فيض القدير شرح
الجامع الصغير [تابع حرف الميم]
(6/1)
8196 -[ص:2] (مكارم الأخلاق عشرة) هذا
الحصر إضافي باعتبار المذكور هنا (تكون في الرجل ولا تكون
في ابنه وتكون في الابن ولا تكون في الأب وتكون في العبد
ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن أراد به السعادة: صدق
الحديث) لأن الكذب يجانب الإيمان لأنه إذا قال كذا ولم يكن
قد افترى على الله بزعمه أنه كونه فصدق الحديث من الإيمان
(وصدق الناس) لأنه من الثقة بالله شجاعة وسماحة (وإعطاء
السائل) لأنه من الرحمة (والمكافأة بالصنائع) لأنه من
الشكر (وحفظ الأمانة) لأنه من الوفاء (وصلة الرحم) لأنها
من العطف (والتذمم للجار) لأنه من نزاهة النفس (والتذمم
للصاحب وإقراء الضيف) لأنه من السخاء فهذه مكارم الأخلاق
الظاهرة وهي تنشأ من مكارم الأخلاق الباطنة (ورأسهن) كلهن
(الحياء) لأنه من عفة الروح فكل خلق من هذه الأخلاق مكرمة
لمن منحها يسعد بالواحد منها صاحبها فكيف بمن جمعت له
كلها؟ والأخلاق الحسنة كثيرة وكل خلق حسن فهو من أخلاق
الله والله يحب التخلق بأخلاقه فكل مكرمة من هذه الأخلاق
يمنحها العبد فهي له شرف ورفعة في الدارين. وخرج البيهقي
والحاكم والحكيم أن عليا كرم الله وجهه قال: سبحان الله ما
أزهد الناس في الخير عجب لرجل يجيئه أخوه لحاجة لا يرى
نفسه للخير أهلا فلو كنا لا نرجو ثوابا ولا نخاف عقابا
لكان لنا أن نطلب مكارم الأخلاق لدلالتها على النجاح فقام
إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أسمعت هذا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: نعم وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن
العاص لو أن المكارم كانت سهلة لسابقكم إليها اللثام لكنها
كريهة مرة لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها
(الحكيم) الترمذي (هب) كلاهما من طريق أيوب الوزان عن
الوليد بن مسلم عن ثابت عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة (عن
عائشة) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح ولعله من كلام بعض
السلف وثابت بن يزيد ضعفه يحيى والوليد بن الوليد قال
الدارقطني: منكر الحديث قال الحاكم: وفي اللسان ثابت بن
يزيد الذي أدخله الوليد بينه وبين الأوزاعي مجهول وينبغي
الحمل فيه عليه قال البيهقي في الشعب عقبه: وروي بإسناد
آخر ضعيف موقوف على عائشة وهو به أشبه اه. وهو به صريح في
شدة ضعف المرفوع الذي آثره المصنف
(6/2)
8197 - (مكان الكي التكميد) أي يقوم مقامه
ويغني عنه لمن ناب علته الكي وهو أن يسخن خرقة وسخة دسمة
وتوضع على العضو والوجع مرة بعد أخرى ليسكن والخرقة
الكمادة ذكره الزمخشري (ومكان العلاق السعوط) أي بدل إدخال
الأصبع في حلق الطفل عند سقوط لهاته أن يسعط بالقسط البحري
مرة على مرة (ومكان النفخ للدود) يعني أن هذه الثلاثة تبدل
من هذه الثلاثة وتوضع محلها فتؤدي مؤداها في النفع والشفاء
وهي أسهل مأخذا وأقل مؤونة. ذكره الزمخشري
(حم عن عائشة)
(6/2)
[ص:3] 8198 - (مكتوب في الإنجيل كما تدين)
بفتح التاء وكسر الدال بضبط المصنف (تدان) بضم التاء بضبطه
قال الزمخشري: سمي الفعل المجازي فيه باسم الجزاء كما سميت
الإجابة باسم الدعوة في قوله تعالى {له دعوة الحق} وفي
الفردوس الدين يحتمل معان وهنا الجزاء يعني كما تجازي
تجازى وقيل كما تصنع يصنع بك (وبالكيل الذي تكيل تكتال)
وعليه قيل:
فان كنت قد أبصرت هذا فإنما. . . يصدق قول المرء ما هو
فاعله
ففيك إلى الدنيا اعتراض وإنما. . . يكال لدى الميزان ما
أنت كايله
وقد خانت الدنيا قرونا تتابعوا. . . كما خان أعلا البيت
يوما أسافله
(فر عن فضالة بن عبيد) ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده
في مسند الفردوس وليس كذلك بل ذكره بغير سند وبيض له ولده
وروى الإمام أحمد في الزهد بسند عن مالك بن دينار قال:
مكتوب في التوراة كما تدين تدان وكما تزرع تحصد
(6/3)
8199 - (مكتوب في التوراة من بلغت له ابنة
اثنتي عشرة سنة فلم يزوجها فأصابت إثما) يعني زنت فإثم ذلك
عليه لأنه السبب فيه بتأخير تزويجها المؤدي إلى فسادها.
وذكر الاثنتي عشرة سنة لأنها مظنة البلوغ المثير للشهوة
(هب عن عمر) بن الخطاب (وعن أنس) بن مالك وحديث أنس هذا
أورده البيهقي من طريق شيخه الحاكم قال عقبه: قال الحاكم:
هذا وجده في أصل كتابه يعني بكر بن محمد عبدان الصدفي وهذا
الإسناد صحيح والمتن شاذ بمرة قال البيهقي: إنما نرويه
بالإسناد الأول وهو بهذا الإسناد منكر
(6/3)
8200 - (مكتوب في التوراة من سره أن تطول
حياته ويزاد في رزقه فليصل رحمه) فإن صلة الرحم تزيد في
العمر وفي الرزق وقد مر معنى هذا في عدة أخبار
(ك) في البر والصلة (عن ابن عباس) وقال: صحيح وأقره الذهبي
وقال المنذري: رواه الحاكم والترمذي بإسناد لا بأس به
(6/3)
8201 - (مكة أم القرى) قال المصنف في ساجعة
الحرم: عن مجاهد وغيره خلق الله موضع البيت الحرام من قبل
أن يخلق الأرض بألفي عام وكان موضع البيت حشفة على الماء
ترى ومنها دحيت الأرض ولذلك سميت أم القرى ولها أيضا أسماء
كثيرة
(عد عن بريدة) قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح وهشام
بن مصك أحد رجاله قال أحمد: مطروح الحديث وقال الفلاس:
متروك
(6/3)
8202 - (مكة مناخ) بضم الميم أي محل للمناخ
أي إبراك الإبل ونحوها (لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها)
لأنها غير مختصة بأحد بل هي موضع لأداء المناسك قال أبو
حنيفة: فأرض الحرم موقوفة فلا يجوز تملكها لأحد. وتأول
الحديث من أجاز بيع دورها بأنه إنما منع من ذلك لنفسه
وصحبه لكونهم هاجروا منها لله فلا يرجعون في شيء منها. (1)
(ك) في البيع من حديث إسماعيل ضعفوه فالصحة من أين؟ وعده
في الميزان من مناكير إسماعيل هذا
_________
(1) [وقال في السراج المنير: وبه أخذ أبو حنيفة فقال لا
يجوز تملكها لأحد وخالفه الجمهور فأولوا الخبر. انتهى من
السراج المنير. فليعلم قليلوا العلم والمطالعة من
المتعصبين عن حقيقة التزام أبي حنيفة بنص الحديث وتركه
الرأي خلاف ما يتوهمون. ومثل هذه المواقف كثيرة حيث يأخذ
بظاهر الحديث ويترك الرأي والتأويل وإن خالفه غيره من
المجتهدين جزاهم الله الخير أجمعين. دار الحديث]
(6/3)
[ص:4] 8203 - (ملئ) بضم الميم وفتح الهمزة
بضبطه (عمار) بن ياسر (إيمانا إلى مشاشه) بضم الميم
ومعجمتين أولاهما خفيفة يعني اختلط الإيمان بلحمه ودمه
وعظمه وامتزج بسائر أجزائه امتزاجا لا يقبل التفرقة فلا
يضره الكفر حين أكرهه عليه كفار مكة بضروب العذاب وفيه نزل
{إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال في الفتح: وهذه
الصفة لا تقع إلا ممن أجاره الله الشيطان الرجيم ومن ثم
جاء عن ابن مسعود في الصحيح أن عمارا أجاره الله من
الشيطان
(هـ عن علي) أمير المؤمنين (ك عن ابن مسعود) وفي الباب
عائشة عند البزار قالت: ما أحد من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمار فإني سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ عمار إيمانا إلى
مشاشه. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في
الفتح: إسناده صحيح قال: وقد جاء في حديث آخر عمار ملئ
إيمانا إلى مشاشه خرجه النسائي بسند صحيح اه
(6/4)
8204 - (ملعون من أتى امرأة في دبرها) أي
جامعها فيه فهو من أعظم الكبائر إذا كان هذا في المرأة
فكيف بالذكر وما نسب إلى مالك في كتاب السر من حل دبر
الحليلة أنكره جمع
(حم د) وكذا النسائي وابن ماجه كلهم في النكاح من طريق سهل
بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد (عن أبي هريرة) قال ابن
حجر: والحارث بن مخلد ليس بمشهور وقال ابن القطان: لا يعرف
حاله وقد اختلف فيه على سهل اه فرمز المصنف لصحته غير مسلم
