شرح الموطأ عبد الكريم الخضير

بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (1)
باب: الترغيب في القضاء بالحق

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله-:
كتاب: الأقضية
باب: الترغيب في القضاء بالحق
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار)).
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- اختصم إليه مسلم ويهودي، فرأى عمر أن الحق لليهودي فقضى له، فقال له اليهودي: والله لقد قضيت بالحق، فضربه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالدِرة، ثم قال: وما يدريك؟ فقال له اليهودي: إنا نجد أنه ليس قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ويوفقانه للحق ما دام مع الحق، فإذا ترك الحق عرجا وتركاه.
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب: الأقضية
الكتاب مر تعريفه مراراً، والأقضية جمع قضاء, مثل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا تجب لي أوله مكسور ولا مضموم، لا تقل لي: سقاء ولا فناء ولا دعاء، نقول: ولا دعاء لأن هذا قضاء مفتوح الأول، وذا مضموم، وهنا مكسور.
طالب: خباء.
وخباء بالفتح وإلا بالكسر؟
قباء، نعم.
خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء
فاسألوا الناس أشعري ... مديح هذا أم هجاء؟
هو يمدح وإلا يذم؟ عمرو هذا أعور العين، وهو يقول: ليت عينيه سواء.
طالب:. . . . . . . . .
أو الفتحة الثانية .... ، نعم.
طالب:. . . . . . . . .

(128/1)


لا، حسب جودة الخياطة ورداءتها، إن كان أجاد الخياطة فهو يدعو له بأن بيصر بالعوراء، وإن كان رديء فهو يدعو عليه بالعمى، لكن الذي يقرأ من غير نظر إلى القرائن التي تدل على المراد لا يمكن أن يصل إلى المقصود، ولا يدري هل هو مدح أو هجاء؟ هو مدح وإلا هجاء؟ يقول:
خاط لي عمرو قباء ... ليت عينيه سواء
فاسألوا الناس أشعري ... مديح هذا أم هجاء؟
هذا الذي لا يعرف القرائن ما يمكن أن يحكم بأنه مديح أو هجاء، فالقباء جمعه أقبية، وهذا الجمع يأتي لهذا الزنة قباء، ولو كسر أوله أو ضم كسقاء، ووعاء، وإناء، ودعاء، أسقية، لواء ألوية، المقصود أن هذه الزنة لهذه الصيغة، ولو اختلفا ضبط أولها, والقضاء بيان الحكم الشرعي مع الإلزام به، وبهذا يختلف عن الفتوى التي هي مجرد بيان الحكم من غير إلزام، إيش معنى من غير إلزام؟ هل معنى هذا أنه إذا سأل عالماً في حكم مسألة، وقال له بالوجوب أو بالتحريم أنه يختار هل له الخيرة في ذلك لأنه لا يلزم به شرعاً؟ لا ليس المعنى هكذا، وإنما المراد أنه لا يتابع في تنفيذ الحكم، فالمفتي يبين له الحكم ويتركه بينما في القضاء يبين له الحكم، ويلزم بتنفيذه، ويتابع على هذا التنفيذ، وعلى هذا أيهما أفضل الفتوى أو القضاء؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني مثلاً لو خير إنسان وهو صالح للأمرين يعني مؤهل لئن يكون مفتياًًً وقاضياً فهل يقول: الأفضل القضاء فنختاره على الفتوى؟ أو يقول: الفتوى أفضل لما جاء من التحذير من القضاء، وأنه مزلة قدم، والقضاة ثلاثة, الفتوى أيضاً لكنها ما جاء فيها مثل ما جاء في القضاء، جاء في القضاء التنفير منه,
طالب: من حيث شمول الفتوى يا شيخ؟
فتوى وزيادة أولاً: أن الوظيفة النبوية في الأمرين معاً في الفتوى وفي القضاء، فهو قاضٍ وهو مفتٍ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.

(128/2)


ثم بعد ذلك ينظر في الشخص نفسه بعض الناس الفتوى أفضل له من القضاء، والعكس، ورغم ما جاء في التنفير من القضاء والتحذير منه وأنه مزلة أيضاً جاء الترغيب فيه، ولذا الباب الأول باب الترغيب في القضاء بالحق، والقضاة ثلاثة واحد في الجنة، ولا شك أنه أعني تعيين القاضي والقضاء فرض كفاية على الأمة، فالذي يقوم به ويسقط الفرض على الأمة من أهل العلم من يرى أن القيام بفرض الكفاية أفضل من القيام بفرض العين، فعلى هذا لو تعارض القضاء مع بر الوالدين مثلاً، هذا متعين عليه، لا سيما إذا لم يكن له أخ يقوم مقامه فهل القيام برعاية الوالدين وبرهما أفضل أو القضاء هذا فرض عين وهذا فرض كفاية؟ جماهير أهل العلم على أن فرض العين أفضل من فرض الكفاية، لماذا؟ لأن فرض العين متعين على الشخص بذاته، وفرض الكفاية مشاع في الأمة، والأمر المشاع أمره أخف من الأمر المتعين، ولذا دلالة العموم أضعف من دلالة الخصوص؛ لأن العموم مشاع في أفراد، والخصوص في الفرد نفسه، فالجمهور على أن فرض العين أفضل من فرض الكفاية، بل أوجب وألزم من فرض الكفاية.
ووالد إمام الحرمين الجويني يقول بأن فرض الكفاية أفضل من فرض العين؛ لأن فرض الكفاية فيه إسقاط الواجب عنه وعن غيره، وأما فرض العين فليس فيه إلا إسقاط الواجب والإثم عنه بمفرده، فعلى هذا القضاء فرض كفاية اتفاقاً، ولا بد من أن يوجد من يقضي بين الناس، ويحسم النزاع بينهم والخلاف، وهي وظيفة ولي الأمر، وقد قام بها الخلفاء في صدر الإسلام كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، قاموا بها، ثم بعد ذلك لما توسعت الأمور وكثرة التبعات صار ولي الأمر ينيب ويعين القضاة يقومون مقامه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أقول: لما توسعت الأمور واحتيج إلى التعيين والنيابة عن الإمام في هذا الباب ينيب.

(128/3)


المقصود أنه من أوجب الواجبات على ولي الأمر أن يعين من يقضي بين الناس بحكم الله وحكم رسوله -عليه الصلاة والسلام- وحكم الله ملزم، ولا يجوز بحال أن يحكم بغير ما أنزل الله، وجاء في الحكم بغير ما أنزل الله ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، وجاء فيه: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [(44) سورة المائدة] {الظَّالِمُونَ} [(45) سورة المائدة] {الْفَاسِقُونَ} [(47) سورة المائدة] فالأمر ليس بالسهل، فلا بد من تعيين من يفصل بين الناس، وأن يكون هذا المعين تبرأ الذمة به، بأن يكون على علم من الكتاب والسنة، ومعرفة وخبرة بهذا الشأن، ولا بد من الرضا بما يقضى، بما يقضي به هذا القاضي لا بد {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء].
ونلاحظ من حال كثير من الخصوم، ويظهر هذا حتى في مجلس القضاء عدم الرضا بالقضاء، فضلاً على التسليم التام المطلق، وقد يقول قائل: إن فتح باب الاعتراض إعانة على عدم الرضا؛ لأن باب الاعتراض مفتوح، إذا قضى القاضي بين اثنين للمقضي عليه أن يعترض، يكتب لائحة إعتراض وترفع للتمييز، هل هذا يعين على عدم الرضا أو لا يعين؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
القول الأول: إن هذا الأمر احتيج إليه لما ازدادت الحاجة إلى كثرة القضاة، وضرورةً أنه إذا زادت الحاجة إلى عدد القضاة أنه قد يختار وقد يحتاج إلى شخص هو أمثل من غيره وأقرب من غيره إلى هذا المنصب لكن لا يلزم أن تتوافر فيه جميع الشروط، لا يلزم أن يكون على خبرة تامة بنسبة تسعين أو ثمانين بالمائة، لا يلزم مع الكثرة، لكن لما كان البلد ما فيه إلا قاض واحد ينتقى أعلم ما في البلد وينتهي الإشكال.

(128/4)


لكن لما زاد الطلب على هذا المرفق، وكثرة مشاكل الناس، وصار القضاة بالألوف، احتيج إلى أن ينزل عن الشرط الشرعي ضرورة هذه، يعني لو أردنا تطبيق الشرط الشرعي في جميع القضاة مع الحاجة الداعية لهذه الأعداد الهائلة، قد لا نجد إذا وجد هذا القصور وعين من يسدد هؤلاء القضاة فاحتمال الخطأ وارد، وقد يكون وروده ملحوظ، فاحتيج إلى هذه اللوائح التي ترفع إلى من هو أعلم من هذا القاضي ليسدده، ففتح الباب للاعتراض من هذه الحيثية، أولاً: الحاجة داعية إلى كم هائل من القضاة، وإذا احتيج إلى هذا العدد الكبير من القضاة لا بد أن نتنازل في الشروط، وإلا ما نجد، هذه أمور ضرورية، يعني كلما تزداد الحاجة إلى شيء المسألة مسألة عرض وطلب، إذا احتجنا إلى ألوف من القضاة فلا بد أن نتنازل عن بعض الشروط؛ لأننا لن نجد هذا الكم الذي نريده مع توافر الشروط، وإذا تنازلنا عن بعض الشروط يوجد الخلل، نعم الذين ينتقون لهذا المرفق لا شك أنهم خيار الناس، ومن أمثل الموجودين، وأولى الناس بذلك، والمسألة اجتهادية مسألة الاختيار اجتهادية قد تطابق الواقع وقد تخالفه؛ لأن المعايير التي يختار بواسطتها القضاة قد تكون منطبقة من وجهة نظر فلان، وقد تكون غير منطبقة من وجهة نظر فلان، المسألة اجتهاد ووجهة نظر، وعلى كل حال لا شك أن من ائتمنوا على هذا الرفق أنهم يبذلون الجهد، ويستفرغون الوسع من أجل اختيار أولى الناس بهذه المناصب، لكن مع ذلك مع هذه الكثرة لا بد أن يوجد شيء من ضعف في تطبيق بعض الشروط، وهذا يجعل حكم القاضي مع وجود هذا الكم الهائل من هؤلاء القضاة، والتنازل النسبي عن بعض الشروط، لا بد أن يوجد شيء ولو في نفوس المتخاصمين مما يفتح لهم المجال أن يرفعوا الأمر إلى من هو أعلم منهم، وعلى كل حال الرضا إيش معنى الرضا والتسليم؟ لأن في {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا} {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] قدر زائد، إيش معنى هذا؟ لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضيت هل معنى هذا أنه يستوي عنده أن يصدر الحكم له أو عليه؟ بمعني أنه لا يجد في نفسه أدنى حرج؟ النفوس جبلت على هذا وإلا لا؟ ما جبلت على هذا، لا بد أن يجد في نفسه، لكن

(128/5)


هذا كمال، إذا وجد لا شك أنه تجرد لله، يعني القلب تجرد من كل ما يقتضي الشركة، لكن النفوس جبلت على أن يكون الحق لها، والانتصار للنفس، وهذا موجود, يعني من حكم الله -جل وعلا- أن الرجل له أن يتزوج أربع زوجات، لكن ماذا عن المرأة؟ هل نقول: لا بد أن ترضى بهذا الحكم، وأن لا تجدي بنفسك شيئاً وتسلمي تسليماً كاملاً مطلقاً؟ وأنه سواء أخذ ثانية أو ثالثة أو رابعة أو اقتصر عليك الأمر لا يختلف؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها تعترف بأن هذا الحكم الشرعي، وأنه هو الحق، وأنه عين المصلحة، وعليها أن تحتسب وتصبر؛ لأن هذا حكم الله -جل وعلا-, وكذلك المقضي عليه، عليه أن يصبر ويحتسب ويرضى ويسلم، ولو خالف ما في نفسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(128/6)


هو إذا وجد لا سيما لو كان عنده شيء من العلم، من الخصوم من عنده علم، وقد يكون أعلم من القاضي، فرأى أن حكم القاضي لا يتفق مع القواعد الشرعية، والقاضي اجتهد وبذل وسعه، فهو معذور، والحديث الأول يدل على أنه معذور، ولو أخطى ومع ذلك له أجر على اجتهاده ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد)) وعلى كل حال هو معذور، وتبرأ ذمته بهذا الحكم، لكن هل لهذا الخصم الذي يعرف من القواعد الشرعية ما لا يعرفه هذا القاضي أن يرضى بهذا الحكم؟ وإذا اعترض عليه قلنا، إنك ما رضيت ولا بد أن ترضى؟ يعني مدلول الآية: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ} [(65) سورة النساء] فالتحكيم حصل {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] هل نقول: هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- المؤيد بالوحي؟ ولا بد أن يرضى بحكمه ويسلم تسليماً، وأن ما عداه محل للخطأ، ومحل للتقصير؟ وقلنا في التسلسل الذي أوردناه أنه وجد من القضاة من هو محل إشكال، يعني في بعض أحكامه قد يكون بعض الخصوم أعلم منه، إلا يوجد من الخصوم من هو من أهل العلم؟ يعني أهل العلم ما عندهم مشاكل يحتاجون فيها إلى القضاء؟ فإذا تصور هذا الخصم الذي هو من أهل العلم أن حكم القاضي غير جاري على القواعد، لكن ما واجب هذا الخصم؟ هل له أن يعترض ويحاد القاضي وينازعه أو يناصحه بلطف ويخلو به، أو يكتب له، أو ما أشبه ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هو خالف، وقد يكون الحق مع الخصم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا نظرنا إلى أن القاضي إذا عمل بالوسائل الشرعية ولو أخطأ.
طالب:. . . . . . . . .
فإذاً لا بد أن نرضى ونسلم.
طالب:. . . . . . . . .

(128/7)


عندك الرسول يقول: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ... )) وهذا فواقع القاضي، جاءه خصم ألحن من غيره، وحكم هو بالوسائل الشرعية، وطبق القواعد، وحكم لزيد على عمرو، عمرو هذا من أهل العلم، وعنده من العلم مما عند القاضي، المسألة افتراضية، هل نقول: لهذا أن يرضى ويسلم، ويقول: هذا حكم الله -والحمد لله- وانتهى ولو كان علي، ولو أخطأ القاضي، والمسألة اجتهادية, واجتهادي ما ينقض اجتهاده، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أنا أقول: المسألة ما تنتهي على هذا، القاضي سلك المسالك الشرعية، ونظر في القضية على الطريقة المتبعة شرعاً، وأحد الخصوم نفترض وهذا محتمل احتمال قوي بعض المحامين عنده من الخبرة والمعرفة يعني.
طالب:. . . . . . . . .
الرضا بالتحاكم والتسليم له {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ} [(65) سورة النساء] يعني من الحكم لا من التحاكم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا نقول: خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
لا غير، حتى يحكموك {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ} [(65) سورة النساء] من الحكم، وزيادة على ذلك {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] فهل نقول: إن القاضي إذا استعمل الوسائل الشرعية في القضية ليس للخصم أن يعترض خلاص وإلا خالف الآية؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا استعمل الوسائل الشرعية برأت ذمته، ويؤجر على هذا الاجتهاد، وهل له أن ينتقل من قاضي إلى آخر حتى يحكم له؟ مثل من يستفتي.
طالب:. . . . . . . . .
ما تنفصل أبداً؛ لأن المسألة مفترضة في قاضي نظر في القضية بالوسائل الشرعية، وحكمه حقيقة ما طابق الواقع، ما طابق ما عند الله -جل وعلا-، والمسألة مفترضة في خصمين أحدهما أعلم من القاضي وهو المحكوم عليه، الحكم الشرعي خلاص ثبت بحكم القاضي، حكم القاضي نافذ ولو أخطأ، بدليل ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي)) فحكمه نافذ، ولو خالف الواقع؛ لأنه عمل بالوسائل الشرعية، يعني عمل بما هو المقتضى الشرعي لهذه القضية, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(128/8)


هذا بالنسبة للمحكوم له، المحكوم له مأمور بأن يبين الواقع، نحن نتكلم على الخصم المقضي عليه، ما هو بالمقضي له، المقضي له لن يجد في نفسه شيء، أما بالنسبة للمقضي عليه هو محل البحث الآن.
طالب: هو الكلام يا شيخ هل الحكم في الرضا وإلا في التسليم لأن الرضا له حكم، والتسليم له حكم، فالتسليم واجب لأنه. . . . . . . . .؟
شوف سياق الآية.
طالب: {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ} [(65) سورة النساء]
إيه
طالب: {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] عدم الحرج اللي هو الرضا.
لكن هل الجملة الثانية والثالثة معطوفة على الجملة الأولى ليكون العطف مع نية تكرار العامل ثم لا يؤمنون حتى ...
طالب: {لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا}.
ثم لا يؤمنون، حتى يسلموا تسليماً لأنه عطف على نية تكرار العامل.
طالب: المسألة هذه يا شيخ هل مفترضة هذه المسألة مع إحضار للمحكوم عليه بالبينة كاملة قد يكون التقصير منه هو؛ لأن بينته ليست بكاملة حتى يقضي له الحاكم؟
لا، هو الحاكم حكم بالقضية من خلال الوسائل الشرعية ((شاهداك أو يمينه)) أحضر البينة، والبينة لا شك أن تطبيق الشروط الشرعية على البينة مما تتباين فيه الأنظار، لكنه باجتهاده القاضي رأى أنهم عدول، وطلب المزكين وزكوا، وانتهى الإشكال، وحكم بهذه البينة.
طالب: ما تكتب فيها. . . . . . . . . ابن القيم له فيها لمسات في مدارج السالكين وإعلام الموقعين.
كلام أهل العلم كثير في هذا نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الخصوم كما يقول ابن الوردي:
إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي القضاء هذا إن عدل
هذا إن عدل، نصف الناس أعداء له؛ لأن المحكوم عليه عدو في الجملة، والنفوس جبلت على شيء من هذا، لكن هل يجب على الإنسان أن يزول ما في نفسه بالكلية ولا يجد شيئاً كما تدل عليه الآية، أو نقول: إن حظ النفس موجود وحاضر في كثير من القضايا الشرعية ولا أثر له؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً تترك لتقديرات الناس أنفسهم؟ سواءً كانوا في ذلك عوامهم وعلماؤهم؟
طالب:. . . . . . . . .
غير النفوذ، المسألة ما في نفس المحكوم عليه.
طالب:. . . . . . . . .

(128/9)


أنا أريد أن أعالج ما في نفس هذا المحكوم عليه من خلال الآية، يعني لو افترضنا أن هذا القاضي أعلم الناس مثلاً، افترضنا أن هذا القاضي أعلم الناس، ولا يوجد مثلاً أعلم منه لا من الخصوم ولا من زملائه من القضاة، ثم حكم له، قلنا: إن المتجه في هذه الحالة أن لا يجد في نفسه شيء, لكن مسألة مفترضة في أن الخصم المقضي عليه أعلم من هذا القاضي ما يمكن يصير؟
طالب: كثير.
فصار في نفسه شيء؛ لأنه يرى في نفسه أنه أعلم من هذا القاضي والقاضي ما وفق للصواب، وهو مأمور بالرضا والتسليم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف يطلع على حكم الله هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني شوف ترى يا الإخوان الإنصاف نادر في الناس، ولو كان أعلم من القاضي، ثم حكم عليه لا بد أن يجد في نفسه شيء, ولو عرف أن القاضي انتبه لأمور لم ينتبه لها, النفس البشرية جبلت على شيء من هذا، فالرضا والتسليم أمر لا بد منه في هذا الباب.
وعلى كل حال بعض الناس يلاحي وينازع، وبعض الناس انتهت المسألة، ما دام حكم فيها القاضي لا كلام لنا، ويكف لسانه, بعض الناس يستمر في القضية ويصعد ويروح ويجي، ويشكي على الولاة؛ لأنه يرى أن الحق له, على كل حال لا بد من بحث المسألة من خلال حديث الباب، وأيضاً الآية من ظرف كلام المفسرين والآية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، المسألة معلقة بالقاضي من غير نظر المقضي عليه.
طالب:. . . . . . . . .
مخالفة المذهب، المذهب ما هو مسئول عن مذاهب الناس، إذا أتى إليه وهو يعرف أنه يخالف المذهب هو بالخيار, يقول: أنا والله مذهبي أبا أحكم على ما أعتقد، وما أدين الله به، تبي تقبل وإلا روح دور ثاني، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: لا بد من النظر في تفسير الآية عند أهل العلم، والأمر شديد جداً إذا نظرنا إلى الآية.
طالب:. . . . . . . . .
ينقض الحكم؟
طالب:. . . . . . . . .

(128/10)


إيه لكن ماذا عن الخصم الذي حكم عليه؟ المسألة في الخصم الذي حكم عليه هل نقول: يجب عليك أن تجتث جميع ما في نفسك، وتعود إنسان طبيعي مثل المحكوم له؟ الآية تقتضي هذا، ثم لا يجدون في أنفسهم شيئاً، حرج، حرج نكرة في سياق نفي أو نهي تعم أدنى شيء، لأن الآية: {حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ} [(65) سورة النساء] والنبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي)).
طالب:. . . . . . . . .
طيب، خالف الواقعة وإن كان الحكم جارياً على القواعد الشرعية.
طالب:. . . . . . . . .
المحكوم عليه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، إلا السنة تقول، ما دام القاضي حكم بالوسائل الشرعية فالحكم للمحكوم له طابق أو لم يطابق.
طالب:. . . . . . . . .
ما عليك، القاضي ما هو بمسئول عن حقيقة الأمر، مسئول بأن يقضي بوسائل شرعية محددة جاءت بها النصوص، فإذا قضى برأت ذمته، ولزم حكمه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، حتى يلزم حكمه، ولا ينقض باجتهاد غيره.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يخالف السنة لا، لكن ....
طالب:. . . . . . . . .
لا هو قد يحكم بالوسائل ... ، شوف يا أخي الخلل من أين يأتي؟ الطريق واضح ومستقيم ((شاهداك أو يمنيه)) هذا تبرأ الذمة بهذا ذمة القاضي، لكن الكلام في أمور أولها: نظر القاضي في هؤلاء الشهود، من وجهة نظره أن الذمة تبرأ بشهادتهم، ويحكم لمن شهدوا له, بينما لو راح إلى قاضٍ ثاني تبين له أن هؤلاء القضاة لا تبرأ الذمة بهم، فالمسألة اجتهادية في الوسائل، واجتهادية في الغاية, نعم مثل ما نقول في الرواة، راوي عند الإمام أحمد ثقة، وعند ابن معين ضعيف، أحمد يقبل حديث ويصححه ويعمل به، وابن معين يرد حديث ولا يقبله، ولا يصححه، ولا يعمل به، فالمسألة فيها الاجتهاد داخل في كل شيء.
طالب:. . . . . . . . .

(128/11)


لا شك أن المسائل تتفاوت، منها المسائل التي تنتهي بالشاهد واليمين، وتنتهي وخلاص، مسائل واضحة ومحددة، هذه وسائل شرعية واضحة، ويحكم بها القاضي ولا يلام، وعلى المحكوم عليه أن يرضى، لكن هناك مسائل لها تبعات يتسلسل ويترتب بعضها على بعض، يعني ما يكتفى فيها بمجرد الشاهد واليمين، قضية مبينة على قضية، قضية أخرى مبنية عليها، اختل فيها شرط من شروط العقد مثلاً، شرط مؤثر، المقصود أن المسائل التي قد لا يحصل فيها الرضا والتسليم هي التي يكثر فيها وجهات النظر، تتعدد فيها لتعدد أجزائها، يعني قضايا مرتب بعضها على بعض، ولذلك تجدون في بعض القضايا مثلاً الصك مترين ثلاثة، لا بد أن يوجد في ثنايا هذا الصك ما لا يرضى به الخصم، إذا كان عنده شيئاً من العلم؛ لأنه يخالف ما في نفسه، ويكون القاضي اجتهاده حتى في قرارات نفسه، وإصابته بنسبة واحد وخمسين بالمائة؛ لأن بعض القضاة يعترف أنه ما توصل إلى الحق، وبعضهم يصلي صلاة الاستخارة، ويستشير زملاءه، ويستشير العلماء، ثم بعد ذلك يحكم بناء على قشة؛ لأنه لا بد من الحكم، لا بد من الفصل، فكون هذا الحكم اتجه عند القاضي من وجهة نظره بنسبة ستين في المائة، والقول الثاني له حظ من النظر بنسبة أربعين مثلاً، بحيث لو أعيد فيها النظر في وقت آخر لانعكست، مثل هذه الأمور التي فيها التأرجح هي التي يحصل فيها مثل هذا.
أما الأمور الواضحة المكشوفة ((شاهداك أو يمينه)) وأحضر الشهود، ويش تقول بالشهود؟ والله ما أطعن فيهم، إذاً سكت، أو العين المحكوم بها له، هنا لا بد أن يرضى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، بما قضيت، {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ} [(65) سورة النساء].
طالب:. . . . . . . . .

(128/12)


حتى في عهده –عليه الصلاة والسلام- الحديث يدل على أنه مثل غيره في الحكم، وبعدين هو مؤيد بالوحي بلا شك، لكن كونه يحصل له أن يحكم بغير ما يطابق الواقع ليسن؛ ليكون القضاة على سنته في هذا، وإلا هو مؤيد بالوحي، ما يحتاج إلى شهود أيضاً -عليه الصلاة والسلام-، لا يحتاج إلى بينات؛ لأنه مؤيد بوحي، لكن يطلب شهود، ويقضي على نحو ما يسمع ليسن للقضاة من بعده، كما أنه سها في صلاته، ونام عن صلاة الصبح كل هذا من أجل أن يسن؛ ليكون شرع لمن بعده، وإلا الأمر بالنسبة لو كان ما متول أحد عقبه بعده يكون خلاص مؤيد بالوحي ولا أحتاج إلى أنه يحصل مثل هذه الأمور.
طالب: بدليل الحكم في اللعان حكم بالظاهر لما طلع ...
نعم.
طالب: أقول: بدليل الحكم في اللعان لما تلاعنا، لكن في إشارات يا شيخ في الحديث تدل على أن يعني التسليم يعني يرضى به، يحصل التسليم إذا طابق الواقع، وإلا يكون في المرتبة الذي قبله، وهو الرضا بالحكم، في قوله: ((فمن قضيت له بشيء من حق أخيه)) هذه إشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يحصل التسليم، وكذلك: ((فلا يأخذن منه شيئاً)) ليس بالضرورة أن يحصل هناك تسليم؛ لأنه لم يطابق الواقع، كذلك ....
أنتم تتحدثون ... ، الخطاب موجه للمحكوم له، الخطاب هنا في الحديث موجه للمحكوم له، يجب على الأمة، لكن ماذا عن المحكوم عليه؟ الآية في المحكوم عليه، وهنا في المحكوم له، فاختلافا, يأتي شوف يقول: باب الترغيب في القضاء بالحق، أما القضاء في الباطل فلا شك أنه حرام، سواء علم الحكم، أو جهل الحكم، سواءً علمه أو لم يكن أهلاً للعلم به فهذا حرام، وهما القاضيان اللذان في النار، أما من يحكم بالحق وهو مؤهل له فهذا القاضي الذي في الجنة.

(128/13)


يقول: "حدثنا يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما أنا بشر)) " بشر، الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشر وينتابه ما ينتاب البشر، ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه كسائر البشر، لكن الفرق أن الله -جل وعلا- يطلعه على بعض المغيبات، وغيره ليس مثله، فيقول: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض)) يعني أقدر على البيان، وأبلغ وأفصح، وهذا مشاهد، حتى في أمور الناس العادية تجد القصة الواحدة يسوقها فلان تتكشف للناس بأجلى صورة، ويسوقها آخر بأطول مما ساقها الأول ويضيع بعضها بعضاً، هذا مشاهد حتى في أمور الناس العادية، فبعض الناس لا شك أنه ألحن من بعض، يعني أبلغ وأفصح وأقدر على إظهار ما يريد.
((فأقضي له على نحو ما أسمع منه)) ليسن للقضاة الطريق، ويمهد لهم الطريق، فمن قضى على نحو ما يسمع برئت ذمته، يعني استعمل الوسائل الشرعية، وقضى على نحو ما يسمع، فتبرأ ذمته بذلك ولو لم يطابق الواقع ولذا قال: ((فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً)) ((فمن قضيت له)) له، يعني هذا لا يدخل في موضوع بحثنا، يعني المحكوم له إذا كان يعرف في حقيقة الأمر أن الحق ليس له لا يجوز له أن يأخذه، وإن كان عند الحنفية أنه إذا قضى له القاضي خلاص انتهى، صار له حلال.
طالب:. . . . . . . . .
أن يرد، يرد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو رضي ثم رد إليه، كمن فقد شيئاً وتحسر عليه، ثم وجده.
طالب:. . . . . . . . .
يرضى وينبسط.
طالب:. . . . . . . . .
كلهم يعرفون، كل الطرفين يعرفون أن الحق لعمرو مثلاً، لكن القاضي صار المدعي أقوى وأبلغ حجة من المدعي عليه وبطريقته أحضر شهود وقضي له، والواقع أنه ليس له.
طالب:. . . . . . . . .
ومع ذلك يرضى أولاً وآخراً، رضي وانتهى، ثم بعد ذلك المحكوم له ندم على هذا الحكم وعلى كونه غرر القاضي، وجاء بأساليب جعلت القاضي يحكم له، ثم بعد ذلك تاب إلى الله -جل وعلا- وأناب فرد هذا الحق لأخيه، لصاحبه.
طالب:. . . . . . . . .

(128/14)


لا، لا ما يلزم، هو لا تعترض ولا تستدرك ولا تتكلم في القاضي؛ لأنه الآن صار القضاة فاكهة مجالس، نعم، من قبل المحكوم عليهم، نقول: من الرضا أن لا تتحدث في القاضي، تقول: الحمد لله على ما قدر وقضى ومصيبة من هذه المصائب، وذهب حقي ونرضى ونسلم.
لكن لو جاءك حقك من ... , لو أن إنساناً جحد حقك، أقرضته ألف ريال مثلاً وليس عندك بينة، ثم ذهبتما إلى القاضي فقلت: أنا أقرضت فلان ألف ريال، فقال: أحضر شهودك، قلت: والله ما عندي شهود، حلف الآخر أنه ما أقرضني، ثم بعد ذلك ندم ورد لك الألف تأخذه وإلا ما تأخذه؟ تكون اعترضت وإلا ما اعترضت؟ ما اعترضت يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
مع الأخذ ما في أدنى اعتراض.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يعطيه إشعار، لا لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا وجد الظلم، وظهر بحيث لا يقبل تأويل، لا شك أن هذا الظلم مبيح للنيل منه {لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] لكن يبقى تقدير الظلم لمن؟ هل كل إنسان يقدر الظلم؟ فالناس كلهم مظلومين، كل من حكم عليه في قرارة نفسه أنه مظلوم, ونعود إلى أصل مسألتنا، ولا بد من بحثها من خلال تفسير الآية وشرح هذا الحديث، لا بد من هذا.
((فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار)) عامة أهل العلم على أن حكم القاضي لا يحل الحق لغير صاحبه وعند الحنفية أنه إذا قضى له القاضي يكون حلالاً لا يأثم بأكله، ويخالف في هذا الحديث.
من الحنفية من يفرق بين الحقوق المالية فلا تحل له وبين ما يتعلق بالنكاح فتحل له، لو قضى القاضي بأن هذه زوجته مثلاً وهو يعلم في حقيقة الأمر أنها ليست له، يقول: تحل له.
طالب:. . . . . . . . .
إيه شرعاً، خلاص انتهى، ما دام حكم الحاكم انتهى ارتفع الخلاف، هذا عندهم، عند الحنفية، عند بعضهم، وبعضهم يطرد يقول: كل ما قضى به القاضي فهو حق مخالف لهذا الحديث, ((فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً)).
طالب:. . . . . . . . .

(128/15)


خلاص حكم الحاكم رفع الخلاف, رفع الخلاف انتهى، افترض أن شخصاً طلق زوجته ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً وتخللها عدة بحيث لا تجوز له بحال، ثم ذهب إلى القاضي وحكم بأنها لم تبن منه، فعندهم تحل له, وإذا حكم بمال زيد له حل له ولو كان يعلم في حقيقة الأمر والواقع أنه لزيد, هذا عندهم، وعامة أهل العلم على ما جاء في هذا الحديث ((فإنه لا يأخذن منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار)) فيدل على أن ما حكم به له حرام عليه، ولا بد من بحث المسألة يا الإخوان والعناية بها؛ لأنها مسألة واقعية، وتجدون المحاكم كلها ارتفاع أصوات، وسب وشتم للقضاة مع وجود الآية، فلا بد من النظر في هذه القضية بعناية، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...
وأنا أعرف أن بعض الإخوان مثل هذا الكلام حقيقة يضيق به ذرعاً، ويظن أن هذا من تضييع الوقت، وأننا بحاجة إلى وقت، يا الإخوان إذا تحرر عندنا مسألة تعادل مائة مسألة من هذه المشكلات ....

(128/16)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (2)
باب: ما جاء في الشهادات - باب: القضاء في شهادة المحدود

عبد الكريم بن عبد الله الخضير
في أحد أحضر شيئاً عن الآية مع الحديث؟
طالب:. . . . . . . . .
كتبت شيئاً؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
هذا صدر الآية؛ لأن الآية تضمنت ثلاثة أشياء: التحاكم، والرضا بالحكم، والتسليم، فهل حكم هذه الثلاثة واحد أو مختلف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ونفي الإيمان أفضلية؟
طالب:. . . . . . . . .

(129/1)


نفي الإيمان لا يعني الأفضلية، اللهم إلا إذا قيل: سُلط نفي الإيمان على التحاكم الأصلي {حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] ثم هذا حكم مستقل، لكن ظاهر العطف عند أهل العلم على نية تكرار العامل، فالعامل مسلط على الجميع، المسألة يمكن انفكاكها باعتبار النظر، هل النظر حال عدم الرضا إلى الحاكم أو إلى الحكم؟ يعني هو لم يرض بالحكم باعتباره من هذا الحاكم؛ لعدم قناعته به، أمس القريب رئيس محكمة من المحاكم يذكر عن واحد من القضاة أنه حكم على شخص، وأظنه قال: غامدي، فقال له لما انتهى الحكم، قد حكم عليه، فقال: إن كان تعترض فهذه لائحة اعتراض واكتب ما شئت، فانكب يبكي، كيف اعترض على حكم الله -جل وعلا-؟! قال: يا أخي أنت ما تعترض على حكم الله تعترض على حكمي أنا، يقول: أثر الموقف في القاضي أثر بالغ، وهو صحيح مؤثر في ظل الظرف الذي نعيشه نادر، فيقول: أبداً لا يمكن أن أعترض على حكم الله، خلاص أنا جئت إلى المحكمة مقتنع بأن الحكم شرعي، وأنه يُحكم فيها بشرع الله، وننتهي على هذا، ورضي وسلم، والأمة -ولله الحمد- ما زال فيها خير، وإن كانت الظروف التي نعيشها فيها شر كثير، وفيها حيل، وفيها تكالب على الدنيا تجعل الإنسان لا يرضى ولا يسلم، بل يبذل من يبذل لإيجاد المحامين الذين هم أمهر منه في الدفاع وألحن منه ليكسب القضية، لكن يوجد مثل هذا -ولله الحمد-، فالقاضي حينما قال له: اعترض ليس معناه أنه يُعينه على الاعتراض على حكم الله، إنما يفتح له الباب إن كان ما عنده قناعة بالقاضي ولا بحكمه فهناك من هو أرفع منه ممن يرجع إليه، وهذا أمر رسمي يعني لو كان لا يجوز له ما وضع، لا سيما وأن الجهة التي يُتحاكم إليها شرعية أيضاً، وهي أرفع من الجهة التي حكمت عليه، فالنظر يمكن أن تنفك جهته، فإن رضي فهذا هو الأصل، لم يجد في نفسه حرج هذا هو الواجب، سلّم تسليماً هذا لا شك أنه هو المطلوب، لم يرض فإن كان عدم رضاه بحكم الشرع لأنه الحكم الشرعي هذا ما في إشكال في كونه ينتفي عنه الإيمان، وإن كان عدم رضاه لعدم قناعته بالقاضي، وافترضنا المسألة في شخص قد يكون أعلم من القاضي المحكوم عليه، وهذا ما هو مستبعد،

(129/2)


كمن قدح في عضو الهيئة إن كان قدحه فيه لما يزاوله من شعيرة من شعائر الإسلام هذا خطر عظيم عليه، وإن كان قدحه فيه لذاته، وأنه يرى فيه قصور، أو كانت بينه وبينه شحناء وعداوة وبغضاء دنيوية لذاته، فهذا شيء يختلف، فهو بشر كسائر الناس، فيفرق بين هذا وهذا، وإن كانت المسألة من المضايق، يعني قد لا يتصور الإنسان أنه يُحكم عليه مع حبه ومع كونه مجبول على حب الدنيا ويُحكم عليه ولا يجد في نفسه حرج، وقل مثل هذا فيمن توفي له عزيز ولده مثلاً أو أمه توفيت، ونقول: عليك الرضا بالقضاء، بعض الناس لا يستوعب مثل هذا، بل إذا قيل له: لا بأس أن تبكي وتدمع عينك وترضى بالقضاء، بعض الناس ما يستوعب مثل هذا، وهناك مسائل قريبة من هذه المسألة، وهي بالفعل مضايق تحتاج إلى دقة وشفوف في النظر، والله المستعان.
في الحديث الذي بدأنا به حديث أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي)) بشر كما هو معلوم يطلق على الواحد كما هنا، ويطلق على الناس كلهم أنهم بشر، والحصر هنا ((إنما أنا بشر)) حقيقي وإلا أضافي؟ إذا قلنا: حقيقي ليس له وصف
زائد على البشرية، وإذا قلنا: إضافي له أوصاف أخرى غير البشرية، لكنه في هذا الموطن يقتصر على هذا الوصف الذي يشترك فيه مع سائر الناس في كونه -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه؛ لأنه بشر فهو حصرٌ إضافي وليس بحقيقي؛ حصرٌ إضافي لأنه له أوصاف كثيرة -عليه الصلاة والسلام-، وكونه بشر يُقصر عليه في هذا الموضع؛ لأنه لا يطلع على حقائق الأمور وبواطنها التي تخفى على البشر، إلا إن أطلعه الله -جل وعلا- عليها.
((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي)) يعني كما تختصمون إلى غيري، وإن كان -عليه الصلاة والسلام- مؤيد بالوحي إلا أنه في مثل هذا كما يحصل له من السهو في صلاته والنوم عنها كغيره، ينسى أو يُنسى ليسن، وهنا قد يحكم لغير صاحب الحق ليكون قدوة للقضاة.

(129/3)


((وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض -يعني أبلغ وأفصح- فأقضي له على نحو ما أسمع منه)) بناءاً على ما أبداه من حجة قوية، وخصمه ضعيف الحجة، لا يستطيع أن يبين عن قضيته, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فرق بين فتوى وبين قضاء، بين الفتوى والقضاء، الفتوى لا يحسن فيها الخطأ، ولا يقر عليها لو اجتهد وأفتى بخلاف الأولى، فنقول: خطأ، لا يقر عليه، بينما القضاء ليسن للقضاة الذين يلزمون بالحكم قد يقع منهم ما يدل عليه هذا الحديث، وقد يكون هذا الحديث إنما هو تشريع بالقول وإن لم يقع منه بالفعل، لكن الحديث يدل على إمكان وقوع الفعل، قد يكون الفعل لم يقع منه -عليه الصلاة والسلام- أنه حكم بالحق لغير صاحبه، لكن الحديث يدل على إمكان الفعل، ويكفي للاقتداء.
((إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن من حجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً)) لا يجوز له أن يأخذه وهو يعلم أنه ليس له.
((فإنما أقطع له قطعة من النار)) لأنه أكل أموال الناس بالباطل، ولا شك أن أكل مثل هذا أكل للنار.
القضاء في الجملة يحتاج إلى علم لا بد منه، قدر كافي من العلم، ويحتاج أيضاً إلى نباهة وفراسة، وإن كان كثيرٌ من هذه الأمور إنما يحصل بعد مزاولته، لكن يكون الشخص مؤهل لهذا الأمر، والقاضي شريح قال له ابنه: إن له خصومة مع بني فلان أريد أن أعرضها عليك، فإن كان الحق لي جئت بهم، وإن كان الحق لهم لا داعي أن أحضرهم عندك، ندفع الحق لهم، ولا نكلفهم عناء الحضور، فقال له: اعرض القضية، فعرضها، فقال: الحق لك، هاتهم، فجاء بهم إلى والده في المحكمة فقضى لهم عليه، فقال له الولد: أنا عرضت عليك المسألة من أجل ألا نكلفهم الحضور، قال: نعم لو قلتُ: إن الحق لهم قبل أن يحضروا لذهبت تصالحهم ولو على شيءٍ يسير، الآن واحد من الناس لو يُجاب له ورقة من الشرطة قال: تحضر المحكمة في يوم السبت الساعة تسعة ونصف من الصباح، وهو يعرف أنه ليس عنده شيء، يجزم جزم قطع أنه ليس لديه شيء، إنما

(129/4)


عليه أن يذهب إلى المحكمة ويحلف يمين ويخرج، لو يقال له: هات ألف ريال ولا تروح، ما يدفع؟ يدفع ألف ريال، وبعض الناس لو يقال له: هات عشرة آلاف، وبعض الناس لو يقال له: هات مائة ألف دفع ولا يروح إلى المحكمة، فولده لو قال له الأب: إن الحق لهم ذهب إليهم ليصالحهم ولو على شيء يسير، أعطونا ما نسبته كذا ونسامحكم، لا شك أن مثل هذا يحتاج إلى فطنة.
((فإنما أقطع له قطعة من النار)) فحكم القاضي لا يغير من الواقع شيئاً، ذكرنا بالأمس عن الحنفية أنهم يبحون للمحكوم له أن يأكل هذه القطعة من النار، وأن حكم القاضي وما يترتب عليه فهو حق ولو كان باطلاً، وبعضهم يفرق بين الأموال والفروج فيجعل الفروج أمرها أوسع من أمر المال، فإذا حكم له القاضي بأن هذه زوجته لا يتردد في معاشرتها، ولو كان يعلم أنها ليست بزوجة له، ولا شك أن هذه مصادمة صريحة للنص، للحديث، وهفوة وزلة عظيمة، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
هو إن أمكن الصلح كما في قصة شراج الحرة إن أمكن فهو أولى؛ ليكون الخاطر طيب من الجهتين، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه الزبير وخصمه يختصمان في الماء الذي نزل من السماء في قصة شراج الحرة، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اسقِ يا زبير ثم أرسل الماء)) فقال له الأنصاري: إن كان ابن عمتك؟ غضب فقال: إن كان ابن عمتك؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اسق يا زبير، ثم احبس الماء إلى الجدر)) يعني المسألة حكم الآن، الصلح ما عاد صار له قيمة، فيحبس الماء أكثر مما لو سقى وأرسله مباشرة، تركه يمشي على طبيعته، ويقول الزبير: احسب أن هذه الآية نزلت في هذه القصة {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [(65) سورة النساء].

(129/5)


المقصود أن الصلح خير كما قال الله -جل وعلا-، فإن قبلا الصلح فهو طيب، وإن لم يقبلا الصلح فالحكم كما في هذه القصة، قد يقول قائل: إن الصلح قد يكون فيه ضرر على صاحب الحق، وقبوله للصلح يكون أحياناً عن جهل، يعني لو ادعى زيدٌ على عمرو بأن في ذمته ألف ريال، ثم قال القاضي لما حضر عنده: لعلك تأخذ نصف الألف يكفي يا رجال بدون مشاكل وبدون خصومات، وتتطلع راضي، وأخوك أيضاً خصمك راضي، فيقبل خشية ألا يثبت له شيء، بينما لو حُكم له لحُكم له بالألف كامل، فإذا صدر هذا الصلح عن جهل صاحب الحق فهل هو أولى من الحكم، أو يبين الحكم ثم يصلح بينهم؟ إذا بين الحكم فممكن ما يتنازل عن شيء فلا يكون صلح، فالصلح قبل بيان الحكم يترتب عليه؟ أن صاحب الحق قد يتنازل عن شيء لعدم جزمه بحصوله له، لكن لو جزم أنه بيُحكم له بالألف كامل؟ يمكن ما يتنازل، الإشكال ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
فهل يُصلح بينهما قبل الحكم أو بعده؟ أو يبين له أن لك الألف في ذمتي ثابت تبي يسدد كامل، أو تتنازل عن شيء منه؟ فهو في هذه الحالة يختار، ويكون على بينة من أمره، لكن قد لا يتنازل عن شيء، فلا يكون للصلح مجال حينئذٍ، والله -جل وعلا- يقول: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [(128) سورة النساء] نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن الصلح خير، لكن بعض الناس يتنازل ظناً منه ... ، يخشى أن لا يثبت له شيء، هو لم يتنازل بطيبة نفس، إنما يتنازل رعاية لحقه ولمصلحته، يقول: نخشى أن يذهب كل الألف، ما يحصل لنا شيء،. . . . . . . . .، نقنع بالخمسمائة أفضل ممن لا يجينا شيء؛ لأنه لو حكم له أعطي الألف كامل.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يلزمه حتى تتم القضية بأجزائها.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، المظنون به أنه إذا بُيّن له الحُكم، وأن الحق له قد يتنازل عن مائة مائتين، لكن خمسمائة قد لا يوافق، نعم؟

(129/6)


الطالب: يعني لم يقدر الصلح إلا إذا ضمن القضية نفسها في صالحه، فيقول: أخذ الخمسمائة لأنها في النهاية. . . . . . . . . الحكم بالخمسمائة .... فلا يصبح هذا تنازل عن الحق؛ لأن هذا هو شاهد، لكن الصلح مبني على المسامحة ....
مبني على المسامحة، لكن أنت تدري لماذا يقنع بالنصف؟
الطالب: لأنه يتوقع لا يأتيه شيء.
ما يجي له شيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ولكن الحق بالفعل بالكامل له، يعني أنت لو جئت لشخص وقلت له: أنا في ذمتي لك مال، وأنت تعرف المبلغ، تعرفه أنه مثلاً عشرة آلاف، تقول: بيننا وبينك حساب قديم، ولا أدري كم يصير؟ لكن هذه خمسة آلاف وسامحني وسامحك، وهو لا يدري كم المبلغ، وأنت تجزم بأن المبلغ عشرة آلاف، يكفي وإلا ما يكفي؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، والقاضي إذا كان يعرف أن الحق له يحكم له.
طالب:. . . . . . . . .
إيه كون غالبهم إحنا نريد أن نجلي القضية، القضية في الطرفين فيها شيء، يعني لو تجئ مثلاً لشخص وتقول له: أنا أعترف أن بيننا وبينك حساب قديم، ولا أدري كم، أو يحتاج إلى حساب، ويحتاج إلى إعادة نظر، ثم بعد ذلك نتفق، لكن الآن أعطيك لا تتعبنا ولا نتعبك هذه خمسة آلاف والله يوفقك، وهو يعرف أنها عشرة.
الطالب: الآخر يعلم أن له عشرة؟
لا ما يعلم.
الطالب: المدعي يعلم أن لي عشرة.
لكن بس ما يعلم أنه بيكسب القضية.
الطالب: أنا المدعي أعلم أن لي عشرة، لكن المدعى عليه يعلم أن له عشرة؟
في مسألة القضاء؟
الطالب: لا، .... جئت أطالبه، قلت له: ابن الحلال أنا أطلبك عشرة آلاف، هو قال: بيننا حساب قديم، لا أدري؟
لا هذا المدين جاء ابتداءً وذاك ما يدري.
طالب: الدائن.
لا المدين، قال له: أنا بيني وبينك حساب قديم، وصعب أني أحسبه، وأوراقي ضاعت وفواتيري، ما أدري وين هي؟ وهو يدري أنها عشرة، لكن هذه خمسة وتصلح.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن ويش الفرق بينها وبين القضية الذي يعلم أن هذا له عشرة آلاف ويصلحهم على خمسة؟ قبل الحكم لأنه قبل الحكم يخشى أن يضيع عليه ....
الطالب: ضع وتعجل.
ما في تعجل الآن يسجن أو يطلعها.

(129/7)


الطالب: يسجن أو يطلعها هذا هو، يحكم عليه؛ لأنه الآن يقول: أنا ضايع حقي ضايع لي سنيين أعطه الخمسة والعوض على الله.
ما هو بهذا، كلهم مستعدين يدفعون، لكنه في مجلس القضاء يخشى صاحب الدين العشرة أن يُحكم عليه، أن تكون بينته غير مقبولة عند القاضي فيضيع ماله كله، يقول: نقبل الخمسة، وهو يجزم يقيناً أنها عشرة، فيفدي بعض المال ببعضه.
الطالب: ما دام في مجلس القضاء ويش يسوي؟ لكن أنا أقصد قبل.
طيب إذا كان القاضي يعرف أن هذا كسبان القضية مائة بالمائة وهي عشرة آلاف ويجعلها خمسة صلح؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طرف ثالث، لو واحد توسط بينهم بين الاثنين الأولين، وقال: أنا أعرف أن بذمتك لفلان عشرة يقول: ويش رأيك لو يعطيك خمسة؟ وراح وقال له: بينكم حسابٌ قديم أنت وفلان وضايق صدره وده يسدد، ولا يدري .... والفواتير مثلما تشوف طال الزمان بهن، وحفظهن صعب، ويش رأيك لو تقبل الخمسة وتحلله؟
طالب:. . . . . . . . .
القاضي يعلم.
طالب:. . . . . . . . .
والله الفرق بينهما ضعيف عندي أنا، الفرق كون القاضي أصلح بينهم لأنه يخشى أن يضيع ماله فتنازل عن نصفه هذه مشكلة بعد؛ لأن الخصم ما تنازل عن النصف إلا خشية أن يضيع الحق كاملاً, أنا أقول: عرض الصلح طيب، والصلح خير على كل حال، لكن له أن يبدأ بالشيء الذي لا يضر بصاحب الحق، يعني يقول: ويش رأيك تدفع تسعمائة ويتنازل لك عن مائة؟ وقال: لا أبداً، ما رأيك ننزل عنه شوي بعد؟
طالب:. . . . . . . . .
ويبدأ بالأقل؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نختلف أن الصلح خير، والحكم الذي ينتهي بصلح يرضي جميع الأطراف، لكن بعض الناس قد يُصالح مثل قضية شريح التي بدأنا بها، قد يصالح وهو ما في قضيته أدنى إشكال، كاسب القضية مائة بالمائة، ويصالح على الأدنى حافظاً على الأعلى، فلا بد من العناية بمثل هذا، القاضي إذا كانت القضية ما تحتمل فيعرض عليه، يقول له: ويش رأيك تتنازل عن مبلغ يسير وتأخذ البقية؟ فإن لم يقبل الثاني حكم عليه بما لا يضر بصاحب الدين، بما لا يضر بصاحب الحق.

(129/8)


قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلم ويهودي، فرأى عمر أن الحق لليهودي فقضى له" {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(8) سورة المائدة] فبغضهم لا يعني أننا نظلمهم، وفي خبر ابن رواحة في قسم خيبر وما ينتج منها، قال: إنكم أبغض الناس إلي، وما ذاك بحاملي على ظلمكم، فيقسم ثم يخيرهم، ولهذا اعترف اليهود بأن هذا العدل الذي قامت به السموات والأرض.
"فقضى له، فقال له اليهودي: والله لقد قضيت بالحق، فضربه عمر بالدرة" الدرة هذه يستعملها عمر -رضي الله عنه- للمخالفات، فكان يضرب بها من يتنفّل بعد العصر، ويضرب بها كل مخالف، فهي معه باستمرار، لماذا هدده عمر أو ضربه عمر بالدرة؟
الطالب: تعجب في قوله، ليش أنت مستغرب؟ هل رأيت جوراً من قبل حتى ... ؟
ألا يوحي قوله أنه قال له هذا الكلام بعد أن قضى له والمفهوم أنه لو قضى عليه لم يرض؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني اتهم عمر بالميل إلى المسلم، فلما قضى له قال: والله لقد قضيت بالحق "فضربه عمر -رضي الله عنه- بالدرة، وقال له: وما يدريك؟ فقال اليهودي: إنا نجد أنه ليس قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ويوفقانه ما دام على الحق ومع الحق، فإذا ترك الحق عرجا وتركاه" وأيضاً ما دمت تعلم أن عمر على الحق، فلماذا لا تسلم؟ لأنه اقتنع بالحجة، الحجة بلغته، وهو بهذا يكون قد اقتنع.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها بمحضر عمر -رضي الله عنه-.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
مصدره كتبهم، يعني إذا كان أنت قصدك أن القاضي الذي يحكم بالحق يسددانه يحتاج إلى توقيف أيضاً، على كل حال هذا بمحضر عمر -رضي الله عنه- وأقره، نعم.
أحسن الله إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الشهادات

(129/9)


حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يُسألها)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- رجل من أهل العراق، فقال: لقد جئتك لأمرٍ ما له رأس ولا ذنب، فقال عمر -رضي الله عنه-: ما هو؟ قال: شهادات الزور ظهرت بأرضنا، فقال عمر -رضي الله عنه-: أو قد كان ذلك؟! فقال: نعم، فقال عمر: والله لا يأسر رجل في الإسلام بغير العدول.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لا تجوز شهادة خصمٍ ولا ضنين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الشهادات

(129/10)


قال -رحمه الله-: "حدثنا يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري" صوابه عبد الرحمن بن أبي عمرة "عن زيد بن خالدٍ الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ )) كأنهم قالوا: نعم، يعني أخبرنا، قال: ((الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يُسألها)) يعني الآن لو أدلى شخص بشهادته عند القاضي قبل أن يُسألها تُقبل وإلا ما تُقبل؟ حضر عند القاضي وشهد قبل أن تُطلب منه الشهادة؛ لأنه جاء ذم يعني في أخر الزمان ((ثم يأتي قوم تسبق أحدهم يمينه شهادته، أو شهادته يمينه)) وجاء أيضاً ذم الذين يشهدون قبل أن يُستشهدون، وهنا مدحهم، ولا شك أنها أحوال، فمن خاف من ضياع الحق إذا لم يشهد ينطبق عليه الحديث، يعني لو لم يدلِ بشهادته قبل أن يُسأل لضاع الحق، فمثل هذا يأتي بشهادته قبل أن يُسأل ويكون من خير الشهداء، وإذا كان الحق قائماً بدون شهادته، ولا يُخشى من ضياعه، وصاحب الحق يعرف أن لديه شهادة، عنده شهادة فمثل هذا يذم لو أدلى بالشهادة قبل طلبها، والحديث منزل فيما إذا خفي أمر هذا الشاهد على صاحب الحق، بحيث لو قيل له: أحضر بينة قال: ليس ما عندي بينة، وفي الحقيقة له بينة، العقد تم بمحضر من الناس، وعندهم استعداد أنهم لو طلبوا لشهدوا، فمثل هذا لو خُشي من ضياع الحق يشهدون ولو لم يُسألوا الشهادة، وعليه يتنزل حديث الباب، أما إذا كان الحق مضبوطاًَ لا يُخشى من ضياعه، وصاحب الحق يعرف أن هذا الشخص عنده شهادة فمثل هذا ينتظر حتى تُطلب منه الشهادة.

(129/11)


قال: "وحدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجلٌ من أهل العراق، فقال: لقد جئتك لأمرٍ ماله رأس ولا ذنب" يعني أمر ما ينتهي لا أول له ولا آخر، ويخشى أن يستفحل فتضيع الحقوق "فقال عمر: ما هو؟ قال: شهادات الزور" شهادة الزور من الموبقات، من السبع ((ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور)) فما زال يكررها -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن شهادة الزور شأنها عظيم، يترتب عليها إضاعة الحقوق، وأكل أموال الناس بواسطة هذه الشهادة، فشأنها عظيم، وجاء التحذير منها، يقول: "شهادات الزور ظهرت بأرضنا" يعني بالعراق "فقال عمر: أو قد كان ذلك؟! " يعني كثُر وظهر بأرضكم شهادة الزور؟! "قال: نعم، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: والله لا يأسر رجل في الإسلام بغير العدول" يعني لا يُحبس، ويلزم بالسداد إلا بشهادة العدول، إما من الصحابة، أو ممن عرف بالعدالة ممن بعدهم، إما الشهادة تقبل من أي شخص يأتي بها فلا، لا بد من تحقق شرط الشهادة {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] لا بد من التثبت، ولا يجوز أن يُقضى لأحدٍ بمقتضى هذه الشهادة، ولا يُحبس ولا يُأسر بمجرد هذه الشهادة، بل لا بد أن يكون هذا الشاهد عدلاً، نعم؟
الطالب: يعني أحياناً شخص يريد أن يبيع على شخص فلا يجد ولا أحد يشهد معه، فيبحثون، فهذا يقول: أنا أشهد معك وأنا أشهد معك ....
يعني مثل ما يوجد في المحكمة غالباً.
الطالب: في أراضي أو بيت ....
يصير عقد، ويحتاجون إلى شهود، أو في الأحوال مثلاً ويطلع بطاقة وإلا شيء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الكلام، لكن مع الحضور أيضاً على الشاهد إلا يسترسل، لا بد أن يتثبت، ويكون معروفين لديه؛ لأن الأمور تغيرت، وهناك عقود لها ظهر وبطن، نعم يتفقون على شيء في الخفية، ويعلنون شيئاً أخر، هذا موجود بكثرة، على الإنسان أن يحتاط لمثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا يجوز أخذ المقابل عليها، يُتهم إذا أخذ مقابل.
طالب:. . . . . . . . .

(129/12)


لكن هل تجزم بأن هذا هو هذا؟ يعني الناس يدققون في البطاقات، والأشباه كثيرة، والبطاقة إذا مضى عليها سنين تغيرت الصورة عن الواقع، فالمعرفة لا بد منها، لا بد من التثبت، أما الاسترسال الموجود تجيب أي شخص من الشارع يشهد لك.
طالب:. . . . . . . . .
مهما كان، هو مجهول أيضاً، أنت تعرف عدالته؟
طالب:. . . . . . . . .
تيسر على الناس لكن أنت اشتريت أرض بمليون ريال من شخص تجيب أدنى واحد من الشارع يشهد لك هل هو عدل وإلا غير عدل؟ لأن عدالة الظاهر ما تكفي، أنت لا بد أن تحتاط لنفسك، وهو أيضاً لا بد أن يحتاط لنفسه؛ لأن الأمر ليس بالسهل، فيُحتاط للطرفين، يُحتاط لصاحب الحق لئلا يضيع حقه هدراً، يؤتى بهذا الشاهد ثم يُقدح فيه، يعني هل استقرى حاله وعرف أنه ممن تبرأ الذمة بقبول شهادته؟ لو عند التخاصم مثلاً قيل: والله فلان يشهد، هاتوا فلان، بُحث عنه ما يدرى أين هو؟ لأنه ما يعرفه خطر عليه وغريب مر بالبلد مر، ولا يُدرى وين هو؟
الطالب: بالبطاقة؟
البطاقة يا رجال عاد تبي تعرفك أين مكانه إذا أردته وإذا احتجته؟!
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(129/13)


طيب إذا أردت أن تبحث عن عدالته، وهذا طلع من المحكمة ثم صدم ومات، وأردت أن تبحث عن عدالته، تجد أحد يخبرك أنه عدل وإلا لا؟ لا بد من الاحتياط للحقوق من الطرفين، هذا يحتاط لنفسه بمعنى أن يكون على معرفة بالبائع والمشتري؛ لأنه وجد الآن عقود كثيرة لها ظهر وبطن، ويعرف أن هاذولا من الوضوح بحيث يثق من كلامهم، ويعرف عدالتهم أنهم ما يجرون عقود على غير ظاهرها؛ لأن هذا وجد، تجد بينهم اتفاقية في الخفاء، متفقين على شيء، وتفرغ الأرض باسم واحد منهم، وأنت تشهد أن هذا باع، ثم في النهاية تطلع هذه الورقة، أنت ما عليك إلا الظاهر صحيح، لكن إذا وجد مثل هذا الإشكال، وأنت لا تعرفهم، وهم لا يعرفون عدالتك، لو بحثوا عن عدالتك الباطنة وبحثوا عن مزكين ما وجدوا، المزكين أهل جماعة مسجدك تجيب واحدٍ منهم قال: ما يطب إلى المسجد في الفجر، ويش تقول؟ يضيع الحق بهذه الطريقة؟! فالتساهل في الشهادة حقيقة يوقع في إشكالات كثيرة، نعم القضاة الآن يتساهلون في تطبيق الشروط، بناءاً على أن الزمان يعني الغالب فيه هذه النوعية، لكن يبقى أنه إذا تساهلنا بالشروط ضاعت الحقوق.
في شخص في الثمانين من عمره ولا يسمع، وجاء وقال: هل لي من توبة؟ قلت: ويش السبب؟ قال: إني صرت شهدت قبل خمسين سنة لواحد أنه باع أرضه على فلان وهو ما باع، معطين له رشوة، قلت: ويوم أثبتت شهادتك عند القاضي هذا شكلك؟ قال: والله هذا شكلي ملتحي، وظاهر من الإخوان، قلت: ما تبرأ ذمتك حتى تخبر بالواقع، تروح نفس المحكمة، وتذهب إلى صاحب الحق الذي شهدت له، وتذهبان إلى المحكمة، وتنقض شهادتك، شهد أنه باع أرضه على فلان وهو ما باع، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد، الجهالة مشكلة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وأُفرغت خلاص وانتهت، شهدوا أن الأرض ملكه بشهادة فلان وفلان.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
شهد أن الأرض لك وأفرغت باسمك.
الطالب: والبائع موجود؟
لا أصلها ورقة عادية وقعوا عليها وراحوا بها للقاضي وراح معهم هذا، أفرغت باسمه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: راعي الأرض موجود؟
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أيهم؟
طالب:. . . . . . . . .

(129/14)


الأصل ما هو موجودة أو موجودة، المهم أنها أُفرغت باسم المشتري بشهادة الشهود، لا شك أن الجهالة قادح، والشاهد في هذه الحالة مجهول، مجهول الشاهد، ولو كان ظاهره الصلاح؛ لأن الخبرة الباطنة لا بد منها، وهي التي في مسائل القضاء أشد منها في باب الرواية، التي يحتاج فيها للمزكين، والجهالة قدح، ولو كان ظاهره الصلاح، لا سيما إذا كثر التساهل في مثل عصرنا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العدالة معروفة، لا بد من العدالة، الملكة التي تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، لا بد أن يكون تقياً يفعل الواجبات، ويجتنب المحرمات.
طالب:. . . . . . . . .
في نفس المجتمع القاضي يطبقها على نفس المجتمع، تغير مع الزمان والمكان والقاضي يطبقها.
طالب:. . . . . . . . .
معروف لا يرتكب كبيرة ولا يترك واجب هذا العدل، على كل حال كل ما كثُرت المعاصي، وكثر الفساد في الناس يُتسامح في بعض الشروط، لكن يبقى أن الأصل أنه لا بد أن يكون عدلاً، وإن كان فاسقاً يتثبت من خبره.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن الجهالة يترتب عليها أشياء حتى جهالة الشاهد هذا.
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
بحيث هذه المعرفة يطمئن إلى أن ما قاله صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
كذلك المعرفة لا بد من خبرة باطنة به.
طالب:. . . . . . . . .
بالشاهد لأنه إذا لم يكون على معرفة به، والقاضي لا يعرفه هذه جهالة، والجاهل مقدوحٌ فيه.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كثُر التحايل في الناس في هذا الباب لا بد أن يتعرف، يعني إذا كثر حصل قضايا كثيرة أنه أُدخل رجل على غير زوجته بشهادة فلان وفلان، لا بد أن يتعرف، وإلا متى نصل إلى حقيقة؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسألة مسألة طمأنينة قلب، وهذه عند الحنفية مرتبة بين التواتر والآحاد، إذا كان خبرهم يفيد الطمأنينة في القلب وراحة، وهذه أمور نسبية كما هو معروف، لكن المسألة مبنية على ما إذا ظهر في الناس وكثُر لا بد من التأكد والاحتياط، إذا كانت أمور المسلمين ماشية على الستر، ولو وجد إشكالات ولا مخالفات يمشون على ما هم ماشين عليه.

(129/15)


"فقال عمر: أو قد كان ذلك؟! قال: نعم، فقال عمر: والله لا يُأسر رجلٌ في الإسلام بغير عدول" ويقصد بذلك الصحابة -رضوان الله عليهم-، أو ممن جاء بعدهم ممن ظهرت عليه العدالة.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: لا تجوز شهادة خصمٍ ولا ضنين" لا تجوز شهادة خصم؛ لأن في نفسه على خصمه شيء، وهذا الشيء يحمله على قول الباطل، أو إخفاء الحق، فالخصومة لا شك أنها تولد في النفس شيء من الشحناء والبغضاء التي تحمل صحابها على كتمان الحق، أو قول الباطل.
"ولا ضنين" يعني متهم، وهذان وهما الخصومة والاتهام ذُكرا مع غيرهما بالتفصيل في كتاب عمر -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، وهو كتابٌ عظيم على كل طالب علم أن يقرأه مع شرحه لابن القيم، ونصف إعلام الموقعين أو أكثر شرح لهذا الكتاب، كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في القضاء لأبي موسى الأشعري، فيه قواعد على القضاة أن يُراجعوها.
طالب:. . . . . . . . .
الخصم ما تقبل شهادته على خصمه؛ لوجود إيش يسمونه؟ أقول: هذه الشحناء التي بينهم التي صارت أثراً لهذه الخصومة لا شك أن لها أثر على النفوس، الآن الخصم شاهد لخصمه أو عليه، فإن شهد لخصمه قُبلت إذا كان عدلاً، وإن شهد عليه لم تُقبل، مثل شهادة الفرع والأصل، يعني شهد على أبيه تُقبل شهادته، شهد لأبيه لا تُقبل شهادته، لأنه متهم، نعم.
أحسن الله إليك

باب: القضاء في شهادة المحدود
قال يحيى عن مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار وغيره أنهم سئلوا عن رجلٍ جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقال: نعم إذا ظهرت منه التوبة ...
قالوا.
أحسن الله إليك
فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة.
وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يُسأل عن ذلك فقال مثل ما قال سليمان بن يسار.

(129/16)


قال مالك: وذلك الأمر عندنا، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(4 - 5) سورة النور].
قال مالك: فالأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يُجلد الحد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في شهادة المحدود
المحدود من أُقيم عليه الحد، والترجمة تشمل الحدود كلها من أُقيم عليه حد الزنا بالجلد، حد القذف، حد الشُرب، حد السرقة بالقطع، المقصود أنه أقيم عليه حد من الحدود المفروضة لارتكابه ما يوجب الحد.
"قال يحيى عن مالكٍ أنه بلغه أن سليمان بن يسار وغيره" يعني من الفقهاء فقهاء المدينة "أنهم سئلوا عن رجل جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة" لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، والحدود كفارات لمن حُد، وهي أيضاً مع التوبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها، هذا في الجملة، يعني في العموم، لكن ماذا عمن حُد حد القذف، والله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(4) سورة النور].
قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يُسأل عن ذلك فقال مثل ما قال سليمان بن يسار" يعني هو من الفقهاء الذين سئلوا في هذه المسألة وقرروا أن المحدود إذا تاب وصحت توبته، وحسنت توبته فإنه تُقبل شهادته.

(129/17)


"قال مالك: وذلك الأمر عندنا" يعني كما قالوا "وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] حد القذف {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} هذا حكم ثاني، فيجلدوا ثمانين جلدة، ولا تُقبل شهادتهم أبداً، لا بد من مراعاة هذا القيد {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فالقاذف يترتب على قذفه ثلاثة أمور: يُجلد ثمانين جلدة، ولا تُقبل شهادته أبداً، ويُحكم عليهم بالفسق، ثم بعد ذلك يأتي الاستثناء {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(5) سورة النور] فهل هذا الاستثناء يعود على الأحكام الثلاثة أو على الأخير فقط؟ محل خلاف بين أهل العلم، مع اتفاقهم على أنه لا يعود إلى الجلد بحيث لو قذف وطالب المقذوف فإنه يجلد ثمانين جلدة ولو تاب، فالتوبة لا ترفع الحد اتفاقاً، كما أن التوبة ترفع وصف الفسق اتفاقاً، ويبقى الحكم الثاني {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} يعني رد الشهادة مع التأبيد هل يرتفع بالتوبة أو لا يرتفع؟ هذا محل الخلاف، ومنشأ الخلاف في الاستثناء أو الوصف أو القيد المؤثر إذا تعقب جملاً أو أحكاماً هل يعود إلى الجميع أو يعود إلى الأخير منها؟ هذا محل خلاف، وعرفنا فيما عندنا أنه تعقب هذا الاستثناء ثلاثة أحكام: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] وهذا لا يرتفع بالتوبة اتفاقاً، {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} الحكم الثالث يرتفع الوصف بالفسق، يبقى {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} ظاهر كلام الإمام مالك أنه تُقبل شهادته مع اقتران نفيها بالتأبيد {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} فتُقبل شهادته عند مالك وعند من سبقه من الفقهاء، كما هو ظاهر كلامهم؛ لأن التوبة هدمت الوصف بالفسق اتفاقاً، والوصف بالفسق هو السبب في عدم قبول الشهادة، فإذا ارتفع الوصف ثبت مكانه ضده وهو العدالة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(129/18)


فتُقبل الشهادة على هذا، لكن ماذا عن التأبيد؟ وهل الفسق والعدالة ضدان أو نقيضان؟ العدالة والفسق ضدان أو نقيضان؟ لأنه إذا قلنا: إذا ارتفع الفسق ثبت العدالة إذاً هما نقيضان، وإذا قلنا: إنه يرتفع الفسق ولا تثبت العدالة فيكونان ضدان، وإذا نظرنا في كلام أهل العلم في الجرح والتعديل وجدناهم يجعلون المراتب ثلاث: تعديل وتجريح وجهالة، فالجهالة بين التعديل والتجريح، فهل يرتفع وصف الفسق ولا يثبت له وصف العدالة أو لا بد من أن يحل محله وصف العدالة؟ يعني مقتضى جعلهم الجهالة في مراتب التجريح أنه لا واسطة بين العدالة وضدها، بين التعديل والتجريح، فالمجهول يجعلونه في مراتب التجريح، فلا واسطة إما عدل وإما مجروح، لا واسطة بينهم، وهذا ظاهر صنيع العلماء في ترتيبهم مراتب وألفاظ الجرح والتعديل، واضح وإلا ما هو بواضح؟ لكن كلام الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها: "ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحاً أو جهالة" فجعل الجهالة قسيم للتعديل والتجريح وليست بقسم من التجريح، ولهذا فقد يرتفع الوصف بالعدالة ولا يثبت الفسق، وقد يرتفع الوصف بالفسق ولا تثبت العدالة، كأن يكون مجهولاً مثلاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود جهالة الحال، العين معروفة، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [(5) سورة النور].
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أنه تاب من بعد ذلك وأصلح يرتفع عدم قبول شهادته والله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور]؟ نحن رفعنا الوصف بالفسق، لكن هل نثبت له العدالة أو نقول: إنه يبقى ليس بفاسق ولا عدل في مرتبة بينهما فلا تُقبل شهادته على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .

(129/19)


أبداً، الله -جل وعلا- يقول: {أَبَدًا} هذا قول, ولا يخفى علينا أن المسألة خلافية بين أهل العلم، المسألة أجمعوا على أنه لو تاب وأصلح استثنى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [(5) سورة النور] فإنه لا يرتفع عنه الجهل إجماعاً؛ لأنه حق مخلوق، {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] هذا محل الخلاف بين أهل العلم لاقترانها بالتأبيد، وكون الاستثناء لم يرجع إلى الجمل كلها، فالمسألة مثل ما ذكرنا هل يرتفع الوصف فيحل محله العدالة؟ الفسق إذا ارتفع وحلت محله العدالة أو يبقى بين المرتبتين وحينئذٍ لا تُقبل شهادته؟ فمقتضى جعل أهل العلم الجهالة في حيز التجريح نقول: لا واسطة، وكلام ابن حجر نعم؟
طالب: جعله قسيم.
جعله قسيم.
أبو حاتم الرازي في كثير من الرواة سئل عنهم فقال: مجهول أي لا أعرفه، هل يقتضي هذا القدح فيه؟ لا يقتضي القدح فيه، مجهول أي لا أعرفه، فينظر في أقوال غيره من الأئمة، ولا أثر لقوله حينئذٍ، لا أثر لقوله، ولو قال: مجهول وسكت قلنا: إنه مثل غيره من الأئمة تُجعل مجهول في ألفاظ الجرح ويُبحث عنها في ألفاظ الجرح، فحينئذٍ يكون قادحاً.
طالب:. . . . . . . . .
ظهر منه الصلاح تُقبل شهادته أو لا تُقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا أنا لما جئت بالجهالة، شوف يا أخي أنا ما جبت لهذا أنه بيستمر مجهول، ما يلزم أنه بيستمر مجهول، أنا أريد أن أُقرر هل من لازم ارتفاع الوصف بالفسق حلول العدالة محله؟ ما يلزم؛ لأن الجهالة قسيم للفسق والعدالة للتعديل والتجريح قسيم، يرتفع العدالة ولا يكون فاسقاً، ويرتفع الفسق ولا يكون عدلاً.
طالب:. . . . . . . . .

(129/20)


إيه هذا قول من يقول بأنه لا تُقبل شهادته أبداً لاقترانها بالتأبيد ولو تاب وأصلح، والاستثناء إنما رجع إلى الأخير فقط، هذا مقتضى قول من يقول: إنه لا يتناول الجملة الأخيرة، والمقرر عند أهل العلم أن القرائن هي التي تحكم؛ لأنه جاء ما يدل على القول الأول، وجاء ما يدل على القول الثاني من الأدلة، فالقرائن هي التي تحكم بأدلة أخرى، فالأدلة الأخرى دلت على أن حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، فالجلد لا بد منه، القرائن دلت على هذا، لكن هل دلت على أن شهادته تُقبل؟ لا سيما وأن رد الشهادة مرتبط بوصف وهو الفسق وقد ارتفع الذي؟ الذي يوجب التوقف في قبول الشهادة {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] الفاسق معناه أن غير الفاسق لا يتوقف في خبره، وقد ارتفع وصف الفسق من هنا، وهذا يقوي قبول الشهادة.
"قال مالك: فالأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا الذي يُجلد حد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
وماذا عن قوله -جل وعلا- {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} [(7) سورة الجمعة] ثم قال: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف]؟ ما معنى هذا التأبيد؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
والاستثناء في {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [(107) سورة هود]؟
طالب:. . . . . . . . .
يا إخوان المسألة لا تنتهي، أنت افترض المسألة في شخصٍ جُلد حد القذف، وهو صادق في حقيقة الأمر، ثلاثة رأوا شخص يزني بامرأة، يزني بحيث لو طلقوا أن فلاناً زنى بفلانة ما وقع الطلاق؛ لأنهم رأوه بأم أعينهم، لكن ما تم النصاب فجلدوا، ماذا عن حقيقة أمرهم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم حكم شرعي، ويستمر إن الأحكام الثلاثة لا بد منها.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما يخفف، يجلدون.
طالب:. . . . . . . . .
وش معنى الاستثناء أجل {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النور]؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم يا أخي، هذا محل خلاف، أنت تستدل بما هو محل خلاف.
طالب:. . . . . . . . .

(129/21)


سبحان الله، يعني محل الخلاف نلزم بقول واحد دون الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف، لكن قبول الشهادة ما يتناولها الاستثناء؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نستدل بالخلاف على ترجيح أحد قولي المخالفين، هذا هو محل الخلاف الذي تذكره أنت، هذه حجة أحد الأطراف نحتج بها على الطرف الثاني؟ ما يصلح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الاحتجاج إذا أردت أن تحتج بشيء ائتِ بما يُتفق عليه بين الطرفين ....

(129/22)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (3)
باب: القضاء باليمين مع الشاهد

عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: هل تصح الشفعة عن غائب؟
الغائب ينتظر بها، وإن وكّل من يقوم مقامه صار حكمه حكمه، والصغير وليه يقوم مقامه، كذلك المعتوه ونحوهم وليهم يقوم مقامهم، وليهم في المال يُشفّع عنهم.
يقول: هل للقاضي أن يحكم بخلاف الحق، وقد اطلع على الحقيقة بنفسه وعاينها، ولكن ليس للقضية شاهد إلا هذا القاضي، فكيف يكون القضاء في هذه الحالة؟
المقرر عند أهل العلم أن القاضي لا يحكم بعلمه، ولو اطلع على حقيقتها، فإنما يحكم بالوسائل المشروعة بالشاهدين أو اليمين، لكن إذا عرف حقيقة الأمر وعرف أن الحق مع هذا الشخص الذي لا بينة له، لا يمنع أن يُشير على الطرف الثاني، ويبين له أنه عالم بالقضية، ويحذره من اليمين الغموس التي يقتطع بها حق امرئ مسلم، لكن إن أصروا ليس له إلا الوسيلة الشرعية، لكن إذا علم يسلك مثل هذه المسالك، لكن ليس له أن يحكم بعلمه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الحاكم لا يحكم بعلمه أبداً، الإمام له أن يعزر أما الحد بالإقرار أو بالبينة.
يقول: توفي رجل عن أم وزوجة وبنت وأخوين شقيقين وأخت شقيقة، فهل ترث الأخت الشقيقة؟
أولاً: الأم لها السدس، والزوجة لها الثمن، والبنت لها النصف، سدس وثمن ونصف، أم وزوجة وبنت.
طالب:. . . . . . . . .
أقل من ... ، الذي يبقى للأخوين الشقيقين مع أختهم يعصبونها، الذي يبقى لهم جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين، يكون من خمسة سهام لكل واحد من الأخوين سهمان، وللأخت الشقيقة سهم من الباقي، فهم يعصبانها.
يقول: ما حكم التراخي في تنفيذ القضاء؟ وهل هو على الفور؟
إذا كانت المصلحة تقتضي التراخي، تكون هناك مصلحة ...
طالب:. . . . . . . . .
كم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ستة من أربعة وعشرين الربع.
طالب: الأم أربعة والزوجة ثلاثة ...
الثمن ثلاثة الزوجة، والأم السدس أربعة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .

(130/1)


خمسة، كل واحد له سهم، جزء من أربعة وعشرين جزء.
أقول: إذا ترتب على تأخير الحكم والتنفيذ تنفيذ الحكم مصلحة فيؤخر، بأن تكون المرأة مثلاً حامل تؤجل حتى تضع، الولد بحاجة إلى الرضاع تؤجل، القاتل لا ينفذ فيه الحكم حتى يبلغ ورثة المقتول الرشد وهكذا، إذا ترتب عليه مصلحة وإلا فالأصل أن مثل هذا يُعجل.
يقول: حينما نقرأ في بعض الكتاب عن شروط القاضي نجد العجب العُجاب مما لا نراه في بعض القضاة فهل من باب أولى أن يتساهل في الشاهد كما نتساهل في وضع وتعيين القاضي؟
على كل حال الأمور تختلف من وقتٍ إلى وقت، ولا شك أن الإنسان ابن بيئته، إذا كان لا يوجد من تنطبق عليه الشروط بالكُلية لا تُضيع الحقوق، لكن يلتمس أقرب الناس إلى هذا المنصب، سواء كان القضاء نفسه أو الشهادة فيه.
طالب:. . . . . . . . .
الشهادة إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما يكفي، لا لا قد يتخرج وهو لا يفهم شيء، لا لابد من صلاحيته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما يصير مدخل، ما يكلف الإمام أن يبحث عن أناس ليسوا موجودين على وجه الأرض، من أين يجيب؟ وفي الجملة السنة الإلهية تكون الأمور كلها متقاربة، تبي قاضي مثل إياس ومثل شريح في عصرنا الذي نعيشه، علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما قيل له: لماذا ثار الناس عليك ولم يثوروا على أبي بكر ولا عمر؟ قال: كان أبو بكر وعمر واليين على مثلي، وأنا والي على مثلك، إلى الله المشتكي، ما في فائدة، من أين يجيب؟ ما هي مصانع يقال: والله مواصفات ومقاييس وطلعوا لنا مثل هذا، ما تجي، فالعوام يقولون: زكاة الغنم منها، هذا له أصل شرعي، يعني إنه ما يكلف، ويقول العوام: مطوع الحنشل منهم، من أين يجيبون إمام؟ تعرفون الحنشل وش هم؟ قُطاع الطريق، منهم، من أين يجيبون إمام؟ خيارهم جاين معهم على شان يصلون بهم.

(130/2)


يقول: ما الأفضل بالنسبة للمؤمن أن يُهاجر في سبيل الله لتحصيل العلم مع وجود الآلية المساعدة على ذلك، أو البقاء مع الوالدين وبرهما مع وجود الفتن في بلدي وغياب العالم والرفيق، علماً أن الوالدين غير محتاجين له مادياً، وأما معنوياً فهناك أولاد أخر معهم قريبون منهم، أفتونا في هذه المسألة، فقد حيرتني من جانب أني أريد الأفضل لديني، ولا أريد الإثم في حق والدي؟
عليك أن تستأذن من والديك، وترضهما، وتبين لهما فضل العلم الشرعي، وأنك بحاجة إليه والأمة بحاجة إليك إذا صرت من أهل العلم، فإذا أذنا لك فهاجر إلى طلب العلم، وإن لم يأذنا فعليك ببرهما وألزمهما، ومع ذلك لا تحرم نفسك من المطالعة مطالعة الكُتب وسماع الأشرطة وسماع الدروس من خلال الآلات مما يقوم مقام الحضور.
يقول: أخي يعاني من مرض ألم به أكثر من ثلاثين سنة، وهو إفراز العرق الشديد، وقد استشار الأطباء هنا في -يقول- في اليمن، فأشاروا عليه بالذهاب إلى مصر، وهناك يوجد طبيب مختص بهذه الأمور إلا أن الطبيب طلب من أخي عبر الإيميل مبلغ ألفين دولار، فأرجو أن تعرض أمري ... ؟
هذا يحتاج إلى إعانة، أحد عنده شيء؟ يحتاج إلى من يعينه من أهل الخير والبذل والإحسان.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء باليمين مع الشاهد
قال يحيى: قال مالك: عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد.
وعن مالك عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عاملٌ على الكوفة أن اقضي باليمين مع الشاهد.
وحدثني مالك أنه بلغه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار سُئلا هل يقضى باليمين مع الشاهد؟ فقالا: نعم.

(130/3)


قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أُحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه.
قال مالك: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاحٍ، ولا في طلاق، ولا في عتاقة، ولا في سرقة، ولا في فرية، فإن قال قائل: فإن العتاق من الأموال فقد أخطأ ليس ذلك على ما قاله، ولو كان كذلك على ما قال لحلف العبد مع شاهده إذا جاء بشاهد أن سيده اعتقه، وأن العبد إذا جاء بشاهد على مالٍ من الأموال ادعاه وحلف مع شاهده واستحق حقه كما يحلف الحر.
قال مالك: فالسنة عندنا أن العبد إذا جاء بشاهد على عتاقته استحلف سيده ما اعتقه، وبطل ذلك عنه.
قال مالك: وكذلك السنة عندنا أيضاً في الطلاق إذا جاءت المرأة بشاهد أن زوجها طلقها أُحلف زوجها ما طلقها، فإذا حلف لم يقع عليه الطلاق.
قال مالك: فسنة الطلاق والعتاقة في الشاهد الواحد واحدة، إنما يكون اليمين على زوج المرأة، وعلى سيد العبد، وإنما العتاقة حد من الحدود لا تجوز فيها شهادة النساء؛ لأنه إذا عتق العبد ثبتت حرمته، ووقعت له الحدود، ووقعت عليه وإن زنى وقد أُحصن رُجم، وإن قتل العبد قُتل به، وثبت له الميراث بينه وبين من يوارثه، فإن احتج محتجٌ فقال: لو أن رجٌل اعتق عبده وجاء رجل يطلب سيد العبد بدين له عليه فشهد له على حقه ذلك رجل وامرأتان فإن ذلك يُثبت الحق على سيد العبد حتى تُرد به عتاقته إذا لم يكن لسيد العبد مالٌ غير العبد يريد أن يُجير بذلك شهادة النساء في العتاق فإن ذلك ليس على ما قال، وإنما مثل ذلك الرجل يعتق عبده ثم يأتي طالب الحق على سيده بشاهدٍ واحد فيحلف مع شاهده، ثم يستحق حقه، وتُرد بذلك عتاقة العبد، أو يأتي الرجل قد كانت بينه وبين سيد العبد مخالطة وملابسة فيزعم أن له على سيد العبد مالاً فيقال لسيد العبد: احلف ما عليك ما ادعى، فإن أبى أن يحلف حُلف صاحب الحق وثبت حقه على سيد العبد، فيكون ذلك يرد عتاقة العبد إذا ثبت المال على سيده.

