شرح السيوطي على
مسلم [8]
كهمس بِفَتْح الْكَاف وَالْمِيم وَسُكُون الْهَاء آخِره
مُهْملَة أول من قَالَ فِي الْقدر أَي بنفيه فابتدع
وَخَالف الْحق فوفق لنا بِضَم الْوَاو وَكسر الْفَاء
الْمُشَدّدَة قَالَ صَاحب التَّحْرِير مَعْنَاهُ جعل وفقا
لنا من الْمُوَافقَة وَهِي الِاجْتِمَاع والالتئام وَفِي
مُسْند أبي يعلى الْموصِلِي فَوَافَقَ بِزِيَادَة ألف
والموافقة المصادفة فاكتنفته أَنا وصاحبي يَعْنِي صرنا فِي
ناحيته من كنفي الطَّائِر وهما جناحاه فَظَنَنْت أَن
صَاحِبي سيكل الْكَلَام إِلَيّ زَاد فِي رِوَايَة لِأَنِّي
كنت أبسط لِسَانا ويتقفرون الْعلم رِوَايَة الْجُمْهُور
بِتَقْدِيم الْقَاف أَي يطلبونه ويتبعونه وَقيل يجمعونه
وَرِوَايَة بن ماهان بِتَقْدِيم الْفَاء أَي يبحثون عَن
غامضه ويستخرجون خفيه وَفِي رِوَايَة يتقفون بِتَقْدِيم
الْقَاف وَحذف الرَّاء وَفِي رِوَايَة أبي يعلى يتفقهون
بِالْهَاءِ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَرَأَيْت بَعضهم
قَالَ فِيهِ يتقعرون بِالْعينِ وَفَسرهُ بِأَنَّهُم
يطْلبُونَ قَعْره أَي غامضه وخفيه وَذكر من شَأْنهمْ قَالَ
النَّوَوِيّ هَذَا الْكَلَام من بعض الروَاة الَّذين دون
يحيى بن يعمر وَالظَّاهِر أَنه من بن بُرَيْدَة عَن يحيى
يَعْنِي ذكر بن يعمر من حَال هَؤُلَاءِ ووصفهم بالفضيلة
فِي الْعلم وَالِاجْتِهَاد فِي تَحْصِيله أنف بِضَم
الْهمزَة وَالنُّون أَي مُسْتَأْنف لم يسْبق بِهِ قدر لَا
يرى عَلَيْهِ ضبط بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة المضمومة
وَوضع كفيه على فَخذيهِ قَالَ النَّوَوِيّ أَي فَخذي نَفسه
جَالِسا على هَيْئَة المتعلم وَوَافَقَهُ التوربشتي وَزعم
الْبَغَوِيّ وَإِسْمَاعِيل التَّيْمِيّ بِأَن الضَّمِير
رَاجع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجحه
الطَّيِّبِيّ وَقواهُ بن حجر فَإِن فِي رِوَايَة بن
خُزَيْمَة ثمَّ وضع يَدَيْهِ على ركبتي النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بذلك
الْمُبَالغَة فِي تعمية أمره ليقوى الظَّن بِأَنَّهُ من
جُفَاة الْأَعْرَاب الْإِحْسَان أَن تعبد الله كَأَنَّك
ترَاهُ هَذَا من جَوَامِع الْكَلم لِأَنَّهُ لَو قدر أَن
أحدا قَامَ فِي عبَادَة ربه وَهُوَ يعاينه لم يتْرك شَيْئا
مِمَّا يقدر عَلَيْهِ من الخضوع والخشوع وَحسن السمت
واشتماله بِظَاهِرِهِ وباطنه على الاعتناء بتتميمها على
أحسن وجوهها إِلَّا أَتَى بِهِ قَالَ القَاضِي عِيَاض
وَهَذَا الحَدِيث قد اشْتَمَل على شرح وظائف الْعِبَادَات
الظَّاهِرَة والباطنة من عُقُود الْإِيمَان وأعمال
الْجَوَارِح وإخلاص السرائر وَالْحِفْظ من آفَات
الْأَعْمَال حَتَّى أَن عُلُوم الشَّرِيعَة كلهَا رَاجِعَة
إِلَيْهِ أماراتها بِفَتْح الْهمزَة أَي علاماتها أَن تَلد
الْأمة ربتها وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى رَبهَا
بالتذكير أَي سَيِّدهَا ومالكها وَفِي الْأُخْرَى بَعْلهَا
وَهُوَ بِمَعْنى رَبهَا كَقَوْلِه تَعَالَى أَتَدعُونَ
بعلا الصافات 125 أَي رَبًّا قَالَ النَّوَوِيّ الْأَكْثَر
من الْعلمَاء قَالُوا هُوَ إِخْبَار عَن كَثْرَة السراري
وأولادهن فَإِن وَلَدهَا من سَيِّدهَا بِمَنْزِلَة
سَيِّدهَا وَقيل مَعْنَاهُ أَن الْإِمَاء يلدن الْمُلُوك
فَتكون أمة من جملَة رَعيته وَهُوَ سَيِّدهَا وَسيد
غَيرهَا من رَعيته وَفِيه أَقْوَال أخر ذكرتها فِي التوشيح
العالة الْفُقَرَاء رعاء بِكَسْر الرَّاء وَالْمدّ الشَّاء
بِالْمدِّ فَلبث ضبط بمثلثة آخِره بِلَا تَاء وبتاء
الْمُتَكَلّم مَلِيًّا بتَشْديد التَّحْتِيَّة أَي وقتا
طَويلا وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ أَنه
قَالَ ذَلِك بعد ثَلَاث وَفِي شرح السّنة لِلْبَغوِيِّ بعد
ثَالِثَة قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي ظَاهره مُخَالفَة
لقَوْله فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة بعد هَذَا ثمَّ أدبر
الرجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ردوا
عَليّ الرجل فَأخذُوا يردوه فَلم يرَوا شَيْئا فَقَالَ
هَذَا جِبْرِيل فَيحْتَمل الْجمع بِأَن عمر لم يحضر قَوْله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم فِي الْحَال بل كَانَ قد
قَامَ من الْمجْلس وَأخْبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْحَاضِرين فِي الْحَال وَأخْبر عمر بعد ثَلَاث الغبري
بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة حجَّة
بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا عُثْمَان بن غياث بالغين
الْمُعْجَمَة
(1/8)
[9]
عَن أبي حَيَّان بالتحتية بارزا ظَاهرا ولقائه وَرُسُله
وتؤمن بِالْبَعْثِ الآخر بِكَسْر الْخَاء قَالَ
النَّوَوِيّ وَاخْتلف فِي الْجمع بَينه وَبَين لِقَاء الله
فَقيل اللِّقَاء يحصل بالانتقال إِلَى دَار الْجَزَاء
والبعث بعده عِنْد قيام السَّاعَة وَقيل اللِّقَاء يكون
بعد الْبَعْث عِنْد الْحساب وَقيل المُرَاد باللقاء
الرُّؤْيَة وَوصف الْبَعْث بِالْآخرِ قيل مُبَالغَة فِي
الْبَيَان والإيضاح وَقيل سَببه أَن خُرُوج الْإِنْسَان
إِلَى الدُّنْيَا بعث من الْأَرْحَام وَخُرُوجه من
الْقَبْر إِلَى الْحَشْر بعث من الأَرْض فَقيل الآخر
ليتميز أَن تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا جمع بَينهمَا
لِأَن الْكفَّار كَانُوا يعبدونه فِي الصُّورَة ويعبدون
مَعَه أوثانا يَزْعمُونَ أَنهم شركاؤه وأشراطها بِفَتْح
الْهمزَة أَي علاماتها وَاحِدهَا شَرط بِفتْحَتَيْنِ البهم
بِفَتْح الْبَاء وَإِسْكَان الْهَاء الصغار من أَوْلَاد
الْغنم الضَّأْن والمعز جَمِيعًا وَقيل أَوْلَاد الضَّأْن
خَاصَّة وَاحِدهَا بهمة وَهِي تقع على الْمُذكر والمؤنث
وَوَقع فِي البُخَارِيّ رعاء الْإِبِل البهم وَهُوَ بِضَم
الْبَاء لَا غير السراري بتَشْديد الْيَاء وتخفيفها جمع
سَرِيَّة بِالتَّشْدِيدِ لَا غير وَهِي الْجَارِيَة
المتخذة للْوَطْء فعلية من السِّرّ وَهُوَ النِّكَاح وَقيل
من السرُور لِأَنَّهَا سرُور مَالِكهَا
(1/10)
[10]
الحفاة العراة الصم الْبكم هُوَ كِنَايَة عَن الجهلة
السفلة الرعاع أَرَادَ أَن تعلمُوا ضبط بِسُكُون الْعين
وَفتحهَا وَتَشْديد اللَّام أَي تتعلموا
(1/11)
[11]
ثَائِر الرَّأْس منتفشة أَي قَائِم شعره وَهُوَ بِالرَّفْع
صفة الرجل وَيجوز نَصبه على الْحَال نسْمع بالنُّون
الْمَفْتُوحَة وَرُوِيَ بالتحتية المضمومة وَكَذَا نفقه
دوِي صَوته هُوَ بعده فِي الْهَوَاء بِفَتْح الدَّال وَكسر
الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء وَحكي ضم الدَّال تطوع
الْمَشْهُور تَشْدِيد الطَّاء على إدغام إِحْدَى التائين
فِيهَا وَجوز بن الصّلاح تخفيفها على الْحَذف أَفْلح
وَأَبِيهِ قيل كَيفَ حلف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِأَبِيهِ مَعَ النَّهْي عَنهُ بقوله إِن الله يَنْهَاكُم
أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ وَأجِيب بأوجه مِنْهَا أَن يكون
هَذَا صدر قبل النَّهْي وَمِنْهَا أَنه لَيْسَ حلفا
وَإِنَّمَا هِيَ كلمة جرت عَادَة الْعَرَب أَن تدْخلهَا
فِي كَلَامهَا غير قاصدة بهَا حَقِيقَة الْحلف كَقَوْلِهِم
تربت يَدَاهُ وقاتله الله
(1/12)
[12]
الْبَادِيَة مَا عدا الْحَاضِرَة فجَاء رجل هُوَ ضمام بن
ثَعْلَبَة
(1/13)
[13]
أَن أَعْرَابِيًا هُوَ بِفَتْح الْهمزَة البدوي الَّذِي
يسكن الْبَادِيَة بِخِطَام نَاقَته أَو بزمامها بِكَسْر
الْخَاء وَالزَّاي قَالَ الْأَزْهَرِي الخطام هُوَ الَّذِي
يخطم بِهِ الْبَعِير وَهُوَ أَن يُؤْخَذ حَبل من لِيف أَو
شعر فَيجْعَل فِي إِحْدَى طَرفَيْهِ حَلقَة يسْلك فِيهَا
الطّرف الآخر حَتَّى يصير كالحلقة ثمَّ يُقَلّد الْبَعِير
ثمَّ يثني على مخطمه وَأما الَّذِي يَجْعَل فِي الْأنف
دَقِيقًا فَهُوَ الزِّمَام وَقَالَ صَاحب الْمطَالع
الزِّمَام لِلْإِبِلِ مَا يشد بِهِ رؤوسها من حَبل أَو سير
لتقاد بِهِ حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان قَالَ
النَّوَوِيّ اتَّفقُوا على أَن شُعْبَة وهم فِي تَسْمِيَته
مُحَمَّد وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو كَمَا فِي الطَّرِيق
الأول موهب بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْوَاو إِن تمسك
بِمَا أَمر بِهِ بِضَم الْهمزَة وَكسر الْمِيم مَبْنِيا
للْمَفْعُول وَبِه بباء الْجَرّ مَعَ الضَّمِير وَضَبطه
الْعَبدَرِي بِفَتْح الْهمزَة وبالتاء للمتكلم
(1/15)
[15]
قوقل بقافين مفتوحتين بَينهمَا وَاو سَاكِنة وَآخره لَام
وَحرمت الْحَرَام قَالَ بن الصّلاح الظَّاهِر أَنه أَرَادَ
بِهِ أَمريْن أَن يَعْتَقِدهُ حَرَامًا وَأَن لَا يَفْعَله
بِخِلَاف تَحْلِيل الْحَلَال فَإِنَّهُ يَكْفِي مُجَرّد
اعْتِقَاده حَلَالا أعين بِفَتْح الْهمزَة والتحتية
بَينهمَا عين مُهْملَة سَاكِنة وَآخره نون
(1/16)
[16]
سُلَيْمَان بن حَيَّان بالتحتية بني الْإِسْلَام على
خَمْسَة كَذَا فِي الطَّرِيق الأول وَالرَّابِع أَي
أَرْكَان أَو أَشْيَاء وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِث على
خمس أَي خِصَال أَو دعائم أَو قَوَاعِد يوحد بِالْبِنَاءِ
للْمَفْعُول فَقَالَ رجل الْحَج وَصِيَام رَمَضَان قَالَ
لَا صِيَام رَمَضَان وَالْحج هَكَذَا سمعته من رَسُول الله
وَقع فِي مستخرج أبي عوَانَة عكس ذَلِك وَهُوَ أَن بن عمر
قَالَ للرجل اجْعَل صِيَام رَمَضَان آخِرهنَّ كَمَا سَمِعت
من رَسُول الله قَالَ بن الصّلاح لَا تقاوم هَذِه
الرِّوَايَة مَا رَوَاهُ مُسلم قَالَ النَّوَوِيّ
وَيحْتَمل أَن يكون جرت الْقِصَّة مرَّتَيْنِ لِرجلَيْنِ
وَأَن بن عمر سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مرَّتَيْنِ مرّة بِتَقْدِيم الْحَج وَمرَّة بِتَأْخِيرِهِ
قَالَ وَاسم الرجل الَّذِي رد عَلَيْهِ تَقْدِيم الْحَج
يزِيد بن بشر السكْسكِي ذكره الْخَطِيب فِي مبهماته أَن
رجلا اسْمه حَكِيم ذكره الْبَيْهَقِيّ أَلا تغزو بتاء
الْخطاب فَقَالَ إِنِّي سَمِعت إِلَى آخِره وَزَاد عبد
الرَّزَّاق بِآخِرهِ وَإِن الْجِهَاد من الْعَمَل الْحسن
(1/19)
[17]
قدم وَفد عبد الْقَيْس الْوَفْد الْجَمَاعَة المختارة
للمصير إِلَيْهِم فِي الْمُهِمَّات واحدهم وَافد وَكَانَ
قدومهم فِي عَام الْفَتْح وَكَانُوا أَرْبَعَة عشر
رَاكِبًا الْأَشَج العصري ومزيدة بن مَالك الْمحَاربي
وَعبيدَة بن همام الْمحَاربي وصحار بن الْعَبَّاس المري
وَعَمْرو بن مَرْحُوم العصري والْحَارث بن شُعَيْب العصري
والْحَارث بن جُنْدُب من بني عايش وَلم يعثر بعد طول
التتبع على أَكثر من أَسمَاء هَؤُلَاءِ كَذَا ذكره
النَّوَوِيّ عَن صَاحب التَّحْرِير إِنَّا هَذَا الْحَيّ
قَالَ بن الصّلاح الَّذِي نختاره نَصبه على الِاخْتِصَاص
وَالْخَبَر من ربيعَة وَالْمعْنَى إِن هَذَا الْحَيّ حَيّ
ربيعَة قَالَ صَاحب الْمطَالع الْحَيّ اسْم لمنزل
الْقَبِيلَة ثمَّ سميت بذلك الْقَبِيلَة لِأَن بَعضهم يحيا
بِبَعْض نخلص نصل فِي شهر الْحَرَام بِالْإِضَافَة على حد
قَوْلهم مَسْجِد الْجَامِع فَعِنْدَ الْكُوفِيّين هُوَ من
إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف وَعند الْبَصرِيين على
حذف مُضَاف تَقْدِيره شهر الْوَقْت الْحَرَام آمركُم
بِأَرْبَع إِلَى قَوْله بإيتاء الزَّكَاة فِي بعض طرقه
عِنْد البُخَارِيّ وَصَوْم رَمَضَان وَهُوَ زَائِد على
الْأَرْبَع وَقد أوضحت الْجَواب عَنهُ فِيمَا علقته
عَلَيْهِ قَالَ بن الصّلاح وَالنَّوَوِيّ وَتَركه فِي
رِوَايَة مُسلم إهمال من الرَّاوِي خمس بِضَم الْمِيم
وإسكانها وأنهاكم عَن الدُّبَّاء بِضَم الدَّال وبالمد
القرع الْيَابِس أَي الْوِعَاء مِنْهُ والحنتم بحاء
مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ نون سَاكِنة ثمَّ فوقية
مَفْتُوحَة واحده حنتمة وَهِي جرار خضر كَمَا فسره
الْأَكْثَرُونَ من أهل اللُّغَة والغريب والمحدثين
وَالْفُقَهَاء وفيهَا خَمْسَة أَقْوَال أخر ذكرتها فِي
التوشيح والنقير جذع ينقر وَسطه والمقير هُوَ المزفت
المطلي بالقار وَهُوَ الزفت وَمعنى النَّهْي عَنْهَا
النَّهْي عَن الانتباذ فِيهَا وَهُوَ أَن يَجْعَل فِي
المَاء حبات من تمر أَو زبيب أَو نَحوه ليحلو وَيشْرب وخصت
هَذِه بِالنَّهْي لِأَنَّهُ يسْرع إِلَيْهِ الْإِسْكَار
فِيهَا وَرُبمَا شربه بعد إسكاره من لم يطلع عَلَيْهِ
بِخِلَاف أسقية الْأدم لِأَنَّهَا لرقتها ترى فِيهَا وَلَا
يخفى فِيهَا الْمُسكر وَهَذَا النَّهْي كَانَ فِي أول
الْأَمر ثمَّ نسخ بِحَدِيث بُرَيْدَة الْآتِي كنت
نَهَيْتُكُمْ عَن الانتباذ إِلَّا فِي الأسقية فانتبذوا
فِي كل وعَاء وَلَا تشْربُوا مُسكرا كنت أترجم بَين يَدي
بن عَبَّاس وَبَين النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا هُوَ
فِي الْأُصُول وَتَقْدِيره بَين يَدي بن عَبَّاس بَينه
وَبَين النَّاس فَحذف لَفْظَة بَينه لدلَالَة الْكَلَام
عَلَيْهَا وَيجوز أَن يكون المُرَاد بَين بن عَبَّاس
وَبَين النَّاس كَمَا فِي البُخَارِيّ بِحَذْف يَدي فَتكون
يَدي عبارَة عَن الْجُمْلَة كَقَوْلِه تَعَالَى بِمَا قدمت
يداك الْحَج 1 والترجمة التَّعْبِير عَن لُغَة بلغَة ثمَّ
قيل إِنَّه كَانَ يتَكَلَّم بِالْفَارِسِيَّةِ فَكَانَ
يترجم لِابْنِ عَبَّاس عَمَّن يتَكَلَّم بهَا قَالَ بن
الصّلاح وَعِنْدِي أَنه كَانَ يبلغ كَلَام بن عَبَّاس
إِلَى من خَفِي عَلَيْهِ من النَّاس لزحام أَو قُصُور فهم
قَالَ النَّوَوِيّ وَالظَّاهِر أَن مَعْنَاهُ أَنه يفهمهم
عَنهُ ويفهمه عَنْهُم الْجَرّ بِفَتْح الْجِيم وَاحِدهَا
جرة وَهُوَ هَذَا الفخار الْمَعْرُوف مرْحَبًا نصب على
الْمصدر وَمَعْنَاهُ صادفت رحبا وسعة غير خزايا وَلَا
الندامى قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول بِاللَّامِ
فِي الندامى وَرُوِيَ فِي غير مُسلم بِالْألف وَاللَّام
فيهمَا وبالحذف فيهمَا وَالرِّوَايَة بِنصب غير على
الْحَال وَحكي فيهمَا الْكسر على الصّفة وَالْمَعْرُوف
الأول وَيدل عَلَيْهِ مَا فِي البُخَارِيّ مرْحَبًا بالقوم
الَّذين جَاءُوا غير خزايا وَلَا ندامى الخزايا جمع خزيان
وَهُوَ المستحيي وَقيل الذَّلِيل المهان والندامى جمع
ندمان وَقيل جمع نادم اتبَاعا للخزايا وَالْأَصْل نادمين
شقة بِضَم الشين وَكسرهَا السّفر الْبعيد لِأَنَّهُ يشق
على الْإِنْسَان وَقيل هِيَ الْمسَافَة وَقيل الْغَايَة
الَّتِي يخرج إِلَيْهَا الْإِنْسَان فعلى الأول قَوْلهم
بعيدَة مُبَالغَة فِي بعْدهَا بِأَمْر بِالتَّنْوِينِ فصل
هُوَ الْبَين الْوَاضِح الَّذِي ينْفَصل بِهِ المُرَاد
وَلَا يشكل من وَرَائِكُمْ بِالْكَسْرِ حرف جر قَالَ أَبُو
بكر فِي رِوَايَته من وراءكم أَي بِالْفَتْح
(1/24)
[18]
سَاقِطَة أَصَابَته جِرَاحَة كَذَلِك كَانَت فِي سَاقه
الْأدم بِفَتْح الْهمزَة وَالدَّال جمع أَدِيم وَهُوَ
الْجلد الَّذِي تمّ دباغه يلاث بِضَم التَّحْتِيَّة
وَتَخْفِيف اللَّام وَآخره مُثَلّثَة أَي يلف الْخَيط على
أفواهها ويربط بِهِ الْخَيط على أفواهها ويربط بِهِ
وَضَبطه الْعَبدَرِي بالفوقية أَوله أَي تلف الأسقية على
أفواهها كَثِيرَة الجرذان بِكَسْر الْجِيم وَإِسْكَان
الرَّاء وبالذال الْمُعْجَمَة جمع جرذ بِضَم الْجِيم وَفتح
الرَّاء كصرد نوع من الفأر وَقيل الذّكر مِنْهُ كَثِيرَة
رُوِيَ بِالْهَاءِ فِي آخِره وبدونها قَالَ بن الصّلاح
وَالتَّقْدِير فِيهِ على حذفهَا أَرْضنَا مَكَان كثير
الجرذان وَإِن أكلتها الجرذان مُكَرر ثَلَاث مَرَّات
فتذيفون بِفَتْح الْفَوْقِيَّة ويروى بضَمهَا وَكسر
الْمُعْجَمَة ويروى بالإهمال بعْدهَا تحتية سَاكِنة وَفَاء
مَضْمُومَة من ذاف يذيف بِالْمُعْجَمَةِ كباع يَبِيع وداف
يدوف بِالْمُهْمَلَةِ كقال يَقُول وأذاف يذيف إعجاما
وإهمالا وَمَعْنَاهُ على الْأَوْجه كلهَا خلط أَنا بن جريج
أَنا أَبُو قزعة بِفَتْح الْقَاف وَالزَّاي وَحكي سكونها
أَن أَبَا نَضرة أخبرهُ وحسنا أخبرهما أَن أَبَا سعيد
الْخُدْرِيّ أخبرهُ قَالَ النَّوَوِيّ وَغَيره هَذَا
الْإِسْنَاد مَعْدُود فِي المشكلات ولإعضاله اضْطَرَبَتْ
فِيهِ أَقْوَال الْأَئِمَّة فَوَقع فِي مستخرج أبي نعيم
أَخْبرنِي أَبُو قزعة أَن أَبَا نَضرة وحسنا أخبرهما أَن
أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ أخبرهُ وَهَذَا يلْزم مِنْهُ أَن
يكون أَبُو قزعة هُوَ الَّذِي سمع من أبي سعيد وَهَذَا
مُنْتَفٍ بِلَا شكّ وَقَالَ أَبُو عَليّ الغساني الصَّوَاب
فِي الْإِسْنَاد عَن بن جريج أَخْبرنِي أَبُو قزعة أَن
أَبَا نَضرة وحسنا أخبراه أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ
أخبرهُ قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ أخبرهُ وَلم يقل أخبرهما
لِأَنَّهُ رد الضَّمِير إِلَى أبي نَضرة وَحده وَأسْقط
الْحسن لموْضِع الْإِرْسَال فَإِنَّهُ لم يسمع أَبَا سعيد
وَلم يلقه قَالَ وَهَذَا اللَّفْظ أخرجه أَبُو عَليّ بن
السكن فِي مُصَنفه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده الْكَبِير
قَالَ وَالْحسن هَذَا سَاقِطَة سَاقِطَة بسطَام بِكَسْر
الْمُوَحدَة وَحكي فتحهَا وَالصَّحِيح مَنعه من الصّرْف
لِأَنَّهُ أعجمي العيشي بالتحتية والشين الْمُعْجَمَة
نِسْبَة إِلَى بني عايش وَأَصله العايش مخفف
(1/30)
[20]
من فرق بتَشْديد الرَّاء وتخفيفها عقَالًا قيل المُرَاد
بِهِ زَكَاة عَام وَهُوَ مَعْرُوف بذلك لُغَة وَقيل
الْحَبل الَّذِي يعقل بِهِ الْبَعِير مُبَالغَة وَإِن
كَانَ لَا يجب دَفعه فِي الزَّكَاة وَلَا الْقِتَال
عَلَيْهِ كَحَدِيث لعن الله السَّارِق يسرق الْبَيْضَة
فتقطع يَده وَيسْرق الْحَبل فتقطع يَده قَالَ النَّوَوِيّ
وَغَيره وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح ثمَّ قيل المُرَاد قِيمَته
فِي زَكَاة النَّقْدَيْنِ وَقيل زَكَاته إِذا كَانَ من
عرُوض التِّجَارَة وَقيل هُوَ نَفسه وَأَن العقال يُؤْخَذ
من الْفَرِيضَة لِأَن على صَاحبهَا تَسْلِيمهَا وَإِنَّمَا
يَقع قبضهَا التَّام برباطها وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ
بدله عنَاقًا رَأَيْت علمت شرح فتح ووسع فَعرفت أَنه الْحق
أَي بِمَا أظهر عَلَيْهِ من الدَّلِيل فِي إِقَامَة
الْحجَّة لَا تقليدا الدَّرَاورْدِي بِفَتْح الدَّال
الْمُهْملَة بعْدهَا رَاء ثمَّ ألف ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة
ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ دَال أُخْرَى نِسْبَة إِلَى دَار
بجرد بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء وَالْمُوَحَّدَة وَكسر
الْجِيم مَدِينَة بِفَارِس من شواذ النّسَب وَقيل إِلَى
دراورد وَهِي دَار بجرد وَقيل قَرْيَة بخراسان وَقيل إِلَى
أندارية بِفَتْح الْهمزَة وَالدَّال بَينهمَا نون سَاكِنة
وَبعد الْألف مُوَحدَة ثمَّ سَاقِطَة سَاقِطَة الْجزع
بِفَتْح الْجِيم وَالزَّاي فِي جَمِيع الْأُصُول
وَالرِّوَايَات وَذهب قوم من أهل اللُّغَة إِلَى أَنه
بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَهُوَ من الضعْف
والخور وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَقَالَ عِيَاض نبهنا
غير وَاحِد من شُيُوخنَا على أَنه الصَّوَاب لأقررت بهَا
عَيْنك قَالَ ثَعْلَب معنى أقرّ الله عَيْنك أَي بلغه الله
أمْنِيته حَتَّى ترْضى نَفسه وتقر عينه أَي تسكن فَلَا
تستشرف لشَيْء وَقَالَ الْأَصْمَعِي مَعْنَاهُ أبرد الله
دمعه لِأَن دمعة الْفَرح بَارِدَة
(1/34)
[26]
الْوَلِيد بن مُسلم بن شهَاب الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ
أَبُو بشر أقدم من الْوَلِيد بن مُسلم الْأمَوِي
الدِّمَشْقِي أبي الْعَبَّاس صَاحب الْأَوْزَاعِيّ
وَالثَّانِي أعلم وَأجل الْحذاء بِالْمدِّ كَانَ يجلس فِي
الحذائين وَقيل كَانَ يَقُول احذ على هَذَا النَّحْو وَلم
يحذ نعلا قطّ
(1/35)
[27]
مغول بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة
وَفتح الْوَاو مصرف بِضَم الْمِيم وَفتح الصَّاد
الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وصحف من حكى فِيهَا الْفَتْح
حمائلهم رُوِيَ بِالْحَاء وَالْجِيم فَالْأول جمع حمولة
بِالْفَتْح وَهِي الْإِبِل الَّتِي تحمل وَالثَّانِي جمع
جمالة بِالْكَسْرِ جمع جمل بَقِي بِكَسْر الْقَاف ولغة
طَيء فتحهَا قَالَ وَقَالَ مُجَاهِد قَائِل ذَلِك طَلْحَة
بن مصرف وَذُو النواة بنواة الأول بِالتَّاءِ آخِره
وَالثَّانِي بحذفها وَفِي مستخرج أبي سَاقِطَة سَاقِطَة
دَاوُد بن رشيد بِضَم الرَّاء وَفتح الشين الْوَلِيد بن
مُسلم هُوَ الدِّمَشْقِي صَاحب الْأَوْزَاعِيّ هَانِئ
بِهَمْزَة آخِره جُنَادَة بِضَم الْجِيم أبي أُميَّة اسْمه
كَبِير بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ وَولده جُنَادَة صحابيان
من قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه الله وَحده لَا شريك لَهُ
وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله
وَابْن أمته وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم سمي كلمة
لِأَنَّهُ كَانَ بِكَلِمَة كن فخلق من غير أَب بِخِلَاف
غَيره من بني آدم وروح مِنْهُ أَي رَحْمَة ومتولد مِنْهُ
أَي لَيْسَ من أَب إِنَّمَا نفخ فِي أمه الرّوح وَقَالَ
بَعضهم أَي مخلوقة من عِنْده وإضافتها إِلَيْهِ إِضَافَة
تشريف أدخلهُ الله من أَي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية
شَاءَ قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ الَّذين
يدعونَ من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية أَرْبَعَة الأول
هَذَا وَالثَّانِي من مَاتَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم
الآخر وَالثَّالِث من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله
وَحَدِيثه فِي الصَّحِيح وَالرَّابِع من قَالَ بعد
الْوضُوء أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك
لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَحَدِيثه فِي
مُسلم قلت هم أَكثر من ذَلِك وَقد استوعبتهم فِي كتاب
الْبَعْث أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ من عمل قَالَ
النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على إِدْخَاله الْجنَّة فِي
الْجُمْلَة فَإِن كَانَ لَهُ معاص من الْكَبَائِر فَهُوَ
فِي الْمَشِيئَة فَإِن عذب ختم لَهُ بِالْجنَّةِ
(1/39)
[29]
بن عجلَان بِفَتْح الْعين عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان
بِفَتْح الْحَاء وبالموحدة عَن بن محيريز عَن الصنَابحِي
هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة تابعيون روى بَعضهم عَن بعض فِي
هَذَا الْإِسْنَاد بن عجلَان وَمن فَوْقه عَن عبَادَة بن
الصَّامِت أَنه قَالَ دخلت عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ
سَاقِطَة لقب ثمَّ اخْتلفُوا أَيهمَا اللقب فَقَالَ
جمَاعَة هداب وَعَلِيهِ البُخَارِيّ وَقَالَ آخَرُونَ هدبة
وَاخْتَارَهُ بن الصّلاح ردف بِكَسْر الرَّاء وَإِسْكَان
الدَّال وَهُوَ الرَّاكِب خلف الرَّاكِب وَمثله الرديف
وَأَصله من ركُوبه على الردف وَهُوَ الْعَجز مؤخرة الرحل
بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْهمزَة وَكسر الْخَاء
الْمُعْجَمَة أفْصح من فتح الْهمزَة وَالْخَاء
الْمُشَدّدَة وأفصح مِنْهُمَا آخِرَة بِهَمْزَة ممدودة
وَهُوَ الْعود الَّذِي يكون خلف الرَّاكِب يَا معَاذ بن
جبل بِنصب بن لَا غير وَفِي معَاذ النصب وَالضَّم لبيْك
الْأَشْهر أَن مَعْنَاهُ إِجَابَة لَك بعد إِجَابَة وَقيل
قربا مِنْك وَإجَابَة وَقيل قربا مِنْك وَطَاعَة وَقيل
أَنا مُقيم على طَاعَتك من ألب بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ
بِهِ وَلَزِمَه وألب لُغَة فِيهِ ونصبه على الْمصدر وَبني
على معنى التَّأْكِيد أَي إلبابا بك بعد الْبَاب
وَإِقَامَة بعد إِقَامَة وَسَعْديك قَالَ فِي الصِّحَاح
أَي إسعاد لَك بعد إسعاد والإسعاد الْإِعَانَة هَل تَدْرِي
مَا حق الله على الْعباد قَالَ صَاحب التَّحْرِير الْحق كل
مَوْجُود يتَحَقَّق أَو مَا سيوجد لَا محَالة فَالله هُوَ
الْحق الْمَوْجُود الأزلي وَالْمَوْت والساعة وَالنَّار حق
لِأَنَّهَا وَاقعَة لَا محَالة وَالْكَلَام الصدْق حق
بِمَعْنى أَن الشَّيْء الْمخبر عَنهُ بذلك الْخَبَر حق
وَاقع مُتَحَقق لَا تردد فِيهِ وَكَذَلِكَ الْحق
الْمُسْتَحق على الْغَيْر من غير أَن يكون فِيهِ تردد
فَمَعْنَى حق الله على الْعباد مَا يسْتَحقّهُ عَلَيْهِم
وَمعنى حق الْعباد على الله أَنه مُتَحَقق لَا محَالة
وَقَالَ غَيره إِنَّمَا يُقَال حَقهم على الله على جِهَة
الْمُقَابلَة لحقه عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ النَّوَوِيّ
وَيجوز أَن يكون نَحْو قَول الرجل لصَاحبه حَقك وَاجِب
عَليّ أَي متأكد قيامي بِهِ وَمِنْه حَدِيث حق على كل
مُسلم أَن يغْتَسل فِي كل سَبْعَة أَيَّام على حمَار
يُقَال لَهُ عفير هُوَ بِعَين مُهْملَة مَضْمُومَة وَفَاء
مَفْتُوحَة وَأَخْطَأ من أعجم الْعين قَالَ بن الصّلاح
وَلَعَلَّ هَذِه قَضِيَّة غير الْمرة الْمُتَقَدّمَة فِي
الحَدِيث السَّابِق فَإِن مؤخرة الرحل يخْتَص بِالْإِبِلِ
وَلَا يكون على حمَار قَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن
يَكُونَا قَضِيَّة وَاحِدَة وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ الأول
قدر مؤخرة الرحل أَن يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ شَيْء
قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا ضبطناه بِالْبِنَاءِ
للْمَفْعُول فيهمَا وَشَيْء بِالرَّفْع وَقَالَ بن الصّلاح
وَوَقع فِي الْأُصُول شَيْئا بِالنّصب وَهُوَ صَحِيح على
أَن يعبد الله بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة الْمَفْتُوحَة أَي
