شرح ابن ماجه
لمغلطاي 186- باب من دخل
المسجد فلا يجلس حتى يركع
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ويعقوب بن حميد بن كاسب
قالا: ثنا ابن
أبي فديك عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عن أبي
هريرة أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا دخل
أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع
ركعتين " (1) . هذا حديث إسناده حسن للاختلاف في حال كثير
راويه،
ورواه أبو قرة بسند صحيح عن الثوري عن سهيل عن أبيه عنه،
وفي الأوسط
من حديث زكريا بن حكيم الحِبطي البصري عن الحسن عن سليك
الغطفاني،
قال: بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب
إذ دخلت المسجد فجلست فقال: " ركعت
الركعتين ". قلت: لا. قال: " فقم فأركعها " (2) . لم يروه
عن زكريا إلا
داود بن منصور القاضي. ومن حديث ابن لهيعة عن خالد بن زيد
عن أبي
صالح عن أبي أدرانه: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وهو يخطب فقعد فقال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هل/ركعت؟ قال: لا. قال: " فقم فاركع ". وفي الأوسط: لم
يروه عن
سفيان إلا أبو قرة، ولما ذكر حديث المطلب قال: لم يروه عن
المطلب إلا
كثير تفرد به ابن أبي فديك فإن ابن عمر وثقة وقال ابن معين
في رواية صالح
وفي أخرى ليس بذلك القوى، وعند ابن عدي زيادة، وإذا دخل
بيته فلا
يجلس حتى يركع ركعتن، فإن الله عز وجل جاعل له من ركعته في
بيته
خيرا ثم قال إسناد جلة، وعزى الإشبيلي إلى البخاري أنه
قال: هذه الزيادة لا
أصل لها، وأنكر ذلك ابن القطان. حدثنا العباس بن عثمان ثنا
الوليد بن
مسلم ثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن
سليم الزرعي عن
أبي قتادة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/70) ، ومسلم في
(المسافرين، ح/70) ، وابن
ماجة (ح/1012) ، وأحمد (5/305) ، والبيهقي (3/94، 195) ،
وابن خزيمة (1325) ، وتجريد
(320) ، والطبراني (3/272) ، وأحمد (5/303، 305) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، ح/58) ، والبيهقي (3/194)
، وإتحاف (3/296) ،
والفتح (07/42) ، ومعاني (1/365) .
(1/1671)
أن يجلس " (1) . هذا حديث اتفقا على
تخريجه، ولما ذكره ابن حبان في
صحيحه زاد قبل أن يجلس أو يستخبر، وعند ابن القطان بسند
عنه مرفوع
عند ابن أبي شيبة: " اعطوا المساجد حقها ". قيل يا رسول
الله: وما حقها؟
قال: " ركعتين قبل أن تجلس " (2) . وقال الترمذي: روى سهيل
هذا الحديث
عن عامر عن عمرو عن جابر غير محفوظ وقال ابن المديني: حديث
سهيل
خطأ، وقال ابن ماجة في بعض النسخ: رواه الأوزاعي عن يحيى
بن سعيد عن
عامر عن أبي قتادة وهو وهم، وذكر البيهقي أنّ الشافعي قال
ذلك على سبيل
الاختيار لا الفرض قال: ولم أعلم مخالفا من تركها، وروى عن
عمر بن
الخطاب أنه قدم من سفر فوجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قاعدا في المسجد فقصد إليه
ليخبره عن عمرو بن العاص، وكان معه في حبيش قال: فأتاه ولم
أركع/ثم
دخل عمرو فركع قبل أن يأتيه فظنت أو علمت أنه سيغفره قال:
" ولم
يحك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأن
يقضى بركة أن يبدأ بالنافلة ". وحكى عياض
عن داود وأصحابه وجوبها، وقال النووي: هي سنة بالإجماع،
فإن دخل
وقت كراهة فكره أبو حنيفة والليث والأوزاعي صلاتهما خلافا
للشافعي،
وحكى عنه أيضَا الكراهة، والله تعالى أعلم.
__________
(1) الحديث الأول من الباب.
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة (1824) ، والمنثور (5/52) ، وابن
أبي شيبة (1/340) ، والكنز
(20774) .