(6/4)
8205 - (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من
سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا) قال الحافظ
العراقي: لعنة فاعل ذلك لا يناقضها ما مر من استعاذة النبي
صلى الله عليه وسلم بوجه الله لأن ما هنا في جانب طلب
تحصيل الشيء إما في دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس به أو
النهي إنما هو عن سؤال المخلوقين به وكنى عن سؤال الله به
في الأمور الدنيوية
(طب عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي في
شرح العمدة: إسناده حسن وقال الهيثمي: فيه من لم أعرفه
وقال في موضع آخر: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن
صالح وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح
(6/4)
8206 - (ملعون من ضار) بالفتح مصدر ضره
يضره إذا فعل به مكروها (مؤمنا أو مكر به) أي خدعه بغير حق
أي هو مبعود من رحمة الله يوم القيامة جزاء على فعله حتى
يسترضي خصمه أو يدركه الله بعفوه
(ت) في البر (عن أبي بكر) الصديق وقال: غريب ولم يبين لم
لا يصح وذلك لأن فيه فرقد السنجي وهو وإن كان صالحا حديثه
منكر قال البخاري: وساقه في الميزان من مناكيره وفيه أبو
سلمة الكندي قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: تركوه
(6/4)
8207 - (ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه)
إنما استحق ساب أبويه اللعن لمقابلته نعمة الأبوين
بالكفران وانتهائه إلى غاية العقوق والعصيان كيف وقد قرن
الله برهما بعبادته - وإن كانا كافرين - وبتوحيده وشريعته
(ملعون من ذبح لغير الله) قال القرطبي: إن كان المراد
الكافر الذي ذبح للأصنام فلا خفاء بحاله وهي التي أهل بها
والتي قال الله فيها {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله
عليه} وأما إن كان مسلما فتناوله عموم هذا اللعن لا تحل
ذبيحته لأنه لا يقصد به الإباحة الشرعية وقد [ص:5] مر أنها
شرط في الذكاة ويتصور ذبح المسلم لغير الله فيما إذا ذبح
مجربا لآلة الذبح أو اللهو ولم يقصد الإباحة وما أشبهه
وقال بعضهم: ذهب داود وإسحاق وعكرمة إلى أن ما ذبحه غير
المالك تعديا كالسارق لا يوكل وهو قول شاذو الأئمة الأربعة
علي حله لوقوع الذكاة بشروطها من المتعدي (ملعون من غير
تخوم الأرض) أي معالمها وحدودها قال الزمخشري: روي بضم
أوله وفتحه وهي مؤنثة والتخوم جمع لا واحد له وقيل وواحدها
تخم والمراد تغيير حدود الحرم التي حددها إبراهيم وهو عام
في كل حد ليس لأحد أن يزوي من حد غيره شيئا اه. وقيل أراد
المعالم التي يهتدى بها في الطريق قال القرطبي: والمغير
لها إن أضافها إلى ملكه فغاصب وإلا فمتعد ظالم مفسد لملك
الغير (ملعون من كمه أعمى عن طريق ملعون من وقع على بهيمة)
أي جامعها (ملعون من عمل بعمل قوم لوط) من إتيان الذكور
شهوة من دون النساء وأخذ من اقتصاره على اللعنة وعدم ذكره
القتل أن كلا منهما لا يقتل وعليه الجمهور وذهب البعض إلى
قتلهما تمسكا بخبر اقتلوا الفاعل والمفعول به وخبر من
وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وفي كل
مقال
(حم عن ابن عباس) وفيه محمد بن سلمة فإن كان السعدي فواهي
الحديث أو البناني فتركه ابن حبان كما بينه الذهبي وفيه
محمد بن إسحاق وفيه عمرو بن أبي عمرو لينه يحيى
(6/4)
8208 - (ملعون من فرق) بالتشديد زاد
الطبراني في روايته بين الوالدة وولدها وبين الأخ وأخيه
اه. والمراد أنه مبعود من منازل الأخيار ومواطن الأبرار لا
أنه مطرود من الرحمة بالكلية فالتفريق بين الأصل وفرعه في
بعض صوره حرام شديد التحريم وفي بعضها مكروه شديد الكراهة
لما فيه من البلاء العظيم والخطر الجسيم ومن ثم قيل:
لقتل بحد السيف أسهل موقعا. . . على النفس من قتل بحد فراق
أما بين الأخوين والأختين فجوزه الشافعي مطلقا ومنعه أبو
حنيفة أخذا بمثل هذا الخبر واختلف أصحاب مالك في ذلك فجوزه
بعضهم حتى بين الأصل والفرع ومنعه آخرون وأجازه بعض منهم
بالإذن دون غيره
(ك) في البيع (هق) كلاهما (عن عمران) بن الحصين قال
الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني عن عمران من
هذا الوجه
(6/5)
8209 - (ملعون من لعب بالشطرنج) بكسر الشين
بضبط المصنف. قال في درة الغواص: يقولون للعبة الهندية
الشطرنج بالشين والقياس كسرها لأن الاسم الأعجمي إذا عرب
رد إلى ما يستعمل من نظائره وزنا وصيغة وليس في كلامهم
فعلنل بكسرها وقد جوزوا كونه بشين معجمة من المشاطرة
وبمهملة من التسطير (والناظر إليها كآكل لحم الخنزير) قال
الذهبي: وأكل لحم الخنزير حرام بإجماع المسلمين ومن ثم ذهب
أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى تحريمه أعني الشطرنج وقال
الشافعي: يكره ولا يحرم فقد لعبه جماعة من الصحب ومن لا
يحصى من التابعين ومن بعدهم وقال الحافظ: لم يثبت في
تحريمه حديث صحيح ولا حسن
(عبدان) في الصحابة (وأبو موسى) في الذيل (وابن حزم) كلهم
في الصحابة من طريق عبد المجيد بن أبي داود عن ابن جريج
(عن حبة بن مسلم مرسلا) هو تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث
وفي الميزان إنه خبر منكر اه. وروى الجملة الأولى منه
الديلمي من حديث أنس وقضية صنيع المؤلف أن مخرجيه سكتوا
عليه والأمر بخلافه بل قال عقبه ابن حزم: حبة مجهول
والإسناد منقطع وقال ابن القطان: حبة مجهول [ص:6] قال:
وقيل: إنه حبة بن سلمة أخو شقيق بن سلمة وهو لا يعرف أيضا
كذا في الإصابة
(6/5)
8210 - (ملك موكل بالقرآن فمن قرأه من
أعجمي أو عربي فلم يقومه قومه الملك ثم رفعه) إلى الله
(قواما) والمراد بعدم تقويمه تحريفه واللحن فيه لحنا يغير
المعنى لكن الذي يتجه أن هذا في غير العامد أما هو فإنه
إذا قرأه محرفا فليس بقرآن
(الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع
المؤلف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من الشيرازي مع أن الحاكم
والديلمي خرجاه
(6/6)
8211 - (مملوكك يكفيك) أي مؤونة الخدمة
(فإذا صلى فهو أخوك) أي في الإسلام (فأكرموهم) أي المماليك
(كرامة أولادكم) أي مثلها (وأطعموهم مما تأكلون) أي من جنس
أقواتكم والأكمل من نفس طعامكم بأن يأكل السيد وعبده من
إناء واحد
<تنبيه> قال ابن العربي: سابقة الحرية عليها خلق الإنسان
لكنه لما عصى الله ضرب له الرق وأدخله تحت ذل المملوكية
وجعل في ذلك رفقا للأحرار وإبقاء الرق على النسل أثر من
آثار الكفر يعمل على أصله حتى إذا تأكدت العقوبة واستمرت
وقع الزجر موقعه كما أن العدة لما كانت أثرا من آثار
النكاح عملت عمل أصلها في جمل من الأحكام
(هـ عن أبي بكر) الصديق
(6/6)
8212 - (من الله تعالى لا من رسوله لعن
الله قاطع السدر) أي سدر الحرم
(طب هق عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي بعد ما عزاه
للطبراني: فيه يحيى بن الحارث قال العقيلي: لا يصح حديثه
يعني هذا الحديث اه وقال الذهبي بعد ما عزاه للبيهقي: ضعيف
جدا وفي معناه أحاديث أخر كلها ضعيفة إلا خبر جريج
(6/6)
8213 - (من البر أن تصل صديق أبيك) أي في
حياته وبعد موته وفي رواية مرت: إن أبر البر أن يصل الرجل
أهل ود أبيه والبر هو الإحسان وأبر البر أحسنه وأفضله وأبر
البر من قبيل جل جلاله وجد جده وجعل الجد جادا وإسناد
الفعل إليه وجعل الجلال جليلا وإسناد الفعل إليه فجعل البر
بارا ويبنى منه أفعل التفضيل وكذا كل ما هو من هذا القبيل
نحو أفضل الفضل وأفجر الفجور وكون ذلك من البر لأن الولد
إذا وصل ود أبيه اقتضى ذلك الترحم عليه والثناء الجميل
فتصل إلى روحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياء
وذلك أشد من كونه بارا في حياته
(طس عن أنس) بن مالك. قال الهيثمي: وفيه عنبسة بن عبد
الرحمن القرشي وهو متروك اه. وبه يعرف ما في رمز المؤلف
