فيض القدير شرح الجامع الصغير

فصل في المحلى بأل من هذا الحرف. [أي حرف الطاء]

(4/285)


5325 - (الطابع) بالكسر (1) الختم الذي يختم به (معلق بقائمة العرش فإذا انتهكت الحرمة) أي تناولها الناس بما لا يحل وفي رواية الحرمات بلفظ الجمع (وعمل بالمعاصي واجترئ على الله) ببناء انتهك وعمل واجترئ للمفعول (بعث الله) أي أرسل (الطابع فيطبع قلبه) أي على قلب كل من المنتهك والعاصي والمجترئ (فلا يعقل بعد ذلك شيئا) هذا على سبيل المجاز والاستعارة ولا خاتم ولا ختم في الحقيقة والمراد أنه يحدث في نفوسهم هيئة تمرنه على استحسان المعاصي واستقباح الطاعات حتى لا يفعل غير ذلك (2) ذكره الزمخشري قال البغوي في شرح السنة: والأقوى إجراؤه على الحقيقة لفقد المانع والتأويل لا يصار إليه إلا لمانع
(البزار) في مسنده (هب) وكذا ابن عدي وابن حبان في الضعفاء (عن ابن عمر) بن الخطاب وضعفه المنذري وقال الحافظ العراقي: حديث منكر انتهى وذلك لأن فيه سليمان بن مسلم الخشاب قال في الميزان: لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار وساق من مناكيره هذا الخبر وأعاده في محل آخر وقال: هو موضوع في نقدي ووافقه ابن حجر في اللسان وقال الهيثمي: فيه سليمان الخشاب ضعيف جدا
_________
(1) قال في النهاية: الطابع بالفتح الخاتم
(2) قال تعالى {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}

(4/285)


5326 - (الطاعم الشاكر) من الشكر وهو تصور النعمة وإظهارها قيل هو مقلوب الكشر وهو الكشف لأن الشاكر يكشف النعم (بمنزلة الصائم الصابر) لأن الطعم فعل والصوم كف عن فعل فالطاعم بطبعه يأتي ربه بالشكر والصائم بكفه عن الطعم يأتي ربه بالصبر قال الطيبي: وقد تقرر في علم المعاني أن التشبيه يستدعي جهة جامعة والشكر نتيجة النعماء كما أن الصبر نتيجة البلاء فكيف شبه الشاكر بالصابر؟ وجوابه أنه ورد الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر فقد يتوهم أن ثواب شكر الطاعم يقصر عن ثواب صبر الصائم فأزيل توهمه به يعني هما سيان في الثواب ولأن الشاكر لما رأى النعمة من الله وحبس نفسه على محبة المنعم بالقلب وإظهارها باللسان نال درجة الصابر فالتشبيه واقع في حبس النفس بالمحبة والجهة العامة حبس النفس مطلقا. وقال الغزالي: هذا دليل على فضيلة الصبر إذ ذكر ذلك في معرض المبالغة لرفع درجة الشكر فألحقه بالصبر فكان هذا منتهى درجته ولولا أنه فهم من الشرع علو درجة الصبر لما كان إلحاق الشكر به مبالغة في الشكر
(حم ت هـ ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي: علقه البخاري وأسنده الترمذي وغيره

(4/285)


[ص:286] 5327 - (الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر) بل ربما كان في بعض الأفراد أفضل وذلك عند تعدي النفس وحالة الضرورة قال الحكيم: فهذا شكر الصادقين عدل شكره على طعامه بصبره في صيامه أما شكر الصديقين أولياء الرحمن فقد فاق على صبر الصائمين لأن الصبر ثبات العبد في مركزه على الشهوات برد ما يحتاج منها والشاكر من الصديقين يطعم فيفتتح طعامه ببسم الله الذي تملأ تسميته ما بين السماء والأرض ويطفىء حرارة الشهوة ويرى لطف الله في ذلك الطعام وبهذا وما قبله احتج ابن القيم لمن فضل الشكر على الصبر لأنه ذكر في معرض تفضيل الصبر ورفع درجته على الشكر فإنه ألحق الشاكر بالصابر وشبهه به ورتبة المشبه به أعلى قال ابن الأثير: والطاعم الآكل يقال طعم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل أو ذاق
(حم هـ عن سنان) بكسر المهملة وخفة النون الأولى (ابن سنة) بضم السين والتشديد بضبط المصنف كذا وقفت عليه بخطه في مسودة هذا الكتاب وهو غير صواب ففي التقريب كأصله سنان بن سنة بفتح المهملة وتشديد النون الأسلمي المدني صحابي مات في خلافة عثمان قال الحافظ العراقي: في إسناده اختلاف

(4/286)


