حاشية السيوطي
على سنن النسائي (كتاب الْجِهَاد)
[3087] بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ قَالَ الْهَرَوِيُّ
يَعْنِي أَنَّ الْقُرْآنَ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى
بِلَفْظِهِ فِي الْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ مِنْهُ
مَعَانِيَ كَثِيرَةً وَاحِدُهَا جَامِعَةٌ أَيْ كَلِمَةٌ
جَامِعَةٌ وَكَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ بِأَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ تَحْتَوِي
عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ
بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الرُّؤْيَا أَوْحَى اللَّهُ
فِيهَا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَمْلِكُ الْأَرْضَ وَيَتَّسِعُ سلطانها
وَيظْهر دينهَا ثمَّ إِن وَقَعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
فَمَلَكَتْ أُمَّتُهُ مِنَ الْأَرْضِ مَا لَمْ تَمْلِكْهُ
أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ فَكَانَ هَذَا
الْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ
الرُّؤْيَا أَنَّ مَنْ
(6/2)
مَلَكَ مِفْتَاحَ الْمُغْلَقِ فَقَدْ
تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِهِ وَمِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا
فِيهِ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا أَي تستخرجونها
(6/4)
يَعْنِي الْأَمْوَالَ وَمَا فُتِحَ
عَلَيْهِمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا
(6/5)
[3096] جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ قَالَ
الْمُنْذِرِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ
وَأَلْسِنَتِكُمُ الْهِجَاءَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ
فَلَهُوَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَضَّ النَّاسِ عَلَى
الْجِهَاد وترغيبهم فِيهِ وَبَيَان فضائله لَهُم
(6/7)
[3097] مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ
أَيْ طَائِفَةٍ وَقطعَة مِنْهُ
[3098] لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
ثُمَّ أُحْيَا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ
الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَقَتْلَ
النَّبِيِّ كُفْرٌ فَكَيْفَ يَتَمَنَّى وُقُوعَ الْكُفْرِ
فِي الْوُجُودِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَتْلَهُ
عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ كُفْرًا
وَاعْتِبَارُ كَوْنِهِ سَبَبًا لِثَوَابِ الشُّهَدَاءِ
وَإِنَّمَا تمناه من هَذِه
(6/8)
[3124] وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ
الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا بِمَا نَالَ مِنْ
أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ سُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ
بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمُجَاهِدُ
الَّذِي يُقْتَلُ أَوِ الَّذِي يَسْلَمُ وَيَقْتُلُ
الْكُفَّارَ فَأَجَابَ السَّالِمُ أَفْضَلُ لِمَحْوِهِ
الْكُفْرَ مِنْ قَلْبِ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ عِنْدَ
الْمَوْتِ إِذْ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا مُؤْمِنًا
فَإِنْ قِيلَ مُصِيبَتُهُ أَعْظَمُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ
قُلْنَا الْمَصَائِبُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا إِذْ لَيْسَتْ
مِنْ كَسْبِهِ بَلِ الْمُثَابُ عَلَيْهِ فِي الْمَصَائِبِ
الصَّبْرُ فَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ كَانَت كَفَّارَة للذنب
(6/17)
[3125] مَا مِنْ غَازِيَةٍ قَالَ الشَّيْخُ
وَلِيُّ الدِّينِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ
تَقْدِيرُهُ مَا مِنْ جَمَاعَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ غَازِيَةٍ
تَغْزُو عَادَ الضَّمِيرُ بِالتَّأْنِيثِ وَالْإِفْرَادِ
عَلَى لَفْظِ غَازِيَةٍ فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً عَادَ
بِالتَّذْكِيرِ وَالْجَمْعِ عَلَى مَعْنَاهَا إِلَّا
تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
[3126] أَنْ أَرْجِعَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ رَجَعَ
ثُلَاثِيٌّ قَالَ تَعَالَى فَإِن رجعك الله
(6/18)
[3133] أَنا زعيم والزعيم الْحميل قَالَ بن
حِبَّانَ الزَّعِيمُ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَالْحَمِيلُ لُغَةُ أَهْلِ الْمِصْرِ وَالْكَفِيلُ لُغَةُ
أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ
وَالزَّعِيمُ الْحَمِيلُ مِنْ قَول بن وَهْبٍ أُدْرِجَ فِي
الْخَبَرِ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ
بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا حَوْلَهَا خَارِجًا عَنْهَا
تَشْبِيهًا بِالْأَبْنِيَةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ
الْمُدُنِ وَتَحْتَ الْقِلَاعِ
[3134] قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ هِيَ جَمْعُ طَرِيقٍ عَلَى التَّأْنِيثِ
لِأَنَّ الطَّرِيقَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَجَمْعُهُ
عَلَى التَّذْكِيرِ أَطْرِقَةٌ كَرَغِيفٍ وَأَرْغِفَةٍ
وَعَلَى التَّأْنِيثِ أَطْرُقٌ كَيَمِينٍ وَأَيْمُنٌ
كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ هُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ
الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي
وَتَدٍ أَوْ غَيْرِهِ
(6/21)
وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ
لِيَدُورَ فِيهِ ويرعى وَلَا يذهب لوجهه
(6/23)
[3141] مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَوَاقَ نَاقَةٍ هُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ مِنَ
الرَّاحَةِ وَتُضَمُّ فَاؤُهُ وَتُفْتَحُ قَالَ أَبُو
الْبَقَاءِ وَفِي نَصْبِ فَوَاقَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا
أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا تَقْدِيرُهُ وَقْتَ فَوَاقٍ أَيْ
وَقْتًا مُقَدَّرًا بِذَلِكَ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ
جَارِيًا مَجْرَى الْمَصْدَرِ أَيْ قِتَالًا مُقَدرا بفواق
(6/25)
[3146] وَمُنَبِّلَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ
هُوَ الَّذِي يُنَاوِلُ الرَّامِيَ النَّبْلَ وَيَكُونُ
ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُومَ مَعَ
الرَّامِي بِجَنْبِهِ أَوْ خَلْفَهُ وَمَعَهُ عَدَدٌ مِنَ
النَّبْلِ فَيُنَاوِلُهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ
وَالْآخَرُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبْلَ الْمَرْمِيَّ
بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ فِيهِ
فَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِهَا
وَسُكُونُ النُّونِ وَتَخْفِيفُ الْبَاءِ يُقَالُ
نَبَلْتُهُ وَأَنْبَلْتُهُ وَبِالْأَوَّلِ ضَبَطْنَاهُ فِي
أصلنَا وَضَبطه الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه
(6/28)
[3147] وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا
بِمُثَلَّثَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ يجرى
[3149] كَمَا أَنْتَ قَالَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ
الْمُفَصَّلِ قَوْلُهُمْ كَمَا أَنْتَ فِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي وَالْكَافُ
حَرْفٌ وَبَعْضُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ كَالَّذِي هُوَ
أَنْتَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا
أَيْ كَالَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ
كَافُهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ كَمَا أَنْتَ
كَائِنٌ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَا مَوْصُولَةٌ وَأَنْتَ
مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ
وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ كُنْ مُشَابِهًا لِمَا
أَنْتَ عَلَيْهِ أَيْ يَكُونُ حَالُكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
مُشَابِهًا لِحَالِكَ فِي الْمَاضِي أَوِ الْكَافُ
زَائِدَةٌ أَيِ الْزَمِ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ
حَسِّ هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ كَلِمَةٌ
يَقُولُهَا الْإِنْسَان إِذا أَصَابَهُ مامضه وَأحرقهُ
كالجمرة والضربة وَنَحْوهمَا
(6/29)
[3150] مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا أَيْ
جَاهِدًا مُبَالِغًا فِي سَبِيل الْبر ومجاهدا لأعدائه
(6/32)
[3153] أَهْلُ الْوَبَرِ وَالْمَدَرِ قَالَ
فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَهْلُ الْبَوَادِي وَالْمُدُنِ
وَالْقُرَى وَهُوَ مِنْ وَبَرِ الْإِبِلِ لِأَنَّ
بُيُوتَهُمْ يَتَّخِذُونَهَا مِنْهُ وَالْمَدَرُ جَمْعُ
مَدَرَة وَهِي اللبنة
(6/33)
[3155] إِلَّا الدّين قَالَ الْحَافِظ بن
حجر مَعْنَاهُ سَائِر الْمَظَالِم
(6/34)
[3171] يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ
بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحدَة ثمَّ جِيم أَي
وَسطه ومعظمه
(6/41)
[3177] كَالْمَجَانِّ جَمْعُ مِجَنٍّ
وَهُوَ التُّرْسُ الْمُطْرَقَةِ هِيَ الَّتِي أَلْبَسَتِ
الْعَقِبَ شَيْئًا فَوْقَ شَيْءٍ وَمِنْهُ طَارَقَ
النَّعْلَ إِذَا صَيَّرَهَا طَاقًا فَوْقَ طَاقٍ وَرَكَّبَ
بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَرَوَاهُ بَعْضُهمْ بِتَشْدِيدِ
الرَّاءِ لِلتَّكْثِيرِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ قَالَهُ فِي
النِّهَايَةِ
[3179] ابْغُونِي الضَّعِيفَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ أَيِ
اطْلُبُوا لِي
(6/45)
بِئْرَ رُومَةَ بِضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ
بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ
(6/47)
[3188] وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ هِيَ
الْعَزِيزَةُ عَلَى صَاحِبِهَا الْجَامِعَةُ لِلْكَمَالِ
وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ
عَامَلَهُ بِالْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ مَعَ الشَّرِيكِ
وَالصَّاحِبِ وَالْمُعَاوَنَةِ لَهُمَا وَنَبِهُهُ
بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الِانْتِبَاهُ
مِنَ النَّوْمِ رِيَاءً بِالْمَدِّ وَسُمْعَةً بِضَمِّ
السِّينِ أَنْ يَفْعَلَ الشَّخْصُ لِيَرَاهُ النَّاسُ
وَيَسْمَعُونَهُ لَا يَرْجِعُ بِالْكَفَافِ أَيْ سَوَاءٌ
بِسَوَاءٍ وَالْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ
الشَّيْءِ بَلْ يَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجة إِلَيْهِ
(6/49)
|