شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

قَوْله

بَاب الْعَزْل الْعَزْل هُوَ ان يُجَامع فَإِذا قَارب الْإِنْزَال نزع وَانْزِلْ خَارج الْفرج وَهُوَ مَكْرُوه عندنَا فِي كل حَال وكل مرأة سَوَاء رضيت أم لَا لِأَنَّهُ طَرِيق الى قطع النَّسْل وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الآخر تَسْمِيَة بالوأد الْخَفي لِأَنَّهُ قطع طَرِيق الْولادَة كَمَا يقتل الْمَوْلُود بالوأد وَأما التَّحْرِيم فَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يحرم فِي مملوكته وَلَا فِي زَوجته الْأمة سَوَاء رضيتا أم لَا لِأَن عَلَيْهِ ضَرَرا فِي مملوكته بمصيرها أم ولد وَامْتِنَاع بيعهَا وَعَلِيهِ ضَرَرا فِي زَوجته الرقيقة بمصير وَلَده رَقِيقا تبعا لأمه واما زَوجته الْحرَّة فَإِن اذنت فِيهِ لم يحرم والا فَوَجْهَانِ أصَحهمَا لَا يحرم ثمَّ هَذِه الْأَحَادِيث مَعَ خَيرهَا يجمع بَينهمَا بِأَن مَا ورد فِي النَّهْي مَحْمُول على كَرَاهَة التَّنْزِيه وَمَا أورد فِي الْإِذْن فِي ذَلِك مَحْمُول على انه لَيْسَ بِحرَام وَلَيْسَ مَعْنَاهُ نفي الْكَرَاهَة وللسلف خلاف كنحو مَا ذَكرْنَاهُ من مَذْهَبنَا وَمن حُرْمَة بِغَيْر اذن الزَّوْجَة الْحرَّة قَالَ عَلَيْهَا ضَرَر فِي الْعَزْل فيشير لجوازه اذنها (نووي)

قَوْله

(1/138)


[1929] لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا الخ هَذَا دَلِيل لمَذْهَب الْعلمَاء كَافَّة انه يحرم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَينهَا وَبَين خَالَتهَا سَوَاء كَانَت عمَّة وَخَالَة حَقِيقِيَّة وَهِي أُخْت الْأَب وَأُخْت الام أَو مجازية وَهِي أُخْت أبي الْأَب وَأبي الْجد وان علا أَو أُخْت أم الام وَأم الْجدّة أَو مجازية من جهتي الام والاب وان علت فكلهن بِإِجْمَاع الْعلمَاء يحرم الْجمع بَينهمَا وَقَالَت طَائِفَة من الْخَوَارِج والشيعة يجوز وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى واحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم وَاحْتج الْجُمْهُور بِهَذِهِ الْأَحَادِيث خصوا بهَا الْآيَة وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الاصوليين جَوَاز تَخْصِيص عُمُوم الْقُرْآن بِخَبَر الْوَاحِد لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبين للنَّاس مَا أنزل إِلَيْهِم من كتاب الله وَأما الْجمع بَينهمَا فِي الوطى بِملك الْيَمين كَالنِّكَاحِ فَهُوَ حرَام عِنْد الْعلمَاء كَافَّة وَعند الشِّيعَة مُبَاح وَيُبَاح أَيْضا الْجمع بَين الاختين بِملك الْيَمين قَالُوا قَوْله تَعَالَى وان تجمعُوا بَين الاختين إِنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاح وَقَالَ الْعلمَاء كَافَّة هُوَ حرَام كَالنِّكَاحِ لعُمُوم قَوْله تَعَالَى وان تجمعُوا بَين الاختين وَقَوْلهمْ انه مُخْتَصّ بِالنِّكَاحِ لَا يقبل بل جَمِيع الْمَذْكُورَات فِي الْآيَة مُحرمَات بِالنِّكَاحِ وبملك الْيَمين جَمِيعًا وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى وَالْمُحصنَات من النِّسَاء الا مَا ملكت ايمانكم فَإِن مَعْنَاهُ ان ملك الْيَمين يحل وطيها بِملك الْيَمين لأنكاحها فَإِن عقد النِّكَاح عَلَيْهَا لَا يجوز لسَيِّدهَا وَأما بَقِي الاقارب كالجمع بَين بِنْتي الْعم وبنتي الْخَالَة أَو نَحْوهمَا فَجَائِز عِنْد الْعلمَاء كَافَّة الا مَا حَكَاهُ القَاضِي عَن بعض السّلف انه حُرْمَة واما الْجمع بَين زَوْجَة الرجل وبنته من غَيرهَا فَجَائِز عندنَا وَعند مَالك وَأبي حنيفَة وَالْجُمْهُور وَقَالَ الْحسن وَعِكْرِمَة وَابْن أبي لَيْلَة لَا يجوز دَلِيل الْجُمْهُور قَوْله تَعَالَى واحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم

[1932] لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته الخ هُوَ تَصْغِير عسلة وَهِي كِنَايَة عَن الْجِمَاع شبه لذته بلذة الْعَسَل وحلاوته وَفِي هَذَا الحَدِيث ان الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَا تحل لمطلقها حَتَّى تنْكح زوجا ويطأها ثمَّ يفارقها وتنقضي عدتهَا فَأَما مُجَرّد عقده عَلَيْهَا فَلَا يبيحها للاول وَبِه قَالَ جَمِيع الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَانْفَرَدَ سعيد بن الْمسيب فَقَالَ إِذا عقد الثَّانِي عَلَيْهَا ثمَّ فَارقهَا حلت للْأولِ وَلَا يشْتَرط وطي الثَّانِي لقَوْله تَعَالَى حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَالنِّكَاح حَقِيقَة فِي العقد على الصَّحِيح وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَن هَذَا الحَدِيث مُخَصص لعُمُوم الْآيَة ومبين للمراد بهَا قَالَ الْعلمَاء وَلَعَلَّ سعيدا لم يبلغهُ هَذَا الحَدِيث (نووي)

قَوْله
[1936] الا أخْبركُم بالتيس الْمُسْتَعَار التيس هُوَ الذّكر من الظباء والمعز والوعول وَإِذا اتى عَلَيْهِ سنته كَذَا فِي الْقَامُوس وَقد يستعار لمن ألْقى جِلْبَاب الْحيَاء من وَجهه فيتعرض للنِّسَاء لِأَن الشَّهْوَة فِي التيس كَثِيرَة فَلَمَّا يغترعن الْجِمَاع (إنْجَاح)

قَوْله
[1937] يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب وَاسْتثنى مِنْهُ بعض الْمسَائِل كَأُمّ أُخْته وَأُخْت ابْنه وَامْرَأَة أَبِيه وَجدّة الْوَلَد وتفصيل ذَلِك فِي كتب الْفِقْه ثمَّ قَالَ طَائِفَة هَذَا الْإِخْرَاج تَخْصِيص للْحَدِيث بِدَلِيل الْعقل والمحققون على انه لَيْسَ تَخْصِيصًا لِأَنَّهُ أحَال مَا يحرم من الرَّضَاع على مَا يحرم بِالنّسَبِ وَمَا يحرم بِالنّسَبِ هُوَ مَا تعلق بِهِ خطاب تَحْرِيم وَقد تعلق بِمَا عبر عَنهُ بِلَفْظ الامهات وَالْبَنَات وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت فَمَا كَانَ من مُسَمّى هَذِه الْأَلْفَاظ متحققا فِي الرَّضَاع حرم فِيهِ والمذكورات لَيْسَ شَيْء مِنْهَا من مُسَمّى هَذِه الْأَلْفَاظ فَكيف تكون مَخْصُوصَة وَهِي غير متناولة كَذَا فِي الْمرقاة

قَوْله
[1938] أُرِيد على بنت حَمْزَة الخ أَي قصد وَدلّ على خطْبَة فَاطِمَة بنت حَمْزَة وَقد دله على ذَلِك عَليّ رض فَلَمَّا علم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك اعتذر بِأَنَّهَا حرَام عَلَيْهِ (إنْجَاح)

قَوْله
[1939] فِي خير هُوَ صُحْبَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله فَإِن ذَلِك لَا يحل لي لِأَنَّهُ جمع بَين الاختين وَهَذَا السوال مِنْهَا كَانَ قبل علمهَا بِالتَّحْرِيمِ أَو ظنت ان جَوَازه من خَصَائِصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن أَكثر احكام نِكَاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالف احكام انكحة الْأمة قَوْله ثويبة هِيَ مولاة أبي لَهب بَشرته بولادته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأعْتقهَا (إنْجَاح)

قَوْله
[1941] لَا تحرم الرضعة الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْقدر الَّذِي يثبت بِهِ حكم الرَّضَاع فَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَدَاوُد يثبت بِثَلَاث رَضعَات وَلَا يثبت بِأَقَلّ لهَذَا الحَدِيث وَقَالُوا هُوَ مُبين لِلْقُرْآنِ وَقَالَت عَائِشَة وَالشَّافِعِيّ لَا يثبت بِأَقَلّ من خمس رَضعَات للْحَدِيث الَّاتِي وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء يثبت برضعة وَاحِدَة حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وطاؤس وَابْن الْمسيب وَالْحسن وَمَكْحُول وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة وَالْحكم وَحَمَّاد وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري لعُمُوم قَوْله تَعَالَى وأمهاتكم الَّاتِي ارضعنكم وَلم يذكر عدد أَو خبر الْوَاحِد لَا يصلح ان يُقيد إِطْلَاق الْكتاب قَالَ القَاضِي عِيَاض وَقد شَذَّ بعض النَّاس فَقَالَ لَا يثبت الرَّضَاع الا بِعشر رَضعَات وَهَذَا بَاطِل مَرْدُود (فَخر)

قَوْله

(1/139)