5328 - (الطاعون) فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء ذكره الجوهري (بقية رجز) بكسر الراء قال ابن حجر: ووقع الرجس بسين مهملة بدل الرجز بالزاي والذي بالزاي هو المعروف قال التوربشتي: والرجز العذاب وأصله الاضطراب ومنه قيل رجز البعير راجزا إذا تقارب خطوه واضطرب لضعف فيه (أو عذاب أرسل على طائفة) هم قوم فرعون (من بني إسرائيل) هم الذين أمرهم الله أن يدخلوا الباب سجدا فخالفوا فأرسل عليهم الطاعون فمات منهم في ساعة سبعون ألفا قال ابن حجر: وقوله أو عذاب كذا وقع بالشك ووقع بالجزم عند ابن خزيمة عن عامر بن سعد بلفظ إنه رجس سلط على طائفة من بني إسرائيل (فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا) منه فيحرم ذلك (وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) قال الخطابي: في أحد الأمرين تأديب وتعليم والآخر تفويض وتسليم وقال التوربشتي: إنه تعالى شرع لنا التوقي عن المحذور وقد صح أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما بلغ الحجر منع أصحابه من دخوله وأما نهيه عن الخروج فلأنه إذا خرج الأصحاء ضاعت المرضى من متعهد والموتى من التجهيز والصلاة عليهم وقال الغزالي: إنما نهى عن الخروج كالدخول مع أن سببه في الطب الهواء وأظهر طرق التداوي الفرار من المضر وترك التوكل في نحوه مباح لأن الهواء لا يضر من حيث تلاقي ظاهر البدن بل من حيث دوام استنشاقه فإنه إذا كان فيه عفونة ووصل إلى الرئة والقلب أثر فيها بطول الاستنشاق فلا يظهر الوباء على الظاهر إلا بعد استحكام التأثير في الباطن فالخروج لا يخلص لكنه يوهم الخلاص فيصير من جنس الموهومات كالطيرة فلو تجرد هذا المعنى لم يكن منهيا لكنه انضم له شيء آخر وهو أنه لو رخص للأصحاء في الخروج لم يبق بالبلد إلا من طعن فيضيع حالهم فيكون محققا لإهلاكهم وخلاصهم منتظر كما أن صلاح الأصحاء منتظر ولو أقاموا لم تكن الإقامة قاطعة بالموت ولو خرجوا لم يقطع بالخلاص والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا أو ينعكس هذا فيمن لم يدخل البلد فإن الهواء لم يؤثر بباطنه ولا بأهل البلد حاجة إليه فإن لم يبق بالبلد إلا مطعون وافتقروا لمتعهد وقدم عليهم لم ينه عن الدخول بل يندب للإعانة ولأنه يعرض لضرر موهوم على رجاء دفع ضرر عن بقية المسلمين كما يؤخذ من تشبيهه الفرار هنا بالفرار من الزحف لأن فيه كسرا لقلوب البقية وسعيا في إهلاكهم
(ق عن أسامة) بن زيد ورواه عنه النسائي أيضا

(4/286)


5329 - (الطاعون شهادة لكل مسلم) أي سبب لكون الميت منه شهيدا في حكم الآخرة وظاهره يشمل الفاسق فيكون شهيدا [ص:287] لكنه لا يساوي مرتبة مسلم غبر فاسق في أنه يغفر له جميع ذنوبه وإنما يغفر له غير حق الآدمي أخذا من خبر إن الشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين اه وفيه أن الخير كله لأهل الإيمان وإن كان ظاهر ما يجري عليهم ضده لأن الطاعون كان لمن قبلنا بلاء فصار لنا رحمة لحصول الشهادة به وأن العادة لا تؤثر بنفسها لأن هذا كان بلاء بنفسه لمن تقدم ثم عاد بنفسه وصفته رحمة والصفة واحدة لم تتغير
(حم ق عن أنس)

(4/286)


5330 - (الطاعون كان عذابا يبعثه الله على من يشاء) من فاسق أو كافر (وإن الله جعله رحمة للمؤمنين) من هذه الأمة فجعله رحمة من خصوصياتها وهل المراد بالمؤمن الذي جعله رحمة له الكامل أو أعم؟ احتمالان (فليس من أحد) أي مسلم (يقع الطاعون) في بلد هو فيه (فيمكث في بلده صابرا) غير متزعج ولا قلق بل مسلما مفوضا راضيا وهذا قيد في حصول أجر الشهادة لمن يموت به (محتسبا) أي طالبا للثواب على صبره على خوف الطاعون وشدته (يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له) قيد آخر وهي جملة حالية تتعلق بالإقامة فلو مكث وهو قلق متندم على عدم الخروج ظانا أنه لو لم يخرج لم يقع به فاته أجر الشهادة وإن مات به هذا قضية مفهوم الخبر كما اقتضى منطوقه أن المتصف بما ذكر له أجر شهيد وإن لم يمت به (إلا كان له مثل أجر شهيد) هو استثناء من أحد وسر التعبير بالمثلية مع ثبوت التصريح بأن من مات به شهيد أن من لم يمت به له مثل أجر شهيد وإن لم يحصل له درجة الشهادة نفسها قال ابن حجر: ويؤخذ منه أن من اتصف بالصفات المذكورة ثم مات بالطاعون له أجر شهيدين ولا مانع من تعدد الثواب بتعدد الأسباب كمن يموت غريبا أو نفساء بالطاعون والتحقيق أنه يكون شهيدا بوقوع الطاعون به ويضاف له مثل أجر شهيد لصبره فإن درجة الشهادة شيء وأجرها شيء قال ابن أبي جمرة: وقد يقال درجات الشهداء متفاوتة فأرفعها من اتصف بما ذكر ومات بالطاعون ودونه من اتصف بذلك وطعن ولم يمت به ودونه من اتصف ثم لم يطعن ولم يمت به قال ابن حجر: ويؤخذ منه أن من لم يتصف بذلك لا يكون شهيدا وإن مات بالطاعون وذلك ينشأ من شؤم الاعتراض الناشئ عن الضجر والسخط للقدر
(حم خ عن عائشة) قاله لها حين سألته عن الطاعون ما هو

