حاشية السندي على سنن النسائي

 (كتاب الِافْتِتَاح)
قَوْله إِذا افْتتح التَّكْبِير فِي الصَّلَاة لَعَلَّ الْمَعْنى إِذا ابْتَدَأَ فِي الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ فنصب التَّكْبِير بِنَزْع الْخَافِض والْحَدِيث يدل على الْجمع بَين التسميع والتحميد وعَلى رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَعند رفع الرَّأْس مِنْهُ وَمن لَا يَقُول بِهِ يرَاهُ مَنْسُوخا بِمَا لَا يدل عَلَيْهِ فَإِن عدم الرّفْع أَحْيَانًا ان ثَبت لَا يدل على عدم استنان الرّفْع إِذْ شَأْن السّنة تَركهَا أَحْيَانًا وَيجوز استنان الْأَمريْنِ جَمِيعًا فَلَا وَجه لدعوى النّسخ وَالْقَوْل بِالْكَرَاهَةِ وَالله تَعَالَى أعلم رفع الْيَدَيْنِ إِلَى قَوْله ثمَّ يكبر هَذَا صَرِيح فِي تَقْدِيم الرّفْع على التَّكْبِير فَالْأَوْجه الْأَخْذ بِهِ

(2/121)


وَحمل مَا يحْتَملهُ وَغَيره عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حاذتا أُذُنَيْهِ لَا تنَاقض بَين الْأَفْعَال الْمُخْتَلفَة لجَوَاز وُقُوع الْكل فِي أَوْقَات مُتعَدِّدَة فَيكون الْكل سنة الا إِذا دلّ الدَّلِيل على نسخ الْبَعْض فَلَا مُنَافَاة بَين الرّفْع إِلَى المكبين أَو إِلَى شحمة الْأُذُنَيْنِ أَو إِلَى فروع الْأُذُنَيْنِ أَي أعاليهما وَقد ذكر الْعلمَاء فِي التَّوْفِيق بسطا لَا حَاجَة إِلَيْهِ لكَون التَّوْفِيق فرع التَّعَارُض وَلَا يظْهر التَّعَارُض أصلا قَوْله يرفع بهَا صَوته وَقد جَاءَ

(2/122)


فِي بعض الرِّوَايَات يخْفض بهَا صَوته لَكِن أهل الحَدِيث يرونه وهما وان رَجحه بعض الْفُقَهَاء وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله حِيَال أُذُنَيْهِ بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَلَام أَي تلقاءهما ثمَّ مَالك بن الْحُوَيْرِث وَوَائِل بن حجر مِمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم آخر عمره فروايتهما الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ دَلِيل على بَقَائِهِ وَبطلَان دَعْوَى نسخه كَيفَ وَقد روى مَالك هَذَا جلْسَة الاسْتِرَاحَة فحملوها على أَنَّهَا كَانَت فِي آخر عمره فِي سنّ الْكبر فَهِيَ لَيْسَ مِمَّا فعلهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قصدا فَلَا يكون سنة وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون الرّفْع الَّذِي رَوَاهُ ثَابتا لَا مَنْسُوخا لكَونه فِي آخر عمره عِنْدهم فَالْقَوْل بِأَنَّهُ مَنْسُوخ قريب من التَّنَاقُض وَقد قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمَالِك هَذَا وَأَصْحَابه صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فروع أُذُنَيْهِ أعاليهما وَفرع كل شَيْء أَعْلَاهُ

(2/123)


قَوْله مدا أَي رفعا بليغا أَو رفعا وَهُوَ مصدر من غير لفظ الْفِعْل كقعدت جُلُوسًا الا أَنه على الأول للنوع وعَلى الثَّانِي للتَّأْكِيد هنيهة بِضَم هَاء وَفتح نون وَسُكُون يَاء أَي زَمَانا يَسِيرا وَالْمرَاد السُّكُوت قبل الْقِرَاءَة أَو بعد الْفَاتِحَة والْحَدِيث يدل على أَن النَّاس تركُوا بعض السّنَن وَقت الصَّحَابَة فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَاد على الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم

(2/124)


قَوْله
[885] الله أكبر كَبِيرا أَي كَبرت كَبِيرا وَيجوز أَن يكون حَالا مُؤَكدَة أَو مصدرا بِتَقْدِير تَكْبِيرا كَبِيرا كثيرا أَي حمدا كثيرا ابتدرها اثْنَا عشر أَي يُرِيد كل مِنْهَا أَن يسْبق على غَيره فِي رَفعهَا إِلَى مَحل الْعرض أَو الْقبُول قَوْله قبض بِيَمِينِهِ الخ الْأَحَادِيث الدَّالَّة على أَن السّنة هِيَ الْوَضع دون الْإِرْسَال كَثِيرَة شهيرة قَوْله

(2/125)


[889] قلت لأنظرن أَي قلت فِي نَفسِي وعزمت على النّظر والتأمل فِي صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم والرسغ وَهُوَ مفصل بَين الْكَفّ والساعد وَالْمرَاد أَنه وضع بِحَيْثُ صَار وسط كَفه الْيُمْنَى على الرسغ وَيلْزم مِنْهُ أَن يكون بَعْضهَا على الْكَفّ الْيُسْرَى وَالْبَعْض على الساعد على فَخذه وركبته أَي وضع بِحَيْثُ صَار بَعْضهَا على الْفَخْذ

(2/126)


وَبَعضهَا على الرّكْبَة حد مرفقه أَي غَايَة الْمرْفق على فَخذه أَي مستعليا على الْفَخْذ مرتفعا عَنهُ ثمَّ قبض اثْنَتَيْنِ أَي الْخِنْصر والبنصر وَحلق حلقه أَي جعل الْإِبْهَام وَالْوُسْطَى حَلقَة ثمَّ رفع أُصْبُعه أَي المسبحة وَقد أَخذ بِهِ الْجُمْهُور وَأَبُو حنيفَة وصاحباه كَمَا نَص عَلَيْهِ مُحَمَّد فِي موطئِهِ وَغَيره الا أَن بعض مَشَايِخ الْمَذْهَب أنكرهُ وَلَكِن أهل التَّحْقِيق من عُلَمَاء الْمَذْهَب نصوا على أَن قَوْلهم مُخَالف للرواية والدراية فَلَا عِبْرَة بِهِ وَأما تَحْرِيك الْأصْبع فقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات فَأخذ بِهِ قوم الا أَن الْجُمْهُور مَا أَخذ بِهِ لخلو غَالب الرِّوَايَات عَنهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مُخْتَصرا اسْم فَاعل من الِاخْتِصَار هُوَ وضع الْيَد على الخاصرة وَقيل هُوَ أَن يمسك بِيَدِهِ مخصرة أَي عَصا يتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَقيل هُوَ أَن يختصر السُّورَة فَيقْرَأ من آخرهَا آيَة أَو آيَتَيْنِ وَقيل هُوَ أَن لَا يتم قِيَامهَا وركوعها وسجودها

قَوْله
[891] ضَرْبَة بِيَدِهِ بِالنّصب مفعول قَالَ على أَنه بِمَعْنى فعل أَن هَذَا الصلب بِالرَّفْع على أَنه خبر أَن أَو النصب على أَنه صفة هَذَا وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي رَابَنِي مِنْك وَالْمرَاد أَنه شِبْهَ الصَّلْبِ لِأَنَّ الْمَصْلُوبَ يَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الْجذع وَهَيْئَةُ الصَّلْبِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتَيْهِ وَيُجَافِيَ بَيْنَ عَضُدَيْهِ فِي الْقِيَامِ قَوْله

(2/127)


[892] قد صف بَين قَدَمَيْهِ كَانَ المُرَاد قد وصل بَينهمَا وَلَو رَاح بَينهمَا أَي اعْتمد على إِحْدَاهمَا

(2/128)


مَرَّةً وَعَلَى الْأُخْرَى مَرَّةً لِيُوصِلَ الرَّاحَةَ إِلَى كل مِنْهُمَا قَوْله وَأَنا من الْمُسلمين كَأَنَّهُ كَانَ يَقُول أَحْيَانًا كَذَلِك لارشاد الْأمة إِلَى ذَلِك ولاقتدائهم بِهِ فِيهِ والا فاللائق بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أول الْمُسلمين كَمَا جَاءَ فِي كثير من الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم

(2/129)


قَوْله
[897] ظلمت نَفسِي إِظْهَار للعبودية وتعظيم للربوبية والا فَهُوَ مَعَ عصمته مغْفُور لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر لَو كَانَ هُنَاكَ ذَنْب وَقيل بل الْمَغْفِرَة فِي حَقه مَشْرُوطَة بالاستغفار وَالْأَقْرَب أَن الاسْتِغْفَار لَهُ زِيَادَة خير وَالْمَغْفِرَة حَاصِلَة بِدُونِ ذَلِك لَو كَانَ هُنَاكَ ذَنْب وَفِيه إرشاد للْأمة إِلَى الاسْتِغْفَار وَمعنى وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك أَن الشَّرّ لَيْسَ قربا إِلَيْك وَلَا يتَقرَّب بِهِ وَقيل انه لَا ينْسب إِلَيْك بِانْفِرَادِهِ فَلَا يُقَال خَالق الشَّرّ

(2/130)


أَنا بك وَإِلَيْك أَي وجودي بايجادك ورجوعي إِلَيْك أوبك أعْتَمد وَإِلَيْك ألتجيء تَبَارَكت أَي تزايد خيرك وَكثر قَوْله وَبِحَمْدِك قيل الْوَاو للْحَال وَالتَّقْدِير وَنحن ملتبسون بحَمْدك وَقيل زَائِدَة وَالْجَار وَالْمَجْرُور حَال ملتبسين بحَمْدك

(2/131)


[899] وَتَعَالَى جدك فِي النِّهَايَة أَي علا جلالك وعظمتك

قَوْله
[901] وَقد حفزه النَّفس بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْفَاء وَالزَّاي الْمُعْجَمَة وَالنَّفس بِفتْحَتَيْنِ أَي جهده من شدَّة السَّعْي إِلَى الصَّلَاة وأصل الحفز الدّفع العنيف وَفِي النِّهَايَة الحفز الْحَث والاعجال فأرم الْقَوْم بِفَتْح رَاء مُهْملَة وَتَشْديد مِيم أَي سكتوا وَيحْتَمل اعجام الزَّاي وَتَخْفِيف الْمِيم أَي أَمْسكُوا عَن الْكَلَام وَالْأول أشهر رِوَايَة أَي سكت الْقَائِل خوفًا من النَّاس يبتدرونها أَي كل مِنْهُم يُرِيد أَن يسْبق على غَيره فِي رَفعهَا إِلَى مَحل الْعرض أَو الْقبُول وَجُمْلَة أَيهمْ يرفعها حَال أَي قَاصِدين ظُهُور أَيهمْ يرفعها وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/132)


[902] يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَشَارَ بالترجمة إِلَى أَن المُرَاد بِالْحَمْد لله الخ لَيْسَ هَذَا اللَّفْظ بل تَمام السُّورَة على الْوَجْه الَّذِي يقْرَأ فَكَأَنَّهُ قَالَ يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ فَدخل فِيهِ الْبَسْمَلَة ان قُلْنَا انها جُزْء من السُّورَة لَكِن قِرَاءَة السُّورَة يبْدَأ بهَا شرعا تبركا فَلَا دَلِيل فِي الحَدِيث لمن يَقُول لَا يقْرَأ الْبَسْمَلَة أصلا نعم بَقِي الْبَحْث أَنَّهَا تقْرَأ سرا أَو جَهرا وسيعرف حَقِيقَته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/133)


[904] إِذْ أغفى الاغفاء بالغين الْمُعْجَمَة النّوم الْقَلِيل فِي الْمجمع الاغفاء السّنة وَهِي حَالَة الْوَحْي غَالِبا وَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ الاعراض عَمَّا كَانَ فِيهِ آنِفا بِالْمدِّ أَي قَرِيبا

[907] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم انا أعطيناك الْكَوْثَر أَرَادَ أَن ظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن الْبَسْمَلَة جُزْء من السُّورَة لِأَنَّهُ بَين السُّورَة بِمَجْمُوع الْبَسْمَلَة وَمَا بعْدهَا وَيحْتَمل أَنَّهَا خَارِجَة وَبَدَأَ السُّورَة بهَا تبركا وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ يَنْبَغِي بداءة السُّورَة بهَا وقراءتها مَعهَا نعم لَا يلْزم مِنْهُ الْجَهْر بهَا فيختلج على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يجتذب ويقتطع

قَوْله
[905] صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم يدل على أَن الْبَسْمَلَة تقْرَأ فِي أول الْفَاتِحَة وَلَا يدل على الْجَهْر بهَا وَآخر الحَدِيث يدل على رفع هَذَا الْعَمَل إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/134)


[906] فَلم يسمعنا من الاسماع وَقَوله فَلم نسمعها بِصِيغَة الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر من السماع وَهَذِه الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي ترك الْجَهْر بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/135)


[909] فَهِيَ خداج بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي غير تَامَّة فَقَوله غير تَمام تَفْسِير لَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِنَصّ فِي افتراض الْفَاتِحَة بل يحْتَمل الافتراض وَعَدَمه وَكَأَنَّهُ لذَلِك عدل عَنهُ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى حَدِيث قسمت الصَّلَاة فِي الِاسْتِدْلَال على الافتراض وَقَوله فِي نَفسك أَي سرا وَوجه الِاسْتِدْلَال هُوَ أَن قسْمَة الْفَاتِحَة جعلت قسْمَة للصَّلَاة واعتبرت الصَّلَاة مقسومة باعتبارها وَلَا يظْهر ذَلِك الا عِنْد لُزُوم الْفَاتِحَة فِيهَا ثمَّ لَا يخفى مَا فِي الحَدِيث من الدّلَالَة على خُرُوج الْبَسْمَلَة من الْفَاتِحَة وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف أَنَّهَا لَا تقْرَأ وَهُوَ بعيد لجَوَاز أَن لَا تكون جُزْءا من الْفَاتِحَة وَيرد الشُّرُوع بِالْقِرَاءَةِ بهَا مَعَ الْفَاتِحَة تبركا فَمن أَيْن جَاءَ أَنَّهَا لَا تقْرَأ فَالْحق أَن مُقْتَضى الْأَدِلَّة أَنَّهَا تقْرَأ سرا لَا جَهرا كَمَا هُوَ مَذْهَب عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَكَونهَا لَا تقْرَأ أصلا كمذهب مَالك أَو تقْرَأ جَهرا كمذهب الشَّافِعِي لَا تساعده الْأَدِلَّة وَلَعَلَّ مُرَاد المُصَنّف الِاسْتِدْلَال على عدم لُزُوم قرَاءَتهَا وَالله تَعَالَى أعلم

(2/136)


قَوْله
[910] لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي عمره قطّ أَو لمن لم يقْرَأ فِي شَيْء من الصَّلَوَات قطّ حَتَّى لَا يُقَال لَازم الأول افتراض الْفَاتِحَة فِي عمره مرّة وَلَو خَارج الصَّلَاة ولازم الثَّانِي افتراضها مرّة فِي صَلَاة من الصَّلَوَات فَلَا يلْزم مِنْهُ الافتراض لكل صَلَاة وَكَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا صَلَاة لمن ترك الْفَاتِحَة وَلَو فِي بعض الصَّلَوَات إِذْ لَازِمَة أَنه بترك الْفَاتِحَة فِي بعض الصَّلَوَات تفْسد الصَّلَوَات كلهَا مَا ترك فِيهَا وَمَا لم يتْرك فِيهَا إِذْ كلمة لَا لنفي الْجِنْس وَلَا قَائِل بِهِ بل مَعْنَاهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِالْفَاتِحَةِ من الصَّلَوَات الَّتِي لم يقْرَأ فِيهَا فَهَذَا عُمُوم مَحْمُول على الْخُصُوص بِشَهَادَة الْعقل وَهَذَا الْخُصُوص هُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر إِلَى الإفهام من مثل هَذَا الْعُمُوم وَهَذَا الْخُصُوص لَا يضر بِعُمُوم النَّفْي للْجِنْس لشمُول النَّفْي بعد لكل صَلَاة ترك فِيهَا الْفَاتِحَة وَهَذَا يَكْفِي فِي عُمُوم النَّفْي ثمَّ قد قرروا أَن النَّفْي لَا يعقل الا مَعَ نِسْبَة بَين أَمريْن فَيَقْتَضِي نفي الْجِنْس أمرا مُسْتَندا إِلَى الْجِنْس ليتعقل النَّفْي مَعَ نسبته فَإِن كَانَ ذَلِك الْأَمر مَذْكُورا فِي الْكَلَام فَذَاك والا يقدر من الْأُمُور الْعَامَّة كالكون والوجود أما الْكَمَال فقد حقق الْمُحَقق الْكَمَال ضعفه لِأَنَّهُ مُخَالف للقاعدة لَا يُصَار إِلَيْهِ الا بِدَلِيل والوجود فِي كَلَام الشَّارِع يحمل على الْوُجُود الشَّرْعِيّ دون الْحسي فمفاد الحَدِيث نفي الْوُجُود الشَّرْعِيّ للصَّلَاة الَّتِي لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب وَهُوَ

(2/137)


عين نفي الصِّحَّة وَمَا قَالَ أَصْحَابنَا أَنه من حَدِيث الْآحَاد وَهُوَ ظَنِّي لَا يُفِيد الْعلم وَإِنَّمَا يُوجب الْعَمَل فَلَا يلْزم مِنْهُ الافتراض فَفِيهِ أَنه يَكْفِي فِي الْمَطْلُوب أَنه يُوجب الْعَمَل ضَرُورَة أَنه يُوجب الْعَمَل بمدلوله لَا بِشَيْء آخر ومدلوله عدم صِحَة صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فوجوب الْعَمَل بِهِ يُوجب القَوْل بِفساد تِلْكَ الصَّلَاة وَهُوَ الْمَطْلُوب فَالْحق أَن الحَدِيث يُفِيد بطلَان الصَّلَاة إِذا لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب نعم يُمكن أَن يُقَال قِرَاءَة الامام قِرَاءَة المقتدى كَمَا ورد بِهِ بعض الْأَحَادِيث فَلَا يلْزم بطلَان صَلَاة المقتدى إِذا ترك الْفَاتِحَة وَقرأَهَا الامام بَقِي أَن الحَدِيث يُوجب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي تَمام الصَّلَاة لَا فِي كل رَكْعَة لَكِن إِذا ضم إِلَيْهِ قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَافْعل فِي صَلَاتك كلهَا للأعرابي الْمُسِيء صلَاته يلْزم افتراضها فِي كل رَكْعَة وَلذَلِك عقب هَذَا الحَدِيث بِحَدِيث الْأَعرَابِي فِي صَحِيح البُخَارِيّ فَللَّه دره مَا أدقه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَصَاعِدا ظَاهره وجوب مَا زَاد على الْفَاتِحَة بِمَعْنى بطلَان الصَّلَاة بِدُونِهِ وَقد اتَّفقُوا أَو غالبهم على عدم الْوُجُوب بِهَذَا الْمَعْنى فلعلهم يحملونه على معنى فَمَا كَانَ صاعدا فَهُوَ أحسن وَالله تَعَالَى أعلم نقيضا صَوتا كصوت الْبَاب إِذا فتح أبشر من الابشار أُوتِيتهُمَا على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا لم يؤتهما حرفا

(2/138)


مِنْهُمَا أَي مِمَّا فِيهِ من الدُّعَاء الا أَعْطيته أَي أَعْطَيْت مُقْتَضَاهُ والمرجو أَن هَذَا لَا يخْتَص بِهِ بل يعمه وَأمته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم

قَوْله
[913] ألم يقل الله الخ مُطلق الْأَمر وان كَانَ لَا يُفِيد الْفَوْر لَكِن الْأَمر هَا هُنَا مُقَيّد بقوله إِذا دعَاكُمْ أَي الرَّسُول فَيلْزم الاستجابة وَقت الدُّعَاء بِلَا تَأْخِير وَضمير دعَاكُمْ للرسول وَذكر الله للتّنْبِيه على أَن دعاءه دُعَاء الله واستجابته لَهُ تَعَالَى لَا يلْزم من وجوب استجابته فِي الصَّلَاة بَقَاء الصَّلَاة وَإِنَّمَا لَازمه رفع اثم الْفساد قَوْلك بِالنّصب أَي أذكرهُ وَالْقُرْآن الْعَظِيم عطف على السَّبع المثاني وَإِطْلَاق اسْم الْقُرْآن على بعضه شَائِع قَوْله وَهِي مقسومة الخ أَي وَقَالَ تَعَالَى هِيَ مقسومة الخ قَوْله الطول بِضَم الطَّاء وَفتح وَاو جمع الطولي السِّتَّة مَعْلُومَة وَالسَّابِعَة هِيَ سُورَة التَّوْبَة وَقيل غَيرهَا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[917] قد خالجنيها أَي نَازَعَنِي الْقِرَاءَة وَالظَّاهِر أَنه قَالَ نهيا وانكارا لذَلِك نعم هُوَ إِنْكَار لما سوى الْفَاتِحَة دونهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/139)