[1943] فَقَالَ النَّبِي ارضعيه الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَقَالَ القَاضِي لَعَلَّهَا حلتبته ثمَّ شربه من غير ان يمس ثديها وَلَا الْتَقت بشرتاهما وَهَذَا الَّذِي قَالَه القَاضِي حسن وَيحْتَمل أَنه عَفا عَن مَسّه للْحَاجة كَمَا خص بالرضاعة مَعَ الْكبر انْتهى اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذِه المسئلة فَقَالَت عَائِشَة ودلؤد يثبت حُرْمَة الرَّضَاع برضاع الْبَالِغ كَمَا يثبت برضاع الطِّفْل لهَذَا الحَدِيث وَقَالَ سَائِر الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وعلماء الاماصر أَي الان لَا يثبت الا بارضاع من لَهُ دون سنتَيْن الا أَبَا حنيفَة فَقَالَ سنتَيْن وَنصف وَقَالَ زفر ثَلَاث سِنِين وَعَن مَالك رِوَايَة سنتَيْن وَأَيَّام وَاحْتج الْجُمْهُور وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى والوالدات يرضعن اولادهن حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ ان يتم الرضَاعَة وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي ذكره مُسلم وَغَيره إِنَّمَا الرضَاعَة بعد المجاعة وبأحاديث مَشْهُورَة وحملوا حَدِيث سهلة على انه مُخْتَصّ بهَا وبسالم وَقد روى مُسلم وَغَيره عَن أم سَلمَة انها كَانَت تَقول أبي سَائِر أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يدخلن عَلَيْهِنَّ أحدا بِتِلْكَ الرضَاعَة وقلن لعَائِشَة وَالله مَا ترى هَذِه الا رخصَة ارخصها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسالم خَاصَّة فَمَا هُوَ بداخل علينا أحد بِهَذِهِ الرضَاعَة وَلَا رَأينَا انْتهى قَوْله لعن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلّل الخ إِنَّمَا لعن الْمُحَلّل لِأَنَّهُ نكح على قصد الْفِرَاق وَالنِّكَاح شرع للدوام وَصَارَ كالتيس الْمُسْتَعَار على مَا وَقع فِي الحَدِيث واللعن على الْمُحَلّل لَهُ لِأَنَّهُ صَار سَببا لمثل هَذَا النِّكَاح وَالْمرَاد إِظْهَار خساستهما لِأَن الطَّبْع المسقيم يتنفر عَن فعلهمَا لَا حَقِيقَة اللَّعْن وَقيل الْمَكْرُوه اشْتِرَاط الزَّوْج التَّحْلِيل فِي القَوْل لَا فِي النِّيَّة بل قد قيل أَنه مأجور بِالنِّيَّةِ لقصد الْإِصْلَاح لمعات اللَّهُمَّ غفر لمصححه

[1948] أَتَانِي عمي من الرضَاعَة الخ وَفِي رِوَايَة الْمُسلم عَن عَائِشَة انها قَالَت يَا رَسُول الله لَو كَانَ فلَانا حَيا لعمها من الرضَاعَة دخل على قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعم الخ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي عَم عَائِشَة الْمَذْكُور فَقَالَ أَبُو الْحسن الْقَابِسِيّ هما عمان لعَائِشَة من الرضَاعَة أَحدهمَا أَخُو أَبِيهَا أبي بكر من الرضَاعَة ارتضع هُوَ وَأَبُو بكر من امْرَأَة وَاحِدَة وَالثَّانِي أَخُو أَبِيهَا من الرضَاعَة الَّذِي هُوَ أَبُو القعيس وَأَبُو القعيس أَبوهَا من الرضَاعَة وَأَخُوهُ أَفْلح عَمها وَقيل هُوَ عَم وَاحِد وَهَذَا غلط فَإِن عَمها فِي هَذِه الرِّوَايَة حَيّ أَتَانِي يسْتَأْذن وَفِي رِوَايَة الْمُسلم ميت فالصوات مَا قَالَه الْقَابِسِيّ وَذكر القَاضِي قَوْلَيْنِ ثمَّ قَالَ قَول الْقَابِسِيّ أشبه لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاحِد لفهمت حكمه من الْمرة الأولى وَلم تحتجب مِنْهُ بعد ذَلِك فَإِن قيل فَإِذا كَانَ عمين كَيفَ سَأَلت عَن الْمَيِّت واعلمها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه عَم لَهَا يدْخل عَلَيْهَا واحتجبت عَن عَمها الاخر أخي أبي القعيس حَتَّى اعلمها النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ عَمها يلج عَلَيْهَا فَهَلا اكتفت بِأحد السوالين فَالْجَوَاب أَنه يحْتَمل ان أَحدهمَا كَانَ عَمَّا من أحد الابوين والاخر مِنْهُمَا أَو عَمَّا أَعلَى والاخر أدنى أَو نَحْو ذَلِك من الِاخْتِلَاف فخافت ان تكون الْإِبَاحَة مُخْتَصَّة صَاحب الْوَصْف الْمَسْئُول عَنهُ اولا ثمَّ اخْتلف الرِّوَايَة فِي عَمها من الرضَاعَة فجَاء فِي رِوَايَة عَن عَائِشَة ان افلح أَخا أبي القعيس جَاءَ يسْتَأْذن عَلَيْهَا وَفِي رِوَايَة افلح بن أبي قعيس وَفِي رِوَايَة اسْتَأْذن عَليّ عمي من الرضَاعَة أَبُو الْجَعْد فَردته قَالَ لي هِشَام إِنَّمَا هُوَ أَبُو القعيس وَفِي رِوَايَة افلح بن قعيس قَالَ الْحَافِظ الصَّوَاب الرِّوَايَة الأولى وَهِي الَّتِي كررها مُسلم فِي أَحَادِيث الْبَاب وَهِي الْمَعْرُوفَة فِي كتب الحَدِيث وَغَيرهَا ان عَمها من الرضَاعَة هُوَ افلح أَخُو أبي القعيس وكنية افلح أَبُو الْجَعْد والقعيس انْتهى

قَوْله
[1949] فليلج عَلَيْك الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله متفقة على ثُبُوت حريَّة الرَّضَاع وأجمعت الْأمة على ثُبُوتهَا بَين الرَّضِيع والمرضعة وَأَنه يصير ابْنهَا يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا ابدا وَيحل لَهُ النّظر إِلَيْهَا أَو الْخلْوَة بهَا والمسافرة وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ إحكام الامومة من كل وَجه فَلَا يتوارثان وَلَا يجب على وَاحِد مِنْهُمَا نَفَقَة الاخر وَلَا يعْتق عَلَيْهِ بِالْملكِ وَلَا ترد لَهُ شَهَادَته لَهَا وَلَا يعقل عَنْهَا وَلَا يسْقط عَنْهَا الْقصاص بقتْله فهما كالاجنبين فِي هَذِه الاحكام واجمعوا أَيْضا على انتشار الْحُرْمَة بَين الْمُرضعَة واولاد الرَّضِيع وانه فِي ذَلِك كولدها من النّسَب لهَذِهِ الْأَحَادِيث وَلَا الرجل الْمَنْسُوب ذَلِك اللَّبن اليه لكَونه زوج الْمَرْأَة أَو وطيها يملك أَو شُبْهَة فمذهبنا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة ثُبُوت حُرْمَة الرَّضَاع بَينه وَبَين الرَّضِيع وَيصير ولدا لَهُ واولاد الرجل اخوة الرَّضِيع واخواته وَيكون اخوة الرجل أعمام الرَّضِيع واخواته عماته وَيكون أَوْلَاد الرَّضِيع أَوْلَاد الرجل وَلم يُخَالف فِي هَذَا الا أهل الظَّاهِر وَابْن علية فَقَالُوا لَا تثبت حُرْمَة الرَّضَاع بَين الرجل والرضيع وَنَقله الْمَازرِيّ عَن بن عمر عَائِشَة وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى امهاتكم اللَّاتِي ارضعنكم واخواتكم من الرضَاعَة وَلم يذكر الْبِنْت والعمة كَمَا ذكرهمَا فِي النّسَب وَاحْتج الْجُمْهُور بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة فِي عَم عَائِشَة وَحَفْصَة وَأَجَابُوا عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ من الْآيَة انه لَيْسَ فيهمَا نَص بِإِبَاحَة الْبِنْت والعمة وَنَحْوهمَا لِأَن ذكر الشَّيْء لَا يذل على سُقُوط الحكم عَمَّا سواهُ وَلم يُعَارضهُ دَلِيل آخر كَيفَ وَقد جَاءَت هَذِه الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة انْتهى

قَوْله
[1955] أَو حباء الخ الحباء ككتاب الْعَطِيَّة وَفِي الْقَامُوس حبا فلَانا أعطَاهُ بِلَا جَزَاء وَلَا من أَو عَام وَالِاسْم الحباء ككتاب انْتهى وَالْمرَاد من عصمَة النِّكَاح عقده وَإِنَّمَا سَاغَ هَذَا لِأَن المعطية إِذا كَانَت قبل النِّكَاح فالغرض مِنْهُ امالة نفس الْمَرْأَة إِلَيْهِ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي الحَدِيث تهادوا تحَابوا كَمَا فِي الْجَامِع الصَّغِير فَلَمَّا مَال طبعها إِلَيْهِ وَوصل مَقْصُوده الَّذِي عقدَة النِّكَاح زَالَ ذَلِك السَّبَب فَيكون الْهَدِيَّة لمن اعطيها تكرما مَاله وَجَزَاء الْإِحْسَان لِأَنَّهُ كَانَ سفيرا بَينهمَا أَو كَانَ ذَلِك الرجل الْمُعْطِي لَهُ وفيهَا من أَبِيهَا واخيها لِأَن اكرام الرجل بِسَبَب بنته أَو أُخْته مستحسن جدا وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَق مَا يكرم الرجل بِهِ ابْنَته أَو أُخْته (إنْجَاح)

قَوْله
[1956] بِغَيْر شَيْء أَي بِغَيْر تَعب ومنة مَعَ أَنَّهَا مَعَ مُشْتَمِلَة على الْفَوَائِد العزيزة (إنْجَاح)

قَوْله

(1/140)


[1957] وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا هَذَا مَحْمُول على انها وهبت لَهُ صداقه أَو هُوَ من خواصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَقْرَب ان يُقَال انها وهبت لَهُ نَفسهَا فَإِنَّهُ نِكَاح بِلَا مهر وَهُوَ فِي معنى الْهِبَة وَهُوَ أَيْضا من خواصه وَعند جمَاعَة يجوز ان يَجْعَل الْعتْق مهْرا لمعات

[1962] خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخ قَالَ بَعضهم التَّحْرِيم وَقع يَوْم خَيْبَر على التأييد وان الَّذِي كَانَ يَوْم فتح مَكَّة مُجَرّد توكيد التَّحْرِيم من غير تقدم الْإِبَاحَة وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لِأَن الَّذِي أخرجه مُسلم فِي الْإِبَاحَة يَوْم اوطاس صَرِيح فِي ذَلِك فَلَا يجوز اسقاطها وَلَا مَانع من تكْرَار الْإِبَاحَة بل الصَّوَاب الْمُخْتَار كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ ان الْإِبَاحَة وَالتَّحْرِيم وَقعا مرَّتَيْنِ فَكَانَت حَلَالا قبل خَيْبَر ثمَّ حرمت يَوْم خَيْبَر ثمَّ ابيحت يَوْم اوطاس ثمَّ حرمت يَوْمئِذٍ بعد ثَلَاثَة أَيَّام تَحْرِيمًا مؤيدا الى يَوْم الْقِيَامَة وَاسْتمرّ التَّحْرِيم وَقد اخْرُج هَذَا الحَدِيث مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة كَمَا ذكره الْمزي لَكِن رِوَايَة الْمُؤلف فِي حجَّة الْوَدَاع وَإِنَّمَا هُوَ وهم قَالَ النَّوَوِيّ وَيسْقط رِوَايَة إباحتها يَوْم حجَّة الْوَدَاع لِأَنَّهَا مروية عَن سُبْرَة الْجُهَنِيّ وَإِنَّمَا روى الثِّقَات الاثبات عَنهُ الْإِبَاحَة يَوْم فتح مَكَّة وَالَّذِي فِي حجَّة الْوَدَاع إِنَّمَا هُوَ التَّحْرِيم فَيُؤْخَذ من حَدِيثه مَا اتّفق عَلَيْهِ جُمْهُور الرِّوَايَة وَوَافَقَهُ غَيره من الصَّحَابَة من النَّهْي عَنْهَا يَوْم الْفَتْح وَيكون تَحْرِيمهَا يَوْم حجَّة الْوَدَاع تَأْكِيدًا واشاعة وَأما قَول الْحسن فِي عمْرَة الْقَضَاء لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا تردها الْأَحَادِيث الثَّابِتَة فِي تَحْرِيمهَا يَوْم خَيْبَر وَهُوَ قبل عمْرَة الْقَضَاء انْتهى والتطبيق بَين يَوْم اوطاس وَفتح مَكَّة ظَاهر لاتصالهما فِي السّفر الْوَاحِد وَفِيه تَفْصِيل لَا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام (إنْجَاح)