(4/287)


5331 - (الطاعون غدة كغدة البعير المقيم بها كالشهيد والفار منها كالفار من الزحف) قال ابن القيم: حكمة تسليط الجن على الإنس بالطاعون أن أعداءنا منهم شياطينهم وأتقياؤهم إخواننا وأمرنا الله بمعاداة أعدائنا فأبى أكثر الناس إلا موالاتهم فسلطوا عليهم عقوبة لهم ومن أمثالهم إذا كثر الطاعون أرسل عليهم الطاعون
(حم عن عائشة) قال الهيثمي: رجاله ثقات

(4/287)


5332 - (الطاعون وخز) بفتح أوله وسكون المعجمة ثم زاي أي طعن أعدائكم وفي النهاية تبعا لغريب الهروي إخوانكم قال ابن حجر: ولم أره بلفظ إخوانكم بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة ولا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة وعزاه البعض لمسند أحمد والطبراني وابن أبي الدنيا ولا وجود له فيها قال المؤلف: وأما تسميتهم إخوانا في حديث العظم باعتبار الإيمان فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس (من الجن) [ص:288] لا يعارضه قول ابن سينا وغيره من الحكماء إنه شبه دم رديء يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويؤدي إلى القلب كيفية رديئة فتحدث القيء والغثيان والغثي لأنه يجوز كونه يحدث من الطليعة الباطنة فيحدث منها المادة السمية ويهيج الدم بسببها والوخز وهو طعن غير نافذ ووصف طعن الجن بأنه وخز لأنه يقع من الباطن إلى الظاهر فيؤثر في الباطن أولا ثم يؤثر في الظاهر وقد لا ينفذ (وهو لكم شهادة) لكل مسلم وقع به أو وقع في بلد هو فيها
(ك عن أبي موسى) الأشعري

(4/287)


5333 - (الطاعون شهادة لأمتي) أي الميت في زمنه منهم له أجر شهيد وإن مات بغير الطاعون (ووخز أعدائكم من الجن غدة كغدة الإبل تخرج في الآباط والمواق من مات فيه مات شهيدا ومن أقام به كان كالمرابط في سبيل الله ومن فر منه كان كالفار من الزحف) قال الزمخشري: الغدة والغدد داء يأخذ البعير فترم نكفتاه (1) له فيأخذه شبه الموت وبعير مغد ومغدود وغاد وفي أمثالهم غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية قاله عامر بن الطفيل عند دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه فطعن والمراق أسفل البطن جمع مرق. إلى هنا كلامه
(طس وأبو نعيم في فوائد أبي بكر بن خلاد عن عائشة) قال الهيثمي: إسناده حسن
_________
(1) أي لهزمتاه قال في الصحاح: النكفتان اللهزمتان وهما عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين اه

(4/288)


5334 - (الطاعون والغرق) بفتح الغين المعجمة وبعد الراء المكسورة قاف الذي يموت بالغرق (والبطن (1) والحرق) بضبط ما قبله أي الذي يموت بحرق النار (والنفساء) التي تموت بالطلق (شهادة لأمتي)
(حم طب والضياء) المقدسي وكذا البخاري في تاريخه (عن صفوان بن أمية) بن خلف الجمحي المكي صحابي من المؤلفة من أشراف قريش قال الهيثمي: فيه مندل بن علي وفيه كلام كثير وقد وقع لابن قانع في هذا وهم فاحش فإنه أخرج الحديث وجعل صحابيه عامر بن مالك بن صفوان وإنما هو عامر بن مالك عن صفوان فصحف عن بابن فصارت ابن نبه عليه ابن فتحون وتبعه في الإصابة
_________
(1) إن كانت الرواية كذلك كان المناسب له أن يقول قبل شهادة لأمتي أي السبب الحاصل لكل منهم

(4/288)


5335 - (الطاهر النائم كالصائم القائم) لأن الصائم بترك الشهوات يطهر وبقيامه بالليل يرحم والنائم على طهر محتسبا يكرم فإن نفسه تعرج إلى الله فإذا كان طاهرا قرب فسجد تحت العرش وإن كان غير طاهر سجد قاصيا فلذلك يندب النوم على طهر والروح والنفس قرينان لكن الروح تدعو إلى الطاعة لأنه سماوي والنفس تدعو إلى الشهوة لأنها أرضية فبالنفس يأكل ويشرب ويسمع ويبصر وبالروح يعف ويستحي ويتكرم ويتلطف ويعبد ربه ويطيع والنفس هي الأمارة بالسوء فإذا نام خرجت بحرارتها فعرج بها إلى الملكوت والروح باق معلق بنياط القلب وأصل النفس باق مقيد بالروح وقد خرج شعاعها ومعظمها وحرارتها ولذلك إذا استيقظ النائم يجد في أعضائه بردا فذلك لخروج حرارة النفس وقال معاذ لأبي موسى: إني أنام نصف الليل وأقوم نصفه وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي لأنه عرف [ص:289] ما يرجع به النفس من الله إليه بتلك النومة فخاصة الله عندهم النوم أكثر من القيام كما يأتي
(فر عن عمرو بن حريث) قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف اه. وذلك لأن فيه ابن لهيعة وغيره من الضعفاء