(1/1672)
187- باب من أكل
الثوم فلا يقربن المسجد
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن سعيد
بن أبي عروبة
عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة
العمري أن عمر بن
الخطاب كان يوم الجمعة خطيبَا أو خطب يوم الجمعة فحمد الله
وأثنى عليه ثم
قال: " يا أيها الناس إنكم يهلون الشجرتين أراهما الأخبثين
هذا الثوم وهذا
البصل، ولقد كنت أرى الرجل على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجد ريحه منه فيؤخذ
بيده حتى يخرج إلى البقيع فَمن كان أكلها فيتمها طبخا "
(1) . هذا حديث
خرجه مسلم في صحيحه. حدثنا أبو مروان العثماني ثنا إبراهيم
بن سعد عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من
هذه الشجرة- يعني: الثوم- فلا يؤذينا في مسجدنا هذا " (2)
. قال إبراهيم:
وكان أبي يزيد فيه الكراث والبصل على النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعنى أنه يزيد على حديث
أبي هريرة في الثوم. هذا حديث خرجه أيضَا بلفظ: " فلا
يقربن مسجدنا ولا
يؤذينا يربح الثوم " (3) . حدثنا محمد بن الصباح ثنا عبد
الله بن رجاء المكي
عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال/رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من
أكل من هذه الشجرة شيئا فلا يأتين المسجد " (4) . هذا حديث
خرجاه في
صحيحيهما، ولفظ مسلم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال في غزوة حنين: " من أكل من
هذه الشجرة- يعني: الثوم- فلا يأتين المساجد " (5) . وفي
لفظ البخاري: " فلا
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 1014) . وصححه الشيخ
الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/76) ، وأحمد (2/429،
3/12) ، والبيهقي (3/77) ، وعبد
الرزاق (1741) ، وإتحاف (7/56) ، وتلخيص (3/124) ، والمجمع
(2/18) ، وابن خزيمة (1667) ،
والتمهيد (6/416) ، والترغيب (1/224) ، والكنز (40913) ،
والمعاني (4 له 23) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/69، 74) ، وأحمد
(4/252) ، والبيهقي (3/75، 76) ، وابن
حبان (319) ، وابن أبي شيبة (2/510) ، والطبراني (2/28،
4/106) ، والكنز (41750) . والمعاني.
(4) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة.
(5) انظر: الحاشية رقم " 1 " السابقة.
(1/1673)
يقربن مسجدنا " (1) . وفي الأوسط " حتى
يذهب ريحها منه ". ذكره من
حديث رشدين بن سعد وتفرد به. وفي الباب حديث جابر بن عبد
الله
عندها قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، وليعتزل
مسجدنا وليبتعد " (2) . وأنه أتى بقدر فيه خضران من بقول
فوجد لها ريحا
فسأله فاخبر بما فيها من البقول فقال: فربوها إلى بعض
أصحابه، فلما رآه كره
أكله قال: " كل فإني أناحي من لا يناحى " (3) . وفي لفظ
لمسلم: " من
أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة
تتأذى مما تتأذى
منه بنو آدم " (4) . وفي الاً وسط: من حديث هشام بن حسان
عن أبي الزبير
عنه مرفوعا: " من أكل من هذه الخضراوات البصل والثوم
والكراث
والفجل ... " (5) . الحديث وقال: لم يروه عن هشام إلا يحيى
بن راشد البراء
تفرد به سعيد بن عفير ثنا به أحمد بن حماد بن رغبة، وفي
مسند الحميدي
بسند على شرط الشيخين سئل جابر عن الثوم فقال: " ما كان
بأرضنا يومئذ
ثوم الذي نهي عن البصل والكراث ". وفي سيرة ابن إسحاق عن
أبي أيوب
__________
(1) صحيحٍ، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 216، 7/ 105، 9/
135) ، ومسلم في (المساجد،
ح/73) ، وأبو داود في (الأطعمة، باب " 4 ") ، وابن خزيمة
(1664) ، وشرح السنة (2/388) ،
والتمهيد (6/417، 418) ، والكنز (40910) ، والبيهقي (3/76،
7/50) ، والمشكاة (4197) ،
والإرواء (2/334) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (7/211، 9/135) ، ومسلم
في (المساجد، ح/
73) ، وأبو داود في (الأطعمة، باب " 41 ") ، والبيهقي (3/
77، 7/ 50) ، وأبو عوانة (1/410) ،
والتمهيد (6/417) ، وشرح السنة (2/389) ، والقرطبي (1/426)
، والبداية (3/202) ، والمغنى
عن حمل الأسفار (2/ / 37) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/74) ، وأبو عوانة
(412) ، واستذكار (1/152) ،
والقرطبي (1/426) .