قَوْله برد كبرد أَي لما رَأَتْ شبابه وجماله مَالَتْ نَفسهَا اليه وَلم تمل الى جودة برد أَخِيه واعتذرت بِأَن الْبرد مماثل للبرد فَلَا تَرْجِيح لأَحَدهمَا على الاخر (إنْجَاح)

قَوْله حرمهَا الى يَوْم الْقِيَامَة هَذَا الحَدِيث مُحكم لَا يحْتَمل التَّأْوِيل والنسخ لصون الشَّارِع عَن الْكَذِب كَمَا هُوَ مُبين فِي الْأُصُول فَلهَذَا رَجَعَ بعض الصَّحَابَة الَّذين افتوا بِجَوَاز للمتعة الى تَحْرِيمهَا (إنْجَاح)

قَوْله
[1965] وَهُوَ محرم وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز للْمحرمِ النِّكَاح وَرجح حَدِيث بن عَبَّاس على حَدِيث يزِيد لِأَن بن عَبَّاس احفظ وأتقن وَافقه مِنْهُ وَمعنى حَدِيث عُثْمَان الْمحرم لَا ينْكح وَلَا ينْكح وَلَا يخْطب ان هَذِه الْأُمُور لَيست من شَأْن الْمحرم وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَا يجوز هَذِه الْأُمُور فَالْحَاصِل ان النَّهْي للتنزيه أَو للتَّحْرِيم وَالله أعلم (فَخر)

قَوْله
[1967] إِلَّا تَفعلُوا الخ أَي ان لم تزوجوا من ترْضونَ دينه وخلقه وترغبوا فِي مُجَرّد الْحسب وَالْجمال تكن فتْنَة وَفَسَاد لِأَنَّهُمَا جالبان إِلَيْهَا وَقيل ان نظرتم الى صَاحب مَال وجاه يبْقى أَكثر النِّسَاء وَالرِّجَال بِلَا تزوج فيكثر الزِّنَا وَيلْحق الْعَار والغيرة بالأولياء فَيَقَع الْقَتْل ويهيج الْفِتْنَة وَفِيه حجَّة لمَالِك على الْجُمْهُور فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْكَفَّارَة فِي الدّين فَقَط مجمع الْبحار

قَوْله
[1968] تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ أَي تخَيرُوا من النِّسَاء ذَوَات الدّين وَالصَّلَاح وَذَوَات النّسَب الشريف لِئَلَّا تكون الْمَرْأَة من أَوْلَاد الزِّنَا فَإِن هَذِه الرذيلة تتعدى الى أَوْلَادهَا قَالَ الله تَعَالَى الزَّانِي لَا ينْكح الا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا الا زَان أَو مُشْرك وَإِنَّمَا أَمر بِطَلَب الكفو للمجانسة وَعدم لُحُوق الْعَار وَقَوله وَانْكِحُوا إِلَيْهِم من بَاب الْأَفْعَال أَي زوجوا مولياتكم من الْبَنَات والاخوات أَيْضا بالاكفاء وَالْوَجْه مَا مر إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي

قَوْله
[1969] امْرَأَتَانِ الخ الظَّاهِر ان الحكم غير مَقْصُور على امْرَأتَيْنِ بل هُوَ اقْتِصَار على الاوفى فَإِنَّهُ لَو كَانَت ثَلَاث أَو أَربع كَانَ السُّقُوط على حسبها لمعات

قَوْله

(1/141)


[1971] هَذَا فعلي الخ قَالَ الشَّيْخ أَي الْقسم ورعاية البيتوتة وَالْمرَاد بِمَا لَا أملك الْمحبَّة وَالْجِمَاع قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ بِهِ الْحبّ وميل الْقلب قَالَ وَفِيه دَلِيل على ان الْقسم كَانَ فرضا على الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا على غَيره حَتَّى كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاعِي التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي مَرضه مَعَ مَا يلْحقهُ من الْمَشَقَّة على مَا رَوَت عَائِشَة الحَدِيث وَذهب بَعضهم الى ان الْقسم بَينهُنَّ لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ وَاحْتج بِمَا روى انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَقَالَ بَعضهم كَانَ هَذَا قبل ان يسن الْقسم وَيحْتَمل ان يكون باذنهن انْتهى وَالْمذهب عِنْد الْحَنَفِيَّة انه لم يكن الْقسم وَاجِبا على رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى ترجى من تشَاء مِنْهُنَّ وتؤى إِلَيْك من تشَاء ورعاية ذَلِك كَانَ تفضلا لَا وجوبا وَالله أعلم لمعات

[1973] وَلَك يومي أَي لَك يومي من هَذِه الدورة لَا مُطلقًا فَإِنَّهُ لم يثبت عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك نوبَة صَفِيَّة كَمَا ثَبت تَركه نوبَة سَوْدَة رَضِي الله عَنْهُن (إنْجَاح)

قَوْله
[1976] عثر أُسَامَة أَي وَقع ومكيا على الأَرْض وَعتبَة الْبَاب اسكفته أَو الْعليا مِنْهَا أَي سقط أُسَامَة لزلة قدمه باسكفة الْبَاب فشج وَجهه أَي جرح اميطي أَي ازيلي عَنهُ فتقذرته أَي كرهته فَجعل يمص عَنهُ الدَّم أَي يطهره ويمجه أَي يُزِيلهُ عَن وَجهه لَيْسَ المُرَاد من المص والمج المص بِاللِّسَانِ أَو الْأَسْنَان فَإِن الدَّم السَّائِل نجس حَتَّى انفقه أَي اروجه بالكسوة والحلي وَفِيه اسْتِحْبَاب تَزْيِين النِّسَاء للزواج وَالْخطْبَة (إنْجَاح)

قَوْله
[1979] سابقني أَي فِي الْعَدو والجري فسبقته أَي غلبت وَتَقَدَّمت عَلَيْهِ وَالْمرَاد حسن المعاشرة قَالَ القَاضِي يجوز السباق فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء فِي الْخُف والحافر والنصل والري وَالْمَشْي بالاقدام يَعْنِي بِهِ الْعَدو وَيجوز إِذا كَانَ الْبَدَل من جَانب وَاحِد بِأَن قَالَ ان سبقتك فلي كَذَا أَو ان سبقتني فَلَا شَيْء مرقات

قَوْله
[1980] فَتَنَكَّرت أَي غيرت هيئتي والنكرة خلاف الْمعرفَة وتنقبت أَي القيت النقاب على وَجْهي كَيْلا يعرفنِي أحد وَكَانَ هَذَا الروية صَفِيَّة فَإِن الفرة لَا تسمح عَن الفرة وَقَوله قلت أرسل تَعْنِي لما احتضني أَي التزمني وعانقني قلت أرسل عَليّ بِنَاء الْأَمر من الْإِرْسَال أَي ارسلني وَقَوْلها يَهُودِيَّة جَوَاب لسواله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لما قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيفَ رَأَيْت قلت هَذِه يَهُودِيَّة وسط يهوديات وَهَذَا تَعْرِيض مِنْهَا على حَدِيث عهدها بِالْإِسْلَامِ وَكَانَت من وَلَدهَا رون عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ أَبوهَا حييّ بن أَخطب من غِلَاظ الْيَهُود أَو مَعْنَاهُ اترك يَهُودِيَّة فِي يهوديات (إنْجَاح)

قَوْله
[1981] احسبك أَي يَكْفِيك مثل حَسبك دِرْهَم أَي كَفاك وَقَوْلها إِذا قلبت وَفِي نُسْخَة ان انقلبت أَي حولت والبنية تَصْغِير بنت ارادت بِهِ تحقير عَائِشَة وَكَذَلِكَ الدريعة فَإِنَّهَا تَصْغِير درعة وَهِي قَمِيص النِّسَاء وَقَالَ فِي النِّهَايَة ارادت بِهِ ساعديها وغرضها ان تَحْويل ساعدي عَائِشَة يَكْفِيك لشدَّة حبك لَهَا فَلَا تلْتَفت الى النِّسَاء الاخر وَكَانَ دُخُول عَائِشَة على زَيْنَب حِين الْغَضَب بِغَيْر الْإِذْن فازدادت غَضبا عي غضب لِأَنَّهَا كَانَت تسامى عَائِشَة وَتقول زوجكن أهلوكن وَقد زَوجنِي الله فَوق سبع سماوات حَيْثُ نزل فِي شَأْنهَا فقد زَوَّجْنَاكهَا وَقَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة دُونك اسْم فعل بِمَعْنى خذي حقل حَيْثُ اطالت عَلَيْك اللِّسَان لقَوْله لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل الا من ظلم وَقَوْلها قد يبس رِيقهَا أَي لشدَّة الخجالة وَالْغَضَب حَيْثُ لم تَجِد الى الْجَواب سَبِيلا (إنْجَاح)

قَوْله
[1982] يسرب الى أَي يُرْسل من التسريب (إنْجَاح)

قَوْله
[1983] الى مَا يجلد أحدكُم الخ الي بِمَعْنى اللَّام وَمَا استفهامية وَمَعْنَاهَا أَي شَيْء نَحْو قَوْله تَعَالَى وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى فَمَعْنَاه لأي شَيْء يجلد أحدكُم أَي باعث على ضربهَا مَعَ انه يضاجعها ويلاعبها فالضرب على هَذَا الْوَجْه يَقْتَضِي المنافرة وَإِنَّمَا الزَّوْجَة للموانسة ثمَّ ان ضربهَا على هَذَا النمط اى كَجلْد الْأمة مَمْنُوع لَا مُطلق الضَّرْب لِأَن ضرب التَّأْدِيب عِنْد عصيانها غير مبرح جَائِز قَالَ الله تَعَالَى واضربوهن فَإِن اطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله يضاجعها أَي يرجع الى قَضَاء شَهْوَته أَي لَا يجمع بَين الضَّرْب والمضاجعة (مرقاة)