(4/288)


5336 - (الطبيب الله) خاطب به من نظر الخاتم وجهل شأنه فظن أنه سلعة تدلت من فضلات البدن فقال أنا طبيب أداويها أي إنما الشافي المزيل للأدواء والعالم بحقيقة الأدوية هو الله (ولعلك ترفق بأشياء يخرق بها غيرك) أي ولعلك تعالج المريض بلطافة العقل فتطعمه ما ترى أنه أوفق إليه وتحميه عما يخاف منه على علته وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره استعمال اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك قال التوربشتي: والطبيب الحاذق بالشيء الموصوف ولم يرد بهذا نفي هذا الاسم ممن يتعاطى ذلك وإنما حول المعنى من الطبيعة إلى الشريعة وبين أن الذي يرجون من الطبيب فالله فاعله وليس الطبيب بموجود في أسماء الله تعالى اه. فإن قيل: يجوز إطلاقه عليه تعالى فيقال يا طبيب عملا بهذا الخبر قلنا: لا لأنه حديث ضعيف وقد شرطوا لجواز الإطلاق صحة الحديث كما مر وبفرض صحته فهو ممنوع لأنه وقع كما قال الطيبي مقابلا لقوله أنا طبيب مشاكلة وطباقا للجواب على السؤال كقوله تعالى {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}
(الشيرازي عن مجاهد) بن جبر (مرسلا)

(4/289)


5337 - (الطرق يظهر بعضها بعضا) أي بعضها يدل على بعض
(عد هق عن أبي هريرة)

(4/289)


5338 - (الطعام بالطعام) أي البر بالبر (مثلا بمثل (1)) أي فلا يجوز بيع الطعام بالطعام بعضه ببعض إلا حال كونهما متماثلين أي متساويين وإلا فهو ربا قال القاضي: الطعام الحنطة سمي به لأنه أشرف ما يقتات به وأنفع ما يطعم
(حم م) في الربا (عن معمر بن عبد الله) بن نافع العدوي ممن هاجر إلى الحبشة ولم يخرجه البخاري
_________
(1) بسكون المثلثة أي المتساويين إن اتحد الجنس فإن اختلف جاز التفاضل بشرط الحلول والتقابض

(4/289)


5339 - (الطعن) أي بالرماح والنشاب (والطاعون) وخز الجن (والهدم) بفتح فسكون اسم فعل وبكسر الدال الميت تحت الهدم (وأكل السبع) يعني مأكوله (والغرق) بفتح الغين وكسر الراء وفي رواية الغريق بالياء أي الذي يموت في الماء (والحرق) بفتح الحاء وكسر الراء وفي رواية بالياء فعيل بمعنى مفعول (والبطن) أي الذي يموت بمرض بطنه (وذات الجنب) الذي يشتكي جنبه من نحو دبيلة (شهادة) على ما مر توضيحه في حرف الشين
(ابن قانع) في المعجم وكذا الطبراني (عن ربيع الأنصاري) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح

(4/289)


5340 - (الطفل لا يصلى عليه (1) ولا يرث ولا يورث حتى يستهل) صارخا فإذا استهل صلي عليه اتفاقا فإن لم يستهل وبين فيه خلق آدمي قال أحمد وإسحاق: صلي عليه (2) قال ابن العربي: وهذا الحديث اضطربت رواته فقيل مسندا موقوفا وباختلاف الروايات يرجع إلى الأصل وهو أنه لا يصلى إلا على حي والأصل الموت حتى تثبت الحياة اه
(ت) من حديث [ص:290] إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير (عن جابر) رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقه قال الذهبي: هو واه اه. وتقدمه ابن القطان وغيره فقالوا: الحديث معلول بإسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف جدا قال ابن المديني: لم يزل مخلطا متروك الحديث إنما يحدث عنه ما لا يبصر الرجال
_________
(1) أي لا تجب الصلاة عليه بل ولا تجوز
(2) وقال الشافعي إن اختلج صلي عليه وإلا فإن بلغ أربعة أشهر غسل وكفن بلا صلاة

(4/289)


5341 - (الطمع يذهب الحكمة من قلوب العلماء) ولهذا لما سئل كعب الأحبار بحضرة عمر ما يذهب بالعلم من قلوب العلماء بعد أن حفظوه وعقلوه قال: الطمع وشره النفس وطلب الحاجة إلى الناس وقال الوراق: لو قيل للطمع من أبوك قال الشك في المقدور ولو قيل ما حرفتك قال اكتساب الذل ولو قيل ما غايتك قال الحرمان. قال الحرالي: والطمع تعلق البال بالشيء من غير تقدم سبب له فينبغي للعالم أن لا يشين علمه وتعليمه بالطمع ولو ممن يعلمه بنحو مال أو خدمة وإن قل ولو على صورة الهدية التي لولا اشتغاله عليه لو يهدها وقد حث الأئمة على أن لا يدنس العلم بالأطماع ولا يذل بالذهاب إلى غير أهله من أبناء الدنيا بلا ضرورة إلى من يتعلمه منه وإن عظم شأنه وكبر قدره وسلطانه والحكايات عن مالك وغيره مشهورة فعلى العالم تناول ما يحتاجه من الدنيا على الوجه المعتدل من القناعة لا الطمع وأقل درجاته أن يستقذر التعلق بالدنيا ولا يبالي بفوتها فإنه أعلم الناس بخستها وسرعة زوالها وحقارتها وكثرة عنائها وقلة غنائها
(في نسخة سمعان عن أنس) كذا بخط المصنف