يعبد العَبْد الله وَلَا يُشْرك بِهِ شَيْئا أَو بالفوقية
الْمَفْتُوحَة خطابا لِمعَاذ أَو بالتحتية المضمومة وشيئا
كِنَايَة عَن الْمصدر لَا على الْمَفْعُول بِهِ أَي لَا
تشرك بِهِ إشراكا وَبِه هُوَ النَّائِب عَن الْفَاعِل
قَالَ وَإِذا لم يعين الروَاة شَيْئا من هَذِه الْوُجُوه
فَحق على من يرْوى هَذَا الحَدِيث منا أَن ينْطق بهَا
كلهَا وَاحِدًا بعد وَاحِد ليَكُون اتبَاعا لما هُوَ
الْمَقُول فِيهَا فِي نفس الْأَمر جزما حُسَيْن عَن
زَائِدَة هَذَا هُوَ الصَّوَاب حُسَيْن بِالسِّين هُوَ بن
عَليّ الْجعْفِيّ وَفِي بعض الْأُصُول حُصَيْن بالصَّاد
قَالَ عِيَاض وَهُوَ غلط نَحْو حَدِيثهمْ أَي أَن حَدِيث
الْقَاسِم شيخ مُسلم فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة نَحْو
حَدِيث شُيُوخ مُسلم الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورين فِي
الرِّوَايَات الْمُتَقَدّمَة هداب وَابْن أبي شيبَة وَابْن
الْمثنى وَابْن بشار
(1/44)
[31]
أَبُو كثير بِالْمُثَلثَةِ أَي يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن
أذينة وَيُقَال غفيلة بالغين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء
قعُودا حول يُقَال قعدنا حوله وحواليه وحواله بِفَتْح
اللَّام فِي جَمِيعهَا أَي على جوانبه مَعنا بِفَتْح
الْعين أفْصح من سكونها أَن يقتطع دُوننَا أَي يصاب بمكروه
وفزعنا قَالَ عِيَاض الْفَزع يكون بِمَعْنى الروع
وَبِمَعْنى الهيوب للشَّيْء والاهتمام بِهِ وَبِمَعْنى
الإغاثة قَالَ وَالثَّلَاثَة صَحِيحَة هُنَا أَي ذعرنا
لاحتباسه عَنَّا بِدَلِيل وخشينا أَن يقتطع دُوننَا وَيدل
للآخرين قَوْله فَكنت أول من فزع حَائِط أَي بُسْتَان سمي
بِهِ لِأَنَّهُ حَائِط لَا سقف لَهُ ربيع بِفَتْح الرَّاء
على اللَّفْظ المشتهر من بِئْر خَارِجَة ضبط
بِالتَّنْوِينِ فِي كل مِنْهُمَا وَآخر الثَّانِي تَاء على
أَنه صفة ل بِئْر وبتنوين بِئْر وَآخر خَارجه هَاء
مَضْمُومَة ضمير الْحَائِط أَي الْبِئْر فِي مَوضِع خَارج
عَن الْحَائِط وبإضافة بِئْر إِلَى خَارجه آخِره هَاء
التَّأْنِيث اسْم رجل وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور والبئر
مُؤَنّثَة مَهْمُوزَة وَيجوز تسهيلها مُشْتَقَّة من بأرت
أَي حفرت وَالربيع الْجَدْوَل هَذَا مدرج فِي الحَدِيث من
التَّفْسِير الْجَدْوَل بِفَتْح الْجِيم النَّهر الصَّغِير
فاحتفزت رُوِيَ بالراء وبالزاي وَالثَّانِي أصعب
وَمَعْنَاهُ تضاممت ليسعني الْمدْخل وَيدل عَلَيْهِ تشبيهه
بِفعل الثَّعْلَب وَهُوَ تضامه فِي المضايق أَبُو
هُرَيْرَة أَي أَنْت أَبُو هُرَيْرَة كنت بَين أظهرنَا فِي
بعض الْأُصُول ظهرينا وَأَعْطَانِي نَعْلَيْه ليَكُون
عَلامَة ظَاهِرَة مَعْلُومَة عِنْدهم يعْرفُونَ بهَا أَنه
لَقِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيكون أوقع فِي
نُفُوسهم لما يُخْبِرهُمْ بِهِ عَنهُ مُسْتَيْقنًا بهَا
قلبه ذكر الْقلب للتَّأْكِيد وَنفي توهم الْمجَاز وَإِلَّا
فالاستيقان لَا يكون إِلَّا بِهِ فَقلت هَاتين نعلا رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي
جَمِيع الْأُصُول بِنصب هَاتين وَرفع نعلا وَهُوَ صَحِيح
وَمَعْنَاهُ فَقلت يَعْنِي هَاتين هما نعلا فنصب هَاتين
بإضمار يَعْنِي وَحذف هما الْمُبْتَدَأ للْعلم بِهِ
بَعَثَنِي بهما بالتثنية وَفِي كثير من الْأُصُول بهاء
بِلَا مِيم وَهُوَ عَائِد إِلَى الْعَلامَة قَالَه
النَّوَوِيّ ثديي تَثْنِيَة ثدي بِفَتْح الثَّاء مُذَكّر
وَقد يؤنث وَاخْتلف فِي اخْتِصَاصه بِالْمَرْأَةِ
وَعَلِيهِ يكون إِطْلَاقه فِي الرجل مجَازًا واستعاره
فَخَرَرْت بِفَتْح الرَّاء الأولى لاستي هُوَ من أَسمَاء
الدبر فأجهشت بِالْجِيم والشين الْمُعْجَمَة والهمزة
وَالْهَاء مفتوحتان وَرُوِيَ فجهشت بِحَذْف الْألف يُقَال
جهشت جهشا وأجهشت إجهاشا قَالَ عِيَاض وَهُوَ أَن يفزع
الْإِنْسَان إِلَى غَيره وَهُوَ متغير الْوَجْه متهيء
للبكاء وَلما يبك بعد وَقَالَ الطَّبَرِيّ هُوَ الْفَزع
والإستغاثة وَقَالَ أَبُو زيد جهشت للبكاء والحزن والشوق
بكاء نصب على المفعولية وَرُوِيَ للبكاء وَهُوَ يمد وَيقصر
وركبني عمر أَي تَبِعنِي وَمَشى خَلْفي فِي الْحَال بِلَا
مهلة إثري بِكَسْر الْهمزَة وَإِسْكَان الْمُثَلَّثَة
وبفتحهما بِأبي أَنْت وَأمي أَي أفديك أَو أَنْت مفدى
(1/47)
[32]
تأثما بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْمُثَلَّثَة الْمُشَدّدَة
قَالَ أهل اللُّغَة تأثم الرجل إِذا فعل فعلا ليخرج بِهِ
من الْإِثْم وتحرج أَزَال عَنهُ الْحَرج وتحنث أَزَال
عَنهُ الْحِنْث وَمعنى تأثم معَاذ أَنه كَانَ يحفظ علما
يخَاف فَوَاته وذهابه بِمَوْتِهِ فخشي أَن يكون مِمَّن كتم
علما فَيكون آثِما فاحتاط وَأخْبر بِهَذِهِ السّنة
مَخَافَة من الْإِثْم وَعلم أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لم يَنْهَهُ عَن الْإِخْبَار بهَا نهي
تَحْرِيم أَو أَنه إِنَّمَا نَهَاهُ عَن الإذاعة والتبشير
الْعَام خوفًا من أَن يسمع ذَلِك من لَا خبْرَة لَهُ وَلَا
علم فيغتر ويتكل بِدَلِيل أَنه أَمر أَبَا هُرَيْرَة
بالتبشير فِي الحَدِيث السَّابِق فَيكون ذَلِك مَخْصُوصًا
بِمن أَمن عَلَيْهِ الاغترار والاتكال من أهل الْمعرفَة
فسلك معَاذ هَذَا المسلك فَأخْبر بِهِ من الْخَاصَّة من
رَآهُ أَهلا
(1/48)
[33]
عَن أنس حَدثنَا مَحْمُود بن الرّبيع عَن عتْبَان بن مَالك
هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة صحابيون يروي بَعضهم عَن بعض
وَرِوَايَة أنس عَن مَحْمُود من رِوَايَة الأكابر عَن
الأصاغر فَإِن أنسا أكبر سنا وعلما ومرتبة وعتبان بِكَسْر
الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَوْقِيَّة وموحدة أسندوا عظم
ذَلِك بِضَم الْعين وَإِسْكَان الظَّاء أَي معظمه وَكبره
بِضَم الْكَاف وَكسرهَا أَي أَنهم تحدثُوا وَذكروا شَأْن
الْمُنَافِقين وأفعالهم القبيحة وَمَا يلقون مِنْهُم
ونسبوا مُعظم ذَلِك إِلَى مَالك بن الدخشم بِضَم الدَّال
الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة بَينهمَا خاء مُعْجمَة
سَاكِنة آخِره مِيم بِلَا ألف وَلَام وَضبط فِي
الرِّوَايَة الثَّانِيَة بِزِيَادَة يَاء بعد الْخَاء على
التصغير وَألف وَلَام وَرُوِيَ فِي غير مُسلم بالنُّون بدل
الْمِيم مكبرا ومصغرا قَالَ بن الصّلاح وَيُقَال أَيْضا
بِكَسْر الدَّال والشين قَالَ بن عبد الْبر وَغَيره وَابْن
دخشم هَذَا من الْأَنْصَار شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا من
الْمشَاهد قَالَ وَلَا يَصح عَنهُ النِّفَاق فَإِنَّهُ قد
ظهر من حسن إِسْلَامه مَا منع من اتهامه قَالَ النَّوَوِيّ
وَقد نَص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إيمَانه
بَاطِنا وبراءته من النِّفَاق بقوله فِي رِوَايَة
البُخَارِيّ أَلا ترَاهُ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله
يَبْتَغِي بهَا وَجه الله ودوا أَنه أَصَابَهُ شَيْء فِي
بعض الْأُصُول شَرّ وَبَعضهَا بشر بِزِيَادَة الْبَاء
الجارة فَخط لي مَسْجِدا أَي أعلم لي على مَوضِع لأتخذه
مَوضِع صَلَاتي متبركا بآثاره
(1/50)
[34]
يزِيد بن الْهَاد يَقُوله المحدثون بِلَا يَاء
وَالْمُخْتَار عِنْد أهل الْعَرَبيَّة فِيهِ وَفِي
نَظَائِره الْيَاء ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه
رَبًّا قَالَ صَاحب التَّحْرِير معنى رضيت بالشَّيْء قنعت
بِهِ واكتفيت بِهِ وَلم أطلب مَعَه غَيره فَمَعْنَى
الحَدِيث لم يطْلب غير الله رَبًّا وَلم يسع فِي غير
طَرِيق الْإِسْلَام وَلم يسْلك إِلَّا مَا يُوَافق
شَرِيعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا شكّ أَن
من كَانَت هَذِه صفته فقد خلصت حلاوة الْإِيمَان إِلَى
قلبه وذاق طعمه وَقَالَ عِيَاض معنى الحَدِيث صَحَّ
إيمَانه واطمأنت بِهِ نَفسه وخامر بَاطِنه لِأَن رِضَاهُ
بالمذكورات دَلِيل لثُبُوت مَعْرفَته ونفاذ بصيرته ومخالطة
بشاشته قلبه لِأَن من رَضِي أمرا سهل عَلَيْهِ فَكَذَا
الْمُؤمن إِذا دخل قلبه الْإِيمَان سهلت عَلَيْهِ
الطَّاعَة ولذت لَهُ الْإِيمَان
(1/51)
[35]
الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ أَو بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة
قَالَ الْبَيْهَقِيّ الشَّك من سُهَيْل لَكِن رُوَاة أَبُو
دَاوُد وَغَيره بِرِوَايَة سُهَيْل بضع وَسَبْعُونَ بِلَا
شكّ وَعند التِّرْمِذِيّ من طَرِيق آخر أَرْبَعَة
وَسِتُّونَ وَضعف القَاضِي عِيَاض وَغَيره رِوَايَة بضع
وَسَبْعُونَ وَقَالَ بن الصّلاح اخْتلفُوا فِي التَّرْجِيح
وَالْأَشْبَه بالإتقان وَالِاحْتِيَاط تَرْجِيح رِوَايَة
الْأَقَل وَمِنْهُم من رجح رِوَايَة الْأَكْثَر
وَإِيَّاهَا اخْتَار الْحَلِيمِيّ والبضع بِكَسْر الْبَاء
وَفتحهَا مَا بَين الثَّلَاث أَو الْإِثْنَيْنِ وَالْعشر
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَورد فِي حَدِيث مَرْفُوع والشعبة
الْقطعَة من الشَّيْء وَالْمرَاد بهَا هُنَا الْخصْلَة
وَقد سردت هَذِه الشّعب فِيمَا علقته على البُخَارِيّ
الْحيَاء بِالْمدِّ الاستحياء قَالَ عِيَاض وَغَيره
وَإِنَّمَا عد من الْإِيمَان وَإِن كَانَ غريزة لِأَنَّهُ
قد يكون غريزة وَقد يكون اكتسابا كَسَائِر أَعمال الْبر
وَإِذا كَانَ غريزة فاستعماله على قانون الشَّرْع يحْتَاج
إِلَى اكْتِسَاب وَنِيَّة وَعلم فَهُوَ من الْإِيمَان
لهَذَا ولكونه باعثا على أَفعَال الْبر ومانعا من
الْمعاصِي إمَاطَة الْأَذَى تنحيته وإبعاده وَهُوَ كل مَا
يُؤْذِي من حجر أَو مدر أَو شوك أَو غَيره
(1/52)
[36]
يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء أَي ينهاه عَنهُ ويقبح لَهُ فعله
ويزجره عَن كثرته فَقَالَ الْحيَاء من الْإِيمَان عِنْد
البُخَارِيّ فَقَالَ دَعه فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان
(1/53)
[37]
ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى هَذَا الْإِسْنَاد وَالَّذِي
بعده رجالهما كلهم بصريون أما السوار بِفَتْح السِّين
وَتَشْديد الْوَاو وَآخره رَاء الْحيَاء لَا يَأْتِي
إِلَّا بِخَير اسْتشْكل من حَيْثُ أَن صَاحب الْحيَاء قد
يستحيي أَن يواجه بِالْحَقِّ من لَا يَفْعَله فَيتْرك أمره
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيه عَن الْمُنكر وَقد يحملهُ
الْحيَاء عَن الْإِخْلَال بِبَعْض الْحُقُوق وَغير ذَلِك
مِمَّا هُوَ مَعْرُوف فِي الْعَادة وَأجَاب بن الصّلاح
وَغَيره بِأَن هَذَا الْمَانِع لَيْسَ بحياء حَقِيقَة بل
هُوَ عجز وخور ومهانة وَإِنَّمَا يُطلق عَلَيْهِ أهل
الْعرف حَيَاء مجَازًا لمشابهته الْحيَاء الْحَقِيقِيّ
وَحَقِيقَة الْحيَاء خلق يبْعَث على ترك الْقَبِيح
وَيمْنَع من التَّقْصِير فِي حق ذِي الْحق بشير بن كَعْب
بِضَم الْبَاء وَفتح الْمُعْجَمَة ضعف بِالْفَتْح وَالضَّم
حَتَّى احمرتا عَيناهُ كَذَا فِي الْأُصُول وَهُوَ جَار
على لُغَة أكلوني البراغيث وَفِي سنَن أبي دَاوُد
احْمَرَّتْ بِلَا ألف وَهُوَ أدل دَلِيل على أَن ذَلِك
تعبيرات الروَاة وتعارض فِيهِ أَي تَأتي بِكَلَام فِي
مُقَابلَته وتعترض بِمَا يُخَالِفهُ إِنَّه منا أَي لَيْسَ
مِمَّن يتهم بِنفَاق أَو زندقة أَو بِدعَة يَا أَبَا نجيد
بِضَم النُّون وَفتح الْجِيم آخِره دَال مُهْملَة كنية
عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أَبُو نعَامَة بِفَتْح
النُّون
(1/55)
[38]
آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم هَذَا من جَوَامِع الْكَلم
وَهُوَ مُطَابق لقَوْله تَعَالَى إِن الَّذين قَالُوا
رَبنَا الله ثمَّ استقاموا أَي وحدوه وآمنوا بِهِ ثمَّ
استقاموا فَلم يحيدوا عَن توحيدهم والتزموا طَاعَته إِلَى
أَن توفوا على ذَلِك وَهُوَ معنى الحَدِيث قَالَه عِيَاض
وَقَالَ الْقشيرِي الاسْتقَامَة دَرَجَة بهَا كَمَال
الْأُمُور وتمامها وبوجودها حُصُول الْخيرَات ونظامها
وَقيل الاسْتقَامَة لَا يطيقها إِلَّا الأكابر لِأَنَّهَا
الْخُرُوج عَن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات
وَالْقِيَام بَين يَدي الله على حَقِيقَة الصدْق وَلذَلِك
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَقِيمُوا وَلنْ
تُحْصُوا وَقَالَ الوَاسِطِيّ الْخصْلَة الَّتِي بهَا كملت
المحاسن وبفقدها قبحت المحاسن الاسْتقَامَة قَالَ
النَّوَوِيّ وَلم يرو مُسلم لِسُفْيَان بن عبد الله رَاوِي
هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير
هَذَا الحَدِيث وَلم يروه البُخَارِيّ وَلَا روى لَهُ فِي
صَحِيحه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا وروى
التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث وَزَاد فِيهِ قلت يَا رَسُول
الله مَا أخوف مَا تخَاف عَليّ قَالَ هَذَا وَأخذ
بِلِسَانِهِ
(1/56)
[39]
وَحدثنَا مُحَمَّد بن رمح هَذَا الْإِسْنَاد وَالَّذِي
بعده رِجَالهمْ كلهم مصريون أَئِمَّة أجلة قَالَ
النَّوَوِيّ وَهَذَا من عَزِيز الْأَسَانِيد فِي مُسلم بل
وَفِي غَيره فَإِن اتِّفَاق جَمِيع الروَاة فِي كَونهم
مصريين فِي غَايَة الْقلَّة ويزداد قلَّة بِاعْتِبَار
الْعَدَالَة أَي الْإِسْلَام خير أَي خصاله أَي أُمُوره
وأحواله وَإِنَّمَا وَقع اخْتِلَاف الْجَواب فِي خير
الْمُسلمين لاخْتِلَاف حَال السَّائِلين أَو الْحَاضِرين
وَكَانَ فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ الْحَاجة إِلَى إفشاء
السَّلَام وإطعام الطَّعَام أَكثر وأهم لما حصل من
إهمالهما والتساهل فِي أَمرهمَا أَو نَحْو ذَلِك وَفِي
الْموضع الآخر الْكَفّ عَن إِيذَاء الْمُسلمين وتقرأ
السَّلَام على من عرفت وَمن لم تعرف أَي تسلم على كل من
لَقيته وَلَا تخص بِهِ من تعرفه وَهَذَا الْعُمُوم
مَخْصُوص بِالْمُسْلِمين
(1/57)
[40]
الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده أَي
الْمُسلم الْكَامِل وَلَيْسَ المُرَاد نفي الْإِسْلَام
عَمَّن لم يكن بِهَذِهِ الْخصْلَة بِدَلِيل قَوْله فِي
الحَدِيث قبله أَي الْمُسلمين خير وَالْمعْنَى من لم يؤذ
مُسلما بقول وَلَا فعل وَخص الْيَد بِالذكر لِأَن مُعظم
الْأَفْعَال بهَا قَالَ النَّوَوِيّ ثمَّ إِن كَمَال
الْإِسْلَام وَالْمُسلم يتَعَلَّق بخصال أخر كَثِيرَة
وَإِنَّمَا خص الْمَذْكُور للْحَاجة الراهنة فَائِدَة زَاد
البُخَارِيّ بعد هَذِه الْجُمْلَة من حَدِيث بن عَمْرو
وَالْمُهَاجِر من هجر مَا نهى الله عَنهُ وَزَاد الْحَاكِم
وَابْن حبَان من حَدِيث أنس وَالْمُؤمن من أَمنه النَّاس
(1/58)
[43]
حَدِيث أنس عَن أبي قلَابَة بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف
اللَّام وبالموحدة ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة
الْإِيمَان قَالَ الْعلمَاء معنى حلاوة الْإِيمَان
استلذاذه بالطاعات وَتحمل المشاق فِي رضى الله وَرَسُوله
وإيثار ذَلِك على عرض الدُّنْيَا ومحبة العَبْد ربه بِفعل
طَاعَته وَترك مُخَالفَته وَكَذَلِكَ محبَّة رَسُوله
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا الحَدِيث بِمَعْنى الحَدِيث
الْمُتَقَدّم ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه رَبًّا
الحَدِيث وَذَلِكَ أَنه لَا يَصح محبَّة الله وَرَسُوله
حَقِيقَة وَحب الْآدَمِيّ فِي الله وَكَرَاهَة الرُّجُوع
فِي الْكفْر إِلَّا لمن قوي بِالْإِيمَان يقينه واطمأنت
بِهِ نَفسه وانشرح لَهُ صَدره وخالط لَحْمه وَدَمه وَهَذَا
هُوَ الَّذِي وجد حلاوته قَالَ وَالْحب فِي الله من
ثَمَرَات حب الله يعود أَي يصير وَكَذَا قَوْله فِي
الرِّوَايَة الثَّانِيَة يرجع
(1/59)
[44]
شَيبَان بن أبي شيبَة هُوَ بن فروخ لَا يُؤمن أحدكُم
حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده وَالنَّاس
أَجْمَعِينَ قَالَ الْخطابِيّ أَرَادَ بِهِ حب
الِاخْتِيَار لَا حب الطَّبْع لِأَن حب الْإِنْسَان نَفسه
وَأَهله طبع وَلَا سَبِيل إِلَى قلبه قَالَ فَمَعْنَاه لَا
يصدق فِي إيمَانه حَتَّى يفنى فِي طَاعَتي نَفسه ويؤثر
رضاي على هَوَاهُ وَإِن كَانَ فِيهِ هَلَاكه وَقَالَ
عِيَاض وَغَيره الْمحبَّة ثَلَاثَة أَقسَام 1 محبَّة إجلال
وإعظام ك محبَّة الْوَالِد 2 محبَّة شَفَقَة وَرَحْمَة
كمحبة الْوَلَد 3 ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سَائِر
النَّاس فَجمع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقسَام الْمحبَّة
فِي محبته وَقَالَ بن بطال معنى الحَدِيث أَن من اسْتكْمل
الْإِيمَان علم أَن حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ
آكِد من حق أَبِيه وَابْنه وَالنَّاس أَجْمَعِينَ
لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استنقذنا من النَّار
وهدانا من الضلال
(1/60)
[45]
لَا يُؤمن أحدكُم أَي الْإِيمَان التَّام حَتَّى يحب
لِأَخِيهِ أَو جَاره كَذَا فِي مُسْند عبد على الشَّك
أَيْضا وَفِي البُخَارِيّ وَغَيره لِأَخِيهِ من غير شكّ
قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد يحب لَهُ من الطَّاعَات
والأشياء الْمُبَاحَات وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة
النَّسَائِيّ حَتَّى يحب لِأَخِيهِ من الْخَيْر قَالَ بن
أبي زيد الماكي جماع آدَاب الْخَيْر تتفرع من أَرْبَعَة
أَحَادِيث 1 حَدِيث لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ
مَا يحب لنَفسِهِ 2 وَحَدِيث من كَانَ يُؤمن بِاللَّه
وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو لِيَسْكُت 3 وَحَدِيث
من حسن إِسْلَام الْمَرْء تَركه مَا لَا يعنيه 4 وَقَوله
للَّذي اختصر لَهُ وَصِيَّة لَا تغْضب
(1/61)
[46]
لَا يدْخل الْجنَّة هُوَ مَحْمُول على المستحل أَو على نفي
دُخُولهَا وَقت دُخُول الفائزين إِذا فتحت أَبْوَابهَا
بوائقه جمع بائقة وَهِي الغائلة والفتك
(1/62)
[47]
فَلْيقل خيرا أَو ليصمت بِضَم الْمِيم أَي يسكت قَالَ
النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ إِذا أَرَادَ أَن يتَكَلَّم فَإِن
كَانَ مَا يتَكَلَّم بِهِ خيرا محققا يُثَاب عَلَيْهِ
وَاجِبا كَانَ أَو مَنْدُوبًا فَلْيَتَكَلَّمْ وَإِن لم
يظْهر لَهُ أَنه خير يُثَاب عَلَيْهِ فليمسك عَن الْكَلَام
فعلى هَذَا يكون الْمُبَاح مَأْمُورا بالإمساك عَنهُ خوف
انجراره إِلَى الْحَرَام وَالْمَكْرُوه فَلَا يُؤْذِي
كَذَا فِي الْأُصُول بِالْيَاءِ وَفِي غير مُسلم بحذفها
على النَّهْي فَالْأول خبر بِمَعْنَاهُ
(1/63)
[49]
أول من بَدَأَ بِالْخطْبَةِ يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة
مَرْوَان يرد بِهِ على من قَالَ أول من فعله عمر أَو
عُثْمَان أَو مُعَاوِيَة حَكَاهَا عِيَاض فَقَامَ إِلَيْهِ
رجل فَقَالَ الصَّلَاة قبل الْخطْبَة فَقَالَ أَبُو سعيد
أما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيّ قد
يُقَال كَيفَ يتَأَخَّر أَبُو سعيد عَن إِنْكَار هَذَا
الْمُنكر حَتَّى سبقه إِلَيْهِ هَذَا الرجل وَجَوَابه أَنه
يحْتَمل أَن أَبَا سعيد لم يكن حَاضرا أول مَا شرع
مَرْوَان فَأنْكر عَلَيْهِ الرجل ثمَّ دخل أَبُو سعيد وهما
فِي الْكَلَام وَيحْتَمل أَنه كَانَ حَاضرا وَلكنه خَافَ
حُصُول فتْنَة بإنكاره أَو أَنه هم بالإنكار فبدره الرجل
فعضده أَبُو سعيد قَالَ مَعَ أَن فِي رِوَايَة تَأتي فِي
الْعِيد أَن أَبَا سعيد هُوَ الَّذِي جبذ يَد مَرْوَان
حِين رَآهُ يصعد الْمِنْبَر فَرد عَلَيْهِ مَرْوَان بِمثل
مَا رد على الرجل فَيحْتَمل أَنَّهُمَا قضيتان إِحْدَاهمَا
لأبي سعيد وَالْأُخْرَى للرجل بِحَضْرَتِهِ انْتهى وَبِه
جزم بن حجر لِأَن فِي أول هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد
وَابْن ماجة أَن مَرْوَان أخرج الْمِنْبَر يَوْم الْعِيد
وَأَن الرجل أنكرهُ أَيْضا وَفِي حَدِيث إِنْكَار أبي سعيد
أَن مَرْوَان خطب على مِنْبَر بني بالمصلى وَلِأَن بِنَاء
الْمِنْبَر بالمصلى بعد قصَّة إِخْرَاج الْمِنْبَر وإنكاره
من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره هُوَ أَمر إِيجَاب على
الْأمة قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا مُخَالفَة بَينه وَبَين
قَوْله تَعَالَى عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا
اهْتَدَيْتُمْ لِأَن الصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين فِي
معنى الْآيَة أَنكُمْ إِذا فَعلْتُمْ مَا كلفتم بِهِ لَا
يضركم تَقْصِير غَيْركُمْ مثل قَوْله وَلَا تزر وَازِرَة
وزر أُخْرَى فَإِذا فعل مَا كلف بِهِ من الْأَمر
وَالنَّهْي وَلم يمتثل الْمُخَاطب فَلَا عتب بعد ذَلِك على
الْآمِر والناهي لِأَنَّهُ أدّى مَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا
عَلَيْهِ الْأَمر وَالنَّهْي لَا الْقبُول انْتهى فبقلبه
أَي فليكرهه بِقَلْبِه على حد علفتها تبنا وَمَاء وَذَلِكَ
أَضْعَف الْإِيمَان أَي أَقَله ثَمَرَة وَعَن قيس عطف على
إِسْمَاعِيل
(1/65)
[50]
صَالح هُوَ وَالْأَرْبَعَة فَوْقه تابعيون الْحَارِث هُوَ
بن فُضَيْل الْأنْصَارِيّ ثِقَة لم يُضعفهُ أحد وَقد أنكر
أَحْمد بن حَنْبَل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث
اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي قَالَ بن الصّلاح لم ينْفَرد
الْحَارِث بل توبع عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ كَلَام
صَالح عقب الحَدِيث فِي قَوْله وَقد تحدث بِنَحْوِ ذَلِك
عَن أبي رَافع وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل أَنه
رُوِيَ من وُجُوه أخر مِنْهَا عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ
عَن بن مَسْعُود مَرْفُوعا وَأما حَدِيث اصبرو حَتَّى
تَلْقَوْنِي فَمَحْمُول على مَا إِذا لزم مِنْهُ سفك
الدِّمَاء أَو إثارة الْفِتَن وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا
الحَدِيث فِيمَا إِذا لم يلْزم ذَلِك على أَن هَذَا
الحَدِيث مسوق فِيمَا سبق من الْأُمَم وَلَيْسَ فِي لَفظه
ذكر هَذِه الْأمة حواريون خُلَاصَة أَصْحَاب الْأَنْبِيَاء
وأصفياؤهم وَقيل أنصارهم وَقيل الَّذين يصلحون للخلافة
بعدهمْ ثمَّ إِنَّهَا ضمير الْقِصَّة تخلف بِضَم اللَّام
تحدث خلوف بِضَم الْخَاء جمع خلف بِفَتْحِهَا وَسُكُون
اللَّام وَهُوَ الخالف بشر أما بِفَتْح اللَّام فَهُوَ
الخالف بِخَير على الْمَشْهُور فيهمَا فَنزل بقناة فِي بعض
الْأُصُول بِالْقَافِ وَآخره تَاء التَّأْنِيث وَاد من
أَوديَة الْمَدِينَة وَفِي أَكْثَرهَا بفنائه بفاء
مَكْسُورَة وَمد وَآخره هَاء الضَّمِير والفناء مَا بَين
الْمنَازل والدور وَادّعى عِيَاض أَنه تَصْحِيف تحدث بِضَم
التَّاء والحاء بهدية بِفَتْح الْهَاء وَإِسْكَان الدَّال
سمته وطريقته أَي المحمودة
(1/67)
[51]
أَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو الْيمن فَقَالَ الْإِيمَان هَهُنَا
قيل قَالَ ذَلِك وَهُوَ بتبوك فَأَشَارَ إِلَى نَاحيَة
الْيمن وَهُوَ يُرِيد مَكَّة وَالْمَدينَة لِكَوْنِهِمَا
حِينَئِذٍ من نَاحيَة الْيمن وَقيل أَرَادَ الْأَنْصَار
لأَنهم يمانيون فِي الأَصْل فنسب الْإِيمَان إِلَيْهِم
لأَنهم أنصاره قَالَ بن الصّلاح وَيَردهُ قَوْله فِي
الحَدِيث الَّذِي بعده جَاءَ أهل الْيمن وأتاكم أهل الْيمن
وَالْأَنْصَار من جملَة المخاطبين بذلك فهم إِذن غَيرهم
فَالظَّاهِر أَن المُرَاد الْيمن وَأَهله حَقِيقَة ثمَّ
إِنَّه وَصفهم بِمَا يَقْتَضِي كَمَال إِيمَانهم ورتب
عَلَيْهِ الْإِيمَان فَكَانَ ذَلِك إِشَارَة إِلَى من
أَتَى من أهل الْيمن وَلَا مَانع من إجرائه على ظَاهره
لِأَن من اتّصف بِشَيْء وَقَوي قِيَامه بِهِ نسب ذَلِك
الشَّيْء إِلَيْهِ إشعارا بتميزه بِهِ وَكَمَال حَاله
فِيهِ من غير نفي لَهُ عَن غَيرهم ثمَّ المُرَاد
الْمَوْجُود مِنْهُم حِينَئِذٍ لَا كل أهل الْيمن فِي كل
زمَان الْفَدادِين بتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الأولى
جمع فداد من الفديد وَهُوَ الصَّوْت الشَّديد وهم المكثرون
من الْإِبِل لأَنهم تعلو أَصْوَاتهم عِنْد سوقهم لَهَا
وَلِهَذَا قَالَ عِنْد أصُول أَذْنَاب الْإِبِل ف عِنْد
مُتَعَلقَة ب الْفَدادِين أَي الصياحين عِنْدهَا حَيْثُ
يطلع قرنا الشَّيْطَان أَي جانبا رَأسه وَقيل جمعاه
اللَّذَان يغريهما بإضلال النَّاس وَقيل شعبتاه من
الْكفَّار وَالْمرَاد اخْتِصَاص أهل الْمشرق بمزيد من تسلط
الشَّيْطَان وَمن الْكفْر فِي ربيعَة وَمُضر بدل من قَوْله
فِي الْفَدادِين بِإِعَادَة الْجَار
(1/68)
[52]
الْفِقْه أَي الْفَهم فِي الدّين وَالْحكمَة قَالَ
النَّوَوِيّ فِيهَا أَقْوَال كَثِيرَة مضطربة اقْتصر كل من
قائليها على بعض صِفَات الْحِكْمَة وَقد صفي لنا مِنْهَا
أَنَّهَا عبارَة عَن الْعلم المتصف بِالْأَحْكَامِ
الْمُشْتَمل على الْمعرفَة بِاللَّه تَعَالَى المصحوب
بنفاذ البصيرة وتهذيب النَّفس وَتَحْقِيق الْحق وَالْعَمَل
بِهِ والصد عَن اتِّبَاع الْهوى وَالْبَاطِل والحكيم من
لَهُ ذَلِك وَقَالَ بن دُرَيْد كل كلمة وعظتك أَو زجرتك
أَو دعتك إِلَى مكرمَة أَو نهتك عَن قَبِيح فَهِيَ حِكْمَة
وَمِنْه الحَدِيث إِن من الشّعْر ل حِكْمَة أَضْعَف قلوبا
وأرق أَفْئِدَة قَالَ بن الصّلاح الْمَشْهُور أَن
الْفُؤَاد هُوَ الْقلب فكرره بلفظين وَوَصفه بوصفين الرقة
والضعف وَالْمعْنَى أَنَّهَا ذَات خشيَة واستكانة سريعة
الاستجابة والتأثر بقوارع التَّذْكِير سَالِمَة من الشدَّة
وَالْقَسْوَة والغلظة الَّتِي وصف بهَا قُلُوب أُولَئِكَ
وَقيل الْفُؤَاد غير الْقلب فَقيل عينه وَقيل بَاطِنه
وَقيل غشاؤه راس الْكفْر نَحْو الْمشرق قَالَ بن الصّلاح
وَالنَّوَوِيّ كَانَ ذَلِك فِي عَهده صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حِين قَالَ ذَلِك وَيكون حِين يخرج الدَّجَّال
وَهُوَ فِيمَا بَين ذَلِك منشأ الْفِتَن الْعَظِيمَة ومثار