لحسنه
(6/6)
8214 - (من التمر والبسر) بكسر الباء بضبط
المصنف (خمر) أي إن الخمر التي جاء القرآن بتحريمها تصنع
منهما لأن ذلك يختص بما صنع من العنب كما ذهب إليه
الكوفيون وقد خطب عمر رضي الله عنه على المنبر بحضرة أكابر
الصحب وبين أن المراد بالخمر في الآية ليس خاصا بالمتخذ من
العنب بل يتبادل المتخذ من غيرها وأن الخمر ما خامر العقل
أي ستره من أي شيء كان
(طب عن جابر) رمز لحسنه وظاهر عدوله للطبراني واقتصاره
عليه أنه لم يخرجه أحد من الستة [ص:7] وليس كذلك بل خرجه
أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير يرفعه
بزيادة ولفظه إن من الحنطة خمرا وإن من الشعير خمرا ومن
التمر خمرا ومن الزبيب خمرا ومن العسل خمرا اه. وقال
الترمذي: حسن غريب وقال الصدر المناوي: سنده صحيح
(6/6)
8215 - (من الجفاء) وهو ترك البر والصلة
وغلظ الطبع (أن أذكر عند الرجل) لم يرد رجلا معينا فهو
كالنكرة فعومل معاملتها كما في قوله: " ولقد أمر على
اللئيم يسبني " بل وذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان
ولو أنثى أو خنثى (فلا يصلي علي) لغلظ طبعه وعدم مروءته
فمن ذكر عندهم ولم يصل عليه فقد جفاه ولا يجوز لمؤمن
لمنافاته كمال حبه ومن هذا الحديث ونحوه أخذ جمع من الأئمة
من المذاهب الأربعة وجوب الصلاة عليه كلما ذكر
(عب عن قتادة مرسلا) ورواه عنه أيضا النميري وعبد الرزاق
في جامعه قال القسطلاني: ورواته ثقات اه
(6/7)
8216 - (من الحنطة خمر ومن التمر خمر ومن
الشعير خمر ومن الزبيب خمر ومن العسل خمر) تمامه عند مخرجه
وأنا أنهاكم عن كل مسكر ولأبي داود من وجه آخر عن الشعبي
عن النعمان بلفظ إن من العنب خمرا وإن من العسل خمرا وإن
من البر خمرا وإن من الشعير خمرا ولأحمد من حديث أنس بسند
قال ابن حجر: صحيح " الخمر من العنب والعسل والحنطة
والشعير والذرة وفي رواية الخلعي ذكر الزبيب بدل الشعير
قال البيهقي: ليس المراد الحصر فيما ذكر بل إن الخمر يتخذ
من غير العنب وجعل الطحاوي هذه الأحاديث متعارضة وأجيب
بحمل حديث جابر وما أشبهه على الغالب أي أكثر ما يتخذ
الخمر من العنب والبسر وحمل هذا الحديث على إرادة استيعاب
ذكر ما عهد حينئذ أنه يتخذ منه الخمر والحاصل أن المراد
بيان أن الخمر يطلق على ما لا يتخذ من العنب لا خصوص
المذكورات وإذا ثبت كون كل مسكر خمرا من الشارع كان حقيقة
شرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية فالمتخذ من هذه
المذكورات يحرم شربه ويحد شاربه عند الشافعي ومالك وأحمد
وهو حجة على أبي حنيفة في قوله: إنما يحرم عصير تمر أو عنب
(هـ حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر: ومن هذا الوجه
خرجه أصحاب السنن
(6/7)
8217 - (من الزرقة يمن) يعني أن زرقة عين
الإنسان دالة على البركة والخير غالبا لسر علمه الشارع
(خط عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وأقره
والأمر بخلافه فانه أورده في ترجمة إسماعيل بن أبي إسماعيل
المؤدب وذكر أنه ضعيف منكر الحديث لا يحتج به اه. وأقول:
فيه أيضا الحارث بن أبي أسامة صاحب المسند أورده الذهبي في
الضعفاء والمتروكين وقال: ضعيف وسليمان بن أرقم قال
الذهبي: تركوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال:
سليمان متروك وإسماعيل لا يحتج به
(6/7)
8218 - (من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت
طلق الوجه) أي ببشاشة وإظهار بشر فإن فاعل ذلك يكتب له به
ثواب التصدق بشيء من ماله لأنه من الإحسان المأمور به
(هب عن الحسن البصري مرسلا)
(6/7)
8219 - (من الصدقة أن تعلم) بفتح العين وشد
اللام بضبط المصنف قال القاضي: والتعليم فعل يترتب عليه
العلم غالبا ولذلك [ص:8] يقال علمته فلم يتعلم
(أبو خيثمة في) كتاب (العلم عن الحسن مرسلا) وهو البصري
(6/7)
8220 - (من الكبائر استطالة الرجل في عرض
رجل مسلم) يقال طال عليه واستطال إذا علا وترفع عليه (ومن
الكبائر السبتان) بباء موحدة ومثناة فوقية بضبط المصنف
(بالسبة) الواحدة أي أن يشتمك الرجل شتمة فتشتمه شتمتين في
مقابلتها
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن
أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه
(6/8)
8221 - (من المذي) بفتح فسكون أو كسر
(الوضوء) أي واجب (ومن المني) بكسر النون وتشديد الياء
(الغسل) أي واجب قال الشارح: فيه أنه أي المذي لا يوجب
الغسل بل الوضوء وأنه نجس ولهذا أوجب النبي صلى الله عليه
وسلم غسل الذكر اه. فأنت تعلم بأن ايحاب الوضوء منه لا
يوجب نجاسته لأن الخارج الطاهر ناقض وإنما علمت نجاسته من
دليل منفصل اه
<تنبيه> حكمة إيجاب غسل الجنابة أنها بعد عن القرب من
الطاهر الطيب تعالى وهو فعل حدث تنزه عنه وسبح نفسه عن قول
من نسب إليه ذلك لأنه فعل من زوجين لا يقوم إلا باجتماعهما
وهو الفرد المنفرد الذي لا قرين له فأمر المكلف بغسل جميع
بدنه ليخف القلب ويطهر من ثقل فعل الجنابة التي هي في
نهاية البعد عن أوصاف الواحد الفرد فإذا طهر صلح لأن يذكر
كلام الحق تعالى ويذكره فيتطهر الجسد ظاهرا بطهر القلب من
استغراق الشهوة التي غلبته واستغرق وغاب بها عن ذكر الله
وينبغي للمغتسل أن يتذكر مع غسل أعضائه ما وقع فيه مما
يبعد عن الله ويتوب منها والتنظف لدخوله على ملك الموت
(ت) وكذا ابن ماجه في الطهارة (عن علي) أمير المؤمنين قال
الترمذي: حسن صحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه
(6/8)
8222 - (من المروءة أن ينصت الرجل لأخيه)
أي في الإسلام (إذا حدثه) فلا يعرض عنه ولا يشتغل بحديث
غيره فإن فيه استهانة به (ومن حسن المماشاة أن يقف الأخ
لأخيه) في الإسلام (إذا انقطع شسع نعله) حتى يصلحه ويمشي
لأن مفارقته ربما أورثت ضغينة
(خط عن أنس) بن مالك
(6/8)
8223 - (من أخون الخيانة تجارة الوالي في
رعيته) الظاهر أن المراد تجارته فيما تعم حاجتهم إليه من
الأقوات وغيرها ويحتمل الإطلاق
(طب عن رجل)
(6/8)
8224 - (من أسوأ الناس منزلة) أي عند الله
(من أذهب آخرته بدنيا غيره) ومن ثم سماه المتشرعة أخس
الأخساء فقالوا: لو أوصى للأخس صرف له
(هب عن أبي هريرة) وفيه شهر بن حوشب أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: قال ابن عدي: لا يحتج به ووثقه ابن معين
(6/8)
8225 - (من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون
بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) قال المظهر: الباء في
بأهله باء التعدية [ص:9] كما في قوله بأبي أنت وأمي يعني
يتمنى أحدهم أن يكون مفديا بأهله لو اتفقت رؤيتهم إياه
ووصولهم إليه وقال الطيبي: لو هنا كما في قوله تعالى {ربما
يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} لا بد لقوله يود من
مفعول فلو مع ما بعده نزل منزلته كأنه قيل يود أحدهم ويحب
ما لا يلزم قوله لو رآني بأهله أي يفديني بأهله وماله
ليراني
(م عن أبي هريرة)
(6/8)
8226 - (من أشراط الساعة) أي علاماتها (أن
يتباهى) أي يتفاخر مبتدأ ومن أشراط خبره قدم للاهتمام لا
للاختصاص إذا أشراطها كثيرة (الناس) المسلمون (في المساجد)
أي يتفاخرون بتشييدها ويراؤون بتزيينها كما فعل أهل الكتاب
بعد تحريف دينهم وأنتم تصيرون إلى حالهم فإذا صرتم كذلك
فقد جاء أشراطها وقد كان المسجد على عهد النبي صلى الله
عليه وسلم مبني باللبن وسقفه الجريد وعمده جذوع النخل فزاد
فيه عمر فبناه على بناء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غير
فيه عثمان فزاد فيه وبنى جدره وعمده بحجارة وسقفه بالساج
ذكره الطيبي وذهب الجمهور إلى كراهية نقش المسجد وتزويقه
وشرذمة إلى عدم كراهته لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم
يذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر
لها أمرا ذمها كارتفاع الأمانة وأمورا حمدها كزخرفة
المساجد وأمورا لا تحمد ولا تذم كنزول عيسى فليس أشراط
الساعة من الأمور المذمومة
(ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو داود وابن ماجه في
الصلاة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الستة
غير جيد
(6/9)
8227 - (من أشراط الساعة الفحش والتفحش) أي
ظهورهما وغلبتهما في الناس (وقطيعة الرحم وتخوين الأمين
وائتمان الخائن)
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم
خلاف اه ورمز المصنف لحسنه
(6/9)
8228 - (من أشراط الساعة أن يمر الرجل في
المسجد لا يصلي فيه ركعتين) تحيته (وأن لا يسلم الرجل إلا
على من يعرف) دون من لم يعرفه (وأن يبرد الصبي الشيخ) أي
يجعله رسوله في حوائجه
(طب) من حديث سلمة بن كهيل (عن ابن مسعود) قال الهيثمي:
رجاله رجال الصحيح إلا أن سلمة وإن كان سمع من الصحابة لم
أجد له رواية عن ابن مسعود
(6/9)
8229 - (من أفضل الشفاعة أن تشفع بين
اثنين) الرجل والمرأة (في النكاح) أي أن تكون واسطة بينهما
فيه متسببا في إيقاعه مرغبا لكل منهما في صاحبه. يعني إذا
وجدت الكفاءة وتوفرت الشروط وظهر وجه المصلحة
(هـ عن أبي رهم) بضم الراء وسكون الهاء وأبو رهم في
الصحابة أنماري وسمعي وظهري وغفاري وأشعري وأرحبي فلو ميزه
لكان أولى
(6/9)
8230 - (من أفضل العمل إدخال السرور) أي
الفرح (على المؤمن) إذا كان ذلك من المطلوبات الشرعية كأن
(تقضي عنه [ص:10] دينا) لا يقدر على وفائه ويحتمل الإطلاق
لأن تحمل ذلك عنه يسره غالبا (تقضي له حاجة) لا يستطيع
إبلاغها أو يستطيعه (تنفس له كربة) من الكرب الدنيوية أو
الأخروية فكل واحدة من هذه الخصال من أفضل الأعمال بلا
إشكال بل ربما وقع في بعض الأحيان أن يكون ذلك من فروض
الأعيان
(هب عن) محمد (بن المنكدر مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم
يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليها
وهو عجب فقد خرجه الدارقطني في غرائب مالك من روايته عن
ابن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال: فيه ضعف
(6/9)
8231 - (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة)
أي عظمها وهو بالجيم من انتفج جنبا البعير إذا ارتفعا
وعظما خلقة وبخاء معجمة وهو ظاهر
(طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن يوسف
ذكر له في الميزان هذا الحديث وقال: إنه مجهول وحديثه غير
محفوظ اه ورواه الطبراني في الصغير وزاد وأن يرى الهلال
بليلة فيقال لليلتين قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن
الأزرق الأنطاكي ولم أجد من ترجمه
(6/10)
8232 - (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال
قبلا) بفتح القاف والباء أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه
من غير أن يتطلب (فيقال لليلتين) أي هو ابن ليلتين (وأن
تتخذ المساجد طرقا) للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب
فلا يصلي فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة (وأن يظهر موت
الفجأة) فيسقط الإنسان ميتا وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى
مصالحه
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رواه في الصغير والأوسط
عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي وهو ضعيف اه
(6/10)
8233 - (من اقتراب الساعة هلاك العرب) لفظ
الرواية فيما وقفت عليه من النسخ إن من إلخ
(ت) في المناقب (عن طلحة بن مالك) الخزاعي وقيل الأسلمي
قال الذهبي: نزل البصرة وله حديث روته عنه مولاته أم جرير
قال الترمذي: غريب إنما نعرفه من حديث سليمان بن حرب اه
وأم جرير لم يرو لها سوى الترمذي قال الذهبي: ولا تعرف اه
لكن قال الزين العراقي: الحديث حسن
(6/10)
8234 - (من اقتراب الساعة كثرة القطر) أي
المطر (وقلة النبات) أي الزرع (وكثرة القراء) للقرآن (وقلة
الفقهاء) أي الفقهاء بعلم طريق الآخرة كما بينه الغزالي
(وكثرة الأمراء وقلة الأمناء) ولهذا قال عبد الله بن عمر
فيما رواه أبو إسحاق عن سعيد بن وهب لا يزال الناس بخير ما
أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم فإذا أخذوه
عن أصاغرهم وشرارهم هلكوا
(طب عن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري) قال الهيثمي: فيه عبد
الغفار بن القاسم وهو وضاع اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من
الكتاب
(6/10)
8235 - (من أكبر الكبائر الشرك بالله) بأن
يتخذ معه إلها غيره وخصه لأنه الأغلب في بلاد العرب حالتئذ
والمراد [ص:11] الكفر بإشراك أو بغيره لكن يقال إن الكفر
بالإشراك أكبر من الكفر بغيره (واليمين الغموس) أي الكاذبة
سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وفي قرنها
بالشرك إيذان بأنه لا شيء أفحش منها
(طس عن عبد الله ابن أنيس) تصغير أنس رمز المصنف لحسنه وهو
كما قال بل أعلى فقد قال الهيثمي: رجاله موثوقون وقال ابن
حجر: سنده حسن
(6/10)
8236 - (من إكفاء الدين تفصح النبط) بنون
فموحدة مفتوحة بضبط المصنف جمعه أنباط كسبب وأسباب جيل
ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم
(واتخاذهم القصور في الأمصار) جمع مصر
(طب عن ابن عباس) وفيه عمران بن تمام قال في الميزان: عن
أبي حاتم: أتى بخبر منكر ثم ساقه اه قال في اللسان: ولفظ
أبي حاتم كان مستورا حتى حدث عن أبي حمزة عن ابن عباس بهذا
فافتضح
(6/11)
8237 - (من بركة المرأة) على زوجها كما جاء
مصرحا في رواية (تبكيرها بالأنثى) تمامه عند الخطيب
والديلمي ألم تسمع قوله تعالى {يهب لمن يشاء إناثا} فبدأ
بالاناث
(ابن عساكر) وكذا الخطيب والديلمي كلهم (عن واثلة) بن
الأسقع ورواه الديلمي عن عائشة مرفوعا بلفظ من بركة المرأة
على زوجها تيسير مهرها وأن تبكر بالإناث قال السخاوي: وهما
ضعيفان اه بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات فقال: موضوع
(6/11)
8238 - (من تمام التحية الأخذ باليد) أي
إذا لقي المسلم المسلم فسلم عليه فمن تمام السلام أن يضع
يده في يده فيصافحه فان المصافحة سنة مؤكدة كما مر غير مرة
قال ابن بطال: الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة وذلك مستحب
عند العلماء إنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر
ما روي فيه وأجازه آخرون لأن كعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد
المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبل أبو عبيدة يد عمر حين
قدم. وجمع بأن المكروه تقبيل التكبر والتعظيم والمأذون فيه
ما كان على وجه التقرب إلى الله لدين أو علم أو شرف ولهذا
قال النووي: تقبيل اليد لنحو صلاح أو علم أو شرف ونحو ذلك
من الأمور الدينية لا يكره بل يندب ولنحو غنى أو شوكة أو
وجاهة عند أهل الدنيا مكروه شديد الكراهة وقال المتولي لا
يجوز
(ت عن ابن مسعود) قال المنذري: رواه الترمذي عن رجل لم
يسمه اه. وقال الترمذي في العلل: سألت عنه محمدا يعني
البخاري فقال: هذا حديث خطأ وإنما يروى من قول الأسود بن
يزيد أو عبد الرحمن بن يزيد اه وفيه يحيى بن سليم الطائفي
قال في الميزان: قال أحمد: رأيته يخلط في أحاديث فتركته ثم
أورد له أخبارا هذا منها وقال ابن حجر: في سنده ضعف
(6/11)
8239 - (من تمام عيادة المريض أن يضع
أحدكم) يعني العائد له (يده على جبهته) حيث لا عذر
(ويسأله) عن حالته (كيف هو) زاد ابن السني في روايته ويقول
له كيف أصبحت أو كيف أمسيت فإن ذلك ينفس عن المريض قال ابن
بطال: في وضع اليد على المريض تنفيس له وتعرف لشدة مرضه
ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه وربما رقاه بيده
ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا.