(130/4)


قال: وكذلك أيضاً الرجل ينكح الأمة فتكون امرأته فيأتي سيد الأََمة إلى الرجل الذي تزوجها فيقول: ابتعت مني جاريتي فلانة أنت وفلان بكذا وكذا ديناراً فينكر ذلك زوج الأَمة فيأتي سيد الأًمة برجلٍ وامرأتين فيشهدون على ما قال، فيثبت بيعه، ويحق حقه، وتحرم الأَمة على زوجها، ويكون ذلك فراقاً بينهما، وشهادة النساء لا تجوز في الطلاق.
قال مالك: ومن ذلك أيضاً الرجل يفتري على الرجل الحر فيقع عليه الحد فيأتي رجلٌ وامرأتان فيشهدون أن الذي افُتري عليه عبدٌ مملوك، فيضع ذلك الحد عن المفتري بعد أن وقع عليه، وشهادة النساء لا تجوز في الفرية.
قال مالك: ومما يشبه ذلك أيضاً مما يفترق فيه القضاء وما مضى من السنة أن المرأتين يشهدان على استهلال الصبي فيجب بذلك ميراثه حتى يرثه ويكون ماله لمن يرثه إن مات الصبي، وليس مع المرأتين اللتان شهدتا رجلٌ ولا يمين، وقد يكون ذلك في الأموال العظام من الذهب والورقِ والرباع والحرائر والرقيق وما سوى ذلك من الأموال، ولو شهدت امرأتان على درهم واحد أو أقل من ذلك أو أكثر لم تقطع شهادتهما شيء، ولم تجز إلا أن يكون معهما شاهداً أو يمين.
قال مالك: ومن الناس من يقول: لا تكون اليمين مع الشاهد واحد، ويحتج بقول الله -تبارك وتعالى- وقوله الحق: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} [(282) سورة البقرة] يقول: فإن لم يأتِ برجلٍ وامرأتين فلا شيء له، ولا يُحلف مع شاهده.

(130/5)


قال مالك -رحمه الله-: فمن الحجة على من قال ذلك القول أن يُقال له: أرأيت لو أن رجلاًَ أدعى على رجلٍ مالاً أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه؟ فإن حلف بطل ذلك عنه، وإن نكل عن اليمين حُلف صاحب الحق إن حقه لحقٌ، وثبت حقه على صاحبه، فهذا مما لا اختلاف فيه عند أحدٍ من الناس، ولا ببلدٍ من البلدان فبأي شيء أخذ هذا، أو في أي موضعٍ من كتاب الله وجده، فإن أقر بهذا فليُقر باليمين مع الشاهد وإن لم يكن ذلك في كتاب الله -عز وجل-، وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة، ولكن المرء قد يُحب أن يعرف وجه الصواب وموقع الحُجة، ففي هذا بيانٌ ما أشكل من ذلك -إن شاء الله تعالى-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء باليمين مع الشاهد
"قال يحيى: قال مالكٌ: عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد" جعفر بن محمد الصادق، وأبوه محمد بن علي بن الحسين الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد" اليمين بل الشاهد المطلوب لإثبات الحق هو ما يُعرف بالبينة، وقد جاء في الحديث: ((شاهداك أو يمينك)) ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) فمدعي الحق عليه البينة، والأصل فيها الشهادة {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] هذا الأصل في البينة، وهل يقوم اليمين مقام الشاهد كما جاء بذلك الخبر الذي هو حديث الباب؟ وهل يقوم غير اليمين مع الشاهد مقام الشاهد الثاني باعتبار أن البينة ما أبان الحق على أي حال كانت؟ كما هو قول من يتوسع في هذا فيجعل القرائن تقوم مقام البينة، القرائن القوية وقد قرر ذلك ابن القيم -رحمه الله- في الطرق الحكمية، توسعوا في هذا، والقرائن منها ما يرتقي إلى الشهود، ومنها ما يقرب من الإقرار، لو أن شخصاً عليه ثوب وطاقية مثلاً، وش تسمونها أنتم؟ إحنا نسميها طاقية اللي هي تحت الشماغ، لها اسم ثاني؟

(130/6)


طالب: كوفية.
كوفية يسمونها بعض الناس، المقصود أنها وش ناقصه هذا؟ ناقصه الشماغ، ليس عليه شماغ، وآخر عليه بنطلون وبلوزة وطربوش على رأسه، وبيده شماغ، ويجري وصاحب الثوب وراءه يقول: أخذ شماغي، وصاحب البنطلون يقول: لا، الشماغ لي، الآن القرائن تدل على إيش؟ على أن الشماغ لصاحب الثوب، كيف يلبس شماغ فوق الطربوش وعلى البنطلون، ما تجي، فهذه قرينة قوية تدل على أن الشماغ لصاحب الثوب، هل يحكم بمجرد هذا أو لا؟ قرينته قوية.
طالب:. . . . . . . . .
لا الذين يحكمون بالقرائن يحكمون بذلك, أقول: هذه قرينته قوية تدل على أنه الشماغ لصاحب الثوب، لكن المعتمد أنه لا يُحكم بمجردها، ولو وجدنا قلم مع شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب في جيبه، وأخر يكتب ويقرأ ويدعي هذا القلم، فهل يكفي أن نقول: إن هذا القلم لمن يكتب؟ لا يكفي؛ لأن الأمي قد يتخذه زينة.
المقصود أن هذه القرائن لا شك أن فيها قوة، وفيها ما يقرب من الدلالة الواضحة على أن الحق لمن أيدته هذه القرائن، لكن لا تكفي، لا بد من الشاهد، وكل باب من أبواب الدين له نصيب من هذه البينات، فالأموال لها حكم، والحدود لها حكم، والرضاع له حكم، وأمور النساء لها أحكام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الشبه، ما قضى بالشبه.
طالب:. . . . . . . . .
هذا احتياط، وإلا الحُكم الولد للفراش.
طالب:. . . . . . . . .
بلى، لكن هناك مسائل يعني ينتابها أمران والاحتياط لا يمكن، لا بد من الحكم الشرعي، ثم بعد ذلك لو ادعت امرأة أنها أرضعت فلانة بنت الجيران ثلاث رضاعات، والمقرر عند أهل العلم أنه لا يحرم إلا خمس، فهل يقال لفلان من الجيران: أقدم على زواجها؛ لأن الرضاعة غير محرمة؟ أو نقول: الاحتياط ألا تقدم؟ لا تقدم، ولذلك لما قالت المرأة: إنها أرضعتهما لم يُطلب منها بينة ولا أي شيء، فكيف وقد قيل؟ فمثل هذا يُحتاط له من الجهتين.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد" فجعل اليمين في مقابل الشاهد الثاني، والحديث لا إشكال فيه؛ لأنه مخرجٌ عند مسلم.

(130/7)


"وعن مالك عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل على الكوفة: أن اقضِ باليمين مع الشاهد" وقد صح بذلك الخبر، والإمام مالك حينما يذكر هذه المقاطيع بعد النصوص المرفوعة ليبين أن هذا الحكم العمل به سارٍ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وأنه لم يُنسخ، ومثل هذا في قوله: "وحدثني مالك أنه بلغه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار سئلا هل يقضى باليمين مع الشاهد؟ فقالا: نعم" وهما من الفقهاء السبعة المعروفين.
طالب:. . . . . . . . .
بيجي كلام مالك تخصيصه "وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة" كلام مالك, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ورواية مالك مرسلة، لكن رواية مسلم ما فيها إشكال.
"قال مالك: مضت السنة بالقضاء باليمين مع الشاهد الواحد" جعل اليمين في مقابل الشاهد، كما أنها في دفع يعني في جانب المدعى عليه تبرأه؛ لأن جانبه يدعمه الأصل، المدعى عليه إذا حلف بعد خلو المسألة عن البينة يبرأ من العهدة، يبرأ ويُحكم له؛ لأن الأصل يؤيده، فيمينه مع الأصل يدفع عنه المطالبة، كما أن يمين المدعي مع شاهده يخول له الحُكم.
"قال مالك: مضت السنة بالقضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده، ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أُحلف المطلوب" الآن عندنا ما عندنا إلا شاهد واحد قلنا له: احلف، قال: لا أحلف الدنيا كلها لا تسوى يمين عندي، لكن هذا الشاهد موجود، الآن دعواه راجحة بهذا الشاهد لكنها قاصرة، هو المدعى عليه معه الأصل في مقابل هذا الشاهد، إذا حلف مع ذلك ترجح جانبه فبرئ من العهدة، لكن لو أبى وقيل له: أبداً يثبت وإلا ما عندي له شيء، قيل له: احلف "مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أُحلف المطلوب" لأن هذا الشاهد الواحد وإن كان له وزنه في الشرع واعتباره لكن يبقى أنه لا يكفي بينته قاصرة، فإذا قُبلت هذه البينة مع الأصل الذي هو العدم هذه البينة القاصرة في مقابل العدم الأصلي نعم ترجح هذه البينة فيُرجح الأصل بيمين من المدعى عليه.

(130/8)


"أُحلف المطلوب فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه" كيف يثبت عليه الحق لصاحبه؟ بشاهدٍ واحد, نعم عندنا الأصل أن البينة تثبت بشاهدين أو شاهد ويمين، عندنا شاهد واحد لا شاهدين ولا يمين، هذا الشاهد الواحد أقوى من الأصل بمفرده، ولذلك يُحتاج إلى أن يحلف المدعى عليه، إن حلف برئ؛ لأن الأصل قام مقام الشاهد، واليمين مرجحة، فترجح جانبه فبرئ، لكن إن نكل, يعني يُكتفى بالبينة الذي شاهدٌ واحد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ضعف لكن معه الأصل، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا توجد يمين "وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه" الآن عندنا المدعي رفض أن يحلف معه شاهد يقول: يكفيني، والمدعى عليه اتجهت إليه اليمين، ورفض أن يحلف ومعه الأصل، هذا معه شاهد وهذا معه الأصل.
طالب:. . . . . . . . .
الأصل بلا شك إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ولا يلزم المدعي بيمين؟ يعني تُرد عليه اليمين؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أنه ما معه شاهد أصلاً.
طالب:. . . . . . . . .
افترض أن المسألة ادعى على زيد أن عنده مبلغ كذا، طيب البينة؟ ما عندي بينة بيحلف، جاء إلى المدعي عليه وقيل له: احلف، قال: لا أنا لا أحلف، الدنيا كلها ما تسوى يمين، ويش يقال؟
طالب:. . . . . . . . .
اليمين على من أنكر تتجه إليه اليمين، يعني ما تبرأ عهدته إلا بيمين، هذا عليه بينة وهذا عليه يمين، لكن إن نكل المدعي عليه تُرد اليمين على المدعي أو لا تُرد؟
طالب: فيه تفصيل إن كان ينفرد بالعلم ....
من الذي ينفرد؟
طالب: المدعى عليه أو المدعي فإنها ترد عليه اليمين إذا كان لا ينفرد بالعلم جعل المدعي والمدعى عليه فشيخ الإسلام يقول: لا تلزم أن ترد، ترد في حالة واحدة وهي .... المدعي العلم.

(130/9)


مثل هذا لا يبين للقضاة، مثل هذا لا يبين لكل قاضي، فعندنا مسألة واضحة، يدعي زيد على عمرو أن في ذمته مبلغاً من المال قدره كذا، وضُبطت هذه الدعوى، بعد ذلك يُطالب بالبينة، بينتك؟ قال: والله ما عندي أحد، أقرضته ولا حولنا أحد، إذاً ما فيه إلا أن يحلف المدعي عليه ليبرأ من العهدة، طيب أحلف يا مدعى عليك، قال: والله ... ،. . . . . . . . . مرة ثانية يدعي عليه، وثالثة، ورابعة، وكل يوم. . . . . . . . .، وأنا ما عندي استعداد أجعل الله عرضة ليميني، أنا ما أنا بحالف، ونكل عن اليمين والأصل معه، وذاك ليس معه شيء لا بينة ولا شاهد، ما معه إلا الدعوى، وهذا معه الأصل، ونكل عن اليمين، فهل تُرد اليمين على المدعي، أو يُقال: خلاص استنفدنا الوسيلة الشرعية؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
هاه.
طالب:. . . . . . . . .
وذاك ما عنده بينة.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني نتركها إلى أن يذكرها الإمام مالك مسألة رد اليمين؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب. . . . . . . . . إذا جاب البينة انتهينا، أو حلف المدعى عليه انتهى الإشكال، إذا حصل هذا ما عندنا مشكلة، لكن المدعي ليس لديه بينة، والمدعى عليه نكل على اليمين هل نرد اليمين على المدعي؟ وهو في المسألة السابقة أبى أن يحلف بعد، معه شاهد ورفض أن يحلف, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا عندنا وسيلة شرعية يُحكم بها، ويتعمد عليها، وجاءت بها النصوص، البينة على المدعي واليمين على من أنكر، هذا لا عنده بينة والمدعي عليه رفض أن يحلف، هو إذا وجدت البينة ما تحتاج إلى يمين، وإذا عدمت البينة ووجد اليمين فلا إشكال عندنا، لكن عُدما جميعاً كيف نحكُم؟ يعني إذا كان .. ، هذا عنده شاهد يحلف.

(130/10)


"قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف أُحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه ببينة واحدة" لأن القرينة في نكول المدعى عليه مع الشاهد في جانب المدعي تقوى، تقوى دعواه، لكن الآن ما عنده شيء، هذا لا شيء عنده؛ لأن المسألة مفترضة في أنه ولا شاهد واحد عنده.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما نحتاج إلى مرجح؟ الدعوى مجردة عارية عما يؤيدها ما فيها بينة، والمدعى عليه معه الأصل، فجانبه راجح، يؤيد هذا الرجحان اليمين، يعني يجهز على القضية اليمين من قبله، لكن يقول: يكفيني أنا أن ذمتي بريئة، يُثبت، ويمين ما أنا بحالف, هاه؟ يُحكم عليه؟
طالب:. . . . . . . . .
بس يقول: ما أنا بحالف.
طالب:. . . . . . . . .
طيب الأول في القضية الأولى رفض الحلف، وثبت لصاحب الحق، ثبت له الحق؛ لأن في جانبه قوة؛ لأنه معه شاهد، وهذا في جانبه قوة لأن معه الأصل؛ لأن عندنا في مسألة تعارض الأصل مع الظاهر، والظاهر أقوى من البينة وإلا أقل؟
لا البينة بشاهدين أقوى بلا شك، لكن بشاهد واحد؟ الظاهر مع الأصل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذه أمور لا بد من حسمها، وإلا لو نظرت إلى أفراد القضايا وجدت أن من الظواهر ما هو أقوى من الأصل، ومنها ما هو أضعف من الأصل، نمثل مثلاً نقول: طالب علم عنده مكتبة زاره زميله فوجد كتاب من كتب هذا الشخص مكتوب عليه اسمه، قال: هذا كتابي من أين جاك؟ هذا معه الظاهر الذي هو الاسم، وهذا معه الأصل أنه في حوزته أو العكس؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
الآن هذا في مثل هذه الصورة لمن يكون الكتاب؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب وش اللي كتب عليه الاسم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ما عُرف صاحب الكتاب هذا أنه يبيع الكُتب، عُرف أنه يعير مثلاً، فالمرجح الخارجي هو الذي .. ، نحتاج إلى مرجح خارجي، فإن كان ممن عُرف بالبيع قلنا: خلاص أنت الآن معروف أنك تبيع يمكن إنك بايعه وناسي.
طالب:. . . . . . . . .

(130/11)


وإن عرُف أنه لا يبيع وإنما يعير عرفنا أن الرجحان في جانبه، لكن إذا وجد رجحان في جانبه ورجحان في جانب الآخر، هذا عنده الكتاب وحاضر به دروس، ومعلق عليه من أوله إلى آخره، ويتصرف فيه تصرف المُلاك، نقول: مثل هذه الأمور تحتاج إلى مرجحات، فإذا نكل المدعى عليه المدعي لا بينة له، والمدعى عليه نكل الحلف، ما في شك أن نكُله يُضعف الأصل؛ لأنه يخشى أن يحلف فتكون يمينه غموس يقتطع بها حق امرئ مسلم، وكونه يستولي على حق المسلم بدون يمين أمر سهل عليه، لكن كونه يقتطع بيمين غموس يصعب عليه، فهذا يُضعف الأصل، ويأتي في كلام الإمام مالك في مسألة رد اليمين تُرد أو لا تُرد، نُكمل المسألة عندها.
"قال مالك: وإنما يكون ذلك بالأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود" يعني يُدعى على شخص أنه شرب الخمر، طيب الدعوى البينة؟ أو قذف فلان من الناس البينة ما عنده بينة، يأتي بشخص إلى القاضي ويقول: يا قاضي هذا قذفني، طيب بينتك؟ والله ما عندي بينة، إنما جالس ما في إلا أنا وإياه، وقال لي كذا، هل يُقال للمدعى عليه احلف وتبرأ وإلا ما يحتاج؟ ما يحتاج، طيب جاب شاهد واحد ويمين؟ ما يمشي لا بد من شاهدين.
"وإنما يكون ذلك في الأموال الخاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاحٍ ولا في طلاق" يعني في النكاح ما وجدوا إلا شاهد مع يمين الزوج يكفي وإلا ما يكفي؟ ما يكفي، المرأة جاءت بشاهد وحلفت، أو أبوها أقسم أنه طلق ما يكفي.
"ولا في نكاحٍ ولا في طلاق ولا في عتاقة ولا في سرقة"
طالب: يعني مالك ما يرى. . . . . . . . .
قسامة هذه.
طالب:. . . . . . . . .
لا الخمسين كثيرة هذه، ما يقوم مقامها يمين واحد، وبعدين لا يمكن الوصول إلى البينة مع وجود اللوث الذي يُرجح جانب الدعوى، وإلا بدونه لا يُلتفت إليها.
طالب:. . . . . . . . .
تأتي إن شاء الله, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ترجع.
طالب:. . . . . . . . .
وهي تعلم، لكن هو ما .. ، خلاص يُدين في هذا؛ لأنه هو الأصل في المسألة، هو بيحمل كلام احتمال قاله أو ما قاله، نعم فالأصل عدم هذا الكلام، معه الأصل أنه ما طلق.
طالب:. . . . . . . . .

(130/12)


يرد مثل هذا عند القضاة كثير، ويقع الحرج الشديد، يعني تضعف البينة عن أقامة المدعى به، تأتي امرأة تقول: إنه طلقها ثلاثاً، وهي مثل الشمس جازمة، والقاضي طلب البينة ما في بينة، وردها عليه، وهي تجزم أنه يُعاشرها بالحرام، مثل هذا لا تمكنه من نفسها، كونها تُخالع أفضل من كونها تعاشر بحرام، إذا تيقنت من ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
"وفي شيءٍ من الحدود" شيء يعني يدل على التعميم "ولا في نكاحٍ" أي نكاح كان.
طالب:. . . . . . . . .
ما في إشكال إن شاء الله "في شيء من الحدود" لو قال: في حدٍ من الحدود انتهى الإشكال.
الطالب: أحسن الله إليك كأن مالك ما يرى صحة عقد نكاح برجلٍ وامرأتين. . . . . . . . .؟
على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم إيه خاص بالأموال "ولا في عتاقة ولا في سرقةٍِ ولا في فرية" يعني قذف "فإن قال قائل: فإن العتاقة من الأموال فقد أخطأ ليس ذلك على ما قال، ولو كان ذلك على ما قال لحلف العبد مع شاهده، إذا جاء بشاهد أن سيده أعتقه" إن كان من الأموال يحلف العبد، مع شاهده إذا جاء بشاهد أن سيده أعتقه، وأن العبد إذا جاء بشاهدٍ على مالٍ من الأموال أدعاه حلف معه شاهده، واستحق حقه كما يحلف الحر لا سيما عند مالك في مثل هذا؛ لأنه يملك التمليك، أما عند غيره ممن يقول: إن العبد لا يملك بالتمليك ما يمشي مثل هذا الكلام.
"قال مالك: فالسنة عندنا أن العبد إذا جاء بشاهد على عتاقته اسُتحلف سيده" أيهما المدعي؟ العبد، ومعه شاهد ويمينه، والمدعى عليه السيد "فالسنة عندنا أن العبد إذا جاء بشاهد على عتاقته اسُتحلف سيده" ما يُستحلف هو؛ لأن هذا الشاهد واليمين خاص بالأموال.
"اسُتحلف سيده ما أعتقه، وبطل ذلك عنه".
"قال مالك: وكذلك السنة عندنا أيضاً في الطلاق إذا جاءت المرأة بشاهد أن زوجها طلقها" لا تُحلف هي، ولا يكفي الشاهد الواحد "أُحلف زوجها ما طلقها فإذا حلف لم يقع عليه الطلاق" كالعتاقة.
الطالب: أحسن الله إليك الحين في آخر الكلام يرى أن العبيد من الأموال في ميراث الصبي، والآن هنا ينفيهم عن الأموال.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟

(130/13)


طالب: الآن هو ينفي أن العبد ليس من الأموال ويرى أنه لو قال له: اعتق؛ لأنه ليس من الأموال لأنه يرى اليمين مع الشاهد في الأموال، وهنا الآن يقول قبل قليل قال: الأموال العظام من الذهب والورق والرباع والحوائط والرقيق فجعلهم من الأموال.
الرقيق مال بلا شك، لكن دعواه ليست في مال التي هي العتق؛ وإلا هو بجسمه مثل ما يمتلك يُباع وتُشترى.
طالب:. . . . . . . . .
لكن دعواه العتاقة ليست مال.
الطالب: هذا عند مالك.
ليست دعوى مال عنده.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو برقبته مال.
الطالب: أنا أدري لكن هل يثبت هذا عند الجمهور أو فقط عند مالك هذا الذي أريده.
أنا أقول: الدعوى ما دام ينظر إليها من جهتين: هي من جهة مثل الطلاق فراق، من جهة فراق.
الطالب: لكن المرأة لو جاءت بشاهد ويمينها ثم نكل الزوج وحلف بهذه السهولة تبطل ثم على أن تمتنع على أن تقررت. . . . . . . . .
مثل إذا كانت تجزم بأنها طلقها ثلاثاً لا شبه فيه تمتنع، لكن حُكم شرعي يسري حكم القاضي.
الطالب: هذا الراجح؟
طالب:. . . . . . . . .
حكم شرعي سارٍ عندهم.
طالب: لا أقصد هذا الراجح عند غير ....
على ما ظهر له عند مالك وغير مالك، إذا ما جاءت بشهود ....
الطالب: إذا جاءت بشاهد واحدٍ ويمينها ....
ما يكفي.
الطالب: لأن الراجح أن الشاهد مع اليمين في الأموال فقط.
فقط إيه.
طالب: هذا الراجح؟
إيه إيه.
طالب: أحسن الله إليك.
"قال مالك: فسنة الطلاق والعتاقة في الشاهد الواحد واحدة، إنما يكون اليمين على زوج المرأة، وعلى سيد العبد" يعني ما يُلتفت إلى يمينها، ولا يُطلب منها أصلاً كيمين العبد.
"وإنما العتاقة حدٌ من الحدود، لا تجوز فيها شهادة النساء" يعني كما أنها لا تجوز في الحدود، كذلك لا تجوز في العتاقة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يكفي الواحد مع اليمين، حكمها واحد، هو ما قرر هنا!
طالب:. . . . . . . . .
حكمهم واحد في أنه لا تُقبل اليمين مع الشاهد الواحد.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا نقبل يمنيه.
طالب:. . . . . . . . .

(130/14)


إيه في مقابل الشاهد حكمنا فيما لو جاء بشاهدٍ واحد في مسائل البيع ورفض عن اليمين نطلب اليمين من المدعى عليه، ما هو قرر الإمام -رحمة الله عليه- أنه إذا جاء بشاهد واحد، ونكل عن اليمين نأخذ يمين المدعى عليه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا مثله، عنده شاهد واحد ويمين وجودها مثل عدمها.
طالب:. . . . . . . . .
هذا لو أنت قلته قبل المسألة السابقة، هذا الذي حرنا حوله وحسنا مدة، هو يبقى عندنا مسألة رد اليمين، رد اليمين، رد اليمن هذه تبي تأتي عند مالك، وينقل عليها الاتفاق، ونقله للاتفاق مخروم من قضاة عصره -رحمه الله-، فلا نتعجل، كل شيء نأخذه بالتوقيت.
"إنما يكون اليمين على زوج المرأة، وعلى سيد العبد، وإنما العتاقة حدٌ من الحدود لا تجوز فيها شهادة النساء؛ لأنه إذا عتق العبد ثبتت حرمته، ووقعت له الحُدود، ووقعت عليه، وإن زنى وقد أُحصن رُجم، وإن قتل العبد قتل به" يعني قتل العبدُ العبدَ قُتل به، عندكم العبد مفتوحة وإلا مضمومة؟
الطالب: العبدَ.
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا العبدَ باعتبار ما كان أما في الحال بعد أن أُعتق.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
شوف وإن زنى وقد أُحصن رُجم؛ لأنه صار حُر الآن، وإن قتل العبد قُتل به، ليش يُقتل به؟ أو العبدُ؟
الطالب: إذا قتل العبدُ ....
ما لها داعي أن تُذكر العبد أصلاً لو أراد ما قلت لا يحتاج إلى ذكر العبد؛ لأنه قال: وإن زنى وقد أُحصن رُجم، وإن قتل قُتل، يكفي هذا لو أراد هذا، لكنه يقول: وإن قتل العبدَ قُتل به.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو بيقرر أنه صار حُر لأنه يُرجم, فيه ضبط غير هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
الطالب: لو كان قاتل العبد قتل هذا بعد ما صار حُراً يُقتل، يؤخذ به.
ولو عبد بعبد؟ ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن قتل العبد قاتلٌ قُتل به؛ لأنه صار حراً.
طالب:. . . . . . . . .
عندي كلمة العبد هذه لا قيمة لها؛ لأنه يقول: وإن زنى وقد أُحصن رُجم به، وإن قتل قُتل.

(130/15)


يقول -رحمه الله-: "وإن قتل العبدَ" يعني قاتلٌ "قُتل به" يعني لأنه صار حُراً يُقاد به القاتل "وثبت له الميراث بينه وبين من يورثه" لأن الرق من موانع الإرث، وقد زال المانع، والمقتضي موجود، فيثبت التوارث بينه وبين من يوارثه.
"فإن احتج محتجٌ فقال: لو أن رجلاً اعتق عبده، وجاء رجلٌ يطلب سيد العبد بدين له عليه، فشهد له على حقه ذلك رجل وامرأتان، فإن ذلك يُثبت الحق على سيد العبد حتى تُرد به عتاقته إذا لم يكن لسيد العبد مال غير العبد" الآن شخص يدعي على زيد مبلغ من المال وليس عنده إلا شاهد ويمين، شاهد ويمين يُثبت الحق، وزيد هذا عنده عبد اعتقه بناءاً على أن ما في ذمته شيء، ولا يحتاج إليه فاعتقه، قال: زائد، وينال أجر العتق فاعتقه، ثم جاء من يطلب الحق، عندك لي مبلغ، كم بعت العبد؟ بعشرة آلاف باعه، أنا أطلبك عشرة آلاف، وش لون تبيع عبدك تتبرر وتتنفل وذمتك مشغولة؟ فأثبت الدين بشاهد ويمين أو رجل وامرأتين ثبت الدين في حقه، وإذا كان المعتق مديناً نعم لا ينفذ عتقه، النبي -صلى الله عليه وسلم- رد العتق مع الدين، ورده بالحاجة حاجة الأولاد، المقصود أن مثل هذا يقول: "فإن ذلك يثبت الحق على سيد العبد حتى تُرد به عتاقته إذا لم يكن لسيد العبد مال غيره" قال: خل هذا العبد .... لكن أنا أعطيك عشرة آلاف من الأموال الأخرى، يقال: نعم العتق على وجهه يثبت ثم تسدد هذا الدين الذي في ذمتك من غيره، إذا لم يكن لك مال غيره حينئذٍ يرد العبد.
"يريد أن يجيزه بذلك شهادة النساء في العتاقة" الآن شهادة النساء التي أثبتت هذا الدين هي في العتاقة أو في الأموال؟
طالب:. . . . . . . . .
في الأموال، لكن في المآل؟
طالب:. . . . . . . . .
في العتاقة، في إثبات العتاقة أو في إبطالها؟
طالب:. . . . . . . . .
في إبطالها ما صارت في العتاقة، حتى في الاحتمال الثاني ما صارت في العتاقة، إنما صارت سبباً في إبطال العتاقة، ولا أثر لها.

(130/16)


"يريد أن يجيز بذلك شهادة النساء في العتاقة فإن ذلك ليس على ما قال" لأن التنظير غير مطابق، التنظير الذي أورده غير مطابق "وإنما مثل ذلك الرجل يعتق عبده ثم يأتي طالب حق على سيده بشاهد واحد، فيحلف مع شاهده، ثم يستحق حقه، وترد بذلك عتاقته العبد، أو يأتي الرجل كانت بينه وبين سيد العبد مغالطة وملابسة فيزعم أن له على سيد العبد مالاً، فيُقال لسيد العبد: احلف ما عليك ما ادعى، فإنك لو أبى أن يحلف حُلف صاحب الحق، وثبت حقه على سيد العبد، فيكون ذلك يرد عتاقة العبد إذا ثبت المال على سيده" وش الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة التي قبلها؟
يقول: "فإن ذلك ليس على ما قال، وإنما مثل ذلك الرجل يعتق عبده ثم يأتي طالب الحق على سيده بشاهد واحد فيحلف مع شاهده ثم يستحق حقه وتُرد بذلك عتاقة العبد" يعني إذا لم يكن له مال غيره، وهي عين المسألة الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أتى بشاهد وامرأتين، وهنا أتى بشاهد ويمين، والمسألة كلها في إثبات مال، ما هي بإثبات عتاقة، إثبات مال يؤول إلى إبطال عتاقة، فالصورتان واحدة، إلا أن هذه برجل وامرأتين، وهذه بشاهد واحد ويمين.

(130/17)


"أو يأتي الرجل قد كانت بينه وبين سيد العبد مخالطة وملابسة" بينهم حساب، هذا يبي من هذا وهذا يبي من هذا، لكن في النهاية المبلغ مجهول يؤول إلى العلم مع الحساب الدقيق بينهم، والمحاسبة "فيزعم أن له على سيد العبد مالاً، فيُقال لسيد العبد: احلف ما عليك ما ادعى، فإن نكل وأبى أن يحلف حُلف صاحب الحق، وثبت حقه على سيد العبد" شخص وكل زيد من الناس يبني له بيت، بنى له بيت وحفظ الفواتير، وادعى أن بعضها ضاع، وأن مجموع الحساب خمسمائة ألف مثلاً، صاحب البيت يقول: أنا عندي .... الشيكات اللي سلمتك، مجموع هذه. . . . . . . . . يوم جمعت صارت أربعمائة ألف، وذاك يقول: صحيح الفواتير عندي فواتير، لكن ليس كل شيء يُكتب بفواتير، هابوا لي رد ماء بوايت أكتب فاتورة! وإلا شيئاً يسيراً، لكن المجموع خمسمائة، يحلف المدعى عليه أنه ما عنده في ذمته شيء، هذه فواتير قمتها أربعمائة والشيكات أربعمائة انتهينا، ثم بعد ذلك يُرد على المدعي على كلام الإمام مالك على ذمته هذه المائة التي ليست مفوترة، ليس فيها فواتير.
يقول -رحمه الله-: "أو يأتي الرجل قد كانت بينه وبين سيد العبد مخالطة وملابسة فيزعم أن له على سيد العبد مالاً، فيقال لسيد العبد: احلف ما عليك ما ادعى" هذه المائة الألف الزائدة التي ليس لديه ما يثبتها أحلف أنها ليست عندك "احلف ما عليك ما ادعى، فإن نكل" قال: والله ما أنا بحالف ذمته تشيله، أنا ما أنا بحالف،
"فإن نكل وأبى أن يحلف حُلف صاحب الحق" الذي يدعي يحلف، على هذا أو على كلامه الآن اليمين ترد وإلا ما ترد؟ تُرد "فإن نكل وأبى أن يحلف حُلف صاحب الحق، وثبت حقه على سيد العبد" طيب ثبت الحق، هذه المائة الألف ثبتت على المدعى عليه، وقد أعتق عبداً قيمته مائة ألف، وليس له مال غيره، يقول: "وثبت حقه على سيد العبد يكون بذلك يرد عتاقة العبد إذا ثبت المال على سيده".
قال: "والرجل ينكح الأمة" الرجل العبد وإلا الحر؟
الطالب: الحر.
الحر، ينكح يعني يتزوج، يعني ليست ملك يمين، يتزوجها، وشرط ذلك أن يخشى العنت، ولا يجد طول الحرة.
طالب:. . . . . . . . .
ينكحها، زواج، والأولاد لمن؟
طالب:. . . . . . . . .

(130/18)


إيه يتبعون الأم؛ لأنها أمة "فتكون امرأته، فيأتي سيد الأمة إلى الرجل الذي تزوجها فيقول: ابتعت مني جاريتي فلانة" يعني هذه التي تزوجها أو غيرها.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المذكورة "أنت وفلان بكذا كذا دينار، فينكر ذلك زوج الأمة، فيأتي سيد الأمة برجلٍ وامرأتين فيشهدون على ما قال، فيثبت بيعه، ويحق حقه، وتحرم الأمة على زوجها، ويكون ذلك فراقاً بينهما، وشهادة النساء لا تجوز في الطلاق" لكن الشهادة برجل وامرأتين إنما هي لإثبات البيع لا لإثبات الفرقة، إذا ثبت البيع المشترك يعني لو ثبت بيع على نفس الرجل انتقلت من كونها زوجة إلى كونها ملك يمين، لكن إذا ثبت البيع له ولغيره لا يجوز له أن يطأها؛ لأنها ليست ملك يمين له على جهة الاستقلال، هو مشاركٌ فيها، فلا يجوز له أن يطأها "وحينئذٍ تحرم الأمة على زوجها، ويكون ذلك فراقاً بينهما، وشهادة النساء لا تجوز في الطلاق".
"قال مالك: ومن ذلك أيضاً الرجل يفتري على الرجل الحر فيقع عليه الحد" حد الفرية الذي هو حد القذف، "فيقع عليه الحد فيأتي رجل وامرأتان فيشهدون أن الذي افتري عليه عبد مملوك، فيضع ذلك الحد على المفتري بعد أن وقع عليه، وشهادة النساء لا تجوز في الفرية" يعني على الوجهين في هذه المسألة إما إثبات رق، أو إثبات حد برجل وامرأتين.
الطالب: إثبات الرق اعتبره مال، وإثبات الفرية حد فنفاه.
هناك الإمام مالك لا يُثبت العتاقة بشهادة النساء، ويثبت إثبات الرق بشهادة النساء؛ لأنه لا يتصور الآن أن كلامه متناقض مع أوله، يقول: هذه خاصة بالأموال، نعم هي خاصة بالمال أو ما يؤول إلى المال، والرقيق يؤول إلى المال، واضح وإلا ما هو بواضح؟
طالب:. . . . . . . . .
لا أثبت الملك، أثبت الرق، وهو مال لم يثبت عتاقة، الرق مال يؤول إلى المال، كما لو أثبت بشهادة رجل وامرأتين أن هذه السيارة له مثله، والرقيق من هذه الحيثية مثل الدابة ومثل السيارة من هذه الحيثية.
"قال مالك: ومما يشبه ذلك أيضاً مما يفترق فيه القضاء" هناك أيضاً من جهة أخرى بشهادة الرجل والمرأتين هل هو أثبت حد وإلا أثبت نفي أحد؟ نفي حد، بخلاف لو كانت شهادة الرجل والمرأتين في إثبات حد.

(130/19)


"قال مالك: ومما يشبه ذلك أيضاً مما يفترق فيه القضاء وما مضى من السنة أن المرأتين يشهدان على استهلال الصبي، فيجب بذلك ميراثه حتى يرث" نعم في مثل هذا يكفي شهادة امرأة واحدة على القول، أو امرأتين؛ لأن هذا مما لا يطلع عليه إلا النساء "ويكون ماله لمن يرثه إن مات الصبي، وليس مع المرأتين شهادة رجل ولا يمين" لأن هذا مما لا يطلع عليه إلا النساء "وقد يكون ذلك في الأموال العظام" رجل وامرأتين يكفي ينفذ في الأموال ولو كانت عظيمة، مهما بلغت قيمتها، فالحكم واحد في المال الكثير والمال القليل "والرباع والحوائط والرقيق" كل أنواع وجميع أجناس الأموال تثبت بشهادة الرجل والمرأتين "وما سوى ذلك من الأموال ولو شهدت امرأتان على درهم واحد" يعني فقط، امرأتان بدون رجل "على درهم واحد أو أقل من ذلك أو أكثر" يريد أن يقرر فيما مضى في الإرث، قد يكون في الإرث الذي ثبت باستهلاله بواسطة هاتين المرأتان اللتين لا يثبت لهما شهادة في الأموال، ثبت الإرث، افترض أن هذا الإرث أموال طائلة، ذهب وضياع وعماير وبساتين أموال طائلة، تثبت بمجرد شهادة هاتين المرأتين؟ هما ما شهدتا على مال، وإنما شهدتا على استهلال، ثم بعد ذلك تترتب عليه الآثار "وما سوى ذلك من الأموال، ولو شهدت امرأتان على درهم واحد" الآن ثبتت الشهادة في الاستهلال ويترتب على الاستهلال الإرث، ولو كان هذا الإرث بالملاين، لكن لو شهدتا ابتداءً على إثبات درهم واحد لم تُقبل شهادتهما "ولو شهدت امرأتان على درهم واحد أو أقل من ذلك أو أكثر لم تقطع شهادتهما شيئاً ولم تجز إلا أن يكون معهما شاهد أو يمين".
"قال مالك: ومن الناس من يقول: لا تكون اليمين مع الشاهد الواحد" يعني لا تجزئ اليمين مع الشاهد الواحد "ويحتج بقوله تعالى وقوله الحق: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} [(282) سورة البقرة] يقول: "فإن لم يأت برجل وامرأتين فلا شيء له، ولا يُحلف مع شاهده" هذا بناء على اعتماد الآية، دون النظر إلى الحديث، لماذا؟ هذا لائق بمذهب من؟

(130/20)


الحنفية، لائق بمذهب الحنفية الذي يقولون: إن الزيادة على النص نسخ، وهذا ثبت بخبر آحاد، وخبر الآحاد لا ينسخ القرآن، جارٍ على قواعدهم.
"قال مالك: فمن الحجة على من قال ذلك القول، أن يقال له: أرأيت لو أن رجلاً ادعى على رجلٍ مالاً أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه؟ فإن حلف بطل ذلك عنه، وإن نكل عن اليمين حُلف صاحب الحق أن حقه لحقٌ، وثبت حقه على صاحبه، فهذا مما لا اختلاف فيه عند أحدٍ من الناس، ولا في بلدٍ من البلدان، فبأي شيء أخذ هذا؟ أو في أي موضعٍ من كتاب الله وجده؟ فإن أقر بهذا فليُقر بالشاهد معه" يعني إن اعترف برد اليمين على المدعي فليعترف باليمين مع الشاهد من باب الأولى، ولا يقول: إن هذا زيادة على القرآن، رد الشاهد مع اليمين لا يوجد في القرآن، وهذا من باب الإلزام، يعني يلزم بما هو أولى، يعني إذا كنت ترد اليمين على المدعي ويقع بها الحق بيمين المدعي عند نكُول المدعى عليه إذا كنت تقبل وتثبت الحق بهذا، فلتثبته بالشاهد مع اليمين من باب أولى؛ لأن معك زيادة شاهد، أنت الآن أثبته باليمين فقد، فلئن تثبته باليمين مع الشاهد من باب أولى، قد يقول لك: الشاهد واليمين لا يوجد في القرآن، يوجد في النص في خبر آحاد، وزيادة على النص، وزيادة على النص نسخ عنده، والآحاد لا القطعي لا ينسخ المتواتر، هذه جادة عندهم، معروف عملهم بها.
يقول -رحمه الله تعالى-: "فبأي شيء أخذ هذا؟ " الذي هو رد اليمين "وفي أي موضعٍ من كتاب الله وجده؟ فإن أقر بهذا فليُقرر باليمين مع الشاهد، وإن لم يكن ذلك في كتاب الله، وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة" السنة أصل تشريعي ثابت قائمٌ برأسه، لا يُحتاج إلى أن يُرد إلى كتاب الله {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم] تثبت بها الأحكام كما هو مقرر عند من يعتد بقولهم "وإنه ليكفي من ذلك ما مضى من السنة، ولكن المرء قد يُحب أن يعرف وجه الصواب، وموقع الحُجة، ففي هذا بيان ما أشكل من ذلك -إن شاء الله تعالى-" والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...

(130/21)


شرح الموطأ- كتاب الأقضية (4)
باب: القضاء فيمن هلك وله دين وعليه دين له فيه شاهد واحد - باب: القضاء في الدعوى - باب: القضاء في شهادة الصبيان - باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- باب: جامع ما جاء في اليمين على المنبر.

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قال الصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن هلك وله دين وعليه دين له فيه شاهد واحد.
قال يحيى: قال مالك في الرجل يهلك وله دين عليه شاهد واحد، وعليه دين للناس لهم فيه شاهد واحد، فيأبى ورثته أن يحلفوا على حقوقهم مع شاهدهم، قال: فإن الغرماء يحلفون ويأخذون حقوقهم، فإن فضل فضل لم يكن للورثة منه شيء، وذلك أن الأيمان عرضت عليهم قبل فتركوها إلا أن يقولوا: لم نعلم لصاحبنا فضلاً، ويعلم أنهم إنما تركوا الأيمان من أجل ذلك، فإني أرى أن يحلفوا ويأخذوا ما بقي بعد دينه.
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله-:

باب: القضاء فيمن هلك وله دين
يعني: وله فيه شاهد واحد.
"وعليه دين له فيه شاهد واحد"
يعني أحد الطرفين متوفى ووراءه ورثة سواء كان دائناً أم مديناً ولا يوجد إلا شاهد واحد يشهد بهذا الدين، ومعلوم أن صاحب الدين إذا هلك فاليمين المتجهة إليه تتجه إلى ورثته؛ لأنهم يقومون مقامه.

(131/1)


"قال يحيى: قال مالك في الرجل يهلك وله دين" يموت وعليه دين، والعرف عند أهل العلم أنه إذا قيل: هلك، يعني في المواريث ما فيه إشكال يكثر، لكن إذا هلك فلان سواء كان من المعاصرين أو من المتقدمين في كتب التواريخ والتراجم إذا قيل: هلك فهو في الغالب غير مرضي السيرة، لا يقال في مرض السيرة: هلك، هذا عرف، وإن كان الهلاك يراد به الموت ولا فرق، {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [(34) سورة غافر] وهو رسول من الرسل، وقيل فيه: هلك في القرآن، المقصود أن العرف عند أهل العلم لا سيما الذين يكتبون في التراجم وفي التواريخ لا يقولون: هلك، يقال الجهم: هلك، ورؤوس المبتدعة يقال لهم: هلك مثلاً، أو كافر يقال له: هلك، لكن عالم مرضي السيرة صحيح المعتقد يقال له: هلك؟ لا يعرف هذا عن أهل العلم, في الفرائض مستفيض عندهم أن يقال: هلك هالك كثير عندهم؛ لأنه مبهم لا يدرى من هو، لكن لو عندنا مثلاً في كتب التراجم يقال: هلك الشيخ فلان تستساغ أو لا تستساغ؟ هنا لا تستساغ؛ لأن العرف على خلافها، والناس إذا درجوا على شيء سواء كان من أهل العلم أو من العامة تنفر طباعهم عن مخالفته، يعني مثل هذا على سبيل الاستطراد الصلاة والسلام على غير الأنبياء، لا شك أن الناس تنفر منه هل تقدر أن تقول مثلاً: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-, أو عمر -صلى الله عليه وسلم-، هذا خلاف المتعارف عليه عند أهل العلم كما قرر ذلك ابن القيم، كما أنك لا تستطيع أن تقول: محمد -عز وجل- يعني وإن كان عزيزاً جليلاً، فلا تستطيع أن تقول هذا، فالعرف لا شك أن له اعتبار عند أهل العلم.

(131/2)


"قال مالك: في الرجل يهلك وله دين عليه شاهد واحد" تقدم أن القول بالشاهد مقبول إذا دعم باليمين وإلا بمفرده لا يكفي, {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} [(282) سورة البقرة] هذا الأصل "عليه شاهد واحد وعليه دين للناس" الآن اليمين متعذرة لأنه ميت، "وعليه دين للناس، ولهم فيه شاهد واحد" دائن ومدين في الوقت نفسه، لهم فيه شاهد واحد، فيأبى الورثة أن يحلفوا على حقوقهم مع شاهدهم؛ لأنهم لم يحضروا الصفقة، وقد يكون كثيراً منهم لا علم له بهذا الدين، أما من له علم بهذا الدين فيحلف، لكن الذي لا يعرف حقيقة هذا الدين، ولم يشهد العقد له أن يحلف أو ليس له ذلك؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له وإلا ما له؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس له، الوارث الذي لا يعلم حقيقة الأمر ليس له، لكن لو سمع أباه يقول: إن لي دين عند فلان، مع اليمين يحلف أنه سمع أباه يقول كذا، وإذا رأى بخط أبيه الذي لا يشك فيه يعني وجادة أنه له بذمة فلان كذا يحلف عليه أنه خطه، لكن يكفي وإلا ما يكفي مع اليمين؟
طالب: لا يكفي.
لماذا لا يكفي؟
طالب: ليس شهادة صريحة ....
لا، اليمين المتجهة على من له الدين، لو حلف هذا الوارث على الدين قبل يمينه مع الشاهد؛ لأنه يقوم مقام مورثه، لكن هو الآن يثبت على إدعاء أبيه أن له دين بذمة فلان، يحلف على هذا لأنه سمع أباه يدعي هذه الدعوى، أو رأى خط أبيه بهذه الدعوى، يعني له أن يحلف أن أباه كتب هذه الكتابة، أو أن أباه سمعه يقول كذا، أما أن يحلف أنه بذمة فلان لأبيه مبلغ كذا، وهو لم يشهد العقد، ولم يبلغه بطريق يجزم به مفيد للعلم حيث يحلف عليه فلا.
"ويأبى ورثته أن يحلفوا على حقوقهم مع شاهدهم، فقال: فإن الغرماء يحلفون ويأخذون حقوقهم، فإن فضل فضل لم يكن للورثة منه شيء" لماذا؟ فضل من أي شيء؟
طالب: بالإرث.
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
وراه.
طالب: لأنهم لم يثبتوا لأنفسهم ...

(131/3)


الإرث ثابت لهم، أموال ودور وضياع، وله ديون لم يثبتوها، ديون ما حلفوا عليها إذاً لا تثبت لهم، وعليه ديون صفيت التركة فبلغت خمسمائة ألف، وعليه ديون جمعت، له دين بمائتي ألف وعليه ديون بمائتي ألف وما حلفوا إذاً هذه المائتين الألف تضيع، عليه ديون لغرماء لهم فيه شاهد واحد وحلفوا على ذلك يستحقون المائتين إذا تحسم من الخمسمائة، الثلاثمائة الباقية لهم أو ليست لهم
طالب: على كلام مالك ليست لهم ....
لماذا ليست لهم؟ هل في من يدعيها؟ إذا قدرنا الآن التركة بخمسمائة ألف، وله ديون بمائتي ألف فيها شاهد واحد ورفض نكل الورثة عن اليمين، ما حلفوا، إذاً لا يثبت لهم الدين، الآن الورثة يدعون في مقام أبيهم مورثهم ألا تتجه اليمين على المدعى عليهم؟ الآن معنا شاهد ويمين، ما قامت البينة لإثبات الدعوى تتجه على المدعى عليه، إن حلف برئ، ما صار لهم شيء، هم في الوقت نفسه عليهم دعوى بمائتي ألف للغرماء فيها شاهد واحد، وحلف الغرماء أن بذمة فلان لنا مبلغ مائتي ألف ريال، إذا أخذت هاتان المائتان من الخمسمائة يفضل لهم ثلاثمائة ألف، هل هذه فيها إشكال أنها لهم؟ ليس فيها إشكال.
"فيأبى ورثته أن يحلفوا على حقوقهم مع شاهدهم، قال: فإن الغرماء يحلفون ويأخذون حقوقهم، فإن فضل فضل لم يكن للورثة منه شيء" كيف لم يكن للورثة منه شيء؟ "وذلك أن الأيمان عرضت عليهم قبل فتركوها إلا أن يقولوا: لم نعلم لصاحبنا فضلاً، ويعلم أنهم إنما تركوا الأيمان من أجل ذلك، فإني أرى أن يحلفوا ويأخذوا ما بقي بعد دينه" المسألة مفترضة فيما إذا جمعت الديون، وبلغت كما قلنا: مائتي ألف، وأعيان التركة الموجودات مائتي ألف، وله دين بمبلغ مائتي ألف راح عليهم؛ لأنهم رفضوا أن يحلفوا، وعليه دين بهذا المقدار لغرماء لهم به شاهد واحد، وحلف الغرماء مع هذا الشاهد يمين، واستحقوا المائتين، وظن الورثة أن هذا الدين استغرق التركة.

(131/4)


"وذلك أن الأيمان عرضت عليهم قبل فتركوها" اللهم إلا أن يقولوا: لم نعلم لصاحبنا ... ، إحنا ما درينا أن لصاحبنا عنده أكثر من مائتي ألف، لما أعادوا الحساب مرة ثانية وجدوا ثلاثمائة ألف يستحقون هذه المائة أو لا يستحقونها؟ عند مالك لا يستحقونها، لماذا؟ لأنهم نكلوا على اليمين، والأصل أن الدين يستغرق التركة، فإذا نكلوا عن اليمين لا يستحقون.
"إلا أن يقولوا: لم نعلم لصاحبنا فضلاً" ما درينا أن التركة أكثر من الديون، "ويُعلم أنهم إنما تركوا الأيمان من أجل ذلك" تركوا الأيمان باعتبار أنهم يخلصون منها لا لهم ولا عليهم "فإني أرى أن يحلفوا ويأخذوا ما بقي بعد دينه"
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هذه الصورة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما هي بواضحة؛ لأن الحقوق محفوظة، التركة للورثة هذا الأصل، من الحقوق المتعلقة بالتركة الدين، وهو مقدم على الإرث، ومقدم على الوصية، فإذا انتزع هذا الدين فما بقي فهو للورثة، لم يوصِ فهو للورثة.
طالب:. . . . . . . . .
يحلفوا على أنهم سمعوا أباهم يقول كذا، أو يحلفوا على أنهم وجدوا بخط أبيهم كذا, فالخط يورث غلبة ظن, والرواية بالوجادة عند أهل العلم لها شوب اتصال، ومن أهل العلم من يرى أنه إذا وجد بخط أبيه أنه يحلف عليه؛ لأنه يحلف على غلبة ظن، وغلبة الظن يحلف عليها، دليل ذلك قول الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتنا، يعني هل هو استقرأ البيوت كلها؟ وعرف واقع الناس كلهم أن ما في المدينة أفقر منهم؟ أو غلبت على ظنه أنه هكذا فحلف؟ ولا ألزم بكفارة ولا نهي عن ذلك؟ فدل أن اليمين تجوز على غلبة الظن، فإذا وجد بخط أبيه الذي لا يشك فيه يحلف عليه عند جمع من أهل العلم؛ لأن اليمين تجوز على غلبة الظن.
طالب: معه مال ....
لا المال الآن في وقت الدعوى انتقل منه إلى غيره، فلا بد أن يحلف صاحب المال الذي هو الوارث.
اللي بعده، الباب الذي بعده.

باب: القضاء في الدعوى

(131/5)


قال يحيى: قال مالك: عن جميل ابن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز، وهو يقضي بين الناس، فإذا جاء الرجل يدعي على الرجل حقاً نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعي عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلف.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا أنه من ادعى على رجل بدعوى نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف المدعى عليه، فإن حلف بطل ذلك الحق عنه، وإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المدعي فحلف طالب الحق أخذ حقه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الدعوى

(131/6)


يعني هل كل دعوى ينظر فيها؟ وكل شخص يدعي على آخر ينظر فيه؟ أو ليست كل دعوى تنظر؟ يعني بعض الناس لا يشق عليه أن يجر فلان، ولا يستحي من فلان ولا علان ويدعي، يقول: نجد لنا أحداً من أهل الورع إذا ادعينا عليه رفض يحلف، وأخذنا منه بعض الشيء، سواءً كان يعرفه أو لا يعرفه، فمثل هذا ينظر في كل ما يدعيه؟ أو لا بد أن يكون هناك قرينة تدل على قبول قول المدعي في الجملة يعني؟ له وجه يعني، يعني كل من ادعى يقبل قوله؟ نعم؟ الجادة ((شاهداك أو يمينه)) هذه قاعدة مطردة، لكن بعض الناس قد يوجد بعض اللئام من يقول: الدعوى ما تضر، إن ثبت شيء وإلا ما إحنا بخسرانين شيء، نمسك فلان أو علان، لا سيما يدور ناس أهل ورع وأهل دين، يشق عليهم ويصعب اليمين، أو أهل حياء مثلاً يشق عليه أن يمثل بين يدي قاضي، أو يتردد على محكمة، يقول: ما أنا بخسران شيء، عمر بن عبد العزيز ما ينظر في كل دعوى، إن كان بينهم .. ، عرف بينهم مخالطة ومعاملة قبلت الدعوى، وإلا إذا لم يكن أدنى علاقة ليش ينظر في الدعوى؟ يعني ولو في مقابل هذا الصنيع من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- الخليفة الراشد، لو جعل الوالي ولي الأمر تعزير لمن يدعي على الناس وهو غير محق، لكن كيف يعرف أن هذا محق وذاك غير محق؟ لأنه قد يكون محقاً ولا يحضر بينة، ما يستطيع إحضار البينة وهو محق، لا شك أن هناك قرائن تدل على الصادق من الكاذب، والقضاة يعرفونها، فمثل من يدعي على الناس بشيء لا علاقة ولا ارتباط له به، مثل هذا لو يعزر ما هو ببعيد؛ لأن الناس أوقاتهم يجب حفظها عن الضياع، وأيضاً كراماتهم يجب أن تحفظ، إيش معنى أنه يجرجره إلى المحكمة متى ما أراد، وأخيراً يقول: إن كسبنا وإلا ما خسرنا شيء؟!

(131/7)


يقول: "قال يحيى: قال مالك: عن جميل بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس، فإذا جاء الرجل يدعي على الرجل حقاً نظر -رحمه الله-، فإن كان بينهما مخالطة أو ملابسة" يعني بينهم معاملة وبينهم حساب "أحلف الذي ادعي عليه" يعني إذا أحضر بينة المدعي يحتاج أن يحلف الذي ادعي عليه؟ لا يحتاج، إذا كانت البينة ممن يثبت بشهادته الحق "أحلف الذي ادعي عليه" لأنه ليس للمدعي بينة "وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه" ما يحتاج، لا سيما إذا دلت القرائن على أنه كاذب، أو تكرر منه ذلك، أو اشتهر بين الناس بذلك، فإنه حينئذٍ لا يحلف المدعى عليه.
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا" يعني في المدينة "أنه من ادعى على رجل بدعوى نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف المدعى عليه، فإن حلف بطل ذلك الحق عنه" لأنه لم يثبت حقه بالبينة، فاتجهت اليمين إلى المدعى عليه، وحلف حينئذٍ وبرئ "وإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المدعي فحلف طالب الحق أخذ حقه" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أي شاهد؟
طالب:. . . . . . . . .
ما عنده شاهد، المدعي ما عنده شاهد، ما عنده شاهد، اتجهت اليمين على المدعى عليه، نكل المدعى عليه عن اليمين، خلاص يقولون: ما في شيء انتهوا؟ أو ترد اليمين على المدعي؟ الإمام مالك -رحمه الله- قال: "ورد اليمين على المدعي فحلف طالب الحق أخذَ حقه" أخذَ حقه الذي ادعاه؛ لأن النكول مشعر بأن في الذمة شيء، يعني قد يكون المانع الورع، لكن قد يكون المانع منه أن في ذمته شيء، لكن ليس فيه بينة، فإذا نكل ردت اليمين على المدعي، وأخذ حقه، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في شهادة الصبيان
قال يحيى: قال مالك: عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن شهادة الصبيان تجوز فيما بينهم من الجراح، ولا تجوز على غيرهم، وإنما تجوز شهادتهم فيما بينهم من الجراح وحدها لا تجوز في غير ذلك، إذا كان ذلك قبل أن يتفرقوا أو يخببوا أو يعلموا، فإن افترقوا فلا شهادة لهم إلا أن يكونوا قد أشهدوا العدول على شهادتهم قبل أن يفترقوا.

(131/8)


باب: القضاء في شهادة الصبيان
الأصل في الشهادة والرواية أنها لا تقبل إلا من عدل، ومن شرط العدالة أن يكون قد بلغ الحلم، وعلى هذا فشهادة الصبي ورواية الصبي لا تجوز، لا تجوز شهادة الصبي، ولا رواية الصبي؛ لأنه ليس بمكلف، ولا شك أن التكليف يجعل عنده من الإحساس بالمؤاخذة ما يجعله يمتنع من الكذب في الرواية وفي الشهادة، لكن إذا عرف الصبي أنه غير مكلف ما يكتب عليه شيء ولو كذب، ما الذي يمنعه من الكذب؟ لا شيء يمنعه، ولذلك اشترط أهل العلم في الرواية والشهادة التكليف، لكن أحياناً قد يتجاوز عن بعض الشروط، فمن شرط قبول الشهادة الإسلام، تقبل شهادة الكافر في السفر كما في أواخر سورة المائدة، تقبل شهادته في الوصية على مثله، الصبي تقبل شهادته فيما يدور بين الصبيان، مما لا يوجد فيه كبار، يعني صبيان يلعبون في الشارع فرمى واحد حجر فأصاب آخر، من أين نأتي بشهود مقبولين كبار يثبت هذه الدعوة؟ ما في إلا منهم، لا يوجد شاهد إلا منهم قبل أن يتفرقوا، ففي مثل هذا إذا لم يوجد ما يُبين الحق إلا هذه الشهادة الناقصة فإنها تقبل قبل التفرق، والصبيان في الجملة إذا لم يلقنوا، أو يكونوا مثلاً في بيت عُرف بالتجاوز في الكلام، وفي تعليم الحيل مثلاً، فإنه في الجملة على الفطرة، أحياناً يخبرك الطفل بخبر تجزم أنه صحيح، لا يستطيع الطفل أن يحوك مثل هذه القصة، فإذا شهدوا في موقع الحادث قبل أن يتفرقوا، ولا يوجد من ينوء بهذه الشهادة غيرهم تقبل.
"قال يحيى: قال مالك: عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح" يعني لو لم تقبل شهادة الصبيان في هذا لضاع الحق.

(131/9)


"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن شهادة الصبيان تجوز فيما بينهم من الجراح، ولا تجوز على غيرهم" لا تجوز على الكبار "وإنما تجوز شهادتهم فيما بينهم من الجراح وحدها" ما يأتي طفل ويقول: إن فلان من الأطفال يطلب الآخر مبلغ كذا، لا تقبل شهادته في الأموال، وإنما تقبل في الجراح وحدها، لا تجوز في غير ذلك "إذا كان ذلك قبل أن يتفرقوا" لأنهم إذا تفرقوا أثر عليهم "أو يخببوا" يعني ولو لم يتفرقوا في مكان الحادث جاء كبير ووجد صبي قد ضرب بحجر فسال منه الدم، فسأل فإذا بولده أو بقريبه أو ولد صديقه هو الجاني فيما بين الصبيان إذا أخبروه بهذا، فقال لهم: لا ليس هو، وخببهم، وضيع الحق، ولقنهم أن يعدلوا عن شهادتهم "أو يعلموا" هذا بمعناه قريب منه "فإن افترقوا فلا شهادة لهم" لأن الأصل شرط الشهادة متخلف وهو التكليف، وإذا تفرقوا لا شك أنه يؤثر عليهم، أو ينسون ما حصل بالتحديد، ويشهدون بما لم يروه؛ لأنهم إذا تفرقوا ثم سار مجموعة من هؤلاء الصبية في طريق معين، فواحد اللي تحدث عليهم وقال: إن فلان ضرب فلان، فالبقية يسارعون في الشهادة أن فلان هو الضارب؛ لأنهم لا يتورعون عن مثل هذا لعدم التكليف "فإن افترقوا فلا شهادة لهم إلا أن يكونوا قد أشهدوا العدول على شهادتهم قبل أن يفترقوا" جاء واحد كبير أو اثنين وقالوا: ما الذي حصل؟ قالوا له: كذا، هذا الذي حصل، فهذا يضبط ويشهد على شهادتهم، وهذا الشهادة على الشهادة معروفة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني أنه علم طالب بالأسئلة مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، شهدوا عليه أن المدرس الفلاني علم الطلاب الطالب الفلاني بالأسئلة، أخبره بالأسئلة، تقبل وإلا ما تقبل؟ لأنهم متهمون، هم متهمون في هذا، الأمر الثاني: أنهم قد لا يضبطوا، قد يخبره بشيء آخر فيظنوا علمه بالأسئلة فلا تقبل شهادتهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في الجراح فقط، الإمام مالك في الجراح فقط.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا تقبل الشهادة، والسبب واضح.
طالب:. . . . . . . . .
فقط، هو في الجراح بينهم، شهادة صبي على صبي.
طالب:. . . . . . . . .

(131/10)


كبير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، من وجوه ممنوعة الشهادة هنا.
طالب: أحسن الله إليك، كانوا يضربون على الشهادة في الصغر .... ؟
الظاهر أنهم يضربونهم على المنع منها، على المنع منها؛ لئلا يبادروا إليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان المراد بالشهادة الشهادة على الحقوق، نعم.

باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال يحيى: حدثنا مالك عن هشام بن هشام بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على منبري آثماً تبوأ مقعده من النار)).
وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن معبد بن كعب السلمي عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري عن أبي أمامة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار)) قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك، وإن كان قضيباً من أراك، وإن كان قضيباً من أراك)) قالها ثلاث مرات.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الحنث على منبر النبي -صلى الله عليه وسلم-
والمراد الحلف على عند المنبر، ومعلوم أن ما بين المنبر والبيت روضة من رياض الجنة، فهذا المكان معظم شرعاً، فإذا حلف كاذباً في هذا المكان المعظم شرعاً لا شك أن الإثم يزداد بشرف المكان وشرف الزمان.
"قال يحيى: حدثنا مالك عن هشام بن هشام بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على منبري آثماً –يعني كاذباً- تبوأ مقعده من النار)) ".
((من حلف على منبري)) الأصل أنه يكون عالياً صاعداً المنبر، العلو والصعود، لكن الشراح حملوه على أنه عند المنبر؛ لأن المقصود البقعة لا المنبر ذاته، ((تبوأ مقعده من النار)) يعني اتخذه وهيأه له، هذا وعيد شديد فيمن حلف على شيء يقتطع به مال امرئ مسلم كاذباً، فإذا انضاف إلى ذلك شرف المكان أو شرف الزمان يعني في رمضان في ليالي العشر في عشر ذي الحجة كل هذا أمره عظيم.

(131/11)


"وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن معبد بن كعب السلمي" سلَمي نسبة إلى بني سلِِمة بكسر اللام، فإذا كانت اللام أو الحرف الثاني من الكلمة مكسور فتح في النسب، سلِِمة سلَمي، نمِرة، نمَري، ملِك ملَكي، ما تقول: ملِكي؛ لأن بعض الناس حتى الآن يقول: صاحب السمو الملِكي، يعني نسبة إلى الملِك لا إلى الملَك، ملِكي، نقول: لا يا أخي الجادة والقاعدة أنه إذا كان الحرف الثاني مكسور فتح في النسب، تقول: ملَكي، ما في ما يمنع أبداً، بل هذا هو الأصل، سلِِمة سلَمي، نمِرة، نمَري، أبو عمر بن عبد البر النمَري، فيُفتح.
"عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري عن أبي أمامة" أبو أمامة اسمه؟ صدي بن عجلان "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار)) " هذا إذا كانت اليمين غموس، يحلف على يمين كاذباً يقتطع به حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار، حتى أن أهل العلم يقولون: إن اليمين الغموس لا كفارة لها، لا تلزمه كفارة كما تلزم في اليمين التي لا يقتطع به حق امرئ مسلم.
"قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)) " يعني السواك، هذا قضيب من أراك، يعني غصناً مقطوعاً من شجر الأراك، الذي يؤخذ منه السُوُك ((وإن كان قضيباً من أراك، وإن كان قضيباً من أراك، وإن كان قضيباً من أراك)) قالها ثلاث مرات.
وهذا للتشديد والتشنيع من هذا الفعل والتنفير منه، فكيف إذا كان أعلى من ذلك؟!
طالب:. . . . . . . . .
غيره، سلَمة، وسُليم، وسلِمة، إذا كان من بني سلِمة قيل: سلَمة، إذا كان من بني سُليم نعم سُلمي، نعم اقرأ، خلونا نأخذ هذا.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كل شيء يعظم لا شك أنه تجب هيبته، وتعظم عقوبة المخالف عنده، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: جامع ما جاء في اليمين على المنبر

(131/12)


قال يحيى: قال مالك: عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول: اختصم زيد بن ثابت الأنصاري وابن مطيع في دار كانت بينهما إلى مروان بن الحكم، وهو أمير على المدينة، فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر، فقال زيد بن ثابت: أحلف له مكاني، قال: فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق، قال: فجعل زيد بن ثابت يحلف أن حقه لحق، ويأبى أن يحلف على المنبر، قال: فجعل مروان بن الحكم يعجب من ذلك.
قال مالك: لا أرى أن يحلف أحد على المنبر على أقل من ربع دينار، وذلك ثلاثة دراهم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع ما جاء في اليمين على المنبر
الذي سبق التحذير منه في الباب السابق.
"قال يحيى: قال مالك: عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المُري" المري نسبة إلى بني مرة الذين تكثر فيهم القافة "يقال: اختصم زيد بن ثابت الأنصاري وابن مطيع في دار كانت بينهما" كل يدعيها، والظاهر أن المدعي ابن مطيع وليست لديه بينة فاتجه اليمين إلى زيد، هذا الذي يظهر من الدعوى، "إلى مروان بن الحكم، وهو أمير على المدينة، فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر" لأن ابن مطيع هو المدعي وليست لديه بينة "فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر، فقال زيد بن ثابت: أحلف مكاني" التعظيم لله -جل وعلا- في كل مكان، فلا داعي أن أحلف على المنبر "أحلف له مكاني" هيبة من هذا المكان المعظم المقدس شرعاً "أحلف له مكاني، فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق" مقاطع الحقوق: يعني التي يقطع بها، ويحكم بواسطتها "قال: فجعل زيد بن ثابت يحلف أن حقه لحق" ويحتمل أن يكون المدعي زيد بن ثابت وليست لديه بينة فاتجهت اليمين على ابن مطيع فنكل فردت اليمين إلى زيد، "فجعل زيد يحلف أن حقه لحق" يعني دعواه ثابتة "ويأبى أن يحلف على المنبر، قال: فجعل مروان بن الحكم يعجب من ذلك" يعني كيف يحلف على الأرض ولا يحلف على المنبر؟! أو يحلف في مكانه الذي هو بعيد عن المنبر ويأبى أن يحلف عند المنبر عند من يقول: إن معنى (على) بمعنى (عند) يعجب من ذلك.

(131/13)


"قال مالك: لا أرى أن يحلف أحد على المنبر" يعني ما يحتاج أن تأتي بشخص إلى المسجد، وتضع المصحف بين يديه، وفي عصر جمعة وتقول له: احلف، على شيء تافه يسير "لا أرى أن يحلف أحد على المنبر على أقل من ربع دينار" لأنه نصاب السرقة "وهو ثلاثة دراهم" فأقل من نصاب السرقة شيء تافه؛ لقول عائشة: "كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه" فدل على أن ما دون ربع دينار شيء ثابت، ينبغي أن تصان اليمين عنه في الجملة، فكيف إذا اقترن بها ما يعظمها؟!
باقي أبواب في الرهن متتابعة.
يقول: يكثر في أيام الدراسة بمختلف المراحل أن يستعير الطلاب من بعضهم بعض أقلام أو أدوات أو أشياء يسيرة، وربما افترقوا ولم تعد هذه الأشياء، وربما نسي المعير والمستعير أمثال هذه الأمور اليسيرة تحدث كثيراً، وقد يتعذر ردها أو أداؤها للنسيان، والفرقة بين الأصدقاء، وتنائي الديار.
يعني بعد نهاية الدراسة كل واحد من هؤلاء الطلاب يذهب إلى بلده، وتنسى هذه الأمور، لا شك أن الورع أن يخرج من عهدتها بيقين، لا بد أن ترد إلى أهلها، أو يتصدق بأقيامها، أو بها على نية ثوابها لأهلها.
يقول: ما حكم كتابة الاسم على القبر لمعرفته عند زيارته؟
الكتابة لا تجوز على القبور.
ما هو المذهب الزيدي في الفقه؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه لا يجعل له شيء يميزه عن غيره إلا بقدر ما يعرف به، يعني ما يميز بشيء يدل على تعظيمه عند من وضع هذه العلامة، وضع شيء يسير، أو حجر يسير تميزه، أو علامة تدل عليه، ولا يرفع ولا شيء، الأمر سهل -إن شاء الله-، لكن لا يسترسل في هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يكتبها على إيش؟ على لوح خام؟
طالب:. . . . . . . . .
اسم الميت على اللوح رخام.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(131/14)


الكتابة يمنعها أهل العلم، الكتابة بجميع صورها وأشكالها، لكن يضعون علامات أشياء تدل على أصحابها، جرت العادة أن كل قبيلة، أو كل عائلة، أو كل أسرة لهم علامة تدل عليهم، يسمونه عندنا وسم، مثل وسم إبل الصدقة وغيرها، توضع هذه العلامة على القبر، ويعرف بها، وكونه يجهل أسهل من كونه يتعدى فيه الحد المشروع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أرقام؟ شوف هم بادين يكتبون على السور أرقام، يعني مقابل هذا الممتد في مقابل هذا الرقم معروف أن قريبك رقم خمسة وأربعين في امتداده، وأنت تعرف تعد كم واحد حتى تصل إلى قريبك، ثم بعد ذلك مسحوها، لا شك أن هذه أمور محدثة ينبغي ألا تكون، والجهل بالميت خير من أن يتعدى المشروع، كونه ما يعرف بالكلية، ويدعى له ولو لم يوقف عليه أسهل بكثير من أن يتعدى المشروع، وهذا الموضوع في غاية الحساسية؛ لأنه وسيلة إلى الغلو، وحماية جناب التوحيد مهمة جداً، سد الذرائع الموصلة للغلو والشرك أمر لا بد منه، ووقع في يدي كتاب اسمه: (إحياء المقبور في استحباب بناء المساجد والمشاهد على القبور) وكتبه شخص له عناية بالحديث، لكنه مع ذلك في باب الاعتقاد مخرف، عنده شطحات عظيمة يعني يميل مع التصوف المغرق الذي يدعو فيه الأولياء إلى الرفض الكامل -نسأل الله السلامة والعافية-، ومع ذلك هو معدود من أهل الحديث، فالحديث إن لم يكن معه توفيق من الله -جل وعلا-، واتخذ صنعة ومهنة، وبني لا على أساس ثابت من كتاب وسنة فإنه لا ينفع صاحبه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .

(131/15)


تكفي جنسيته، مغربي، وفي البداية تساءل قال: هل يستحب البناية على القبور كما دل على ذلك إجماع الأمة سلفاً وخلفاً؟ أو يمنع ذلك بناءً على مذهب خوارج القرن الثالث عشر؟ لأئمة الدعوة الشيخ محمد ومن يقول بقوله، الذين لما دخلوا المدينة ومكة هدموا القباب على قبور الصالحين، وأما بلادهم -يعني نجد- فليس فيها ولي ولا صالح ولا عالم ولا زاهد يستحق أن يبنى عليه قبة، وهذا الشخص نفسه على تلخيص كتاب الاستغاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مسح الإسلام وكتب الكفار، يعني شيخ الكفار، ما هو بشيخ الإسلام -نسأل الله السلامة والعافية- نعوذ بالله من الزيغ والضلال.
طالب:. . . . . . . . .
يعني كونه يقرب منه، ويسلم عليه، ويأنس بذلك ما دلت على ذلك الأخبار الكثيرة من رؤى وغيرها، أهل العلم يقولون: إنه يحس بذلك ويشعر به، على وجهٍ لا على مثل إحساس الحي؛ لأنه فارقت روحه جسده، المقصود أن القرب منه طيب، والدعاء له، والسلام عليه، وتأنيسه، يعني هناك وقائع دلت على شيء من هذا، وإن لم ... ، وإن دعي له من بعد فالأمر سهل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، آثار، أكثرها آثار.
طالب:. . . . . . . . .
يستقبل وجهه ويقال: السلام عليكم يا أبا فلان، أو يا والدي، أو يا والدتي.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يستقبل يجعل القبلة خلفه، ثم بعد ذلك إذا أراد أن يدعو له استقبل القبلة.
اللهم صل على محمد ....

(131/16)


شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (5)
باب: ما لا يجوز من غلق الرهن - باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان - باب: القضاء في الرهن من الحيوان - باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: امرأة مطلقة عرضت نفسها على رجل ليتزوجها، وتم الزواج، وبعد شهرٍ طلبت منه الطلاق، مع رد المهر له، وقالت له: إنها تحب زوجها الأول، وتٌريد الرجوع إليه؛ لأنها مطلقة ثلاث مرات، وتم الطلاق وعادت لزوجها الأول؟
هذه إن كان قصدها بالزواج من الزوج الثاني التحليل فقط فقد ارتكبت محرماً، وفي زواجها من رجوعها إلى الأول خلاف بين أهل العلم هل تحل له بمجرد هذا الزواج الذي هو التحليل، أو لا بد أن يكون النكاح الثاني نكاح رغبة لا بنية التحليل؟ فلا بد أن تتزوج زواج رغبة، ثم بعد ذلك تحل للأول، أما أن تتزوج من الثاني لمجرد التحليل فهذا لا يجوز، أما الزوج الثاني فالذي يظهر من السؤال أنه لا علاقة له بالتحليل.
هذا يقول: ذكرت في الدرس السابق كتاب لأحد المحدثين، ولم تذكر اسمه أنه يحث على البناء على القبور وتعظيمها مثل هذا له غيبة مع العلم أنه خالف الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وفتح باب يوصل إلى الشرك؟
على كل حال الكتاب مطبوع ومعروف وصاحبه منتسب إٍلى الحديث، من أهل المغرب واسمه: محمد بن الصديق الغماري وهو متلبسٌ ببدعة عظيمة، نسأل الله السلامة والعافية.
هذا يقول: هل الترافع إلى القضاء يُعد مذمة في الأمور كلها أم العفو والصفح أفضل؟ أم أن في المسألة تفصيل لا سيما وأن طائفة من الصحابة قد ترافعوا إلى القضاء، كعلي بن أبي طالبٍ وعمر وغيرهما من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

(132/1)


أولاً: من ترافع إلى القضاء لا يُلام للحصول على حقه إذا غلب على ظنه أن الحق له، لا يُلام إذا رفع أمره إلى القضاء، وما شُرع القضاء إلا له ولأمثاله، ولا شك أن العفو {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] هذا في الجملة، لكن إذا كان الطرف الثاني عٌرف بعدوانه على الناس، وظلمه لهم، وجحد حقوقهم، والاعتداء على أبدانهم وأموالهم، مثل هذا رفعه إلى القضاء، وأخذ الحق منه أفضل من تركه؛ لأن هذا يردعه مثل هذا، ولو تركه زيد، ثم تركه عمرو، ثم تركه فلان وفلان استمر على ظلمه وعدوانه.
يقول: سؤالي إذا لم يكن مع المدعي شاهد، لكنه حلف والمدعى عليه أنكر وأبى الحلف فلمن يُحكم؟
الأصل أنه تُطلب البينة من المدعي فإذا لم يكن لديه بينة يُطلب اليمين من المُنكر، فإن حلف برئ وانتهت القضية، وأن نكل عن اليمين ردت على المدعي واستحق، أما أن تُرد اليمين قبل نكول المدعى عليه فلا.
يقول: نحن نجد حرجاً عندما نصلي في مسجد تُقام فيه صلاة الجماعة أكثر من مرة كمساجد الأسواق أو المستشفيات، أو التي على الطرق الطويلة حيث أننا نجد أحياناً الذي يؤم الجماعة رجلٌ قد تلبس ببعض المعاصي الظاهرة كحلق اللحية، أو إسبال الثوب، أو تنبعث منه رائحة الدخان، فهل ندخل مع تلك الجماعة ومعنا من هو أصلح حالاً ممن يتظاهر بالمعصية، أو ننتظر حتى تنتهي الصلاة ونصلي خلف إمام نحسب أنه مستقيم؟
الحنابلة عندهم أن الصلاة لا تصح خلف الفاسق، فعلى هذا لا يجوز الدخول في الصلاة التي يكون الإمام فيها فاسق، بل ينتظر حتى يُسلم ويصلى خلف إمامٍ عدلٍ ثقة على هذا القول، والأكثر على أن إمامة الفاسق صحيحة، وأن من صحت صلاته صحة إمامته، وعلى هذا تدخل مع هذا الإمام على إي حالٍ كان وتُصلي معه، وهذا قول الأكثر، وهو المتجه -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مرتكب الكبيرة, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بأن قال له: احلف على المصحف، أو بعد العصر عصر الجمعة، أو في المسجد أو على المنبر.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
الشاهد ما عليه يمين.
طالب:. . . . . . . . .
طلب من المدعي؟

(132/2)


طالب:. . . . . . . . .
والشهود ويش علاقتهم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ هم غير ثقات؟ يعني ما تُقبل شهادتهم وإلا تُقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
يطلب يمين باعتبار أن الشاهد عنده غير مرضي، وإنما جزء من بينة وليست بينة، شهادة اثنين أو أكثر من غير العدول الأصل أنها مردودة، ووجودها مثل عدمها، لكن بعض الناس بعض العلماء يرى أن شهادة فاسق مع فاسق مع فاسق، يعني مثل الرواية يقوي بعضها بعضاً، فتورث غلبة ظن تُدعم بيمين، لكن الأصل أن الشاهد إما مقبول الشهادة أو مردود الشهادة، فإن قُبل الشهادة فلا داعي لليمين، وإن ردت شهادته ما كفت اليمين إلا بعد النكُول.
طالب:. . . . . . . . .
ما في شك أنه عند انتشار الفسق، وقلة العدول وندرتهم يُتنازل في بعض الشروط، ويُسلك مع هؤلاء الشهود الذين تظهر عليهم علامات الفسق من ذكاء القاضي ما يكشف حقيقة الحال.
يقول: أنا مقيم في السعودية ومعي أختي، وتقدم رجلٌ لخطبة أختي فوجدناه رجلاً مناسباً، وو الدي يعيش في بلدنا الأصل هل يجوز لي أن أتولى عقد النكاح أو لا بد من توكيل من الوالد؟
لا بد من التوكيل، لا بد من توكيل الوالد لولده؛ لأنه هو الأصل في العقد، ولا تنتقل الولاية إلى من دونه إلا بمبرر شرعي.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين:
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من غلق الرهن
قال يحيى حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن الميسب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن)).
قال مالكٌ: وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم- أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عن ما رهن به، فيقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك -إلى أجلٍ يسميه له- وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه.
قال: فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له، وأرى هذا الشرط منفسخاً.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

(132/3)


الرهن توثقة دينٍ بعين يمكن الاستيفاء من ثمنها، توثقة دين بعين يمكن الاستيفاء استيفاء هذا الدين من ثمن هذه العين.
والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة، فمن الكتاب قول الله -جل وعلا-: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] ومن السنة ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مات ودرعه مرهون عند يهودي، فالرهن ثابت بالكتاب والسنة.
وفي الآية: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [(283) سورة البقرة] هذا يدل على مشروعية الرهن في السفر، والحديث دليلٌ على مشروعية الرهن في الحضر.
{فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] القبض قبض كل شيء بحسبه، فرهن الأرض بالتهميش على صكها أنها رهن، وإلا فما معنى القبض؟ القبض بالتخلية يكون في مثل هذا، رهن السيارة بما يكون رهن السيارة؟ بأن يقبضها المرتهن تكون عنده إلى أن يسدد الدين، ما استفاد المشتري هو يريد أن يستعمل هذه السيارة من أول لحظة، فإذا قلنا: إنها مقبوضة يعني أنها تكون بيد المرتهن حتى يسدد الدين ينتظر حتى يجتمع عنده المبلغ ويشتريها نقد، إذا كان لا يستفيد منها.

(132/4)


فلا شك أن رهن كل شيء وقبض كل شيء بحسبه، ويتحايلون الآن على الرهن بغير اسمه، في السيارات على سبيل الخصوص يرهنون السيارة، لكن بغير اسم الرهن، بمعنى أنه يقول: أبيعك هذه السيارة بمائة ألف كل شهر ثلاثة آلاف، ونسمي هذا البيع تأجير، هو بيع في الحقيقة، إذا انتهت الأقساط أخذ صاحب السيارة سيارته، وانتقلت الملكية له تلقائياً بالعقد الأول، هذا بيع، لكنه برهن، يعني تأخير انتقال الاسم في الاستمارة من البائع إلى المشتري؛ لأنه رهن ثبتت باسمه، واستمرت على اسمه رهناً، وإن سموه تأجير، وهو ليس في الحقيقة تأجير؛ لأنه بيع، بيع تام إلا أنهم لا يحولون الاسم في الاستمارة؛ لئلا يتصرف المشتري بالسيارة فيضمن البائع حقه باستمرار اسمه في الاستمارة، هذا بيع برهن، ولو سموه تأجير؛ لأنهم لا يستطيعون أن يهمشوا على الاستمارة، قبل منذ ربع قرن أو أكثر والاستمارات مثل الدفتر فيها عدة أوراق، إذا رهن سواءً كان بدينها بدين السيارة، أو بدين أخر ذهب البائع والمشتري إلى المرور وهمشوا على الاستمارة أن السيارة مرهونة لفلان مما لا يوجد نظيره الآن، بل لا يمكن؛ لأن الاستمارات لا تحتمل الآن، وليس لمحل الرهن حقل.

(132/5)


على كل حال مثل هذه الأمور لا شك أنها أمور اصطلاحية، وأعراف تتغير من وقت إلى آخر، فإذا أراد البائع أن يرهن السيارة، ويضمن حقه فإنه حينئذٍ لا يحول الاسم، طيب لا يحول الاسم وقد باع، لا، يتحايل على البيع ويسميه أجرة، وهذه المسألة غير مسألة الإيجار بالتمليك، مسألة ثانية تلك في عقد واحد يبيعه السيارة بمائة ألف وينتهون، وتكون هذه المائة منجمة كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف ألفين أكثر أقل، فإذا انتهت انتقل ملك السيارة تلقائياً، وحولت الاستمارة، لكن بالنسبة للإيجار المنتهي بالتمليك هو مشتمل على عقدين: عقد تأجير وعقد تمليك، فهو يُؤجره السيارة كل شهر بألفين، ثم يبيعها عليه بعشرين مثلاً هذا العقد اشتمل على عقدين التأجير والتمليك البيع، والسبب في منعه منع مثل هذه الصورة أن الضمان عائر لا يدرى هل هو على المشتري أو على البائع، فإن قلنا: إنه مستأجر صار الضمان على صاحب السيارة البائع، وإن قلنا: إنه مشترٍ، إذا قلنا: مستأجر صار ضمانه على البائع على صاحب السيارة، وإذا قلنا: إنه مشترٍ فالضمان عليه، ونظراً لهذا وما يوجده من إشكالات لاشتمال العقد على الاحتمالين فإنه يُمنع من هذه الحيثية، وقد أفتى المشايخ بتحريم مثل هذه الصورة.
"قال يحيى: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب" وهو موصولٌ في غير الموطأ "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" والحديث صحيح لا إشكال فيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن)) " يعني من صاحبه، بمعنى أنه لا يؤخذ منه بمجرد حلول الدين من غير رغبته، لا يؤخذ منه، وينتقل تلقائياً إلى المرتهن بمجرد حلول الدين من غير رغبته.
ومالك -رحمه الله تعالى-: قال: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم-" يعني نظن "أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" استدان من زيد مبلغ خمسين ألف وأرهنه بيتاً بمائة ألف فيه فضل "فيقول الراهن للمرتهن: "إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه" يعني بعد سنة مثلاً "وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه" يعني لك بالمبلغ الأدنى بالخمسين، ولا شك أن هذا لا يقوله إلا مضطر والاضطرار هو الإغلاق، فلا ينفذ مثل هذا.

