فيض القدير شرح الجامع الصغير

فصل في المحلى بأل من هذا الحرف. [أي حرف العين]

(4/369)


5650 - (العائد في هبته كالعائد في قيئه) أي كما يقبح أن يقيء ثم يأكله يقبح أن يتصدق بشيء ثم يسترجعه بوجه من الوجوه كشرائه من المنتقل إليه فشبه بأخس الحيوانات في أخس أحوالها زيادة للتهجين والتنفير فيكره تنزيها لمن وهب أو تصدق أن يشتريه حتى ممن انتقل إليه من المتصدق عليه ولو وهب وأقبض لم يكن له أن يطلب ثوابا مطلقا عند الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك: له طلب ثواب هبته أما الرجوع في الموهوب فمنعه الشافعي إن وهب لأجنبي لا لفرعه وعكس أبو حنيفة وقال مالك للأب الرجوع وكذا الأم ما لم يكن يتيما وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته ليس لنا مثل السوء أي لا ينبغي لنا معشر المسلمين أن نتصف بصفة ذميمة يساهمنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها
(حم ق د ن هـ عن ابن عباس)

(4/369)


5651 - (العارية مؤداة) أي واجبة الرد على مالكها عينا حال الوجود وقيمة عند التلف وهو مذهب الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة: هي أمانة في يده لا تضمن إلا بالتعدي وقال مالك: إن خفي تلفها ضمن وإلا فلا والعارية مشددة الياء مأخوذة من العار منسوبة إليه فإنهم يرون الاستعارة عارا وعيبا وقيل هي من التعاور وهو التداول (والمنحة مردودة) هي ما يمنح الرجل صاحبه من أرض يزرعها ثم يردها أو شاة يشرب درها ثم يردها وهي في معنى العارية وحكمها الضمان
(هـ عن أنس) قال الحافظ ابن حجر: وله في النسائي طريقان من رواية غيره صحح ابن حبان إحداهما

(4/369)


5652 - (العارية مؤداة) أي مردودة مضمومة (والمنيحة مردودة) لأنه لم يعطه عينها بل لبها فإذا مضت أيام اللبن ردها (والدين) بفتح الدال (مقضي) إلى صاحبه أي صفته اللازمة هي القضاء (والزعيم) أي الكفيل يعني الضمين (غارم) ما ضمنه بمطالبة المضمون له سواء كان عن ميت ترك وفاء أم لا عند الشافعي ومالك خلافا لأبي حنيفة لأنه قول عام على تأسيس القواعد فحمل على عمومه فإن كانت الكفالة بالبدن فلا غرم عند الشافعي ومالك إلا أن مالكا غرمه إذا [ص:370] لم يحضره والشافعي لا والغرم أداء الشيء. قال الطيبي: ومن وجب عليه حق لغيره فإما أن يكون على سبيل الأداء بما يتصل فهو العارية أو بدون ما يتصل به فالمنحة أو على القضاء من غير عينه فالدين أو على الغرامة بالالتزام فالكفالة
(حم د) في البيع (ت هـ) في الوصايا (والضياء) في المختارة (عن أبي أمامة) قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وقال ابن حجر: فيه إسماعيل بن عياش رواه عن شامي وهو شرحبيل بن مسلم وضعفه ابن حزم ولم يصب وهو عند الترمذي في الوصايا أتم سياقا كذا ذكره في تخريج الرافعي لكنه جزم في تخريج الهداية بضعفه

(4/369)


5653 - (العافية عشرة أجزاء تسعة في الصمت) أي السكوت إلا عن خير (والعاشر في العزلة) أي الانفراد والتنحي (عن الناس) حيث استغنى عنهم واستغنوا عنه فإن دعاه الشرع إلى مخالطتهم لتعلم أو تعليم فلا خير فيها وعليه نزلت الإطلاقات المتباينة في مدحها وذمها وإنما كان الصمت كذلك لما فيه من كف اللسان عن النطق فيما تهواه النفس وذلك مع مخالطة الناس صعب شديد لا يحصل إلا بقهر النفس ومجاهدتها
(فر عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: هذا حديث منكر

(4/370)


5654 - (العافية عشرة أجزاء تسعة في طلب المعيشة) أي الكسب الحلال الذي يعيش به الإنسان (وجزء في سائر الأشياء) لأن المكتسب قائم بفرض ممتثل أمر الشارع بالاستغناء عن الناس وهو محبوب لله تعالى ففي الخبر المار " إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال " وفي رواية الديلمي أيضا العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت والعاشر كسب اليد من الحلال اه. فينبغي للعاقل أن يختار العافية فهي بالأغراض الدينية والدنيوية وافية فمن عجز واضطر إلى الخلطة فليلزم الصمت وما أحسن العزلة فهي للعبد ولاية لا يرى معها عزلة
(فر عن أنس بن مالك)

(4/370)


5655 - (العالم أمين الله في الأرض) على ما أودع من العلوم ومنح من المفهوم فلا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون فالعلم من وجه عبادة ومن وجه خلافة عن الله وهي أجل خلافة فإن الله قد فتح على قلب العالم العلم الذي هو أخص صفاته فهو كالخازن لأنفس خزائنه ثم هو مأذون له في الإنفاق على كل ما يحتاج إليه
رواه الإمام أبو عمر (ابن عبد البر) الذي قال فيه ابن الصلاح عن الباجي لم يخرج من الأندلس رجل أعلم بالحديث منه (في) كتاب (العلم) المؤلف الحافل (عن معاذ) بن جبل قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف اه. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد ممن وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة مع أن أبا يعلى والديلمي خرجاه باللفظ المزبور

(4/370)


5656 - (العالم والمتعلم شريكان في الخير) لاشتراكهما في التعاون على نشر العلم. ونشره أعظم أنواع البر وبه قوام الدنيا والدين (وسائر الناس لا خير فيهم) قال الشريف السمهودي: هذا قريب المعنى من خبر: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما <تنبيه> قال الإمام الرازي: قد دل على فضل العلماء والعلم وشرفه المعقول والمنقول فمن الشواهد العقلية أن كون العلم صفة كمال والجهل صفة نقص معلوم للعقلاء ضرورة ولذلك لو قيل للعالم يا جاهل تأذى به ولو قيل للجاهل يا عالم فرح وإن علم كذب القائل وقد وقر في طباع الحيوانات الانقياد للإنسان لكونه أعلم منهم وفي طباع الناس كل طائفة منقادة للأعلم منها وتعظمه والعالم يطير في أقطار الملكوت ويسبح في بحار المعقولات والجاهل في ظلمات الجهل وضيقه فإن قيل قد ذكر فضل العالم والعلم وشرفه فهل هذا الفضل للعلماء والعلم من حيث [ص:371] هو أو للبعض من العلوم دون بعض أو لكلها كيف كانت؟ قلنا أما العلم من حيث هو ففيه شرف وتزكية للنفس وهو خير من الجهل إلا ما كان علما شيطانيا يهدي إلى الشر ويوقع فيه كالسحر وما ليس كذلك فمنه مباح ومنه مندوب ومنه واجب وحقيقة القول الكلي الذي يجمع معاني الشرف وتعتبر به المراتب أن شرف العلوم بشرف المعلوم فكلما كان المعلوم أشرف كان العلم أشرف فالعلم المتعلق بالله ومعرفة توحيده وعظمته وجلال صفاته أشرف العلوم لأن معلومه أشرف المعلومات وبهذا تعتبر بقية العلوم ويمتاز بعضها على بعض وشرف العالم بشرف علمه فالعالم بالأشرف أشرف مرتبة من العالم بما دونه ولا شرف أشرف من العلم بالله وإدراك الحقائق والمعارف الإلهية وحقائق التوحيد وعلوم المكاشفة والاشتغال بذلك والتوصل إليه والسعي في حصوله من أشرف المقاصد وأعلى المطالب وكذا العلم بأمره ونهيه وفهم كتابه وأسرار كلامه اه
(طب) وكذا الديلمي (عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن فقد أعله الهيثمي بأن فيه معاوية بن يحيى الصدفي قال ابن معين: هالك ليس بشيء

(4/370)


5657 - (العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء) فكان عند أهل الدنيا والآخرة في الذروة العليا والرتبة الكبرى (وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء) فسقط من مرتبته وهان على أهل الدنيا في الآخرة عند الله {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون} قال ابن الزملكاني: قال بعض مشايخنا كأن هذه الآية فينا نزلت وقد طم البلاء وعم بسبب طمع العلماء في الحطام وصار المؤمن القابض على دينه معهم كالقابض على الجمر لأنهم قد تمكنوا من صدور الخلق لغلبة الجهل عليهم فهم المقتدى بهم والمنظور إليهم فهم عند الخلق علماء وفي الملكوت جهال فمن تمسك بالسنة بين ظهراني هؤلاء بعد تمكنهم من الرياسة ونفاذ القول في الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لأن في تمسكه بها هتكا لسترهم عند العامة وكشفا لعوارهم ونشرا لفضائحهم فالمتمسك بالحق يرصدونه بالعداوة ويرمونه عن قوس واحدة ويقذفونه بالعظائم ومع ذلك حرمة الإيمان معهم فالأولى أن لا يعذبهم بل يرحمهم <فائدة> اعتذر ابن عربي عن تسمية الصوفية العالم عارفا ولم يسموه عالما مع أنه أولى لاستعماله في النصوص بأن الغيرة غلبت عليهم لما رأوا اسم العالم يطلق عرفا على كل من حصل عنده علم كيفما كان ويكون قد أكب على الشهوات وتورط في الشبهات بل وفي المحرمات فأدركتهم الغيرة أن يشاركهم البطال في اسم واحد وقد شاع ذلك وذاع ففرقوا بين المقامين بأن خصوا اسم المعرفة بهذا المقام العلي والمعنى واحد في العلم والمعرفة
(فر عن أنس) وفيه الحسن بن عمرو القيسي قال الذهبي: مجهول

(4/371)


5658 - (العالم سلطان الله في الأرض) بين خلقه (فمن وقع فيه) أي ذمه وعابه وسبه واغتابه (فقد هلك) أي فعل فعلا يؤدي إلى الهلاك الأخروي لأن الدنيا مزرعة الآخرة ولا يتم أمر الدنيا إلا بالملك ولا يتم الملك إلا بالعلم لأنه مرشد السلطان إلى طريق سياسة الخلق وحراستهم فالعلم أصل والسلطان حارس وما لا أصل له فمهدوم وما لا حارس له فضائع فإضراره إضرار بالدنيا والدين فلذلك كانت أمه من الهالكين ومن ثم كان غيبة العلماء كبيرة (1) وقال الحرالي: إنما كان سلطانا بل أعظم لأن الملوك وإن تشرفوا بملك الدنيا فليس لهم من عزة الدين شيء والعلماء أعزهم [ص:372] الله بالدين تخدمهم الأحرار ويتوطأ لهم الأخيار ولا يجدون وحشة ولا يحضرون في محل الأشرار ولا تسقط لهم حرمة حيثما كانوا والسلطان لا يخدمه إلا من استرقه قهرا ولا يملك حجاب قلوبهم محصور في أقطار مملكته لا يخرج عنها حتى يمتنع الملوك من الحج خوف نيل الذل في غير موطن الملك والعالم ممكن في الأرض كلها قد خرج من سجن الملك إلى سعة العز بعزة الله
(فر عن أبي ذر) لكنه أعني الديلمي لم يذكر له سندا في مسند الفردوس بل بيض له لعدم وقوفه عليه فإطلاق المصنف العزو إليه غير صواب
_________
(1) قال ابن عساكر: اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}

(4/371)


5659 - (العالم والعلم والعمل في الجنة) إذا عمل العالم بما علم (فإذا لم يعمل العالم بما يعلم كان العلم والعمل في الجنة وكان العالم في النار) فهذا العالم كالجاهل بل الجاهل خير منه ولهذا قال سفيان: إن أنا عملت بما أعلم فأنا أعلم الناس وإن لم أعمل به فليس في الدنيا أجهل مني وقال أبو الدرداء: لا يكون المرء عالما حتى يكون بعلمه عاملا لكن ليس المراد بالعالم العامل كونه لا يصدر عنه ذنب قط لأن العصمة مقام الأنبياء بل أن يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب وإن حصلت منه هفوات أو زلات فلا تخرجه عن ذلك حيث تداركه مولاه بالإنابة سريعا فالعالم العامل لا يصر لأن النور الرباني المخامر لقلبه يمنعه منه {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} أي فيسترجعون من الشيطان ما اختلسه ويستردون منه ما افترسه لانبعاث جيوش الاستغفار والذلة والخضوع والافتقار وانقشاع سحب الغفلة والافتخار وإشراق شمس البصيرة فلا تدعهم تقواهم للإصرار على مخالفة مولاهم بل ربما كانوا بعد المعصية أكمل مما قبلها لعظيم ما نشأ عن ذلك من الذلة والانكسار والالتجاء والافتقار وهذا هو الحكمة في جريان المخالفة عليهم ومن ثم قال بعض العارفين: من سبقت له العناية لم تضره الجناية
(فر عن أبي هريرة) وفيه الحسن بن زياد أي اللؤلؤي قال الذهبي: كذبه ابن معين وأبو داود ورواه عنه أبو نعيم أيضا ومن طريقه تلقاه الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف له لكان أولى

(4/372)


5660 - (العامل بالحق على الصدقة) أي الزكاة المفروضة (كالغازي في سبيل الله عز وجل) أي في حصول الأجر ويستمر كذلك (حتى يرجع إلى بيته) أي يعود من عمله ذلك إلى محل إقامته قال الطيبي: إذا جعل غاية للمشبه لم يفد فائدة ما إذا جعل غاية للمشبه به لأن وجه التشبيه هو سعي الساعي والغازي في تحصيل بيت المال للمسلمين وفيه أن الساعي كالغازي الغانم وليس كالغازي الشهيد
(حم د ت ك) في الزكاة (عن رافع بن خديج) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن عزاه ابن القطان لأبي داود وقال: فيه ابن إسحاق عن عاصم والقول فيه كثير فالحديث لأجله حسن لا صحيح انتهى. وقال الهيثمي: في سنده أحمد بن إسحاق ثقة لكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح

(4/372)


5661 - (العباد) كلهم (عباد الله) وإن اختلفت أقطارهم وبلدانهم وتباينت طباعهم وألوانهم (والبلاد بلاد الله فمن) أي فأي إنسان مسلم (أحيا من موات الأرض شيئا) وهو ما لم يجر عليه ملك لآدمي (فهو له) وإن لم يأذن له الإمام [ص:373] عند الشافعي وشرط الحنفية (وليس لعرق ظالم حق) روي بالإضافة والصفة والمعنى أن من غرس أرض غيره أو زرعه بغير إذنه فليس لغرسه وزرعه حق إبقاء بل لمالك الأرض أن يقلع مجانا وقيل معناه أن من غرس أرضا أحياه غيره أو زرعها لم يستحق به الأرض وهو أوفق للحكم السابق وظالم إن أضيف إليه فالمراد به الغارس سماه ظالما لأنه تصرف في ملك غيره بغير إذنه وإن وصف به فالمغروس سمي به لأنه لظالم أو لأن الظلم حصل به
(هق عن عائشة) رمز المصنف لحسنه ولذا رواه عنها ابن الجارود والعسكري وغيرهما وضعفه بعضهم

(4/372)