(4) رواه الطبراني في " الصغير " (1/22) ، والكنز (40928)
، والمجمع (2/17) ، وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى بن راشد البراء البصري
وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان
وقال يخطىء ويخالف، وبقية رجاله ثقات.
(5) رواه أحمد: (3/374) .
(1/1674)
الأنصاري: وقال محمد بن جرير في كتاب
التهذيب، وروى المعاني بن عمران
عن الربيع بن صبيح عن أبي الزبير عن جابر: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن أكل
الثوم والبصل والكراث " (1) . وروى حماد بن سلمة عن بشر بن
حرب عن
أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ/: " نهى عن أكل البصل والكراث والثوم ".
فقلنا: حرام هو؟ قال: لا. وفي الأوسط: " اجتنبوا هذه
الشجرة المنكرة، من
أكلها فلا يقربن مسجدنا " (2) . وفي لفظ " حتى يذهب ريحه "
قال الطبراني:
وثنا عمرو بن علي ثنا معاذ ثنا خالد بن ميسرة ثنا معاوية
بن قرة عن أبيه قال.
" نهي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل
هاتين الشجرتين الخبيثتين، وقال: من أكلها
فلا يقربن مسجدنا يعنى البصل والثوم وإن كنتم لابد آكليها
فأتينوها
طبخا " (3) . وعند ابن حبان في صحيحه من حديث حذيفة عن
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من أكل هذه
البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثا " (4) .
قال الحسن: يعني الثوم، وعند الطبراني في الأوسط من حديث
عباد بن طيم
عن عمه عبد الله بن زيد قال: " الذي أكل من هذه الشجرة فلا
يقربن
مسجدنا- يعني: الثوم- ". وقال: لم يروه عن الزهري عن عباد
إلا إيراهيم بن
سعد تفرد به معن. ومن حديث نعيم عن يحيى عن الزهري عن خالد
بن
معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني قال: غزونا مع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فأصبنا بصلًا وثومًا فأكلوا منه والقوم جياع فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل
من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا " (5) ، وعند
الشيخين من
حديث أنس وسئل عن الثوم فقال: قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من هذه
__________
(1) لم نقف عليه.
(2) تقدم من أحاديث الباب.
(3) رواه أحمد (3/60، 4/194) ، وابن أبي شيبة
(2/8/116،510) ، والتمهيد (6/424) ،
والمجمع (2/17) ، والفتح (2/17) ، والفتح (2/344) ، والكنز
(40925، 40935) .
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/216) ، ومسلم في
(المساجد، ح/71) ، وأبو داود في
(الأطعمة، باب " 41 ") ، وابن أبي شيبة (8/115) ، وعبد
الرزاق (1739) ، وابن خزيمة (1668) ،
والتمهيد (6/414) ، والترغيب (1/222) ، والمجمع (2/17) ،
والكنز (540927) .
(5) تقدم من أحاديث الباب.
(1/1675)
الشجرة فلا يقربنا ولا يصلى معنا " (1) وقد
وردت أحاديث ظاهرها معارض لما
تقدم منها ما روينا في العلانيات عن يحيى بن عبد الباقي
ثنا لوين ثنا زافر بن
سليمان عن إسرائيل عن مسلم عن حبة عن علي قال: قال لي رسول
الله/
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل الثوم فلولا أنى
أناجى الملك لأكلته " (2) . ورويناه في كتاب
الحلية لأبي نعيم قال: ثنا فاروق ثنا الكجي أن عبد الله بن
رجاء قال: ثنا
إسرائيل عن مسلم الأعور بلفظ: " أمر رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل الثوم ". وفي
التهذيب لأبي جرير ثنا أبو عامر السكري ثنا يحيى بن صالح
ثنا إسماعيل بن
سعد ثنا خالد بن معدان عن حماد بن سلمة أنه سأل عائشة عن
البصل
فقالت: " إن آخر طعام أكله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ طعام فيه بصل " (3) . ولما رواه في
الأوسط من حديث بقية عن يحيى بن سعيد عن ابن معدان عن جبير
بن نفير
قال: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا هذا الإسناد، تفرد
به يحيى انتهي
كلامه وفيه نظر؛ لما أسلفناه. وفي صحيح البستي عن المغيرة
بن شعبة قال:
انتهيت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فوجد منى ريح القوم فقال: " من أكل الثوم ".