(132/6)


قالوا: وكان الرهن أو غلق الرهن من أفعال الجاهلية، فأبطله النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((لا يغلق الرهن)) يعني يفوت على صاحبه بمجرد أن الدين حل عليه، يعني استغلالاً لضعفه ولظرفه، لا.
قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" مثل هذه العبارة وقد جاءت في الحديث الصحيح لا يصلح، أو قال: لا يحل، دليلٌ على أن معنى لا يصلح في النص جاء في الحديث الصحيح، لا يصلح، أو قال: لا يحل، وهنا في كلام الإمام مالك لا يصلح ولا يحل، أن هذه الكلمة يعني لا يصلح إذا أجاب بها العالم فمراده بها التحريم ضد الحلال، بعض المفتين يتورع من قوله: هذا حرام، ويكتفي بقوله: لا يصلح، يا أخي لا يصلح مثل هذا العمل، وإذا قلنا: إنهما بمعنى واحد فليس ورعاً أن يقول: لا يصلح، وإنما يقول مثل ما يقول الإمام أحمد: لا يُعجبني، أما إذا قال: لا يصلح وهو يعرف أن معنى لا يصلح لا يحل، يعني يحرم ما استفاد، نعم جرى العُرف بهذا أن العالم إذا قال: لا يصلح دل على أن في نفسه شيء من الجزم بالتحريم، تستعمل كثيراً، يقول لك: هذه شركة نقية على ما قالوا ونريد أن نساهم فيها، تقول: لا يصلح، ما يصلح، هذا ما يصلح، وتريد أن تكفه وراعاً من أن يدخل في هذه الشركات ولو كانت نقية، وهنا قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" يعني يحرم، "وهذا الذي نُهي عنه" يعني إن كان في الرهن فضل أو في ... ، نعم في الرهن فضل عن الدين، مثلما قلنا: إنه استدان منه خمسين ألف ثم رهنه بيتاً قيمته مائة ألف.
يقول: "وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له" وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له، يعني هذا الرهن الذي فيه فضل عن الدين، وأخذه المرتهن بناءاً على قول الراهن "وإلا فالرهن لك" يعني ما جاء بالمبلغ، تأخر بالمبلغ يصير الرهن على ما اتفق عليه للمرتهن مع فضله وزيادته.
"فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بالمبلغ المطلوب بعد الأجل فهو له" لأن التصرف الأول غير صحيح "وأرى أن هذا الشرط منفسخاً" يعني الشرط هذا ليس بصحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .

(132/7)


يقول: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم- أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" ظاهر وإلا ما هو بظاهر إلى هذا الحد؟
طالب:. . . . . . . . .
استدان مبلغ خمسين ألف مائة ألف مائتين ألف ثلاثمائة ألف نعم فرهنه بيت، بيت بخمسمائة ألف، من أجل ثلاثمائة أو أربعمائة ألف دين، يقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بالمبلغ الثلاثمائة وإلا فالبيت لك المرتهن كله، إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه بعد ستة أشهر بعد سنة، يعني إلى الأجلٍ المحدد في العقد، أجل الدين وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه، قال: فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه؛ لأن مثل هذا التصرف لا شك أن المشتري لم يجعل هذه العين المرهونة التي قد تستحق ضعف ما رُهن من أجله إلا مضطر، يعني يأتي يقول: والله أنا مضطر لخمسين ألف مائة ألف، تقول: والله يا أخي من يضمنك، إذاً لا بد من رهن، فيقول: أرهن بيتي، الرهن البيت؛ لأنه جازم على السداد، وعازم عليه، ويؤكد ذلك أني إن جئتك بهذا المبلغ على رأس الحول وإلا فالبيت لك، الرهن، البيت المرهون.
يقول: "وإن جاء صاحبه بالذي رهن به" يعني بمائة الألف "بعد الأجل فهو له" يعني الرهن له، والكلام الأول لاغٍ، فسخ، هذا الشرط منفسخ؛ لأن هذا هو الإغلاق بعينه، وقد جاء النهي عنه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
من غير رغبته؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يؤخذ, مالك حمل هذا النهي على الفضل، على ما كان فيه فضل، والسبب في ذلك اضطرار الراهن، الراهن مضطر لهذا المبلغ، فلا تُستغل هذه الضرورة، لكن صورة أو عموم الحديث يشمل جميع الصور أنه لا يُفوت عليه سلعته بغير رغبته هو, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أي فضل، أي فضل كان؛ لأنه ما يترك هذا الفضل إلا لأنه مضطر، ولا يحوز للتاجر أن يستغل ضرورة المحتاج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(132/8)


معروف الثلث، يعني مسألة الغبن وما الغبن حتى عند الحنابلة، لا يُسمى غبن حتى يزيد عن الثلث؛ لأنه جاء في الحديث: ((الثلث كثير)) مع أن استعمال هذه اللفظة في غير موضعها فيه ما فيه، أقول: فيه ما فيه، يعني جاءت في باب الوصية توصي بالثلث الثلث كثير، ثلث مالك، لكن تغبن بالرُبع حتى الرُبع كثير بالنسبة للغبن اللي عينك عينك، هذا كله كثير، المقصود أنهم يسلكون مثل هذا لهذا النص، ويدخلون هذا النص .. ، هذا النص يقحمونه في غير موضعه، يعني لو استعمل في أبواب أخرى، في أبواب من المعاوضات أخرى، يُقبل؟ لا يُقبل, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عند مالك ما يضر مثل هذا، ما يضر؛ لأنه فسر غلق الرهن بما فيه فضل، والنص يشمل هذا وغيره، المقصود أنه يُترك البيع لصاحب البيت، ما يقول: لا أنا الذي با أتولاه، وأنا الذي ببيع، وأنت ما لك صنع، لا! ما زال البيت في ملك صاحبه، فهو الذي يتولى بيعه، ويسدد ما بذمته من دين.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلاٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل: إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه، وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل، أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها.
قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أُبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع)).
قال: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن من باع وليدة أو شيئاً من الحيوان وفي بطنها جنين أن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.
قال مالك: ومما يبين ذلك أيضاً: أن مِن أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل، ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جيناً في بطن أمه من الرقيق، ولا من الدواب.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان

(132/9)


يريد الإمام -رحمه الله تعالى- أن يفرق بين الثمر فيلحقه بالبيع، والثمر إذا كان بعد التأبير وقبل بدو الصلاح فهو للبائع، وإن كان بعده فهو للمشتري، إن كان بعد بدو الصلاح وأمن العاهة.

(132/10)


يقول: "قال يحيى: سمعت مالكٍ يقول فيمن رهن حائطاً له" بستاناً "إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني يوجد ويطيب ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل "إن الثمر ليس برهن مع الأصل" لأنه لو بيع النخل أو الشجر ما دخل معه، فكذلك لو رُهن لا يدخل معه "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" المرتهن اشترط أن يكون الرهن مع أصله "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" الدين خمسمائة ألف لمدة خمس سنوات كل سنة مائة ألف، وهذا البستان نفترض أن غلته في السنة عشرين ألف، وفي كل سنة يُنتج هذه الغلاة، وتٌجذ وتباع، يجُذها صاحب البستان ويبيعها له ذلك، أو نقول: هذه التابعة لأصلها فتكون رهناً مع أصلها؟ شخص استدان من شخص مليون مثلاً، ورهنه بيتاً، رهنه بيتاً هذا البيت احتيج إليه في مصلحة عامة، كان هذا البيت قيمته مليون، ثم احتيج إليه لمصلحة عامة لتوسعة شارع مثلاً فأخذ نصف البيت يبقى النصف الذي لم يؤخذ ولم يُستغل في توسعة الشارع، النصف الباقي لا يزال رهن لكن صاحب الرهن لا يقتنع بذلك، فيقول: أنا أرهن النصف وقيمة النصف الثاني الذي هو التثمين من الدولة، إما أن تُعطيني إياه، ونسدد عنك بقدره، أو تشتري به شيء يكون داخلاً في ضمن الرهن؛ لأنه جزء من رهنه، الصورة ظاهرة وإلا ما هي بظاهرة؟ ماذا يقول صاحب البيت؟ الآن البيت بعد ما وسع الشارع احتمال أن يكون هذا النصف يقرب من قيمة البيت كامل؛ لأن البيت الذي على شارع خمسة متر مثلاً ما هو مثل البيت الذي صار على شارع عشرين أو خمسة وعشرين تزيد قيمته، فهل نقول: إن هذه الزيادة في قيمة النصف الباقي تكفيك، واترك هذا يتصرف في الدراهم التي ثمّن بها النصف الثاني؟ أو نقول: هذه هذا فرعٌ عن هذا البيت فهو في حكم النماء فهو رهن معه؟ والإمام -رحمة الله عليه- مثلّ ببستان، ومثلّ بجارية، ولكل منهما نماء، فجعل نماء البستان لا يدخل في الرهن، وجعل نماء الجارية يدخل في الرهن، فهل نماء البيت ملحق بنماء البستان أو بنماء الجارية؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ليس له، ليس للمرتهن.

(132/11)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني موجود وقت الرهن الثمر، قد أٌبر لكنه لم يبدو صلاحه بعد "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" يعني كما في البيع "إلا أن يشترطه المبتاع" يعني المشتري "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" والمسلمون على شروطهم "وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها".
"قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع ثمراً قد أُبرت فثمرها للبائع)) " وهو هنا للراهن إلا إن يشترطه المبتاع، إلا إن يشترطه المرتهن.
قال: "والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه من باع وليدة -جارية- أو شيئاً من الحيوان، وفي بطنها جنين" باع وليدة، باع جارية، باع ناقة، باع شاة، باع بقرة، وفي بطنها جنين "أن ذلك الجنين للمشتري" لأن المشتري له النماء سواء كان متصلاً أو منفصلاً "إن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه" وهو يختلف في هذا عن الثمر؛ لأن الثمر فيه نص يدل على أنه للبائع إلا أن يشترطه المبتاع والمرتهن في حُكمه، فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.
"قال مالك: ومما يُبين ذلك أن من أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جنيناً في بطن أمه من الرقيق ولا من الدواب" الفرق بينهما أن الثمر يمكن رهنه على جهة الاستقلال دون الشجر، بينما الجنين لا يمكن رهنه دون أمه، والثمر على الشجر يجوز بيعه على جهة الاستقلال بشرطه، والجنين في بطن أمه لا يجوز بيعه على جهة الاستقلال؛ لأنه غرر وجهالة، المقصود أن هناك فروق بين الثمر وبين ما في بطن الحيوان.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الرهن من الحيوان

(132/12)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن، وعُلم هلاكه فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً، وما كان من رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن، وهو لقيمته ضامن، يُقال له: صفه؟ فإذا وصفه أحلف على صفته، وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك، فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل من مما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى عنه المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن، فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر.
قال مالكٌ -رحمه الله-: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه على يدي غيره.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الرهن من الحيوان
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" تقدم مراراً أنه إذا قال: عندنا فالمراد به أهل المدينة "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان" يُعرف هلاكه من أرض أو دار أو حيوان، الحيوان يُعرف هلاكه، لكن كيف تهلك الدار؟ تسقط؟ يسقط بنيانها؟ إذا قلنا بهذا فكيف تهلك الأرض؟ احتمال أن تكون الأرض مزروعة نعم، أو اعتدى عليها بغصب أو نحوه، يعني لا يمكن أن يستفاد منها.

(132/13)


"أن ما كان من أمرٍ يعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن وعُلم هلاكه" علم هلاكه يعني قامت البينة بأن تكون هذه العين أُصيبت بما يستطاع إقامة البينة على هذه الإصابة، يعني كل الجيران يعرفون أن الله -جل وعلا- أرسل مثلاً صاعقة على هذه الأرض فخسف بها، خُسفت لا تصلح لزراعة، أو على هذا البيت نزل عليه شيء فسقط أو احتراق، إذا هلك إذا أمكن إقامة البينة أو استفاض بين الناس أنه هلك لا بفعله ولا بتفريطه فهلك بيد المرتهن وعُلم هلاكه يعني انتشر بين الناس هلاكه فهو من الراهن، يعني فهو من ضمان الراهن، يعني لا يضمن المرتهن شيء؛ لأن العين المرهونة في يد المرتهن أمانة، والأمين ليس عليه إلا اليمين، ليس عليه ضمان "فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" يقول: ما دام هذه الدار التي ارتهنتها وهي بيدك حصل لها ما حصل، وبدل من أن تُباع بخمسمائة ألف تُباع بثلاثمائة، لماذا لا ننزل المائتين من دينك؟ "وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" حق المرتهن كامل، ولو حصل للعين ما حصل "وما كان رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله" يعني ما يعرف الناس نعم، هلك بسبب غير ظاهر، هلك المرهون، العين، الرهن، بسبب غير ظاهر "فلا يعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن" يقال له: صفه، صف كيفية الهلاك، وما وقع به الهلاك "فإذا وصفه أُحلف على صفته" كل من يُقبل قوله عند أهل العلم لا بد أن يكون مع إيش؟ مع يمينه، يعني لو قُبل قوله من دون يمين تتابع الناس على مجرد الدعوى، لكن إذا عرف أنه مؤتمن على هذا، وأنه حلف أنه ما فرط، ووصف كيفية الهلاك، لا يُقبل قوله المجرد، بل لا بد من يمينه، وأهل العلم يقولون: كل من قُبل قوله فهو مع يمينه "فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن يقال له صفه، فإذا وصفه أُحلف على صفته وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك" يؤتى بلجنة تقوم مقدار التلف "فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل الفضل الذي سمى للمرتهن" كان لو يُعطى الناس بدعواهم, نعم ما يعطون بدعواهم المجردة.

(132/14)


استغفر الله، استغفر الله.
" ... المرتهن أخذه الراهن" يعني كان فيه قدر زائد على ما سماه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن، يعني هو من ضمانه، لكنه مع ذلك لا يُلزم بأن يدفع شيئاً أخر يدعم به هذا الرهن، أصابته آفة فبدلاً من أن .... ، البيت هذا نزل عليه شيء فسقط، وهو مرهون بخمسمائة ألف، وكانت قيمته خمسمائة ألف، ثم لما جاءه هذا الخلل صار لا يستحق إلا ثلاثمائة، ما يقال: ارهن شيئاً آخر قيمته مائتي ألف أو مائتا ألف تُكمل به الرهن السابق؟ "وإن كان أقل ما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن" إيش معنى هذا الكلام؟ وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، إيش معناه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عرفنا الجملة الأولى وإلا ما عرفناها؟ واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ طيب، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، الآن ما الداعي إلى أن يحلف الراهن؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، الراهن الذي أودع هذه العين عند صاحب الدين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .

(132/15)


فإن كان فيه فضل عما سمى به المرتهن أخذه الراهن، الآن عندنا غنم وغرم، نعم، الآن لما أصابت هذه الآفة هذا البيت وسقط بنيانه، وبدلاً من أن تكون قيمته مبنياً خمسمائة صارت قيمته ثلاثمائة، هذا فيه فضل وإلا ما فيه فضل؟ فيه فضل، لو أن بيتاً بيت لا يصلح للسكن ولا للتأجير، بيت قديم ثم جاءت آفة أو مطراً شديد وسقط هذا البيت، بدلاً من أن يؤتى بعمال لهدمه أو تكون قيمته وهو قائم مائة ألف، والذي يسومه ويريده يحسب حساب أنه سيحضر عمال يهدمونه بالأجرة، فجاء السيل فهدمه، تزيد قيمته وإلا ما تزيد بعد هذه الآفة؟ تزيد قيمته، وهم يريدون المخالصة بين الراهن والمرتهن، الراهن قال: خذ هذا البيت عن دينك، نعم، وهو مرهون بمائة ألف، ولما هدم أو أنهدم صار يستحق مائة وعشرين ألف، يحلف ويأخذ الزائد، الراهن، "وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر".
"قال مالك: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه في يد غيره" المهم هذا إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن، وهي أمانة بيده إن فرط فيها ضمنها وإلا فلا.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في الرجلين يكون لهما رهن بنيهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الأخر أنظره بحقه سنة، قال: إن كان يقدر على يُقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفى حقه وإن خيفا أن ينقص حقه بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليُوقف لي رهني على هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً.
قال يحي ى: وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده وللعبد مال: إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن.
نعم، يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين

(132/16)


الرهن يكون بين الرجلين، المقصود الرجلين الراهنين أو المرتهنين؟ هل المقصود أن هذه العين المرهونة لرجلين في ملك رجلين، أو ارتهنها رجلان؟ الثاني وإلا الأول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني اثنين ذهبا إلى غني فاستدانا منه مالاً ورهناه بيتاً مشتركاً بينهما أو العكس، اشترى من اثنين -هو واحد- اشترى من اثنين ورهنهما بيته, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.

(132/17)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجلين يكون لهما رهن بينهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة" هذا راهن وليس بمرتهن، أنظره المرتهن بحقه سنة "قال: إن كان يقدر على أن يُقسم الرهن، ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفي حقه" يعني إن كان ممكن أن يُباع نصف البيت، عمارة مكونة من شقق، تمكن قسمتها، عمارة فيها أربع شقق لاثنين لرجلين رهناها عند رجل استدانا منه فأنظر أحدهما لمدة سنة، قال له: لك مدة زيادة سنة، والثاني لم ينظره فحل الدين على واحد دون الثاني، إن أمكن أن يُباع نصيب من حل عليه الدين بمفرده ويُوفى ما عليه من دين فُعل "وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة، فإن كان يقدر على أن يقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأُفي حقه، وإن خيف أن ينقص حقه بيع الرهن كله" يعني إذا كان النصف الثاني يتضرر ببيع النصف، يعني السوم على هذه العمارة باعتبارها أربع شقق خمسمائة ألف لما قيل له تشتري نصف هذه العمارة؟ قال: أنا حاجتي بالأربع الشقق، قالوا: ما عندنا إلا شقتين فنزل بالقيمة، هو في هذه الحالة يتضرر، إذاً "بيع الرهن كله، فأعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف الرهن على هيئته ثم أٌعطي حقه كاملاً" لما بيع الراهن هما اثنان واحد حل عليه الدين وطُولب به، والثاني حل عليه الدين وأُنظر سنة، وبينهما عمارة مكونة من أربع شقق، فقال للذي حل عليه الدين ولم ينظره: بع نصيبك، قال له: إن بعت شقتين تضررت، وإذا بعنا العمارة كاملة ما نتضرر؛ لأنه في زبائن يريدون أربع شقق، المرتهن صاحب الدين يقول: أنا ما أنظرت هذا لمدة سنة إلا رأفة به، وأخشى أن يتضرر بإلزامه بالبيع، والآن البيع طيب بيع النصف ويباع بالنصف الثاني، أنا ما أنظرت إلا من أجل إلا يتضرر ببيع نصيه، والآن ما فيه ضرر عليه "بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام بالبيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف لي رهني على

(132/18)


هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً" نعم أنا أريد أن يستقر أمر هذا البيت المرهون ولا يتصرف فيه، أنا ما أنظرته إلا لهذا.
قال: "وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده" يعني عند أحدٍ "في العبد يرهنه سيده، وللعبد مالٌ" الجمهور على أن العبد لا يملك، وعند الإمام مالك العبد يملك بالتمليك، وهو جارٍ على مذهبه -رحمه الله-.
يقول: "في العبد يرهنه سيده وللعبد مالٌ، إن مال العبد ليس برهن" مال العبد ليس برهن، لكن هل هو مثل نماء الشجر الذي ينفصل عنه في الرهن، أو مثل ولد الجارية أو ولد الدابة الذي يتبعها في الرهن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كله نماء، الثمرة نماء، حمل الجارية نماء، وهنا مال العبد مثله، في حكمه، فإذا ولدت الجارية كان ولدها رهناً معها، الثمر الذي على الشجر لا يتبع الرهن إلا أن يشترطه المرتهن، كما أنه لا يدخل في البيع إلا إذا اشترطه المبتاع، هذا قبل بدو صلاحه، طيب العبد له مال، إن مال العبد ليس برهن، يعني مثل ثمر الشجر،
"إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن" يقول: شرط، أنا أرهن هذا العبد لكن لا بد أن يكون معه ماله.
طالب:. . . . . . . . .
طيب والله، تقوم بهذا؟ ممكن تقوم بهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: هل أخذ الراهن لأكثر من حقه يُعد من باب القرض الذي جر نفعاً، لذلك جاء النهي عن غلق الرهن؟
نعم إذا اشترط عليه أن يُفوَت عليه وقيمة الرهن أكثر من الدين يكون من هذا، ولذا منعه مالك، وحمله على هذه الصورة، هذا إذا كانت قيمته أكثر من قيمة الدين، واشترط عليه في البداية، أما إذا انتهى الأمر من غير شرط، وتنازل صاحب الرهن بطوعه واختياره، ولو كانت قيمته أكثر من الدين فإنه يكون من حُسن القضاء.
اللهم صل على محمد ....

(132/19)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح الموطأ: كتاب الأقضية (6)
باب: القضاء في جامع الرهون

الشيخ: عبد الكريم الخضير
هذا يقول: أشكل علينا مع بعض طلاب العلم ضابط مسألة ما علم من الدين بالضرورة، حيث قالوا: إن ذلك يختلف من بلد إلى بلد بحسب مواريث الآباء من علم لأبنائهم؟
الأمور المجمع عليها بين علماء المسلمين في الغالب لا يخفى حكمها على أحد، الأمور التي اتفق عليها علماء الإسلام المجمع عليها هذه لا تخفى، وهناك أمور عملية يزاولها المسلمون أيضاً لا يخفى أمرها عليهم، أما ما خفي أمره على بعض الناس لا سيما حديث العهد بالإسلام، أو من نشأ في بلاد غير مسلمين فمثل هذا قد يخفى عليه مثل هذه الأمور إلا أنه لا يحكم عليه حتى يعرف حكمها، ويخبر بأن الخمر حرام، والسرقة حرام، وغيرهما من الأمور التي علم من تحريمها من الدين بالضرورة، وكذا ما علم حله من الدين بالضرورة، فمثل هذه الأمور المجمع عليها من عاش في بلاد المسلمين يعرفها، ومن عاش في غير بلاد المسلمين، أو كان حديث الإسلام يُعلم بها –يخبر-، وحينئذٍ تقام عليه الحجة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يدعي أن الصلاة غير واجبة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ادعى أنه لا يعلم أن الخمر حرام؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يصدق، في بلاد المسلمين ما يصدق، اللهم إلا إذا كان في بلادٍ شاع فيها الفجور كشيوعه في بلاد غير المسلمين، وإن ادعوا الإسلام! لأن بعض -مع الأسف الشديد- بعض البلاد الإسلامية لا سيما العواصم تدخل ويمكن تجلس فيها يومين ثلاثة ما تجد فرق، المظاهر هي المظاهر، يعني ما تجد فرق بين العواصم الكبرى الإسلامية مع غيرها ما تجد فرق، اللهم إلا سماع الأذان على ضعف مع الصخب الموجود، وإلا ما تجد لباس الناس هو واحد مع الكفار ومعاملاتهم وأزياؤهم وتصرفاتهم قريبة من ... لا سيما مع تحقق ما أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم)) فمثل هذا إذا ادعى أنه لا يعرف الحكم يخبر به.
يقول: هل يشترط لصحة الرهن أن يكون مقبوضاً لظاهر الآية: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] أم لا يشترط؟ وهل قاعدة ... ؟

(133/1)


المقصود أن الآية نصت على أن يكون مقبوضاً، وقبض كل شيءٍ بحسبه، ما يتم قبضه به يسمى مقبوض، ولو لم يكن في حوزة المرتهن، يعني ولو كان لا بحوزة هذا ولا هذا، لكنها الملك تام للراهن، والوثيقة التي أثبت فيها هذا الملك تكون بيد المرتهن، أو يهمش عليها كالصكوك مثلاً.
هل قاعدة ما جاز بيعه جاز رهنه مضطردة أم هناك ما يخرمها كرهن ما يسرع إليه الفساد كالخضروات والفواكه واللحم ونحوها؟
لا بد أن يتحقق الهدف من الرهن، في المرهون، في العين المرهونة لا بد أن يتحقق الهدف، لو رهنه خضروات على ما ذكر السائل، والأمد بعيد، الأجل سنة مثلاً، خضروات ما تعيش أكثر من يومين ثلاثة أسبوع، اللهم إلا إذا تعب عليها بثلاجات، أو بشيء من هذا، المقصود أنه لا بد من تحقق الهدف من مشروعية الرهن الذي يضمن به المرتهن حقه.
وماذا عن رهن المستعار؟
لا يصح هذا لأنه لا يملكه، ولا يمكن الاستيفاء منه أو من قيمته.
يقول: أحد المساجد بحي السلام جمعت فيه صلاة المغرب والعشاء هذا اليوم بحجة المطر والرياح، فهل فعلهم صحيح؟ وماذا على المأمومين هل يكونون بذمة الإمام يتحمل عليهم، أم أن عليهم أن يتركوا الجمع وينصرفوا؟
مثل هذا التصرف والتسرع لا يليق بمسلم يهتم بدينه، ويحتاط لنفسه، اليوم ما شفنا شيء مقلق أو مؤذي؟ نعم قبل صلاة المغرب حصل شيء من الظلمة والريح، لكن هذا ما يمنع إلى الوصول إلى المساجد بيسرٍ وسهولة.
يقول: طبيبة من الصالحات، وهي تعمل في مستشفى أهلي، وهي تسأل عن حكم علاج المريض الذي يأتي عن طريق شركات تقوم بتأمين موظفيها طبياً؟
يعني هل هذه الشركة تعاقدت شركة التأمين تعاقدت مع هذا المستشفى ليعالج منسوبيها؟ يعني المستشفى معه عقد من هذه الشركة شركة تأمين؟ حينئذٍ لا يجوز للمستشفى أن يعقد مثل هذه الصفقة أو هذا العقد؟ أما إذا جاءها أفراد وحولوا على هذه الطبيبة، أفراد من النساء وعالجتهم، والحساب له جهة مستقلة لا علاقة لها بها ما عندها مشكلة هي، لا إشكال في هذا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في جامع الرهون

(133/2)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن ارتهن متاعاً فهلك المتاع عند المرتهن، وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق، واجتمعا على التسمية، وتداعيا في الرهن، فقال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وقال المرتهن: قيمته عشرة دنانير، والحق الذي للرجل فيه عشرون ديناراً.
قال مالك -رحمه الله-: يقال للذي بيده الرهن: صفه، فإذا وصفه أحلف عليه، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن: اردد إلى الراهن بقية حقه، وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجلين يختلفا في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: ارتهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال مالك: يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين لقبضه الرهن وحيازته إياه، إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه.
قال مالك -رحمه الله-: وإن كان ثمن الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى، ثم يقال للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنته به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن، فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن.

(133/3)


قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك الرهن وتناكر الحق، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير، وقال الذي له الحق: قيمة الرهن عشرة دنانير، وقال الذي عليه الحق: قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، فإذا وصفه أحلف على صفته، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى، ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أن له فيه، ثم قاصه بما بلغ الرهن، ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعي عليه بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في جامع الرهون
عرفنا أن الجامع في كل كتاب هو ما يجمع المسائل لا تنطوي ولا تدخل تحت التراجم السابقة الجزئية.
يقول: "قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن ارتهن متاعاً فهلك المتاع عند المرتهن، وأقرّ الذي عليه الحق بتسمية الحق" يعني أقر المدين بالمبلغ الذي في ذمته، اعترف، واجتمعا على التسمية، اتفقا عليه، قال: في ذمتك عشرين دينار، قال: نعم في ذمتي عشرين دينار، ما في إشكال، الدين ثابت بقدره، لا اختلاف بين المدعي والمدعى عليه، هذا لا يحتاج إلى إقامة بينة، ولا يحتاج إلى يمين ولا شيء "واجتمعا على التسمية وتداعيا في الرهن، فقال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وقال المرتهن: قيمته عشرة دنانير" قال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وأنا في ذمتي لك عشرين لا لي ولا علي، تلف الرهن بيدك انتهى الإشكال، قال المرتهن: قيمته عشرة دنانير، بقي لي عشرة في ذمتك.

(133/4)


"والحق الذي للرجل فيه عشرون ديناراً، قال مالك: يقال للذي بيده الرهن: صفه" اكتب عن هذا الرهن تصور، أنت مقدره بعشرين، بعشرة، وصاحبه مقدره بعشرين، اكتب وصفه بالتفصيل، ثم هذا الوصف يعرض على أهل الخبرة ويقدرونه من خلال الوصف الذي وصفته به.
"يقال للذي بيده الرهن: صفه، فإذا وصفه أحلف عليه" تحلف أنه ليس فيه من الصفات ولا المزايا غير ما ذكرت مما يرفع من قيمته؟ فإذا حلف يقول: "ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها" أقام يعني قوّم، ثمّن، كم تستحق هذه العين بهذه الصفة؟ "ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن: أردد على الراهن بقية حقه" لما وصفه قال أهل الصنف: هذا يستحق ثلاثين دينار، قيل للمرتهن: أردد عشرة دنانير؛ لأن الذي في ذمته لك عشرين دينار، والراهن يستحق ثلاثين، ترد له عشرة، وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، لما وصفه وصفاً دقيقاً عرض عليه الصنف، فقالوا: يسوى عشرة أو خمسة شعر دينار، فيقال له: ادفع عشرة دنانير، يقال للراهن المدين: ادفع عشرة دنانير، أو ادفع خمسة فيما لو كان الراهن يستحق خمسة عشر ديناراً "أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه" عشرين بعشرين، لا زيادة ولا نقصان، لا وكس ولا شطط.
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجلين يختلفا في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: أرهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن" يعني موجود، الرهن موجود، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في حال .. الرهن نفسه، ما له الحق أن يحلف؟ نفس الصفة للرهن؟
يعني ما يوافق عليها؟ يعني لو بخس المرتهن حقه، وحلف عليه، للآخر أن يعترض، له أن يعترض إذا بخس ما رهنه، بخس بالصفة.

(133/5)


"الأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه، فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: أرهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال: يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عمّا حُلّف عليه أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين ... " الخ، إذا قال الراهن: أنا رهنت عندك هذا الرهن بعشرة دنانير، وقال المرتهن: أنا ارتهنته بعشرين ديناراً، الآن هل هذه لها ارتباط بالمسألة السابقة؟ هل الكلام في مقدار الدين؟ الخلاف في مقدار الدين؟ لا، الخلاف في مقدار ما رهن به، وإلا قد يكون الدين عشرة أضعاف، يأتي إلى التاجر ويقول: ديّني مائة ألف وأرهنك السيارة، أو البيت، بيت يستحق خمسمائة ألف، ديني مائة ألف وأرهنك البيت الذي قيمته خمسمائة ألف، قال: طيب هذه بضاعة تسوى مائة ألف خذها، ثم جاءه بعد مدة، قال: ديني مائة ألف أخرى، ثم ثانية، ثم ثالثة، ثم رابعة، ثم خامسة، الآن الرهن هذا البيت الذي بخمسمائة ألف هل هو بالخمسمائة كاملة أو بالمائة الأولى؟
طالب:. . . . . . . . .
مقابل المائة الأولى، لماذا نقول: إنه في مقابل الخمسمائة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يرهن ما دام في قيمته إمكان؟ البيت يستحق خمسمائة ألف، رهنه بالمائة الأولى، أخذ مائة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، فصارت بقدر البيت، لما انتهت الصفقات، قال المرتهن: الرهن بالخمسمائة، قال الراهن: لا، الرهن بالمائة الأولى، ما الذي يستفيده الراهن من قوله: بالمائة الأولى؟ أنه إذا دفع المائة الأولى تحرر البيت، انتهى رهنه، والمرتهن يستفيد من دعواه أنه بالخمسمائة أنه لا ينفك الرهن حتى تنتهي الديون كلها، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(133/6)


بالمائة الأولى، إلا إذا كان مع عقد المائة الثانية ويقول: داخلة في الرهن، والمبلغ داخل في الرهن السابق، والمبلغ الثالث والرابع والخامس كلها تدخل، لا بد أن ينص عليها، فإذا نص عليها لم يتحرر الراهن حتى يدفع الدين كاملاً، يُبدأ بالمرتهن، يقول: "ويقول المرتهن: ارتهنت منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال: يحلّف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك يحلّف" يقول: والله إن هذا الرهن في مقابل الخمسمائة، ما هو في مقابل المائة "حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة ولا نقصان، إما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين" لماذا لا يحلف الراهن إنما يبدأ بالمرتهن؟ "لقبضه الرهن وحيازته إياه، إلا أن يشاء ربّ الرهن أن يعطيه حقه الذي حلّف عليه ويأخذ رهنه" يعني إن تبرع أو بادر الراهن بالتسديد انتهى الإشكال.
قال: "وإن كان ثمن الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى، ثم يقال للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنته به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن" إما أن تعطيه الذي حلف عليه، وتأخذ رهنك، حلف على عشرين تعطيه عشرين وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنه مرهون بعشرة، إنه مرهون بالمائة الأولى في صورتنا "وإنما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنت به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن" يبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن، يعني إذا حلفت، يعني ما حلف المرتهن حلف الراهن، نكل المرتهن عن اليمين فردت على الراهن إذا حلف على شيء تم "فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غُرم ما حلف عليه المرتهن" الآن المرتهن حلف وإلا نكل؟
طالب:. . . . . . . . .

(133/7)


لا، هو على تقريره، تقرير الإمام -رحمه الله- "وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن" إذا نكل المرتهن، وردت على الراهن انتهى الإشكال، يعني كسائر الدعاوى، وإن حلف المرتهن قال: والله إن الرهن بالخمسمائة كاملة، والراهن يدعي أن الرهن بالمائة الأولى، حلف المرتهن، نقول للراهن على كلام المؤلف: احلف، إن حلف بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن.
قال مالك: "فإن هلك الرهن وتناكرا الحق، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير" يعني كسائر الدعاوى، يعني إذا قال: في ذمة فلان مائة ألف، وقال المدعى عليه: في ذمتي له خمسون ألفاً، ولا بينة لهذا ولا لهذا، يقول: "فإن هلك الرهن وتناكرا الحق فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك إلا عشرة دنانير"، "قال الذي عليه الحق قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، فإذا وصفه أحلف على صفته، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها" يعني مثلما قلنا سابقاً، وصفه وصفاً دقيقاً، ثم عرضت الصفة على أهل الخبرة فقالوا: هذه العين بهذه الصفة قيمتها كذا "فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن" يعني هو ادعى أنه رهنه أنه بعشرين، وادعى المرتهن أنه بعشرة، ووصفه المرتهن، وحلف على الصفة، وعرض على أهل الصنف، فقالوا: خمسة عشر "ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن" يعطى الخمسة الزائدة إذا كان مرهون بعشرة "وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أن له فيه، ثم قاصّه بما بلغ الرهن" قاصّه يعني ينظر في قيمة الرهن، وينظر المبلغ الذي رهن من أجله فتحصل المقاصة، نعم؟
طالب: الآن الحكم. . . . . . . . .
الآن كلهم مقرون، الكلام عند الاختلاف، عند الاختلاف في قدر الدين هذه مسألة، الاختلاف في قدر الرهن مسألة، الاختلاف في قدر ما رهن به، يعني في قيمة الرهن، الآن هذا استدان مائة ألف، ورهنه أرض قيمتها مائة ألف.
طالب:. . . . . . . . .
وش لون يقبلها؟
طالب:. . . . . . . . .

(133/8)


وهل قال صاحب الأرض: إن قيمة الأرض مائتين ألف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن لو قدر أنهم تراضوا في النهاية على أن يأخذ صاحب الدين الأرض، ما هي تقوم من جديد؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن هذا الإغلاق للرهن بالتراضي بينهما من غير زيادة ولا نقصان الذي يقره الإمام مالك، ما الذي يمنعه مالك من صور الإغلاق؟ أن يكون العين المرهونة قيمتها أكثر من الدين، ويأخذها المرتهن يأخذ العين في مقابل الدين، الصورة العكس، يعني أنت تقول: إنه استدان مائتين ألف، وهذه أرض قيمتها مائة ألف، وقال المرتهن، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
فإذا حلّ الدين نقول: أنت رضيت بهذه القيمة، مائتين ودينك بمائتين خذ الأرض بالتراضي، خذ الأرض في مقابل الدين، لو قال: لا، أنا الأرض في ذلك الوقت متسامح في تقيمها، ولا أريد الحقيقة، وإنما أريد أن أشجعك، وإلا في الحقيقة ما تسوى إلا مائة ألف، تقوّم في وقتها، العين قائمة، ويؤتى بأهل الخبرة والصنف فيقومونها؛ لأن العبرة هل هو بالحال أو بالمآل؟ يعني بالحال يعني وقت العقد، بالمآل وقت حلول الدين؛ لأن عندنا عقد أول وعقد ثاني، العقد الأول الذي حصل فيه الدين بداية عقده، وحصل فيه الرهن، العقد الثاني هو عقد بيّن الراهن والمرتهن على هذه العين في مقابل الدين، فلصاحب الدين الذي هو المرتهن أن يقول: والله أنا قومتها في وقتٍ في نظري تسوى، لكن العقار نزل، ما تجيب مائتين ألف، يا الله تسوى مائة، له ذلك، لكن لو شهد أهل الخبرة بأن العقار ما نزل، بغض النظر عن هذه الأرض، قالوا: العقار بزيادة، ما دام أنت مقيمها بمائتين ألف ذاك الوقت يمكن تسوى ثلاثمائة الحين، فكيف تدعي أنها ما تجيب إلا مائة والعقار كله زائد؟ نقول: ما دامت العين قائمة لا يمنع من أن يؤتى بأهل الخبرة ويقومون قيمتها، وتكون في مقابل الدين أو تزيد أو تنقص.
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا كانت العين قائمة ما في إشكال، الإشكال فيما لو تلفت.

(133/9)


"وإن كانت قيمته أقل مما يدعي عليه المرتهن أحلف على الذي زعم أنه له فيه ثم قاصّه بما بلغ الرهن" إن كان مساوياً أخذه بالمقابل، وإن كان أنقص دفع الفرق، وإن كانت العين أنقص دفع المدين الفرق "ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" يعني المدعى عليه المرتهن؟ الآن الذي عليه الحق ما هو الراهن؟ هو الراهن الذي عليه الدين "على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" هاه؟ المرتهن ليش صار مدعى عليه والدين كله بذمة الثاني؟ مدعى عليه باعتبار أن العين بيده "بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن" مستقيم؟
طالب:. . . . . . . . .
شوف إيش يقول؟ "ثم أحلف الذي عليه الحق" الذي عليه الحق هو الراهن الذي عليه الدين، صح وإلا لا؟ "ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" هو نفسه وإلا المرتهن؟ شوف "ثم أحلف الذي عليه الحق" هذا الراهن، الذي عليه الحق هو الذي دفع رهن؟ على الفضل الذي بقي للمدعى عليه، له يعني هو نفسه؛ لأن الجملة الأخيرة تشكل إذا حملنا الجملة الثانية على المرتهن، صح وإلا لا؟ لأنه يقول: بعد مبلغ ثمن الرهن وذلك أن الذي بيده الرهن وهو المرتهن، صار مدعياً على الراهن، إذاً المدعى عليه الراهن، "فأحلف الذي عليه الحق وهو الراهن على الفضل الذي بقي له" وهو المدعى عليه بعد مبلغ ثمن الرهن، "وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الراهن" من يصور لنا هذه المسألة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صورتها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي هو المدعي.
طالب:. . . . . . . . .
والراهن.
طالب:. . . . . . . . .
والمرتهن هو الذي بيده الرهن، على اعتبار أن الرهن مقبوض حقيقة أو حكماً؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
ما دام. . . . . . . . . فهو حكمه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الدين مائة ألف والرهن يسوى مائة وخمسين.
طالب:. . . . . . . . .

(133/10)


طيب، ما الداعي لمثل هذا الحلف، وهو معترف بأن في ذمته مائة ألف، وأهل الصنف ثمّنوا وقيّموا هذه الأرض بمائة وخمسين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، معترف.
طالب:. . . . . . . . .
الذي عليه الدين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الراهن إيه، والذي له الدين هو المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
هو الراهن ما اختلفنا في هذا، هو الذي عليه الحق، وهو المدعى عليه "ثم أحلف الذي عليه الحق" وهو الراهن "على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" يعني له، يحلف على الحق الذي بقي له على الخمسين هذه يحلف عليها.
طالب:. . . . . . . . .
لا أكثر؛ لأنه بقي له، على الفضل الذي بقي للمدعى عليه؛ لأنه هو نفسه المدعى عليه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل نقول: إنه رهن الدين مائة ألف ويعترف به المدين ولا إشكال، وفي صك، ثم بعد ذلك قومت الأرض بمائة وخمسين، إذا رضوا متفقين على الدين، ورضوا بالتقويم لا داعي لليمين، له داعي وإلا لا؟ لكن إذا قوّمت بمائة وخمسين، إذا قوم بمائة وخمسين الرهن، وقال المرتهن لا يالله يالله يجيب مائة، بغينا بتسعين، أبي زيادة عشرة، هل نقول: إنه في مقابل تردد المرتهن يحلف الذي عليه الحق؟ وعلى هذه الصورة يتنزل كلام الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
في هذه الصورة يصير مدعى عليه؟ يتجه إلى اليمين، شوف "بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن" مدعياً عليه بالفرق الذي هو ينقص، هو يدعي أن هذه الأرض ما تستحق هذه القيمة "فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من المرتهن بعد قيمة الرهن" على كل حال إذا لم يرض المرتهن بالقيمة صار مدعياً على الراهن، فعلى هذا تتجه اليمين إلى الراهن.
طالب:. . . . . . . . .

(133/11)


لا، أنا صورت على غير هذا، الدين مائة، والعين قائمة أرض، جاءوا أهل الصنف قالوا: مائة وخمسين، قالوا: ادفع خمسين، قال: لا، لا، ما تجيب ولا تسعين، أنا أدعي عليك الآن بعشرة الفرق، صار مدعىً عليه فيحلف، وإلا لو اتفقوا على القيمة التي ثمنت بها ما صار فيها أدنى إشكال، ولا حاجة لليمين، صارت محاسبة ونتيجة مرضية عند الجميع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مفاد الذي ذكرناه.
طالب:. . . . . . . . .
لا أنت قلبت الدعوة الحين، قلبت الدعوة؛ لأن عندنا كلام مالك واضح "وذلك أن الذي بيده الرهن" من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب صار مدعياً على الراهن.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الذي أقوله أنا؟
طالب:. . . . . . . . .
ما صار عكس؛ لأنه نفس الشيء، الآن هي قوّمت بمائة وخمسين، أو قوّمت بمائة وعشرة مثلاً، جابوا أهل الصنف قالوا: مائة وعشرة، قال: لا أنا ما أقتنع أنها بمائة وعشرة، تسعين، أنا أبي عشرة منك، اتجهت اليمين على الراهن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هي زادت الأرقام ونقصت الصورة ما تتغير، يعني سواء ثمناه بمائة مائة وخمسين تسعين مائة وعشرة أو خمسة عشرة عشرين الصورة ما تختلف.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الراهن قال.
طالب: على الفضل الذي بقي للمدعى عليه ....
له، له.
طالب:. . . . . . . . .
الراهن الراهن، هو نفسه مدعى عليه هو الراهن، بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، المرتهن مدعي، المدعي.
طالب:. . . . . . . . .
خلك من هذا، ثم أحلف، اقرأ من ثم أحلف.
طالب: ثم أحلف الذي عليه الحق منه ...
من هو ذا؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، اكتب الراهن، علشان ما تنحاس، اكتب عليه الراهن.
على الفضل الذي بقي ...
طالب: على الفضل الذي بقي للمرتهن ....
لا، لا، الراهن، المدعى عليه هو الراهن.
طالب:. . . . . . . . .
لأنه بيجيك، وذلك أن الذي بيده الرهن، من هو ذا؟
طالب: للذي بيد المرتهن.
خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
صار مدعياً.
طالب:. . . . . . . . .
ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي له.
طالب:. . . . . . . . .

(133/12)


هو الأصل أن يكون كذا؛ لأنه لو أراد الراهن لقال: إذا بقي له.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه يقول: صار مدعياً على الراهن، فهو مدعى، صار مدعي، المرتهن مدعي.
طالب:. . . . . . . . .
يعني تبينا نرجع من أصل المسألة؟ نرجع من أصل المسألة وإلا نقف عند هذه ونصورها من جديد؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن كانت قيمتها أقل.
طالب:. . . . . . . . .
أُحلف الذي زعم أنه له فيه، ثم قاصه بما بلغ الرهن.
طالب:. . . . . . . . .
صح الرهن يحلف، يحلف على الفرق الذي بقي لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: إذا صار المرتهن مدعياً يصير الراهن مدعىً عليه، هذا الكلام، بقي للمدعي عليه الذي هو الراهن شلون يصير مدعي ومدعىً عليه في آن واحد؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في آنٍ واحد هو مدعي ومدعى عليه؟ المرتهن مدعي ومدعىّ عليه في آن واحد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، بلى.
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما زال الإشكال قائم، ما انحل الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
ما انحل عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
أنتم تبونه مدعي صوري وإلا حقيقي؟ المرتهن؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن شوف، ثم أحلف الذي عليه الحق، نختلف في كونه الراهن هذا؟ المدين؟ على الفضل الذي بقي للمدعى عليه.
طالب:. . . . . . . . .
ليش حلفوه وهو مدعي؟
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه صار مدعياً على الراهن، بعده مباشرة.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
مو قلتم: المدعى عليه هو المرتهن، ونقول: هو الراهن؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
الآن من الذي بيحلف؟ شوف الكلام دعونا من الكلام السابق كله، ثم أحلف جملة جملة، ثم أحلف الذي عليه الحق من هو؟ الراهن، على الفضل الذي بقي للمدعى عليه، من الزيادة في تقدير السلعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه صار المرتهن مدعياً.
طالب:. . . . . . . . .
أنا ما ودي أرجع إلى الكلام الذي انتهينا؛ لأنه كثير ستة أسطر.
طالب:. . . . . . . . .
وإن كانت قيمته أقل، انتهينا من قيمته أكثر.
إن كانت قيمة الرهن.
طالب:. . . . . . . . .

(133/13)


طيب، المرتهن يقول: بعشرة، صح؟ وقومت بخمسة.
طالب:. . . . . . . . .
أحلف الذي زعم أنه له فيه إيش؟ كيف أحلف على الذي زعم؟
حستونا، إحنا جبناه وانتهينا من هذه، أحلف على الذي زعم أنه له فيه، يعني بمبلغ الدين الذي له في مقابل هذا الرهن.
طالب:. . . . . . . . .
إحنا قلنا: إن كلهم متفقين على أن الدين ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، أنتم تبوا كل هذه الأسطر في مسألة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب نثبتها بالقلم.
فإن هلك الرهن أرهنه دابة، أرهنه فرس دريناه، وتناكرا الحق، قال المرتهن: الدين مائة ألف في مقابل الفرس صح؟ قال الراهن: ثمانين ألف، الآن في الدين، يقول: كانت لي فيه عشرون ديناراً، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً التي سميناها مائة ألف، ولتكن عشرون ديناراً بدال المائة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاص عشرين، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير، جيد، وقال الذي له الحق: قيمة الرهن عشرة دنانير، الدين هنا وقيمة الرهن كم؟ عشرة دنانير، وقال الراهن: عشرون ديناراً، يعني المسألة متعاكسة في الدين وفي قيمة الرهن، طيب، وقال الذي عليه الحق: قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، صف لها هالفرس، فإذا وصفه احلف على أنه لا يزيد ولا ينقص على هذا السعر، سجل لنا الوصف بورقة، في هذه الورقة سجل جميع ما يتصف به من صفات، ثم بعد ذلك احلف على هذه الصفات، حلف.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا المرتهن الذي بيده الرهن، ثم قيل لأهل الصنف: ثمنوا، كم ثمنوه؟ "ثم أقام تلك الصفة على أهل المعرفة بها، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن" التثمين ثلاثين يصير أكثر مما يدعيه المرتهن، أحلف على ما ادعى، من الذي أحلف؟ المرتهن، الآن استحق عشرين والراهن يدعي عشرة؟ لماذا لا يعطى عشرين؛ لأنه ما أقر إلا بعشرة؟
طالب:. . . . . . . . .

(133/14)


لا، لا، في نقطة، أحلف على ما ادعى أنه يدعي أن الدين عشرين، والخيل ما يسوى إلا عشرة، خلك منها واحدة واحدة، ادعى المرتهن أن الدين عشرين والفرس ما يستحق إلا عشرة، جيد؟ إذاً هو يحتاج إلى عشرة فقط، والعكس عند الراهن يدعي أن الدين عشرة والفرس يستحق عشرين، الآن إذا قلنا: إنه ما يستحق إلا عشرين، الدين عشرة والفرس بعشرين بإقراره هو الراهن كم يستحق؟ باعترافه هو الراهن أنه ما يستحق إلا عشرة، وبالتثمين مع دعوى المرتهن يستحق عشرة إذاً يعطى عشرة، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ الآن ما هو الراهن صاحب الفرس يقول: الدين عشرة، والفرس يسوى عشرين، هذه نعطيه عشرة من بدايتها أو نعطيه في النهاية نقرّ أن الدين عشرين والفرس يسوى ثلاثين تستحق عشرة، فالراهن يستحق العشرة من الأول، عشرة في البداية أو في النهاية على حسب اعترافه هو وتثمينه للفرس، أو على حسب اعتراف المرتهن وتثمين اللجنة، هو مستحق عشرة على هذا وعلى هذا، ظاهر وإلا مو ظاهر؟ أظن عاد هذا ما يحتاج إلى إعادة، ملينا يا إخوان، واضح.
أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن عشرة، يعني لو ما جبنا لجنة ولا وصفنا على حسب دعواه ما يبي إلا عشرة؟ ومع التعب ما استحق إلا عشرة، انتهى الإشكال، وإن كانت قيمته أقل؟ قيمة الرهن أقل مما يدعي فيه المرتهن، قيمته قيمة الرهن أقل مما يدعي فيه المرتهن، المرتهن يدعي عشرة، المرتهن مو بالراهن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا عشرة.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . المرتهن، الدين عشرين وقيمة الرهن عشرة، الرهن العكس، في الصورة الأولى قلنا: يستحق صاحب الفرس عشرة على أي تقدير سواء اختلفوا وإلا اتفقوا، على تقريره هو أو تقرير اللجنة؟ صح وإلا لا؟ لأنه من البداية يقول: أنا ما أبي إلا عشرين، الدين عشرة والفرس بعشرين، ما أبي إلا عشرة الفرق، لكن هل يستقيم هذا مع رضاه يعني هو راضٍ بالعشرة باعتبار أن السلعة ما تجيب إلا عشرين، فتبين أن فرسه يسوى ثلاثين، فهل كون الفرس زادت قيمته يبطل دعواه الأولى، ولو أن ما في ذمته إلا عشرة؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا أبطلنا، الإمام بطلها.
طالب:. . . . . . . . .

(133/15)


أحلف المرتهن على ما ادعى، لكن أقول: كون الفرس يسوى ثلاثين يعني كون صاحب الفرس تقديره أقل من الواقع يلغي كونه يستحق أكثر؟ إذاً كيف يقول الإمام: أحلف على من ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن، ما فضل من قيمة الرهن يعني بعد حسم الدين العشرة وإلا العشرين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو معترف بعشرة وفرسه هو مقدره بعشرين، وصار يسوى ثلاثين، قال: أنا أبي ثلاثين الحين، يعني أنت افترض مسألة ....
طالب:. . . . . . . . .
يحلف المرتهن ..
طالب:. . . . . . . . .
له عشرون على دعواه.
طالب:. . . . . . . . .
وراه ما يحلف ذاك لأنه منكر العشرة الزائدة في الدين؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .

(133/16)


المدعي يقول لي: عشرين، مثلما صوروا الإخوان كل واحد مدعي ومدعى عليه، واحد مدعي في الدين والثاني منكر في الدين، الصورة الثانية واحد مدعي بقيمة الفرس والثاني منكر للقيمة، فاللجنة تفصل بقيمة الفرس، ما فصلت بالدين، يبقى الدين على حاله، يعني أنت لو تبي تجيب سيارة، ومع آخر سيارة، وتقدرون السيارة سيارتك بمائة ألف، وسيارتك بتسعين، وتقبل الفرق عشرة، ثم يقول: لا ما أقبل، يقول لك: لا ما أقبل يمكن سيارتي تسوى أكثر من سيارتك، وتروحون لأهل الصنف يقولون: سيارتك بمائة وعشرة وسيارته بثمانين، هل هذا يلغي أن الفرق ثلاثين؟ هل يلزمك أنك ما تدفع إلا عشرة؟ يعني كونك ما تعرف القيمة الحقيقة يحصل أمور ما تخطر على بال، واحد جايب أثاث للحراج، وواحد من الشريطية الذي في الحراج لحظ له سلعة في الأثاث ساعة، وحرج عليها مائة مائتين ثلاثمائة خمسمائة نصيبك، أخذ الساعة وحطها في مخباته مباشرة، وحرج على السيارة وباعها بأربعمائة وخمسين أو خمسمائة بعد، هذا لاحظ أن قيمة الساعة تسوى عشرة أضعاف قيمة الأثاث، هل هذا يبطل حق المسكين الذي اغتر بالحراج، ولا عرف أن قيمة الساعة ... ، يحسب الساعة من الخردوات اللي ما تجيب إلا عشرة ريال، عشرين ريال، فباعها معها، لو يعرف أن الساعة قيمتها خمسة آلاف يبيع البضاعة كلها بخمسمائة؟! ومثل هذا البيع يبطل حقه إذا ادعى أنه ما يعرف قيمتها؟ الآن ما بعد تم العقد في الصورة التي صورناها، جاء زيد بسيارة وعمرو بسيارة، قال زيد: أنا سيارتي تفوق سيارتك بعشرة آلاف، أنا سيارتي بمائة وسيارتك بتسعين، قال عمرو: لا والله أنا ما أرضى بتقديرك أنت، أنت مو من أهل الخبرة، يرضينا فلان شيخ الدلالين روح له وخلاص، قال شيخ الدلالين: سيارة زيد بمائة وعشرة، وسيارة عمرو بثمانين، الفرق ثلاثين ألف، هل نلزم زيد بقبول عشرة فقط؛ لأنه أقر بها أولاً؟ نعم هذه صورتنا، ما هي الصورة نفسها؟ ألزمناه بأن تكون قيمة الفرس عشرين لا ثلاثين، لكن هذا في مقابل دعوى أخرى، تتجه فيها اليمين على المرتهن، فإذا حلف بلغ دينه عشرين مع الثلاثين يصير الفرق عشرة، هو كلام يحتاج إلى نباهة مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .

(133/17)


إي بالتقدير لأنه ما دام كلهم حكموه ورضوا بالتقويم خلاص، ولذلك جعلت في باب القضاء، حكموا هذه اللجنة وانتهى صاروا قضاة بالنسبة لهم.
وإن كانت قيمة الرهن أقل بالتقدير، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
شوف المرتهن وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن عشرة، المرتهن يدعي عشرة، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
طيب خمسة عشر، التقدير خمسة عشر، أحلف الذي زعم أنه له فيه ثم قاصه مما بلغ الرهن، المرتهن بيحلف على دعواه، الدين عشرين، إذاً له خمسة، يأخذ خمسة، ثم قاصه بما بلغ الرهن، ثم أحلف الذي عليه الحق، الراهن على الفضل الذي بقي للمدعى عليه ...
طالب:. . . . . . . . .
طيب هذه الخمسة، بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن بالخمسة، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، بطلت الخمسة.
طالب:. . . . . . . . .
حلف الراهن إيه، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمته، الخمسة، انتهى الإشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
على التقرير الأخير لأن صارت دعوى مركبة، ما هي دعوى ... لأن بعض الجمل تحتاج إلى أن تعاد أكثر من مرة، وقد يبين في كل مرة وجه غير ما تقدم، يعني مثلما قلنا في مسألة القرض، القرض إلى الآن وأنا كلما أعدت فيه النظر اختلف القول؛ لأن لها مدارك متعددة، ولذلك مثلما قلنا: الماتن له رأي خالفه الشارح، المحشي خالف الشارح، الشيخ ابن عثيمين وافق الشارح، الشيخ ابن جبرين وافق الماتن، يعني مسألة تحتاج إلى إعادة نظر مراراً، وفي أوقات متفاوتة، ولا يمنع أنها يمكن حملها على وجه يصح فيه قول الماتن، ويمكن حملها على وجه يصح فيه قول الشارح، فمثل هذه المسائل الشائكة تحتاج إلى نظر أكثر من مرة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(133/18)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (7)
باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها - باب: القضاء في المستكرهة من النساء

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: ما حكم أخذ قرض عن طريق التورق؟
معروف أن القرض الذي يرجى ثوابه من الله -جل وعلا- هو بدون زيادة من المقترض، فساد بين الناس وروّج بعض الجهات كالبنوك مثلاً أن يسموا معاملاتهم قروض، وهي ليست بقروض في الحقيقة، القرض الذي لا يؤخذ عليه زيادة ولا يرجى ثوابه إلا من الله -جل وعلا-، أما إذا ربحوا عليك فليس بقرض، هذا ليس بقرض.
يقول: عن طريق التورق؟
التورق ليست بقرض.
من البنك الهولندي مع العلم أنهم يوقعون الشخص على وكالة بيع البضاعة التي يجعلونها بينهم وبين الشخص المقترض؟

(134/1)


ذكرنا مراراً أن مسألة التورق لا تسلم من ضعف للخلاف القوي فيها، ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية يرون تحريم هذه الصورة من صور البيع، ولا يوجزون إلا إذا كان المشتري بحاجة إلى السلعة، أما إذا كان بحاجة إلى قيمتها فلا يجيزونها، ويجعلونها من التحايل على الربا، والمعروف عند عامة أهل العلم جوازها إذا استوفت الشروط بأن كان البائع مالكاً للسلعة ملكاً تاماً مستقراً، ثم يبيعها على من يريدها، ولو لم يردها لذاتها، وإنما أرادها لقيمتها يبيعها بيع تام بشروطه، تقبض فيه السلعة من قبل المشتري ويتولى المشتري أو وكيله الثقة بيعها على طرف ثاني غير الطرف الأول، أما كون المشتري يوقع على وكالة بيع البضاعة من قبل البنك يتولون بيعها، فلا بد أن يكون الوكيل ثقة؛ لأن مثل هؤلاء الذين يتعاملون بمعاملات محرمة دون تردد بينهم، ما الذي يمنعه أن يشتريها هو؟ أو لا يكون هناك سلعة، أو سلعة صورة، ثم بعد ذلك يفتح المخزن مخزن الدراهم، ويعطيه دراهم فتكون دراهم بدراهم عين الربا، فلا يوكل بمثل هذه العقود إلا ثقة، ويعرف الأحكام، كثير من الناس يوقع على شيء وهو جاهل، أو يبرم عقد وهو جاهل بتفاصيله، أو جاهل بالحكم الشرعي، ثم بعد ذلك يتوب، ولكن قبل أن توقع اعرف الحكم الشرعي في هذه المعاملة، صور المسألة تصويراً دقيقاً واعرضها على أهل العلم، وخذ الجواب، وحينئذٍ تبرأ ذمتك، أما أن تقدم على شيءٍ لا تدري ما حقيقته، ثم يتبيّن لك أنه محرم ثم تقول: أتوب؟ نعم من تاب تاب الله عليه، لكن مع ذلك يجب على المسلم أن يعرف من أحكام الدين ما يلزمه من عبادات ومعاملات، هذه وسائل عينية، ما دام أنت تحتاج إلى هذه المعاملة لا بد من معرفتها، ومن معرفة حكمها.
يقول: ما أفضل الطبعات لكل من فتاوى ابن تيمية -رحمه الله-؟
أفضل الطبعات الطبعة الأولى طبعة الملك سعود.
والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث؟
هو ما طبع إلا طبعة واحدة، طبعه المستشرقون في أوروبا، في هولندا، وصور عن هذه الطبعة تصويرات كثيرة، المقصود أن الطبعة الأوروبية هي الأصل، ثم بعد ذلك ما صور عنها لا يختلف عنها.
التحفة؟

(134/2)


أي تحفة هذه؟ إن كان يقصد تحفة الأشراف، أو تحفة الأحوذي، أو تحفة المودود، أو تحفة المحتاج؟ أي تحفة؟ لكن الذي يظهر أنه بعد ذكر المعجم المفهرس أنه يريد تحفة الأشراف، الطبعة الهندية عبد الصمد شرف الدين طبعة ممتازة، وطبعة بشار فيها زيادة في الترقيم بحيث يحيلك على الحديث برقمه، وإن كان فيها نقص في الأحاديث، نقص يسير في الأحاديث.
الشرح الممتع؟
هذه طبعة ابن الجوزي أفضل من غيرها.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان، ويتقدم أن رب الدابة يخيّر، فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك، ويقبض دابته، وله الكراء الأول، وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري، وله الكراء الأول إن كان استكرى الدابة البدأة، فإن كان استكراها ذاهباً وراجعاً ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، وذلك أن الكراء نصفه في البدأة، ونصفه في الرجعة، فتعدى المتعدي بالدابة، ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول، ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه، لم يكن على المستكري ضمان، ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء، قال: وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه، قال: وكذلك أيضاً من أخذ مالاً قراضاً من صاحبه فقال له رب المال: لا تشتري به حيواناً ولا سلعاً كذا وكذا بسلع يسميها، وينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال، ويذهب بربح صاحبه، فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل، وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى.

(134/3)


قال: وكذلك أيضاً الرجل الذي يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعةً باسمها فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به ويتعدى ذلك، فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامناً لرأس ماله فذلك له.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها
"قال يحيى: سمعت مالكاً" كراء الدابة إجارتها، والتعدي بها مجاوزة ما استئجرت من أجله من مكان.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم" يعني استأجر سيارة إلى الخرج بمبلغ كذا، ثم لما وصل الخرج حملها البضاعة ووصل بها إلى الخرج ما انباعت البضاعة يقول: نبيع بالحوطة مثلاً، ويتعدى بها من غير اتفاق مع صاحبها، الاتفاق على الخرج، ثم بعد ذلك معه بضاعة ما انباعت تعدى بها إلى الحوطة، أو تتعطل سيارته فيأتي بصاحب سطحة، يقول: ودنا الصناعية، ويوديه الصناعية ما يجد ورشة تقبلها، يقول: ودنا، اذهبوا بها إلى الصناعية الثانية، والاتفاق على الصناعية الأولى، هذا يتعدى بها فما العمل؟
يقول: "سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم أن ربّ الدابة يخيّر فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك" يعني إن كان استأجره إلى الخرج بثلاثمائة ريال، ثم لما تعدى إلى الحوطة، قال: أنا أريد خمسمائة له ذلك، إن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك، ويقبض دابته، يقبضها من الحوطة، وله الكراء الأول، له الكراء الأول الثلاثمائة، وله أيضاً المئتان الزائدتان.

(134/4)


"وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري" استأجر الدابة إلى الخرج، وعرفنا أنها عليها متاع يريد بيعه فما باعه في الخرج باعه وتعدى بها إلى مكان آخر، يكون الإجارة إلى الخرج ما عدا ذلك أنا لا أسمح لك ولا أريد أجرة ولا شيء، ما أحللك إلا أن تعطيني قيمة الدابة، أنت تصرفت بغير إذني، إجارة منتهية بإيش؟ بالتمليك، يعني إلى الخرج له الأجرة، ثم بعد ذلك في الصورة الثانية يقول: "وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري، وله الكراء الأول" له الأجرة إلى الخرج، وله قيمة الدابة مما تصرف فيه الطرف الثاني إلى الجهة الثانية إلى الحوطة أو إلى غيرها من البلدان، يستطيع أن يلزمه بقيمة الدابة على رأي الإمام مالك -رحمه الله-.

(134/5)


"وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري وله الكراء الأول إن كان استكرى الدابة البدأة" يعني مجرد ذهاب، ما استأجر إلا إلى الخرج، ما استأجرها ذاهباً وراجعاً، لكن إن كان استكراها ذاهباً وراجعاً، ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى منه، فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، استأجرها إلى الخرج، ويبي يحملها من الخرج إلى الرياض، استأجرها ذاهباً واستأجرها راجعاً، هذا لما وصل الخرج تعداها إلى الحوطة، ما انباعت السلعة على رأي الإمام مالك في القول الثاني في الصورة الثانية يقول: له أن يلزمه بقيمة الدابة، لكن هل له أن يلزمه بأجرة ما بين الخرج إلى الرياض في الرجوع؟ له من الرياض إلى الخرج أجرة، لكن هو استأجرها أيضاً من الخرج إلى الرياض آيباً راجعاً، يقول ليس له ذلك، فإن كان استكراها ذاهباً وراجعاً ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكراها إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، يعني الذهاب فقط، لماذا؟ لأنه في الرجوع صارت ملكاً للمستأجر فلا يستحق صاحب الدابة الأول كراء في الرجعة "وذلك أن الكراء نصفه في البدأة، ونصفه في الرجعة، فتعدى المتعدي بالدابة، ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول، ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء" هلكت الدابة بغير تعدي ولا تفريط ولا تحميلها أكثر مما تطيق، هلكت، وصلت إلى الخرج فماتت، لا يضمن لأنه لم يفرط، والعين بيده أمانة، يحلف أنه لم يفرط فلا يلزمه قيمتها، إنما يلزمه نصف الكراء؛ لأن ما وصلته به إلى الرياض الثانية، الذي هو النصف الثاني "لم يكن على المستكري ضمان، ولم يكن للمكري إلا نصف الدابة" شخص استأجر شقة فاحترقت يضمن المستأجر؟ لا يضمن، استأجر دابة فماتت، طيب استأجر سيارة وخبطت يلزم وإلا ما يلزم؟ يقول: أنا ما فرطت، أنا ماشي في طريقي وما فرطت، وكل شيء تفقدناه مضبوط، الأسلاك ماشية، والماء مناسب، والسرعة مناسبة، والجو معتدل.
طالب:. . . . . . . . . عليه وإلا على راعي السيارة؟
المقصود أنها متفقدة سواء من هذا أو من ذاك؟
طالب: .... هل المستكري. . . . . . . . .؟

(134/6)


لكن إن اطلع عليها وعرف أن فيها خلل واستمر؟
طالب: لا، هو لو نبهه ممكن، لكن. . . . . . . . .
ما نبّهه لكن اطلع عليها، وشاف أن الماء ناقص أو ....
طالب: لا أنا أقصد هل هو استلمها؟
أنت افترض أنه هو الذي تفقدها الآن، يعني من زود الحرص علشان ما يضمن ولا يتهم بتفريط تفقدها.
طالب: .... الواجب منه عليه، على المستكري ..

(134/7)


لا الواجب ... ، هو سلّم سيارة صالحة للاستعمال، ليستحق صاحبها الأجرة، الآن لما قال الإمام مالك -رحمه الله- يستأجرها مثلاً إلى الخرج، ثم يتعدى بها المستأجر إلى جهةٍ أخرى، يقول: لصاحب الدابة لصاحب السيارة أن يلزم المستأجر قيمة السيارة، يعني صورة هذا العقد أوله أجرة ثم آخره تمليك، فهل تنطبق صورته على صورة الإجارة المنتهي بالتمليك الآن؟ ما تنطبق؟ لماذا؟ لأنه ما اتفق على هذا من الأصل، أنك تستأجرها إلى الخرج، ثم أبيعها عليك بمبلغ كذا، ويتفقون على هذا، البيع هذا طارئ ليس من أصل العقد، أنه يتصرف بغير إذن صاحبها، هو تعدي على كل حال، استعمالها فيما لم يؤذن له به تعدي، المقصود أن هذا رأي مالك في هذه المسألة، والرجل تعدى وقيمتها بسبب الاستعمال نقصت، فلا يخلو من ثلاث وجوه: إما أن يأخذ أجرته بالقدر الزائد إذا رضي بذلك، أو يأخذ أرش نقص السيارة التي نقصت في هذه المسافة، ويمكن تقديره، أو يلزم صاحب المستأجر بدفع قيمتها، وهذا الذي يشير إليه كلام مالك -رحمه الله-، بعض الناس يستأجر حامل يحمل معه متاع، ومن باب ترغيبه يقول: البيت في محل كذا دون الحقيقة، من أجل أن يحثه على قبول الحمل، أو من أجل أن يضع عنه في الأجرة؟ ولو أخبره أن المكان بعيد ما رضي بهذه الأجرة، أو ما رضي بالإجارة من الأصل؟ يقول: ما أتحمل أمشي كل هذه المسافة، فيقول له: إلى كذا، وتشيل هذا المتاع إلى الربوة وهو يبي الملز، لو قال له: للملز قال: لا والله ما عندي وقت، وقتي ما يحتمل، المقصود أنه في مثل هذه الحالة إذا وصل المكان المتفق عليه يضع البضاعة ويستحق الأجرة، أحياناً يحصل خلاف بين هذا النوع من البشر الذين هم الذين يحملون أمتعة الناس، ويكون فيهم الأحمق، موجود فيهم، بعضهم أحمق، ثم يقول له: لا هذا المكان الذي اتفقنا عليه أضعه هنا أو أرجعه للمكان الذي شلته منه، حصل هذا مراراً، ما أتعدى ولا شبر، أضعه في المكان هذا، أو أرجعه إلى المكان الذي شلته منه، تبي تعطيني أجرة هنا نزلت وإلا رجعت، يعني يرجع بدون أجرة ما عنده مانع؟
طالب: .... يكون هو الخسران.
وجد مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الحامل خسران من كل وجه.

(134/8)


طالب: هو خسران لكن ....
على كل حال ما هو من مصلحة الجميع، هذا التصرف ليس بمصلحة الجميع، والخسارة الأعظم على الأجير المسكين، لكن الحمق يصنع مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
مجرد وعد ما يضر، بس ما يكتب بالعقد، ويلزم به الطرف الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، فرق بين الأجرة التي هي مجرد اسم، وبين حقيقة الأجرة، الآن الأجرة الموجودة عند بعض الوكالات هي بيع، بيع بالتقسيط، لكن لضمان حقه كالرهن تبقى السيارة باسم الوكالة، يعني يعطيك السيارة بثمان وأربعين ألف، كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف، فإذا انتهت الأشهر، وانتهت الأقساط انتقلت تلقائياً إلى ملك الطرف الثاني، هذا بيع ذا، ولو سموه أجرة من أجل ضمان حق البائع، هذا ما يؤثر، الإشكال فيما إذا استقل البيع بقيمة، واستقلت الأجرة بقيمة، وتم العقدان في وقتٍ واحد، وتمّ فيها الأجرة والبيع والضمان على من فيما لو تلفت السلعة؟ هذا محل الإشكال، أما إذا قال له: أؤجرك إياها لمدة ثمان وأربعين شهراً إذا انتهت فأنت تملك انتهى الإشكال، هذا بيع، ولو عبّر عنه بالأجرة ليضمن بقاء السيارة باسمه كالرهن، ما يضر هذا.
طالب: قد يكون هناك وعد في السيارة. . . . . . . . . قد يكون وعد أني اشتريها لك، وكل. . . . . . . . . فيكون في هذا أيضاً أنه بعد نهاية الإيجار هناك وعد. . . . . . . . .
بقيمة مستقلة أو بنفس الأجرة السابقة؟
طالب: بباقي الأقساط .... ؟
المهم أنه في النهاية إذا سدد آخر قسط وانتهت الأشهر ملكها، هذا بيع ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الأجرة المنتهية بالتمليك يؤجره كل شهر ألفين وفي النهاية يدفع مبلغ قيمة السيارة، هذه أجرة منتهية بالتمليك، فهي تتضمن عقدين في عقد واحد، والضمان لا يدرى على من؟ لا، هذه ممنوعة من وجوه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذه الأجرة في آخر قسط، وعند تمام المدة يملكها الطرف الثاني تلقائياً، هذه إجارة يسمونها الإجارة وفي الحقيقة بيع بأقساط، ما فيها شيء، وإنما سموها أجرة ليضمنوا حقهم، السيارة تستمر باسمهم إلى أن تنتهي الأقساط.

(134/9)


قال: "وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه" يعني كل من تعدى يعاقب، كل من تعدى وظلم فإنه يعاقب، وتؤخذ منه قيمة ما استؤجر منه.
قال: "وكذلك أيضاً من أخذ مالاً قراضاً من صاحبه" قراضاً مضاربة "فقال له رب المال: لا تشتر به حيواناً ولا سلعاً كذا وكذا" لا تشتر حيوان؛ لأنه يموت، ثم تذهب الدراهم سدى، ولا كذا ولا كذا، لا خضار ولا فواكه؛ لأنها تتلف بسرعة، الذي يخشى من تلفه لصاحب المال أن يمنع منه المضارب، المقارض، احتياطاً لماله "لسلع يسميها وينهاه عنها، ويكره أن يضع ماله فيها، فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه" قال: لا تشتر حيوان اشترى حيوان، لا تشتر فواكه اشترى فواكه، لا تشتر خضار اشترى خضار، وغير ذلك مما يسرع إليه التلف والفساد "ويكره أن يضع ماله فيها، فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال" يتحايل؛ لأنه تصرف تصرف من غير إذن صاحب المال فيضمن المال لو تلف، يعني مثل من أخذ وديعة ثم تصرف فيها، اشترى بها سلعة، وقام يتاجر بها، وقال: متى ما أرادها صاحبها أردها عليه، الأصل في الأمانة أنها لا تضمن، إذا لم يفرط المؤتمن ولم يتعد فيها أنها لا تضمن، لكن إذا استلمها وقبضها ثم مباشرة أخذ يتاجر بها حينئذٍ يضمن، يضمن حينئذٍ، يريد بذلك أن يضمن المال، ويذهب بربح صاحبه، ليأخذ الربح كامل؛ لأنه إذا ضمن والمال أخذ على جهة الأمانة لا على جهة المضاربة، في الأصل مضاربة لكنه لما تصرف فيها وصارت من ضمانه صار الربح له؛ لأن الغنم مع الغرم.
"فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح" يعني يقبل، نهاه عن شراء حيوان فاشترى حيوان فقال: قبلت، ما دام اشتريت قبلت؛ لأنه لو لم يقبل ليس له إلا رأس ماله، فإذا قبل أن يدخل مع المضارب دخل معه على ما اتفقا عليه "إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل، وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى" فيكون المال مضموناً من قبل المضارب، قال: "وكذلك أيضاً" ...
طالب:. . . . . . . . .
أصل المتصرف هذا الذي نهي عن شراء الحيوان فاشترى حيوان، هذا تحايل.

(134/10)


طالب:. . . . . . . . .
وليش خالف؟ لماذا خالف؟
طالب: .... فرصة ....
لا، ما دام ....
طالب:. . . . . . . . .
ما دام صاحب المال اشترط عليه أن لا يشتري حيوان افترض أنه اشترى حيوان ومات من ضمان من؟
طالب: ... افترض أن جاه واحد وأغراه بالسلعة. . . . . . . . . وشراها وهو لم يقصد. . . . . . . . .
المقصود ما دام نهي يضمن، المراد صاحب المال بالخيار، أنا أدخل معه ويلغي شرطه له ذلك، إن أراد أن يبقى على شرطه وليس له إلا رأس ماله له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إذا ضمن المال الأصل أنه مؤتمن، وليس عليه ضمان، لكن إذا تصرف تصرف غير مأذون له فيه صار متعدياً فضمن، والربح له.
طالب:. . . . . . . . . ليش ما نقول في هذه الحالة أنه قضاء وقدر.
لأنه من نماء ماله.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: حتى في حالة التعدي ومخالفة الشرط النماء نماء المال، والمال لصاحبه، فنماؤه له.
طالب: لصاحب المال الأصلي؟
أنت تقصد هذا أنت؟
طالب: إيه أنا أقصد هذا.
لأنه نماء ماله.
طالب:. . . . . . . . . إما أن يأخذ صاحب المال ....
إيه؛ لأنهم يربطون الغنم مع الغرم، ما دام هو الغارم فهو الغانم، وأنت تريد أن يعزر بتصرفه في غير ما اتفقا عليه فيؤخذ الربح كاملاً لصاحب المال؛ لأنه نماء ماله، فيعامل معاملة بنقيض قصده، ماشي مالك -رحمه الله تعالى- على القاعدة: الخراج بالضمان، ما دام يضمن المتصرف فالنماء له، ما دام يضمن، ولا مانع إن رأى حاكماً أن يعزره بتفويت الربح عليه فالأمر له، وإلا فمثل هذا الكلام يفتح باب للحيل والتحايل من قبل المتعاملين.
"وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى".
قال: "وكذلك أيضاً الرجل الذي يبضع معه الرجل بضاعة" يعني العامة يسمون المضاربة والقراض يسمونها بضاعة، معروف عندهم في نجد أن المضاربة بضاعة، يعطيه مال بضاعة، بمعنى أنه يعمل فيه بالتجارة والربح بينهما.

(134/11)


وقال: "وكذلك أيضاً الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها" ذاهب إلى جهة فقال: هات لي سلعة معينة من السلعة المباحة، فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أُمر به، أعطاه مبلغ مائة ألف يشتري سيارة، فلما رجع قال له صاحب المال: أين السيارة؟ قال: والله لقيت فرصة مناسبة تركة كتب يقال: إنها تربح أضعاف، والسيارة ما تربح إلا عشرة بالمائة عشرين بالمائة، فاشتريت هذه التركة "فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به، ويتعدى ذلك فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار، إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامناً لرأس ماله فله ذلك" يعني وليس له من الربح شيء كما في الصورة الأولى؛ لأن الذي أخذ المال ضامن والخراج بالضمان، نعم.

باب: القضاء في المستكرهة من النساء
حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً: إنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها، وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها، والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله، وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده إلا أن يشاء أن يسلمه.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في المستكرهة من النساء
المستكرهة يعني على الزنا نسأل الله السلامة والعافية.
"حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها" يعني يلزمه صداق مثلها، اغتصبها وزنى بها ينظر مهر مثلها كان مثلها يصدق ثلاثين ألفاً ألزم به، كان مثلها يصدق خمسين ألف ألزم به، وإن كان مثلها يصدق بعشرة آلاف ألزم به.

(134/12)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً أنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها" إن كانت بكر خمسين ألف، وإن كانت ثيب ثلاثين ألف، صداق مثلها، أو أكثر أو أقل على حسب ما هو موجود في وقته، هذا إذا كانت حرة فلها الصداق بما استحل من فرجها "وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها" تقوّم قبل الوطء، قبل الاغتصاب وتقوّم بعده "والعقوبة في ذلك على المغتصب" نعم تلزم عقوبته، ويلزم حده "ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك" لأنها مكرهة، والمكره لا حد عليه "وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده" يعني الآثار المترتبة على جنايته فعلى سيده، اغتصب امرأة، عبد اغتصب امرأة، فالحكم أن لها صداقها، وحينئذٍ يدفعه السيد في صورة العبد "إلا أن يشاء أن يسلمه" اغتصب امرأة وقيل: صداقها خمسون ألفاً، والعبد كله ما يجي عشرة آلاف، فإذا رضي أن يسلمه يقول: خذوه، اكتفي به؛ لأنه ما يعاقب من جهات بعد، السيد نعم يلزمه تربية وتوجيه وحفظ وصيانة بالنسبة لما تحته من عبيد، لكن ليس معنى هذا أنه يغلق عليهم أبواب في غرف بحيث لا يخرجون، فإذا قال: أنا لا أريد العبد خلاص خذوه، وإن كانت قيمته أقل من الصداقة يؤخذ؛ لأن صاحبه لا يكلف أكثر من آلة الجناية.
يقول: رجل من أحد الدول العربية فيه صلاح، وقد تزوج قبل ثلاثة أشهر، ولما تزوج فتاةً تحرى في اختيارها، واختيار عائلتها، واكتشف أنها زانية، والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرتها على إصلاحها وهو ينظر إليها نظرة دونية، أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع وتقع فيما وقعت فيه؟

(134/13)


الأمر إليه، إن كانت تابت وعقد عليها بعد التوبة فالأمر إليه؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، لكن عليهم أن يخبروه بما صدر منها قبل أن يعقد عليها؛ لأن عدم الإخبار غش نسأل الله السلامة والعافية، وهذه مسألة يسأل عنها كثيراً، يقع تقع الهفوة من فتاة ثم بعد ذلك تخطب يتردد عليها الخطاب ولا تقبل، بعضهن تستمر بدون زوج ولا تتزوج، وقد تابت من جريمتها لئلا يكتشف أمرها، ومنهن من يقدم، لا بد من الإخبار؛ لأن هذا غش، فمن يتصور حال الشخص إذا علم فيما بعد؟ إذا تورط بأولاد، أو دخل ودفع الأموال مثل هذا المسكين، وأهل العلم الذين يقولون بوجوب الإخبار ولزومه يستدلون على ذلك بحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت يجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثالثة والرابعة فليبعها ولو بظفير)) قالوا: إن الأمة مهما نزلت قيمتها لا تعادل الحبل المظفور المجدول إلا إذا كانت قد أخبر عنها بأنها زانية، إذا أخبر عنها ما يوجد أحد يشتريها إلا بثمن بخس؛ لأن هذا عيب شديد، فمثل هذا لا بد من إخبار الخاطب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذا يتعلق بالخاطب، الخاطب ما ذنبه يغش بمثل هذا، ولو علم بعد سنين، ومثل هذه الأمور يعني جرت العادة أنها لا تخفى؛ لأن النساء لا صبر لهن على الكتمان، لا بد أن يخرج منها ما يستدل به على شيءٍ من ذلك، إضافة إلى أن مسألة البكارة إذا زالت بهذه الطريقة لا بد أن يكون في نفس الرجل شيء، لا بد أن يكون هناك في النفس شيء، وإن كان الأطباء يقررون أنها قد تزول بدون سبب، أو من وثبة أو ما أشبه ذلك، لا يلزم أن يكون من زنا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الباب السابق؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، نهاه أن يشتري حيوان فاشترى حيوان قال: أنا آخذه خلاص؛ لأنه بماله.
طالب: .... إذا أعطى الحيوان وهذا الحيوان ....
إيه واضح أن الثاني، اليد الثانية متعدية، ليس لها شيء، ليس لها من الربح شيء.
طالب:. . . . . . . . .

(134/14)


الثانية ... ، شوف الآن صاحب المال بالخيار إن أحب أن يأخذ الحيوان ويرضى به يأخذه، وإن أحب أن يتركه ويضمن المتصرف فلوسه له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
هو يعطيه البضاعة ما يعطيه قيمة البضاعة، يعطيه البضاعة سواء كانت أقل أو أكثر المهم يقبل.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يشترك معه في الربح، إن أخذه أخذه بربحه، وإن رده رده بربحه.
طالب: ليش ما قال نفس الكلام. . . . . . . . .
هو إن أخذ البضاعة أخذها بربحها، وإن ردها ردها بربحها، وضمن المشتري المتصرف رأس المال.
بعض الناس يقول: الزنا يحصل من النساء ومن الرجال، هذه المسألة عملية وواقعة وفي البلدان المجاورة تكثر الأسئلة وفي غيرها، حتى في هذه البلاد يحصل ما يحصل، لكن في البلدان الثانية التي لا عقوبة على جريمة الزنا -نسأل الله السلامة والعافية- إذا كان برضى من الطرفين يكثر هذا، المقصود أنه يقول: الزنا يقع من الطرفين، فهل يلزم الرجل أن يخبر أنه سبق أن زنى ثم تاب؟ إذا كنا نلزم المرأة بذلك هل يلزم أن يخبر الرجل أنه سبق أن زنا ثم تاب؟ ما أحد قال بهذا، فما وجه التفريق بين المرأة والرجل؟ أو نقول: إنه كما يستتر الرجل تستتر المرأة؟ يعني إن طولبت بسبب بيّن لذهاب البكارة، وأبدت سبباً يمكن يقبله الزوج ولو لم يكن هو السبب الحقيقي ستراً على نفسها فهي مثل الرجل؟ أو نقول: إن الرجل لا يتأثر بهذا والمرأة تتأثر؟ وأيضاً الرجل يستطيع أن يكتم هذا العيب والمرأة لا بد أن يخرج في ثنايا كلامها ما يستدل به الزوج ولو بعد حين أنه حصل منها شيء؟ ثم بعد ذلك تحصل المصيبة.
في السؤال يقول: اكتشف أنها زانية والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها؟ وينظر إليها نظرة دونية أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع وتقع فيما وقعت فيه؟

(134/15)


على كل حال إذا تابت التوبة تهدم ما كان قبلها، فإن قبلها بهذا العيب فالأمر لا يعدوه، وإن ردها فالأمر إليه ولا أحد يلزمه يعني إن طلقها لا أحد يلزمه بإبقائها، لا سيما وأن بعض الناس بل هذا الأصل في العربي فضلاً عن المسلم أنه تكون لديه حساسية دون هذا العمل، بالنسبة للمرأة إذا نظر إليها بين .. ، بعض الناس يقتل بهذا العمل سواء كانت وقعت فيه الزوجة أو البنت أو ما أشبه ذلك يقتل، نسأل الله السلامة والعافية، لا شك أن هذه غيرة، لكن الغيرة لا بد أن تكون محدودة بحدود الشرع، فسيأتي في بابٍ لاحق من قتل في هذه الصورة يُقتل، سيأتي هذا في أبواب لاحقة -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: التفريق من جهة هذا قول لبعض أهل العلم أنه يلزم، التفريق من جهة أن الرجل لا يتأثر بهذا، والمرأة تتأثر، إن كانت بكر تتأثر بلا شك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تتأثر؟ تزول بكارتها،، السبب حسي وأرش البكارة ما هو سهل، يمكن نصف المهر عند أهل العلم، لكن قد يقول قائل مثلاً: إنه احتمال أن يقع منها هذا ثم بعد ذلك أعطيت مهر كامل قال: والله إحنا نريد البركة ونرد لك نصف المهر، فيتجاوزون عن الأرش من غير إخباره أنه أرش، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
عمليات الترقيع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يصلح الترقيع، لا أبداً، ولا يجوز إقراره، الترقيع لأن هذا يسهل عملية الزنا، ويساعد على نشرها، لا لا، الترقيع هذا كارثة وجريمة هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه يسهل، الترقيع والإجهاض كل هذا يسهل أبواب الزنا.
طالب:. . . . . . . . .
ولو وجد يا أخي، وجوده ما يبرر إباحته أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يسهل وجود الزنا!
طالب:. . . . . . . . .
يكثروا لأن هذا ما ... خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، حتى الإجهاض مثله، نعم تفضل.
طالب:. . . . . . . . .
لا غلط هذا، إقراره جريمة؛ لأن هذا يسهل، ومثله الإجهاض، زنت وحملت يسقط ولا صار شيء، وش يصير؟
طالب:. . . . . . . . .