5662 - (العبادة في الهرج) أي وقت الفتن واختلاط الأمور (كهجرة إلي) في كثرة الثواب أو يقال المهاجر في الأول كان قليلا لعدم تمكن أكثر الناس من ذلك فهكذا العابد في الهرج قليل قال ابن العربي: وجه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرون فيه من دار الكفر وأهله إلى ذار الإيمان وأهله فإذا وقعت الفتن تعين على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة وهو أحد أقسام الهجرة
(حم م ت هـ) في الفتن (عن معقل) بفتح الميم وسكون المهملة وبالقاف (بن يسار) ضد اليمين ولم يخرجه البخاري

(4/373)


5663 - (العباس مني وأنا منه) ومن ثم كان الصحب يعظمونه غاية التعظيم أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب أن العباس لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له وأخرج الزبير بن بكار كان أبو بكر وعمر ولايتهما لا يلقى العباس منهما أحد وهو راكب إلا نزل عن دابته وقادها ومشى مع العباس حتى يبلغ منزله أو مجلسه
(ت ك) في المناقب (عن ابن عباس) وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه من حديث إسرائيل اه. وفيه عبد الأعلى بن عامر قال الذهبي: ضعفه أحمد وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

(4/373)


5664 - (العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عم الرجل صنو أبيه) ولهذا كان يعامله معاملة الوالد حتى أنه كان إذا جلس يجلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعثمان بين يديه وكان كاتب سره فإذا جاء العباس تنحى أبو بكر وجلس العباس مكانه كما أخرجه الدارقطني
(ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه

(4/373)


5665 - (العباس وصيي ووارثي) ولهذا كان الصديق يجله كثيرا وكان عمر إذا قحطوا استسقى به فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا إذا قحطنا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعمه فاسقنا فيسقون وفي تاريخ ابن عساكر عن ابن صهيب رأيت عليا يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم ارض عني
(خط) عن محمد بن المظفر عن محمد بن سليمان عن جعفر بن عبد الواحد عن سعيد بن سالم البهلي عن المسيب بن زهير عن أبي جعفر المنصور عن أبيه عن جده (عن ابن عباس) ورواه ابن حبان عن علي والعسكري عن محمد بن الضوء بن الصلصال بن الدلهمي عن أبيه عن جده عن ابن عباس وأورده ابن الجوزي من طريقيه هذين ثم قال: موضوع جعفر كذاب يضع ومحمد بن الضوء يروي عن أبيه مناكير اه. وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات ساكنا عليه اه

(4/373)


5666 - (العباس عمي وصنو أبي فمن شاء فليباهي) أي يفاخر (بعمه) ومن ثم كان الصحب يعرفون فضله ويقدمونه ويشاورونه [ص:374] ويأخذون برأيه وأخرج البغوي عن عروة أن عائشة قالت له: لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عمه العباس أمرا عجيبا
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين

(4/373)


5667 - (العبد من الله وهو منه) وفي رواية والله منه (ما لم يخدم فإذا خدم وقع عليه الحساب) هذا قريب من معنى خير من اتخذ من الخدم غير ما ينكح الحديث فإذا حوسب فلا يخلو من الإخلال بحق من حقوق خادمه المتوجه لكونه جعل واليا عليه وكل عبد إلهي توجه لأحد عليه حق من المخلوقين فقد نقص من عبوديته لله بقدر ذلك الحق فإن ذلك المخلوق يطلبه بحقه وله عليه سلطان به فلا يكون عبدا محضا خالصا لله ومن ثم انقطع الأكابر عن الخلق ولزم الخلوات أو السياحات والخروج عن ملك الحيوانات فإنهم يريدون الحرية من جميع الأكوان. قال ابن عربي: ومن ذلك الزمن الذي حصل لي فيه هذا المقام ما ملكت حيوانا ولا الثوب الذي ألبسه فإني لا ألبسه إلا عارية لشخص معين والزمن أتملك فيه الشيء أخرج عنه حالا بهبة أو عتق وهذا ما حصل لي لما أردت التحقق بعبودية الاختصاص لله تعالى قيل لي: لا يصح لك هذا حتى لا يقوم لأحد عليك حجة قلت: ولا لله إن شاء الله قيل: وكيف ذلك؟ قلت: إنما تقام الحجج على المنكرين لا المعترفين وعلى أهل الدعاوى وأصحاب الحظوظ لا على من قال لا حق لي ولا حظ
(ص هب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وفيه إسماعيل بن عياش وفيه خلاف ورواه الديلمي أيضا

(4/374)


5668 - (العبد مع من أحب) طبعا وعقلا وجزاءا ومحلا فكل مهتم لشيء فهو منجذب إليه كما سيأتي توضيحه وأراد بالعبد الإنسان قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه. . . فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فخالل خيارهم. . . ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى
(حم) وكذا الطبراني (عن جابر) قال الهيثمي: إسناد أحمد حسن

(4/374)


5669 - (العبد عند ظنه بالله) إن خيرا فخير وإن شرا فشر فإن ظن أن يسامحه سامحه وإن ظن أن يعاقبه عاقبه فلا يظن به إلا خيرا يرى الخير وهذا أصل عظيم في حسن الرجاء في الله وجميل الظن به (وهو مع من أحب)
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن أبي هريرة) ورواه عنه الديلمي أيضا رمز المصنف لحسنه

(4/374)


5670 - (العبد الآبق) أي الهارب من مولاه بلا عذر (لا تقبل له صلاة) يعني لا يثاب عليها (حتى يرجع إلى مواليه) ونبه بالصلاة على غيرها من القرب وأراد بالعبد الإنسان ولو أنثى
(طب عن جرير) بن عبد الله ورواه عنه الطيالسي والديلمي رمز المصنف لحسنه

(4/374)


5671 - (العبد المطيع) أي المذعن المنقاد (لوالديه) أي أصليه المسلمين ولا تكون الطاعة إلا عن أمر كما لا يكون الجواب إلا عن قول (ولربه في أعلى عليين) لفظ رواية الديلمي فيما وقفت عليه من الأصول الصحيحة المحررة بخط الحافظ [ص:375] ابن حجر وغيره والمطيع لرب العالمين في أعلى عليين
(فر عن أنس) ورواه عنه أبو نعيم أيضا وعنه تلقاه الديلمي مصرحا فلو عزاه للأصل لكان أولى

(4/374)


5672 - (العتل) هو الشديد الجافي الغليظ الفظ هذا أصله لكن فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (كل رغيب الجوف) أي واسعه ذو رغبة في كثرة الأكل (وثيق الخلق) بالسكون أي ثابت قوي (أكول شروب جموع للمال منوع له) وهذا حال أكثر الناس الآن علموا أنه تعالى كريم ماجد جواد محسن متفضل لكن لم يشرق في قلوبهم نور جلاله ولا حل بها عظمته ولا تجلى عليها كبرياؤه ولا عارضها سلطانه ولا طالعت مجده وبهاءه ولا عاينت إحسانه وأياديه ولا فهمت تدبيره ولطفه في الأمور
(ابن مردويه) في تفسيره (عن أبي الدرداء)

(4/375)


5673 - (العتل الزنيم) هو المدعي في النسب الملحق بالقوم وليس منهم وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (الفاحش) أي ذو الفحش في فعله وقوله (اللئيم) أي الشحيح الدنيء النفس وهذا قاله لما سئل عن نفس الآية
(ابن أبي حاتم) عبد الرحمن (عن موسى بن عقبة مرسلا) هو مولى آل الزبير ويقال مولى أم خالد زوجة الزبير قال في الكاشف: ثقة مفت وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى ولا أحق بالعزو من أبي حاتم ولا مسندا وهو ذهول عجيب فقد خرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن غنم الأشعري قال ابن منده: وله صحبة

(4/375)


5674 - (العتيرة حق) كان الرجل يقول إذا كان كذا فعلي أن أذبح من كل عشرة شياه كذا في رجب يسمونها العتائر وهذا كان في صدر الإسلام ثم نسخ وقال الخطابي: تفسيرها في الخبر شاة تذبح في رجب هذا هو اللائق بالدين أما عتيرة الجاهلية فكانت للأصنام
(حم عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه

(4/375)


5675 - (العجب أن ناسا من أمتي يؤمون البيت لرجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيهم المستبصر) هو المستبين لذلك القاصد له عمدا وهو بسين مهملة ومثناة فوقية وياء موحدة وصاد مهملة بعدها راء (والمجبور) المكره يقال أجبرته فهو مجبر هذه اللغة المشهورة وجبرته فهو مجبور وعليها ورد هذا الخبر (وابن السبيل) أي سالك الطريق معهم وليس منهم (يهلكون مهلكا واحدا) أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم (ويصدرون) يوم القيامة (مصادر شتى) أي يبعثهم الله مختلفين (على) حسب (نياتهم) فيجازون بمقتضاها والحاصل أن الهلاك يعم الطائع مع العاصي والطائع عند البعث يجازى بعمله وكذا العاصي إن لم يدركه العفو وفيه حث على التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين لئلا ينالهم ما يعاقبون به وأن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في الدنيا
(م عن عائشة) قالت: عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه أي اضطرب بدنه فقلنا: صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله فذكره

(4/375)


[ص:376] 5676 - (العجماء) بالمد كل حيوان غير آدمي لأنه لا يتكلم ومنه قولهم صلاة النهار عجماء لأنها لا تسمع فيها قراءة ذكره الزمخشري. وقال البيضاوي: العجماء البهيمة وهي في الأصل تأنيث أعجم وهو الذي لا يقدر على الكلام سميت به لأنها لا تتكلم (جرحها جبار) بفتح الجيم وقيل بضمها وخفة الموحدة أي ما أتلفته بجرح أو غيره هدر لا يضمنه صاحبها ما لم يفرط لأن الضمان لا يكون إلا بمباشرة أو سبب وهو لم يجن ولم يتسبب وفعلها غير منسوب إليه نعم إن كان معها ضمن ما أتلفته ليلا ونهارا عند الشافعي (والبئر) أي وتلف الواقع في بئر حفرها إنسان بملك أو موات (جبار) لا ضمان فيه فإن حفرها متعديا كفى طريق أو ملك غيره ضمن وكذا لا ضمان لو انهارت على رجل يحفرها قال الطيبي: لا بد هنا من تقدير مضاف ليصح حمل الخبر على المبتدي أي فعل العجماء هدر باطل ولا يعتبر في الضمان وسقوط البئر على الشخص أو سقوط الشخص في البئر هدر (والمعدن) إذا حفره بملكه أو موات لاستخراج ما فيه فوقع فيه إنسان أو انهار على حافره (جبار) لا ضمان فيه ذكره الرافعي في شرح المسند فنقل نحوه عن السيوطي قصور وجمود (وفي الركاز) دفين الجاهلية أصله من الثبات واللزوم تقول: ركز الشيء في الأرض إذا ثبت (الخمس) لبيت المال والباقي لواجده وأفاد عطفه على المعدن تغايرهما وأن الخمس في الركاز لا في المعدن وهو مذهب الشافعي ومالك وفيه رد على أبي حنيفة حيث ذهب إلى أن الركاز المعدن واحتمال أن هذه الأمور ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أوقات مختلفة فجمعها الراوي وساقها مساقا واحدا فلا يكون فيه حجة خلاف الظاهر. (لطيفة) قال ابن عربي: مما نعتوا به المحب كالدابة جرحه جبار (حكى) أن خطافا راود خطافة في قبة سليمان عليه السلام فسمعه يقول بلغ مني حبك لو قلت لي اهدم القبة على سليمان فعلت فاستدعاه سليمان فقال له لا تعجل إن للمحبة لسانا لا يتكلم به إلا المحبون والعاشقون ما عليهم من سبيل فإنهم يتكلمون بلسان المحبة لا بلسان العلم والعقل فضحك سليمان ولم يعاقبه وقال هذا جرح جبار
(مالك) في الموطأ (حم ق 4 عن أبي هريرة طب عن عمرو بن عوف)

(4/376)


5677 - (العجم يبدأون بكبارهم إذا كتبوا) إليهم كتابا (فإذا كتب أحدكم) أيها العرب (فليبدأ بنفسه) في كتابه فإنه سنة الأنبياء {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}
(فر عن أبي هريرة) وفيه محمد بن عبد الرحمن المقدسي قال الذهبي في الضعفاء: متهم وفي الباب ابن عباس وجابر وأبو ذر وأنس وأبو رمثة وعائشة والجهدمة وأبو الطفيل وجابر بن سمرة وغيرهم

(4/376)


5678 - (العجوة من فاكهة الجنة) قال في المطامح: يعني أن هذه العجوة تشبه عجوة الجنة في الشكل والصورة والاسم لا في اللذة والطعم لأن طعام الجنة لا يشبه طعام الدنيا فيها وقال القاضي: يريد به المبالغة في الاختصاص بالمنفعة والبركة فكأنها من طعامها لأن طعامها يزيل الأذى والعناء
(أبو نعيم في الطب) النبوي (عن بريدة) رمز المصنف لحسنه وفيه صالح بن حبان القرشي ضعفه ابن معين وقال البخاري: فيه نظر وقال النسائي: غير ثقة وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر

(4/376)


5679 - (العجوة والصخرة) صخرة بيت المقدس (والشجرة) الكرمة أو شجرة بيعة الرضوان (من الجنة) في مجرد الاسم والشبه الصوري [ص:377] غير أن ذلك الشبه يكسبها فضلا وفخرا والعجوة ضرب من أجود تمر المدينة ولينه وقال الداودي: من وسط التمر قال ابن الأثير: ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى سواد وهو مما غرسه المصطفى صلى الله عليه وسلم بيده في المدينة وهو الذي الكلام فيه وهذا الأخير ذكره القزاز
(حم هـ ك عن رافع) ضد خافض (ابن عمرو المزني) صحابي سكن البصرة وبقي إلى خلافة معاوية ورواه عنه الديلمي أيضا

(4/376)


5680 - (العجوة من الجنة) بالمعنى المقرر (وفيها شفاء من السم) ظاهره خصوصية عجوة المدينة وقيل أراد العموم (والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين) أي الماء الذي تنبت فيه وهو مطر الربيع وإن كان أراد ماء الكمأة نفسها فالمراد بللها أو نداؤها الذي يخلص إلى المرود منها إذا غرز فيها واكتحل به فإنه ينفع العين الذي غلب عليها اليبس الشديد ذكره الحليمي وسبق فيه تقرير آخر
(حم ت هـ عن أبي هريرة حم ن هـ عن أبي سعيد) الخدري (وجابر) بن عبد الله ورواه عنه الديلمي أيضا وابن منيع وقد رمز المصنف لحسنه

(4/377)


5681 - (العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم) مثلث السين قال الزمخشري: هي تمر بالمدينة من غرس رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحليمي: معنى كونها من الجنة أن فيها شبها من ثمار الجنة في الطعم فلذلك صارت شفاء من السم ذلك أن السم قاتل وتمر الجنة خال من المضار والمفاسد فإذا اجتمعا في جوف عدل السليم الفاسد فاندفع الضرر (والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والكبش العربي الأسود شفاء من عرق النسا يؤكل من لحمه ويحسى من مرقه) وقد سبق ذلك كله موضحا قال السمهودي: لم يزل إطباق الناس على التبرك بالعجوة وهو النوع المعروف الذي يأثره الخلف عن السلف بالمدينة ولا يرتابون في تسميته بذلك
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن ابن عباس)

(4/377)