وقد يعرف العلاج فيعرف العلة فيصف له ما يناسبه. وروى أبو
يعلى عن عائشة أنه عليه السلام كان إذا عاد مريضا يضع يده
على المكان الذي يألم ثم يقول بسم الله لا بأس قال المؤلف:
رجاله موثقون (وتمام تحيتكم بينكم) أيها المسلمون
(المصافحة) أي لا مزيد على السلام والمصافحة [ص:12] ولو
زدتم على ذلك فهو تكلف
(حم) عن خلف بن الوليد عن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد
الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة (ت) في
الاستئذان عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن يحيى عن أيوب
عن عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم (عن أبي
أمامة) قال الترمذي: ليس إسناده بذاك وفي موضع آخر: فيه
علي بن يزيد ضعيف اه. وأورده في الميزان في ترجمة عبيد
الله بن زجر من حديثه وقال: عن ابن المديني منكر الحديث
وعن ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات وأورده ابن
الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا
(6/11)
8240 - (من تمام الصلاة) أي مكملاتها
ومتمماتها (سكون الأطراف) أي اليدين والرجلين والرأس
وغيرها من جميع الأعضاء فإن ذلك يورث الخشوع الذي هو روح
العبادة وبه صلاحها قال الإمام الرازي: والخشوع تارة يكون
من فعل القلب كالخشية وتارة من فعل البدن كالسكون وقيل لا
بد من اعتبارهما حكاه في تفسيره وقال غيره: هو معنى يقوم
بالنفس يظهر عنه سكون ما في الأطراف بلازم مقصود العبادة
ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي الخشوع في القلب أخرجه
الحاكم وقال بعضهم: نبه بهذا الحديث على أن الخشوع يدرك
بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن وروى البيهقي بإسناد
قال ابن حجر: صحيح عن مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في
الصلاة كأنه عود وكذا أبو بكر الصديق. فالعبث مكروه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي بكر) الصديق
(6/12)
8241 - (من تمام النعمة دخول الجنة والفوز
من النار) إشارة إلى قوله تعالى {فمن زخرح عن النار وأدخل
الجنة فقد فاز} وهذا قاله لمن قال له: يا رسول الله علمني
دعوة أرجو بها خيرا ومقصود السائل المال الكثير فرده النبي
صلى الله عليه وسلم أبلغ رد بقوله ذلك في الجواب من قبيل
الكناية وفيه من المبالغة والبداعة ما لا يخفى فمن أشكل
عليه مطابقة الجواب للسؤال لم يفهم شيئا من أسرار ذلك
المقال
(ت عن معاذ) بن جبل
(6/12)
8242 - (من حسن الصلاة) وفي رواية من تمام
الصلاة (إقامة الصف) أي تسوية الصفوف وإتمامها الأول
فالأول فالمراد بالصف الجنس قال ابن بطال: وفيه أن تسوية
الصفوف سنة لأن حسن الشيء أمر زائد على حقيقته التي لا
يتحقق إلا بها وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لم يتم
بحسب الحقيقة إلا به ونوزع بأن لفظ الشارع لا يحمل على ما
دل عليه الوضع في اللسان العربي وإنما يحمل على العرف إذا
ثبت أنه عرف الشارع
(ك) في الصلاة (عن أنس) بن مالك وقال الحاكم: على شرطهما
وأقره الذهبي
(6/12)
8243 - (من) قال الطيبي: تبعيضية ويجوز
كونها بيانية (حسن إسلام المرء) آثره على الإيمان لأنه
الأعمال الظاهرة والفعل والترك إنما يتعاقبان عليها وزاد
حسن ايماءا إلى أنه لا يتميز بصور الإيمان فعلا وتركا إلا
إن اتصفت بالحسن بأن توفرت شروط مكملاتها فضلا عن المصححات
وجعل الترك ترك ما لا يعني من الحسن (ترك ما لا يعنيه)
بفتح أوله من عناه الأمر إذا تعلقت عنايته به وكان من قصده
وإرادته وفي إفهامه أن من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا
يعنيه والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه
والذي يعني المرء من الأمور ما تعلق بضرورة حياته في معاشه
مما يشبعه ويرويه ويستر عورته ويعف فرجه ونحوه مما يدفع
الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم وسلامته في معاده وهو
الإسلام [ص:13] والإيمان والإحسان وبذلك يسلم من سائر
الآفات وجميع الشرور والمخاصمات وذلك أن حسن إسلامه ورسوخ
حقيقة تقواه ومجانبته هواه ومعاناة ما عداه ضياع للوقت
النفيس الذي لا يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لأجله فمن
عبد الله على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه فقد حسن
إسلامه كما مر وأخذ النووي من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل
الرجل فيما ضرب امرأته قال بعضهم: ومما لا يعني العبد
تعلمه ما لا يهم من العلوم وتركه أهم منه كمن ترك تعلم
العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره
كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولو كان صادقا
لبدأ باشتغاله بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات
المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وتراوس على الأقران
وتطاول عليهم ونحوها من المهلكات قالوا وذا الحديث ربع
الإسلام وقيل نصفه وقيل كله
<تنبيه> قال ابن عربي: من أمراض النفس التي يجب التداوي
منها أن يفعل رجل خيرا مع بعض بنيه دون بعض فتعرضه لهذا
فضول يثمر عداوة الولد لأبيه فهي كلمة شيطانية لا تقع إلا
من جاهل غبي ولا دواء لها بعد وقوعها ودواؤها قبله النظر
إلى هذا الحديث
(ت هـ عن أبي هريرة) قال في الأذكار: وهو حسن. (حم طب عن
الحسن بن علي) بن أبي طالب قال الهيثمي: رجال أحمد
والطبراني ثقات (الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أبي
بكر الشيرازي) كذا بخط المصنف وفي نسخ أبي بكر الشيرازي
(عن أبي ذر ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن علي بن أبي
طالب طس عن زيد بن ثابت) قال الهيثمي: فيه محمد بن كثير بن
مروان وهو ضعيف (ابن عساكر) في التاريخ (عن) أبي عبد
الرحمن (الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المكي من
مسلمة الفتح وأشار باستيعاب مخرجيه إلى تقويه ورد زعم جمع
ضعفه ومن ثم حسنه النووي بل صححه ابن عبد البر وبذكره خمسا
من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلا
(6/12)
8244 - (من حسن عبادة المرء حسن ظنه) كذا
بخط المصنف وفي رواية خلقه بدل ظنه
(عد خط) في ترجمة محمد بن أبي الرميك (عن أنس) بن مالك
وفيه سليمان بن الفضل أورده الذهبي في الضعفاء وقال في
الميزان: قال ابن عدي رأيت له غير حديث منكر ثم ساق له هذا
وقال: هذا بهذا الإسناد لا أصل له فما أوهمه صنيع المصنف
أن مخرجه ابن عدي خرجه وسلمه غير صواب
(6/13)
8245 - (من حين يخرج أحدكم من منزله) ذاهبا
(إلى مسجده) لنحو صلاة أو اعتكاف فيه (فرجل تكتب حسنة
والأخرى تمحو سيئة) أي تذهبها
(ك) في الصلاة (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم:
صحيح على شرط مسلم وأفره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن ذا