[919] أنازع الْقُرْآن على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْقُرْآن مَنْصُوب بِتَقْدِير فِي الْقُرْآن أَي أُحَارب فِي قِرَاءَته كَأَنِّي أجذبه إِلَى غَيْرِي وغيري يجذبه منى إِلَيْهِ يحْتَمل أَنهم جهروا بِالْقِرَاءَةِ خَلفه فشغلوه وَالْمَنْع مَخْصُوص بِهِ وَيحْتَمل أَنه ورد فِي غير الْفَاتِحَة كَمَا فِيمَا تقدم وَيحْتَمل الْعُمُوم فَلَا يقْرَأ فِيمَا يجْهر الامام أصلا لَا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيرهَا لَا سرا وَلَا جَهرا وَمَا جَاءَ عَن أبي هُرَيْرَة من قَوْله اقْرَأ بهَا يَا فَارسي يحمل على السِّرّ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[920] أَلا بِأم الْقُرْآن ظَاهر هَذِه الرِّوَايَة إِبَاحَة الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ وَلَو جهر الامام فَلَعَلَّ من يمْنَع عَنْهَا يَقُول أَن النَّهْي يقدم على الْإِبَاحَة عِنْد التَّعَارُض وَلَا يخفي أَن الْمُعَارضَة حَال السِّرّ مفقودة فالمنع حِينَئِذٍ غير ظَاهر حَالَة السِّرّ وَلِهَذَا مَال مُحَمَّد وَبَعض الْمَشَايِخ وَغَيرهم إِلَى قِرَاءَة الْفَاتِحَة حَال السِّرّ وَرجحه على الْقَارئ فِي شرح موطأ مُحَمَّد وَرَأى أَنه الْأَحْوَط وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/140)


لذَلِك نعم هُوَ إِنْكَار لما سوى الْفَاتِحَة دونهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/141)


[921] وَإِذا قَرَأَ أَي الامام فأنصتوا أَي اسْكُتُوا للاستماع وَهَذَا لَا يكون الا حَالَة الْجَهْر وَهَذَا الحَدِيث صَححهُ مُسلم وَلَا عِبْرَة بِتَضْعِيف من ضعفه وَالْمُصَنّف أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث تَفْسِير لِلْآيَةِ فَيحمل عُمُوم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن على خُصُوص قِرَاءَة الامام

قَوْله
[923] فَالْتَفت الي

(2/142)


أَي أَبُو الدَّرْدَاء والى هَذَا أَشَارَ المُصَنّف بقوله انما هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خطأ الخ أَي رَفعه خطأ وَالصَّوَاب وَقفه قَوْله يجزئني من الاجزاء أَي يَكْفِينِي مِنْهُ أَي أقرؤه مقَام الْقُرْآن مَا دَامَ مَا أحفظه والا فالسعي فِي حفظه لَازم وَهَذَا يدل على أَن الْعَاجِز عَن الْقُرْآن يَأْتِي بالتسبيحات وَلَا يقْرَأ تَرْجَمَة الْقُرْآن بِعِبَارَة أُخْرَى غير نظم الْقُرْآن

قَوْله
[925] إِذا أَمن الْقَارئ أَخذ مِنْهُ المُصَنّف الْجَهْر بآمين إِذْ لَو أسر الامام بآمين لما علم الْقَوْم بتأمين الامام فَلَا يحسن الْأَمر إيَّاهُم بالتأمين عِنْد تأمينه وَهَذَا استنباط دَقِيق يرجحه مَا سبق من التَّصْرِيح بالجهر وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر نعم قد يُقَال يَكْفِي فِي الْأَمر معرفتهم لتأمين الامام بِالسُّكُوتِ عَن الْقِرَاءَة لَكِن تِلْكَ معرفَة ضَعِيفَة بل كثيرا مَا يسكت الامام عَن الْقِرَاءَة ثمَّ يَقُول آمين بل الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة والتأمين هُوَ اللَّائِق فيتقدم تَأْمِين المقتدى على تَأْمِين الامام إِذا اعْتمد على هَذِه الامارة لَكِن رِوَايَة إِذا قَالَ الامام وَلَا الضَّالّين رُبمَا يرجح هَذَا التَّأْوِيل فَلْيتَأَمَّل وَالْأَقْرَب أَن أحد اللَّفْظَيْنِ من

(2/143)


تَصَرُّفَات الروَاة وَحِينَئِذٍ فرواية إِذا أَمن أشهر وَأَصَح فَهِيَ أشبه أَن تكون هِيَ الأَصْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/144)


[931] بضعَة وَثَلَاثُونَ بِكَسْر الْبَاء وَقد تفتح من الثَّلَاث إِلَى التسع والْحَدِيث يدل على جَوَاز التَّحْمِيد للعاطس جَهرا

قَوْله
[932] فَسَمعته وَأَنا خَلفه ظَاهره الْجَهْر بآمين فَمَا نهنهها أَي منعهَا وكفها عَن الْوُصُول إِلَيْهِ قَوْله

(2/145)


[933] كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي ظَاهره أَن السُّؤَال عَن كَيْفيَّة الْوَحْي نَفسه لَا عَن كَيْفيَّة الْملك الْحَامِل لَهُ وَيدل عَلَيْهِ أول الْجَواب لَكِن آخر الْجَواب يمِيل إِلَى أَن الْمَقْصُود بَيَان كَيْفيَّة الْملك الْحَامِل فَيُقَال يلْزم من كَون الْملك فِي صُورَة الْإِنْسَان كَون الْوَحْي فِي صُورَة مَفْهُوم متبين أول الوهلة فبالنظر إِلَى هَذَا اللَّازِم صَار بَيَانا لكيفية الْوَحْي فَلذَلِك قوبل بصلصلة الجرس وَيحْتَمل أَن المُرَاد للسؤال عَن كَيْفيَّة الْحَامِل أَي كَيفَ يَأْتِيك حَامِل الْوَحْي وَقَوله فِي مثل صلصلة الجرس يأتيني فِي صَوت متدارك لَا يدْرك فِي أول الوهلة كصوت الجرس أَي يَجِيء فِي صُورَة وهيئة لَهَا مثل هَذَا الصَّوْت فنبه بالصوت الْغَيْر الْمَعْهُود على أَنه يَجِيء فِي هَيْئَة غير معهودة فَلِذَا قابله بقوله فِي صُورَة الْفَتى وعَلى الْوَجْهَيْنِ فصلصلة الجرس مِثَال لصوت الْوَحْي والصلصلة بصادين مهملتين مفتوحتين بَينهمَا لَام سَاكِنة صَوت وُقُوع الْحَدِيد بعضه على بعض والجرس بِفتْحَتَيْنِ الجلجل الَّذِي يعلق فِي رُؤُوس الدَّوَابّ وَوجه الشّبَه هُوَ أَنه صَوت متدارك لَا يدْرك فِي أول الوهلة فَيفْصم يضْرب أَي فَيقطع عني حَامِل الْوَحْي الْوَحْي وَقد وعيت

(2/146)


عَنهُ أَي حفظت عَنهُ أَي أَجِدهُ فِي قلبِي مكشوفا متبينا بِلَا التباس وَلَا اشكال فينبذه كيضرب أَي يلقيه إِلَى فِي صَوت انسان وَالله تَعَالَى أعلم

(2/147)


قَوْله يتَمَثَّل أَي يتَصَوَّر تَعْرِيف الْملك للْعهد أَي جِبْرِيل الْمَعْرُوف بِأَنَّهُ حَامِل الْوَحْي ورجلا نَصبه على الْمصدر أَي مثل رجل أَو الْحَال بِتَقْدِير هَيْئَة رجل أَو التَّمْيِيز والتمثل ظُهُور الشَّيْء فِي مِثَال غَيره والأرواح القوية يُمكن ظُهُورهَا بِإِذن الله تَعَالَى فِي صور كَثِيرَة وأمثلة عديدة فِي حَالَة وَاحِدَة من غير أَن يَمُوت الْجِسْم

(2/148)


الْأَصْلِيّ الَّذِي هُوَ ذُو أَجْنِحَة كَثِيرَة فَلَا يرد أَن الجائي كَانَ روح جِبْرِيل فَيَنْبَغِي أَن يَمُوت الْجِسْم الْقَدِيم لَهُ لمفارقة الرّوح إِيَّاه والا فَلَيْسَ الجائي روح جِبْرِيل وَلَا جِسْمه فَمَا معنى مَجِيئه بِالْوَحْي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ليتفصد بِالْفَاءِ وَتَشْديد الْمُهْملَة أَي ليجري ويسيل عرقا تَمْيِيز قَوْله يعالج يتَحَمَّل يُحَرك شفتية أَي لكل حرف عقب سَمَاعه من جِبْرِيل ثمَّ تَقْرَأهُ بِالنّصب عطف على جمعه

(2/149)


بتقديران فَهُوَ عطف الْفِعْل على الِاسْم الصَّرِيح

قَوْله
[936] قلت كذبت يفهم مِنْهُ أَنه لَا يَأْثَم الرجل بتكذيب الْحق إِذا ظهر لَهُ أَمارَة خِلَافه وَبنى عَلَيْهِ التَّكْذِيب وَأَن الْقُرْآن مَا لم يتواتر لَا يكفر صَاحبه بالتكذيب فَلْيتَأَمَّل ان الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف أَي على سبع لُغَات مَشْهُورَة بالفصاحة

(2/150)


وَكَأن ذَاك رخصَة أَولا تسهيلا عَلَيْهِم ثمَّ جمعه عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حِين خَافَ الِاخْتِلَاف عَلَيْهِم فِي الْقُرْآن وَتَكْذيب بَعضهم بَعْضًا على لُغَة قُرَيْش الَّتِي أنزل عَلَيْهَا أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أعجل من حد سمع أَي آخذه وأجره وَهُوَ فِي الصَّلَاة لببته بِالتَّشْدِيدِ يُقَال لببت الرجل تلبيبا إِذا جعلت فِي عُنُقه ثوبا وجررته بِهِ قَوْله أساوره أَي أواثبه من سَار إِلَيْهِ وثب قَوْله

(2/151)


[939] أضاة بني غفار الأضاة بِوَزْن حَصَاة الغدير أَن تقرئ أمتك من الاقراء وَنصب أمتك وَجوز أَنه من الْقِرَاءَة وَرفع الْأمة وَالْمعْنَى أوفق بِالْأولِ إِذْ أَمر أحد بِفعل غَيره غير مستحسن فَلْيتَأَمَّل معافاته بِفَتْح التَّاء لِأَنَّهُ مَنْصُوب وَهُوَ مُفْرد لَا جمع لَا تطِيق ذَلِك أَي يَوْمئِذٍ لعدم ممارسة النَّاس

(2/152)


كلهم لُغَة قُرَيْش فَلَو كلفوا بِالْقِرَاءَةِ بهَا لثقل عَلَيْهِم يَوْمئِذٍ بِخِلَاف مَا إِذا مارسوا كَمَا عَلَيْهِ الْأَمر الْيَوْم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تخَالف قراءتي أَي يقْرؤهَا قِرَاءَة تخَالف قراءتي أَو هُوَ يُخَالف قراءتي وعَلى الأول تخَالف بِالْمُثَنَّاةِ فوقية وعَلى الثَّانِي بالتحتية من علمك من التَّعْلِيم لَا تُفَارِقنِي نهى أَو نفي بِمَعْنى النَّهْي

(2/153)


كُلهنَّ أَي كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ شاف كَاف أَو مَجْمُوع من شاف كَاف وأفرادهما على لفظ كل فَإِنَّهُ مُفْرد مُذَكّر وَالْأول أظهر وبالمقصود أوفق وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[941] مَا حاك فِي صدرك أَي أثر شكّ فِي صَدْرِي وَلَا وَقع وَقد جَاءَ صَرِيحًا أَنه وَقع فِي صَدره يَوْمئِذٍ شكّ عصمه الله تَعَالَى مِنْهُ ببركة نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم استزده أَي اطلب من الله تَعَالَى الزِّيَادَة على حرف وَاحِد أَو من جِبْرِيل بِنَاء على أَنه وَاسِطَة قَوْله المعقلة فِي النِّهَايَة أَي الْمُشَدّدَة بالعقال أَو التَّشْدِيد فِيهِ للتنكير قَوْله أَن يَقُول

(2/154)


نسيت آيَة كَيْت بِالتَّخْفِيفِ لما فِيهِ من التَّشَبُّه لفظا بِمن ذمه الله تَعَالَى بقوله كَذَلِك أتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى فالاحتراز عَن مثل هَذَا القَوْل أحسن بل هُوَ نسي بِالتَّشْدِيدِ أَي الله تَعَالَى قد أَزَال عَن قلبه مَا أَزَال فَلْيقل نسيت بِالتَّشْدِيدِ لكَونه أوفق بالواقع وَأبْعد من الْوُقُوع فِي الْمَكْرُوه استذكروا الْقُرْآن أَي اُذْكُرُوهُ واحفظوه وَذكره بِالسِّين للْمُبَالَغَة تفصيا بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة أَي خُرُوجًا وتخلصا قَوْله من النعم من عقله بِضَم عين وقاف جَمِيعًا وَقد يسكن الْقَاف جمع عقال بِكَسْر الْعين وَهُوَ حَبل صَغِير يشد بِهِ ساعد الْبَعِير إِلَى فَخذه وتذكير الضَّمِير لِأَن النعم يذكر وَيُؤَنث ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم

قَوْله
[944] فِي رَكْعَتي الْفجْر المُرَاد أَنه يقْرَأ فيهمَا بالآيتين أَو السورتين بعد الْفَاتِحَة الا أَنه تَركهَا الرَّاوِي لظهورها قَوْله

(2/155)


[946] أَقرَأ فيهمَا بِأم الْكتاب مُبَالغَة فِي التَّخْفِيف وَمثله لَا يُفِيد الشَّك فِي الْقِرَاءَة وَلَا يقْصد بِهِ ذَلِك وَلَا دَلِيل فِيهِ لمن يَقُول بالاقتصار على الْفَاتِحَة ضَرُورَة أَن حَقِيقَة اللَّفْظ الشَّك فِي الْفَاتِحَة أَيْضا وَهُوَ مَتْرُوك بالِاتِّفَاقِ وَعند الْحمل على مَا قُلْنَا لَا يلْزم الِاقْتِصَار فالحمل على الِاقْتِصَار مُشكل وَقد ثَبت خِلَافه كَمَا تقدم وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[947] فَالْتبسَ عَلَيْهِ أَي اشْتبهَ عَلَيْهِ وَاسْتشْكل وضميره للروم بِاعْتِبَار أَنه اسْم مِقْدَار من الْقُرْآن لَا يحسنون من الْإِحْسَان أَو التحسين الطّهُور بِضَم الطَّاء وَجوز الْفَتْح على أَنه اسْم للْفِعْل وَالْحمل على المَاء لَا يُنَاسب الْمقَام فَإِنَّمَا يلبس كيضرب أومن التلبيس أَي يخلط وَفِيه تَأْثِير

(2/156)


الصُّحْبَة وان الأكملين فِي أكمل الْأَحْوَال يظْهر فيهم أدنى أثر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[950] وَالنَّخْل باسقات

(2/157)


أَي السُّورَة الْمُشْتَملَة على هَذِه الْآيَة فَهُوَ من إِرَادَة الْكل باسم الْجُزْء

قَوْله
[952] فأمنا بهما ليبين بذلك أَنَّهُمَا عظيمتان تقومان مقَام سورتين عظيمتين كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد فِي صَلَاة الْفجْر قَوْله أبلغ أَي أعظم فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة وَكَأن الْوَقْت كَانَ يساعد الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لم ير على بِنَاء الْمَفْعُول أَي فِي الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/158)


[955] الم تَنْزِيل قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَا دلَالَة فِيهِ على المداومة عَلَيْهِمَا نعم قد ثبتَتْ قراءتهما فَيَنْبَغِي للأئمة قراءتهما وَلَا يحسن المداومة على تَركهمَا بالمرة وَقد قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يدل على المداومة وعَلى كل تَقْدِير فالمداومة عَلَيْهِمَا خير من المداومة على تَركهمَا وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله تَوْبَة أَي لاجل التَّوْبَة شكرا أَي على قبُول التَّوْبَة وتوفيق الله تَعَالَى إِيَّاه عَلَيْهَا فحين يجْرِي فِي الْقُرْآن ذكر من الله تَعَالَى لتِلْك التَّوْبَة نشكره تَعَالَى على تِلْكَ النِّعْمَة وَكَون السَّجْدَة للشكر لَا يسْتَلْزم عدم الْوُجُوب كَمَا أَنه لَا يسْتَلْزم الْوُجُوب فَيَنْبَغِي الرُّجُوع فِي معرفَة أحد الامرين إِلَى خَارج وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/159)


[958] وَسجد من عِنْده أَي من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَكَأن الْمُشْركين سجدوا تبعا للْمُسلمين وَقد ذكرُوا فِي سَببه قصَّة طَوِيلَة وَالله أعلم بثبوتها

قَوْله
[960] فَلم يسْجد أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اسْتدلَّ بِهِ من لَا يرى السُّجُود فِي الْمفصل كمالك وَحمل مَا جَاءَ فِي سُجُود النَّجْم على النّسخ لكَونه كَانَ بِمَكَّة أُجِيب بِأَن الْقَارئ امام للسامع

(2/160)


فَيجوز أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ترك السُّجُود اتبَاعا لزيد لِأَنَّهُ الْقَارئ فَهُوَ امام وَترك زيد لأجل صغره فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على عدم السُّجُود وَأجِيب أَيْضا بِأَنَّهُ لَعَلَّه على غير وضوء فَأَخَّرَهُ فَظَنهُ زيد أَنه ترك بل لَعَلَّ معنى كَلَام زيد أَنه لم يسْجد فِي الْحَال بل أَخّرهُ وَأَيْضًا بِأَن السُّجُود غير وَاجِب فَلَعَلَّهُ تَركه أَحْيَانًا لبَيَان الْجَوَاز وَبِالْجُمْلَةِ فقد جَاءَ عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي الْمفصل فالأخذ بِرِوَايَة الْمُثبت

(2/161)


أولى من النَّافِي لجَوَاز أَن النَّافِي مَا اطلع عَلَيْهِ وَفِي شرح الْمُوَطَّأ وَقَالَ بِالسُّجُود فِي الْمفصل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَغَيرهم وَاسْتدلَّ بعض الْمَالِكِيَّة بِأَن أَبَا سَلمَة قَالَ لأبي هُرَيْرَة لما سجد لقد سجدت فِي سُورَة مَا رَأَيْت النَّاس يَسْجُدُونَ فِيهَا فَدلَّ هَذَا على أَن النَّاس تَرَكُوهُ وَجرى الْعَمَل بِتَرْكِهِ ورده بن عبد الْبر بِأَن أَي عمل يدعى مَعَ مُخَالفَة الْمُصْطَفى وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[967] ووكيع عَن سُفْيَان وَكِيع مَعْطُوف على سُفْيَان وَالْمرَاد بِهِ بن عُيَيْنَة أَو من روى عَنهُ وَكِيع فَالْمُرَاد بِهِ الثَّوْريّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْأَطْرَاف

قَوْله
[968] يَعْنِي الْعَتَمَة فسر بذلك لِأَن الْعشَاء قد يُطلق على صَلَاة الْمغرب

(2/162)


قَوْله كل صَلَاة أَي كل رَكْعَة أَو كل صَلَاة سَرِيَّة وجهرية فَمَا أسمعنا بِفَتْح الْعين فِي الأول وسكونها فِي الثَّانِي أَي يجْهر فِيمَا جهر ويخافت فِيمَا خَافت وَلَا يظنّ أَن مَوَاضِع السِّرّ لَا قِرَاءَة فِيهَا

قَوْله
[971] فنسمع مِنْهُ الْآيَة أَي يقْرَأ بِحَيْثُ نسْمع الْآيَة من جملَة مَا قَرَأَ وَهَذَا يدل

(2/163)


على أَن الْجَهْر الْقَلِيل فِي السّريَّة لَا يضر وعَلى أَن الْجمع بَين الْجَهْر والسر لَا يكره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يطولها لعلمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم برغبة من خَلفه فِي التَّطْوِيل وَعند ذَلِك يجوز التَّطْوِيل والا فالتخفيف هُوَ الْمَطْلُوب للامام قَوْله يسمعنا الْآيَة كَذَلِك كَمَا أَنه يقْرَأ يسمعنا

(2/164)


الْآيَة أَحْيَانًا

قَوْله
[975] وَكَانَ يُطِيل فِي الرَّكْعَة الأولى يعينهم بذلك على

(2/165)


إِدْرَاك فَضلهَا قَوْله بالسماء ذَات البروج الخ مَا جَاءَ فِي اخْتِلَاف الْقِرَاءَة يحمل على اخْتِلَاف الْأَوْقَات والاحوال فَلَا تنَافِي فِي أَحَادِيث الْقِرَاءَة

قَوْله
[981] هَلُمِّي لي وضُوءًا بِفَتْح الْوَاو أَي أحضري لي

(2/166)


