حاشية السيوطي على سنن النسائي

 (كِتَاب الْخَيْلِ)

[3561] أَذَالَ النَّاسُ الْخَيْلَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَهَانُوهَا وَاسْتَخَفُّوا بِهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُمْ وَضَعُوا أَدَاةَ الْحَرْبِ عَنْهَا وَأَرْسَلُوهَا قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَيِ انْقَضَى أَمْرُهَا وَخَفَّتْ أَثْقَالُهَا فَلَمْ يَبْقَ قِتَالٌ تَتَّبِعُونِي أَفْنَادًا بِالْفَاءِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ وَاحِدُهُمْ فِنْدٌ وَعُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَصْلُهَا وَمَوْضِعُهَا كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى وَقْتِ الْفِتَنِ أَنْ يَكُونَ الشَّامُ يَوْمَئِذٍ آمِنًا مِنْهَا وَأهل الْإِسْلَام بِهِ أسلم

(6/214)


[3563] فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ أَعَدَّهَا لِلْجِهَادِ فِي مَرْجٍ هِيَ الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ ذَاتُ نَبَاتٍ كَثِيرٍ يَمْرَجُ فِيهِ الدَّوَابُّ أَيْ تُخَلَّى وَتَسْرَحُ مُخْتَلِطَةً كَيْفَ تَشَاءُ فِي طِيلِهَا بِالْكَسْرِ هُوَ الْحَبْلُ الطَّوِيلُ يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي وَتَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْفَرَسِ لِيَدُورَ فِيهِ وَيَرْعَى وَلَا يَذْهَبَ لِوَجْهِهِ وَيُقَالُ لَهُ الطِّوَلُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَأَطْالَ وَطَوَّلَ بِمَعْنًى أَيْ شَدَّهَا فِي الْحَبْلِ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَيْ جَرَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الِاسْتِنَانُ أَنْ يَحْضُرَ الْفَرَسُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَارِسٌ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْتَنَّ فِي طَوِيلِهِ أَيْ مَرَجَ فِيهِ مِنَ النَّشَاطِ وَقَالَ ثَابِتٌ الِاسْتِنَانُ أَنْ تَلِجَ فِي عُودِهَا ذَاهِبَةً وَرَاجِعَةً وَقِيلَ هُوَ الْجَرْيُ إِلَى فَوْقُ وَالشَّرَفُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ هُوَ الْعَالِي مِنَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا طَلْقًا أَوْ طَلْقَيْنِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ تُسْقَى كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ قَالَ

(6/215)


النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ هَذِهِ الْحَسَنَاتُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَمَعَ الْقَصْدِ أَوْلَى بِإِضْعَافِ الْحَسَنَاتِ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا أَيِ اسْتِغْنَاءً بِهَا عَنِ الطَّلَبِ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُجَاهِدُ بِهَا وَقَدْ يَجِبُ الْجِهَادُ بِهَا إِذَا تَعَيَّنَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظُهُورِهَا إِطْرَاقُ فَحْلِهَا إِذَا طُلِبَتْ عَارِيَّتُهُ وَهَذَا عَلَى النَّدْبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِحَقِّ اللَّهِ مِمَّا يَكْسِبُهُ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى ظُهُورِهَا وَهُوَ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَنِوَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيْ مُعَادَاةً وَمُنَاوَاةً إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ أَيِ الْعَامَّةُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ الْفَاذَّةُ أَيِ الْمُنْفَرِدَةُ فِي مَعْنَاهَا القليلة

(6/217)


النظير

[3565] وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ قَلِّدُوهَا طَلَبَ إِعْلَاءِ الدِّينِ وَالدِّفَاعِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا طَلَبَ أَوْتَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَحُقُوقِهَا الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ وَالْأَوْتَارُ جَمْعُ وِتْرٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الدَّمُ وَطَلَبُ الثَّأْرِ يُرِيدُ لَا تَجْعَلُوا ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا فِي أَعْنَاقِهَا وَقِيلَ أَرَادَ بِالْأَوْتَارِ جَمْعِ وَتَرِ الْقَوْسَ أَيْ لَا تَجْعَلُوا فِي أَعْنَاقِهَا الْأَوْتَارَ فَتَخْتَنِقَ فَإِنَّ الْخَيْلَ رُبَّمَا رَعَتِ الْأَشْجَارَ فَنَشِبَتِ الْأَوْتَارُ بِبَعْضِ شُعَبِهَا فَتَخْنُقُهَا وَقِيلَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَقْلِيدَ الْخَيْلِ بِالْأَوْتَارِ يَدْفَعُ عَنْهَا الْعَيْنَ وَالْأَذَى فَيَكُونُ كَالْعُوذَةِ لَهَا فَنَهَاهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَا تَدْفَعُ ضَرَرًا وَلَا تَصْرِفُ حَذَرًا

(6/218)


كُمَيْتٍ بِلَفْظِ الْمُصَغَّرِ هُوَ الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ أَغَرَّ هُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ مُحَجَّلٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ الْبَيَاضُ فِي قَوَائِمِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْقَيْدِ وَيُجَاوِزُ الْأَرْسَاغَ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الْأَحْجَالِ وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ وَلَا يَكُونُ التَّحْجِيلُ بِالْيَدِ وَالْيَدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رِجْلٌ أَو رجلَانِ

[3566] كَرِهَ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثُ قَوَائِمَ مِنْهُ مُحَجَّلَةً وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةً تَشْبِيهًا بِالشِّكَالِ الَّذِي تُشْكَلُ بِهِ الْخَيْلُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ

(6/219)


قَوَائِمَ غَالِبًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ تَكُونَ الْوَاحِدَةُ مُحَجَّلَةً وَالثَّلَاثُ مُطْلَقَةً وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَكُونَ إِحْدَى يَدَيْهِ وَإِحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ خِلَافٍ مُحَجَّلَتَيْنِ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَشْكُولِ صُورَةً تَفَاؤُلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَرَّبَ ذَلِكَ الْجِنْسَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابَةٌ وَقِيلَ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَالِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الشِّكَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ التَّحْجِيلُ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا قِيلَ شِكَالٌ مُخَالِفٌ الْخَامِسُ أَنَّ الشِّكَالَ بَيَاضُ الرِّجْلِ الْيُمْنَى السَّادِسُ أَنَّهُ بَيَاضُ الْيُسْرَى السَّابِعُ أَنَّهُ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ الثَّامِنُ أَنَّهُ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ التَّاسِعُ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ الْعَاشِرُ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ السَّبْعَةَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيِّهِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مَشْهُورَةٌ وَالثَّالِثُ مِنْهَا هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الشِّكَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ إِمَّا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ

(6/220)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَهُوَ أعرف بتفسير الحَدِيث

[3570] فَفِي الرَّبْعَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَدَار الْإِقَامَة والربعة أخص مِنْهُ

(6/221)