التّرْك الغاشمة العاتية الشَّدِيدَة الْبَأْس الْفَخر
هُوَ الافتخار وعد المآثر الْقَدِيمَة الْعَظِيمَة
وَالْخُيَلَاء الْكبر واحتقار النَّاس أهل الْوَبر هُوَ
خَاص بِالْإِبِلِ والسكينة الطُّمَأْنِينَة والسكون
(1/70)
[53]
الْإِيمَان فِي أهل الْحجاز لَا يُنَافِي قَوْله
الْإِيمَان يمَان لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ النَّفْي عَن
غَيرهم كَمَا تقدم قَالَه بن الصّلاح
(1/71)
[54]
وَلَا تؤمنوا كَذَا فِي جَمِيع الْأُصُول بِحَذْف النُّون
وَهِي لُغَة مَعْرُوفَة وَالْمرَاد نفي كَمَال الْإِيمَان
أفشوا السَّلَام بِهَمْزَة قطع مَفْتُوحَة قَالَ
النَّوَوِيّ السَّلَام أول أَسبَاب التآلف ومفتاح استجلاب
الْمَوَدَّة وَفِي إفشائه تمكن ألفة الْمُسلمين بَعضهم
لبَعض وَإِظْهَار شعارهم الْمُمَيز لَهُم عَن غَيرهم من
أهل الْملَل مَعَ مَا فِيهِ من رياضة النُّفُوس وَلُزُوم
التَّوَاضُع وإعظام حرمات الْمُسلمين قَالَ وَفِي حَدِيث
آخر وبذل السَّلَام للْعَالم وَالسَّلَام على من عرفت وَمن
لم تعرف وهما بِمَعْنى إفشاء السَّلَام قَالَ وفيهَا
لَطِيفَة أُخْرَى وَهِي أَنَّهَا تَتَضَمَّن رفع التقاطع
والتهاجر والشحناء وَفَسَاد ذَات الْبَين الَّتِي هِيَ
الحالقة وَأَن سَلَامه لله تَعَالَى لَا يتبع فِيهِ
هَوَاهُ ويخص فِيهِ أحبابه
(1/72)
[55]
عَن تَمِيم الدَّارِيّ لَيْسَ لَهُ فِي مُسلم غير هَذَا
الحَدِيث وَهُوَ من أَفْرَاده وَلَيْسَ لَهُ عِنْد
البُخَارِيّ شَيْء الدّين النَّصِيحَة قَالَ الْخطابِيّ
وَهِي كلمة جَامِعَة مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظ للمنصوح
لَهُ وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة مُفْردَة
يَسْتَوْفِي بهَا الْعبارَة غير مَعْنَاهَا كَمَا أَنه
لَيْسَ فِي كَلَامهم كلمة أجمع لخير الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة من لفظ الصّلاح وَأَخذهَا من نصح الرجل ثَوْبه
خاطه شبه فعل الناصح فِيمَا يتحراه من صَلَاح المنصوح لَهُ
بِمَا يسْندهُ من خلل الثَّوْب وَقيل من نصحت الْعَسَل
إِذا صفيته من الشمع شبه بِهِ تَخْلِيص القَوْل من الْغِشّ
وَمعنى الحَدِيث عماد الدّين وقوامه النَّصِيحَة كَقَوْلِه
الْحَج عَرَفَة أَي عماده ومعظمه وَقد قَالَ الْعلمَاء إِن
هَذَا الحَدِيث ربع الْإِسْلَام أَي أحد أَحَادِيث أَربع
يَدُور عَلَيْهَا قَالَ النَّوَوِيّ بل الْمدَار عَلَيْهِ
وَحده لله إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء النَّصِيحَة لله
مَعْنَاهَا الْإِيمَان بِهِ وَوَصفه بِمَا يجب لَهُ
وتنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ وإتيان طَاعَته وَترك
مَعَاصيه وموالاة من أطاعه ومعاداة من عَصَاهُ وَجِهَاد من
كفر بِهِ وَالِاعْتِرَاف بنعمه وَالشُّكْر عَلَيْهَا
وَالْإِخْلَاص فِي جَمِيع الْأُمُور وَالدُّعَاء إِلَى
جَمِيع الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة والتلطف فِي جَمِيع
النَّاس عَلَيْهَا قَالَه الْخطابِيّ وَحَقِيقَة هَذِه
الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة رَاجِعَة إِلَى العَبْد فِي
نصحه نَفسه فَإِن الله غَنِي عَن نصح الناصح والنصيحة
لكتابه مَعْنَاهَا الْإِيمَان بِأَنَّهُ كَلَامه تَعَالَى
وتنزيله لَا يُشبههُ شَيْء من كَلَام الْخلق وَلَا يقدر
على مثله أحد ثمَّ تَعْظِيمه وتلاوته حق تِلَاوَته
وتحسينها بالخشوع عِنْدهَا وَإِقَامَة حُرُوفه فِي
التِّلَاوَة والذب عَنهُ لتأويل المحرفين وَطعن الطاعنين
والتصديق بِمَا فِيهِ وَالْوُقُوف مَعَ أَحْكَامه وتفهم
علومه وَالِاعْتِبَار بمواعظه والتفكر فِي عجائبه
وَالْعَمَل بمحكمه وَالتَّسْلِيم لمتشابهه والبحث عَن
عُمُومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه وَنشر علومه وَالدُّعَاء
إِلَيْهِ وَإِلَى مَا ذكرنَا من نصيحته والنصيحة لرَسُوله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَصْدِيقه فِي الرسَالَة
وَالْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ وطاعته فِي أمره
وَنَهْيه ونصرته حَيا وَمَيتًا وموالاة من وَالَاهُ
ومعاداة من عَادَاهُ وإعظام حَقه وتوقيره وإحياء طَرِيقَته
وسنته وَبث دَعوته وَنشر شَرِيعَته وَنفي التُّهْمَة
عَنْهَا واستثارة علومها والتفقه فِي مَعَانِيهَا
وَالدُّعَاء إِلَيْهَا والتلطف فِي تعلمهَا وَتَعْلِيمهَا
وإعظامها وإجلالها والتأدب عِنْد قرَاءَتهَا والإمساك عَن
الْكَلَام فِيهَا بِغَيْر علم وإجلال أَهلهَا لانتسابهم
إِلَيْهَا والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه ومحبة أهل بَيته
وَأَصْحَابه ومجانبة من ابتدع فِي سنته أَو تعرض لأحد من
أَصْحَابه وَنَحْو ذَلِك والنصيحة لأئمة الْمُسلمين
معاونتهم على الْحق وطاعتهم فِيهِ وَأمرهمْ بِهِ وتذكيرهم
بِرِفْق ولطف وإعلامهم بِمَا غفلوا عَنهُ من حُقُوق
الْمُسلمين وَترك الْخُرُوج عَلَيْهِم وتألف قُلُوب
النَّاس لطاعتهم وَالصَّلَاة خَلفهم وَالْجهَاد مَعَهم
وَأَدَاء الصَّدقَات لَهُم وَأَن لَا يطروا بالثناء
الْكَاذِب وَأَن يدعى لَهُم بالصلاح هَذَا على أَن
المُرَاد بالأئمة الْوُلَاة وَقيل هم الْعلمَاء فنصيحتهم
قبُول مَا رَوَوْهُ وتقليدهم فِي الْأَحْكَام وإحسان
الظَّن بهم والنصيحة للعامة إرشادهم لمصالحهم فِي آخرتهم
ودنياهم وكف الْأَذَى عَنْهُم وتعليمهم مَا جهلوه وَستر
عَوْرَاتهمْ وسد خلاتهم وَأمرهمْ بِالْمَعْرُوفِ ونهيهم
عَن الْمُنكر بِرِفْق والشفقة عَلَيْهِم وتوقير كَبِيرهمْ
وَرَحْمَة صَغِيرهمْ والذب عَن أَمْوَالهم وأعراضهم وَأَن
يحب لَهُم مَا يحب لنَفسِهِ وحثهم على التخلق بِجَمِيعِ
مَا ذكر من أَنْوَاع النَّصِيحَة سمع جَرِيرًا يَقُول
بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النصح لكل
مُسلم قد وفى جرير بذلك حَتَّى أَنه أَمر مَوْلَاهُ أَن
يَشْتَرِي لَهُ فرسا فَاشْترى لَهُ فرسا بثلاثمائة دِرْهَم
وَجَاء بِهِ وبصاحبه لينقده الثّمن فَقَالَ جرير لصَاحب
الْفرس فرسك خير من ثَلَاثمِائَة ثمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ
بثمانمائة دِرْهَم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِنِّي
بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النصح لكل
مُسلم أخرجه الطَّبَرَانِيّ فلقنني فِيمَا اسْتَطَعْت
بِفَتْح التَّاء النصح يجوز رَفعه وجره عطفا على السّمع
وَالطَّاعَة
(1/76)
[57]
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن أَي
كَامِل الْإِيمَان كَذَا يؤوله الْجُمْهُور وَامْتنع
سُفْيَان من تَأْوِيل مثل هَذَا بل أطلق كَمَا أطلقهُ
الشَّارِع لقصد الزّجر والتنفير وَعَلِيهِ السَّادة
الصُّوفِيَّة وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيّ هَذَا الحَدِيث
وَمَا أشبهه نؤمن بهَا ونمرها على مَا جَاءَت وَلَا يخاض
فِي مَعْنَاهَا فَإنَّا لَا نعلمهُ وَلَا يشرب الْخمر
الْفَاعِل مَحْذُوف أَي الشَّارِب يدل عَلَيْهِ يشرب
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يلْحق مَعَهُنَّ أَي رِوَايَة عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا من عِنْد نَفسه
قَالَه بن الصّلاح وَقَالَ غَيره إِنَّه مدرج من قَوْله
وَلِهَذَا حذفه البُخَارِيّ نهبة بِضَم النُّون مَا ينهب
ذَات شرف بشين مُعْجمَة مَفْتُوحَة أَي ذَات قدر عَظِيم
وَقيل ذَات استشراف يتشرف النَّاس بهَا ناظرين إِلَيْهَا
رافعي أَبْصَارهم وَضَبطه بَعضهم بِالْمُهْمَلَةِ وَفَسرهُ
أَيْضا بِذَات قدر عَظِيم قَالَ عِيَاض نبه بِهَذَا
الحَدِيث على جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي فبالزنى على
جَمِيع الشَّهَوَات وبالسرقة على الرَّغْبَة فِي
الدُّنْيَا والحرص على الْحَرَام وبالخمر على جَمِيع مَا
يصد عَن الله وَيُوجب الْغَفْلَة عَن حُقُوقه وبالنهبة على
الاستخفاف بعباد الله وَترك توقيرهم وَالْحيَاء مِنْهُم
وَجمع الدُّنْيَا من غير وَجههَا واقتص الحَدِيث يذكر
قَالَ بن الصّلاح وَالنَّوَوِيّ كَذَا وَقع يذكر من غير
هَاء الضَّمِير فإمَّا أَنه على حذفهَا أَو يقْرَأ
بِالْيَاءِ المضمومة فعلا مَبْنِيا للْمَفْعُول على أَنه
حَال أَي اقْتصّ الحَدِيث مَذْكُورا مَعَ ذكر النهبة
فإياكم إيَّاكُمْ مكررا أَي احْذَرُوا
(1/78)
[58]
أَربع من كن فِيهِ كَانَ منافقا خَالِصا اسْتشْكل بوجودها
فِي كثير من الْمُؤمنِينَ وَأجِيب بِأَن معنى الحَدِيث أَن
هَذِه خِصَال نفاق وصاحبها شَبيه بالمنافقين فِي هَذِه
الْخِصَال ومتخلق بأخلاقهم فَإِن النِّفَاق هُوَ إِظْهَار
مَا يبطن خِلَافه وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِيهِ ونفاقه
فِي حق من حَدثهُ ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من النَّاس
لَا أَنه مُنَافِق فِي الْإِسْلَام فيظهره وَهُوَ مبطن
الْكفْر وَلم يرد أَنه مُنَافِق نفاق الْكفْر المخلد فِي
الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَقَوله خَالِصا أَي
شَدِيدا يشبه بالمنافقين بِسَبَب هَذِه الْخِصَال قَالَ
بَعضهم وَهَذَا فِيمَن كَانَت هَذِه الْخِصَال غالبة
عَلَيْهِ فَأَما من ندر ذَلِك مِنْهُ فَلَيْسَ دَاخِلا
فِيهِ وَقيل المُرَاد أَن من اعتادها أفضت بِهِ إِلَى
حَقِيقَة النِّفَاق وَقيل إِنَّه ورد فِي رجل بِعَيْنِه
مُنَافِق وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يواجههم
بِصَرِيح القَوْل فَيَقُول فلَان مُنَافِق وَإِنَّمَا
يُشِير إِشَارَة كَقَوْلِه مَا بَال أَقوام يَفْعَلُونَ
كَذَا خلة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة خصْلَة فجر مَال
عَن الْحق وَقَالَ الْبَاطِل وَالْكذب وأصل الْفُجُور
الْميل عَن الْقَصْد
(1/80)
[59]
آيَة النافق أَي علامته ثَلَاث لَا يُنَافِي رِوَايَة
أَربع السَّابِقَة لِأَن مَا لَهُ عَلَامَات مُتعَدِّدَة
قد يذكر بَعْضهَا تَارَة وَكلهَا أُخْرَى الحرقة بِضَم
الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وَالْقَاف بطن من
جُهَيْنَة مكرم بِضَم أَوله وَسُكُون الْكَاف وَفتح
الرَّاء الْعمي بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة
إِلَى بني الْعم بطن من تَمِيم زُكَيْرٍ بِضَم الزَّاي
وَفتح الْكَاف آخِره رَاء لقب وكنيته أَبُو مُحَمَّد
(1/81)
[60]
بَاء بهَا أَي رَجَعَ بِكَلِمَة الْكفْر قَالَ لِأَخِيهِ
كَافِر بِالرَّفْع والتنوين خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف رجعت
عَلَيْهِ أَي كلمة الْكفْر فَيَعُود كَافِرًا وَهَذَا
مَحْمُول على المستحل وَقيل على الْخَوَارِج المكفرين
للْمُؤْمِنين بِنَاء على تَكْفِير المبتدعة وَقيل
الرَّاجِع التَّكْفِير لَا حَقِيقَة الْكفْر وَقيل
الْمَعْنى يؤول بِهِ إِلَى الْكفْر لِأَن الْمعاصِي بريد
الْكفْر وَيخَاف على المكثر مِنْهَا أَن يكون عَاقِبَة
شؤمها الْمصير إِلَيْهِ وَهَذَا وَالْأول يَأْتِي فِي كثير
من الْأَحَادِيث النَّهْي من هَذَا الْقَبِيل
(1/82)
[61]
عَن بن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله تَابِعِيّ والراويان
فَوْقه ادّعى لغير أَبِيه أَي انتسب إِلَيْهِ واتخذه أَبَا
كفر أَي إِن اسْتحلَّ ذَلِك أَو المُرَاد كفر النِّعْمَة
وَالْإِحْسَان لَا الْمخْرج عَن الْملَّة كَمَا قَالَ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يكفرن فسره بكفران الْإِحْسَان
والعشير فَلَيْسَ منا أَي لَيْسَ على هدينَا وَجَمِيل
طريقتنا وَمن دعى رجلا بالْكفْر أَو قَالَ عَدو الله
وَلَيْسَ كَذَلِك إِلَّا حَار عَلَيْهِ أَي رَجَعَ قَالَ
النَّوَوِيّ قيل هَذَا الِاسْتِثْنَاء وَاقع على الْمَعْنى
وَتَقْدِيره مَا يَدعُوهُ أحد إِلَّا حَار عَلَيْهِ
وَيحْتَمل أَن يكون مَعْطُوفًا على الأول وَهُوَ قَوْله من
رجل فَيكون على اللَّفْظ وعدو الله بِالنّصب على النداء
وَالرَّفْع خبر هُوَ مُقَدرا
[62] رغب عَن أَبِيه
ترك الانتساب إِلَيْهِ وجحده
(1/83)
[63]
لما ادعِي زِيَاد بِضَم الدَّال مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي
ادَّعَاهُ مُعَاوِيَة وألحقه بِأَبِيهِ أبي سُفْيَان بعد
أَن كَانَ يعرف بِزِيَاد بن أَبِيه لِأَن أمه وَلدته على
فرَاش عبيد وَهَذِه أول قَضِيَّة غير فِيهَا الحكم
الشَّرْعِيّ فِي الْإِسْلَام وَضَبطه بَعضهم بِفَتْح
الدَّال بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل على أَن زِيَاد هُوَ
الْفَاعِل بِرِضَاهُ وتصديقه مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُم
أَي صنعه زِيَاد أَخُوك فَإِنَّهُ أَخُو أبي بكرَة لأمه
وَقد هجره أَبُو بكرَة لذَلِك وَحلف لَا يكلمهُ أبدا سمع
أذناي بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْعين فعل مَاض وأذناي
فَاعله وَفِي بعض الْأُصُول أُذُنِي بِلَا ألف مُفْرد
وَسمع بِسُكُون الْمِيم وَالْعين مَرْفُوعَة ومنصوبة مصدر
مُضَاف قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْعَرَب تَقول سمع أُذُنِي زيدا
يَقُول كَذَا فالجنة عَلَيْهِ حرَام أَي مَمْنُوعَة إِن
اسْتحلَّ أَو لَا يدخلهَا عِنْد دُخُول الفائزين وَأهل
السَّلامَة وَكَذَا نَظَائِره سمعته أذناي ووعاه قلبِي
مُحَمَّدًا بِالنّصب بدل من ضمير سمعته وَمعنى وعاه حفظه
(1/84)
[64]
الريان بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد التَّحْتِيَّة سباب
بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة مصدر سبّ
وَهُوَ أبلغ من السب فَإِن السب شتم الْإِنْسَان والتكلم
فِي عرضه بِمَا يعِيبهُ والسباب أَن يَقُول مَا فِيهِ
وَمَا لَيْسَ فِيهِ
(1/85)
[65]
عَن جرير قَالَ قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فِي حجَّة الْوَدَاع كَذَا فِي البُخَارِيّ أَيْضا وَادّعى
بَعضهم زِيَادَة لي وَقَالَ إِن جَرِيرًا أسلم بعد حجَّة
الْوَدَاع فِيمَا جزم بن عبد الْبر ورد بِأَن الْبَغَوِيّ
وَابْن حبَان قَالَا إِنَّه أسلم قبلهَا فِي رَمَضَان
واللفظة ثَابِتَة فِي الْأُمَّهَات الْقَدِيمَة فَتقدم لَا
ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بِالرَّفْع أَي لَا تَفعلُوا
فعل الْكفَّار فتشبهوهم فِي حَال قتل بَعضهم بَعْضًا قَالَ
عِيَاض وَمن جزم أحَال الْمَعْنى وَمعنى بعدِي بعد وفاتي
وَيحكم أَو قَالَ وَيْلكُمْ قَالَ عِيَاض هما كلمتان
استعملتهما الْعَرَب بِمَعْنى التَّعَجُّب والتوجع
وَيُرَاد بِالْأولَى الترحم وبالثانية الهلكة قَالَ
الْهَرَوِيّ وَيْح كلمة لمن وَقع فِي هلكة لَا
يَسْتَحِقهَا فيترحم عَلَيْهِ ويرثى لَهُ وويل للَّذي
يَسْتَحِقهَا وَلَا يرثى لَهُ
[68] أبق بِفَتْح
الْبَاء أصح من كسرهَا قد وَالله رُوِيَ عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَي مَرْفُوعا لَا مَوْقُوفا على جرير
كَمَا أوردهُ ولكنني أكره أَن يروي عني هَا هُنَا
بِالْبَصْرَةِ أَي لما فِيهَا من الْمُعْتَزلَة والخوارج
فيتعلقون بِظَاهِر الحَدِيث فِي قَوْلهم بتكفير أَرْبَاب
الْكَبَائِر
(1/87)
[69]
فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة أَي لَا ذمَّة لَهُ قَالَ بن
الصّلاح وَيجوز أَن تفسر الذِّمَّة هُنَا بالزمام وَهُوَ
الْحُرْمَة وَيجوز أَن يكون من قبيل مَا جَاءَ فِي قَوْله
ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله أَي ضَمَانه وأمانه ورعايته
وَذَلِكَ أَن الْآبِق كَانَ مصونا من عُقُوبَة السَّيِّد
لَهُ وحبسه فَزَالَ ذَلِك بإباقه
(1/88)
[70]
لم تقبل لَهُ صَلَاة قَالَ بن الصّلاح هُوَ على ظَاهره
وَإِن لم يسْتَحل لِأَنَّهُ لَا يلْزم من الصِّحَّة
الْقبُول فَصَلَاة الْآبِق صَحِيحَة غير مَقْبُولَة
كَالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة يسْقط الْقَضَاء
وَلَا ثَوَاب فِيهَا
[71] بِالْحُدَيْبِية
بتَخْفِيف الْيَاء أفْصح من تشديدها إِثْر بِكَسْر
الْهمزَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة وبفتحهما السَّمَاء أَي
الْمَطَر بِنَوْء كَذَا النوء بِفَتْح النُّون وَسُكُون
الْوَاو وهمز أَصله مصدر ناء النَّجْم ينوء نوءا أَي سقط
وَغَابَ وَقيل نَهَضَ وطلع ثمَّ سمي بِهِ النَّجْم
تَسْمِيَة للْفَاعِل بِالْمَصْدَرِ فَذَلِك كَافِر بِي أَي
إِن اعْتقد أَنه للمطر حَقِيقَة كَمَا كَانَت الْعَرَب
تنْسب الْمَطَر إِلَى النَّجْم السَّاقِط الغارب وَأما من
قَالَ مُعْتَقدًا أَن الْفَاعِل هُوَ الله تَعَالَى وَأَن
النوء مِيقَات لَهُ وعلامة بِاعْتِبَار الْعَادة فَلَا
يكفر وَلَكِن يكره لَهُ هَذَا القَوْل لِأَنَّهُ شعار
الْجَاهِلِيَّة وَمن سلك مسلكهم وَلِأَنَّهُ كَلَام
مُتَرَدّد بَين الْكفْر وَغَيره
(1/89)
[72]
سَواد بتَشْديد الْوَاو وَآخره دَال مُهْملَة
(1/90)
[73]
الْعَنْبَري بِمُهْملَة وَنون وموحدة ضَبطه العذري الغبري
بغين مُعْجمَة فَنزلت هَذِه الْآيَة فَلَا أقسم إِلَى
آخِره قَالَ بن الصّلاح لَيْسَ مُرَاده أَن جَمِيع ذَلِك
نزل فِي الأنواء فَإِن التَّفْسِير يَأْبَى ذَلِك
وَإِنَّمَا النَّازِل بِهِ وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون
فَقَط وَالْبَاقِي نزل فِي غير ذَلِك وَلَكِن اجْتمعَا فِي
وَقت النُّزُول فَذكر الْجَمِيع من أجل ذَلِك قَالَ وَيدل
لَهُ أَن فِي بعض طرق الحَدِيث الإقتصار على الْآيَة
الْأَخِيرَة فَحسب ومواقع النُّجُوم قَالَ الْأَكْثَرُونَ
مغاربها وَقيل مطالعها وَقيل انتشارها يَوْم الْقِيَامَة
وَقيل المُرَاد بِهِ نُجُوم الْقُرْآن وَهِي أَوْقَات
نُزُوله رزقكم أَي شكركم أَي بدل شكر رزقكم
(1/91)
[74]
بن جبر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء آيَة الْمُنَافِق
بِالْمدِّ والتحتية أَي علامته وصحف من جعلهَا بِكَسْر
الْهمزَة وَنون وَضمير الشَّأْن بغض الْأَنْصَار جمع
نَاصِر كصاحب وَأَصْحَاب أَو نصير كشريف وأشراف وَهُوَ علم
غلب على فريق من الصَّحَابَة وهم غير الْمُهَاجِرين وَآيَة
الْمُؤمنِينَ حب الْأَنْصَار لِأَن من عرف مرتبتهم وَمَا
كَانَ مِنْهُم فِي نصْرَة دين الْإِسْلَام وَالسَّعْي فِي
إِظْهَاره وإيواء الْمُسلمين وحبهم النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وبذلهم أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بَين يَدَيْهِ
ومعاداتهم سَائِر النَّاس إيثارا لِلْإِسْلَامِ ثمَّ أحبهم
كَانَ ذَلِك دَلِيلا على صِحَة إيمَانه وَصدقه فِي
إِسْلَامه وَمن أبْغضهُم مَعَ ذَلِك كَانَ ذَلِك دَلِيلا
على فَسَاد نِيَّته وخبث طويته قَالَ بن الْمُنِير
المُرَاد حب جَمِيعهم وبغض جَمِيعهم لِأَن ذَلِك إِنَّمَا
يكون للدّين وَأما من أبْغض بَعضهم لِمَعْنى يسوغ البغض
لَهُ فَلَيْسَ دَاخِلا فِي ذَلِك قلت إِن أَرَادَ بِهَذَا
من أبْغض لهَذَا الْمَعْنى مِمَّن أدركهم وَوَقع لَهُ مَعَ
بَعضهم خُصُومَة تَقْتَضِي ذَلِك فقريب وَأما إِذا أَرَادَ
من بعدهمْ إِذا أبْغض أحدا مِنْهُم لأمر بلغه عَنهُ فَلَا
وَالله لَيْسَ لَهُ ذَلِك لما لَهُم من الْآثَار الحميدة
الَّتِي تمحو سيئاتهم وَقد وعدوا بالمغفرة والدرجات العلى
وَقيل لكثير مِنْهُم اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم
(1/92)
[76]
الْقَارِي بِالتَّشْدِيدِ نِسْبَة إِلَى القارة قَبيلَة
[78] فلق الْحبَّة شقها
بالنبات برأَ بِالْهَمْز خلق النَّسمَة بِفَتَحَات
الْإِنْسَان وَقيل النَّفس وَقيل كل دَابَّة فِي جوفها روح
(1/93)
[79]
بن الْهَاد يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة وَأُسَامَة هُوَ
الْهَاد لِأَنَّهُ كَانَ يُوقد نَارا ليهتدي إِلَيْهَا
الأضياف وَمن سلك الطَّرِيق والمحدثون يَقُولُونَهُ بِلَا
يَاء وَهُوَ لُغَة مَعْرُوفَة فِي المنقوص معشر
الْجَمَاعَة الَّذين أَمرهم وَاحِد رأيتكن أَكثر بِالنّصب
إِمَّا مفعول ثَان إِن كَانَت رأى علمية أَو حَال أَو بدل
من الْكَاف جزلة بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الزَّاي أَي
ذَات عقل ورأي قَالَ بن دُرَيْد الجزالة الْعقل وَالْوَقار
وَمَا لنا أَكثر بِالنّصب على الْحِكَايَة أَو الْحَال
العشير الزَّوْج بِمَعْنى معاشر ك أكيل بِمَعْنى مواكل لب
عقل أما نُقْصَان الْعقل فشهادة امْرَأتَيْنِ تعدل
شَهَادَة رجل أَي لقلَّة ضَبطهَا كَمَا قَالَ الله
تَعَالَى أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا
الْأُخْرَى وَقلة الضَّبْط لنَقص الْعقل وتمكث اللَّيَالِي
إِلَى آخِره اسْتشْكل نُقْصَان دينهن بترك الصَّلَاة
وَالصَّوْم فِي الْحيض فَإِنَّهُ وَاجِب وَأجِيب بِأَن
الْأَعْمَال من الدّين فَمن كثرت عِبَادَته زَاد إيمَانه
وَمن نقصت نقص سَوَاء كَانَ النَّقْص على وَجه يَأْثَم
بِهِ أَو لَا قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا تثاب فِي زمن الْحيض
على مَا فاتها فِيهِ من الصَّلَاة إِن كَانَت معذورة
بِخِلَاف الْمُسَافِر وَالْمَرِيض حَيْثُ يكْتب لَهما مَا
كَانَا يعملان فِي الْإِقَامَة وَالصِّحَّة وَالْفرق
بَقَاء الْأَهْلِيَّة لَهما مَعَ صِحَة الدَّوَام دونهَا
ونظيرهما مُسَافر ومريض كَانَا يعملان فِي وَقت ويتركان
فِي وَقت غير ناويين للدوام فَلَا يكْتب لَهما فِي السّفر
وَالْمَرَض فِي الزَّمن الَّذِي لم يَكُونَا يعملان فِيهِ
(1/95)
[80]
المَقْبُري اخْتلف الروَاة والحفاظ هَل هُوَ سعيد أَو
أَبوهُ أَبُو سعيد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْأول أصح
[81] السَّجْدَة أَي
آيَة السَّجْدَة يَا ويله هُوَ من آدَاب الْكَلَام وَهُوَ
أَنه إِذا عرض فِي الْحِكَايَة عَن الْغَيْر مَا فِيهِ سوء
حول الضَّمِير عَن التَّكَلُّم إِلَى الْغَيْبَة تصاونا
عَن إِضَافَة السوء إِلَى نَفسه يَا ويلي يجوز كسر اللَّام
وَفتحهَا
(1/96)
[82]
بَين الرجل وَبَين الشّرك وَالْكفْر كَذَا فِي جَمِيع
الْأُصُول بِالْوَاو وَعند أبي عوَانَة وَأبي نعيم أَو
الْكفْر وَمعنى الحَدِيث أَن الصَّلَاة حَائِل بَينه
وَبَين الْكفْر فَإِذا تَركهَا زَالَ الْحَائِل وَدخل
فِيهِ وَهُوَ مَحْمُول على المستحل أَو على الأول أَو أَن
فعله فعل أهل الْكفْر أَو أَنه يسْتَحق بِتَرْكِهَا
عُقُوبَة الْكَافِر وَهِي الْقَتْل
(1/97)
[83]
أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ إِيمَان بِاللَّه قَالَ ثمَّ
مَاذَا قَالَ الْجِهَاد إِلَى آخِره فِي هَذَا الحَدِيث
الْأَفْضَل الْإِيمَان ثمَّ الْجِهَاد ثمَّ الْحَج وَفِي
حَدِيث أبي ذَر الْإِيمَان وَالْجهَاد وَفِي حَدِيث بن
مَسْعُود الصَّلَاة ثمَّ بر الْوَالِدين ثمَّ الْجِهَاد
وَتقدم فِي حَدِيث بن عمر وإطعام الطَّعَام وإفشاء
السَّلَام وَفِي حَدِيثه أَيْضا من سلم الْمُسلمُونَ من
لِسَانه وَيَده وَصَحَّ فِي حَدِيث عُثْمَان خَيركُمْ من
تعلم الْقُرْآن وَعلمه وأمثال هَذَا فِي الْأَحَادِيث
كَثِيرَة وَيجمع بِأَن اخْتِلَاف الْجَواب جرى على حسب
اخْتِلَاف الْأَحْوَال والأشخاص وحاجة السَّائِل إِلَيْهِ
فَإِنَّهُ قد يُقَال خير الْأَشْيَاء كَذَا وَلَا يُرَاد
أَنه خير جَمِيع الْأَشْيَاء من جَمِيع الْوُجُوه وَفِي
جَمِيع الْأَحْوَال بل فِي حَال دون حَال وَلِهَذَا ورد
حجَّة من لم يحجّ أفضل من أَرْبَعِينَ غَزْوَة وغزوة لمن
حج أفضل من أَرْبَعِينَ حجَّة أَو يحمل على تَقْدِير من
كَمَا يُقَال فلَان أفضل النَّاس وَيُرَاد من أفضلهم كَمَا
ورد خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله وَمَعْلُوم أَنه لَا يصير
بذلك خير النَّاس مُطلقًا فعلى هَذَا يكون الْإِيمَان
أفضلهَا والباقيات مُتَسَاوِيَة فِي كَونهَا من أفضل
الْأَعْمَال أَو الْأَحْوَال ثمَّ يعرف فضل بَعْضهَا على
بعض بدلائل تدل عَلَيْهَا وَثمّ للتَّرْتِيب بعد الذّكر حج
مبرور وَهُوَ الَّذِي لَا يخالطه شَيْء من الْإِثْم وَقيل
المتقبل
(1/98)
[84]
عَن أبي مراوح بِضَم الْمِيم وَرَاء وَاو مَكْسُورَة وحاء
مُهْملَة لَا يعرف اسْمه وَقيل اسْمه سعد أَنْفسهَا أرفعها
وأجودها وأكثرها ثمنا قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا إِذا
أَرَادَ الِاقْتِصَار على عتق وَاحِدَة فَإِذا كَانَ مَعَه
مثلا ألف دِرْهَم وَأمكنهُ شِرَاء رقبتين مفضولتين
كِلَاهُمَا أفضل من وَاحِدَة نفيسة بِخِلَاف الْأُضْحِية
فَإِن شَاة سَمِينَة خير من شَاتين دونهَا وَالْفرق أَن
المُرَاد فِيهَا اللَّحْم وَاللَّحم السمين أوفر وَأطيب
وَفِي الْعتْق التخليص من ذل الرّقّ وتخليص جمَاعَة أفضل
من وَاحِد صانعا بمهملتين وَنون وَهُوَ أصوب من رِوَايَة
من روى الضَّاد الْمُعْجَمَة وتحتية لمقابلته بالأخرق وروى
الدَّارَقُطْنِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ صحف هِشَام
فِيهِ حَيْثُ رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ
الدَّارَقُطْنِيّ وَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَاب هِشَام عَنهُ
بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيف وَقَالَ النَّوَوِيّ
الصَّحِيح عِنْد الْعلمَاء رِوَايَة الْمُهْملَة
وَالْأَكْثَر فِي الرِّوَايَة بِالْمُعْجَمَةِ وَقَالَ
عِيَاض روايتنا هُنَا بِالْمُعْجَمَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ
فِي جَمِيع طرقنا عَن مُسلم إِلَّا من طَرِيق أبي الْفَتْح
الشَّاشِي عَن عبد الغافر الْفَارِسِي وَكَانَ شَيخنَا
أَبُو بكر حَدثنَا عَنهُ فيهمَا بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ
صَوَاب الْكَلَام وَقَالَ بن الصّلاح وَقع فِي أصل
الْعَبدَرِي وَابْن عَسَاكِر هُنَا بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ
الصَّحِيح فِي نفس الْأَمر لكنه لَيْسَ رِوَايَة هِشَام بن
عُرْوَة إِنَّمَا رِوَايَته بِالْمُعْجَمَةِ كَذَا جَاءَ
مُقَيّدا من غير هَذَا الْوَجْه فِي كتاب مُسلم فِي
رِوَايَة هِشَام وَأما الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن
الزُّهْرِيّ فَتعين الصَّانِع فَهِيَ بِالْمُهْمَلَةِ