(134/16)


لا، لا، في أيضاً العار في العرف يقع على المرأة أكثر من الرجل، وهذا معروف حتى له أصل شرعي، ولذلك قدمت المرأة على الرجل في هذا الباب، قال الله -جل وعلا-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور] فالمرأة أشد عاراً، وأهلها تضررهم بهذا أكثر من تضرر الرجل وأسرة الرجل.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو بالإمكان أن تذهب إلى الطبيب وتخبره بما حصل، وتأخذ تقرير؛ لأن الطبيب يعرف أن هذا سبب وليس بسبب، ممكن.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
((لعن الله من سقى ماؤه زرع غيره)) على كل حال المسألة مشكلة ومعضلة، والمسكينة هذه التي وقعت في هذه الهفوة والزلة لا سيما إذا تابت والتوبة معروف أثرها تقع في حرج عظيم بين أن تخبر أو لا تخبر، والأهل من جهة والخاطب من جهة، فالمسألة مشكلة يعني؛ لأن هناك أخطاء تصحيحها شبه مستحيل.
يعني امرأة مكثت مع شخص أكثر من عشرين سنة، وهي في كل سنتين ثلاث تجيب ولد وتقول: منك، والرجل مسكين عقيم كبير سن ما يدري وش اللي حوله؟ وبعد عشرين سنة أو خمسة وعشرين تريد أن تتوب ماذا تصنع؟ لو أخبرت هذا الرجل مات فجأة، نعم، ستة أو سبعة أولاد كلهم يربيهم، وينفق عليهم، وعرضه أهم من ذلك كله، ومع ذلك تقول: تبي تتوب؟ يعني أمور ما يحسب لها حساب، نسأل الله السلامة والعافية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في فرق باعتبار أنهم سواء في التكليف والعقوبة، العقوبة واحدة بالنسبة للرجل والمرأة والذنب واحد، إلا أن العار اللاحق بالنسبة للمرأة وأهلها أشد من العار اللاحق بالنسبة للرجل، هذه من جهة، الأثر الحسي يلحق بالمرأة دون الرجل، وإلا فالأصل أن النساء شقائق الرجال، والمسألة يعني مسألة اجتهاد، يعني بعض أهل العلم يفتي بأنها تستر على نفسها ولا تخبر إن اكتشف فيما بعد يتصرف، لكن الأثر عظيم، يعني لو اكتشف فيما بعد أثر وهو على الخاطب شديد جداً.
طالب: إذا قلنا: إنها حتى لا يتفاجئ بعد إذاً هذا الرجل ....

(134/17)


لا، لا، يوجد من يقدم، في قضايا نسأل عنها، لكنه أقل من المستوى الذي تريده، فتريد مستوى معين؛ لأنها من طبقة معينة، أو على مستوى معين من الثقافة، أو على كذا فيتقدم عليها أقل من المستوى نظراً لأن المسألة عرض وطلب، هذه موظفة وإلا مثقفة وإلا طبيبة وإلا دكتورة وإلا ... ، يتقدم لها من نظرائها يعافونها لأنهم يجدون في مستواها من هي سالمة من هذا العيب، يتقدم لها من هو دونها في المستوى ويقدم، وجد مثل هذا، أو مثلاً مع اختلاف الجنسية مثلاً، يتقدم واحد مثلاً سعودي يتقدم على غير سعودية أو العكس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيقبل، يقبلون، يوجد، وبعدين هذه جريمتها ترضى بالدون، إذا كان هذا حالها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يضعون يا ابن الحلال، يضعون الآن ترى هذه المسألة الله يعاملنا بالعفو، يحفظ أعراض المسلمين، الآن مع وجود هذه الآلات نسأل الله السلامة والعافية، الأسئلة في هذا الباب كثيرة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بيجي في كلامه -رحمه الله-، هو راض، الإمام مالك ...

باب: القضاء في المستكرهة من النساء
واستدل عليه بصنيع عبد الملك، والذين يترجمون بأحكام شرعية ويريدون تحت هذه الترجمة أخبار سواء كانت مرفوعة أو موقوفة فإنما يستدلون لهذه الترجمة رضاءً بما ذكر، ولذلك قدمت السنة على المسانيد؛ لأن من يورد الخبر في السنن يورده للاحتجاج به على ما ترجم به، وأما من يورد الخبر في المسند فهو يورده تحت اسم هذا الصحابي سواء تقرر ثبوته أو لم يتقرر.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً: إنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها، وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها" الأرش كانت قبل الزنا بعشرة آلاف، وبعده خمسة آلاف "والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك" لكن لو تصور أن المرأة هي التي أجبرت الرجل، الآن إذا كان الرجل هو الذي أجبر المرأة وزنى بها العقوبة عليه بلا شك، لكن لو تصور وأهل العلم يختلفون في إمكان إجبار الرجل على الزنا، هل يمكن أو لا يمكن؟
طالب:. . . . . . . . .

(134/18)


المقصود أن أهل العلم في أصول الفقه في باب الإكراه يقولون: إن الرجل لا يمكن إكراهه على الزنا؛ لأن الأمر بيده إذا أكره ما انتشر وانتهى الإشكال، إن كان صادق أنه مكره، إن كان ما هو بصادق يدعى أنه مكره هذا شيء ثاني، ومنهم من يرى أنه يمكن، والمسألة ينتابها أكثر من جهة، المسألة غريزة دافعة، ومسألة خوف من الله -جل وعلا-، فإذا وجد مرجح من إكراه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من يقدر على ذلك، ممن يقدر على ذلك، فإنه إذا تغافل عن مسألة الإكراه، ومسألة الخوف من الله -جل وعلا- يمكن أن ينتشر، احتمال ظاهر يعني؛ لأن المسألة مسألة الغريزة موجودة، إذا كانت فيه قدرة، طيب امرأة اغتصبت رجل فماذا عليها؟ الحد ثابت، لكن هل يلزمها شيء؟ مثل ما يلزمه لو أكرهها؟ ترى الجواب في مثل هذا ينفع في مسألة الإخبار وعدمه في المرأة دون الرجل، إذا أكره الرجل المرأة عليه صداق مثلها، فهل إذا أكرهت المرأة الرجل عليه صداق مثله؟ لا يلزم، إذاً في مسألة الإخبار الغنم مع الغرم، ما دام لها صداق يلزمها الإخبار، وما دام ليس له صداق لا يلزمه الإخبار، هذا مدرك وإلا غير مدرك؟ هذا وجه قوي من أوجه التفريق، فالمرأة ليست كالرجل في هذا الباب من كل وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا شيء أمر خارج عن مسألة الزنا.
"وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها، والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله" يعني المغتصب هو الذي عليه العقوبة، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله، ليس عليها حد، ولا تلزم بدفع شيء "وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده" اغتصب امرأة لزمه مهر مثلها من أين له المهر وهو لا يملك؟ على سيده، يعني إن كانت قيمة العبد أكثر من المهر يدفع المهر، وإن كانت أقل يدفع العبد وينتهي "إلا أن يشاء أن يسلمه"، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اشلون. . . . . . . . .؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا خلاف الأصل، ولا يحل مشكلة، ترى المسألة ... ، التراتيب غير الشرعية لا تحل إشكال شرعي، نقول: لا تحل إشكالاً شرعياً.
طالب:. . . . . . . . .

(134/19)


لا بد من المهر ولو قل على الزوج ولو قل، يلزم بالمهر ولو قل، وكونها تدفع إليها أموالاً أو ما تدفع الأمر ما يعدوه، مو مهر هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا ليس بمهر، المهر ما يدفعه الرجل من أجل أن يتزوج.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل هو عيب ترد به أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هل هذا عيب ترد به؟ نعم عيب، وله مهره.
طالب:. . . . . . . . .
حمال من مين؟ يعني زنت بعد العقد أو قبل؟ بعد الزواج إذا فرط يضمن، إذا فرط فلا يستحق شيئاً، إذا ما فرط له أن يعضلها حتى يسترد ماله، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
وشلون. . . . . . . . .؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما ذكر هذا، هو اكتشف أنها زانية والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، يعني قبل الزواج، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها، وينظر إليها نظرة دونية، أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع .. ؟
يحاول إعفافها بنفسه فلا تحتاج إلى غيره.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يخشى أن تقع، ما فيه عدم قدرة.
طالب:. . . . . . . . .
وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته يعني توقع هذا، وينظر إليها نظرة دونية، يعني ما زالت تزني؟ من السائل؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: ما زالت تزني حتى في عصمته؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنه يقول: هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها؟ أما إذا كانت مستمرة لا يجوز له البقاء معها ألبتة، إن بقي معها فهو ديوث نسأل الله العافية، يقر الخبث في أهله؟! نسأل الله العافية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
من غيرته؟
طالب:. . . . . . . . .

(134/20)


هو له أن يمسكها شرعاً لا يلزمه أن يطلقها بحديث إذا زنت أمة أحدكم فهو يمسكها، المرة الأولى والثانية ثم في الثالثة والرابعة يبيعها، ما أمر ببيعها من أول مرة، ولذا له إمساكها، ولا شك أن مثل هذه الأمور نسأل الله العافية قد تحصل لشخص يحب زوجته حباً كثيراً، إما لتميزها بجمال وشبهه، ثم لا يستطيع مفارقتها، مثل هذا لا يلزم، أما إذا كان يستطيع مفارقتها كذلك أيضاً لا يلزم إلا أن طلقها رغبة منه، لكن الآن الغيرة في كثير من الناس بحسب كثرة الإمساس بمثل هذه الأمور، ووقوع هذه الجرائم في البيوت من خدم وسائقين، وما أشبه ذلك صار أمر شيء مألوف، يعني شخص يأتي إلى مكان الحسبة ويقول: أنا أضمنها أخرجوها تمتحن تختبر وترجع؟ يعني دياثة هذه، يعني وصل الأمر إلى هذا الحد نسأل الله السلامة والعافية، وإن وجد يعني في مقابل ذلك من يقتل، فلا هذا ولا هذا، دين الله وسط بين الغالي والجافي، القتل لا يجوز ولو كانت ثيب لا يجوز وإن استحقت الرجم؛ لأن هذا افتئات على ولي الأمر، وسيأتي في حديث: أيقتله فتقتلونه؟ يقتل بلا شك، وأيضاً إقرارها على خبثها أو الاعتذار عنها بأعذار باردة كما سمعنا أيضاً لا يجوز هذه دياثة، نسأل الله العافية، وأمور المسلم ينبغي أن تكون وسط، ولذا الذي وجد مع امرأة في قصة اللعان، وجد مع امرأته رجل في الليل ماذا صنع؟ انتظر حتى الصباح، لما أصبح ذهب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوصف مثل هذا بدياثة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . عنده غيرة، لكن الناس يتفاوتون في هذا الباب، وينبغي أن تكون الغيرة مزموم بزمام شرع، يعني مخطومة بزمام شرعي.
طالب:. . . . . . . . .
إقرار مين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما أقر، أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) يعني يقتل به، المقصود أنه سيأتينا في حديث: أيقتله فتقتلونه؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
اللهم صل على محمد ....

(134/21)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (8)
باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره - باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام - باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً - باب: القضاء في المنبوذ
الشيخ: عبد الكريم الخضير

سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن استهلك شيئاً من الحيوان بغير إذن صاحبه أن عليه قيمته يوم استهلكه ليس عليه أن يؤخذ بمثله من الحيوان، ولا يكون له أن يعطي صاحبه فيما استهلك شيئاً من الحيوان، ولكن عليه قيمته يوم استهلكه القيمة أعدل ذلك فيما بينهما في الحيوان والعروض.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: فيمن استهلك شيئاً من الطعام بغير إذن صاحبه فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه بمكيلته من صنفه، وإنما الطعام بمنزلة الذهب والفضة، إنما يرد من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، وليس الحيوان بمنزلة الذهب في ذلك، فرق بين ذلك السنة والعمل المعمول به.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: إذا استُودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له؛ لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره

(135/1)


مع أنه إذا كان عندك لأحدٍ شيئاً من حيوان أو طعامٍ أو غيره، ثم تلف بيدك ما لم يكن أمانة ولم تفرط فإنك تضمن، أما إذا كان أمانة وديعة عندك ولم تفرط فيها فليس عليك شيء، لكن إذا كان على غير هذه الصفة فإنك تضمن، الحيوان هذا التالف لا يخلو إما أن يكون مثلياً أو متقوماً، فالمثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته، فالطعام المكيل والموزون والذهب والفضة كلها مثلية، أقول: هذا المستهلك بيد غير صاحبه لا يخلو إما أن يكون مثلياً أو متقوماً، فالمثلي هو الذهب والفضة الدراهم والدنانير، والمكيل والموزون؛ لأنه يمكن ضبطه بالكيل والوزن، أما ما عدا ذلك من الحيوان والعروض وغيرها مما لا يمكن أن يؤتي بمثله من كل وجه، بل لا بد أن يحصل الضرر على أحد الطرفين، فإذا ألزم المستهلك بمثله إذا لم يكن مثلياً، فإنه لا بد أن يؤدي أفضل أو أقل، وفي هذا من الضرر على أحد الطرفين ما فيه.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن استهلك شيئاً من الحيوان" عنده دابة لزيد من الناس، فتلتف بيده بغير إذن صاحبه، أو بإذنه وفرط فيها، إذا كانت بغير إذن صاحبه يضمن مطلقاً، وإذا كانت بإذنه فإنه لا يضمن ما لم يتعدَ ويفرط، وهو فرط في هذه الأمانة وتعدى فيها فإنه يضمن، يضمن القيمة، تقوّم هذه الدابة هذا الحيوان يقوّم ثم يضمن هذه القيمة يوم استهلكه، في اليوم الذي نفق فيه، ليس عليه أن يؤخذ بمثله من الحيوان؛ لأنه ليس بمثلي، وإنما هو متقوّم، ولا يمكن أن تجد حيوان يشبه الآخر من كل وجه، فأنت إذا اشتريت جمل من السوق بثلاثة آلاف، ثم طلع واحد من أقاربك واشترى من السوق نفسه بالقيمة نفسها بثلاثة آلاف، هل تجزم بأن جملك مثل جمله من كل وجه؟ لا يمكن، كما أنك لو اشتريت عبداً نفس الشيء، ولو كانت القيمة واحدة، لكن هذا متقوّم وليس بمثلي؛ لأنه لا يمكن ضبطه "ولا يكون له أن يعطي صاحبه فيما استهلك شيئاً من الحيوان، ولكن عليه قيمته يوم استهلكه، القيمة أعدل ذلك فيما بينهما" يعني أقرب إلى العدل، القيمة هي التي تتحقق بها العدل، يقومه من أهل النظر من يحسن التقويم ثم بعد ذلك يستحق هذا المبلغ، يقول: "القيمة أعدل ذلك فيما بينهما في الحيوان والعروض".

(135/2)


قال: "وسمعت مالكاً يقول: فيمن استهلك شيئاً من الطعام بغير إذن صاحبه فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه" ما يرد القيمة؛ لأن الضبط بالصاع المكيال والميزان ممكن "فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه بمكيلته من صنفه" النوع والصنف والجنس واحد "وإنما الطعام بمنزلة الذهب والفضة" لأنه يمكن ضبطه كضبط الذهب والفضة.
"إنما يرد من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، وليس الحيوان بمنزلة الذهب في ذلك، فرق بين ذلك السنة" المتوارثة التي عليها العمل عندهم في المدينة "والعمل المعمول به".
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: إذا استُودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له" أعطيت زيد من الناس ألف ريال أمانة وديعة لو أخذها منك وما غيّر فيها شيء من وضعها كانت مربوطة بحبل أو بكيس ما فك الكيس ولا عدها ووضعها في مكانٍ آمن لو تلفت يضمن وإلا ما يضمن؟ ما يضمن، إذا لم يتعد ولم يفرط، لكن إذا أعطاك الألف أمانة وقلت: فرصة الآن أنا محتاج ألف أتقضى للبيت، وإذا طلع الراتب نعطيه إذا طلب الرد، تضمن وإلا ما تضمن؟ تضمن على أي حال لأنك تصرفت، وكذا لو اشتريت بها سلعة، تقول: هو ما دام هو لا يحتاجها الآن واشتريت بالألف سلعة فإن الربح يكون لك لا له؛ لأن الخراج بالضمان، ما دام تضمن الربح لك "وربح فيه فإن ذلك الربح له" يعني للذي عمل بالدراهم؛ لأنه ضامن، ما دام عليه الضمان فالربح له، والمعروف أن الخراج بالضمان والغنم مع الغرم حتى يؤديه إلى صاحبه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . . إذا تصرف واشترى .... ؟

(135/3)


هذا يحصل كثير، بعض الناس يتولى الصدقات وأعمال البر والخير، وتجد المصرف ما هو محتاج إلى الدراهم في هذا الوقت، يأخذ لأسرة دراهم ينفق عليهم لمدة سنة، فيقول: أنا أتصرف في هذا المال وأضمن وأدفع لهم في كل شهر كذا، أو طلبه أحد منه قرض فأعطاه إياه، وقال: متى ما احتيج إليه أنا جاهز، هل يأثم وإلا ما يأثم؟ يعني أنت أخذت من غني أو أعطاك غني ألف ريال قال: هذا للأسرة الفلانية، أخذته ووضعته في جيبك، وصلت للسوق تبي تتقضى للبيت وما معك غيرهن، والرد قريب، تروح تسحب وتعطيهم، تتصرف وإلا ما تتصرف؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا شريطة أن .. ، مع الضمان، مع استطاعة الرد؛ لأنه قد يضمن لكن ما يرد في وقته، استطاعة الرد في الوقت المحدد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا لكن إذا عمل؟ الآن البنوك والمصارف الإسلامية وغيرها من المصارف التي ما تتعامل بربا، أنت إذا أعطيتهم وديعة، معك مبلغ مائة ألف بعت أرض وأعطيتهم إياه، هم يربطونه برباط ويحطونه بكيس ويكتبون عليها اسمك وإلا بيتصرفون به؟ على علم منك أو على جهل؟ على علم، أنت تلومهم بهذا؟ هذا في مقابل حفظهم، ومع ذلك يضمنون، لكن لو جعلوها في كيس وربطوها وكتبوا عليها اسمك لو تلفت ما يضمنون؟ فالعمل في مقابل الضمان، وهنا يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "فإن ذلك الربح له" لأنه ضامن، أنت أفضل لك أنه يضمن، لو اشتغل من كونها إذا تلفت ما ضمن، فكل مستفيد من هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يأخذ، ما يأخذ، لا ما يأخذ إلا لو اتفق صارت مضاربة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الله المستعان.
نعم.

باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام
حدثنا يحيى عن مالكٍ عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)).

(135/4)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى والله أعلم: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) أنه من خرج من الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم، فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا؛ لأنه لا تعرف توبتهم، وأنهم كانوا يسرون الكفر، ويعلنون الإسلام، فلا أرى أن يستتاب هؤلاء، ولا يقبل منهم قولهم، وأما من خرج إلى الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذلك لو أن قوماً كانوا على ذلك رأيت أن يدعوا إلى الإسلام ويستتابوا، فإن تابوا قبل ذلك منهم، وإن لم يتوبوا قتلوا، ولم يعن بذلك فيما نرى والله أعلم، من خرج من اليهودية إلى النصرانية، ولا من النصرانية إلى اليهودية، ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها إلا الإسلام، فمن خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فذلك الذي عني به، والله أعلم.
وحدثني عن مالكٍ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن عبد القارّي عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغرّبة خبر؟ فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتهم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كل يومٍ رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام
يعني في حكم المرتد فيمن ارتد عن الإسلام فالترجمة تشعر بالتقييد، وأن المرتد المراد به من ينتقل من الإسلام إلى غيره دون العكس، وإن كان لفظ الحديث عاماً: ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) ((من بدل دينه فاقتلوه)).

(135/5)


قال: "حدثنا يحيى عن مالكٍ عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) " وفي لفظٍ وهو في الصحيح: ((من بدّل دينه فاقتلوه)) يشمل من الصور من انتقل من الإسلام إلى غيره، إلى اليهودية إلى النصرانية إلى الشرك، نسأل الله العافية، ويشمل من غيّر دينه من اليهودية أو النصرانية إلى الإسلام مثلاً، ولفظ الحديث أيضاً يشمل من غير دينه من اليهودية إلى النصرانية أو العكس، كل هذا تغيير، فمن غير دينه من الإسلام إلى غيره، ومن غير الإسلام إلى الإسلام، ومن غير الإسلام إلى غير الإسلام، هذا بدل دينه، فالقسمة كم؟ تجي رباعية؟ من الإسلام إلى الإسلام؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ثلاثية، القسمة ثلاثية، من الإسلام إلى غيره، من غيره إلى الإسلام، من الغير إلى الغير، فالقسمة ثلاثية.
طالب: من الإسلام إلى لا شيء؟
إلى غيره أياً كان لو يعبد هواه، المهم غير الإسلام، معناه أنه يكفر بعد إسلامه، وإلا لو ذهبنا نفرع في ذلك الغير ما انتهى.
أما من انتقل من غير الإسلام إلى الإسلام، بمعنى أنه دخل في الإسلام فلا يدخل في الحديث بالإجماع، يعني هل نقول: يهودي أسلم يقتل؟ لفظ الحديث يتناول وإلا ما يتناول؟ ألا يصدق عليه أنه بدّل دينه؟ نعم، إذاً هذه الصور لا تدخل في الحديث بالإجماع، وإن كان لفظ الحديث يتناول.

(135/6)


((من غيّر دينه)) من الإسلام إلى غيره هذا محل اتفاق أيضاً، أنه داخل في الحديث، بل الحديث نصّ فيه، يعني دخوله في الحديث ظاهر، وأما من غير دينه من غير الإسلام إلى غير الإسلام، من اليهودية إلى النصرانية أو العكس هذا وإن تناوله لفظ الحديث إلا أنه المؤلف لا يرى دخوله في الحديث، يقول: "ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى والله أعلم: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) أنه من خرج من الإسلام إلى غيره –خاصة- مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا" الزنادقة في الاصطلاح عند أهل العلم هم المنافقون في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يكفرون بالباطل ويظهرون الإسلام، فهؤلاء لا يستتابون، إذا ظهر عليهم وقدر عليهم فإنهم يقتلون حتماً، يقول: لأنه لا تعرف توبتهم، أمرهم عقدي، يظهرون للناس الإسلام ثم بعد ذلك يبطنون خلافه "أنه من خرج من الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا" لأنه لا تعرف توبتهم، وقل مثل هذا فيمن بدعته مكفرة، مشتملة على كفريات كفر مخرج من الملة، ثم إذا نوقشوا قالوا: نحن لا نقول بذلك، متى تعرف حقائقهم مثل هؤلاء؟ ما يمكن تعرف، معروف مطرد في مذهبهم أنهم يرتكبون هذا المنكر المخرج عن الملة، فإذا قدر عليهم قالوا: لا، يعترفون بأنهم يتبعون هذا المذهب وهذه النحلة إلا أنهم يقولون: لا ما نقول بهذا القول، نقول: من لازم انتسابكم إلى هذا المذهب أنكم تقولون بما عرف عنكم، وإلا إش لون نطلع؟ إذا أراد أن يتقي السيف بالتنصل عن معتقده مؤقتاً إلى أن ينجو من السيف فمثل ذلك لا يمكن أن يطلع عليه، وهو مراد الإمام مالك لأنه لا تعرف توبتهم "وأنهم كانوا يسرون الكفر ويعلنون الإسلام، وهؤلاء هم المنافقون، فلا أرى أن يستتاب هؤلاء ولا يقبل منهم قولهم" طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قتل المنافقين مع أنه عرف منهم من عرف؟ نعم؟
طالب: بيّن السبب.
بين السبب لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فهو لهذا لم يقتلهم.

(135/7)


"فلا أرى أن يستتاب هؤلاء، ولا يقبل منهم قولهم، وأما من خرج من الإسلام إلى غيره وأظهر ذلك" ظاهر أمره ظاهر، يعني بدل من أن يكون مسلماً صار نصرانياً نسأل الله السلامة والعافية، أو صار يهودياً "وأما من خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل" النوع الأول ما تدري كيف يتوب وكيف ما يتوب؟ لأن عمله سر، وهذا عمله ظاهر "فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذلك لو أن قوماً كانوا على ذلك رأيتُ أن يدعو إلى الإسلام ويستتابوا فإن تابوا قبل ذلك منهم" يعني يستتابون ثلاثة أيام فإن تابوا قبل ذلك منهم "وإن لم يتوبوا قتلوا، قال: ولم يعنِ بذلك فيما نرى" يعني نظن "والله أعلم من خرج من اليهودية إلى النصرانية" اللفظ يتناول وإلا ما يتناول؟ "ولم يعن بذلك فيما نرى -والله أعلم- من خرج من اليهودية إلى النصرانية" يعني وإن كان لفظ الحديث يتناول إلا أنه لا فرق بين أن يكون يهودياً، أو يكون نصرانياً، ما دام الجميع كفار، لا فرق فمثل هؤلاء لا يقتلون، إذا انتقل من يهوديته إلى نصرانيته، ما دام ذمي لا يقتل "ولا من نصرانيته إلى اليهودية، ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها" مشرك صار نصراني، أو نصراني صار مشرك "فمن خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فذلك الذي عني به، والله أعلم" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلام عمر -رضي الله عنه-.
طالب:. . . . . . . . .
الآتي الآتي، {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} [(11) سورة التوبة] الحديث هذا كلام عمر، والاستتابة في النصوص الأخرى، {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (5) سورة التوبة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه، بيجينا التفصيل في كلام عمر.

(135/8)


((من غير دينه فاضربوا عنقه)) يشمل بعمومه .. ، انتهينا الفئات التي يشملها، من المسلمين من غيّر دينه انتقل من الإسلام إلى غيره، يشمل الذكر والأنثى والهرم والراهب والمتعبد وغيره، يشمل الذكر والأنثى، وهذا محل بحث فهذا عام في الجنسين خاص بالمرتد، والنهي عن قتل النساء والذرية خاص بالنساء عام بالمرتد والأصلي؛ لأن عندنا حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) هذا عام من وجه وخاص من وجه، عمومه في الجنسين، وخصوصه بالمرتدين، وحديث النهي عن قتل النساء عمومه في الكفر الأصلي والناشئ عن ردة، وخصوصه في النساء، فبين هذين النصّين عموم وخصوص وجهي، فما المرجح؟ هل نقتل المرأة إذا ارتدت بناءً على عموم هذا الحديث أو لا نقتلها بناءً على النهي عن قتل النساء؟ نحتاج إلى مرجح خارجي، إذا جئنا إلى عموم هذا الحديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((فاضربوا عنقه)) وجدنا هذا العموم مخصوص وإلا محفوظ؟ مخصوص بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أبي في موطن النزاع، قال: ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) هل هو مخصوص وإلا محفوظ العموم؟ هل يخرج منه أفراد؟ جاءت نصوص تخرج بعض الأفراد منه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً محفوظ، حديث النهي عن قتل النساء محفوظ وإلا مخصوص؟ مخصوص في أمور كثيرة، المرأة التي زنت ترجم، تقتل، المرأة إذا قتلت تقتل وإلا ما تقتل؟ تقتل، إذاً العموم ما دخله الخصوص، فضعف عمومه وعموم حديث الباب محفوظ فهو على قوته؛ لأن المعروف عند أهل العلم أن العام كل ما دخله من المخصصات ضعف، وحديث الباب محفوظ فهو قوي، وحديث النهي عن قتل النساء مخصوص بصور تضعفه، فالمرجح أن المرأة إذا ارتدت عن دينها تقتل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم كافرة، أي امرأة كافرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، فيه، المهم أنه كافر يقتل، في الجهاد يقتل، لكن هذه يبحث عنها هل هي أصلية أو مرتدة؟ مو المرتدين يحاربون؟ يحاربون، إذاً باقية ... ، هذه المرأة هل هي أصلية وإلا مرتدة؟ إذا كانت أصلية لا تقتل؛ لأنه نهي عن قتل النساء، إذا كانت مرتدة تقتل بهذا الحديث، نعم؟

(135/9)


طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الخروج إلى الكفر أو إلى بدعةٍ مكفرة ما يفرق، إذا أقيمت عليه الحجة، والدليل واضح في المسألة، والكفر بيّن مرتد.
طالب:. . . . . . . . . حال الزوجة تضرب .... والقصص ... ، بينما هو علم من حاله أنه في ضلال ...
على كل حال هذا منكر شنيع لا بد من تغييره، فإن كان يعتقد ما يقول هو مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإن كان ما يعتقد يعزّر حتى يكف.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . على كل حال البدعة المكفرة شأنها عظيم، والصحابة قاتلوا الخوارج وقاتلوا ....
طالب: عمر. . . . . . . . .
هو إذا كان يستتر بهذا فحكمه حكم المنافقين، وإذا كان يعلنه فهو صريح يستتاب منه.
طالب: يا شيخ عمر ما أنظر ولا سأل؟
إيه، لكنه مع النفاق ما رضي حكم الإله، ما رضي، على الحديث الذي يليه:

(135/10)


"وحدثني عن مالكٍ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القارّي عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبل أبي موسى الأشعري" يعني من جهة اليمن أو البصرة؟ لأنه صار في اليمن وصار في البصرة "فسأله عن الناس فأخبره" سأل عن الأخبار فأعطاه الأخبار "ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغرّبة خبر؟ " يعني من أخبار غريبة "فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه" ارتد نسأل الله السلامة والعافية "قال: فما فعلتهم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً" يعني ثلاث ليالٍ "وأطعمتموه كل يومٍ رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله" يعني هذا مطلوب أن يستتاب ثلاثاً، ولا يبادر بقتله وتفوّت عليه الفرصة، بل تتاح له فرصة الدخول في الإسلام مرة أخرى، يراجع دينه "لعله يتوب، ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" نعم الأصل أن عمر مسؤول عن رعيته، وأنه لا يولي إلا الأكفأ الذين من أهل الاجتهاد، ومن أهل التحري، فعمر -رضي الله عنه- تبرأ مما حصل، فولي الأمر إذا ولّى الكفء الذي له أهلية النظر في المسائل العلمية واجتهد، وأخطأ كما هنا لا تلحق الملامة من ولاه؛ لأنه مطالب أن يبحث عن أجدر الناس، وأولى الناس في هذا المنصب، ثم بعد ذلك التفاريع ليس مسؤولاً عنها، الجزئيات، إذا اجتهد هذا المولى من قبل ولي الأمر ولي الأمر لا يتحمل أخطاءه، يحتمل أخطاءه لو ولى غير كفء، فهو مسؤول عنه وعن أخطائه إذا ولى غير كفء "فقال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" وعلى هذا برئ من العهدة؛ لأنه ولى من تبرأ الذمة بتوليته، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً
حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).

(135/11)


وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله، أو قتلهما معاً، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك، فسأل أبو موسى الأشعري عن ذلك علي بن أبي طالب، فقال له علي بن أبي طالب: إن هذا الشيء ما هو بأرضي، عزمت عليك لتخبرنّي؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليعطَ برمّته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً
وجد مع امرأته رجلاً لا يشك في كونه جامعها جماعاً كاملاً، وليس بحضرته شهود، المرأة مستحقة للرجم لأنها زانية ومحصنة، وهذا أيضاً قد يكون محصناً فهو مستحق للقتل، فهل لآحاد الناس أن يتولوا مثل هذه الأمور؟ يقتلون؟ لا، ليس لهم ذلك، إنما هذا من خصائص ولي الأمر، ليس لأحد ٍأن يتعدى أو يفتات عليه في هذه الأمور.

(135/12)


قال: "حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة" وهو المعروف بغيرته "قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " أتركه حتى تأتي بالشهداء، نعم عليك أن تحول بينه وبينها، ما تقول: والله أنا أتركهم، أنا ما عندي شهود، لكن لا تتصرف تصرف ليس لك، إقامة الحدود من حقوق السلطان، فلا يجوز أن يفتات عليه، أما كونه تحول بينها، أو تقاتله مقاتلة دون عرضك فهذا لك، أما أن تقتله؟ القتل غير المقاتلة ((من قتل دون عرضه فهو شهيد)) هذا وجد مع امرأته شخصاً يعاشرها معاشرةً تامة أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) وإلا لو تركت المسألة هكذا لكثرت الدعاوى، إذا كان بين شخص وآخر خصومة، أو منافسة في دنيا دعاه إلى بيته إلى وليمة، وأكرمه ثم استدرجه إلى أن يدخله في غرفة النوم ثم يقتله، ثم يقول: إنه وجده مع امرأته؛ لأن هذه الأمور لا تنتهي لو تركت إلى اجتهادات الناس، ولذا قال: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أو أمهله حتى آتي بأربعة شهداء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) وعلى هذا من استحق القتل على أي وجهٍ كان افترض أنه مرتد، ليس الأمر إليك، افترض أنه ما يصلي، وأنت ممن يرى أن تارك الصلاة كافر يقتل مرتد، أنت ما تنفذ، هذه الأمور إلى السلطان ليست لآحاد الناس، لكن كونك تحول بين المنكر ومن يريده هذا مطلوب منك، كونك تدافع عن عرضك تدافع عن عرضك، كونك تقتل أو تقتل دون عرضك شيء آخر، أما أن تقتل من وقع في المعصية لا؛ لأن هذا حد والحد إنما هو للسلطان، فلا بد من الإتيان بأربعة شهداء ليثبت فيه حقه حد الرجم، أما أن يتولى قتله فلا.

(135/13)


"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله أو قتلهما معاً" يعني قتل هذا الزاني وامرأته؛ لأنهما زنيا نسأل الله السلامة والعافية، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، أشكل عليه القضاء باعتبار أن كل منهما مستحق للقتل، فكيف يقتل شخص بقتل من يستحق القتل؟ أشكل على معاوية -رضي الله عنه- "فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له عليّ بن أبي طالب عن ذلك" المنافسة التي بينهما والخصومة والقتال ما منعه من الاعتراف لصاحب الفضل بفضله، ولا حمله ذلك على أن يتجاهل الخصم، بل هو مقرّ له، مذعن له بالفضل وبالعلم، ولذلك أرسل له من يسأله "كتب إلى أبي موسى يسأل علي بن أبي طالب" ومعروف ما بين علي ومعاوية -رضي الله عن الجميع- "فقال له علي" قال لأبي موسى "إن هذا الشيء ما هو بأرضي" هذا ليس بالعراق، فأين وجد؟ "عزمت عليك لتخبرنّي؟ " عزمت يعني أكدت عليك إلا أن تخبرني به، هل أنت السائل بالفعل وجاءك صاحب القضية فرفعت ليّ الأمر، أو القضية عند غيرك ممن كلفك بسؤالي؟ "عزمت عليك لتخبرني؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن" هذه كنيته، هذه كنية علي -رضي الله عنه- "إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليُعطَ برمّته" يسلم إلى أولياء المقتول، يقتادون منه، أو يقبلون الدية، الأمر إليهم، وهذا لا شك أنه من باب ضبط الأمن وإلا لو ترك مثل هذه الأمور إلى آحاد الناس ما انتهت، فليعط برمته، أن يسلم إلى أولياء المقتول يقتلونه قصاصاً، أو يختارون الدية إن عدلوا عن القصاص، المقصود أنه مستحق للقتل؛ لأن هناك وسائل تثبت بها الحدود، والحدود ليست لأفراد الناس، فإذا تمت هذه الوسائل بالشهود الأربعة، طيب افترضنا أنه وجد مع امرأته رجلاً وعنده أربعة شهود فقتله، هل يقتل به أو لا يقتل؟ مفهوم هذا الكلام أنه لا يقتل، لكن لا يمنع من أن يعزّر، لا يمنع من تعزيره لافتياته عن الإمام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(135/14)


إيه عنده شبهة؛ لأنه في الأصل مستحق للقتل، والبينة قامت عليه، لكن لو تشاهد أناس على شخص لا يصلي، ومعروف أنه لو تقدم به إلى .. ، لو رفع به إلى الجهات وإلى القضاء ما قتل لكونه لا يصلي، فأحضر شهود يشهدون عليه بما يوجب القتل، وهذا ليس بواقع، لكن يقول: هو مستحق للقتل مستحق، فشهدوا عليه بأنه فعل كذا وكذا مما يوجب القتل، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز بلا شك، هذه الأمور ليست إليك، وأنت تبذل ما عليك، وتؤدي ما عليك، والباقي التنفيذ ما هو لك، التنفيذ ما هو لك، التنفيذ يتولاه ويتحمله من وليّ إياه، على كل حال الاحتجاج في قول عمر وقول علي -رضي الله عنهما- لا شك أنه لما لم يعارض بمرفوع فهو حجة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)).
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مستحق، مستحق للقتل، هو جاء بالأربعة الشهود يدرأ عنه الحد، وإذا لم يأت بالشهداء الأربعة يقاد به، فليعط برمته، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في المنبوذ
قال يحيى: قال مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة، رجل من بني سليم، أنه وجد منبوذاً في زمان عمر بن الخطاب قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتها ضائعةً فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر، وأن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في المنبوذ
المنبوذ هو اللقيط الذي وجد بسبب الزنا نسأل الله السلامة والعافية؛ لأن الولد الشرعي لا ينبذ لما جعل الله في قلب والديه من الرحمة والمحبة والمودة، إنما المنبوذ هو اللقيط، وهذا هو الذي يتبرأ منه، وينبذ خشية العار.
"قال يحيى: قال مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجلٌ" رجلٌ وإلا رجلٍ؟
طالب:. . . . . . . . .

(135/15)


نعم، إذا قلنا: رجلٍ صار بدل أو بيان، وإذا قلنا: رجلٌ قلنا: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو رجلٌ "من بني سليم أنه وجد منبوذاً" يعني طفلاً ملقى مطروح منبوذ في زمان عمر بن الخطاب فأخذه، الآن صار لقيط، "قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ " أخذ هذا الطفل، ما الذي حملك عليه؟ لمَ لم تتركه؟ "فقال: وجدتها ضائعةً فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح" يعني هذه الدعاوى الكبيرة تحتاج إلى تعريف، يعني لو أن إنساناً وجد مبلغ يسير مائة ريال، وراح لمحل الأمانات الرسمي ما يحتاج من يقول له: هذه المائة أنت أخذتها، أنت وجدتها، أنت سرقتها، هات من يعرف بك، الأمر سهل، لكن مثل هذا الطفل، وقل مثل هذا لو أخبر مثلاً اتصل على الشرطة، وقال: أنا وجدت رجل مقتول في المكان الفلاني، هل يكفي أن يقال: جزآك الله خير ولا عليك شيء؟ أو لا بد من أن يساءل ويحقق معه كيف وجدته؟ لأنه قد يقتله ويخبر عنه، إذا كانت المسألة بس يخبر ويمشي، ولذلك هذه الأمور الإخبار له تبعات، لكنه مع ذلك إذا كان صادقاً له أجره؛ إما كل شخص مخبر يخبر عن أمر لو اختلف مع صاحبٍ له ثم أخبر عن صاحبه أنه يروّج مثلاً، ويقال له: جزآك الله خير أنت أخبرتنا بمنكر ما عليك شيء، يمكن إنه شريك، لكن وجد الخصام بينهما والخلاف فبلّغ عنه، فمثل هذا لا بد أن يعرّف، وأنه ليس أهلاً لهذه الأمور.
"فقال عريفه" معروف أن كل فئة من الناس أو مجموعة لهم عريف يعرف بهم، ويتحمل بعض المسؤولية "يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح" لا يتوقع منه الكذب، أو أنه اختطفه من أهله وهو ولد شرعي، ثم ندم على ذلك فجاء ليسلمه لا "رجل صالح، فقال له عمر أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: اذهب فهو حر" الولد حر، وليس برقيق لك لأنك التقطته، ليس برقيق لك في مقابل التقاطك إياه، بل هو حر "ولك ولاؤه" يعني أنت أولى الناس به، لكن هل هو ولاء نصرة أو ولاء إرث؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ولاء نصرة وليس ولاء إرث "ولك ولاؤه، وعلينا نفقته" مثل هذا نفقته في بيت المال.

(135/16)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر، وأن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه" فما دام لا يعرف له ورثة، لا من أصحاب الفروض، ولا من أصحاب العصبة، ولا من ذوي الأرحام، فالمسلمون يتولونه، يرثونه، ويعقلون عنه، ومن أهل العلم من يرى أن إرثه وعقله من بيت المال، وهذا قول عند الشافعية، وأن بيت المال وارث لا سيما إذا كان منتظماً، إذا انتظم بيت المال ورث، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأول؟
طالب: حديث عمر صحيح؟
اللي هو "هل من مغربة خبر؟ "
طالب:. . . . . . . . .
إيه صحيح، معروف هذا عن عمر -رضي الله عنه- ....

(135/17)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (9)
باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه - وباب: القضاء في ميراث الولد المستلحق

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه
قال يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد وقال: ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فتساوقا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) ثم قال لسودة بنت زمعة -رضي الله تعالى عنها-: ((احتجبي منه)) لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله -عز وجل-.

(136/1)


حدثنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية أن امرأة هلك عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولداً تاماً، فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فذكر ذلك له، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت منه، فأهريقت عليه الدماء فحش ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها وكبر، فصدقها عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وفرق بينهما، وقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير" وألحق الولد بالأول.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قائفاً فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطاب بالدرة، ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها، فلم يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها فأهريقت عليه دماء، ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ قال: فكبر القائف، فقال عمر للغلام: والِ أيهما شئت.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أو عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- قضى أحدهما في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة، فتزوجها فولدت له أولاداً، فقضى أن يفدي ولده بمثلهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه

(136/2)


بإلحاق الولد بأبيه، وهذا حينما يدعى من أكثر من جهة، يدعيه أكثر من شخص، فيلحق بأبيه بالطرق الشرعية المعتبرة التي منها ما في الحديث المتفق عليه الذي معنا حديث عائشة -رضي الله عنها-.
"قال يحيى: عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص" الصحابي الجليل، أحد العشرة المبشرين بالجنة، عهد إليه أوصى بأن قال: ترى فلان ولد لي، هو من مائي "عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني" يعني بالزنا -نسأل الله السلامة والعافية- منه، وقع عليها فحبلت به، وجاءت به، بهذا الولد "فاقبضه إليك" استلمه، فأنت عمه.
قالت: "فلما كان عام الفتح أخذه سعد" استلمه، قالت عائشة: "فلما كان عام الفتح أخذه سعد" (كان) هذه تامة وعامُ الفاعل، ويجوز فلما كان عامَ يعني في عام الفتح "أخذه سعد" تنفيذاً لهذه الوصية وصية أخيه، لا سيما وأن الشبه واضح بعتبة بين "وقال: ابن أخي" يعني هذا ابن أخي "قد كان عهد إلي فيه" أوصاني أن أستلمه وأقبضه؛ لأنه ولده، ومن مائه، ولا يعرفون الحكم الشرعي في مثل هذا، وإلا فكيف يقول سعد: إنه ابن أخي؟! والشرع جاء بخلاف ذلك.
"فقام إليه عبد بن زمعة" أخو سودة بنت زمعة أم المؤمنين، فقال: أخي؛ لأنه ابن الأمة التي كانت تحت أبيه، فقال: "أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه فتساوقا" أي: كل واحد منهما يسوق صاحبه إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- "فتساوقا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ليقضي بينهما في هذا الولد، ولأيهما يكون "فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي" دعاوى واضحة، لكن المدعى به أمره خفي، وفي مثل هذا لا بد من قاعدة عامة يرجع إليها؛ لأن مسألة الوطء والحمل والولادة أمور خفية يعتريها ما يعتريها.
"ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) " إيش معنى لك؟ نعم أخ لك، وليس معناه أنه ملك لك، إنما هو أخ، وهو في هذه الحالة حر وإلا عبد؟
طالب: حر.

(136/3)


حر نعم، ((هو لك يا عبد بن زمعة)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضاءً عاماً مبرماً له ولغيره: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) الولد للفراش يتبع المرأة، وللعاهر الزاني الحجر، يعني له الخيبة والحرمان، وقيل: له الحجر، يعني يرجم بالحجر الزاني إذا كان محصناً، وللعاهر الحجر، وهنا الفراش، فراش من؟ فراش زمعة، الفراش فراش زمعة، وليس فراش عتبة؛ لأن عتبة ليس له فراش، إنما هو عاهر في هذه الصورة.
"ثم قال لسودة أم المؤمنين -سودة بنت زمعة-: ((احتجبي منه)) لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص" وكان شبهه بين به، يعني لو كان كل منهما يدعي أن هذه الوليدة له، ملك له، ولا بينة، عتبة يدعيها له، وعبد بن زمعة يدعيها لأبيه، ولا بينة ترجح، يؤتى بالقافة حينئذٍ، والشبه البين بعتبة يأخذه عتبة في حكم القافة، والقافة معتبرة في الشرع، لكن الفراش معلوم صاحبه، وهو فراش زمعة، والوليدة وليدته، وذاك لا يدعي الوليدة، وإنما يدعي الولد؛ لأنه من مائه، والشبه البين به، حتى لو جاء بالبينة التامة نعم مع الشبه البين أنه ولده من مائه من مائه، وشهدت البينة أنه من مائه، ولا سبب له يربطه بهذه المرأة، لا سبب شرعي، لا زواج، لا نكاح، لا ملك يمين، فإن الولد ليس له، يعني لو افترضنا أن بنت ما عندها زوج، بكر وطئت زناً مثلاً، ومعروف الذي وطئها، وحبلت منه وولدت، هل يلحق بهذا الفاجر العاهر ولو لم يدعيه غيره؟ لا يلحق به، إنما يلحق بالمرأة ((الولد للفراش)) فإن كانت ذات زوج ألحق به وإلا بها، وهنا يأتي اللعان، إذا ألحق بالزوج وهو يجزم بأنه ليس ولداً له يلاعن؛ لينتفي عنه الولد، وهنا العاهر الزاني له الحجر، والخيبة والحرمان، وليس له نصيب في الولد، وثبت نسبة هذا الولد لفراش زمعة التي هي أمته، فنسب إليه، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)).

(136/4)


وجود الشبه البين بعتبة يورث شبهة في أن الولد ليس لزمعة، يوجد في النفس شيء في أن الولد ليس لزمعة، هو في الحكم الشرعي له، تثبت جميع الأحكام له، لكن مسألة الاحتياط، واتقاء الشبهات ترد في مثل هذا، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام- لسودة بنت زمعة: ((احتجبي منه)) لأن الاحتمال قوي في كونه ليس لأبيك، وليس أخاً لك؛ لأنه ولد زنا، نعم الحكم الشرعي مقرر وممكن أنه ينسب لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وما لاعن، ولا ينفي الولد في مثل هذه الحالة إلا اللعان، فإذا لم يلاعن نسب إليه شاء أم أبى، للزوجة والسيد، لكن لما وجد الشبه البين بعتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب الاحتياط واتقاء الشبهة قال: " ((احتجبي منه يا زمعة)) لما رأى من شبهه بعتبة بن وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله -عز وجل-" يعني احتجبت منه امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يمكن الاحتياط من الجهتين في مثل هذه الشبهات، فمثلاً امرأة أرضعت صبي رضعتين أو ثلاث ثلاث رضعات مثلاً، الثلاث لا تحرم، فلا يكون محرماً لها، فلا يسافر بها، ولا تكشف له، ومع ذلك تحتاط من الجهة الأخرى أن يقال: لا يتزوج، ولا يتزوج من بناتها، وهذا من باب الاحتياط، واتقاء الشبهة، وإلا فالحكم الشرعي أنه ليس بولد لها، وهذا مثل ما معنا.
قال: "وحدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي" في كتب الحديث والمحدثون جروا على هذا يحذفون الياء، ابن الهاد، شداد بن الهاد مثلاً، يزيد بن عبد الله بن الهاد، عمرو بن العاص، والقاعدة اللغوية أنه لا بد من الياء، فتقول: الهادي والعاصي، لكن أهل الحديث درجوا على الحذف وإلا الأصل الهادي، لماذا؟ لأنه مقترن بـ (أل) وحينئذٍ لا يفارق الياء، أما إذا لم يقترن بالياء فإن كان في محل نصب: رأيت هادياً، رأيت عاصياً، تثبت الياء مع التنوين، وإن كان في محل رفع أو جر فإنها تحذف الياء، جاء هادٍ، ومررت بهادٍ.
يقول: هل يلجأ في وقتنا الحاضر إلى تحليل الحمض النووي لإثبات نسب الولد قبل اللجوء إلى اللعان؟

(136/5)


إذا أمكنت نسبة الولد إلى أبيه، وحصل ما يؤثر على هذه النسبة بأن كثر المدعون فمثلاً بمثابة القافة، إنما هي بمجرد قرينة يعني، وقد يلجأ إلى الحيلة إذا كان متردد في من ينسب إليه هذا الولد، قد يلجأ إلى الحيلة كما في قضاء سليمان -عليه السلام-؛ لتبين الحقيقة، أما مسألة التحليل هذا، ومسألة الجينات، ومسألة الفصيلة وما الفصيلة، المقصود أن مثل هذه قرائن، وليست أدلة.
"وحدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية أن امرأة هلك عنها زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت حين حلت" بناءً على أنه ليس في بطنها شيء، اعتدت أربعة أشهر وعشراً وما تبين في بطنها شيء، ما تحرك ولد ولا .. ، والولد يتحرك في هذه المدة "ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولداً تاماً" إذا ولدت المرأة لأقل من ستة أشهر من الدخول فإن الولد حينئذٍ لا ينسب إلى الزوج؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فإذا ولدت في أقل من ستة أشهر فإن الولد لا ينسب إليها، امرأة اعتدت أربعة أشهر وعشر ما تحرك في بطنها شيء، ثم تزوجت فولدت لأقل من مدة الحمل لأربعة أشهر ونصف فكيف العمل؟ هل ينسب للأول وقد اعتدت منه عدة تامة وما تبين شيء، أو ينسب للثاني وقد ولدته لأقل من مدة الحمل؟ مسألة مشكلة وإلا ما هي بمشكلة؟ مشكلة.
"ثم ولدت ولداً تاماً" كامل "فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له" إشكال كبير "فذكر ذلك له، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء" يعني مسنات، من ذوات الخبرة "قدماء فسألهن عن ذلك" لأن أمور النساء أكثر من يعرفها النساء، هل يحصل مثل هذا أو لا يحصل؟ فأجبنه "فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت منه" يعني الحمل من الأول، لماذا ما تحرك في الأربعة الأشهر وعشر أيام في أيام الإحداد؟ لماذا ما تحرك؟

(136/6)


قالت: "هلك عنها زوجها حين حملت منه، فأهريقت عليه الدماء" يعني أصيبت بنزيف، والأصل أن الدماء لا تنزل مع الحمل، ولذا المقرر عند أهل العلم أن الحامل لا تحيض، وإلا لما صارت الحيض علامات لخلو البطن، المقصود أنه أهريقت عليها الدماء، أصيبت بنزيف "فحش ولدها في بطنها" يبس، توقف نموه، توقف نموه كأنه غير موجود "فحش ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها" الثاني "وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها" يعني هل الولد يستفيد من الوطء الثاني بعد أن قُدر من الوطء الأول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يستفيد وإلا ما يستفيد؟
طالب:. . . . . . . . .
جاء في الخبر، نعم جاء اللعن نسأل الله السلامة ((لعن الله من سقى ماؤه زرع غيره)) فدل على أنه يستفيد، وهنا "فلما أصابها زوجها الذي نكحها، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها" يعني نشط، دل على أنه يستفيد، والأطباء ما يعترفون بمثل هذا، يقولون: خلاص تركب الحيوان مع البويضة، وانتهى الإشكال خلاص، ما في غير هذا.
طالب:. . . . . . . . .
يعني مثل سقي الزرع، إن ما توالى عليه الماء مات.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا شك أن التركيبة الأولى، البذرة الأولى تكون بالجماع الأول، ولا يمنع أن يكون يستفيد من الجماع الثاني والثالث .. إلى آخره، المقصود أن الحديث دلالته ظاهرة، الخبر دلالته ظاهرة.
"وأصاب الولد الماء" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون يسقط والرحم مغلق؟ كيف يسقط أجل والرحم مغلق؟ وإغلاق الرحم يعني مائة في المائة ما ينفذ لا إليه ولا منه شيء؟ ما أظن، المسألة تحتاج ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مشكلتنا مع الأطباء الذين لا يعترفون بمثل هذا، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بدليل أنه ...
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يمكن يغلق إغلاق بحيث يحفظ هذه النطفة، لكن ما يغلق إغلاق تام بحيث لا ينفذ إليه شيء، ولا يخرج منه شيء، لا احتمال ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا ما هو ببعيد، يعني أمور ما لها إلا مثل ها العجائز اللي ....
طالب:. . . . . . . . .

(136/7)


إيه، لكن إذا سقيته ثاني وثالث يستفيد، يستفيد إذا سقي، المسألة تصور الماء الذي تسقى به النخلة يستفيد منه ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، أنت لو تصورنا كلامك كان تحمل ثاني وثالث ورابع وخامس، لا ما هو بهذا المراد، يعني نتصور ماء الرجل مثل ماء الذي يسقى به هذا الرزع، هي نبتة واحدة تنمو، شوف الآن التنظير في سقي الماء، .... سقي الرجل ماؤه زرع غيره بالزرع اللي في الأشجار، ما هو بيتصور أن الكمية تزيد؟ لا، هذا الزرع ينمو بهذا الماء بس، فهمت الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه خلاص، ويش اللي ... ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم ما في إشكال، حملت وأنجبت ويش يصير؟ ما هو بشرط أن يتعدد الوطء ليحصل الولد، لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ما هي. . . . . . . . .، الآن خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إي نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن الماء، عموم الماء يعني مثل سقي الزرع، لا نقصد أنه يتعدد مثل ما قال الشيخ، لا، لا أنا أقصد أن هذا ينمو، فلما أصابه ناظر وأصاب الولد الماء وتحرك الولد في البطن.
طالب:. . . . . . . . .
سقى سقى، الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، سقى زرع، زرع، إيش الزرع؟ الزرع انغرس وانتهى، ثم يسقى، وتكون الجنين.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ما صار زرع أجل، ما صار زرع يا أخي، ما يصير زرع إلى أن يتكون، ثم بعد ذلك في المدة من بين تكونه إلى ولادته محل السقي هذا.
طالب:. . . . . . . . .
واحد إيه.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه قبل تكوينه لا يسمى زرع، ما بعد زرع إلى الآن، لكن إذا وضعت هذه البذرة هي التي تسقى، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مزرعة، لكن مزرعة فاضية تصير أرض، ما هي بمزرعة، وغرست فيها هذه البذرة إذا سقيت هذا تنظير مطابق لما جاء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الآن إذا أردنا أن نطبق الحديث ما عندنا إشكال في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيش يقول؟
ابحثها جزاك الله خير.

(136/8)


"وأصاب الولد الماء، ثم تحرك الولد في بطنها، وكبر، فصدقها عمر بن الخطاب، وفرق بينهما، وقال عمر: "أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير" وألحق الولد بالأول" لأنه من مائه، ألحق الولد بالأول.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم" يعني يلحقهم بمن ادعاهم في الإسلام "فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة" ولد واحد يدعيه اثنين، كما في قصة وليدة زمعة "كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطاب قائفاً، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه" كيف يشتركان؟ إلا أن لكل واحد منهما أثر فيه، وهذا يؤيد ما قلناه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا تعتد الحامل؟ نعم لو أن هذه المرأة حبلت من زيد وطلقها، لماذا تمنع حتى تضع؟ خلاص ثبت الولد لفلان، ويش منعها ما له وجه، عندنا هذا هذا تراه صريح، اللي معنا.
"فدعا عمر بن الخطاب قائفاً، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطاب بالدرة" كأنه ما تصور الاشتراك ويش يصير؟ "ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل" يعني تحقق أنه وجد الحمل "أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها" تركها "فأهريقت عليه دماء" يعني أصابها نزيف فحصل له مثل ما حصل للولد الذي في الخبر السابق "ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ " مثل القصة السابقة، ما تدري هو للزوج الأول أو للزوج الثاني؟ "من أيهما هو؟ قال: فكبر القائف" يعني كلام المرأة وافق أو صدق كلام القائف "فكبر القائف، فقال عمر للغلام: وال أيهما شئت" لأنه لا يمكن أن ينسب لرجلين، اختر واحد منهما؛ لأنه لا مرجح لأحدهما على الآخر، ولو كان الماء أو الولد ينعقد من ماء الأول فقط، لما قال: "وال أيهما شئت" وهذه المسألة في الجاهلية، قبل حكم الإسلام، وكلاهما عاهر.
طالب:. . . . . . . . .
هذا اللي يظهر.
طالب:. . . . . . . . .

(136/9)


. . . هي تقول: الحمل للأول "حتى تظن أو يظن أنه استمر بها حبل" من الأول، ثم بعد ذلك أهريقت عليها الدماء فيبس في بطنها، ثم أثاره الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة جاهلية هذه، ما هي بحكم شرعي بين مسلمين، من أجل ألا يكون لا ولاء له، ويعير بين الاثنين، فحينئذٍ قال: "والِ أيهما شئت" مع أنه لو طبق القاعدة الشرعية نعم لنظر في المدة التي مكثت مع الثاني، فإن كانت تحتمل، يعني مر فيها -هذا إذا كان نكاح- أقل مدة الحمل أمكن إلحاق الولد به، هذا إذا كان نكاح، وإن كان سفاح فلا دعوى لأحدهما به.
مع أن الخبر عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب مرسل، منقطع؛ لأن سليمان بن يسار يحكي قصة لم يشهدها.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
الأخير؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم مرسل، مرسل ضعيف، وإن كان عند مالك صحيح، الإمام مالك يرى مثل هذا صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
والله ما ذكروا شيء، لكنهم يهتمون بوصل المرفوعات.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان قضى أحدهما في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة فتزوجها" فتزوجها يعني وإلا فالأصل أنه لا يجوز للحر أن يتزوج أمة إلا بشرط ألا يجد طول الحرة، إذا لم يجد طول الحرة مهر الحرة فإن له حينئذٍ أن يتزوج الأمة.
ويش الفرق بين زواج الحرة وزواج الأمة؟ ووطء الأمة بملك اليمين؟ نعم؟
أثره على الأولاد، فإن كان زواج حرة فالأولاد له، وإن كان وطء الأمة بملك اليمين فالأولاد له، وإن كان في الزواج والنكاح فالأولاد يتبعون أمهم، حرية ورقاً.
"في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة فتزوجها، فولدت له أولاداً" المسألة استمر الغرر مدة حتى ولدت أولاداً "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم" جاءت بخمسة أولاد يأتي بخمسة أنفس من الأرقاء، ويدفعهم لسيد هذه الأمة أرقاء بدل الأولاد، ثم بعد ذلك يصيرون أولاده "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم".

(136/10)


سبق في كلام الإمام مالك أن الحيوان والرقيق قيمي وإلا مثلي؟ نعم قيمي ليس بمثلي، والمثلي عند مالك إنما هو المكيل والموزون، والخبر يدل على أنه أن الرقيق من المثليات "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم".
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله تعالى-" يقوم هؤلاء الأولاد، والله فلان بعشرة آلاف، والثاني بثمانية، والثالث بسبعة، والرابع باثني عشر، وهكذا، تجمع قيمتهم وتدفع لسيدها، لسيد هذه الأمة، ويستحقها؛ لأن المسألة مسألة غرر، وإلا لو كان ما في غرر انتهى الإشكال، الأولاد للسيد يتبعون أمهم.
"والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله تعالى".
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في ميراث الولد المستلحق
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون فيقول أحدهم: قد أقر أبي أن فلاناً ابنه: إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد، ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده.
قال مالك: وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار، فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار، ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك أقر أن فلاناً ابنه، فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار، وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق، ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى، فاستكمل حقه، وثبت نسبه، وهو أيضاً بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين، لو ثبت على الورثة كلهم، إن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه، على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء.

(136/11)


قال مالك: وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه ديناً أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده، وأعطي الغريم حقه كله، وليس هذا بمنزلة المرأة؛ لأن الرجل تجوز شهادته، ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف، ويأخذ حقه كله، فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين؛ لأنه أقر بحقه، وأنكر الورثة، وجاز عليه إقراره.
. . . . . . . . . من الأم، لأن ما ثبت له، ما يثبت لأولاده تبعاً له.
طالب:. . . . . . . . .
ما له علاقة لا هو ولا من يتعلق به أو ابنه.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في ميراث الولد المستلحق
معروف أن السين والتاء للطلب، يعني المطلوب لحاقه بالمورث، يعني مطلوب لحاقه بالمورث.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل" يعني عندهم علماء المدينة "يهلك وله بنون، فيقول أحدهم: قد أقر أبي أن فلاناً ابنه إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد" بل لا بد من اثنين فأكثر، بل لا بد من شاهدي عدل "إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد، ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه" يعني لا يقر على غيره، نعم يؤخذ بإقراره على نفسه، يعني فيما عليه فيه نقص، لا فيما على غيره فيه نقص، أو له فيه زيادة "ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده" أو يعطي؟ يعطى الذي شَهد أو شُهد له؟ الذي شَهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده، الصورة واضحة، وذكرها الإمام -رحمه الله-.
"قال مالك: وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار" يعني لكل واحد منهما ثلاثمائة، ثم يعترف أحد الابنين بثالث، تقبل شهادة الإنسان على نفسه، اعتراف؛ لأنه متضرر، لكن هل تقبل شهادته له؟ لا لنفسه، ولا لفرعه، ولا أصله، إنما تقبل شهادته على نفسه، وهذا إقرار وتقبل شهادته على أصله وعلى فرعه، لكن ما تقبل شهادته على أخيه، هنا الشهادة على الأخ، إضافة إلى أنها إقرار واعتراف على نفسه.

(136/12)


"وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار، فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار، ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك -المتوفى- أقر أن فلاناً ابنه، فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار" لأنه يستحق من نصيب هذا مائة، ومن نصيب الثاني مائة؛ ليكون لكل واحد من الثلاثة مائتا دينار، والستمائة على ثلاثة الناتج مائتين، فلو اعترف الثاني وأقر الثاني انتهى الإشكال، يقسم المال على الثلاثة، لكن الذي اعترف يؤخذ من نصيبه قدر النقص الذي يصيبه لو اعترف الثاني "فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار، وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق" يعني لو لحق لحاقاً تاماً باعتراف الورثة كلهم، نعم هذا نصفه، ويستحق من الثاني أيضاً مائة دينار "ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى، فاستكمل حقه وثبت نسبه" لأنهم اثنين يثبت بشهادتهما النسب.
وهذه المسألة لا شك أنها من المسائل .. ، مسألة إثبات النسب أو نفيه من المسائل العظائم، فمن انتسب إلى غير أبيه ثبت لعنه -نسأل الله السلامة والعافية-، وكذلك من أدخل على أهل بيت من ليس منهم، أو أخرج منهم من هو منهم، هذه أمور معضلة، وبعض الناس هداهم الله يعني أحياناً يقر بأن فلان ولده، أحياناً إذا زعل عليه قال: ما أنت بولد لي، دور لك أب، هذه مسألة خطيرة، بعض الناس يتساهل في هذه الأمور، يوجد ترى يوجد مثل هذا، في حال الرضا ولده، وإذا حان الغضب ما هو بولده، مشكلة هذه -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يجوز إطلاقاً، إن كان ولده فهو ولده وإلا فينفيه.
طالب:. . . . . . . . .

(136/13)


لا سهل أنا ما أقول لك: إذا غضب على طفله وإلا شيء نعم هذه أمرها سهل، لكن من كبار لكبار تحصل، أما إذا غضب على الطفل قال: دور لك أب أنا ما أنا بأب لك، يهدده بهذا ... ، هو إذا كان القصد منه ليس نفي النسب، وإنما القصد منه التأديب، أو أنك بفعلك هذا الذي هو فعل لا يناسب فعل الولد بأبيه، تستحق أن يقال لك هذا، سهل، الإشكال في كونه يقول ذلك جازماً به، معتقداً له؛ لأنه إذا رضي لا سيما إذا كان هناك شك من الأب في بداية الأمر، تجده في حال الرضا يثبته، وفي حال الغضب ينفيه، وهذه مسألة عظمى -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ومسلمة وثقة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كانت ما هي بمسلمة لا تقبل. . . . . . . . .، لا دخل لنا فيها، والمسلمة تكون قرينة فيما لو وجد شبه أو وجد شك من الأبوين من المبدل والمبدل به، تكون قرينة.
المقصود أن مثل هذا من المسائل العظيمة حتى التساهل فيه في المستشفيات يورث مثل هذه الإشكالات، ولذلك تجدونهم يحتاطون، فأول ما يسقط الولد من أمه أول ما يستهل يوضع في يده أو رجله ما يدل عليه، فمثل هذا لا بد من العناية به.
امرأة تتصل تقول: من ذو عشرين عاماً ولدت في المستشفى الفلاني، وولدت بنت، فقلت للممرضة: بدلي بها الولد، وبَدَلت، تقول: كيف أصنع؟ أنا أبي بنتي اللحين، كيف أصل إليها؟ والولد هذا ما هو ابننا كيف يصل إلى أهله؟ هناك أخطاء يصعب تصحيحها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مهما كان الإرث وما الإرث صعبة، يعني ولد الرضاعة ما هو أحكامه مثل أحكام ولد النسب.
فكيف يصل إلى أهله؟ وكيف تصل البنت إليهم؟ يعني هناك قضايا يصعب تصحيحها، فهي تسأل عن الوسيلة، ولا يمكن أن يوصل إلى حقيقة الأمر، هي لا تعرف اسم المرأة الثانية، فكيف تستدل عليه؟ وين يودى ما في طرف ثاني يودى إليه؟ ما تعرف.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هي ما تعرف، تقول: والله ما أدري من صاحبة الولد.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(136/14)


ورفعت القضية، إيه، لو ادعت مثلاً مثل هذه، وقيل: تاريخ الولادة مثلاً، فذهبوا إلى المستشفى ووجدوا في تاريخ الولادة أنه وُلد ولد فلان وفلان وفلان وفلان، وبحثوا واستقصوا ووصلوا إلى شيء مما يقرب من الحقيقة، فالقرائن يعني ممكن ترجح، لكن تقول: لا تعرف تاريخ، يمكن ما تعرف ولا المستشفى.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا في المستشفى.
طالب:. . . . . . . . .
والله عاد الحمد لله الغالب لله الحمد الاحتياط، في بلادنا الغالب الاحتياط، ومع ذلك عليهم المزيد من الاحتياط، أقول: عليهم المزيد من الاحتياط، الله المستعان.
المقصود أن الحكم الشرعي في مثل هذا ظاهر.
قال: "فاستكمل حقه، وثبت نسبه" يعني لو اعترف الثاني لأخذ من نصيبه المائة الأخرى فتم نصيب الولد المستلحق كأخويه، وثبت نسبه؛ لأن البينة تمت "وهو أيضاً بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة" مات زيد من الناس وقسم ميراثه، ثم قالت واحدة من بناتها أو واحد من أولاده: أشهد بأن لفلان مبلغ كذا على والده الميت، فلا بد أن نسدد الدين قبل أن تقسم التركة، فينكر بقية الورثة يقولون: أبداً، إن كان عنده بينة وإلا ما له شيء.
هذا المقر -المعترف- يؤخذ من نصيبه من الإرث بقدر ما يلحقه من الضرر لو اعترف الجميع "وذلك كالمرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين" يعني لو أنها أقرت بما يستوعب إرثها، مات شخص عن مائة ألف، وقسمت هذه المائة ألف على الورثة فأقرت هذه البنت أو هذا الولد بأن والده مدين لفلان بمائة ألف، أخذ جميع نصيبه، صار ما له شيء.
طالب:. . . . . . . . .
هو يصيبه بكذا ....
طالب: كله.
كله، إيه؛ لأن المقر به ....
طالب: لو ثبت على الورثة .... يعني لو تخيل أن الورثة ....
الآن هذه البنت أخذت خمسة آلاف، والتركة مائة ألف، اعترفت بمائة ألف يأخذ الخمسة كاملة.
طالب: يعني لو استغرق. . . . . . . . .
لو أقروا كلهم أخذ المائة ألف وترك الورثة بدون شيء.

(136/15)


"فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين القدر الذي يصيبها من ذلك الدين" القدر هذا فيما لو كان المقر به أقل من التركة، لكن إذا كان المقر به يستوعب التركة يأخذ كل ما بيدها، لو ثبت على الورثة كلهم، وما في شك أن بعض الورثة يكون فيه بر بوالديه، معروف هذا من البر، يعني تصور أن بنت بكر صغيرة، والدها مدين بمبلغ تقول: اللي يسدد الدين عن والدي أتزوجه، هذا مهري، من البر، ولا تشترط أي شرط في هذا الزوج إلا الاستقامة مع تسديد الدين، ولو كان كبير وإلا صغير أياً كان؟ هذا يوجد.
"إن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه، على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء" وهذا ظاهر.
"قال مالك: وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه ديناً أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده، وأعطي الغريم حقه كله" يعني ما يحلف صاحب الدين مع شهادة المرأة، إنما يشهد .. ، يحلف صاحب الدين مع شهادة الولد، نعم، مع شهادة الولد، يعني الدين يثبت بشهادة شاهد مع يمين المدعي صاحب الدين.
"أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده" لكن لو اعترف أو شهد ثنتين من البنات، اثنتان من البنات مع اليمين يكفي وإلا ما يكفي؟ يعني تستقل المرأة بشهادة الأموال؟ يعني لو شهد أربع نسوة يكفي أو لا بد من رجل؟ لا بد من رجل، وعلى هذا لو شهد ثلاث أربع بنات ما يكفي، بل لا بد أن يشهد رجل مع اليمين.
"وأعطي الغريم حقه كله، وليس هذا بمنزلة المرأة؛ لأن الرجل تجوز شهادته، ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف" يعني تقوم البينة بشاهد مع اليمين "ويأخذ حقه كله، فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين" كما قلنا في البنت سابقاً "لأنه أقر بحقه، وأنكر الورثة ذلك، وجاز عليه إقراره" يعني يمضى عليه إقراره، وتلحقه تبعته، مما ينقص عليه نصيبه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(136/16)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (10)
باب: القضاء في أمهات الأولاد - وباب: القضاء في عمارة الموات - وباب: القضاء في المياه - وباب: القضاء في المرفق

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
اللهم صل على محمد.
الحديث الذي أشار إليه بعض الإخوان في الدرس الماضي، يقول: ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وأخرجه الطبراني من حديث رجاء بن حيوة عن أبيه عن جده عن رويفع بن ثابت أن جارية من خيبر مرت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي إيش؟ مجحاً، يعني حامل، أي حبلى، فقال: ((لمن هذه؟ )) قالوا: لفلان، قال: ((أيطؤها؟ )) قيل: نعم، قال: ((فكيف يصنع في ولدها؟ أيدعيه وليس له بولد، أم يستعبده وهو يغذوه في سمعه وبصره؟ لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره)) قال الهيثمي: فيه خارجة بن مصعب وهو متروك، نعم.
لكن واحد من الإخوان من خلال الجوال معه خرجه من سنن أبي داود يقول، لكن تخريجه في مجمع الزائد يدل على أنه لا يوجد في سنن أبي داود؛ لأن الزوائد على الكتب الستة، بس ما هو بحاضر، .... ما هو بحاضر، على كل حال إذا كان ما له إلا هذا الطريق فهو وجوده مثل عدمه.
طالب: ويروى عن أحمد.
وين؟
طالب: من قول أحمد من وطأ الحبلى يزيد في سمعه وبصره.
يعني من قوله ليس بمرفوع؟ هذا مرفوع، لكنه وجوده مثل عدمه، ما دام فيه راوٍ متروك، فيه راوٍ متروك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إن كان من كلام أهل العلم يكون ثابت ما في إشكال، لكن الكلام في الحجة الملزمة التي يستدل بها.
يقول: هذا حصل معه تحرك للمني رغماً عنه من الخصية إلى إيش؟ لكن لم يخرج، وحصل معه احتباس له، وسبب له التعب، وانشغال الذهن والبال، واستمر لمدة يومين تقريباً، يقول: حاولت النوم حتى يحصل احتلام، ولكن بدون فائدة، وبعدها استلقيت على السرير، وتفكرت في خروجه وخرج، فهل علي من حرج؟
يعني جلس يومين؟ إيش معنى الانتقال هذا الذي يجلس ينتقل من مكان إلى مكان ويجلس يومين؟ والله ما أدري.

(137/1)


على كل حال الحكم معلق بالخروج، بخروجه، فإن خرج في النوم أوجب الغسل مطلقاً شعر به أو لم يشعر إذا رآه، وإن كان في اليقظة فلا بد أن يكون بلذة، وكونه يخرجه أو يحاول إخراجه بعد احتباسه المضر به والمقلق له هذا حكمه كحكم الحجامة والفصد لا شيء فيه.
هل يستفتح في صلاة الليل لكل ركعتين أم يكفي الاستفتاح في أول تسليمة؟
الأصل أن كل تسليمتين مادام يسلم من كل ركعتين أنها صلاة مستقلة، يستفتح لها، وينوع الاستفتاح؛ لأنه جاء أنواع في الاستفتاح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في أمهات الأولاد
قال يحيى: قال مالك: عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلوهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا".
وحدثني مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن".
قال يحيى: سمعت مالكاً -رحمه الله- يقول: "الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها، وليس له أن يسلمها، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في أمهات الأولاد
أم الولد هي الأمة التي تأتي من سيدها بولد، ولها أحكام معروفة في كتب الفروع، منها: أنها تعتق بولدها، يعتقها ولدها، لكنه عتق موقوف على موت سيدها، والخلاف في حكم بيع أمهات الأولاد معروف بين الصحابة ومن بعدهم.

(137/2)


هنا يبحث الإمام -رحمه الله تعالى-، يورد عن عبد الله بن عمر عن أبيه، يقول: "قال يحيى: قال مالك: عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "ما بال رجال" وهذا أسلوب نبوي ستراً على بعض المخالفين بما يؤدي الغرض، الأسلوب الذي يؤدي الغرض، ولا يجرح أحد "ما بال رجال" والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقول: ((ما بال أقوام)) "ما بال رجال يطؤون ولائدهم" يعني أمهات الأولاد إن كن قد أنجبن قبل ذلك، أو هن الإماء، الأمة يقال لها: وليدة "ثم يعزلوهن" العزل معروف، ويحصل مع الأمة كما يحصل مع الحرة، وهو معالجة الجماع مع الزوجة، أو مع ملك اليمين، ثم قبيل الإنزال يكون الإنزال خارج الفرج، وجابر -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهى عنه القرآن".
وعلى كل حال ما يريده الله ويقدره لا بد أن يكون عزل أو لم يعزل، وكثير من الناس يستعمل الموانع ومع ذلك يحصل الحمل، إذا أراد الله نسمة قد كتبها الله -جل وعلا- لا بد أن توجد، ولو وجد ما يمنع "ثم يعزلوهن" كيف يعزلوهن؟ الأصل يعزلوا عنهن، قال الباجي: "يحتمل أن يريد العزل المعروف أي عزل الماء عن الجماع بصبه خارج الفرج، ويحتمل أن يريد اعتزالهن في الوطء، وإزالتهن عن حكم التسري انتفاءً من الولد".
"لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا" ما دام هي فراش لسيدها فالولد لاحق له لا محالة، ولا بد أن يلحق به ما لم يجزم بزناها، ويلاعن على ذلك، وإلا فالولد لازم له ما دامت فراشاً له.
قال: "وحدثني مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد" نافع مولى ابن عمر، وصفية بنت أبي عبيد زوجة عبد الله بن عمر، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وجاء الخبر بأنه كذاب ((في ثقيف كذاب ومبير)) نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من اللعان ما ينتفي إلا باللعان.
صفية بنت أبي عبيد زوجة عبد الله بن عمر هي أخت المختار بن أبي عبيد.
طالب: الأمة تلاعن؟
نعم؟
طالب: الأمة تلاعن؟
إذا أراد نفي الولد لا بد.
طالب: تلاعن؟
إيه لا بد، لا بد من اللعان.

(137/3)


"عن صفية بنت أبي عبيد" ذكرنا أنها زوجة عبد الله بن عمر، وأخوها المختار بن أبي عبيد المعروف الكذاب الذي ادعى النبوة.
"أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم؟ " كسابقه، يعني يطؤون يجامعون الإماء ملك اليمين "ثم يدعوهن يخرجن" يخرجن في الأسواق للخدمة، يخدمون الناس، وهذه عادة جارية بين الناس "ثم يدعوهن يخرجن" وبهذه الخدمة إن لم يكن هناك تدين من هذه الوليدة، أو ممن تخدم عنده قد يحصل ما يحصل كما يحصل الآن في بيوت المسلمين من هؤلاء الخادمات وغيرهم.
المقصود أن هذا لا شك أنه قد ييسر بعض مزاولة الفاحشة -نسأل الله السلامة والعافية-، لكن إذا تربى الناس والمجتمعات على الدين وعلى الفضل والمحافظة والاحتراس من الخلوة المحرمة، أو السفر المحرم إذا بذلت الأسباب الشرعية والاحتياطات التي جاءت عن الشارع خفت المشكلة، وإلا إذا تساهل الناس في مثل هذه الأمور فالكوارث لا بد أن تقع، وقد وقعت -نسأل الله السلامة والعافية-.
"ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها" إلا قد ألحقت به ولدها، يعني هي وليدة يطأها، وقد يعزل عنها ليتجنب الحمل، ثم يتركها تخدم عند الناس، ثم يسمع من كلام الناس أنها تعرض نفسها لشيء من ذلك، ثم يريد أن يتبرأ من الولد، لا تحصل البراءة منه، ولو عزل عنها، ما دام يطأها.
"ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها" لكن لو قدر أن هذا السيد منذ اشتراها إلى أن حبلت ما وطئها، واعترف هو، واعترفت بذلك، لا شك أن مثل هذا حكمه يختلف.
"إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعدُ" يعني بعد ذلك "أو أمسكوهن" و (بعد) في هذا الخبر والذي قبله مبنية على الضم؛ لأنها مقطوعة عن الإضافة مع نية المضاف إليه "أو أمسكوهن" اصنعوا ما شئتم، امسكوهن في بيوتكم كما هو الأصل، أو أرسلوهن للخدمة في بيوت الناس، لكن لا بد من أخذ الاحتياطات والحذر من مثل هذه الأمور.

(137/4)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية" سواءً كانت أم ولد بالفعل أو أمة أو عبد "إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها" يعني إذا جنت جناية قدرت هذه الجناية بألف، وقيمة هذه الأمة ألفين، نعم يدفع يضمن الألف، لو جنت جناية بألفين قال: خذوا الأمة، ثلاثة آلاف قال: خذوا الأمة ولا يلحقونه بأكثر من هذا، لا يجمع له بين مصيبتين، تؤخذ الأمة، ويغرم مع ذلك، إنما يضمن الجناية بسببه، قد يقول قائل: هي عاقلة لماذا لا تكون جنايتها عليها؟ من أين؟ هي لا تملك، نعم، وأيضاً ما جنت هذه الجناية إلا بسبب إهمالك لها، فأنت تتحمل شيء من المسئولية، لكن أكثر من قيمتها لا، من قيمتها فما دون فتضمن، وما عدا ذلك فلا ضمان.
"الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها، وليس له أن يسلمها" ليس له أن يسلمها إذا كانت الجناية أقل من قيمتها "وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها" يعني لا يحمل أكثر من قيمتها فتفوت عليه، ومع ذلك يضاف إليه مبلغ آخر.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في عمارة الموات
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق)).
قال مالك: والعرق الظالم كل ما احتفر، أو أخذ أو غرس بغير حق.
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له".
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في عمارة الموات

(137/5)


عمارة الموات، المراد بالموات الأرض الميتة التي لا مالك لها، ولا يحتاج إليها لا بالخصوص ولا بالعموم، يعني لا تحتاج إلى مرفق عام كمسيل مثلاً، أو مما يحتاج إليه الناس كلهم من المرافق العامة مثل المدارس والمساجد وغير هذا، هذه المرافق العامة لا تملك، وكذلك المسايل مسايل المياه لا تملك، فكل ما يحتاج إليه على سبيل العموم يحتاجه أهل البلد من مسجد ومقبرة ومسيل، وما أشبه ذلك هذا لا يملك ولو أحي، أو كان سبق له ملك من خاص أو اختصاص، كل هذا لمن سبق إليه، لا يملكه بالإحياء، وما عدا ذلك من أرض ميتة التي لا مالك لها تملك بالإحياء.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) " سبق إلى هذه الأرض، وسأل عنها وإذا لا مالك لها، وهل يحتاجها البلد؟ لا يحتاجونها، فأحياها بعمارتها، بزراعتها، بتسويرها سور يمنع من الدخول والخروج يملكها، وهل يشترط في ذلك إذن الإمام أو لا يشترط؟ الجمهور على أنه لا يشترط، بل مجرد إحيائه لها يملكها، وعند الحنفية لا بد من إذن الإمام.

(137/6)


ولا شك أن الأصل قول الجمهور بهذا الحديث، وبما جاء في معناه أن الموات يملك بالإحياء، لكن قول الحنفية يتجه إذا وجدت المشاحة، والمشاحنة بحيث لو ترك الناس يحيون ما وقعوا عليه لحصل بينهم الجدال والنزاع والقتال، تجد السيارات تجوب البراري شرقاً وغرباً، ويمين وشمال، وكل واحد يقول: أنا وصلت قبلك، وواحد يقول: أنا وصلت بعدك، حينئذٍ يتدخل الإمام، وإذا خشي من تضييقهم أيضاً على الناس، وعلى طرقهم فلا شك أن الإمام ينظم الناس في مثل هذه الأمور، فلا بد من إذنه من هذه الحيثية، وإلا فالأصل أن الحديث ما فيه قيد، فيبقى الحديث على إطلاقه، ما لم يحصل بالناس ضرر من هذا الإطلاق، فإذا حصل للناس ضرر جاء التقييد، وننظر هذا بتقبيل الحجر مثلاً، جاء الحث عليه، لكن إذا حصل زحام وقتل ودماء وضرر على ضعفاء الناس لا بد أن يتدخل الإمام ويضع من ينظم الناس، فهو من هذه الحيثية له وجه، وإلا فالأصل أن الحديث مطلق ما في لا إذن إمام ولا غيره، فلا يتجه إذن الإمام إلا حيث يحصل الضرر بهذا الإطلاق، وهذه وظيفة الإمام يعني، كف الأذى عن الناس وشر بعضهم على بعض لا بد منه، ومسألة تقبيل الحجر ظاهرة، يعني يوجد عسكري ينظم الناس لو يقول قائل: والله الشرع حثنا ليش يجي ها العسكري؟ يمنع فلان ويقدم فلان ويؤخر فلان؟ نقول: الآن هذه المصلحة تقتضيه، ولولا وجود هذا العسكري كان حصل ضرر عظيم، القوي يظلم الضعيف، فمن هذه الحيثية يتجه قول الحنفية، لا يقال إن هذا تحكم أو تدخل في أحكام الشرع، لا هو من أحكام الشرع؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولا بد من دفع الضرر، ولا يمكن يحسم دفع الضرر إلا الإمام، يعني آحاد الناس ما يملكون، يعني لو يجلس شخص ينظم الناس مثلاً، كان واحد يجي يدفعه، وثاني يمين، وواحد يسار ويش دخلك؟ فلا يملك مثل هذا إلا الإمام، هو الذي ينظم الناس.