5682 - (العدة دين) أي هي كالدين في تأكد الوفاء بها وإذا أحسنت القول فأحسن الفعل ليجتمع لك مزية اللسان وثمرة الإحسان ولا تقل ما لا تفعل فإنك لا تخلو في ذلك من ذنب تكتسبه أو عجز تلتزمه
(طس) وكذا في الصغير (عن علي) أمير المؤمنين وقد أثنى الله سبحانه على إسماعيل عليه السلام بقوله {إنه كان صادق الوعد} (وعن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي: سندهما فيه جهالة وقال تلميذه الهيثمي: فيه حمزة بن داود ضعفه الدارقطني ورواه أبو داود في مراسيله ورواه القضاعي في الشهاب بهذا اللفظ وقال: إنه حديث حسن قال السخاوي: وقد أفردت طرقه في جزء

(4/377)


5683 - (العدة دين) أي هي في مكارم الأخلاق كالدين الواجب أداؤه في لزوم الوفاء بالعهد (ويل) حزن وهلاك (لمن وعد ثم أخلف ويل لمن وعد ثم أخلف ويل لمن وعد ثم أخلف) لما في الخلف من الانكسار والرجوع عنه من الخيبة بعد تجرع مرارة الانتظار فالمخلف يستوجب بالمنع لوم الخلف ومقت الغادر وهجنه الكذوب
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين قضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرجه الطبراني الذي عزى إليه أولا ولا غيره [ص:378] من المشاهير أصحاب الرموز وإلا لما أبعد النجعة وعزاه لبعض المتأخرين وهو عجيب فقد خرجه أبو نعيم وغيره بل والطبراني في الأوسط نفسه من حديث علي باللفظ المزبور من الوجه المسطور وقال الهيثمي: فيه حمزة المذكور

(4/377)


5684 - (العدة عطية) أي عدتك بمنزلة عطيتك فلا ينبغي أن تخلفها كما لا ينبغي أن ترجع في عطيتك ولأنه إذا وعد فقد أعطى عهده بما وعد وقد قال تعالى {وأوفوا بالعهد} وفي الحديث من وعد وعدا فقد عهد عهدا كذا في شرح الشهاب للعامري وفي رواية العدة واجبة وأصل ذلك أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم سأله شيئا فقال: ما عندي ما أعطيك فقال: تعدني فذكره
(حل) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) قال: إذا وعد أحدكم حبيبه فلينجز له فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ثم قال: غريب تفرد به إبراهيم الفزاري اه. وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف ورواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه أصبح بن عبد العزيز الليثي قال أبو حاتم: مجهول ورواه البخاري في الأدب المفرد موقوفا ورواه في الشهاب مرفوعا قال العامري: وهو غريب

(4/378)


5685 - (العدل) وهو عبارة عن أن يكون ذو الأمر والسلطان مانعا كل فرد من رعيته من الجور والاعتداء (حسن) لأنه يدعو إلى الألفة ويبعث على الطاعة وتنعم به الأرض وتنمو به الأموال ويكثر معه العمران ويعم معه الأمان قال الهرمزان لعمر حين رآه نائما بالمسجد مبتذلا: عدلت فأمنت فنمت. والعدل وضع الشيء في محله اللائق به شرعا وعرفا وهو يشمل كل فعل جميل جناني ولساني قال بعضهم: والعدل أصل لجميع الأخلاق الحميدة فكلها متفرعة عنه وما ورد في ذم الظلم مدح للعدل وعكسه فالعدل مدح بلسانين لسان التنصيص على فضله ولسان التنصيص على ذم ضده (ولكن) هو (في الأمراء) على الناس (أحسن) لأن الآحاد إذا لم يعدل الواحد منهم قوم بالسلطان وأما هو فلا مقوم له ولأن العدل ميزان صلاحه ونجاحه وفلاحه واستمرار دولته إذ لا نظام لها إلا به وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور إذ لا يقف على حد ولا ينتهي إلى غاية ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يستكمله (السخاء حسن ولكن) هو (في الأغنياء أحسن) لأن به عمارة الدين والدنيا إذ به تستدفع سطوة الأعداء وبه يستكف نفار الخصماء ليصيروا له بعد الخصومة أعوانا وبعد العداوة إخوانا وقيل السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا (الورع حسن) في جميع الناس (ولكن) هو (في العلماء أحسن) منه في غيرهم لأن عدم الورع يزل أقدامهم (الصبر حسن) لكل أحد (ولكن) هو (في الفقراء أحسن) فإنهم يتعجلون به الراحة مع اكتساب المثوبة فهو في الفقراء أحسن من حيث عجزهم عن تلاقي ما هو في مظنة القوت فما لم يصبر الواحد منهم احتمل هما لازما وصبر صبرا كارها وقال علي للأشعث: إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور وإن جزعت جرى عليك وأنت مأزور وقال شبيب للمهدي: إن أحق ما صبر عليه المرء ما لم يجد سبيلا إلى دفعه (التوبة) من الذنوب شيء (حسن) لكل عاص كبير أو صغير (ولكن) هي (في الشباب أحسن) منها في غيرهم والله يحب الشاب النائب (الحياء حسن) في الذكور والإناث (ولكن) هو (في النساء أحسن) منه في الرجال لأنهن إليه أحوج وهن به أحق وأحرى
<تنبيه> إن قيل: كيف جاز الجمع بين حرفي العطف الواو ولكن؟ قلنا: إذا جاءت الواو خرجت لكن من العطف وجردت لإفادة معنى الاستدراك كما جردت لا لتوكيد النفي وإن كانت للعطف في الأصل بدخول حرف العطف عليها وهو الواو في قولك لم يقم زيد [ص:379] ولا عمرو
(فر عن علي) أمير المؤمنين قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله ما علامة المؤمن قال: ستة أشياء حسن ولكن في ستة من الناس أحسن ثم ذكره

(4/378)


5686 - (العرافة) وفي رواية بدله الإمارة (أولها ملامة وآخرها ندامة والعذاب يوم القيامة) زاد في رواية إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها قال النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية والعرافة سيما لمن كان فيه ضعف وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط فيه إذا جوزي الخزي والعذاب يوم القيامة وأما من كان أهلا وعدل فأجره عظيم كما تظاهرت الأخبار لكن في الدخول فيها خطر عظيم وقال القاضي: أمرها خطر والقيام بحقوقها عسر فلا ينبغي لعاقل أن يهجم عليها ويميل الطبيعة إليها كان من زلت قدمه فيها على متن الصواب قد يدفع إلى فتنة تؤدي به إلى عذاب والعريف القيم بأمر قبيلة أو محل يلي أمرهم ويتعرف منه الحاكم حالهم وهو من دون الرئيس من عرف فلان بالضم عرافة بالفتح أي صار عريفا ومن كلامهم ويل لكل رئيس من عذاب بئيس
(الطيالسي) أبو داود (عن أبي هريرة) ورواه عنه الديلمي أيضا

(4/379)


5687 - (العرب للعرب أكفاء) أي متماثلون متساوون والكفاءة كون الزوج نظير الزوجة في النسب ونحوه بخلاف غير العرب وهم العجم فليسوا أكفاء للعرب نعم القرشية لا يكافئها غير قرشي من العرب والهاشمية والمطلبية لا يكافئها غير هاشمي ولا مطلبي (والموالي أكفاء للموالي إلا حائك أو حجام) وهذا الحديث مما احتج به من جعل العجم ليسوا بأكفاء للعرب واحتج به أحمد على الكفاءة ليست حقا لواحد معين بل من الحقوق المطلقة في النكاح حتى يفرق بينهم عند عدمها
(هق) عن الحكم بن عبد الله الأزدي الزهري (عن عائشة) مرفوعا وتعقبه في المهذب بأن الحكم عدم ورواه بنحوه من وجه آخر عن ابن عمر قال في المهذب: ولم يصح كأنه من وضع عروة اه. وقال في المطامح: حديث منكر وقال في الفتح: لم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث وأما هذا الحديث فإسناده ضعيف ورواه البزار من حديث معاذ رفعه بلفظ العرب بعضهم أكفاء بعض والموالي بعضهم أكفاء قال ابن حجر: وإسناده ضعيف

(4/379)


5688 - (العربون لمن عربن) مع العربون أن يشتري ويدفع لبائعه شيئا على أنه إن رضيه فمن الثمن وإلا فهبة وهو باطل عند الأثمة الثلاثة فيجب رده لصاحبه وأجازه أحمد
(خط في رواة مالك عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه بركة بن محمد الحلبي متهم وأحمد بن علي بن أخت عبد القدوس قال في الميزان: عن الدارقطني متروك الحديث وخبره باطل ثم ساق هذا الخبر بعينه

(4/379)


5689 - (العرش) الذي هو أعظم المخلوقات (من ياقوتة حمراء) فيه رد لما في الكشاف وغيره في تفسيره أنه من جوهرة خضراء قال: وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانون ألف عام اه. قال في المطامح: والعرش مخلوق جسماني هو جامع الجوامع في العالم العلوي المحيط وهو سفينة حاملة للوجود كله انتقش في ظله صور جميع العالم وهو مخلوق لا يعبر عنه ولم يقع في صحيح أخبار الإسراء عنه أخبار وفي أخبار كثيرة ما يدل على أنه أشرف المخلوقات وأعظمها وأكملها وأنه أولها وأسبقها إلى الوجود لكن في خبر يمين الله ملأى أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض إشارة إلى السماوات أول المخلوقات وهو ما في التوراة وقال العارف البوني: خلق الله العرش المجيد الذي لا غاية لناهيه ولا نهاية لتعاليه لؤلؤة بيضاء تتلألأ ملء الكون فلا يكون العبد على حالة من الأحوال إلا انطبع مثاله [ص:380] في العرش على الحالة التي يكون عليها فإذا كان يوم القيامة ووقف للمحاسبة كشف له عن صورته فرأى نفسه على الهيئة التي كان عليها في الدنيا فيذكر نفسه بمشاهدة نفسه فيأخذه من الحياء والخوف ما يجل وصفه ولهذا العرش الكريم أعوان يحملونه بعون الله تعالى وهذه أسماؤهم أبجد. هوزح. طيكل. منسع. فصقر. شتثخ. ذ ضظغ
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن الشعبي مرسلا)

(4/379)


5690 - (العرف) يعني المعروف (ينقطع فيما بين الناس) أي أن من فعل معه ربما جحد وأنكر (ولا ينقطع فيما بين الله وبين من فعله) إذا كان فعله لله فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا
(فر عن أبي اليسر) وفيه يونس بن عبيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول

(4/380)


5691 - (العسيلة الجماع) يعني أنه يكنى بها عنه لأن العسل فيه حلاوة ويلتذ بأكله والجماع له حلاوة ويلتذ به فكنى عما يجده المتناكحان من لذة الجماع بالعسل لكونه أحلى الأشياء وألذها
(حل عن عائشة) ورواه عنها أيضا أحمد وأبو يعلى والديلمي قال الهيثمي: فيه أبو عبد الملك لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح

(4/380)


5692 - (العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر) قاله لما سئل عن قوله تعالى {وليال عشر والشفع والوتر}
(حم ك عن جابر) بن عبد الله

(4/380)


5693 - (العطاس) بضم العين (من الله والتثاؤب) بفتح التاء لغلبة الأبخرة والهمزة بعد الألف هو الصواب والواو غلط (من الشيطان) لأن العطاس ينشأ عنه العبادة فلذلك أضافه إلى الله والتثاؤب إنما ينشأ من ثقل النفس وإمتلائها المتسبب عن نيل الشهوات الذي يأمر به الشيطان فيورث الغفلة والكسل (وإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه) ليرده ما استطاع (وإذا قال آه آه) حكاية صوت المتثائب (فإن الشيطان يضحك من جوفه) لما أنه قد وجد إليه سبيلا وقوي سلطانه عليه (وإن الله عز وجل يحب العطاس) قال ابن حجر: أي الذي لا ينشأ عن زكام لأنه المأمور بالتحميد والتشميت له ويحتمل التعميم في نوعي العطاس والتفصيل في التشميت المذكور في قوله (ويكره التثاؤب) لأن العطاس يورث خفة الدماغ ويروحه ويزيل كدر النفس وينشأ عنه سعة المنافذ وذلك محبوب إلى الله فإذا اتسعت ضاقت على الشيطان وإذا ضاقت بالأخلاط والطعام اتسعت للشيطان وكسر منه التثاؤب فأضيف للشيطان مجازا فأمر العاطس بالحمد على ما منح من الخفة <تنبيه> قال زين الحفاظ العراقي: لا يعارض قوله هنا العطاس من الله قوله في حديث عدي بن ثابت العطاس في الصلاة من الشيطان لأن هذا الحديث مطلق وحديث جد عدي مقيد بحالة الصلاة وقد يتسبب الشيطان في حصول العطاس للمصلي ليستثقل به عنه على أن حديث جد عدي ضعيف أو يقال إنما لا يوصف العطاس في الصلاة بالكراهة لأنه لا يمكن رده بخلاف التثاؤب <فائدة> أخرج أبو نعيم في الطب النبوي عن علي مرفوعا من قال عند كل عطسة يسمعها " الحمد لله رب العالمين على كل حال " لم يصبه وجع ضرس ولا أذى أبدا
(ت وابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة) ورواه عنه الديلمي أيضا ورمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر في الفتح بضعف سنده

(4/380)


[ص:381] 5694 - (العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة والحيض والقيء والرعاف من الشيطان) بمعنى أنه يستلذ بوقوع لك فيها ويحبه ويرضاه لما فيها من الحيلولة بين العبد وما ندب إليه من الحضور بين يدي الله والاستغراق في لذة مناجاته ولأنها إنما تكون غالبا من شره الطعام الذي هو من عمل الشيطان قال الطيبي: وإنما فصل بقوله في الصلاة بين الخصال لأن الثلاثة الأولى لا تبطل الصلاة بخلاف الأخيرة أي فإن الحيض يبطلها اتفاقا والقيء والرعاف عند بعض العلماء وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة إن الله يكره التثاؤب ويحب العطاس في الصلاة قال ابن حجر: وهذا يعارضه هذا الحديث وفي سنده ضعيف وهو موقوف وأجاب المؤلف في فتاويه بأن المقام مقامان مقام إطلاق ومقام نسبي أما مقام الإطلاق فإن التثاؤب والعطاس في الصلاة كلاهما من عمل الشيطان وعليه يحمل حديث الترمذي هذا وأما المقام النسبي فإذا وقعا في الصلاة مع كونهما من الشيطان فالعطاس في الصلاة أحب إلى الله من التثاؤب فيها والتثاؤب فيها أكره إليه من العطاس فيها وعليه يحمل أثر ابن أبي شيبة فهو راجع إلى تفاوت رتب بعض المكروه على بعض اه
(ت) في الاستئذان من حديث عدي بن ثابت (عن) أبيه عن جده يرفعه وجده قيل اسمه (دينار) وقيل هو دينار القراظ بظاء معجمة الخزاعي المدني تابعي كثير الإرسال قال المناوي: ومدار الحديث على شريك وفيه مقال معروف وظاهر صنيع المصنف أن الترمذي تفرد به عن الستة وليس كذلك بل رواه ابن ماجه أيضا في الصلاة عن دينار المذكور

(4/381)


5695 - (العطاس عند الدعاء شاهد صدق) وفي رواية شاهد عدل والشاهد الحاضر والصدق ضد الكذب وذلك لأن الملك يتباعد عن العبد عند الكذب من نتن ما جاء به كما جاء في الخبر فإذا غاب الملك عند الكذب حضر عند الصدق فشهد والملك حبيب الله وتقدم أن الله يحب العطاس فإذا أحبه فهو شاهد بالحق لما يكون عنده من حديث أو دعاء وكان صادقا كالملك
(أبو نعيم) في الطب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو يعلى بلفظ العطسة عند الحديث شاهد عدل

(4/381)