وَهِي مَحْفُوظَة عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك وَكَانَ ينْسب
هِشَام إِلَى التَّصْحِيف قَالَ وَذكر عِيَاض أَنه
بِالْمُعْجَمَةِ فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ لرواة كتاب
مُسلم إِلَّا رِوَايَة أبي الْفَتْح وَلَيْسَ كَذَلِك
فَإِنَّهَا مُقَيّدَة فِي الْأُصُول فِي رِوَايَته
بِالْمُهْمَلَةِ انْتهى وَالْحَاصِل أَن التَّحْقِيق من
حَيْثُ الرِّوَايَة أَن رِوَايَة هِشَام فَتعين ضائعا
بِالْمُعْجَمَةِ وَرِوَايَة الزُّهْرِيّ فَتعين الصَّانِع
بِالْمُهْمَلَةِ وَهِي الصَّوَاب معنى وَالْأولَى تَصْحِيف
وَأَن من رَوَاهُ من طَرِيق هِشَام بِالْمُهْمَلَةِ فقد
أَخطَأ من حَيْثُ الرِّوَايَة لَا الْمَعْنى وَمن رَوَاهُ
من طَرِيق الزُّهْرِيّ بِالْمُعْجَمَةِ فقد أَخطَأ من
الْجِهَتَيْنِ الزُّهْرِيّ عَن حبيب عَن عُرْوَة عَن أبي
مراوح الْأَرْبَعَة تابعيون الأخرق هُوَ الَّذِي لَيْسَ
بصانع
(1/100)
[85]
عَن الشَّيْبَانِيّ عَن الْوَلِيد بن الْعيزَار عَن أبي
عَمْرو سعد بن إِيَاس الشَّيْبَانِيّ فِيهِ لَطِيفَة وَهِي
اتِّحَاد نِسْبَة شيخ الْوَلِيد والراوي عَنهُ وَاسم
الرَّاوِي عَنهُ أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان بن فَيْرُوز
والعيزار بِمُهْملَة وتحتية وزاي آخِره رَاء الصَّلَاة
لوَقْتهَا عِنْد الْحَاكِم وَغَيره لأوّل وَقتهَا ثمَّ أَي
بِسُكُون الْيَاء الْمُشَدّدَة للْوَقْف لِأَنَّهُ من
كَلَام السَّائِل المنتظر للجواب فَيُوقف عَلَيْهِ وَقْفَة
لَطِيفَة ثمَّ يُؤْتى بِمَا بعده قَالَه الفاكهي بر
الْوَالِدين هُوَ الْإِحْسَان إِلَيْهِمَا فَمَا تركت
أستزيده هُوَ على أَن تَقْدِير أَن إِلَّا إرعاء عَلَيْهِ
بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَعين مُهْملَة وَمد
أَي إبْقَاء عَلَيْهِ ورفقا بِهِ أَبُو يَعْفُور
بِمُهْملَة فَاء وَرَاء عبد الرَّحْمَن بن عبيد وَهُوَ
الْأَصْغَر
(1/102)
[86]
شُرَحْبِيل أعجمي غير مَصْرُوف ندا هُوَ الضِّدّ والمثل
يطعم بِفَتْح الْيَاء يَأْكُل تُزَانِي تَزني بهَا
بِرِضَاهَا حَلِيلَة جَارك بِالْحَاء الْمُهْملَة زَوجته
سميت بذلك لكَونهَا تحل لَهُ أَو تحل مَعَه وخصها لِأَن
الْجَار يتَوَقَّع من جَاره الذب عَنهُ وَعَن حريمه وَقد
أَمر بإكرام الْجَار فَإِذا قابله بِالزِّنَا بامرأته
كَانَ فِي غَايَة الْقبْح مَعَ مَا يتضمنه أَيْضا زِيَادَة
على الزِّنَا من إِفْسَاد الْمَرْأَة على زَوجهَا واستمالة
قَلبهَا إِلَى الزَّانِي أثاما هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم
قَالَه أَكثر الْمُفَسّرين وَورد بِهِ الحَدِيث وَقيل
مَعْنَاهُ يلق جَزَاء إثمه وَقيل عُقُوبَة
(1/103)
[87]
عقوق الْوَالِدين قَالَ بن الصّلاح وَأقرهُ النَّوَوِيّ
الْمحرم كل فعل يتَأَذَّى بِهِ الْوَالِد أَو نَحوه تأذيا
لَيْسَ بالهين مَعَ كَونه لَيْسَ من الْأَفْعَال
الْوَاجِبَة الزُّور أَصله تَحْسِين الشَّيْء وَوَصفه
بِخِلَاف صفته حَتَّى يخيل إِلَى من سَمعه أَو رَآهُ أَنه
بِخِلَاف مَا هُوَ بِهِ فَهُوَ تمويه الْبَاطِل بِمَا
يُوهم أَنه حق
[88] أَلا أنبئكم بأكبر
الْكَبَائِر قَول الزُّور قَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ على
ظَاهره فَإِن الشّرك أكبر مِنْهُ بِلَا شكّ وَكَذَا
الْقَتْل فَهُوَ مؤول بِتَقْدِير من وَأما حمله على الشّرك
فضعيف لِأَن هَذَا خرج مخرج الزّجر عَن شَهَادَة الزُّور
فِي الْحُقُوق وأكبر ظَنِّي بِالْمُوَحَّدَةِ
(1/104)
[89]
الموبقات المهلكات يُقَال وبق بِالْفَتْح يبْق بِكَسْرِهَا
هلك وأوبق غَيره أهلكه الْمُحْصنَات بِفَتْح الصَّاد
وَكسرهَا العفائف الْغَافِلَات أَي عَن الْفَوَاحِش وَمَا
قذفن بِهِ الْكبر
(1/105)
[91]
تغلب بمثناة وغين مُعْجمَة وَلَام مَكْسُورَة الْفُقيْمِي
بِضَم الْفَاء وَفتح الْقَاف لَا يدْخل الْجنَّة أَي مَعَ
الْمُتَّقِينَ الداخلين أول وهلة وَقيل المُرَاد من فِي
قلبه كبر عَن الْإِيمَان وَقيل لَا يكون فِي قلبه كبر حَال
دُخُوله الْجنَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى وَنَزَعْنَا مَا
فِي صُدُورهمْ من غل قَالَ رجل هُوَ مَالك بن مرَارَة
الرهاوي وَقيل هُوَ أَبُو رَيْحَانَة شَمْعُون وَقيل معَاذ
بن جبل وَقيل عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَقيل خريم
بن فاتك وَقيل ربيعَة بن عَامر وَقيل سَواد بن عَمْرو إِن
الله جميل قيل مَعْنَاهُ إِن كل أمره سُبْحَانَهُ حسن جميل
فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى وصفات الْجمال والكمال وَقيل
هُوَ بِمَعْنى مُجمل ككريم وَسميع وَقيل مَعْنَاهُ جليل
وَقيل جميل الْأَفْعَال بعباده يُكَلف الْيَسِير ويعين
عَلَيْهِ وَيثبت عَلَيْهِ ويشكر عَلَيْهِ وَقيل مَعْنَاهُ
ذُو النُّور والبهجة أَي مَالِكهَا بطر الْحق دَفعه
وإنكاره ترفعا وتجبرا وغمط النَّاس بِفَتْح الْغَيْن
الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وطاء وَفِي رِوَايَة
التِّرْمِذِيّ بصاد مُهْملَة بدل الطَّاء وهما بِمَعْنى
احتقارهم يُقَال غمط يغمط كضرب يضْرب وغمط يغمط كعلم يعلم
منْجَاب بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون وجيم وموحدة
آخِره مسْهر بِضَم الْمِيم وَكسرهَا لَا يدْخل النَّار أَي
دُخُول خُلُود كبرياء غير مصروفة
[92] وَقلت أَنا وَمن
مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة فِي بعض
الْأُصُول الْمُعْتَمدَة عكس ذَلِك وَهُوَ رفع هَذِه
الْجُمْلَة ووقف جملَة من مَاتَ يُشْرك بِاللَّه وَالْأول
هُوَ الَّذِي فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَالثَّانِي هُوَ
الَّذِي فِي صَحِيح أبي عوَانَة وَقد صَحَّ رفع الجملتين
من حَدِيث جَابر وَإِنَّمَا اقْتصر بن مَسْعُود على رفع
إِحْدَاهمَا ووقف الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لم يسمع من
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سواهَا فضم الْأُخْرَى
إِلَيْهَا استنباطا قَالَه عِيَاض وَغَيره وَقَالَ
النَّوَوِيّ بل قد صَحَّ رفعهما من حَدِيثه فَالْوَجْه أَن
يُقَال إِنَّه سمع الجملتين من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَلكنه فِي وَقت حفظ إِحْدَاهمَا وتيقنها عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي وَقت آخر حفظ
الْأُخْرَى وَلم يحفظ الأولى مَرْفُوعَة فَرفع المحفوظة
وَضم الْأُخْرَى إِلَيْهَا
(1/107)
[93]
الموجبتان الْخصْلَة الْمُوجبَة للجنة والخصلة الْمُوجبَة
للنار
(1/108)
[94]
الْمَعْرُور بمهملات الديلِي بِكَسْر الدَّال وَسُكُون
الْيَاء على الْأَشْهر وَمِنْهُم من يَقُول هُوَ بِضَم
الدَّال وَفتح الْهمزَة على رغم أنف أبي ذَر بِتَثْلِيث
الرَّاء يُقَال رغم أَنفه بِفَتْح الْغَيْن وَكسرهَا من
الرغام بِفَتْح الرَّاء وَهُوَ التُّرَاب أَي ألصقه
بالرغام وأذله
(1/109)
[95]
أَرَأَيْت إِن لقِيت كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَفِي
بَعْضهَا أَرَأَيْت لقِيت بِحَذْف إِن لَاذَ اعْتصمَ فَإِن
قتلته فَإِنَّهُ بمنزلتك قبل أَن تقتله أَي فِي الْعِصْمَة
وَتَحْرِيم الدَّم وَإنَّك بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَن يَقُول
أَي أَنْت بعد قَتله غير مَعْصُوم الدَّم وَلَا محرم
الْقَتْل قَالَه الشَّافِعِي وَغَيره أما الْأَوْزَاعِيّ
وَابْن جريج فَفِي حَدِيثهمَا كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول
بِغَيْر فَاء وَفِي كثير فَفِي بهَا وَهُوَ الأَصْل
وَالْأول على تَقْدِير حذفهَا مَعَ القَوْل أَي فَقَالَا
أهويت قلت يُقَال أهويت وهويت الْمِقْدَاد بن عَمْرو بن
الْأسود هُوَ بتنوين عَمْرو وَكِتَابَة بن بِالْألف
وإجرائه فِي الْإِعْرَاب على الْمِقْدَاد لِأَنَّهُ صفة
لَهُ وَكَانَ ينْسب إِلَى الْأسود بن عبد يَغُوث لِأَنَّهُ
تبناه فِي الْجَاهِلِيَّة وَإِنَّمَا أَبوهُ عَمْرو بن
ثَعْلَبَة بن مَالك الْكِنْدِيّ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ
إِشْكَال من حَيْثُ إِن أهل النّسَب أَجمعُوا على أَنه
بهراني صليبة قَالَ وَجَوَابه أَن وَالِد الْمِقْدَاد
حَالف كِنْدَة فنسب إِلَيْهَا وَكَانَ حليفا لبني زهرَة
لِأَن الْأسود حالفهم أَيْضا مَعَ تبنيه إِيَّاه قَالَه بن
عبد الْبر
(1/111)
[96]
الحرقات بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وقاف
حَتَّى تعلم أقالها فَاعله الْقلب حَتَّى تمنيت أَنِّي
أسلمت يَوْمئِذٍ أَي ابتدأت الْإِسْلَام الْآن وَأَنه لم
يكن تقدم إسلامي فَيَمْحُو عني مَا تقدم قَالَ ذَلِك من
عظم مَا وَقع فِيهِ ذُو البطين بِضَم الْبَاء تَصْغِير بطن
لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ بطن وَرجل من الْأَنْصَار ورجلا
مِنْهُم قَالَ بن بشكوال هُوَ مرداس بن نهيك مُتَعَوِّذًا
معتصما
(1/113)
[97]
عسعس بمهملات بِلَفْظ الْفِعْل تَابِعِيّ بَصرِي لَا
نَظِير لَهُ فِي اسْمه ويكنى أَبَا صفرَة حسر بمهملات كشف
الْبُرْنُس بِضَم الْمُوَحدَة وَالنُّون كل ثوب رَأسه
ملتصق بِهِ دراعة كَانَ أَو جُبَّة أَو غَيرهمَا أتيتكم
وَلَا أُرِيد أَن أخْبركُم عَن نَبِيكُم قيل لَا زَائِدَة
وَقيل لَا وَإنَّهُ لم يرد أَولا التحدث عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم بل الْوَعْظ بِكَلَام من عِنْده ثمَّ
بدا لَهُ التحديث نُحدث بِضَم النُّون وَفتح الدَّال
رَجَعَ فِي بعض الْأُصُول رفع وَالسيف بِالنّصب عطفا
عَلَيْهِ لِأَن رَجَعَ مُتَعَدٍّ
(1/114)
[102]
صبرَة بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الكومة
الْمَجْمُوعَة من الطَّعَام
(1/115)
[103]
بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة هُوَ النِّيَاحَة وَندب
الْمَيِّت وَالدُّعَاء بِالْوَيْلِ وَالْمرَاد بالجاهلية
مَا كَانَ فِي الفترة قبل الْإِسْلَام
(1/116)
[104]
الْقَنْطَرِي بِفَتْح الْقَاف والطاء نِسْبَة إِلَى قنطرة
برادان جسر بِبَغْدَاد وجع بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْجِيم
حجر بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا مِمَّا برِئ كَذَا فِي
الْأُصُول أَي من الشَّيْء الَّذِي برِئ قَالَه
النَّوَوِيّ الصالقة بالصَّاد وفيهَا لُغَة بِالسِّين أَي
ترفع صَوتهَا عِنْد الْمُصِيبَة وَقيل الَّتِي تضرب
وَجههَا والحالقة الَّتِي تحلق شعرهَا والشاقة الَّتِي تشق
ثوبها أَبُو عُمَيْس مصغر بمهملتين فَرد لَا نَظِير لَهُ
فِي كنيته أَبَا صَخْرَة يُقَال فِيهِ أَبُو صَخْر بِحَذْف
الْهَاء برنة بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد النُّون صَوت مَعَ
بكاء فِيهِ تَرْجِيع كالقلقلة وَاللَّقْلَقَة يُقَال فِيهِ
أرنت الْمَرْأَة فَهِيَ مرنة وَلَا يُقَال رنت قَالَه
صَاحب الْمطَالع وحكاها عَن غَيره لُغَة أَنا بَرِيء قَالَ
عِيَاض أَي من فعلهن وَمَا يستوجبن من الْعقُوبَة أَو من
عُهْدَة مَا لزمَه وأصل الْبَرَاءَة الإنفصال وَقَالَ
النَّوَوِيّ يجوز أَن يُرَاد بِهِ ظَاهره وَهُوَ
الْبَرَاءَة من فاعلي هَذِه الْأُمُور وَلَا يقدر فِيهِ
حذف وسلق بِالسِّين وَفِيه لُغَة بالصَّاد
(1/118)
[105]
ينم الحَدِيث بِكَسْر النُّون وَضمّهَا نمام والنميمة نقل
كَلَام النَّاس بَعضهم إِلَى بعض على جِهَة الْإِفْسَاد
بَينهم فَإِن دعت إِلَى ذَلِك مصلحَة شَرْعِيَّة لم تحرم
قَتَّات بِفَتْح الْقَاف وبتشديد الْمُثَنَّاة
الْفَوْقِيَّة هُوَ النمام
(1/119)
[106]
لَا يكلمهم الله قيل المُرَاد الْإِعْرَاض عَنْهُم وَقيل
لَا يكلمهم كَلَام رضى بل كَلَام غضب وَسخط وَلَا ينظر
إِلَيْهِم أَي يعرض عَنْهُم وَنَظره سُبْحَانَهُ إِلَى
عباده رَحمته ولطفه بهم وَلَا يزكيهم لَا يطهرهم من دنس
ذنوبهم وَقيل لَا يثني عَلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم
أَي مؤلم قَالَ الواحدي هُوَ الْعَذَاب الَّذِي يخلص إِلَى
قُلُوبهم وَجَعه وَالْعَذَاب كل مَا يعْنى الْإِنْسَان
ويشق عَلَيْهِ المسبل إزَاره المرخي لَهُ الْجَار
طَرفَيْهِ خُيَلَاء فَهُوَ مُخَصص بِالْحَدِيثِ الآخر لَا
ينظر الله إِلَى من جر ثَوْبه خُيَلَاء وَقد رخص صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك لأبي بكر حَيْثُ كَانَ جَرّه
لغير الْخُيَلَاء قَالَ بن جرير وَخص ذكر الْإِزَار
لِأَنَّهُ عَامَّة لباسهم وَحكم غَيره من الْقَمِيص
وَنَحْوه حكمه بِالْحلف بِكَسْر اللَّام وإسكانها
الْفَاجِر أَي الْكَاذِب
(1/121)
[107]
شيخ زَان وَملك كَذَّاب وعائل مستكبر قَالَ القَاضِي
عِيَاض خصص المذكورون بالوعيد لِأَن كلا مِنْهُم الْتزم
الْمعْصِيَة مَعَ عدم ضَرُورَته إِلَيْهَا وَضعف داعيتها
عِنْده فَأشبه إقدامهم عَلَيْهَا المعاندة
وَالِاسْتِخْفَاف بِحَق الله وَقصد مَعْصِيَته لَا لحَاجَة
غَيرهَا فَإِن الشَّيْخ ضعفت شَهْوَته عَن الْوَطْء
الْحَلَال فَكيف بالحرام وكمل عقله ومعرفته لطول مَا مر
عَلَيْهِ من الزَّمَان وَإِنَّمَا يَدْعُو إِلَى الزِّنَا
غَلَبَة الْحَرَارَة وَقلة الْمعرفَة وَضعف الْعقل
الْحَاصِل كل ذَلِك فِي زمن الشَّبَاب وَالْإِمَام لَا
يخْشَى من أحد وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الْكَذِب من
يُرِيد مصانعة من يحذرهُ والعائل قد عدم المَال الَّذِي
هُوَ سَبَب الْفَخر وَالْخُيَلَاء فلماذا يستكبر ويحتقر
غَيره
(1/122)
[108]
ثَلَاث بِغَيْر تَاء فِي مُعظم الْأُصُول من الرِّوَايَة
السَّابِقَة عَن أبي ذَر وَأبي هُرَيْرَة أَي أنفس بالفلاة
بِفَتْح الْفَاء الْمَفَازَة بعد الْعَصْر خصّه لشرفه
بِسَبَب اجْتِمَاع مَلَائِكَة اللَّيْل وَالنَّهَار
(1/123)
[109]
يتوجأ بِالْجِيم وهمز آخِره وَيجوز تسهيله ألفا يطعن
خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا هُوَ مؤول بالمستحل أَو بطول
الْمدَّة سما بِتَثْلِيث السِّين وَالْفَتْح أفْصح يتحساه
بإهمال الْحَاء وَالسِّين يشربه فِي تمهل ويتجرعه
(1/124)
[110]
لعن الْمُؤمن كقتله أَي فِي أصل التَّحْرِيم وَإِن كَانَ
الْقَتْل أغْلظ زَاد فِي رِوَايَة البُخَارِيّ عقبه وَمن
قذف مُؤمنا بِكفْر فَهُوَ كقتله وَمن ادّعى دَعْوَى
كَاذِبَة قَالَ القَاضِي هُوَ عَام فِي كل دَعْوَى يتشبع
فِيهَا بِمَا لم يُعْط من مَال يختال بِهِ أَو نسب ينتمي
إِلَيْهِ أَو علم يتحلى بِهِ وَلَيْسَ من حَملته أَو دين
يظهره وَلَيْسَ من أَهله ليتكثر بِالْمُثَلثَةِ وَضَبطه
بَعضهم بِالْمُوَحَّدَةِ أَي ليصير مَاله كثيرا عَظِيما
وَمن حلف على يَمِين صَبر كَاذِبَة كَذَا وَقع فِي
الْأُصُول وَفِيه حذف قَالَ القَاضِي عِيَاض لم يَأْتِ فِي
الحَدِيث هُنَا الْخَبَر عَن هَذَا الْحَالِف إِلَّا أَن
يعْطف على قَوْله وَمن ادّعى إِلَى آخِره أَي وَكَذَلِكَ
من حلف على يَمِين صَبر فَهُوَ مثله لَكِن ورد مُبينًا فِي
حَدِيث آخر من حلف على يَمِين صَبر يقتطع بهَا مَال امْرِئ
مُسلم هُوَ فِيهَا فَاجر لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ
غَضْبَان وَيَمِين الصَّبْر هِيَ الَّتِي ألزم بهَا
الْحَالِف عِنْد الْحَاكِم وَنَحْوه وأصل الصَّبْر
الْحَبْس والإمساك
(1/125)
[111]
حنينا صَوَابه خَيْبَر وَقَالَ رجل قَالَ بن بشكوال هُوَ
قزمان الطغري ويكنى أَبَا الفنداق الَّذِي قلت لَهُ أَي
فِي شَأْنه وَتسَمى هَذِه اللَّام لَام التَّبْلِيغ آنِفا
بِالْمدِّ وَالْقصر وَالْمدّ أفْصح أَي قَرِيبا فكاد بعض
الْمُسلمين أَن يرتاب كَذَا فِي الْأُصُول بِإِثْبَات أَن
والأفصح حذفهَا إِنَّه لَا يدْخل بِكَسْر إِن وَفتحهَا
(1/126)
[112]
لَا يدع لَهُم شَاذَّة أَي الْخَارِجَة عَن الْجَمَاعَة
وَكَذَا الشاذ قَالَ القَاضِي أنث الْكَلِمَة على معنى
النَّسمَة أَو تَشْبِيه الْخَارِج بشاذة الْغنم
وَمَعْنَاهُ لَا يدع أحدا على طَرِيق الْمُبَالغَة قَالَ
بن الْأَعرَابِي يُقَال فلَان لَا يدع شَاذَّة وَلَا فاذة
إِذا كَانَ شجاعا لَا يلقاه أحد إِلَّا قَتله وَالرجل
الْمَذْكُور اسْمه قزمان قَالَ الْخَطِيب وَكَانَ منافقا
مَا أَجْزَأَ بِالْهَمْز أَي أغْنى أَنا صَاحبه أَي أبدا
أَي أَنا أَصْحَبهُ خُفْيَة وألازمه أبدا لأنظر السَّبَب
الَّذِي بِهِ يصير من أهل النَّار وذبابه بِضَم
الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة المكررة طرفه
الْأَسْفَل ثدييه تَثْنِيَة ثدي بِفَتْح الْمُثَلَّثَة
يُقَال للرجل وَالْمَرْأَة فِيمَا ذكر الْجَوْهَرِي
وَقَالَ بن فَارس الثدي للْمَرْأَة وَيُقَال لذَلِك
الْموضع من الرجل ثندوة فَهُوَ فِي الحَدِيث اسْتِعَارَة
(1/128)
[113]
قرحَة بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وَاحِدَة القروح
وَهِي حبات تخرج فِي بدن الْإِنْسَان كِنَانَته بِكَسْر
الْكَاف جعبة النشاب بِفَتْح الْجِيم لِأَنَّهَا تكن
السِّهَام أَي تسترها فنكأها بِالْهَمْز قشرها وخرقها فَلم
يرقأ بِالْهَمْز لم يَنْقَطِع يُقَال رقأ الدَّم والدمع
يرقأ رقوءا كركع يرْكَع رُكُوعًا سكن وَانْقطع خراج بِضَم
الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء القرحة
(1/129)
[114]
لما كَانَ يَوْم خَيْبَر كَذَا فِي الْأُصُول وَهُوَ
الصَّوَاب وَكَذَا رَوَاهُ أَكثر رَوَاهُ الْمُوَطَّأ
وَرَوَاهُ بَعضهم حنين بردة بِضَم الْبَاء كسَاء مخطط
وَقَالَ أَبُو عبيد كسَاء أسود فِيهِ صور عباءة بِالْمدِّ
وَيُقَال عَبَايَة
(1/130)
[115]
ثَوْر بن يزِيد الديلِي فِي أَكثر الْأُصُول بِكَسْر
الدَّال وَإِسْكَان الْيَاء وَفِي بَعْضهَا الدؤَلِي
بِالضَّمِّ والهمزة عبد لَهُ اسْمه مدعم بِكَسْر الْمِيم
وَإِسْكَان الدَّال وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ كَذَا
فِي الْمُوَطَّأ وَذكر البُخَارِيّ أَن اسْمه كركرة
بِكَسْر الْكَاف الثَّانِيَة مَعَ كسر الأولى وَفتحهَا
الضبيب بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة ثمَّ
تحتيه سَاكِنة وموحدة رَحْله بِالْحَاء مركب الرجل على
الْبَعِير حتفه بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْفَوْقِيَّة
مَوته بِشِرَاك بِكَسْر الشين سير النَّعْل على ظهر
الْقدَم شِرَاك من نَار يحْتَمل الْمجَاز أَي أَن المعاقبة
بالنَّار سَببه والحقيقة بِأَن يعذب بلبسه وَهُوَ من نَار
(1/131)
[116]
وَمنعه بِفَتْح الْمِيم وَفِي النُّون الْفَتْح والإسكان
وَالْفَتْح أفْصح الْعِزَّة والامتناع مِمَّن يُريدهُ
وَقيل المنعة بِالْفَتْح جمع مَانع كظلمة وظالم أَي
جمَاعَة يمنعوك مِمَّن يقصدوك بمكروه وَهَاجَر مَعَه رجل
من قومه فاجتووا الْمَدِينَة أَي كَرهُوا الْمقَام بهَا
لضجر وَنَوع من سقم قَالَ أهل اللُّغَة اجتويت الْبَلَد
إِذا كرهت الْمقَام بِهِ وَإِن كنت فِي نعْمَة وَأَصله من
الجوى دَاء يُصِيب الْجوف مشاقص بِفَتْح الْمِيم والمعجمة
وقاف وصاد مُهْملَة جمع مشقص بِكَسْر الْمِيم وَفتح
الْقَاف سهم فِيهِ نصل عريض وَقيل سهم طَوِيل لَيْسَ
بالعريض وَقَالَ الْجَوْهَرِي مَا طَال وَعرض قَالَ
النَّوَوِيّ وَهُوَ الظَّاهِر لِأَن قطع البراجم لَا يحصل
إِلَّا بالعريض براجمه بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسر الْجِيم
مفاصل الْأَصَابِع وَاحِدهَا برجمة فشخبت بِفَتْح الشين
وَالْخَاء الْمُعْجَمَة سَأَلَ دَمهَا وَقيل سَأَلَ
بِقُوَّة
[117] أَبُو عَلْقَمَة
الْفَروِي بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء نِسْبَة إِلَى
جده أَبُو فَرْوَة إِن الله يبْعَث ريحًا من الْيمن فِي
حَدِيث آخر الْكتاب من قبل الشَّام قَالَ النَّوَوِيّ
وَيُجَاب بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا يحْتَمل أَنَّهُمَا ريحَان
شامية يَمَانِية وَيحْتَمل أَن مبتدأها من أحد الإقليمين
ثمَّ يصل الآخر وتنتشر عَنهُ أَلين من الْحَرِير فِيهِ
إِشَارَة إِلَى الرِّفْق بهم وإكرامهم فَلَا تدع إِلَى
آخِره قَالَ النَّوَوِيّ لَا يُخَالِفهُ حَدِيث لَا تزَال
طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق إِلَى يَوْم
الْقِيَامَة لِأَن مَعْنَاهُ أَنهم لَا يزالون على الْحق
حَتَّى تقبضهم هَذِه الرّيح اللينة قريب يَوْم الْقِيَامَة
وَعند تظاهر أشراطها ودنوها المتناهي فِي الْقرب
(1/133)
[118]
بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم
مَعْنَاهُ الْحَث على الْمُبَادرَة إِلَى الْأَعْمَال
الصَّالِحَة قبل تعذرها والاشتغال عَنْهَا بِمَا يحدث من
الْفِتَن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام
اللَّيْل المظلم لَا المقمر وَوصف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نوعا من شَدَائِد تِلْكَ الْفِتَن وَهُوَ أَن يُمْسِي
مُؤمنا ثمَّ يصبح كَافِرًا أَو عَكسه شكّ الرَّاوِي
وَهَذَا لعظم الْفِتَن يتقلب الْإِنْسَان فِي الْيَوْم
الْوَاحِد هَذَا الانقلاب
(1/134)
[119]
حَدثنَا حبَان هُوَ بن هِلَال رجل من أهل الْجنَّة
بِالرَّفْع على الإستئناف وَفِي بعض الْأُصُول رجلا
بِالنّصب على الْبَدَل من الْهَاء فِي نرَاهُ
(1/135)
[120]
من أحسن مِنْكُم فِي الْإِسْلَام المُرَاد بِهِ الدُّخُول
فِيهِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن وَيكون مُسلما حَقِيقَة
وبالإساءة عدم الدُّخُول فِيهِ بِالْقَلْبِ والانقياد
ظَاهرا وَهُوَ النِّفَاق
(1/136)
[121]
بن شماسَة اسْمه عبد الرَّحْمَن الْمهرِي بِفَتْح الْمِيم
وَسُكُون الْهَاء وبالراء فِي سِيَاقه الْمَوْت بِكَسْر
السِّين حَال حُضُوره أفضل مَا نعد بِضَم النُّون على
أطباق ثَلَاث أَي أَحْوَال وَمِنْه لتركبن طبقًا عَن طبق
فَلهَذَا أنث ثَلَاثًا إِرَادَة لِمَعْنى أطباق تشْتَرط
بِمَاذَا قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا ضبطناه بِمَا
بِإِثْبَات الْبَاء فَيجوز أَن تكون زَائِدَة للتَّأْكِيد
وَيجوز أَن تكون على تضمين تشْتَرط بِمَعْنى تحتاط يهدم
مَا كَانَ قبله أَي يسْقطهُ ويمحو أَثَره عَيْني بتَشْديد
الْيَاء مثنى عين فسنوا على التُّرَاب سنا ضبط
بِالْمُعْجَمَةِ والمهملة وَهُوَ الصب وَقيل
بِالْمُهْمَلَةِ الصب فِي سهولة وبالمعجمة التَّفْرِيق
جزور بِفَتْح الْجِيم من الْإِبِل
(1/138)
[122]
لَو تخبرنا جَوَاب لَو مَحْذُوف أَي لأشملنا أثاما أَي
عُقُوبَة وَقيل هُوَ وَاد فِي جَهَنَّم وَقيل بِئْر فِيهَا
(1/139)
[123]
أسلمت على مَا أسلفت من خير قَالَ الْمُحَقِّقُونَ هُوَ
على ظَاهره وَأَن الْكَافِر إِذا أسلم يُثَاب على مَا فعله
من الْخَيْر فِي حَال الْكفْر وَإِن قَالَ الْفُقَهَاء إِن
عبَادَة الْكَافِر غير مُعْتَد بهَا وَلَو أسلم فمرادهم
لَا يعْتد بهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِيهِ
تعرض لثواب الْآخِرَة فَإِن أقدم قَائِل على التَّصْرِيح
بِأَنَّهُ إِذا أسلم لَا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة
رد قَوْله بِهَذِهِ السّنة الصَّحِيحَة والمنكرون تأولوا
الحَدِيث فَقيل مَعْنَاهُ اكْتسبت طباعا جميلَة وَأَنت
تنْتَفع بِتِلْكَ الطباع فِي الْإِسْلَام وَتَكون تِلْكَ
الْعِبَادَة تمهيدا لَك ومعونة على فعل الْخَيْر وَقيل
مَعْنَاهُ اكْتسبت بذلك ثَنَاء جميلا فَهُوَ بَاقٍ لَك فِي
الْإِسْلَام وَقيل ببركة مَا سبق لَك من خير هداك الله ل
الْإِسْلَام وَأَن من ظهر مِنْهُ خير فِي أول أمره فَهُوَ
دَلِيل على حسن عاقبته وسعادة آخرته والتحنث التَّعَبُّد
هَذِه الْجُمْلَة مدرجة كَأَنَّهَا من كَلَام الزُّهْرِيّ
قَالَ أهل اللُّغَة أصل التحنث أَن يفعل فَلَا يخرج بِهِ
من الْحِنْث وَهُوَ الْإِثْم وَكَذَا تأثم وتحرج وتهجد أَي
فعل فعلا يخرج بِهِ من الْإِثْم والحرج والهجود صَالح عَن
بن شهَاب أَخْبرنِي عُرْوَة الثَّلَاثَة تابعيون عتاقه
بِفَتْح الْعين أتبرر بهَا التبرر فعل الْبر وَهُوَ
الطَّاعَة
[124] الْأَعْمَش عَن
إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة الثَّلَاثَة تابعيون أَئِمَّة
أجلة حفاظ لَيْسَ هُوَ كَمَا تظنون قَالَ النَّوَوِيّ أعلم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الظُّلم الْمُطلق
هُنَاكَ هُوَ المُرَاد هَذَا الْمُقَيد وَهُوَ الشّرك وأصل
الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَمن جعل
الْعِبَادَة لغير الله فَهُوَ أظلم الظَّالِمين قَالَ
لُقْمَان لِابْنِهِ قيل اسْمه أنعم وَتَعَالَى
(1/141)
[125]
بن بسطَام العيشي بالتحتية والشين الْمُعْجَمَة قَالَ
فَاشْتَدَّ أعَاد لفظ قَالَ لطول الْكَلَام فِي إثْرهَا
بِفَتْح الْهمزَة والمثلثة وبكسر الْهمزَة وَسُكُون
الْمُثَلَّثَة عَن حَدِيث النَّفس
(1/143)
[127]
مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا بِالنّصب وَالرَّفْع وَالنّصب
أشهر وَأظْهر مَا لم يتكلموا أَو يعملوا يحْتَمل أَن
يؤاخذوا حِينَئِذٍ بالْكلَام وَالْعَمَل فَقَط وَيحْتَمل
أَن يؤاخذوا بِهِ وَبِحَدِيث النَّفس أَيْضا وَعَلِيهِ
السُّبْكِيّ فِي الحلبيات
[129] من جراي بِفَتْح
الْجِيم وَتَشْديد الرَّاء مَقْصُورا أَو ممدودا أَي من
أَجلي ورد بِهِ القَاضِي عِيَاض على من قَالَ إِنَّه إِذا
تَركهَا لخوف النَّاس تكْتب أَيْضا حَسَنَة لِأَنَّهُ
إِنَّمَا حمله على تَركهَا الْحيَاء
(1/144)
[130]
من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة قَالَ
الطَّحَاوِيّ فِيهِ دَلِيل على أَن الْحفظَة يَكْتُبُونَ
أَعمال الْقُلُوب وعقدها خلافًا لمن قَالَ إِنَّهَا لَا
تكْتب إِلَّا الْأَعْمَال الظَّاهِرَة
(1/145)
[131]
وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك مَعْنَاهُ من حتم
هَلَاكه وشدت عَلَيْهِ أَبْوَاب الْهدى مَعَ سَعَة رَحْمَة
الله تَعَالَى وَكَرمه وتفضله بِهَذَا التَّضْعِيف الْكثير
فَمن كثرت سيئاته حَتَّى غلبت حَسَنَاته مَعَ أَنَّهَا
متضاعفة فَهُوَ الْهَالِك المحروم
(1/146)
[132]
ذَاك صَرِيح الْإِيمَان مَعْنَاهُ إِن استعظامكم الْكَلَام
بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان فَإِن استعظام ذَلِك وَشدَّة
الْخَوْف مِنْهُ وَمن النُّطْق بِهِ فضلا عَن اعْتِقَاده
يكون لمن اسْتكْمل الْإِيمَان استكمالا محققا وانتفت عَنهُ
الرِّيبَة والشكوك وَقيل مَعْنَاهُ إِن الشَّيْطَان
إِنَّمَا يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عَلَيْهِ بالوسوسة
لعَجزه عَن إغوائه وَأما الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ من
حَيْثُ شَاءَ وَلَا يقْتَصر فِي حَقه على الوسوسة بل
يتلاعب بِهِ كَيفَ أَرَادَ فعلى هَذَا معنى الحَدِيث سَبَب
الوسوسة صَرِيح الْإِيمَان أَو الوسوسة عَلامَة صَرِيح
الْإِيمَان أَبُو الْجَواب بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد
الْوَاو آخِره مُوَحدَة
[133] سعير بِضَم
السِّين وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ آخِره رَاء بن
الْخمس بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْمِيم
وبالسين الْمُهْملَة وسعير وَأَبوهُ لَا يعرف لَهما نَظِير
مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة الثَّلَاثَة
تابعيون
(1/147)
[134]
فَمن وجد شَيْئا من ذَلِك إِلَى آخِره قَالَ القَاضِي
عِيَاض مَعْنَاهُ الْإِعْرَاض عَن هَذَا الخاطر الْبَاطِل
والالتجاء إِلَى الله تَعَالَى فِي إذهابه قَالَ
الْمَازرِيّ وَالْمرَاد بِهِ الخواطر الَّتِي لَيست
بمستقرة وَلَا أجلبتها شُبْهَة طرأت وعَلى مثلهَا ينطبق
اسْم الوسوسة أما الخواطر المستقرة الَّتِي أوجبتها
الشُّبْهَة فَلَا تدفع إِلَّا باستدلال وَنظر فِي
إِبْطَالهَا يَعْقُوب هُوَ الدَّوْرَقِي فليستعذ بِاللَّه
ولينته مَعْنَاهُ إِذا عرض عَلَيْهِ الوسواس فليلجأ إِلَى
الله تَعَالَى فِي دفع شَره عَنهُ وليعرض عَن الْفِكر فِي
ذَلِك وليعلم أَن ذَلِك الخاطر من وَسْوَسَة الشَّيْطَان
وَهُوَ إِنَّمَا يسْعَى بِالْفَسَادِ فليعرض عَن الإصغاء
إِلَى وسوسته وليبادر إِلَى قطعهَا بالانتقال لغَيْرهَا
برْقَان بِضَم الْمُوَحدَة وَالْقَاف حَتَّى يَقُولُوا
الله خلق كل شَيْء فِي بعض الْأُصُول حَتَّى يَقُولُونَ
قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ صَحِيح وَإِثْبَات النُّون مَعَ
الناصب لُغَة قَليلَة ذكرهَا جمَاعَة من النُّحَاة
(1/149)
[137]
معبد بن كَعْب السّلمِيّ بِفتْحَتَيْنِ نِسْبَة إِلَى بني
سَلمَة بِكَسْر اللَّام من الْأَنْصَار عَن أبي أُمَامَة
هُوَ الْحَارِثِيّ وَيُقَال فِيهِ البلوي بن أُخْت أبي
بردة بن نيار وَلَيْسَ هُوَ الْبَاهِلِيّ وَنسبَة
الْحَارِثِيّ إِلَى بني الْحَارِث من الْخَزْرَج وَقيل
إِلَى بني حَارِثَة وَقد ذكر كثير مِمَّن صنف فِي
الصَّحَابَة أَنه توفّي عِنْد انصراف النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من أحد فصلى عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي
فِي الحَدِيث انْقِطَاعًا فَإِن عبد الله بن كَعْب
تَابِعِيّ فَكيف يسمع مِمَّن توفّي عَام أحد قَالَ
النَّوَوِيّ لَكِن هَذَا القَوْل فِي وَفَاته لَيْسَ
بِصَحِيح فَإِنَّهُ صَحَّ عَن عبد الله بن كَعْب أَنه
قَالَ حَدثنِي أَبُو أُمَامَة كَمَا فِي الطَّرِيق
الثَّانِيَة فَهَذَا التَّصْرِيح بِسَمَاعِهِ مِنْهُ يبطل
مَا قيل فِي وَفَاته وَقد أنكرهُ بن الْأَثِير من اقتطع حق
امْرِئ مُسلم يَشْمَل غير المَال كَجلْد الْميتَة والسرجين
وحد الْقَذْف وَنصِيب الزَّوْجَة من الْقسم وَنَحْو ذَلِك
وَحرم عَلَيْهِ الْجنَّة هُوَ مؤول بالمستحل أَو
بِتَحْرِيم دُخُولهَا مَعَ السَّابِقين الْأَوَّلين وَإِن
قَضِيبًا بِالنّصب على أَنه خبر كَانَ المحذوفة أَو مفعول
اقتطع محذوفا وَفِي أَكثر الْأُصُول بِالرَّفْع
(1/150)
[138]
يَمِين صَبر بِالْإِضَافَة إِذن يحلف بِالرَّفْع وَالنّصب
شَاهِدَاك أَو يَمِينه أَي لَك مَا يشْهد بِهِ شَاهِدَانِ
أَو يَمِينه
(1/151)
[139]
حَضرمَوْت بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء
وَالْمِيم وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة بلد بِالْيمن قيل
إِن صَالحا لما هلك قومه جَاءَ بِمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ
إِلَيْهِ فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ مَاتَ فَقيل حَضرمَوْت
وَقيل ذكر الْمبرد أَنه لقب عَامر جد اليمانية كَانَ لَا
يحضر حَربًا إِلَّا كثرت فِيهِ الْقَتْلَى فَقَالَ عَنهُ
من رَآهُ حَضرمَوْت بتحريك الضَّاد ثمَّ كثر ذَلِك فسكنت
انتزى على أرضي أَي غلب عَلَيْهَا وَاسْتولى امْرُؤ
الْقَيْس بن عَابس بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالْبَاء
الْمُوَحدَة ربيعَة بن عَبْدَانِ بِكَسْر الْعين وَالْبَاء
الْمُوَحدَة وَقَالَ إِسْحَاق فِي رِوَايَته ربيعَة بن
عيدَان يَعْنِي بِفَتْح الْعين وياء تحتية قَالَ القَاضِي
عِيَاض وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ وَكَذَا ضبطناه فِي الحرفين
عَن شُيُوخنَا وَوَقع عِنْد بن الْحذاء عكس مَا ضبطناه
فَقَالَ فِي رِوَايَة زُهَيْر بِالْفَتْح والمثناة وَفِي
رِوَايَة إِسْحَاق بِالْكَسْرِ وَالْمُوَحَّدَة قَالَ
الجياني وَكَذَا هُوَ فِي الأَصْل عَن الجلودي قَالَ
القَاضِي عِيَاض وَالَّذِي صوبناه أَولا هُوَ قَول
الدَّارَقُطْنِيّ وَعبد الْغَنِيّ بن سعيد وَابْن
مَاكُولَا وَابْن يُونُس قَالَ النَّوَوِيّ وَضَبطه
جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر عَبْدَانِ
بِكَسْر الْعين وَالْمُوَحَّدَة وَتَشْديد الدَّال
[140] شَهِيد قَالَ
النَّضر بن شُمَيْل سمي بذلك لِأَنَّهُ حَيّ لِأَن
أَرْوَاحهم شهِدت دَار السَّلَام وأرواح غَيرهم لَا تشهدها
إِلَّا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ بن الْأَنْبَارِي لِأَن
الله وَمَلَائِكَته يشْهدُونَ لَهُ بِالْجنَّةِ فَمَعْنَى
شَهِيد مشهود لَهُ وَقيل لِأَنَّهُ شهد عِنْد خُرُوج روحه
مَاله من الثَّوَاب والكرامة وَقيل لِأَن مَلَائِكَة
الرَّحْمَة يشهدونه فَيَأْخُذُونَ روحه وَقيل لِأَنَّهُ
شهد لَهُ بِالْإِيمَان وخاتمة الْخَيْر بِظَاهِر حَاله
وَقيل لِأَن عَلَيْهِ شَاهدا يشْهد بِكَوْنِهِ شَهِيدا
وَهُوَ دَمه فَإِنَّهُ يبْعَث وجرحه يثعب دَمًا وَقيل
لكَونه مِمَّن يشْهد يَوْم الْقِيَامَة على الْأُمَم
(1/154)
[141]
تيسروا لِلْقِتَالِ أَي تأهبوا وتهيأوا فَركب بِالْفَاءِ
وَفِي بعض الْأُصُول بِالْوَاو وَفِي بَعْضهَا ركب بِلَا
فَاء وَلَا وَاو أما علمت بِفَتْح التَّاء
(1/155)
[142]
لَو علمت أَن لي حَيَاة مَا حدثتك يَعْنِي لما كَانَ يخافه
لَو دثه بِهِ من سوء المسمعي بِكَسْر الْمِيم الأولى وَفتح
الثَّانِيَة نِسْبَة إِلَى مسمع بن ربيعَة الْأَمَانَة
(1/157)
[143]
حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حديثين
يَعْنِي فِي الْأَمَانَة وَإِلَّا فروايات حُذَيْفَة
كَثِيرَة وعنى بِأحد الْحَدِيثين قَوْله حَدثنَا أَن
الْأَمَانَة نزلت فِي جذر قُلُوب الرِّجَال وَبِالثَّانِي
قَوْله ثمَّ حَدثنَا عَن رفع الْأَمَانَة إِلَى آخِره إِن
الْأَمَانَة قَالَ النَّوَوِيّ الظَّاهِر أَن المُرَاد
بهَا التَّكْلِيف الَّذِي كلف الله بِهِ عباده والعهد
الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم وَهِي الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى
إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة الْآيَة وَقَالَ صَاحب
التَّحْرِير هِيَ عين الْإِيمَان فَإِذا اسْتَمْكَنت من
قلب العَبْد قَامَ حِينَئِذٍ بأَدَاء التكاليف واغتنم مَا
يرد عَلَيْهِ مِنْهَا وجد فِي إِقَامَتهَا جذر بِفَتْح
الْجِيم وَكسرهَا وإعجام الذَّال هُوَ الأَصْل الوكت
بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْكَاف ومثناة فوقية الْأَثر
الْيَسِير وَقيل سَواد يسير وَقيل لون يحدث مُخَالف للون
الَّذِي كَانَ قبله المجل بِفَتْح الْمِيم وَفِي الْجِيم
الْفَتْح والإسكان وَهُوَ الْمَشْهُور التنفط فِي الْيَد
من عمل بفأس أَو نَحوه فَيصير كالقبة فِيهِ مَاء قَلِيل
فنفط بِكَسْر الْفَاء وَذكره مَعَ أَن الرجل مُؤَنّثَة
لإِرَادَة الْعُضْو منتبرا بنُون ثمَّ مثناة فوقية ثمَّ
مُوَحدَة وَرَاء مرتفعا وَمِنْه الْمِنْبَر لارتفاعه ثمَّ
أَخذ حَصَاة فدحرجها فِي أَكثر الْأُصُول فدحرجه أَي
الْمَأْخُوذ قَالَ صَاحب التَّحْرِير معنى الحَدِيث أَن
الْأَمَانَة تَزُول عَن الْقُلُوب شَيْئا فَشَيْئًا فَإِذا
زَالَ أول جُزْء مِنْهَا زَالَ نورها وَخَلفه ظلمَة كالوكت
وَهُوَ اعْتِرَاض لون مُخَالف للون الَّذِي قبله فَإِذا
زَالَ شَيْء آخر صَار كالمجل وَهُوَ أثر مُحكم لَا يكَاد
يَزُول إِلَّا بعد مُدَّة وَهَذِه الظلمَة فَوق الَّتِي
قبلهَا ثمَّ شبه زَوَال ذَلِك النُّور بعد وُقُوعه فِي
الْقلب وَخُرُوجه بعد استقراره فِيهِ واعتقاب الظلمَة
إِيَّاه بجمر يدحرجه على رجله حَتَّى يُؤثر فِيهَا ثمَّ
يَزُول الْجَمْر وَيبقى النفط وَأَخذه الْحَصَاة ودحرجته
إِيَّاهَا أَرَادَ بهَا زِيَادَة الْبَيَان وإيضاح
الْمَذْكُور
(1/159)
[144]
فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله هِيَ فرط محبته لَهُم وشحه
عَلَيْهِم وشغله بهم عَن كثير من الْخَيْر وتفريطه فِيمَا
يلْزمه من الْقيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم تموج تضطرب
وتدفع بَعْضهَا بَعْضًا وَشبههَا بموج الْبَحْر لشدَّة
عظمها وَكَثْرَة شيوعها فأسكت الْقَوْم بِقطع الْهمزَة
الْمَفْتُوحَة يُقَال سكت وأسكت لُغَتَانِ بِمَعْنى صمت
قَالَه أَكثر أهل اللُّغَة وَقَالَ الْأَصْمَعِي سكت صمت
وأسكت أطرق لله أَبوك كلمة مدح تعتاد الْعَرَب الثَّنَاء
بهَا فَإِن الْإِضَافَة إِلَى الْعَظِيم تشريف وَلِهَذَا
يُقَال بَيت الله وناقة الله فَإِذا وجد من الرجل مَا يحمد
قيل لله أَبوك حَيْثُ أَتَى بمثلك تعرض الْفِتَن على
الْقُلُوب كالحصير عودا عودا فِي ضَبطه أوجه أظهرها
وأشهرها ضم الْعين وإهمال الدَّال وَالثَّانِي فتح الْعين
مَعَ الإهمال وَالثَّالِث الْفَتْح والإعجام وَاخْتَارَ
القَاضِي الأول وَبِه جزم صَاحب التَّحْرِير وَاخْتَارَ بن
السراج الثَّانِي وَقَالَ وَمعنى تعرض تلصق بِعرْض
الْقُلُوب أَي جَانبهَا كَمَا يلصق الْحَصِير بِجنب
النَّائِم ويؤثر فِيهِ شدَّة التصاقها بِهِ قَالَ وَمعنى
عودا عودا أَي تُعَاد وتكرر شَيْئا بعد شَيْء قَالَ وَمن
رَوَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاه سُؤال الِاسْتِعَاذَة
مِنْهَا كَمَا يُقَال غفرا غفرا أَي نَسْأَلك أَن تعيذنا
من ذَلِك وَقَالَ غَيره مَعْنَاهُ تظهر على الْقُلُوب أَي
تظهر لَهَا فتْنَة بعد أُخْرَى وَقَوله كالحصير أَي كَمَا
ينسج الْحَصِير عودا عودا وشظية بعد أُخْرَى قَالَ
القَاضِي وعَلى هَذَا يتَرَجَّح رِوَايَة ضم الْعين
وَذَلِكَ أَن ناسج الْحَصِير عِنْد الْعَرَب كلما صنع عودا
أَخذ آخر ونسجه فَشبه عرض الْفِتَن على الْقُلُوب وَاحِدَة
بعد أُخْرَى بِعرْض قضبان الْحَصِير على صانعها وَاحِدًا
بعد وَاحِد قَالَ القَاضِي وَهَذَا معنى الحَدِيث عِنْدِي
وَهُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ سِيَاق لَفظه وَصِحَّة تشبيهه
أشربها أَي دخلت فِيهِ دُخُولا تَاما وألزمها وحلت مِنْهُ
مَحل الشَّرَاب وَمِنْه وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل أَي
حبه وثوب مشرب بحمرة أَي خالطته مُخَالطَة لَا انفكاك
لَهَا نكت بِالْمُثَنَّاةِ آخِره نقط نُكْتَة نقطة قَالَ
بن دُرَيْد كل نقط فِي شَيْء بِخِلَاف لَونه فَهُوَ نكت
أنكرها ردهَا أَبيض مثل الصَّفَا إِلَى آخِره قَالَ
القَاضِي لَيْسَ تشبيهه بالصفا بَيَانا لبياضه وَلَكِن صفة
أُخْرَى على شدته على عقد الْإِيمَان وسلامته من الْخلَل
وَأَن الْفِتَن لم تلصق بِهِ وَلم تُؤثر فِيهِ كالصفا
وَهُوَ الْحجر الأملس الَّذِي لَا يعلق بِهِ شَيْء مربادا
بِالنّصب على الْحَال وَفِي بعض الْأُصُول مربئدا
بِهَمْزَة مَكْسُورَة بعد الْيَاء وَالدَّال الْمُشَدّدَة
من اربأد ك احمأر لُغَة فحين اربد كاحمر وَالْمَفْعُول من
هَذِه مربد بِلَا همز كمحمر مجخيا بِضَم الْمِيم وَسُكُون
الْجِيم وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي مائلا قَالَ بن
السراج لَيْسَ قَوْله كالكوز مجخيا تَشْبِيها لما تقدم من
سوَاده بل هُوَ وصف آخر من أَوْصَافه بِأَنَّهُ قلب ونكس
حَتَّى لَا يعلق بِهِ خير وَلَا حِكْمَة وَقَالَ القَاضِي
شبه الْقلب الَّذِي لَا يعي خيرا بالكوز المجوف الَّذِي
لَا يثبت المَاء فِيهِ إِن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا
مَعْنَاهُ أَن تِلْكَ الْفِتَن لَا يخرج شَيْء مِنْهَا فِي
حياتك يُوشك بِكَسْر الشين أَي يقرب أكسرا أَي أيكسر كسرا
لَا أَبَا لَك قَالَ صَاحب التَّحْرِير هَذِه كلمة
تَقُولهَا الْعَرَب للحث على فعل الشَّيْء وَمَعْنَاهُ أَن
الْإِنْسَان إِذا كَانَ لَهُ أَب وَوَقع فِي شدَّة عاونه
أَبوهُ وَرفع عَنهُ بعض الْكل فَلَا يحْتَاج من الْجد
والاهتمام إِلَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ حَالَة الِانْفِرَاد
وَعدم الْأَب المعاون فَإِذا قيل لَا أَبَا لَك فَمَعْنَاه
جد فِي هَذَا الْأَمر وشمر وتأهب تأهب من لَيْسَ لَهُ
معاون فَلَو أَنه فتح لَعَلَّه يُعَاد أَي بِخِلَاف
المكسور فَإِنَّهُ لَا يُمكن إِعَادَته وَلِأَن الْكسر لَا
يكون غَالِبا إِلَّا عَن إِكْرَاه وَغَلَبَة رجل يقتل أَو
يَمُوت هُوَ عمر كَمَا بَين فِي صَحِيح البُخَارِيّ ثمَّ
يحْتَمل أَن يكون حُذَيْفَة سَمعه من النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا على الشَّك وَالْمرَاد بِهِ
الْإِبْهَام على حُذَيْفَة وَغَيره وَيحْتَمل أَن يكون
حُذَيْفَة علم أَنه يقتل وَلكنه كره أَن يُخَاطب عمر
بِالْقَتْلِ فَإِن عمر كَانَ يعلم أَنه هُوَ الْبَاب كَمَا
فِي البُخَارِيّ حَدِيثا لَيْسَ بالأغاليط جمع أغلوطة
وَهِي الَّتِي يغالط بهَا أَي حَدِيثا صدقا محققا لَيْسَ
هُوَ من صحف الْكَاتِبين وَلَا من اجْتِهَاد ورأي بل من
حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أسود مربادا
قَالَ شدَّة بَيَاض فِي سَواد قَالَ بَعضهم هُوَ تَصْحِيف
وَصَوَابه شبه الْبيَاض فِي سَواد لِأَن شدَّة الْبيَاض
فِي السوَاد لَا تسمى ربدة وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ بلق
والربدة إِنَّمَا هِيَ شَيْء من بَيَاض يسير يخالط السوَاد
كلون أَكثر النعام وَمِنْه قيل للنعامة ربدا قَالَ أَبُو
عَمْرو الربدة لون بَين السوَاد والغبرة وَقَالَ بن
دُرَيْد لون أكدر
[145] بَدَأَ
الْإِسْلَام غَرِيبا بِالْهَمْز من الِابْتِدَاء غَرِيبا
أَي فِي آحَاد من النَّاس وَقلة ثمَّ انْتَشَر وَظهر
وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ أَي وسيلحقه النَّقْص والاختلال
حَتَّى لَا يبْقى إِلَّا فِي آحَاد وَقلة أَيْضا كَمَا
بَدَأَ فطوبى فعلى من الطّيب وَقيل مَعْنَاهُ فَرح وقرة
عين وسرور لَهُم وغبطة وَقيل دوَام الْخَيْر وَقيل
الْجنَّة وَقيل شَجَرَة فِيهَا للغرباء قَالَ النَّوَوِيّ
فسروا فِي الحَدِيث بالنزاع من الْقَبَائِل قَالَ
الْهَرَوِيّ أَرَادَ بذلك الْمُهَاجِرين الَّذين هجروا
أوطانهم إِلَى الله
(1/164)
[146]
يأرز بِهَمْزَة وَرَاء مَكْسُورَة ثمَّ زَاي وَحكي ضم
الرَّاء وَفتحهَا أَي يَنْضَم ويجتمع بَين المسجدين أَي
مَسْجِد مَكَّة وَالْمَدينَة
(1/165)
[147]
إِن الْإِيمَان ليأرز إِلَى الْمَدِينَة قَالَ القَاضِي
مَعْنَاهُ أَن الْإِيمَان أَولا وآخرا بِهَذِهِ الصّفة
لِأَنَّهُ فِي أول الْإِسْلَام كَانَ كل من خلص إيمَانه
وَصَحَّ إِسْلَامه فِي الْمَدِينَة أَتَى مُهَاجرا متوطنا
وَإِمَّا متشوقا إِلَى رُؤْيَة رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ومتعلما مِنْهُ ومتقربا ثمَّ بعد هَذَا فِي
زمن الْخُلَفَاء كَذَلِك ولأخذ سيرة الْعدْل مِنْهُم
والاقتداء بجمهور الصَّحَابَة فِيهَا ثمَّ من بعدهمْ من
الْعلمَاء الَّذين كَانُوا سرج الْوَقْت وأئمة الْهدى لأخذ
السّنَن المنتشرة بهَا عَنْهُم وَكَانَ كل مِنْهُم ثَابت
الْإِيمَان منشرح الصَّدْر بِهِ يرحل إِلَيْهَا ثمَّ بعد
ذَلِك فِي كل وَقت وَإِلَى زَمَاننَا لزيارة قَبره الشريف
والتبرك بآثاره ومشاهده وآثار الصَّحَابَة فَلَا
يَأْتِيهَا إِلَّا مُؤمن
(1/166)
[148]
حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله بِرَفْع لفظ
الْجَلالَة قَالَ النَّوَوِيّ وَقد يغلط بعض النَّاس فَلَا
يرفعهُ قَالَ القَاضِي وَفِي رِوَايَة بن أبي جَعْفَر بدله
لَا إِلَه إِلَّا الله
(1/167)
[149]
أحصوا أَي عدوا وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ اكتبوا كم يلفظ
الْإِسْلَام بالتحتية أَوله وَالْإِسْلَام بِالنّصب
مَفْعُوله على إِسْقَاط الْبَاء وَالْمعْنَى كم عدد من
يلفظ بِكَلِمَة الْإِسْلَام وَكم استفهامية وتمييزها
مَحْذُوف أَي كم شخصا وَفِي بعض الْأُصُول كم تلفظ
بِالْإِسْلَامِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة وَفتح
اللَّام وَالْفَاء الْمُشَدّدَة مَا بَين الستمائة إِلَى
السبعمائة قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا وَقع فِي مُسلم بِنصب
مائَة فيهمَا وتنوينه وَهُوَ مُشكل وَله وَجه وَهُوَ أَن
يكون مائَة فيهمَا مَنْصُوبًا على التَّمْيِيز على قَول
بعض أهل الْعَرَبيَّة وَقيل إِن مائَة فيهمَا مجرورة على
أَن الْألف وَاللَّام زائدتان وَفِي رِوَايَة غير مُسلم
سِتّمائَة إِلَى سَبْعمِائة وَلَا إِشْكَال فِيهَا وَفِي
رِوَايَة البُخَارِيّ فكتبنا لَهُ ألفا وَخَمْسمِائة وَجمع
بِأَنَّهُ أُرِيد فِي تِلْكَ الرِّجَال فَقَط وَضم فِي
هَذِه النِّسَاء وَالصبيان وَأُرِيد فِي تِلْكَ رجال
الْمَدِينَة خَاصَّة وَفِي هَذِه هم مَعَ الْمُسلمين
حَولهمْ قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا الْجَواب هُوَ
الصَّحِيح فابتلينا حَتَّى جعل الرجل منا لَا يُصَلِّي
إِلَّا سرا قَالَ النَّوَوِيّ لَعَلَّه كَانَ فِي بعض
الْفِتَن الَّتِي جرت بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَكَانَ بَعضهم يخفي نَفسه وَيُصلي سرا مَخَافَة من
الظُّهُور والمشاركة فِي الدُّخُول فِي الْفِتْنَة والحروب
(1/168)
[150]
حَدثنَا بن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ قَالَ
أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي أَطْرَافه هَذَا الحَدِيث
إِنَّمَا يرويهِ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن معمر عَن
الزُّهْرِيّ كَذَا رَوَاهُ الْحميدِي وَسَعِيد بن عبد
الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الصَّباح كلهم عَن سُفْيَان
وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَالوهم فِي إِسْقَاطه من بن أبي عمر
وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي استدراكاته وَقَالَ
النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن يكون سُفْيَان سَمعه من
الزُّهْرِيّ مرّة وسَمعه من معمر عَن الزُّهْرِيّ مرّة
فَرَوَاهُ على الْوَجْهَيْنِ فَلَا يقْدَح أَحدهمَا فِي
الآخر قَالَ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَهَذَا فِيهِ بعد
لِأَن الرِّوَايَات تضافرت عَن بن عُيَيْنَة بِإِثْبَات
معمر وَلم يُوجد بإسقاطه إِلَّا عِنْد مُسلم مَعَ أَنه فِي
مُسْند شَيْخه بن أبي عمر بإثباته وَهَذَا يَنْفِي أَن
يكون الْوَهم مِنْهُ كَمَا زَعمه أَبُو مَسْعُود قسما
بِفَتْح الْقَاف أعْط فلَانا هُوَ جعيل بن سراقَة الضمرِي
من خِيَار الصَّحَابَة سَمَّاهُ الْوَاقِدِيّ فِي
الْمَغَازِي أَو مُسلم بِإِسْكَان الْوَاو مَخَافَة
للإسماعيلي قبله زِيَادَة وَمَا أعْطِيه إِلَّا يكبه
بِفَتْح أَوله وَضم الْكَاف يُقَال أكب الرجل وكبه الله
قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا بِنَاء غَرِيب فَإِن الْعَادة
أَن الْفِعْل اللَّازِم بِغَيْر همز يعدى بِالْهَمْزَةِ
وَهَذَا عَكسه وَضمير يكبه للمعطى أَي أتألف قلبه بالإعطاء
مَخَافَة من كفره إِذا لم يُعْط رهطا أَي جمَاعَة قَالَ
النَّوَوِيّ وَأَصله الْجَمَاعَة دون الْعشْرَة وَلَا
وَاحِد لَهُ من لَفظه لأراه مُؤمنا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ
بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى أعلمهُ وَلَا يجوز ضمهَا فَيصير
بِمَعْنى أَظُنهُ لِأَنَّهُ قَالَ غلبني مَا أعلم مِنْهُ
وَلِأَنَّهُ رَاجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثَلَاث مَرَّات وَلَو لم يكن جَازِمًا باعتقاده لما كرر
الْمُرَاجَعَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الرِّوَايَة بِضَم
الْهمزَة وَكَذَا قَالَ بن حجر وَأجَاب عَمَّا اسْتدلَّ
بِهِ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ أطلق الْعلم على الظَّن
الْغَالِب صَالح عَن بن شهَاب حَدثنِي عَامر قَالَ
النَّوَوِيّ الثَّلَاثَة تابعيون وَهُوَ رِوَايَة الأكابر
عَن الأصاغر فَإِن صَالحا أكبر من بن شهَاب الزُّهْرِيّ
(1/171)
[151]
نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم مَعْنَاهُ أَن
الشَّك يَسْتَحِيل فِي حق إِبْرَاهِيم فَإِن الشَّك فِي
إحْيَاء الْمَوْتَى لَو كَانَ متطرقا إِلَى الْأَنْبِيَاء
لَكُنْت أَنا أَحَق بِهِ من إِبْرَاهِيم وَقد علمْتُم
أَنِّي لم أَشك فاعلموا أَن إِبْرَاهِيم لم يشك وَإِنَّمَا
خص إِبْرَاهِيم وَقد خص إِبْرَاهِيم لكَون الْآيَة قد
يسْبق مِنْهَا إِلَى بعض الأذهان الْفَاسِدَة احْتِمَال
الشَّك وَإِنَّمَا رجح إِبْرَاهِيم على نَفسه تواضعا وأدبا
أَو قبل أَن يعلم أَنه خير ولد آدم وَقَالَ صَاحب
التَّحْرِير يَقع لي فِيهِ مَعْنيانِ أَحدهمَا أَنه خرج
مخرج الْعَادة فِي الْخطاب فَإِن من أَرَادَ المدافعة عَن
إِنْسَان قَالَ للمتكلم فِيهِ مَا كنت قَائِلا لفُلَان أَو
فَاعِلا فِيهِ من مَكْرُوه فقله لي وافعله معي ومقصوده لَا
تقل ذَلِك وَالثَّانِي أَن مَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي تظنونه
شكا أَنا أولى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بشك وَإِنَّمَا طلب
لمزيد الْيَقِين وَقَالَ قوم لما نزل قَوْله تَعَالَى أولم
تؤمن قَالَت طَائِفَة شكّ إِبْرَاهِيم وَلم يشك نَبينَا
فَقَالَ ذَلِك وَيرْحَم الله لوطا كَانَ يأوي إِلَى ركن
شَدِيد هُوَ الله جلّ جَلَاله فَإِنَّهُ أَشد الْأَركان
وأمنعها وأقواها قَالَ ذَلِك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تعريضا بقول لوط لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن
شَدِيد أَي لمنعتكم قَالَ النَّوَوِيّ قصد لوط بذلك
إِظْهَار الْعذر عِنْد أضيافه وَأَنه لَو اسْتَطَاعَ دفع
الْمَكْرُوه عَنْهُم بطرِيق مَا لفعله وَلم يكن ذَلِك
مِنْهُ إعْرَاضًا عَن الإعتماد على الله تَعَالَى قَالَ
وَيجوز أَن يكون نسي الالتجاء إِلَى الله فِي حمايتهم
وَيجوز أَن يكون التجأ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى
وَأظْهر للأضياف التألم وضيق الصَّدْر وَلَو لَبِثت إِلَى
آخِره هُوَ ثَنَاء على يُوسُف وَبَيَان لِصَبْرِهِ وتأنيه
إِذْ قَالَ لرَسُول الْملك لما جَاءَهُ ليخرجه ارْجع إِلَى
رَبك فَسَأَلَهُ مَا بَال النسْوَة فَلم يُبَادر
بِالْخرُوجِ من السجْن بعد طول لبثه فِيهِ بل تثبت وَأرْسل
الْملك فِي كشف أمره الَّذِي سجن بِسَبَبِهِ لتظهر
بَرَاءَته مِمَّا نسب إِلَيْهِ وَقَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ تواضعا وإيثارا للأبلغ فِي
بَيَان كَمَال فَضِيلَة يُوسُف وحَدثني بِهِ إِن شَاءَ
الله قيل كَيفَ يحْتَج بِشَيْء يشك فِيهِ وَأجَاب
النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ لم يحْتَج بِهَذَا الْإِسْنَاد
وَإِنَّمَا ذكره مُتَابعَة واستشهادا وَيحْتَمل فيهمَا مَا
لَا يحْتَمل فِي الْأُصُول وَأَبا عبيد هُوَ سعد بن عبيد
مولى عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر حَتَّى جازها أَي فرغ
مِنْهَا حَتَّى أنجزها أَي أتمهَا
(1/173)
[152]
مَا من الْأَنْبِيَاء الحَدِيث فِي مَعْنَاهُ أَقْوَال
أَحدهَا أَن كل نَبِي أعطي من المعجزات مَا كَانَ مثله لمن
كَانَ قبله من الْأَنْبِيَاء فَآمن بِهِ الْبشر وَأما
معجزتي الظَّاهِرَة الْعَظِيمَة فَهِيَ الْقُرْآن الَّذِي
لم يُعْط أحد مثله فَلهَذَا قَالَ أَنا أَكْثَرهم تَابعا
الثَّانِي أَن الَّذِي أُوتِيتهُ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ
تخييل السحر وَشبهه بِخِلَاف معْجزَة غَيْرِي فَإِنَّهُ قد
يخيل السَّاحر بِشَيْء مِمَّا يُقَارب صورتهَا كَمَا خيلت
السَّحَرَة فِي صُورَة عصى مُوسَى والخيال قد يروج على فيض
الْعَوام وَالْفرق بَين المعجزة وَالسحر والتخييل يحْتَاج
إِلَى فكر وَنظر وَقد يُخطئ النَّاظر فيعتقدهما سَوَاء
الثَّالِث أَن معجزات الْأَنْبِيَاء انقرضت بانقراض
أعصارهم وَلم يشاهدها إِلَّا من حضرها بحضرتهم ومعجزة
نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن المستمر إِلَى
يَوْم الْقِيَامَة مَعَ خرقه الْعَادة فِي أسلوبه وبلاغته
وإخباره بالمغيبات وَعجز الْإِنْس وَالْجِنّ أَن يَأْتُوا
بِسُورَة من مثله مُجْتَمعين أَو مُتَفَرّقين فِي جَمِيع
الْأَعْصَار مَعَ اعتنائهم بمعارضته فَلم يقدروا وهم أفْصح
الْقُرُون مَعَ غير ذَلِك من وُجُوه إعجازه الْمَعْرُوفَة
مثله بِالرَّفْع آمن بِالْمدِّ وَفتح الْمِيم
(1/174)
[153]
حَدثنَا بن وهب قَالَ وَأَخْبرنِي عَمْرو فِي إِثْبَات
الْوَاو دقيقة وَهِي أَن يُونُس سمع من بن وهب أَحَادِيث
من جُمْلَتهَا هَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ هُوَ أَولهَا
فَقَالَ بن وهب فِي رِوَايَته الحَدِيث الأول أَخْبرنِي
عَمْرو كَذَا ثمَّ قَالَ وَأَخْبرنِي عَمْرو بِكَذَا