قَوْله
[1984] وَلَا ضرب بِيَدِهِ شَيْئا أَي أحدا من الْمُسلمين بِالْقَصْدِ والا فقتال الْكفَّار ثَبت مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وَجه الْكَمَال (إنْجَاح)

قَوْله ذئرن كعلمن أَي اجترئن ونشزن وَقَوله
[1985] فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خياركم أَي لَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ الَّذين ضربوا نِسَاءَهُمْ بِلَا وَجه مُعْتَد بِهِ من خياركم وصلحائكم (إنْجَاح)

قَوْله

(1/142)


[1986] لَا يسْأَل عبارَة عَن عدم التحرج والتأثم قَوْله فِيمَا يضْرب امْرَأَته أَي إِذا رَاعى شَرط الضَّرْب وحدوده قَالَ الطَّيِّبِيّ الضَّمِير الْمَجْرُور رَاجع الى مَا هُوَ عبارَة عَن النُّشُوز مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى واللاتي تخافون نشوزهن الى قَوْله اضربوهن (مرقاة)

[1987] لعن الْوَاصِلَة أَي الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر اخر زورا وَالْمسْتَوْصِلَة أَي الَّتِي تطلب هَذَا الْفِعْل من غَيرهَا وتأمر ان تفعل بهَا ذَلِك وَهِي نعم الرجل وَالْمَرْأَة فأنث اما بِاعْتِبَار النَّفس أَو لِأَن الْأَكْثَر ان الْمَرْأَة هِيَ الآمرة أَو الراضية قَالَ النَّوَوِيّ الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي تَحْرِيم الْوَصْل مُطلقًا وَهُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار وَقد فَصله أَصْحَابنَا فَقَالُوا ان وصلت شعر آدَمِيّ فَهُوَ حرَام بِلَا خلاف لِأَنَّهُ يحرم الِانْتِفَاع بِشعرِهِ وَسَائِر اجزائه لكرامته وَأما الشّعْر الطَّاهِر من غير الادمي فَإِن لم يكن لَهَا زوج فَهُوَ حرَام وانكان فثلثة أوجه اصحها ان فعلته بِإِذن الزَّوْج أَو السَّيِّد جَازَ وَقَالَ مَالك وللطبري والاكثرون الْوَصْل مَمْنُوع بِكُل شَيْء شعر أَو صوف أَو خرق أَو غَيرهَا وَاحْتَجُّوا بالأحاديث وَقَالَ اللَّيْث النهى مُخْتَصّ بالشعر فَلَا بَأْس بموصلة بصوف أَو غَيره وَقَالَ بَعضهم يجوز بِجَمِيعِ ذَلِك وَهُوَ يرْوى عَن عَائِشَة لَكِن الصَّحِيح عَنْهَا كَقَوْل الْجُمْهُور والواشمة اسْم فَاعل من الوشم وَهُوَ غرز الابرة وَنَحْوهَا فِي الْجلد حَتَّى تسبيل الدَّم ثمَّ يحشره بالكحل والنيل والنورة فيخضر والمستوشمة أَي من أَمر بذلك قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ حرَام على الفاعلة وَالْمَفْعُول بهَا والموضع الَّذِي وشم يكون نجسا فَإِن أمكن إِزَالَته بالعلاج وَجب وان لم يكن الا بِالْجرْحِ فَإِن خَافَ مِنْهُ التّلف أَو فَوت عضوا أَو منفعَته لم يحب إِزَالَته وَإِذا تَابَ لم يبْق عَلَيْهِ الْإِثْم وان لم يخف شَيْئا من ذَلِك لَزِمته إِزَالَته ويعصى بِتَأْخِيرِهِ (مرقاة)

قَوْله لعن الْوَاصِلَة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر آخر وَالْمسْتَوْصِلَة الَّتِي تَأمر من يفعل بهَا ذَلِك وَعَن عَائِشَة لَيست الْوَاصِلَة الَّتِي تعنون وَلَا بَأْس ان يعرى الْمَرْأَة فتصل قرنا من قُرُونهَا بصوف اسود وَإِنَّمَا الْوَاصِلَة من كَانَت فِي شبيتها فَإِذا اسنت وصلتها بالقيادة قَالَ أَحْمد مَا سَمِعت بِأَعْجَب مِنْهُ انْتهى

قَوْله
[1989] وَالْمُتَنَمِّصَات بِكَسْر الْمِيم وَهِي الَّتِي تطلب إِزَالَة الشّعْر من الْوَجْه بالمنقاش وَقَوله وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ أَي نسَاء يفعلنه باسنانهن للتحسين قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ من تبر وَمَا بَين اسنانها وتفعله الْعَجُوز إِظْهَار للصغر لِأَن هَذِه الفرجة تكون للصغائر فَإِذا عجزت وَكَبرت سنهاء توحشت قَوْله لِلْحسنِ يُشِير الى انه لَو فعله لعلاج أَو عيب لَا بَأْس بِهِ وَهَذَا لَا يدل على ان كل تغير حرَام إِذا الْمُغيرَات لَيست صفة مُسْتَقلَّة فِي الذَّم بل قيد للمتفلجات انْتهى

قَوْله
[1990] تزَوجنِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّال الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ اسْتِحْبَاب التَّزْوِيج والتزوج وَالدُّخُول فِي شَوَّال وقصدت عَائِشَة بِهَذَا الْكَلَام رو مَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ وَمَا يتخيله بعض الْعَوام الْيَوْم من كَرَاهَة التَّزَوُّج وَالتَّزْوِيج وَالدُّخُول فِي شَوَّال وَهَذَا بَاطِل لَا أصل لَهُ وَهُوَ من آثَار الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بذلك لما فِي اسْم شَوَّال من الاشالة وَالرَّفْع انْتهى

قَوْله تسْتَحب ان تدخل الخ قَالَ الشَّيْخ عبد الْأَحَد السرهندي أعلم ان الْعَامَّة لَا يرَوْنَ النِّكَاح فِي هَذَا الشَّهْر مُبَارَكًا وَهُوَ كَمَا ترى بَاطِل جدا لِأَن ازدواج عَائِشَة مَعَ النَّبِي الْكَرِيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيهِ والخاصة لَا يوافقونهم فِيهِ (إنْجَاح)

قَوْله
[1992] امرها ان تدخل الخ يحْتَمل ان يكون قَوْله ان تدخل بِصِيغَة الْمَجْهُول وَقَوله امْرَأَة مَرْفُوعا فعلى هَذَا يكون الْأَمر عَاما وَمعنى امرها أَي قَالَ عِنْدهَا وجاهها وان يكون بِصِيغَة الْمَعْرُوف أَي أَمر عَائِشَة ان تدخل الرجل الْفُلَانِيّ امْرَأَته فعلى هَذَا تكون الْوَاقِعَة خَاصَّة وَلَعَلَّ الْمَرْأَة هِيَ الَّتِي كَانَت فِي حضَانَة عَائِشَة فزوجتها بِرَجُل من الْأَنْصَار كَمَا مر الحَدِيث فِي بَاب الْغناء ثمَّ أعلم ان هَذَا حكم الْجَوَاز والا فقد أَمر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليا بتعجيل مهر فَاطِمَة حَتَّى أَمر بِبيع درعه الحطمة حِين اعتذر (إنْجَاح)

قَوْله
[1993] وَقد يكون الْيمن قَالَ الْخطابِيّ الْيمن والشوم علامتان لَا يُصِيب الْإِنْسَان من الْخَيْر وَالشَّر وَلَا يكون شَيْء من ذَلِك الا بِقَضَاء اليه وَهَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة محَال وظروف جعلت مواقع لَيْسَ لَهَا بأنفسها وطباعها فعل وَلَا تَأْثِير فِي شَيْء الا انها لما كَانَت أَعم الْأَشْيَاء الَّتِي تقيينها الْإِنْسَان وَكَانَ فِي غَالب أَحْوَاله لَا يَسْتَغْنِي عَن دَار يسكنهَا ووزوجة يعاشرها وَفرس يرتبط وَلَا يَخْلُو عَن عَارض خيرا ومكروه فِي زَمَانه فأضيف الْيمن والشوم إِلَيْهَا اضافته مَحل وَمَكَان وهما صادران عَن مشْيَة الله عز وَجل

قَوْله
[1994] ان كَانَ فَفِي الْفرس الخ أَي انكان مَا يكره وَيخَاف عاقبته فَفِي هَذِه الثَّلَاث وخصمها مَعَ ان الشوم قد يكون فِي غير الثَّلَاثَة لِأَنَّهُ لما أبطل مَذْهَب الْعَرَب فِي التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء قَالَ فَإِن كَانَ لأحدكم دَار يكره سكناهَا أَو امْرَأَة يكره صحبتهَا أَو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بالانتقال وبطلاق وَالْبيع وَقيل ان شوام الدَّار ضيقها وَسُوء جارها وشوام الْمَرْأَة ان لَا تَلد وشوم الْفرس ان لَا يغزى عَلَيْهَا قَالَ الْكرْمَانِي وَسُوء خلقهَا فَلَا يُنَافِي كَون الْخَيْر معقودا فِي نَوَاصِيهَا لِأَنَّهُ بالغزو وَلِأَنَّهُ فسر الْخَبَر بالاجر وَالْغنيمَة فَلَا يُنَافِي التشائم بِهِ وَقيل شوم الْمَرْأَة غلاء مهرهَا وَسُوء خلقهَا وخصها لِأَنَّهَا أَعم مَا تقيني وَقَالَ مَالك وَطَائِفَة هُوَ على ظَاهره وَأَنه قد يحصل الْقَوْم بِقَضَاء الله فِيهَا انْتهى

قَوْله
[1996] من الْغيرَة مَا يحب الله الْغيرَة تغير يحصل للْإنْسَان بِسَبَب مَا يلْحقهُ بِهِ عَار ثمَّ الْعَار لَا يخلوا اما ان يكون بِسَبَب أَمر ديني وَهُوَ أَمر مَحْمُود وَأما بِسَبَب أَمر يعده الجهلة والفسقة شينا وَيكون فِي الْوَاقِعَة زينا كَمَا راج فِي فساق الْهِنْد عدم تَزْوِيج النِّسَاء اللَّاتِي مَاتَ ازواجهن وَفِي الافاغنه عدم تَزْوِيجهَا بِغَيْر اقارب الزَّوْج وَلِهَذَا الْأَمر يخْتَلف بعرف كل بلد لِأَن للْعُرْف مدخلًا عَظِيما يحْسب أهل بلد عارا فِي أَمر وَلَا يحْسب أهل غير هَذَا الْبَلَد عارا فِيهِ فَهَذِهِ الْغيرَة مذمومة رحم الله عبدا تبع سنة نبيه واجتنب عَن وساوس غوية (إنْجَاح)

