حاشية السيوطي
على سنن النسائي (كتاب الْبيعَة)
وَالْمَنْشَطِ هُوَ مَفْعَلٌ مِنَ النَّشَاطِ وَهُوَ
الْأَمْرُ الَّذِي تَنْشَطُ لَهُ وَتَخِفُّ إِلَيْهِ
وَتُؤْثِرُ فِعْلَهُ وَهُوَ
(7/137)
مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّشَاطِ يَعْنِي
الْمَحْبُوبَ وَالْمَكْرَهِ مَصْدَرٌ بِمَعْنى الْمَكْرُوه
(7/138)
والأثرة عَلَيْنَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ
وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُفَضَّلُ غَيرهم
عَلَيْهِم فِي نصِيبه من الْفَيْء
(7/139)
[4161] بايعوني على أَن لَا تُشْرِكُوا
بِاللَّه شَيْئا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا
تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ
تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ قَالَ
الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا
الْحَدِيثُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي قَوْلِهِ
(7/142)
تَعَالَى وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ
يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَهَذَا
مُشْكِلٌ لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي
الْآيَةِ لَا يَجِيءُ هُنَا لِأَنَّهُمْ قَالُوا كَانَتِ
الْمَرْأَةُ يَكُونُ لَهَا الزَّوْجُ ذَا الْمَالِ
وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فَتَخَافُ عَلَى مَالِهِ بَعْدَ
مَوْتِهِ فَتَلْتَقِطُ وَلَدًا وَتَقُولُ وَلَدْتُهُ
فَقَوْلُهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلهنَّ إِشَارَةٌ
إِلَى الْوِلَادَةِ وَوَصَفَهُ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ
زَعْمِهِنَّ فِي قَوْلِهِنَّ كَانَ هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ
لَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الرِّجَالِ قَالَ
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ
إِذَا صَدَرَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْجَمَاعَةِ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى وتستخرجون حلية تلبسونها فَإِن
الرِّجَال لَا يلبسُونَ الْحِلْية
(7/143)
[4164] لَنْ يَتِرَكَ أَيْ لَنْ يُنْقِصَكَ
يُقَالُ وَتَرَهُ يتره ترة إِذْ نَقصه
(7/144)
[4169] لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ
قَالُوا الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ
الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا هِجْرَةَ
مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ دَار إِسْلَام وَلَكِنْ
جِهَادٌ وَنِيَّةٌ أَيْ لَكِنْ لَكُمْ طَرِيقٌ إِلَى
تَحْصِيلِ الْفَضَائِلِ الَّتِي فِي مَعْنَى الْهِجْرَةِ
وَذَلِكَ بِالْجِهَادِ وَنِيَّةِ الْخَيْرِ فِي كُلِّ
شَيْءٍ وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا أَيْ إِذَا
دَعَاكُمُ الْإِمَامُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ
فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ قَالَ الطِّيبِيُّ كَلِمَةُ لَكِنْ
تَقْتَضِي مُخَالَفَةَ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا أَيِ
الْمُفَارَقَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ الْمُسَمَّاةُ
بِالْهِجْرَةِ الْمُطْلَقَةِ انْقَطَعَتْ لَكِنَّ
الْمُفَارَقَةَ بِسَبَبِ الْجِهَادِ بَاقِيَةٌ مَدَى
الدَّهْرِ وَكَذَا الْمُفَارَقَةُ بِسَبَبِ نِيَّةٍ
خَالِصَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَطَلَبِ الْعِلْمِ
وَالْفِرَارِ بِدِينِهِ وَنَحْوِ ذَلِك إِنَّ امْرَأَةً
أَسْعَدَتْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْإِسْعَادُ
الْمُعَاوَنَةُ فِي النِّيَاحَة خَاصَّة وَعَكٌ هُوَ
الْحُمَّى وَقِيلَ أَلَمُهَا
(7/146)
[4185] إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ
هِيَ بِالْكَسْرِ كِيرُ الْحَدَّادِ وَهِيَ الْمَبْنِيُّ
مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ
النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ
تُخْرِجُهُ عَنْهَا وَتَنْصَعُ طَيِّبَهَا بِالنُّونِ
وَالصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ
تُخَلِّصُهُ وَيُرْوَى بِالْمُوَحَّدَةِ وَالضَّادِ
الْمُعْجَمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ
هُوَ مِنْ أَبْضَعْتُهُ بِضَاعَةً إِذَا دَفَعْتُهَا
إِلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَة تُعْطى طيبها ساكنها
وَالْمَشْهُور الأول
(7/147)
4179
(7/149)
[4186] فِي البدو وَهُوَ الْخُرُوج إِلَى
الْبَادِيَة
(7/152)
[4191] وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده
(7/153)
[4196] إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ أَيْ
كَالتُّرْسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ يُقْتَدَى
بِرَأْيِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ
وَالْوَقَائِعِ الْخَطِرَةِ وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَى
رَأْيِهِ وَلَا يُنْفَرَدُ دُونَهُ بِأَمْرٍ مُهِمٍّ
يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ
يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ
(7/155)
وَالْبُغَاةُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ
وَيُنْصَرُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ
أَمَامَهُ وَوَرَاءَهُ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ
بِمَعْنَى خَلْفَ وَبِمَعْنَى أَمَامَ وَهَذَا خَبَرٌ عَنِ
الْمَشْرُوعِيَّةِ أَيْ يَجِبُ أَنْ يُقَاتَلَ أَمَامَ
الْإِمَامِ وَلَا يُتْرَكَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ
بِنَفْسِهِ لَمَا فِيهِ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ
فَيَهْلِكَ كُلُّ مَنْ مَعَهُ قَالَ وَقَدْ تَضَمَّنَ
هَذَا اللَّفْظُ عَلَى إِيجَازِهِ أَمْرَيْنِ أَنَّ
الْإِمَامَ يُقْتَدَى بِرَأْيِهِ وَيُقَاتَلُ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَهُمَا خَبَرَانِ عَنْ أَمْرَيْنِ
مُتَغَايِرَيْنِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَكُونُ
إِمَامًا لِلنَّاسِ فِي الْقِتَالِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ
كَذَلِكَ بَلْ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَيُتَّقَى بِهِ أَيْ
شَرُّ الْعَدُوِّ وَأَهْلُ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ فَإِنْ
أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ
أَجْرًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ أَجْرًا عَظِيمًا
فَسَكَتَ عَنِ الصِّفَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا قُلْتُ فالتنكير
فِيهِ للتعظيم
[4197] إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ الْحَدِيثَ قَالَ
فِي النِّهَايَةِ النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا
عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ
لَهُ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ هَذَا
الْمَعْنَى بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ مَعْنَاهُ
غَيْرُهَا وَأَصْلُ النُّصْحِ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ
يُقَالُ نَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ وَمَعْنَى
النَّصِيحَةِ لِلَّهِ صِحَّةُ الِاعْتِقَادِ فِي
وَحْدَانِيَّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ
وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِهِ
وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَنَصِيحَةُ رَسُولِهِ
التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَالِانْقِيَادُ
لِمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ وَنَصِيحَةُ
الْأَئِمَّةِ أَنْ يُطِيعَهُمْ فِي الْحَقِّ وَلَا يرى
(7/156)
الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ إِذَا جَارُوا
وَنَصِيحَةُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ إرشادهم إِلَى
مصالحهم
[4201] وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةُ
(7/158)
الرَّجُلِ صَاحِبُ سِرِّهِ وَدَاخِلِ
أَمْرِهِ الَّذِي يُشَاوِرُهُ فِي أَحْوَاله وَلَا
تَأْلُوهُ خَبَالًا أَيْ لَا يُقَصِّرُ فِي إِفْسَاد أمره
(7/159)
[160] 4211 - فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ
الْفَاطِمَةُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ ضَرَبَ الْمُرْضِعَةَ
مَثَلًا لِلْإِمَارَةِ وَمَا تُوَصِّلُهُ إِلَى صَاحِبِهَا
مِنَ الْمَنَافِعِ وَضَرَبَ الْفَاطِمَةَ مَثَلًا
لِلْمَوْتِ الَّذِي يَهْدِمُ عَلَيْهِ لَذَّاتِهِ
وَيَقْطَعُ مَنَافِعَهَا دُونَهُ |