وَهَكَذَا إِلَى آخر تِلْكَ الْأَحَادِيث فَإِذا روى
يُونُس عَن بن وهب غير الحَدِيث الأول أثبت الْوَاو كَمَا
سمع وَهِي أولى من حذفهَا الْجَائِز أَيْضا يَهُودِيّ
وَلَا نَصْرَانِيّ خصهما بِالذكر لِأَنَّهُمَا أهل كتاب
فغيرهم مِمَّن لَا كتاب لَهُ أولى
(1/175)
[154]
صَالح بن صَالح الْهَمدَانِي عَن الشّعبِيّ قَالَ رَأَيْت
رجلا من أهل خُرَاسَان سَأَلَ الشّعبِيّ قَالَ النَّوَوِيّ
هَذَا الْكَلَام لَيْسَ منتظما فِي الظَّاهِر وَلَكِن
تَقْدِيره حَدثنَا صَالح عَن الشّعبِيّ بِحَدِيث وقصة
طَوِيلَة قَالَ فِيهَا صَالح رَأَيْت رجلا سَأَلَ
الشّعبِيّ ثَلَاثَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ للطبراني من
حَدِيث أبي أُمَامَة مَرْفُوعا أَرْبَعَة يُؤْتونَ أجرهم
مرَّتَيْنِ فَذكر الثَّلَاثَة وَزَاد أَزوَاج النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد وَردت الْأَحَادِيث والْآثَار
بِأَكْثَرَ من ذَلِك وجمعتها فِي جُزْء فبلغت أَرْبَعِينَ
رجل من أهل الْكتاب أَي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَقيل
الْإِنْجِيل خَاصَّة لِأَن النَّصْرَانِيَّة ناسخة
لِلْيَهُودِيَّةِ وَأجَاب الطَّيِّبِيّ بِأَنَّهُ لَا يبعد
أَن يكون طريان الْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم سَببا لقبُول ذَلِك الدّين وَإِن كَانَ مَنْسُوخا
آمن بِنَبِيِّهِ وَأدْركَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَآمن بِهِ وَاتبعهُ وَصدقه يسْتَدلّ بِهَذَا
اللَّفْظ لما قَالَه الْكرْمَانِي من اخْتِصَاص ذَلِك بِمن
آمن فِي عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَاف من بعده
إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لِأَن بعثته قد أبطلت مَا قبلهَا
من الْأَدْيَان فَلم يكن الْإِيمَان بِهِ معتدا بِهِ لَكِن
اخْتَار البُلْقِينِيّ اسْتِمْرَار ذَلِك إِلَى يَوْم
الْقِيَامَة وَرجحه بن حجر فغذاها بتَخْفِيف الذَّال
الْمُعْجَمَة فَأحْسن غذاءها بِالْمدِّ
(1/177)
[155]
ليوشكن بِضَم الْيَاء وَكسر الشين أَي ليقربن فِيكُم أَي
فِي هَذِه الْأمة وَإِن كَانَ خطابا لبعضها مِمَّن لم
يدْرك نُزُوله حكما أَي حَاكما مقسطا أَي عادلا وَيَضَع
الْجِزْيَة أَي لَا يقبلهَا وَلَا يقبل من الْكفَّار
إِلَّا الْإِسْلَام وَلَا يُنَافِي ذَلِك كَونهَا
مَشْرُوعَة من نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لَا
يُغير شَرعه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرعها
مغياة بنزول عِيسَى بِهَذَا الحَدِيث وَغَيره وَلم يشرعها
مستمرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَقيل مَعْنَاهُ يضع
الْجِزْيَة على كل الْكَفَرَة وَلَا يقاتله أحد وَمِنْهَا
يفِيض المَال قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب الأول وَيفِيض
المَال بِفَتْح الْيَاء يكثر وتنزل البركات والخيرات
بِسَبَب الْعدْل وَعدم الظُّلم وتقل أَيْضا الرغبات لقصر
الآمال وعلمهم بِقرب السَّاعَة فَإِن عِيسَى علم من
أعلامها وَحَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خيرا من
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن
النَّاس تكْثر رغبتهم فِي الصَّلَاة وَسَائِر الطَّاعَات
لعلمهم بِقرب السَّاعَة قَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ أَن
أجرهَا خير لمصليها من صدقته بالدنيا وَمَا فِيهَا لفيض
المَال حِينَئِذٍ وهوانه وَقلة الشُّح بِهِ وَقلة الْحَاجة
إِلَيْهِ قَالَ والسجدة هِيَ السَّجْدَة بِعَينهَا أَو
عبارَة عَن الصَّلَاة عَطاء بن ميناء بِكَسْر الْمِيم
وتحتية سَاكِنة وَنون وَمد وَيقصر ولتتركن القلاص بِكَسْر
الْقَاف جمع قلُوص بِفَتْحِهَا وَهِي من الْإِبِل كالفتاة
من النِّسَاء وَالْحَدَث من الرِّجَال فَلَا يسْعَى
عَلَيْهَا أَي يزهد فِيهَا وَلَا يرغب فِي اقتنائها وَلَا
يعتني بهَا لِكَثْرَة الْأَمْوَال وَقلة الآمال كَقَوْلِه
تَعَالَى وَإِذا العشار عطلت وخصت بِالذكر لكَونهَا أشرف
الْإِبِل الَّتِي هِيَ أنفس أَمْوَال الْعَرَب وَقيل معنى
لَا يسْعَى عَلَيْهَا أَي لَا تطلب زَكَاتهَا إِذْ لَا
يُوجد من يقبلهَا الشحناء أَي الْعَدَاوَة وليدعون إِلَى
المَال بِضَم الْوَاو وَتَشْديد النُّون
(1/179)
[156]
تكرمة الله بِالنّصب مصدر أَو مفعول لَهُ
(1/180)
[159]
فتخر سَاجِدَة قَالَ النَّوَوِيّ سُجُود الشَّمْس بتمييز
وَإِدْرَاك يخلقه الله فِيهَا مستقرها تَحت الْعَرْش قَالَ
جمَاعَة بِظَاهِرِهِ وَهُوَ أَنَّهَا إِذا غربت كل يَوْم
اسْتَقَرَّتْ تَحت الْعَرْش إِلَى أَن تطلع
(1/182)
[160]
بن سرح بِفَتْح أَوله ومهملات أَن عَائِشَة أخْبرته قَالَت
كَانَ أول مَا بُدِئَ بِهِ هُوَ مُرْسل صحابية فَإِنَّهَا
لم تدْرك هَذِه الْقَضِيَّة فإمَّا أَن تكون سَمعتهَا من
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من صَحَابِيّ قَالَ
بن حجر وَيُؤَيّد سماعهَا مِنْهُ قَوْلهَا فِي أثْنَاء
الحَدِيث قَالَ فأخذني فغطني من الْوَحْي من بَيَانِيَّة
أَو تبعيضية مثل بِالنّصب حَال فلق الصُّبْح بِفَتْح
الْفَاء وَاللَّام وَحكي سكونها ضياؤه يضْرب مثلا للشَّيْء
الْوَاضِح الْبَين الْخَلَاء بِالْمدِّ الْخلْوَة بِغَار
حراء بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَالْمدّ
مَصْرُوف وروى بِفَتْح الْحَاء وَالْقصر جبل بَينه وَبَين
مَكَّة ثَلَاثَة أَمْيَال على يسَار الذَّاهِب من مَكَّة
إِلَى منى يَتَحَنَّث فِيهِ فِي سيرة بن هِشَام يتحنف
بِالْفَاءِ أَي يتتبع الحنيفية وَهِي دين إِبْرَاهِيم
وَالْفَاء تبدل ثاء فِي كثير من كَلَامهم وَهُوَ
التَّعَبُّد مدرج فِي الْخَبَر قطعا قَالَ بن حجر وَهُوَ
يحْتَمل أَن يكون من كَلَام عُرْوَة أَو من دونه قَالَ
وَجزم الطَّيِّبِيّ بِأَنَّهُ من تَفْسِير الزُّهْرِيّ
وَلم يذكر دَلِيله قَالَ وَلم يَأْتِ التَّصْرِيح بِصفة
تعبده لَكِن فِي رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر عِنْد بن
إِسْحَاق فيطعم من يرد عَلَيْهِ من الْمُشْركين وَجَاء عَن
بعض الْمَشَايِخ أَنه كَانَ يتعبد بالتفكر اللَّيَالِي
بِالنّصب على الظّرْف وتعلقه بيتحنث لَا بالتعبد أولات
الْعدَد فِي رِوَايَة بن إِسْحَاق أَنه كَانَ يعْتَكف شهر
رَمَضَان إِلَى أَهله أَي خَدِيجَة لمثلهَا أَي
اللَّيَالِي فجئه الْحق بِكَسْر الْجِيم وهمزة أَي بغته
وَيُقَال بِفَتْح الْجِيم أَيْضا فَجَاءَهُ الْملك الْفَاء
تفسيرية لَا تعقبية فَقَالَ اقْرَأ عِنْد بن إِسْحَاق من
مُرْسل عبيد بن عُمَيْر أَتَانِي جِبْرِيل بنمط من ديباج
فِيهِ كتاب فَقَالَ اقْرَأ مَا أَنا بقارئ مَا نَافِيَة
أَي مَا أحسن الْقِرَاءَة وَقيل استفهامية ورد بِدُخُول
الْبَاء فِي الْخَبَر فغطني بغين مُعْجمَة وطاء مُهْملَة
أَي عصرني وضمني وَفِي مُسْند الطَّيَالِسِيّ فأخذني بحلقي
وَلابْن أبي شيبَة فغمني وَلابْن إِسْحَاق فغتني وَالْكل
بِمَعْنى حَتَّى بلغ مني الْجهد بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا
لُغَتَانِ وَهُوَ الْغَايَة وَالْمَشَقَّة وبرفع الدَّال
ونصبها أَي بلغ الْجهد مني مبلغه وغايته أَو بلغ جِبْرِيل
مني الْجهد أَرْسلنِي أطلقني فَرجع بهَا أَي بِالْآيَاتِ
ترجف ترْعد وتضطرب بوادره بِالْمُوَحَّدَةِ جمع بادرة
وَهِي اللحمة الَّتِي بَين الْمنْكب والعنق تضطرب عِنْد
فزع الْإِنْسَان زَمِّلُونِي أَي غطوني بالثياب ولفوني
بهَا الروع بِفَتْح الرَّاء الْفَزع لقد خشيت على نَفسِي
قيل خشِي الْجُنُون وَأَن يكون مَا رَآهُ من جنس الكهانة
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَذَلِكَ قبل حُصُول الْعلم
الضَّرُورِيّ لَهُ أَن الَّذِي جَاءَهُ ملك وَأَنه من
عِنْد الله وَقيل الْمَوْت من شدَّة الرعب وَقيل الْمَرَض
وَقيل الْعَجز عَن حمل أعباء النُّبُوَّة وَقيل عدم
الصَّبْر على أَذَى قومه وَقيل أَن يقتلوه وَقيل أَن
يكذبوه وَقيل أَن يعيروه كلا نفي وإبعاد لَا يخزيك الله
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي من الخزي وَهُوَ
الفضيحة والهوان الْكل بِفَتْح الْكَاف الثّقل قَالَ
النَّوَوِيّ وَيدخل فِي حمل الْكل الْإِنْفَاق على
الضَّعِيف واليتيم والعيال وَغير ذَلِك وتكسب الْمَعْدُوم
بِفَتْح التَّاء فِي الْأَشْهر وَرُوِيَ بضَمهَا وَعَلِيهِ
فَالْمَعْنى تكسب غَيْرك المَال الْمَعْدُوم أَي تعطيه
إِيَّاه تَبَرعا فَحذف أحد المفعولين وَقيل تُعْطِي
النَّاس مَا لَا يجدونه عِنْد غَيْرك من نفائس الْفَوَائِد
وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَأما الْفَتْح فَقيل مَعْنَاهُ
كالضم وَقيل مَعْنَاهُ تكسب المَال الْمَعْدُوم وتصيب
مِنْهُ مَا يعجز غَيْرك عَن تَحْصِيله وَكَانَت الْعَرَب
تتمادح بكسب المَال لَا سِيمَا قُرَيْش وَكَانَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محظوظا فِي تِجَارَته وتقري
بِفَتْح أَوله بِلَا همز نَوَائِب جمع نائبة وَهِي
الْحَادِثَة ورقة بِفَتْح الرَّاء تنصر بالنُّون أَي صَار
نَصْرَانِيّا فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة يَا عَم قَالَ بن حجر
هَذَا وهم فَإِنَّهُ بن عَمها لَا عَمها فَالصَّوَاب مَا
فِي رِوَايَة البُخَارِيّ يَا بن عَم قَالَ وَمَا أجَاب
بِهِ النَّوَوِيّ من أَنَّهَا سمته عَمَّا مجَازًا
للاحترام على عَادَة الْعَرَب فِي خطابهم الْكَبِير ب يَا
عَم احتراما لَهُ فَغير مُتَّجه لِأَن الْقِصَّة لم
تَتَعَدَّد ومخرجها مُتحد فَلَا يحمل على أَنَّهَا قَالَت
ذَلِك مرَّتَيْنِ فَتعين الْحمل على الْحَقِيقَة انْتهى
قلت وَعِنْدِي أَنَّهَا قَالَت بن عَم على حذف حرف النداء
فتصحفت بن بِأَيّ هَذَا الناموس إِشَارَة إِلَى الْملك
الَّذِي ذكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَبره
وَهُوَ اسْم لجبريل وَأَصله فِي اللُّغَة صَاحب سر
الْخَيْر يُقَال نمست الرجل أَي ساررته ونمست السِّرّ
كتمته أنزل على مُوسَى فِي رِوَايَة عِنْد أبي نعيم فِي
الدَّلَائِل على عِيسَى قَالَ النَّوَوِيّ وَكِلَاهُمَا
صَحِيح يَا لَيْتَني فِيهَا أَي فِي أَيَّام النُّبُوَّة
ومدتها جذعا أَي شَابًّا قَوِيا حَتَّى أبالغ فِي نصرتك
وَأَصله للدواب فاستعير هُنَا ونصبه على الْحَال فِيمَا
رَجحه القَاضِي وَالنَّوَوِيّ وَفِي رِوَايَة بن ماهان
بِالرَّفْع خبر لَيْت قَالَ بن بَرى الْمَشْهُور عِنْد أهل
اللُّغَة والْحَدِيث جذع بِسُكُون الْعين قلت هُوَ رجز
مَشْهُور عِنْدهم يتمثلون بِهِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَني
فِيهَا جذع أخب فِيهَا وأضع أَو مخرجي هم بِهَمْزَة
الإستفهام وَاو الْعَطف الْمَفْتُوحَة ومخرجي بتَشْديد
الْيَاء جمع مخرج قلبت وَاو الْجمع يَاء وأدغمت فِي يَاء
الْإِضَافَة وَهُوَ خبر مقدم وهم مُبْتَدأ مُؤخر وَإِن
يدركني يَوْمك أَي وَقت خُرُوجك مؤزرا بِهَمْزَة وزاي
وَرَاء أَي قَوِيا بَالغا من الأزر وَهُوَ الشدَّة
وَالْقُوَّة وَأنكر الْقَزاز فَقَالَ لَيْسَ فِي اللُّغَة
مؤزرا من الأزر وَإِنَّمَا هُوَ مؤازر من وازرته أَي
عاونته غير أَنه قَالَ فوَاللَّه لَا يحزنك الله يَعْنِي
بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون من الْحزن وَفِي أَوله الْفَتْح
وَالضَّم من حزنه لُغَة قُرَيْش وأحزنه لُغَة تَمِيم
وَقَالَ قَالَت خَدِيجَة أَي بن عَم أَي بدل قَول
الرَّاوِي فِي الطَّرِيق الأولى أَي عَم وَهُوَ الصَّوَاب
فَكَأَنَّهُ سقط من تِلْكَ لَفْظَة بن
(1/188)
[161]
يرجف فُؤَاده أَي قلبه وَقيل هُوَ وعَاء الْقلب قَالَ
النَّوَوِيّ وَعلم خَدِيجَة برجفان فُؤَاده الظَّاهِر
أَنَّهَا رَأَتْهُ حَقِيقَة وَيجوز أَنَّهَا لم تره وعلمته
بقرائن وَصُورَة الْحَال عَن فَتْرَة الْوَحْي أَي احتباسه
وَورد عَن بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن مدَّتهَا
كَانَت أَيَّامًا وَعَن الشّعبِيّ كَانَت سنتَيْن وَنصفا
جزم بِهِ السُّهيْلي جَالِسا كَذَا فِي الْأُصُول بِالنّصب
على الْحَال فجئثت بِضَم الْجِيم ثمَّ همزَة مَكْسُورَة
ثمَّ ثاء مُثَلّثَة سَاكِنة ثمَّ تَاء الضَّمِير يُقَال
جئث الرجل فَهُوَ مجئوث إِذا فزع فَدَثَّرُونِي أَي لفوني
وَهِي الْأَوْثَان هُوَ من قَول أبي سَلمَة كَمَا بَين بعد
تتَابع الْوَحْي فِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ تَوَاتر أَي
جَاءَ يَتْلُو بعضه بَعْضًا من غير تخَلّل غير أَنه قَالَ
فجثثت قَالَ النَّوَوِيّ بمثلثتين بعد الْجِيم بِمَعْنى
الأول يُقَال جثث الرجل فَهُوَ مجثوث وجيث فَهُوَ مجيوث
أَي مذعور نَص عَلَيْهِ الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ هويت
بِفَتْح الْوَاو أَي سَقَطت وَقَالَ أَبُو سَلمَة وَالرجز
الْأَوْثَان زَاد البُخَارِيّ الَّتِي كَانَ أهل
الْجَاهِلِيَّة يعْبدُونَ ثمَّ حمى الْوَحْي أَي كثر
نُزُوله وازداد وَفِيه طباق لفترة الْوَحْي وَلما لم يكن
انْقِطَاعًا كليا عبر بالفترة لَا بالبرود تتَابع تَأْكِيد
معنوي فجثثت مِنْهُ كَمَا قَالَ عقيل يَعْنِي بمثلثتين بعد
الْجِيم بحراء شهرا هَذَا شَاهد قوي لرِوَايَة بن إِسْحَاق
أَن خلوته بحراء كَانَت شهر رَمَضَان فَاسْتَبْطَنْت
الْوَادي أَي صرت فِي بَاطِنه على عرش أَي كرْسِي فِي
الْهَوَاء بِالْمدِّ أَي الجو بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
فَأَخَذَتْنِي رَجْفَة بالراء وَرَوَاهُ السَّمرقَنْدِي
وجفة بِالْوَاو وَكِلَاهُمَا صَحِيح بِمَعْنى الِاضْطِرَاب
قَالَ تَعَالَى يَوْم ترجف الأَرْض وَالْجِبَال وَقَالَ
قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة فصبوا عَليّ مَاء قَالَ بن حجر
كَأَن الْحِكْمَة فِيهِ طلب حُصُول الشكوى لما وَقع فِي
الْبَاطِن من الانزعاج إِذْ جرت الْعَادة أَن الرعدة
تعقبها الْحمى وَقد عرف من الطِّبّ النَّبَوِيّ معالجتها
بِالْمَاءِ الْبَارِد
(1/192)
[162]
الْبنانِيّ بِضَم الْبَاء نِسْبَة إِلَى بنانة قَبيلَة
بِالْبُرَاقِ بِضَم الْمُوَحدَة قَالَ بن دُرَيْد اشتقاقه
من الْبَرْق إِن شَاءَ الله تَعَالَى يَعْنِي لسرعته وَقيل
سمي بذلك لشدَّة صفائه وتلاليه وبريقه وَقيل لبياضه بَيت
الْمُقَدّس بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَكسر
الدَّال المخففة وبضم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَالدَّال
الْمُشَدّدَة لُغَتَانِ قَالَ الزّجاج الْبَيْت الْمُقَدّس
المطهر وَبَيت الْمُقَدّس الْمَكَان الَّذِي يطهر فِيهِ من
الذُّنُوب وَقَالَ الْفَارِسِي من خفف فَهُوَ مصدر كمرجع
أَو مَكَان أَي بَيت الْمَكَان الَّذِي جعل فِيهِ
الطَّهَارَة وتطهيره إخلاؤه من الْأَصْنَام وإبعاده
مِنْهَا بالحلقة بِسُكُون اللَّام وَحكي فتحهَا وَالْجمع
على السّكُون حلق الَّتِي يرْبط بِهِ ذكر ضمير الْحلقَة
على معنى الشَّيْء اخْتَرْت الْفطْرَة أَي اخْتَرْت
عَلامَة الْإِسْلَام والاستقامة وَجعل اللَّبن عَلامَة
ذَلِك لكَونه سهلا طيبا طَاهِرا سائغا للشاربين سليم
الْعَاقِبَة عرج بِفَتْح الْعين وَالرَّاء صعد قيل وَقد
بعث إِلَيْهِ هُوَ اسْتِفْهَام عَن الْبَعْث إِلَيْهِ
للإسراء وصعوده السَّمَاوَات لَا عَن أصل الْبعْثَة
والرسالة فَإِن ذَلِك لَا يخفى عَلَيْهِ إِلَى هَذِه
الْمدَّة بِابْني الْخَالَة قَالَ بن السّكيت يُقَال هما
أَبنَاء عَم وَلَا يُقَال أَبنَاء خَال وَيُقَال هما ابْنا
خَالَة وَلَا يُقَال ابْنا عمَّة مُسْندًا ظَهره إِلَى
الْبَيْت الْمَعْمُور قَالَ القَاضِي يسْتَدلّ بِهِ على
جَوَاز الِاسْتِنَاد إِلَى الْقبْلَة وتحويل الظّهْر
إِلَيْهَا إِلَى السِّدْرَة الْمُنْتَهى كَذَا فِي
الْأُصُول السِّدْرَة قَالَ وَسميت بذلك لِأَن علم
الْمَلَائِكَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَلم يجاوزها أحد
إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل
لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَا يهْبط من فَوْقهَا
وَمَا يصعد من تحتهَا من أَمر الله كالقلال بِكَسْر
الْقَاف جمع قلَّة وَهِي الجرة الْعَظِيمَة فَرَجَعت إِلَى
رَبِّي قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ فَرَجَعت إِلَى
الْموضع الَّذِي نَاجَيْته مِنْهُ أَولا فناجيته مِنْهُ
ثَانِيًا فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي وَبَين مُوسَى أَي
بَين مَوضِع مُنَاجَاة رَبِّي فشرح عَن صَدْرِي أَي شقّ
ثمَّ أنزلت بِسُكُون اللَّام وَضم التَّاء كَذَا فِي
الْأُصُول قَالَ الوقشي وَهُوَ وهم من الروَاة وَصَوَابه
نزلت فتصحف وَقَالَ بن سراج أنزلت فِي اللُّغَة بِمَعْنى
نزلت صَحِيح وَلَيْسَ فِيهِ تَصْحِيف وَقَالَ القَاضِي ظهر
لي أَنه صَحِيح بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوف فِي أنزلت وَهُوَ
ضد رفعت لِأَنَّهُ قَالَ انْطَلقُوا بِي إِلَى زَمْزَم
ثمَّ أنزلت أَي صرفت إِلَى موضعي الَّذِي حملت مِنْهُ
قَالَ وَلم أزل أبحث عَنهُ حَتَّى وَقعت على الْجلاء فِيهِ
من رِوَايَة أبي بكر البرقاني وَأَنه طرف حَدِيث وَتَمَامه
ثمَّ أنزل عَليّ طست من ذهب مَمْلُوءَة حِكْمَة وإيمانا
قَالَ النَّوَوِيّ وَمُقْتَضى رِوَايَة البرقاني أَن يضْبط
أنزلت بِسُكُون اللَّام وَسُكُون التَّاء وَكَذَا ضَبطه
الْحميدِي فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى
أَن رِوَايَة مُسلم نَاقِصَة وَأَن تَمامهَا مَا زَاده
البرقاني طست بِفَتْح التَّاء وَحكي كسرهَا لأمه بِفَتْح
اللَّام والهمزة أَي ضم بعضه إِلَى بعض ظئره بِكَسْر
الظَّاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْهمزَة الْمُرضعَة منتقع
اللَّوْن بِفَتْح الْقَاف أَي متغير اللَّوْن يُقَال انتقع
لَونه إِذا تغير من حزن أَو فزغ أثر الْمخيط بِكَسْر
الْمِيم وَسُكُون الْخَاء وَفتح التَّحْتِيَّة الإبرة
حَدثنِي شريك بن عبد الله بن أبي نمر بِفَتْح النُّون
وَكسر الْمِيم تَابِعِيّ أكبر من شريك بن عبد الله
النَّخعِيّ القَاضِي ثَلَاثَة نفر سمي مِنْهُم فِي
رِوَايَة مَيْمُون بن سياه عَن أنس عِنْد الطَّبَرِيّ
جِبْرِيل وَمِيكَائِيل قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ هَذَا
مِمَّا أنكر على شريك فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن
الْمَعْرُوف أَن الْإِسْرَاء بعد الْبعْثَة وَتلك
اللَّيْلَة فرضت الصَّلَاة حَتَّى تجاسر بن حزم وَادّعى
أَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع وانتقد على الشَّيْخَيْنِ
حَيْثُ أَخْرجَاهُ وَقد رد عَلَيْهِ بن طَاهِر فِي جُزْء
وَقَالَ إِن أحدا لم يتهم شَرِيكا بل وَثَّقَهُ أَئِمَّة
الْجرْح وَالتَّعْدِيل وقبلوه وَاحْتَجُّوا بِهِ قَالَ
وَأكْثر مَا يُقَال إِن شَرِيكا وهم فِي هَذِه اللَّفْظَة
وَلَا يرد جَمِيع الحَدِيث بوهم فِي لَفْظَة مِنْهُ
وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن يَقُول بعد أَن يُوحى إِلَيْهِ
فَجرى على لِسَانه قبل غَلطا وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه على
أَمر مَخْصُوص أَي قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ فرض الصَّلَوَات
أَو فِي شَأْن الْإِسْرَاء يُرِيد أَنه وَقع بَغْتَة قبل
أَن ينذر بِهِ وَذكر الْحَافِظ بن حجر أَن شَرِيكا لم
ينْفَرد بِهَذِهِ اللَّفْظَة بل تَابعه عَلَيْهَا كثير بن
خُنَيْس عَن أنس أخرجه سعيد بن يحيى الْأمَوِي فِي مغازيه
وَهُوَ نَائِم أَي أول مَا جَاءُوهُ كَمَا صرح بِهِ فِي
رِوَايَة مَيْمُون بن سياه وفيهَا وَكَانَت قُرَيْش تنام
حول الْكَعْبَة وَقدم فِيهِ شَيْئا وَأخر وَزَاد وَنقص
وَقد سَاقه بِلَفْظِهِ البُخَارِيّ فِي كتاب التَّوْحِيد
من صَحِيحه وَقَالَ بن حجر مَجْمُوع مَا خَالَفت فِيهِ
رِوَايَة شريك غَيره من الْمَشْهُورين عشرَة أَشْيَاء 1
أمكنة الْأَنْبِيَاء وَقد أفْصح هُوَ بِأَنَّهُ لم يضْبط
مَنَازِلهمْ 2 وَكَونه قبل الْبعْثَة 3 وَفِي الْمَنَام 4
وَقَوله فِي سِدْرَة الْمُنْتَهى أَنَّهَا فَوق السَّمَاء
بِمَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى وَالْمَشْهُور
أَنَّهَا فِي السَّابِعَة أَو السَّادِسَة 5 وَقَوله فِي
النّيل والفرات أَن عنصرهما فِي السَّمَاء الدُّنْيَا
وَالْمَشْهُور أَنه فِي السَّابِعَة 6 وَأَن شقّ الصَّدْر
عِنْد الْإِسْرَاء وَالْمَشْهُور أَنه وَهُوَ صَغِير 7
وَأَن الْكَوْثَر فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَالْمَشْهُور
أَنه فِي الْجنَّة 8 وَنسبَة الدنو والتدلي فِي قَوْله
ثمَّ دنى فَتَدَلَّى إِلَى الله تَعَالَى وَالْمَشْهُور
أَنه لجبريل 9 وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْتنع من
الرُّجُوع إِلَى سُؤال التَّخْفِيف بعد الْخَامِسَة
وَالْمَشْهُور أَنه بعد التَّاسِعَة 1 وَأَنه رَجَعَ بعد
انْتِهَاء التَّخْفِيف إِلَى الْخمس وَالْمَشْهُور أَنه
امْتنع وَقد أُجِيب عَن أَكثر ذَلِك
(1/199)
[163]
فرج سقف بَيْتِي بِضَم الْفَاء وجيم أَي فتح فَفرج صَدْرِي
بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء وَالْجِيم أَي شقّ فَإِن قيل
إِنَّمَا وَقع شقّ الصَّدْر وَهُوَ صَغِير كَمَا تقدم فِي
حَدِيث ثَابت عَن أنس فَالْجَوَاب كَمَا قَالَ السُّهيْلي
إِنَّه وَقع مرَّتَيْنِ الثَّانِيَة عِنْد الْإِسْرَاء
تجديدا للتطهير زَاد بن حجر ثَالِثَة عِنْد المبعث بِغَار
حراء ورد من حَدِيث عَائِشَة فِي مسندي الطَّيَالِسِيّ
وَابْن أبي أُسَامَة بطست من ذهب ممتلئ ذكره والطست
مُؤَنّثَة عودا على الْمَعْنى وَهُوَ الْإِنَاء حِكْمَة
وإيمانا فِيهِ أَنَّهُمَا يمثلان جسما يمْلَأ كَمَا يمثل
الْمَوْت كَبْشًا وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّه مجَاز
وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي الطست شَيْء يحصل بِهِ كَمَال
الْإِيمَان وَالْحكمَة فَسُمي إِيمَانًا وَحِكْمَة لكَونه
سَببا لَهما فأفرغها الضَّمِير للطست وَقيل للحكمة وَضَعفه
النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ يصير إفراغ الْإِيمَان مسكوتا عَنهُ
لخازن السَّمَاء الدُّنْيَا أَسْوِدَة بِوَزْن أزمنة جمع
سَواد وَهُوَ الشَّخْص نسم بِفَتْح النُّون والمهملة جمع
نسمَة وَهِي الرّوح والأسودة الَّتِي عَن شِمَاله أهل
النَّار قَالَ القَاضِي ظَاهر الحَدِيث أَن نسم الْكفَّار
أَيْضا فِي السَّمَاء وَهُوَ مُشكل فَإِن أَرْوَاحهم فِي
سِجِّين وَلَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء فَيحْتَمل
أَنَّهَا تعرض على آدم أوقاتا فَوَافَقَ وَقت عرضهَا
مُرُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن
الْجنَّة كَانَت فِي جِهَة يَمِين آدم وَالنَّار فِي جِهَة
شِمَاله وَكِلَاهُمَا من حَيْثُ شَاءَ الله ويكشف لآدَم
عَنْهُمَا وَلَا يلْزم من ذَلِك فتح بَاب السَّمَاء لَهَا
فَذكر أَي أَبُو ذَر وَلم يثبت أَي أَبُو ذَر
وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّادِسَة الثَّابِت فِي
جَمِيع الرِّوَايَات السَّابِعَة وَقد ذكر أَبُو ذَر أَنه
لم يثبت كَيفَ مَنَازِلهمْ فرواية من أثبتهم أرجح قَالَه
بن حجر بِإِدْرِيس قَالَ مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح
وَالْأَخ الصَّالح فِيهِ دَلِيل لكَون إِدْرِيس هُوَ
إلْيَاس لَا جد نوح وَإِلَّا لقَالَ وَالِابْن الصَّالح
كَمَا قَالَ آدم وَإِبْرَاهِيم قَالَه عِيَاض ثمَّ مَرَرْت
بِعِيسَى لَيست ثمَّ هُنَا للتَّرْتِيب لِأَن الرِّوَايَات
متفقة على أَن الْمُرُور بِهِ كَانَ قبل مُوسَى وَهَذَا
أَيْضا يدل على أَنه لم يثبت مَنَازِلهمْ وَأَبا حَبَّة
بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة الْمُشَدّدَة وَقَالَ
الْقَابِسِيّ بمثناة تحتية وَغلط فِي ذَلِك وَذكره
الْوَاقِدِيّ بالنُّون اسْتشْهد بِأحد ظَهرت عَلَوْت
لمستوى بِالْفَتْح هُوَ المصعد صريف الأقلام بِفَتْح
الصَّاد الْمُهْملَة تصويتها حَال الْكِتَابَة وَالْمرَاد
بهَا مَا تكتبه الْمَلَائِكَة من أقضية الله تَعَالَى
سُبْحَانَهُ قَالَ بن حزم أَي عَن شيخيه وَأنس عَن أبي ذَر
كَذَا جزم بِهِ أَصْحَاب الْأَطْرَاف قَالَ بن حجر يحْتَمل
أَن يكون مُرْسلا من جِهَة بن حزم وَمن رِوَايَة أنس بِلَا
وَاسِطَة فَوضع شطرها قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد أَنه حط
مَرَّات بمراجعات فَإِن الحَدِيث مُخْتَصر لم يذكر فِيهِ
كرات الْمُرَاجَعَة هِيَ خمس أَي عددا وَهِي خَمْسُونَ أَي
ثَوابًا حَتَّى نأتي سِدْرَة الْمُنْتَهى كَذَا فِي جَمِيع
الْأُصُول بالنُّون أَوله وَفِي بَعْضهَا حَتَّى أَتَى
جنابذ اللُّؤْلُؤ بِفَتْح الْجِيم وَالنُّون وَكسر
الْمُوَحدَة وذال مُعْجمَة القباب وَاحِدهَا جنبذة
بِالضَّمِّ فَارسي مُعرب وَوَقع فِي البُخَارِيّ فِي
الصَّحِيح حبائل اللُّؤْلُؤ وَقد تَكَلَّمت عَلَيْهِ فِي
التوشيح
(1/204)
[164]
لَعَلَّه قَالَ عَن مَالك بن صعصعة قَالَ الغساني كَذَا
فِي رِوَايَة بن ماهان والرازي عَن أبي أَحْمد وَعند
غَيرهمَا عَن أبي أَحْمد عَن مَالك بن صعصعة بِغَيْر شكّ
وَهُوَ الْمَحْفُوظ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يروه عَن
أنس بن مَالك غير قَتَادَة فَنُوديَ مَا يبكيك إِلَى آخِره
قَالَ النَّوَوِيّ حزن مُوسَى على قومه لقلَّة
الْمُؤمنِينَ مِنْهُم مَعَ كَثْرَة عَددهمْ وغبطة لنبينا
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كَثْرَة أَتْبَاعه
وَالْغِبْطَة فِي الْخَيْر محمودة يخرج من أَصْلهَا
المُرَاد من أصل سِدْرَة الْمُنْتَهى كَمَا بَين فِي
البُخَارِيّ وَغَيره فنهران فِي الْجنَّة قَالَ مقَاتل هما
السلسبيل والكوثر وَأما الظاهران فالنيل والفرات قَالَ
القَاضِي هَذَا يدل على أَن أصل سِدْرَة الْمُنْتَهى فِي
الأَرْض لخُرُوج النّيل والفرات من أَصْلهَا قَالَ
النَّوَوِيّ وَمَا قَالَه لَيْسَ بِلَازِم بل يخرج من