(137/7)


ومعلوم أنه في مثل هذه الظروف كانت الأراضي شبه لا شيء عند الناس، البيوت كانت تؤجر بريال، يأخذه مائة سنة كل سنة ريال، يعني ما تهمهم الناس هذه الأمور، لكن الآن، لو يقال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) يروح وراء خمسين كيلو عن الرياض المتر بكم؟ ليس برخيص، حتى خمسين كيلو ليس برخيص، ما هو مثل أول، كان قبل خمسين أو أربعين سنة يقال: يا الله اطلع النسيم وخط بسيارتك ما شئت، يقول: ويش أبى بالنسيم؟ اطلع الربوة أو الروضة أو روح يمين ما .. ، ويش يبي به؟ يعني ما يتعدون البطحة الناس.
طالب: العلية كانت. . . . . . . . .
نعم، شيء قبل يمكن ثلاثين سنة عرض خمسين صك بخمسين ألف فما قبلت، يعني الأرض بألف، أراضي شاسعة، فما قبلت، لكن الآن لو يفتح المجال للناس من دون تنظيم، ومن دون تدخل الإمام شوف المقاتل ويش تصير؟ فمن باب السياسة الشرعية، وصيانة الناس من الضرر لا شك أن تدخل الإمام لا بد منه، وليس معنى هذا أن الإمام يتحكم ويعطي فلان، ويترك فلان، لا ما هو بهذا المقصود، المقصود أن الإمام ينظم الناس، ويعطي الناس على قدر حاجاتهم، وهذه وظيفة الإمام، أما كون بعض الناس يعترض على رأي الحنفية ويقول: الشرع يطلق ونحن نقيد؟ لا، ليس من هذا، يبقى الإطلاق حينما لا يتضرر الناس بهذا، وعرفنا أن الناس إلى وقت قريب مثل هذه الأمور لا تهمهم، يعني ممكن الإنسان يتنازل عن أرضه لأخيه، ويش المانع؟ لكن الآن من يتنازل لأبيه أو لابنه؟ لأن الدنيا صارت هدف عند الناس، من يتصور أن بدلاً من أن يكون مساحة الرياض كيلو، كيلو واحد مربع بحيث اللي يجلس بجوار الجامع يشوف الدراويز اللي هي البوابات، كل الأربع يشوفهن أو الخمس، لكن الآن وين؟ عن الجامع يمكن تروح ستين سبعين كيلو ما تقدر تلقى لك شبر، فمثل هذا ما يقال بالإطلاق، وإن كان هو الأصل، فإدخال ولي الأمر في مثل هذا للتنظيم، ومنع وصول الضرر إلى بعض الناس من بعض، فيتجه رأي الحنفية في مثل هذه الأوقات.

(137/8)


((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) ويكون الإحياء بالزراعة، بالعمارة، بسور، وما أشبه ذلك، أما إذا وضع عليها كثيب من الرمل من الجهات، ردميات هذا ليس بإحياء، قد يقال بأن هذا اختصاص مثلاً، يضرب له مدة إن أحياها وإلا نزعت منه، لكنه لا يملك بهذا.
((وليس لعرق ظالم حق)) الظالم ليس له حق إذا اعتدى على حق أحد وأحياه لا يملكه، الظالم لا يملك، فلو أن شخصاً اعتدى على شخص على أرض شخص سواءً كان بعلمه، أو يعني بقصد أو بغير قصد، فليس له حق في الملك، يعني شخص له أرض في جهة من الجهات، وتوقع أن أرضه هذه فبنى بها، بنى عليها شيد عليها مبنى، ثم لما طبقت الصكوك، وجدت أن هذه ليست أرضه، أرضه الثانية، هذا ليس له حق، فإن كان مخطئاً إن كان قاصد هذا ما فيه إشكال تهدم البناية وليس له أي حق، وإن كان مخطئاً فالصلح، وإلا فالأصل أن الأرض لصاحبها، لو أصر صاحبها هل نقول حينئذٍ: لا ضرر ولا ضرار؟ لو أصر قال: أنا لا أريد عمارة على هذه الأرض، أنا أريد أن أزرع هذه الأرض، لا بد أن يشيل عمارته، هل نقول حينئذٍ: لا ضرر ولا ضرار تصلحون؟ أخذ أرضه ويزيدك يرضيك؟ لا شك أن هذا هو المطلب الأول، لكن إن أصر فأرضه له، وإن زرع هذه الأرض فإنه حينئذٍ يرفع ما وضعه في هذه الأرض وليس له منها شيء.
"قال مالك: والعرق الظالم كل ما احتفر، أو أخذ، أو غرس بغير حق" ولا يملك بالظلم ولا شبر، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن اغتصب أو اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه يوم القيامة من سبع أرضين -نسأل الله السلامة والعافية-، يكون طوقاً يلازمه في عنقه من سبع أرضين، فكيف يحمل الإنسان نفسه ما لا تطيق؟! -نسأل الله السلامة والعافية-، لكنه الطمع الذي لا علاج له إلا بمراجعة النفس والقناعة، الله المستعان.

(137/9)


تجد بعض الناس -نسأل الله السلامة والعافية- يملك الأراضي الواسعة، يعني الشرع ينظر إلى جميع الأطراف، يعني هذا الظالم ليس له حق، وأيضاً صاحب الأرض إذا أراد أحد أن ينتفع بأرضه من غير ضرر عليه، ولا تفويت لمصلحة من مصالحه، فإن مثل هذا يرد فيه ما جاء في أول الأمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الأنصار أن يعيروا أراضيهم لإخوانهم من المهاجرين ليزرعونها بغير مقابل، وهنا إذا كانت هناك أرض مناسبة، بعض الناس يتحرج من أن يخرج في نزهة يسمونها كشتة، يكفت في أرض مملوكة؟ يقول: هذه الدار مغصوبة ما أستطيع أن أصلي فيها؛ لأنه تصرف فيها من غير إذن صاحبها، نعم أنت مأمور بالورع والاحتياط، لكن أيضاً أخوك مأمور بأن يوسع على الناس إذا كان لا يضره، وبعض الناس هذا يتورع، وهذا يظلم أكثر من حقه، فيضرب من يجده في هذه الأرض، فلا هذا ولا هذا، الشرع متوازن، ينظر إلى مصلحة هذا لا تفوت، وينظر أيضاً إلى المسكين المحتاج إلى أنه لا يظلم أيضاً، يعني من وجد في أرضه شخص جالس هو وأسرته يتنزهون ما عليك ضرر يا أخي، فأنت مأمور بالرفق به، وهو أيضاً مأمور بالتحري والاحتياط لأملاك الناس، نعم؟
طالب: لا يفسد.
نعم لا يفسد، ولا يطرد أيضاً أو يضرب، فالشرع فيه التوازن، ويخاطب كل شخص بما يناسبه؛ لأنه وجد من يتعدى ويظلم في مثل هذه الأمور، يجد شخص جالس مع أسرته في رحلة أو نزهة أو شيء ثم يضربه ضرباً مبرحاً لا مبرر له، هو لا يتضرر بذلك، لا شك أن هذا ظالم.
"وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" وهذا كسابقه إذا كانت موات لا ملك لأحد عليها، ولا يحتاج إليها في المصالح العامة فإنه يملكها.
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا" يعني عند مالك وعند الشافعية وعند الحنابلة أنه يملكها من غير إذن أحد لا إمام ولا غيره، والحنفية يشترطون إذن الإمام، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في المياه
وحدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سيل مهزور ومذينب: ((يمسك حتى الكعبين))
يمسَك.

(137/10)


أحسن الله إليك.
((يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى على الأسفل)).
وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ)).
وحدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع نقع بئر)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في المياه
جاء في الحديث: ((الناس شركاء في ثلاثة: في الماء والكلأ والنار)) شركاء في الماء، والمقصود به الماء الذي لم يحزه صاحبه إلى رحله، أو ينفق عليه الأموال، فإذا أنفق عليه الأموال في جلبه أو استنباطه ملكه، لكن الماء الذي لم يتعب عليه هذا الناس فيه شركاء، ولا يجوز أن يمنع بحال، وكذلك العشب، والكلأ الرطب واليابس، ومثله النار لا تملك، من أراد أن يقدح منها أو يوري منها ناراً فله ذلك، أو يستصبح بها لا مانع من ذلك، ما لم يتضرر صاحبها، وقل مثل هذا في جميع ما يمكن أن ينتفع به من غير أن يتضرر صاحبه، فعليه أن يبذله، فالأنوار التي على أسوار البيوت مثلاً لو واحد معه خطاب أو ورقة أو فائدة يريد أن يقرأها فوقف عند تحت سور فأخذ يطالع هذه الورقة، فليس لصاحب البيت أن يمنعه من الاستصباح بهذا المصباح، مثل النار، ليس له ذلك؛ لأنه لا يتضرر بهذا، لكن لو كان المصباح فوق الباب والباب عرضة لأن يفتح، ثم قال: أنا جالس أمام الباب أقرأ هذه الورقة نعم يمنعه، له أن يمنعه؛ لأنه يتضرر بهذا، متى فتح الباب اطلع على عوراتهم، فالمقصود أن مثل هذه الأمور التي لا يتضرر أصحابها بها عليهم أن يبذلوها، ولذا جاء ذم من يمنع الماعون، ومثل الماعون الحبل والدلو، وما أشبه ذلك التي يستفيد منه الناس، وهو لا يتضرر بذلك.
منهم من يقول: إذا ملك الأرض ملك الكلأ، ومنهم من يقول: إن الكلأ على إطلاقه، ما لم يتعب عليه، ويحوزه إلى رحله، وإذا تعب عليه ملكه.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في المياه

(137/11)


"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سيل مهزور ومذينب" هما واديان يسيلان إذا نزل المطر، قرب المدينة: ((يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل)) معلوم أن الماء يأتي من أعلى إلى أسفل، ولا عكس، فإذا نزل من السماء إلى الأرض ذهب ينساب من الجهة العالية إلى الجهة النازلة، وفي طريقه يمر بمزارع، ويكون الأولى به الأول، ويمسكه حينئذٍ إلى الكعب إلى الجدر، ثم بعد ذلك يرسله إلى من بعده، ولا يقال: يترك على طريقته يمشي من دون إمساك لأنه؛ لأن الأعلى يتضرر، إذا كان مجرد مرور يتضرر، بل لا بد أن يمسكه إلى الكعب، لكي يروى الشجر، ثم بعد ذلك يرسله.
وفي هذا قضية أو قصة الزبير مع الأنصاري في قصة شراج الحرة، والتي اتهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه قضى لابن عمته، وحاشاه من ذلك -عليه الصلاة والسلام-، ونزل في ذلك قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] لا بد من هذا، فالأنصاري قال كلمته المقيتة: إن كان ابن عمتك؛ لأن الزبير ابن صفية عمة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى بقضاء أشبه ما يكون بالصلح فيه مصلحة للأنصاري، ثم بعد ذلك قضى بالحكم الشرعي البات، ((أمسك يا زبير إلى أن يصل الماء إلى الجدر)) يعني مقارب للكعبين في هذا الحديث، ثم يرسله إلى من بعده، فلا يمسكه حتى يتضرر من بعده، ولا يتركه ينساب بحيث لا يبقى منه شيء فيتضرر الأعلى، يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل، يتركه ينزل إلى الأسفل، إذا أخذ كفايته بالحد الشرعي.
وهذا الحديث كما هو معروف فيه .. ، هو بلاغ فيه انقطاع، أو فيه إبهام، وهو موصول عند أبي داود وابن ماجه، على كل حال الحديث له شواهد، وهو صحيح.

(137/12)


قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع فضل الماء)) " ((لا يمنعُ)) (لا) هذه نافية، ولو كانت ناهية لجزمت، لا يمنعْ، وهذه النافية المراد منها النهي، وأهل العلم يقولون: إن النفي أبلغ من النهي؛ لأنه على هذا يكون الأصل أن المسلم لا يَمنع، ما يحتاج إلى نهي؛ لأن هذا الأصل في المسلم أنه لا يمنع، لكن إن منع نهي عن ذلك.
قال: ((لا يمنع فضل الماء)) يعني القدر الزائد عن الحاجة ((ليمنع به الكلأ)) فضل الماء الزائد عن حاجة الأعلى إلى ما دونه، الناس يبعلون في البراري لهم بعل أو بعول، فلا يمنع فضل الماء الزائد عن حاجته لبعله، مثل ما جاء في الزراعة؛ ليتضرر، يمنع به الكلأ الذي يليه، تأخذ حاجتك وترسله إلى من بعدك، وتتركه ينساب في الصحاري ليخرج الكلأ.
والقصد من هذه الأمور أن الناس يتعاملون بالانتفاع، كل واحد ينتفع بالآخر، وكل واحد يسدي إلى الآخر، ما ينفعه من غير مشاحة ولا مشاحنة، وتسري روح الأخوة بين المسلمين، لكن إن حصل ما حصل من المشاحة والمشاحنة فلا بد من القضاء؛ ليحسم هذه المشاحنات، ويكون بالحد الشرعي، وهو إلى الجدر أو الكعبين، وبعد ذلك يرسل.
"وحدثني مالك عن أبي الرجال" محمد بن عبد الرحمن، أبو الرجال هذه كنية، محمد بن عبد الرحمن؛ لأنه له كم ولد؟ نعم عشرة، كلهم بلغوا مبلغ الرجال، وصار يشار إليهم بالبنان "عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع نقع بئر)) " يعني بحيث لا يتضرر صاحبه، أو بئر ليست مملوكة لأحد، فإن هذا لا يجوز أن يمنعه أحد، وإن كانت مملوكة لشخص فإن ما فضل عن حاجته ينبغي أن يجود به على غيره، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في المرفق
حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)).

(137/13)


وحدثني مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم".
وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فقال له الضحاك: لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولاً وآخراً، ولا يضرك؟ فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فدعا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- محمد بن مسلمة -رضي الله تعالى عنه-، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك؟ فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به، ففعل الضحاك.
وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- أن يحوله إلى ناحية من الحائط، هي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في ذلك فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في المرفق
كمجلس، أو المرفَق كمنبر، ضبط بالوجهين، وهو كل ما استفيد منه، وارتفق به، وحصل به الرفق لعامة الناس، والارتفاق هو الانتفاع.

(137/14)


قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) " هذا الحديث له طرق كثيرة، وإن كانت مفرداتها لا تسلم من كلام، إلا أنه بمجموع طرقه يثبت، وهو قاعدة من قواعد الشريعة ((لا ضرر ولا ضرار)) يعني لا تضر ابتداءً ولا معاقبة، فلا تضر غيرك ابتداءً بأن توصل إليه الضرر، ولا تزيد في الاقتصاص منه إذا ضرك، لا في البداية ولا في النهاية، الضرر ممنوع، فالضرر هو الابتداء بما يضر، والضرار هو معاقبة من أوصل إليك الضرر بأكثر من ضرره الذي وصلك، وجاء النهي عن الضرر {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} [(233) سورة البقرة] {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] المقصود أن المضارة لا تجوز من الطرفين، واللفظ في القرآن يحتمل أن الإنسان لا يضارر ولا يضارر؛ لأن الحرف المضعف يحتمل {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ} لو فكينا الحرف المضاعف المشدد لاحتمل أن تكون: لا تضارر والدة بولدها، فتضر أباه، أو تضر الولد، تضره بولده، أو لا تضارر هذه الأم بولدها فيضرها أبوه، حيث تتضرر، المقصود أنه خطاب للطرفين فلا ضرر ولا ضرار.
ومناسبة هذا للأقضية والمرافق لا شك أنها ظاهرة، فالأقضية كلها مبنية على هذا، على انتفاء الضرر، ورفع الضرر عن المسلمين، وما شرع إقامة الحاكم بدءاً من الإمام الأعظم إلى آخر من ينيبه إلا من أجل رفع الضرر عن المسلمين، وكذلك المرافق العامة يحصل فيها مضارة، يحصل فيها منافسة، مع ذلك بعض الناس إذا جاء إلى مكان مما يرتفق به أخذ منه أكثر من قدر حاجته، حبس منه أكثر من قدر حاجته، وضيق على الناس، ويكون الأمر أشد إذا كان مما يتعبد به، يعني مواطن عبادة، مثل مسجد مثلاً، أو المشاعر، تجد الإنسان يأخذ أكثر من حاجته، والناس يتضايقون، لا شك أنه ضرر هذا، هذا ضرر، لا بد من رفعه؛ لأنه يتضرر به الناس.

(137/15)


قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع)) " لا ناهية أو لا يمنعُ فتكون نافية والمرد منه النهي؟ ((أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لا شك أن كل جار محتاج إلى جاره؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يستقل بنفسه ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لأن الجدار الذي يسقف بواسطته البيوت، يوضع عليه خشبة لصاحبه، وخشبة لجاره، ولا يلزم أن يبنى جدار هذا وجدار لهذا، لكن يبقى أنه يحصل الاتفاق، والبيان على أن هذا الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع فيما بعد، الورثة إذا انتهى انقرض هذا الجيل، وجاء الجيل الذي يليهم، أولاد الجار يقولون: الجدار لنا، فلا بد أن يكون الكلام مبيناً، وأن الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع ولا شقاق، لكن ليس لمن بنى الجدار أن يمنع جاره من أن يضع عليه الخشب، يغرزها في جداره.
وقل مثل هذا في الوتد، احتاج الناس وتد، معروف الوتد وإلا ما هو معروف؟ نعم خشبة تغرز في جدار يعلق عليها ما يحتاج إلى تعليقه، يغرزها في جداره، وبعض الناس يكون عنده شيء من الدقة والحرص على أمواله وعلى حقوقه بحيث لو استأجر منه شخص بيت وإلا شقة ثم بعد ذلك خرج منه يأتي يناقشه ليش هذا المسمار هنا؟ وليش كذا كذا؟ هذا ما هو بأشد من الخشب من غرز الخشبة في الجدار، أنت محتاج لأن تعلق حاجاتك في هذا الجدار، لكن في أيضاً بالمقابل على المستأجر ألا يضر بصاحب المحل، فيحتاج المحل إلى ترميم بقدر الأجرة، أو قريب منها، ((لا ضرر ولا ضرار)) أنت مطالب بالانتفاع، أنت لك أن تنتفع من هذا المحل المستأجر، ولا يجوز لك أن تضر بصاحبه.
((يغرزها في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" أي: عن هذه السنة التي حدثتكم بها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "والله لأرمين بها بين أكتافكم" لأرمين بها يعني السنة، أو بالخشبة على ما قال أهل العلم، المقصود أن هذه السنة ملزمة لأصحاب الجوار، كل واحد يترك صاحبه ينتفع بجداره، وينتفع بما لا يضره.

(137/16)


قال: "وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض، فأراد أن يمر به" العريض معروف جهة من جهات المدينة معروفة الآن، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة، خليج نهر صغير، ومثله أو قريب منه الربيع الذي سيأتي في الخبر الذي يليه "فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة" لا يمكن أن يصل إلى مزرعته إلا بواسطة أرض محمد بن مسلمة "فأبى محمد، فقال له الضحاك: لم تمنعني، وهو لك منفعة، تشرب به أولاً وآخراً" الآن إذا مر هذا الخليج في أرضه انتفع، والتكاليف على الضحاك، ما عليك نقص، أنت تنتفع من دون ضرر عليك "تشرب به أولاً وآخراً، ولا يضرك، فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا" إن كانت الأرض أرضي فلا أترك، يعني بعض الناس يريد أن يستقصي كل ما يمكن أن يستقصيه من حقه "فقال محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع؟ " يعني أنت ما تتضرر "تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك فقال محمد: لا والله" النفع اللي يجيني من وراءه لا أريده، لا والله لا يمر، ما أنا بحاجته؛ لأن بعض الناس يتصور أن أخاه ينتفع وهو لا ينتفع إذاً ويش الفائدة؟ الناس، صحيح صحابة وأجلاء وكذا لكنهم بشر، يعتريهم ما يعتري البشر، ومثل هذا الأمر نادر فيهم، لكنه مع ذلك يوجد؛ لأنهم بشر "فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك" أطر على الحق "فأمره عمر أن يمر به ففعل الضحاك" هذا قضاء من عمر -رضي الله تعالى عنه-، وهذا في كل ما ينتفع به من جهة، بحيث لا يتضرر به الطرف الآخر بوجه من الوجوه.

(137/17)


قال: "وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جده ربيع" نهر صغير، "ربيع لعبد الرحمن بن عوف" يعني يمر وهو لعبد الرحمن بن عوف يمر بحائطه "فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط، وهي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط" يعني لو تصورنا أن الربيع في هذه الجهة، وهذه أرض الجد، نعم وفي أرض ثانية هو يمر الآن من طول الأرض كلها، من أولها إلى آخرها، وفيه أرض في تلك الجهة لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن أن يحوله من أن يمر من هنا إلى جهة تكون أقرب إلى أرضه التي في هذه الجهة، فبدلاً من أن يمشي في أرضه مائتين ثلاثمائة متر يكفيه خمسين متر، يعني لو أن عبد الرحمن بن عوف مشاه على الأرض من طولها، من أولها إلى آخرها مائتين متر، ثم بعد ذلك جعله ينعطف إلى أرضه، لا شك أنه يتضرر بهذا، وكونه يمر بأرض الجد هذه يستفيدون منها، ويسقي أرضه الثانية من غير ضرر، نعم؟
طالب: تنقص قوة الماء.
مع طول المشي ما في شك أنه الدفع يضعف.
"فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط، وهي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب في ذلك، فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله" لأنه ما دام يتضرر فلا ضرر ولا ضرار، وأخوه أيضاً ينتفع، وإن كان نفعه أقل من النفع السابق، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ونقف على هذا، وهذا آخر الدروس بالنسبة للموطأ في هذا الفصل.
اللهم صل على محمد ....

(137/18)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (11)
باب: القضاء في قسم الأموال - وباب: القضاء في الضواري والحريسة - وباب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم - وباب: القضاء فيما يعطى العمال.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم

باب: القضاء في قسم الأموال
حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً في العالية والسافلة: إن البعل لا يقسم مع النضح إلا أن يرضى أهله بذلك، وإن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها، وإن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما أنه متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في قسم الأموال
يعني كيف تقسم الأموال في الشركات والمواريث وغيرها؟ قال -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ثور بن زيد الديلي بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- مفاوز، فبينه من الرواة عكرمة وابن عباس، فالخبر على هذا معضل، وقد وصل من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، وإبراهيم بن طعمان ثقة، وعلى كل حال فالخبر صحيح ويشهد له الواقع، حيث أجرى النبي -عليه الصلاة والسلام- العقود على ما كانت عليه، بعد الإسلام أجرى العقود على ما كانت عليه، فالأملاك بيد أربابها، ولم يسأل أحداً كيف وصل إليه هذا الملك، ولم ينظر في عقده، وكذلك عقود النكاح وغيرها، وملك الرقاب ما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من بيده رقيق كيف ملكته؟ إنما أجراه على ما كان عليه.

(138/1)


قال: "بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض)) " يعني دار معمورة أو أرض غير معمورة ((قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية)) والواقع العملي يشهد بذلك، فلم يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً عن داره أو أرضه كيف ملكها؟ وكيف تمت قسمتها بينه وبين مشاركيه في الإرث؟ ما سأل أحد، مع أن الأحكام تختلف في الجاهلية عنها في الإسلام.
((وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) تقسم على قسم الإسلام، على شريعة الله، مات مورثهم قبل الإسلام، تركت تركته لم تقسم حتى جاء الإسلام فإنها حينئذٍ تقسم على قسمة الله -جل وعلا- في كتابه بين الورثة، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني لو قسمت قبل الإسلام، وحرمت الأنثى مثلاً، وخص بها الذكور، وحرمت الزوجة، وحرم البنات، يعني يترك على قسم الجاهلية؟ مقتضى الحديث، نعم، ولو قسمت الأموال في الجاهلية، وأعطي الذكر نصف نصيب الأنثى على عكس ما هو عليه في الإسلام، فإن القسم مقتضى الحديث يدل على أنه يجرى على ما كان عليه، والواقع يشهد بذلك، ما عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً كيف قسمت أمواله؟ أبداً، وكيف ملك هذه الدار؟ وكيف ملك هذا الرقيق؟ فهي على قسم الإسلام، مات المورث، وترك أموالاً ودوراً وأراضٍ وعين، ورقيق، ثم بعد ذلك جاء الإسلام قبل قسمتها، يعني تأخرت قسمتها لنزاع أو شقاق.
طالب:. . . . . . . . .
فإنها تقسم حينئذٍ إذا جاء الإسلام ولما تقسم فإنها تقسم على ضوء ما شرع الله -جل وعلا-.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسالفة، أن البعل لا يقسم مع النضح"
نعم؟
طالب: أحسن الله إليك: بالنسبة للإسلام الدار وإلا الرسالة؟
المقصود الرسالة بعد مجيء الإسلام، وتحاكموا إلينا إذا كانوا غير مسلمين، وإن كانوا مسلمين فيحكم فيهم بشرع الله.
طالب: لا يجرى عليهم ...

(138/2)


ما المقصود بالجاهلية؟ المقصود بالجاهلية ما كان قبل الإسلام، الفترة التي كانت قبل الإسلام، وبعضهم يقول: إن هذا يخص الوثنيين غير المتدينين بدين، فإن الوثنيين تجرى أحكامهم على ضوء أعرافهم، ومن يتدينون بدين فإنهم يردون إلى أديانهم، لكن الحديث عام، يعني يهودي قسم أمواله بينه وبين مشاركيه في الإرث على غير شريعته، فإنه يرد إلى شريعته؛ لأنه يتدين بدين، لكن الحديث عام، يجرى على كيفما اتفقوا واصطلحوا كالجاهلية.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المسألة يختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية وهو قول الأكثر ما كان قبل الإسلام، ومنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية ما كان قبل الهجرة، ويروون في ذلك أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال له أبوه وهو بمكة في الجاهلية: اسقني ماءاً أو شيئاً من هذا، المقصود أنه قال: في الجاهلية، وابن عباس صغير ما أدرك الجاهلية، إنما ولد في الشعب، فيستدلون بهذا على أن الحكم بعد الهجرة يختلف عن الحكم قبلها، وأكثر أهل العلم على أن المراد بالجاهلية ما كان قبل الإسلام.

(138/3)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسافلة" يعني جهتان بالمدينة، جهة عالية وجهة سالفة، والعوالي معروفة بالمدينة، والسافلة تقابل العالية "إن البعل لا يقسم مع النضح" البعل: ما يشرب الماء بعروقه، والنضح: ما يسقى بالنواضح، يسقى بكلفة ومؤونة، هذا لا يقسم مع هذا، لماذا؟ لأن الواجب في هذا غير الواجب في هذا، بالبعل يجب العشر، وبالنضح يجب نصف العشر، فإذا قسمنا هذا مع هذا ظلمنا صاحب هذا، وزدنا صاحب هذا، إلا أن يرضى أهله بذلك، فإذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، إذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، وإن البعل يقسم مع العين، البعل يقسم مع العين، يعني يقسم مع الدراهم والدنانير، إذا كانت العلة في عدم قسم البعل مع النضح اختلاف الواجب في البعل والنضح، فإن الاختلاف ظاهر؛ بل أظهر منه، أظهر في العين منه في النضح؛ لأنه يجب بالنضح نصف العشر، وبالعين ربع العشر، بالعين يجب ربع العشر، اللهم إلا إذا كان من العشور أو غيرها، نعم، على كل حال هذا كلامه، والتفريق ظاهر في عدم ضم ما كان بعلاً مع النضح ظاهر، لكن ظهوره وقسمته مع العين هذا محل إشكال، إذا قلنا: إن السبب في ذلك هو ما ذكر، اختلاف الواجب فيهما، فإذا ضممنا البعل مع العين لا شك أن هذا يتضرر؛ لأن صاحب البعل في الأصل يجب عليه العشر، وصاحب العين يجب عليه ربع العشر، أقل مما يجب بالنضح، إذا كان يشبهها، وجه الشبه؟ ما وجه الشبه؟ إمكان وجه الشبه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: إذا كان عروض ...
قلنا: إن البعل يختلف اختلافاً كبيراً مع العين في العلة التي ذكرناها.
طالب: إذا كانت ....
لا لا، انتهينا من النضح، النضح انتهى الكلام فيه، الآن الكلام في البعل مع العين، مع الأموال، يعني ضم البعل مع العين، متى يتم التشابه بينهما؟ وجه التفريق هنا بين النضح والبعل إذا كان السبب في عدم الضم الزكاة فظهوره في العين أكثر، إذا كان هذا هو السبب، وإن كان النظر في ذلك بعد إخراج الزكاة يختلف النضح مع البعل، ويختلف النضح مع العين، ويشترك البعل مع العين، متى؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: إذا وجده في الكنز.
في الركاز الخمس، صار أشد.

(138/4)


طالب:. . . . . . . . .
شوف، الآن إذا نظرنا إلى الزكاة وجدناها متفاوتة بين الأمور الثلاثة، فلا يضم بعضها إلى بعض، وإذا نظرنا إليها بعد إخراج الزكاة، أو أنها لا ينظر إلى الزكاة أصلاً؛ لأنها أموال تقسم، فما كان بعلاً فهو مال خالص، مال خالص كالعين جاهز، ما فيه تبعات، بينما ما كان نضحاً فيه الزرع وفيه النضح، فهل يدخل النضح في الإضافة إذا أردنا أن نضمها إلى العين، أو تستثنى النواضح؟ باعتبار أنه مال غير مصفى، يعني البعل مال في حكم المصفى، ما له توابع، وقد تكون النواضح مستأجرة، نعم، قد تكون النواضح مستأجرة، نعم إذا كان ملك لصاحبها، نعم، ممكن أن يقوم الجميع، الزرع مع الأرض مع النواضح، مع جميع ما يحويه المكان، فيضاف إلى العين، وتقسم، أما إذا كان النواضح مستأجرة والمال لا يستغني عنها فكيف يتم إضافتها أو اقترانها بالعين؟ من هذه الحيثية يتبين الفرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ البعل مال خالص ما فيه شوائب، لكن النضح ما يسقى بالنضح، النواضح الإبل التي يستقى عليها، احتمال أن تكون هذه النواضح ليست ملكاً لصاحب الأرض، مستأجرة، والمال يحتاج إليها، فإذا قوم المال بمفرده دون هذه النواضح ما استقام؛ لأنه بحاجة إلى هذه النواضح، وإذا قومت النواضح معه ليست ملكاً لصاحبها، لصاحب الأرض، وهنا يتبين الفرق، الآن عندك التركة فيها سيارات، منها ما دفعت قيمتها وصارت ملكاً لصاحبها، ومنها ما بقي فيه أقساط، عشر سيارات دفعت قيمتها وحولت ملكيتها إلى صاحبها، وعشر أخذها بالأقساط، وسدد البعض، وبقي شيء يسير، هل نقول: تضم هذه السيارات إلى بعض؟ من أجل أن تقسم بين الورثة؟ ما يمكن تقسم، حتى تحرر من الأقساط؛ لأن فيها تبعات، فما فيه تبعة ما يمكن أن يضم إلى الخالص من أجل القسمة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما دام فيها شوائب فيكون على .. ، أنت تبي تقسم سيارات، هذه يمكن قسمتها.
طالب:. . . . . . . . .

(138/5)


هذا على التراضي، إذا رضوا بذلك ما فيه إشكال، لكن كيف تعطي زيد سيارة فيها أقساط، وتعطي عمرو سيارة محررة، وتعطي كذا ما تجئ، افترض أن عند الميت قطعتين من الأرض متساويتين من كل وجه، وخلف ولدين لكل واحد قطعة أرض إذا كانتا محررتين، لكن واحدة مرهونة بدين، والثانية محررة تعطي هذا المرهونة، وتعطي هذا المحررة؟ تضم واحدة إلى الأخرى وتقسم بينهما؟ ما تنضم هذه إلى هذه، فالذي فيه إشكال ما يمكن يضم إلى ما لا إشكال فيه؛ لأنه يتضرر الشريك الذي يؤول إليه ما فيه إشكال.
"إذا كان يشبهها، وأن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب أن يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم" يعني متشابهة، إذا كانت أموال بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، فإنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم "والمساكن والدور بهذه المنزلة" خلف بيت بالرياض، ونفس المخطط مطبق بالخرج، لزوجة أخرى كان بالخرج، ونفس المخطط مطبق بمكة هل نقول للأولاد الثلاثة: يلزمك أن تأخذ .. ، كل واحد يأخذ واحد؟ نلزمهم بذلك؟ والذي في الرياض مفترض أن يكون ضعف قيمة ما بالخرج، والذي مكة يفترض أن يكون ضعف ما كان بالرياض، وهذا ظلم للورثة، لماذا؟ لأنها لا تتشابه، والأموال إذا كانت بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، لكن لو كان في مخطط واحد، ببلك واحد، ثلاث فلل متقاربة، والمسألة ما تفرق كثير، بخلاف ما إذا كانت الدور متباعدة.
"فالذي بينهما متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة"

(138/6)


على كل حال الرضا أمر لا بد منه، وإذا كان لا يتم إلا بالقرعة يقرع بينهم، إذا كان الفرق يسير، إذا كان الفرق يمكن احتماله، أما إذا كان الفارق كبير فإنه حينئذٍ لا يمكن احتماله، افترض أن الدور الثلاث الذي نظرنا بها، أو مثلنا بها بالرياض وبالخرج وبمكة الآن الثالث قال: أنا ما بي اللي بالخرج، أنا أبي اللي بمكة، قال الأول: لا، أنا أبي اللي بالرياض وهكذا، تشاكلوا، كيف يُعمل؟ تقوم هذه الدور كل دار بما يناسبها، ثم بعد ذلك تحسب على الورثة بهذا، شخص قال: أنا أريد واحدة من هذه الدور التي بالرياض مثلاً، قال الثاني: لا أنا أريدها، أنا باسكن بالرياض، ما لي علاقة بمكة أو العكس، ثم لم يرض كل واحد بالتقويم، تباع هذه الدور وتقسم عليهم، على أساس أنها أموال، إذا لم يمكن قسمتها، حرج عليها شهر شهرين ثلاثة ما سيمت، العقار كاسد، ثم بعد ذلك رضوا بالقسمة الأمر لا يعدوهم.
على كل حال مثل هذه الأمور يضم المتشابهات، وتقوم المختلفات، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الضواري والحريسة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- دخلت حائط رجل، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.
وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: أراك تجيعهم، ثم قال عمر: والله لأغرمنكم غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم، فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة، ولكن مضى أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الضواري والحريسة

(138/7)


الضواري: هي البهائم التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، الضواري هي التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، وقد تصول على الأموال، وقد تصول على الأنفس، هذه ضواري، عوادي، والحريسة فعيلة، بمعنى مفعولة، التي هي تحرس، إما أن يحرسها صاحبها، أو تمتنع بالجبل، يعني تحرس نفسها بالجبل، فتسمى حريسة الجبل على ما سيأتي، في المصباح يقول: حريسة الجبل الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" الخبر مرسل، جهة الإرسال أن التابعي يحكي قصة لم يشهدها، أن ناقة للبراء بن عازب، لكن لو قال: عن البراء بن عازب أن ... اتصل خلاص انتهى الإشكال، يعني مثلما ذكرناه مثالاً للتفريق بين (أن) و (عن) فلو أن الراوي -ابن شهاب- قال: عن شهاب بن سعد بن محيصة عن البراء بن عازب أن ناقة له، قلنا: الخبر متصل، ما دام قال: إن ناقة للبراء بن عازب فعلت كذا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو لم يدركه يكون الخبر مرسلاً، يعني منقطع، يقول ابن عبد البر: والحديث من مراسل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز بالقبول، وجرى عليه عمل أهل المدينة، على كل حال هو موصول عند غير الإمام مالك، موصول عند غيره.

(138/8)


الحكم إذا دخلت الدابة إلى مزرعة فأفسدت، أو دخلت بيتاً مفتوحاً بابه فأفسدت، يقول: "دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" لأن الغالب أن الدواب تترك لترعى بالنهار "وأن ما أفسدت المواشي بالليل" لأن على أهلها حفظها "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني مضمون يضمنه أهلها، الحكم ظاهر، والمسألة في الزروع والأموال تهون عند إتلاف الأرواح في الطرق، شخص يمشي السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل بالنهار، هل نقول: إن صاحب الجمل لا يضمن؟ وقل مثل هذا بالليل، يعني هذه نوازل، وكثيرة ليست بالقليلة كثيرة، يعني حوادث قليلة، هل نفرق على ضوء ما جاء في هذا الحديث أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعليه أن يحتاط لهذه السيارات بالنهار؟ لا سيما وأن ضوء النهار يسعفه في رؤيتها، فإذا افترضنا أن شخصاً يسير السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل، فمات، مات صاحب السيارة، ومات الجمل أيضاً، الضمان على من؟
طالب:. . . . . . . . .
نهار الآن.
طالب: على صاحب السيارة.
إذا طبقنا الحديث قلنا: على صاحب السيارة يضمن الجمل.
طالب: الطرقات ليست مرعى.
هو إذا تركها للرعي، ولا يؤاخذ على تركها، هي بعد ذلك تتصرف، تروح للمرعى وغيره، لو قلنا: إنها لا تروح إلا للمرعى قلنا: يضمنها؛ لأنه عليه حراستها أن لا تخرج عن المرعى، والمزارع إذا أفسدتها بالنهار التي فيها النص ليست من المرعى، وقضايا كثيرة من هذا النوع، الحادث إما أن يكون بالليل أو بالنهار، إذا أردنا أن نطبق الحديث قلنا: ما على صاحب الجمل شيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من السرعة المحددة.
طالب: خرج عليه الجمل وصاحب الجمل هو الضامن.
الآن المسألة تنظر شخص السرعة المحددة سبعون كيلاً في الساعة، يعني خط مزدوج محددين السرعة سبعين، وهذا يمشي مائة وخمسين فاعترض له جمل بالليل من الذي يضمن؟

(138/9)


طالب: نقول .... صاحب الجمل هو الذي يضمن، لكن لما فرط صاحب السيارة، وتعدى هو في السرعة الزائدة. . . . . . . . . لأن صاحب السيارة هو الذي تعدى على الجمل بالسرعة الزائدة، إذن صاحب السيارة هو الضامن لأنه هو الذي تعدى بالسرعة الزائدة .... لأن الأصل أنه يسير بالسبعين، وخرج عليه الجمل فمن الذي يضمن؟
معروف على صاحب الجمل حفظه، يضمن، عندنا أيضاً حديث له أثر كبير في هذه المسائل: ((العجماء جبار)) يعني جرحها هدر.
العجماء جبار، يعني جرحها جبار، يعني ما تتلفه جبار؛ لأنها غير مكلفة، يعني هدر ما يضمن ما تتلفه، والحديث في الصحيحين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما لأحد كلام، هذه الطرق إذا اعتمدت من قبل ولي الأمر، وصارت مرفقاً عاماً للناس كلهم، ما لأحد كلام، تأتي بمراعيهم ولا من .. ؟ لا لا، لا ينظر إلى كلامهم.
يعني الأصل في المسألة الأخيرة أنها على صاحب الجمل؛ لأن عليه حفظه، وهذا الذي ضاعف السرعة مباشر للقتل أو متسبب؟ هو بالنسبة لقتل الجمل مباشر، وبالنسبة لقتل نفسه متسبب، ومعروف أن المباشرة تقضي على أثر التسبب، لكن متى؟ إذا كان المباشر مكلف، يعني لو أن كبيراً مكلفاً أعطى صبياً مسدساً وقال: اقتل فلان وقتله، المباشر غير مكلف، ولا يمكن أن يقتل ويقاد به، من الذي يقاد به؟ المتسبب، يعود الأمر على المتسبب، يعني هذه القضايا ينتابها ما ينتابها من المؤثرات على الطرفين، فالأصل أن على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، وعلى أهل الأموال أن يحفظونها بالنهار؛ لأن الأصل بالمواشي أن ترسل لترعى في النهار، ولو كلف أهلها حفظها بالنهار لتضرروا بذلك، كيف ترعى وهي محفوظة؟ والحديث يقول: "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" نعم يستطيعون حفظها، وكل شيء حفظه بما يناسبه، كالحرز "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني أن أهلها يضمنون، نعم؟
طالب: حادث الجمل لو كان في النهار؟
المسألة الأخيرة؟
طالب: أنتم ذكرتم الليل فلو كان في النهار؟
المسألة الأخيرة اللي يمشي مائة وخمسين؟
طالب: سواء مائة وخمسين أو مائة وعشرين، النهار ...
المسألة الأولى؟
طالب: نعم.

(138/10)


شخص يمشي في طريقه بالسرعة المعتادة على ما قرر لمثل هذا الخط، فاعترضه جمل بالنهار.
أولاً: من المقرر المعروف أن الدم لا يذهب هدراً، دم المسلم لا يذهب هدراً، وفي قصة القسامة لما وجد عبد الرحمن بن سهل مقتول، في قصة القسامة المعروفة، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يحلفون، يعني اليهود، قال: ((تحلفون خمسين يميناً، وتستحقون دم صاحبكم؟ )) قالوا: لا، كيف نحلف ونحن ما شهدنا ولا حضرنا، ما نحلف، قال: ((يحلف يهود خمسون يمنياً ويبرؤون)) قالوا: ما نقبل أيمان يهود، فدفع النبي -عليه الصلاة والسلام- ديته من بيت المال، في مثل هذه الصورة وحوادث السيارات فيها إشكالات كبيرة، قد يكون الخطأ ليس بمحض على جهة من الجهات، قد يقسم، هذا مخطئ من جهة، وذاك مخطئ من جهة، هذا مثل القصة التي ذكرناها، هذا أخطأ في السرعة، محدد له سبعين مشى مائة وخمسين، وهذا عليه حفظ الماشية بالليل وما حفظها، فماذا عن الدية والكفارة؟ على من؟
طالب: وهل تجزئ وإلا ما تجزئ؟
هاه؟
طالب: الكفارة ....
معروف، نقول: في مثل هذه المسائل لا شك أن الاجتهاد في كل مسألة بما يحتف بها، يبقى أن الأصل أن على أهل الأموال الحفظ بالنهار.
طالب: هل النص يخص ....
الأموال، الأموال ...
طالب:. . . . . . . . . ثم خبط البعير أو ضرب البعير في .... يعني أضمن؟
بالليل أو بالنهار؟
طالب:. بالنهار.
بالنهار هدر، هدر، على ضوء الحديث هدر.
طالب: لكن أنا أقصد التنصيص على أهل الحوائط ...
أهل الحوائط قضية هي الأصل في المسألة، يعني هي سبب الحديث، وما عداها افترض أنك صاحب حانوت، دكان دخل بعير وضف كل اللي عندك من المسكرات وغيرها، أو أكل فواكه، وخرب الباقي.
طالب: يضمن صاحب الـ ...
لا، يا أخي يحفظ دكانه بالنهار، يحفظ دكانه، بالنهار، وبالليل يضمن صاحب البهيمة، يعني الحديث ما فيه إشكال، لكن الإشكال يأتي مما يحتف ببعض القضايا، من تفريط صاحب الإبل، أو تفريط الثاني، أو تفريط الطرفين.
طالب: .... الحراسة.
لا بد، ما دام عليه حفظ يقام عليه، قام عليه حائط.
طالب: النهار يفلحون الناس يا شيخ، الناس يفلحون بالنهار.
كل واحد منكم مكلف بحراسة حقله.
طالب:. . . . . . . . .

(138/11)


لا وبعدين هو موجود يشتغل بالنهار.
طالب:. . . . . . . . .
"فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أنت لو خليت إشكالك في السيارة كان له وجه، أنت رجعت إلى المزارع، وفيها النص "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أهل الحوائط حفظها بالنهار" حائط واحد، شقص من حائط، عشرات الحوائط عليها حفظها.
طالب: أنا أفهم من كلمة الحائط. . . . . . . . .
لا ما تبي حائط، النخيل ما يؤثر به الجمل، إذا صارت عيادين طويلة ما يؤثر بها الجمل، لا يحرسها، لا، لا هذا النص محكم ما فيه إشكال، له حكمة ظاهرة، حكمة ظاهرة، الأصل أن الدواب تهمل بالنهار؛ لكي ترعى، وبالليل .... وتحرس يا أخي.
طالب: وعادة الناس ما زالت تطلق بهائمها بالنهار.
معروف، معروف، حتى كانت إلى عهد قريب في الحواري تمشي.
طالب:. . . . . . . . .
احفظ، احفظ حقلك.
طالب:. . . . . . . . .
احفظ حقك، بالنهار عليك الحفظ، وبالليل على صاحب الماشية الحفظ.
"وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" أما بالنسبة للقضايا التي فيها إشكال، وما زالت تدرس بالمحاكم، مثل الذي أنا ذكرت، فلن يذكر الحكم يعني؛ لأن هذا من اختصاصهم.
طالب: حادث النهار.
حادث النهار شخص يمشي مائة وعشرين السرعة المقررة فاعترضه جمل، وجد فتحة بالشبك ودخل واعترضه، هل نقول: ((العجماء جبار))؟ وعلى الإنسان في النهار يحرص ... ، في الغالب أن الذي يمشي السرعة المحددة ولو اصطدم بما اصطدم به .. ، النهار السائق يرى ما أمامه، هذه من جهة، فإذا رأى ما يؤثر عليه، أو يضره هدأ السرعة، خفف السرعة، إذا كان السرعة المحددة، لكن الإشكال إذا حدد له مائة وعشرين صار مائة وثمانين، ما يمديه، على كل حال بيروح، ولا يمكن أن يتلافى في مثل هذا، وأكثر الحوادث من هذا النوع.
طالب: .... في حديث العجماء ...
إيه إذا لم يكن على صاحبها حفظها، يعني ما أتلفته بالنهار جبار، هو إذا عرف أن فلاناً من الناس اعتدى وفتح هذه الفتحة، وغلب على ظنه أن الإبل ... ، لا شك أنه يضمن، يضمن بما ترتب على هذه الفتحة.

(138/12)


قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا" رقيق جمع "أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها" يعني نحروها وأكلوها "فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم" لأنهم سرقوا، والأصل أنهم سرقوا من حرز، مع اكتمال الشروط، أمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، هذا الحكم الأصلي "ثم قال عمر: أراك تجيعهم" قاله لحاطب، وحاطب معروف أنه بدري "أراك تجيعهم" فسكت ...
طالب:. . . . . . . . .
بدري من أهل بدر، إيه.
طالب: ترك القطع.
ترك القطع "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" عمر -رضي الله عنه- في عام المجاعة، عام الرمادة كما يقولون، ما قطع في السرقة؛ لأن المجاعة تدرأ الحد، الحاجة الشديدة تدرأ الحد، يعني شخص يكاد أن يهلك، وظفر بمال لزيد من الناس، أو بطعام له يأكل، مع نية الضمان.
على كل حال أراد عمر أن .. ، بل أمر أن تقطع أيديهم، ثم بعد ذلك قال عمر: "أراك تجيعهم" فكان الجواب من حاطب الإقرار، أنه يجيعهم؛ لأن العام عام مجاعة، والمجاعة تدرأ الحد "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" الآن عندنا المباشر الرقيق، والمتسبب سيده، المباشر معذور، ينتقل الحكم إلى المتسبب؛ لأن المباشر معذور بالجوع، لكن المتسبب الذي أجاعه ينتقل إليه الحكم "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال: المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة مائة درهم" يعني قيمتها تسام أربعمائة درهم، ولا يبيعها بأربعمائة "فقال عمر -يعني لحاطب-: أعطه ثمانمائة درهم" ضعف القيمة، يعني إذا درء الحد لسبب من الأسباب، فإن الحق لا يضيع، والتغريم بالضعف اجتهاد من عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه يردع مثل هذا؛ لأن هذا الذي تسبب في هذه السرقة، ودرء الحد لا شك أن له مدخل في القضية.
طالب: نفذ الحد؟
لا ما نفذ وقف "فقال عمر: أراك تجيعهم" ...
طالب:. . . . . . . . .

(138/13)


وقف، أرسل في أثره، أثر كثير بن الصلت قال: لا تقطع أيديهم؛ لأن غلب على ظنه أنهم يجوعون، فقال: أراك تجيعهم، فوافق، سكت، ما قال: لا ما أجيعهم، لو كان ما يجيعهم، لو كانوا شبعانيين، وسرقتهم للبعير الحكم الشرعي ما يعطل لا لفلان ولا لعلان، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- ضاعف عليه القيمة، نعم، أعطه ثمانمائة درهم، هذه عقوبة، بل عقوبة بالمال، والعقوبة بالمال مما يختلف فيه أهل العلم، منهم من يرى أنه لا تجوز العقوبة بالمال، وعندهم النصوص التي تمنع أن يؤخذ من مال فلان، أو يستولى على مال فلان بغير طيب نفس منه و ((لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفس منه)) هؤلاء يمنعون العقوبة بالمال، ومنهم من يقول: العقوبة بالمال من باب التعزير جائزة، والذي يمتنع من دفع الزكاة ((فإن آخذوها وشطر ماله)) عمر -رضي الله عنه- ضاعف القيمة، فقال: أعطه ثمانمائة درهم.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا".
طالب:. . . . . . . . .
لا ما. . . . . . . . . هذه حقوق الناس هذه، هذا حد، هذا تعزير رآه عمر مجتهداً في ذلك، رآه ولو كان بدرياً.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . يسرقون.
طالب: لا.
غرامة المثل؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لو كانت أربعمائة ما رضي المزني، ومع ذلك الردع لا بد منه، مثل هذا للزجر.
يقول: "سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" العمل عندهم يعني في المدينة، وإذا كان أهل المدينة لا يعملون بسنة عمر فمن يعمل بها؟ وهو الحاكم على المدينة؟ كيف يخالف أهل المدينة سنة عمر؟ "وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" يعني عنده في اجتهاده؛ لأن ممن لا يرى التعزير بالمال "ولكن مضى الناس أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها" يعني أربعمائة فقط من غير زيادة، والزيادة لا تجوز إلا بطيب نفس من صاحبها، كما هو قول جمع من أهل العلم، والمسألة خلافية، وإذا كان المال يردع؛ لأن بعض الناس لا يردعه إلا الأخذ من ماله، فإذا كان يرتدع بالأخذ من ماله فجاء ما يدل على ذلك.
طالب:. . . . . . . . .

(138/14)


إنما يدرأ الحد، يدرأه الإمام، يدرأه للشبهة، إنما يدرأ للشبهة، أما إذا لم يوجد شبهة، وبلغت الحدود الإمام، كما جاء في الخبر: ((فإن عفا فلا عفا الله عنه)) أما إذا وجدت شبهة يمكن أن يدرأ بها الحد كما فعل عمر يدرأ، وجاء الأمر بذلك، نعم؟
طالب: أحسن الله إليك: الأظهر في التعزيز بالمال؟
والله إذا كان لا يجدي في هذا الشخص إلا أن يؤخذ من ماله ولا يردعه إلا ذلك؛ لأن بعض الناس مستعد لألف جلدة، ولا يؤخذ منه ألف ريال، مثل هذا يعزر بالمال.
طالب: التعويضات المالية يا شيخ؟
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
العكس يعني؟
طالب: لا مثلاً يطالب بحقه فترة طويلة من الزمن، فيطالب في هذه الفترة مراجعة المحاكم وكذا.
لأنه متضرر؟
طالب: متضرر.
لا شك أن الضرر يزال.
طالب:. . . . . . . . .
هذا أصل مسألة السرقة، إذا أقيم الحد -حد السرقة- هل يضمن المسروق وإلا ما يضمن؟ هل يكتفى بالسرقة أو يرد المسروق؟ قد يقول صاحب السرقة: أنا لا تقطعوني. . . . . . . . . فالقطع لله، والحق للمخلوق، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي أصابها قدر ما نقص من ثمنها.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه أن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم
وفي حكمها بقية الأموال.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" يعني في اجتهاده الموافق لعمل أهل المدينة "فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي على أصابها قدر ما نقص من ثمنها" يعني يمشي بسيارته مثلاً، وأمامه جمل، أو شاة، أو بقرة، أو ما أشبه ذلك، ضربها بمقدمة السيارة، أو بمؤخرتها، فانكسرت رجلها مثلاً، حينئذٍ يدفع قدر ما أصابها من نقص، يعني تقوم سليمة، ثم تقوم معيبة، ثم يدفع الأرش.

(138/15)


"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخاف على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه إن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل" إذا قامت البينة على أنه أراده فإنه حينئذٍ هدر، وإن لم تقم البينة فهو يضمن، إذا دافع عن نفسه، والأصل أن الصائل إنما يدفع بالأسهل، إذا لم يندفع بالأسهل، ولو أدى ذلك إلى قلته فإنه يقتله، ولو كان آدمياً، يعني الدفاع عن النفس لا شك أنه مطلوب ((ومن قتل دون نفسه فهو شهيد)) وإن قتل فالمقتول هدر، إذا قامت البينة بذلك، لا بد من قيام البينة؛ لأن بعض الناس قد يكون بينه وبين زيد خصومة أو مشاحنة أو منافسة على أمر من أمور الدنيا، ثم يدعوه إلى وليمة، فإذا أدخله في بيته ادعى أنه دخل بغير إذنه يريده، أو يريد زوجته فقتله.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
يقبل قوله أو لا بد من البينة؟ لا بد من البينة، لوجود مثل هذا الاحتمال، وإلا فالأصل أنه دخل بيته يعني هناك قرائن يمكن أن يعمل بها، شخص -هذه قضية حادثة- معه مفتاح لبيت شخص، وهو ليس من أهل البلد صديقه إذا جاء إلى بلده فتح الشقة وارتاح فيها؛ لأن صاحب الشقة أعزب، جاء على العادة وفتح الشقة، ودخل فإذا مسدس لصاحب الشقة عبث به فقتل نفسه، هذه دعوى صاحب الشقة، لكن هل تقبل الدعوى بأنه جاء وعبث بالمسدس وقتل نفسه، أو الاحتمال الثاني أنه هو الذي قتله وادعى هذه الدعوى؟ لا بد من قيام البينة، وإلا الدعاوى ((لو أعطي الناس بدعواهم لادعى أناس أموال آخرين ودماءهم)) فلا بد من قيام البينات التي يقوم بها الحق.
"فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره" يعني دون القتل، يضرب رجله بشيء إلى أن يأمن من شره، وهذا في الجمل، وفي الآدمي الصائل، لا شك أنه يبدأ بالأسهل، المصول عليه معه مسدس، هل يبدأ بقتله في رأسه أو في قلبه، أو يبدأ بالرجل مثلاً، نعم يبدأ بالرجل، أو باليد التي هي الوسيلة لهذا الصائل، المقصود أنه يدفع بالأسهل، فإن لم يجد إلا الأشد، وقامت البينة بذلك فهو هدر، وإن لم تكن له بينة إلا المقالة، مقالته ودعواه فإنه حينئذٍ يضمن، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيما يعطى العمال

(138/16)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ، وقال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك، فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك، إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك؛ وليحلف صاحب الثوب فإن ردها وأبى أن يحلف حلف الصباغ.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطئ به، فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الثوب الذي دُفع إليه على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له.
يقول -رحمه الله-:

باب: القضاء فيما يعطى العمال
من غسال أو صانع أو غير ذلك من أهل المهن والحرف، أعطيت نجار أخشاب، وقلت: اصنع لي دالوب، فلما جئت فإذا به قد صنع ماسة وكرسي، ما الحكم؟ أعطيت الخياط قطعة قماش، قلت: اعملها لي ثوب، فعملها كوت أو العكس، أعطيته يصبغ لك الثوب بلون مناسب أسود، وإلا بني وإلا كحلي، فإذا به قد صبغه صبغ لا يناسبك، فمن تقبل دعواه؟ يقول: هو أمرني بهذا اللون، أعطاه ثوب رجل فصبغه بما يناسب النساء مثلاً، من تقبل دعواه؟ هناك قرائن قد يرجح بها قول المدعي، وهناك قرائن قد يرجح بها قول العامل والمحترف.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ" اصبغ لون بني، فصبغه له بنفسجي مثلاً، يقول: أنا ما ألبس هذا، أو ثوب لا يلائم الرجال، قال: لا أنت أمرتني، والثوب يختلف، أو أعطى المجلد كتاب وقال: جلده لي باللون الأسود فجلده بني، المسألة أخف من الثوب، وكلما قرب من اللون المطلوب كان الأمر أخف.
"قال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك" طيب البينة؟ "فإن الغسال مصدق في ذلك" والخياط مثله، لماذا رجح قول الغسال على قول صاحب الثوب؟
طالب:. . . . . . . . .

(138/17)


لأن صاحب الثوب مدعي، والغسال مدعى عليه، ولذا لو جاء بالصباغ مدعى عليه، وصاحب الثوب مدعي، فلو جاء ببينة معه اثنين من زملائه، وقالوا: لا، قال: أنا أريد بني فصبغه أزرق أو أسود أو ما أشبه ذلك، إذا جاء ببينة يقبل قوله ببينة، وعلى كل حال كل من يقبل قوله بغير بينة، لا بد مع ذلك من يمينه.
"فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك" جاء بقطعة القماش فقال: فصلها لي ثوب، فلما جاء فصلها له ثلاثة سراويل بدل الثوب، أو كوت، أو جوارب، أو ما أشبه ذلك، يصدق الخياط؛ لأن صاحب القماش مدعي، وهذا مدعى عليه إلا إذا كان هناك بينة؛ لأن بعض الناس حتى مع كونه مدعي بعض الناس يصدق ما في نفسه، هو ذاهب على أساس أنه يخيطها ثوب، فسبق لسانه مثلاً فقال: كوت أو شيء من هذا، أو سراويل أو ما .. ، أو عدل عن فكرته الأولى لما رآه يجيد خياطة الأكوات دون الثياب، فقال: فصلها كوت، ثم بعد ذلك ادعى أنه طلب منه يفصلها .. ، على كل حال في مثل هذا يصدق المدعى عليه إذا لم يكن مع المدعي بينة، مع يمين المدعى عليه.
"والصائغ مثل ذلك" الصائغ أعطيته المادة الخام من الذهب أو الفضة، فقلت: اصنعها أسورة، فصنعها خلاخيل أو العكس، فإنه يصدق، لكن إذا كان المطلوب أشد كلفة من المنفذ، والأجرة واحدة، قال له: اصنع هذه المادة أسورة، فصنعها ما هو أشد عليه، خلاليل أو العكس، هل يختلف هذا عن هذا؟ هل نقول: إن الصانع صنعها أسورة لأنها أسهل؟ أسهل عليه؟ فيكون هذا في جانب المدعي بخلاف ما إذا كان المطلوب أخف من المنفذ، فإنه لا مصلحة بوجه من الوجوه للصانع، فيكون ذلك مرجح في جانب الصانع.
طالب: ... زيادة أجرة يا شيخ؟
لا لا، هو ما طلب زيادة أجرة، ما طلب زيادة أجرة، هم متفقين على مبلغ من المال، ما طلب زيادة.
طالب:. . . . . . . . .

(138/18)


لا، لا، هم متفقين على الأجرة، ما هو الخلاف على الأجرة، هم متفقين على أن الأجرة خمسين ريال وخرجت بهذه الكيفية، شوف المجلد أنت أعطيته الكتاب، وأعطيته اللون والقيمة، ثم تفنن فيه، تفنن في التجليد، ودخل عليه من المحسنات التي يطلبها جميع الناس، ثم بعد ذلك قال: أنا والله ما أمرتك، وهذه لا أقبلها أنا؛ لأن بعض الأذواق تختلف عن بعض، بعض الناس يبي سادة، ما فيه ولا خطوط مثل هذه الذهبية، يبي سادة، وجاء وتفنن وتذوق فيه، وجعل أحزمة، ويمين وألوان وتكت وأركان، قال: أنا ما أقبل هكذا بهذه الطريقة، وهذا أشق عليه يعني، أشق على المجلد، يلزم بهذا أو نقول: أعد التجليد من جديد؟ لا سيما إذا لم يدع أن هذا طلبه، لكن لو ادعى أن هذا طلبه القول قوله على ما في كلام الإمام.
"والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك" يعني كل من قبل قوله بغير بينة فإن ما يكون مع يمينه إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، جاب قطعة قماش ما تصلح لئن تكون ثوباً، إنما تصلح لئن تكون سراويل، أو تصلح كوت، ولا تصلح في عرف الناس كلهم أن تكون ثوب، أو العكس، فإذا خاطه على غير ما يصلح له ضمنه.
طالب: في إشكالية مثلاً يصمم إعلان أو يرسم لوحة ....
هذا إذا كان على الخيار، قال: صمم وانظر فيما يصلح لي، وما لا يصلح، هذا ما فيه إشكال.
طالب: يقول: أنا تعبت عليها ....
ولو تعبت إلا إذا اتفقتم على شيء النماذج كذا.
طالب: ما فيه نموذج ....
لا هذا يقول: أبا أصمم لك، أصمم لك خمسة نماذج، كل أنموذج بعشرين بالمائة من القيمة، فالذي يعجبك تأخذه بالقيمة كامل.
طالب: وإذا ما أعجبني ولا واحد منها؟
إذا ما أعجبك يصمم لك غيره، لكن إذا اتفقوا على شيء، ما يدفع شيء، إلا إذا اتفقوا على شيء للعينات.

(138/19)


"ويحلفون على ذلك إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم" يعني لا يمضي قولهم، ولو مع يمينهم، يعني محل فيه خياط، فيه خياطة، وفيه غسالة، وفيه كوي، وفيه صبغ، وفيه أشياء، يعني أكثر من خدمة يقدم، ثم جاب الشماغ ووضعه على الطاولة وانصرف، ما قال للغسال: اغسله، ولا قال للخياط: أخطه، ولا قال للصباغ: اصبغه، جاب الشماغ وتركه، فلما جاء إذا هو مفصل الشماغ سروال، أخذه الخياط وفصله سروال، هذا يقبل؟ هذا لا يمكن أن يقبل بوجه من الوجوه، وإن كان المحل فيه غسال، وفيه خياط، وفيه صباغ، لا يقبل، لكن إنما يقبل قوله فيما يمكن أن يستعمل فيه.
"فلا يجوز قولهم" يعني ما يمضي قولهم "وليحلف صاحب الثوب" صاحب الثوب يقول: والله ما أعطيتك هذه القطعة تفصلها سراويل، ولا تصلح سراويل هذه، هذه قطعة خشنة، ما يمكن أن تلي الجلد، أنا أعطيتك القطعة هذه صوف تفصلها كوت، فصلها سروال، هذا صوف خشن ما يصلح لئن يكون سراويل، فمن يقبل قوله؟ يقبل قول المدعي؛ لأن الإمام -رحمه الله تعالى- يقول: "إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك" يعني لا يمضي "وليحلف صاحب الثوب أنه ما أراد إلا ما ذكر، فإن ردها وأبى أن يحلف" رد اليمين على المدعى عليه، أبى أن يحلف المدعي، ثم رد اليمين على المدعى عليه "حلف الصباغ" وهذا على كل حال على قول من يرى رد اليمين، وقضاة عصر الإمام مالك كلهم يرون رد اليمين.
"قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطأ به فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه" أعطيته الثوب أعطاك فاتورة، جاء ثاني وأعطاه ثوب وأعطاه فاتورة، فأعطاه ثوبك، وأعطاك ثوبه، أخذ ثوبك لأنه أفضل ولبسه، نعم، فإن كان على معرفة ضمن، وإن كان على غير معرفة لم يضمن.

(138/20)


قال: "حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب" أخذ الثوب ومشى، هذا الثوب الذي أخذه مفصل بخمسمائة ريال، والثوب الذي بقي، ثوب الذي أخذ الثوب الراجح، هذا الثوب المرجوح ما يستحق ولا مائة ريال، فإنه الغسال يضمن "ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الذي دفع إليه على غير معرفة" لكن إذا قال: فرصة، الحمد لله جاب الله لنا هذا الثوب لا بسرقة ولا بغصب ولا .. ، الحمد لله، جابه الله بطوعه واختياره، لا، يضمن حينئذٍ.
"على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له".
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: الغسال.
إذا دفعه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يخلو إما أن يكون الغسال عالماً أو جاهلاً، والآخذ لا يخلو إما أن يكون عالماً أو جاهلاً، فإن كان الآخذ للثوب عالم يغرم، وإن كان صاحب الثوب أو الغسال فهما شريكان، والذي لا يعلم منهما لا شيء عليه ....

(138/21)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (12)
باب: القضاء في الحمالة والحول - وباب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب - وباب: ما لا يجوز من النُحْل - وباب: ما لا يجوز من العطية.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الحمالة والحول
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه: إنه إن أفلس الذي احتيل عليه أو مات فلم يدع وفاء فليس للمحتال على الذي أحاله شيء، وإنه لا يرجع على صاحبه الأول.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.
قال مالك: فأما الرجل يتحمل له الرجل بدين له على رجل آخر، ثم يهلك المتحمل أو يفلس، فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الحمالة والحول
الحمالة: الضمان، والحميل: هو الضامن، والحول فهي الحوالة.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" يعني في اجتهاده، وفي عملهم في المدينة "في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه" يحيل الرجل إذا كان المحال عليه ملياً، فمن أحيل على مليء فليحتل، يعني فليقبل الحوالة، يجب عليه أن يقبل، إذا كان ملياً، وهذا تقدم ذكره، فالحوالة إذا كان لزيد بذمة عمرو مالاً، فجاء زيد يتقاضى المال، فأحاله على بكر بهذا الدين، وبكر لا يخلو إما أن يكون غنياً ملياً أو غير ذلك، فإن كان ملياً لزمه قبول الحوالة، وكثير من أهل العلم تحقيقاً لهذا الأمر لا يشترط رضا المحال، بل عليه أن يقبل الحوالة رضي أم لم يرض؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليحتل)) يعني ليقبل الحوالة، شريطة أن يكون ملياً، أما إذا كان غير مليء، فإن ماله يكون عرضة للتلف، فلا يلزمه أن يقبل.

(139/1)


"الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه: إنه إن أفلس الذي أحيل عليه" لأنه بالحوالة برئت ذمة المحيل، والمحال عليه ذمته مشغولة، مشغولة بدين المحيل أولاً، ثم بدين المحال عليه ثانياً، فذمته مشغولة، وأما المحيل لا سيما إذا اشترطنا عدم رضا المحال، فإن ذمته قد برئت للخبر الذي فيه الأمر.
"إنه إن أفلس الذي أحيل عليه أو مات فلم يدع وفاء" يعني لم يترك في تركته ما يفي بهذا الدين "فليس للمحتال على الذي أحال أي شيء" لأن ذمته برئت، وانتقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه "وأنه لا يرجع على صاحبه الأول" هذا إذا كان ملياً حقيقة وحكماً، أما إذا كان في ظاهر الأمر مليء، ثم تبين في النهاية أنه ليس بمليء؛ لأن بعض الناس يتظاهر بالثراء، ويوحي للناس أن عنده الأموال، وهو ليس كذلك، أو العكس، فإنه حينئذٍ لا يلزمه قبول الحوالة.
يقول: "وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا".
"قال مالك: فأما الرجل يتحمل -يعني يضمن- له الرجل بدين على رجل آخر" يضمن له، لزيد على عمرو مبلغ من المال، بذمة عمرو مبلغ من المال ألف ريال لزيد، فطالبه زيد، طالب عمرو بالمال، فقال: أنا الآن ما عندي شيء، لكن أحضر لك ضامن، غارم، كفيل، حميل، يغرم المال إذا عجزت ثم يقبله زيد، فبعد ذلك هو مخير بمطالبة أحدهما، وإن لم تبرأ ذمة المحتمل عنه، ما زال الدين في ذمته، وإنما الضامن الحميل إنما هو زيادة في التوثقة، فله أن يطالب هذا، أو يطالب هذا.
"ثم يهلك المتحمل" يعني الضامن الغارم يهلك "أو يفلس، فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول" وهذا مثلما ذكرنا أن ذمته لم تبرأ بخلاف من أحيل عليه، فإن ذمته قد برئت من الدين.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء، المماطل ليس بمليء، المليء الغني المستعد للدفع.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب

(139/2)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره قد علمه البائع، فشُهد عليه بذلك، وأقر به فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب، ثم علم المبتاع بالعيب فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه، قال: وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق، أو العوار من ثمن الثوب، ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب ويرده فعل، وهو في ذلك بالخيار، فإن كان المبتاع قد صبغ الثوب صبغاً يزيد في ثمنه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص العيب من ثمن الثوب، وإن شاء أن يكون شريكاً للذي باعه الثوب فعل، وينظر كم ثمن الثوب وفيه الحرق أو العوار؟ فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد فيه الصبغ خمسة دراهم، كان شريكين في الثوب لكل واحد منهما بقدر حصته، فعلى حساب هذا يكون ما زاد الصبغ في ثمن الثوب.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب
اشترى ثوباً فوجد به عيباً، أخذه ولم ينظر فيه النظر الكافي في المحل، فلما وصل إلى البيت وجد به عيب.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره" الحرق يتصور بكثرة، خاط الثوب، وجهزه للزبون، وغسله ثم كواه بعد ذلك، ليكون أفضل، ثم المكوى أحرق الثوب، وقال: هذا شيء يسير ما يؤثر، إن شاء الله ما عليه، فعرضه أعجب الزبون فأخذه، لما وصل إلى البيت وجد هذا الحرق.

(139/3)


"إذا ابتاع الرجل" يعني اشترى "ثوباً به عيب من حرق أو غيره، قد علمه البائع" البائع عرف أن المكوى أثر في هذا الثوب، أحرق هذا الثوب، لكنه قال: إن شاء الله ما يؤثر هذا ولا عليه، وكتم هذا العيب بعد أن علمه "فشُهد عليه بذلك" يعني مصر على أن لا يخبر المبتاع، المشتري، أو ندم على ذلك فأخبره، ندم على كتمه هذا العيب فأقر به واعترف "فشُهد عليه بذلك، وأقر به، فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب" جيء بالثوب، الثوب القطعة الكبيرة من القماش، فصار فيها تلف، فيها عيب، فيها خرق، والخرق كثيراً ما يأتي في الأقمشة من المسامير التي توضع في الصناديق، يخرج منها مسمار، فيحدث عيباً في الثوب، يحدث خرقاً في الثوب، وهذا كثير.
"فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً" الثوب مطوي على هيئة طول، يسمونه طول أو طاقة، العيب في آخره، علمه البائع، فجعله في الآخر، من جهة العصا الذي يطوى عليه، الذي ابتاعه يريد أن يقطعه ثياب، يلبسها، يقطعها تدريجياً، ما يحلها بالكامل، فلا يطلع على العيب إلا بأن يقطع منها أكثر من قطعة، إلى أن يصل إلى الآخر، ولذلك قال: "ثم علم المبتاع بالعيب" ما علم إلا في النهاية " فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه" عقوبة للبائع الذي علم بهذا البيع، فكتمه عن المشتري.

(139/4)


قال: "وإن ابتاع" اشترى "رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" ما شُهد عليه ببينة ولا اعترف "زعم أن الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" يعني مع .. ، خلت المسألة عن البينة وعن الاعتراف بقي اليمين، يحلف يمنياً أنه ما علم بذلك "وقد قطع الثوب الذي ابتاعه أو صبغه أو أحدث فيه حدث" يعني من الأمثلة الظاهرة ومناسبة بالنسبة لكم، اشترى كتاب، والكتاب يحتاج إلى تجليد، ذهب به إلى المجلد، لما جلده وبدأ يقرأ فيه، وصل إلى نصفه، إذا به سقط ملزمة أو بياض، البائع يغلب على الظن أنه لا يدري، لكن أحياناً يدري، يصير اشتراه شخص آخر ورده عليه، ويدري، بعض الباعة -باعة الكتب- يعرف العيب، يأتي به الزبون الذي اشتراه، ويقول: هذا بياض يا أخي شوف، أو نقص ملزمة، يأخذه منه ويضعه في الدولاب مع الكتب الجديدة، ويبيعه على أساس أنه لا عيب فيه، هذا يحصل، وبعض الناس من ورعه يقول: لا، ما دام فيه عيب خلوه على جنب، وقد يأتي العامل فيأخذه ويرده إلى .. ، وحينئذٍ يتصور أنه لا يعلم، هذا أخذ الكتاب واشتراه وجلده، ثم تبين العيب، والبائع لا يدري.
يقول: "وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع –المشتري- بالخيار، إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب" اشتراه بمائة وبه حرق، تعادل العُشر، فحط عنه عشرة دراهم، أو ظهر العيب بالكتاب نقص ملزمة، الكتاب سليم يستحق مائة، لكنه معيب ما يستحق إلا خمسين.
"فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب" قطع والبائع لا يدري بالعيب؛ لأنه لو عرف العيب قبل ذلك في الصورة الماضية يرد عليه، لكن في هذه الصورة لا يدري، يشتركان في جهل هذا العيب، فالمشتري يتصرف، بما ينقص السلعة، وقد يتصرف بما يزيدها، على ما سيأتي، إذا تصرف بما ينقص السلعة، إما أن يمسك الثوب ويأخذ الأرش، أو يرد الثوب، ويدفع الأثر الذي تسبب عن تصرفه.

(139/5)


"وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب ويرده فعل، وهو في ذلك بالخيار" يعني الخيار لمن؟ للمشتري "فإن كان المبتاع قد صبغ الثوب صبغاً يزيد في ثمنه" مثلما قلنا في الكتاب جلده تجليداً يزيد في ثمنه "فالمبتاع بالخيار، إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص العيب من ثمن الثوب" يعني أو الكتاب "وإن شاء أن يكون شريكاً للذي باعه الثوب فعل، وينظر كم ثمن الثوب وفيه الحرق أو العوار، فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد فيه الصبغ خمسة دراهم كان شريكين في الثوب" لما جلد الكتاب بخمسين ريال مثلاً، وقد اشتراه بمائة، فلما ظهر العيب، قيل: كم يستحق الكتاب وبه هذا العيب؟ قيل: يستحق خمسين ريال، كان شريكاً له، النصف للبائع والنصف للمبتاع، وإن اتفق مع البائع وقال: احذف لي، أو اخصم لي من قيمة الكتاب قدر هذا العيب فالأمر لا يعودهما.
"فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد في الصبغ خمسة دراهم كانا شريكين في الثوب" للبائع لصاحب الثوب الثلثان، وللثاني الذي صبغه وزاد من قيمته له الثلث، وقل مثل هذا في صورة الكتاب "لكل واحد منهما بقدر حصته" لهذا الثلث، والثاني له الباقي أو العكس "فعلى حساب هذا يكون ما زاد الصبغ في ثمن الثوب" وقلنا: إنه لو تكلف وظن أنه محسن، وفعل بالسلعة ما يزيدها عنده، ما يرغب هو، لكن ليس برغبة للناس، فماذا يقال؟ يقال: شريك؟ يعني التجليد مطلوب للكتاب، جلده فزاد ثلث القيمة، هذا مقبول، لكن جلده تجليد لا يريده الناس، تصرف فيه، أحدث فيه عيوب، ذهب إلى المجلد فقصه المجلد من الجهات الأربع، وجلده تجليداً فاخراً، نقول: هذا التجليد يقاوم العيب الذي أحدثه في الكتاب؟ لا يقاومه، بعض الناس ما يستحق شيء، ولا فلس، ما دام مقصوص، على كل حال هذه الأمور تقدر بقدرها، وكل قضية لها حكمها، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما لا يجوز من النُحْل
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن .... "
النحل: جمع نحلة، يجوز أيضاً المصدر نحْل، نحل ينحل نحلاً، نعم.
أحسن الله إليك.

(139/6)


عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: إن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجع)).
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: إن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منكِ، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنتِ جذذتيه واحتزتيه كان لكِ، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله، قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: فقلت يا أبتِ: والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية.
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: ما بال الرجال ينحلون أبناءهم نحلاً، ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحداً، وإن مات هو قال: هو لابني، قد كنت أعطيته إياه، من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطل.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من النُحْل
النحل مصدر، نحل ينحل نحلا، ويجوز النحل جمع نحلة أي عطية بلا عوض، وفي هذا كتاب الملل والنحل، يعني جمع نحلة، فالنحلة جمعها نحل، والنحْل المصدر.

(139/7)


قال -رحمه الله-: "حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير أنه قال: إن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أن أباه بشيراً هذا هو الناحل والمعطي، والمعطى النعمان "أن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي" وفي بعض الروايات: أنه نحله حديقة، وكان ذلك بطلب أمه، أمه طلبت أن ينحله؛ لأنه كان صغيراً رضيعاً، وقالت: إنها لا تربيه حتى تنحله وتخصه بشيء، فنحله هذا الغلام أو تلك الحديقة، على ما جاء في بعض الروايات، أو أنه نحله الحديقة، ثم رجع فيها، ثم نحله الغلام فقالت له: أشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لئلا ترجع كما رجعت في الحديقة، على كل حال الروايات تدل على شيء من هذا.
"إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) " يعني هل لك من ولد غيره؟ نعم له أولاد، ثم بعد ذلك: " ((أكل ولدك نحلته هذا؟ )) فقال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجعه)) " وفي رواية: ((لا تشهدني)) وفي رواية: ((أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور)).
في الخبر -والحديث هو متفق عليه- دليل على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وأن التفريق بينهم حرام، الميل إلى أحدهم دون بعض حرام، إذا كان لذواتهم، زيد له ثلاثة أبناء عمرو وبكر وخالد، قال: يعطى خالد مبلغ كذا، ولا يعطى زيد ولا عمرو ولا بكر، ما يعطون، هذا لا يجوز بحال، لكن لو قال: يعطى طالب العلم بالوصف لا بالشخص تشجيعاً على العلم، إذا نظرنا إلى الوصف تكون حينئذٍ العلة مرتفعة، ويكون في هذا أيضاً الحث على ما ينفع، ولذا جاء في الحديث: ((لا وصية لوارث)) الوارث لا يستحق وصية، لا يجوز أن يوصي لبعض ولده دون بعض، لكن إذا قال: مصرف الريع -ريع الوقف أو الوصية- لطلاب العلم، يدخل أولاده دخولاً أولياً، لا سيما مع الحاجة.

(139/8)


" ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) فقال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجعه)) " فدل على أن مثل هذه العطية يجب إرجاعها، والعود فيها، اللهم إلا إذا حصلت التسوية بين الأولاد، بأن أعطى ولده ألف ريال، ثم قيل له: حرام عليك تعطي واحد وتترك الباقين، ارتجع هذا الألف، قال: لا، أدفع للباقين على ألف، هذا تسوية، لا مانع من مثل هذا، فالأمر بالارتجاع إذا ارتفعت علته ارتفع حكمه، فإذا دفع لكل واحد؛ لأن المقصود التسوية؛ لأنه جاء في بعض طرق الحديث: ((اتقوا الله، وسووا بين أولادكم)) وفي رواية: ((واعدلوا بين أولادكم)) ويستدل بقوله: ((سووا بين أولادكم)) من يرى أن الولد من الذكر والأنثى سواء، سواء كانت أنثى أو ذكر، فإذا أعطوا يعطون على السواء، أعطي زيد من الأولاد ألف ريال، تعطى فاطمة ألف ريال، سووا هذا مقتضى التسوية، والأولاد يشمل الذكر والأنثى.
طالب: أحسن الله إليك: في العينيات مثل السيارات الآن، مثل الذهب للنساء والزينة؟
الحاجات الأصلية، كل يعطى ما يناسبه، الكبير يحتاج إلى سيارة اشتر له سيارة، يحتاج إلى زواج يزوج، البنت يشترى لها ما يناسبها، الرضيع يعطى حليب وحفايظ، يعطى سيارة؟ لا، ما يلزم التسوية في الحاجات الأصلية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بالوصف، تقول: ابني فلان؛ لأنه فقير يعطى، لا، يعطى الفقير من الأولاد صح، بالوصف، ما ينص على الاسم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا جور، هذا ميل.
طالب:. . . . . . . . .
تخصيص إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إشكال، كأنه وصف، المرض وصف.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه ما يمنع، إذا أعطاه علاج هذه حاجة أصلية، حاجة أصلية، مثلما يعطي هذا مصروف المدرسة، وهذا يعطيه ما يحتاجه.
طالب: لأنه عاجز.
لا، لا، ما يشيل لهم بيت إلا بإذن إخوانهم، لكن لو اشترى بيتاً ووقفه وقفاً منجزاً للمحتاجين من أولاده ما عليه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
إذا بنى وملكهم يعطيهم، إذا بنى وملكهم، وإذا كان باسمه وأجرهم أجرة، يعطى البنات مثل الأجرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أذنوا لأبيهم أن يخص واحداً منهم الأمر لا يعدوهم؛ لأن العلة مرتفعة.

(139/9)


طالب:. . . . . . . . .
هذا قول الجمهور، لكن أحمد وإسحاق وجمع من أهل العلم ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور يقولون: أشهد عليه غيري، يجوز يشهد غيره؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- منزلته مرتفعة لا يشهد ولا على المكروه، وما دام أذن لغيره أن يشهد فهو ليس بحرام، مع أن إذنه بالشهادة لغيره إنما هو ردع وزجر {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] عاد في هذا إذن؟ لا، لا، قول الجمهور وإن كان قال به كثير من أهل العلم مرجوح.
طالب:. . . . . . . . .
ما يقال: سووا بين البنت والولد ((اتقوا الله، وسووا بين أولادكم)) هذا يؤخذ منه أنه يسوى بين البنت والولد، ما فيه نص يقول: سووا بين البنت والولد، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الرواية: ((سووا بين أولادكم)).
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف، لكن ما يأتي نص .. ، بعضهم يقول مثل هذا نعم الولد يطلق على الولد والبنت، لكن معارضته لقسمة الله -جل وعلا- في المواريث نخص الولد بالابن، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، فتعطى البنت نصف ما يعطى الولد.

(139/10)


قال -رحمه الله-: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً" أي ما يجد منه ويتحصل منه، يعني أعطاها تمراً على رؤوس النخل، لكنه إذا جز وخلص ونقي يصفو منه عشرون وسقاً "من ماله بالغابة" موضع قريب من المدينة، يعني خمسة عشر أو ستة عشر كيلاً أو عشرين كيلاً، موقع هناك اسمه: الغابة، فلما حضرته الوفاة، حضرت أبا بكر الوفاة، ورأى العلامات، وقرب أجله "قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك" يعني هو يحب أن تكون ابنته غنية "ولا أعز" يعني لا أشق على نفسي "علي فقراً بعدي منك" وهذا يدل على أن الغنى راجح حتى عند الأخيار، راجح مرجح على الفقر حتى عند الأخيار "وإني كنت نحلتك" أعطيتك بدون مقابل "جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك" لأن الهبة والعطية لا تثبت إلا بالقبض، هي ما قبضت، فلم تثبت لها، وهذا من أدلة الجمهور في عدم وجوب التسوية والتعديل، هذا فعل أبي بكر، وخليفة راشد، وأعطى عائشة دون سائر إخوانها وأخواتها، ومن يقول بالتحريم يقول: إنه برضاهم؛ لتتفق النصوص، أنه أرضاهم، ومع ذلك لما لم تحز ولم تقبض رجع فيه.
وعمر أيضاً وهب ابنه عاصماً دون سائر إخوانه، ويقال فيه ما قيل في هذا: إنه برضاهم، وسنة الخلفاء الراشدين إنما محلها في الاقتداء والاستنان بها فيما لا يعارض المرفوع، فإن عارض المرفوع فاحتمال أن الخبر لم يبلغهم، والاحتمال الثاني أنهم استأذنوا في ذلك، وهذا يدل على أن الهبة لا تثبت إلا بالقبض.
"كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث" لو قالت: الآن أنا أجذه وأقبضه، صارت العطية من الآن، والعطية في مرض الموت لا تصح.
"وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك" أبو بكر -رضي الله عنه- مات عن هؤلاء الخمسة، اثنان من الذكور وثلاث من البنات "فاقتسموه على كتاب الله" لأنه صار تركة، فيقسم على كتاب الله للذكر مثل حظ الأنثيين.