مَاء أتوضأ بِهِ من أمامكم أَي من عمر بن عبد الْعَزِيز

قَوْله
[982] وَيقْرَأ فِي الْمغرب بقصار الْمفصل الخ الْمفصل عبارَة عَن السَّبع الْأَخير من الْقُرْآن أَوله سُورَة الحجرات سمى مفصلا لِأَن سُورَة قصار كل سُورَة كفصل من الْكَلَام قيل طواله إِلَى سُورَة عَم وأوساطه إِلَى الضُّحَى وَقيل غير ذَلِك ثمَّ يُؤْخَذ من هَذَا الحَدِيث وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي فِي الْبَاب الثَّانِي وَمن حَدِيث رَافع بن خديج كُنَّا ننصرف عَن الْمغرب وان أَحَدنَا ليبصر مواقع نبله أَن عَادَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمغرب قِرَاءَة السُّور الْقصار فَلَعَلَّ مَا سيجئ من قِرَاءَة السُّور الطوَال فِي الْمغرب كَانَ مِنْهُ أَحْيَانًا لبَيَان الْجَوَاز قَوْله

(2/167)


[984] وَهُوَ يُصَلِّي الْمغرب قد جَاءَ أَنَّهَا صَلَاة الْعشَاء وَهِي أنسب بسوق هَذِه الْقِصَّة وَالْحمل على تعدد الْوَاقِعَة بعيد وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[985] مَا صلى بعْدهَا صَلَاة أَي بِالنَّاسِ وَالله تَعَالَى أعلم

(2/168)


قَوْله
[989] أَتَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَي دَائِما بِحَيْثُ كَأَنَّهُ اللَّازِم وَلَا يجوز غَيره فالانكار على الْتِزَام الْقصار وَفِيه أَنه يَنْبَغِي للامام أَن يقْرَأ مَا قَرَأَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَحْيَانًا تبركا بقرَاءَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم واحياء لسنته وآثاره الجميلة فمحلوفه أَرَادَ بالمحلوف الله الَّذِي لَا يسْتَحق الْحلف الا بِهِ وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي الله قسمى

(2/169)


باطول الطوليين يَعْنِي الْأَنْعَام والأعراف وأطولهما الْأَعْرَاف وَصدق هَذَا الْوَصْف على غير الْأَعْرَاف لَا يضر لِأَنَّهُ عينهَا بِالْبَيَانِ قَوْله رمقت النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي نظرت إِلَيْهِ وتأملت فِي قِرَاءَته قَوْله

(2/170)


[993] على سَرِيَّة أَي جعله أَمِيرا على طَائِفَة من الْجَيْش فيختم بقل هُوَ الله أحد أَي يخْتم قِرَاءَته بِقِرَاءَة قل هُوَ الله أحد أَي يقْرَأ بقل هُوَ الله أحد فِي آخر مَا يقْرَأ من الْقُرْآن وَالْحَاصِل أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَرَّرَهُ على ذَلِك وبشره عَلَيْهِ بِمَا بشره فَعلم بِهِ جَوَاز الْجمع بَين السُّور المتعددة فِي رَكْعَة قَوْله وَجَبت لَا دلَالَة فِي الحَدِيث على عُمُوم الْوُجُوب لكل قَارِئ الا بِالنّظرِ إِلَى أَن الظَّاهِر أَن الْوُجُوب جَزَاء لقرَاءَته فَالظَّاهِر عُمُومه لكل عَامل عمله وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[995] فَذكر ذَلِك لَهُ كَأَنَّهُ عظم ذَلِك ترديده هَذِه السُّورَة لتعدل أَي تَسَاوِي ثلث الْقُرْآن أجرا

(2/171)


قَوْله عَن مَنْصُور عَن هِلَال بن يسَاف الخ فِي بعض النّسخ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرّحْمَنِ مَا أَعْرِفُ إِسْنَادًا أطول من هَذَا وَنقل عَن السُّيُوطِيّ أَنه قَالَ فِيهِ سِتَّة من التَّابِعين قَالَ وَالْمَرْأَة هِيَ امْرَأَة أبي أَيُّوب قَوْله فصلى الْعشَاء الْآخِرَة الخ ظَاهر صَنِيع المُصَنّف يمِيل إِلَى أَنه جمع بَين رِوَايَة صَلَاة الْمغرب وَرِوَايَة صَلَاة الْعشَاء

(2/172)


بِالْحملِ على تعدد الْقَضِيَّة فَلذَلِك اسْتدلَّ بكلتا الرِّوَايَتَيْنِ لَكِن وُقُوع مثل هَذِه الْقَضِيَّة مرَّتَيْنِ بعيد الا أَن يُقَال يحْتَمل أَنه وَقع من معَاذ مرَّتَيْنِ ثمَّ رفع الواقعتان إِلَى النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مرّة وَالله تَعَالَى أعلم

(2/173)


قَوْله
[1002] قد شكاك النَّاس أَي أهل كوفة وَكَانَ سعد أَمِيرا من جِهَة عمرعليهم فجاؤوا عِنْد عمر وَشَكوا سَعْدا فَطَلَبه عمر وَقَالَ لَهُ ذَلِك اتئد بتَشْديد التَّاء بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة وَقبلهَا همزَة مَفْتُوحَة أَي أتثبت وَلَا أتعجل وَفِي بعض النّسخ أمد بتَشْديد الدَّال كَمَا فِي أبي دَاوُد أَي أَزِيد وأطول وأحذف أَي أخفف وَمَا آلو بِهَمْزَة ممدودة أَي لَا أقصر فِي صَلَاة اقتديت بهَا وَهِي صَلَاة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم

قَوْله
[1003] مَا يحسن من الْإِحْسَان أَو التحسين لَا أخرم من بَاب ضرب أَي لَا أنقص أركد من بَاب نصر أَي أسكن

(2/174)


وأطيل الْقيام

قَوْله
[1004] اني لأعرف النَّظَائِر أَي السُّور المتقاربة فِي الطول قَوْله هَذَا بِفَتْح هَاء وَتَشْديد ذال مُعْجمَة أَي تسرع اسراعا فِي قِرَاءَته كَمَا تسرع فِي انشاد الشّعْر والهذ سرعَة الْقطع ونصبه على الْمصدر وَهُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار بِحَذْف أداته يقرن بِضَم الرَّاء أَو كسرهَا

(2/175)


قَوْله وَآل حم أَي صَاحب حم أَي السُّورَة المصدرة بحم

قَوْله
[1007] فَلَمَّا جَاءَ ذكر مُوسَى أَو عِيسَى أَي جَاءَ قَوْله تَعَالَى ثمَّ أرسلنَا مُوسَى وأخاه أَو ذكر عِيسَى وَهَذَا شكّ من الرَّاوِي وَعِيسَى مَذْكُور فِي جنبه فَلِذَا جمع بَينهمَا سعلة بِفَتْح سين وَسُكُون عين قيل أَخَذته بِسَبَب الْبكاء ثمَّ لَا يخفى أَن الِاقْتِصَار على بعض السُّورَة هَا هُنَا لضَرُورَة فالاستدلال بِهِ على الِاقْتِصَار بِلَا ضَرُورَة لَا يتم فَالْأولى الِاسْتِدْلَال بقرَاءَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْأَعْرَاف فِي الْمغرب حَيْثُ فرقها فِي رَكْعَتَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1008] وقف وتعوذ

(2/176)


عمل بِهِ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة فِي الصَّلَاة النَّافِلَة كَمَا هُوَ المورد قَوْله جسرة بِفَتْح جِيم وَسُكُون سين بنت دجَاجَة قَالَ السُّيُوطِيّ بِفَتْح دَال وجيمين وَالْمَعْرُوف أَنَّهَا بِالْفَتْح فِي الْحَيَوَان وبالكسر فِي الْإِنْسَان وَهُوَ المضبوط فِي بعض النّسخ المصححة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَامَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي اللَّيْل حَتَّى أصبح

(2/177)


كَذَا فِي بعض النّسخ المصححة أَي إِلَى أَن دخل وَقت الصُّبْح وَفِي بعض النّسخ حَتَّى إِذا أصبح وعَلى هَذَا فجواب إِذا مُقَدّر أَي تَركهَا أَي الْآيَة

قَوْله
[1011] رفع صَوته ليتدبروه ويأخذوا عَنهُ وَلَا تجْهر أَي كل الْجَهْر بِقَرِينَة الْأَمر بالتوسط وَقد يُقَال مُقْتَضى الْآيَة أَن الْجَهْر هُوَ الاعلان الْبَالِغ حَده فَلْيتَأَمَّل وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا أَي بَين الْمَذْكُور من الْجَهْر والمخافتة وَيحصل بِهِ الْأَمر ان جَمِيعًا عدم الاخلال بِسَمَاع الْحَاضِرين والاحتراز عَن سبّ أَعدَاء الدّين قَوْله

(2/178)


[1013] وَأَنا على عريشي الْعَريش كل مَا يستظل بِهِ وَيُطلق على بيُوت مَكَّة لِأَنَّهَا كَانَت عيدانا تنصب ويظلل عَلَيْهَا

قَوْله
[1014] يمد صَوته مدا أَي يُطِيل الْحُرُوف الصَّالِحَة للاطالة يَسْتَعِين بهَا على التدبر والتفكر وتذكير من يتَذَكَّر

قَوْله
[1015] زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ أَي بتحسين أَصْوَاتكُم عِنْد الْقِرَاءَة فَإِن الْكَلَام الْحسن يزِيد حسنا وزينة بالصوت الْحسن وَهَذَا مشَاهد وَلما رأى بَعضهم أَن الْقُرْآن أعظم من أَن يحسن بالصوت بل الصَّوْت أَحَق بِأَن يحسن بِالْقُرْآنِ قَالَ مَعْنَاهُ زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ هَكَذَا فسره غير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث وَزَعَمُوا أَنه من بَاب الْقلب وَقَالَ شُعْبَة نهاني أَيُّوب أَن أحدث زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وَرَوَاهُ معمر عَن مَنْصُور عَن طَلْحَة زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ وَهُوَ الصَّحِيح وَالْمعْنَى اشتغلوا بِالْقُرْآنِ واتخذوه شعارا وزينة قَوْله

(2/179)


[1017] مَا أذن الله بِكَسْر الذَّال أَي مَا اسْتمع لشَيْء مسموع كاستماعه لنَبِيّ وَالْمرَاد جنس النَّبِي وَالْقُرْآن الْقِرَاءَة أَو كَلَام الله مُطلقًا وَلما كَانَ الِاسْتِمَاع على الله تَعَالَى محالا لِأَنَّهُ شَأْن من يخْتَلف سَمَاعه بِكَثْرَة التَّوَجُّه وقلته وسماعه تَعَالَى لَا يخْتَلف قَالُوا هَذَا كِنَايَة عَن تقريب الْقَارئ واجزال ثَوَابه يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ أَي يحسن صَوته بِهِ حَال قِرَاءَته أَو هُوَ الْجَهْر وَقَوله يجْهر بِهِ تَفْسِير لَهُ أَو يلين ويرقق صَوته ليجلب بِهِ إِلَى نَفسه والى السامعين الْحزن والبكاء وَيَنْقَطِع بِهِ عَن الْخلق إِلَى الْخَالِق جلّ وَعلا

قَوْله
[1018] يَعْنِي أُذُنه بِفَتْح همزَة وذال مُعْجمَة مَعًا أَي استماعه

قَوْله
[1019] لقد أُوتِيَ من مَزَامِير آل دَاوُد وَفِي النِّهَايَةِ شَبَّهَ حُسْنَ صَوْتِهِ وَحَلَاوَةَ نَغْمَتِهِ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ وَدَاوُدُ هُوَ النَّبِيُّ وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي حسن الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ وَالْمرَاد بآل دَاوُد نَفسه وَكَثِيرًا مَا يُطلق آل فلَان على نَفسه قَوْله

(2/180)


[1022] ثمَّ نعتت قِرَاءَته أَي وصفت وبينت بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ بِأَن قَرَأت كقراءته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَرْفًا حَرْفًا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ نَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ أَيْ مُرَتَّلَةً نَحْوَ أَدْخَلْتُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا أَي منفردين

قَوْله
[1023] حِين يهوى كيضرب أَي يسْقط ويهبط أَنِّي لأشبهكم صَلَاة الخ يَقُول لَهُم ذَلِك ترغيبا لَهُم فِي فعل مثلهَا قَوْله

(2/181)


[1026] ثمَّ لم يعد قد تكلم نَاس فِي ثُبُوت هَذَا الحَدِيث والقوى أَنه ثَابت من رِوَايَة عبد الله بن مَسْعُود نعم قد روى من رِوَايَة الْبَراء لَكِن التَّحْقِيق عدم ثُبُوته من رِوَايَة الْبَراء فَالْوَجْه أَن الحَدِيث ثَابت لَكِن يَكْفِي فِي إِضَافَة الصَّلَاة إِلَى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَونه صلى هَذِه الصَّلَاة أَحْيَانًا وان كَانَ الْمُتَبَادر الاعتياد والدوام فَيجب الْحمل على كَونهَا كَانَت أَحْيَانًا تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة ودفعا للتعارض وعَلى هَذَا فَيجوز أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ترك الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ اما لكَون التّرْك سنة كالفعل أَو لبَيَان الْجَوَاز فَالسنة هِيَ الرّفْع لَا التّرْك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/182)


[1027] لَا يُقيم أَي لَا يعدل وَلَا يسوى وَالْمَقْصُود الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلذَا قَالَ الْجُمْهُور بافتراض الطُّمَأْنِينَة وَالْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة وَمُحَمّد عدم الافتراض لَكِن نَص الطَّحَاوِيّ فِي آثاره على أَن مَذْهَب أبي حنيفَة وصاحبيه افتراض الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهُوَ أقرب إِلَى الْأَحَادِيث وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1028] اعتدلوا فِي الرُّكُوع أَي توسطوا فِيهِ بَين الِارْتفَاع والانخفاض وَكَذَا توسطوا فِي السُّجُود بَين الافتراش وَالْقَبْض بِوَضْع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع الْمرْفقين عَنْهَا والبطن عَن الْفَخْذ وَبسط الْكَلْب هُوَ وضع الْمرْفقين مَعَ الْكَفَّيْنِ على الأَرْض قَوْله

(2/183)


[1029] فليؤمكم أحدكُم أَي ليقدم عَلَيْكُم فِي الْقيام وليقم مقَام الامام من الْقَوْم وليفرش كفيه على فَخذيهِ ن افرش أَي ليجعلهما كالفراش لَهما أَي ليضعهما على فَخذيهِ فِي التَّشَهُّد وَالظَّاهِر أَن مُرَاده أَنه لَا يطبق فِي التَّشَهُّد إِذا كَانُوا أَكثر من ثَلَاثَة وَقَوله فَكَأَنَّمَا أنظر كَلَام يتَعَلَّق بالتطبيق أَي رَأَيْته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم طبق فَكَأَنَّمَا أنظر الخ والتطبيق هُوَ أَن يجمع بَين أَصَابِع يَدَيْهِ ويجعلها بَين رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالتَّشَهُّد وَهُوَ مَنْسُوخ بالِاتِّفَاقِ كَمَا سَيذكرُهُ المُصَنّف وَهَذَا الَّذِي ذكرت هُوَ مُقْتَضى ظَاهر هَذِه الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْكتاب لَكِن الظَّاهِر أَن فِيهِ اختصارا فَفِي رِوَايَة مُسلم وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ وَإِذا ركع أحدكُم فليفرش ذِرَاعَيْهِ على فَخذيهِ وليجنأ وليطبق بَين كفيه فلكأني أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلَافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله ليجنأ بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْجِيم آخِره همزَة أَي ليركع وعَلى هَذَا فَمَعْنَى ليفرش كفيه الخ أَي ليفرش أحدكُم ذِرَاعَيْهِ أُرِيد بالكف الذِّرَاع أَي عِنْد الرُّكُوع وَفِيه اخْتِصَار أَي ليطبق بَين كفيه وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1030] فَخَالف بَين أصابعنا أَي بالتشبيك

(2/184)


قَوْله أمرنَا على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله

(2/185)


[1036] وجافى بمرفقيه أَي بعدهمَا عَن الْجنب

قَوْله
[1038] جافى بَين إبطَيْهِ لَا بُد من إِضَافَة بَين إِلَى مُتَعَدد فيتوهم أَن ذَلِك المتعدد هَا هُنَا إبطَيْهِ بالتثنية وَلَيْسَ كَذَلِك بل إبطَيْهِ أحد طرفِي المتعدد والطرف الثَّانِي مَحْذُوف أَي بَين إبطَيْهِ وَبَين مَا يليهما من الْجنب وَالْمعْنَى بَين كل من إبطَيْهِ وَمَا يليهما من الْجنب وَالْحَاصِل أَن المُرَاد بابطيه كل وَاحِد مِنْهُمَا فَمَا بَقِي مُتَعَددًا فَلَا بُد من اعْتِبَار أَمر آخر يحصل بِالنّظرِ إِلَيْهِ التَّعَدُّد وَهَذَا معنى قَول من قَالَ أَي ينحى

(2/186)


كل ابط عَن الْجنب الَّذِي يَليهَا وَلَو أبقى الْكَلَام على ظَاهره لم يستقم كَمَا لَا يخفى قَوْله اعتدل أَي توَسط بَين الِارْتفَاع والانخفاض وَفَسرهُ بقوله فَلم ينصب رَأسه وَلم يقنعه وَنصب الرَّأْس مَعْرُوف والاقناع يُطلق على رفع الرَّأْس وخفضه من الأضداد وَالْمرَاد هَا هُنَا الثَّانِي وَفِي النِّهَايَة وَوَقع فِي بعض النّسخ فَلم ينصب وَالْمَشْهُور فَلَا يصوب أَي لم يخفضه جدا وعَلى هَذَا فالاقناع بِمَعْنى الرّفْع وَكَذَا على مَا فِي بعض النّسخ فَلم يصب من صب المَاء وَالْمرَاد الْإِنْزَال بِحمْل الاقناع على معنى الرّفْع

(2/187)


قَوْله

(2/188)


[1040] لبس القسي بِفَتْح الْقَاف وَكسر السِّين الْمُشَدَّدَةِ نِسْبَةً إِلَى مَوْضِعٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الثِّيَابُ الْقَسِّيَّةُ وَهِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ تُعْمَلُ بِالْقَسِّ من بِلَاد مصر مِمَّا يَلِي الفرماء وَأَن أَقرَأ وَأَنا رَاكِع قيل ذَلِك لما فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود من الذّكر وَالتَّسْبِيح فَلَو كَانَت قِرَاءَة الْقُرْآن فيهمَا لزم الْجمع بَين كَلَام الله وَكَلَام غَيره فِي مَحل واحده كَأَنَّهُ كره لذَلِك وَفِيه أَن الرَّكْعَة الأولى لَا تَخْلُو عَن دُعَاء استفتاح فَلَزِمَ من الْقِرَاءَة فِيهَا الْجمع فَتَأمل

قَوْله
[1042] وَلَا أَقُول نهاكم لم يرد أَنه نهى مَخْصُوص بِهِ إِذْ الأَصْل فِي التشريع الْعُمُوم بل أَرَادَ أَن اللَّفْظ ورد خطابا لَهُ فَقَط وَلم يخاطبه بِلَفْظ عَام يَشْمَلهُ وَغَيره نعم حكم الْغَيْر ثَابت بِعُمُوم عَن لبس القسي هُوَ بِضَم اللَّام مصدر لبس الثَّوْب بِكَسْر الْبَاء المفدم بِضَم مِيم وَفتح فَاء وَتَشْديد دَال مُهْملَة مَفْتُوحَة فِي النِّهَايَةِ هُوَ الثَّوْبُ الْمُشْبَعُ حُمْرَةً كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَنَاهِي حمرته فَهُوَ كالممتنع من قبُول الصَّبْغ

قَوْله
[1043] وَعَن لبوس بِفَتْح لَام مصدر لبس قَوْله كشف النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الستارة أَي فِي آخر مَرضه من مُبَشِّرَات النُّبُوَّة أَي مِمَّا يظْهر للنَّبِي من الْمُبَشِّرَات حَالَة النُّبُوَّة وَهِي بِكَسْر الشين مَا اشْتَمَل على الْخَبَر السار من وَحي والهام ورؤيا وَنَحْوهَا وَلَا يخفي ان الالهام للأولياء

(2/189)


أَيْضا بَاقٍ فَكَأَن المُرَاد لم يبْق فِي الْغَالِب الا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَي المبشر بهَا أويرى غَيره لأَجله فَعَظمُوا الخ أَي اللَّائِق بِهِ تَعْظِيم الرب فَهُوَ أولى من الدُّعَاء وان كَانَ الدُّعَاء جَائِزا أَيْضا فَلَا يُنَافِي أَنه كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه اللَّهُمَّ اغْفِر لي فاجتهدوا فِي الدُّعَاء أَي أَنه مَحل لاجتهاد الدُّعَاء وَأَن الِاجْتِهَاد فِيهِ جَائِز بِلَا ترك أَوْلَوِيَّة وَكَذَلِكَ التَّسْبِيح فَإِنَّهُ مَحل لَهُ أَيْضا قمن بِكَسْر مِيم وَفتحهَا أَي