5696 - (العفو) الذي هو التجاوز عن الذنب (أحق ما عمل به) فإنه سبحانه يزيد من يعفو عزا بأن ينتقم له ممن ظلمه فإن انتقم له في الدنيا أظهر عزه على ظالمه وإن أخره للقيامة كان هو العز الأكبر والشرف الأفخر
(ابن شاهين في) كتاب (المعرفة عن حليس بن زيد بن صفوان) الضبي قال الذهبي: له وفادة من وجه آخر

(4/381)


5697 - (العقل على العصبة) العقل الدية سمي به لأنه من العقل وهو الشد لأن القاتل يأتي بالإبل فيعقلها بفناء المقتول وبه سميت العصبة التي تحمل العقل عاقلة وفيه دليل لقول فقهائنا إن دية الخطأ يختص وجوبها بعصبة القاتل سوى أصله وفرعه (وفي السقط) أي الجنين الذي فيه صورة خلق آدمي (غرة) أي رقيق أو مملوك ثم أبدل منه قوله (عبد أو أمة) وقيل للرقيق غرة لأنه غرة ما يملك أي خياره وأفضله وقيل أطلق اسم الغرة هي الوجه على الجملة كما قيل رقبة ورأس فكأنه قال فيه نسمة عبد أو أمة ذكره كله الزمخشري. وقال القاضي: الغرة المملوك وأصلها البياض في جبهة الفرس ثم استعير لأكرم كل شيء لقولهم غرة القوم سيدهم ولما كان المملوك خير ما يملك سمي غرة وقيل الغرة لا يطلق إلا للرفيق الأبيض قال الطيبي: وأوفى قوله أو أمة للتقسيم
(طب عن حمل بن النابغة) صوابه بن مالك بن النابغة كما في التقريب كأصله وهو الهذلي [ص:382] أبو نضيلة بفتح النون وسكون المعجمة صحابي نزل البصرة وله ذكر في الصحيحين

(4/381)


5698 - (العقيقة حق عن الغلام شاتان متكافئتان) أي متساويتان سنا وحسنا وفي رواية قال مكافئتان قال العسكري: هكذا يقوله بعض المحدثين وهو خطأ وكل شيء نشأ حتى يكون مثله فهو مكافئ له اه. وزاده دفعا لتوهم أن الفداء لو وقع بواحدة ينبغي كونها فاضلة كاملة فلما وقع في ثنتين جاز كون الثانية تتمة غير مقصودة فلا يشرع كمالها. قال ابن القيم: وفيه تنبيه على تهذيب العقيقة من عيوب الأضحية (وعن الجارية شاة) نص صريح يبطل قول من كرهها مطلقا ومن كرهها عن الجارية وذلك شأن اليهود فإنها كانت تعق عن الغلام لا الجارية ومن ثم عدوا العق عن الأنثى من خصائص هذه الأمة قال الإمام أحمد: الأحاديث المعارضة لأخبار العقيقة لا يعبأ بها
(حم عن أسماء بنت يزيد) الهيثمي رجاله محتج بهم

(4/382)


5699 - (العقيقة تذبح لسبع) من الأيام (أو لأربع عشرة) يوما (أو لإحدى وعشرين) يوما قال أحمد: يعني أنها تذبح يوم السابع فإن لم يفعل ففي أربع عشرة فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين وحكمه كونها في السبع أن الطفل لا يغلب ظن سلامة بنيته وصحته خلقته وقبوله للحياة إلا بمضي الأسبوع والأسبوع دور يومي كما أن السنة دور شهري
(طس والضياء عن بريدة) قال الهيثمي: ورواه عنه أحمد أيضا وفيه إسماعيل بن المكي وهو ضعيف لكثرة غلطه ووهمه

(4/382)


5700 - (العلماء) بالعلوم الشرعية (أمناء الله على خلقه) لحفظهم الشريعة من تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ففيه أنه يحب الرجوع والتعويل في أمر الدين عليهم والأمناء جمع أمين وهو الثقة الحافظ لما أوهن عليه وقد أوجب الحق سبحانه سؤالهم والرجوع إليهم حيث قال {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} قاله الغزالي وإن كانوا أمناء الله على خلقه فيجب أن يتكفل كل عالم بإقليم أو بلد أو محلة أو مسجد بتعليم أهلها دينهم وتمييز ما يضرهم عما ينفعهم وما يشقيهم عما يسعدهم ولا ينبغي أن يصبر إلى أن يسأل بل يتصدى لدعوة الناس إلى نفسه فإنهم ورثة الأنبياء وهم لم يتركوا الناس على جهلهم بل كانوا ينادونهم في الجامع ويدورون على دورهم في الابتداء ويطلبون واحدا بعد واحد فيرشدونهم فإن مرضى القلوب لا يعرفون مرضهم كما أن من ظهر على وجهه برص ولا مرآة له لا يعرف برصه ما لم يعرفه غيره وهذا فرض عين على العلماء وعلى السلاطين أن يرتبوا في كل محلة من يعلم الناس دينهم فإن الدنيا دار مرض إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت ولا على ظهرها إلا سقيم ومرض القلوب أكثر من الأبدان والعلماء أطباء والسلاطين قوام ديار المرضى فكل مريض لا يقبل العلاج بمداواة العالم سلم للسلطان ليكف شره عن الناس كما يسلم الطبيب المريض لمن يحميه
(القضاعي) في مسند الشهاب (وابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) ورواه أيضا العقيلي في الضعفاء وقال العامري في شرح الشهاب: حسن

(4/382)


5701 - (العلماء) وفي رواية الفقهاء (أمناء الرسل) فإنهم استودعوهم الشرائع التي جاؤوا بها وهي العلوم والأعمال وكلفوا الخلق طلب العلم فهم أمناء عليه وعلى العمل به فهم أمناء على الوضوء والصلاة والغسل والصوم والزكاة والحج وعلى الاعتقادات كلها وكل ما يلزمهم التصديق به والعلم والعمل فمن وافق علمه عمله وسره علته [ص:383] كان جاريا على سنة الأنبياء فهو الأمين ومن كان بضد ذلك فهو الخائن وبين ذلك درجات فلذلك قال: (ما لم يخالطوا السلطان ويداخلوا الدنيا) لفظ الحاكم ويداخلوا في الدنيا (فإذا خالطوا السلطان وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل فاحذروهم) لفظ الحاكم فاعتزلوهم أي خافوا منهم واستعدوا وتأهبوا لما يبدو منهم من الشر فإنهم إنما يتقربون إلى السلطان باستمالة قلبه وتحسين قبح فعله وما يوافق هواه وإن أخبروه بما فيه نجاته استثقلهم وأبعدهم فمخالط السلطان لا يسلم من النفاق والمداهنة والخوض في الثناء والإطراء في المدح وفيه هلاك الدين والعلماء ساسات الناس والناس لهم تبع فلا إلباس ما لم يتلطخوا بأقذار الدنيا ويشتغلوا بشهوات النفوس عن مصالح العباد فإنهم إذا فعلوا ذلك سقطوا من مراتب العلية وهانوا على أهل الدنيا الدنية وفي الآخرة عند الله قال الثوري: احذر اللياذ بالأمراء وإياك أن تخدع ويقال لك ترد مظلمة وتدفع عن مظلوم فإن هذه خدعة إبليس اتخذها الفقهاء سلما
(الحسن بن سفيان) في مسنده عن مخلد بن مالك عن إبراهيم بن رستم عن عمر العبدي عن إسماعيل بن سميع (عن أنس) بن مالك (عق عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه قال ابن الجوزي: موضوع إبراهيم لا يعرف والعبدي متروك وقال المؤلف: قوله موضوع ممنوع وله شواهد فوق الأربعين فنحكم له عن مقتضى صناعة الحديث بالحسن

(4/382)


5702 - (العلماء أمناء أمتي) قال الخطيب: هذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أعلام الدين وأئمة المسلمين كيف وهم أكمل الخلق علما بوحدانية الله تعالى وصفاته وأعرف الناس بأحكام الحلال والحرام؟ قال الحكيم الترمذي: بعث الله الرسل إلى الخلق بمعرفة الأمور ومعرفة التدبير فيها وكيف ولم وكنه الأمور عندهم مكنون قد أفشى الله من ذلك إلى الرسل من غيبه ما لا تحتمله عقول من دونهم وبفضل النبوة قدروا على احتماله فالعلم إنما بدأ من عند الله إلى الرسل ثم من عند الرسل إلى الخلق فالعلم بمنزلة البحر وأجرى منه واديا ثم أجرى من الوادي نهرا ثم أجرى من النهر جدول ثم من الجدول ساقية فلو أجرى إلى الجدول ذلك الوادي لغرقه وأفسده ولو مال البحر إلى الوادي لأفسده فبحر العلم عند الله فأعطى الرسل منها أودية ثم أعطت الرسل من أوديتهم أنهارا إلى العلماء ثم أعطت العلماء إلى العامة جداول صغارا على قدر طاقتهم ثم أجرت العامة إلى سواقيهم من أهلهم وأولادهم بقدر طاقة تلك السواقي ومن ثم جاء في حديث إن لله سرا لو أفشاه لفسد التدبير وللملوك سرا لو أفشوه لفسد ملكهم وللأنبياء سرا لو أفشوه لفسدت نبوتهم وللعلماء سرا لو أفشوه لفسد علمهم فلذلك كانوا أمناء على ذلك السر وإنما يفسد ذلك لأن العقول لا تحتمله فلما زيدت الأنبياء في عقولهم فنالوا العلم فقدروا على احتمال ما عجزت عنه العامة وزيد في عقول علماء الباطن فقدروا على احتمال ما عجز عنه علماء الظاهر. ألا ترى أن كثيرا منهم عجزوا عن قطع الوسوسة في الصلاة وعن المشي على الماء وطي الأرض حتى جحدوا عامة هذه الروايات التي جاءت في ذلك فلو نظر علماء الظاهر إلى ما أعطى الله أولئك فأبصروه لاستحيوا من إنكارهم لكن لم يبصروا ما أعطاهم الله وهو المعرفة
(فر عن عثمان) بن عفان. ورواه عنه أيضا الجرجاني

(4/383)


5703 - (العلماء) العاملون (مصابيح الأرض) أي أنوارها التي يستضاء بها من ظلمات الجهل (وخلفاء الأنبياء) على أممهم (وورثتي وورثة الأنبياء) من قبلي {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا} قال في الكشاف: ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة لأنهم القوام بما بعثوا من أجله اه. ومعجزات الأنبياء ضربان أحدهما الوحي بواسطة الملك والثاني خرق العوائد كانقلاب العصا حية وقلق البحر وإحياء الموتى ونبع الماء من بين الأصابع وأفضل الناس من ورث منهم الأمرين جميعا فورثوا في مقابلة الوحي الإلهام والعلوم وتبين ما أتت به الأنبياء من الكتب بما جعل [ص:384] في قلوبهم من النور وورثوا في مقابلة الخوارق والآيات الكرامات وبذلك سموا أبدال النبيين لأنهم بدل منهم قال بعضهم: من ولي هذا المنصب فارتقى من مقام الولاية إلى مقام الوراثة عظمت عداوة الجهال له لعلهم بقبيح أفعالهم وقصورهم عن معارج رتب الكمال وإنكارهم لما وافق الهوى من أعمالهم وقال ابن عربي: العلماء ورثة الأنبياء أحوالهم الكتمان لو قطعوا إربا إربا ما عرف ما عندهم ولهذا قال الخضر: {ما فعلته عن أمري} فالكتمان من أصولهم إلا أن يؤمروا بالإفشاء والإعلان
<فائدة> سئل الحافظ العراقي عما اشتهر على الألسنة من حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل فقال: لا أصل له ولا إسناد بهذا اللفظ ويغني عنه العلماء ورثة الأنبياء وهو حديث صحيح
(عد عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أبو نعيم والديلمي

(4/383)


5704 - (العلماء قادة) أي يقودون الناس إلى أحكام الله من أمر ونهي إذ فهم أكمل الناس علما بوحدانيته تعالى ومعرفة أحكامه والعلم منشأ جميع النعم وأصلها (والمتقون سادة) أي أشراف الناس وأما جدهم (ومجالستهم زيادة) للجالس في تشبيهه بالمتقي والعمل بعلمه واقتفاء أثره والاستضاءة بأنواره
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) ورواه الطبراني في حديث طويل قال الهيثمي: رجاله موثقون

(4/384)


5705 - (العلماء ورثة الأنبياء) لأن الميراث ينتقل إلى الأقرب وأقرب الأمة في نسبة الدين العلماء الذين أعرضوا عن الدنيا وأقبلوا على الآخرة وكانوا للأمة بدلا من الأنبياء الذين فازوا بالحسنيين العلم والعمل وحازوا الفضيلتين الكمال والتكميل. كتب قطب زمانه شيخ الإسلام أبو حفص السهروردي إلى الإمام الرازي إذا صفت مصادر العلم وموارده من الهوى أمدته كلمات الله التي تنفذ البحار دون نفاذها ويبقى العلم على كمال قوته لا يضعفه تردده في تجاويف الأفكار وبقوته يتلقى الفهوم المستقيمة وهذه رتبة الراسخين في العلم المتسمين بصورة العمل وهم وراث الأنبياء كبر عملهم على العلم وعلمهم على العمل فصفت أعمالهم ولطفت فصارت مسامرات سرية ومحاورات روحية فتشكلت الأعمال بالعلوم لمكان لطافتها وتشكلت العلوم بالأعمال لقوة فعلها وسرايتها إلى الاستعدادات وهو الميراث الأكبر لأن الورثة إنما يورثون ميراث الدنيا بحكم أهل الدنيا والرسل إنما يورثون ورثتهم الحكم الربانية واعلم أنه كما لا رتبة فوق رتبة النبوة فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة قال ابن عربي: ومقام الوارثين لا مقام أعلى منه شهود لا يتحرك معه لسان ولا يضطرب معه جنان فاغرة أفواههم استولت عليهم أنوار الذات وبدت عليهم رسوم الصفات هم عرائس الله المخبؤون عنده المحجوبون لديه الذين لا يعرفهم سواه كما لا يعرفون سواه توجهم بتاج البهاء وإكليل السناء وأقعدهم على منابر الضياء عن القرب في بساط الأنس ومناجاة الديمومية بلسان القومية لم تزل القوة الإلهية تمدهم بالمشاهدة فهم بالحق وإن خاطبوا الخلق وعاشروهم فليسوا معهم وإن رأوهم لم يروهم إذ لا يرون منهم إلا كونهم من جملة أفعال الله فهم يشاهدون الصنعة والصانع ولا تحجبهم الصنعة عن الصانع وذلك غير ضار إلا إن شغل القلب حسن الصنعة فهؤلاء هم الوارثون حقا فهنيئا لهم بما نالوا من حقائق المشاهدة وهنيئا لنا على التصديق والتسليم لهم بالموافقة والمساعدة (يحبهم أهل السماء) أي سكانها من الملائكة (ويستغفر لهم الحيتان في البحر إذا ماتوا إلى يوم القيامة) لأنهم لما ورثوا عنهم تعليم الناس الإحسان وكيفيته والأمر به إلى كل شيء ألهم الله الأشياء الاستغفار لهم مكافأة على ذلك ذكره الخطابي وقال القاضي: إنما يستغفر أهل السماوات لأنهم عرفوا بتعريفه وعظموا بقوله [ص:385] وأهل الأرض لأن بقاءهم وصلاحهم مربوط برأيه وقوله يستغفر لهم مجاز عن إرادة استقامة حالة المستغفر له من طهارة النفس ورفعة المنزلة ورخاء العيش لأن الاستغفار من العقلاء حقيقة ومن الغير مجاز وقال ابن جماعة: وجهه أنها لمصالح العباد ومنافعهم والعلماء هم المبينون ما يحل ويحرم منها ويحثون على الإحسان إليها ودفع الضر عنها وقال السيد السمهودي: لا رتبة فوق مرتبة من يشغل الملائكة وغيرهم من المخلوقات بالاستغفار والدعاء لهم حتى تقوم القيامة فإن قلت ما وجه زيادته إلى يوم القيامة قلت لأن العلم ينتفع به بعد موت العالم إلى يوم القيامة ولهذا كان ثوابه لا ينقطع بموته قال الزمخشري: ففيه دليل على شرف العلم وإنافة محله وتقدم حملته وأهله وأن نعمته من أجل النعم وأجزل القسم وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا عظيما وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة لأنهم القوام بما بعثوا من أجله
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) ضعفه جمع وقال ابن حجر: له طرق وشواهد يعرف بها أن للحديث أصلا اه. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو غفول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي والحافظ عبد الغني وغيرهم باللفظ المذكور بعضهم من حديث أنس وبعضهم من حديث البراء