(139/11)


"قالت عائشة: فقلت: يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته" يعني مراعاة لحقك في البر، وأن يكونوا في برك سواء، وأن لا يجد أحد في نفسه عليك شيئاً، وأيضاً مراعاة لحق الله -جل وعلا-، الذي أمر الولد ببر والده.
"والله لو كان كذا وكذا" يعني لو كنت قد حزته وقبضته لتركته، يعني عندي محيز في بيتي لتركته، لتطيب النفوس، ويرضى الجميع عن الميت.
"إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ " لأن ما عندها إلا أسماء، وهي أكبر منها "فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو بطن بنت خارجة" بنت خارجة هذه زوجته الأخرى مع أسماء بنت عميس، والذي في بطنها أراها جارية، أظنها جارية، يعني هل هناك من علامات يستدل بها على ما في البطن؟ هل هو ذكر أو أنثى؟ هو الآن يبي يقتسمونه وينتهون، ميراث الحمل معروف، يترك الأحظ من ذكرين أو أنثيين، يترك الأحظ له، قالوا: إن أبا بكر قد اعتمد في ذلك على رؤيا، فجاءت كما توقع، وإلا لا يعلم ما في الأرحام إلا الله -جل وعلا-، والطرق والوسائل والأجهزة الحديثة يستطيعون تمييز الذكر من الأنثى، بعد نفخ الروح، وبعد إطلاع الملك.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها" يعطونهم "ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي" يعطيه هذه العطية ويخليه عنده، يتركها عنده، من أجل إيش؟ يستمر في الخدمة، ما دام يذكر هذه النحلة، وأنه كلما أرضى الوالد زاد فيها، أو جادت نفسه بها، لكن لو قبضها، واستلمها احتمال أن يكون مثل غيره، فما خص بهذا إلا ليخدم.

(139/12)


فيقول: "ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها" إمساكها لا شك أنه وسيلة ضغط على الولد "فإن مات ابن أحدهم" مات الولد "قال: مالي بيدي" لأنه إنما أعطاه ليخدمه وانتهت الخدمة "قال: مالي بيدي" وهو كغيره من الورثة، لم أعطه أحداً "وإن مات هو" يعني دنت وفاته، ما مات فعلاً، وإنما قربت وفاته، ورأى العلامات "قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه" "من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى يكون إن مات فهو لورثته" فهذه النحلة للورثة "فهي باطل" يقول: "فلم يحزها التي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطلة" يعني لا تنفذ، إنما تعود إلى أصل مال الميت، نعم.
باب: ما لا يجوز من العطية
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول:: الأمر عندنا فيمن أعطى أحداً عطية لا يريد ثوابها، فأشهد عليها، فإنها ثابتة للذي أعطيها، إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها.
قال: وإن أراد المعطي إمساكها بعد أن أشهد عليها، فليس ذلك له إذا قام عليه بها صاحبها أخذها.
قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها، فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك عرضاً كان أو ذهباً أو ورقاً أو حيواناً أحلف الذي أعطي مع شهادة شاهده، فإن أبى الذي أعطي أن يحلف حلف المعطي، وإن أبى أن يحلف أيضاً أدى إلى المعطى ما ادعى عليه إذا كان له شاهد واحد، فإن لم يكن له شاهد فلا شيء له.
قال مالك -رحمه الله-: من أعطى عطية لا يريد ثوابها، ثم مات المعطى فورثته بمنزلته، وإن مات المعطي قبل أن يقبض المعطى عطيته فلا شيء له، وذلك أنه أعطي عطاء لم يقبضه، فإن أراد المعطي أن يمسكها، وقد أشهد عليها حين أعطاها فليس ذلك له إذا قام صاحبها أخذها.
يقول -رحمه الله-:

باب: ما لا يجوز من العطية
ما لا يجوز من العطية، والباب السابق، ما لا يجوز من النحل، فرق بين العطية والنحل والهبة و ...
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
الطالب: والصدقة.
إيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا الوصية معروفة أنها حكمها يختلف، عندنا هبة وعطية وهدية ونحل.
طالب: صدقة.
الصدقة يقصد بها وجه الله -جل وعلا-.
طالب: ما تدخل.

(139/13)


لا ما تدخل، يقصد بها وجه الله، والصدقة إنما يتصدق بها على الفقراء والمساكين، الهدية والهبة والعطية كلها تكون للأغنياء، كما تكون لغيرهم، النحل والعطية والهبة والهدية معانيها متقاربة، إلا أن النحل فيما لا يرجى ثوابه، والعطية فيما يرجى ثوابه، والهدية هي التي يتحبب بها إلى الغير، والهبة يخصها بعضهم بما يكون بنية الثواب، يعني إنما أعطاه ليرد عليه.
على كل حال هي ألفاظها متقاربة، وقد يوضع بعضها موضع بعض.
يقول:

باب: ما لا يجوز من العطية
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أعطى أحداً عطية لا يريد ثوابها، فأشهد عليها فإنها ثابتة للذي أعطيها" يعني لا يجوز له الرجوع فيها، لكن إن أعطاه بنية الرجوع عليه بالثواب فإنه يرجع فيها إذا لم يثبه، إذا قامت القرائن والشهود الدالة على ذلك.
"فإنها ثابتة للذي أعطيها إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها" كما تقدم "قال: وإن أراد المعطي إمساكها بعد أن أشهد عليها فليس ذلك له" لأنه رجوع وعود في هبته "فليس له ذلك، إذا قام عليه بها صاحبها أخذها" إذا أتى بالبينة بالشهود فإنه يأخذها بالحكم، ما دام الشهود يشهدون بأنه أعطاه إياها انتهى أمرها.
"قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها" جحد وأنكر قال: ما أعطيته شيء "ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك" يعني في كثير من التصرفات يحصل اللبس، فزيد يعطي زميله كتابه بدون صيغة، يمده فيأخذه، فقال زيد المعطي: أنا ما أعطيتك إياه ملك، أعطيتك تستفيد وترجعه، أو تتصفح وتطلع عليه وتعيده، وهذا يحصل كثير، والآخذ يقول: لا، أنا أخذته على أساس أنه عطية، ولا يجوز لك أن ترجع، وقد يكون في نفس الأمر الصادق زيد، وقد يكون الصادق عمرو في نفس الأمر، نعم قد يعطيه العطية ثم يندم على ذلك، ولا صيغة تدل على أنها عطية، ولا أنها عارية، ثم بعد ذلك إذا لم تكن ثمة بينة فإنه يعود فيها، أما إذا كان هناك بينة شهود يشهدون أنه أعطاه إياه تمليكاً فإنه ليس له أن يعود فيها.

(139/14)


"ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد أنه أعطاه ذلك عرضاً كان أو ذهباً أو ورقاً أو حيواناً، أحلف الذي أعطي مع شهادة شاهد" لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشاهد مع اليمين، واليمين في مقام الشاهد الثاني "فإن أبى الذي أعطي أن يحلف حلف المعطي" لأن البينة بشاهد واحد أضعف من أن يقوم بها الحق، لكنها أقوى من لا شيء "فإن أبى الذي أعطي أن يحلف ومعه شاهد حلف المعطي أنه ما أعطى" لأن البينة ضعيفة، لا يقوم بمفردها الحق "وإن أبى أن يحلف أيضاً أدى إلى المعطى ما ادعى عليه" لأن الشهادة وإن كانت ناقصة، البينة وإن كانت ناقصة أقوى من لا شيء، فالأصل أن يحضر البينة بشاهدين، ما وجد إلا شاهد يحلف، شاهد مع يمينه، رفض أن يحلف تعاد، ترد اليمين على المعطي، إن حلف قاوم الشاهد، إن لم يحلف قلنا: لا يهدر الشاهد؛ لأنه أقوى من لا شيء.
"وإن أبى أن يحلف أدى إلى المعطى ما ادعى عليه إذا كان له شاهد واحد، فإن لم يكن له شاهد واحد فلا شيء له" لأنها مجرد دعوى، لا شاهد له لأن هذه مجرد دعوى.
"قال مالك: من أعطى عطية لا يريد ثوابها ثم مات المعطى فورثته بمنزلته" وقلنا: إنه يستحقها إذا قبضها، أو قامت البينة بأنه أعطيها "ثم مات المعطى فورثته بمنزلته، وإن مات المعطي قبل أن يقبض المعطى عطيته فلا شيء له" على ما تقدم "وذلك أنه أعطي عطاء لم يقبضه" عطاء لم يقبضه، وفي قصة أبي بكر مع عائشة دليل على ذلك.
"فإن أراد المعطي أن يمسكها وقد أشهد عليها حين أعطاها فليس له ذلك" إذا وجدت البينة فقد خرجت من يده إذا قام صاحبها أخذها، يعني متى ما أحضر البينة فإنه يأخذها، نعم.
نشوف الأسئلة.
طالب:. . . . . . . . .
هم بينات هم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل في مقاضاة، يعني على علم البينة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم.
يقول: شخص أقرض إنساناً مبلغاً من المال ثم عفا عنه، وقال: هبة أتقرب بها إلى الله تعالى، ومن ثم عاد عن هبته وطالبه بقرضه؟
على كل حال هذه مقبوضة، فإن أشهد عليها الموهوب فإن الواهب لا يستحق شيئاً لأنها مقبوضة.
يقول: ما صحة حديث: ((البذاذة من الإيمان)).

(139/15)


صححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وأما فقهه فإنه يدل على أن العناية بالجسم والملبس أكثر من اللازم بحيث تكون عنايته على حساب أموره الأهم سواء أن كانت في دينه أو دنياه فإنها حينئذٍ تكون مفضولة، والبذاذة المقصود بها التوسط، ليس المقصود بها أن يقذره الناس، ولا يجالسوه بسبب رائحته، أو رائحة ثيابه أبداً، ولذلك ((الطهور شطر الإيمان)) وإنما يراد بذلك التخفيف من العناية الزائدة، ولذلك جاء الادهان، وجاء الاكتحال، وجاء التسريح، وجاء العناية بالشعر، لكن يكون ذلك غباً، لا يكون كل يوم بحيث يعوقه عن مهماته في أموره دينه ودنياه ((البذاذة من الإيمان)).
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لا تصل إلى حد يقذره الناس، البذاذة هي التي تكون. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
الرثاثة ثياب رثة بمعنى إذا أردنا أن نحمل عليها الحديث، قلنا: هي التوسط، لا يصل .. ؛ لأنه لا يقر في الشرع أن يكون الإنسان بحيث يقذره الناس، ولا يجالسونه ولا .. ، لا أبداً، ولذلك ((الطهور شطر الإيمان)) ولا يمنع أن يكون أشعث أغبر، لكنه في حال السفر مثلاً، في غير حال الإقامة، فيغتفر في السفر في غير حال الإقامة.
يقول: حادث سيارتين فمات راكب من أحد السيارتين، قرر المرور ثلاثين بالمائة على أحدهما، وسبعين على الآخر، ماذا عن كفارة الصيام على من؟
الصيام على من عليه الغالب، الغالب، غالب الخطأ، بالنسبة.
يقول: سمعنا عن النصراني الذي دنس القرآن، فما حكمه؟
هذا يكون قد نقض عهده.
يقول: وإن كان مسلماً فما حكمه؟
حكمه الردة، والمسألة قضائية يرجع فيها إلى القضاء.
يقول: صلى بعض الإخوة بين السواري صلاة العشاء هنا بسبب الزحام ...
الصلاة بين السواري مكروهة، والزحام حاجة يرفع الكراهة.
يقول: أنزل بعضهم مكتبة الكترونية في الإنترنت وتحوي آلاف الكتب، ولكن صاحبها يقول: إنه لم يستأذن أهل هذه الكتب، فما حكم استعمالها؟
من عُرف أنه يمنع من إنزال الكتاب على هذه الكيفية، فلا يجوز التصرف إلا بإذنه، لا سيما إذا كان يتضرر بذلك، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

(139/16)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (13)
باب: القضاء في الهبة - وباب: الاعتصار في الصدقة - وباب: القضاء في العمرى

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الهبة
حدثني مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطْفان
غطفان بالتحريك.
أحسن الله إليك.
عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب الأقضية في:

باب: القضاء في الهبة
الهبة لا تخلو إما أن تكون مما يراد به وجه الله -جل وعلا-، أو يراد بها الدنيا، فالناس إنما يعطون لأحد هذين الأمرين، إما لله أو للدنيا، فإن كانت مما يراد به وجه الله -جل وعلا- طلباً لثوابه، وتأليفاً لقلب المهدى إليه على الحق والخير، أو تكون طلباً لثواب الدنيا، وهذه في الغالب إنما تكون في الهبات والهدايا التي تعطى الكبار من أمراء، أو كبار في قومهم، أو ما أشبه ذلك مما عُرف في العادة أنهم يردون أكثر مما أعطوا، تدل القرائن على أن هذا الشخص ما أعطى هذا الشخص إلا لأنه يريد رد أكثر منها، وهذا موجود من العصور الأولى إلى يومنا هذا، يُهدى على الأمير الفلاني أو الوزير الفلاني كتاباً نفيساً، أو مصحفاً نادراً، أو تحفة من التحف التي انقرضت نظائرها من أجل أن يُعطى أكثر مما تستحق، فإذا كانت الهبة لوجه الله -جل وعلا- فيقول الإمام -رحمه الله تعالى-:

(140/1)


"حدثني مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم" يعني يريد بها وجه الله -جل وعلا- يصل بها رحمه، أو ليدخل بها على قلب رجل يريد دعوته إلى الله -جل وعلا- هذه في حكمها.
"أو على وجه صدقة" يتصدق بها على هذا المحتاج "فإنه لا يرجع فيها" لا يجوز له الرجوع فيها؛ لأنه إنما أخرجها لله -جل وعلا- "ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب" الثواب الدنيوي، يريد المكافأة ممن أهدى له "فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها".
جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) وإذا أعطي إنسان شيئاً بدون مقابل فما الذي يدريه أنها إنما يراد بها وجه الله، أو يراد بها الثواب؟ لأن الشق الثاني مشكل؛ لأن لفظه عام، نكرة في سياق الشرط "من وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته" يعني كان في نيته أن يعطيه مقابل، يغلب على ظنه أنه يعطي مقابل هذا الذي أهدي له، ما أعطاه، انتظر انتظر، تنحنح، تلفت، لعل وعسى ما أعطاه شيء، ما صار شيء، هل يقول: أعطني هذا الكتاب لأني ما جئت به إلا لأرجو الثواب الدنيوي منك؟! نعم مقتضى الخبر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم مقتضى الخبر الذي معنا أن له ذلك، ولو أعطي أقل من قيمتها؟ أهدى كتاباً نفيساً لأمير يعتني بالكتب ويهتم بها، أهداه كتاباً قيمته ثلاثة آلاف فأعطاه ألف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(140/2)


إيه أحياناً يصدم الإنسان، تقع في يد شخص لا يقدرها قدرها، حتى من أهل العلم، أحياناً تأتي له بهدية فيقول: بحقها، دائم هذه على ألسنة بعض الناس، بحقها، ثم يعطيك ألف وهو بثلاثة آلاف؛ ليدفع منتك عليه، ولو لم يعطك شيئاً كان أسهل عليك، فلا شك أن عموم حديث: ((العائد في هبته)) يشمل الصورتين؛ لأن المهدى له مع إرادة الثواب لا يدري هل يريد الثواب أو لا يريد؟ لا سيما إذا كان من عامة الناس، ممن لم يعرف أنه يكافئ، أما من جرت عادته بالمكافأة فهذا ظاهر، من عرفت عادته بالمكافأة ثم أخطأ في تقدير الهدية، أعطي كتاب أو سلعة نفيسة، فأعطى نصف القيمة أو ربع القيمة هذا متوقع؛ لأن الشيء العادي الموجود في المحلات في الأسواق الذي يعرف سعره غالباً مثل هذا لا يهدى؛ لأنه مبذول، يعني قيمته ضعيفة عند الناس ولو كان غالي، يعني هل يأتي شخص لأمير ويهديه سيارة قيمتها خمسمائة ألف مثلاً؟ لا؛ لأنها موجودة في الأسواق تباع، لكن لو وجد سيارة مديل ثلاثين مثلاً، لا توجد في الأسواق، ثم أهداها نعم تقبل مثل هذه الهدية؛ لأنها نادرة، لكن إذا أخطأ المهدى إليه في التقدير، وقد دفع فيها المهدي الأموال الطائلة يريد الأضعاف، ثم ما أعطي إلا نصف القيمة، هذا لم يرض منها، ولذلك يقول: "فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها" لكن الهبة بنية الثواب هذه، الهبة بنية الثواب، يعني يهدي شخصاً ليهدي له أكثر، يطمع فيه بأن يعطيه أكثر.
وفي غير الهبة المدح من قبل الشعراء، هذا كثير من العصور الأولى، والشعراء يتكسبون بشعرهم، فإذا مدح الأمير بقصيدة فأعاد إليه قصيدة أخرى يمدحه فيها، أو أعطاه مبلغاً لا يجزيه ولا يرضيه، وقد أعطى الذي قبله أضعاف ما أعطاه، لا شك أن هذا مما يثير في النفوس الحزازات ويثير .. ، علماً بأن أصل المدح ممنوع شرعاً، وعلى هذه الطريقة مدح ممنوع في أصله ويكافأ عليه يكون المنع من الجهتين، تكسب مما لا يحل التكسب به، ودفع ثمن ما لا يجوز دفع الثمن عليه.
أما بالنسبة للأعيان التي ينتفع بها مما يمكن إهداؤه، فالثواب على مثل هذه الهدية لا شك أنه شرعي، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل الهدية ويثيب عليها، لكن ذا من غير مشارطة.

(140/3)


طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قال: "من وهب هبة" ...
هذا عن عمر -رضي الله عنه-.
"من وهب هبة لصلة رحم" هذا ما فيه إشكال، كما حمل عمر -رضي الله تعالى عنه- على فرس في سبيل الله، فالذي أعطيه أضاعه، ما غزا عليه في سبيل الله، أضاعه، حتى كاد أن يهلك، فعرض عليه عمر -رضي الله عنه- أن يشتريه، فنهاه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسمى ذلك عوداً في الهبة، مثل هذا لا يجوز.
"وهب هبة لصلة رحم" أعطى عمته أو خالته أو ابن عمه أو ابن خاله أعطاه شيئاً يكسب به قلبه، ويتودد إليه؛ لتدوم الصلة بينهما ولا تنقطع، ولا شك أن الهدايا تجلب المودة والمحبة، مثل هذا لا يجوز له أن يعود بحال، والحديث ينطبق عليه ((العائد في هبته كالكلب)) فإنه لا يرجع فيها.
"أو على وجه صدقة" تصدق بها على فقير ثم عاد فيها، هذا لا يجوز، والحديث الصحيح المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه يشمل هذه الصور كلها.
طالب:. . . . . . . . .
هي ما قبضتها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنها ما قبضت، الهبة إذا لم تقبض للواهب أن يرجع، فلا تلزم الهبة إلا بالقبض.
طالب:. . . . . . . . .
هو مقيد من وجوه، هذا العموم "من وهب هبة" يعني سواءً كانت مقبوضة أو غير مقبوضة هذا لا بد من تقييده بما ثبت، نعم، وهذا كلام عمر -رضي الله عنه-، وقد وهب لولده عاصم ورجع؛ لأنه لم يقبض.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
وما يسلم من انقطاع، لكنه معروف، وكثير من أهل العلم يتبنى هذا القول، يفرق، لكن متى يعرف أن هذه الهبة .. ؟ نعم افترض أن له قريب مسئول كبير يعني، عنده أموال أو غني، أو ما أشبه ذلك، ونوى بهذه الصلة الثواب، وذاك الثاني المعطى نوى أنها صلة رحم، فما أعطاه شيئاً، له أن يعود أو لا يعود؟ لا شك أن عموم الحديث المرفوع الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يعود في شيء من هذه الصور.

(140/4)


كيف يفرق بين الهبة التي يراد بها الثواب والهبة التي لا يراد بها الثواب؟ لا شك أن القرائن من المهدي والمهدى تدل على شيء من ذلك، فإذا جاء فقير وأهدى إلى غني لا شك أنه يريد بذلك الثواب، يعني ثواب الدنيا، والعكس القرائن تدل على أنه لا يريد بذلك ثواباً، إذا جرت عادة المهدي أنه يأخذ أيضاً يؤخذ من حاله أنه يريد الثواب، وإذا جرت عادة المهدى إليه أنه يعطي عُرف بواسطة هذه القرينة أنها لإرادة الثواب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا الأصل، هذا الأصل أنه لا يعود.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا دفعها إليه أعطاه إياها وهبها له لا بنية الثواب، فوجده يبيعها، مثل الفرس الذي أركب عليه عمر -رضي الله عنه- في سبيل الله، ثم أضاعه من أعطيه، قال: لا تشتره، ولو باعه بدرهم؛ لأن هذا رجوع، لكن إذا اشتراه بأكثر مما يراد بيعه به، أهدى له كتاب فعرضه للبيع فطلب بألف، ووقف عند هذا الحد وأراد بيعه بألف، قال: أنا أريده بألف وخمسمائة، يدخل في مثل هذا أو لا يدخل؟ لا شك أن العلة مرتفعة، علة المنع مرتفعة، ويبقى أنه لو تنزه عنها لكان أولى؛ لعموم النص.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني عند أهل المدينة، وفي عمل أهل المدينة "أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان" بزيادة أو نقصان يعني سواءً كانت هذه الزيادة متصلة أو منفصلة، أهداه بقرة فولدت، هذه الزيادة منفصلة، أهداه بقرة فسمنت؟ متصلة، أو نقصت هزلت أو مات ولدها في بطنها هذه نقصت "إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان، فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها" هذه الهبة هي في حقيقتها بيع، وإن لم يصرح بالإيجاب والقبول إلا أن القرائن القوية تقوم مقام الإيجاب والقبول، فهل يلزم من ذلك تطبيق شروط البيع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الهبة بنية الثواب مقابلها عوض.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها بنية الثواب، وله أن يعود فيها، وإذا نقصت يأخذ القيمة كاملة، فهي بيع في الحقيقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(140/5)


الآن ما قلنا: إنها وإن كانت بدون صيغة لا إيجاب ولا قبول إلا أن القرائن القوية، يعني القرائن القوية هي التي جعلت له حق الرجوع، هذه القرائن هي التي جعلت له حق الرجوع، هذه القرائن هل تكفي في أن تكون هذه الصورة بيع؟ بمعنى أن شروط البيع لا بد أن تطبق عليها؟ أهداه مائة صاع من البر، فأعطاه مائة وخمسين أو ثمانين، هل لا بد أن تكون سواءً بسواءً يداً بيد؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أنا أقول: هل هذا مما تطلب له شروط البيع، أو نقول: إن أصلها هبة، وهي من عقود الإرفاق، ما يشترط لها شيء من ذلك، يعني باعتبار أنها ليست ببيع صريح، لا إيجاب ولا قبول، فلا تلزمه فيها شروط البيع؟ يعني بعض الناس -مثلما ذكرنا- يأتي إلى شخص عرف بالكرم والجود، وأنه إذا أعطي شيء أعطى أكثر منه، وعنده شيء يستحق، يناسب مقام هذا الشخص ويهديه إليه.
أحياناً يقول: جزاك الله خير، ولا يعطيه شيء، فإذا قال: ما دام ما أعطاه شيء له الرجوع؛ لأنه بنية الثواب؛ لأن هذه النية نعم إذا لم تدل عليها علامات ظاهرة كان حكمها المنع، إذا لم يكن هناك علامات ظاهرة تدل على إرادة الثواب فالأصل المنع ((العائد في هبته كالكلب)) وإذا وجد علامات ظاهرة أو قرائن قوية عند من يحكم بالقرائن، قرائن قوية عند من يحكم بالقرائن، فإنه حينئذٍ إذا لم يعط فإنه يأخذ هديته، أو تقوم له إن كانت مما زاد أو نقص.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . . كون الإنسان يهدي، أعطى هبته، من باب رد السؤال .... هذه مسألة.
الثانية: أنه لو ما رد عليه سيرجع فيها، وعند الرجوع لا يأمن مطلقاً أن يكون هناك تنازع ونزاع بينهم، قد يكون الهبة صغيرة .... أو تكون أعطيتني بنية أنك تطلب وجه الله -عز وجل-. . . . . . . . . إذاً يكون في نزاع، وهذا أيضاً عندنا بالعرف المصري ما يسمى بالقوت، يعني عندما يتزوج واحد من الناس نذهب إليه ونعطيه مالاً، الناس يعطون مالاً من باب الهبة التي. . . . . . . . .
بحيث إذا تزوج الثاني ...
طالب: نعم.
وهذا موجود في عرف كثير من ...

(140/6)


طالب: أقصد أن يتحول إلى نزاع وواضح هنا الإشكال أن الثاني الموهوب له إن لم يرد ما أعطي يكون بين الناس مقاطعة ومفارقة وشحناء وبغضاء والآن سبحان الله .... على عشرة جنيه ....
لا، أحياناً يعان المتزوج بخمسة رؤوس من الغنم مثلاً، أو برأس أو رأسين، ثم بعد ذلك إذا تزوج المعين استشرف لهذه الإعانة، وهم يتبادلونها من غير يعني مشاكل، هي موجودة، لكن الإشكال فيما لو زادت أقيام الغنم مثلاً، فبدلاً مما يهديه خمسة رؤوس بألف وخمسمائة ريال من ثلاثمائة ريال احتاج إلى أن يهديه بثلاثة آلاف مثلاً، كمثل هذه الأيام مع ارتفاع قيمة الغنم.
طالب: هذه المسألة ستؤدي إلى نزاع، ليش ما نقول: الله أعلم يعني ليش ما نقول: أليس هذه الصورة لا تجوز بالنظر إلى ما تؤدي إليه، فإن ثمرة هذا الأمر سيؤدي إلى النزاع، والمعروف أن جميع العقود إذا أدت إلى نزاع منعت، لو أدت إلى مخاطرة منعت ....
معروف.
طالب: .... وهو يوجه بعض حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)) تعطيه لوجه الله -عز وجل- ما تعطيه خلاص ....
حتى لو أعطاها بنية الثواب ما الذي ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا كانت القرينة قوية فالقرائن القوية يحكم بها عند جمع من أهل العلم، ابن القيم انتصر لهذا.
طالب: أقصد أقصد النزاع الذي ستؤدي إليه هذه المسألة، يعني كون المفسدة تدب بين الناس ونرفعها أفضل من أننا نقول .... سواء. . . . . . . . .
طالب: ما هو بعند الناس كلهم.
هاه؟
طالب: ما هو بعند الناس كلهم يصير نزاع.
لا، لا، أنا أقول: إن عدم الإهداء أصلاً أفضل من الإهداء بنية الثواب.
طالب:. . . . . . . . .
عدم الإهداء أصلاً أفضل من الإهداء بنية الثواب، وأحفظ لماء الوجه للطرفين؛ لأن المهدي بنية الثواب يأتي إلى هذا الكبير، ويعطيه هذه السلعة النفيسة، نعم، ثم بعد ذلك ويش رأيك بها السلعة؟ ويش تسوى؟ ويش تجيب؟ ما أدري إيش؟ وأنا فعلت، ولا بد أن يبدي شيء يدل على أنه يريد مقابل، يجلس، ويطيل الجلوس، ويتنحنح، نعم؟
طالب: ربما يعير المهدى إليه أولاً .... ربما يعير ....
لا، إذا لم يعطه وقع في عرضه، إذا لم يعطه لا بد أن يقع في عرضه هذا الغالب.

(140/7)


على كل حال ما دام الإمام ذكرها، وذُكر هذا عن عمر بن الخطاب، وهو خليفة راشد، فنقول: هذا محمول على القرائن القوية، إذا دلت القرائن القوية على أنه يريد الثواب، فإما أن يأخذها المهدى إليه أو يعيد بمقدارها، إذا دلت القرائن القوية على ذلك، والأصل في الهبة أنها تقبل، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل الهدية، ويثيب عليها.
وينبغي أيضاً أن تقيد بما إذا لم تكن إلى العمال، يعني الهدايا للعمال لا شك أنه غلول، وحديث ابن اللتبية الذي يقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه إنكاراً بالغاً ((هلا جلس في بيت أمه ينظر أيهدى إليه أم لا؟ )) ثم بعد ذلك إذا كانت هناك مهاداة بين اثنين، ثم تولى أحدهم منصباً، هل يستمر على إهدائه أو يقطع باعتباره صار احتمال أن يحتاج إليه، فيكون الأثر المرتب على هدايا العمال موجود، ولو كانت الهدايا متبادلة قبل مثل هذا العمل؟
على كل حال على الإنسان أن يراقب ربه، ومع ذلك يتفقد قلبه، وأما الإهداء بنية الثواب فهذا وإن أجازه أهل العلم، وأجازوا عليه الأخذ، وأجازوا فيه الرجوع إلا أنه خلاف الأصل.
الأصل ما جاء في الحديث الصحيح المرفوع ((العائد في هبته)) فيقيد في أضيق نطاق، بحيث تدل القرائن القوية التي تقرب من البينات تدل على أنه يريد الثواب، وأن المهدى إليه يثيب غالباً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له أن يردها إيه، له أن يردها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هذا الفقير أهدى إلى الغني، ويريد الثواب ويش يستفيد؟
يستفيد أنه يرجو أكثر منها، طيب أنت افترض أن المهدى إليه ما قدرها قدرها، وأعطاه نصف قيمتها، وهو يظن أنه بذل أكثر مما تستحق، فعلى كل حال إنما الأعمال بالنيات، حسب ما ينوي بهديته يؤجر عليه، على قدر نيته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نوى العائد في هبته يحمل على الصورة الأولى في خبر عمر -رضي الله عنه-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الشرط، الشرط العرفي كالشرط الذكري، كأنه اشترط عليه أن يرد أكثر، فإذا جرى بين الناس تعورف بين الناس أن هذا يرد أكثر كالشرط الذكري، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(140/8)


إيه، حكمه حكم الربا، قرض جر نفعاً، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الاعتصار في الصدقة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن، أو كان في حجر أبيه، فأشهد له على صدقته فليس له أن يعتصر شيئاً من ذلك؛ لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة.
قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلاً، أو أعطاه عطاءً ليس بصدقة إن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به، ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئاً بعد أن تكون عليه الديون، أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تُنكحه ...
تَنكحه.
أحسن الله إليك
تُنكحه؟
تَنكِحه.
أحسن الله إليك.
وإنما تَنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها، وما أعطاها أبوها، ثم يقول الأب: أنا أعتصر ذلك، فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئاً من ذلك، إذا كان على ما وصفت لك.
يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: الاعتصار في الصدقة

(140/9)


والعطية والنحلة والحكم واحد، والاعتصار: أخذ الشيء بعد إعطائه إياه، يعطيه الصدقة ثم يرجع فيها، يعطيه العطية ثم يرجع فيها، وفي الغالب أن هذا اللفظ الذي هو الاعتصار إنما يكون عند الضيق، والرجوع يكون في حال السعة، الاعتصار في الصدقة "قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" الذي في المدينة، وعليه عمل أهل المدينة "الذي لا اختلاف فيه" ما وجد من يخالف فيه من أهل المدينة "أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن" لابد من قبضها، لا تثبت إلا بالقبض، ولذا لو أن إنساناً قال لآخر: إذا وصل الراتب أو طلع الراتب أعطيك منه خمسمائة أو ألف، وعده بهذا، أو جاءه فقير قال: انتظر حتى يأتي الراتب، ثم جاءه في الموعد، قال: والله ما عندنا شيء انتهى، هذا مجرد وعد، ولا يلزمه إلا إذا كان في نيته الإخلاف من الأصل، دخل في ((وإذا وعد أخلف)) أو اقترن ذلك بالعهد عاهد الله -جل وعلا- لئن آتاه الله كذا ليصدقن، عاهد الله إذا طلع الراتب ليصدقن، فإن اقترن بالعهد كان الأمر أشد، وتمام الآية يدل على لزوم مثل هذا الوعد المقرون بالعهد.
"أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن" لأنه إذا لم يقبض فإنه لا يلزم كما في خبر أبي بكر مع عائشة -رضي الله عنه- "أو كان في حجر أبيه فأشهد له على صدقته" لأنه ما دام في الحجر فإنه لا يعتبر قبضه، وإنما يقبض عنه وليه في المال، وإذا أشهد الأب فكأنه قبض، وهو وليه في المال، كأنه قبض، فالمسألة تعود إلى الأولى، فيكون هذا الطفل الذي في حجر أبيه قد قبض حكماً "فليس له أن يعتصر شيئاً من ذلك" ليس له أن يرجع أو يحبس شيئاً من ذلك عمن تصدق به عليه "لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة" الرجوع في الصدقة بعد القبض لا يجوز بحال، وهي وبابها أضيق من الهدية والهبة؛ لأنها إنما أخرجت لوجه الله تعالى.
"قال: وسمعت مالكاً يقول" ...

(140/10)


قبل ذلك من أهل العلم من يرى أن للوالد أن يرجع في ما يعطيه ولده ولو قبض، وجاء الاستثناء في حديث العائد في هبته كالكلب إلا الوالد، وإذا كان الوالد له أن يأخذ ابتداءً من مال ولده ما لا يضر به، فعلى هذا قياس هذا له أن يرجع فيما لا يضر به، والإمام مالك -رحمه الله- يفرق بين الصدقة وبين غيرها، فالصدقة لا يجوز الرجوع فيها بحال بعد القبض، وغيرها يجوز ما لم يترتب عليه ضرر متعدٍ.
"قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلاً، أو أعطاه عطاءً ليس بصدقة" ليس من الصورة الأولى "إن له أن يعتصر ذلك" يعني ولو قبض "ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به" الآن عرف الناس أن عنده مبلغ من المال، نحله قطعة أرض، أعطاه أبوه قطعة أرض، وقالوا: يجوز للوالد أن يرجع في هبته لولده ما لم يتضرر بذلك، فإذا كان لا يتضرر بذلك جاز، وإلا فإنه لا يجوز، أعطاه الناس أموالهم بناءً على أنه غني يملك هذه القطعة من الأرض، أعطاه الناس أموالهم بناءً على أنه غني، ثم سحبها الأب، اعتصرها، فبان فقيراً، الأب في هذه العطية لا شك أنه ورط الابن في تحمل الديون، وأيضاً غرّ الطرف الآخر الدائن، فالدائن ما أعطى هذا الولد إلا لأن له هذه الأرض أو عنده هذا المبلغ.

(140/11)


"أن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به" يعني بناءً على أنه يملك هذه الأرض "ويأمنونه عليه" متى طلبوا أموالهم وعنده هذه الأرض ألزم ببيعها وسددت الديون، لكن إذا سحبت واعتصرت منه من أين يستوفي الدائنون؟ "من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس له أن يعتصر من ذلك شيئاً بعد أن تكون عليه الديون" يعني شخص اقترض من شخص مائة ألف، صار يتاجر بها، لما اشترى بضاعة قال: رد القرض، والجمهور على أن القرض لا يتأجل، لا يقبل الأجل، يعني أعطاه مائة ألف، وقال: اشتغل بها مدة سنة، انتفع بها، أنا لا أحتاجها، فبعد شهر بعد أن أنفقها كلها في السلع قال له: رد علي المال، له ذلك أو ليس له ذلك؟ الجمهور له ذلك، والقرض لا يقبل التأجيل، وعند مالك -رحمه الله- أنه يقبل التأجيل، والمسلمون على شروطهم، ويرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية لا سيما وأنه في بعض الصور يتضرر، نعم لو كان المال باق في يده أو في حسابه الأمر سهل، لكن إذا كان يتضرر، يعني نظير ذلك -وهذه مسألة واقعة- شخص عنده أرض، وآخر عنده آلة لاستنباط الماء، المكينة التي يستخرج بها الماء، فقال صاحب الأرض: لماذا لا تستغل هذه المكينة فتزرع لنفسك لا سيما وأن عندك أرض مناسبة؟ قال: والله السنة هذه ما عندي استعداد أزرع، ما أنا متهيئ للزراعة، قال: أعرني إياها، فأعاره إياها، فلما انتصف، خرج الزرع ولم يطب ليحصد، قبل ذلك قال: أنا أريد المكينة، فاختصموا عند قاض، فقال القاضي: ما على المحسنين من سبيل، رد عليه مكينته، ترد عليه المكينة، فرفعت إلى جهة أعلى فقيل له: حتى يحصد الزرع؛ لأنه تضرر ضرر بالغ، تحمل الديون من أجل هذا الزرع، ثم في النهاية يقال: يقطع عنها الماء! ونظر ذلك بمن استأجر أجيراً معه سيارة قال: توصلني إلى البلد الفلاني، فلما انتصف في الطريق قال: أنا لا أريد أن أوصلك، ولا تعطيني شيئاً من الأجرة، نعم الإجارة على الخلاف فيها في الصحيح أنها عقد لازم فتلزم، لكن لو قال له: يتبرع بحمله إلى البلد الفلاني، هذا التنظير يكون مطابق هنا، إذا تبرع بحمله إلى البلد الفلاني فلما انتصف الطريق قال: انزل، ما على المحسنين من سبيل، أنا طرأ لي أرجع، ما يطاع، هذا

(140/12)


يتضرر، المقصود أنه في أول الأمر محسن، وأوصله إلى نصف الطريق بدون مقابل، ومن وجهة نظره محسن.
على كل حال العقود التي يترتب عليها الضرر لا بد من إزالة هذا الضرر، ضرر يزال، لكن لا يزال بضرر، لا يزال بضرر على الطرف الثاني.
"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه" بحث عن زوجة لولده في البلد ما وجد، كل من تقدم إليه ليخطب ابنته لولده قال: الولد عاطل، كيف نزوجه وهو عاطل؟ ثم تحايل على هذه الأعذار فأعطاه أرضاً، أو أعطاه مالاً، قال: لا يا أخي الولد الآن يملك أرض قيمتها مليون ريال، يضارب بها، ويكتسب من ورائها، أو عنده في حسابه الآن مبلغ كذا، ثم إذا أعطي زوجة أو ووفق له على زوجة وزوج من أجل هذه الأرض، أو من أجل هذا المال اعتصر المال، أخذه من يده، أو أخذه الأرض من يده.
"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل" تتأخر البنت، يتأخر عنها الخطاب حتى تبلغ الثلاثين والخامسة والثلاثين، وحينئذٍ تصير عبئاً على أبويها، فيتحايل الأب فيعطيها بيتاً، يقول: هذا البيت لك، فإذا عرف الناس أن عندها بيت خطبت، ثم إذا عقد عليها اعتصر البيت، هذه حيل، لا شك أنها وإن كان الأب يبحث عن مصلحة ولده، ويبحث عن مصلحة ابنته، لكن لا يجوز له أن يغرر الناس بهذه الطريقة.

(140/13)


"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها، وما أعطاها أبوها، ثم يقول الأب: أنا أعتصر ذلك، فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئاً من ذلك إذا كان على ما وصفت لك" يعني إذا كان الولد ممن تبرأ الذمة بتزويجه، ممن يرضى دينه وخلقه وأمانته، والمال لا أثر له في الموازين والمقاييس الشرعية، لكنه عند الناس معتبر، فيقول: أنا ما غششت به بعيب يقدح به شرعاً، الولد ما فيه عيب يقدح فيه شرعاً، الفقر ليس بعيب، فكوني أمشيه بهذا القرض، أو بهذه الهبة أو بهذه العطية أو النحلة لا يضر، لا سيما وأن هذا ليس بعيب، والناس يعيبون بعض الأشخاص بأشياء أحياناً تكون محامد في أعرافهم وموازينهم، تكون محامد، قد يرد الخاطب لأنه متدين ملتزم، هل هذا عذر في الرد؟ لو أبدى للناس أنه غير ملتزم، هل يكون غشهم بهذا حتى يعقد؟ يعني كان أكثر جلوسه في المسجد، فخطب من أكثر من بيت وقالوا: والله هذا عاطل، أكثر وقته في المسجد، ثم ترك المسجد مدة حتى خطب، وأعطي زوجة، ثم رجع إلى المسجد هل يعاب بهذا؟ لا يعاب، فالفقر إذا لم يؤثر على النفقة، فإنه لا نظر له في الشرع، يعني إذا كانت النفقة عنده ما يكفيه ويكفي الزوجة هذا لا يعاب به، أما مزيد الغنى الذي ينظر إليه كثير من الناس، والإمام مالك -رحمه الله- يقول: إذا كانت الإجابة من أجل هذا المال ليس له أن يعتصر؛ لأنه غرر بالطرف الثاني.

(140/14)


أحياناً يكسد الولد أو تكسد البنت تعنس البنت، ثم يريد أن يدرجها بشيء من المال أو بالنحل، ثم بعد ذلك يقدم عليها الناس، فإذا هي من أفضل النساء، ما فيها أدنى عيب، بل العكس فيها محاسن ومزايا، لكن ما قدر لها أن تتزوج في وقت مبكر، هل نقول: إن اعتصار المال الذي غرر به الخاطب وقد وجد فيها من الخلال والخصال أفضل من هذا المال، هل نقول: إن هذا تغرير بالخاطب، وليس له أن يعتصر؟ لا سيما وأن المال في الأصل إذا زاد عن الحاجة ليس بمطلوب شرعاً، ليس من مطالب الشرع أن يكون الخاطب غنياً، ليس من أهداف الزوجية أن يكون أحدهما غني والثاني محتاج أبداً، على كل حال إذا غرر بأحد الطرفين فالإمام مالك يرى أنه لا يجوز أن يعتصر من ابنه.
والحيل هذه موجودة من القديم، ومثل هذا التغرير قد يغرر بشخص فيما يسمى بزواج المسيار، إذا قيل: هذه المرأة عندها بيت، أنت ما أنت متكلف شيء لا إيجار، ولا نفقة، ولا قسم، ثم يتبين أن البيت ليس لها، فيجبر على دفع الأجرة، هذا يرى الإمام مالك في هذه الصورة أنه لا يجوز للأب أن يعتصر.
يذكر عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- يعني عكس ما جاء عن الإمام مالك هنا أن رجلاً فقيراً خطب من أكثر بيوت البلد فيردونه لفقره، فقال: إذا خطبت من أحد فأتِ به، وقل له: يستشير أبا حنيفة، وهل يزوج أو لا يزوج؟ فعل، قال: اذهب إلى أبي حنيفة، أو نذهب أنا وإياك إلى أبي حنيفة واسأله، أبو حنيفة قال له: ضع يدك على شيء من جسدك مما قيمته أو ديته كاملة، ضع يدك على شيء من جسدك ديته كاملة، فوضع يده على أنفه مثلاً أو شيء آخر، المقصود أنه قيل له: ما رأيك يا أبا حنيفة في هذا الرجل وهو فقير؟ قال: ليس بفقير هذا، هذا يملك ما قيمته اثنا عشر ألف درهم، دية كاملة، هذا تغرير وإلا ليس بتغرير؟ يعني هذا ما يمشي بحال عند الإمام مالك، ويذكر عن أبي حنيفة.

(140/15)


فإذا كان الرجل الصالح يرد بمثل هذه الأعذار الواهية فالتحايل حينئذٍ بمثل هذا، مثل ما قلنا: إذا كان الرجل ديدنه الجلوس في المسجد، يعني ما ضاع شيء من أمور دينه ولا دنياه، وأكثر مكثه في المسجد، فيعاب بذلك، يقال: هذا شخص عاطل، أكثر وقته في المسجد، فيترك الجلوس في المسجد إلى أن يوافق عليه بيت من البيوت إذا خطب ثم يعود إلى المسجد، هل يقال: إنه غرر بهم هذا؟ هل يقال: إنه غرر بهم؟ ما يقال: غرر بهم؛ لأن هذا شرعي، والمسجد بيت كل تقي، والله المستعان.
على كل حال الحيل والخداع، خداع الناس والتحايل عليهم لا شك أن الأصل أنه ممنوع، لكن إذا كان يؤدي إلى مقصد شرعي فالحيلة حينئذٍ جائزة، إذا كانت تحقق هدفاً شرعياً جازت، وإذا كان القصد منها الإضرار بالآخرين منعت، وهناك حيل شرعية، وحيل شيطانية، فالحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى فعل الواجب، أو ترك المحرم، والحيل الشيطانية التي منها حيل اليهود العكس، التي يتوصل بها إلى ترك واجب، أو فعل محرم ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) فإذا كانت الحيلة يتوصل بها إلى فعل الواجب، الوالد يمنع ولده من الصلاة، فيتحايل عليه حتى يصلي ويعود إليه، هذه حيلة شرعية، أو يلزمه بارتكاب محرم فيتحايل عليه للتخلص من هذا المحرم، هذا لا إشكال فيه، هذه حيل شرعية، والحيلة ذكرت في القرآن في موضع واحد {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] فالذي يقيم بين أظهر الكفار، ولا يستطيع الانتقال إلى بلاد المسلمين إلا بحيلة حيلته شرعية، فعليه أن يحتال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لتحصيل أمر مسنون بس لا يترتب عليه محظور، فمثلاً يتحيل على من يمنع في الحج مثلاً، إذا ما جاء بتصريح منعوه، وليس بواجب عليه أن يحج، هذا مسنون، يتحيل حيلة لا يترتب عليها ارتكاب محرم، لا يكذب، له أن يوري، لكن لا يكذب، نعم، ولا يرشي، ولا يرتكب أمراً محظوراً، وحينئذٍ إذا تحايل بتعريض، أو ما أشبه ذلك له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .

(140/16)


{فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} [(44) سورة النمل] حيلة لتكشف عن ساقها؟ ليراها؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا كلام، كلام أهل التفسير، هذا ما يثبت به خبر، على كل حال هناك حيل شرعية، لو قلت: حيلة سليمان في القضاء بين المرأتين اللتين ادعتا الولد، فقالت الكبرى: هو ولدي، وقالت الصغرى: هو ولدي، فقال سليمان: نقضي بينكما بأن يؤتى بسكين فيقسم أنصاف بينكما، فقالت الصغرى .. ، الكبرى وافقت، قالت: لا بأس، والصغرى قالت: أبداً، هو لها، فقضى به للصغرى، هذه حيلة، والله المستعان.
أحياناً الحيل تكون مطلوبة من القضاة للتوصل إلى الحق، ويتمايزون أحياناً بمثل هذه الحيل، وأحياناً تكون الحيل من بعض الخصوم، شخص مدين بمبالغ كبيرة، وليس عنده ما يدفعه للدائنين، ومفلس، ويريد أن يحصل على صك إعسار، فلما أحضر عند القاضي أحضره خصمه قال المدعى عليه: صحيح أنا مدين لفلان بمبلغ كذا ملايين، قال: لماذا لا تدفع؟ قال: أريد النظرة حتى أبيع العمائر اللي على شارع كذا، والبساتين اللي في كذا، والأراضي التي في مكان كذا، لا بد أنا أنظر، قال الدائن: يكذب، لا عنده أراضي ولا عمائر ولا شيء، قال المدين: سجل شهادته أني مفلس، يعني لو ادعى الفلس مباشرة ما وافق هذا، ولا بحث عن شهود يشهدون، لكن الآن هو شهد بأنه مفلس، فلا شك أن مثل هذه الحيل يحتاج إليها في مثل هذه المواطن التي تخلو عن البينات.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال حج الفريضة مثل الهجرة، يعني ركن من أركان الإسلام إذا منع منه بحيث يكون المانع منه غير الموانع المعروفة التي تعفيه من الحج الزاد والراحلة، ومستطيع وقادر، والمنع يعني لا لأنه لا يقدر فله أن يتحايل، أما إذا كان الحج نفل فلا، إلا بشيء من المعاريض، أو ما أشبهها، أما يكذب أو يرشي فلا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلع ما ... ، يعني ارتكب المحظور عامداً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على حسب الحج، إذا كان الحج ندب لا يجوز بحال.
طالب: قال له: افسخ إحرامك والبس ثوبك وعاد كيف. . . . . . . . .؟

(140/17)


إيه، لكنه يرتكب المحظور الذي منع منه شرعاً عمداً من أجل حج نفل، هذا فيه ما فيه، نعم.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في العمرى
حدثني مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)).
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى، وما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع إلى الذي أعمرها، إذا لم يقل هي لك ولعقبك.
وحدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ورث من حفصة بنت عمر -رضي الله تعالى عنهما- دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في العمرى
العمرى: أن يمكن صاحب العين عينه من غيره لينتفع بها مدة عمره، مدة حياته، فإذا قال: هي لك مدة عمرك، فإذا مات رجعت العين إلى صاحبها، إذا قال: هي لك ولعقبك، فإنها للذي يعطاها، يعني ما تناسلوا، فإن انقطع العقب مقتضى ذلك أنها ترجع إلى من أعمرها، إلى صاحبها الأول.

(140/18)


يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه)) " إذا قال: هي لك ولعقبك، نعم تنتفع بها حياتك، وينتفع بها عقبك من بعدك ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) لأنها مفترضة في شخص يستعملها، يفيد منها مدة حياته، وتورث عنه، يستفيد منها ورثته وورثتهم وهكذا ((له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) وهذا لا شك أنه مطابق لقول الواهب أو المعمر: "لك ولعقبك" لكن المسألة فيما إذا انقطع العقب، مقتضى الحديث: ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) نعم ((لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) مقتضاه أنها لا ترجع ولو انقطع العقب، خلاص خرجت من يده، وهل للذي أعمرها مدة حياته، أو له ولعقبه بهذه الصيغة، وأنها لن ترجع إلى صاحبها أبداً؟ هل له أن يتصرف فيها؟ هو مُكن من منفعتها من رقبتها، هل له أن يتصرف فيها، أو حكمها حكم الوقف عليه وعلى ذريته؟ هي لن ترجع إلى صاحبها أبداً الذي أعطاها.
طالب:. . . . . . . . .
له أن يبيعها؟ يعني ملكها؟
طالب: حكمها حكم الوقف إذا تعطلت منافعها، وما صلحت للسكنى.
هل له أن يبيعها أو ليس له ذلك؟ لأنه ما دام عرف الصيغة: "له ولعقبه" وعرف الحديث: ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) نعم، فقال: بهذا النص انتهت، صارت لي.
طالب: مثل الوقف يا شيخ لا ترجع؛ لأنها هبة منافع، العمرى هبة منافع.
طيب.
طالب: فكأنه حبس الأصل، وسبل المنفعة.
((فإنها للذي يعطاها)).
طالب: هل تملك منفعة وإلا تملك عين؟ هو يملك منفعتها، لكن هل يملك عينها؛ لأنهم يعني قالوا ...
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(140/19)


طيب اللام هنا ((للذي يعطاها)) هل هي لام الملك كما قال بعض أهل العلم؟ أو هي لشبه الملك الذي هو مجرد اختصاص؟ لأن اللام كما تأتي للملك تأتي لشبهه "اللام للملك وشبهه" يعني كما تقول: القفل للباب، والجل للفرس، هذه ما هي بملك، إنما شبه ملك، يعني من أهل العلم من يرى أنها في حكم الهبة ((للذي يعطاها)) فصارت عطية ((فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) لا سيما وقد ضبط الصيغة التي في الحديث، وطبقها على صيغة المعمِر، يعني المعمِر قال له: هي لك ولعقبك عمرى، عمرى لك ولعقبك.
طالب: الأظهر أحسن الله إليك؟
من يقول: إن اللام هذه ((فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) يقول: تمليك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
((للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) هي أقرب ما تكون بصورة الوقف؛ لأنها هبة منافع، عطية منافع، لا عطية عين، ولو أراد أن يعطيه إياها عطية عين لعبر بما يدل على ذلك؛ لأنه أُعمر عمرى.
طالب: ليش يقول: لعقبك، كان يقول: هي لك وخلاص، عقبه يدخلون ... ، كان يقول: هي لك وأنت .... ثم يرثونه عقبه.
إي بس الذي أشكل عند جمع من أهل العلم ((فإنها للذي يعطاها)) واللام كما تأتي للملك تأتي للاختصاص، لكن إذا قلنا: إنها للاختصاص صار أحق بها من غيره، فعلى هذا لو انقطع عقبه ما دام موجودين هم أحق، فإذا انقطع لا ترجع إلى صاحبها كالوقف، ما يملكها، إنما تكون لأقرب الناس شبهاً به.
طالب: تعطلت منافع العمرى، وتنزل منزلة أقرب الناس إليه مثل الوقف.

(140/20)


على كل حال الأقوال معتبرة في المسألة، وموجودة عند أهل العلم، منهم من يقول: ما دام وجد أو وُجد في صيغة المعمِر ما تترتب عليه النتيجة في الحديث، قال: أعمر عمرى له ولعقبه، هذه الدار عمرى لك ولعقبك، خلاص ضمن، النتيجة في الحديث: ((فإنها للذي يعطاها)) قال: هذه لي ((لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) بمعنى أنها خرجت من يده، لكن خرجت من يده على سبيل التمليك للمعمَر، أو على سبيل الاختصاص، وأنه أولى بها وأحق، هل له أن يبيعها أو لا كالوقف؟ هذا محل الخلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه ما ملكه إياها تمليك، وإنما أراد أن لا تخرج من يده، ثم بعد ذلك يحتاج إلى بيت آخر، أو يُخرج من بيت إلى بيت، وهذا حكمه حكم يعني لو كان على نفسه وذريته، الوقف الذري نعم، الذي عليه وعلى ذريته، لكن هنا يطلب فيه الثواب؛ لأنه تعدى نفعه إلى غيره، أما الوقف الذري الذي يختلف فيه أهل العلم يقولون: ما في فائدة، ليس فيه فائدة إلا أنه ليمنع هذا البيت لئلا يخرج من يده أو يد ولده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفرق بينها وبين الوقف؟ يعني الوقف المعين على فلان، أنت تقصد الوقف المعين على شخص بعينه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم مثل هذا، ما هو ببعيد منه، إذا قلنا: إن اللام للاختصاص ليست للملك، قلنا: ليس ببعيد هذا، يدفع إلى أقرب نشاط مماثل.
طالب: يا شيخ ما هو بعض الفقهاء جعل باب العمرى من ضمن باب الوقف بعضهم؟
هو الكلام على الخلاف في اللام.
قال: "لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث" وهذا ليس من أصل الحديث، إنما هو مدرج، يفسر فيه ما جاء في الخبر؛ لأنه انتقل من شخص إلى شخص، بالموت ينتقل من المعمَر إلى ذريته، فوقعت فيه المواريث، وحينئذٍ الإرث للمنافع أو للعين؟
طالب: للمنافع.
نعم؟
طالب: للعين فقط.
يعني يملكونها ملك، ويقتسمونها ويبيعونها.
طالب: قوله -عليه الصلاة والسلام- لعمر في الهبة التي وهبت له ....
إيه الهبة أعم من أن تكون للعين، مثل من أعطيها، أعم من العطية.
لا حول ولا قوة إلا بالله ....

(140/21)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (14)
باب: القضاء في اللقطة - وباب: القضاء في استهلاك العبد اللقطة - وباب: القضاء في الضوال.

الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: امرأة ماتت، وتركت تركة، وليس لها أولاد، وعندها إخوان، ومن بين الإخوان أخت لها، وهذه الأخت ماتت بعدها، وولدت بنتاً لها، هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟
هذه المرأة التي ماتت ولم تخلف أولاد لا ذكور ولا إناث لا تخلو: إما أن يكون لها أبوان أو لا، إن كان لها أبوان فالأب يحجب الإخوة، ويمنعهم من الإرث، وإن لم يكن لها أب ولها أم فيرث الإخوة مع الأم، ويحجبونها من الثلث إلى السدس، المقصود أن بقية الورثة؛ يعني ما ذكر الصورة كاملة، لكن محل السؤال عند السائل هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟ إذا كان الأخت وارثة من أختها بمعنى أنها مع إخوانها، قد ماتت أختهم التي لا يرثها غير الإخوة مع الأخوات فالأخت ترث من أختها، ما دام ماتت بعدها فهي ترث منها، ثم ما ورثته من أختها ترث منه بنتها.
يقول: لماذا قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- تغيير المنكر باليد في حديث: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) مع العلم أن المطلوب الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن؟
كأن الأخ فهم من التغيير باليد الضرب، ليس المراد من التغيير باليد الضرب، وإنما المراد منه الحيلولة بين المنكر وبين من يريد ارتكابه، الحيلولة بينهما بالفعل، فإن لم يستطع الحيلولة بالفعل باليد، فإنه ينتقل إلى القول باللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، نعم؟
طالب: ولو كان الضرب هو وسيلة. . . . . . . . . لكن ....
على كل حال التعزير شرعي، لكنه. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذا يبدأ بالحسنى، يحال بينه وبينه فيغير باليد بالحيلولة، ثم بعد ذلك يأتي دور التوجيه والنصح والإرشاد إذا لم ينته إلا بالتعزير يعزر.
هذا يقول: أريد معرفة جدول الدروس اعتباراً من هذا التاريخ مع غرفة البالتوك؟
هو موجود ومنشور في بعض المواقع.
تفسير السجستاني (نزهة القلوب) هل هو كامل أم لم يفسر القرآن كاملاً؟

(141/1)


هو خاص بغريب القرآن، يعني نظر في الكلمات التي يصعب معرفتها على المتعلمين، فاستخرجها من القرآن وشرحها، وهو في جزء لطيف مطبوع ومتداول، وليس بتفسير كامل.
يقول هذا أيضاً: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام لقضاء رمضان؟
الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يستفصل من أم المؤمنين حينما قالت: إنها صائمة يوم الجمعة، بل قال لها: ((صمت أمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً)) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فتخصيص الجمعة بالصيام من خلال هذا الحديث من أمرها بالإفطار لا يجوز، وإن كان الفرض له شأنه، لا سيما إذا ضاق الوقت، إذا ضاق عليه الوقت فأرجو أن لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
الخميس؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لا يخصص يوم الجمعة بالصيام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يجوز التنفل قبل أداء الفريضة، قبل الفريضة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
العلة كونها لا تقضي إلا في شعبان، لماذا لا تقضي إلا في شعبان؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما له مكان في صيام النفل؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها ما دامت تؤخر لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمكانه في الفرض والنفل سواء.
طالب:. . . . . . . . .
قولها: كان يكون عليه القضاء هذا لا يلزم منه الاستمرار، الأصل في (كان) أنها للاستمرار، لكن جاء بنصوص كثيرة لا تدل على الاستمرار، يعني قد يكون عليها قضاء فلا تستطيع قضاؤه إلا في شعبان.
طالب:. . . . . . . . .

(141/2)


على كل حال المسألة مسألة موازنة بين العبادات المتنوعة، جاءت العبادات متنوعة، تنوع العبادات مقصد شرعي، ومن فضل الله -جل وعلا- أن جعل العبادات متنوعة، والتنسيق بينها والنظر إليها على حد سواء، والأخذ من كل نوع هذا مقصد شرعي، وحينئذٍ لا ينهمك ويترك عبادات هي أولى منه، مثل طلب علم، أو تعليم، بعض الناس لا يستطيع أن يجمع بين طلب العلم والصيام، نقول: اترك الصيام، وبعض الناس لا يستطيع الجمع بين التعليم والصيام، لا يستطيع أن يتصدى لقضايا حوائج الناس لأنهم يحتاجونه إلا بالفطر، نقول له: افطر، وعليه يحمل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الحث على الصيام لا سيما مثل صيام داود، وأنه أفضل الصيام، وما فعله -عليه الصلاة والسلام-، نقول: لأن هذا يعوقه عما هو أهم، ويبقى أن فضل صيام داود فيما لا يتعارض مع غيره من العبادات وهكذا.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه مشكلة، صم واحد وعشرين يوم بعد رمضان، أو في شوال.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المشقة تجلب التيسير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن من شرط التداخل كما نص على ذلك ابن رجب -رحمه الله- أن لا تكون إحداهما مقضية، والأخرى مؤداة، فلا تتداخل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن شخص عليه واجب وقصد أن يكون قضاء الواجب في أيام الاثنين المستقبلة؛ لأنه يوم جاء تخصيصه بالنصوص، يعني ما يؤجر على قدر هذه النية؟ لا يؤجر، يؤجر -إن شاء الله-، الأجر باعتبار هذا المقصد لا شك أنه يؤجر، لكن ما نقول: كمن صام يوم الاثنين نفل مع الفرض، لا، لكن تخصيصه هذا اليوم بالقضاء لأنه يوم ورد تخصيصه بالنص يؤجر على قدر هذه النية.
طالب: الفرق بينه وبين العاشر من محرم؟
يؤجر على يوم عاشوراء، لا كمن صام يوم عاشورا، يؤجر على نية التخصيص لا على نية الصيام.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تحصل، لا، لكنه يؤجر لتخصيص هذا اليوم الخاص المفضل شرعاً.
طالب: الآن لو صام القضاء يوم. . . . . . . . .
تؤجر، لكن ليست كمن صام الست مثلاً، أو من صام الاثنين والخميس. . . . . . . . .

(141/3)


هذا من الكويت يقول: بعض الناس عندنا يقولون: إن كتب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب لا ينبغي أن تدرس لطلبة العلم؛ لأنها سهلة، ويعرفها المسلمون، ولا تفيد طلبة العلم، فما رأيكم فيمن يقول ذلك؟
مؤلفات الإمام المجدد -رحمه الله- لا سيما المختصرات مثل الثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، وآداب المشي إلى الصلاة، لا شك هي اللبنات الأولى، والأسس التي يبنى عليها العلم، فلا بد من دراستها وتدريسها، أما كونها سهلة لأنها مناسبة لصغار المتعلمين.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا بد من أن يبدأ بالأصول الثلاثة.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو ما ذكر عاد ما يلزم أن يكون كتاب التوحيد منها، هو ما يبي الأصول الثلاثة يقول: سهل، من ربك؟ ما دينك؟ هذا كيف يلقى على الناس؟ يلقى، لا بد من إلقائه.
يقول: نرجو ذكر الأسئلة المطروحة من قبل الحضور؛ لأننا نسمع الجواب دون سماع السؤال مما يسبب لنا إشكال أحياناً.
تبي إذا سأل واحد من الإخوان، أنا أقوله مرة ثانية أو القارئ يقوله باعتبار أنه لديه المكبر، ثم يجاب عليه، ولذا يفضل أن تكون الأسئلة مكتوبة.
هذا يقول: ما الفرق بين العمرى والعقبى؟
لعله يقصد الرقبى، نعم؟ الرقبى، الرقبى من المراقبة، فإذا كانت من طرف واحد، أعطاه هذه الدار ليسكنها مدة حياته، فإن المعطي يترقب ويرقب موت المعطى، تسمى رقبى من هذه الحيثية، وإذا كانت من طرفين كل واحد أعطى الثاني داره ليسكنها مدة حياته، فكل منهما يراقب أو يرقب موت الآخر.
يقول: ما رأيكم فيمن ادعى تحديد ليلة القدر قبل قدوم شهر رمضان؟ هل يدخل هذا في علم الغيب، أم أنه داخل في معنى تحري ليلة القدر؟

(141/4)


أما من يرى أن ليلة القدر ثابتة، في ليلة معينة من الشهر، من العشر؛ لأن بعض أهل العلم رجح، منهم قال: هي ليلة واحد وعشرين من كل سنة، ومنهم من قال: ثلاث، ومنهم من قال: سبع، ومنهم من قال .. ، إلى آخره، فمثل هذا محددة، مفروغ منها بالنسبة له، بالنسبة لمن يقلده أيضاً هي مفروغ منها، لكن الذي يرى أنها تنتقل فلا سبيل له إلى تحديدها، ولا شك أنه بهذا التحديد يجني على غيره، وقل مثل هذا فيمن يتداول رسائل تحديد ليلة القدر بناء على رؤى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي ما حددها، بل قصد تعميتها، ولذلك تجده -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((التمسوها في العشر الأواخر))، ((في السبع الأواخر))، ((التمسوها في الأفراد))، ((ليلة إحدى وعشرين))، ((ثلاثة وعشرين)) ((التمسوها في سابعة تبقى، خامسة تبقى، ثالثة تبقى)) كل هذا من أجل أن يجتهد الناس أكبر قدر ممكن، ولو عرفت ليلة القدر بعينها لقامها الناس، وتركوا ما عداها، والمطلوب من المسلم أن يتعبد هذه الليالي كلها.
طالب:. . . . . . . . .
هذه مثله، لا سبيل له إليها، لا يمكن أن يصل إليها.
طالب:. . . . . . . . .
هذا قاله أهل العلم، لكن مع ذلك لا يمكن أن يقطع بهذا إلا بالعلامات التي وردت في النصوص، وهذا بعد انقضائها، لا سيما الشمس التي هي أصح العلامات بعد انقضائها.
طالب:. . . . . . . . .
في تلك السنة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن عندهم من يكسب هذه الرؤى شرعية، من أين لنا من يكسب هذه الرؤى شرعية؟ اكتسبت الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، أصله برؤيا، لكن كل من رأى رؤيا يصير شرعي؟ أبداً، صارت رؤياه وشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا وجد الإقرار من النبي -عليه الصلاة والسلام- من المعصوم، من المؤيد بالوحي صارت شرع وإلا فلا، لا يبنى عليها أي حكم.
طالب: بالنسبة لقضية الصيام؟
لا.
طالب: لو أنها صامت مثلاً وجاء اثنين ما هو برمضان، وصامت هذا الاثنين على أنه من رمضان، وفي نفس الوقت أنه اثنين يستحب صيامه؟
لا، لا ما يلزم خلاص رمضان يقضي على كل شيء.
طالب: إذن ما جاز ...

(141/5)


ليه؛ لأنه ما فيه خيار، مثل هذا ما فيه خيار تنتقل من الأحد إلى الاثنين، لكن في القضاء بعد رمضان فيه خيار، تنتقل من الأحد إلى الاثنين، من الثلاثاء إلى الخميس تنتقل، فيه خيار، أما في رمضان بقدر الواجب، لكن أنت يمكن تتصور مسألة أخرى، تقول: هذا شخص عنده سفر يوم واحد في رمضان، ويريد أن يفطر إذا سافر، هل يسافر يوم الاثنين أو يسافر يوم الأحد؟ يعني مثل هذه الصورة يمكن تنعكس، يعني هي مطردة في القضاء، لكن تنعكس في مثل هذه الصورة، لو قال: أنا ما أسافر الاثنين؛ لأن يوم الاثنين مرغب في صيامه، وإن كان فرضاً، أما عموم رمضان، رمضان الكامل هذا ما فيه خيار لأحد، لا يختار، لا ينتقل من أحد ولا من جمعة ولا إلى اثنين ولا شيء، بقدر الحاجة، فالتفاضل هنا في حال الاختيار، إذا أراد أن يختار يوماً لسفره في رمضان هل يسافر الثلاثاء أو يسافر الخميس؟ أو يسافر الاثنين أو الأحد؟ يقول: والله ما أنا مسافر الاثنين؛ لأنه جاء الحث على صيامه في غير رمضان، فكيف برمضان؟ نقول: لن يحرمك الله أجر هذه النية، في القضاء فيه اختيار تصوم الأحد أو الاثنين، إن اخترت الاثنين لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على صيام الاثنين وإن كان قضاء لن تحرم هذه النية.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
مسألة التداخل معروف، لكن لا يعني أنه ما دامت هذه مقضية وهذه مؤداة، أننا نقول: كمن صام الاثنين، لا، إنما لم يحرم أجر هذه النية.
سم.
طالب: ما خلصت الباب ....
العمرى؟
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً" الدمشقي الإمام "يسأل القاسم بن محمد بن أبي بكر عن العمرى" عبد الرحمن بن القاسم بن محمد سمع مكحولاً يسأل أباه القاسم بن محمد عن العمرى "وما يقول الناس فيها، فقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا" قال: هي لك ولعقبك ليس له أن يرجع فيها، هي لك مدة عمرك ليس له أن يرجع قبل موته، الناس على شروطهم، ما أدركت الناس إلا شروطهم وفيما أعطوا.

(141/6)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: هي لك ولعقبك، وإنما قال: هي لك مدة عمرك، فإنه إذا مات ترجع إلى صاحبها".
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني عبد الله بن عمر ورث من أخته حفصة أم المؤمنين دارها، التي آلت إليها بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني دارها التي كانت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو أنها اشترت داراً بعده؟ يعني هل عرف أن أمهات المؤمنين خرجن من بيوتهن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب: ما هي بدار النبي ....
يعني غير الدار التي تسكنها، مما ملكته، وليس لها وارث غير أخيها عبد الله "ورث من حفصة بنت عمر دارها" رضي الله عنهم وأرضاهم "قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني أعمرتها مدة عمرها "فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له" العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: لك ولعقبك، وهي أسكنتها مدة عمرها فقط، فلما ماتت رجعت، وهنا رجعت إلى الوارث لا إلى المعمِر.
أحسن الله إليك.

باب: القضاء في اللقطة
حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها)).
وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً، فذكرها لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة، فإذا مضت السنة فشأنك بها.

(141/7)


وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إني وجدت لقطة، فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد، قال: قد فعلت، فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في اللقطة
واللقطة بضم اللام وفتح القاف، والأصل في هذا الوزن أنه للفاعل، كالهمزة واللمزة، الهامز واللامز، واللقطة الأصل فيها أنه اللاقط، ووهم بعضهم من ضبطها بهذا، وقال: الأصل التسكين، اللقْطة؛ لأن الفتح إنما هو للاقط، وليس للملقوط الملتقط، وهناك فرق بين اللقطة وبين اللقيط، وإن كان الاشتراك في أن كلا منهما ملقوط وملتقط، إلا أن هذا اللقيط في الولد الذي لا يعرف أبوه، يرمى في مكان بحيث لا يعرف أبوه، ولا من ينتسب إليه، وفي الغالب أنه يكون لغير رشدة، إنما هو ولد زنا مثلاً، أو تضيق بوالديه الدنيا ذرعاً، بحيث يخافون أن يموت من الجوع إذا مكث عندهم، ولا شك أن مثل هذه التصرفات محرمة، سواء كان الولد ولد رشدة أو ولد زنية، لا يجوز أن يرمى بحال؛ لأنه نفس لها من الحقوق ما لغيرها، ولا جناية منه إنما جني عليه، جنى عليه من أوجده بطريقة غير شرعية، فعلى هذا لا يجوز الاعتداء عليه بحال، ومن تعرض له أو قتله، وقد حكم بإسلامه، ففيه ما في قتل المسلم، هذا اللقيط، أما اللقطة فهي ما يوجد من الأموال والأمتعة والأعيان التي ينتفع بها، وما يوجد من بهيمة الأنعام يقال له: ضوال، فهذا تفريق عرفي شرعي بين هذه الأمور، فما كان من بني آدم يقال له: لقيط، ومن كان من الإبل فهو ضال، ضالة الإبل، ضالة الغنم، من الإبل أو الغنم أو البقر، يقال له: ضال؛ لأنه يضل، بمعنى أنه يتيه بنفسه، وأما غيره فيُضل يعني يضيع، فيلتقط فهو لقطة.
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك
"عن يزيد مولى المنبعث" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيء الذي يلتقط.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: هذا لغة.
إيه لغة وعرفاً وشرعاً.
طالب: شو شرعاً اللقيط؟

(141/8)


إيه، هذه الأحكام التفصيلية، يعني في الأحكام التفصيلية يأتي هذا، إذا كان مما تلتفت إليه همة أوساط الناس دخل في الأحكام، إذا كان لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فإنه لا يدخل في هذه الأحكام.
"حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث" كان اسمه: المضطجع، فسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- المنبعث "عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وفي بعض الروايات ما يدل على أنه بلال، لكن يبعد هذا أنه جاء في رواية أصح منها: أنه أعرابي، وجاء ما يدل على أنه من جهينة، من جماعة زيد بن خالد.
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة" يعني ما حكمها؟ وماذا يصنع بها؟
"فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((اعرف عفاصها)) " يعني الوعاء الكيس الذي توضع فيه، ((ووكاءها)) الحبل الذي يربط به الكيس، هذا هو الوكاء، ثم عرفها سنة، يعني ابحث عن صاحبها سنة، في المجامع وعند أبواب المساجد، تقول: من ضاع له كذا، بحيث لا يعرف، بحيث يدعيها غير صاحبها، من ضاع له شيء من المال أو شيء من المتاع، فإذا وصف وصفاً دقيقاً يغلب على الظن أنها له، أعطيها بدون بينة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من إقامة البينة، لا يكفي أن يعرف؛ لأنه كما يقولون قد يقع الحافر على الحافر، قد يصفها بدقة، وهي ليست له، لكن هذا نادر، نادر جداً، والنادر لا حكم له، فليس فيه ذكر للبينة، وإن كانت الدعاوى لا بد أن تكون مقرونة بالبينات، هذا هو الأصل، لكن إذا عرفها بدقة، لو جاء شخص قد أضاع ولده أو بنته، أو جاء أكثر من شخص، وولد صغير، طفل رضيع، في الثانية أو في الثالثة من عمره، لا يعرف أباه ولا يعرف .. ، ثم ادعاه أكثر من واحد، ثم وصفه أحدهم بوصف يخفى على غيره، لو قال: فيه أثر في بطنه أو في ظهره، ثم كشف ووجد كما هو، هل يكفي مثل هذا أو لا يكفي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(141/9)


قرينة مرجحة، لكن لا يقطع بها، لماذا؟ لأنه يحتمل أنه رآه قبل ذلك، واطلع على ما في جسده، ثم أرسله، ليدعي هذه الدعوى المقرونة بما يؤيدها، احتمال قائم، لكن هل يفعل مثل هذا في الأموال، أنه يجد مال، ويفتح الكيس، ويكتب العدد، ويضبط الأرقام والوكاء والعصاف ثم يرميه، ويرقبه من بعيد، بحيث إذا جاء أحد يأخذه قال: هذا مالي، ثم يسرد جميع ما يدل على اختصاصه به، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟
طالب: ما يحتاج هذا ....
يأخذها مباشرة.
طالب: يأخذها مباشرة.
لا هو يريد أن يأخذها بحق مثل الشمس، يعني ببينة واضحة، يعني لو أخذها وقد رآه شخص يأخذها وادعاها عليها، وقال: إن هذا أخذ لقطة غير كونه يأتي إلى الملتقط، ويقول: أنا أضعت مالاً مقدراه كذا، في كيس كذا، وفي عفاصه كذا ووكاؤه كذا، لا يتردد أحد في أنه يملكه، على كل حال.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه متصور يعني.
طالب:. . . . . . . . .
هاه، لكنه متصور، يعني شخص رأى مال، وليكن في المسجد الحرام مثلاً، وهو ليس عنده من الورع ما يمنعه من هذا، فجاء وفتح المال، ورأى الكيس وعده وكتب الأرقام إلا إذا كان فيه ما يكذب دعواه، ولو جاء بالأرقام، وجدنا بطاقة صاحب المال، وقال: هذا مالي وهذه أرقامه، وهذا كيس، وهذا كذا، فوجدنا بطاقة، هذه الدعوة مقرونة بما يكذبها، وعلى كل حال مثل هذه التفصيلات متصورة ومتوقعة، فعلى الإنسان لا سيما مع فساد الزمان وأهله أن يتحرى أكثر، فعليه أن يتحرى أكثر.
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عصافها ووكاءها)) " اعرف الوعاء والحبل الذي يربط به ((ثم عرفها سنة)) في المجامع، في محافل الناس، في أماكن اجتماعهم، في أبواب الجوامع، وما قرب من موارد المياه، وما أشبه ذلك، ويقوم مقام ذلك في هذه الأيام الصحف، يعني لو أعلن في وسائل الإعلام أنه لديه مالاً أو متاعاً وجده، ثم بعد ذلك إذا جاءه من يدعيه يختبره، اعرف، ثم عرف.

(141/10)


((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة)) وجاء العكس: ((عرفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها)) منهم من يقول: إن (ثم) هذه بمعنى الواو، لا تفيد ترتيب، سواء عرف أو عرف قبل هذا أو هذا ما يضر، المقصود أنه لا بد من الأمرين، يعني حتى لو ما عرف، وقال: عندي مال، قال: صفه لي، ما عفاصه؟ وما وكاؤه؟ ثم رجع إليه وتأكد، نعم، فيكون معرفتها إذا لم يأت أحد خلال سنة، وأراد أن يتملكها يتعرف فيما بعد، فهل التعرف قبل التعريف أو العكس؟ جاء هذا وهذا، فمنهم من يقول: إن (ثم) بمعنى الواو.
طالب: أحسن الله إليك: لو أعلن بالصحف الإعلان على من؟ إذا جاء صاحبها من يدفع قيمته؟
وين؟
طالب: لو أعلن بالصحف أنه ضايعة شنطة بها قروش ... أو وجدت مبلغ من المال من يدفع قيمة الإعلان هل صاحبه ... ؟
لا، إذا أعلن بنية الرجوع، والإعلان لا يضر بالمال يرجع على صاحبه، إيه، كما لو أخذ شيء مما له نفقه، على ما سيأتي في الضوال، وأنفق عليه بنية الرجوع يرجع.
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا وضعها في مكان بحيث لا تختلط؛ لأنه جاء نص صحيح: ((عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها)) يعني عند إرادتك التصرف فيها، بحيث إذا جاء صاحبها يوماً من الدهر تعيد إليه مثلها، لكن إذا كان التعرف بعد التعريف سنة، وعند إرادة التصرف ما الفائدة في معرفة العفاص والوكاء؟ إنما هو لمجرد اختبار صاحبها.
((فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) يغريه بها، منصوب على ... ((وإلا فشأنك بها)) يعني تصرف فيها، وجاء ما يدل على أن هذا التصرف مع الضمان، بحيث لو جاء صاحبها يوماً من الدهر فإنه يدفعها إليه.
طالب:. . . . . . . . .
إغراء.

(141/11)


"قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ " عنز أو شاة أو تيس أو خروف ضل عن صاحبه "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " لأنه لا يحمي نفسه من صغار السباع، ولا يقوم بما تقوم به حياته بنفسه استقلالاً، فإذا وجدها بعيدة عن أهلها، وخشي عليها من التلف بأن يأكلها الذئب، وفي حكمه بقية السباع، أو يأخذها أخوه، غيره من الناس، فإنه له أن يأخذها "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " ويختلفون في ضمانها إذا جاء صاحبها، لكن ليس معنى هذا أنه يتتبع أمثال هذه الضوال القريبة من أهلها التي يغلب على الظن أن أهلها قريبون منها، بحيث يتمكنون من الحصول عليها ووجودها قبل أن تتلف، ليس أن يتربص بها مثل هذا.
((لك أو لأخيك أو للذئب)) هل يضمن أو لا يضمن؟ اقترانه بالذئب، الذئب لا ضمان عليه، فكما أن الذئب لا ضمان عليه إذن هو لا ضمان عليه، وبهذا يقول بعض العلماء، ومنهم من يقول: يأكلها بنية الضمان، بحيث لو جاء صاحبها كغيرها من الأموال، فإنه يضمنها.
((أو لأخيك)) يعني المسلم.
طالب: .... ولا بعد سنة.
لا، لا ما تحتاج سنة، تأكل أكثر من قيمتها خلال سنة.
طالب:. . . . . . . . .
وأنفق عليها بنية الرجوع يأخذ ما أعلفها ويدفعها له.
" ((أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها؟ )) " بعض الروايات: غضب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
((ما لك ولها)) وفي رواية: ((دعها، معها سقاؤها وحذاؤها)) سقاؤها بطنها، الذي يستوعب الماء الكثير، بحيث تبقى أيام لا تحتاج إلى ماء، وحذاؤها: أخفافها التي تقيها الشوك والحر والحصى، وما أشبه ذلك ((ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) يعني ما عليها خطر، تمتنع من صغار السباع، وتستطيع العيش الأيام بما ركب فيها -جل وعلا-، من ارتفاع وطول بحيث تتناول من الأشجار، وطول في الرقبة ما يمكنها من شرب الماء النازل، أو الأكل من الشجر العالي.
طالب: ضمانها لسنة ....
على كل حال المسألة مسألة غلبة ظن، متى ما جاء يعطى، غلبة ظن.
طالب:. . . . . . . . .
وعرفه.
طالب: عرفه بأوصافه. . . . . . . . . صاحب المال.

(141/12)


إذا كانت التركة قد قسمت فلا يعود عليهم، إذا كانت التركة باقية يعود عليها، لا، أحياناً يتضرر الملتقط ضرراً بالغاً، نعم، يجد لقطة مثلاً ألف ريال في كيس، ثم يتصرف بها، ثم يأتي صاحبه بعد سنين والألف كأنه مليون، ما هو الأيام دول؟ الألف أحياناً قيمته مليون، فنقول: ادفع له ألف بالقيمة الماضية أو بالقيمة الحاضرة؟
طالب: كالديون يا شيخ.
كالديون، عليه أن يعطي بقدرها لا زيادة ولا نقصان، ألف، ألف، ما يزيد ولا ينقص، وهذا كما لو نقصت، وصار الألف ما يسوى عشرة، نفس الشيء.
طالب: .... خشي عليها اللصوص.
إذا خشي عليها اللصوص يبلغ عنها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب غضباً شديداً.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يبلغ عنها، أو بوسيلة مناسبة بحيث لا يخالف النص، لا يلتقطها، إنما يسعى لحفظها بقدر إمكانه.
طالب: سبب غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
لأنه كأنه فهم من السائل أنه يريد أن يستولي على أموال الناس التي لا تتلف، ما يتلف مثل الغنم ((لك أو لأخيك أو للذئب)). . . . . . . . . يحمي نفسه، هو يعرف السائل أن الإبل إذا ضلت تعيش، حتى يلقاها ربها، صاحبها.
قال: "وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أنه أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً" يعني ذهب مبلغ كبير "فذكرها لعمر بن الخطاب، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من أهل الشام سنة" يعني عرفها سنة "فإذا مضت السنة فشأنك بها" يعني تصرف فيها بنية الضمان لصاحبها، متى جاء يوماً من الدهر.
"وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إن وجدت لقطة فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد" يعني عرفها الأصل أن يعرفها سنة، فإذا كان عرفها سنة فما معنى قوله: زد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(141/13)


"قال له: عرفها، قال: قد فعلت" عرفتها "قال: زد، قال: قد فعلت" زدت، نعم؛ لأنه قد فعل من قبل، يعني هذا يدل على أنه أكثر من سنة، أن الزيادة على السنة، وإلا كيف عرف أنها زيادة؟ لو افترضنا أنه عرفها شهر ثم جاء لعبد الله بن عمر قال: زد، قال: زدت، زدت على إيش؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما قال له: عرفها شهر، قال: زدت على الشهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا يدل على أنه عرفها سنة، فقال له: زد، قال: قد فعلت، ولا ما فيه مزيد ومزيد عليه إذا كانت أقل من سنة.
طالب: .... مرتين.
زاد "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها" أمره بالزيادة، كأنه فهم من حاله التقصير في التعريف، يعني ما عرفها كما ينبغي التعريف الشرعي، أو في المكان الذي ينبغي أن تعرف به "فقال: زد" كما أمر المسيء في صلاته، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر المسيء، قال: ((صل فإنك لم تصل)) جاء ثانية، فقال: ((صل فإنك لم تصل)) لأنه لم يصل الصلاة الشرعية، وهنا لم يعرف التعريف الشرعي "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها" هو يريد فتوى من ابن عمر أن يأكلها، فتوى "قال: لا آمرك" اصنع بها ما شئت؛ لأنك في الأصل لست ملزماً بأخذها، فتلزم بأكلها، أنت من الأصل يعني لو وجدتها وتركتها.
طالب: حتى لو غلب على ظنه. . . . . . . . .
هو في هذه الحالة محسن، لكن لا يلزم، فإذا كان الأصل غير لازم، فالفرع غير لازم.
طالب: يعني ما يلزم من كون الملتقط لا يلزمه أن يلتقط أنه لا يلزمه أن يأخذها، بدليل النذر، الإنسان لا يلزمه النذر، ولكن إذا نذر يوفي.
لا هذا على خلاف أصل جميع الفروع، النذر جاء على خلاف الأصل، معروف يعني، ومن أعجب المسائل أن تكون الوسيلة مكروهة والغاية واجبة، لكن هنا لو قال: أنا أريد أن أحتفظ بها مدة العمر، ما أنا متصرف، يلزم بأكلها؟
طالب:. . . . . . . . . الحج والعمرة، فهو لا يلزمه ابتداء ...
الآن هو لحظه هذا، الشرع يبيح له أن يتصرف، يقول: ما أنا متصرف، يلزم بالتصرف؟ يقول: أنا عرفتها سنة، وزدت على ذلك، ومستعد أعرفها عشرين سنة، ثلاثين سنة، نقول: إلا تتصرف؟ يقول: "لا آمرك أن تأكلها، ولا شئت لم تأخذها" نعم؟

(141/14)


طالب: إذا عرفها سنة.
بنية الضمان، إن جاء صاحبها يوماً من الدهر فتردها إليه.
طالب:. . . . . . . . .
أول الأمر يومي لمدة أسبوع، ثم في الأسبوع مرتين ثلاث، ثم في كل أسبوع، ثم في كل شهر؛ لأنه كلما الفرصة تتضاءل في وجوده.
طالب: يلزم الفور في التعريف بها.
إيه لا بد من تعريفها؛ لئلا يتفرق الناس.
طالب:. . . . . . . . .
يعرفها أول ما يلتقطها، ثم في اليوم الثاني، ثم في الثالث، وهكذا، نعم.
أحسن الله إليك:

باب: القضاء في استهلاك العبد اللقطة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في العبد يجد اللقطة فيستهلكها قبل أن تبلغ الأجل الذي أجل في اللقطة وذلك سنة: إنها في رقبته، إما أن يعطي سيده ثمن ما استهلك غلامه، وإما أن يسلم إليهم غلامه، وإن أمسكها حتى يأتي الأجل الذي أجل في اللقطة، ثم استهلكها كانت ديناً عليه يتبع به، ولم تكن في رقبته، ولم يكن على سيده فيها شيء.
العبد المملوك عند الجمهور أنه لا يملك ولا يتصرف، وعند مالك أنه يملك بالتمليك، وله شيء من التصرف أوسع مما له عند جمهور أهل العلم، فإذا وجد العبد لقطة فتصرف فيها قبل أن يعرفها، أو قبل الحول، قبل السنة، ثم جاء صاحبها، فالسيد مخير بين أن يدفع هذه اللقطة، هذا المال أو يدفع العبد؛ لأن اللقطة أحياناً تكون أكثر من قيمة العبد، فيتضرر السيد، يدفع العبد، وأحياناً تكون اللقطة أقل من قيمة العبد فيدفعها، إذا كان التصرف فيها من قبل العبد بعد تمام السنة، فليس على السيد شيء، لماذا حمل السيد في الصورة الأولى دون الثانية؟ لأن تصرفه في الصورة الثانية شرعي، تصرفه في الصورة الأولى غير شرعي، فعلى السيد أن يكفه عن هذا التصرف، إذا عرفها سنة ثم استمتع بها، تصرف فيها، فإن السيد يبرأ من عهدتها، وتكون ديناً على العبد يتبع به متى حصله، وقلنا: يملك أو متى عتق، وصار يملك على قول الجمهور، ولم تكن في رقبته لم تتبع رقبته، وإنما دين في ذمته، ولم يكن على سيده فيها شيء.
طالب: .... عند السيد.
لكن على السيد أن يحيط بما يتصرف فيه العبد، لا لا الغنم مع الغرم، هو مستفيد منه عليه أن يحفظه.
طالب:. . . . . . . . .
كما لو جنى، نعم.
أحسن الله إليك.