(2/190)


جدير وخليق قيل بِفَتْح الْمِيم مصدر وبكسرها صفة قَوْله

(2/191)


[1048] سبوح قدوس فِي النِّهَايَةِ يُرْوَيَانِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَالضَّم أَكثر اسْتِعْمَالا وهما مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هما مرفوعان على أَنَّهُمَا خبر مَحْذُوف أَي هُوَ أَو أَنْت وَقيل بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أُعَظِّمُ أَوْ أَذْكَرُ أَوْ أَعْبَدُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ قِيلَ المُرَاد بِهِ جِبْرِيل وَقيل هُوَ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ مَلَكٌ أَعْظَمُ خِلْقَةً

قَوْله
[1049] الجبروت والملكوت هما مُبَالغَة الْجَبْر وَهُوَ الْقَهْر وَالْملك وَهُوَ التَّصَرُّف أَي صَاحب الْقَهْر وَالتَّصَرُّف الْبَالِغ كل مِنْهُمَا غَايَته والكبرياء قيل هِيَ الْعَظَمَةُ وَالْمِلْكُ وَقِيلَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَمَالِ الذَّاتِ وَكَمَالِ الْوُجُودِ وَلَا يُوصَفُ بِهَا الا الله تَعَالَى قَوْله

(2/192)


حَتَّى تطمئِن رَاكِعا أَي فَلم يَأْمُرهُ بالتسبيح فِيهِ فَدلَّ على عدم وجوب التَّسْبِيح فِيهِ وَأَنه

[1050] لَك ركعت أَي لَا لغيرك خضعت وَإسْنَاد خشع أَي تواضع وخضع إِلَى السّمع وَغَيره مِمَّا لَيْسَ من شَأْنه الْإِدْرَاك والتأثر كِنَايَة عَن كَمَال الْخُشُوع والخضوع أَي قد بلغ غَايَته حَتَّى كَأَنَّهُ ظهر أَثَره فِي هَذِه الْأَعْضَاء وَصَارَت خاشعة لِرَبِّهَا والمخ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد الدِّمَاغ والعصب بِفتْحَتَيْنِ أطناب المفاصل قَوْله يرمقه كينصر أَي ينظر إِلَيْهِ وَلَا يشْعر أَي الرجل بنظره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد جهدت على بِنَاء الْفَاعِل أَي بذلت غَايَة وسعى أَو على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أصابني التَّعَب وَالْمَشَقَّة بِكَثْرَة الْإِعَادَة ثمَّ اركع

(2/193)


يَصح بِدُونِهِ

(2/194)


قَوْله
[1060] قَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد أَي مَعَ قَوْله سمع الله لمن حَمده وَإِنَّمَا تَركه لظُهُور أَنه من وظائف الامام وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي جمع التَّحْمِيد مَعَه

(2/195)


قَوْله يبتدرونها أَي يَسْتَبقُونَ فِي كتَابَتهَا يُرِيد كل مِنْهُم أَن يسْبق صَاحبه فِي ذَلِك قَاصِدين أَيهمْ يَكْتُبهَا أَولا أَي سَابِقًا وَقبل الآخرين وَضمير التَّأْنِيث لهَذِهِ الْكَلِمَة

قَوْله
[1063] فَقولُوا رَبنَا وَلَك

(2/196)


الْحَمد بِالْوَاو وَقد جَاءَ بِدُونِهَا قَالُوا وَبِتَقْدِير أَنْت رَبنَا أَو الهنا وَلَك الْحَمد قَوْله

(2/197)


[1064] يجبكم الله بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر أَي يستجب لكم وَكَذَا قَوْله يسمع الله بِمَعْنى يستجب لكم فَتلك بِتِلْكَ فَتلك اللحظة الَّتِي تقدمكم أمامكم مجبورة بِتِلْكَ اللحظة الَّتِي تأخرتم عَنهُ قَوْله وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع كلمة إِذا مُجَرّدَة عَن الظَّرْفِيَّة بِمَعْنى الْوَقْت أَي كَانَ وَقت رُكُوعه وَوقت رَفعه رَأسه مِنْهُ وَوقت سُجُوده قَرِيبا من السوَاء أَي من الْمُسَاوَاة قَوْله ملْء السَّمَاوَات تَمْثِيل وتقريب وَالْمرَاد تَكْثِير الْعدَد أَو تَعْظِيم الْقدر وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد كالعرش والكرسي وَنَحْوهمَا قَالَ النَّوَوِيّ ملْء بِكَسْر الْمِيم وبنصب الْهمزَة بعد

(2/198)


اللَّام ورفعهما وَالْأَشْهر النصب وَمَعْنَاهُ لَو كَانَ جسما ملأها لعظمته انْتهى قَوْله أهل الثَّنَاء بالننصب على الِاخْتِصَاص أَو الْمَدْح أَو بِتَقْدِير يَا أهل الثَّنَاء أَو بِالرَّفْع بِتَقْدِير أَنْت أهل الثَّنَاء وَقَوله خير مَا قَالَ العَبْد اما مُبْتَدأ خَبره لَا مَانع الخ وَجُمْلَة كلنا لَك عبد مُعْتَرضَة أَو خبر مَحْذُوف أى هَذَا الْكَلَام أى مَا سبق من الذّكر خير مَا قَالَ وَقَوله لَا نَازع دُعَاء مُسْتَقل وَمَا فِي مَا أَعْطَيْت يعم الْعُقَلَاء وَغَيرهم وَالْجد البخت وَمن فِي قَوْله مِنْك بِمَعْنى عِنْد أَو بِمَعْنى بدل أى لَا ينفع بدل طَاعَتك وتوفيقك

(2/199)


البخت والحظوظ وعَلى هَذَا الْمَعْنى بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ الْمَشْهُور على أَلْسِنَة أهل الحَدِيث وَجوز بَعضهم كسرهَا أى لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اجْتِهَاده وَعَمله وانما يَنْفَعهُ فضلك

قَوْله
[1070] على رِعْلٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَذَكْوَانَ بذال مُعْجمَة مَفْتُوحَة غير منصرف وَعصيَّة بِضَم عين وَفتح صَاد وَتَشْديد يَاء عَصَتْ الله اسْتِئْنَاف كَأَنَّهُ قيل لم دَعَا عَلَيْهِم وضميره للْكُلّ وَفِي وَصله

(2/200)


لفظا بعصية لفظا مُنَاسبَة المجانسة كَمَا لَا يخفى قَوْله هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي قدرا يَسِيرا يسْتَدلّ بِهِ من يَقُول بِالْقُنُوتِ سرا وَلَا دلَالَة فِيهِ على ذَلِك لما علم أَن قِيَامه بَين الرُّكُوع وَالسُّجُود بِقدر الرُّكُوع وَالسُّجُود وَكَانَ يجمع بَين التسميع والتحميد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَنْج بِفَتْح الْهمزَة من الانجاء اشْدُد وطأتك بِفَتْح الْوَاو أَصْلهَا الدوس بالقدم سمى بِهِ الاهلاك لِأَن من يطؤ عَلَى شَيْءٍ بِرِجْلِهِ فَقَدِ اسْتَقْصَى فِي هَلَاكِهِ وَالْمعْنَى خذهم اخذا شَدِيدا انْتهى مَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت الْأَقْرَب أَن المُرَاد هَا هُنَا الْعقُوبَة وَالْأَخْذ كَمَا يدل عَلَيْهِ آخر الْكَلَام لَا الاهلاك كَمَا يدل عَلَيْهِ أَوله فَلْيتَأَمَّل وَاجْعَلْهَا أَي الْوَطْأَة أَو الْأَيَّام وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ سِنِينَ عَلَيْهَا كَسِنِي يُوسُف المُرَاد الْقَحْط والتشبيه بسني يُوسُف لتشديد الْقَحْط

(2/201)


واستمراره زَمَانا واجراء سِنِين مجْرى الْجمع الْمُذكر السَّالِمِ فِي الْإِعْرَابِ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ وَسُقُوطِ النُّونِ بِالْإِضَافَة شَائِع

قَوْله
[1074] وضاحية مُضر أَي أهل الْبَادِيَة مِنْهُم وَجمع الضاحية ضواحي قَوْله لأقربن من التَّقْرِيب أَي لأقربن إِلَى أفهامكم بِالْبَيَانِ الفعلى صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ أُصَلِّي كَمَا صلى فَخُذُوا بصلاتي لتدركوا بِهِ صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فمراده الْحَث على الْأَخْذ بِصَلَاتِهِ قَوْله

(2/202)


[1077] على أَحيَاء جمع حَيّ بِمَعْنى الْقَبِيلَة أَي على قبائل من قبائل الْعَرَب

قَوْله
[1078] فَأنْزل الله تَعَالَى لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء هَذَا يدل على انه نسخ لعن الْكَافرين فِي الصَّلَاة وَالظَّاهِر أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحملهُ على لعن الْكَافِر الْمعِين وَيرى لعن مُطلق الْكَافرين فِي الصَّلَاة جَائِزا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/203)


[1080] فَلم يقنت هَذَا يدل على ان الْقُنُوت فِي الصُّبْح كَانَ أَيَّامًا ثمَّ نسخ أَو أَنه كَانَ مَخْصُوصًا بأيام المهام وَالثَّانِي أنسب بِأَحَادِيث الْقُنُوت واليه مَال أَحْمد وَغَيره انها أَي الْقُنُوت أَو الدَّوَام عَلَيْهِ وتأنيث الضَّمِير بِاعْتِبَار الْخَبَر

قَوْله
[1081] فَأخذ قَبْضَة بِفَتْح الْقَاف أَو ضمهَا أبرده من التبريد أحوله من التَّحْوِيل لجبهتي أَي لأضع عَلَيْهَا الْجَبْهَة وَذَلِكَ لشدَّة الْحر وَعلم من هَذَا جَوَاز الْفِعْل الْقَلِيل

قَوْله
[1082] لقد ذَكرنِي هَذَا قَالَ ذكر لترك النَّاس تَكْبِيرَات الِانْتِقَالَات قَوْله

(2/204)


[1083] فِي كل خفض وَرفع أُرِيد الْغَالِب وَلَا فَلَا تَكْبِير عِنْد الرّفْع من الرُّكُوع

قَوْله
[1084] أَن لَا أخر من الخرور وَهُوَ السُّقُوط أَي لَا أسقط إِلَى السُّجُود الا قَائِما أَي أرجع من الرُّكُوع إِلَى الْقيام ثمَّ أخر مِنْهُ إِلَى السُّجُود وَلَا أخر من الرُّكُوع إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فهمه المُصَنّف وَقيل مَعْنَاهُ لَا أَمُوت الا ثَابتا على الْإِسْلَام فَهُوَ مثل وَلَا تموتن الا وَأَنْتُم مُسلمُونَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَقَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وَأُمُورِي إِلَّا قُمْتُ بِهِ مُنْتَصِبًا لَهُ وَقيل مَعْنَاهُ لَا أغبن وَلَا أغبن وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث مِمَّا أشكل على النَّاس فهمه وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف فِي مَعْنَاهُ أحسن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/205)


[1088] وَكَانَ لَا يفعل ذَلِك فِي السُّجُود الظَّاهِر أَنه كَانَ يفعل ذَلِك أَحْيَانًا وَيتْرك أَحْيَانًا لَكِن غَالب الْعلمَاء على ترك الرّفْع وَقت السُّجُود وَكَأَنَّهُم أخذُوا بذلك بِنَاء على أَن الأَصْل هُوَ الْعَدَم فحين تَعَارَضَت روايتا الْفِعْل وَالتّرْك أخذُوا بِالْأَصْلِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/206)


[1089] وَإِذا نَهَضَ أَي قَامَ

قَوْله
[1090] يعمد أحدكُم على حذف حرف الْإِنْكَار أَي أيعمد فيبرك بِالنّصب جَوَاب الِاسْتِفْهَام وَالْمرَاد النَّهْي عَن بروك الْجمل وَهُوَ أَن يضع رُكْبَتَيْهِ على الأَرْض قبل يَدَيْهِ كَمَا سَيَجِيءُ التَّصْرِيح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة وَقد أَخذ بِهِ الْبَعْض وَالْبَعْض أَخذ بِمَا سبق وَالْأَقْرَب أَن النَّهْي للتنزيه وَمَا سبق بَيَان الْجَوَاز فان قيل كَيفَ شبه وضع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ ببروك الْجمل مَعَ أَن الْجمل يضع يَدَيْهِ قبل رجلَيْهِ قُلْنَا لِأَن ركبة الْإِنْسَان فِي الرجل وركبة الدَّوَابّ فِي الْيَد فَإِذا وضع رُكْبَتَيْهِ أَولا فقد شابه الْجمل فِي البروك

(2/207)


كَذَا فِي المفاتيح قَوْله أَمر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد أَمر على بِنَاء الْمَفْعُول وَأَن يسْجد على بِنَاء الْفَاعِل وَيحْتَمل أَن يعكس وَيحْتَمل بناؤهما للْفَاعِل على ان ضمير يسْجد للْمُصَلِّي على سَبْعَة أَعْضَاء وَفِي بعض النّسخ أعظم على تَسْمِيَة كُلُّ عُضْوٍ عَظْمًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ عِظَامٌ كَثِيرَة وَلَا يكف أَي لَا يضم وَلَا يجمع عِنْد السُّجُود شعره أَو ثِيَابه صونا لَهما عَن التُّرَاب بل يرسلهما ويتركهما حَتَّى يقعا إِلَى الأَرْض فَيكون الْكل سَاجِدا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1094] سَبْعَة آرَاب بِهَمْزَة ممدودة أَي أَعْضَاء جمع إرب بِكَسْر فَسُكُون قَوْله

(2/208)


[1095] على جَبينه وَأَنْفه أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن المُرَاد بِالْوَجْهِ فِي أَعْضَاء السَّجْدَة الجبين وَالْأنف فَذكر هَذَا الحَدِيث تَفْسِيرا للْحَدِيث السَّابِق

قَوْله
[1096] الْجَبْهَة وَالْأنف لِكَوْنِهِمَا من أَجزَاء الْوَجْه فعدهما بِمَنْزِلَة عد الْوَجْه عدتا وَاحِدَة من السَّبْعَة والا يلْزم الزِّيَادَة على السَّبْعَة

قَوْله
[1097] على الْأنف أَي إِلَى الْأنف وَمَا يتَّصل بِهِ من الْجَبْهَة ليُوَافق الْأَحَادِيث السَّابِقَة قَوْله

(2/209)


[1098] أَن يكفت كيضرب أَي يضم وَيجمع

قَوْله
[1100] وَقَدمَاهُ منصوبتان هَذَا هُوَ المُرَاد بِالسُّجُود على الْقَدَمَيْنِ وَقد سبق شرح الحَدِيث قَوْله

(2/210)


[1101] إِذا أَهْوى هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا هوى أَي سقط وَهُوَ أقرب وفتخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي لينها حَتَّى تنثني فيوجهها نَحْو الْقبْلَة

قَوْله
[1102] فَكَانَت يَدَاهُ أَي فِي السُّجُود بحذاء الْأُذُنَيْنِ قَوْله وَرفع عجيزته أَي عَجزه وَالْعجز مُؤخر الشَّيْء والعجيزة للْمَرْأَة فاستعارها للرجل قَوْله جخى بجيم ثمَّ خاء مُعْجمَة كصلى أَي فتح عضديه وجافى عَن جَنْبَيْهِ وَرفع بَطْنه عَن الأَرْض قَوْله

(2/211)


[1106] فرج بَين يَدَيْهِ أَي بَينهمَا وَبَين مَا يليهما من الْجنب والا لَا يَسْتَقِيم قَوْله حَتَّى يَبْدُو فَلَيْسَ المتعدد الَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ بَين لفظ يَدَيْهِ بل هُوَ أحد طرفِي المتعدد والطرف الثَّانِي مَحْذُوف وَهَذَا معنى قَول الْمُحَقق بن حجر فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ أَي نحى كل يَد عَن الْجنب الَّذِي يَليهَا قَوْله بَين يَدي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي قدامه وَلَو لم أكن فِي الصَّلَاة لأبصرت إبطَيْهِ لأجل التَّفْرِيج أَي لكني كنت وَرَاءه فِي الصَّلَاة أَي فَلم يُمكن لأجل شغلها النّظر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/212)


[1108] عفرَة إبطَيْهِ بِضَم مُهْملَة أَو فتحهَا وَسُكُون فَاء بَيَاض غير خَالص بل كلون وَجه الأَرْض أَرَادَ منبت الشّعْر من الابطين بمخالطة بَيَاض الْجلد سَواد الشّعْر وَكَأَنَّهُ كَانَ ينظر فِي الصَّلَاة وَهَذَا لَا يضر حَدِيث أبي هُرَيْرَة السَّابِق لِأَنَّهُ مُخْتَلف حسب اخْتِلَاف النَّاس فِي الصَّلَاة قَوْله حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بِالتَّكْبِيرِ وَفِي بعض النّسخ عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ وَنَصّ النَّوَوِيّ على أَن الروَاة عَن النَّسَائِيّ اخْتلفُوا فَرَوَاهُ عَنهُ بَعضهم بِالتَّكْبِيرِ وَبَعْضهمْ بِالتَّصْغِيرِ قَالَ وهما صَحِيحَانِ فعبد الله وَعبيد الله اخوان وهما ابْنا عبد الله بن الْأَصَم وَكِلَاهُمَا روى عَن عَمه يزِيد بن الْأَصَم قَوْله جافى يَدَيْهِ نحاهما عَمَّا يليهما من الْجنب لَو أَن بهمة بِفَتْح فَسُكُون الْوَاحِدَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالتَّاء للوحدة والبهم بِلَا تَاء يُطلق على الْجمع قَوْله

(2/213)


[1110] اعتدلوا فِي السُّجُود أَي توسطوا بَين الافتراش وَالْقَبْض بِوَضْع الْكَفَّيْنِ على الأَرْض وَرفع الْمرْفقين عَنْهَا والبطن عَن الْفَخْذ وَهُوَ أشبه بالتواضع وأبلغ فِي تَمْكِين الْجَبْهَة وَأبْعد من الكسالة انبساط الْكَلْب هُوَ مصدر على غير لفظ الْفِعْل كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا قَوْله عَن نقر الْغُرَاب هُوَ تَخْفيف السُّجُود بِحَيْثُ لَا يَمْكُثُ فِيهِ إِلَّا قَدْرَ وَضْعِ الْغُرَابِ منقاره فِيمَا يُرِيد أكله وافتراش السَّبع

(2/214)


وَهُوَ أَنْ يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يَرْفَعَهُمَا عَنِ الْأَرْضِ كَمَا يَبْسُطُ السَّبُعُ وَالْكَلْبُ وَالذِّئْبُ ذِرَاعَيْهِ وَالِافْتِرَاشُ افْتِعَالٌ مِنَ الْفُرُشِ وَأَنْ يُوَطِّنَ الخ أَي أَن يتَّخذ لنَفسِهِ من الْمَسْجِد مَكَانا معينا لَا يُصَلِّي الا فِيهِ كالبعير لَا يبرك من عطنة الا فِي مبرك قديم وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْرُكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ السُّجُودَ مِثْلَ بُرُوكِ الْبَعِيرِ قلت وَهَذَا لَا يُوَافق لفظ الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1113] وَلَا أكف أَي لَا أضم فِي السُّجُود احْتِرَازًا عَن التُّرَاب قَوْله

(2/215)


[1114] وَرَأسه معقوص جمع الشّعْر وسط رَأسه أولف ذوائبه حول رَأسه وَنَحْو ذَلِك كَفعل النِّسَاء انما مثل هَذَا الخ أَرَادَ من انْتَشَر شعره سقط على الأَرْض عِنْد سُجُوده فثياب عَلَيْهِ والمعقوص لم يسْقط شعره فَيُشبه بمكتوف أَي مشدود الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا يقعان على الأَرْض فِي السُّجُود قَوْله بِالظَّهَائِرِ جَمْعُ ظَهِيرَةٍ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَار سجدنا على ثيابنا الظَّاهِر أَنَّهَا الثِّيَاب الَّتِي هم لابسوها ضَرُورَة أَن الثِّيَاب فِي ذَلِك الْوَقْت قَليلَة فَمن أَيْن لَهُم ثِيَاب

(2/216)


فاضلة فَهَذَا يدل على جَوَاز أَن يسْجد الْمصلى على ثوب هُوَ لابسه كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور قَوْله حبي بِكَسْر الْحَاء أَي حَبِيبِي وَعَن لبس بِضَم اللَّام القسي بِفَتْح قَاف فتشديد سين مَكْسُورَة فياء مُشَدّدَة ثِيَاب فِيهَا أضلاع من حَرِير المفدمة بدال مُهْملَة مُشَدّدَة مَفْتُوحَة أَي المتشبعة الَّتِي بلغت الْغَايَة وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله معصوب أَي مشدود بِخرقَة لما بِهِ من الوجع