قَوْله فالغيرة فِي الرِّيبَة أَي يكون فِي مَوَاضِع التهم وَالشَّكّ والتردد بِحَيْثُ يُمكن اتهامها فِيهِ كَمَا كَانَت زَوجته أَو أمته تدخل على أَجْنَبِي أَو يدْخل أَجْنَبِي عَلَيْهَا وَيجْرِي بَينهمَا مزاح وانبساط واما إِذا لم يكن كَذَلِك فَهُوَ من ظن السوء الَّذِي نهينَا عَنهُ لمعات

قَوْله

(1/143)


[1997] مَا غرت بِكَسْر الْغَيْن من غَار يغار غيرَة والغيرة الحمية والانفة وَقَوله ماغرت مَا مَصْدَرِيَّة أَي مَا غرت على أحد من نِسَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل غيرتي على خَدِيجَة قَوْله من ذكر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُرَاد عد فضائلها وخصالها وتكريرها كَذَا فِي اللمعات من قصب قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء المُرَاد بِهِ قصب اللؤلو المجوف كالقصر المنيف وَقيل قصب من ذهب منظوم بالجوهر قَالَ أهل اللُّغَة الْقصب من الْجَوْهَر مَا استطال مِنْهُ فِي تجويف قَالُوا وَيُقَال لكل مجوف قصب وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث مُفَسّر بِبَيْت من لؤلؤة مخبأة وفسروه بمجوفة قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بِالْبَيْتِ هَهُنَا الْقصر (نووي)

قَوْله
[1998] ان بني هِشَام بن الْمُغيرَة استأذنوني ان ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا اذن لَهُم الخ وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وان فَاطِمَة بنت مُحَمَّد بضعَة مني وانا أكره ان يفتنوها الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم واني لست احرم حَلَالا وَلَا أحل حَرَامًا وَلَكِن وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله الخ اما الْبضْعَة فبفتح الْبَاء لَا يجوز غَيره وَهِي قِطْعَة اللَّحْم وَكَذَلِكَ المضغة بِضَم الْمِيم وَأما يربيني فبفتح الْيَاء قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الريب مَا رَابَك من شَيْء خفت عقباه وَقَالَ الْفراء راب واراب بِمَعْنى قَالَ الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث تَحْرِيم ايذاء النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُل حَال وعَلى كل وَجه وان تولد ذَلِك الايذاء مِمَّا كَانَ أَصله مُبَاحا وَهِي فِي هَذَا بِخِلَاف غَيره قَالُوا وَقد أعلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبَاحَة نِكَاح بنت أبي جهل لعَلي بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لست احرم حَلَالا وَلَكِن نهى عَن الْجمع بَينهمَا لعلتين منصوصتين إِحْدَاهمَا ان ذَلِك يُؤَدِّي الى أَذَى فَاطِمَة فَيَتَأَذَّى حِينَئِذٍ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيهْلك من اذاه فَنهى عَن ذَلِك لكَمَال شفقته على عَليّ وعَلى فَاطِمَة وَالثَّانيَِة خوف الْفِتْنَة عَلَيْهَا بِسَبَب الْغيرَة وَقيل لَيْسَ المُرَاد بِهِ النَّهْي عَن جَمعهمَا بل مَعْنَاهُ أعلم من فضل الله انهما لَا يَجْتَمِعَانِ كَمَا قَالَ أنس بن النَّضر وَالله لَا تكسر ثنية الرّبيع وَيحْتَمل ان المُرَاد تَحْرِيم جَمعهمَا وَيكون معنى لَا احرم حَلَالا أَي لَا أَقُول شَيْئا يُخَالف حكم الله فَإِذا أحل شَيْئا لم احرمه وَإِذا حرمه لم احلله وَلم اسْكُتْ عَن تَحْرِيمه لِأَن سكوتي تَحْلِيل لَهُ وَيكون من جملَة مُحرمَات النِّكَاح الْجمع بَين بنت نَبِي الله وَبنت عَدو الله (نووي)

قَوْله
[1999] فَحَدثني فصدقني أَي كلمني بِكَلَام ووعدني فِي حَالَة الْكفْر بإرسال ابْنَتي الى فصدقني فِيهِ وارسلها اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنجاج

قَوْله
[2002] هَل فِيهَا اورق الخ قَالَ النَّوَوِيّ اما الاورق فَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَواد لَيْسَ بصاف وَمِنْه قيل للرماد اورق وللحمامة وَرْقَاء وَجمعه ورق بِضَم الْوَاو وَإِسْكَان الرَّاء وَالْمرَاد بالعرق هَهُنَا الأَصْل من النّسَب تَشْبِيها بعرق الثَّمَرَة وَفِي هَذَا الحَدِيث ان الْوَلَد يلْحق الزَّوْج وان خَالف لَونه لَونه حَتَّى لَو كَانَ الْأَب أَبيض وَالْولد اسود أَو عَكسه لحقه وَلَا يحل لَهُ نَفْيه بِمُجَرَّد الْمُخَالفَة فِي اللَّوْن وَكَذَا لَو كَانَ الزَّوْجَانِ أبيضين فجَاء الْوَلَد اسود أَو عَكسه لاحْتِمَال انه نَزعه عرق من اسلافه وَفِي هَذَا الحَدِيث ان التَّعْرِيض بِنَفْي الْوَلَد لَيْسَ نفيا وان التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ لَيْسَ قذفا وَفِيه الِاحْتِيَاط للأنساب والحاقها بِمُجَرَّد الْإِمْكَان انْتهى

قَوْله عَسى عرق نَزعهَا أَي قلعهَا وأخرجها من الوان فَحلهَا ولقاحها وَفِي الْمثل الْعرق نزاع والعرق الأَصْل مَأْخُوذ من عرق الشَّجَرَة وَيُقَال فلَان لَهُ عرق فِي الْكَرم وَالْمعْنَى ان وَرقهَا إِنَّمَا جَاءَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي اصولها الْبَعِيدَة مَا كَانَ بِهَذَا اللَّوْن أَو بالوان تحصل الورقة من اختلاطها فَإِن امزجة الْأُصُول قد تورث وَكَذَلِكَ تورث الْأَمْرَاض والالوان يتبعهَا وَفَائِدَة الحَدِيث الْمَنْع عَن نفي الْوَلَد بِمُجَرَّد الامارات الضعيفة بل لَا بُد من تَحْقِيق وَظُهُور دَلِيل قوي كَانَ لم يكن وطيها أَو اتت بِولد قبل سِتَّة اشهر من ابْتَدَأَ وطيها كَذَا فِي الْمرقاة

قَوْله
[2004] أَوْصَانِي أخي الخ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يضْربُونَ الضراب على الاماء فيكتسبن بِالْفُجُورِ وَكَانَت السَّادة ياتونها أَيْضا فَإِذا جَاءَت بِولد اسْتَلْحقهُ الزَّانِي أَو السَّيِّد الْحق بِهِ وان تنَازعا فِيهِ عرض على الْقَائِف وَكَانَت عتبَة صنع هَذَا الصَّنِيع فوصى اخاه سيد

قَوْله بنكاحها الأول قَالَ بَعضهم ان الْبَاء فِي قَوْله

(1/144)


[2009] بنكاحها للسَّبَبِيَّة فَكَانَ معنى الحَدِيث ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد زَيْنَب ابْنَته على أبي الْعَاصِ بِسَبَب النِّكَاح الأول لَا انه يعْقد لَهَا نِكَاحا جَدِيدا فَيحصل التطبيق بَين الحَدِيث الَّاتِي وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق (إنْجَاح)

[2010] بِنِكَاح جَدِيد أَي لم يحدث شَيْئا من الزِّيَادَة فِي الصَدَاق وَنَحْوه وَهُوَ تَأْوِيل حسن وَالْجمع إِذا أمكن أولى من اهدار أَحدهمَا (مرقاة)

قَوْله عَن الغيال بِكَسْر الْمُعْجَمَة أَي الارضاع حَال الْحمل والغيل بِالْفَتْح اسْم ذَلِك اللَّبن وَفِي النِّهَايَة الغيلة بِكَسْر الِاسْم من الغيل وبالفتح هُوَ ان يُجَامع امْرَأَته وَهِي مرضع وَكَذَلِكَ إِذا حبلت وَهِي مرضع وَقيل كِلَاهُمَا بِمَعْنى وَقيل الْكسر للاسم وَالْفَتْح للمرة وَقيل لَا يَصح الْفَتْح الا مَعَ حذف التَّاء انْتهى كَانَ الْعَرَب يحترزون عَن الغيلة ويزعمون انها تضر الْوَلَد وَكَانَ ذَلِك من المشهورات الذائعة عِنْدهم فَأَرَادَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يُنْهِي لذَلِك فَرَأى ان فَارس وَالروم يَفْعَلُونَ ذَلِك وَلَا يبالون بِهِ ثمَّ انه لَا يعود على أَوْلَادهم بِضَرَر فَلم ينْه مرقات

قَوْله
[2012] ليدرك الْفَارِس الخ تَوْضِيحه ان الْمَرْأَة إِذا جومعت وحملت فسد لَبنهَا وَإِذا اغتذى بِهِ الطِّفْل بَقِي اثره فِي بدنه وافسد مزاجه واصا صَار رجلا فَركب فرسا فركض بهَا رُبمَا أدْركهُ ضعف الغيل فَيسْقط من متن فرسه وَكَانَ ذَلِك كَالْقَتْلِ فنهي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الارضاع حَال الْحمل وَيحْتَمل ان يكون النَّهْي للرِّجَال أَي لَا تجامعوا فِي حَال الارضاع كَيْلا تحمل نساءكم فَيهْلك الارضاع فِي حَال الْحمل أَوْلَادكُم وَهَذَا نهي تَنْزِيه لَا تَحْرِيم قَالَ الطَّيِّبِيّ نَفْيه لأثر الغيل فِي الحَدِيث السَّابِق كَانَ ابطالا لَا اعْتِقَاد الْجَاهِلِيَّة كَونه موثرا واثباته لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَبَب فِي الْجُمْلَة مَعَ كَون الموثر الْحَقِيقِيّ هُوَ الله تَعَالَى كَذَا فِي الْمرقاة

قَوْله
[2013] حاملات الخ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هَذِه النِّسَاء موصوفات بِهَذِهِ الصِّفَات الحميدة الشاقة من الْأَوْلَاد ووضعهن ورافتهن عَلَيْهِم وَقَوله لَوْلَا مَا يَأْتِين أَي لَوْلَا صنيعهن بأنهن يبذون بِاللِّسَانِ ويؤذين ازواجهن ويحملنهم الى مَا طَاقَة لَهُم دخلن الْجنَّة بِشَرْط أَدَاء الصَّلَاة أَي مُجَرّد أَدَاء الصَّلَاة يَكْفِي فِي نجاتهن لَو أحسن الى ازواجهن فَكَانَ هَذِه المتاعب والمشاق كَانَ لاسقاط اوزارهن لَكِن اسْتثْنى من الاوزار اثْنَيْنِ كفران العشير وَترك الصَّلَاة فَلهَذَا قَالَ مَا تَجِد من النِّسَاء من كَانَت مطيعة لزَوجهَا حافظة على صلواتها (إنْجَاح)