(4/384)


5706 - (العلماء ثلاثة رجل عاش بعلمه وعاش الناس به ورجل عاش الناس به وأهلك نفسه ورجل عاش بعلمه ولم يعش به غيره) فالأول من علم وعلم غيره والثاني من علم فعمل الناس بعلمه ولم يعمل هو بما علم والثالث من عمل بعلمه ولم يعلم غيره
(فر عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي وغيره متروك

(4/385)


5707 - (العلم) أي الشرعي (أفضل من العبادة) لأن العلم مصحح لغيره مع كونه متعديا فالعبادة مفتقرة له ولا عكس ولأن العلماء ورثة الأنبياء ولا يوصف المتعبد بذلك ولأن العلم تبقى ثمرته بعد صاحبه والعبادة تنقطع بموته ومن ثمة اتفقوا كما في المجموع على أن الاشتغال بالعلم أفضل منه بنحو صلاة وصوم (ملاك) بكسر الميم (الدين) أي قوامه ونظامه (الورع) أي قوة الدين واستحكام قواعده التي بها ثبات الورع بالكف عن التوسع في الأمور الدنيوية المشغلة عن ذكر الله ودوام مراقبته
(خط وابن عبد البر في) كتاب (العلم) كلاهما (عن ابن عباس) وفيه معلى بن مهدي قال الذهبي في الذيل: قال أبو حاتم يأتي أحيانا بالمنكر وسوار بن مصعب أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أحمد والدارقطني متروك الحديث

(4/385)


5708 - (العلم أفضل من العمل) لما تقرر ولأن في بقاء العلم إحياء الشريعة وحفظ معالم الملة ولأن العابد تابع للعالم مقتد به مقلد له واجب عليه طاعته وفي الغيلانات إذا خلا الزمن عن سلطان ذي كفاءة فالأمور موكولة إلى العلماء ويلزم الأمة الرجوع إليهم ويصيرون ولاة فإن عسر جمعهم على واحد استقل كل قطر بإتباع علمائه فإن كثروا فالمتبع أعلمهم فإن استووا أقرع اه. قال السمهودي: وهذا من حيث انعقاد الولاية الخاصة فلا ينافي وجوب الطاعة العلماء مطلقا فاندفع ما للسبكي هنا وكان الإمام مالك يمتنع من الولايات فيحبس ويعذر ومع ذلك يمتثل أمره وكذا الشافعي فقد روى البيهقي كان الشافعي عطرا وكان به باسور فكان يمسح الاسطوانة التي يجلس عليها بغالية فعمد شخص إلى شاربه فلطخه قذرا وجاء حلقة الشافعي فقال: ما حملك على ذلك قال: رأيت تجبرك فأردت التواضع فأمر باعتقاله حتى انصرف فضربه ثلاثين أو أربعين وقال: هذا بما تخطيت المسجد بالقذر (وخير الأعمال أوساطها) لتوسط الوسط بين طرفين مذمومين [ص:386] إذ كل خصلة حسنة لها طرفان مذمومان فالسخاء وسط بين البخل والتبذير والشجاعة بين الجبن والتهور وأبعد الجهات والمقادير من كل طرفين وسطهما فإذا كان في الوسط فقد ابتعد عن المذموم بقدر الإمكان (ودين الله تعالى بين القاسي والغالي) يشير إلى أن المتدين ينبغي أن يكون سائسا لنفسه مدبرا لها فإن للنفس نفورا يفضي بها إلى التقصير ووفورا يؤول إلى سرف وقيادها عسر ولها أحوال ثلاثة فحال عدل وإنصاف وحال غلو وإسراف وحال تقصير وإجحاف فالأول أن يختلف قوي النفس من جهتين متقابلتين طاعة مسعدة وشفقة كافة فطاعتها تمنع من التقصير وشفقتها تصد عن السرف وهذه أحمد الأحوال لأن ما منع من التقصير تام وما صد عن السرف مستديم فالنمو إذا استدام فأخلق به أن يستكمل ومن ثم قال الحكماء: طالب العلم وعامل البر كآكل الطعام إن أخذ منه قوتا عصمه وإن أسرف فيه بشمه وربما كانت فيه منيته وأما حال التقصير فبأن تختص النفس بقوة الشفقة وتقدم قوى الطاعة فيدعوها الإشفاق إلى المعصية فيكون خائنا مغبونا (والحسنة بين السيئتين لا ينالها إلا الله) قال أبو عبيد: أراد أن الغلو في العمل سيئة والتقصير عنها سيئة والحسنة كما جاء في خبر في فضل قارئ القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه فالغلو فيه التعمق والجفاء عنه التقصير وكلاهما سيئة (وشر السير الحقحقة) هي المتعب من السير أو أن تحمل الدابة على ما لا تطيقه والقصد بها الإشارة إلى الرفق في العبادة وعدم إجهاد النفس في المشقة فيها وهذا الحديث قد عدوه من الحكم والأمثال
(هب عن بعض الصحابة) فيه زيد بن رفيع أورده الذهبي في الضعفاء

(4/385)


5709 - (العلم) أي العلم الذي هو أصل علوم الدين أو العلم النافع في الدين فالتعريف للعهد (ثلاثة) أي ثلاثة أقسام (وما سوى ذلك فهو فضل) أي زائد لا ضرورة إلى معرفته قال في المغرب: الفضل الزيادة وقد غلب جمعه على ما لا خير فيه حتى قيل فضول بلا فضل وطول بلا طول ثم قيل لمن لا يعنيه فضولي (آية محكمة) أي لم تنسخ أو لا خفاء فيها قال الحرالي: وهي التي أبرم حكمها كما يبرم الحبل الذي يتخذ حكمة أي زماما يزم به الشيء الذي يخاف خروجه عن الانضباط كأن الآية المحكمة تحكم النفس عن جولانها وتمنعها عن جماحها وتضطرها إلى محالها وقال الطيبي: المحكمة التي أحكمت عباراتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه فكانت أم الكتاب أي أصله فتحمل المتشابهات عليها وترد إليها ولا يتم ذلك إلا للماهر الحاذق في علم التفسير والتأويل الحاوي لمقدمات تفتقر إليها من الأصلين وأقسام العربية (أو سنة قائمة) أي ثابتة دائمة محافظ عليها معمول بها عملا متصلا من قامت السوق نفقت لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي تتوجه إليه الرغبات وينافس فيه المحصلون وإذا عطلت وأضيفت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه ودوامها إما أن يكون لحفظ أسانيدها من معرفة أسماء الرجال والجرح والتعديل ومعرفة الأقسام من الصحيح والحسن والضعيف المتشعب منه أنواع كثيرة وما يتصل بها من المتممات وإما أن يكون بحفظ متونها من التغيير والتبديل بالإتقان والتيقظ وتفهم معانيها واستنباط العلوم الجمة منها لأن جلها بل كلها من جوامع الكلم التي أوتيها وخص بها هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم (أو فريضة عادلة) أي مساوية للقرآن في وجوب العمل بها وفي كونها صدقا وصوابا ذكره القاضي أو المراد العدل في القسمة أي معدله على سهام الكتاب والسنة بلا جور أو أنها مستنبطة منهما وسميت عادلة لأنها معادلة أي مساوية لما أخذ منها قال الطيبي: ويفقه من هذا أن المراد بقوله وما سوى ذلك هو فضل أن الفضل واحد الفضول الذي لا دخل له في أصل علوم الدين وما استعاذ منه بقول أعوذ بالله من علم لا ينفع
(د هـ) في السنة (ك) في الرقاق (عن ابن عمرو) بن العاص. قال الذهبي في المهذب وتبعه الزركشي: فيه عبد الرحمن بن الفم ضعيف وقال في المنار: [ص:387] فيه أيضا عبد الرحمن بن رافع التنوخي لم تثبت عدالته بل أحاديثه مناكير اه. وأقول: فيه أيضا عند ابن ماجه وغيره: رشد ابن سعد ومن ثم قال ابن رجب: الحديث فيه ضعف مشهور

(4/386)


5710 - (العلم ثلاثة كتاب ناطق) أي مبين واضح (وسنة ماضية) أي جارية مستمرة ظاهرة (ولا أدري) أي قول المجيب لمن سأله عن مسألة لا يعلم حكمها لا أدري قال ابن عطاء الله: من علامة جهل السالك بطريق علم الظاهر أو الباطن أن يجيب عن كل ما يسأل عنه ويعبر عن كل ما شهد ويذكر كل ما علم لدلالته على أنه لم يكن بالله ولا لله بل لنفسه إذ النفس مع العقل والتمييز ومن طلب الحق بالعقل ضل وكان دليلا على جهله اه. وقال الماوردي: ليس بمتناه في العلم إلا ويجد من هو أعظم منه بشيء إذ العلم أكثر من أن يحيط به بشر وقيل لحكيم: من يعرف كل العلم قال: كل الناس وقال الشعبي: ما رأيت مثلي ولا أشاء أن ألقي رجلا أعلم مني إلا لقيته وهذا لم يقله تفضيلا لنفسه بل تعظيما للعلم أن يحاط به وكلما يجد بالعلم معجبا وبما أدركه منه مفتخرا إلا من كان فيه مقلا مقصرا لأنه يجهل قدره ويظن أنه نال بالدخول أكثر من غيره وأما من كان فيه متوجها ومنه مستكثرا فهو يعلم من بعد غايته والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به وقالوا: العلم ثلاثة أشبار فمن نال منه شبرا شمخ بأنفه وظن أنه هو ومن نال منه الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه ما ناله وأما الثالث فهيهات لا يناله أحد قال أعني الماوردي: ومما أنذرك من حالي أني صنفت في البيوع كتابا جمعت له ما استطعت من كتب الناس وأجهدت فيه نفسي وكدرت فيه خاطري حتى تهذب واستكمل وكدت أعجب به وتصورت أني أشد الناس اضطلاعا بعلمه فحضرني أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه بالبادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشيء منها جوابا فأطرقت مفكرا ولحالي معتبرا فقالا: ما عندك له جواب وأنت زعيم هذه الطائفة قلت: لا فقالا: أيها لك وانصرفا فسألا من يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا فانصرفا راضيين بجوابه حامدين لعلمه فبقيت مرتبكا فكان ذلك زاجر نصيحة وتدبر عظمة اه. وأخذ من الحديث أن على العالم إذا سئل عما لا يعلمه أن يقول لا أدري أو لا أحققه أو لا أعلمه أو الله أعلم وقول المسؤول لا أعلم لا يضع من قدره كما يظنه بعض الجهلة لأن العالم المتمكن لا يضر جهله ببعض المسائل بل يرفعه قوله لا أدري لأنه دليل على عظيم محله وقوة دينه وتقوى ربه وطهارة قلبه وكمال معرفته وحسن نيته وإنما يأنف من ذلك من ضعفت ديانته وقلت معرفته لأنه يخاف من سقوطه من أعين الحاضرين ولا يخاف من سقوطه من نظر رب العالمين وهذه جهالة ورقة دين ومن ثم نقل لا أدري ولا أعلم عن الأئمة الأربعة والخلفاء الأربعة بل عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وجبريل عليهما السلام كما مر في حديث خير البقاع المساجد وفي مسند الدارمي موصولا من عدة طرق أن عليا كرم الله وجهه سئل عن مسألة فقال: لا علم لي بها ثم قال: وأبردها على كبدي سئلت عما لا علم لي به فقلت لا أعلم وفيه أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فقال: لا علم لي بها فولى الرجل فقال ابن عمر: نعم ما قال ابن عمر وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ وابن مردويه عن خالد بن أسلم خرجنا نمشي مع ابن عمر فلحقنا أعرابي فسأله عن إرث العمة فقال: لا أدري قال: أنت ابن عمر ولا تدري قال: نعم اذهب إلى العلماء فلما أدبر قبل ابن عمر يديه وقال: نعم ما قلت وأخرج البخاري عن ابن مسعود من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من علم الرجل أن يقول لما لا يعلم الله أعلم ورواه الدارمي بلفظ إذا سئل العالم عما لا يعلم قال: الله أعلم وأخرج الهروي عن ابن مسعود إذا سئل أحدكم عما لا يدري فليقل لا أدري فإنه ثلث العلم وأخرج الحازمي في سلسلة الذهب عن أحمد عن الشافعي عن مالك عن ابن عجلان: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيب في مقاتله والأخبار والآثار في هذا كثيرة وإنما أطلت بإيراد هذه النبذة لما تطابق عليه فقهاء زماننا من التحاشي عن ذلك والمبادرة إلى الجواب باللسان والقلم كيف كان
(فر عن ابن عمر) بن الخطاب ظاهره أن الديلمي رواه مرفوعا وهو ذهول بل صرح في الفردوس بعدم [ص:388] رفعه ورواه عنه أبو نعيم أيضا والطبراني في الأوسط والخطيب في رواة مالك والدارقطني في غرائب مالك موقوفا قال الحافظ ابن حجر: والموقوف حسن الإسناد

(4/387)