(2/217)


قمن بِفَتْح قَاف وَكسر مِيم أَو فتحهَا أَي جدير خليق وَقد تقدم الحَدِيث

قَوْله
[1121] فَحل شناقها بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة الْخَيط الَّذِي تعلق بِهِ الْقرْبَة أَو الَّذِي يشد بِهِ فمها وَقَوله اجْعَل فِي قلبِي نورا الخ المُرَاد بِالنورِ أما الْهِدَايَة والتوفيق للخير وَهَذَا يَشْمَل الْأَعْضَاء كلهَا لظُهُور آثاره فِي الْكل أَو المُرَاد ظَاهر النُّور وَالْمَقْصُود أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى

(2/218)


لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسْتَضِيءُ بِهِ فِي تِلْكَ الظُّلَمِ وَمن تبعه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يتَأَوَّل

(2/219)


الْقُرْآن أَي يرَاهُ معنى قَوْله تَعَالَى فسبح بِحَمْد رَبك وَعَملا بِمُقْتَضَاهُ

قَوْله
[1124] بعض جواريه كَأَنَّهَا استبعدت اتيانه زَوْجَة أُخْرَى لمراعاته الْقسم سَوَاء قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أم لَا

(2/220)


وَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَت باسم الْجَارِيَة مَا يعم الزَّوْجَة وَهُوَ الْمُوَافق لما سَيَجِيءُ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1126] أحسن الْخَالِقِينَ أَي المقدرين أَو لَو فرض هُنَاكَ خَالق آخر لَكَانَ أحْسنهم خلقا والا فَهَل من خَالق غير الله

(2/221)


لَا إِلَه إِلَّا هُوَ

(2/222)


قَوْله
[1131] انه ذهب إِلَى بعض نِسَائِهِ هَذَا مَبْنِيّ على عدم وجوب الْقسم عَلَيْهِ

(2/223)


قَوْله ثمَّ آل عمرَان ظَاهره عدم وجوب التَّرْتِيب وَقَوله لَا يمر بِآيَة تخويف أَو تَعْظِيم الا ذكره أَي ذكر مقتضي

(2/224)


ذَلِك التخويف أَو التَّعْظِيم قَوْله فحزرناه بحاء مُهْملَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة ثمَّ رَاء مُهْملَة أَي قَدرنَا وخمنا

قَوْله
[1136] وَعَلَيْك اذْهَبْ أَو عَلَيْك السَّلَام فَهَذَا رد للسلام لَكِن وَقع الِاقْتِصَار من بعض الروَاة على هَذَا الْقدر والا فقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات تَاما وَيحْتَمل أَنه اقْتصر على ذَلِك لبَيَان جَوَاز الِاقْتِصَار على ذَلِك وَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات تَاما فَنقل من الروَاة بِالْمَعْنَى يرمق كينصر أَي ينظر إِلَى صلَاته مَا عبت

(2/225)


على صِيغَة الْخطاب وَمَا استفهامية انها لم تتمّ الخ الضَّمِير للقصة يسبغ من الاسباغ أَي يكمل وَيقْرَأ مَا تيَسّر ظَاهره أَن الْفَرْض مُطلق الْقُرْآن كَمَا هُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا خُصُوص الْفَاتِحَة كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور الا أَن يحمل على الْفَاتِحَة لكَونهَا المتيسرة عَادَة أَو يُقَال أَن الْأَعرَابِي لكَونه جَاهِلا عَادَة اكْتفى عَنهُ بِمَا تيَسّر مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1137] أقرب مَا يكون العَبْد من ربه عز وَجل الظَّاهِر

(2/226)


أَن مَا مَصْدَرِيَّة وَكَانَ تَامَّة وَالْجَار مُتَعَلق بأقرب وَلَيْسَت من تفضيلية وَالْمعْنَى شَاهد كَذَلِك فَلَا يرد أَن اسْم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل الا بِأحد أُمُور ثَلَاثَة لَا بأمرين كالاضافة وَمن فَكيف اسْتعْمل هَا هُنَا بأمرين فَافْهَم وَخبر أقرب مَحْذُوف أَي حَاصِل لَهُ وَجُمْلَة وَهُوَ ساجد حَال من ضمير حَاصِل أَو من ضمير لَهُ وَالْمعْنَى أقرب أكوان العَبْد من ربه تبَارك وَتَعَالَى حَاصِل لَهُ حِين كَونه سَاجِدا وَلَا يرد على الأول أَن الْحَال لَا بُد أَن يرتبط بِصَاحِبِهِ وَلَا ارتباط هَا هُنَا لِأَن ضمير هُوَ ساجد للْعَبد لَا لأَقْرَب لأَنا نقُول يَكْفِي فِي الارتباط وجود الْوَاو من غير حَاجَة إِلَى الضَّمِير مثل جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أَي فِي السُّجُود قيل وَجه الا قربية أَن العَبْد فِي السُّجُود دَاع لِأَنَّهُ أَمر بِهِ وَالله تَعَالَى قريب من السَّائِلين لقَوْله تَعَالَى وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني الخ وَلِأَن السُّجُود غَايَة فِي الذل والانكسار وتعفير الْوَجْه وَهَذِه الْحَالة أحب أَحْوَال العَبْد كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود وَلِأَن السُّجُود أول عبَادَة أَمر الله تَعَالَى بهَا بعد خلق آدم فالمتقرب بهَا أقرب وَلِأَن فِيهِ مُخَالفَة لابليس فِي أول ذَنْب عصى الله بِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا أَقْرَبُ بِالرُّتْبَةِ وَالْكَرَامَةِ لَا بالمسافة والمساحة لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن الْمَكَان وَالزَّمَانِ وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ الصَّاحِبِ فِي تَذْكَرَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْجِهَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْعَبْدَ فِي انْخِفَاضِهِ غَايَةُ الانخفاض يكون أقرب إِلَى الله تَعَالَى قلت بني ذَلِك على أَن الْجِهَة المتوهم ثُبُوتهَا لَهُ تَعَالَى جلّ وَعلا جِهَة الْعُلُوّ والْحَدِيث يدل على نَفيهَا والا فالجهة السُّفْلى لَا ينافيها هَذَا الحَدِيث بل يُوهم ثُبُوتهَا بل قد يبْحَث فِي نفي الْجِهَة الْعليا بِأَن الْقرب إِلَى العالي يُمكن حَالَة الانخفاض بنزول العالي إِلَى المنخفض كَمَا جَاءَ نُزُوله تَعَالَى كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء على أَن المُرَاد الْقرب مَكَانَهُ ورتبة وكرامة لَا مَكَانا فَلَا تتمّ الدّلَالَة أصلا ثمَّ الْكَلَام فِي دلَالَة الحَدِيث على نفي الْجِهَة والا فكونه تَعَالَى منزها عَن الْجِهَة مَعْلُوم بأدلته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بوضوئه بِفَتْح الْوَاو أَي مَاء الْوضُوء مرافقتك

(2/227)


بِالنّصب بِتَقْدِير أَسأَلك مرافقتك أَو غير ذَلِك يحْتَمل فتح الْوَاو أَي أتسأل ذَلِك وَغَيره أم تسأله وَحده وسكونها أَي أسأَل ذَلِك أم غَيره هُوَ ذَلِك أَي الْمَسْئُول ذَلِك لاغير فأعني على نَفسك أَي على تَحْصِيل حَاجَة نَفسك الَّتِي هِيَ المرافقة وَالْمرَاد تَعْظِيم تِلْكَ الْحَاجة وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى معاونة مِنْك وَمُجَرَّد السُّؤَال مني لَا يَكْفِي فِيهَا أَو الْمَعْنى فوافقني بِكَثْرَة السُّجُود قاهرا بهَا على نَفسك وَقيل أَعنِي على قهر نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن مَا ذكرت لَا يحصل الا بقهر نَفسك الَّتِي هِيَ أعدى عَدوك فَلَا بُد لي من قهر نَفسك بصرفها عَن الشَّهَوَات وَلَا بُد لَك أَن تعاونني فِيهِ وَقيل مَعْنَاهُ كن لي عونا فِي إصْلَاح نَفسك وَجعلهَا طَاهِرَة مُسْتَحقَّة لما تطلب فَإِنِّي أطلب إصْلَاح نَفسك من الله تَعَالَى وأطلب مِنْك أَيْضا اصلاحها بِكَثْرَة السُّجُود لله فَإِن السُّجُود كاسر للنَّفس ومذل لَهَا وَأي نفس انْكَسَرت وذلت اسْتحقَّت الرَّحْمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَسكت عني أَي امسك عني الْكَلَام مَلِيًّا بتَشْديد الْيَاء أَي قدرا من الزَّمَان

(2/228)


قَوْله منصت من الانصات أَي سَاكِت مستمع أول من يُجِيز أَي الصِّرَاط فيعرفون على بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول وَالضَّمِير على الأول للْمَلَائكَة وَالرسل وعَلى الثَّانِي لمن يُرِيد أَن يخرج أَن النَّار بِفَتْح أَن بِحَذْف اللَّام أَو بدل من العلامات وبالكسر على الِاسْتِئْنَاف الْحبَّة بِكَسْر الْحَاء بزور الْبُقُول وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ صَغِيرٌ يَنْبُتُ فِي الْحَشِيشِ فَأَما بِالْفَتْح فَهِيَ الْحِنْطَة وَالشعِير وَنَحْوهمَا وحميل السَّيْل مَا يحملهُ السَّبِيل من الزُّور

(2/229)


والحشيش وَغَيرهمَا

قَوْله
[1141] بَين ظهراني صلَاته أَي فِي أثْنَاء صلَاته أَنه قد حدث أَمر كِنَايَة عَن الْمَوْت أَو الْمَرَض كل ذَلِك لم يكن أَي مَا وَقع شَيْء مِمَّا قُلْتُمْ ارتحلني اتَّخَذَنِي رَاحِلَة لَهُ بالركوب على ظَهْري أَن أعجله من التَّعْجِيل أَو الاعجال وَظهر مِنْهُ أَن تَطْوِيل سَجْدَة على سَجْدَة لَا يضر قَوْله

(2/230)


[1147] خوى بيدَيْهِ بِمُعْجَمَة وواو مُشَدّدَة من خوى بِالتَّخْفِيفِ إِذا خلا أَيْ جَافَى بَطْنَهُ عَنِ الْأَرْضِ وَرَفَعَهَا وَجَافَى عضديه عَن جَنْبَيْهِ حَتَّى يخوى مَا بَين ذَلِك وضح إبطَيْهِ بِفتْحَتَيْنِ أَي بَيَاض تحتهما وَذَلِكَ لمبالغة

(2/232)


فِي رفعهما وتجافيهما عَن الجنبين والوضح الْبَيَان من كل شَيْء قَوْله

(2/233)


[1151] فَقعدَ فِي الرَّكْعَة الأولى هَذَا الحَدِيث يدل على ثُبُوت جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَمن لَا يَقُول بهَا حملهَا على أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا فِي آخر عمره حِين ثقل وَلم يفعل قصدا وَالسّنة مَا فعله قصدا لَا مَا فعله بِسَبَب آخر لَكِن أورد عَلَيْهِ قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لمَالِك وَأَصْحَابه صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَأَقل ذَلِك أَن يكون مُسْتَحبا وَأَيْضًا قد جَاءَ الْأَمر بهَا فِي بعض رِوَايَات حَدِيث الْأَعرَابِي الْمُسِيء صلَاته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(2/234)


قَوْله
[1157] ان من سنة الصَّلَاة قد قرروا أَن هَذَا اللَّفْظ فِي حكم الرّفْع أَن تضجع من الاضجاع أَي تفرش

(2/235)


قَوْله واستقباله بِالرَّفْع عطف على أَن تنصب وَكَذَا الْجُلُوس قَوْله ثمَّ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قد سبق حَدِيث الْإِشَارَة وَأَنَّهَا أَخذ بهَا الْجُمْهُور من عُلَمَائِنَا وَغَيرهم وَأَن إِنْكَار من أنكر من مَشَايِخنَا لَا عِبْرَة بِهِ قَوْله ثمَّ أتيتهم

(2/236)


أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه من قَابل فِي أَيَّام الْبرد

قَوْله
[1160] عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي هَكَذَا فِي أصُول قيل وَهُوَ تَحْرِيف من النساخ وَالصَّوَاب المعاوى كَمَا فِي مُسلم بِضَم الْمِيم وَكسر الْوَاو نِسْبَة إِلَى بني مُعَاوِيَة من الْأَنْصَار ذكره فِي الْمَشَارِق وَغَيره قَوْله وَرمى ببصره إِلَيْهَا أَي الْتفت بِهِ إِلَيْهَا

قَوْله
[1162] إِذا جلسنا

(2/237)


فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَي فِي رَأس كل رَكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة الثنائية أَو الرّبَاعِيّة وَترك ذكر الْقعدَة الْأَخِيرَة من الثلاثية لقلتهَا وَظُهُور أَن حكمهَا كَحكم غَيرهَا من القعدات فِي هَذَا الذّكر فَلَا يرد أَن الحَدِيث لَا يَشْمَل الْقعدَة الْأَخِيرَة من الرّبَاعِيّة ثمَّ أَن المُصَنّف قدم تشهد بن مَسْعُود لما صَرَّحُوا بِهِ من أَنه أصح التشهدات ثبوتا بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ أَحَق بالاعتناء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله علم من التَّعْلِيم أَو الْعلم وَقَوله فواتح الْخَيْر وخواتمه كِنَايَة عَن تَمام الْخَيْر أعجبه إِلَيْهِ ظَاهره عُمُوم الدُّعَاء وَمن لَا يَقُول بِهِ يَخُصُّهُ بالوارد أَي أعجبه إِلَيْهِ من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة إِذْ كل دُعَاء لَا يُنَاسب الصَّلَاة فخصوه بالوارد وَالله تَعَالَى أعلم

(2/238)


قَوْله
[1167] جَوَامِع الْكَلم أَي من جَوَامِع الْكَلم لِلْخَيْرَاتِ قَوْله كَمَا يعلمنَا الْقُرْآن أَي يهتم بحفظنا إِيَّاه

(2/239)


قَوْله
[1168] فَإِن الله هُوَ السَّلَام قَالَ النَّوَوِيّ أَي ان السَّلَام اسْم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَلَا يخفى أَن مُجَرّد كَونه اسْما من أَسْمَائِهِ تَعَالَى لَا يمْنَع عَن كَون السَّلَام بِمَعْنى آخر ثَابت لَهُ تَعَالَى أَو مَطْلُوب الاثبات لَهُ تَعَالَى فَلَا يَصح قَوْله فَإِن الله الخ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكره عِلّة للنَّهْي الا أَن يكون مَبْنِيا على أَن يكون السَّلَام فِي قَوْلهم السَّلَام على فلَان من أَسْمَائِهِ تَعَالَى يَعْنِي السَّلَام حفيظ أَو رَقِيب عَلَيْك مثلا وَالْأَقْرَب أَن يُقَال مَعْنَاهُ الله هُوَ معطي السَّلامَة فَلَا يحْتَاج إِلَى أَن يدعى لَهُ بالسلامة أَو أَنه تَعَالَى هُوَ السَّالِم من الْآفَات الَّتِي لأَجلهَا يطْلب السَّلَام عَلَيْهِ وَلَا يطْلب السَّلَام الا على من يُمكن لَهُ عرُوض الْآفَات فَلَا يُنَاسب طلب السَّلَام عَلَيْهِ تَعَالَى

(2/240)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَيْمَنَ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ الحَدِيث قَالَ بن سيد النَّاس فِي شرح التِّرْمِذِيّ قَالَ بن عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَيْمَنَ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ الرّحْمَنِ النَّسَائِيِّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَيْمَنَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ فِي إِسْنَادِهِ وَأَيْمَنُ لَا بَأْسَ بِهِ الحَدِيث خَطَأٌ وَقَالَ الْحَاكِمُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ ثِقَةٌ تَخَرَّجَ حَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجْ هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ لَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ عَنْ أبي الزبير من وَجه يَصح ةقال الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله قد تَابع أَمن على الثَّوْريّ وبن جريح عَن أبي الزبير الرضف برَاء وضاد مُعْجَمه وَفَاء

(2/243)


قَوْله
[1176] فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ على الرضف بِفَتْح رَاء وَسُكُون ضاد معجمةوفاء الْحِجَارَة المحماة الْوَاحِدَة الرضفة وَالْمرَاد بقوله فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي جُلُوس الرَّكْعَتَيْنِ فِي غير الثنائية يدل عَلَيْهِ قَوْله حَتَّى يقوم وَكَونه على الرضف كِنَايَة عَن التَّخْفِيف وَحَتَّى فِي قَوْله حَتَّى يقوم للتَّعْلِيل بِقَرِينَة الْجَواب بقوله ذَاك يُرِيد وَلَا يُنَاسب هَذَا الْجَواب كَون حَتَّى للغاية فَلْيتَأَمَّل

قَوْله
[1177] فَقَامَ فِي الشفع الخ يدل على أَن الْقعدَة الأولى لَيست مِمَّا يبطل بِتَرْكِهَا الصَّلَاة بل يُجزئ عَنْهَا سُجُود السَّهْو

(2/244)


قَوْله
[1183] فخرق الصُّفُوف أَي شقها وصفح النَّاس من التصفيح وَهُوَ ضَرْبِ صَفْحَةِ الْكَفِّ عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الْأُخْرَى ليؤذنوه من الايذان أَي ليعلموه بمجيئه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان كَمَا أَنْت أَي كن كَمَا أَنْت أَي على الْحَال الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا فَإِن تفسيرية لما فِي الْإِيمَاء من معنى القَوْل وَفِي بعض النّسخ كلمة أَي تفسيرية قَوْله

(3/3)


[1184] رافعو أَيْدِينَا أَي بِالسَّلَامِ وَلذَا عقبه بالرواية الثَّانِيَة الشَّمْس بِضَم فَسُكُون أَو بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ شُمُوسٍ وَهُوَ النُّفُورُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي لَا يسْتَقرّ لسبقه وحدته وأذنابها كَثِيرَة الِاضْطِرَاب وَالْمَقْصُود النَّهْي عَن الْإِشَارَة بِالْيَدِ عِنْد السَّلَام

(3/4)


فنسلم أَي فِي الصَّلَاة وبهذه الرِّوَايَة تبين أَن الحَدِيث مسوق للنَّهْي عَن رفع الْأَيْدِي عِنْد السَّلَام إِشَارَة إِلَى الْجَانِبَيْنِ وَلَا دلَالَة فِيهِ على النَّهْي عَن الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ وَلذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ الِاسْتِدْلَال بِهِ على النَّهْي عَن الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ جهل قَبِيح وَقد يُقَال الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ وَلَفظ مَا بالهم رافعين أَيْديهم فِي الصَّلَاة إِلَى قَوْله اسكنوا فِي الصَّلَاة تَمام فصح بِنَاء الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ وخصوص المورد لَا عِبْرَة بِهِ الا أَن يُقَال ذَلِك إِذا لم يُعَارضهُ عَن الْعُمُوم عَارض والا يحمل على خُصُوص المورد وَهَهُنَا قد صَحَّ وَثَبت الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَعند الرّفْع مِنْهُ ثبوتا لَا مرد لَهُ فَيجب حمل هَذَا اللَّفْظ على خُصُوص المورد تَوْفِيقًا ودفعا للتعارض قلت كَانَ من علل ترك الْإِشَارَة إِلَى التَّوْحِيد فِي التَّشَهُّد بِأَنَّهَا تنَافِي السُّكُوت أَخذ ذَلِك من هَذِه الرِّوَايَة أَعنِي لفظ اسكنوا فِي الصلاةوالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1186] فَرد عَليّ إِشَارَة مَنْصُوب على الْمصدر بِحَذْف أَي رد إِشَارَة يُرِيد أَنه رد عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ وَهَذَا فعل قَلِيل

(3/5)


لَا يُنَافِي الصَّلَاة وَقد صرح بِهِ الْعلمَاء قَوْله موجه اسْم مفعول أَي جعل وَجهه والجاعل هُوَ الله أَو اسْم فَاعل بِمَعْنى مُتَوَجّه من وَجه بِمَعْنى توجه وَالْمَقْصُود أَنه مَا كَانَ وَجهه إِلَى جِهَة الْقبْلَة قَوْله مشرقا اسْم فَاعل من التَّشْرِيق أَي آخِذا نَاحيَة الْمشرق وَكَذَا قَوْله أَو مغربا

قَوْله
[1191] إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة أَي إِذا دخل فِيهَا إِذْ قبل التَّحْرِيم لَا يمْنَع أَي لما فِيهِ من قطع التَّوَجُّه للصَّلَاة فتفوته الرَّحْمَة وَهَذَا إِذا لم يكن لإِصْلَاح مَحل السُّجُود وَإِلَّا فَيجوز بِقدر الضَّرُورَة قَوْله فَمرَّة بِالنّصب أَي فافعل مرّة وَلَا تزد عَلَيْهَا لإِصْلَاح مَحل السُّجُود وَهَذَا قِطْعَة من أَوله مُتَعَلق بمسح الْحَصَى وَإِلَّا فَلَا دلَالَة لهَذَا الْقدر على تعين الْفِعْل قَوْله

