شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

بَاب الظلال للْمحرمِ أَي الدَّوَام على التَّلْبِيَة وَذكر الله وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ للْمحرمِ كَمَا قَالَ صَاحب الْقَامُوس مَكَان ظَلِيل أَي ذُو ظلّ أَو دائمة والظلة الْإِقَامَة انْتهى فَإِن الدَّائِم والمقيم على الشَّيْء كَأَنَّهُ ألْقى ظله عَلَيْهِ إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله
[2925] يُضحي الله يَوْمه يُلَبِّي أَي يظل سَائِر الْيَوْم ملبيا من قَوْلهم اضحى يفعل كَذَا صَار فَاعله فِي الضحوة أوفى الضُّحَى والضحوة وَقت ارْتِفَاع النَّهَار وَالضُّحَى فويقه كَذَا فِي الْقَامُوس فَإِن اضحى وظل من الْأَفْعَال النَّاقِصَة لاقتران مَضْمُون الْجُمْلَة بوقتيهما وَقَوله حَتَّى تغيب الشَّمْس أَي يصير ويدوم ملبيا من وَقت ارتفاعها الى غيبوبتها أَي لبّى من أول الْيَوْم الى اخره الاغابت الشَّمْس بذنوبه وَهِي كِنَايَة عَن تعلق مغْفرَة الْبَارِي تَعَالَى عِنْد مَجِيء اللَّيْل (إنْجَاح)

قَوْله
[2926] طيبت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاحرامه الخ وَفِيه دلَالَة على اسْتِحْبَاب الطّيب عِنْد إِرَادَة الْإِحْرَام وانه لَا بَأْس باستدامته بعد الْإِحْرَام وَإِنَّمَا يحرم ابتداؤه فِي الْإِحْرَام وَبِه قَالَ خلائق من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وجماهير الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء مِنْهُم سعد بن أبي وَقاص وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَمُعَاوِيَة وَعَائِشَة وَأم حَبِيبَة ووأبو حنيفَة وَالثَّوْري وَأَبُو يُوسُف وَأحمد وَدَاوُد وَغَيرهم وَقَالَ اخرون بِمَنْعه مِنْهُم الزُّهْرِيّ وَمَالك وَمُحَمّد بن الْحسن وَحكى أَيْضا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَالَ القَاضِي وَتَأَول هَؤُلَاءِ حَدِيث عَائِشَة هَذَا على انه تطيب ثمَّ اغْتسل بعده فَذهب الطّيب قبل الْإِحْرَام وَيُؤَيّد هَذَا قَوْلهَا فِي رِوَايَة مُسلم طيبت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد احرامه ثمَّ طَاف على نِسَائِهِ ثمَّ أصبح محرما فَظَاهر انه إِنَّمَا تطيب لمباشرة نِسَائِهِ ثمَّ زَالَ بِالْغسْلِ بعده لَا سِيمَا وَقد نقل انه كَانَ يتَطَهَّر من كل وَاحِدَة قبل الْأُخْرَى وَلَا يبْقى مَعَ ذَلِك وَقَوْلها كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب الخ المُرَاد بِهِ اثره لَا جرمه هَذَا كَلَام القَاضِي وَلَا يُوَافق عَلَيْهِ بل الصَّوَاب مَا قَالَه الْجُمْهُور ان التَّطَيُّب مُسْتَحبّ للاحرام لقولها طيبته لاحرامه وَهَذَا ظَاهر فِي ان الطّيب للاحرام لَا للنِّسَاء ويعضده قَوْلهَا كَأَنِّي انْظُر الى وبيص الطّيب والتأويل الَّذِي قَالَه القَاضِي غير مَقْبُول لمُخَالفَته الظَّاهِر وَأما قَوْله
[2926] ولحله قبل ان يفِيض فَفِيهِ دلَالَة الاستباحة الطّيب بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة والمحلق وَقبل الطّواف وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَالْعُلَمَاء كَافَّة الا مَالِكًا فكرهه قبل طواف الافاضة وَهُوَ محجوج بِهَذَا الحَدِيث (نووي)

قَوْله لَا يلبس القمص الخ إِنَّمَا أجَاب بَعْدَمَا لَا يجوز لبسه مَعَ ان السوال فِي الظَّاهِر كَانَ عَمَّا يجوز لبسه لِأَنَّهُ الْمَقْصُود وَمَا يتَعَلَّق ببيانه الْغَرَض بل غَرَض السَّائِل أَيْضا هَذَا الْمَعْنى وان كَانَ عِبَارَته فِي السوال عَمَّا يجوز لبسه وَذَلِكَ ظَاهر وَالْمرَاد يلبس الْقَمِيص والسراويل مثلا لبسهما على وَجه مُتَعَارَف فيهمَا وَيُقَال انه لبسهما فَلَو ألْقى على الْبدن كالرداء لم يلْزم شَيْء والبرانس جمع الْبُرْنُس بِضَم الْبَاء وَالنُّون وَسُكُون الرَّاء بَينهمَا ويفسر بقلنسوة طَوِيلَة وَهَذَا التَّفْسِير قَاصِر وَقيل هُوَ كل ثوب رَأسه مِنْهُ يلتزق وراعة أَو جُبَّة أَو ممطر أَو هُوَ ثوب مَشْهُور يجلب من بِلَاد الشَّام يلبس فِي الْمَطَر يستر سَائِر الْبدن مَعَ الرَّأْس والعنق حَاصِل الحَدِيث انه يحرم على الرجل الْمحرم لبس الْمخيط والمطيب وَستر الرَّأْس وَالدَّلِيل على اخْتِصَاص الحكم بِالرِّجَالِ مَا ورد فِي إباحتها للنِّسَاء لمعات

قَوْله
[2929] قليلبس سَرَاوِيل الا ان يفقد أَي ازارا يَعْنِي وَلَكِن وَقت فقدان الْإِزَار فَهَذَا كالتفسير لقَوْله
[2931] من لم يجد ازارا فَإِن مَالهمَا وَاحِد (إنْجَاح)