مما لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه النسائي
باللفظ المزبور
(6/13)
8246 - (من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا
لا يعده عدا) قالوا: هو المهدي
(م عن أبي سعيد) الخدري
(6/13)
8247 - (من خير خصال الصائم السواك) صريح
في جواز استياك الصائم بل ندبه وقد اختلف في السواك للصائم
على أقوال: أحدهم لا بأس به مطلقا قبل الزوال وبعده بيابس
أو رطب وعليه أبو حنيفة والثوري والأوزاعي. الثاني يكره
بعد الزوال ويندب قبله وهو الأصح عند الشافعية. الثالث
يكره بعد العصر فقط [ص:14] روي عن أبي هريرة. الرابع يكره
في الفرض بعد الزوال لا في النفل ونقل عن أحمد. الخامس
يكره بعد الزوال مطلقا ويكره الرطب مطلقا وعليه أحمد في
رواية
(هـ) وكذا البيهقي في رواية أبي إسماعيل المؤدب واسمه
إبراهيم بن سليمان عن مجاهد عن الشعبي عن مسروق (عن عائشة)
قال البيهقي بعد تخريجه: مجالد غيره أثبت منه وقال ابن
القيم: فيه مجالد وفيه ضعف قال الزين العراقي: ولم ينفرد
به مجالد بل ورد من رواية السري بن إسماعيل عن الشعبي عن
مسروق عن عائشة والسري ضعيف ومجالد وإن ضعفه الجمهور وثقه
النسائي وروى له مسلم مقرونا بغيره ورواه أبو نعيم من
طريقين آخرين وبه يتقوى
(6/13)
8248 - (من خير طيبكم) أيها الرجال (المسك)
فإنه مما يخفى لونه ويظهر ريحه والظاهر أن من زائدة فإنه
أطيب الطيب مطلقا كما جاء في عدة أخبار
(ن عن أبي سعيد) الخدري
(6/14)
8249 - (من سعادة المرء) لفظ رواية البيهقي
ابن آدم (حسن الخلق) بالضم فإن به يبلغ العبد خير الدنيا
والآخرة (ومن شقاوته سوء الخلق) وإنه مقرب إلى النار موجب
لغضب الجبار والسعادة الجد وفي إطلاق الشارع يراد بها
الفوز بالنعيم الأخروي أو ما يترتب على ذلك
(هب) وكذا القضاعي (عن جابر) بن عبد الله قال الحافظ
العراقي: وسنده ضعيف وذلك لأن فيه الحسن بن سفيان أورده
الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: قال البخاري: لم يصح حديثه عن
هشام بن عمار قال أبو حاتم: صدوق تغير عن القاسم بن عبد
الله عن عمر العمري قال في الضعفاء: قال أحمد: كان يكذب
ويضع ورواه عنه الخرائطي في المكارم
(6/14)
8250 - (من سعادة المرء أن يشبه أباه)
وسببه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء السائب بن عبد
يزيد ومعه ابنه فنظر إليهما فقاله ولعل المراد بالسعادة
هنا سعادة الدنيا لأن تشبيهه بأبيه ينفي التهمة ولأن شبهه
به في طبع الذكورة وقوة الرجولية دون أمه في طبع الأنوثة
(ك في مناقب الشافعي) وكذا القضاعي في الشهاب وقال شارحه:
غريب جدا (عن أنس) بن مالك وخرجه في مسند الفردوس من حديث
أبي هريرة باللفظ المزبور
(6/14)
8251 - (من سعادة المرء خفة لحيته) بحاء
مهملة وتحتية فمثناة فوقية على ما درجوا عليه لكن في تاريخ
الخطيب عن بعضهم أنه تصحيف وإنما هو لحييه بتحتيتين أي
خفتهما بكثرة ذكر الله ثم قال الخطيب: لا يصح لحيته ولا
لحييه اه. ويجري على رواية لحييه بتحتيتين الخطابي وابن
السكيت وغيرهم وعلى الأول فالمراد خفة شعرها لأن لحية
الرجل زينة له ومن ثم كانت عائشة تقسم فتقول والذي زين
الرجال باللحى والزينة إذا كانت تامة وافرة ربما أعجب
المرء بنفسه والإعجاب مهلك كما جاء في الخبر وفي خبر: شر
ما أعطى المسلم قلب سوء في صورة حسنة فإذا نظر لغزارة
لحيته أعجب بها والإعجاب هلاك فكانت خفتها سبب إزرائه بها
فكان فوزا وهي السعادة ففي الخبر دلالة على أن خير الأمور
في التزين الوسط وترك المبالغة وقد جاء في خبر: بينا رجل
من بني إسرائيل لبس حلة فأعجبته نفسه فاختال في مشيته فخسف
به في الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وفي الخبر
اخشوشنوا وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى
يتكفأ: كل ذلك دليل على كراهة المبالغة في الزينة وكره
للرجل ما ظهر لونه من الطيب وكل ما أدى إلى الإعجاب فهو
شفاء والسعادة في خلافه ففي خفة اللحية خفة الزينة وفي خفة
الزينة السعادة وعلى تفسير لحييه بمثناتين تحتيتين فبعيد
من المقام فلا إلتفات إليه وإن جل قائله
(طب) عن محمد بن محمد المروزي عن علي بن حجر عن يوسف بن
[ص:15] الفرق عن سكين ابن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن
ابن عباس قال الهيثمي: فيه يوسف بن الفرق قال الأزدي: كذاب
(عد) عن ميمون بن سلمة عن عبد الرحمن بن عبيد الله الحلي
عن أبي داود النخعي عن خطاب بن خفاف (عن ابن عباس) قال ابن
الجوزي: موضوع المغيرة مجهول وسكين يروي الموضوعات عن
الأثبات ويوسف كذاب وسويد ضعفه يحيى وقال النخعي: وضاع
وقال الخطيب: يوسف منكر الحديث قال: ولا يصح لحيته ولا
لحييه وفي الميزان: هذا الحديث كذب ووافقه الحافظ في
اللسان
(6/14)
8252 - (من سعادة ابن آدم استخارته الله)
أي طلب الخير منه في الأمور والاستخارة طلب الخيرة في
الشيء (ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله) فان من رضي
فله الرضا ومن سخط فله السخط (ومن شقاوة ابن آدم تركه
استخارة الله ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له) أي
كراهته له وغضبه عليه ومحبته لخلافه فيقول لو كان كذا كان
أصلح لي وأولى مع أنه لا يكون إلا الذي كان وقدر في الأزل
وقدم الاستخارة إشعارا بأن المقصود تفويض الأمر بالكلية
إليه تعالى أولا وآخرا قال في النوادر: فالاستخارة في
الأمور لمن ترك التدبير في أمره وفوضه إلى ولي الأمور الذي
قهر وقدر من قبل خلقه فأهل اليقين عرفوا هذا فإذا نابهم
أمر قالوا اللهم خر لنا فهذا من سعادته فإن خار الله له
رضي بذلك وافقه أو خالفه لحسن خلقه مع ربه والآخر بسوء
خلقه ترك الاستخارة فإذا حل به قضاؤه تسخط وحنق ولا نجاة
ولا فائدة فليسخط على نفسه التي أبعدته عن ربه
(ت) في القدر (ك) في الدعاء (عن سعد) ابن أبي وقاص وقال:
غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حميد وليس بقوي وقال في
الميزان: ضعفوه ثم أورد له هذا الخبر قال ابن حجر: وأورده
أحمد باللفظ المزبور عن سعد المذكور وسنده حسن
(6/15)
8253 - (من سنن المرسلين الحلم والحياء
والحجامة والسواك والتعطر) أي استعمال العطر في الثوب
والبدن (وكثرة الأزواج) فقد كان سليمان عليه السلام له ألف
زوجة لكن ليس المراد بكثرة التزوج والتطليق بل الجمع بين
النساء في آن واحد وغايته في هذه الأمة أربع نسوة ومن قدر
على العدل بينهن لم يكره له ذلك قال المصنف: وقد ورد الأمر
بالتطيب في غير ما موطن من شرائع الإسلام كالجمعة والعيدين
والكسوفين والاستسقاء وعند الإحرام وشرع مطلقا لكل حي
ولميت كل قبيلة وحي وقال أبو ياسر البغدادي: الطيب من أعظم
لذات البشر وأقوى الدواعي للوطء وقضاء الوطر
(هب عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه
وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: تفرد به قدامة
بن محمد الحضرمي عن إسماعيل بن شبيب وليسا بقويين اه.