(4/290)


5342 - (الطهارات أربع قص الشارب وحلق العانة وتقليم الأظافر والسواك) أي طهارات لغوية بمعنى النظافة وجمعها بتعدد أفرادها أو شرعية لتوقف كمال الوضوء والغسل عليها قال بعضهم: أشار إلى أن هذه أمهات الطهارات ونبه بها على ما عداها من الطهارات الظاهرة والباطنة فالأولى كطهارة بدن الإنسان من الأدناس والقاذورات وطهارة حواسه من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات وطهارة الأعضاء من إطلاقها في التصرف الخارج عن دائرة الاعتدال المعلوم من الموازين العقلية والقضايا الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات الحكمية سيما اللسان فإن له طهارتين طهارة تختص بالصمت إلا عما يعني ويفيد وطهارة تختص بمراعاة العدل فيما يعبر عنه والثانية طهارة خيالية من الاعتقادات الفاسدة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان الآمال وطهارة ذهنية من الأفكار الرديئة والاستحضارات الغير واقعة والمعتدة وطهارة عقلية من التقييد بنتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار وطهارة القلب من التقلب النابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهمم وتشتت العزمات وطهارة النفس من أغراضها بل من عينها فإنها خمرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء وكثرة التشوقات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات وطهارة الروح من الحظوظ الشريفة المرجوة من الحق كمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه والمستشرف بنور البصيرة عليه فاعلم ذلك واعتبر من كل طهارة من هذه الطهارات ما يقابلها من النجاسات المعنوية فلا حاجة لسردها
(البزار) في مسنده (ع طب عن أبي الدرداء) وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف ذكره الهيثمي ورواه عنه الديلمي أيضا

(4/290)