(141/15)


باب: القضاء في الضوال
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله، ثم ذكره لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات، فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي، فقال له عمر: أرسله حيث وجدته.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال.
وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إبلاً مؤبلة تناتج لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أمر بتعريفها، ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الضوال
إذا كانت اللقطة في الأموال غير بهيمة الأنعام فالضوال إنما هي في بهيمة الأنعام، في الإبل والبقر والغنم، والإبل والغنم جاء بيانها في النصوص، وأما بالنسبة للبقر فهل حكهما حكم الإبل؟ أو حكمها حكم الغنم؟ شخص وجد بقرة ضالة، في مكان ليس حوله أحد، هل نقول: هي لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: دعها ما لك ولها؟ أو نلحقها بالأموال الأخرى؟ تؤخذ وتعرف سنة، فنحتاج في مثل هذا إلى قياس الشبه، فنلحق البقرة بأقرب الأموال شبهاً بها، هل هي مثل الغنم لا تمتنع من صغار السباع؟ أو مثل الإبل تمتنع بقرونها، وبطنها يحتمل من الماء أكثر مما تحتمله الغنم؟ أو نقول: في الأصل مثل الغنم لا تصبر صبر الإبل؟ فهي مترددة بين أصلين، بين الإبل وبين الغنم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنها في الغزو تختلف عنها، في المغانم قسم المغانم الإبل عن عشرة، والبقرة عن سبعة، يعني لو نظرنا إلى واقع البقر هل هي مثل الإبل ترد الماء وتأكل الشجر، وتمتنع من السباع؟ ليست مثلها، أبداً، حتى صبرها عن الأكل والشرب ليست كالإبل، فهل تأخذ حكم الغنم، لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: هي أقوى من الغنم؟ ليست مثل الغنم، فإذن يكون حكمها حكم الأموال الأخرى؟

(141/16)


طالب: هي مترددة بين أصلين فتكون أقرب إلى الأصل، مثلاً إذا كانت في مكان فيه ماء وفيه سباع، هي تستطيع أن تدافع عن نفسها في السباع .... فتأخذ حكم الإبل، وإذا كانت ليس فيه سباع .... العكس ...
يعني يغلب على الظن أنها تبقى، فتأخذ حكم الإبل، أو يغلب على الظن أنها تتلف فتأخذ حكم الغنم.
طالب: حتى الإبل يا شيخ إذا كانت في مكان فيه سباع ....
لكن المسألة مسألة حكم أغلبي، وهذا نص من الشارع.
طالب: التفريق ما. . . . . . . . .
لا التفريق عند أهل العلم معروف في مسألة الامتناع من صغار السباع معتمد عندهم، وجعلوا الدليل عليه الإبل.
طالب: بالنسبة للبقر ما ينطبق عليه.
على كل حال هي مترددة بين الأصلين، فتلحق بأقربهما شبهاً، فهل هي أشبه بالغنم أو أشبه بالإبل؟ أو نقول: على حد سواء؟ يعني فيها من الضعف ما يلحقها بالغنم، وفيها من القوة ما يلحقها بالإبل، والضعف والقوة على حد سواء، فيستمر الإشكال، يعني لولا أن النص جاء في الغنم لصارت مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، ولولا أن النص جاء في الإبل لقلنا: إنها مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، فالإبل والغنم أخرجها النص فتبقى البقر على الأصل.
طالب: الصقور. . . . . . . . .
لا، إذا استرسلنا في الطيور فالطيور التي في البيوت، نعم، تطير من هذا البيت وتنتقل إلى البيت الآخر، أو الثاني أو الثالث أو إلى حي آخر، فيه بعد أنواع من الحمام تجذب غيرها.
إيش يقول أبو عبد الله؟
نعم أصحاب الخبرة يحرصون على الجذاب.
طالب:. . . . . . . . .
لكن أدركت شيئاً من هذا، كان موجود ومستفيض عند الناس، هذا جذاب وهذا جذب، يسمونه جذب، وأنا ذهبت إلى بلد من البلدان فوجدت إعلان مكتوب ببخاخ على الجدار "من ضاع له حمام جذب فهو موجود عندنا".
طالب:. . . . . . . . .
لا جذب، يعني مجذوب، والجذاب صيغة فاعل، لا هذه تدخل دخول واضح فيما نحن فيه، دخولها واضح، يعني طارت الحمامة ووقعت على الجيران أو غيرهم، نعم؟
طالب: لقت حب زين وقعدت فين تروح؟
لا أحياناً يضعون لها ماء بسكر فتبقى.

(141/17)


على كل حال مثل هذه تعرف بطريقة هذا الشخص، لكنها بطريقة مشوهة للجدار، ببخاخ وكاتب بخط كبير "من ضاع له حمام فهو لدينا، الجذب موجود عندنا" حتى بطريقتهم وتعبيرهم، فهذا يحتاج إليه مثل هذا التعريف، لا نقول: إن الحمام مثل الغنم أو مثل الإبل أو مثل .. ، تعاد إلى القاعدة العامة في الأموال.
طالب:. . . . . . . . .
وعليها ما يدل على صاحبها؟
طالب: لا، لا، رموز .... مهاجرة فوجودها ...
إيه لمالك أو ليست لمالك؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال تُبحث في وقت إن لقيت شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، اللي يكثر مسألة الحمام كثير هذا عند الناس، أما مسألة الصقور فهي ...
الضوال يمدينا -إن شاء الله- والذي يليه.
قال مالك -رحمه الله-: "عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة "أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله" الأصل أن يتركه "ثم ذكره لعمر بن الخطاب فأمره أن يعرفه" ما دام عقله وتصرف فيه يتحمل التبعة، وإلا الأصل أن يتركه "فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات" يعني ثلاث مرات في اليوم، أو ثلاث مرات فقط ثم بعد ذلك يتصرف فيه؟ فعرفه "فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي" يعني افترضنا شخص مثلاً ذاهب إلى عمله في دوامه أو في دكانه، ثم وجد لقطة فقيل له: عرفها، فقال: هي تشغلني عن عملي "فقال له عمر: أرسله حيث وجدته" لأن الأصل فيه أنه لا يلتقط، لكن لو وجد مبلغ من المال وأخذه، فقيل له: عرفه، في كل يوم تأتي إلى هذا المكان وتعرف، قال: هذا يشق علي، هل نقول: ضعه في مكانه؟ أو نقول: لا بد أن تعرفه؟ لأن الأصل في الإبل أنها ترسل، تترك.
فقال له عمر لما اعتذر قال: اتركه، لكن وبعدين عقله في مكانه، بحيث لو جاء صاحبه وجده، أما بالنسبة للمال الذي أخذه الملتقط، وجد كيس فيه نقود، فذهب فيه إلى بيته باعتبار أنه يتملكه، فقيل له: لا، لا بد أن تعرفه لمدة سنة، قال: لا، ما لي وله أرجعه، لكن المكان بعيد، اليوم ما يمدينا بكره أرجعه، نقول: لا، يلزمك تعرف ما دام أخذت، يلزمك أن تعرفه ما دام أخذته، أما لو تركته فلا أحد يلزمك بأخذه.

(141/18)


"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال".
والحديث صحيح مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا يدل على التحذير من أخذ الضالة لا سيما الإبل، التي غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل عنها.
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذه تودع في بيت المال.
طالب: الأراضي ....
على كل حال إذا كان الموهوب يعرف أنها ملك لأناس خاص، ملك خاص لا يجوز له تملكها، ولا يجوز للواهب أن يهبها، أن يقطعها.
طالب:. . . . . . . . .
أعرف الدولة لا يجوز لها أن تقطع شيئاً مملوكاً لأناس خاصين.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يكتب عليها أن هذه ....
طالب:. . . . . . . . .
إيش يدريهم أنها مملوكة؟
طالب: .... تكون مملوكة.
إيه هذا يروح إلى المحكمة ويدبر نفسه.
طالب: وضاعت أوراقه.
إيه يروح المحكمة.
طالب: بس فيه ناس تلتقط من هذا.
هذه عند المحكمة، قضائية المسألة، إخراج الصكوك، وحجج الاستحكام كلها عند المحكمة.
قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن عمر الخطاب إبلاً مؤبلة" يعني مقتناة لأناس معروفة، وفي الغالب أن عليها الوسم، لكن إذا اشتراها للقنية، ثم بعد ذلك انفلتت منه وضلت قبل أن يسمها، أو وسمها بوسم قبيلة فادعاها أكثر من واحد من هذه القبيلة "إبلاً مؤبلة تنتاج" يعني ينزو بعضها على بعض، فيحصل منها النتاج.
"لا يمسها أحد" تترك، للنهي عن التقاطها "حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان" وكثرت المخالفة من الناس لما طال بهم العهد، فصاروا يلتقطون، إما مخالفة عن عمد أو جهل "فصاروا يلتقطون أمر عثمان بتعريفها" كما أمر عمر -رضي الله عنه- ثابت بن الضحاك أن يعرفها، ما دام التقطها يلتزم باللازم يعرف، ولو تركها ما أمر بأخذها.

(141/19)


"حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع" في زمن عمر لا يمسها أحد، لكن هناك قضايا فردية مثل قضية ثابت عقلها، فقال له: عرفها، في زمان عثمان فطال العهد بالناس، وجهل الناس الحكم، وبعضهم يتعمد مخالفة للتساهل، المقصود أن عثمان -رضي الله عنه- عاملهم معاملة سائر الأموال، فأمر بتعريفها ثم تباع "فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها".
طالب: كان يعمل ....
من؟
طالب: عثمان.
مقتضى النص لا، أن الناس التقطوها، فأمرهم بتعريفها، أو أخذها منهم، أخذها منهم -رضي الله عنه وأرضاه- ثم بعد ذلك جعل من يعرفها.
طالب: أبلغ يا شيخ وإلا أكمل؟
بلغ، بلغ ....

(141/20)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (15)
باب: صدقة الحي عن الميت
وكتاب: الوصية - باب: الأمر بالوصية

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: صدقة الحي عن الميت
حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة -رضي الله عنه- ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه.
وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).
وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا، فورث ابنهما المال، وهو نخل، فسأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد أجرت في صدقتك، وخذها بميراثك)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: صدقة الحي عن الميت

(142/1)


وماذا عن صدقة الحي عن الحي؟ إنسان يتصدق من ماله لأبيه أو لأمه سواء كان حيين أو ميتين، الأخبار التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- تحت هذه الترجمة مطابقة للترجمة، وهي صدقة حي عن الميت، والصدقة يصل ثوابها بالاتفاق، كما أن الدعاء أيضاً مجمع عليه بين أهل العلم، والحج والعمرة عمن عجز عنهما كذلك، والخلاف فيما عدا ذلك من سائر القرب، مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، هل يصل أو لا يصل؟ الجمهور على أن من كسب ثواباً من جراء قربة وبسببها، ثم أهدى الثواب لحي أو ميت وصلت، وصل الثواب، فلو قرأ القرآن مثلاً وختمه، وقال: ثواب هذه الختمة لأبي أو لأمي أو لجدي أو لخالي، على قول الأكثر يصل، على أنهم يتفقون أنه لا يصلي أحد عن أحد، والصيام محل خلاف بين أهل العلم، وفيه حديث: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) في الحديث الصحيح، فمنهم من يقول: الصيام كالصلاة عبادة بدنية لا تصح النيابة فيها، وإنما المراد بالحديث: من مات وعليه صوم صام عنه وليه فيخرج عنه ما يقوم مقام الصيام، يقول: الصيام متعذر في حق المنوب عنه بموته، فهو متعذر في حق النائب، وإذا تعذر في حق المنوب عنه أخرج عنه الطعام، فلو أخرج عنه طعاماً كان كمن صام عنه؛ لأن البدل له حكم المبدل، ولا شك أن هذا تكلف ظاهر، وظاهر الحديث يدل على أن الصيام يقبل النيابة في مثل هذه الصورة.

(142/2)


فمن مات وعليه صوم جمع من أهل العلم يرون أنه لا يصام عنه، بل يطعم عنه؛ لأن الصيام عبادة بدنية كالصلاة لا تقبل النيابة، ومنهم من يقول: يصام عنه مطلقاً، مات وعليه سواء كان الصوم واجباً بأصل الشرع، أو مما أوجبه الإنسان على نفسه، مات وعليه قضاء من رمضان يصام عنه، يصوم عنه وليه، مات وعليه نذر يصوم عنه وليه، والمعروف عند الحنابلة أن مثل هذا إنما يكون في صوم النذر خاصة؛ لأن ما وجب بأصل الشرع من الصيام كالصلاة لا يقبل النيابة، وأما ما أوجبه الإنسان على نفسه فإنه حينئذٍ يقبل النيابة، لا سيما وأن في بعض طرق الحديث ما يدل على أن الصوم المسؤول عنه صوم نذر، فرق بين ما وجب في أصل الشرع مثل هذا لا يقبل النيابة، وما أوجبه الإنسان على نفسه كالنذر فإنه يقبل النيابة، وهذا معروف عند الحنابلة، ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم، وجمع من أهل العلم، ويقولون: إنه هو الجاري على القواعد، واختصاصه بالنذر لأنه ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على أن المسوؤل عنه نذر، هذا بالنسبة إلى الصلاة والصيام، وأما الحج ففيه: أن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، فقال: ((حج عن أبيك)) وفي رواية: ((حجي عن أمك)) المقصود أنه ورد فيه أكثر من نص، وأنه يقبل النيابة في مثل هذه الصور، وفي رواية: ((واعتمر)) والعمرة حكمها حكم الحج تقبل النيابة في حال العجز عنها، لكن في حال الصحة تقبل النيابة أو لا تقبل النيابة؟ أبوه صحيح شحيح، لكنه لا يريد أن يكلف نفسه، فيريد ابنه أو يدفع لمن يحج عنه أو يعتمر عنه؟
طالب: نفل أو فرض؟
نعم المسألة مفترضة في الفريضة، الفريضة لا تقبل النيابة، ولذا لا بد فيها بالنسبة للمستطيع ما هي محل نزاع، النافلة مثلاً.
طالب: محل الخلاف في النافلة؟
هل يحج عنه ويعتمر عنه وهو قادر على ذلك؟ أو شخص مثلاً وهذا يجري كثيراً الآن لأنه في ليالي العشر من رمضان، تجد من الطلاب المغتربين هناك في مكة من يحج عنك في رمضان بمائة ريال.
طالب: يعتمر.
يعتمر عنك نعم، وهي حجة، عمرة في رمضان تعدل حجة.
هذا تبرير لسبق اللسان ما يخالف.

(142/3)


على كل حال يريد أن يعتمر عنه، في رمضان بمائة ريال، ويقول: سهل أنا أدفع مائة ريال، لكن هل هذا مشروع أو غير مشروع؟ نعم؟
طالب: .... صدقة الحي عن الحي.
أيو؟
طالب:. . . . . . . . .
خلنا نشوف هذا. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . . لأن الحج عبادة بدنية مالية، وبعضهم قال: إنها بدنية مالية بما أنه بماله فينيب عنه. . . . . . . . .
يعني المال يقبل النيابة كالصدقة، المال المحض يقبل النيابة بلا خلاف، والعبادة المحضة لا تقبل النيابة، والعبادة المشوبة بين المال والبدن تكون مترددة بين أصلين، فهل تلحق بالمال باعتبار أن فيها نفقة وفيها بذل للمال، أو تلحق بالعبادة البدنية باعتبار أن العمل كله بل جله على البدن؟ المسألة معروفة أنها خلافية، هل يحج عن والده المستطيع؟ هل يحج عن أمه المستطيعة القادرة؟ أو يحج عمن مات من أبويه وقد حجا حج الفريضة، ولم يبق سوى النافلة؟ والسؤال الوارد في أصل المسألة الذي هو حديث وقبول النسك للنيابة إنما هو في الفريضة "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة" فقبوله النيابة في مثل هذه الصورة لا إشكال فيه، لكن ما عدا ذلك من الصور إما ميت قد حج الفريضة، أو حي حج الفريضة وأراد ولده أن يبر به فيحج عنه نفلاً، أو يستأجر من يحج عنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه ما فيها إشكال، قلنا: إهداء الثواب أي قربة، جمهور أهل العلم على وصولها.
طالب:. . . . . . . . .
انتهينا من مسألة إهداء الثواب بجميع التفاصيل، لو صلى وقال: ثواب هاتين الركعتين لفلان عند الجمهور صحيحة، ما دام ملك الثواب فيما يغلب على ظنه المرتب على هذه العبادة، ثم أهداه إلى غيره، الجمهور على أنه يصل.
طالب:. . . . . . . . .

(142/4)


لا، ما هو ... ، يقول: لبيك عن فلان، لا ونأتي إلى مسألة تكثر وهي مسألة حج وعمرة الصبيان، يعني الناس عموماً يعني أعرف، بل كل من عرفته ممن يسأل وممن لا يسأل، يحجون بصبيانهم، ويعتمرون بهم، ويقولون: حجة فلان لفلان، لجدي فلان، وعمرة فلان لجدتي فلانة، ولخالي فلان الذي لم يحج، وهكذا، يفعلون هذا بكثرة، بحيث يقال للصبي: قل: لبيك عمرة عن فلان، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رفعت له المرأة الصبي، قالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)) فهل الذي يهدى لهذا القريب من جد أو أب أو عم أو خال هل الذي يهدى الحج؟ قال: ((نعم)) له حج، من الذي يملك إهداء هذا الحج الذي لهذا الصبي؟ ((ولك أجر)) إن أهدت أجرها الذي حصلت عليه بسبب حجها بهذا الصبي هذا يدخل في المسألة الأولى، إهداء الثواب.
طالب: أصحاب البدع يا شيخ من وين دخلوا في مسألة الإهداء؟ هل هو من الاستئجار؟
ما هم أهل البدع، إهداء الثواب ما فيه إشكال، يعني جمهور أهل العلم.
طالب: أنا أعلم يا شيخ، لكن مثلاً. . . . . . . . .
هو قول معتبر عند أهل العلم أنه لا يصل ثواب أي عبادة ولا إهداء ولا شيء إلا ما جاء فيه النص، إلا ما ورد فيه النص، وبعض المشايخ ممن يرى هذا القول، ويرى هذا الرأي، وفي جماعة المسجد الذي يأمه شخص عامي كثيرة التلاوة، يقرأ القرآن باستمرار، وإذا انتهى من ختمة قال: أهدي ثوابها لوالدي، وإذا انتهى من الثانية لأمي، لخالي، لعمي، لجدتي ... الخ، فينكر عليه هذا الشيخ ويقول: إن هذا بدعة، ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن سلف هذه الأمة، يقول: بدعة، قال: أنا لا أحتكم إليك، ولا آخذ رأيك، أنا الآن حصلت على الثواب وأهديته لأبي، والله -جل وعلا- لن يظلمني، إن قبله عن فلان وإلا رجع إلي، إن كان يصل بها ونعمت، ما يصل بيرجع لي ما هو بضايع.
طالب:. . . . . . . . . هذه حجة العامي هذا بيع وشراء. . . . . . . . .

(142/5)


لكن مسألة الثقة بالله -جل وعلا- شيء، ومسألة الاتباع شيء آخر؛ لأن الدين دين اتباع، شرط قبول العمل أن يكون موافقاً لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني مثل هذا قد يعجب الله -جل وعلا- لحاله ويجري ما أراد على ما أراد سبحانه، الله -جل وعلا- فضله عظيم، ومثل هذا أيضاً العامي، إذا كان قد اقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده من شيوخه، كلهم يقولون بهذا، معروف هذا، ما هو بمستحيل، ما جاءت من فراغ يعني، يعني العامي ما ابتدعها من نفسه، إنما أفتاه من أفتاه ممن تبرأ الذمة بتقليده، فكون الإنسان لا يرى هذا الرأي لا يعني أن الناس كلهم يلزمون به، لا، المقصود أن مثل هذه المسائل التي يختلف فيها أهل العلم، يعني يحرص الإنسان على ما اتفقت عليه الأمة، وما ورد فيه النص، فالصدقة لا إشكال فيها، ولا يخالف فيها أحد، أيضاً الصيام صيام النذر ورد فيه الحديث الصحيح، الحج حج الفريضة إذا كان المكلف عاجزاً عنها وحج عنه، فلا شك أن هذا الحج صحيح، وما عدا ذلك مما يختلف فيه من العبادات البدنية التي يختلف هل تقبل النيابة وإلا لا تقبل؟ لا يلزم أن يقوم بها بنفسه، وإن أهدى ثوابها بعد حصوله عليه، فقول أكثر أهل العلم على وصوله، ولو كانت بدنية محضة.
شخص مريض، وعنده أموال طائلة، مريض وعنده أموال طائلة، فأصيب بإغماء فقيل لولده: إن الصدقة ... ((داووا مرضاكم بالصدقة)) فتصدق عن هذا المريض من ماله، من مال المريض، الصدقة صحيحة وإلا ليست صحيحة؟
طالب: ليست بصحيحة.
نعم؛ لأنه تصرف بما لا يملك، وبمجرد ارتفاع التكليف عنه لا يصح التصرف بماله، إلا في الواجبات التي تلزمه شرعاً على نظر الحاكم، على نظر القاضي، التصرفات والنفقات الواجبة عليه تخرج، الزكوات تخرج، وأما ما عدا ذلك من الصدقات والنوافل فلا، نعم إن تصدق الولد من ماله عن أبيه فيحمد على هذا، ويرجى قبوله -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .

(142/6)


والله لو أهدى الثواب كان نوع من البر لوالديه، والله -جل وعلا- فيما يغلب على الظن أن هذا له حكم الدعاء، يدعو لفلان، ولا يقول: شح بهذا الدعاء، وادع لنفسك. لا يقال: شح بهذا الدعاء، فإذا أهدى الثواب لغيره لن يعدم -إن شاء الله تعالى- لأن حكمه حكم الدعاء، أن يكون له مثله، نعم؟
طالب: ما الفرق بين الصدقة بالمال بين إهداء الثواب. . . . . . . . .
الصدقة بالمال؟ تخرج هذا المال صدقة لله -جل وعلا- عن فلان.
طالب:. . . . . . . . .
إهداء الثواب تتصدق بها عن نفسك، ثم بعد ذلك تقول: ثواب هذه الصدقة لفلان، في مثل الصورة قريب من الصوري.
طالب:. . . . . . . . .
بلى.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ما شرع الله -جل وعلا-؛ لأن لهذا الولد ذمة يؤاخذ عليها، ويؤجر عليها، مستقلة عن ذمة والده.
من عوام المسلمين وهذا موجود بكثرة إذا قدم الطعام سواء كان للأسرة أو لضيوف، يقول: اللهم اجعل ثوابه لفلان، أو تقول المرأة هذا مسلوك عندهم.
طالب: وعشاء الوالدين؟
نعم عشاء الوالدين هذا في الاثنين والخميس، كل اثنين وخميس من رمضان، يهدى ثواب هذا الطعام للوالدين، مسألة إهداء الثواب معروفة، لكن التحديد بيوم معين، أو بنوع معين من الطعام، أو بلون معين، يحتاج إلى نص.
طالب:. . . . . . . . .
ذكرنا هذا، ورد في رواية الخبر ما يدل على أنه نذر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن العموم هذا معارض بنصوص أخرى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الحج باعتبار أنه ورد فيه ما يدل على قبول النسك للنيابة في الجملة، ما يدل على قبول النسك للنيابة فبابه أوسع من الصيام، والصيام أوسع من الصلاة وهكذا.
الزكاة لو وجبت الزكاة على الوالد والوالد شحيح، فتبرع بها الابن تجزئ وإلا ما تجزئ؟
طالب:. . . . . . . . .
هي تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة.
طالب: العين. . . . . . . . .
هو مسألة عين المال ترى ظهورها في الزروع والثمار وغيرها ظاهر، لكن في التجارات؟ حينما نقول: عين المال صاحب بقالة نقول: طلع من كل عين من أعيان المال زكاته؟
طالب:. . . . . . . . .

(142/7)


حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن زكاة العباس: ((هي علي ومثلها)) هذا لفظ الصحيح، نعم فيه روايات أخرى تدل على أنه تعجل زكاة سنتين، اللي هو العباس، أخذها منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن مثل هذا لا يدل على أنها تقبل النيابة، لو دفعها إنسان بطوعه واختياره، وكذلك الكفارات، وقل مثل في زكاة الفطر، أب له أبناء مكلفون يستطيعون على دفعها، أو ابن كبير يريد أن يدفع عن والديه يقال: لا تدفع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل الكفارات لو تبرع بها أحد؟ لو تبرع عليه كفارة يمين قال: أنا أدفعها عنك تجزئ وإلا ما تجزئ؟ مع علمه بذلك، وانتفاء المنة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بيدفع لو ما وجد أحد يدفع عنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، كثير من الأولاد من شفقتهم على أبيهم، وعظم الزكاة، عظم شأن الزكاة في الشرع، يقول: زكاة والدي مثلاً خمسة وعشرين ألف عنده مليون بخزنه، أنا أدفع إذا كانت تقبل النيابة، فيستصحب مسألة ما إذا لو لم يوجد مثل هذا لدفعها الأب، الأمر سهل، لكن إذا كان رافضاً الدفع، ثم دفعها الابن مثل هذا تقبل النيابة، إذا رفض الأب دفع الزكاة فأخرجها الابن حينئذٍ لا تبرأ ذمته، وإذا مات الأب وعليه زكاة، مات الأب وأولاده يعرفون أنه خلال عشرين سنة الزكاة ما يخرج ربعها، وهذا يوجد عند الناس، يوجد، يعرف الابن الحريص صاحب التحري أن والده ما يخرج الزكاة بدقة، فلما مات قالوا: نحسب السنوات الماضية، ونخرج الزكاة إبراءً لذمة الوالد، المال معروف أنه انتقل من ملك الوالد إلى ملك الورثة، فإن جادوا به، واتفقوا على ذلك، وسألوا الله -جل وعلا- أن يبرئ والدهم، وأن يعفو عنهم لعل وعسى مثل تصحيح الوصية التي فيها جنف، تصحح بعد وفاته، ويرجى أن يصله شيء من آثار هذا التصحيح.
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو قالوا: إن الزكاة الأخيرة لكن هو مصر على عدم إخراج الزكاة خلال سنوات.
طالب: هذا ما يزكى عنه يا شيخ، ليش يزكى عنه وهو مصر؟
من شفقة الولد.

(142/8)


طالب: يتصدقون عنه، يتصدقون عنه صدقة، لكن هو إذا كان مصر ما يزكي هذا بينه وبين الله، هذا تحت المشيئة، لكن يتصدقون عنه لعل الله يعفو ويصفح.
لا، المسألة يعني حتى لو قيل: إنه هل يلزمهم؟ هل يلزم الأولاد أن يخرجوا باعتبار أنها دين؟ يعني مثلما قالوا: في الحقوق المتعلقة بالتركة الخمسة المعروفة: مؤونة التجهيز، والديون المتعلقة بعين التركة، ثم دين فيه رهن، ثم الحق الثالث: الديون المطلقة، ومنها حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات، وديون الآدميين.
طالب: ... الكفارات شيء؛ لأنها غير مقيدة، أما الزكاة إذا هو مفرط .... لم يتوب وهو حي، لكن مات وما عنده نية يتوب، الكفارة لا، كثير منا ينسى .... ما هي مقيدة بوقت معين .... باغته الأجل، بخلاف الزكاة معروف وقتها، ومعروف قدرها، وهذا ترك الزكاة عمداً فريضة من فرائض الله ...
على كل حال المسألة، هذه مسألة من مات وعليه زكوات، معروف عند أهل العلم ومبحوثة، والخلاف ظاهر فيها، لكن ما الذي يترجح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يصلى عنه، من ترك الصلاة عمداً لا يصلى عنه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا ماله، الذي وجبت الزكاة بعينه موجود، يعني لو أخر الزكاة عمداً، وجمع عشر سنوات ما زكى، هل يقال له: لا تزكي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يزكي بلا شك، لكن باعتبار أن المال انتقل من ملك الموروث إلى ملك الوارث لا بد من إذن الورثة، فإذا أخرجوا فالله -جل وعلا- يتولاه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: المال انتقل الآن من ملك المورث إلى ملك الوارث، فإذا جادت به أنفسهم كتصحيح الوصية، لو جنف مال في وصية، ثم صححوها ينتفع الموصي.
على كل حال هذه أمور يعني إذا اصطلح الورثة عليها، وجادت أنفسهم لوالدهم فيرجى.
طالب:. . . . . . . . .
ما أتردد في مثل هذا، أنا عندي أنه ينفع، ينفع -إن شاء الله-.

(142/9)


يقول: "حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة" أم سعد بن عبادة "فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد" يعني ما عندها مال، المال مال ولدها، والذي يملك الوصية هو صاحب المال "فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " ولذا أهل العلم يتفقون على أن الصدقة عن الميت تنفعه "فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها، لحائط سماه" يعني من ماله، فتصدق به عن والدته فيصل، ومثل هذا لو بنى مسجداً عن أبيه مثلاً، أو أوقف بيتاً وجعل غلته فيما ينفع أبيه بعد موته، يصرف في المصارف النافعة فإنه حينئذٍ يصل -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "وحدثني مالك" ...
النيابة عن الميت؟
طالب:. . . . . . . . .
الصورة الثانية يقول بها أكثر ممن يقول بالصورة الأولى من أهل العلم، لكن الصيغة واردة، لبيك عن فلان باعتبار ... الصيغة وصحة الحج نيابة في الجملة كأنه الأقرب، وإلا من يقول بالصورة الثانية أكثر ممن يقول بالصورة الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الصدقة متفق عليها بين أهل العلم، بخلاف الحج إذا كان مستطيعاً أو نفل، نعم.
قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أمي افتلتت نفسها" يعني أخذت بغتة فلتة، يعني ماتت فجأة "وأراها لو تكلمت" يعني لو ترك لها فرصة مدة، يعني مرضت وطالت بها المدة حتى تمكنت من الوصية، أو الصدقة لفعلت "وأراها" يعني أظنها "لو تكلمت تصدقت" لكنها فجأة "أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) ".
وهذا أعني موت الفجأة، هو الذي يخشى منه، أن يؤخذ الإنسان على غرة قبل أن يتصرف التصرف الذي ينفعه، ويكون زاداً له يوم القيامة، ولذا شرعت الوصية، وأمر بها، لا سيما على ما سيأتي التفصيل فيه، إذا كانت الوصية واجبة.

(142/10)


الآن مثل هذه التي أخذت على غرة، أخذت بغتة، ومثلها كثير، وموت الفجأة يكثر، لا سيما مع حوادث السيارات وغيرها، يعني لو الإنسان في حال السعة يحاسب نفسه، ويتصدق بما يريد الصدقة به، ويبرأ من عهدة بعض .. ، من عهدة ما يلزمه من حقوق لله -جل وعلا-، أو لعباده، كثير من الناس يؤجل مسألة الكفارات، ويتراخى فيها، ومع ذلك لا يكتبها، يعني مثل هذه الأمور إذا نسيت، وهي واجبة في ذمته يعاقب عليها، وامرأة تسأل عن كفارة جماع في نهار رمضان، قالت: لو لم أكفر ويش اللي يصير؟ تسأل؛ لأنه إن كان له أثر على علاقتها بزوجها، يعني تبي تسأل، وإن كان المسألة حساب في الآخرة ما هي معتبرة، طيب لو ما كفرت ويش يصير؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي لزمتها الكفارة.
طالب:. . . . . . . . .
هي لزمتها الكفارة قلت: العتق، قالت: من أين العتق؟ قلت: الصيام، قالت: الصيام الله المستعان يبدو أن الصيام هو السبب، قلت: الإطعام، قالت: طيب لو ما أكفر ويش يصير؟ المسألة مسألة دين، الذمة، الله المستعان، بعض الناس ما يهتم إذا كان الحق لله -جل وعلا-، ودين الله أحق بالقضاء.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أيو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الحديث السابق يدل على أن الصدقة تنفع سواءً كان فجأة أو غير فجأة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
"وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " يعني تصدق عنها.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا" يعني ماتا، والموت يعبر عنه بالهلاك {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر].
طالب: {فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [(34) سورة غافر].
نعم.

(142/11)


{حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] فقول الناس الآن: هلك فلان، هل هو بمعنى مات؟ أو حتى في التواريخ كتب التواريخ إذا قيل: هلك، يعني في الفرائض واضح، يستعملون هلك هالك، وفي النصوص ماشي في القرآن، وجاء مثله عندنا هنا "فهلك" لكن الاستعمال العرفي لهلك، يعني حينما يقال في التواريخ وتراجم الرجال: هلك في سنة كذا، هل يمكن أن تقال هذه الكلمة لرجل مرضي، أو إنما يعبر بها أو تطلق في حق من هو غير مرضي؟
طالب: غير مرضي.
نعم، هذا عرف واصطلاح خاص حادث، فهل يسوغ أن يقال: هلك مثلاً ابن باز سنة عشرين؟ هلك الألباني سنة عشرين؟ هلك فلان؟ العرف يعني ما في شك أن النص وارد، قيلت في حق يوسف، نعم {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] وهنا هلك، وهما من الصحابة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هو ما في شك أن الاصطلاح الخاص يقضي على المعنى العام، ويبقى أنه إذا كان المخاطب يعرف معنى الكلمة، وأنها استعملت استعمالاً شرعياً صحيحاً، وإذا قيلت له لم يكن في نفسه شيء، لا ما نع من استعماله، لكن إذا كان الاصطلاح الخاص قضى عليها، بحيث لا تعرف بين الناس، ولا يعرفها المخاطب، وإذا استعملت في حقه أنكرها، فحينئذٍ تكون مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.
يعني مات الأب المهدى إليه سيارة مثلاً، اشترى سيارة وأهداها لأبيه، فمات الأب عن خمسة من الأولاد، وخلف تركة، فكانت هذه السيارة من نصيب من أهداها، على مقتضى الحديث ما في إشكال، أقول: لا إشكال في ملكه لها بالإرث، لكن لو قال: هذه الصدقة مني على أبي لو بحثتم عن غيرها، فعوضتموني؛ لئلا أدخل فيمن عاد في صدقته، هل يحسن مثل هذا أو نقول: إن المسألة انتهت بوفاة المهدى إليه؟ وأجرك ثبت عند الله -جل وعلا-، وعادت إليك بالميراث، ولا فرق بينك وبين غيرك؟
طالب: الثاني أوجه يا شيخ.
نعم، هو الماشي على الحديث.
طالب: والأول ورع.

(142/12)


لكن لو قال هو ضد هذا، أهديت لأبي سيارة، وهي عزيزة على قلبي، ونفيسة عندي، لكنه أغلى منها، و {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وأنا أحب هذه السيارة، وأهديتها له، فمات وخلف هذه السيارة وسيارات أخرى، وأثاث وأمتعة وأموال، فقال: أنا أريد هذه السيارة، يعني عكس الصورة التي ذكرناها، هل يكون هذا من العود في الصدقة في الهبة؟
طالب: ما فيها عود؛ لأنها ملك له يتخير، مثله مثل غيره، يا شيخ بالإهداء انتهت ملكيته، بالوفاة تجددت ملكيته.
إيه، لكن قلنا: إنه في الصورة الأولى ما في إشكال حينما وصلت إليه من غير قصد، لكنه الآن قصدها يريدها.
طالب: حتى لو قصدها مثل الأول يخير يقول: والله أنا بيت في بريدة ما أبيه وأبي بيت في الرياض، وهو يقصد. . . . . . . . .، بل انتهت، الأول انتهى راح بينه وبين الله. . . . . . . . . والثاني هو الآن يخير بين أنواع الأموال، بلغت محلها الأولى.
بلغت، نفترض المسألة في غير الموت والإرث، أهدى لزيد من الناس كتاب ثم مات، فوجد الكتاب يباع، يعني في وقت حياته وجده يباع لا يشتريه، لكن بعد موته يشتريه وإلا ما يشتريه؟
طالب: خلاص انتقل الملك إلى ملك الورثة لبيع الورثة، ما هو للمهدى.
لكن أليس من الورع أن يترك؟ لأنه لا بد أن يحابى في مثل هذه الصورة.
طالب: من يحابيه؟
يحابيه إخوانه.
طالب: الورثة؟
الورثة إيه.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المسألة مسألة، أجل لو اشترى من وهبه أو تصدق به بأكثر من قيمته؟
طالب:. . . . . . . . .
انتفت العلة.
طالب: إيه، لكن حديث عمر النص، لكن هنا الآن ما فيها نص لأنه مات.
المقصود أنه قد توجد المحاباة الشبهة واردة.
طالب:. . . . . . . . .
الشبهة واردة، فكونه يعود إليه مع إمكان تعويضه بغيره لا شك أن هذا أولى، أما إذا لم يوجد غير هذه السلعة التي وهبها، وآلت إليه في الإرث، النص ظاهر في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
صدقة، صدقة تصدق بها، نوى الثواب بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا قدر زائد على النفقة، صدقة.
طالب:. . . . . . . . .
صدقة، صدقة، إذا كان يرجو الثواب من الله -جل وعلا- صدقة، نعم؟

(142/13)


طالب:. . . . . . . . .
على أبوه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، المعنى ينقلب، كيف تعود إليه؟ ما ترجع له في الميراث.
طالب:. . . . . . . . .
تصدق عن أبويه بمعنى أنها دفعت إلى غيرهما، كيف تعود إليه بالميراث؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا غلط، غلط.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن ويش لون تبي ترجع إليه بالميراث؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يصح المعنى.
سم.
أحسن الله إليك.
كتاب: الوصية
باب: الأمر بالوصية
حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته، أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك، ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء، حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).
قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته، ولا ما ذكر فيها من العتاقة، كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره.
قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى-:
كتاب: الوصية
باب: الأمر بالوصية
الوصية: فعيلة بمعنى المفعول، فالوصية هي الموصى به، وقد يراد بها الفعل، الفعل الذي هو الإيصاء، والحديث: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) فوصيته يحتمل أن يراد بها الموصى به مدون، أو أن فعل الوصية الذي هو الإيصاء مسجل مدون، ولا انفكاك بين الإيصاء والوصية إلا أن الوصية المصدر هنا يراد به الفعل، فعل الموصي، والوصية أكثر ما تطلق على اسم المفعول ما يوصى به.

(142/14)


قال -رحمه الله-: "وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" هذا أصح الأسانيد عند الإمام البخاري -رحمه الله- "-رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ)) " يعني ليس من حقه وعنده شيء يوصي به أن يؤخر الوصية، فيبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
ابن عمر بادر، فما نام تلك الليلة إلا وقد كتب وصيته، وهو معروف بالمبادرة ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان لا ينام من الليل إلا القليل.
في الحديث: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) حديث ابن عمر، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) فقال ابن عمر مباشرة: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" فابن عمر -رضي الله عنهما- صاحب مبادرة، وهذه دليل على قوة الإيمان، قوة الاقتداء والائتساء، وعرف بذلك -رضي الله عنه-، ولا شك أن المبادرة تدل على القوة والعزم، وأخذ الدين {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} [(63) سورة البقرة] لذا فرق كبير بين من أمر بذبح ابنه فتله للجبين، هذا تمام الامتثال، يكون بمثل هذا، وبين أمة تؤمر بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة].

(142/15)


ابن عمر يبادر إلى الامتثال ((ما حق امرئ)) ليس من حقه ((حق امرئ مسلم له شيء يوصي)) أو ((يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ليلتين النص صحيح، لا شك أن مفاد الخبر الأمر بالمبادرة بالإيصاء، لماذا لم يقل ليلة؟ ليلتين يمكن أن يموت قبل الليلتين، وإذا قلنا: ليلة لماذا لم يقل قبل ذلك لاحتمال أن يموت قبل مجيء الليل؟ ليس المقصود لا الليلة ولا الليلتين ولا الثلاث، إنما المقصود من الخبر المبادرة إلى كتابة الوصية، فليس من حقه أن يؤخر ويؤجل الوصية، ليس من حقه الواجب أو المستحب على حسب حكم الوصية، فإن كانت الوصية واجبة لزمه أن يكتب وصيته، ويدون ما له وما عليه، الذي عنده أموال يكتب وصيته، وبين ما له وما عليه، المدين يكتب أنه مدين لفلان ولفلان ويبين؛ لأنه لو مات من غير بيان ومن غير وصية لا شك أنه يعرض نفسه للسؤال عن هذا الحق، وديون الخلق أمرها وشأنها عظيم، مثل هذا لا بد أن يكتب، لو أن إنسان بينه وبين جاره جدار مثلاً، ويخشى من الورثة إذا مات أن ينازعوا الجار، فيقولون: الجدار لنا، فعليه أن يبين أن الجدار ليس له، إن لم يكن لهم، وهكذا لو أن إنساناً طلق زوجته طلقة مثلاً، ويخشى من طول العهد أن ينسى هذه الطلقة، عليه أن يكتبها، ويشهد عليها، وهكذا في الأمور الواجبة تجب الوصية، في الأمور المستحبة تستحب الوصية.
((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة)) في بعض الروايات: ((عند رأسه)) يكتبها، ويحافظ عليها، شخص من الأشخاص كتب الوصية ووضعها امتثل ووضعها تحت وسادته وحافظ عليها، فجعل يتقلب الليل كله ما نام، الليلة الأولى والثانية إلى أن مزق الوصية خاف من الموت؛ لأن الوصية غالباً أنها تقرن بالموت.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه تصور أنه بيهجم عليه الموت ليلتين.
طالب:. . . . . . . . .
فمثل هذا أقول: فيما يجب على الإنسان بيانه يجب أن يثبته، أنت افترض أن شخص طلق امرأته بعد الزواج بشهر شهرين سنة سنتين، ثم بعد خمسين سنة طلق الثانية، ثم بعد سنة أو سنتين طلق الثالثة، نسي الأولى، إذا لم يكتبها ينساها مع طول العهد، فقد يطلق رابعة وهو ناسي ... نعم؟

(142/16)


طالب: أكثر ما يورد سؤال. . . . . . . . .
المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من تقييدها وبيانها.
"قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني في المدينة "أن الموصي إذا أوصى في صحته أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك، فإنه يغير من ذلك ما بدا له" يعني الوصية عند أهل العلم إنما تثبت بالموت، فقبل أن يموت الموصي له أن يغير، وله أن يزيد، وله أن ينقص؛ لأن الوصية مرتبطة بالموت، لا تلزمه إلا بالموت، وقبل لزومها يجوز له أن يزيد، ويجوز له أن ينقص، ويجوز له أن يغير، ما في إشكال، بخلاف الوقف، الوقف من حين كتابته، أو من حين الإشهاد عليه، من حين إخراج ما يوقف من يده فإنه حينئذٍ يلزم، ولا يجوز له أن يزيد ولا ينقص ولا يغير.
"أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل" لماذا؟ لأنها لم تلزم بعد "إلا أن يدبر مملوكاً" يعني ما الفرق بين أن يقول: بيته هذا وصية، والوصية تثبت بالموت، وبين أن يقول: رقيقه هذا مدبر؟ يعني يعتق عن دبر حياته، يعني إذا مات، كلاهما مرتبط بالموت، يعدل في الوصية، ويرجع فيها، لكن لا يرجع في العتاقة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ لأن الشرع يتشوف للعتق، وإلا فكأنه علق عتقه.
لو قال: هذا البيت إذا مت فهو وقف، يعني علق إيقافه على موته، حكمه حكم الوقف، أو حكمه حكم الوصية؟ الوصية لا تثبت إلا بالموت، والتدبير يثبت باللفظ الذي يخرج من يده باللفظ، لكن له أن يستعمله حتى يموت، ولا يعتق إلا بموته، فإذا قال: بيته هذا وقف إذا مات، فهل حكمه حكم الوصية يغير فيه، أو نقول: إنه وقف معلق بشرط؟ يعني كما لو قال: إذا جاء رمضان فبيته وقف؟
طالب: يختلف يا شيخ، كلام مالك نص، كلام مالك بأنه وصية لجميع الورثة. . . . . . . . .
هذا إذا قال: وصية، إذا كانت وصية، الوصية لا تثبت إلا بالموت، لكن الوقف المعلق على شرط؟
طالب: تثبت بشرط.
شرط سواءً كان دخول رمضان أو وفاته.

(142/17)


طالب: إيه، لكن هذا إذا كان هو يريده وقفاً أصلاً، لكن إذا هو أوصى أن يكون هذا البيت وقف، فهو نوع من الوصية، هنا الإشكال، ما هو مثل لو قال: ها البيت هذا إذا مت أنا فهو وقف، وبينا وأنا أكتب وصيتي أني أوصي أن بيتي اللي يعادل ثلث مالي أنه يكون وقف، أو يكون ريع، يعني نوع من أنواع ....
لا، المدبر انتهى؛ لأن الشرع يتشوف، لكن الطلاق إذا قال: إذا جاء رمضان فزوجته طالق، وأراد أن يرجع قبل وقوعه، قبل وقوع الطلاق، يرجع وإلا ما يرجع؟
طالب: يرجع.
يرجع وإلا ما يرجع؟
طالب: على الصحيح أنه يرجع.
يعني إذا علق على شرط محقق، إذا علق الطلاق على شرط محقق، عامة أهل العلم على أنه يقع، الجمهور على أنه يقع، مجرد دخول رمضان تطلق المرأة، علقه على شرط محقق، فإذا أوقف بيته وعلقه على شرط محقق؟
طالب: يقع.
يعني هل وقوع الطلاق من النطق أو من حصول الشرط؟ من حصول الشرط بلا شك، لو مات قبل رمضان فهي زوجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن عندنا صور، إذا أوصى بثلث ماله، وكتب هذا وصية، معروف أن مثل هذه الوصية له أن يتصرف فيها، فيزيد وينقص، ويلغي ويبدل، له أن يرجع عن الوصية بالكلية، لم تلزم بعد، وبين أن يقول: إذا مت فغلامي حر، يعني دبر حياته يكون تدبير، وليس له أن يرجع كما قال الإمام مالك، وإن كانتا متقاربتين، لكن بالنسبة للعتق الشرع يتشوف لمثل هذا، لكن لو قال: إذا مات فزوجته طالق يقبل كلامه؟ ما يقبل بالكلية، لا يمكن أن يقع مثل هذا الطلاق، لكن لو قال: إذا دخل رمضان فزوجته طالق، فالجمهور على أنها تطلق؛ لأنه شرط علق على شرط محقق.
وهل يقصد بذلك بحال من الأحوال أنه يريد أن يحث هذه الزوجة أو يمنعها؟ لا، إنما يريد إيقاع الطلاق، فهذا الطلاق واقع لا محالة.
إذا قال: إذا جاء رمضان فبيتي وقف، أو إذا مت فبيتي وقف، ويش الفرق بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يصير وصية وإلا وقف؟
طالب: هذه وصية.
طيب والثاني إذا جاء رمضان؟
طالب: إذا جاء رمضان لأنه. . . . . . . . .
مما تكرر ....
طالب:. . . . . . . . .
المسألة العلم عند الله -جل وعلا-، لكن المقدمات معلومة الآن.
طالب:. . . . . . . . .

(142/18)


المقدمات معلومة لنا، مات قبل رمضان هل هذا وقف وإلا ما هو بوقف؟
طالب: مثل الذي قال: إذا جاء رمضان فزوجتي طالق ومات قبل رمضان تطلق وإلا ما تطلق؟
الزوجة ما تطلق؛ لأن ما علق عليه لم يقع.
طالب: طيب، لو هو قال: أنا بيتي إذا جاء رمضان فهو وقف ومات قبل رمضان هل يدخل ضمن التركة أو يدخل ضمن الوقف؟
لا، هو انتقل إلى الوارث قبل نفوذ الوقف.
طالب: قبل نفوذ الوقف، لكن لو قال: لو مت هذا البيت وقف، لو مت هذا البيت قبل الوقف وأفلس ومات. . . . . . . . .
ومات قبل الرجوع؟
طالب: لا هو ما بعد أفلس. . . . . . . . . ليس عنده شيء؟
عنده البيت هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا تصرف، لكن إن قلنا: وقف لا يجوز له التصرف، وإن قلنا: وصية يجوز له التصرف.
طالب:. . . . . . . . .
والفرق بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
"ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل، إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ".
"قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته ولا ما ذكر فيها من العتاقة كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره" يعني يوصي على أي حال من الأحوال، حتى في مرض موته المخوف له أن يوصي بالثلث فأقل على ما سيأتي.
قال مالك.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: هذا ما لم يضر وإلا لا؟
الثلث يملكه ولو أراد الإضرار.
"قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير" لأنه ينفذ فوراً، ويبقى ينتفع به إلى مجيء الشرط.
اللهم صل على محمد ....

(142/19)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (16)
باب جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه - وباب: الوصية في الثلث لا تتعدى

الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه
حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إن هاهنا غلاماً يفاعاً لم يحتلم من غسان، ووارثه بالشام، وهو ذو مال، وليس له هاهنا إلا ابنة عم له، قال عمر بن الخطاب: فليوص لها، قال: فأوصى لها بمال يقال له: بئر جشم، قال عمرو بن سليم: فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسان حضرته الوفاة بالمدينة، ووارثه بالشام، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقيل له: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوص، قال يحيى بن سعيد: قال أبو بكر: وكان الغلام ابن عشر سنين، أو اثنتي عشرة سنة، قال: فأوصى ببئر جشم، فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به، فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصية له.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جواز وصية الصغير
يعني الذي لم يبلغ الحلم.
والضعيف
في رأيه الذي لا يمنعه من النظر.
والمصاب
يعني في عقله ورأيه، بحيث يمنعه النظر في وقت دون وقت.
والسفيه.
الذي لا يحسن التصرف في المال، وإن كان عاقلاً.

(143/1)


"حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إن ها هنا غلاماً يفاعاً" إن ها هنا غلاماً يعني لم يبلغ الحلم "يفاعاً" يعني: يافعاً، واليفاع المكان المرتفع، هذا اليفاع، واليافع: الغلام الفتي القوي، إلا أنه لم يبلغ الحنث، لم يبلغ الحلم، وبعضهم ينكر إطلاق يفاع على اليافع إلا أنه من حيث أصل الكلمة، وأن اليفاع إنما يطلق على المرتفع، فلعل هذا كان له شيء من الوصف بالارتفاع، إما في بدنه بأن يكون طوالاً، أو في رأيه بأن يكون مرتفعاً على أقرانه، بحسن تصرف، وما أشبه ذلك، المقصود أن إطلاقه عليه من هذه الحيثية.
"لم يحتلم" يعني لم يكلف، هل يلزم من كونه لم يحتلم أنه لم يكلف؟ أو من لازم عدم الاحتلام عدم التكليف؟ هل يمكن أن يكلف بغير احتلام؟ بالإنبات أو ببلوغ السن؟ لكن إذا قالوا: لم يحتلم، ما الفائدة من نفي الاحتلام هنا مع أنه مكلف بغيره؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
لا فائدة منه.
طالب: لكن هل ينص على أنه كان بالغاً، مكلف ... ؟
لا، إذا قيل: لم يحتلم ...
طالب: ينفي التكليف.
هنا ينفي عدم الاحتلام صراحة، وعدم الاحتلام صراحة نفيه لا يقتضي نفي أن يكون مكلفاً بغير الاحتلام، مكلفاً ببلوغ السن، مكلفاً بالإنبات ولو لم يحتلم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا فائدة من نفي الاحتلام إلا نفي التكليف، لا فائدة ألبتة من نفي الاحتلام، ولو قيل: إن لم يحتلم نص في عدم التكليف لما بعد، لماذا؟ لأن الاحتلام أمر خفي، يعرفه نفس من كلف به، أو من حوله، لكن الذي قال: هذا الكلام، ونفى عنه الاحتلام من؟ من الذي نفى عنه الاحتلام؟
طالب:. . . . . . . . .
أن عمرو بن سليم أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن ها هنا ... ، الراوي المبهم، نعم، المبهم، أنه قيل لعمر بن الخطاب، الآن إبهام مثل هذا يضر في الخبر وإلا ما يضر؟
طالب: يضر.
يعني من القائل لعمر؟ عمرو بن سليم أخبره، الزرقي أخبره، أخبر أبا بكر بن حزم أنه قيل يعني أخبره بالقصة، والقائل هل هو من الإسناد أو من المتن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .

(143/2)


لننظر مدى تأثير جهالة الشخص في الخبر، الآن أبو بكر بن حزم يروي القصة عن عمرو بن سليم.
طالب:. . . . . . . . .
أبو بكر هو الأب، أبو بكر بن حزم يروي الخبر عن عمرو بن سليم، وأمه هي طرف في القضية، أنه قيل لعمر بن الخطاب، فهل القائل لعمر الذي كني عنه، بل أبهم في الخبر، هل هو من السند، فيتأثر السند بإبهامه، أو من المتن فلا أثر له؟
طالب: .... قال: فأوصى لها بمال.
لكن عمرو بن سليم الزرقي أدرك عمر؟ هل هو أدرك عمر ليحكي قصة أدركها؟ أو لم يدرك هذه القصة فيكون قد رواها عن صاحبها أو غيره؟ وكل منهما لم يسم، وحينئذٍ يتأثر الخبر، فإن كان عمرو بن سليم أدرك القصة، ولا سيما أن أمه طرف في القضية، هي التي أوصي لها، والذي يغلب على الظن أنه أدركها.
طالب: أدرك أمه وإلا أدرك عمر؟
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو عمرو بن سليم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه أدرك القصة فيما يغلب على الظن.
"أنه قيل لعمر -يعني بحضرته- إن ها هنا غلاماً يفاعاً لم يحتلم من غسان، وارثه بالشام، وهو ذو مال" هذا بالمدينة وورثه بالشام "وليس له ها هنا إلا ابنة عم له، فقال عمر بن الخطاب: فليوصِ لها" يعني قرب الوارث هل له أثر؟ هل له أثر أو ليس له أثر؟ وارثه في الشام، يعني سواء الوارث قريباً أو بعيداً، الأحكام الشرعية لا تتغير بهذا "وليس له ها هنا إلا ابنة عم له" إن كان ذكر ابنة العم، وذكر قربها منه في المكان من باب إذا حضر القسمة أولو القربى، نعم، لكن هل هذا وقت القسمة أو قبل القسمة؟
طالب: قبل.
يعني إذا كان بعيداً، قد يكون بعيداً في المكان، أو بعيداً أيضاً في النسب، إلا أنه من العصبة الوارثين، وهذه أقرب منهم في النسب إلا أنها من ذوي الأرحام مثلاً، فلها قرب المكان، ولها قرب النسب، فهي حرية بهذه الوصية.
"وليس له ها هنا إلا ابنة عم له، قال عمر بن الخطاب: فليوص لها" يعني من غير الميراث، يعني مما يملكه من الثلث فأقل "قال: فأوصى لها بمال يقال له: بئر جشم، قال عمر بن سليم الزرقي: فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي" الراوي.

(143/3)


عندنا مسألة وصية الصغير، هل للصغير أن يوصي أو ليس له أن يوصي؟ عمر -رضي الله عنه- أمره بأن يوصي لها، فماذا عن وصية الصغير؟ الترجمة في الكتاب، يقول: باب جواز وصية الصغير، الثلث فما دون لا ينازع فيه سواء كان صاحبه كبيراً أو صغيراً، ولا يشاحح فيه، فهل لهذا القدر الذي لا ينازع فيه ولا يشاحح فيه من الثلث فأقل هل للصغر والكبر فيه أثر؟ إذا كان يصح من المريض الذي يتهم بحرمان الورثة، المريض الذي يتهم، يعني إذا اتهم إنسان بوصيته أن يحرم الورثة من هذا الثلث، تنفذ وإلا ما تنفذ؟
طالب:. . . . . . . . .
الثلث يملكه، فعلى هذا لا أثر للصغر ولا للكبر، ما دام يملكه، وينفذ من الكبير الذي اتهم بحرمان الوارث، فلا أن ينفذ من الصغير الذي لم يتهم يعني من باب أولى، وقل مثل هذا في الضعيف، ضعيف الرأي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن افترض أنه كبير، ومحجور عليه.
طالب: ما يتبرع، هل يجوز تبرع المحجور؟
ما يقبل تبرعه إذا كان يضر بمن حجر من أجله، إذا كان الحجر لمصلحته هو شيء، إذا كان الحجر لمصلحة غيره شيء آخر، إذا كان يضر بالآخرين ما ينفذ، لكن هذا لمصلحته.
طالب: لكن هنا في الحديث منفي؛ لأن عمر هو الذي أذن؛ لأنه ليس له وارث، يعني ليس له ولي، فعمر ولي أمر المسلمين أنفذ وصيته.
إيه، لكن البحث في أصل المسألة، هذا الصبي غير مكلف، هذا غلام غير مكلف، تصح وصيته وإلا ما تصح؟
طالب: تصح، تنفذ.
هو في الأصل محجور عليه، لكنه محجور عليه لحظه أو لحظ غيره؟
طالب: لحظه.
فرق بين من يحجر عليه لحظه، وبين من يحجر عليه لحظ غيره.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسان حضرته الوفاة في المدينة ووارثه بالشام، فذكر ذلك لعمر فقيل: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوص" والقصة واحدة.
"قال يحيى بن سعيد: قال أبو بكر: وكان الغلام ابن عشر سنين، أو اثنتي عشرة سنة" وهذا يؤكد أن معنى لم يحتلم لم يكلف "قال: فأوصى ببئر جشم فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم" عرفنا الموصي والموصى له والموصى به، وكل أطراف القضية في هذه الطرق.

(143/4)


"قال يحيى: سمعت مالكا يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله" ما لم يصل إلى حد الجنون المطبق، أما الجنون المتقطع فينفذ تصرفه إذا أفاق، وقت إفاقته ينفذ تصرفه؛ لأنه مكلف، ووقت جنونه وعدم إدراكه لا ينفذ "قال: والمصاب الذي" "الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم، إذا كان معهم من عقولهم" الصبي الذي يناهز الاحتلام والمصاب في عقله الذي يفيق أحياناً، والسفيه والضعيف في عقله الذي لا يصل إلى حد الجنون، هؤلاء "معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به" فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصية له، نجد بعض الناس لا يصنف مع العقلاء، وإن تصرف التصرفات التي هي في الأصل من تصرفات العقلاء، يعني شخص مرفوع عنه التكليف، معتوه، ومع ذلك إذا صلى يصلي صلاة صحيحة، وأحياناً يؤم الناس، فهل تصح صلاته؟ وهل تصح إمامته؟ لأن مثل هذا وإن لم يكن لديه عقل قد يكون عنده قوة مدركة يدرك فيها ما ينفعه وما يضره، ويستطيع بها أن يقلد من أراد تقليده، و .... والمسألة نعاني منها، شخص عندنا في المسجد، من جماعة المسجد، يعني ما يصنف مع المكلفين، لكنه مع ذلك ما تنقد عليه شيء في صلاته إلا أنه أحياناً يسجد قبل الإمام، وكثيراً ما يؤم المتخلفين، فيسألون عن صحة صلاتهم؟ يصلي صلاة صحيحة،. . . . . . . . . فيه شيء مما يلاحظ عليه، تصح صلاته وإلا تصح؟ تصح إمامته؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا أقل، أقل من. . . . . . . . .، بس أحياناً يسجد قبل الإمام، وأحياناً ....
طالب:. . . . . . . . .
عمرو بن سلمة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا معروف تمييزه واضح، لكن أحياناً يجيك ناس ما يدرون عن واقعه، ويصفون وراءه، ويصلي بهم، لا سيما في السرية، أما الجهرية ما أظن ...
طالب:. . . . . . . . . أطفال التوحد المنغوليين. . . . . . . . .

(143/5)


إيه مشكلتهم مشكلة، هؤلاء إن نظرت إليهم من جهة إلا أنهم يدركون بعض الأشياء، أمس في السؤال على الهاتف جاء سؤال، تقول: عندها بنت منغولية، وكلفت وتصف وتصلي، وما عندها إشكال، إذا ناداها أحد جاءت وهي تصلي، نسأل الله السلامة، يعني مثل هؤلاء يبتلى فيهم المسلم، ويؤجر عليهم بقدر صبره عليهم، وإحسانه إليهم، لكن مسألة الأحكام الشرعية.
طالب: الأطباء يصنفونهم أنهم غير أسوياء.
هم غير أسوياء، لكن عندهم قوات مدركة تدرك، إذا كان بعض البهائم تدرك بعض الأمور.
طالب: يعني الأوربي التوحدي ممكن، لكن لو أهمل، لا ولا شيء، نسأل الله العافية والسلامة، قريب من المجنون.
طالب: بعض هؤلاء يا شيخ الأمور المالية ما. . . . . . . . . والعبادات والمخالفات الشرعية ....
يضبط المال دون العبادة؟
طالب: ما هو بضبط مال، قصده في حوزته، لكن لو. . . . . . . . . ممكن يؤخذ. . . . . . . . .
طالب: يحرص عليه ....
طالب: إيه.
لا هم أحرص الناس.
طالب: .... لأنهم ربوا على هذا الشيء، لا يضيع ريالك، لا يجئ ريالك، راح ريالك ... لا يضحك عليك فلان، ربي ... لكن لو جاء طفل .... وأخذ رياله واللي معه.
لا هو الإشكال في قول مالك: الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق .. ، المصاب الذي يفيق أحياناً لا شك أن هذا ما فيه إشكال؛ لأنه وقت الإفاقة مكلف تكليفاً كاملاً.
طالب: الضعيف في عقله ما يحمل على مثل الذي يخدع في بيعه؟
يعني تصرفه ليس تصرف الأسوياء، لكنه عنده أموال ومكلف، ومثله السفيه، السفه في المال معروف، هذا يحجر عليه لحظه، فمثل هذه الوصية على مقتضى حكم أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- أنها تنفذ وصيته.
ولذلك يقول الإمام مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم" يعني تصح "إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به" يعني عندهم إدراك لهذا التصرف، فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصيه له، إلا إذا كان جنونه مطبق هذا لا وصيه له.
طالب:. . . . . . . . .
يوصي بنفسه تحت نظر والده، يعني لوليه أن يعترض.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟

(143/6)


طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه تحت نظره، لا يتصرف أكثر من تصرفه الشرعي.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لمثله، يعني لما يصح لمثله، أو شخص مكلف تام التصرف يوصي بثلثه إلى ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا ينافي مقتضى الوصية، ينافي مقتضى العقد، الوقف الشرعي، فالذي لا يحقق الهدف الشرعي من الوصية ومن الوقف لاغي، لا قيمة له.
طالب:. . . . . . . . .
هذه عقوبة لاغية، لا قيمة له، الآن تأتي كتب -كتب البخاري مثلاً-، أو تفسير الطبري وغيره موقوف على قبر، على ضريح الشيخ فلان، أو موقوف على الزاوية التيجانية في كذا، بلدة كذا، هل نقول: إنها أوقاف صحيحة وتصرف إلى مصرف شرعي بدلاً من أن يكون على الضريح يكون على مسجد؟ بدلاً ما يكون على زاوية صوفية يكون على رباط علمي، أو نقول: إن الوقف باطل؟ وحينئذٍ يباع ويشترى كأنه لم يوقف؟
طالب: باطل.
يعني هل تعديل المكان من المحظور إلى المباح أو المطلوب هل هو مثل تصحيح الوصية التي فيها جنف، ومن إصلاح الوصية، فيبقى الوقف وقف؟ خرج من يد المالك، ومن يد وارثه، إلا أنه بدلاً من أن يكون على ضريح يكون على مسجد، وبدل من أن يكون على زاوية صوفية يصرف إلى مدرسة علمية.
طالب:. . . . . . . . . سداً لباب الذريعة يا شيخ، وهذا يخالف لأصل الوقف، يمنع. . . . . . . . . دخل في الأوقاف ...
لكن ما ينظر إلى هذا الواقف هل هو معذور بجهله؟
طالب: لا هذا شيء آخر.
لا، لا، من أجل أن ينفذ، تنفذ قربته، تكون مقبولة عند الله -جل وعلا-.
طالب: لكنه مثل إذا علم، إحنا نتكلم ممن يخدمون مثل هذه الأماكن، يعني ونصح، وبين له، لكنه مصر على أن هذه حق، سواء مثله مثل ما يقول الأخ: إنه يوقف على جمعية الحمول وما شابهها، أو ما سمعنا أن يوقف أرضه يبنى عليها سينما،. . . . . . . . . نعوذ بالله.
لا، هذا ما ينوي التقرب، لا فنون ولا سينما ما ينوي التقرب، هذا من الأصل مضاد لما شرع الوقف من أجله.
طالب: وهذا يتقرب للقبر ألعن منهم كلهم.
هذا متقرب للميت.

(143/7)


هذا أسهل من جهة، الذي يوقف على سينما أو على فنون أو أغاني أو مجون، أو ما أشبه ذلك، أسهل ممن يقف على قبر من جهة، لكن ذاك ما ينوي القربة وهذا ينوي القربة، ذاك قد يكون معذور بجهله، وهذا ...
طالب: لا العذر بالجهل شيء، لكن هذا ينوي القربة لمن؟ لصاحب القبر.
لا، لا، يتقرب إلى الله -جل وعلا- بجعل صحيح البخاري عند هذا القبر، يتقرب إلى الله -جل وعلا-.
طالب: هو معذور، لكنه حسم المادة والمنهج ....
شيخ الإسلام يقرر إذا كان الوقف لا يحقق الهدف الشرعي الذي من أجله شرع الوقف فإنه ليس بوقف، ولذلك الآن والأمور الآن يصعب تحقيقها وتمحيصها، أوقاف بالملايين، نعم أوقاف ريعها بالملايين، وإذا جئت إلى الوقف فإذا هو سوق مختلط، فيه ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه، أو أبراج سكنية، فيها من يجوز تأجيره، ومن لا يجوز تأجيره، هل نقول: إن هذا لا يحقق الهدف الشرعي فهو باطل؟ يعني سوق كامل ريعه ثلاثين مليون وقف، من تاجر محسن، ويصرف على الدعوة، وعلى تحفيظ القرآن، وعلى مصارف البر، ومع ذلك المحلات فيها الدشوش، وفيها المنكرات.
طالب: هذا يا شيخ ما هو البلوى من الوقف، من ناظر الوقف هو المفسد.
لا، لا، الواقف موجود.
طالب: موجود.
موجود.
طالب: إذن يبصر، يقال له: اتق الله في وقفك وأن هذا ما يجوز، وتقرب إلى الله بالطاعة.
تتصور عمارة بكاملها وقف أسفلها الدور الأرضي بنك، والأدوار الأخرى مؤجرة على أناس ...
طالب:. . . . . . . . . الوقف.
فمثل هذا لا يحقق الهدف الشرعي.
طالب: إن الله تعالى طيب.
فهل نقول: إن الوقف نفذ ويصحح على مقتضى أن نظر الشرع، أو نقول: إن الوقف باطل باعتبار لا يحقق الهدف الشرعي؟
طالب: لا يحقق الهدف الشرعي.
طيب، افترض أن صاحب الوقف يفرح بمثل هذا الكلام، إذا قلنا: باطل، ولا يحقق الهدف الشرعي، بيرجع له.
طالب:. . . . . . . . .
ندم ندم على ذلك ...
طالب: ندم؟
ندم، فهل يرجع إليه أو نقول: خرج من يدك ويُصحح؟ المسألة تحتاج إلى حكم، لا وموجود أيضاً الأمثلة كثيرة، ما هي بقليلة.
طالب: لكن هو الحديث: ((إن الله تعالى طيب)) هذا ما هو مستفيد في شيء، ويش الثمرة منه طال عمرك؟

(143/8)


يعني شخص وقف أرض مقبرة، أوقفها مقبرة، فلما ارتفعت قيمة الأراضي، وعنده ورقة تملك، وكتب خلفها أني وقفتها مقبرة، فألصق عليها ورقة ثانية، من أجل أن .. ، هو رجع عن الوقف، ولا يجوز له أن يرجع بحال، عاد في الوقف، وهذه المسألة قائمة، فالقاضي تحايل على هذه الورقة وفصلها، وأثبت الوقف، فالآن لو كان هذا الوقف الذي أوقفه مقبرة، ونص على أنها تزاول فيها شيء من البدع، أو شيء من التي لا تجوز شرعاً، في الأمور التي لا تجوز، لا شك أن هذا يخالف مقتضى الوقف، إذا كان الخلل موجود محل عقد، إذا كان مصاحب للعقد فالوقف باطل، إذا كان الخلل متأخر عن العقد.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا يصحح ولا فيه إشكال، والوقف ثابت، فمثل هذه الأمور لا بد من مراعاتها؛ لأن الأمور مختلطة الآن، والإنسان يحتار إذا أراد أن يتصرف تصرف شرعي يحتار، يعني ما يدري أنه .... ، الآن شخص عنده أموال يريد أن يستغلها فيما يستفيد منه في دينه ودنياه، في دنياه وأخراه، يصعب عليه، نعم الحمد لله الأبواب كثيرة، لكن يبقى أن صاحب التحري والورع يصعب عليه مثل هذا.
طالب: لو كان عمارة، عمارة وقف أجرت على مكان إدارة السجون، فينبغي لراعي الوقف أن يتحرى من كل السجون. . . . . . . . .
لا لا مفردات الأمور ما يبحث عنها.
طالب: فيه من يبيع الملابس هذه تحصل، ناظر الوقف يدور عليهم دائماً ....
يبيع دشوش مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا كان يزاول فيه المحرم فلا يجوز.
طالب: .... من أجل يدور ناظر الوقف كل يوم يدور على. . . . . . . . .
طالب: هو مؤجر، مؤجر الدكان يبيع دشوش.
طالب: أو على راعي المحل إذا كان .... ويش دخله ....
شوف مفردات الأمور ما يبحث عنها، لكن الكلام في الإجمال، جاءك شخص تعرف أنه يغلب على الظن أنه يستعمله فيما حرم الله -جل وعلا- ما تأجره، لكن شخص عرفته عليه علامات الخير، ويغلب على ظنك أنه يستعمله فيما أباحه الله، فخرج من أولاده من عنده مخالفات، إيش تقول: ما أجره؟ مفردات الأمور ما يبحث فيها ودقائقها، لكن الكلام في الجملة.
طالب:. . . . . . . . . على المحلات التي تبيع حلال ما تبيع حرام يقال ...

(143/9)


خليها تحت، إذا تعطلت منافعه ينقل.
طالب:. . . . . . . . .
إلى أقرب مصر، إلى أقرب جهة قريبة.
نعم اقرأ.
أحسن الله إليك

باب: الوصية في الثلث لا تتعدى
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) فقلت: فالشطر؟ قال: ((لا)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت حتى ما تجعل في في امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)).
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يوصي بثلث ماله لرجل ويقول: غلامي يخدم فلاناً ما عاش، ثم هو حر، فينظر في ذلك فيوجد العبد ثلث مال الميت، قال: فإن خدمة العبد تقوم ثم يتحاصان، يحاص الذي أوصي له بالثلث بثلثه، ويحاص الذي أوصي له بخدمة العبد بما قوم له من خدمة العبد، فيأخذ كل واحد منهما من خدمة العبد، أو من إجارته إن كانت له إجارة بقدر حصته، فإذا مات الذي جعلت له خدمة العبد ما عاش عتق العبد.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الذي يوصي في ثلثه فيقول: لفلان كذا وكذا، ولفلان كذا وكذا، يسمي مالاً من ماله، فتقول ورثته: قد زاد على ثلثه، فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم، ويأخذوا جميع مال الميت، وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت، فيسلموا إليهم ثلثه، فتكون حقوقهم فيه إن أرادوا بالغاً ما بلغ.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الوصية في الثلث لا تتعدى

(143/10)


الوصية لا تتعدى هذا المقدار الذي حده النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثلث، والثلث كثير.
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه" سعد، أحد العشرة المبشرين بالجنة "أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع" زيارة المريض سنة مؤكدة، جاء الأمر بها، وأنها من حق المسلم على أخيه، ونقل الإجماع على أنها سنة، والبخاري -رحمه الله- يقول: باب وجوب عيادة المريض، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعود أصحابه، فعاد سعداً وعاد غيره، وعاد جابر بن عبد الله، وهو مغماً عليه، وترجم الإمام البخاري: باب عيادة المغمى عليه، وبعض الناس لا يعود المغمى عليه، لماذا؟ لأنه لا يعرفه، إذا لم يعرفك فالله يعرفك، وأجرك ثابت على الله -جل وعلا-، وإن لم يعرفك.
طالب: لوجدتني عنده.

(143/11)


لو الناس في الجملة كثير منهم تخفى عليه مثل هذه المعاني، فتكون عياداتهم حتى دخل في العبادات، يعني الصلاة، الصلاة على الميت، إذا كان بينه وبين أهل الميت معرفة صلى عليه وإلا فلا، إن كان بينه وبينه معرفة تبع الجنازة وإلا فلا، إن كانت بينه وبينه معرفة سلم عليه وإلا فلا، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عاد جابراً وهو مغمى عليه، فتوضأ ونضح عليه من وضوئه، وفاق -رضي الله عنه وأرضاه-، فالمقصود أن عيادة المريض قال بوجوبها البخاري -رحمه الله-، قال: باب وجوب عيادة المريض، ونقل النووي الإجماع على أن عيادة المريض سنة، ومعروف بتساهله في نقل الإجماع، فعلى الإنسان أن يحرص، يحرص أشد الحرص على مثل هذه الأمور، ولا شك أن هذا من علامات التوفيق، يعني كون الإنسان يحرص على عيادة المريض، يحرص على زيارة المقابر، يحرص على الصلاة على الجنائز، يحرص على اتباع الجنائز، يحرص على أبواب الخير كلها، هذا من العناية الإلهية لتوفيق الشخص، وهذا لا يعوق عن أمر، عن أي أمر من أمور الدنيا فضلاً عن أمور الآخرة؛ لأنه من أمور الآخرة، بعض الناس تجده يحرص بل يومياً يصلي في المساجد التي فيها الصلاة على الجنائز، وبعض الناس لا يرفع بذلك رأساً، بل العكس وجد بعض الناس في مسجد والصلاة على الجنازة قد شرع فيها الإمام وهو جالس، كسل وحرمان، بل أنا كلمت شخصاً، قلت: لماذا لم تصل على هذا الجنازة ولك قيراط، والقيراط مثل جبل أحد؟ قال: أمس صليت على واحد، الحرمان ما له نهاية، فمثل هذه الأمور تجد إن سعيكم لشتى، تجد الجنازة بين يديه ولا يصلي عليها، تجد آخر يضرب آباط الإبل من أجل أن يصلي على الجنازة، فمثل هذه الأمور ينتبه لها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- زار سعداً وعاده في مرضه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأصل أن يكون العمل لله -جل وعلا-، هذا الأصل، والباعث والناهز له التقرب إلى الله -جل وعلا-، ثم إن تبع ذلك ما يرجح ويزيد من كونه صلة رحم، وكونه يترتب على الترك أمور، أو على الفعل أيضاً أمور هذه أمور تحتف بالمسألة لا من أصلها.
طالب: .... يعود كل مريض ...

(143/12)


لعل الوجوب في مثل هذا، الوجوب الكفائي، بحيث يستحيل في حق الناس كلهم أن يقوموا بهذه الواجبات بأعيانهم في كل قضية من القضايا، يعني مات شخص بالرياض مثلاً، هل يتعين على جميع أهل الرياض أن يصلوا عليه؟ ما يلزم، ولا يقول بهذا أحد.
طالب: بدليل المرأة لما ماتت ولم يخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نعم.
طالب: يعني من باب لو فرضت أن فلان توفي قريب هل أذهب أصلي من باب .... بغض النظر، لكن من باب ....
يعني إذا استحضرت هذا لا شك أنك امتثلت.
طالب: لكن ليس فرض.
هو في الأصل على تقرير الإمام البخاري -رحمه الله-: باب وجوب زيارة المريض، لا يتصور أن الإمام البخاري يوجب على أعيان الناس كلهم أن يزورا هذا المريض، لا يتصور أنه يوجب هذا على جميع الناس، إنما وجوب كفائي، فيما يدخل السرور عليه وينفعه، يعني لا شك أن المريض ينتفع بهذه الزيارة، والزائر أيضاً ينتفع.

(143/13)


"جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع، من وجع اشتد بي" يعني حتى أنه خيل إليه أنه يموت في هذا المرض، من شدة وجعه "فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال" يعني صاحب مال "ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ " لأنه توقع أن هذه البنت يكفيها الثلث، لو أن معها أخاً لها ما استحقت أكثر من الثلث، والآن تفردت بالمال، إذن يكفيها الثلث "فقال: أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) " مثل هذه الأمور الشرعية إنما هي لجميع الناس، وإلا لو نظر إلى أفرادهم فثلث بعضهم يعادل أضعاف أضعاف أموال كثير من الناس، نعم، ما ينظر إلى كل شخص بعينه، القاعدة الثلث والثلث كثير، سواء كان المال كثير أو قليل، ما يقال: هذا والله يملك مليار بدل ما يتصدق بثلث ما عنده إلا ولد يكفيه مائة مليون الولد ذا، يتصدق بالباقي، وش اللي يسوي بهذه الدراهم؟ لا هذه قاعدة شرعية، ما ينظر فيها إلى الأفراد؛ لأن الأفراد لو نظر إليهم لاحتجنا إلى نص في كل فرد فرد، وقل مثل هذا في: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)) يعني ما وكل الأمر إلى التمييز، يعني التمييز قد يميز الطفل لأربع سنوات، وقد لا يميز إلا لعشر سنوات، لكن الغالب يعني ما يشذ عن هذا إلا نادر التمييز في السبع، فالأحكام العامة ينظر فيها إلى العموم، ما ينظر فيها إلى الأفراد، يعني ينظر إلى قدر ينضوي تحته أكثر الأفراد، وهنا: "أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) " ما نظر إلى أن هذه بنت واحدة، الثلث يكفيها ويزيد عليها، لا، قعد قاعدة عامة، قال: ((لا)) قال: قلت: فالشطر؟ قال: ((لا)) ثم قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((الثلث والثلث كثير)) وأبو بكر -رضي الله عنه- أوصى بما رضي الله به لنفسه وهو الخمس، ومنهم من يوصي بالربع، ومنهم من يوصي بدون ذلك، كل له ملحظه، لكن الثلث كثير، هذا النص بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) بعض الناس أدخله في جميع الأبواب، ومفهومه أن ما دون الثلث قليل، الربع قليل، وأدخله في كثير من الأبواب، حتى أنهم أدخلوه في باب الربا مثلاً، قالوا:

(143/14)


إذا كان أقل من الثلث ما فيه إشكال، من يقل بهذا؟ هل سبق إليه أحد من أهل العلم؟ الثلث، إذا قيل: أقل من الثلث بقليل خلاص، صار قليل يوصف بأنه قليل، والقليل لا حكم له، لا يا أخي، نعم؟ هذا ما يدخل تحت هذا، ومنهم من يجعل القدر المؤثر الشيء اليسير، ويقول: إن هذا مثل النجاسة يعفى عن يسيرها، على خلاف بينهم في القدر اليسير، الحنفية يقولون: الدرهم البغلي، وبعضهم يقول كذا، إلى أن يصل الأمر عند بعض أهل العلم أن يقول: إن ما لا يدركه الطرف لا يعفى عنه، وهؤلاء يتخيرون من المذاهب ما يناسبهم.
الأمر الثاني: أن تعمد الشيء، يعني هل الحنفية يقولون: يجوز أن تأتي بنجاسة تقصدها وتضعها على ثوبك أو بدنك ويعفى عنها؟ أو أنها إذا أصابتك من غير قصد عفي عنها؟
الأمر الثاني: أن النجاسات تتفاوت، نجاسة البول ليست مثل نجاسة الدم، ولذا فالمسائل الماردينية لشيخ الإسلام ابن تيمية السؤال عن المذي هل هو طاهر أو نجس؟ وهل يعفى عن يسيره كالدم أو لا كالبول؟ فالنجاسات متفاوتة، اللي يقول: يسير النجاسة معفو عنها ليس على إطلاقه، إذا كان مما لا يدركه الطرف، يعني مثل رؤوس الإبل ما يعفى عنه عند الحنابلة والشافعية، كيف أختار مذهب لأنه يوافق هواي، وهنا يجعلون الثلث والثلث كثير، أقل من الثلث قليل، يعني يتجاوز عنه، ويتخلص منه، وما أدري كيف أدخلوا مسألة التخلص في هذا الباب؟ والتخلص عند أهل العلم إنما هو من تمام التوبة، يعني ورد عليك شيء لا تدري عنه من غير قصد، تخلص منه، عندك أموال دخلت عليك من شبهات، أو من محرمات، ثم تبت منها، وتحققت فيك الشروط كلها، ندمت، وعزمت على أن لا تعود، نعم، والشرط الثالث؟ نعم الإقلاع فوراً، هؤلاء الذين يستعملون هذه الأمور هل تحقق فيهم شرط واحد؟ ولا شرط واحد، إذن التخلص لا ينفع مع الإصرار.

(143/15)


((الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) وإذا كان هذا في فعل الخير فالذي يتصرف في أمواله تصرفاً غير شرعي ينهى من باب أولى، وإذا أراد أن يتصرف تصرفاً مباحاً، الآن منع من الصدقة بأكثر من الثلث، وأراد شخص أن يتصرف، فيشتري من الأمور المباحة ما يجعل ورثته عالة يتكففون الناس، يأثم ولا ما يأثم؟ نعم إن قصد الحرمان يأثم، لكن هذا ما قصد، هذا شخص مغرم بالمباحات، ويكثر منها، وصارت النهاية أنه صار أولاده عالة بعد أن كان غنياً، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) وخير هذه في الأصل أفعل تفضيل، فهل نقول: إن تركهم أغنياء خير وتركهم عالة خير؟ نعم؟ تركهم أغنياء خير وتركهم عالة خير، إلا أن تركهم أغنياء أفضل من تركهم عالة؛ لأن هذا مقتضى أفعل التفضيل.
طالب: هذا ما يفهم من الحديث، يفهم من الحديث؟
لا، يفهم من أفعل التفضيل.
طالب:. . . . . . . . .
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] أصحاب النار ما عندهم خير بالكلية، فأفعل التفضيل ليست على بابها، إذن إذا ارتفع الخير يبقى شر؟ يعني تركهم عالة يتكففون الناس شر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مفروغ منه، إذا قصد حرمانهم والإضرار بهم هذا مفروغ منه، لكن هذا منع من التصرف الذي يجعلهم عالة وتصرفه خير بلا شك وصية ونفع، فكيف بمن يبذر أمواله في المباحات فضلاً عن المحرمات، فينتبه الإنسان لمثل هذا.
((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت)) تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، النفقة كما تكون على الأباعد، فالصدقة تكون أيضاً على الأقارب بالنفقات الواجبة والمستحبة ((إذا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك)) يعني ما تضعه في فمها، يعني الإنسان مأجور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
((إنك إن تذر)) نعم.