وإسماعيل هذا قال في الميزان: واه وقال النسائي: منكر
الحديث وهذا الحديث مما أنكر عليه وفي اللسان عن العقيلي:
أحاديثه مناكير
(6/15)
8254 - (من شرار الناس من تدركهم الساعة
وهم أحياء) ويوافقه خبر لا تقوم الساعة على أحد يقول لا
اله إلا الله لأن هؤلاء هم الشرار ولا ينافيه خبر لا يزال
طائفة الحديث فحمل الغاية فيه على وقت هبوب الريح الطيبة
التي تقبض روح كل مؤمن فلا يبقى إلا الشرار فتفجؤهم الساعة
(خ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا البزار وغيره
(6/15)
[ص:16] 8255 - (من شكر النعمة إفشاؤها) أي
تشهيرها والتنويه بها والاعتراف بمكانها لقوله تعالى {لئن
شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فتوعدهم على
كفران النعمة بالعذاب الشديد قال الحرالي: شكر كل نعمة
إظهارها على حدها من جاه أو مال أو علم أو طعام أو شراب أو
غيره وإنفاق فضلها والقناعة منها بالأدنى وقد خرج الطبراني
وأبو نعيم أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر يوما فقال:
الحمد لله الذي صيرني ليس فوقي أحد ثم نزل فقيل له في ذلك
فقال: إنما فعلته إظهارا للشكر وقال الجيلاني: قدمي هذه
على رقبة كل ولي أي من أهل زمنه وقال القرشي: صحبت ست مئة
شيخ ثم وزنت بهم فرجحتهم وقال الشاذلي: لا يكمل شكر العبد
حتى يرى نعمة ملوك الدنيا دون نعمته من حيث أنهم مسخرون له
وقال المرسي: ما سارت الأبدال من قاف إلى قاف إلا ليلقوا
مثلي وقال: لو علم أهل المشرق والمغرب ما تحت هذه الشعرات
ويشير للحيته من العلوم لأتوها ولو سعيا على الوجوه وقال
الشاذلي: ما بقي عند غيرنا من أهل عصرنا علم نستفيده وإنما
ننظر في كلامهم لنعرف ما من الله به علينا دونهم فنشكره
عليه
(عب عن قتادة مرسلا)
(6/16)
8256 - (من فقه الرجل رفقه في معيشته) أي
إن ذلك من فهمه في الدين واتباعه طريق المرسلين
(حم طب عن أبي الدرداء) وسنده لا بأس به
(6/16)
8257 - (من فقه الرجل) أي جودة فهمه وحسن
تصرفه (أن يصلح معيشته) أي ما يتعيش به بأن يسعى في
اكتسابها من الحلال من غير كد ولا تهافت ويستعمل القصد في
الإنفاق من غير إسراف ولا تقتير (وليس من حب الدنيا طلب ما
يصلحك) أي ما يقوم بأودك وحاجة عيالك وخدمك ونحوهم فإنه من
الضروريات التي لا بد منها فليس طلبه من محبة الدنيا
المنهي عنها
(عد هب عن أبي الدرداء) ثم قال البيهقي: تفرد به سعيد بن
سنان عن أبي الزاهرية اه. قال الذهبي في الضعفاء: وسعيد بن
سنان عن أبي الزاهرية متهم أي بالوضع
(6/16)
8258 - (من كرامة المؤمن على الله تعالى
نقاء ثوبه) أي نظافته ونزاهته عن الأدناس (ورضاه باليسير)
من الملبس أو من المأكل والمشرب أو من الدنيا فالمحمود من
اللباس نقاوة الثوب والتوسط في حسنه وكون لبس مثله غير
خارم لمروءة جنسه وأما المباهاة في اللباس والتزين به فليس
من خصال الشرف بل من سمات النساء ولهذا كان النبي صلى الله
عليه وسلم يلبس ما وجد فلبس الشملة والكساء الخشن والرداء
والإزار الغليظ ويقسم من حضره أقبية الديباج المخصوصة
بالذهب
(تتمة) دخل إلى الفقيه أبي الحسن العوضي زائر فوجده عريان
فقال: نحن إذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضي أبو
الطيب:
قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم. . . لبسوا البيوت إلى فراغ
الغاسل
(طب) وكذا أبو نعيم (عن ابن عمر) بن الخطاب. قال الهيثمي:
فيه عباد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره وجرول بن جعيل
ثقة وقال ابن المديني: له مناكير وبقية رجاله ثقات
(6/16)
8259 - (من كرامتي على ربي أني ولدت) بمكة
المعظمة حين طلع فجر الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول في
إحدى الروايتين عن الحبر وجزم به جمع منهم الخوارزمي
(مختونا) أي علي صورة المختون إذ الختان قطع القلفة ولا
قطع هنا (ولم ير أحد سوأتي) كناية عن العورة. قال في
المستدرك: تواترت الأخبار بولادته مختونا ومراده بالتواتر
الاشتهار لا المصطلح عليه عند أهل الأثر كيف وقد قال
الذهبي: لا أعلم صحة ذلك فضلا عن تواتره وقال الزين
العراقي: عن [ص:17] ابن العديم: أخبار ولادته مختونا ضعيفة
بل لم يثبت فيه شيء وسبقه لنحوه ابن القيم. وبفرضه ليس ذا
من خصائصه فقد عد في الوشاح اثني عشر نبيا ولدوا مختونين
والختان من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم فأتمهن وأشد
الناس بلاء الأنبياء والإبتلاء به مع الصبر عليه مما يضاعف
به الثواب والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم أن لا
يسلب هذه الفضيلة وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله وما
أعطي نبي خصوصية إلا وأعطى نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها
وأعلى
(طس عن أنس) بن مالك وصححه الضياء في المختارة وقال
مغلطاي: خبر الطبراني هذا رواه ابن عساكر في تاريخه من غير
طريقه قال: ورواه أبو نعيم بسند جيد وابن عدي في الكامل عن
ابن عباس اه. وقال ابن الجوزي: لا شك أنه ولد مختونا غير
أن هذا الحديث لا يصح قال: فإن قيل لم لم يولد مطهر القلب
من حظ الشيطان حتى شق صدره وأخرج قلبه؟ قلنا لأن الله أخفى
أدون التطهرين الذي جرت العادة أن تفعله القابلة والطبيب
وأظهر أشرفهما وهو القلب فأظهر أثر التجمل والعناية
بالعصمة في طرقات الوحي اه
(6/16)
8260 - (من كنوز البر كتمان المصائب
والأمراض والصدقة (1)) فإظهار المصيبة والتحدث بها قادح في
الصبر مفوت للأجر وكتمانها رأس الصبر وقد شكى الأحنف إلى
عمه وجع ضرسه وكدره فقال: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة
فما شكوتها لأحد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن كتمان
هذه الثلاثة كنز يدخر لصاحبه يوم فاقته لا يطلع على ثوابه
ملك ولا يدفع إلى خصمائه بل يعوضهم الله من باقي أعماله أو
خزائن فضله ليبقى له كنزه وذلك لأنه لصفاء توحيده كتم
مصائبه وأمراضه ومهماته عن الخلق صبرا ورضا عن ربه وحياءا
منه أن يشكو أو يستعين بأحد من بريته
(حل) وكذا البيهقي كلاهما من حديث زافر بن سليمان عن عبد
العزيز بن أبي رواد عن نافع. (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم
قال أبو نعيم: تفرد به زافر بن عبد العزيز اه. وزافر بن
سليمان قال الذهبي: قال ابن عدي: أعل حديثه وعبد العزيز بن
أبي رواد قال ابن حبان: يروى عن نافع عن ابن عمر نسخة
موضوعة قال ابن الجوزي: حديث موضوع
_________
(1) أي المفروضة وهذا التقييد خلاف ما عليه الشافعية
وعبارتهم ودفع صدقة التطوع سرا وفي رمضان ولنحو قريب كزوج
وصديق فجار أقرب فأقرب أفضل وأما الزكاة فإظهارها أفضل في
المال الظاهر وهو ماشية وزرع وثمر ومعدن أما الباطن وهو
نقد وعرض وركاز فإخفاء زكاته أفضل واستثنى ابن عبد السلام
وغيره من أولوية صدقة السر ما لو كان المتصدق ممن يقتدى به
فإظهارها أولى
(6/17)
8261 - (من موجبات المغفرة إطعام المسلم
السغبان) أي الجيعان وقيل لا يكون السغب إلا مع التعب ذكره
ابن الأثير
(ك) في التفسير من حديث طلحة بن عمرو (عن جابر) بن عبد
الله. قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي بأن طلحة واه فالصحة
من أين؟
(6/17)
8262 - (منا) أهل البيت (الذي) أي الرجل
الذي (يصلي عيسى ابن مريم) روح الله عند نزوله من السماء
في آخر الزمان عند ظهور الدجال (خلفه) فإنه ينزل عند صلاة
الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيجد الإمام المهدي
يريد الصلاة فيحسن به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه
السلام ويصلي خلفه فأعظم به فضلا وشرفا لهذه الأمة ولا
ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن
عيسى هو الإمام بالمهدي وجزم به السعد التفتازاني وعلله
بأفضليته لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولا ليظهر
أنه نزل تابعا لنبينا حاكما بشرعه ثم بعد ذلك يقتدي المهدي
به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل
(أبو نعيم في كتاب) أخبار (المهدي عن أبي سعيد) [ص:18]
الخدري وفيه ضعف
(6/17)
8263 - (من آتاه الله من هذا المال) أي من
جنسه (شيئا) أي يظن حله (من غير أن يسأله) أي يطلبه من
الناس (فليقبله) أي ندبا وإرشادا لا وجوبا (فإنما هو رزق
ساقه الله إليه) قال ابن جرير: فمن أعطى ممن تجوز عطيته
سلطانا أو غيره عدلا أو فاسقا فلا على الإنسان في قبوله ثم