5711 - (العلم حياة الإسلام) أي لأن الإسلام لا تعلم حقيقته وشروطه وآدابه إلا به (وعماد الدين) أي معتمده ومقصوده الأعظم (ومن علم علما أتم) بمثناة فوقية بخط المصنف وفي خبر يأتي أنمى (الله له أجره) بالنون ومعنى أتم أكمل ففي المصباح تم الشيء يتم تكملت أجزاؤه أنمى زاد (ومن تعلم فعمل علمه الله ما لم يعلم) أي العلم اللدني الذي هو موهبة من الله يدرك به العبد ما للنفس من الحظوظ والفرض وما للحق من الحقوق والمفترض فيترك ما لها من الحظوظ ويقوم بما للحق من الحقوق وهو معنى قول البعض أراد به إلهامه علم ما لم يتعلم من مزيد معرفة الله وخدع النفس والشيطان وغرور الدنيا وآفات العمل من نحو عجب ورياء وكبر ورياضة النفس وتهذيبها وتحمل الصبر على مر القضاء والشكر على النعماء والثقة بما وعد والتوكل عليه وتحمل أذى الخلق وقد ثبت أن دقائق علوم الصوفية منح إلهية ومواهب اختصاصية لا تنال بمعتاد الطلب فلزم مراعاة وجه تحصيل ذلك وهو ثلاث: الأول العمل بما علم على قدر الاستطاعة. الثاني اللجأ إلى الله على قدر الهمة. الثالث إطلاق النظر في المعاني حال الرجوع لأهل السنة ليحصل الفهم وينتفي الخطأ ويتيسر الفتح وقد أشار لذلك الجنيد بقوله: ما أخذنا التصوف عن القيل والقال والمراء والجدال بل عن الجوع والسهر ولزوم الأعمال. قال الغزالي: من انكشف له ولو الشيء اليسير بطريق الإلهام والوقوع في القلب من حيث لا يدري فقد صار عارفا بصحة الطريق ومن لم ير ذلك من نفسه قط فينبغي أن يؤمن به فإن درجة المعرفة فيه عزيزة جدا ويشهد لذلك شواهد الشرع والتجارب والوقائع فكل حكم يظهر في القلب بالمواظبة على العبادة من غير تعلم فهو بطريق الكشف والإلهام وقال حجة الإسلام: يتعين أن يكون أكثر الاهتمام بعلم الباطن ومراقبة القلب ومعرفة طريق الآخرة وسلوكه وصدق الرجاء في انكشاف ذلك من المجاهدة والمراقبة فإن المجاهدة تفضي إلى المشاهدة فجاهد تشاهد دقائق علم القلوب وتنفجر منها ينابيع الحكمة من القلب أما الكتب في التعليم فلا تفي بذلك بل الحكمة الخارجة عن الحصر الخارجة عن الحصر والحد إنما تنفتح بالمجاهدة قال: وكم من متعلم طال تعلمه ولم يقدر على مجاوزة مسموعه بكلمة وكم من مقتصر على المهم في التعلم ومتوفر على العمل ومراقبة القلب فتح الله له من لطائف الحكم ما تحار فيه عقول ذوي الألباب فلذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم من تعلم فعمل إلخ وفي بعض الكتب السالفة يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من ينزله ولا في تخوم الأرض من يصعد به ولا من وراء البحار من يعبر يأتي به العلم محصور في قلوبكم تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين وتخلقوا بأخلاق الصديقين أظهر العلم من قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم ويعمركم انتهى. وقال الإمام مالك: علم الباطن لا يعرفه إلا من عرف علم الظاهر فمتى علم الظاهر وعمل به فتح الله عليه علم الباطن ولا يكون ذلك إلا مع فتح قلبه وتنويره وقال: ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذفه الله في القلب يشير إلى علم الباطن (تتمة) قال يحيى بن معاذ: التقى ابن أبي الحواري وأحمد بن حنبل فقال أحمد حدثنا بحكاية سمعتها من أستاذك الداراني فقال يا أحمد قل سبحان الله وطولها بلا عجب قال سبحان الله وطولها بلا عجب قال سمعته يقول إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام جالت في الملكوت وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة من غير أن يؤدي إليها عالم علما فقام أحمد وقعد ثلاثا وقال سمعت في الإسلام بحكاية أعجب من هذه ثم ذكر حديث من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم. قال التونسي: اجتمع العارف علي وفا والإمام البلقيني فتكلم علي معه بعلوم بهرت عقله فقال البلقيني: من أين لك هذا يا علي قال: من قوله تعالى {اتقوا الله ويعلمكم الله} فأسكت
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) [ص:389] ابن حبان (عن ابن عباس)

(4/388)


5712 - (العلم خزائن ومفاتحها السؤال) قال الماوردي: حكي أن بعض الحكماء رأى شيخا يحب النظر في العلم ويستحي من السؤال فقال: يا هذا تستحي أن تكون في آخر عمرك أفضل مما كنت في أوله (فسلوا يرحمكم الله فإنه يؤجر فيه أربعة) من الأنفس (السائل والمعلم والمستمع والمحب لهم) لا يعارضه خبر النهي عن السؤال لما سبق أن المراد به سؤال تعنت أو امتحان أو عما لا يحتاج إليه ونحو ذلك
(حل) وكذا العسكري (عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي: ضعيف أي وذلك لأن فيه داود بن سليمان الجرجاني الغازي كذبه ابن معين ولم يعرفه أبو حاتم قال في اللسان كأصله: وبكل حال هو شيخ كذاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضي ثم ساق له عدة أخبار هذا منها

(4/389)


5713 - (العلم خليل المؤمن) لأنه لا نجاة ولا فوز إلا به فكأنه خالل المؤمن بمحبته ومودته يطلبه عند غيبته ويتمسك به عند وجوده ويستضيء بنوره عند جهله (والعقل دليله) فإنه عقال لطبعه أن يجري بعجلته وجهله لتقدم العقل بين يدي كل أمر من فعل وترك مسترشدا به في عاقبته استضاءة بنوره (والعمل قيمه) وفي رواية قائده أي العمل بمقتضى العلم والعقل شكرا لنعمتهما خوف ذهاب العلم أو تركه إذ العلم يقود المؤمن إلى كل خير (والحلم وزيره) فإن الوزير المعين المحتمل الأثقال فيستعين المؤمن على متابعة العلم بالحلم ولهذا روى ما ضم شيء لشيء أحسن من حلم إلى علم (والصبر أمير جنوده) جعل ما تقدم وتأخر جنودا وأميرها الصبر لا يعمل كل منهما فيما أهل له إلا به لأنه عجلة النفس وخفتها تفسد كل خلق حسن ما لم يتقدم الصبر أمامها (والرفق والده) فإن الرفق في المعونة والمساهلة كالوالد للمؤمن لا يصدر في أمر إلا بمراجعته وطاعته رجاء بركته (واللين أخوه) لا ينفصل ولا يستقل دونه
(هب عن الحسن) البصري (مرسلا) قضية صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال وليس كذلك بل هو مع إرساله ضعيف إذ فيه سوار بن عبد الله العنبري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال الثوري ليس بشيء وعبد الرحمن بن عثمان أبو بحر البكراوي قال أحمد: طرح الناس حديثه قال الحافظ العراقي: ورواه أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب عن أنس وكذا الديلمي في الفردوس وأبو نعيم في الحلية عن أنس بسند ضعيف والقضاعي في مسند الشهاب عن أبي الدرداء أو أبي هريرة وكلاهما ضعيف اه. وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية إرساله تقصير أو قصور

(4/389)


5714 - (العلم خير من العبادة) لأنه أسها وعمادها إذ هي مع الجهل فاسدة قال ابن عطاء الله: والمراد بالعلم في هذه الأخبار النافع المخمد للهوى القامع الذي تكتنفه الخشية ويكون معه الخوف والإنابة أما علم معه الرغبة في الدنيا والتملق لأبنائها وصرف الهمة لاكتسابها والجمع في الادخار والمباهاة والاستكثار وطول الأمل فما أبعده من ذلك (وملاك الدين الورع) كما سبق
(ابن عبد البر) في العلم (عن أبي هريرة) ورواه الديلمي عن عبادة

(4/389)


5715 - (العلم خير من العمل) لأن العلم وظيفة القلب وهو أشرف الأعضاء والعمل وظيفة الجوارح الظاهرة ولا يكون [ص:390] العمل مقصودا إلا به والقصد صادر عن القلب فالعلم مقدم على العمل شرفا وحالا إذ الشيء يعلم أولا ثم يعمل به (وملاك الدين الورع والعالم من يعمل) ومن لا يعمل فهو والجاهل سواء بل الجاهل خير منه لأن علمه حجة عليه فأس طريق العلم ونتيجته العمل وفائدة العلم إنما هي العمل به لأن العلم بلا عمل عاطل والعمل بغير علم باطل إذ لا يصح العمل إلا بمعرفة كيفيته ولا تظهر فائدة العلم إلا بالعمل به على مقتضى السنة قال بعض العارفين: بالعلم يصح العمل وبالعمل تنال الحكمة وبالحكمة توفق للزهد وبالزهد تترك الدنيا وبترك الدنيا ترغب في الآخرة وبالرغبة فيها تنال رضا الله تعالى
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن عبادة) بن الصامت ورواه عنه الديلمي أيضا

(4/389)


5716 - (العلم دين) قال الطيبي: التعريف فيه للعهد وهو ما جاء به الرسول لتعليمه الخلق من الكتاب والسنة وهما أصول الدين (والصلاة دين فانظروا عمن تأخذون هذا العلم) قال الطيبي: المأخوذ عنه العدول الثقات المتقون كما بينه قوله في الحديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله وعمن صلة تأخذون على تضمين معنى تؤدون وضمن انظروا معنى العلم (وكيف تصلون هذه الصلوات فإنكم تسألون) أي عن العلم والصلاة (يوم القيامة) يشير به إلى أن العلم ينبغي أن لا يؤخذ إلا عمن عرفت عالميته واشتهرت ديانته فلا يتلقاه عن جاهل فيضله ولا عن فاسق فيغويه
(فر عن ابن عمر) بن الخطاب

(4/390)


5717 - (العلم علمان فعلم) ثابت (في القلب) وهو ما أورث الخشية وأبعد عن الكبائر الظاهرة والباطنة (فذلك) هو العلم (النافع) لصاحبه (وعلم على اللسان) ولا قرار له لأنه شرارة من شرار الإيمان (فذلك حجة الله على ابن آدم) قال الطيبي: الفاء في فعلم تفصيلية وفي فذلك سببية من باب قوله خولان فأنكح أي هؤلاء الذين اشتهرت نساؤهم بالرغبة فيهما فأنكح منهم فكذلك قوله علم في القلب دل على كونه مرغوبا فيه فرتب عليه ما بعده وفي عكسه قوله فذلك حجة الله فإن صاحب العلم اللساني الذي لم يتأثر منه فإنه محجوج عليه ويقال له {لم تقولون ما لا تفعلون} ويمكن حمل الحديث على علمي الظاهر والباطن قال أبو طالب: علم الباطن وعلم الظاهر أصلان لا يستغني أحدهما عن صاحبه بمنزلة الإسلام والإيمان مرتبط كل منهما بالآخر كالجسم والقلب لا ينفك أحدهما من صاحبه وقيل علم الباطن يخرج من القلب وعلم الظاهر يخرج من اللسان فلا يجاوز الآذان وهذا لا ينصرف إليه اسم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء إذ هم العلماء العاملون الأبرار المتقون الذين آل إليهم العلم الموروث بالصفة التي كان عليها عند المورث لا من علمه حجة عليه وقد منعه سوء ما لديه من خبث نيته وسوء طويته واتباع شهوته أن يلج نور العلم قلبه ويخالط لبه {فأوردهم النار وبئس الورد المورود} قال بعضهم: وهذه صفة علماء زماننا تجدهم يجتهدون في تحسين الهيئة والثياب الفاخرة والمراكب السنية فإذا نظر إلى باطن أحدهم وجد خوف الرزق على قلبه كالخيال يكاد يموت من همه وخوف الخلق وخوف سقوط المنزلة من قلوبهم والفرح بمدحهم والثناء عليه وحب الرئاسة وطلب العلو والتبصبص للظلمة والأغنياء واحتقار الفقراء والأنفة من الفقر والاستكبار في موضع الحق والحقد على أخيه المسلم والعداوة والبغضاء وترك الحق مخافة الذل والقول بالهوى والحمية والرغبة في الدنيا والحرص عليها والشح والبخل وطول الأمل والأشر والبطر والغل والغش والمباهاة والرياء والسمعة والاشتغال بعيوب الخلق والمداهنة والإعجاب بالنفس والتزيين للمخلوق والصلف والتجبر وعزة النفس والقسوة والفظاظة والغلظة وسوء الخلق وضيق الصدر والفرح بالدنيا والحزن على فوتها وترك القنع والمراء والجفاء والطيش والعجلة والحدة وقلة الرحمة والاتكال على الطاعة وأمن سلب ما أعطى وفضول الكلام والشهوة [ص:391] الخفية وطلب العز والجاه واتخاذ الإخوان في العلانية على عداوة في السر والغضب إذا رد عليه قوله والتماس المغالبة لغير الله والانتصار للنفس والأنس بالخلق والوحشة من الحق والغيبة والحسد والنميمة والجور والعدوان فهذه كلها مزابل قد انضمت عليها طوية صدورهم وظاهرهم صوم وصلاة وزهد وأنواع أعمال البر فإذا انكشف الغطاء بين يدي الله عن هذه الأمور كان كمزبلة فيها أنواع الأقذار غشيت بالذبائح فأنتنت فهذا عالم مرائي مداهن يتصنع عند شهواته فلم يقدر أن يخلص عمله ونفسه مقيدة بنار الشهوة وقلبه مشحون بهوى نفسه وهذه كلها عيوب والعبد إذا كثرت عيوبه انحطت قيمته
(ش والحكيم) الترمذي وابن عبد البر (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال المنذري: إسناده صحيح وقال الحافظ العراقي: إسناده صحيح (خط عنه) أي الحسن (عن جابر) مرفوعا قال المنذري: إسناده صحيح قال الحافظ العراقي: وسند جيد وإعلال ابن الجوزي له وهم وقال السمهودي: إسناده حسن ورواه أبو نعيم والديلمي عن أنس مرفوعا

(4/390)


5718 - (العلم في قريش) القبيلة المشهورة وناهيك بالشافعي منهم (والأمانة في الأنصار) الأوس والخزرج والظاهر أن المراد الأمانة العلمية والمالية وغيرهما
(طب) وكذا في الأوسط (عن) عبيد الله بن الحارث (ابن جزء) بفتح الجيم وسكون الزاي الزبيدي قال الهيثمي: إسناد حسن

(4/391)


5719 - (العلم ميراثي وميراث الأنبياء قبلي) يعني أن جميع الأنبياء لم يورثوا شيئا من الدنيا لعدم صرفهم هممهم إلى اكتسابها وإعراضهم عن الجمع والادخار واشتغالهم بما يوصل إلى دار القرار لكن لا ينتقل الشيء إلى الوارث إلا بالصفة التي كان عليها عند المورث كما سبق قال الغزالي: لا يكون العالم وارثا نبيه إلا إذا اطلع على جميع معاني الشريعة حتى لا يكون بينه وبينه إلا درجة النبوة وهي الفارقة بين الوارث والموروث إذ المورث هو الذي حصل المال له واشتغل بتحصيله واقتدر عليه والوارث هو الذي لم يحصله لكن انتقل إليه وتلقاه عنه اه. ثم ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تتمته عند مخرجه الديلمي فمن كان يرثني فهو معي في الجنة اه. بنصه فإثبات المصنف بعضا وحذف بعض لا ينبغي
(فر عن أم هانئ) وفيه إسماعيل بن عبد الملك قال الذهبي: قال النسائي غير قوي ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فلو عزاه له كان أولى

(4/391)


5720 - (العلم والمال يستران كل عيب والجهل والفقر يكشفان كل عيب) أراد بالعلم الذي يستر كل عيب النافع الذي يصحبه العمل قال ابن عطاء الله: مثل من قطع الأوقات في طلب العلم فمكث أربعين أو خمسين سنة يتعلم ولا يعمل كمن قعد هذه المدة يتطهر ولم يصل صلاة واحدة إذ مقصود العلم العمل كما أن القصد بالطهارة وجود الصلاة ثم إن المال وإن كان يستر العيب لكن لا نسبة بينه وبين ستر العلم لأن ذلك أتم وأكمل وقلما يجتمع العلم والمال قال الماوردي: قيل لبعض الحكماء: لم لا يجتمع العلم والمال قال: لعزة الكمال
(فر) من وراية الخليفة الرشيد عن أبيه عن جده عن علي بن عبد الله بن عباس (عن ابن عباس) وفي رجاله من هو متكلم فيه

(4/391)


5721 - (العلم لا يحل منعه) أي عن مستحقه فمن منعه عنه ألجم بلجام من نار يوم القيامة كما في عدة أخبار قال البغدادي: المراد [ص:392] علم الدين المفترض طلبه على كافة المسلمين دون غيره فإن الجهل بالدين مهلك والعلم طريق نجاته فإذا أشفى على الهلاك بجهله وطلب ما يخلصه وجب كما يجب حفظ مهجته من هلاك حسي
(فر عن أبي هريرة) وفيه يزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك ذكره الذهبي

