سبل السلام
[سبل السلام]
[بَابُ الْإِقْرَارِ]
الْإِقْرَارُ لُغَةً الْإِثْبَاتُ، وَفِي الشَّرْعِ
إخْبَارُ الْإِنْسَانِ بِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ ضِدُّ
الْجُحُودِ.
(وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:
«قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قُلْ الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا» صَحَّحَهُ
ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ) سَاقَهُ الْحَافِظُ
الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَفِيهِ
وَصَايَا نَبَوِيَّةٌ. وَلَفْظُهُ: قَالَ «أَوْصَانِي
خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَنْ أَنْظُرَ إلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنِّي
وَلَا أَنْظُرُ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَنْ أُحِبَّ
الْمَسَاكِينَ، وَأَنْ أَدْنُوَ مِنْهُمْ، وَأَنْ أَصِلَ
رَحِمِي وَإِنْ قَطَعُونِي وَجُفُونِي، وَأَنْ أَقُولَ
الْحَقَّ وَلَوْ كَانَ مُرًّا، وَأَنْ لَا أَخَافَ فِي
اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا
شَيْئًا، وَأَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ لَا حَوْلَ وَلَا
قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ
الْجَنَّةِ» وَقَوْلُهُ قُلْ الْحَقَّ يَشْمَلُ قَوْلَهُ
عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ
قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ
شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] وَمِنْ
قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا
الْحَقَّ} [النساء: 171] وَبِاعْتِبَارِ شُمُولِهِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ
فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَفِيهِ
دَلَالَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ إقْرَارِ الْإِنْسَانِ عَلَى
نَفْسِهِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ
لِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ قَوْلَ الْحَقِّ عَلَى
النَّفْسِ هُوَ الْإِخْبَارُ بِمَا عَلَيْهَا مِمَّا
يَلْزَمُهَا التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِمَالٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ
عِرْضٍ وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ مُرًّا " مِنْ بَابِ
التَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَصْعُبُ إجْرَاؤُهُ
عَلَى النَّفْسِ كَمَا يَصْعُبُ عَلَيْهَا إسَاغَةُ
الْمُرِّ لِمَرَارَتِهِ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْحُدُودِ
وَالْقِصَاصِ أَحَادِيثُ فِي الْإِقْرَارِ.
|