قَوْله
[2015] لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال هَذِه الْجُمْلَة يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا ان تَحْرِيم الرجل على نَفسه شَيْئا لاجل الزّهْد أَو التقشف أَو الْغَضَب لَا يحرم الْحَلَال الَّذِي أحله الله تَعَالَى كَمَا كَانَ بعض الصَّحَابَة حرم على نَفسه أكل اللَّحْم وَبَعْضهمْ النِّكَاح وَبَعْضهمْ الْمَنَام فزجروا على ذَلِك لقَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا ان الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ وكذك النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما حرم مَارِيَة الْقبْطِيَّة على نَفسه حِين ضاجعها فِي بَيت حَفْصَة واطلعت على ذَلِك فَنزلت يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك فالحلال الَّذِي احله الله لَا يحرم بِالتَّحْرِيمِ بل يُعَاتب الرجل على تَحْرِيمه وَالْمعْنَى الثَّانِي مَا قَالَ بَعضهم من ان هَذِه الْجُمْلَة يتَفَرَّع عَلَيْهَا مسَائِل مِنْهَا أَن نِكَاح المراة الْخَامِسَة بعد الْأَرْبَع لَا يحرم الَّتِي قبله وَمِنْهَا ان نِكَاح الْأُخْت الْأُخْرَى لَا يحرم الْأُخْت الأولى والى غير ذَلِك فَمَعْنَاه ان ارْتِكَاب الْحَرَام لَا يحرم الْحَلَال الَّذِي كَانَ قبله وَلَكِن يَنْبَغِي ان هَذَا لَيْسَ على الْإِطْلَاق بل الزِّنَا ببنت الْمَرْأَة يحرم أمه وَالْجِمَاع فِي حَالَة الْإِحْرَام قبل الْوُقُوف يحرم اجْتِمَاعهمَا فِي قَابل إِذا قربا من ذَلِك الْموضع الَّذِي وَاقعهَا فِيهِ عِنْد الشَّافِعِي فِي قَول وَكَذَلِكَ نقل عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر فَكَانَ هَذَا زجرا فَافْهَم (إنْجَاح)

[2016]

قَوْله ثمَّ رَاجعهَا قَالَ الشَّيْخ الدهلوي فِي المدارج ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق حَفْصَة وَاحِدَة فَلَمَّا بلغ هَذَا الْخَبَر عمر رَضِي الله عَنهُ فاهتم لَهُ فاوحى الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجع حَفْصَة فَإِنَّهَا صَوَّامَة قَوَّامَة وَهِي زَوجتك فِي الْجنَّة (إنْجَاح)

قَوْله
[2017] قد طَلقتك قد رَاجَعتك الخ هَذَا الْأَمر كَانَ قبل نزُول الْآيَة الطَّلَاق مَرَّتَانِ الْآيَة وَلم يكن تَغْلِيظ الْمَرْأَة على الرجل فَمَتَى شَاءَ طَلقهَا وَمَتى شَاءَ رَاجعهَا فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة جعلت الطلقات الثَّلَاث حدا للتغليظ فَلَا تحل للزَّوْج بعده حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويطأها هَذَا الزَّوْج الاخر (إنْجَاح)

قَوْله
[2019] ثمَّ تحيض ثمَّ تطهر قيل فَائِدَة التَّأْخِير الى الطُّهْر الثَّانِي لِئَلَّا يصير الرّجْعَة لغَرَض الطَّلَاق فَيجب ان يمسك زَمَانا وَقيل انه عُقُوبَة لَهُ على مَعْصِيَته وَقيل وَجهه ان الطُّهْر الأول مَعَ الْحيض الَّذِي طلق فِيهَا كَمَا مر وَاحِد فَلَو طَلقهَا فِي أول الطُّهْر كَانَ كمن طلق فِي الْحيض وَهَذَا الْوَجْه ضَعِيف كَمَا لَا يخفي وَقيل ذَلِك ليطول مقَامه مَعهَا فَلَعَلَّهُ يُجَامِعهَا فَيذْهب مَا فِي نَفسه من سَبَب طَلاقهَا فيمسكها وَبِالْجُمْلَةِ مقتضي هَذَا الْوُجُوه كلهَا ان لَا يكون الْإِمْسَاك الى الطُّهْر الثَّانِي وَاجِبا بل أولى وَاجِب لمعات

قَوْله
[2022] أَرَأَيْت ان عجزاي عجز عَن النُّطْق بالرجعة أَو ذهب عقله عَنْهَا لم يكن ذَلِك محلا بالطلقة واستحمق أَي تكلّف الْحمق بِمَا فعل من الطَّلَاق للحائض قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ اسْتِفْهَام إِنْكَار أَي نعم يحْتَسب طَلَاقه وَلَا يمْنَع احتسابه لعَجزه وقائله بن عمر كَذَا فِي الْجمع (إنْجَاح)

قَوْله

(1/145)


[2023] مرّة فَلْيُرَاجِعهَا هَذَا يدل على وُقُوع الطَّلَاق مَعَ كَونه حَرَامًا لِأَن الْمُرَاجَعَة بِدُونِ الطَّلَاق محَال وَعَلِيهِ الجماهير من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ خلافًا للظاهرية وَالرَّوَافِض والخوارج لأَنهم قَالُوا لَا يَقع لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ فَلَا يكون مَشْرُوعا فَإِن قيل المُرَاد بالرجعة الرجعةاللغوية قُلْنَا حمل اللَّفْظ على الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة أولى واقدم مَعَ ان فِي حَدِيث يُونُس بن جُبَير مَا يشد أَرْكَان مَا ذكرنَا وَهُوَ أَنه قَالَ سَأَلت بن عمر عَن تطليق الرجل امْرَأَته الْحَائِض فَذكر هُوَ قصَّته فَقَالَ يُونُس قلت يعْتد بِتِلْكَ قَالَ أَي بن عمر رَضِي أَرَأَيْت ان عجز واستحمق يَعْنِي نعم يحْتَسب طَلَاقه (فَخر)

قَوْله أَو حَامِل دلّ على اجْتِمَاع الْحيض وَالْحمل وَقيل الْحَامِل إِذا كَانَت حائضة حل طَلاقهَا إِذْ لَا تَطْوِيل للعدة فِي حَقّهَا لِأَن عدتهَا بِوَضْع الْحمل وَعِنْدنَا ان الْحَامِل لَا تحيض وَمَا راته من الدَّم فَهُوَ اسْتِحَاضَة (مرقاة)

[2026] طيب نَفسِي بتطليقة هُوَ من بَاب التفعيل من طَابَ يطيب طيبا وَهُوَ السرُور أَي اسرر نَفسِي بتطليقة وَاحِدَة الظَّاهِر انها كَانَت لَا تحبه وتريد ان تخرج من تَحْتَهُ خُرُوجًا لَا يتَمَكَّن من مراجعتها فطلبت مِنْهُ الطَّلَاق الْوَاحِدَة لما احست الْمَخَاض وَعلمت ان اولات الْأَحْمَال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ وَكَانَ ذَلِك لاجل الخداع وَالْمَكْر وَقَوله سبق الْكتاب أَي كتاب الله وَحكم أَجله أَي بأجله أَي بعدة طَلَاق الْحَامِل وَهِي وضع الْحمل وَلَو بعد لَحْظَة فقد انْقَضتْ وَوَقعت الْبَيْنُونَة وَقَوله اخطبها الى نَفسهَا أَي كن وَاحِدًا من الْخطاب لَاحق لَك فِي نَفسهَا لخروجها عَن الْعدة (إنْجَاح)

قَوْله
[2027] فَلَمَّا تعلت ويروى تعالت ارْتَفَعت وطهرت وَهُوَ من تعلى من علته إِذا برأَ أَي خرجت من نفَاسهَا وسلمت تشوفت أَي تزينت للخطاب كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)

قَوْله فقد مضى اجلها لِأَن عدَّة الْحَامِل وضع الْحمل قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا مَذْهَبنَا لعُمُوم قَوْله تعالىواولات الاحمال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ وَهُوَ مُتَأَخّر نَاسخ لقَوْله تَعَالَى وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون ازواجا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة اشهر وَعشرا وَلذَا قَالَ بن مَسْعُود رض من شَاءَ بأهلته ان سُورَة النِّسَاء الْقصرى وَهُوَ سُورَة يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء وفيهَا قَوْله تَعَالَى واولات الاحمال اجلهن الْآيَة بعد سُورَة النِّسَاء الطُّولى وَهِي سُورَة الْبَقَرَة الَّتِي فِيهَا قَوْله تَعَالَى وَالَّذين يتوفون الْآيَة لمعات مَعَ اخْتِصَار

[2028]

قَوْله فتزوجي قلت هَذَا يدل على ان عدَّة الْحَامِل المتوفي عَنْهَا زَوجهَا بِوَضْع الْحمل لَا بعد الاجلين كَمَا روى عَن عَليّ رَضِي وَابْن عَبَّاس رَضِي (فَخر)

قَوْله
[2030] سُورَة النِّسَاء الْقصرى وَهِي سُورَة يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء وفيهَا قَوْله تَعَالَى واولات الاحمال اجلهن ان يَضعن حَملهنَّ الْآيَة (إنْجَاح)

قَوْله
[2031] امكثي فِي بَيْتك وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد أخبرنَا مَالك حَدثنَا نَافِع ان بن عمر كَانَ يَقُول لَا تبيت المبتوتة وَلَا المتوفي عَنْهَا زَوجهَا الا فِي بَيتهَا قَالَ مُحَمَّد وَبِهَذَا نَأْخُذ اما المتوفي عَنْهَا فانها تخرج لحوائجها أَي حَيْثُ لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا تبيت الا فِي بَيتهَا وَأما الْمُطلقَة مبتوتة كَانَت أَو غير مبتوتة فَلَا تخرج لَيْلًا وَلَا نَهَار الِاسْتِحْقَاق نَفَقَتهَا مَا دَامَت فِي عدتهَا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة من فقهاءنا موطأ مَعَ شَرحه للقاري

قَوْله
[2032] ان فَاطِمَة أَي بنت قيس كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول وَكَانَ لَهَا عقل وجمال وَتَزَوجهَا أَبُو عَمْرو بن حَفْص فَخرج مَعَ عَليّ لما بَعثه الى الْيمن فَبعث إِلَيْهَا بتطليقة ثَالِثَة بقيت لَهَا وَأمر ابْني عميه ان يدْفَعَا إِلَيْهَا تَمرا وشعيرا فاستقلت ذَلِك فشكت الى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا لَيْسَ لَك سُكْنى وَلَا نَفَقَة هَكَذَا اخْرُج مُسلم كَذَا فِي الْفَتْح وَقَوله وَحش أَي خَال لَا سَاكن فِيهِ قَوْله فخيف عَلَيْهَا أَي على نَفسهَا أَو على الدَّار من دُخُول السَّارِق وَغَيره لمعات