(4/391)


5722 - (العم والد) أي هو نازل منزلته في وجوب الاحترام والإعظام لتفرعهما عن أصل واحد وهذا خرج مخرج الزجر عن عقوقه
(ص عن عبد الله الوراق مرسلا)

(4/392)


5723 - (العمائم تيجان العرب) أي فيها عز وجمال وهيبة ووقار كتيجان الملوك يتميزون بها عن غيرهم وما سواها من القلانس ليس إلا للعجم وأهل الخفة من الأتراك أي هي لهم بمنزلة التيجان للملوك وكانت العمائم إذ ذاك خاصة بالعرب (والاحتباء حيطانها وجلوس المؤمن في المسجد رباطه)
(القضاعي) في مسند الشهاب (فر عن علي) أمير المؤمنين قال العامري: غريب وقال السخاوي: سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه حنظلة السدوسي قال الذهبي: تركه القطان وضعفه النسائي ورواه أيضا أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فلو عزاه المصنف للأصل كان أولى

(4/392)


5724 - (العمائم تيجان العرب) أطلق عليها تيجان لكونها قائمة مقامها (فإذا وضعوا العمائم وضعوا عزهم) لفظ رواية الديلمي فيما وقفت عليه من نسخ قديمة مصححة بخط ابن حجر وغيره فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم ثم خرج من طريق آخر العمائم وقار للمؤمنين وعز للعرب فإذا وضعت العرب عمائمها فقد خلعت عزتها اه. وعمم المصطفى صلى الله عليه وسلم عليا بيده وذنبها من ورائه وبين يديه وقال: هذه تيجان الملائكة
(فر عن ابن عباس) وفيه عتاب بن حرب قال الذهبي: قال العلائي: ضعيف جدا ومن ثم جزم السخاوي بضعف سنده ورواه عنه أيضا ابن السني قال الزين العراقي: وفيه عبد الله بن حميد ضعيف

(4/392)


5725 - (العمامة على القلنسوة) أي لفها عليها (فصل) أي (قطع ما بيننا وبين المشركين) في المصباح فصلته عن غيره أو نحيته قطعته ومنه فصل الخصومات وهو الحكم بقطعها (يعطي يوم القيامة بكل كورة يدورها على رأسه نورا) في المصباح كار العمامة أدارها على رأسه وكورها بالتشديد مبالغة ومنه كورت الشيء إذا لففته على هيئة الاستدارة وفي هذا وما قبله ندب العمامة بقصد التجمل ونحوه وأنه يحصل السنة بكونها على الرأس أو نحو قلنسوة تحتها وأن الأفضل كورها وينبغي ضبط طولها وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه ومكانه فإن زاد على ذلك كره
(الباوردي عن ركانة) بضم الراء وتخفيف الكاف بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي من مسلمة الفتح ثم نزل المدينة وليس له غير هذا الحديث كما في التقريب كأصله

(4/392)


5726 - (العمد قود والخطأ دية)
(طب عن ابن عمرو بن حزم) بفتح المهملة وسكون الزاي بن يزيد بن لوذان الأنصاري من عمال المصطفى صلى الله عليه وسلم على نجران قال الهيثمي: وفيه عمران بن أبي الفضل وهو ضعيف

(4/392)


[ص:393] 5727 - (العمرى) اسم من أعمرتك الشيء أي جعلته لك مدة عمرك (جائزة) صحيحة ماضية لمن أعمر له ولورثته من بعده وقيل جائزة أي عطية (لأهلها) أي يملكها الآخذ ملكا تاما بالقبض كسائر الهبات ولا ترجع للأول عند الشافعي وأبي حنيفة وجعلها مالك إباحة منافع
(حم ق ن عن جابر) بن عبد الله (حم ق د ن عن أبي هريرة حم د ت عن سمرة) ابن جندب (عن زيد بن ثابت وابن عباس)

(4/393)


5728 - (العمرى) بضم العين المهملة وسكون الميم والقصر مأخوذة من العمر (ميراث لأهلها) أي ميراث لمن وهبت له سواء أطلقت أو قيدت بعمر الآخذ أو ورثه أو المعطى بدليل قوله في الحديث الذي بعده لمن وهبت له وبهذا أخذ الشافعي وأبو حنيفة. وقال مالك: هي ميراث للواهب فترجع له أو لورثته بعد موت الآخذ لأنه إنما وهب المنفعة دون الرقبة والمؤمنون عند شروطهم
(م) في الفرائض (عن جابر) بن عبد الله (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

(4/393)


5729 - (العمرى لمن وهبت له) هذا كما ترى نص صريح فيما ذهب إليه الإمامان الشافعي وأبو حنيفة من عدم رجوعها للمعمر عقبه مطلقا لأنه إنما وهب الرقبة وحمله المالكية على المنافع وقالوا: هي تمليك منفعة الشيء مدة حياة الآخذ بغير عوض
(م د ن عن جابر) بن عبد الله

(4/393)


5730 - (العمرى جائزة لأهلها) أي هي عطية جائزة لمن وهبت له لأنها من البر والمعروف ذكره القرطبي والمراد بالجواز الأعم لا الأخص لأن الأعم يشمل المندوب والواجب وهي مندوبة لما تقرر (والرقبى) بوزن العمرى مأخوذة من الرقوب لأن كلا منهما يرقب موت صاحبه وكانا عقدين في الجاهلية (جائزة لأهلها) فهما سواء عند الجمهور ولا يناقضه خبر: لا تعمروا ولا ترقبوا لأن النهي فيه إرشادي معناه لا تهبوا أموالكم مدة ثم تأخذونها بل إذا وهبتم شيئا زال عنكم ولا يعود إليكم هبة بلفظ هبة أو عمرى أو رقبى
(4 عن جابر) بن عبد الله

(4/393)


5731 - (العمرى جائزة) قال القاضي: قوله جائزة أي نافذة ماضية لمن أعمر له وقيل عطية (لمن أعمرها والرقبى جائزة لمن أرقبها) قال القاضي: العمري اسم من أعمرتك الشيء أي جعلته لك مدة عمرك وهي جائزة تملك بالقبض كسائر الهبات وتورث عنه كسائر أمواله سواء أطبق أو أردف بأنه لعقبه أو ورثته بعده وذهب جمع إلى أنه لو أطلق لم تورث عنه بل تعود بموته إلى المعمر وتكون تمليكا للمنفعة له مدة عمره دون الرقبة وهو قول مالك (والعائد في هبته كالعائد في قيئه) زاد مسلم في روايته فيأكله. قال همام: قال قتادة ولا ألم القيء إلا حراما أي كما بقبح أن يقيء ثم يأكل يقبح أن يعمر أو يرقب ثم يجره إلى نفسه بوجه من الوجوه
(حم ن عن أبن عباس)

(4/393)


5732 - (العمرى والرقبى سبيلهما سبيل الميراث) ينتقل بموت الأخذ لورثته لا إلى المعمر والمرقب وورثتهما خلافا لمالك [ص:394] قال النوري: قال أصحابنا للعمرى ثلاثة أحوال: أحدها أن يقول أعمرتك الدار فإذا مت فلورثتك أو عقبك فتصح اتفاقا ويملك رقبة الدار وهي هبة فإذا مات فلورثته وإلا فلبيت المال ولا يعود للواهب بحال. الثاني أن يقتصر على جعلتها لك عمرك ولا يتعرض لغيره والأصح صحته. الثالث أن يزيد فيقول فإن مت عادت لورثتي فيصح ويلغو الشرط
(طب عن زيد بن ثابت) ورواه عنه ابن حبان باللفظ المذكور ما عدا الرقبى

(4/393)


5733 - (العمرة إلى العمرة) أي العمرة حال كون الزمن بعدها ينتهي إلى العمرة فإلى للانتهاء على أصلها قيل ويحتمل كونها بمعنى مع (كفارة لما بينهما) من الصغائر وظاهر الحديث على الأول أن المكفر هو العمرة الأولى لتقييدها بما قدرناه وعلى الثاني أنهما معا واستشكل كون العمرة كفارة لها مع أن تجنب الكبائر يكفرها وأجيب بأن تكفير العمرة مقيد بزمنها وتكفير التجنب عام لجميع عمر العبد. قال في المطامح: نبه بهذا الحديث على فضل العمرة الموصولة بعمرة اه. وفيه رد على مالك حيث كره أن يعتمر في السنة غير مرة (والحج المبرور) أي الذي لا يخالطه إثم أو المقبول أو ما لا رياء فيه ولا فسوق (ليس له جزاء إلا الجنة) أي لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخل الجنة. قال في المطامح: وقضية جعله العمرة مكفرة والحج جزاؤه الجنة أنه أكمل
(مالك حم ق 4) في الحج (عن أبي هريرة) هذا تصريح بأن الجماعة كلهم رووه لكن استثنى المناوي أبا داود

(4/394)


5734 - (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما من الذنوب والخطايا) أي الصغائر (والحج المبرور) أي الذي لا يشوبه إثم أو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب (ليس له جزاء إلا الجنة) قال ابن القيم: فيه دليل على التفريق بين الحج والعمرة في التكرار إذ لو كانت العمرة كالحج لا يفعله في السنة إلا مرة لسوى بينهما ولم يفرق
(حم عن عامر بن ربيعة) بن كعب بن مالك العنبري بسكون النون حليف آل الخطاب صحابي بدري مشهور. قال الهيثمي: فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف

(4/394)


5735 - (العمرتان تكفران ما بينهما) من الذنوب الصغائر ما اجتنبت الكبائر (والحج المبرور) أي المقبول (ليس له جزاء إلا الجنة) أي دخولها مع السابقين الأولين أو بغير سبق عذاب (وما سبح الحاج من تسبيحة ولا هلل من تهليلة ولا كبر من تكبيرة إلا يبشر بها تبشيرة) أي ما قال سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر إلا بشره الله أو ملائكته بأمره بكل واحدة من الثلاث ببشارة أي بحصول شيء يسره
(هب عن أبي هريرة) فيه من لم أعرفهم ولم أرهم في كتب الرجال

(4/394)


5736 - (العمرة في الحج بمنزلة الرأس من الجسد وبمنزلة الزكاة من الصيام) فيه إشارة إلى وجوب العمرة فلا يكفي الحج عن العمرة ولا عكسه
(فر عن ابن عباس) وفيه إسماعيل بن أبي زياد وهم ثلاثة قد رمي كل منهم بالكذب وجويبر قال الذهبي: قال الدارقطني متروك

(4/394)


[ص:395] 5737 - (العنبر ليس بركاز) فلا زكاة فيه خلافا للحسن لأن الذي يستخرج من البحر لا يسمى ركازا لغة ولا عرفا (بل هو لمن وجده) وهو شيء يقذفه البحر بالساحل أو نبات يخلقه الله في قعره وجنباته أو نبع عين فيه أو شجر ينبت في البحر فينكسر فيلقيه الموج إلى الساحل أو روث دابة بحرية أو غير ذلك. قال ابن القيم: وهو أفخر أنواع الطيب بعد المسك وخطأ من قدمه عليه وضروبه كثيرة وألوانه شتى أبيض وأشهب وأحمر وأصفر وأخضر وأزرق وأسود وهو الأجود ومن منافعه أن يقوي القلب والحواس والدماغ
(ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله

(4/395)


5738 - (العنكبوت شيطان فاقتلوه) هو دويبة تنسج في الهواء جمعه عناكب وننظر بين هذا وبين قوله في الخبر المار جزى الله العنكبوت عنا خيرا الحديث وقد يقال ذاك في معينة نسجت على باب الغار وأما هذا ففي الجنس بأسره
(د في مراسيله) عن ابن الصيفي عن بقية عن الوضين بن عطاء (عن يزيد بن مرشد) أبي عثمان الهمداني الصنعاني من صنعاء دمشق تابعي يرسل كثيرا (مرسلا)

(4/395)


5739 - (العنكبوت شيطان) كان امرأة سحرت زوجها كما في خبر الديلمي فلأجل ذلك (مسخه الله تعالى فاقتلوه) ندبا وروى الثعلبي عن علي طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه يورث الفقر
(عد عن ابن عمر) بن الخطاب قضية تصرف المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه أورده في ترجمة مسلمة بن علي الخشني وقال: عامة حديثه غير محفوظ وفي الميزان هو شامي واه تركوه وقال أبو حاتم: لا يشتغل به والنسائي: متروك والبخاري: منكر الحديث

(4/395)


5740 - (العهد الذي بيننا وبينهم) يعني المنافقين هو (الصلاة) بمعنى أنها موجبة لحقن دمائهم كالعهد في حق المعاهد (فمن تركها فقد كفر) أي فإذا تركوها برئت منهم الذمة ودخلوا في حكم الكفار فنقاتلهم كما نقاتل من لا عهد له. قال في الكشاف: والعهد الوصية وعهد إليه إذا وصاه وقال القاضي: الضمير الغائب للمنافقين شبه الموجب لإبقائهم وحقن دمائهم بالعهد المقتضي لإبقاء المعاهد والكف عنه والمعنى أن العمدة في إجراء الأحكام الإسلام عليهم تشبههم بالمسلمين في حضور صلواتهم ولزوم جماعتهم وانقيادهم للأحكام الظاهرة فإذا تركوها كانوا وسائر الكفار سواء قال التوربشتي: ويؤيد هذا المعنى قوله عليه السلام لما استؤذن في قتل المنافقين إني نهيت عن قتل المصلين قال الطيبي: ويمكن أن يكون الضمير عاما فيمن تابع النبي بالإسلام سواء كان منافقا أم لا
(حم ت ن حب ك) من حديث الحسين بن واقد (عن بريدة) قال الحاكم: صحيح ولا علة له واحتج مسلم بالحسين وقال العراقي في أماليه: حديث صحيح وظاهر كلام المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا ذينك وليس كذلك بل رووه جميعا

(4/395)


5741 - (العيافة) بالكسر زجر الطير (والطيرة) أي التشاؤم بأسماء الطيور وأصواتها وألوانها وجهة سيرها عند تنفيرها كما يتفاءل بالعقاب على العقوبة وبالغراب على الغربة وبالهدهد على الهدى وكما ينظر إن طار إلى جهة اليمين تيمن أو اليسار تشاءم (والطرق) الضرب بالحصى والخط بالرمل (من الجبت) أي من أعمال السحر فكما أن السحر حرام فكذا هذه الأشياء أو مماثل عبادة الجبت في الحرمة قال القاضي: والجبت في الأصل الفشل الذي لا خير فيه وقيل أصله جبس فأبدلت السين تاءا تنبيها على مبالغته في الفشولة ثم استعير لما يعبد من دون الله وللساحر والسحر [ص:396] ولخساستها وعدم اعتبارها وقد فسر في الحديث عن كل واحد منهما ولا بد من إضمار في الأولين مثل إنه مما يماثل عبادة الجبت أو من قبيلها أو من أعمال الجبت أي السحر انتهى
(د) في الطب (عن قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة بن برمة بضم الموحدة وسكون الراء الأسدي قال في التقريب كأصله: مختلف في صحبته ورواه عنه النسائي أيضا في التفسير وقال النووي بعد عزوه لأبي داود: إسناده حسن

(4/395)