(3/6)


[1193] يرفعون أَبْصَارهم كَمَا يفعل كثير من النَّاس حَال الدُّعَاء وَقد اخْتلف فِيهِ حَال الدُّعَاء خَارج الصَّلَاة فجوزه بعض بِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء وَمنعه بعض لينتهن بِضَم الْهَاء وَتَشْديد النُّون أَي أُولَئِكَ الأقوام عَن ذَلِك أَي عَن رفعهم أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لتخطفن بِفَتْح الْفَاء على بِنَاء الْمَفْعُول أَي لتسلبن بِسُرْعَة أَي أَن أحد الْأَمريْنِ وَاقع لَا محَالة اما الِانْتِهَاء مِنْهُم أَو خطف أَبْصَارهم من الله عُقُوبَة على فعلهم قَوْله

(3/7)


[1194] أَن يلتمع أَي لِئَلَّا يختلس ويختطف بِسُرْعَة

قَوْله
[1195] مُقبلا على العَبْد بِالْإِحْسَانِ والغفران وَالْعَفو لَا يقطع عَنهُ ذَلِك مَا لم يلْتَفت مَا لم يتَعَمَّد الِالْتِفَات إِلَى مَالا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ فَإِذا صرف وَجهه بالالتفات إِلَى مَالا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ انْصَرف عَنهُ بِقطع ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله اختلاس أَي سلب الشَّيْطَان من كَمَال صلَاته وَضمير يختلسه مَنْصُوب على الْمصدر قَوْله يسمع من الاسماع

(3/8)


[1200] فَالْتَفت إِلَيْنَا لبَيَان جَوَاز الِالْتِفَات وليطلع على حَالهم فيرشدهم إِلَى الصَّوَاب مَعَ دوَام توجه قلبه إِلَى الله بِخِلَاف غَيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَكِن هَذَا يَقْتَضِي أَن رُؤْيَته من وَرَائه مَا كَانَت على الدَّوَام وَالله تَعَالَى أعلم فَلَا تَفعلُوا ائتموا بأئمتكم يُرِيد أَن الْقيام مَعَ قعُود الامام يشبه تَعْظِيم الامام فِيمَا شرع لتعظيم الله وَحده فَلَا يجوز وَلَا يخفى دوَام هَذِه الْعلَّة فَيَنْبَغِي أَن يَدُوم هَذَا الحكم فَالْقَوْل بنسخه كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور خَفِي جدا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1201] يلْتَفت فِي صلَاته قيل النَّافِلَة وَيحْتَمل الْفَرْض أَيْضا وَالْحَاصِل أَن التفاته كَانَ متضمنا الْمصلحَة بِلَا ريب مَعَ دوَام حُضُور الْقلب وتوجهه إِلَى الله تَعَالَى على وَجه الْكَمَال وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال وَلَا يلوى وَلَا يضْرب قَوْله

(3/9)


[1202] بقتل الأسودين هما الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَإِطْلَاق الأسودين اما لتغليب الْحَيَّة على الْعَقْرَب أَو لِأَن عقرب الْمَدِينَة يمِيل إِلَى السوَاد وَأخذ كثير من الرُّخْصَة فِي الْقَتْل أَن الْقَتْل لَا يفْسد الصَّلَاة لَكِن قد يُقَال يَكْفِي فِي الرُّخْصَة انْتِفَاء الْإِثْم فِي افساد الصَّلَاة وَأما بَقَاء الصَّلَاة بعد هَذَا الْفِعْل فَلَا يدل عَلَيْهِ الرُّخْصَة فَتَأمل

(3/10)


وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1206] فَمشى عَن يَمِينه كَانَ الْبَاب فِي إِحْدَى جهتيه وَيُمكن هَذَا بِعَمَل يسير وَالله تَعَالَى

(3/11)


أعلم قَوْله تنحنح أَي للأذان وَالدُّخُول وَفِي بعض النّسخ سبح وَهُوَ أقرب لما بعده أَن التنحنح كَانَ عَلامَة عدم الْإِذْن وَيُمكن لَهُ وضعان أَحدهمَا يدل على الْإِذْن وَالْآخر على عَدمه وَالله تَعَالَى أعلم

(3/12)


قَوْله أزيز بزاءين معجمتين ككريم أَي حنين من الخشية وَهُوَ صَوت الْبكاء قيل وَهُوَ أَن يَجِيش جَوْفه ويغلى بالبكاء والمرجل بِكَسْر الْمِيم اناء يغلى فِيهِ المَاء

قَوْله
[1215] أعوذ بِاللَّه مِنْك الخ يُفِيد أَن خطاب الشَّيْطَان لَا يبطل الصَّلَاة وَإِطْلَاق الْفُقَهَاء يَقْتَضِي الْبطلَان عِنْدهم فلعلهم يحملونه على مَا إِذا كَانَ الْكَلَام مُبَاحا بشهاب بِكَسْر الشين شعلة من النَّار ساطعة ثمَّ أردْت أَن آخذه لَا يلْزم مِنْهُ أَن أَخذه وربطه

(3/13)


غير مُفسد لجَوَاز أَن يكون مُفْسِدا وَيحمل لَهُ ذَلِك لضَرُورَة أَو بِلَا ضَرُورَة نعم يلْزم أَن تكون ارادته غير مفْسدَة فليفهم لَوْلَا دَعْوَة أخينا أَي ب قَوْله رب هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي لأصبح أَي لاخذته وربطته فَأصْبح موثقًا وَالْمرَاد لَوْلَا توهم عدم استجابة هَذِه الدعْوَة لاخذته لَا أَنه بِالْأَخْذِ يلْزم عدم استجابتها إِذْ لَا يبطل اخْتِصَاص تَمام الْملك لِسُلَيْمَان بِهَذَا الْقدر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1216] اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي لَيْسَ هَذَا من كَلَام النَّاس نعم هُوَ دُعَاء بِمَا لَا يَلِيق فَكَأَنَّهُ لهَذَا ذكره هَا هُنَا تحجرت وَاسِعًا أَي قصدت أَن تضيق مَا وَسعه الله من رَحمته أَو اعتقدته ضيقا لِأَن هَذَا الْكَلَام نَشأ من ذَلِك الِاعْتِقَاد قَوْله

(3/14)


[1218] انا حَدِيث عهد بجاهلية الْجَاهِلِيَّة مَا قبل وُرُود الشَّرْع سموا جَاهِلِيَّة لجهالاتهم وَالْبَاء فِيهَا مُتَعَلقَة بِعَهْد فجَاء الله عطف على مُقَدّر أَي كُنَّا فِيهَا فجَاء الله يَتَطَيَّرُونَ التطير التفاؤل بالطير مثلا إِذا شرع فِي حَاجَة وطار الطير عَن يَمِينه يرَاهُ مُبَارَكًا وان طَار عَن يسَاره يرَاهُ غير مبارك ذَاك شَيْء الخ أَي لَيْسَ لَهُ أصل يسْتَند إِلَيْهِ وَلَا لَهُ برهَان يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَا هُوَ فِي كتاب نَازل من لَدَيْهِ وَقيل مَعْنَاهُ أَنه مَعْفُو لِأَنَّهُ يُوجد فِي النَّفس بِلَا اخْتِيَار نعم الْمَشْي على وَفقه مَنْهِيّ عَنهُ فَلذَلِك قَالَ فَلَا يصدنهم أَي لَا يمنعهُم عَمَّا هم فِيهِ وَلَا يخفى أَن التفريغ على هَذَا الْمَعْنى يكون بَعيدا الْكُهَّان كالحكام جمع كَاهِن وَالنَّهْي عَن إتيانهم لأَنهم يَتَكَلَّمُونَ فِي مُغَيَّبَاتٍ قَدْ يُصَادِفُ بَعْضُهَا الْإِصَابَةَ فيخاف الْفِتْنَة على الْإِنْسَان بذلك وَلِأَنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنَ الشَّرَائِعِ واتيانهم حرَام بِإِجْمَاع الْمُسلمين كَمَا ذكرُوا

(3/15)


يخطون خطهم مَعْرُوف بَينهم فَمن وَافق خطه يحْتَمل الرّفْع وَالْمَفْعُول مَحْذُوف وَالنّصب وَالْفَاعِل ضمير وَافق بِحَذْف مُضَاف أَي وَافق خطه خطّ النَّبِي فَذَاك قيل مَعْنَاهُ أَي فخطه مُبَاح وَلَا طَرِيق لنا إِلَى معرفَة الْمُوَافقَة فَلَا يُبَاح وَقيل فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إِصَابَتَهُ فِيمَا يَقُولُ لَا أَنه أَبَاحَ ذَلِك لفَاعِله قَالَ النَّوَوِيّ قد اتَّفقُوا على النَّهْي عَنهُ الْآن إِذا عطس من بَاب نصر وَضرب فحدقني من التحديق وَهُوَ شدَّة النّظر أَي نظرُوا إِلَى نظر زجر كَيْلا أَتكَلّم فِي الصَّلَاة واثكل أمِّياه بِضَم ثاء وَسُكُون كَاف وبفتحهما هُوَ فقد الام الْوَلَد وأمياه بِكَسْر الْمِيم أَصله أُمِّي زيد عَلَيْهِ الْألف لمد الصَّوْت وهاء السكت وَهِي تثبت وَقفا لَا وصلا يسكتوني من التسكيت أَو الاسكات لكني سكت مُتَعَلق بِمَحْذُوف مثل

(3/16)


أردْت أَن أخاصمهم وَهُوَ جَوَاب لما بِأبي وَأمي أَي هُوَ مفدى بهما جملَة مُعْتَرضَة وَلَا كَهَرَنِي أَي مَا انتهرني وَلَا أغْلظ لي فِي القَوْل أَو وَلَا استقبلني بِوَجْه عبوس من كَلَام النَّاس أَي مَا يجْرِي فِي مخاطباتهم ومحاوراتهم إِنَّمَا هُوَ أَي مَا يحل فِيهَا من الْكَلَام التَّسْبِيح الخ أَي وأمثالها وَهَذَا الْكَلَام يتَضَمَّن الْأَمر بِالْإِعَادَةِ عِنْد قوم فَلذَلِك مَا أمره بذلك صَرِيحًا وَالْكَلَام جهلا لَا يفْسد الصَّلَاة عِنْد آخَرين فَقَالُوا عدم الْأَمر بِالْإِعَادَةِ لذَلِك اطَّلَعت بتَشْديد الطَّاء إِلَى غنيمَة بِالتَّصْغِيرِ والجوانية بِفَتْح جِيم وَتَشْديد وَاو بعد الْأَلِفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا مَوضِع بِقرب أحد آسَفُ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ

(3/17)


السِّين أَي أغضب فصككتها أَي لطمتها فَعظم من التَّعْظِيم عَليّ بِالتَّشْدِيدِ أَفلا أعْتقهَا أَي عَن بعض الْكَفَّارَات الَّذِي شَرط فِيهِ الْإِسْلَام أَيْن الله قيل مَعْنَاهُ فِي أَي جِهَة يتَوَجَّه المتوجهون إِلَى الله تَعَالَى وَقَوْلها فِي السَّمَاء أَي فِي جِهَة السَّمَاء يتوجهون وَالْمَطْلُوب معرفَة أَن تعترف بِوُجُودِهِ تَعَالَى

(3/18)


لَا اثبات الْجِهَة وَقيل التَّفْوِيض أسلم

قَوْله
[1220] فَيرد عَليّ أَي بالْقَوْل حِين كَانَ الْكَلَام مُبَاحا فِي الصَّلَاة وَأَن تقوموا لله قَانِتِينَ أَي ساكتين عَمَّا لَا يَنْبَغِي من الْكَلَام فَهَذَا الحَدِيث تَفْسِير لقَوْله تَعَالَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ

قَوْله
[1219] فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ أَي عَن ذَلِك الْكَلَام الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ لَا عَن مُطلق الْكَلَام فَلَا اشكال بالاذكار وَالْقِرَاءَة

[1221] مَا قرب وَمَا بعد أَي تفكرت فِيمَا يصلح للْمَنْع من الْوُجُوه الْقَرِيبَة أَو الْبَعِيدَة أَيهَا كَانَت سَببا لترك رد السَّلَام قَوْله

(3/19)


[1224] إِحْدَى صَلَاتي العشى بِفَتْح الْعين وَكسر مُعْجمَة وَتَشْديد يَاء أَي آخر النَّهَار مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخَرَجتِ السَّرَعَانُ بِفتْحَتَيْنِ وَجوز سُكُون الرَّاء المسرعون إِلَى الْخُرُوج وَضبط بِضَم أَو كسر فَسُكُون جمع سريع قصرت الصَّلَاة بِضَم الصَّاد أَو على بِنَاء الْمَفْعُول

(3/20)


قيل وَهُوَ الْأَشْهر فهاباه تَعْظِيمًا وتبجيلا لمعرفتهما جاهه وَقدره زادهما الله تَعَالَى يُسمى ذَا الْيَدَيْنِ لذَلِك قيل اسْمه خرباق بِكَسْر خاء مُعْجمَة وباء مُوَحدَة آخِره قَاف لم أنس وَلم تقصر خرج على حسب الظَّن وَيعْتَبر الظَّن قيدا فِي الْكَلَام ترك ذكره بِنَاء على أَن الْغَالِب فِي بَيَان أَمْثَال هَذِه الْأَشْيَاء أَن يجْرِي فِيهَا الْكَلَام بِالنّظرِ إِلَى الظَّن فَكَأَنَّهُ قيل مَا نسيت وَلَا قصرت فِي ظَنِّي وَهَذَا الْكَلَام صَادِق لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلَا يتَوَهَّم فِيهِ شَائِبَة كذب وَلَيْسَ مبْنى الْجَواب على كَون الصدْق الْمُطَابقَة للظن بل على أَنه مُطَابقَة الْوَاقِع فَافْهَم قَالَ وَقَالَ أكما قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أَي قَالَ الرَّاوِي قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد مَا جزم ذُو الْيَدَيْنِ بِوُقُوع الْبَعْض أكما قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ فجَاء فصلى قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ رُجُوع الْمصلى إِلَى قَول غَيره وَترك الْعَمَل بِيَقِين نَفسه لجَوَاز أَنه سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبنى عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ قلت يُمكن أَنه شكّ فَأخذ بقول الْغَيْر والجزم بِأَنَّهُ تذكر لَا يَخْلُو عَن نظر وَالله تَعَالَى أعلم وَاسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ من قَالَ الْكَلَام مُطلقًا لَا يبطل الصَّلَاة بل مَا يكون لاصلاحها فَهُوَ مَعْفُو وَمن يَقُول بِإِبْطَال الْكَلَام مُطلقًا يحمل الحَدِيث على أَنه قبل نسخ إِبَاحَة الْكَلَام فِي الصَّلَاة لَكِن يشكل عَلَيْهِم أَن النّسخ

(3/21)


كَانَ قبل بدر وَهَذِه الْوَاقِعَة قد حضرها أَبُو هُرَيْرَة وَكَانَ إِسْلَامه أَيَّام خَيْبَر وَقَالَ صَاحب الْبَحْر من عُلَمَائِنَا

(3/22)


الْحَنَفِيَّة وَلم أر لهَذَا الْإِيرَاد جَوَابا شافيا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1228] فأدركه ذُو الشمالين الخ هَذَا يدل على أَن ذَا الْيَدَيْنِ هُوَ ذُو الشمالين وَقد نَص كثير مِنْهُم على أَنه غَيره والاتحاد وهم من قَائِله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ

(3/23)


يُتَابَعِ الزُّهْرِيُّ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ ذُو الشمالين وَلَا يخفى أَن المُصَنّف روى أَن الْمُتَكَلّم ذُو الشمالين عَن عمرَان عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيلْزم مِنْهُ أَنه قد تَابعه على ذَلِك

(3/24)


عمرَان فَلَا يَصح قَوْله لم يُتَابع الزُّهْرِيّ كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1232] لم يسْجد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا بَعْدَهُ ان صَحَّ هَذَا يحمل على السَّلَام الَّذِي سلمه سَهوا فِي وسط الصَّلَاة وعَلى هَذَا الْمَعْنى يصير الْكَلَام قَلِيل الجدوى لكنه يَصح ويندفع للتنافي بَينه وَبَين مَا صَحَّ من أَنه سجد للسَّهْو وَقد قيل هَذَا غير صَحِيح قَالَ بن عبد الْبر وَقَدِ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ من رِوَايَته خَاصَّة وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكُلُّهُمْ تَرَكُوهُ لِاضْطِرَابِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيما فِي هَذَا الشَّأْن والغلط لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَشَرٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ

(3/25)


الا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم

قَوْله
[1237] فِي ثَلَاث رَكْعَات من الْعَصْر فَدخل كَلَام المُصَنّف يُشِير ان الْوَاقِعَة متحدة وَهُوَ أظهر وعَلى هَذَا كَونه سلم من رَكْعَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَكَذَا كَونه دخل الْبَيْت أَو قعد فِي نَاحيَة الْمَسْجِد وَغير ذَلِك مِمَّا اشْتبهَ على الروَاة لطول الزَّمَان وَيحْتَمل تعدد الْوَاقِعَة وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله

(3/26)


[1238] فليلغ الشَّك من الالغاء بالغين الْمُعْجَمَة وَفِي بعض النّسخ فليلق من الالقاء بِالْقَافِ أَي لِيطْرَح الشَّك أَي الزَّائِد الَّذِي هُوَ مَحل الشَّك وَلَا يَأْخُذ بِهِ فِي الْبناء وليبن على الْيَقِين أَي الْمُتَيَقن وَهُوَ الْأَقَل وَحمله عُلَمَاؤُنَا على مَا إِذا لم يغلب ظَنّه على شَيْء والا فَعِنْدَ غَلَبَة الظَّن مَا بَقِي شكّ فَمَعْنَى إِذا شكّ أحدكُم أَي إِذا بَقِي شاكا وَلم يتَرَجَّح عِنْده أحد الطَّرفَيْنِ بِالتَّحَرِّي وَغَيرهم حملُوا الشَّك علىمطلق التَّرَدُّد فِي النَّفس وَعدم الْيَقِين شفعتا لَهُ صلَاته أَي السجدتان صارتا لَهُ كالركعة السَّادِسَة فَصَارَت الصَّلَاة بهما سِتّ رَكْعَات فَصَارَت شفعا ترغيما للشَّيْطَان سَببا لاغاظته واذلاله فَإِنَّهُ تكلّف فِي التلبيس على العَبْد فَجعل الله تَعَالَى لَهُ طَرِيق جبر بسجدتين فأضل سَعْيه حَيْثُ جعل وسوسته سَببا للتقرب بِسَجْدَة اسْتحق هُوَ بِتَرْكِهَا الطَّرْد قَوْله

(3/27)


[1240] فليتحر الَّذِي يرى أَنه الصَّوَاب أَي فليطلب مَا يغلب على ظَنّه ليخرج بِهِ عَن الشَّك فَإِن وجد فليبن عَلَيْهِ والا فليبن على الْأَقَل لحَدِيث أبي سعيد السَّابِق كَذَا ذكره عُلَمَاؤُنَا وَالْجُمْهُور حمله على الْيَقِين أَي فليأخذ بِالْأَقَلِّ الَّذِي هُوَ الْيَقِين وليبن عَلَيْهِ لحَدِيث أبي سعيد السَّابِق وَلَا يخفى أَنه لَا يبْقى على هَذَا القَوْل للتحري كثير معنى فَلْيتَأَمَّل

قَوْله
[1242] فَزَاد أَو نقص شكّ وَسَيَجِيءُ الْجَزْم بِأَنَّهُ زَاد أنبأتكموه أَي أَخْبَرتكُم بِهِ فَأَيكُمْ مَا شكّ مَا زَائِدَة أَحْرَى ذَلِك إِلَى الصَّوَاب أَي أقربه وأغلبه وَهُوَ مَا يغلب عَلَيْهِ ظَنّه وَعند الْجُمْهُور هُوَ الْأَقَل الْمُتَيَقن بِهِ قَوْله

(3/28)


[1244] فأخبروه بصنيعه فَثنى رجله ظَاهر انه أَخذ ب قَوْلهم فَيحْتَمل أَنه شكّ فَأخذ بذلك وَيحْتَمل أَنه ذكر حِين أَخْبرُوهُ فَأخذ بِهِ عَن ذكر لَا لمُجَرّد قَوْلهم وَالله تَعَالَى أعلم إِذا أوهم أَي أسقط مِنْهَا شَيْئا ظَاهره أَن الْكَلَام كَانَ فِي صُورَة نُقْصَان لَكِن الْمُحَقق فِي الْوَاقِع هُوَ الزِّيَادَة ثمَّ لَا يخفى أَنه إِذا أسقط يَنْبَغِي لَهُ اتيان مَا اسقطه لَا التَّحَرِّي فَالظَّاهِر أَن المُرَاد بأوهم أَنه تردد فِي اسقاطه لَا أَنه أسْقطه جزما وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لسَائِر الرِّوَايَات وَالله تَعَالَى أعلم