أَصْلهَا ثمَّ يصير حَيْثُ أَرَادَ الله حَتَّى يخرج من
الأَرْض فيسير فِيهَا وَهَذَا لَا يمنعهُ عقل وَلَا شرع
وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ والفرات
بِالتَّاءِ الممدودة فِي الْخط وصلا ووقفا وَمن قَالَه
بِالْهَاءِ فقد أَخطَأ آخر مَا عَلَيْهِم روى بِالنّصب على
الظّرْف وبالرفع على تَقْدِير ذَلِك آخر مَا عَلَيْهِم من
دُخُوله قَالَ صَاحب مطالع الْأَنْوَار وَالرَّفْع أوجه
أصَاب الله بك أَرَادَ بِهِ الْفطْرَة وَالْخَيْر وَالْفضل
وَمن وُرُود أصَاب بِمَعْنى أَرَادَ قَوْله تَعَالَى
تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب أمتك على الْفطْرَة
مُبْتَدأ وَخبر أَي أَنهم أَتبَاع لَك وَقد أصبت الْفطْرَة
فهم يكونُونَ عَلَيْهَا مراق الْبَطن بِفَتْح الْمِيم
وَتَشْديد الْقَاف مَا سفل من الْبَطن ورق من جلده قَالَ
الْجَوْهَرِي وَلَا وَاحِد لَهَا وَقَالَ صَاحب الْمطَالع
وَاحِدهَا مرق
(1/207)
[165]
طوال بِضَم الطَّاء وَتَخْفِيف الْوَاو بِمَعْنى طَوِيل
شنُوءَة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ نون ثمَّ وَاو
ثمَّ همزَة ثمَّ هَاء وَقد يشدد بدل الْهمزَة قَبيلَة
مَعْرُوفَة وَقد سموا بذلك لأَنهم تشانأوا وتباعدوا
وَقَالَ عِيسَى جعد قَالَ النَّوَوِيّ فِي أَكثر
الرِّوَايَات أَنه سبط الرَّأْس فَقَالَ الْعلمَاء
المُرَاد بالجعودة هُنَا جعودة الْجِسْم وَهُوَ اجتماعه
واكتنازه وَلَيْسَ المُرَاد جعودة الشّعْر مَرْبُوع هُوَ
الرجل بَين الرجلَيْن فِي الْقَامَة لَيْسَ بالطويل
الْبَائِن وَلَا بالقصير الحقير مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ
السَّلَام رجل آدم طوال جعد قَالَ صَاحب التَّحْرِير
أَحدهمَا مَا تقدم فِي عِيسَى وَهُوَ اكتناز الْجِسْم
وَالثَّانِي جعودة الشّعْر قَالَ وَالْأول أصح لِأَنَّهُ
قد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح أَنه
رجل الشّعْر قَالَ النَّوَوِيّ والمعنيان جائزان فِيهِ
وَيكون جعودة الشّعْر على الْمَعْنى الثَّانِي لَيست جعودة
القطط بل مَعْنَاهَا أَنه بَين القطط والسبط سبط الرَّأْس
بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا وَيجوز إسكانها مَعَ كسر السِّين
وَفتحهَا وَالشعر السبط هُوَ المسترسل لَيْسَ فِيهِ تكسر
وأري مَالِكًا بِضَم الْهمزَة وَكسر الرَّاء ونائب
الْفَاعِل ضمير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومالكا
بِالنّصب وَفِي أَكثر الْأُصُول بِالرَّفْع وَهُوَ لحن
قَالَ النَّوَوِيّ وَيُمكن تَوْجِيهه بِأَنَّهُ مَنْصُوب
وَلَكِن أسقطت ألف مَالك فِي الْكِتَابَة وَهَذَا يَفْعَله
المحدثون كثيرا فيكتبون سَمِعت أنسا بِغَيْر ألف ويقرءونه
بِالنّصب وَعند البُخَارِيّ رَأَيْت مَالِكًا فَلَا تكن
فِي مرية من لِقَائِه قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الاستشهاد
بِالْآيَةِ من اسْتِدْلَال بعض الروَاة
(1/209)
[166]
كَأَنِّي أنظر إِلَى مُوسَى قَالَ القَاضِي أَكثر
الرِّوَايَات فِي وصف الْأَنْبِيَاء تدل على أَنه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم رأى ذَلِك لَيْلَة أسرِي بِهِ وَقد صرح
بِهِ فِي رِوَايَة أبي الْعَالِيَة عَن بن عَبَّاس وَابْن
الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة وَله جؤار بِضَم الْجِيم
وبالهمز رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ قَالَ القَاضِي
فَإِن قيل كَيفَ يحجون ويلبون وهم أموات فَالْجَوَاب
إِنَّهُم أفضل من الشُّهَدَاء وَالشُّهَدَاء أَحيَاء عِنْد
رَبهم يرْزقُونَ وَلَا يبعد أَن يحجوا ويصلوا كَمَا ورد
فِي الحَدِيث الآخر وَأَن يتقربوا إِلَى الله بِمَا
اسْتَطَاعُوا لأَنهم وَإِن كَانُوا قد توفوا فَإِنَّهُم
فِي هَذِه الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ دَار الْعَمَل حَتَّى
إِذا فنيت مدَّتهَا وتعقبتها الْآخِرَة الَّتِي هِيَ دَار
الْجَزَاء انْقَطع الْعَمَل وَيحْتَمل أَن تكون هَذِه
رُؤْيَة مَنَام فِي غير الْإِسْرَاء وَأَنه رأى حَالهم
الَّتِي كَانَت فِي حياتهم ومثلوا لَهُ أَو أَنه أخبر عَن
مَا أُوحِي إِلَيْهِ من أَمرهم وَإِن لم يرهم رُؤْيَة عين
ثنية هرشي بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الرَّاء وشين مُعْجمَة
وَالْقصر جبل على طَرِيق الشَّام وَالْمَدينَة قريب من
الْجحْفَة جعدة أَي مكتنزة اللَّحْم خطام بِكَسْر الْخَاء
الْحَبل الَّذِي يُقَاد بِهِ الْبَعِير خلبة بِضَم الْخَاء
الْمُعْجَمَة وَلَام سَاكِنة وتضم وباء مُوَحدَة أولفت
بِكَسْر اللَّام وَسُكُون الْفَاء ومثناة فوقية وَضبط
أَيْضا بِفَتْح اللَّام مَعَ سُكُون الْفَاء وَفتحهَا لِيف
خلبة رُوِيَ بتنوين لِيف وإضافته وخلبة على التَّنْوِين
بدل أَو بَيَان فَذكرُوا الدَّجَّال فَقَالَ إِنَّه
مَكْتُوب أَي فَقَالَ قَائِل من الْحَاضِرين وَفِي الْجمع
لعبد الْحق فَقَالُوا وَهُوَ أوضح إِذا انحدر كَذَا فِي
الْأُصُول وَأنْكرهُ بَعضهم وَقَالَ الصَّوَاب إِذْ ظرف
للماضي
[167] ضرب بِإِسْكَان
الرَّاء الرجل بَين الرجلَيْن فِي كَثْرَة اللَّحْم وقلته
دحْيَة بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا
(1/212)
[168]
مُضْطَرب هُوَ الطَّوِيل غير الشَّديد وَهُوَ ضد جعد
اللَّحْم مكتنزه رجل الرَّأْس بِكَسْر الْجِيم أَي رجل
الشّعْر ربعَة بِسُكُون الْبَاء وَيجوز فتحهَا ديماس
بِكَسْر الدَّال وَسُكُون التَّحْتِيَّة وسين مُهْملَة
يَعْنِي حَماما قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا فسره الرَّاوِي
وَالْمَعْرُوف عِنْد أهل اللُّغَة أَن الديماس السرب
وَلَكِن فِي الصِّحَاح قَوْله خرج من ديماس يَعْنِي فِي
نضارته وَكَثْرَة مَاء وَجهه كَأَنَّهُ خرج من كن
(1/213)
[169]
أَرَانِي بِفَتْح الْهمزَة فَرَأَيْت رجلا آدم هُوَ
مُخَالف لما تقدم فِي الحَدِيث قبله من أَنه أَحْمَر وَقد
روى البُخَارِيّ عَن بن عمر أَنه أنكر رِوَايَة أَحْمَر
وَحلف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقلهُ
وَأَنه اشْتبهَ على الرَّاوِي قَالَ النَّوَوِيّ فَيجوز
أَن يتَأَوَّل الْأَحْمَر على الآدم وَلَا يكون المُرَاد
حَقِيقَة الْحمرَة والأدمة بل مَا قاربهما لمة بِكَسْر
اللَّام وَتَشْديد الْمِيم الشّعْر المتدلي الَّذِي
يُجَاوز شحمة الْأُذُنَيْنِ فَإِذا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ
فَهُوَ جمة رجلهَا بتَشْديد الْجِيم سرحها فَهِيَ تقطر قيل
هُوَ على ظَاهره أَي يقطر بِالْمَاءِ الَّذِي رجلهَا بِهِ
لقرب ترجيله وَقيل هُوَ عبارَة عَن نضارته وَحسنه واستعارة
لجماله عواتق جمع عاتق وَهُوَ مَا بَين الْمنْكب والعنق
يؤنث وَيذكر والتذكير أشهر الْمَسِيح بن مَرْيَم قيل أَصله
مشيحا بالعبرانية فعرب وَغير وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَسمي
بِهِ لِأَنَّهُ لم يمسح ذَا عاهة إِلَّا برِئ وَقيل
لِأَنَّهُ مَمْسُوح أَسْفَل الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمص لَهُ
وَقيل لمسحه الأَرْض أَي قطعهَا وَقيل لِأَنَّهُ خرج من
بطن أمه ممسوحا بالدهن وَقيل لِأَنَّهُ مسح بِالْبركَةِ
حِين ولد بِرَجُل جعد قَالَ الْهَرَوِيّ الْجَعْد فِي
صِفَات الرجل يكون مدحا وَيكون ذما فالذم بِمَعْنى الْقصير
المتردد وَبِمَعْنى الْبَخِيل يُقَال رجل جعد الْيَدَيْنِ
وجعد الْأَصَابِع أَي بخيل والمدح بِمَعْنى شَدِيد الْخلق
وَبِمَعْنى عدم سبوطة الشّعْر وَإِنَّمَا مدح بِهَذَا
لِأَن السبوطة أَكْثَرهَا فِي شُعُور الْعَجم قَالَ
الْهَرَوِيّ فالجعد فِي صفة عِيسَى مدح وَفِي صفة
الدَّجَّال ذمّ قطط بِفَتْح الْقَاف والطاء الأولى وَقد
تكسر الشَّديد الجعودة أَعور الْعين الْيُمْنَى فِي
رِوَايَة الْيُسْرَى وَكِلَاهُمَا صَحِيح طافية رُوِيَ
بِالْهَمْز بِمَعْنى ذهب ضوءها وبدونه وَصَححهُ الْأَكْثَر
بِمَعْنى ناتئة بارزة كنتوء حَبَّة الْعِنَب وَقَالَ
القَاضِي كلا عَيْني الدَّجَّال مَعِيبَة عوراء فاليمنى
مطموسة وَهِي الطافئة بِالْهَمْز واليسرى ناتئة جاحظة
كَأَنَّهَا كَوْكَب وَهِي الطافية بِلَا همز الْمَسِيح
الدَّجَّال سمي بذلك لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعين وَقيل
لمسحه الأَرْض إِذا خرج وَالْأَشْهر أَنه بِفَتْح الْمِيم
وَتَخْفِيف السِّين وإهمال الْحَاء كوصف عِيسَى وَقيل هُوَ
بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين وَقيل هُوَ بإعجام
الْخَاء كَالْأولِ وَقيل كالثاني إِن الله لَيْسَ بأعور
أَي أَنه منزه عَن سمات الْحَدث وَجَمِيع النقائص أَعور
عين الْيُمْنَى هَذِه الْإِضَافَة على ظَاهرهَا عِنْد
الْكُوفِيّين والبصريون يقدرُونَ فِيهِ محذوفا أَي أَعور
عين صفحة وَجهه الْيُمْنَى كأشبه من رَأَيْت بِفَتْح
التَّاء وَضمّهَا بِابْن قطن بِفَتْح الْقَاف والطاء
[170] فجلا الله لي
بَيت الْمُقَدّس بتَشْديد اللَّام وتخفيفها أَي كشف
وَأظْهر
(1/216)
[171]
ينطف بِضَم الطَّاء وَكسرهَا يقطر ويسيل يهراق بِضَم
الْيَاء وَفتح الْهَاء ينصب
(1/217)
[172]
فكربت بِضَم الْكَاف كربَة بِالضَّمِّ الْغم الَّذِي
يَأْخُذ بِالنَّفسِ مَا كربت مثله ذكر الضَّمِير عودا على
معنى الْكُرْبَة وَهُوَ الكرب أَو الْغم أَو الْهم أَو
الشَّيْء
(1/218)
[173]
الزبير بن عدي عَن طَلْحَة هُوَ بن مصرف عَن مرّة
الثَّلَاثَة تابعيون إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَهِي فِي
السَّمَاء السَّادِسَة فِي الرِّوَايَات السَّابِقَة
أَنَّهَا فَوق السَّمَاء السَّابِعَة قَالَ القَاضِي
وَهُوَ الْأَصَح وَقَول الْأَكْثَرين قَالَ النَّوَوِيّ
وَيُمكن الْجمع بِأَن أَصْلهَا فِي السَّادِسَة ومعظمها
فِي السَّابِعَة الْمُقْحمَات بِضَم الْمِيم وَسُكُون
الْقَاف وَكسر الْحَاء الذُّنُوب الْعِظَام الْكَبَائِر
الَّتِي تهْلك أَصْحَابهَا وتوردهم النَّار وتقحمهم
إِيَّاهَا والتقحم الْوُقُوع فِي المهالك
[175] الْأَعْمَش عَن
زِيَاد بن الْحصين أبي جهمة بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون
الْهَاء عَن أبي الْعَالِيَة الثَّلَاثَة تابعيون
(1/219)
[177]
مَسْرُوق قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب سمي مسروقا
لِأَنَّهُ سَرقه إِنْسَان فِي صغره ثمَّ وجد الْفِرْيَة
بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء الْكَذِب أنظريني أَي
أمهليني عظم خلقه ضبط بِضَم الْعين وَسُكُون الظَّاء
وبكسرها وَفتح الظَّاء أولم تسمع أَن الله يَقُول لَا
تُدْرِكهُ الْأَبْصَار قَالَ النَّوَوِيّ الرَّاجِح عِنْد
أَكثر الْعلمَاء أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى ربه
بعيني رَأسه لَيْلَة الْإِسْرَاء لحَدِيث بن عَبَّاس
وَغَيره وَإِثْبَات هَذَا لَا يكون إِلَّا بِالسَّمَاعِ من
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم تعتمد عَائِشَة
فِي نفي الرُّؤْيَة على حَدِيث رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا اعتمدت الاستنباط من الْآيَات
وَالْجَوَاب عَن هَذِه الْآيَة أَن الْإِدْرَاك هُوَ
الْإِحَاطَة وَالله تَعَالَى لَا يحاط بِهِ وَإِذا ورد
النَّص بِنَفْي الْإِحَاطَة فَلَا يلْزم مِنْهُ نفي
الرُّؤْيَة بِغَيْر إحاطة أولم تسمع أَن الله يَقُول مَا
كَانَ لبشر كَذَا فِي الْأُصُول بِلَا وَاو والتلاوة وَمَا
كَانَ بِإِثْبَات الْوَاو وَقَالَ النَّوَوِيّ وَلَا يضر
هَذَا فِي الرِّوَايَة وَالِاسْتِدْلَال لِأَن
الْمُسْتَدلّ لَيْسَ مَقْصُوده التِّلَاوَة على وَجههَا
وَإِنَّمَا مَقْصُودَة بَيَان مَوضِع الدّلَالَة وَلَا
يُؤثر حذف الْوَاو فِي ذَلِك قف شعري أَي قَامَ من الْفَزع
قَالَ النَّضر بن شُمَيْل القفة كَهَيئَةِ قشعريرة وَأَصله
التقبض والاجتماع لِأَن الْجلد ينقبض عِنْد الْفَزع فَيقوم
الشّعْر لذَلِك ثمَّ دنا فَتَدَلَّى التدلي فِي الأَصْل
الامتداد إِلَى جِهَة السّفل ثمَّ يسْتَعْمل فِي الْقرب من
قاب قوسين ألقاب مَا بَين القبضة والسية وَلكُل قَوس قابان
والقاب أَيْضا الْقدر وَهُوَ المُرَاد فِي الْآيَة عِنْد
جَمِيع الْمُفَسّرين
(1/222)
[178]
نور أَنى أرَاهُ بتنوين نور وَفتح الْهمزَة من أَنى
وَتَشْديد النُّون الْمَفْتُوحَة وَأرَاهُ بِفَتْح
الْهمزَة وضميره لله تَعَالَى قَالَ الْمَازرِيّ مَعْنَاهُ
أَن النُّور مَنَعَنِي من الرُّؤْيَة كَمَا جرت الْعَادة
بإغشاء الْأَنْوَار الْأَبْصَار ومنعها من إِدْرَاك مَا
حَالَتْ بَين الرَّائِي وَبَينه وَقَالَ النَّوَوِيّ
مَعْنَاهُ حجابه نور فَكيف أرَاهُ وروى نوراني أرَاهُ
بِفَتْح الرَّاء وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء أَي
خَالق النُّور الْمَانِع من رُؤْيَته فَيكون من صِفَات
الْأَفْعَال قَالَ القَاضِي عِيَاض هَذِه الرِّوَايَة لم
تقع إِلَيْنَا قَالَ وَمن المستحيل أَن تكون ذَات الله
نورا إِذْ النُّور من جملَة الْأَجْسَام وَالله تَعَالَى
متعال عَن ذَلِك علوا كَبِيرا رَأَيْت نورا مَعْنَاهُ
رَأَيْت النُّور فَحسب لم أر غَيره
(1/223)
[179]
إِن الله لَا ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام أَي
هُوَ مُسْتَحِيل فِي حَقه تَعَالَى عَن ذَلِك يخْفض
الْقسْط وَيَرْفَعهُ قَالَ بن قُتَيْبَة الْقسْط
الْمِيزَان وَالْمعْنَى أَن الله يخْفض الْمِيزَان
وَيَرْفَعهُ بِمَا يُوزن من أَعمال الْعباد المرتفعة
إِلَيْهِ ويوزن من أَرْزَاقهم النَّازِلَة إِلَيْهِم
فَهَذَا تَمْثِيل لما يقدر بتنزيله فَشبه بِوَزْن الوازن
وَقيل المُرَاد بِالْقِسْطِ الرزق الَّذِي هُوَ قسط كل
مَخْلُوق يخفضه فيقتره وَيَرْفَعهُ فيوسعه يرفع إِلَيْهِ
عمل اللَّيْل قبل النَّهَار وَعمل النَّهَار قبل اللَّيْل
فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة عمل النَّهَار بِاللَّيْلِ
فَمَعْنَى الأولى يرفع إِلَيْهِ عمل اللَّيْل قبل عمل
النَّهَار الَّذِي بعده وَعمل النَّهَار قبل عمل اللَّيْل
الَّذِي بعده وَمعنى الثَّانِيَة يرفع إِلَيْهِ عمل
النَّهَار فِي أول اللَّيْل الَّذِي بعده وَعمل اللَّيْل
فِي أول النَّهَار الَّذِي بعده فَإِن الْحفظَة يصعدون
بأعمال اللَّيْل بعد انقضائه فِي أول النَّهَار ويصعدون
بأعمال النَّهَار بعد انقضائه فِي أول اللَّيْل حجابه
النُّور حَقِيقَة الْحجاب إِنَّمَا يكون للأجسام المحدودة
وَالله تَعَالَى منزه عَن الْجِسْم وَالْحَد وَالْمرَاد
هُنَا الْمَانِع من رُؤْيَته وَيُسمى ذَلِك الْمَانِع نورا
أَو نَارا لِأَنَّهُمَا يمنعان من الْإِدْرَاك فِي
الْعَادة لشعاعهما لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا انْتهى
إِلَيْهِ بَصَره من خلقه السبحات بِضَم السِّين وَالْبَاء
جمع سبْحَة قَالَ الْعلمَاء المُرَاد بِالْوَجْهِ الذَّات
وسبحاته نوره وجلاله وبهاؤه وَمن فِي من خلقه للْبَيَان
لَا للتَّبْعِيض وَالْمعْنَى لَو أَزَال الْمَانِع من
رُؤْيَته وَهُوَ الْحجاب الْمُسَمّى نورا أَو نَارا وتجلى
لخلقه لأحرق جلال ذَاته جَمِيع مخلوقاته
(1/225)
[180]
وَمَا بَين الْقَوْم وَبَين أَن ينْظرُوا إِلَى رَبهم
إِلَّا رِدَاء الْكِبْرِيَاء على وَجهه قَالَ الْعلمَاء
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَاطب الْعَرَب
بِمَا يفهمونه وَيقرب الْكَلَام إِلَى أفهامهم وَيسْتَعْمل
الِاسْتِعَارَة وَغَيرهَا من أَنْوَاع الْمجَاز ليقرب
متناولها فَعبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن زَوَال
الْمَانِع وَرَفعه بِإِزَالَة الرِّدَاء فِي جنَّة عدن أَي
والناظر فِي جنَّة عدن فَهِيَ ظرف للنَّاظِر
(1/226)
[182]
هَل تضَارونَ بِضَم التَّاء وَفِي الرَّاء التَّشْدِيد
وَالتَّخْفِيف وَمعنى المشدد هَل تضَارونَ غَيْركُمْ فِي
حَال الرُّؤْيَة بزحمة أَو مُخَالفَة فِي الرُّؤْيَة أَو
غَيرهَا لخفائه كَمَا تَفْعَلُونَ أول لَيْلَة من الشَّهْر
وَمعنى المخفف هَل يلحقكم فِي رُؤْيَته ضير وَهُوَ
الضَّرَر فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك مَعْنَاهُ
تَشْبِيه الرُّؤْيَة بِالرُّؤْيَةِ فِي الوضوح وَزَوَال
الشَّك وَالْمَشَقَّة وَالِاخْتِلَاف الطواغيت جمع طاغوت
وَهِي الْأَصْنَام فيأتيهم الله إِلَى آخِره هَذَا من
أَحَادِيث الصِّفَات فإمَّا أَن يُوقف عَن الْخَوْض فِي
مَعْنَاهُ ويعتقد لَهُ معنى يَلِيق بِجلَال الله تَعَالَى
مَعَ الْجَزْم بِأَن الله تَعَالَى لَيْسَ كمثله شَيْء
وَأَنه منزه عَن التجسيم والانتقال والتحيز فِي جِهَة
وَعَن سَائِر صِفَات المخلوقين أَو يؤول على مَا يَلِيق
بِهِ فَيجْعَل الْإِتْيَان عبارَة عَن رُؤْيَتهمْ إِيَّاه
وَلِأَن الْعَادة أَن من غَابَ عَن غَيره لَا يُمكنهُ
رُؤْيَته إِلَّا بالإتيان وَقيل المُرَاد يَأْتِيهم بعض
مَلَائكَته قَالَ القَاضِي وَهَذَا الْوَجْه أشبه عِنْدِي
بِالْحَدِيثِ قَالَ وَيكون هَذَا الْملك الَّذِي جَاءَهُم
فِي الصُّورَة الَّتِي أنكروها من سمات الْحُدُوث
الظَّاهِرَة على الْملك الْمَخْلُوق قَالَ أَو يكون
مَعْنَاهُ يَأْتِيهم الله بِصُورَة وَيظْهر لَهُم فِي
صُورَة مَلَائكَته ومخلوقاته الَّتِي لَا تشبه صِفَات
الْإِلَه ليختبرهم وَهَذَا آخر امتحان للْمُؤْمِنين فَإِذا
قَالَ لَهُم هَذَا الْملك أَو هَذِه الصُّورَة أَنا ربكُم
وَعَلِيهِ من عَلامَة الْمَخْلُوق مَا ينكرونه ويعلمون
بِهِ أَنه لَيْسَ رَبهم استعاذوا بِاللَّه مِنْهُ وَأما
قَوْله فيأتيهم الله فِي صورته الَّتِي يعْرفُونَ
فَالْمُرَاد الَّتِي يعلمونها ويعرفونه بهَا وَإِنَّمَا
عرفوه بِصفتِهِ وَإِن لم تكن تقدّمت لَهُم رُؤْيَة لَهُ
سُبْحَانَهُ لأَنهم يرونه لَا يشبه شَيْئا من مخلوقاته
فيعلمون أَنه رَبهم وَإِنَّمَا عبر عَن الصّفة بالصورة
لمجانسة الْكَلَام فَإِنَّهُ تقدم ذكر الصُّورَة فيتبعونه
أَي يتبعُون أمره إيَّاهُم بذهابهم إِلَى الْجنَّة أَو
مَلَائكَته الَّذين يذهبون بهم إِلَى الْجنَّة بَين ظَهْري
جَهَنَّم بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون الْهَاء أَي يمد
الصِّرَاط عَلَيْهِ أول من يُجِيز بِضَم الْيَاء وَكسر
الْجِيم وزاي أول من يمْضِي عَلَيْهِ ويقطعه من أجزت
الْوَادي قطعته وَلَا يتَكَلَّم يَوْمئِذٍ أَي فِي حَال
الْإِجَازَة كلاليب جمع كَلوب بِفَتْح الْكَاف وَضم
اللَّام الْمُشَدّدَة حَدِيدَة معطوفة الرَّأْس السعدان
بِفَتْح السِّين وَإِسْكَان الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ نبت
لَهُ شَوْكَة عَظِيمَة مثل الحسك من كل الجوانب تخطف
بِفَتْح الطَّاء وتكسر بأعمالهم أَي بِسَبَبِهَا أَو
بِقَدرِهَا فَمنهمْ الْمُؤمن بَقِي بِعَمَلِهِ فِيهِ
رِوَايَات أَحدهَا الْمُؤمن بِالْمِيم وَالنُّون يقي
بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة من تَحت وَالْقَاف من الْوِقَايَة
وَالثَّانِي كَذَلِك إِلَّا أَن بَقِي بِالْبَاء
الْمُوَحدَة وَالثَّالِث الموثق بِالْمُثَلثَةِ وَالْقَاف
وَالرَّابِع الموبق بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْقَاف يَعْنِي
يعمله بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة وَالْعين وَالنُّون قَالَ
القَاضِي وَهَذَا أَصَحهَا وَقَالَ صَاحب الْمطَالع إِنَّه
الصَّوَاب وَمِنْهُم الْمجَازِي رُوِيَ بِالْجِيم
وَالزَّاي من المجازاة وَرُوِيَ المخردل بِالْخَاءِ
الْمُعْجَمَة وَالدَّال وَاللَّام وَمَعْنَاهُ المقطع
بالكلاليب يُقَال خردلت اللَّحْم قطعته وَقيل من خردلت
بِمَعْنى صرعت وَيُقَال بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَيْضا
وَيُقَال المجردل بِالْجِيم والجردلة الإشراف على
الْهَلَاك والسقوط حرم الله على النَّار أَن تَأْكُل أثر
السُّجُود هُوَ عَام فِي الْأَعْضَاء السَّبْعَة
وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَقيل خَاص بالجبهة وَاخْتَارَهُ
عِيَاض امتحشوا بِفَتْح التَّاء والحاء الْمُهْملَة وإعجام
الشين أَي احترقوا وَرُوِيَ بِضَم التَّاء وَكسر الْحَاء
وَالْأَكْثَرُونَ على الأول فينبتون مِنْهُ قَالَ
النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول مِنْهُ بِالْمِيم
وَالنُّون أَي بِسَبَبِهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة بِكَسْر
الْحَاء بذر الْبُقُول والعشب ينْبت فِي البراري وجوانب
السُّيُول فِي حميل السَّيْل بِفَتْح الْحَاء وَكسر
الْمِيم مَا جَاءَ بِهِ السَّيْل من طين أَو غثاء
وَمَعْنَاهُ مَحْمُول السَّيْل وَالْمرَاد التَّشْبِيه فِي
سرعَة النَّبَات وَحسنه وطراوته قشبني بِفَتْح الْقَاف
والشين الْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة وَالْمُوَحَّدَة سمني
وَآذَانِي وأهلكني وَقيل غير جلدي وصورتي ذكاؤها بِفَتْح
الذَّال الْمُعْجَمَة وَالْمدّ فِي الرِّوَايَات أَي لهبها
واشتعالها وَالْأَشْهر فِي اللُّغَة الْقصر وَقيل هما
لُغَتَانِ عَسَيْت بِفَتْح التَّاء على الْخطاب وَفِي
السِّين الْفَتْح وَالْكَسْر انفهقت بِفَتْح الْفَاء
وَالْهَاء وَالْقَاف انفتحت واتسعت مَا فِيهَا من الْخَيْر
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالْيَاء الْمُثَنَّاة
التَّحْتِيَّة وَرُوِيَ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء
الْمُوَحدَة الساكنة وَمَعْنَاهُ السرُور وللبخاري من
الْحبرَة قَالَ أَبُو سعيد وَعشرَة أَمْثَاله إِلَى آخِره
قَالَ الْعلمَاء وَجه الْجمع أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أعلم أَولا بِمَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي
هُرَيْرَة ثمَّ تكرم الله سُبْحَانَهُ فَزَاد مَا فِي
رِوَايَة أبي سعيد فَأخْبر بِهِ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسمعهُ أَبُو هُرَيْرَة وَذَلِكَ
الرجل آخر أهل الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة
(1/232)
[183]
غبر أهل الْكتاب بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح
الْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة جمع غابر أَي بقاياهم
كَأَنَّهَا سراب يحطم بَعْضهَا بَعْضًا أَي لشدَّة اتقادها
وتلاطم أمواج لهبها والحطم الْكسر والإهلاك والحطمة من
أَسمَاء النَّار لكَونهَا تحطم مَا يلقى فِيهَا رَأَوْهُ
فِيهَا أَي علموها لَهُ وَهِي صفته الْمَعْلُومَة
للْمُؤْمِنين وَهِي أَنه لَا يُشبههُ شَيْء فارقنا النَّاس
فِي الدُّنْيَا أفقر مَا كُنَّا إِلَيْهِم وَلم نصاحبهم
قَالَ النَّوَوِيّ أنكر عِيَاض هَذَا الْكَلَام وَادّعى
أَنه مغير وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل مَعْنَاهُ ظَاهر وَهُوَ
أَنهم قصدُوا التضرع إِلَى الله تَعَالَى فِي كشف الشدَّة
عَنْهُم وَأَنَّهُمْ لزموا طَاعَته تَعَالَى وفارقوا فِي
الدُّنْيَا النَّاس الَّذين زاغوا عَن طَاعَته من قراباتهم
وَغَيرهم وَكَانُوا مُحْتَاجين فِي مَعَايشهمْ ومصالح
دنياهم إِلَى معاشرتهم للارتفاق بهم فآثروا رضى الله على
ذَلِك ليكاد أَن يَنْقَلِب بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَة من
الانقلاب أَي يرجع عَن الصَّوَاب من الامتحان الشَّديد
الَّذِي جرى واثبات أَن مَعَ كَاد لُغَة فَيكْشف عَن سَاق
بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا وَفسّر بن عَبَّاس السَّاق هُنَا
بالشدة أَي عَن شدَّة وَأمر مهول وَهُوَ مثل تضربه
الْعَرَب لشدَّة الْأَمر وَلِهَذَا يُقَال قَامَت الْحَرْب
على سَاق وَأَصله أَن الْإِنْسَان إِذا وَقع فِي أَمر
شَدِيد يُقَال شمر ساعده وكشف عَن سَاقه للاهتمام بِهِ
وَقيل السَّاق هُنَا نور عَظِيم قَالَ بن فورك وَمعنى
ذَلِك مَا يَتَجَدَّد لِلْمُؤمنِ عِنْد رُؤْيَة الله
تَعَالَى من الْفَوَائِد والألطاف وَقيل قد يكون ذَلِك
السَّاق عَلامَة بَينه وَبَين الْمُؤمنِينَ من ظُهُور
جمَاعَة من الْمَلَائِكَة على خلقَة عَظِيمَة لِأَنَّهُ
يُقَال سَاق من النَّاس كَمَا يُقَال رجل من جَراد وَقد
يكون ساقا مخلوقة جعلهَا الله تَعَالَى عَلامَة
للْمُؤْمِنين خَارِجَة عَن السُّوق الْمُعْتَادَة وَقيل
مَعْنَاهُ كشف الْخَوْف وَإِزَالَة الرعب وَمَا كَانَ غلب
على عُقُولهمْ من الْأَهْوَال فتطمئن حِينَئِذٍ نُفُوسهم
عِنْد ذَلِك ويتجلى لَهُم فَيَخِرُّونَ سجدا طبقَة بِفَتْح
الطَّاء وَالْبَاء قَالَ الْهَرَوِيّ الطَّبَق فقار
الظّهْر أَي صَار فقاره وَاحِدًا كالصحيفة وَقد تحول فِي
صورته فِي كثير من الْأُصُول فِي صُورَة بِغَيْر هَاء
وَهُوَ الَّذِي فِي الْجمع للحميدي وَالْأول أظهر وَهُوَ
الَّذِي فِي الْجمع لعبد الْحق وَمَعْنَاهُ قد أَزَال
الْمَانِع لَهُم من رُؤْيَته وتجلى لَهُم الجسر بِفَتْح
الْجِيم وَكسرهَا الصِّرَاط وَتحل الشَّفَاعَة بِكَسْر
الْحَاء وَقيل بضَمهَا أَي تقع وَيُؤذن فِيهَا دحض
بِالتَّنْوِينِ وداله مَفْتُوحَة والحاء سَاكِنة مزلة
بِفَتْح الْمِيم وَالزَّاي تفتح وتكسر وهما بِمَعْنى
وَهُوَ الْموضع الَّذِي تزل وتزلق فِيهِ الْأَقْدَام وَلَا
تَسْتَقِر خطاطيف جمع خطَّاف بِضَم الْخَاء وَهُوَ
بِمَعْنى الكلاليب وحسك بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ شوك صلب
من حَدِيد مكدوس بِالْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ كَون
الْأَشْيَاء بَعْضهَا على بعض وَرُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ
وَمَعْنَاهُ السُّوق فِي استقصاء الْحق ضبط على أوجه
أَحدهَا استيضاء بمثناة تحتية ثمَّ ضاد مُعْجمَة
وَالثَّانِي استضاء بِحَذْف التَّحْتِيَّة وَهُوَ
الْمَوْجُود فِي أَكثر الْأُصُول وَالثَّالِث اسْتِيفَاء
بِإِثْبَات التَّحْتِيَّة وبالفاء بدل الضَّاد وَهُوَ
الَّذِي فِي الْجمع لعبد الْحق وَالرَّابِع استقصاء بقاف
وصاد مُهْملَة قَالَ النَّوَوِيّ معنى الأول وَالثَّانِي
أَنكُمْ إِذا عرض لكم فِي الدُّنْيَا أَمر مُهِمّ والتبس
الْحَال فِيهِ وسألتم الله بَيَانه وناشدتموه فِي استيضائه