5343 - (الطهور) بالفتح للماء وبالضم للفعل وهو المراد هنا إذ لا دخل لغيره في الشطرية الآتية إلا بتكلف وزعم أن الرواية بالفتح لا الضم أبطله النووي (شطر) أي نصف (الإيمان) الكامل بالمعنى الأعم المركب من التصديق والإقرار والعمل وهو وإن تكثرت خصاله وتشعبت أحكامه ينحصر فيما ينبغي التنزه عنه وهو كل منهي والتلبس به وهو كل مأمور أو المراد أن الإيمان يجب ما قبله من الخطايا وكذلك الوضوء لكنه لا يصح إلا مع الإيمان فصار لتوقفه [ص:291] عليه في معنى الشرط أو المراد بالإيمان الصلاة وصحتها لاجتماع أمرين للأركان والشروط وأظهر الشروط وأقواها الطهارة فجعلت كأنها الشروط كلها والشرط ما لابد منه حتى ينعقد صحيحا أو الطهور تزكية النفس عن العقائد الزائغة والأخلاق الذميمة وهي شرط للإيمان الكامل فإنه عبارة عن مجموع تزكية النفس من ذلك وتحليها بالاعتقادات الحقة والشمائل المحمودة قال النووي: وأظهر الأقوال الثالث (والحمد لله تملأ الميزان) أي ثواب الكلمة يملأها بفرض الجسمية وقال القزويني: يريد الميزان النظري لأن أنواع الثناء على الحق محصورة في أصلين السلب والإثبات فالتنزيهات إنما تفيد النفي لأنها ليست أمورا وجودية تملأ شيئا بخلاف الصفات الثبوتية فالحمد لله ثناء بوصف ثبوتي فيملأ الميزان العقلي وبه يتم البرهان والتعريف (وسبحان الله والحمد لله تملآن) بالتأنيث على اعتبار الجملة والتذكير بإرادة الذكرين أي يملأ ثواب كل منهما (ما بين السماء والأرض) بفرض الجسمية وذلك لاشتمال هاتين الكلمتين على كمال الثناء والتعريف بالصفات الذاتية والعقلية الظاهرة الآثار في السماوات والأرض وما بينهما (والصلاة نور) لأنها تمنع عن المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به أو لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق وإقباله إلى الخالق أو لأنها تكون نورا لصاحبها بالبهاء في الدنيا وبالأنس في القبر ونورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة حتى توصله للجنة {نورهم يسعى بين أيديهم} وهي نور توضيح الطريق إلى الآخرة وتبين سبيل المراشد فهي نور على نور والنور من نار ينور لما فيه من الحركة والاضطراب (والصدقة برهان) حجة جليلة على إيمان صاحبها أو أنه على الهدى أو الفلاح أو لكون الصدقة تنجيه عند الحساب كما تنجي الحجة عند المحاكمة وقال القزويني: الصدقة برهان على جزم المتصدق بوجود الآخرة وما تتضمنه من المجازات لأن المال محبوب للنفوس المنصفة بالخواص الطبيعية فلا يقدر على بذل المال ما لم يصدق بانتفاعها فيما بعد بثمرات ما يبذله وفوزها بالعوض وحصول السلامة من ضرر متوقع بسبب فعل قرنت به عقوبة (والصبر) الذي هو حبس النفس عما تتمنى أو يشق والمراد المحمود (ضياء) أي نور قوي تنكشف به الكربات وتنزاح به غياهب الظلمات فمن صبر على ما أصابه من مكروه علما بأنه من قضاء الله وقدره هان عليه ذلك وكفى عنه شره وادخر له أجره ومن اضطرب فيه وأكثر الجزع والهلع لم ينفعه تعبه ولا يدفع سعيه شيئا من قدر الله بل يتضاعف به همه وينحبط أجره والعبد بالصبر يخرج عن عهدة التكليف ويقوى على مخالفة الشيطان والنفس فيفوز في الدارين فوزا والضياء النور القوي والإضاءة فرط الإنارة وقال القونوي في توجيه هذه الفقرة: سره أن الصبر حبس النفس عن الشكوى وهو أمر مؤلم للنفس ولا ريب عند المحققين بالتجربة المكررة والعلم المحقق أن الآلام النفسانية تخمد وهج القوى الطبيعية وتنعش القوى الروحانية الموجبة لتنوير الباطن فلهذا جعل الصبر مثمرا للضياء الذي هو امتزاج النور بالظلمة بخلاف الحال في الصلاة التي قال إنها نور من أجل ما تقرر من سر المقابلة والمسامتة والتمثيل بالشمس والقمر فإنه ليس في ذات القمر ما يمزج بالشمس حتى يسمى الناتج بينهما ضياء ولذلك سمى تعالى القمر نورا دون الشمس المشبهة بالسراج لكونه معدودا من الشجرة المباركة المنفي عنها الجهات وأنها الحضرة الجامعة للأسماء والصفات والمذكور في شأن الصبر هو نور متحصل وناتج من امتزاج واقع من القوى الطبيعية والقوى والصفات الروحانية وغالبيته ومغلوبيته بينهما (والقرآن حجة لك) يدلك على النجاة إن عملت به (أو عليك) إن أعرضت عنه فيدل على سوء عاقبتك قال القونوي: الحجة البرهان الشاهد بصحة الدعوى كمن آمن به أنه كلام الله ومنزل من عنده ومظهر لعلمه من حيث اشتماله على الترجمة عن أحوال الخلق من حيث تعينها لديه سبحانه وترجمة عن صور شؤونه فيهم وعندهم وعن أحوال الخلق بعضهم مع بعض ورد تأويل ما لم
[ص:292] يطلع عليه من أسراره إلى ربه وإنفاذ ما تضمنه من الأوامر والنواهي مع التأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه دون تردد وارتياب وارتباط وتسلط بتأويل متحكم بنتيجة نظره القاصر كان حجة وشاهدا له ومن لم يكن كذلك كان حجة عليه (كل الناس) أي كل منهم يغدو (فبائع نفسه) أي فهو بائع نفسه والمبتدأ يكثر حذفه بعد فاء الجزاء والغدو ضد الرواح من الغدوة وهو ما بين الصبح والطلوع والبيع المبادلة والمراد هنا صرف الأنفاس في غرض ما يتوجه نحوه (فمعتقها أو موبقها) أي مهلكها وهو خبر آخر أو بدل من فبائع فإن عمل خيرا وجد خيرا فيكون معتقها من النار وإن عمل شرا استحق شرا فيكون موبقها أو المراد بالبيع الشراء بقرينة قوله معتقها إذ الإعتاق إنما يصح من المشتري فالمراد من ترك الدنيا وآثر الآخرة اشترى نفسه من ربه بالدنيا فيكون معتقها ومن ترك الآخرة وآثر الدنيا اشترى نفسه بالآخرة فيكون مهلكها والفاء في فبائع تفصيلية وفي معتقها سببية وقال القونوي: في هذا أسرار شريفة منها أن المصطفى صلى الله عليه وسلم نبه على سر هو كالتفسير لقوله تعالى {ولكل وجهة هو موليها} لأنه قال كل الناس يغدو وصدق لأن الاطلاع المحقق أفاد أنه ليس في الموجودات لأحد وقفة بل كل إنسان سائر إلى المرتبة التي قدر الحق أنها غاية من مراتب النقص والشقاء ومراتب السعادة التي هي الكمالات النسبية أو الكمال الحقيقي والفوز بالتجلي الذاتي الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الذي ذكره المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بقوله أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم وقوله فبائع نفسه أي الذي يجعله في سيره إلى الغاية هو حاصل قوى روحه ونتيجة زمانه وأحواله وصفاته وأفعاله وتطوراته في نشأته فإن حصل على طائل وانتهى إلى كمال نسبي في بعض درجات السعادة أو إلى الكمال الحقيقي المنبه عليه فقد أعتق نفسه عن الورطات المهلكة وجيوش القيود الإمكانية والحجب الظلمانية فتنور بالعلم المحقق والعمل الصالح المنتج للخيرات الملائمة وإن حرم ما ذكر أوثق نفسه أي أهلكها وأضاع عمره وعمله فخاب وخسر نسأل الله العافية فهذا معنى هذا الحديث البديع الجامع
(حم م ت عن أبي مالك الأشعري) قال ابن القطان: اكتفوا بكونه في مسلم فلم يتعرضوا له وقد بين الدارقطني وغيره أنه منقطع فيما بين أبي سلام وأبي مالك

(4/290)


5344 - (الطهور ثلاثا ثلاثا واجب ومسح الرأس واحدة) لم يأخذ بقضيته أحد فيما رأيت
(فر عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه وسنده ضعيف