قال: فأخذت يده فأدخلتها فوجد صدري معصوبَا فقال: " إن لك
عذرَا "
ولفظ أبي داود: أكلت ثوما ثم أتيت مصلى رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سبقت
بركعة فلما دخلت المسجد وجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ريح الثوم فلما قضى صلاته
قال: " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها أو
ريحه " (4) .
فلما قضيت الصلاة جئت إليه فقلت يا رسول الله: لتعطيني
يدك. قال:
فأدخلت يده في كم قميصي إلى صدري فإذا أنا معصوب الصدر
فقال: " إنَّ
لك عذرا ". وفي الأوسط فقلت: اشتكيت صدري فأكلته فلم يعنفه
جماعة
العلماء، قالوا: هو صريح في نهي من أكل من هذه الشجرة أن
يدخل المسجد
إلا ما حكاه عياض عن بعضهم أنه خاص/بمسجد النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي حلال
بإجماع الأشياع حكاه بعضهم عن أهل الظاهر بأنها حرام؛
لأنها أتمنع من
__________
(1) الذهبي في " الطب النبوي " (41) ، والمتناهية (2/170)
،
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/3829) ، والمشكاة (4231) .
(3) أصفهان (2/30) ، وانظر الإرواء (2/334، 8/154) .
(4) رواه أبو عوانة (1/410) ، وابن أبي شيبة (8/114) .
(1/1676)
حضور الجماعة وهي قرض عين عندهم، قال
القاضي: ويلحق به أكل الفجل
انتهى قد أسلفنا ذكر الفجل في حديث مرفوع فلا حاجة بنا
إلى قياسه على
غيره، وقال ابن المرابط: ويلحق فيه أيضًا الأبجر والذي
يخرجه رائحة كريهة،
قال القرطبي: أستدل بعضهم على أنّ من يتكلم في الناس،
ويؤذيهم بلسانه في
المسجد أنه يخرج منه ويبعد عنها.
(1/1677)
188- باب المصلي
يسلم عليه كيف يرد
حدثنا على بن محمد الطنافسي ثنا سفيان بن عيينة عن زيد
بن أسلم عن
عبد الله بن عمر قال: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجد قباء يصلى فيه فجاءت
رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا، وكان معه
كيف كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ يرد عليهم
قال: " كان يشير بيده " (1) . هذا حديث لما خرجه أبو
داود وأحمد في مسنده والترمذي بلفظ فقلت لبلال: كيف
كان يرد عليهم
حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلى قال: يقول: هكذا أو
بسط جعفر-
يعني: ابن عون- كفه، وجعل بطنه أسفل وظهره إلى فوق "
(2) قال: هذا
حديث حسن صحيح، وخرج حديث صهيب بلفظ: " مررت بالنبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو يصلى فسلمت عليه فرد إشارة " (3) . فقال الراوي:
لا أعلمه إلا فال أبا
مرة بأصبعه، قال: هذا حديث حسن. قال: وكلا الحديثين
عندي صحيح، وأن
قصة صهيب غير قصة حديث بلال وإن كان ابن عمر روى عنهما
فاحتمل
أن يكون سمع منهما جميعا/، وزاد في العلل: ورواه زيد
بن أسلم عن ابن
عمر عن بلال. حدثنا محمد بن رمح البصري أنبأ الليث بن
سعد عن أبي
الزبير عن جابر قال: بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجة ثم أدركته وهو يصلي، فسلَّمت
عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني فقال: " إنك سلمت علي
آنفا وأنا
أصلي " (4) . هذا حديث خرجه مسلم بزيادة: " وهو متوجه
حينئذ قبل
المشرق ". حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: ثنا النضر
بن شميل ثنا
__________
(1) رواه ابن ماجة (ح/1017) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة (ح/888) ، وسنده صحيح وأبو
داود (ح/927) ، والترمذي (ح/
368) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والدارمي (ح/1363) .