(3/29)


قَوْله فَلبس عَلَيْهِ بِفَتْح الْبَاء مُخَفّفَة أَو مُشَدّدَة أَي خلط فليسجد ظَاهره ان يَكْتَفِي بالسجدتين على الْبناء على الْيَقِين وعَلى الْبناء على غَالب ظَنّه وان قُلْنَا انه لَا بُد من اعْتِبَار الْبناء فِي الحَدِيث بِشَهَادَة الْأَحَادِيث الْأُخَر فَيجوز اعْتِبَار الْبناء على الْيَقِين أَي فليسجد بعد مَا بنى على الْيَقِين كَمَا يُمكن اعْتِبَار الْبناء على غَالب الظَّن فَلَا وَجه للاستدلال بِالْحَدِيثِ على الْبناء على غَالب الظَّن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من شكّ أَو أوهم الظَّاهِر أَنه شكّ من الروَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خمْسا حمله عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة على أَنه جلس على الرَّابِعَة إِذْ ترك هَذَا الْجُلُوس عِنْدهم مُفسد وَلَا يخفى أَن الْجُلُوس على رَأس الرَّابِعَة اما على ظن أَنَّهَا رَابِعَة أَو على ظن أَنَّهَا ثَانِيَة وكل من الْأَمريْنِ يُفْضِي إِلَى اعْتِبَار الْوَاقِعَة مِنْهُ أَكثر من سَهْو وَاحِد

(3/31)


واثبات ذَلِك بِلَا دَلِيل مُشكل وَالْأَصْل عَدمه فَالظَّاهِر أَنه مَا جلس أصلا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ان ظن أَنَّهَا رَابِعَة فالقيام إِلَى الْخَامِسَة يحْتَاج إِلَى أَنه نسي ذَلِك وَظهر لَهُ أَنَّهَا ثَالِثَة مثلا واعتقد أَنه أَخطَأ فِي جُلُوسه وَعند ذَلِك يَنْبَغِي أَن يسْجد للسَّهْو فَتَركه لسجود السَّهْو أَولا يحْتَاج إِلَى القَوْل أَنه نسي ذَلِك الِاعْتِقَاد أَيْضا ثمَّ قَوْله وَمَا ذَاك بعد أَن قيل لَهُ يَقْتَضِي أَنه نسي بِحَيْثُ مَا تنبه لَهُ بتذكيرهم أَيْضا وَهَذَا لَا يَخْلُو عَن بعد وان قُلْنَا أَنه ظن أَنَّهَا ثَانِيَة سَهوا ونسيانا فَذَاك النسْيَان مَعَ بعده يَقْتَضِي أَن لَا يجلس على رَأس الْخَامِسَة بل يجلس على رَأس السَّادِسَة فالجلوس على رَأس الْخَامِسَة يحْتَاج إِلَى اعْتِبَار سَهْو آخر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1256] مَا فعلت مَا نَافِيَة وَبَقِي ذَلِك على حسب مَا ظَنّه قلت برأسي بلَى أَي بل قد فعلت وَأَنت يَا أَعور أَي تشهد بذلك فوشوش الْقَوْم الوشوشة بشين مُعْجمَة مكررة كَلَام مختلط خَفِي لَا يكَاد يفهم وروى بسين مُهْملَة وَيُرِيد بِهِ الْكَلَام الْخَفي قَوْله

(3/32)


[1257] فَحل حبوته بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة أَو ضمهَا وَسُكُون الْمُوَحدَة مَا يحتبى بِهِ الْإِنْسَان من ثوب وَنَحْوه قَوْله أمامهم بِفَتْح الْهمزَة أَو كسرهَا وَالنّصب على الْحَال بِتَأْوِيل إِمَامًا لَهُم أَو على أَن الْإِضَافَة لفظية فَإِنَّهُ بِمَعْنى يؤمهم من نسي شَيْئا عُمُومه مَخْصُوص بِغَيْر الْأَركان فان السُّجُود لَا يُجزئ عَن الرُّكْن عِنْد الْعلمَاء واستدلال مُعَاوِيَة بِالْحَدِيثِ اما لِأَنَّهُ علم بِأَن الْجُلُوس الأول لَيْسَ بِرُكْن أَو لِأَنَّهُ اعْتمد على ظَاهر الْعُمُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/33)


[1262] تنقضى فيهمَا أَي فِي أثرهما وَالْمرَاد الركعتان الأخيرتان وَالْمعْنَى إِذا كَانَ فِي قعُود الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فالمضاف مُقَدّر فِي موضِعين فَافْهَم قَوْله

(3/34)


[1265] وَوضع رَأسه بذلك الْمنزل من يَدَيْهِ أَي وضع رَأسه بِحَيْثُ صَار اليدان محاذيتين للاذنين وحد

(3/35)


مرفقه على صِيغَة الْمَاضِي عطف على الْأَفْعَال السَّابِقَة وعَلى بِمَعْنى عَن أَي رَفعه عَن فَخذه أَو بِمَعْنَاهُ وَالْحَد الْمَنْع والفصل بَين الشَّيْئَيْنِ أَي فصل بَين مرفقه وجنبه وَمنع أَن يلتصق فِي حَالَة استعلائه على فَخذه وَجوز أَن يكون اسْما مَرْفُوعا مُضَافا إِلَى الْمرْفق على الِابْتِدَاء خَبره على فَخذه وَالْجُمْلَة حَال أَو اسْما مَنْصُوبًا عطفا على مفعول وضع أَي وضع حد مرفقه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الْمُوَافق للرواية الْمُتَقَدّمَة فِي الْكتاب وَهِي وَجعل حد مرفقه الْأَيْمن على فَخذه وَسَيَجِيءُ أَيْضا وَجوز بَعضهم أَنه مَاض من التَّوْحِيد أَي جعل مرفقه مُنْفَردا عَن فَخذه أَي رَفعه وَهَذَا أبعد الْوُجُوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَقبض يَعْنِي أَصَابِعه كلهَا وَلَا يُنَافِي حَدِيث الْحلقَة لجَوَاز وُقُوع الْكل فِي الْأَوْقَات المتعددة فَيكون الْكل جَائِزا

(3/36)


قَوْله ويتحامل أَي يعْتَمد وَالْمرَاد وَضعهَا وبسطها على فَخذه الْيُسْرَى وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1272] أحد أحد فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَشِرْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الَّذِي تَدعُوهُ وَاحِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/38)


[1274] قد أحناها أَي ميلها وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1276] أَو لتخطفن على بِنَاء الْمَفْعُول وَفتح الْفَاء أَي لتسلبن أَبْصَارهم بِسُرْعَة قَوْله

(3/39)


[1277] قبل ان يفْرض التَّشَهُّد ظَاهره ان التَّشَهُّد فِي مَحَله فرض وَيحْتَمل أَن المُرَاد قبل أَن يشرع التَّشَهُّد وَقَوله

(3/40)


فَإِن الله عز وَجل هُوَ السَّلَام وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ قَرِيبا

قَوْله
[1278] كَمَا يعلمنَا السُّورَة أَي بِكَمَال الإهتمام

(3/41)


وَإِذا قَالَ وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يجبكم الله قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْجِيم أَيْ يَسْتَجِبْ لَكُمُ الدُّعَاءَ ثُمَّ إِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَتلك بِتِلْكَ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ اجعلوات تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَكَذَلِكَ رفعكم من الرُّكُوع يكن بَعْدَ رَفْعِهِ وَمَعْنَى تِلْكَ بِتِلْكَ أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِى سبقكم الامام بهَا فِي قَدْرُ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَيْ أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَا وَاوٍ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاو وبحذفها وَالْأَمر ان جائزتان وَلَا تَرْجِيع لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَعَلَى إِثْبَاتِ الْوَاوِ يَكُونُ قَوْلُهُ رَبَّنَا مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ سَمِعَ الله لمن حمد رَبنَا فاستجب حمدنا ودعاءنا وَلَك الْحَمد

(3/42)


لتوقف الصَّلَاة عَلَيْهِ أجرا أَو كمالا تَعْظِيمًا لأمر الصَّلَاة قَوْله سياحين صفة الْمَلَائِكَة يُقَال ساح فِي الأَرْض يسيح سياحة إِذا ذهب فِيهَا وَأَصله من السيح وَهُوَ المَاء الْجَارِي المنبسط على الأَرْض والسياح بِالتَّشْدِيدِ كالعلاء مُبَالغَة مِنْهَا يبلغوني من الابلاغ أَو التَّبْلِيغ وَفِيه حث على الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ وتعظيم لَهُ صلى

(3/43)


الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم واجلال لمنزلته حَيْثُ سخر الْمَلَائِكَة الْكِرَام لهَذَا الشَّأْن الفخم قَوْله والبشر بِكَسْر الْبَاء اسْم من الاستبشار أَي الطلاقة وآثار السرُور فِي وَجهه

[1283] أما يرضيك قيل هَذَا بعض مَا أعْطى من الرِّضَا فِي قَوْله تَعَالَى ولسوف يعطيك رَبك فترضى وَفِي هَذِه الْبشَارَة من بِشَارَة الْأمة وَحسن حَالهم مَا فِيهِ فان جَزَاء الصَّلَاة رَاجع إِلَيْهِم فَلذَلِك حصل لَهُ غَايَة السرُور صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله عجلت من بَاب علم وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن حق السَّائِل أَن يتَقرَّب إِلَى الْمَسْئُول مِنْهُ قبل طلب الْحَاجة بِمَا يُوجب لَهُ الزلفى

(3/44)


عِنْده ويتوسل بشفيع لَهُ بَين يَدَيْهِ ليَكُون أطمع فِي الاسعاف وأحق بالإجابة فَمن عرض السُّؤَال قبل تَقْدِيم الْوَسِيلَة فقد استعجل تجب على بِنَاء الْمَفْعُول وَهُوَ بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر وَكَذَا تعط

قَوْله
[1285] أَنه لم يسْأَل كَأَنَّهُ رأى أَن سُكُوته اعراض عَن الْجَواب أَو لَعَلَّ فِي الْجَواب اشكالا وَالله تَعَالَى أعلم وَأما تَشْبِيه صلَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة إِبْرَاهِيم فَلَعَلَّهُ بِالنّظرِ إِلَى مَا يفِيدهُ وَاو الْعَطف من الْجمع والمشاركة

(3/45)


وَعُمُوم الصَّلَاة الْمَطْلُوبَة لَهُ وَلأَهل بَيته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي شَارك أهل بَيته مَعَه فِي الصَّلَاة وَاجعَل الصَّلَاة عَلَيْهِ عَامَّة لَهُ وَلأَهل بَيته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم كَذَلِك فَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لما رأى أَن الصَّلَاة عَلَيْهِ من الله تَعَالَى ثَابِتَة على الدَّوَام كَمَا هُوَ مفَاد صِيغَة الْمُضَارع الْمُفِيد للاستمرار التجددي فِي قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي فدعاء الْمُؤمنِينَ بِمُجَرَّد الصَّلَاة عَلَيْهِ قَلِيل الجدوى بَين لَهُم أَن يَدْعُو لَهُ بِعُمُوم صلَاته لَهُ ولاهل بَيته ليَكُون دعاؤهم مستجلبا لفائدة جَدِيدَة وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما ذكره عُلَمَاء الْمعَانِي فِي الْقُيُود أَن محط الْفَائِدَة فِي الْكَلَام هُوَ الْقَيْد الزَّائِد وَكَأَنَّهُ لهَذَا خص إِبْرَاهِيم لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُوما بِعُمُوم الصَّلَاة لَهُ وَلأَهل بَيته على لِسَان الْمَلَائِكَة وَلِهَذَا ختم بقوله انك حميد مجيد كَمَا ختمت الْمَلَائِكَة صلَاتهم على أهل بَيت إِبْرَاهِيم بذلك وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين وَجه الشّبَه هُوَ كَون كل من الصَّلَاتَيْنِ أفضل وَأولى وَأتم من صَلَاة من قبله أَي كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم صَلَاة هِيَ أتم وَأفضل من صَلَاة من قبله كَذَلِك صل على مُحَمَّد صَلَاة هِيَ أفضل وَأتم من صَلَاة من قبله وَلَك أَن تجْعَل وَجه الشّبَه مَجْمُوع الْأَمريْنِ من الْعُمُوم والأفضلية وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لَيْسَ التَّشْبِيه من بَاب الحاق النَّاقِص بالكامل بل بَيَان حَال مَالا يعرف بِمَا يعرف قلت قد يُقَال كَيفَ يَصح ذَلِك مَعَ كَون الْمُخَاطب بقوله صل هُوَ الله تَعَالَى فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ لَعَلَّ وَجه إِظْهَار مُحَمَّد فِي قَوْله وَآل مُحَمَّد مَعَ تقدم ذكره هُوَ أَن اسْتِحْقَاق الْآل بالاتباع لمُحَمد فالتنصيص على اسْمه آكِد فِي الدّلَالَة على استحقاقهم وَالله تَعَالَى أعلم قد علمْتُم على بِنَاء الْفَاعِل من الْعلم أَي كَمَا علمْتُم فِي التَّشَهُّد أَو بِمَا جرى على الْأَلْسِنَة فِي كَيْفيَّة سَلام بَعضهم على بعض أَو على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّعْلِيم أَي كَمَا علمْتُم فِي التَّشَهُّد وعَلى الْوَجْهَيْنِ فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على كَون الصَّلَاة فِي التَّشَهُّد وَالله تَعَالَى أعلم

(3/46)


قَوْله
[1298] فَلْيقل التَّحِيَّات حملت التَّحِيَّات على الْعِبَادَات القوليةوالصلاة على الفعلية بِاعْتِبَار أَن الصَّلَاة أمهَا والطيبات على الْمَالِيَّة وَالْمَقْصُود اخْتِصَاص الْعِبَادَات بأنواعها بِاللَّه علينا لَعَلَّ المُرَاد بِهِ جمَاعَة الْمُصَلِّين مَعَه فَوضع التَّشَهُّد على الْوَجْه الْمُنَاسب للصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة الَّتِي هِيَ الأَصْل فِي الْفَرْض الَّذِي هُوَ أصل الصَّلَوَات كل عبد صَالح أَي عَم كلهم فتستغنون بذلك عَن قَوْلكُم السَّلَام على فلَان وَفُلَان وَقيل أَي أصَاب ثَوَابه أَو بركاته كل عبد أعجبه إِلَيْهِ أَي من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة أَو مُطلقًا قَولَانِ

قَوْله
[1299] ثمَّ سليه حَاجَتك كَأَنَّهُ أَخذ مِنْهُ كَون هَذَا الذّكر بعد التَّشَهُّد إِذْ الْمَعْهُود سُؤال الْحَاجَات هُنَاكَ والا فَلَا دلَالَة فِي لفظ الحَدِيث على ذَلِك وَقد جَاءَ الدُّعَاء فِي السُّجُود وَغَيره يَقُول نعم نعم جَوَاب للطلب أَي أُعْطِيك مطلوبك وَفِيه أَن نعم يُجَاب بهَا الْجُمْلَة الطلبية للوعد بالمطلوب والتوجه إِلَى الطَّالِب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/51)


[1300] بِأَن لَك الْحَمد توسل إِلَيْهِ بِكَوْنِهِ الْمَحْمُود وَبِمَا بعده والمسئول غير مَذْكُور

قَوْله
[1301] قد غفر لَهُ ثَلَاثًا يحْتَمل الْخُصُوص والعموم لكل قَائِل بِعُمُوم الْعلَّة لَا لدلَالَة اللَّفْظ على الْعُمُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/52)


[1302] إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا فِي فَتْحِ الْبَارِي فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يعرى عَن تَقْصِير وَلَو كَانَ صديقا قلت بل فِيهِ أَن الْإِنْسَان كثير التَّقْصِير وان كَانَ صديقا لَان النعم عَلَيْهِ غير متناهية وقوته لَا تطِيق بأَدَاء أقل قَلِيل من شكرها بل شكره من جملَة النعم أَيْضا فَيحْتَاج إِلَى شكر هُوَ أَيْضا كَذَلِك فَمَا بَقِي لَهُ الا الْعَجز وَالِاعْتِرَاف بالتقصير الْكثير كَيفَ وَقد جَاءَ فِي جملَة أدعيته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ظلمت نَفسِي من عنْدك أَي من مَحْض فضلك من غير سَابِقَة اسْتِحْقَاق مني أَو مغْفرَة لائقة بعظيم كرمك وَبِهَذَا ظهر الْفَائِدَة لهَذَا الْوَصْف والا فَطلب الْمَغْفِرَة يُغني عَن هَذَا الْوَصْف ظَاهرا فَلْيتَأَمَّل

قَوْله
[1303] إِنِّي لَأحبك فِيهِ مزِيد تشريف مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وترغيب لَهُ فِيمَا يُرِيد أَن يلقى عَلَيْهِ من الذّكر قَوْله

(3/53)


[1304] على الرشد بِفتْحَتَيْنِ أَو ضم فَسُكُون

قَوْله
[1305] أما على ذَلِك أَي أما مَعَ التَّخْفِيف والايجاز فقد دَعَوْت الخ أَو اما على تَقْدِير اعتراضكم بِالتَّخْفِيفِ فَأَقُول قد دَعَوْت الخ وَالظَّاهِر ان أما هَذِه لمُجَرّد التَّأْكِيد وَلَيْسَ لَهَا عديل فِي الْكَلَام كاما الْوَاقِع فِي أَوَائِل الْخطب فِي الْكتب بعد ذكر الْحَمد وَالصَّلَاة من قَوْلهم أما بعد فَكَذَا وَجمع الدَّعْوَات بِاعْتِبَار أَن كل كلمة دَعْوَة بِفَتْح الدَّال أَي مرّة من الدُّعَاء فَإِن الدعْوَة للمرة كالجلسة هُوَ أُبَيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ هَذَا من كَلَام عَطاء يَقُول ان الرجل الَّذِي تبعه هُوَ

(3/54)


السَّائِب وَهُوَ أَبُو عَطاء فَلذَلِك قَالَ هُوَ أبي لَكِن السَّائِب كنى عَن نَفسه بِرَجُل فَقَالَ تبعه رجل الْقَصْد أَي التَّوَسُّط بِلَا افراط وتفريط مضرَّة اسْم فَاعل من أضرّ قَوْله

(3/55)


[1307] من شَرّ مَا عملت الخ أَي من شَرّ مَا فعلت من السَّيِّئَات وَمَا تركت من الْحَسَنَات أَو من شَرّ كل شَيْء مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ كسبى أَولا وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1308] بعد الا تعوذ اما لِأَنَّهُ مَا أوحى بِهِ إِلَيْهِ الا يَوْمئِذٍ أَو لِأَنَّهَا مَا كَانَت تتفطن للتعوذ قبل ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من فتْنَة الْمَسِيح بِفَتْح مِيم وَكسر سين مُخَفّفَة آخِره

(3/56)


حاء مُهْملَة هُوَ الْمَشْهُور وَقيل بتَشْديد السِّين وَقيل باعجام الْخَاء وَهُوَ تَصْحِيف وَوجه التَّسْمِيَة أَنه مَمْسُوح الْعين أَو يمسح الأَرْض الْمحيا وَالْمَمَات أَي الْحَيَاة وَالْمَوْت أَو زمَان ذَلِك أَي من محنة الدُّنْيَا وَمَا بعْدهَا أَو مِمَّا يكون حَالَة الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر المأثم هُوَ الْأَمر الَّذِي يَأْثَم بِهِ الْإِنْسَان أَو هُوَ الْإِثْم نَفسه والمغرم قيل المُرَاد مغرم الذُّنُوب والمعاصي وَالظَّاهِر أَن المُرَاد الدّين قيل وَالْمرَاد مَا يلْزم الذِّمَّة من الدّين فِيمَا يكرههُ الله تَعَالَى أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ وَأما دَيْنٌ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا يستعاذ مِنْهُ قلت وَالظَّاهِر أَن المُرَاد مَا يُفْضِي إِلَى الْمعْصِيَة بِسَبَب مَا وَالله تَعَالَى أعلم مَا أَكثر بِفَتْح الرَّاء فعل التَّعَجُّب مَا تستعيذ مَا مَصْدَرِيَّة كَانَ هَذَا الْقَائِل رأى أَن الدّين إِنَّمَا يتَعَلَّق بِضيق الْحَال وَمثله لَا يحْتَرز عَنهُ أَصْحَاب الْكَمَال غرم بِكَسْر الرَّاء حدث بتَشْديد الدَّال وَحَاصِل الْجَواب أَن الدّين يُؤَدِّي إِلَى خلل بِالدّينِ فَلذَلِك وَقعت الْعِنَايَة بِالْمَسْأَلَة عَنهُ وَقَوله فليتعوذ ظَاهره الْوُجُوب لَكِن الْجُمْهُور حملوه على النّدب وَقَالَ بَعضهم بِالْوُجُوب فَيَنْبَغِي الإهتمام بِهِ