(4/292)


5345 - (الطواف حول البيت) أي الدوران حول الكعبة (مثل الصلاة) في وجوب التطهر له ونحو ذلك (إلا أنكم تتكلمون فيه) أي يجوز لكم ذلك بخلاف الصلاة قال الطيبي: يجوز أن يكون الاستثناء متصلا أي الطواف كالصلاة في الشرائط التي هي الطهارة وغيرها إلا في التكلم ويجوز كونه منقطعا أي الطواف مثل الصلاة لكن رخص لكم في التكلم فيه (فمن تكلم فيه فلا يتكلم) في رواية يتكلمن (إلا بخير) قال ابن عبد الهادي: معناه أن الطواف كالصلاة من بعض الوجوه ويشبه أن معناه أن أجره كأجر الصلاة كما جاء في خبر لا يزال أحدكم في صلاة ما انتظرها قال أهل الأصول: والمسمى الشرعي للفظ أوضح من المسمى اللغوي فيحمل عليه فإن تعذر الشرعي حقيقة فهل يرد إليه بتجوز محافظة على الشرعي ما أمكن أو هو مجمل لتردده بين المجاز الشرعي والمسمى اللغوي أو يحمل على اللغوي تقديما للحقيقة على المجاز؟ أقوال اختار الأكثر منها الأول ومثلوا بهذا الحديث تعذر فيه مسمى الصلاة شرعا فيرد إليه بتجوز بأن يقال كالصلاة في اعتبار الطهارة ونحو النية أو يحمل المسمى على اللغوي وهو الدعاء بخير لاشتمال الطواف [ص:293] عليه فلا يعتبر فيه ما ذكر أو هو مجمل لتردده فيه أقوال
(ت ك) في الحج (هق) من حديث جرير عن عطاء بن السائب عن طاوس (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وقال: هو والترمذي وقد روي موقوفا على ابن عباس وقال في التحقيق: عطاء اختلط في آخر عمره. قال في التنقيح: وجرير أخذ عنه في آخر عمره وقال ابن عبد الهادي: هذا حديث لا يثبت مرفوعا وقد اختلف الرواة في إسناده ومتنه والصحيح وقفه

(4/292)


5346 - (الطواف بالبيت صلاة ولكن الله أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير) استدل به وبما قبله وبعده الخطابي على اشتراط الطهارة له وقول ابن سيد الناس المشبه لا يعطى قوة المشبه به من كل وجه وقد نبه على الفرق بينهما بحل الكلام فيه رده المحقق أبو زرعة بأن التحقيق أنه صلاة حقيقة إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة وهي حقيقة شريعته ويكون لفظ الصلاة مشتركا اشتراكا لفظيا بين المعهودة والطواف ولا يرد إباحة الكلام فيه لأن كل ما يشترط في الصلاة يشترط فيه إلا ما يستثنى والمشي مستثنى إذ لا يصدق اسم الطواف شرعا إلا به
(طب حل ك هق عن ابن عباس) ورواه الديلمي أيضا وغيره

(4/293)


5347 - (الطواف صلاة) قال بعضهم مخالفا لأبي زرعة: نكرها ليفيد أنه ليس صلاة حقيقة وإنما شبه بها لمشاركته لها في بعض شروطها كطهر وستر ونحوهما (فأقلوا) أمر بالتقليل قله يقله جعله قليلا وقلله كذلك (فيه الكلام) ندبا لا وجوبا لقيام الإجماع على جوازه فيه لكن الأولى تركه إلا بنحو دعاء وذكر أو قراءة قال في الإتحاف: وفيه إيماء إلى أن الطائف بالبيت له ثواب كثواب المصلي لأنه جعله صلاة لكن لا يشاركه في الرحمة المختصة بالمصلي وأن إقلال الكلام فيه مستحب ما أمكن فإذا أمكن الأمر بمعروف أو النهي عن منكر فيه بالإشارة فالأولى أن لا يعدل إلى الكلام <فائدة> قال المصنف في الساجعة: ما بعث الله قط ملكا ولا سحابا كما ورد في الأثر إلا طاف بالبيت أولا ثم مضى حيث أمر
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه وهو تقصير فقد جزم الحافظ ابن حجر كابن الملقن بصحته ورواه الشافعي أيضا بلفظ: أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة

(4/293)


5348 - (الطوفان الموت) قاله لمن سأله عن تفسير قوله تعالى {فأرسلنا عليهم الطوفان} وكانوا قبل ذلك يأتي عليهم الحقب لا يموت منهم أحد
(ابن جرير) الطبري (وابن أبي حاتم) عبد الرحمن (وابن مردويه) في تفسيره (عن عائشة) رواه عنها الديلمي

(4/293)