قَوْله فَلذَلِك ارخص لَهَا أَي للانتقال الى بَيت أم شريك أَو الى بَيت بن أم مَكْتُوم كَذَا فِي الْمرقاة قَالَ فِي الْفَتْح يَعْنِي لَا حجَّة فِيهِ بِجَوَاز انْتِقَال الْمُطلقَة من منزلهَا من غير سَبَب لِأَن انْتِقَال فَاطِمَة كَانَت عَن بَيتهَا لعِلَّة وَهُوَ ان مَكَانهَا كَانَ وحشا مخوفا عَلَيْهِ اولأنها كَانَت لسنة استطالت على احمائها

(1/146)


[2034]

قَوْله فَقَالَ بلَى فجدي نخلك الخ أَي فَأَتَت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلته أَلَيْسَ الى الْخُرُوج للجذاذ فَقَالَ بلَى وتر لَهُ فَإنَّك عَسى الخ تَعْلِيل لِلْخُرُوجِ وَيعلم مِنْهُ انه لَوْلَا التَّصَدُّق مِنْهَا لما جَازَ الْخُرُوج لَهَا وَاو للتنويع ومعروفا أَي من التَّطَوُّع والهدية وَالْإِحْسَان الى الْجِيرَان يَعْنِي ان يبلغ مَالك نِصَابا تودي زكوته والا تفعلي مَعْرُوفا من الصَّدَقَة النَّافِلَة والتقرب والاهداء وَفِيه ان حفظ المَال واخفاءه للْفِعْل الْمَعْرُوف مرخص والْحَدِيث يدل على خُرُوج الْمُعْتَدَّة بِالطَّلَاق لاصلاح مَا لَا بُد مِنْهُ وَلَكِن مَذْهَب الْحَنَفِيَّة خلاف ذَلِك فَإِنَّهُم قَالُوا لَا تخرج الْمُعْتَدَّة برجعى أَو بَائِن مكلفة من بَيتهَا أصلا لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا اولا الى صحن دَار فِيهَا منَازِل لغَيْرهَا كَمَا فِي الدَّار وَهَذَا لِأَن نَفَقَتهَا على زَوجهَا فِي قَوْلهم فَلَا حَاجَة لخروجها بِخِلَاف الْمُعْتَدَّة بِالْمَوْتِ وَجَوَاب الحَدِيث عَلَيْهِم مُشكل فلعلهم وجدوا الحَدِيث مُخَالفا للنَّص الصَّرِيح وَهُوَ قَوْله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم فَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ (إنْجَاح)

[2035] ان زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور الَّذِي رَوَاهُ الْحفاظ وَاتفقَ على رِوَايَته الثِّقَات على اخْتِلَاف الفاظهم فِي انه طَلقهَا ثَلَاثًا أَو البتته أَو آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات وَجَاء فِي آخر مُسلم فِي حَدِيث الْجَسَّاسَة مَا يُوهم انه مَاتَ عَنْهَا قَالَ الْعلمَاء وَلَيْسَ هَذِه الرِّوَايَة على ظَاهرهَا بل هِيَ وهم أَو مأولة وَأما قَوْله طَلقهَا ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة مُسلم انه طَلقهَا البتته وَفِي رِوَايَة لَهُ طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات وَفِي رِوَايَة طَلقهَا طَلْقَة كَانَت بَقِيَّة من طَلاقهَا وَفِي رِوَايَة طَلقهَا فَقَط وَالْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات انه كَانَ طَلقهَا قبل هَذَا طليقتين ثمَّ طَلقهَا هَذِه الْمرة الطَّلقَة الثَّالِثَة فَمن روى انه طَلقهَا مُطلقًا أَو طَلقهَا وَاحِدَة أَو طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات فَهُوَ ظَاهر وَمن روى البتته فمراده طَلقهَا طَلَاقا صَارَت بِهِ مبتوته بِالثلَاثِ وَمن روى ثَلَاثًا أَرَادَ تَمام الثَّلَاث قَوْله فَلم يَجْعَل لَهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكْنى وَلَا نَفَقَة اخْتلف الْعلمَاء فِي الْمُطلقَة الْبَائِن الْحَائِل أَي غير الْحَامِل هَل لَهَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى أم لَا فَقَالَ عمر رض وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وَقَالَ بن عَبَّاس رض وَأحمد رض لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَآخَرُونَ يجب لَهُ السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا وَاحْتج من أوجبهما جَمِيعًا بقوله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم فَهَذَا أَمر بِالسُّكْنَى وَأما النَّفَقَة فلانها محبوسة عَلَيْهِ وَقد قَالَ عمر رض لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقول امْرَأَة جهلت أَو نسيت قَالَ الْعلمَاء الَّذِي فِي كتاب رَبنَا انما هُوَ اثبات السُّكْنَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَوْله وَسنة نَبينَا هَذِه زِيَادَة غير مَحْفُوظَة لم يذكرهَا جمَاعَة من الثِّقَات وَاحْتج من لَو يُوجب نَفَقَة وَلَا سُكْنى بِحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس وَاحْتج من أوجب السُّكْنَى دون النَّفَقَة لوُجُوب السُّكْنَى بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى اسكنوهن من حَيْثُ سكنتم وَلعدم وجوب النَّفَقَة بِحَدِيث فَاطِمَة مَعَ ظَاهر قَوْله تَعَالَى وان كن اولات حمل فانفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ فمفهومه انهن إِذا لم يكن حوامل لَا ينْفق عَلَيْهِنَّ وَأجَاب هَؤُلَاءِ عَن حَدِيث فَاطِمَة فِي سُقُوط النَّفَقَة بِمَا قَالَه سعيد بن الْمسيب وَغَيره انها كَانَت امْرَأَة لسنة واستطالت على احمائها فَأمرهَا بالانتقال فَتكون عِنْد بن أم مَكْتُوم وَقيل لِأَنَّهَا خَافت فِي ذَلِك الْمنزل بِدَلِيل مَا فِي مُسلم من قَوْلهَا أَخَاف ان يقتحم عَليّ وَلَا يُمكن
شَيْء من هَذَا التَّأْوِيل فِي سُقُوط نَفَقَتهَا انْتهى مَا قَالَ النَّوَوِيّ أَقُول فِي المدارك عَن عمر رَضِي لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا بقول امْرَأَة نسيت أَو شبه لَهَا سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَهَا اسكني وَالنَّفقَة كَمَا رَوَاهُ مُسلم قَالَ بن الْملك وَكَانَ ذَلِك بِمحضر من الصَّحَابَة يَعْنِي فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الْإِجْمَاع

قَوْله
[2038] فنكون لَهُ بِمَنْزِلَة مشَاهد آخر الحَدِيث مُخَالف لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة فَإِن عِنْدهم نِصَاب الشَّهَادَة فِي الْحُقُوق من المَال وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْوكَالَة وَالْوَصِيَّة رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ لقَوْله تَعَالَى فاستشهدوا شهيدين من رجالكم الْآيَة إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله
[2041] وَعَن الْمُبْتَلى حَتَّى يبرأ المُرَاد بِهِ من اصابته البلية وَزَالَ عقله بِسَبَب الغشى أَو السِّرّ سَام وَنَحْوه فَإِن الْمُبْتَلى الْعَاقِل مُكَلّف (إنْجَاح)

[2043]

قَوْله ان الله تجَاوز عَن أمتِي الْخَطَأ الخ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي ان طَلَاق الْمُكْره لَا يَقع وَقَالَ مَالك وَأحمد فِيمَا إِذا كَانَ الْإِكْرَاه بِغَيْر حق لَا يَصح طَلَاقه وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ وَابْن عمر وَشُرَيْح وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَلنَا مَا روى مُحَمَّد بِإِسْنَادِهِ عَن صَفْوَان عمر الطَّائِي ان امْرَأَة كَانَت تبغض زَوجهَا فَوَجَدته نَائِما فاخذت شفرة وَجَلَست على صَدره ثمَّ حركته قَالَت لتطلقني ثَلَاثًا أَو لأذبحنك فناشدها اليه فَأَبت فَطلقهَا ثَلَاثًا ثمَّ جَاءَ الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قيلولة فِي الطَّلَاق وروى أَيْضا عَن عمر رَضِي انه قَالَ أَربع مبهمات معضلات لَيْسَ فِيهِنَّ رويد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالصَّدَََقَة وَحَدِيث ان الله تجَاوز الخ من بَاب الْمُقْتَضى وَلَا عُمُوم لَهُ وَلَا يجوز تَقْدِير حكم الَّذِي يعم احكام الدُّنْيَا وَأَحْكَام الْآخِرَة بل اما حكم الدُّنْيَا وَإِمَّا حكم الْآخِرَة وَالْإِجْمَاع على ان حكم الْآخِرَة وَهُوَ المواخذة مُرَاد فَلَا يُرَاد الاخر مَعَه وَلَا عمم فَخر

(1/147)


[2048]

قَوْله لَا طَلَاق قبل نِكَاح الخ قَالَ فِي الْهِدَايَة وَإِذا أضَاف الطَّلَاق الى النِّكَاح وَقع عقب النِّكَاح مثل ان يَقُول لامْرَأَة ان تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق أَو كل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَقع لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا طَلَاق قبل النِّكَاح انْتهى قَالَ بن الْهمام واخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَلَا طَلَاق لَهُ فِيمَا لَا يملك وَالْجَوَاب عَن الْأَحَادِيث انها مَحْمُولَة على نفي التَّنْجِيز لِأَنَّهُ هُوَ الطَّلَاق اما الْمُعَلق فَلَيْسَ بِطَلَاق بل لَهُ عرضة ان يعبر طَلَاقا وَذَلِكَ عِنْد الشَّرْط وَالْحمل مأثور عَن السّلف كالشعبي وَالزهْرِيّ قَالَ عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ انه قَالَ فِي رجل قَالَ كل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق وكل امة اشتريها فَهِيَ حرَّة هُوَ كَمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ معمر أَو لَيْسَ قد جَاءَ لَا طَلَاق قبل النِّكَاح وَلَا عتق الا بعد ملك قَالَ انما ذَلِك ان يَقُول الرجل امْرَأَة فلَان طَالِق وَعبد فلَان مُعتق انْتهى وَقَالَ بل لَا دلَالَة على نفي تَعْلِيقه بل على نفي تنجيزه فَإِن قيل لَا معنى لحمله على التَّنْجِيز لِأَنَّهُ ظَاهر يعرفهُ كل أحد فَوَجَبَ حمله على التَّعْلِيق فَالْجَوَاب صَار ظَاهرا بعد اشتهار حكم الشَّرْع فِيهِ لَا قبله فقد كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يطلقون قبل التَّزَوُّج تنجيزا ويعدون ذَلِك طَلَاقا فنفي ذَلِك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّرْع فِي هَذِه الْأَحَادِيث وَغَيرهَا انْتهى مُخْتَصرا