5742 - (العيادة) بمثناة تحتية أي زيارة المريض (فواق) بالضم والتخفيف وفيه ندب تخفيف الزيارة فلا يطيل القعود عند المريض لشغله بالمرض وقد تعرض له حاجة (ناقة) أي قدر الزمن الذي بين حلبتي الناقة وقال الطيبي: فواق خبر المبتدأ أي زمن العيادة قدر فواق ناقة
(هب عن أنس) ورواه عنه الديلمي بلا سند

(4/396)


5743 - (العيدان) عيد الأضحى وعيد الفطر (واجبان على كل حالم) أي محتلم (من ذكر أو أنثى) يعني صلاته واجبة على كل من بلغ من الرجال والنساء والمراد أن ذلك متأكد الندب بحيث يقرب من الوجوب
(فر عن ابن عباس) وفيه عمرو بن شمس قال الذهبي: تركوه

(4/396)


5744 - (العين حق) يعني الضرر الحاصل عنها وجودي أكثري لا ينكره إلا معاند وقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد وتدخل البستان فتضر بكثير من العروش بغير مس والصحيح ينظر إلى الأرمد فقد يرمد ويتثاءب واحد بحضرته فيتثاءب هو وقد ذكروا أن جنسا من الأفاعي إذا وقع بصره على الإنسان هلك وحينئذ فالعين قد تكون من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون وقد أجرى الله عادته بوجود كثير من القوى والخواص والأجسام والأرواح كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيحدث في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه وذلك بواسطة ما خلق الله في الأرواح من التأثيرات ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين وليست هي المؤثرة إنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية بغير اتصال ومنها ما يؤثر بالمقابلة ومنها ما يؤثر بتوجه الروح كالحادث من الأدعية والرقى والالتجاء إلى الله ومنها ما يقع بالتوهم والتخييل فالخارج من عين العائن سهم معيون إن صادف البدن ولا وقاية لأثر فيه وإلا فلا كالسهم الحسي وقد يرجع على العائن
(حم ق د ن عن أبي هريرة عن عامر بن ربيعة)

(4/396)


5745 - (العين حق) أي الإصابة بالعين من جملة ما تحقق كونه (تستنزل الحالق) أي الجبل العالي قال الحكماء: والعائن يبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعان فيهلك أو يهلك نفسه قال: ولا يبعد أن تنبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العين فتتصل بالمعين وتخلل مسام بدنه فيخلق الله الهلاك عندها كما يخلقه عند شرب السم وهو بالحقيقة فعل الله قال المازري: وهذا ليس على القطع بل جائز أن يكون وأمر العين مجرب محسوس لا ينكره إلا معاند
(حم طب ك) في الطب (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي عقب عزوه لأحمد والطبراني: فيه دويد البصري قال أبو حاتم لين وبقية رجاله ثقات

(4/396)


5746 - (العين) أي الإصابة بالعين (حق) أي كائن مقضي به في الوضع الإلهي لا شبهة في تأثيره في النفوس والأموال [ص:397] قال القرطبي: هذا قول عامة الأمة ومذهب أهل السنة وأنكره قوم مبتدعة وهم محجوجون بما يشاهد منه في الوجود فكم من رجل أدخلته العين القبر وكم من جمل أدخلته القدر لكن بمشيئة الله تعالى ولا يلتفت إلى معرض عن الشرع والعقل فتمسك باستبعاد لا أصل له فإنا نشاهد من خواص الأحجار وتأثير السحر ما يقضي منه العجب وتحقق أن ذلك فعل مسبب كل سبب (ولو كان شيء سابق القدر) بالتحريك أي لو أمكن أن يسبق شيء القدر في إفناء شيء وزواله قبل أوانه المقدر له (لسبقته) أي القدر (العين) لكنها لا تسبق القدر فإنه تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة فإنهم بعد التقدير خلقوا قال القرطبي: فقوله ولو كان مبالغة في تحقيق إصابة العين تجري مجرى التمثيل إذ لا يرد القدر شيء فإنه عبارة عن سابق علمه تعالى ونفوذ مشيئته ولا راد لأمره ولا معقب لحكمه فهو كقولهم لأطلبنك ولو تحت الثرى ولو صعدت السماء فأجرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين لأن القدر لم يرده شيء وقال القاضي: معناه أن إصابة العين لها تأثير ولو أمكن أن يعاجل القدر شيء فيؤثر في إفناء شيء وزواله قبل أوانه المقدر لسبقته العين (وإذا استغسلتم فاغتسلوا) خطاب لمن يتهم بأنه عائن أي إذ أمر العائن بما اعتيد عندهم من غسل أطرافه وما تحت إزاره ويصب غسالته على المعيون فليفعل ندبا وقيل وجوبا ويتعين المصير إليه عند خوف محذور بالمعان وغلب على الظن برؤه بالاغتسال وذلك لأنه كما يؤخذ ترياق لسم الحية من لحمها يؤخذ علاج هذا من أثر النفس الغضبية وأثر تلك العين كشعلة نار أصابت الجسد ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة ذكره ابن القيم وبه يعرف أن ما صار إليه المازري من أنه تعبدي إنما هو لخفاء وجه الحكمة عليه قال ابن القيم: وهذا لا ينتفع به من أنكره ولا من فعله بقصد التجربة <تنبيه> عدوا من خصائص نبينا الاسغتسال من العين وأنه يدفع ضررها
(حم م) في الطب (عن ابن عباس) ولم يخرجه البخاري

(4/396)


5747 - (العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم) فالشيطان يحضرها بالإعجاب بالشيء وحسد ابن آدم بغفلة عن الله فيحدث الله في المنظور علة يكون النظر بالعين سببها فتأثيرها بفعل الله لكن لما كان الناظر منهيا عن النظر لحقه الوعيد بجنايته المنهي عنها وهي النظر إلى شيء على غلة واستحسانه والحسد عليه من غير ذكر الله
<تنبيه> نقل ابن بطال عن بعضهم منع العائن من مداخلة الناس ولزوم بيته كالمجذوم بل أولى ونفقة الفقير في بيت المال قال النووي: وهو صحيح متعين لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه
(الكجي في سننه) والقضاعي (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول شنيع فقد رواه باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور أحمد في المسند قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح

(4/397)


5748 - (العين تدخل الرجل القبر) أي تقتله فيدفن في القبر (وتدخل الجمل القدر) أي إذا أصابته مات أو أشرف على الموت فذبحه مالكه وطبخه في القدر يعني أن العين داء والداء يقتل فينبغي للعائن أن يبادر إلى ما يعجبه بالبركة ويكون ذلك رقية منه <فائدة> أخرج ابن عساكر أن سعيدا الساجي من كراماته أنه قيل له: احفظ ناقتك من فلان العائن فقال: لا سبيل له عليها فعانها فسقطت تضطرب فأخبر الساجي فوقف عليه فقال: بسم الله حبس حابس وشهاب قابس رددت عين العائن عليه وعلى أحب الناس إليه وعلى كبده وكلوتيه وشيق وفي ماله يليق فأرجع البصر هل ترى من فطور الآية فخرجت حدقنا العائن وسلمت الناقة
(عد حل) من حديث شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن الثوري عن ابن المنكدر (عن جابر) وقال: غريب من حديث الثوري تفرد به معاوية اه. (عن أبي ذر) قال السخاوي: تفرد به شعيب بن أيوب عن معاوية عن هشام [ص:398] قال الصابوني: وبلغني أنه قيل له ينبغي أن تمسك عن هذه الرواية ففعل

(4/397)


5749 - (العين وكاء السه) بفتح السين وكسر الهاء مخففا أي حفاظه عن أن يخرج منه شيء والوكاء بالكسر ما يشد به الكيس أو نحوه والسه الدبر (فمن نام فليتوضأ) وجوبا قال الزمخشري: جعل اليقظة للإست كالوكاء للقربة وهو الخيط الذي يشد بها فوها والسه الإست أصله سته فحذفت العين كما حذفت في مذ وإذا صغرت ردت فقيل ستيه اه. وقال البيضاوي: الوكاء ما يشد به الشيء والسه الدبر والمعنى أن الإنسان إذا تيقظ أمسك ما في بطنه فإذا نام زال اختياره واسترخت مفاصله فلعله يخرج منها ما ينقض طهره وذلك إشارة إلى أن نقض الطهارة بالنوم وسائر ما يزيل العقل ليس لأنفسها بل لأنها مظنة خروج ما ينتقض الطهر به ولذلك خص منه نوم ممكن المقعدة وقال الطيبي: شبه عين الإنسان وجوفه ودبره بقربة لها فم مشدود بخيط وشبه ما يطلقه من الغفلة عند النوم بحل ذلك الخيط من فم القربة وفيه تصوير لقبح صدور هذه الغفلة من الإنسان
(حم هـ) وكذا أبو داود (عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد قال عبد الحق: حديث علي هذا ليس بمتصل قال ابن القطان: هو كما قال لكن بقي عليه أن يبين أنه من رواية بقية وهو ضعيف عن الوضين وهو واه فهاتان علتان مانعتان عن تصحيحه اه ولما رواه عبد الله بن أحمد وجده في كتاب أبيه بخط يده قال: كان في المحنة وقد ضرب على هذا الحديث في كتابه اه وقال الساجي: حديث منكر وقال ابن حجر: أعله أبو زرعة وأبو حاتم بالانقطاع بين علي والتابعي اه وقال الذهبي: الوضين لين وابن عائد لم يلحق عليا

(4/398)


5750 - (العين) وفي رواية العينان (وكاء السه فإذا نامت استطلق الوكاء) أي انحل كنى بالعين عن اليقظة لأن النائم لا عين له تبصر قال القاضي: الوكاء ما يشد به الشيء والسه الدبر بمعنى أن الإنسان إذا تيقظ أمسك ما في بطنه فإذا نام زال اختياره واسترخت مفاصله فلعله يخرج منها ما ينقض طهره وذلك إشارة إلى أن نقض الطهارة بالنوم وكل ما يزيل العقل ليس لأنفسها بل لكونها مظنة خروج ما ينتقض الطاهر به ولهذا خص علي النوم ممكنا مقعدته لأن الصحب كانوا ينامون قعودا حتى تخفض رؤوسهم الأرض ثم يصلون فإن قيل ينتقض بقوله إذا نامت العينان إلخ قلنا مخصوص بما ذكر وإلا لزم النسخ
(هق) من حديث بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس (عن معاوية) رمز المصنف لصحته وهو زلل فقد تعقبه البيهقي نفسه فقال: أبو بكر ضعيف وأقره عليه الذهبي في المهذب ثم رواه عن مروان بن جناح عن عطية عن معاوية موقوفا وقال: مروان أثبت من أبي بكر وقال ابن عبد البر: حديث علي ومعاوية ضعيفان ولا حجة فيهما من جهة النقل وقال مغلطاي لما سئل عن هذين الحديثين: حديث علي أثبت وقال ابن حجر: حديث معاوية ضعيف جدا وقال الذهبي: فيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف جدا ورواه الدارقطني بهذا اللفظ من هذا الوجه قال الغزالي في مختصره: وأبو بكر عبد الله بن أبي مريم قال عبد الحق: هو عندهم ضعيف جدا قال: وحديث علي غير متصل

(4/398)


5751 - (العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني) والعينان أصل زنا الفرج فإنهما له رائدان وإليه داعيان وقد سئل المصطفى صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمر السائل أن يصرف بصره فأرشده إلى ما ينفعه ويدفع ضرره وقال لابن عمه علي تحذيرا مما يوقع في الفتنة ويورث الحسرة لا تتبع النظرة النظرة أما سمعت قول العقلاء من سرح ناظره أتعب خاطره ومن كثرت لحظاته دامت حسراته وضاعت أوقاته؟
نظر العيون إلى العيون هو الذي. . . جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا [ص:399]
(حم طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: سنده جيد وقال المنذري: صحيح ورواه عنه أيضا أبو يعلى والبزار ورواه ابن حبان عن أبي هريرة قال ابن حجر: وأصله في البخاري

(4/398)


5752 - (العينان دليلان والأذنان قمعان) أي يتبعان الأخبار ويحدثان بها القلب قال الزمخشري: من المجاز ويل لأقماع القول وهم الذين يسمعون ولا يعون وفلان قمع الأخبار يتبعها ويحدث بها ويقول ما لكم أسماع وإنما هو إقماع (واللسان ترجمان) أي يعبر عما في القلب (واليدان جناحان والكبد رحمة والطحال ضحك والرئة نفس والكليتان مكر والقلب ملك) هذه الأعضاء كلها وهي رعيته (فإذا صلح الملك صلحت رعيته وإذا فسد الملك فسدت رعيته) فالقلب هو العالم بالله وهو العاقل لله وهو الساعي إلى الله وهو المتقرب إليه وهو المكاشف بما عند الله ولديه وإنما الجوارح أتباع وخدم وآلات يستخدمها القلب ويستعملها استعمال الملك لعبيده واستخدام الراعي لرعيته والقلب هو المخاطب والمعاتب والمطالب والمعاقب وهو المطيع بالحقيقة لله وإنما الذي ينشر على الجوارح من العبادات أنواره وهو العاصي المتمرد على الله وإنما فواحش الأعضاء آثاره وإظلامه واستنارته تظهر محاسن الظاهر ومساويه إذ كل وعاء يرشح بما فيه وهو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وهو الذي إذا جهله الإنسان فقد جهل نفسه وإذا جهل نفسه جهل ربه ومن جهل قلبه فهو بغيره أجهل وأكثر الخلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم وقد حيل بينهم وبين أنفسهم فإن الله يحول بين المرء وقلبه وحيلولته بأن يمنعه عن مشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن وأنه كيف يهوي مرة إلى أسفل سافلين وينخفض إلى أفق الشياطين وكيف يرتفع إلى أعلى عليين ويرتقي إلى عالم الملائكة المقربين ومن ثم من لم يعرف قلبه ليراقبه ويترصد ما يلوح من خزائن الملكوت عليه وفيه فهو من الذين {نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون} إذا علمت ذلك فالقلب في وسط مملكة كالملك وتجري القوة الخيالية المودعة في مقدم الدماغ مجرى صاحب بريده إذ تجتمع أخبار المحسوسات عنده وتجري القوة الحافظة التي مسكنها مؤخر الدماغ مجرى خازنه ويجري اللسان مجرى ترجمانه وتجري الأعضاء المتحركة مجرى كتابه وتجري الحواس الخمسة مجرى جواسيسه فيوكل كل واحد بأخبار صقع من الأصقاع فيوكل العين بأنواع الألوان والسمع بعالم الأصوات والشم بعالم الروائح وكذا سائرها فإنها أصحاب أخبار يلتقطونها من هذه العوالم ويؤدونها إلى القوة الخيالية التي هي كصاحب البريد ويسلم صاحب البريد إلى الخازن وهي القوة الحافظة ويعرضها الخازن على الملك فيقتبس منه ما يحتاجه في تدبير مملكته وقمع عدوه الذي هو مبتلى به ودفع قواطع طريق سفره عليه فإذا فعل ذلك كان موفقا سعيدا شاكرا وإذا عطل هذه الجملة واستعملها في رعاية أعداءه وهي الشهوة والغضب وسائر الحظوظ العاجلة وفي عمارة طريقه التي هي الدنيا دون منزله ومستقره الذي هو الآخرة كان مخذولا شقيا كافرا لنعمة الله فيستحق المقت والإبعاد في المنقلب والمعاد إذا تدبرت ذلك عرفت أن هذا الحديث ضربه المصطفى صلى الله عليه وسلم مثالا لذلك ولله دره
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عد وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي سعيد) الخدري (الحكيم) الترمذي (عن عائشة) وسببه أنه دخل عليها كعب الأحبار فقال لها ذلك فقالت هذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4/399)