5349 - (الطلاق) الذي وقفت عليه في نسخ الطبراني يا أيها الناس إنما الطلاق (بيد من أخذ بالساق) يعني الزوج وإن كان عبدا فإذا أذن السيد لعبده في النكاح كان الطلاق بيد العبد الآخذ بالساق لا بيد سيده فليس له إجباره على الطلاق لأن الإذن في النكاح إذن في جميع أحكامه وتعلقاته وبهذا أخذ الشافعي وأحمد بناء على أن السيد ليس له إجبار عبده على النكاح وقال أبو حنيفة ومالك: له إجباره وإذا جاز إدخاله في النكاح قهرا فله إخراجه عنه قهرا أخرج الطبراني عن ابن جريج قال: بلغ ابن عباس أن ابن مسعود يقول: إن طلق ما لم يكن ينكح فهو جائز فقال ابن عباس: أخطأ في هذا إنه تعالى يقول {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} ولم يقل إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن والطلاق لغة حل الوثاق مشتق من الإطلاق وهو الإرسال وشرعا حل عقدة التزويج فقط وهو موافق لبعض أفراد [ص:294] مدلوله اللغوي قال إمام الحرمين: هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره والساق قال في المصباح: من الأعضاء أنثى وهو ما بين الركبة والقدم
(طب عن ابن عباس) قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: سيدي زوجني أمته ويريد أن يفرق بيننا فصعد المنبر فقال: ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما ثم ذكره قال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف اه. فرمز المصنف بحسنه ليس في محله وقضية تصرف المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وهو ذهول فإن ابن ماجه خرجه باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور وعزاه هو بنفسه في الدرر إليه

(4/293)


5350 - (الطير تجري بقدر) في الإيمان من حديث يوسف بن أبي بريدة عن أبيه
(ك عن عائشة) ثم قال مخرجه: لم يخرجا ليوسف وهو عزيز الحديث اه. ورواه البزار باللفظ المذكور عن عائشة وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير يوسف ووثقه ابن حبان

(4/294)


5351 - (الطير يوم القيامة ترفع مناقيرها وتضرب بأذنابها) وفي رواية وتحرك أذنابها (وتطرح ما في بطنها) من مأكول من شدة الهول (وليس عندها طلبة) لأحد (فانقه) فاحذر يوم القيامة فإنه إذا كانت الطير الذي ليس عليها تبعة لأحد يحصل لها فيه ذلك الخوف المزعج فما بالك بالمكلف المحاسب المعاقب؟ وما ذكره من أنه ليس عليها طلبة يعارضه حديث إنه يقاد من الشاة القرناء للجماء وفي الطبراني تضرب بمناقيرها على الأرض وتحرك أذنابها من هول يوم القيامة
(طس عد) من حديث محمد بن يحيى المروزي عن عاصم بن علي عن محمد بن الفرات الكوفي عن محارب بن دثار (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه البيهقي أيضا بهذا الإسناد وقال: محمد بن الفرات ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: محمد بن الفرات كذاب روى عن محارب موضوعات قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه من لا أعرفه

(4/294)


5352 - (الطيرة) بكسر ففتح قال الحكيم: هي سوء الظن بالله وهرب من قضائه (شرك) أي من الشرك لأن العرب كانوا يعتقدون أن ما يتشاءمون به سبب يؤثر في حصول المكروه وملاحظة الأسباب في الجملة شرك خفي فكيف إذا انضم إليها جهالة فاحشة وسوء اعتقاد ومن اعتقد أن غير الله ينفع أو يضر استقلالا فقد أشرك زاد يحيى القطان عن شعبة وما منا إلا من يعتريه الوهم قهرا ولكن الله يذهبه بالتوكل اه فحذف المستثنى المفهوم من السياق كراهة أن يتفوه به وحكى الترمذي عن البخاري عن ابن حرب أن وما منا إلخ من كلام ابن مسعود لكن تعقبه ابن القطان بأن كل كلام مسوق في سياق لا يقبل دعوى درجة إلا بحجة والفرق بين الطيرة والتطير أن النطير الظن السيء بالقلب والطيرة والفعل المترتب عليه وقد جاء النهي عن الطيرة في الكتب السماوية ففي التوراة لا تطير والسبع الطير
(حم خد 4) في الطب (ك) في الإيمان (عن ابن مسعود) قال الترمذي: حسن صحيح وقال الذهبي: صحيح وفي أمالي العراقي: صحيح

(4/294)


5353 - (الطيرة في الدار والمرأة والفرس) أصل هذا أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الطيرة إلخ فغضبت غضبا شديدا وقالت: ما قاله وإنما قال وأن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك اه قال ابن حجر: ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة جمع من الصحب له وقد تأوله غيرها على أنه سيق لبيان اعتقاد الناس فيها لا إنه إخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم بثبوت ذلك قال ابن عربي: وهو جواب ساقط لأن الشارع [ص:295] لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية أو الحاصلة وإنما بعث معلما لما يلزمهم اعتقاده ومعنى الحديث أن هذه الثلاثة يطول تعذيب القلب بها مع كراهتها بملازمتها بالكف والصحبة ولو لم يعتقد الإنسان الشؤم فيها فأشار الحديث إلى الأمر بفراقها ليزول التعذيب وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى والمراد حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر فيعتقد من وقع له ذلك أنه من العدوى والطيرة فيقع في اعتقاد ما نهى عنه فطريق من وقع له ذلك في الفرس بيعها وفي المرأة فراقها وفي الدار التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم وعليه ينزل قول الإمام لما سئل عن الحديث كم من دار سكنها ناس فهلكوا وقد أخرجه أبو داود وصححه الحاكم عن أنس قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثر فيها عددنا ومالنا فتحولنا إلى أخرى فقل فيها ذلك فقال: ذروها ذميمة
(حم عن أبي هريرة) ورواه عنه ابن منيع والديلمي

(4/294)