(3/57)


قَوْله الْهدى بِفَتْح فَسُكُون أَي السِّيرَة والهيئة والطريقة قَوْله فطفف من التطفيف أَي نقص فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود مثلا مَا صليت أَي صَلَاة كَامِلَة وَيُمكن أَنه يخل بالفرائض سِيمَا عِنْد من يُوجب الطُّمَأْنِينَة
1309

(3/58)


[1312] وَلَو مت بِضَم الْمِيم وَكسرهَا وَقَوله على غير فطْرَة قيل الْفطْرَة الْملَّة وَأَرَادَ توبيخه على سوء صَنِيعه ليرتدع عَنهُ وَقيل أَرَادَ بهَا الصَّلَاة لكَونهَا أكبر أَعمال الْإِيمَان قَوْله

(3/59)


[1315] كُنَّا نعد لَهُ من الاعداد أَي نهيئ لَهُ وَهَذَا طرف من حَدِيث طَوِيل وَيتم بَيَان الْوتر فِي بَقِيَّته وَسَيَجِيءُ فِي أول أَبْوَاب قيام اللَّيْل وَلَا يخفى دلَالَته على أَن الْجُلُوس على رَأس كل رَكْعَتَيْنِ فِي النَّفْل غير لَازم وَأَنه يجوز الزِّيَادَة فِي النَّفْل على أَربع رَكْعَات فِي

(3/60)


اللَّيْل يسمعنا من الإسماع أَي يجْهر بِهِ بِحَيْثُ نَسْمَعهُ قَوْله

(3/61)


[1318] يرْمونَ بِأَيْدِيهِم أَي يشيرون بهَا كَأَنَّهَا أَي الْأَيْدِي الشَّمْس بِسُكُون الْمِيم وَضمّهَا مَعَ ضم الشين وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ بَلْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ بأذنابها وأرجلها

قَوْله
[1319] حَتَّى يرى على بِنَاء الْمَفْعُول

[1319] بَيَاض خَدّه بِالرَّفْع

قَوْله
[1320] السَّلَام عَلَيْكُم عَن شِمَاله مُقْتَضَاهُ أَنه يزِيد فِي الْيَمين وَرَحْمَة الله تَشْرِيفًا

(3/62)


لأهل الْيَمين بمزيد الْبر ويقتصر على الْيَسَار على قَوْله السَّلَام عَلَيْكُم وَقد جَاءَ زيادةورحمة الله فِي الْيَسَار أَيْضا وَعَلِيهِ الْعَمَل فَلَعَلَّهُ كَانَ يتْرك أَحْيَانًا

(3/63)


قَوْله
[1326] إِذا سلمنَا أَي عِنْد الْفَرَاغ من الصَّلَاة فليلتفت أَي بادارة الْوَجْه يمنة ويسرة قَوْله عتْبَان بِكَسْر الْعين

(3/64)


وَسُكُون الْمُثَنَّاة فَوق وموحدة

قَوْله
[1327] قد أنْكرت على صِيغَة الْمُتَكَلّم بصرى مَفْعُوله قيل أَرَادَ بِهِ ضعف بَصَره كَمَا عِنْد مُسلم أَو عماه كَمَا عِنْد غَيره وَقيل فِي التَّوْفِيق أَرَادَ بالعمى الْقرب مِنْهُ وَأَن السُّيُول أَيَّام الأمطار فَلَوَدِدْت بِكَسْر الدَّال الأولى أَي تمنيت فغدا على بتَشْديد الْيَاء أَي جاءعندي

قَوْله
[1328] فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَعَلَّ سنة الْعشَاء مَعْدُودَة من صَلَاة الْعشَاء تبعا وَيسْجد سَجْدَة أَي بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة كلهَا كَمَا فهمه المُصَنّف فترجم لَهُ بَاب السُّجُود بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة وَالْأَقْرَب أَن المُرَاد وَكَانَ يسْجد سَجْدَة من سُجُود تِلْكَ الرَّكْعَات وَالْمَقْصُود بَيَان طول سُجُود تِلْكَ الصَّلَاة كلهَا وَالله

(3/65)


تَعَالَى أعلم قَوْله وركعته أَي رُكُوعه قَرِيبا من السوَاء أَي رُكُوعه كَانَ يُقَارب قِيَامه وَكَذَا غَيره هَذَا هُوَ الْمُتَبَادر من لفظ الحَدِيث وَقد جَاءَ صَرِيحًا فِي صَلَاة اللَّيْل وَيحْتَمل أَن المُرَاد كَانَ قِيَامه فِي ركعاته

(3/66)


مقاربا وَكَذَا الرُّكُوع أَي قيام كل رَكْعَة يُقَارب قيام الْأُخْرَى وركوعها ركوعها وَهَكَذَا وَهَذَا بعيد من حَيْثُ دلَالَة اللَّفْظ وَمن حَيْثُ أَنه مُخَالف لما علم من تطويله الرَّكْعَة الأولى وَيحْتَمل أَن المُرَاد أَنه إِذا طول فِي الْقيام طول فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود بِقَدرِهِ وَإِذا خفف خفف فِي الْكل أَيْضا بِقَدرِهِ وعَلى قِيَاسه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قمن أَي خرجن إِلَى بُيُوتهنَّ وَثَبت أَي قعد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مَكَانَهُ ليقعد الرِّجَال خوفًا من الْفِتْنَة بلقاء الرِّجَال النِّسَاء فِي الطَّرِيق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انحرف أَي عَن جِهَة

(3/67)


الْقبْلَة وَمَال بِوَجْهِهِ إِلَى الْقَوْم أَو انْصَرف إِلَى الْبَيْت وَالْأول أقرب قَوْله بِالتَّكْبِيرِ أَي لأجل جهرهم بذلك قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رفع الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ وَالذكر عقيب المكتوبات وباستحبابه قَالَ بن حزم من الْمُتَأَخِّرين قَالُوا أَصْحَاب الْمذَاهب الْمَشْهُورَة على عدم الِاسْتِحْبَاب فَلِذَا حمل الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا الحَدِيث على أَنه جهر وقتا ليعلمهم صفة الذّكر لَا أَنه جهر بِهِ دَائِما قَالَ وَالْمُخْتَار ذكر الله سرا لَا جَهرا الا عِنْد إِرَادَة التَّعْلِيم فيجهر بِقدر حَاجَة التَّعْلِيم

قَوْله
[1337] إِذا انْصَرف

(3/68)


قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بالانصراف السَّلَام اسْتغْفر تحقيرا لعمله وتعظيما لجناب ربه وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون حَال العابد فَيَنْبَغِي أَن يُلَاحظ عَظمَة جلال ربه وحقارة نَفسه وَعَمله لَدَيْهِ فَيَزْدَاد تضرعا واستغفارا كلما يزْدَاد عملا وَقد مدح الله عباده فَقَالَ كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ أَنْت السَّلَام أَي السَّالِم من الْآفَات ومنك السَّلَام أَي السَّلامَة مِنْهَا مَطْلُوبَة مِنْك أَو حَاصِلَة من عنْدك فالسالم من سلمته

(3/69)


قَوْله
[1339] أهل النِّعْمَة بِالنّصب على الِاخْتِصَاص أَو الْمَدْح أَو الْبَدَل من مفعول نعْبد أَو الرّفْع بِتَقْدِير هُوَ الْحسن بِالْجَرِّ صفة الثَّنَاء قَوْله

(3/70)


[1344] ان تكلم أَي أحد أَو مُتَكَلم بِخَير قبل هَذَا الذّكر ثمَّ ذكر هَذَا الذّكر عقبه كَانَ هَذَا الذّكر طابعا بِفَتْح الْبَاء أَي خَاتمًا وَكسر الْبَاء لُغَة عَلَيْهِنَّ أَي على تِلْكَ الْكَلِمَات الَّتِي هِيَ خير إِذْ الْغَالِب أَن الْخَيْر يكون كَلِمَات مُتعَدِّدَة فَلذَلِك جمع الضَّمِير وَفِيه ترغيب إِلَى تَكْثِير الْخَيْر وتقليل الشَّرّ حَيْثُ اختير فِي جَانِبه الافراد واشارة إِلَى أَن جَمِيع الْخيرَات تثبت بِهَذَا الذّكر إِذا كَانَ هَذَا الذّكر عَقبهَا وَلَا تخْتَص هَذِه الْفَائِدَة بِالْخَيرِ الْمُتَّصِل بِهَذَا الذّكر فَقَط وَالْمرَاد أَنه يكون مثبتا لذَلِك الْخَيْر رَافعا إِلَى دَرَجَة الْقبُول أَمْثَاله عَن حضيض الرَّد كَفَّارَة لَهُ أَي مغْفرَة للذنب الْحَاصِل فَيُسْتَحَب للأنسان ختم الْمجْلس بِهِ أَي مجْلِس كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/71)


[1345] عَن جسرة بِفَتْح الْجِيم قَوْله فَقَالَت أَي الْيَهُودِيَّة كذبت كذبتها بِنَاء على عدم علمهَا بِالْعَذَابِ فِي الْقَبْر قبل ذَلِك واعتمدت فِي ذَلِك على عَادَة الْيَهُود فِي الْكَذِب لنقرض لنقطع الْجلد قيل الْجلد الملبوس فَوق الْجَسَد وَقيل بل جلدهمْ وَهُوَ الْمُوَافق لسَائِر طرق

(3/72)


الحَدِيث فَهَذَا من الإصر الَّذِي حملوه قَوْله عصمَة بِكَسْر الْعين أَي يعصمني من النَّار وَغَضب الْجَبَّار

[1346] من نقمتك بِكَسْر أَو فتح وبفتحتين ضد النِّعْمَة

(3/73)


قَوْله خلَّتَانِ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام أَي خصلتان لَا يحصيهما من الإحصاء أَي لَا يحافظ وَلَا يداوم عَلَيْهِمَا قَوْله الصَّلَوَات الْخمس مُبْتَدأ خَبره الْجُمْلَة الَّتِي بعده والعائد مَحْذُوف أَي دبر كل صَلَاة مِنْهَا يعقدهن أَي يضبطهن ويحفظ عددهن أَو يعْقد لأجلهن بِيَدِهِ

[1348] فَأَيكُمْ يعْمل أَي لتساوى هَذِه الْحَسَنَات وَلَا يبْقى مِنْهَا شَيْء أَي بل السَّيِّئَات فِي الْعَادة أقل من هَذَا الْعدَد فتغلب عَلَيْهَا هَذِه الْحَسَنَات الْحَاصِلَة بِهَذَا الذّكر

(3/74)


الْمُبَارك فينيمه من أَنَام قَوْله مُعَقِّبَات اسْم فَاعل من التعقيب أَي أذكار يعقب بَعْضهَا بَعْضًا أَو تعقب لصَاحِبهَا عَاقِبَة حميدة

[1349] لَا يخيب قائلهن عَن أجرهن أَي كَيْفَمَا كَانَ وَلَو عَن غَفلَة هَذَا هُوَ ظَاهر هَذَا اللَّفْظ وَالله تَعَالَى أعلم وَقد ذكر بَعضهم أَنه لَا أجر فِي الْأَذْكَار إِذا كَانَت عَن غَفلَة سوى الْقِرَاءَة قَوْله

(3/75)


[1350] فَقَالَ اجْعَلُوهَا كَذَلِك هَذَا يَقْتَضِي أَنه الأولى لَكِن الْعَمَل على الأول لشهرة أَحَادِيثه وَالله تَعَالَى أعلم وَلَيْسَ هَذَا من الْعَمَل برؤيا غير الْأَنْبِيَاء بل هُوَ من الْعَمَل بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَيمكن أَنه علم

(3/76)


بِحَقِيقَة الرُّؤْيَا بِوَحْي أَو الْهَام أَو بِأَيّ وَجه كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تقولينهن أَي مَوضِع تَمام مَا اشتغلت بِهِ من الْأَذْكَار عدد خلقه هُوَ وَمَا عطف عَلَيْهِ منصوبات بِنَزْع الْخَافِض أَي بِعَدَد جَمِيع مخلوقاته وبمقدار رضَا ذَاته الشَّرِيفَة أَي بِمِقْدَار يكون سَببا لرضاه تَعَالَى أَو بِمِقْدَار يرضى بِهِ لذاته ويختاره فَهُوَ مثل مَا جَاءَ وبملء مَا شِئْت من شَيْء بعد وَفِيه إِطْلَاق النَّفس عَلَيْهِ تَعَالَى من غير مشاكلة وبمقدار ثقل عَرْشه وبمقدار زِيَادَة كَلِمَاته أَي بِمِقْدَار يساويهما يُسَاوِي الْعَرْش وزنا والكلمات عددا وَقيل نصب الْكل على

(3/77)


الظَّرْفِيَّة بِتَقْدِير قدر أَي قدر عدد مخلوقاته وَقدر رضَا ذَاته فَإِن قلت كَيفَ يَصح تَقْيِيد التَّسْبِيح بِالْعدَدِ الْمَذْكُور مَعَ أَن التَّسْبِيح هُوَ التَّنْزِيه عَن جَمِيع مَا لَا يَلِيق بجنابه الاقدس وَهُوَ أَمر وَاحِد فِي ذَاته لَا يقبل التَّعَدُّد وَبِاعْتِبَار صدوره عَن الْمُتَكَلّم لَا يُمكن اعْتِبَار هَذَا الْعدَد فِيهِ لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يقدر عَلَيْهِ وَلَو فرض قدرته عَلَيْهِ أَيْضا لما صَحَّ هَذَا الْعدَد بالتسبيح الا بعد ان صدر مِنْهُ هَذَا الْعدَد أَو عزم على ذَلِك واما بِمُجَرَّد أَنه قَالَ مرّة سُبْحَانَ الله لَا يحصل مِنْهُ هَذَا الْعدَد قلت لَعَلَّ التَّقْيِيد بملاحظة اسْتِحْقَاق ذَاته الاقدس الاطهر ان يصدر من الْمُتَكَلّم التَّسْبِيح بِهَذَا العددفالحاصل أَن الْعدَد ثَابت لقَوْل الْمُتَكَلّم لَكِن لَا بِالنّظرِ إِلَى الْوُقُوع بل بِالنّظرِ إِلَى الإستحقاق أَي هُوَ تَعَالَى حقيق بِأَن يَقُول الْمُتَكَلّم التَّسْبِيح فِي حَقه بِهَذَا الْعدَد وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1353] من سبقكم أَي فضلا وَكَذَا من بعدكم أَي فضلا وَلَا عِبْرَة بِالسَّبقِ والتأخر الزمانيين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/78)


[1354] من سبح فِي دبر صَلَاة الْغَدَاة أَي على الدَّوَام أَو وَلَو مرّة وَهُوَ الْأَظْهر وَالْمرَاد أَنه إِذا سبح غفر لَهُ مَا سبق فعله هَذَا من الذُّنُوب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يجاور أَي يعْتَكف أَي قبل أَن يلْتَزم الْعشْر الاواخر

(3/79)


[1356] وَقد رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة أَي لَيْلَة الْقدر فأنسيتها على بِنَاء الْمَفْعُول فمطرنا على بِنَاء الْمَفْعُول لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين فَهِيَ كَانَت لَيْلَة الْقدر تِلْكَ السّنة لصدق مَا ذكر صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من عَلامَة لَيْلَة الْقدر فِي تِلْكَ السّنة بقوله وَقد رَأَيْتنِي أَسجد فوكف سَأَلَ وَجهه مبتل فَمَا بَقِي وَجهه الْكَرِيم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك الا لِأَنَّهُ مَا مسح جَبهته

قَوْله
[1357] قعد فِي مُصَلَّاهُ مِمَّا جَاءَ عَن عَائِشَة أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم لَا يقْعد الا مِقْدَار مَا يَقُول اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَاذَا الْجلَال والاكرام يحمل على أَن المُرَاد كَانَ لَا يقْعد على هَيئته مُسْتَقْبل الْقبْلَة أَو أَنه لَا يقْعد فِي صَلَاة بعْدهَا سنة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

(3/80)


[1358] وينشدون الشّعْر من الانشاد وَلَعَلَّه الشّعْر الْمُشْتَمل على النصائح أَو غير الْمُشْتَمل على القبائح

قَوْله
[1359] فَأكْثر مَا رَأَيْت الخ أَخْبَار عَمَّا رأى وَكَذَا حَدِيث بن مَسْعُود الْآتِي فَلَا تنَاقض ولازم الْحَدِيثين أَنه كَانَ يفعل أَحْيَانًا هَذَا وَأَحْيَانا هَذَا فَدلَّ على جَوَاز الامرين وَأما تخطئة بن مَسْعُود فَإِنَّمَا هِيَ لاعتقاد أَحدهمَا وَاجِبا بِعَيْنِه وَهَذَا خطأ بِلَا ريب واللائق أَن ينْصَرف إِلَى جِهَة حَاجته والا فاليمين أفضل بِلَا وجوب وَالظَّاهِر أَن حَاجته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم غَالِبا الذّهاب إِلَى الْبَيْت وبيته إِلَى الْيَسَار فَلِذَا أَكثر ذَهَابه إِلَى الْيَسَار وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[1360] يرى أَن حتما عَلَيْهِ وَفِي بعض النّسخ أَن حَقًا عَلَيْهِ أَن لَا ينْصَرف الخ كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ

(3/81)


وَأورد عَلَيْهِ أَن حتما أَو حَقًا نكرَة وَقَوله أَن لَا ينْصَرف بِمَنْزِلَة الْمعرفَة وتنكير الِاسْم مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر لَا يجوز وَأجِيب بِأَنَّهُ من بَاب الْقلب قلت وَهَذَا الْجَواب يهدم أساس الْقَاعِدَة إِذْ يَتَأَتَّى مثله فِي كل مُبْتَدأ نكرَة مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر فَمَا بَقِي ل قَوْلهم بِعَدَمِ الْجَوَاز فَائِدَة ثمَّ الْقلب لَا يقبل بِلَا نُكْتَة فَلَا بُد لمن يجوز ذَلِك من بَيَان نُكْتَة فِي الْقلب هَا هُنَا وَقيل بل النكرَة المخصصة كالمعرفة قلت ذَلِك فِي صِحَة الِابْتِدَاء بهَا وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون الِابْتِدَاء بهَا صَحِيحا مَعَ تَعْرِيف الْخَبَر وَقد صَرَّحُوا بامتناعه وَيُمكن أَن يَجْعَل اسْم أَن قَوْله أَن لَا ينْصَرف وَخَبره الْجَار وَالْمَجْرُور وَهُوَ عَلَيْهِ وَيجْعَل حَقًا أَو حتما حَالا من ضمير عَلَيْهِ أَي يرى أَن عَلَيْهِ الِانْصِرَاف عَن يَمِينه فَقَط حَال كَونه حَقًا لَازِما وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَائِما أَي أَحْيَانًا وَقَاعِدا أَي أَحْيَانًا أخر وَكَذَا تَقْدِير مَا بعده والا يشكل كَمَا لَا يخفى قَوْله متلفعات أَي متلففات

(3/82)


(بَاب النَّهْي عَن مبادرة الامام أَي السبقة عَلَيْهِ)

قَوْله
[1363] إِنِّي امامكم فِيهِ أَن امْتنَاع التَّقَدُّم عَلَيْهِ لكَونه إِمَامًا فَيعم الحكم كل امام لَا لكَونه نَبيا ليختص بِهِ قَوْله قَالَ الْجنَّة وَالنَّار فالجنة تكْثر الْبكاء شوقا وخوفا من الحرمان وَالنَّار خوفًا

قَوْله
[1364] بَقِي سبع أَي سبع لَيَال ثمَّ كَانَت سادسة أَي مِمَّا بَقِي من اللَّيَالِي السِّت وَهِي الَّتِي تلِي لَيْلَة الْقيام وَهَكَذَا الْخَامِسَة قَوْله لَو نفلتنا قيام هَذِه اللَّيْلَة فِي الصِّحَاح نفلتك تنفيلا أَي أَعطيتك نفلا وَفِي الْقَامُوس نفله النَّفْل أَي بِالتَّخْفِيفِ وأنفله ونفله أَي بِالتَّشْدِيدِ أَي أعطَاهُ إِيَّاه فَيجوز هَا هُنَا التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد وَالْمرَاد لَو قُمْت بِنَا هَذِه اللَّيْلَة بِتَمَامِهَا وَحشر النَّاس أَي جمعهم قَوْله

(3/83)


[1365] إِنِّي ذكرت وَأَنا فِي الْعَصْر شَيْئا يُفِيد أَن تذكر مَا لَا يتَعَلَّق بِالصَّلَاةِ فِيهَا لَا يُبْطِلهَا وَلَا يُنَافِي خشوعها من تبر بِكَسْر تَاء وَسُكُون مُوَحدَة أَي من ذهب غير مصكوك قَوْله قَوْله

(3/84)


[1366] إِلَى بطحان بِضَم بَاء فَسُكُون عِنْد أهل الحَدِيث وبفتح فَكسر عِنْد أهل اللُّغَة وَهُوَ وَاد بِالْمَدِينَةِ