "فيض القدير" (1/ 346): "وقال المنذري في
تعقبه على أبي داود: فيه مجهول، وتبعه الصدر المناوي، وقال
النووي في =
(1/86)
وحديث الباب ضعيف؛ لأن فيه مجهولاً، وإنما
لم يصرِّح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر (1).
قوله: "حدثنا أبو التَّياح" هو بمثناة فوق مفتوحة، ثم
مثناة تحت مشدَّدة، وبحاءٍ مهملة (2).
اسمه: يزيد بن حميد، بَصْريّ. قال شعبة: كُنَّا نُكَنِّيه
أبا حماد، قال: وبلغني أنه كان يُكَنّى بأبي التياح وهو
غلام (3).
قوله: "لما قدم البصرة"، هي بفتح الباء وكسرها وضَمِّها،
الفتح أشهر (4).
قوله: "فأتى دَمِثًا في أصل جدار فبال": هو بكسر الميم
وفتحها،
__________
= "المجموع" و"شرح أبي داود": حديث ضعيف لأن فيه مجهولين.
قال: وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه؛ لأنه ظاهر، ووافقه
الولي العراقي فيما كتبه عليه، فقال: ضعيف، لجهالة راويه،
والمجهول الذي في إسناد أبي داود في إسناد البيهقي،
انتهى".
(1) نقله المناوي في "الفيض" (1/ 346) عن كتابنا، كما في
الهامش السابق.
(2) انظر: "التوضيح" (3/ 131)، "الإكمال" (7/ 331)،
"المشتبه" (2/ 629)، "التبصير" (4/ 14006).
(3) انظر: "الكنى والأسماء" (473) لمسلم، و"الكنى" (1/ ق
45) لأبي أحمد الحاكم، و "الكنى والأسماء" للدولابي (1/
131 - ط الهندية)، "ذكر من اشتهر بكنيته من الأعيان" (رقم
101)، "طبقات ابن سعد" (7/ 238)، "طبقات خليفة" (216)،
"طبقات مسلم" (1877 - بتحقيقي).
(4) المصنف في "شرح صحيح مسلم"، (1/ 217) وفي "تهذيب
الأسماء واللغات" (3/ 37 - 38) وفي "تحرير ألفاظ التنبيه"،
(220 - 221) كلام جيد في التعريف بها، وأفاد أن الأزهري
حكى الفتح والكسر والضم، قال: "حكاهن الأزهري، أفصحهن
الفتح، وهو المشهور". وينظر للأزهري "تهذيب اللغة" (12/
175).
(1/87)
الكسر أشهر، وهو الأرض اللينة كالرمل ونحوه
مما يَخُدُّ فيه البول فلا يرجع ولا يسيل (1).
وقوله: "بال في أصل الجدار"، أي: قريبًا منه بحيث لا
يفسده، أو أنه كان غير مملوكٍ، أو يعلم أن مالكه لا يكره
ذلك (2).
قوله: "إذا أراد أحدكم أن يبول فَلْيَرْتَد لبوله"، أي:
يطلب (3) موضعًا سهلًا صالحًا لذلك. ففيه استحباب ذلك (4).
وفيه: الكتابة بالعلم والعمل بها، وسؤال الفضلاء العلم،
وإن كان السائل فاضلًا.
...
__________
(1) انظر: النهاية (2/ 132)، "الفائق" (1/ 438) مادة
(دمث).
(2) وكذا قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/ 15)
ونقله عنه وعن المصنّف: المناوي في "الفيض" (1/ 346) ونقله
عن المصنف وحده: السيوطي في "مرقاة الصعود" (ص 6 - درجات)
وتعقبه بما لا طائل تحته، فقال: "قلت: بل ملّكه تعالى كلّ
ملكه، فغيره إنما سكنوه عارية منه - صلى الله عليه وسلم
-"!.
(3) الارتياد: افتعال من (الرود)، كالابتغاء من (البغي)،
ومنه: الرائد: طالب المرعى والطير يتريّد الورق، أي:
يطلبه. ومنه المثل (الرائد لا يكذب أهله)، وهو الذي يرسل
في طلب المرعى، أفاده المناوي (1/ 346)؛ واقتصر الشارح في
"تحرير ألفاظ التنبيه" (ص 37) على قوله: "الارتياد: الطلب"
وهكذا فعل هنا.
(4) قال المصنف في "المجموع" (2/ 84): "وهذا الأدب متفق
على استحبابه"، وفعله (سنة) في "روضة الطالبين" (1/ 66)، و
(أدبًا) في "التحقيق" (84) وأقر الغزالي في "التنقيح" (1/
298) بما عده (أدبًا).
(1/88)
|