وبالغتم فِيهَا لَا تكون مناشدة أحدكُم بأشد من مناشدة
الْمُؤمنِينَ الله فِي الشَّفَاعَة لإخوانهم وَمعنى
الثَّالِث وَالرَّابِع مَا مِنْكُم من أحد يناشد الله فِي
الدُّنْيَا فِي اسْتِيفَاء حَقه واستقصائه وتحصيله من
خَصمه والمعتدي عَلَيْهِ بأشد من مناشدة الْمُؤمنِينَ الله
فِي الشَّفَاعَة لإخوانهم يَوْم الْقِيَامَة مِثْقَال
دِينَار من خير قَالَ القَاضِي مَعْنَاهُ هُنَا الْيَقِين
قَالَ وَالصَّحِيح أَنه شَيْء زَائِد على مُجَرّد
الْإِيمَان لِأَن مُجَرّد الْإِيمَان الَّذِي هُوَ
التَّصْدِيق لَا يتَجَزَّأ وَإِنَّمَا يكون التجزء لشَيْء
زَائِد عَلَيْهِ من عمل صَالح أَو ذكر خَفِي أَو عمل من
أَعمال الْقلب من نِيَّة صَادِقَة أَو خوف من الله أَو
شَفَقَة على مِسْكين وَجعل للشافعين دَلِيلا عَلَيْهِ
رَبنَا لم نذر فِيهَا خيرا بِسُكُون التَّحْتِيَّة أَي
صَاحب خير شفعت بِفَتْح الْفَاء فَيقبض قَبْضَة مَعْنَاهُ
يجمع جمَاعَة قد عَادوا أَي صَارُوا وَلَيْسَ بِلَازِم فِي
عَاد أَن يصير فِي حَالَة كَانَ عَلَيْهَا قبل ذَلِك حمما
بِضَم الْحَاء وَفتح الْمِيم الأولى المخففة وَهُوَ الفحم
واحده حممه نهر بِفَتْح الْهَاء وتسكن أَفْوَاه الْجنَّة
جمع فوه بِضَم الْفَاء وَتَشْديد الْوَاو الْمَفْتُوحَة
على غير قِيَاس وأفواه الْأَزِقَّة والأنهار أوائلها قَالَ
صَاحب الْمطَالع كَأَن المُرَاد فِي الحَدِيث يفتح من
مسالك قُصُور الْجنَّة ومنازلها مَا يكون إِلَى الشَّمْس
أصيفر وأخيضر وَمَا يكون مِنْهَا إِلَى الظل يكون فِي
الْمَوْضِعَيْنِ تَامَّة يكون أَبيض هِيَ فِيهِ نَاقِصَة
كَاللُّؤْلُؤِ أَي فِي صفائهم وتلألئهم فِي رقابهم
الخواتيم قَالَ صَاحب التَّحْرِير هُوَ أَشْيَاء من ذهب
أَو غَيره تعلق فِي أَعْنَاقهم عَلامَة يعْرفُونَ بهَا
هَؤُلَاءِ أَي يَقُولُونَ زغبة بِضَم الزَّاي وَسُكُون
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وباء مُوَحدَة لقب حَمَّاد وَالِد
عِيسَى وَلَا قدم بِفَتْح الْقَاف وَالدَّال أَي خير فَأقر
بِهِ عِيسَى أَي بِقَوْلِي لَهُ أَولا أخْبركُم اللَّيْث
بإسنادهما أَي حَفْص بن ميسرَة وَسَعِيد بن أبي هِلَال
الراويين فِي الطَّرِيقَيْنِ السَّابِقين عَن زيد بن أسلم
عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد وَمُرَاد مُسلم أَن زيدا
رَوَاهُ عَن عَطاء عَن أبي سعيد وَرَوَاهُ عَن زيد بِهَذَا
الْإِسْنَاد ثَلَاثَة من أَصْحَابه حَفْص وَسَعِيد
وَهِشَام فَأَما روايتا حَفْص وَسَعِيد فتقدمتا وَأما
رِوَايَة هِشَام فَهِيَ من حَيْثُ الْإِسْنَاد بإسنادهما
وَمن حَيْثُ الْمَتْن نَحْو حَدِيث حَفْص
(1/240)
[184]
فِي نهر الْحَيَاة أَو الحيا الشَّك من مَالك وَرِوَايَة
غَيره الْحَيَاة بِالتَّاءِ من غير شكّ والحيا بِالْقصرِ
الْمَطَر لِأَنَّهُ يحيي بِهِ الأَرْض الغثاءة بِضَم
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالمثلثة المخففة وَالْمدّ وهاء كل
مَا جَاءَ بِهِ السَّيْل وَقيل المُرَاد مَا احتمله
السَّيْل من البذور وَفِي غير مُسلم كَمَا تنْبت الْحبَّة
فِي غثاء السَّيْل وَهُوَ مَا احتمله من الزّبد والعيدان
وَنَحْوهمَا فِي حمئة بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْمِيم وهمزة
الطين الْأسود الَّذِي يكون فِي أَطْرَاف النَّهر أَو
حميلة السَّيْل واحده الْحميل بِمَعْنى الْمَحْمُول وَهُوَ
الغثاء الَّذِي يحملهُ السَّيْل
(1/241)
[185]
أما أهل النَّار فِي أَكثر النّسخ أهل النَّار بِحَذْف أما
فالفاء فِي فَإِنَّهُم زَائِدَة الَّذين هم أَهلهَا أَي
الْكفَّار المستحقون للخلود وَلَا يحيون أَي حَيَاة
يَنْتَفِعُونَ بهَا ويستريحون مَعهَا فأماتهم أَي الله
وَفِي بعض النّسخ فأماتتهم بتائين أَي النَّار إماتة
اسْتدلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيّ على أَنهم يموتون حَقِيقَة
لِأَنَّهُ فَائِدَة التوكيد بِالْمَصْدَرِ ضبائر بِفَتْح
الضَّاد الْمُعْجَمَة جمع ضبارة بِالْفَتْح وَالْكَسْر
وَهِي الْجَمَاعَات فِي تَفْرِقَة ونصبه الْحَال فبثوا
بِضَم الْمُوَحدَة ثمَّ ثاء مُثَلّثَة فرقوا
(1/242)
[186]
حبوا هُوَ الْمَشْي على الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ أَو
الرُّكْبَتَيْنِ أَتسخر بِي أَو أتضحك بِي شكّ من
الرَّاوِي وَهَذَا القَوْل صدر من قَائِله دهشا لما غَلبه
من الْفَرح وسخر يتَعَدَّى بِالْبَاء على معنى هزأ أَو
بِمن وَهُوَ الْأَفْصَح نَوَاجِذه بِالْجِيم والذال
الْمُعْجَمَة الأنياب وَقيل الأضراس زحفا هُوَ الْمَشْي
على الإست مَعَ إشرافه بصدره وَكَأَنَّهُ يمشي تَارَة حبوا
وَتارَة زحفا وَعشرَة أَضْعَاف الدُّنْيَا أَي أَمْثَالهَا
فَإِن الْمُخْتَار عِنْد أهل اللُّغَة أَن الضعْف الْمثل
(1/244)
[187]
ويكبو أَي يسْقط على وَجهه وتسفعه النَّار بِفَتْح التَّاء
وَالْفَاء بَينهمَا مُهْملَة سَاكِنة أَي تضرب وَجهه
فتسوده أَي تُؤثر فِيهِ أثرا مَا لَا صَبر لَهُ عَلَيْهِ
كَذَا فِي الْأُصُول فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأَوليين وَفِي
الثَّالِثَة فِي بعض الْأُصُول وَفِي أَكْثَرهَا فِيهَا
عَلَيْهَا على تَأْوِيل مَا بِنِعْمَة وعَلى بِمَعْنى عَن
مَا يصريني مِنْك بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الصَّاد
الْمُهْملَة أَي يقطع مسألتك مني والصري الْقطع وَفِي غير
مُسلم مَا يصريك مني قَالَ الْحَرْبِيّ وَهُوَ الصَّوَاب
وَأنكر مَا فِي مُسلم ورده النَّوَوِيّ وَقَالَ كِلَاهُمَا
صَحِيح فَإِن السَّائِل مَتى انْقَطع من المسؤول انْقَطع
المسؤول مِنْهُ وَالْمعْنَى أَي شَيْء يرضيك وَيقطع
السُّؤَال بيني وَبَيْنك
(1/246)
[188]
النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش بالتحتية والمعجمة اسْمه زيد
بن الصَّامِت وَقيل زيد بن النُّعْمَان وَقيل عبيد وَقيل
عبد الرَّحْمَن صَحَابِيّ زوجتاه كَذَا فِي الْأُصُول
تَثْنِيَة زَوْجَة بِإِثْبَات الْهَاء وَهِي لُغَة فتقولان
بالفوقية وَمن قَالَ بالتحتية فقد لحن أحياك لنا
وَأَحْيَانا لَك أَي خلقك لنا وخلقنا لَك
(1/247)
[189]
بن أبجر بِفَتْح الْهمزَة وَالْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة
بَينهمَا اسْمه عبد الْملك بن سعيد بن حَيَّان بن أبجر
وَأخذُوا أخذاتهم بِفَتْح الْهمزَة وَالْخَاء أَي مَا
أخذُوا من كَرَامَة مَوْلَاهُم وَذكره ثَعْلَب بِكَسْر
الْهمزَة أُولَئِكَ الَّذين أردْت بِضَم التَّاء أَي
اخْتَرْت واصطفيت وختمت عَلَيْهَا أَي فَلَا يتَطَرَّق
إِلَيْهَا تَغْيِير فَلم تَرَ عين وَلم تسمع أذن وَلم
يخْطر على قلب بشر أَي مَا أكرمتهم بِهِ وأعددته لَهُم
مصداقه بِكَسْر الْمِيم أَي دَلِيله وَمَا يصدقهُ عَن أخس
أهل الْجنَّة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين
أَي أَدْنَاهُم
(1/248)
[191]
سمع جَابر بن عبد الله يسْأَل عَن الْوُرُود فَقَالَ نجيىء
نَحن يَوْم الْقِيَامَة عَن كَذَا وَكَذَا انْظُر أَي
ذَلِك فَوق النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ هَكَذَا وَقع فِي
الْأُصُول وَاتفقَ المتقدمون والمتأخرون على أَنه تَغْيِير
وتصحيف صَوَابه نجيء يَوْم الْقِيَامَة على كوم هَكَذَا
رَوَاهُ بعض أهل الحَدِيث وَفِي كتاب بن أبي خَيْثَمَة من
طَرِيق كَعْب بن مَالك يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة
على تل وَعند بن جرير فِي تَفْسِيره من حَدِيث بن عمر
فيرقى مُحَمَّد وَأمته على كوم فَوق النَّاس وَذكر من
حَدِيث كَعْب بن مَالك يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة
فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تل قَالَ القَاضِي فَهَذَا كُله
يبين مَا تغير من الحَدِيث وَأَنه كَانَ أظلم هَذَا على
الرَّاوِي أَو أمحى فَعبر عَنهُ بِكَذَا وَكَذَا وَفسّر
بقوله أَي فَوق النَّاس وَكتب إِلَيْهِ انْظُر تَنْبِيها
فَجمع النقلَة ونسقوه على أَنه متن الحَدِيث كَمَا ترَاهُ
قَالَ ثمَّ إِن هَذَا الحَدِيث جَاءَ كُله من كَلَام جَابر
مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا من شَرط مُسلم إِذْ
لَيْسَ فِيهِ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَإِنَّمَا أدخلهُ مُسلم فِي الْمسند لِأَنَّهُ روى
مُسْندًا من غير هَذَا الطَّرِيق فَصرحَ بن أبي خَيْثَمَة
عَن بن جريج بِرَفْعِهِ فيتجلى لَهُم يضْحك أَي يظْهر
وَهُوَ رَاض عَنْهُم يطفأ بِضَم الْيَاء وَفتحهَا ثمَّ
ينجو الْمُؤْمِنُونَ فِي أَكثر الْأُصُول الْمُؤمنِينَ
زمرة جمَاعَة نَبَات الشَّيْء فِي السَّيْل فِي بعض
رِوَايَات مُسلم نَبَات الدمن بِكَسْر الدَّال وَسُكُون
الْمِيم وَهُوَ الْمَوْجُود فِي الْجمع لعبد الْحق والدمن
البعر أَي نَبَات ذِي الدمن فِي السَّيْل أَي كَمَا ينْبت
الشَّيْء الْحَاصِل فِي البعر والغثاء الْمَوْجُود فِي
أَطْرَاف النَّهر وَالْمرَاد التَّشْبِيه لَهُ فِي السرعة
والنضارة وَيذْهب حراقه بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة
وَتَخْفِيف الرَّاء أثر النَّار وَالضَّمِير للمخرج من
النَّار وَكَذَا ضمير ثمَّ يسْأَل دارات جمع دَاره وَهِي
مَا يُحِيط بِالْوَجْهِ من جوانبه حَتَّى يدْخلُونَ
بِإِثْبَات النُّون شغفني بالغين الْمُعْجَمَة ويروى
بِالْمُهْمَلَةِ وهما متقاربان أَي لصق بشغاف قلبِي وَهُوَ
غلافه رَأْي من رَأْي الْخَوَارِج هُوَ تخليد أَرْبَاب
الْكَبَائِر فِي النَّار ثمَّ نخرج على النَّاس أَي ندعوا
إِلَى مَذْهَب الْخَوَارِج ونحث عَلَيْهِ فَيخْرجُونَ
كَأَنَّهُمْ فِي كثير من الْأُصُول كَأَنَّهَا وَهُوَ
عَائِد إِلَى الصُّور أَي صورهم عيدَان السمسم جمع سمسم
وَهُوَ الْحبّ الْمَعْرُوف الَّذِي يسْتَخْرج مِنْهُ
الشيرج قَالَ بن الْأَثِير وعيدانه ترَاهَا إِذا طلعت
وَتركت ليؤخذ حبها دقاقا سوادا كَأَنَّهَا محترقة فَشبه
بهَا هَؤُلَاءِ وَقيل هِيَ كل نبت ضَعِيف كالسمسم والكزبرة
وَقيل اللَّفْظَة محرفة وَإِنَّمَا هِيَ السأسم بِحَذْف
الْمِيم الأولى وبهمزة وَفتح السِّين الثَّانِيَة وَهُوَ
عود أسود وَقيل الأبنوس شبهوا بِهِ فِي سوَاده
الْقَرَاطِيس جمع قرطاس بِكَسْر الْقَاف وَضمّهَا
الصَّحِيفَة شبهوا بهَا فِي شدَّة الْبيَاض أَتَرَوْنَ
الشَّيْخ أَي جَابِرا والاستفهام للإنكار مَا خرج منا غير
رجل وَاحِد أَي كلهم تَابُوا عَن رَأْي الْخَوَارِج سواهُ
أَو كَمَا قَالَ أَبُو نعيم هُوَ الْفضل بن دُكَيْن
الْمَذْكُور أول الْإِسْنَاد
(1/253)
[193]
فَيَهْتَمُّونَ أَي يعتنون بسؤال الشَّفَاعَة فيلهمون أَي
يلهمهم الله تَعَالَى سُؤال ذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ
والإلهام أَن يلقى الله تَعَالَى فِي النَّفس أمرا يحمل
على فعل الشَّيْء أَو تَركه خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك
من روحه هَذَا من بَاب إِضَافَة التشريف لست هُنَاكُم أَي
لست أَهلا لذَلِك ائْتُوا نوحًا أول رَسُول قَالَ
الْمَازرِيّ إِن صَحَّ دَلِيل على أَن إِدْرِيس أرسل لم
يَصح قَول النسابين إِنَّه قبل نوح لهَذَا الحَدِيث وَإِن
لم يقم دَلِيل جَازَ مَا قَالُوهُ وَحمل على أَنه نَبِي
مُرْسل قَالَ القَاضِي وَلَا يرد على الحَدِيث رِسَالَة
آدم وشيث لِأَنَّهُ أرسل إِلَى بنيه وَلم يَكُونُوا
كفَّارًا بل أَمر بتبليغهم الْإِيمَان وَطَاعَة الله
وَكَذَلِكَ خَلفه شِيث بعده فيهم بِخِلَاف رِسَالَة نوح
إِلَى كفار أهل الأَرْض اتَّخذهُ الله خَلِيلًا أصل
الْخلَّة الِاخْتِصَاص والاصطفاء وَقيل الِانْقِطَاع إِلَى
من خاللت من الْخلَّة وَهِي الْحَاجة فَسُمي إِبْرَاهِيم
بذلك لِأَنَّهُ قصر حَاجته على ربه سُبْحَانَهُ وَقيل
الْخلَّة صفاء الْمَوَدَّة لِأَنَّهَا توجب تخَلّل
الْأَسْرَار وَقيل مَعْنَاهُ الْمحبَّة والألطاف الَّذِي
كَلمه الله قَالَ النَّوَوِيّ صفة الْكَلَام ثابته لله
تَعَالَى لَا تشبه كَلَام غَيره غفر الله مَا تقدم من
ذَنبه وَمَا تَأَخّر هُوَ كِنَايَة عَن عصمته وتبرئته لَهُ
من الذُّنُوب وَقعت سَاجِدا إِلَى آخِره فِي مُسْند أَحْمد
أَنه يسْجد قدر جُمُعَة من جمع الدُّنْيَا أَي وَجب
عَلَيْهِ الخلود هم الْكفَّار قَالَ تَعَالَى وَمَا هم
بِخَارِجِينَ من النَّار ثمَّ آتيه أَي أَعُود إِلَى
الْمقَام الَّذِي قُمْت فِيهِ أَولا وَسَأَلت صَاحب
الدستوَائي أَي بِفَتْح الدَّال وَإِسْكَان السِّين
الْمُهْمَلَتَيْنِ والمثناة الْفَوْقِيَّة وَبعد الْألف
يَاء النِّسْبَة من غير نون وَمِنْهُم من يزِيد فِيهِ نونا
بَين الْألف وَالْيَاء نِسْبَة إِلَى دستوى كورة من كور
الأهواز كَانَ يَبِيع الثِّيَاب الَّتِي تجلب مِنْهَا فنسب
إِلَيْهَا فَيُقَال هِشَام الدستوَائي وَهِشَام صَاحب
الدستوَائي أَي صَاحب الْبَز الدستوَائي مَا يزن أَي يعدل
ذرة بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء
وَاحِدَة الذَّر وَهُوَ الْحَيَوَان الصَّغِير من النَّمْل
إِلَّا أَن شُعْبَة جعل مَكَان الذّرة ذرة يَعْنِي بِضَم
الذَّال وَتَخْفِيف الرَّاء صحف فِيهَا أَبُو بسطَام هِيَ
كنية شُعْبَة فأحمده بِمَحَامِد لَا أقدر عَلَيْهِ قَالَ
النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول وَالضَّمِير عَائِد إِلَى
الْحَمد فَأخْرجهُ كَذَا فِي بعض الْأُصُول فِي الأول
خطابا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي بَعْضهَا
فأخرجوه خطابا لَهُ وَلمن مَعَه من الْمَلَائِكَة وَفِي
بَعْضهَا فأخرجوا بِحَذْف الْمَفْعُول أما الثَّانِي
وَالثَّالِث فاتفقت الْأُصُول على فَأخْرجهُ بِظهْر الجبان
بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الصَّحرَاء وَتسَمى
بهَا الْمَقَابِر لِأَنَّهَا تكون فِيهَا فَهُوَ من بَاب
تَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَوْضِعه أَي بظاهرها وأعلاها
والمرتفع مِنْهَا وَهُوَ مستخف أَي متغيب خوفًا من
الْحجَّاج هيه بِكَسْر الهائين وَسُكُون التَّحْتِيَّة
بَينهمَا اسْم فعل يُقَال فِي استزادة الحَدِيث وَيُقَال
إيه بِكَسْر الْهمزَة جَمِيع بِفَتْح الْجِيم وَكسر
الْمِيم أَي مُجْتَمع الْقُوَّة وَالْحِفْظ ثمَّ أرجع
إِلَى رَبِّي هُوَ ابْتِدَاء تَمام الحَدِيث الَّذِي وعد
بتحديثه وَمَعْنَاهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ثمَّ أرجع وجبريائي بِكَسْر الْجِيم أَي عظمتي
وسلطاني وقهري
(1/260)
[194]
فنهس مِنْهَا نهسة بِالْمُهْمَلَةِ وَلابْن ماهان
بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ الْهَرَوِيّ النهس بِالْمُهْمَلَةِ
بأطراف الْأَسْنَان وبالمعجمة بالأضراس فِي صَعِيد وَاحِد
هُوَ الأَرْض الواسعة المستوية وَينْفذهُمْ الْبَصَر
رَوَاهُ الْأَكْثَر بِفَتْح الْيَاء وَبَعْضهمْ بِالضَّمِّ
والذال الْمُعْجَمَة قَالَ الْكسَائي يُقَال نفذني
الْبَصَر إِذا بَلغنِي وجاوزني قَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ
ينفذهم بصر الرَّحْمَن حَتَّى يَأْتِي عَلَيْهِم كلهم
وَقَالَ غَيره أَرَادَ يخرقهم أبصار الناظرين لِاسْتِوَاء
الصَّعِيد وَالله تَعَالَى أحَاط بِالنَّاسِ أَولا وآخرا
قَالَ أَبُو حَاتِم وَأهل الحَدِيث يَرْوُونَهُ بِالذَّالِ
الْمُعْجَمَة وَإِنَّمَا هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَي بلغ
أَوَّلهمْ وَآخرهمْ حَتَّى يراهم كلهم ويستوعبهم من نفذ
الشَّيْء وأنفذته قَالَ النَّوَوِيّ فَحصل خلاف فِي
الْيَاء وَالدَّال وَفِي الْبَصَر وَالأَصَح فتح الْيَاء
وإعجام الذَّال وَأَنه بصر الْمَخْلُوق أَلا ترى إِلَى مَا
قد بلغنَا بِفَتْح الْغَيْن فِي الْأَشْهر وَضَبطه بعض
الْمُتَأَخِّرين بِالْفَتْح والسكون إِن رَبِّي غضب
الْيَوْم المُرَاد بغضبه مَا يظْهر من انتقامه وأليم
عِقَابه وَمَا يُشَاهِدهُ أهل الْجمع من الْأَهْوَال كَمَا
أَن رِضَاهُ ظُهُور رَحمته ولطفه لِاسْتِحَالَة حَقِيقَة
الْغَضَب والرضى على الله تَعَالَى المصراعين بِكَسْر
الْمِيم جانبا الْبَاب وهجر بِفَتْح الْهَاء وَالْجِيم
مَدِينَة عَظِيمَة هِيَ قَاعِدَة الْبَحْرين وَهِي غير هجر
الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الْقلَّتَيْنِ تِلْكَ قَرْيَة من
قرى الْمَدِينَة كَانَت القلال تصنع بهَا وَبصرى بِضَم
الْبَاء مَدِينَة على ثَلَاث مراحل من دمشق أَلا تَقولُونَ
كيفه هِيَ هَاء السكت لحقت فِي الْوَقْف قَالُوا كيفه يَا
رَسُول الله اثبتوا الْهَاء إِمَّا إِجْرَاء للوصل مجْرى
الْوَقْف أَو قصد اتِّبَاع لَفظه الَّذِي حثهم عَلَيْهِ
عضادتي الْبَاب بِكَسْر الْعين وإعجام الضَّاد خشبتاه من
جانبيه
(1/264)
[195]
تزلف لَهُم الْجنَّة بِضَم التَّاء وَسُكُون الزَّاي أَي
تقرب إِنَّمَا كنت خَلِيلًا من وَرَاء وَرَاء قَالَ
النَّوَوِيّ الْمَشْهُور فيهمَا الْفَتْح بِلَا تَنْوِين
وَيجوز بناؤهما على الضَّم وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء إِنَّه
الصَّوَاب لِأَن تَقْدِيره من وَرَاء ذَلِك أَو من وَرَاء
شَيْء آخر قَالَ وَوجه الْفَتْح التَّرْكِيب كشذر مذر
والكلمة مُؤَكدَة وَقَالَ صَاحب التَّحْرِير هَذِه كلمة
تذكر على سَبِيل التَّوَاضُع أَي لست بِتِلْكَ الدرجَة
الرفيعة قَالَ وَقد وَقع لي فِيهِ معنى مليح وَهُوَ أَن
مَعْنَاهُ أَن المكارم الَّتِي أعطيتهَا بِوَاسِطَة سفارة
جِبْرِيل وَلَكِن اعمدوا إِلَى مُوسَى فَإِنَّهُ حصل لَهُ
سَماع الْكَلَام بِغَيْر وَاسِطَة وَإِنَّمَا كرر وَرَاء
لكَون نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حصل لَهُ السماع
بِغَيْر وَاسِطَة وَحصل لَهُ الرُّؤْيَة فَقَالَ
إِبْرَاهِيم أَنا وَرَاء مُوسَى الَّذِي هُوَ وَرَاء
مُحَمَّد وَترسل الْأَمَانَة وَالرحم قَالَ النَّوَوِيّ
يصوران شَخْصَيْنِ على الصّفة الَّتِي يريدها الله فتقومان
بالفوقية جنبتي الصِّرَاط بِفَتْح الْجِيم وَالنُّون أَي
جانبيه وَشد الرِّجَال بِالْجِيم جمع رجل وَلابْن ماهان
بِالْحَاء قَالَ القَاضِي وهما متقاربان فِي الْمَعْنى
وشدها عدوها الْبَالِغ وجريها وَفِي حافتي الصِّرَاط
بتَخْفِيف الْفَاء جانباه ومكدوس فِي أَكثر الْأُصُول
هُنَا مكردس بالراء ثمَّ الدَّال وَهُوَ قريب من معنى
المكدوس وَإِن قَعْر جَهَنَّم لسبعون فِي أَكثر الْأُصُول
لسَبْعين بِالْيَاءِ أما على حذف الْمُضَاف وإبقاء الْجَرّ
أَي سير سبعين وَإِمَّا على قَعْر مصدر قعرت الشَّيْء إِذا
بلغت قَعْره وَسبعين ظرف زمَان وَالتَّقْدِير إِن بُلُوغ
قَعْر جَهَنَّم لكائن فِي سبعين خَرِيفًا أَي سنة
(1/266)
[198]
لكل نَبِي دَعْوَة أَي متيقنة الْإِجَابَة بِخِلَاف سَائِر
مَا يدعونَ بِهِ فَإِنَّهُ على الرَّجَاء وَقد لَا يُجَاب
بعضه إِن شَاءَ الله على جِهَة التَّبَرُّك والامتثال
لقَوْله تَعَالَى وَلَا تقولن لشَيْء الْآيَة أسيد بِفَتْح
الْهمزَة بن جَارِيَة بِالْجِيم لكعب الْأَحْبَار هم
الْعلمَاء واحدهم حبر بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا أَي كَعْب
الْعلمَاء قَالَه بن قُتَيْبَة وَغَيره وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَة سمي بذلك لكَونه صَاحب كتب الْأَحْبَار جمع حبر
بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا يكْتب بِهِ
[202] الصَّدَفِي
بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفَاء نِسْبَة إِلَى الصدف
بِفَتْح الصَّاد وَكسر الدَّال قَبيلَة وَقَالَ عِيسَى
عَلَيْهِ السَّلَام إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك قيل
إِن قَالَ هُنَا اسْم بِمَعْنى القَوْل لَا فعل كَأَنَّهُ
قَالَ وتلا قَالَ عِيسَى وَلَا نسوؤك أَي لَا نخزيك
(1/268)
[203]
قفى ولى قَفاهُ منصرفا
(1/269)
[204]
لؤَي بهمز ودونه يَا فَاطِمَة فِي أَكثر الْأُصُول يَا
فاطم بالترخيم لَا أملك لكم من الله شَيْئا مَعْنَاهُ لَا
تتكلوا على قَرَابَتي فَإِنِّي لَا أقدر على دفع مَكْرُوه
يُريدهُ الله بكم سَأَبلُّهَا أَي سأصلها شبهت قطيعة
الرَّحِم بالحرارة وَوَصلهَا بإطفاء الْحَرَارَة
بِالْمَاءِ بِبلَالِهَا بِكَسْر الْبَاء وَفتحهَا من بله
يبله والبلال المَاء
(1/270)
[207]
الْمخَارِق بِضَم الْمِيم وخاء مُعْجمَة انْطلق مَعْنَاهُ
قَالَا لِأَن المُرَاد أَن قبيصَة وزهيرا قَالَا لَكِن لما
اتفقَا كَانَا كَالرّجلِ الْوَاحِد فأفرد فعلهمَا
وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لطول الْكَلَام رضمة بِفَتْح الرَّاء
وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتحهَا وَالْجمع رضم
ورضام وَهِي صخور عِظَام بَعْضهَا فَوق بعض وَقيل هِيَ دون
الهضاب وَقَالَ صَاحب الْعين الرضمة حِجَارَة لَيست
ثَابِتَة فِي الأَرْض كَأَنَّهَا منثورة يربأ برَاء وموحدة
وهمز بِوَزْن يقْرَأ أَي يحفظ أَهله ويتطلع إِلَيْهِم
يَهْتِف بِكَسْر الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة ثمَّ فَاء أَي
يَصِيح ويصرخ يَا صَبَاحَاه كلمة اعتادوها عِنْد وُقُوع
أَمر عَظِيم يَقُولُونَهَا ليجتمعوا ويتأهبوا لَهُ
(1/271)
[208]
ورهطك مِنْهُم المخلصين بِفَتْح اللَّام قَالَ النَّوَوِيّ
الظَّاهِر أَن هَذَا كُله كَانَ قُرْآنًا أنزل ثمَّ نسخت
تِلَاوَته بسفح الْجَبَل بِفَتْح السِّين أَسْفَله وَقيل
عرضه مصدقي بتَشْديد الدَّال
(1/272)
[209]
ضحضاح بِفَتْح الضادين المعجمتين مَا رق من المَاء على
وَجه الأَرْض إِلَى نَحْو الْكَعْبَيْنِ واستعير فِي
النَّار الدَّرك الْأَسْفَل بِفَتْح الرَّاء وسكونها قَعْر
جَهَنَّم وأقصى أَسْفَلهَا غَمَرَات بِفَتْح الْغَيْن
الْمُعْجَمَة وَالْمِيم جمع غمرة بِسُكُون الْمِيم
الْمُعظم من الشَّيْء
(1/273)
[213]
أَخْمص بِفَتْح الْهمزَة المتجافي من الرجل عَن الأَرْض
وشراكان هما من سيور النَّعْل الَّذِي على وَجههَا وعَلى
ظهر الْقدَم الْمرجل بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْجِيم الْقدر
سَوَاء كَانَ من حَدِيد أَو حِجَارَة أَو خزف وَقيل هُوَ
الْقدر من النّحاس خَاصَّة
[214] بن جدعَان بِضَم
الْجِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة اسْمه عبد الله من
رُؤَسَاء قُرَيْش
(1/274)
[215]
إِن آل أبي يَعْنِي فلَانا هَذِه الْكِنَايَة من بعض
الروَاة خوفًا والمكنى عَنهُ هُوَ الحكم بن أبي الْعَاصِ
(1/275)
[216]
سَبَقَك بهَا عكاشة بِضَم الْعين وَتَشْديد الْكَاف وتخفف
قَالَ القَاضِي لم يكن الرجل الثَّانِي مِمَّن يسْتَحق
تِلْكَ الْمنزلَة وَلَا بِصفة أَهلهَا بِخِلَاف عكاشة
وَقيل بل كَانَ منافقا فَأجَاب بِكَلَام مُحْتَمل وَلم ير
التَّصْرِيح لَهُ بأنك لست مِنْهُم لما كَانَ عَلَيْهِ من
حسن الْعشْرَة وَقيل إِنَّه أجَاب عكاشة لوحي فِيهِ وَلم
يحصل ذَلِك للْآخر وَفِي مبهمات الْخَطِيب يُقَال إِن
الرجل الثَّانِي سعد بن عبَادَة قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ
يبطل قَول من زعم أَنه مُنَافِق بن مُحصن بِكَسْر الْمِيم
وَفتح الصَّاد نمرة كسَاء فِيهِ خطوط بيض وسود وحمر
كَأَنَّهَا أخذت من جلد النمر
[217] أَبُو يُونُس
سليم بن جُبَير بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا زمرة وَاحِدَة
بِالنّصب وَالرَّفْع
(1/276)
[218]
هم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ قَالَ
الْخطابِيّ وَغَيره المُرَاد من ترك ذَلِك توكلا على الله
وَرَضي بِقَضَائِهِ وبلائه قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ
الظَّاهِر من معنى الحَدِيث قَالَ وَحَاصِله أَن هَؤُلَاءِ
كل تفويضهم إِلَى الله تَعَالَى فَلم يتسببوا إِلَى دفع
مَا أوقعه بهم قَالَ وَلَا شكّ فِي فَضِيلَة هَذِه
الْحَالة ورجحان صَاحبهَا قَالَ وَأما تطبب النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعله ليبين لنا الْجَوَاز وعَلى
رَبهم يَتَوَكَّلُونَ حد التَّوَكُّل الثِّقَة بِاللَّه
والإيقان بِأَن قَضَاءَهُ نَافِذ قَالَ الْقشيرِي
التَّوَكُّل مَحَله الْقلب وَلَا يُنَافِيهِ الْحَرَكَة
بِالظَّاهِرِ بعد مَا تحقق العَبْد أَن الثِّقَة من قبل
الله فَإِن تعسر شَيْء فبتقديره وَإِن تيَسّر شَيْء
فبتيسيره أَبُو خشينة بِضَم الْخَاء وَفتح الشين المعجمتين
ثمَّ تحتية ثمَّ نون ثمَّ هَاء
[219] متماسكون آخذ
بِالرَّفْع فيهمَا وَرُوِيَ بِالنّصب فيهمَا
(1/278)
[220]
انقض بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة سقط البارحة هِيَ
أقرب لَيْلَة مَضَت لدغت بإهمال الدَّال وإعجام الْغَيْن
عين هِيَ إِصَابَة العائن غَيره بِعَيْنِه أَو حمة بِضَم
الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم سم الْعَقْرَب
وَشبههَا وَقيل فوعة السم وَقيل حِدته وحرارته وَالْمرَاد
أَو ذِي حمة أَي لَا رقية إِلَّا من لدغ ذِي حمة الرهيط
بِضَم الرَّاء تَصْغِير رَهْط وَهِي الْجَمَاعَة دون
الْعشْرَة هَذِه أمتك وَمَعَهَا سَبْعُونَ ألفا أَي من
جُمْلَتهمْ وَمِنْهُم وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ هَذِه
أمتك وَيدخل الْجنَّة من هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألفا فَخَاضَ
النَّاس بِالْخَاءِ وَالضَّاد المعجمتين أَي تكلمُوا
وتناظروا
(1/280)
[221]
أَو كشعرة شكّ من الرَّاوِي
(1/281)
[222]
بعث النَّار الْمَبْعُوث الموجه إِلَيْهَا فَإِن من
يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألف كَذَا فِي الْأُصُول بِالرَّفْع
على تَقْدِير ضمير الشَّأْن أَي فَإِنَّهُ وَفِي يَأْجُوج
وَمَأْجُوج الْهَمْز وَتَركه وهم من ولد يافث بن نوح
وَقَالَ كَعْب هم من ولد آدم من غير حَوَّاء وَذَلِكَ أَن
آدم احْتَلَمَ فامتزجت نطفته بِالتُّرَابِ فخلق الله
مِنْهَا يَأْجُوج وَمَأْجُوج كالرقمة بِفَتْح الرَّاء
وَسُكُون الْقَاف قَالَ أهل اللُّغَة الرقمتان فِي الْحمار
هما الأثران فِي بَاطِن عضديه وَقيل الدائرة فِي ذراعه
وَقيل الهنة الناتئة فِي ذِرَاع الدَّابَّة من دَاخل
(1/283)
|