[2050] فَقَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك قَالَ فِي الْفَتْح ان عَائِشَة وَحَفْصَة دخلتا عَلَيْهَا أول مَا قدمت فمشطتاها وخضبتاها وَقَالَت لَهَا إِحْدَاهمَا ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعجبهُ من الْمَرْأَة إِذا دخل عَلَيْهَا ان تَقول أعوذ بِاللَّه مِنْك انْتهى

قَوْله الحقي بأهلك بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْهمزَة وَقيل بِالْعَكْسِ كِنَايَة عَن الطَّلَاق يشْتَرط فِيهِ النِّيَّة بِالْإِجْمَاع وَالْمعْنَى الحقي بأهلك لِأَنِّي طَلقتك سَوَاء كَانَ لَهَا أهل أم لَا قسطلاني

[2051]

قَوْله فَردهَا عَلَيْهِ أَي على ركَانَة أَي أَمر بالرجعة وَطَلَاق الْبَتَّةَ عِنْد الشَّافِعِي رَجْعِيَّة لهَذَا الحَدِيث وان نوى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَهُوَ على مَا نوى وَعند مَالك ثَلَاث وَعند أبي حنيفَة بَائِنَة فَتَأْوِيل الرَّد عِنْده تَجْدِيد النِّكَاح لمعات

قَوْله مَا اشرف هَذَا الحَدِيث هَذَا لبَيَان شرف إِسْنَاده وَكَثْرَة فَائِدَته وَعلي بن مُحَمَّد الطنافسي هُوَ الَّذِي فِي صدر إِسْنَاد الحَدِيث الرَّاوِي عَن وَكِيع وَقَوله تَركه نَاجِية أَي لم يقبل رِوَايَته بِسَبَب عِلّة ثبتَتْ عِنْده وَقَوله وَأحمد جبن عَنهُ أَي لم يجترأ على رِوَايَته وَهَذَا أَيْضا يدل على ضعف أبي عبيد قلت لَا أَدْرِي سَبَب الحاق هَذِه الْعبارَة هُنَا فَإِنَّهُ لَا أعرف فِي هَذَا الْإِسْنَاد رجلا يكنى أَبَا عبيد وَالله أعلم (إنْجَاح)

[2052]

قَوْله فاخترناه فَلم يره شَيْئا وَفِي رِوَايَة فاخترناه فَلم يعده طَلَاقا وَفِي رِوَايَة فاخترناه فَلم يعددها علينا شَيْئا قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه الْأَحَادِيث دلَالَة لمَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة وَأحمد وجماهير الْعلمَاء ان من خير زَوجته فاختارته لم يكن ذَلِك طَلَاقا وَلَا يَقع بِهِ فرقة وروى عَن عَليّ وَزيد بن ثَابت وَالْحسن وَاللَّيْث بن سعد ان نفس التَّخْيِير يَقع بِهِ طَلْقَة بَائِنَة سَوَاء اخْتَارَتْ زَوجهَا أم لَا وَحَكَاهُ الْخطابِيّ والنقاش عَن مَالك قَالَ القَاضِي لَا يَصح هَذَا عَن مَالك ثمَّ هُوَ مَذْهَب ضَعِيف مَرْدُود بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة وَلَعَلَّ الْقَائِلين بِهِ لم تبلغهم هَذِه الْأَحَادِيث انْتهى

قَوْله
[2056] مَا اعتب الخ قَالَ الْكرْمَانِي اعتب بِضَم فوقية وَكسرهَا من عتب عَلَيْهِ إِذا وجد عَلَيْهِ وروى اعيب بتحتية أَي لَا اغضب وَلَا أُرِيد مُفَارقَته لسوء خلقه وَلَا نُقْصَان دينه وَلَكِن اكرهه طبعا فَأَخَاف على نَفسِي مَا يُنَافِي مُقْتَضى الْإِسْلَام من النُّشُوز وَلَكِنِّي أكره لَوَازِم الْكفْر من المعاداة والنفاق وَالْخُصُومَة وروى انها قَالَت رَأَيْته اشدهم سوادا واقصرهم قامة واقبحهم منْظرًا

[2057]

قَوْله لبسقت على وَجهه البسق والبزاق والبصاق بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ مَاء الْفَم إِذا اخْرُج مِنْهُ وَمَا دَامَ فِيهِ فريق كَذَا فِي الْقَامُوس ويستنبط من هَذَا الحَدِيث ان الْمَرْأَة إِذا علمت بكفران العشير بِسَبَب الدمامة يصلح لَهَا الْخلْع بِلَا كَرَاهَة والدمامة الْقبْح فِي الصُّورَة انجاح

(1/148)


[2058]

قَوْله لَا عدَّة عَلَيْك الخ استدلت الْحَنَابِلَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم بِهَذَا الحَدِيث وَأَمْثَاله ان الْخلْع فسخ لِأَنَّهُ لَو كَانَ طَلَاقا يجب عَلَيْهَا الْعدة قَالَ بن الْهمام وَأما مَا ذَكرُوهُ عَن عُثْمَان فبتقدير ثُبُوته لَيْسَ فِيهِ سوى انه قَالَ لَا عدَّة عَلَيْهَا وَلَا تنْكح حَتَّى تحيض حَيْضَة وَاصل هَذَا مَا روى من حَدِيث بن عَبَّاس ان امْرَأَة ثَابت بن قيس اخْتلعت مِنْهُ فَأمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان تَعْتَد بِحَيْضَة فَسمى الْحَيْضَة عدَّة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ ثمَّ رَأَيْنَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم فِي خلع امْرَأَة ثَابت رض بِأَنَّهَا طَلْقَة على مَا فِي البُخَارِيّ أَنه قَالَ لَهُ أقبل الحديقة وَطَلقهَا تَطْلِيقَة فَقَوْل عُثْمَان لاعدة عَلَيْهَا يَعْنِي الْعدة الْمَعْهُودَة للمطلقات وللشارع ولَايَة الايجاد والاعدام فَهَذَا يفيدك بِتَقْدِير صِحَة عدم التلازم بَين عدم الْعدة وَكَونه فسخا على ان الَّذِي نعرفه من حَدِيث عُثْمَان هَذَا هُوَ مَا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع ان بيع بنت معوذ جَاءَت هِيَ وعمها الى عبد الله بن عمر فَأَخْبَرته انها اخْتلعت من زَوجهَا فِي زمَان عُثْمَان فَبلغ ذَلِك عُثْمَان فَلم يُنكر فَقَالَ بن عمر عدتهَا أَو عدتك عدَّة الْمُطلقَة وَقَالَ بلغنَا عَن سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار وَابْن شهَاب انهم كَانُوا يَقُولُونَ عدَّة المختلعة ثَلَاثَة قُرُوء وروى مَالك عَن أم بكرَة الأسْلَمِيَّة انها اخْتلعت من زَوجهَا فارتفعا الى عُثْمَان فَأجَاز ذَلِك وَقَالَ هِيَ طَلْقَة بَائِنَة الا ان تكون سميت شَيْئا فَهُوَ على مَا سميت وروى بن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ عَن بن مَسْعُود وَعلي قَالَ لَا تكون طَلْقَة بَائِنَة الا فِي فديَة أَو ايلاء وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن الْمسيب رض ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل الْخلْع تَطْلِيقَة وَكَذَا مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَسكت عَلَيْهِ فَثَبت ان الْخلْع طَلَاق كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا فسخ كَمَا قَالَ غَيره

[2061] الى من بعض نِسَائِهِ أَي حلف ان لَا يدْخل عَلَيْهَا قَالَ الْعَيْنِيّ وَإِنَّمَا عداهُ بِمن حملا على الْمَعْنى وَهُوَ الِامْتِنَاع من الدُّخُول وَهُوَ يتَعَدَّى بِمن وَالْمرَاد مِنْهُ الْحلف لَا ايلاء الشَّرْع وَهُوَ الْحلف على ترك قرْبَان مرأته أَرْبَعَة اشهر أَو أَكثر كرماني

[2062]

قَوْله ظَاهَرت الظِّهَار مصدر ظَاهر من امْرَأَته إِذا قَالَ لَهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو كبطنها أَو كفخذها أَو كفرجها أَو كَظهر أُخْتِي أَو عَمَّتي فَإِذا قَالَ هَذَا يصير مُظَاهرا بِلَا نِيَّة فَيحرم وطيها عَلَيْهِ ودواعيه حَتَّى يكفر فَإِن وطي تَابَ واستغفر وَكفر للظهار فَقَط وَقيل عَلَيْهِ أُخْرَى وَلَا يعود الى وطيها ثَانِيًا قبل الْكَفَّارَة كَذَا فِي الدّرّ لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَقربهَا حَتَّى تفعل مَا امرك الله

قَوْله حَتَّى يَنْسَلِخ الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ دَلِيل على الظِّهَار الْمُؤَقت وَقَالَ بن الْهمام لَو ظَاهر وَاسْتثنى يَوْم الْجُمُعَة مثلا لم يجز (مرقاة)

قَوْله سَوف نسلمك بجريرتك الجريرة الْجِنَايَة والذنب جر على نَفسه وَغَيره كَذَا فِي الْقَامُوس وَمَعْنَاهُ نسلمك بِسَبَب ذَنْبك الَّذِي اذنبت الى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيحكم فِيهِ بِأَمْر الله عَلَيْك (إنْجَاح)

[2063]

قَوْله ويخفي على بعضه عطف على قَوْلهَا لَا اسْمَع فغرضها ان بعض كَلَام خَوْلَة لَا أسمع أصلا وَبَعضه خَفِي عَليّ وان سَمِعت صَوتهَا وَلَكِن مَا تبين قَوْله ا (إنْجَاح)

قَوْله أكل شَبَابِي الخ اشارت الى زَوجهَا وَهُوَ أَوْس بن الصَّامِت أَي افنى شَبَابِي فَلَمَّا كَبرت بِحَيْثُ لَا رَغْبَة للرِّجَال فِي نِكَاحي ظَاهر مني وَقَوله نثرت لَهُ بَطْني أَي بِسَبَب الْأَوْلَاد وللنثر التَّفَرُّق وَهَذَا مجَاز لِأَن الْبَطن لَا تنثر وَهَذَا كَقَوْلِهِم سَأَلَ الْمِيزَاب أَي نثرت أَوْلَاد بَطْني وَيجوز ان يكون قَوْلهَا نثرت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وبطني مَفْعُولا والمضاف محذوفا أَي فرقت انا لزوجي أَوْلَاد بَطْني أَي ولدت لَهُ اولادا كثيرا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر (إنْجَاح)

[2064]

قَوْله كَفَّارَة وَاحِدَة فِي شرح السّنة وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَبِه قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقيل إِذا وَاقعهَا قبل ان يكفر وَجب عَلَيْهِ كفارتان (مرقاة)