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/925) ، والترمذي (367) ،
والمجمع (2/81) ، من حديث أبي
سعيد الخدري وعزاه إلى البزار وفيه عبد الله بن صالح
ثابت الليث، وثقة عبد الملك بن شعيب
فقال: ثقة مأمون وضعفه الأئمة أحمد وغيره.
(4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/36) ، والنسائي عن
(السهو، باب " 600 ") ،
وابن ماجة (ح/1018) ، وأحمد (3/334) ، والبيهقي
(2/258) ، وأبو عوانة (2/140) .
(1/1678)
يونس بن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد
الله قال: كنا نسلم في
الصلاة فقيل لنا: " إن في الصلاة شغلا " (1) هذا حديث
خرجه مسلم في
صحيحه، وعند البيهقي: لما قدمت من الحبشة " آتيت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو
يصلى فسلمت عليه فأرسى برأسه " (2) . وعند الدارقطني
من حديث أبي
غطفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أشار في صلاته إشارة
تفهم عنه فليعد صلاته " (3) . وقال: قال لنا ابن أبي
داود أبو غطفان: هذا
رجل جهول، والصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه: " كان يشير في الصلاة ".
وحديث أنس ابن مالك: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصلاة " (4) . رواه
أبو داود بسند جيد، وفي الأوسط: ورواه عن الأوزاعي عن
الزهري عن ابن
أنس لم يروه عن الأوزاعي إلا يزيد بن السمط، تفرد به
سلامة بن بشر،
وفي الصحيح حديث: " أم سلمة في الركعتين بعد العصر
وإشارته عليه
الصلاة والسلام لجاريتها " (5) . وسيأتي إن شاء الله
تعالى. وحديث أبي سعيد:
أن رجلا سم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وهو في الصلاة/فردّه عليه إشارة فلما سلم
قال: " كنا نرد السلام في الصلاة " (6) . فردّ عليه
إشارة فلما سلم قال:
" كنا نرد السلام في الصلاة فنهينا عن ذلك ". قال
الطبراني في الأوسط:
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/78، 83، 5/64) ،
ومسلم فْي (المساجد، ح/34) ، وأبو
داود (ح/923) ، وأحمد (1/409) ، والبيهقي (2/248) ،
والطبراني (10/136) ، وعبد الرزاق
(3590) ، وابن كثير (1/434، 8/383) ، والمنثور (1/306)
، والكنز (18909) ، والمعاني (1/
455) ، وابن أبي شيبة (2/74) ، والراية (3/92) ،
والدارقطني (1/341) ، وأبو عوانة (2/139)
(2) رواية البيهقي في الحاشية السابقة.
(3) رواية الدارقطني (2/83) ، وأبو داود في (استفتاح
الصلاة، باب " 59 ") ، والكنز
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/943) ، وأحمد (3/138) ،
والبيهقي (2/262) ، والدارقطني
(2/84) ، وعبد الرزاق (3276) ، والكنز (17939) ،
وجرجان (105) ، والخطيب (6/293) ،
وابن عساكر في " التاريخ " (2/ 244، 3/ 12) .
(5) يأتي كما ذكر المصنف.
(6) صحيح. المعاني (1/451، 454) ، والمجمع (8/38) ،
وعزا هـ إلى الطبراني في " الأوسط "
وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد وثقة وضعفه
جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(1/1679)
رواه من حديث بن عجلان عن زيد بن أسلم عن
عطاء عنه لم يروه عن ابن
عجلان إلا الليث، حدثنى به مطلب بن شعيب عن عبد الله
بن صالح كاتبه،
وفي البخاري حديث أسماء: " وسألت عائشة فأشارت بيدها
نحو السماء،
فقلت: أنه فأشارت أن نعم ... " الحديث بطوله، وسيأتي.
(1/1680)
189- باب من صلى
لغير القبلة وهو لا يعلم
حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا أبو داود حدثنا أشعث بن سعيد
بن الربيع
سمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن
ربيعة عن أبيه قال:
" كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في سفر، فتغمت السماء وأشكلت علينا القبلة،
فصلينا، وأعلمنا فلما طلعت الشمس إذا نجده قد صلينا
بغير القبلة فذكرنا ذلك
وللنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله
تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله (1) .
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1020) .
وصححه الشيخ الألباني.
(1/1681)
|