(143/16)


ما ينفقه الإنسان على نفسه وعلى أهله ينوي بذلك التقوي على طاعة الله -جل وعلا- لا شك أنه أجر حتى ما تجعل في في امرأتك، يعني في فمها، فعلى هذا كثير من الناس محروم من أجور عظيمة، تجده في كل شهر يخرج من راتبه بقدر أسرته اللي يخرج ألف، واللي يخرج ألفين، واللي يخرج عشرة، واللي يخرج أكثر، للمصروف الشهري من النفقات، ويعبي المستودع بعشرة آلاف، بخمسة عشر ألف، على قدر أسرته، بخمسة آلاف بأكثر أقل، لكن ما يستحضر شيء، ما يستحضر مثل هذه النصوص، وأنه يتقرب بذلك إلى الله -جل وعلا-، حتى أن بعض الناس يتحرى في مثل هذه النفقة الأوقات الفاضلة، يعني أغراض وحاجات رمضان مثلاً، كثير من الناس يأمنها قبل رمضان بخمسة أيام ستة أيام خشية الزحام، هذا يقول: إذا دخل رمضان ... لتكون هذه النفقة في الوقت الفاضل، لكن بعض الناس ينتبه إلى مثل هذه الأمور، وجل الناس غافل، فمثل هذه الأمور إذا استحضرت النية فيها أجر عليها الإنسان أجراً عظيماً.
((حتى ما تجعل في في امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله ...
هل المقصود بذلك حقيقة اللفظ أو المراد بذلك تأمين ما يؤكل للمرأة؟
طالب: التأمين.
يعني هل المقصود أن يأخذ من الطعام ويضع في في امرأته؟ ويؤكلها كما يؤكل الطفل؟ أو أن الأمر يكنى بذلك عن تأمين ما تحتاج إليه المرأة بحيث لا تنظر إلى غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، وإذا امتثل هذا الأمر وشال الملعقة وأكل امرأته؟
طالب:. . . . . . . . .
النص في المرأة، هو أنت تتصور أن الأم موجودة مثلاً، يؤجر على مثل هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
على الإطلاق، لكن النص لو أنت .. ، ابن حزم قال هذا، ولو كانت الأم والأب حاضرين، نعم، ولو كان الأمر يغيظهما، حتى أنه قال: لو لم يرد من النصوص غير قوله -جل وعلا-: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء] لجاز قتلهما، لكن ورد من النصوص ما يمنع من ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
عند الظاهرية جمود على اللفظ، المقصود أن مثل هذا قد لا يراد به حقيقة الفعل، لكن لو كان الزوج مع زوجته بمفردهما منفردين، ووضعها ما فيه ما يمنع بل ...
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . بل من الواجب.

(143/17)


طالب:. . . . . . . . .
تدخل إيه تدخل، ... هذا مجرد تمثيل.
"قال: فقلت: يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي؟ " لأنه كأنه فهم ((إنك إن تذر ورثتك)) فهم من هذا أنه يولد له غير هذه البنت؛ لأن الورثة أكثر من واحد، أكثر من وارث، ففهم من ذلك أنه يخلف، يعني يعيش "أأخلف بعد أصحابي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً، إلا ازددت به درجة ورفعة)) " وهذا المسلم حياته له خير، يزداد بها من الزاد الحقيقي من التقوى، من الأعمال الصالحة، مما يزيد في منازله ودرجاته في الجنة ((إلا ازددت بها درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون)) ينتفع بك أقوام ممن يسلم بسببك؛ لأنه قاد الجيوش في الجهاد، ودخل الناس بسببه وبسبب ما معه من المسلمين في دين الله أفواجاً، وقتل من قتل من المشركين على يده، وعلى يد من معه من المسلمين، لا شك أنه انتفع به أقوام، وتضرر به آخرون، انتفع به من دخل في دين الله، وتضرر به من قتل.
((ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) لأن الحسرة التي يجدها سعد -رضي الله عنه- أن يموت في البلد الذي تركه لله -جل وعلا- وهو مكة.

(143/18)


((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) يعني فلا تمتهم في المكان الذي تركوه لك، لله -جل وعلا- ((ولا تردهم على أعقابهم)) ناكصين مرتدين، تاركين لما عهدتهم عليه من هجرة وجهاد وغيرهما ((لكن البائس)) يرثي له النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتوجع عليه، ويتألم لوضعه ((لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)) لأنه تركها لله -جل وعلا-، ولا يجوز له المقام بمثل هذا البلد أكثر من ثلاثة أيام، النبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لهم بعد الحج بثلاثة أيام فقط، ويرد على هذا أن بعض الإخوان الوافدين من بعض الجهات ناوين للهجرة، يعني بعض الإخوان الوافدين إلى هذه البلاد ينوون الهجرة بذلك، فيقولون: إذا ذهبنا لزيارة أهلنا ما نجلس أكثر من ثلاثة أيام، لكن هل الأمر بأيديهم؟ لو صدر أمر بتزفيرهم مثلاً إلى بلده الأصلي، يملك مثل هذا؟ هل يمكن أن يحتج يقول: أنا هاجرت ولا يجوز أن أرجع ولا كذا؟ مثل هذا الأمر لا يملكه، لكن فيما يملك، شخص جاءته الظروف قدر له على ما يريد، وتيسر له البقاء، هل يجوز له الرجوع إلى البلد الذي تركه لله -جل وعلا-؟ أما إذا كان البلد بلد كفر، ودار حرب، هذا لا يجوز له الرجوع إليه، لكن إذا تصورنا أنه بلد إسلام، هل نقول: إنه مثل مكة صارت دار إسلام، وحينئذٍ لا يجوز البقاء فيها؛ لأنه تركها لله؟ أو نقول: إن هذا خاص بالهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحكم غيرها يختلف عن حكمها؟ ولا هجرة بعد الفتح، لا شك أن الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام هذا باقي إلى قيام الساعة، واجب من بلد الكفر.
طالب: .... سنة شرعية.
نقول: واجب يجب عليه أن ينتقل من بلاد الكفر، من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، من بلاد الإسلام التي تكثر فيها المعاصي إلى بلد الإسلام التي تقل فيها المعاصي هذا سنة عند أهل العلم، ويؤجر عليه بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، لكن دور الإسلام الأخرى؟ الآن شخص قال: أنا أبى أهاجر من الرياض إلى مكة؟ إيش تقول؟ نقول: لا يجوز لك أن ترجع الرياض أكثر من ثلاثة أيام؟
طالب:. . . . . . . . .

(143/19)


هذا يقول: لو رن الجوال وأنت في درس، ثم نظر فإذا هي أمه، هل يجب أن يرد أو يؤخر حتى بعد الدرس؟ وهل يرد في الدرس؟
على كل حال طلب الأم واجب، وإذا كان الإنسان في صلاة نفل فعند جمع من أهل العلم أنه يقطعها، ويرد على أمه، فمثل هذا الأم لا تؤخر حتى ينتهي الدرس، لكن عليه أن لا يؤثر ولا يشوش على الدرس.
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان. . . . . . . . .، هي أهم من الدرس، لكن لا يشوش على الدرس.
طالب:. . . . . . . . .
((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة)) لكن مخففة، ولذلك لم تعمل، لم تنصب المبتدأ، ولكن مثل (إن) إذا خففت قل عملها، ويجوز أن تعمل، لكن الأكثر عدم {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] "وخففت إن فقل العملُ" يعني يكون عملها أقل، ولو أهملت لما كان فيه بأس، وهنا خففت (لكن) فلم تعمل، ولذا قال: ((البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) ويتوجع عليه أن مات بمهجره، في المكان الذي تركه لله -جل وعلا- ....

(143/20)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (17)
باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم - وباب: الوصية للوارث والحيازة - وباب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: إمام مسجد جاء إليه اثنان وقالوا: إنهما وجدا أربعة عشر جنيهاً مصرياً، فأخذها الإمام وسأل أكثر الناس الحاضرين ومن صلى فلم يتعرف على صاحبها في هذا اليوم، مع أن المسجد يرتاده أناس مختلفون، وهي عنده الآن، فماذا يفعل هذا الإمام؟ وجزاكم الله خيراً، وما هي وسائل تعريف اللقطة؟
هذا المبلغ الذي وجده أربعة عشر جنيهاً، يعني يعادل تسعة ريالات، يعني في الغالب أن مثل هذا لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فهذا لا يعرف مثل تعريف المبلغ الذي يبحث عنه صاحبه بشدة إذا فقده، فمثل هذا يتصدق به عن صاحبه، ويصل -إن شاء الله تعالى- على نية أنه إذا جاء صاحبه يوماً من الدهر يرده إليه، فمثل هذا لا تلتفت إليه همة أوساط الناس.
طالب: في بلادهم.
كذلك حتى في بلادهم ما أحد يلتفت إلى مثل هذا المبلغ، اليوم هذا المبلغ لا يساوي شيئاً.
يقول: هل فتاوى كبار العلماء في هذا البلد ملزمة لطالب العلم، وكذلك بالنسبة للعوام؟ أو أن الإنسان مخير بين علماء البلد وغيرهم من علماء البلدان الأخرى؟

(144/1)


السائل لا يخل إما أن يكون عامياً، أو في حكمه، طالب علم مبتدئ، ليست لديه أهلية النظر، أو يكون ممن لديه أهلية النظر في أقوال أهل العلم بأدلتها، والتوفيق بينها، فإن كان عامياً أو في حكمه، فتبرأ ذمته إذا سأل من يثق بعلمه ودينه وأمانته وورعه، لا بد أن تتوافر مع العلم والدين ينضم إلى ذلك الورع، وإذا توافرت هذه الصفات الثلاث العلم والدين والورع، فإنها تبرأ الذمة بتقليد مثلهم، هذا بالنسبة للعامي، ومن في حكمه، ممن ليست لديه أهلية النظر، أما من لديه أهلية النظر في أقوال أهل العلم بأدلتها، والموازنة بينها، وترجيح الراجح بدليله، فهذا لا يسعه إلا أن يعمل بما يؤديه إليه اجتهاده، أما مسألة التخير، هذه لم يقل بها أحد، إلا في حالة ما إذا تردد بين عالمين، وكلاهما تبرأ الذمة بتقليده، ولم يجد مرجح بينهما، فله أن يختار ما لا يوافق هواه من قوليهما؛ لئلا يكون قد عمل بمقتضى الهوى.
يقول: رجل كتب العقد على امرأة ولم يدخل بها، وسيطلقان ...
كيف سيطلقان؟
طالب:. . . . . . . . .
هو هو ما لها نصيب في الطلاق.
اتفق أهل الشأن على تحديد المهر، وتم دفع بعض منه للزوجة أثناء كتابة العقد، فالآن هل يجب عليه إكمال المهر للزوجة قبل تطليقها، أم نصف المهر الذي معها أم المحدد؟
إذا كان قد دفع نصف المهر يكتفي به؛ لأنه إذا طلقها قبل الدخول، وقد حدد المهر فلها نصفه.
هذه أم سهلة السلفية امرأة من فرنسا تقول: زوجي يريد أن يشتري كفنه، ويحتفظ به في البيت من باب تذكر الموت، والاستعداد له، فهل هذا العمل جائز؟
هذا إذا كان لا أثر له في نفقته، بمعنى أنه لا يؤثر على نفقته بنفسه، يعني قدر زائد على نفقته وحاجته الأصلية، مع من يمون، فلا يوجد ما يمنع من ذلك، إلا أن التذكر يحصل بغيره، إن كان قصده تذكر الموت والاستعداد له، قد يحصل به ويحصل بغيره، فزيارة القبور تذكر الموت.
سؤال آخر تقول: هل إذا أسقط الجنين وعمره أربعة أشهر وثلاثة أيام يغسل ويدفن؟
الأحكام المتعلقة بالجنين إنما هي إذا نفخت فيه الروح، وهذه المدة تنفخ فيه الروح؛ لأنها مائة وثلاثة وعشرين يوم، ينفخ فيه الروح، فحينئذٍ يُغسل ويدفن.

(144/2)


وأما الأحكام المتعلقة بأمه فحكمها يتعلق بالتخليق، إذا وجد فيه خلق الإنسان فإن الأحكام المرتبطة بالأم تثبت بتخليقه.
حكم تغيير النية في أثناء الصلاة؟ وهل الرواتب تتداخل؟
أولاً: الرواتب لا تتداخل لا بد منها، حكمها سنة مؤكدة تكمل منها الفرائض، ولا تتداخل؛ لأن كل واحدة منها مطلوب لذاته، وجاء تحديدها وعددها بالنص، فمثل هذه لا تتداخل، تغيير النية في أثناء الصلاة من نفل إلى فرض لا يجوز، ولا تجزئ، ومن نفل مطلق إلى نفل مقيد كذلك عند أكثر العلماء؛ لأن النفل المقيد يحتاج إلى نيته الخاصة، ومن نفل مقيد إلى نفل مطلق بمعنى أنه شك هل صلى الراتبة أو لم يصلها؟ فلما كبر وشرع في الصلاة تذكر أنه صلى الراتبة، ينتقل، من فرض إلى نفل، يقول أهل العلم: وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز.
ما هي أحسن المختصرات في العقيدة والفقه؟
أما بالنسبة للعقيدة فمؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، شيخ الإسلام، الإمام المجدد: الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والتوحيد، ثم بعد ذلك الواسطية لشيخ الإسلام، ولمعة الاعتقاد، والحموية، والتدمرية، والطحاوية، هذه متون معروفة عند أهل العلم.
والفقه يبدأ الطالب بعمدة الفقه؛ لأنها من أخصر الكتب المؤلف في هذا الباب، وأسلوبها واضح، ومؤلفها إمام، وقد بنى أحكامه على أدلة صحيحة، يوردها في صدر الباب، فيتفقه طالب العلم على العمدة، ثم بعد ذلك يقرأ في دليل الطالب، ثم زاد المستنقع.
هذا من فرنسا يقول: زوجتي كثيرة الشجار مع والدتي، ووالدتي تريد مني أن أطلقها، وأنا حائر بين أطفالي وقرار والدتي، علماً بأن شاب متدين والحمد لله، وأحب زوجتي، ولا أريد أن أغضب الله بالطلاق، أو أغضب والدتي التي أمر الله بطاعتها، فماذا أفعل؟ انصحوني.

(144/3)


على كل حال إذا كانت الزوجة متدينة، وقد رضيت دينها، وأقدمت على زواجها بهذا السبب فالطاعة بالمعروف، احرص على أن تؤلف بينها وبين والدتك، ولو بعزل كل واحدة منهما بمنزل مستقل إذا لم يتم الوفاق بينهما بمنزل واحد، والأمر إليك إن أردت أن تمسك كما هو الأصل حفاظاً على أولادك فلا إثم عليك؛ لأن الطاعة بالمعروف، وإن أردت أن تطيع والدتك .. ، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: ((أطع أباك)) لكن من مثل عمر بن الخطاب في تقدير المصالح والمفاسد؟
يقول: عن الهيثم بن حنش قال: كنا عند عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فخدرت رجله، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فذكر محمداً، فكأنما نشط من عقال.
وعن مجاهد -رحمه الله-: قال: خدرت رجل رجل عند ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: اذكر أحب الناس إليك، فقال: محمد، فذهب خدره، ذكره ابن القيم في الوابل الصيب، فهل هذا الأثر صحيح؟ وهل يقال مثل هذا الذكر؟ وما أفضل طبعات الوابل الصيب؟
أفضل طبعات الوابل الصيب فيما أظن هي طبعة المؤيد، أنا قرأتها قديماً، نسخة صحيحة وسليمة، ما فيها أخطاء، هي مطبوعة من أكثر من عشرين سنة، طبعة طيبة، وحقق بعد ذلك، لكني لم أطلع على هذه النسخ المحققة.
أما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- عند ما يحصل للرجل ما يحصل من خدور فليس فيه شيء مرفوع، وهذا وإن كان عن صحابيين جليلين، فالعبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
مرفوع ما فيه شيء مرفوع، والعبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم

(144/4)


قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما يشاء، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه.
قال: وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل والمريض المخوف عليه ما كان بتلك الحال.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم
يعني من يغلب على الظن هلاكه.

(144/5)


"الحامل" في آخر الحمل على خطر "والمريض" الذي مرضه مخوف أيضاً لا ينفذ من تصرفه إلا في الثلث، وكذلك الذي يحضر القتال، إذا شرع فيه، وحمي وطيسه، فإنه حينئذٍ لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن نَفاقه غلبة ظن، فليس له من ماله إلا الثلث، كالمرض المخوف، بخلاف ما إذا كان الحمل في أوله، فهو بشر كما قال المؤلف -رحمه الله- على ما سيأتي، أو كان المرض غير مخوف مزكوم مثلاً، هذا يتصرف بماله كيفما شاء، أو مرض خفيف يرجى برؤه، فإن هذا يتصرف كالسليم، في ماله كيف شاء، ولا حجر عليه، إذا كان حراً رشيداً مكلفاً.
"والذي يحضر القتال مثلهم" لأنه في الغالب في موقف قتله سهل، فيغلب على الظن أنه يموت، وليس المراد بغلبة الظن بالنظر إلى كثرة من يسلم من الحوامل، أو من يسلم من المرضى الشديدي المرض، ولا بالنظر إلى كثرة من يرجع من القتال سالماً؛ لأننا كيف نقول: غلبة ظن؟ نعم؟ والحوامل يسلم منها أكثر من تسعة وتسعين بالمائة؟ والمرضى يسلم منهم من يسلم، وقد يكون مرضه خفيفاً يسيراً ويموت فيه، وكذلك من حضر القتال يرجع منهم الأكثر، فليس هذه غلبة الظن في مقابلهم، ممن تسلم من الحوامل أو المرضى أو من يحضر القتال، المقصود أن نفقاهم سهل يعني، يعني لا يستغرب أن يقال: فلان قتل في المعركة، ولا يستغرب أن يقال: فلانة ماتت في ولادة، وإن كان هناك تسعة وتسعين بالمائة من الحوامل ما يموت، فليست غلبة الظن هنا مثاره إلى المقابل، فإننا لا ننظر إلى كثرة من يقتل، بالنسبة إلى من يرجع، فنقول: غلبة الظن أنه يرجع، لا، لكن لسهولة الموت في مثل هذه الصورة.

(144/6)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف" يعني إذا وجد المرض الخفيف - (كان) هنا تامة- غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما شاء، كالسليم الصحيح السالم العاري من المرض، يتصرف فيه كيفما شاء، شريطة أن يكون حراً مكلفاً رشيداً، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه، مريض مرض مخوف، الغالب فيه العطب، فإن هذا لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن الاحتمال قائم أن تصرفه في ماله في أكثر من الثلث أنه يقصد به حرمان الورثة، ولو عري عن هذا القصد إلا أن المال تبعاً لغلبة الظن ليس له، هو ما زال يملكه، لكن ملكه في حكم المنتقل؛ لأن موته غلبة ظن، بخلاف ما لو كان المرض خفيفاً.
قال: "وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] " بشر وسرور يعني ما هو مخوف في أول الأمر، امرأة طبيعية، تزاول من الأعمال ما يزاوله غيرها بشر وسرور، {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} [(71) سورة هود] وليس بمرض فضلاً عن أن يكون مخوفاً، لكن إذا أثقلت وقربت الولادة، وأقعدها الحمل عن العمل، فإنه يكون حكمها حكم المرضى.
وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} [(189) سورة الأعراف] والضمير عند أكثر المفسرين يعود إلى آدم وحوى، وبعضهم ينزع إلى أن المراد به جنس الإنسان.

(144/7)


{لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها؛ لأن نفاقها وموتها متصور، لا أن الغالب من الحوامل يموت، وإن كانت الظروف والأحوال والنساء والولدان والأزمان تختلف الحوامل فيه باختلاف هذه التغيرات، والناس إلى وقت قريب والمرأة الحامل في الشهر التاسع ترعى الغنم، وتجذ النخل، وتزاول ما يزاوله الرجال فضلاً عن النساء، نعم قد تكون في طريق، في سفر، وأسماء بنت عميس أصابها الطلق بالمدينة قبل أن يخرجوا من المدينة، وخرجت إلى الحج مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وولدت بالميقات، بذي الحليفة، عشرة كيلو عن المدينة، يعني ظروف الناس اختلفت، الآن إذا خرجت النتيجة قيل: على ظهرك على السرير، لا تتحركي، لا تركبي، لا تنزلي، فوكلوا إلى مثل هذا الهلع وهذا الخوف، فصار الإسقاط لأدنى سبب.
"فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر" يعني يولد الولد تاماً لستة أشهر، وقد جيء بامرأة ولدت بعد زواجها بستة أشهر عند عمر وإلا عثمان؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، علي اللي احتكم إليه فيما بعد؟ نعم القصة تقول: عند عمر، نعم، فهم برجمها، فقال علي -رضي الله عنه-: الولادة ممكنة في ستة أشهر، والولد تام، فاستدل بالآيتين اللتين ذكرهما المؤلف، ولا شك أن هذا فقه دقيق من علي -رضي الله عنه-، وقد يعزب عن الفاضل ما يحضر المفضول، كما أن الدليل بكامله قد يعزب، عمر -رضي الله عنه- في خبر الاستئذان أنكر على أبي موسى حتى شهد له أبو سعيد، لا يلزم أن يكون الإنسان الفاضل أفضل من غيره من كل وجه، لا يلزم أن يكون أفضل من غيره، لكن في الجملة يكون أفضل من غيره، بالمجموع يكون أفضل من غيره.

(144/8)


يقول: "فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] " إذا حذفت الحولين الكاملين، الأربعة والعشرين شهراً من الثلاثين بقي كم؟ بقي ستة، فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث؛ لأن حكمها حكم المريض "من يوم حملت" يوم ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى على الفتح في محل جر، كيومَ ولدته أمه، ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى، لكن لو أضيف إلى جملة صدرها معرب أُعرب {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(119) سورة المائدة].
قال: "وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث" كالمريض المرض المخوف؛ لأن نفاقه وموته قريب، فلا يستغرب أن يقال: قُتل فلان إذ المعارك لا تخل من قتل، ولا يلزم أن يكون العدد المقتول بالنسبة للسالم أكثر ليغلب على الظن، ما يلزم هذا، لكن لا يستغرب أن يقال: قُتل، فهذا الذي يغلب على الظن أنه في حكم المريض مرضاً مخوفاً.
"لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل الذي أثقلت، والمريض المخوف عليه، ما كان بتلك الحال" يعني وإن كان قبل التحام الصفوف، وبدء القتال قبل ذلك، يجوز له أن يتصرف؛ لأنه قال: "إنه إذا زحف في الصف للقتال صار حكمه حكم المريض المرض المخوف" لكن قبل ذلك؟
طالب: مثل السليم المعافى.
مثل الحمل الخفيف، ومثل المرض غير المخوف؟ يعني الفرق بينهما أن هذا بإمكانه أن يترك القتال، وهذا ليس بإمكانه؟
طالب: إيه هذا ما يجوز أن يولي الدبر، إذا التقى الصفان ما يجوز أن يولي الدبر.
هل قوله: "إذا زحف" بمعنى أنه حصل الزحف والتولي حرام، من الموبقات، فقبل الزحف، قبل زحف القتال يجوز له أن يرجع؟
طالب: لا، لا يجوز، لكنه على حسب اكتتابه ووضعه، لكن ممكن ما يكون في المقدمة، ممكن يكون في المؤخرة، يمكن يكون في الحراسة.
طيب إذا زحفوا في المؤخرة هم، بطرف الناس.
طالب: ممكن يكون في الحراسة، وما في زحف، وهو مكتتب.

(144/9)


هذا أذن له الإمام، إذا أذن له الإمام شيء، افترض أن شخصاً استنفره الإمام، وهو في طرف الجيش، هل يكون حكمه حكم من كان بين الصفين في الزحف؟ أو أن هذا حكمه حكم من يغلب على الظن سلامته؟ لأن الجند تتفاوت مواقعهم، مواقعهم متفاوتة، فالإمام قيده بما إذا زحف في الصف للقتال، يعني باشر، باشر القتال، -رحمه الله-.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: الوصية للوارث والحيازة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في هذه الآية إنها منسوخة قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-.
قال: وسمعت مالكاً يقول: السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم، وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم، ومن أبى أخذ حقه من ذلك.
قال: وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته، وهو مريض ليس له من ماله إلا ثلثه، فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه: إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله.
قال: فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته، فيأذنون له، فإن ذلك لا يلزمهم ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا، وذلك أن الرجل إذا كان صحيحاً كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج فيتصدق به، أو يعطيه من شاء، وإنما يكون استئذانه ورثته جائزاً على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله، ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه، وحين هم أحق بثلثي ماله منه، فذلك حين يجوز عليهم أمرهم، وما أذنوا له به، فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً، فإنه رد على من وهبه إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك، فأعطاه إياه، فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له.

(144/10)


قال: وإن وهب له ميراثه، ثم أنفق الهالك بعضه وبقي بعض فهو رد على الذي وهب، يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه.
قال: وسمعت مالكاً يقول فيمن أوصى بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئاً لم يقبضه، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، فإن ذلك يرجع إلى الورثة ميراثاً على كتاب الله؛ لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه، ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية للوارث والحيازة
طالب: يا شيخ بالنسبة لهذا ....
مرد ذلك إلى حديث سعد الماضي، مرده إلى حديث سعد، فكل من كان بهذه المثابة بحيث يغلب على الظن هلاكه فإنه لا يتصرف إلا بالثلث، ولو وجد صورة غير الصور التي ذكرها الإمام مالك كذلك، فالمسألة كلها ترد إلى حديث سعد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الوصية للوارث والحيازة
الوصية للوارث، {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فالوالدان من الورثة، فالوصية لهما وللأقربين، والأقربين أعم من أن يكونوا ورثة أو غير ورثة، والآية منسوخة.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في هذه الآية -إنها منسوخة- قول الله تعالى" قولُ ولا قولِ؟ يقول في هذه الآية؟ ما لها ما تصير بدل من اسم الإشارة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هذا هو الأصل، أنها بدل من اسم الإشارة، بدل ثاني في هذه الآية بدل أو بيان، ثم بعد ذلك قول الله -تبارك وتعالى-، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ هي، أو وهي قول الله -تبارك وتعالى-.

(144/11)


{إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] نسخها من نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، ومن ذلك مما يذكر في هذا المجال حديث: ((لا وصية لوارث)) وهو حديث كما يقول الشافعي في رسالته: رواه الكافة، وهو ما يعبر عنه عند من جاء بعد الإمام الشافعي بالتواتر، وحينئذٍ يكون الحديث نسخ الآية ((لا وصية لوارث)) عند من يقول: بأن السنة تنسخ القرآن هذا ما فيه إشكال، لكن عند الأكثر أن السنة لا تنسخ القرآن، ومن ذالكم الشافعي، فالذي نسخ الآية ما ذكر الإمام -رحمه الله-، نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، نسختها آية المواريث، لكن هل في آيات المواريث ما يدل على إلغاء هذا الحكم؟ ألا يمكن أن يأخذ الأب ما كتب له، ما قسم له في كتاب الله، وتأخذ الأم ما كتب لها وقسم لها في كتاب الله، ثم تأخذ الوصية؟ هل في الفرائض ما يدل على إلغاء الوصية للوالدين؟ إنما الصريح في النسخ ورفع الحكم هو قوله: ((لا وصية لوارث)) وقد أجمع عليه أهل العلم، والإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ، إنما دليل الإجماع هو الناسخ، على كل حال من يقول بنسخ الكتاب بالسنة هذا ما عنده إشكال، الإشكال عند من يقول: بأن السنة لا تنسخ القرآن، فيقول: إن الإجماع قطعي، وما يستند إليه، قطعية الإجماع تعطي ما يستند إليه في الإجماع القطيعة، والقطعي عندهم ينسخ القطعي، ولذلك الخبر: ((لا وصية لوارث)) يقول الإمام الشافعي: إنه رواه الكافة عن الكافة، ويقصد بذلك التواتر عند أهل الاصطلاح، منهم من يقول: إن الآية ليست منسوخة، بمعنى أنه لم يرفع حكمها بالكلية؛ لأن النسخ رفع كلي للحكم، والتخصيص رفع جزئي للحكم، فتبقى الوصية للأقربين استدلالاً بالآية؛ لأننا لو قلنا بالنسخ لقلنا: إنه لا وصية للوالدين ولا الأقربين، فهل نسخ الأقربون مع الوالدين أو ما نسخوا؟ الوارث منهم مثل الوالدين، وغير الوارث له وصية، ما نسخ حكمه، فالتخصيص رفع جزئي، وعلى بعد أيضاً يمكن حمل الآية على بلفظها على وجه يصح، كيف؟ هل يمكن أن يوجد والدان غير وارثين؟ يمكن أن يوجد؟ نعم الجد، الجد والد، والأب موجود يوصى له، والجد أب، كما في النصوص، لكن هل يمكن

(144/12)


أن يحمل هذا على الجد؟ لأن الأب لا يمكن أن يوصى له بالإجماع إذا كان وارث، ويمكن أن يحمل على الأب المخالف في الدين {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ} [(8) سورة الممتحنة].
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا بعيد جداً، لكن الجد أب في النصوص {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي} [(38) سورة يوسف] وأيضاً غير الوارث كما في حديث أسماء: إن أمها جاءت وهي راغبة، تقول: أفأصلها؟ قال: ((نعم)) المقصود أن الوارث لا يجوز أن يوصى له، وأما غير الوارث فبلى.
قد يوصى لوارث لا باسمه بل بوصفه، يوصي بثلث ماله لطلاب العلم، بالوصف لا بالاسم؛ لأن مثل هذا إذا أوصى بالوصف يدخل فيه ورثته من باب أولى، طلاب علم يأخذون بالوصف لا بالاسم، لا بالتعيين، والحكمة التي من أجلها منعت الوصية للوارث ارتفعت، نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك ورثة الميت" فالوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تجوز لوارث إلا إذا أجازها الورثة؛ لأن الأمر لا يعدوهم، الحق لهم تنازلوا عنه، إن أجازها جميعهم نفذت الوصية كاملة، إن أجازها بعضهم نفذ بعضها بحسب نصيب من أجاز دون من لم يجز.
"إلا أن يجيز ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم" الآن الجواز هنا ويش معناه الإباحة أو النفوذ؟ يعني يباح له حق من أجاز منهم، أو ينفذ حق من أجاز منهم؟ من أبى أخذ حقه من ذلك؟

(144/13)


لو قلنا: إن الأب إذا وهب أحد أولاده هبة وقبضها الولد، وتصرف فيها، إذا قلنا: جازت هذه الهبة، ويش معنى الجواز هنا؟ النفوذ لا الإباحة، وهنا: "وأنه إن أجاز له بعضهم، وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم" نعم "ومن أبى أخذ حقه من ذلك" بينهما تلازم، النفوذ الشرعي لا بد له من إباحة، لكن مع ذلك قد .. ، الجواز أصله العبور، يقال: جاز النهر يعني عبره، والنفوذ من هذا النوع، يرجع إلى هذا، وهناك تلازم بين الجواز بمعنى العبور والنفوذ وبين الإباحة، فالتصرفات الشرعية التي تنفذ على مقتضى نظر الشرع لا بد لها من إباحة أقل الأحوال، وقد يحصل التنفيذ مع الخلاف في الحكم، أو مع المنع في الحكم.
على كل حال هذا يحتمل الأمرين، وهما متلازمان في مثل هذه الصورة.
قال: "وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض: ليس له من ماله إلا ثلثه" مريض يستأذن الورثة، ليس له من ماله إلا الثلث "فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ذلك إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله" الآن فرق بين أن يستأذن الصحيح وبين أن يستأذن المريض، الصحيح له أن يتصرف في ماله كيفما شاء، ولا يحد بثلث، والمريض ليس له من ماله إلا الثلث يوصي به، فإذا استأذن الصحيح يختلف حكمه عما لو استأذن وهو مريض؛ لأن استئذان الصحيح عند الإمام وفي كلام الإمام لا قيمة له؛ لأنه يستأذنهم في أمر لا يملكونه، بينما لو كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، فإنهم يملكون الإذن؛ لأن المال لا محالة آيل إليهم بخلاف الصحيح.

(144/14)


قال -رحمه الله-: "وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض: ليس له من ماله إلا الثلث، فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه" ليس له من ماله إلا الثلث هذا وصف بالنسبة للمريض، فإذا أذنوا له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه صحت الوصية، يعني ليس له من ماله إلا الثلث، ليس خبراً لقوله: "المريض الذي يوصي" نعم، ليس وصفاً له، هو وصفاً له وليس خبراً عنه، يعني ما يصح أن تقف على قوله: "ليس له من ماله إلا الثلث" ما بعد جاء الخبر؛ لأن الخبر الجزء المتم الفائدة، وإنما هو وصف له، هو في الأصل ليس له من ماله إلا الثلث؛ لأنه مريض، فإذا أوصى أو استأذن أن يوصي لبعض ورثته أو بأكثر من ثلثه أنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك إذا أذنوا؛ لأنه خرج، تنازلوا في وقت يحق لهم أن يأذنوا أو يمتنعوا، لكن في حال الصحة ليس لهم حق أن يأذنوا أو يمتنعوا؛ لأن المال ماله، بينما هو في هذه الحالة المال شبه خرج من يده، ولذلك لا يجوز له أن يوصي بأكثر من الثلث.
يقول: إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله.
يأذنون مجاملة، يأذنون له مجاملة، أو يأذنون له أن يوصي بالثلث لوارث، يعني لو كان لهم أن يرجعوا فقالوا: لا نقر الوصية للوارث، والأمر إلينا نرجع، فيسلم لهم جميع المال، متصور وإلا ما هو متصور؟ نعم؟ هم أذنوا له أن يوصي بالثلث لواحد من أولاده، قالوا: أذنا، ثم لما مات قالوا: هذا وارث ولا وصية لوارث، إذا كان لهم أن يرجعوا صار هناك مجال للتحايل على إبطال الوصية؛ لأنهم قد يتواطئون على هذا، نقول: يوصي لجهة أو لشخص لا تصح الوصية إليه، أو شخص أراد أن يوصي بالثلث، أوصى بالثلث، واستشار الأولاد فيما يكون مصرف هذه الوصية، فقالوا: نرى أن يكون مصرف الوصية على المدرسة الفلانية، وهم يعرفون في قرارة أنفسهم ماذا تزاول هذه المدرسة، مما لا يحقق الهدف الشرعية من مشروعية الوصية، قالوا: يكتب الوصية لهؤلاء، ثم إذا مات أبطلناها بحجة الشرعية، أو يوصي لوارث وإذا مات قلنا: هذا وارث ولا تصح الوصية له.

(144/15)


بالنسبة للوارث إذا أجازوا انتهى الإشكال، ولذلك يقول: "ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه" تحايلوا عليه، فأوصى إلى من لا تجوز الوصية له، فتحايلوا فمنعوه من الوصية في ثلثه "وما أذن له به في ماله" أظن هذا ظاهر؟ يعني افترض أنهم قالوا: توصي ثلثك خله على هذه المدرسة، مدرسة تدرس البدع، والوصية لا تصح لها، جاء بعض الكتب التي أوصي بها، أو أوقفت على جهات الوقف عليها باطل، صحيح البخاري مخطوط نفيس وقف على الضريح الزينبي مثلاً، نعم، موجود، أو على ضريح الخليل -عليه السلام-، الوقف باطل، أو وصية على الزاوية التيجانية بمحل كذا.
قد يتحايل الأولاد في مثل هذه الصورة من أجل أن يبطلوا الوصية بعد وفاة والدهم، ويقولون له: لا مانع أن توصي لأخينا فلان لأنه له أولاد ومدين ولا درس ولا توظف ولا كذا خلي الثلث ينتفع به، ثم إذا مات قالوا: لا، هذا وارث ولا وصية لوارث، هذا الأمر فات من أيديهم، الوصية تثبت، والوقف يثبت، لكنه يصحح إذا كان على جهة لا يصح الوقف عليها، ولا تصح الوصية لها، فهمنا كلام الإمام -رحمه الله-؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ما له إلا الثلث.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يرجعون له، يرجعون في الأكثر.
قال: "قال فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له فإن ذلك لا يلزمهم" لأن إذنهم وجوده مثل عدمه، المال ماله، بخلاف ما إذا استأذنهم في مرضه المخوف؛ لأن المال حكماً في حكم الآيل إليهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في مرض موت؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الإنسان يكلف بما .. ، يؤاخذ بما ينطق به، وكم من حق ضاع بسبب المجاملة، لكن الناس ما لهم إلا الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، تنازلوا والأمر لا يعدوهم.

(144/16)


"فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له، فإن ذلك لا يلزمهم، ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا، وذلك أن الرجل إذا كان صحيحاً كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج فيتصدق به، أو يعطيه من شاء، وإنما يكون استئذانه ورثته جائزاً على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله" وذلك في مرضه المخوف، لكن إذا أوصى وهو صحيح شحيح لواحد من ورثته دون غيره من الورثة، ألا يأخذ هذا حكم العطية لأحد الأولاد دون غيره؟ ويجب عليه أن يعدل بينهم في هذه الصورة، وعلى القاضي الذي يتولى الحكم في هذه المسألة أن يعدل في الوصية.
"ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه، وحين هم أحق بثلثي ماله، فذلك حين يجوز عليهم أمرهم، وما أذنوا له به، فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً فإنه رد على من وهبه".
"فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً فإنه رد على من وهبه" لماذا؟ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، وهنا ما قضي فيها بشيء "إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له" يعني الأب له خمسة أولاد، نفترض أن الكبير منهم عنده زوجة وأولاد كثر، وعليه ديون والذي يليه تاجر، عنده الأموال الطائلة، وإرثه من أبيه لا يساوي شيئاً بالنسبة لماله، فقال له: لو تبرعت بمالك بنصيبك من الإرث لأخيك المدين، وهذا يحصل كثير، فتبرع به، يرجع وإلا ما يرجع؟ ليس له أن يرجع.
يقول: "إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له" بخلاف ما لو قال: لو تتبرع بميراثك لمن يحتاج من إخوانك، ما سماه، حينئذٍ له أن يرجع؛ لأنه لم يسم، ولم يعين، أما إذا قيل: لفلان، لأخيك فلان المدين، رب العائلة، رب الأسرة عليه التزامات، وعليه ديون، وعليه مصاريف، وأنت لست بحاجة، فإذا عين لزم.
طالب:. . . . . . . . .

(144/17)


هم يفرقون بين ما إذا كان الرجل صحيحاً سليماً، مر بنا في كلام مالك، ما يملكون، لكن إذا كان في مرضه المخوف فالملك شبه انتقل، ولذلك لا يجوز له التصرف فيه.
قال: "وإن وهب له ميراثه ثم أنفذ الهالك بعضه، وبقي بعض فهو رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أُعطيه" الوالد قال: لو تبرعت بميراثك لفلان، ميراثك لفلان، ثم تبرع فيه، ثم تصرف "أنفذ الهالك بعضه، وبقي بعض، فهو رد على الذي وهب" يعني كأنه تصرف به قبل وفاته، قال: أنت نصيبك من التركة مائة ألف، أخوك مدين، فلو نأخذ هذه المائة الذي هي ميراثك ونعطيها الأخ، فأعطاه خمسين وتصرف بخمسين قبل أن يموت يقول: "فهو رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه" هذه الخمسين الذي تصرف فيها الميت تعاد إلى التركة، كأنها أرجعت إلى التركة، فتعود إلى صاحبها.
قال: "وسمعت مالكاً يقول فيمن أوصى بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئاً لم يقبضه، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، فإن ذلك يرجع إلى الورثة" لأن الهبة لا تثبت إلا بالقبض، وتقدم خبر عائشة -رضي الله عنها-.
"يرجع إلى الورثة ميراثاً على كتاب الله؛ لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه، ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك" يعني ما يحسم على أهل الوصايا، وإنما يعود إلى أصل التركة، على ما تقدم.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد
حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثاً كان عند أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع: يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فأنا أدلك على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن هؤلاء عليكم)).

(144/18)


وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: كانت عند عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها، فجاء عمر -رضي الله تعالى عنه- قباء، فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده، فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه-، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ابني، وقالت المرأة: ابني، فقال أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: خل بينها وبينه، قال: فما راجعه عمر الكلام.
قال: وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد
يعني من فيه شبه من النساء في عدم رغبته في النساء، أو من التابعين غير أولي الإربة، ليس له نظر في النساء، وهو المعبر عنه في الخبر: "أن مخنثاً".
ومن أحق بالولد
يعني إذا حصل الفراق بين الزوج والزوجة وبينهما ولد من الأحق به؟
قال: "حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثاً كان عند أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-" اسمه على ما ذكر الشراح "هيت" يقال: مانع، يقال: ماتع، أقوال كثيرة، لكن الذي رجحه ابن حجر وغيره أنه اسمه: "هيت".
"كان عند أم سلمة" أم المؤمنين، يعني هؤلاء لا نظر لهم في النساء كالأطفال، يدخلون على النساء؛ لأنه لا ضرر منه عليهن.
"فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع: يا عبد الله" يعني ابن أبي أمية "إن فتح الله عليكم الطائف غداً" يعني وهم محاصرون للطائف "إن فتح الله عليكم الطائف غداً فأنا أدلك على ابنة غيلان".
طالب:. . . . . . . . .
إيه معهم، كان يخرج معهم النساء، وأمثال هؤلاء.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه قال هذا الكلام حاضر.
طالب: لكن أقصد يعني خروجه هو ليس مكلف.
هو ليس بمجنون.
طالب: غير الجنون، لكن أنا أقصد أنه يعني في طبيعته أقرب إلى النساء ....
إذا كان النساء يخرجن وهن الذي لا جهاد عليهن، يمكن، المقصود أنه موجود أثناء حصار الطائف.
طالب: يعني ما هو من أهل الطائف هو؟
لا، لا.

(144/19)


"يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غداً" ويحتمل أنه قال ذلك قبل أن يخرجوا، والمراد بالغد ليس الغد القريب؛ لأن بين الطائف وبين المدينة الرسول خرج إلى الطائف من مكة، يعني بينهما مسافة، على كل حال المقصود بالغد ما يأتي، ما يستقبل من الأيام، فيحتمل أنه لم يكن معهم كأم سلمة، والاحتمال القائم أنه حاضر معهم حين حصار الطائف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
محاصر الطائف ما في إشكال، نعم محاصر الطائف جاءت في الخبر.
"إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فأنا أدلك على ابنة غيلان" وقوله: "إن فتح الله عليكم" يدل على عدم مشاركته، ولو كان مشاركاً لقال: إن فتح الله علينا، المقصود أنه موجود أثناء الحصار.
"فأنا أدلك على ابنة غيلان" غيلان الثقفي الذي أسلم عن عشر من النسوة، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمساك أربع، ومفارقة سائرهن.
"على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان" المراد بالأربع هنا العكن، عكن البطن، وهي أربع طبقات، وأطرافها من الخلف ثمانية، كل طبقة لها طرفان واحد من اليمين وواحد من الشمال، كناية عن أنها بدينة، وكانت البدانة مرغوبة عند العرب، وهناك أوصاف أخرى لا يليق ذكرها في هذا المكان.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن هؤلاء عليكم)) " كان يدخل على النساء باعتبار أنه ليس من أولي الإربة، ولم يطلع على عورات النساء، ولا نظر له فيهن، لكن لما وصف هذا الوصف الدقيق دل على أن مثل يجب منعه، وعلى هذا إذا وجد مجنون، يحتجب منه وإلا ما يحتجب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يقول بعض أهل العلم: إنه أشد من العاقل، يحترز منه أكثر من العاقل؛ لأن العاقل عنده ما يردعه ويمنعه، لكن المجنون إذا أعجب بشيء من يردعه فهو أشد.
هذا المخنث لما عُرف أن له إربة، وله معرفة، وله خبرة، يعني عن دقة، الوصف الذي ذكره في بعض طرق الحديث يدل على أنه ليس من هذا النوع الذي لا يحتجب منه.

(144/20)


"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن عليكم هؤلاء)) " فهم ثلاثة يقولون في المدينة من هذا النوع، فمنعهم، بل نفاه النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج المدينة، نفاه، فلما مات النبي -عليه الصلاة والسلام- طلب من أبي بكر أن يرده فرفض، ومن عمر أن يرده فرفض، ثم في آخر ولاية عمر قالوا: إنه لا بد أن يدخل ليسأل، يتكفف الناس، فقير ما عنده شيء أو يموت، قالوا: فأذن له يدخل يوم الجمعة ليسأل فقط.
طالب:. . . . . . . . .
كافية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم، لا، يميزون يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
يميزون، لا، لا يميزون عندهم تمييز، عندهم قوة مدركة، ما يلزم أن يكون عقل، عندهم قوة مدركة، يعني أعطه ريالاً ثم خذه منه ما تقدر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لكثرة ما يقال له، من كثرة ما .. ، المقصود أن عندهم قوة مدركة، ولو لم يوجد العقل.
طالب:. . . . . . . . .
مثل ما يحصل عند البهائم يا أخي، البهائم عندها إدراك.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عندهم، عندهم إدراك، لكن إذا وجد هذا الإدراك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا وجد هذا عند شخص هذا يحتاط منه، مثل هذا يحتاط منه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(144/21)


بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (18)
باب: العيب في السلعة وضمانها - وباب: جامع القضاء وكراهيته - وباب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

(145/1)


"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر" الفقيه، أحد الفقهاء السبعة "يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر" جد عمر بن عبد العزيز لأمه من خيار التابعين، لم تثبت له رؤية، ولد لسنتين بقيتا من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم إنه فارقها" فارق هذه المرأة الأنصارية "فجاء عمر قباء" يعني كأن هذه المرأة تسكن في حي قباء "فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة" وموضوع الحديث الحضانة، إذا حصلت الفرقة بين الزوجين لمن تكون؟ الأصل أنها للأم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت انتهى حقها، ثم من يلي الأم، هل الذي يليها أمها أو الأب؟ يقول: "فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام، لأمه، فنازعته إياه" يعني اختصموا فيه لمن تكون الحضانة؟ "حتى أتيا أبا بكر الصديق فقال عمر: ابني" يعني فأنا أحق به منها "وقالت المرأة: ابني" الجدة قالت: ابني، والجدة أم بلا شك "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني هي أولى به منك؛ لأن النساء أعرف بتدبير شئون الصبيان من الآباء، من الرجال، لكنه إذا بلغ من العمر مبلغاً بحيث يخشى عليه من الضياع إذا مكث عند أمه أو جدته، فأبوه أولى به، وعلى هذا يراعى في الحضانة مصلحة المحضون، فإن كانت مصلحته في بقائه عند أمه فهو الأصل، وإذا ادعى الأب أنه يضيع، وأن أمه ليست قادرة على رعاية مصالحه، فإنه يسقط حقها؛ لأن الملاحظ فيها حق المحضون، والأصلح له، فإذا رأى أن الأم ليست لديها من الكفاية ما يجعلها أحق سقط حقها كسائر الحقوق، يعني كولاية الأب على بناته في تزويجهن إذا لم يكن كفؤاً لهذه الولاية، انتقل حقه إلى غيره وهكذا؛ لأن من شرع الحق بسببه فملاحظته أولى من ملاحظة غيره، يعني حينما يقال: إن الحضانة حق للأم هل معنى أنها هي المستفيدة منه من هذا الحق؟ المستفيد الولد، فملاحظة فائدة هذا المستفيد أولى من ملاحظة حق ذي الحق، لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات عدم الكفاءة "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني المنازعة بين عمر والجدة، هل هي تطلب هذا الولد لنفسها، أو تطلبه لبنتها التي هي أم الولد؟ إن كانت

(145/2)


تطلبه لبنتها هذا ما فيه إشكال، هي أحق به ما لم تتزوج بالنص، ما في أدنى إشكال، لكن إذا كانت تطلبه لنفسها بغض النظر عن الأم فأيهما أولى الجدة أو الأب؟ الأم موجودة في هذه القصة، في هذه القصة الأم موجودة، فهل طلبت الجدة الحق لأن ابنتها تزوجت، أو لأنها تطلب هذا الحق لبنتها؟ ومن لازم طلبه لبنتها أن يكون لها؛ لأن البنت عندها، فالنزاع الآن وإن كانت الصورة في الظاهر بين الجدة وبين عمر -رضي الله تعالى عنه- إلا أنه في الواقع إن كانت الأم عند أمها ولم تتزوج فإنما هي تطالب بحق بنتها، وحق البنت هو حق لوالديها كما هو معروف، يعني الإنسان يملك ما يملكه ولده من حقوق ما لم يضر به، فما الذي يظهر من هذه الصورة؟ ليس لها، لكن قالوا: "فما راجعه عمر -رضي الله عنه-" الكلام، ما راجع أبا بكر، واقتنع بالحكم، ورضي وترك الولد.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك" أنه إذا اختصمت الجدة مع الأب حُكم للجدة، الشراح قالوا هذا، أخذاً من الصورة الظاهرة، الآن الخصام بين الأب والجدة، فالجدة قال: خل بينها وبينه، لكن إن كانت الأم عند أمها في بيتها، لا شك أنها تطلب حق بنتها، افترضنا أن الأم ليست بكفء للحضانة، يعني تصرفاتها عليها ملاحظة في هذا الباب، ويخشى من تضييع الولد، لكن هي عند أمها الحاذقة في تربية الأطفال الجدة، فالجدة تكمل النقص الذي عند الأم، يبقى حقها أو ينتقل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حق الأم لعدم كفاءتها، لكن هي في كنف أمها الحاذقة التي تستطيع فهي من ورائها ومن دونها كما يقولون، على كل حال القاعدة في هذا وأشباهه أن المنظور له رعاية حق المحضون، ولذا شيخ الإسلام قد يتجاوز في مثل هذا، ويتعدى الأقرب إلى الأبعد نظراً لأن وجوده عند الأبعد أحفظ له وأصون، فالمسألة معروفة عند أهل العلم كسائر الولايات.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك" يعني أنا كأن الإمام مالك يميل إلى أن الجدة أحق بالولد من الأب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .

(145/3)


الآن الكتاب كتاب الوصية فالمخنث هذا "هيت" أوصى، جامع الوصية، يعني سواءً كانت في الحياة في الممات فيما يوصى به، المقصود أنها وصية، نعم، وهذا باعتبار أن أبا بكر -رضي الله عنه- أوصى بأن تكون .. ، إن لم يكن حكم نعم في مثل هذه الصورة، فالولد إذا حصل الفراق من يوصى به له؟
طالب: هو الباب الذي بعده أشد، ويش علاقته بالوصية؟ الذي بعده أشد.
يأتي، يأتي، نعم.
سم.
أحسن الله إليك.

باب: العيب في السلعة وضمانها
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته.
قال مالك -رحمه الله-: فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه، وليس يوم يرد ذلك إليه، وذلك أن ضمانها من يوم قبضها، فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه، فبذلك كان نماؤها وزيادتها، وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة مرغوب فيها، ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة، لا يريدها أحد، فيقبض الرجل السلعة من الرجل فيبيعها بعشرة دنانير، ويمسكها وثمنها ذلك ثم يردها، وإنما ثمنها دينار، فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير، أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار أو يمسكها، وإنما ثمنها دينار، ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير، فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير، إنما عليه قيمة ما قبض يوم قبضه.
قال: ومما يبين ذلك أن السارق إذا سرق السلعة فإنما ينظر إلى ثمنها يوم يسرقها، فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه، وإن استأخر قطعه إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه، وإما أن يهرب السارق ثم يؤخذ بعد ذلك فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق، وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك ولا بالذي يوجب عليه قطعاً لم يكن وجب عليه يوم أخذها إن غلت تلك السلعة بعد ذلك.

(145/4)


كأن المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الباب والذي قبله والذي بعده رجع إلى القضاء، إلى الأقضية، فالذي قبل الوصايا هي الأقضية، فقصة عمر مع المرأة قضى فيها أبو بكر، وهذه أيضاً فيها قضاء، والذي يليه باب جامع القضاء وكراهيته ... إلى آخره، فكأنه رجع، يعني أدخل الوصايا بين أبواب القضاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويليه باب جامع القضاء وكراهته.
طالب:. . . . . . . . .
إيه كأنه رجع عاد إلى كتاب القضاء.

باب: العيب في السلعة وضمانها
مضمون الباب أن الشخص يشتري السلعة بمائة مثلاً، ثم يتبين فيها عيب، فيردها على صاحبها، وبين العقد وبين الرد مدة يزيد فيها السعر أو ينقص، السلعة بمائة يوم العقد، ويوم الرد تستحق ألف أو يوم الرد تستحق عشرة، إذا قلنا: الرد شرعي بالعيب، وأنه يستحق ردها لو لم تزد ولم تنقص، فإنه يردها بقيمتها، بمائة، لا يردها بما تستحقه يوم الرد، وينضوي تحت ذلك من المسائل ما لا يحصى، يعني من المسائل القائمة غلاء السلع، وضعف النقود أمام هذه السلع، اشترى بيت بمائة ألف، ثم تبين فيه عيب بعد سنين شهد من شهد أن البيت ليس على قواعد، وهذا عيب، فأراد رده، البيت في حاله الراهنة في وقت الرد قيمته يقدر بخمسمائة ألف، خمسة أضعاف، هل يرده بقيمته الأولى، وهل لبائعه أن يقول: هذا البيت فيه عيب فلا بد من رده؟ وإذا رضي المشتري بالعيب هل يلزم بالرد؟ وقل مثل هذا بالعكس، بيت اشتراه بمليون ثم تبين فيه عيب، ثم لو سلم من العيب قيمته خمسمائة مثلاً نصف القيمة، يرد بقيمته التي اشتري بها من غير زيادة ولا نقصان، أقول: مثل هذا فيما لو ضعفت الأقيام، بمعنى أن الليرة مثلاً اللبنانية كانت بريال ونصف، هذا شيء أدركناه، في التسعينات كانت بريال ونصف، والآن؟ نعم، كم؟ خمسمائة ضعف، أكثر من خمسمائة ضعف، فالقضية قائمة عندهم، عندهم المؤخر في المهر، يعني كانت تتزوج المرأة فيدفع لها مثلاً عشرة آلاف ليرة مقدم، وعشرة آلاف ليرة مؤخر، يعني العشرة آلاف لها وقع في ذلك الوقت، لكن الآن لا قيمة لها.
طالب:. . . . . . . . .

(145/5)


المقصود أنه ليس لهم إلا ما نص عليه في العقد، زادت القيمة أو نقصت، ليس لهم إلا ذلك، شخص أقرض شخص مائة ألف ليرة سنة تسعين أو واحد وتسعين، وأراد أن يوفيها إياه الآن، ماذا يوفيه؟ مائة ألف لا تزيد ولا تنقص، ولو كان العكس لكان هو الحكم، والغنم مع الغرم.
باب: العيب في السلعة وضمانها
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
ورضي المشتري بعيبها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يطاع، إذا رضي هو بعيبه البيت لزم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الخيار للمتضرر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو قيل بغير ذلك، لو قيل مثلاً: إنه لما أخبره بمثل هذا الخبر قال: نعم البيت معيب، وأنا أريد الأرش، أنا ما أرجع البيت، أنا أريد الأرش، يثمن قيمته سليم وقيمته معيب وأخذ الأرش، قال: لا، الآن نريد الخلاص تبي هكذا وإلا هكذا؛ لأنه قبل كان راغباً في فسخ البيع؛ لأنه مستفيد، ثم عوقب نعم بنقيض قصده، فقيل له: تدفع الأرش، ما دام أنت بائع وعالم بالعيب عليك الأرش.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم يأخذ زود، ويش المانع؟
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز" تبين مثلاً أن البائع لم يملك السلعة، غير مالك لها، أو اختل أي شرط من شروط صحة البيع، "فيوجد ذلك البيع غير جائز، فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته".
"قال مالك: فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه" يعني سواءً زادت قيمتها أو نقصت "وليس يوم يرد ذلك إليه" يعني المسألة في شخص اشترى سلعة من حيوان أو ثياب أو عروض، فتبين أن البائع لا يملك، ثم بعد ذلك هو تصرف في هذه السلعة، البيع باطل وإلا صحيح؟ باطل، ماذا يضمن؟ يضمن مثل أو يضمن قيمة؟ في المثليات يضمن المثل، وفي المقومات يضمن القيمة، هنا بيضمن القيمة، يضمن القيمة حال قبضها من صاحبها أو حال تلفها؟ حال قبضها، نعم؟

(145/6)


يقول: "فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت" يعني سواءً كانت أكثر أو أقل "وليس يوم يرد ذلك إليه، وذلك أنه ضمنها من يومَ قبضها" مثلما ذكرنا، ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى "فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه، فبذلك كان نماؤها وزيادتها له" يعني فرق بين النماء المتصل والمنفصل.
اشترى دابة فلما تبين بعد مدة أنها ليست ملك لمن باعها، فعليه ردها، ومعها ولد، ولدت في حوزة المشتري، نماء منفصل، هو له وإلا ليس له؟ النماء المنفصل؟ نعم؟ المتصل ما فيه إشكال، سمنت وزاد وزنها هذا عاد ترد بنمائها، لكن المنفصل؟ نعم الخراج بالضمان، بمعنى أنه أنفق عليها، وتعب عليها، وحفظها، فيكون له النماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني للمشتري الولد.
يقول: "فبذلك كان نماؤها وزيادتها له، وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة" يعني رائجة، كل يبحث عنها، مرغوب فيها "ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة" يعني مرغوب عنها، لا يريدها أحد، تعرفون السلع العقار أحياناً يتقاتل الناس عليه، ولا يجلس لحظة إذا عرض للبيع، وأحياناً يجلس عشر سنوات ما وجد من يسومه، فهو أحياناً يكون رائج، وأحياناً يكون ساقط.
"لا يريدها أحد، فيقبض الرجل السلعة من الرجل فيبيعها بعشرة دنانير، ويمسكها وثمنها ذلك ثم يردها، وإنما ثمنها دينار" يعني اشترى السلعة، وقيمتها عشرة دنانير، ثم لما ردها بالعيب أو بتبين عدم ملك البائع لها ما تسوى إلا دينار، يردها، ولا يأخذ منه تسعة، يعني يقول: بعتها عليك بعشرة وهي ما تسوى إلا دينار، هات الأرض وهات تسعة معها، يقول: لا، كما أنه لو كان العكس باع عليه بدينار، وردت عليه بالحكم بالقضاء باعتبار أن البائع لا يملك، فلا يقول له المشتري: أعطني تسعة دنانير، وخذ الأرض في مقابل دينار، كل هذا ليس بصحيح.

(145/7)


يقول: "فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير" ما يقول له: أعطني تسعة دنانير، أو المشتري يقول: أعطني تسعة دنانير في حال الكساد، أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار أو يمسكها، وإنما ثمنها دينار، ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير، فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير، إنما عليه قيمة ما قبض، يعني هذا في حال تبين، بطلان البيع ظاهر، لكن إذا كان في حال تبين عيب في المبيع، والسلعة بدينار، ثم صارت تستحق عشرة دنانير، المشتري يرد وإلا ما يرد؟ له الرد، لكن في الغالب أنه ما يرد، أقل الأحوال تبي تسوى لها سبعة ثمانية، ففي هذه الصورة لا يلزم بالرد إذا رضي بالعيب.
قال: "ومما يبين ذلك أن السارق إذا سرق السلعة إنما ينظر إلى ثمنها يوم يسرقها، فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه" لأن العبرة بالحال لا بالمآل "فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه، وإن استأخر قطعه إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه، وإما أن يهرب السارق، ثم يؤخذ بعد ذلك، فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق" لما سرق السلعة تباع بدينار، عند إقامة الحد السلعة لا تساوي درهم، قد يقول السارق: الدرهم لا يوجب قطع، يقال له: حينما سرقتها توجب قطع، والعكس، يعني لو سرقها وهي لا تستحق درهم، ثم عند القطع أو عند تنفيذ الحد تستحق دينار، ينفذ عليه وإلا ما ينفذ؟ ما ينفذ؛ لأن العبرة بالحال في حال السرقة.
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الشبهة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تدرأ، باعتبار أنه سرقها يوم سرقها من حرزها النصاب المفترض؛ لأن الحكم ينبغي ألا يتأخر، الحكم المفترض أنه صدر في وقته.
"فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق، وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك، ولا بالذي يوجب عليه قطعاً لم يكن وجب عليه يوم أخذها وإن غلت تلك السلعة بعد ذلك" وهذا ظاهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ربع دينار أو ثلاثة دراهم.
طالب: في واقعنا؟
يسأل عن الدينار كم يسوى ويشاف ربعه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هو بشرعي هذا، هذا ما هو بشرعي.
طالب:. . . . . . . . .

(145/8)


لا، لا الشرع يسأل عن الدينار؛ لأن الأصل، الخلاف بين الأهل العلم هل الأصل الدينار أو الدرهم؟ ثم بعد ذلك يقوم، أو هما أصلان ينظر في أقلهما أو أعلاهما؟
طالب: أعلاهما.
نعم، درأ الشبهة إذا قلنا: إنهما أصلان نظرنا إلى الأعلى، وإلا ...
طالب:. . . . . . . . .
في مثل هذا الدرء بالشبهة ظاهر.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: جامع القضاء وكراهيته
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء -رضي الله تعالى عنه- كتب إلى سلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنه-: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان -رضي الله تعالى عنه-: إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطبباً فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار، فكان أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه- إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما، وقال: ارجعا إلي، أُعيدا ...
أَعيدا، أعيدا.
أحسن الله إليك.
وقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قصتكما متطبب والله.
قال: وسمعت مالكاً يقول: من استعان عبداً بغير إذن سيده في شيء له بال، ولمثله إجارة فهو ضامن لما أصاب العبد إن أصيب العبد بشيء، وإن سلم العبد فطلب سيده إجارته لما عمل فذلك لسيده، وهو الأمر عندنا.
قال: وسمعت مالكاً يقول في العبد يكون بعضه حراً وبعضه مسترقاً: إنه يوقف ماله بيده، وليس له أن يحدث فيه شيئاً، ولكنه يأكل فيه، ويكتسي بالمعروف، فإذا هلك فماله للذي بقي له فيه الرق.
قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا أن الوالد يحاسب ولده بما أنفق عليه من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً إن أراد الوالد ذلك.
وحدثني مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني عن أبيه أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل، فيغلي بها، ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقال: أما بعد: أيها الناس فإن الأَسيفع ...
الأُسيفع.

(145/9)


فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضاً، فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم، وإياكم والدين، فإن أوله هم، وآخره حرب.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع القضاء
يعني المسائل التي لا تدخل في الأبواب السابقة، مما له تعلق بالقضاء، وكراهيته لأنه مزلة قدم، وما زال أهل التحري يكرهونه ويتوقونه من الصدر الأول إلى يومنا هذا، أعني أهل التحري، وأما أهل التساهل فلا شك أنهم يدفعون الوسائط للحصول عليه، وقد يدفع بعضهم الرشاوى -نسأل الله السلامة والعافية-، فعلى الإنسان أن يسعى لخلاص نفسه، والله المستعان.
يقول: "حدثني مالك" ...
وكم من إمام ضرب بسببه، بسبب القضاء ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) و ((القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة)) لكن إن عدل، وكان أهلاً لذلك فأجره عظيم، والغنم مع الغرم.
قال: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء" عويمر "كتب إلى" أخيه "سلمان الفارسي" وقد آخى بينهما النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن هلم إلى الأرض المقدسة" تعال إلى الأرض المقدسة، يعني في الشام، وهذا ملحظ يلحظه بعض الناس، فيحرص على أن يسكن في الأراضي المقدسة، في بلاد الحرمين مثلاً بمكة أو بالمدينة، نظراً للمضاعفات، وفضيلة المكان، ويغفل أيضاً عن الضد، وأن الذنوب فيها أعظم، لا يلاحظ أن الصحابة تفرقوا في الأمصار بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمور: منها المصلحة الراجحة في تفرقهم، دعاة خير، يقتدى بهم، وينفعون الناس في أمور دينهم ودنياهم، وأبو الدرداء كتب إلى سلمان: أن هلم إلى الأرض المقدسة، بعض الناس إذا مات أوصى أن يدفن في مكة أو في المدينة، ويسأل عنه هل تنفذ وصيته أو تترك؟ لا شك أنه إذا ترتب على ذلك تأخير فجاء الأمر بالتعجيل، يعني قبل هذه الوسائل الحديثة أحياناً يصل إلى المدينة بساعة، هذا ما يترتب عليه تأخير مثلاً، أما قبل لا شك أن التأخير ظاهر، ولو كانت قرية بجوار البلدة، يحتاجون إلى وقت.

(145/10)


ابن بطوطة ذكر في أول رحلته أنهم خرجوا من طنجة وبعد عشرة أيام مات القاضي فرجعوا به إلى طنجة، عشرة أيام مشي، والله المستعان، هذا يترتب عليه تأخير فلا يجوز.
"أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً" وجاء في الحديث الصحيح: ((إن سلمان أفقه منك)) يقوله الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأبي الدرداء "إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله" يعني هو الذي يصحبه، هو الباقي، هو الذي يحاسب عليه، أما الأرض فلا تنفعه ولا تقدسه، وبعضهم يحرص أن يكون بجوار رجل صالح في قبره، وهذا أيضاً لا ينفعه إن بطأ به عمله، مثل هذا لا ينفعه.
"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي" يعني قاضي، جعلت قاضياً تقضي بين الناس، والقاضي مثل الطبيب، إما أن يصلح، وإما أن يفسد، إما أن يصلح كالطبيب، أو يقتل بغير حق، كالطبيب الذي يصف العلاج غير المناسب للمرض.
"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك" يعني إن كنت تعلم الحق ومن أهله، وتجتهد بحيث تصيب فنعم ما لك "وإن كنت متطبباً" يعني تدعي الطب، تدعي معرفة الفصل بين الخصومات "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" نعم قد يحكم على إنسان بالقتل وهو لا يستحق، يعني من قبل القاضي، قد يتساهل في المقدمات فتخرج النتيجة بالحكم على المحكوم عليه بالقتل، وهذا سببه تقصير القاضي، أو عدم معرفته بمن تقبل شهادته، أو بكيفية الدعاوى والبينات وغيرها "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" لكن إذا كان أهلاً للقضاء مجتهداً، وبذل جهده، واستفرغ وسعه، وحكم على واحد ممن لا يستحق إذا استقصى الوسائل والمقدمات الشرعية فإنه يعذر.
"فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين" استحضر هذه الوصية "إذا قضى بين اثنين، ثم أدبرا عنه، نظر إليهما، وقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قصتكما" يتأكد "متطبب والله" يعني يرمي نفسه بأنه مدعي، وأنه ليس أهلاً لهذا المكان، وإن أجبر عليه، والله المستعان.
قال: "وسمعت مالكاً يقول" والشاهد أن القضاء ليس بمرغوب، لذلك في كلام سلمان ما يدل على أن القضاء ليس بمرغوب.

(145/11)


قال: "وسمعت مالكاً يقول: من استعان عبداً بغير إذن سيده في شيء له بال" طلب من العبد أن يعينه على شيء في الغالب يؤخذ عليه أجرة "ولمثله إجارة فهو ضامن لما أصاب العبد، إن أصيب العبد بشيء" لأنه استعمله من غير إذن سيده، قال له: تعال احمل معي هذا الصندوق، أو هذا المتاع إلى الدور الثاني، طاح وانكسر، يضمن؛ لأن في هذا افتيات على سيده.
"إن أصيب العبد بشيء، وإن سلم العبد فطلب سيده إجارته لما عمل فذلك لسيده" قال: هذا الصندوق ما يحمل إلى الدور الثاني إلا بخمسين ريال، له ذلك "وهو الأمر عندنا".

(145/12)


كثير من الناس يستفيد من غيره، تجده سائق عند الجيران، وهذا سائق في وقت راحته ونومه يطرق عليه الباب الجار ويقول: عندي متاع، ويطلعه إلى الدور الثاني تعال، يشتغل عنده ساعة ساعتين، شيء ذو بال، ويستحق عليه أجرة، أو مثلاً عامل المسجد يستغله الإمام أو المؤذن بتغسيل السيارة، وحمل المتاع، أو غيرهما، هذا شيء ذو بال، وله أجرة في الغالب، في العادة، فهل الأجرة في مثل هذه الصورة .. ؟ الرقيق لسيده على كل حال، لكن الحر الأجير مثل عامل المسجد، أو سائق الجيران، أو ما أشبه ذلك، يمسحون سيارات، ويخدمون الناس الأجرة لهم أو لمن استأجرهم واستقدمهم؟ نعم؟ نعم إذا كان خارج وقت العمل، ولا يضر بالعمل فهي لهم، إذا اشترط عليه أنك ما تشتغل عند غيري، تشتغل عندي ثمان ساعات، والباقي ما تشتغل عند أحد يملك وإلا ما يملك؟ وقل مثل هذا في الأجير عند الدولة مثلاً، له دوام من ثمان إلى اثنتين، وينتهي الدوم، ثم يزاول أعمال في العصر، أو المغرب أو الليل مما لا يضر بعمله له ذلك أو ليس له ذلك؟ وهل لمن استأجره أن يمنعه في غير ما يملكه من وقت؟ نعم؟ إنما استؤجر على مدة معينة، الآن الدولة تمنع الموظفين من أن يزاولوا الأعمال التجارية، هل المنظور في هذا أنه يسبب إخلال بالعمل، أو لتتاح الفرصة لأكثر من شخص يعملون هذا في العمل الحكومي وهذا في العمل الحر، وتوزع الأمور على الناس كلهم ليستفاد من الأعمال؟ كأن هذا هو المنظور عند الجهات، نعم كأنه هذا هو المنظور، وإلا فكثير من الأعمال لا أثر له في العمل، وقد يزيد من جودة الأداء في العمل؛ لأنه في إطار ما يخدم العمل، المقصود أن مثل هذا لا شك أنهم يمنعون، ولولي الأمر أن يمنع.
فمثل عامل المسجد اللي ما عنده شغل إلا إذا قرب الأذان بقي ربع ساعة جاء يفتح اللمبات والمراوح، ثم بعد ذلك ما عنده شغل أبد، الأجرة لا شك أنها له؛ لأنه حر، ويؤدي عمله على الوجه المطلوب، أما إذا أدى ذلك إلى خلل في العمل فإنه يمنع.

(145/13)


قال: "وسمعت مالكاً يقول في العبد يكون بعضه حراً وبعضه مسترقاً" يعني مبعض "إنه يوقف ماله بيده" يكتسب في اليوم مائة مثلاً، وهو مبعض نصفها له، ونصفها لمن يملك نصفه، يوقف ماله. . . . . . . . . جمع هذه الخمسينات على مدى شهر شهرين "يوقف ماله بيده، وليس له أن يحدث فيه شيئاً" ولكنه في حاجاته الضرورية يصرف منه، يكتسي بالمعروف، ويأكل ويشرب، "فإذا هلك فماله للذي بقي له فيه الرق" لأنه في حكم العبد، وإن كان في حكم الحر في نصفه الثاني، فإنه يرث ويورث بقدر ما فيه من الحرية، والذي يظهر الإمام -رحمه الله- يقول: "للذي بقي له فيه الرق" هذا إن كان مكاتباً هذا ما فيه إشكال؛ لأنه رق ما بقي عليه درهم، وإن كان مبعضاً بالفعل عتق بعضه، وبقي بعضه، فما اكتسبه ببعضه الحر هو بحكم ماله، يورث منه كما يورث الحر.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا أن الوالد يحاسب ولده بما أنفق عليه من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً إن أراد الوالد ذلك" يعني الوالد أنفق على الولد من ولادته إلى أن توظف، أنفق عليه مدة اثنين وعشرين سنة، قدر الوالد هذه النفقة بمائة ألف، توظف هذا الولد وجاءته مكافئة مائة ألف، أو بدل تعيين خمسين ألف، وجاءه أمور أخرى، اجتمع عنده مائة ألف، هل للوالد أن يحاسبه من بداية الأمر، من ولادته فيأخذ منه هذه المائة؟ من غير مسألة ((أنت ومالك لأبيك)) هذه .. ، ولذلك أدخلت في القضاء، يعني مما يلزم، أو تبدأ المحاسبة بما أنفق عليه من يوم يكون له مال؟ للولد مال؟ الآن إلى أن تخرج ما في حساب، من توظف وتأخرت الرواتب مثلاً شهرين ثلاثة وصار الوالد ما زال ينفق على الولد، وعلى زوجته إن كان متزوج، قبض الولد الرواتب المتأخرة، يحاسبه الوالد من يوم يكون للولد مال، ولذلك قال هنا: "من يومِ" لماذا أعربت؟ لأنها أضيفت إلى جملة صدرها معرب "من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً" المقصود أنه مما يتمول ويطلق عليه "إن أراد الوالد ذلك" وإن ترك وعفا عنه، فهذا هو الأصل بين الوالد وولده، الأمور مبنية على المسامحة.
قال: "وحدثني مالك ... "

(145/14)


هذه المسألة تجر مسائل، وهي أن هل على الوالد أن يزوج ابنه؟ هل عليه أن يعلمه التعليم الزائد على الضروري؟ هل عليه أن يشتري له سيارة أو بيت أو ما أشبه ذلك من الحوائج الأصلية؟ مسائل تحتاج إلى وقت، ولعل الله أن ييسر لها مناسبة أخرى.
قال: "وحدثني مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج، فيشتري الرواحل فيغلي بها" ولكل قوم وارث، تجد الناس في آخر يوم، يعني اليوم الأول من أيام النفر تجده يلزم الحوض، ويرمي أول الناس، ويذهب إلى الحرم ليطوف ليقال: إنه وصل قبل الناس، هذا موجود، وهذه نهمة في قلوب بعض الناس، المقصود "أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج، فيشتري الرواحل فيغلي بها" يعني يشتري بثمن غالي؛ لأنها تتميز بالسبق، نعم "ليصل قبل الناس" نعم "ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس" أفلس من كثر ما يشري من الراحل السريعة "فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال: أما بعد: أيها الناس فإن الأَسيفع" الأسيفع تصغير أسفع، والأنثى سفعاء، وجاء في خطبة يوم العيد: "سفعاء الخدين" وهذا أسيفع "أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج" يعني بعض الناس ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم بعض الناس إذا ذهب إلى تلك المواطن يبحث عن أغلى الحملات، لماذا؟ ليقال: والله حج بعشرين ألف بثلاثين ألف، خمسة آلاف، ستة آلاف، نعم، المقصود أن مثل هذا إذا كان هذا هو الهدف فهذه لا شك أنها حقيقة مرة، وبعض الناس يستأجر في الفنادق الغالية ليقال: إنه سكن العشر الأواخر بمائة ألف غافلاً عن الهدف الذي من أجله ذهب، وهذا خلل كبير في القصد والنية، فعلى الإنسان أن يهتم بما ذهب من أجله، ولذلك كثير من هؤلاء لا يوفق، يعني يبحث عن أفخر الفنادق، ثم ماذا؟ والغالب أنه ليقال: سكن في كذا؛ لأن ما بين أفخر الفنادق والمتوسط منها كبير في الخدمة أو في الراحة، نعم قد يكون الأقل فيه خدمة ضعيفة أو شيء من هذا، فيبحث عن أفضل منه لا إشكال، لكن يبحث عن أفخر الفنادق ليقال: سكن في اليوم عشرة آلاف، عشرين ألف، هذا موجود يعني، لكن هذه لا شك أن هذا خدش في القصد.

(145/15)


"رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضاً" معرضاً عن النتيجة ما فكر بالعواقب "فأصبح قد رين عليه" يعني أحاطت به الديون من كل وجه، كما أن القلب إذا ران عليه الران بسبب الكسب فإنه يغطى بالغشاوة.
"قد رين عليه فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة، نقسم ماله بينهم وإياكم والدين" نعم الإمام يتولى مثل هذه الأمور، يحجر على المدين، ويتولى قسم أمواله على الغرماء "وإياكم والدين" تحذير "فإن أوله هم" بلا شك "وآخره حَرَب" أو "حرْب" بفتح الراء وسكونها، أي: أخذ مال الإنسان وتركه لا شيء له، كما يسلب في الحرب، كما تسلب الأموال في الحرب، فتؤخذ أمواله، ولا يبقى له شيء، وجاء في الدين أيضاً أنه ظل بالنهار، وهم بالليل، وجاء فيه التحذير من النصوص الشيء الكثير، وأن الشهادة على عظمها تكفر كل شيء إلا الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- امتنع أن يصلي على المدين.
نعم.
أحسن الله إليك.

باب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنساناً أو شيء اختلسه أو حريسة احترسها أو ثمر معلق جذه، أو أفسده، أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها، إن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة، قل ذلك أو كثر، فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد، أو عقل ما جرح أعطاه، وأمسك غلامه، وإن شاء أن يسلمه أسلمه، وليس عليه شيء غير ذلك، فسيده في ذلك بالخيار.
يقول -رحمه الله-:

باب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا
في الجنايات، في الأروش، في قيم المتلفات على من تكون إذا كان المباشر عبد والعبد لا يملك؟ فهل تبقى في ذمته، ويبرأ السيد منها؟ أو تكون على السيد؟ لأن الخراج بالضمان، والغنم مع الغرم؛ لأنه المستفيد منه، أو يخير السيد بين أن يدفع العبد لمن جني عليه، أو يدفع أرش الجناية أو قيمة المتلف؟ تقدم ما يشير إلى أنه إن كانت الجناية بأقل من قيمته فإن السيد يدفع، وإذا كانت بأكثر من قيمته فلا يكلف أكثر من قيمته، بأن يدفعه هو.

(145/16)


"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنساناً أو شيء اختلسه" شيء اختلسه يعني أخذه بخفية "أو حريسة احترسها" يعني ما يحترس بنفسه، أو يحرس من قبل غيره، يعني إذا أخذ مال من حرزه، أو ما يسمى بحريسة الجبل، التي يأويها الليل إلى الجبل، فتمتنع به "أو حريسة احترسها، أو ثمر معلق جذه" مر ببستان فأخذ من هذا التمر جذ له عذقاً "أو ثمر معلق جذه، أو أفسده، أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها" ليس هذا هو الجواب وإنما هو وصف لسرقة "أو سرقة سرقها لا قطع له" يعني لم تبلغ النصاب، يعني هل مفهوم هذا أن العبد لا يقطع لو أخذ الأموال؟ يقطع، نعم يقطع لكن هذا وصف لهذه السرقة، وليس خبراً عنها، سرق سرقة لم تتوافر فيها الشروط، شروط القطع.
"إن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة قل ذلك أو كثر، فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه، أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه" يعني قيمته عشرة آلاف، وما أتلفه قيمته ألف يدفع ألف، لكن لو قيمته عشرة آلاف، وأتلف ما قيمته عشرون ألفاً؟ يقول له: خذ العبد، ما لي به لازم، ولا يكلف أكثر من هذا عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم "فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح".
طالب:. . . . . . . . .
قوله: "إن ذلك في رقبة العبد" هذا، أما المسألة الأخيرة لا، كغيره.
"فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه، وأمسك غلامه، وإن شاء أن يسلمه أسلمه" يعطيهم إياه "وليس عليه شيء غير ذلك، فسيده في ذلك بالخيار" حادث تصادم بين سيارتين، سيارة قيمتها مائة ألف، وسيارة قيمتها عشرة آلاف، والخطأ على صاحب السيارة الرخيصة، قيمته عشرة آلاف، صدم هذه السيارة، فجيء بأهل الخبرة، كم تقدر هذه الصدمة؟ قالوا: عشرين ألف، هل لصاحب السيارة أن يقول: خذ سيارتي؟ يعني مثل العبد؟
طالب: به نفع العبد، السيارة نقص. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: به نفع، وبعدين نقص السيارة. . . . . . . . .

(145/17)


شوفوا التنظير يا الإخوان، الآن الإمام -رحمه الله- يقول: يخير إما أن يدفع قيمة المتلف، أو أرش الجناية، أو يدفع العبد، هل نقول لصاحب السيارة الذي قرر عليه الخطأ مائة بالمائة: أنت مخير إما أن تدفع قيمة المتلف، أو أرش الجناية، أو تدفع السيارة مثل العبد؟ أو نقول: لا، المبلغ يلزم كاملاً؟ وما المبلغ اللازم؟ لأن الآن يقدرون قيمة الإصلاح فقط، والأصل ...
طالب:. . . . . . . . .
حتى القِطع يضمنونها.
لكن الأصل أن يقدر الأرش، سيارة بهذه الحال تستحق مائة ألف، صدمت ولو أصلحت، أصلحت بعشرة آلاف، تنزل ثلاثين ألف، أو عشرين ألف، وهذا هو الأصل أن الذي يدفع الأرش.
الفرق بين الصورتين: أن العبد يباشر، والسيارة لا تباشر، فالمباشرة هو السائق، فالقيمة لازمة له، وليست لازمة للسيارة؛ لأن المباشر إذا لم يكن مكلفاً انتقل الحكم إلى المتسبب.
طالب:. . . . . . . . .
مر علينا هذا، ومتى يجب حفظها؟ ومتى يهدر؟ متى تهدر جنايتها؟ هذا مر، نعم.

باب: ما يجوز من النُحل
حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له، وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوه.
قال مالك: الأمر عندنا أن من نحل ابناً له صغيراً ذهباً أو ورقاً، ثم هلك وهو يليه، إنه لا شيء للابن من ذلك، إلا أن يكون الأب عزلها بعينها، أو دفعها إلى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل، فإن فعل ذلك فهو جائز للابن.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من النُحل
النحل: مصدر نحله ينحله نحلاً، تقدم مراراً.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز" يعني لا يستطيع القبض "نحله" إنما يقوم مقامه وليه في المال، يقبض عنه، وهو في هذه الصورة الأب "فأعلن ذلك له، وأشهد عليه" قال: ولدي فلان الصغير له كذا، وحازها عن ماله "وأشهد عليها فهي جائزة، وإن وليها أبوه" بمعنى، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف نافذة؟ فهي جائزة له، يعني ما هي الكلام في الإباحة وعدمه، نعم؟

(145/18)


طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، قبضها وكيله، وليه في المال، الآن ... ؛ لأنه الآن القبض للأب "لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له" هذا قبض، نعم "وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوه" ويفسره قول مالك -رحمه الله-، يعني فرق بين أن يقول: اشهدوا يا إخوان تراه نحل ابنه فلان مائة ألف وما طلعها من حسابه، وبين أن يفتح حساب باسم هذا الطفل، برقم مستقل، ويشيلها ويحطه معه، أو يفتحه باسمه، وفي قرارة نفسه وكتاباته أنه لهذا الولد، لكن حساب مستقل.
"قال مالك: الأمر عندنا أن من نحل ابناً له صغيراً ذهباً أو ورقاً ثم هلك وهو يليه إنه لا شيء للابن من ذلك" لأنه مع أمواله، ما قبضه عنه "إنه لا شيء للابن من ذلك إلا أن يكون الأب عزلها بعينها" يعني جعلها في حساب مستقل، وصار يضارب بها بنفسه فهي للابن "أو دفعها إلى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل" يعني أمانة عند فلان، شالها من ماله وحطها عند فلان "فإن فعل ذلك فهو جائز للابن" يعني ينفذ هذا.
الصغار لا شك أنهم في كفالة وحضانة الأبوين، وأحياناًَ يأتي لواحد من هؤلاء الصغار من بيت المال ما يخصه، نفترض أن شخصاً عنده عشرة أولاد، وعنده ولد معوق يصرف له من بيت المال مثلاً، يصرف له من بيت المال مرتب شهري، لا شك أن حاجاته الأصلية، حاجاته مقدمة على حاجة كل أحد من هذا المال حتى حاجة الأبوين، لكن الزائد هل يحفظ لهذا الطفل أو ينفقه الأب على بقية متطلباته؟ لا سيما حوائج البيت؛ لأنه قد يكون الأب فقير، فهل ينفق على نفسه وزوجته وأولاده من هذا المال أو نقول: لا هذا المال خاص بهذا الطفل المعوق يصرف منه ما يصرف ويحفظ له الباقي؟ هذه مسألة ترد كثيراً، وشبيهة بمسألتنا، إلا أن هذه من الأب، وهذه للأب.
هو إذا كان يصلح هذا المال يأكل منه بالمعروف، لكن إذا كان لا يصلحه، ويقبض في كل شهر ألف ألفين ثلاثة على حسب ما يعطى، وقل مثل هذا في الضمان، والأمور التي ترد من بيت المال، أو العوائد السنوية التي تصرف من بيت المال، الأب يصرف على هذا الولد وغيره من الأولاد وأنت ومالك لأبيك، هل نقول بمقتضى هذا أن الأب يأخذ هذا المال أو القدر الزائد منه ويجعل هذا الولد أسوة غيره، أو نقول: الخراج بالضمان؟ لأنه إن احتاج الولد أكثر من هذا فإن على الأب أن يصرف عليه، فله أن يأخذ ما زاد عن حاجته، وكأن هذا هو الأقرب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(145/19)