أخرج بسنده أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى ابن عمر ارفع
إلي حوائجك فقال: لست بسائلك ولا براد عليك ما رزقني الله
منك فبعث بألف دينار فقبلها
(حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال
الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
(6/18)
8264 - (من آذى المسلمين في طرقهم) بالتخلي
فيها كما بينه في رواية أخرى (وجب عليه لعنتهم) وفي رواية
أصابته لعنتهم وقد استدل به على تحريم قضاء الحاجة في
الطريق وعليه جرى الخطابي والبغوي في شرح السنة وتبعهم
النووي في نكت التنبيه واختاره في المجموع من جهة الدليل
لكن المذهب أنه مكروه قال الحرالي: والأذى إيلام النفس وما
يتبعها من الأحوال والضر إيلام الجسم وما يتبعه من الحواس
اه. وهو أحسن من تفسير الراغب الأذى بالضر حيث قال: الأذى
ما يصل إلى الحيوان من ضرر في نفسه أو جسمه أو فتيانه
دنيويا أو أخرويا
(طب عن حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة الغفاري من أصحاب
الشجرة ومات بالكوفة قال المنذري والهيثمي: إسناده حسن ثم
رمز المصنف لحسنه مال الولي العراقي إلى تضعيفه فقال: فيه
عمران القطان اختلفوا فيه وشعيب بن بسام صدوق لكن له
مناكير
(6/18)
8265 - (من آذى العباس) بن عبد المطلب (فقد
آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه) أي شقيقه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه أيضا طراد في
فضائل الصحابة بلفظ عمي بدل العباس وسببه أن العباس قال:
يا رسول الله إنا نعرف ضغائن من أقوام بوقائع أوقعناها في
الجاهلية فخطب فذكره وظاهر صنيع المؤلف أن ذا مما لم يخرجه
أحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد رواه
الترمذي باللفظ المزبور عن ابن عباس
(6/18)
8266 - (من آذى عليا) بن أبي طالب (فقد
آذاني) قال ذلك ثلاثا وقد كانت الصحابة يعرفون له ذلك أخرج
الدارقطني عن عمر أنه سمع رجلا يقع في علي فقال: ويحك
أتعرف عليا هذا ابن عمه وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم والله ما آذيت إلا هذا في قبره. وروى الإمام
أحمد في زوائد المسند بلفظ إنك إن انتقصته فقد آذيت هذا في
قبره
(حم تخ ك) في فضائل الصحابة (عن عمرو بن شاس) الأسلمي وقيل
الأسدي شاعر فارس شجاع شهد الحديبية وهو القائل:
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا. . . كفا لمطايانا بوجهك هاديا
قال: خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني فوجدت في نفسي فقدمت
فاستظهرت شكايته بالمسجد فبلغ رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: يا عمرو والله لقد آذيتني قلت: أعوذ بالله أن
أوذيك فقال: من آذى عليا إلخ قال الحاكم: صحيح وأقره
الذهبي قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
(6/18)
8267 - (من آذى شعرة مني) أي أحدا من
أبعاضي وإن صغر كنى به عن ذلك كما قال فاطمة بضعة مني (فقد
آذاني ومن [ص:19] آذاني فقد آذى الله) زاد أبو نعيم
والديلمي فعليه لعنة الله ملء السماء وملء الأرض وقد أذهب
الله عنهم الرجس وطهرهم وشرفهم ليس لأنفسهم وإنما الله
الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف فلا ينبغي لمسلم أن يذمهم
بما وقع منهم فإن الله طهرهم ويعلم الذام لهم أن ذلك راجع
إليه ولو ظلموه فذلك الظلم في زعمه ظلم لا في نفس الأمر
وإن حكم عليه ظاهر الشرع بإيذائه بل حكم ظلمهم إيمانا في
نفس الأمر يشبه جري المقادير علينا في المال والنفس بغرق
أو حرق أو غيرهما من الأمور المهلكة ولا يجوز له أن يذم
قضاء الله بقدره بل يقابله بالرضى وإلا فالصبر ذكره ابن
عربي
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه أيضا
أبو نعيم والديلمي كما تقرر مسلسلا بأخذ شعرة فقال كل منهم
حدثنا فلان وهو أخذ بشعرة إلى أن قال الصحابي حدثني النبي
صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بشعرة
(6/18)
8268 - (من آذى أهل المدينة) النبوية (آذاه
الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل
الله منه صرفا ولا عدلا) أي نفلا ولا فرضا والمراد نفي
الكمال وقيل توبة ولا فدية لأنها تفادي المفدى وقيل شفاعة
ولا فدية وفيه تحذير عظيم ووعيد شديد لمن آذى أهلها وأخرج
الطبراني وغيره مرفوعا المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض حق
على أمتي أن يكونوا جيراني ما اجتنبوا الكبائر فمن لم يفعل
سقاه الله من طينة الخبال عصارة أهل النار وفي المدارك لما
قدم المهدي المدينة استقبله مالك في أشرافها على أميال
فلما أبصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسايره فقال: يا
أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك
ويسارك أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فإن ما في
الأرض قوم خير من أهل المدينة
(طب عن ابن عمرو) بن العاصي قال الهيثمي: وفيه العباس بن
الفضل الأنصاري وهو ضعيف اه. ينظر ما في رمز المصنف لحسنه
(6/19)
8269 - (من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني
فقد آذى الله) ومن آذى الله يوشك أن يهلكه
(طس عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وفيه موسى بن خلف
البصري العمي قال الذهبي: قال ابن حبان: كثرت روايته
للمناكير وقال غيره: ضعيف ووثقه بعضهم فقال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لرجل: رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم
من آذى مسلما إلخ
(6/19)
8270 - (من آذى ذميا فأنا خصمه) المطالب
بحقه لأن الذمي إذا أقر بالجزية لزم الإمام الدفع عنه فإذا
آذاه إنسان فقد افتات عليه وتعرض لمخاصمته فصار خصمه (ومن
كنت خصمه خصمته يوم القيامة)
(خط) في ترجمة داود بن علي بن خلف عن إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن ثقيف (عن ابن مسعود)
ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر
بخلافه بل أعله وقدح فيه وقال: حديث منكر بهذا الإسناد
وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: قال أحمد: لا أصل له وداود
الظاهري قال: قال الأزدي: تركوه وفي الميزان عباس بن أحمد
الواعظ عن داود قال الخطيب: غير ثقة ومن بلاياه أتى بخبر
من آذى ذميا أنا خصمه بإسناد مسلم والبخاري قال الخطيب:
الحمل فيه على عباس اه قال في اللسان: له راو غير ابن
التلاج وابن التلاج متهم بالاختلاق
(6/19)
8271 - (من أمن رجلا على دمه فقتله فأنا
بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرا) لكنه مؤمن بخلاف ما
إذا كان مرتدا [ص:20] أو حربيا وفيه أن لكل مسلم ولو عبدا
أو امرأة غير أسير ولا مكره تأمين كافر وكافرة قتله قال
الإمام: وعليه دية ذمي
(ن عن عمرو بن الحمق) قال الهيثمي: ورواه عنه الطبراني
بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات
(6/19)
8272 - (من آوى) بالمد والقصر فكل منهما
يلزم ويتعدى لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر
وبه جاء التنزيل {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة} {وآويناهما}
والمراد ضم إليه (ضالة) قال الزمخشري: صفة في الأصل
للبهيمة فغلبت قال: والمعنى أن من يضمها إلى نفسه متملكا
لها ولا ينشدها (فهو ضال) عن طريق الصواب أو آثم أو ضامن
إن هلكت عنده عبر به عن الضمان للمشاكلة وذلك لأنه إذا
التقطها فلم يعرفها فقد أضر بصاحبها وصار سببا في تضليله
عنها فكان ضالا عن الحق (ما لم يعرفها) قال النووي: فيه
لزوم تعريف اللقطة هبه قصر تملكها أو حفظها وهو الصحيح عند
الشافعية ويحتمل أن المراد ضالة الإبل ونحوها مما لا يلتقط
للتملك بل للحفظ فيجب تعريفها أبدا
(حم م) في القضاء (عن زيد بن خالد) الجهني ورواه النسائي
أيضا ولم يخرجه البخاري
(6/20)
8273 - (من آوى يتيما أو يتيمين) أي ضمهما
إليه وقام بمؤونتهما (ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة
كهاتين) تمامه عند مخرجه الطبراني وحرك أصبعيه السبابة
والوسطى قال الطيبي: وقوله في الجنة خبر كان فيجب أن يقدر
متعلقة خاصا ليوافقه قوله كهاتين أي متقارنين في الجنة
اقترانا مثل اقتران هاتين الأصبعين ويجوز أن يكون كهاتين
حالا من الضمير المستتر في الجنة
(طس عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه من
لم أعرفهم
(6/20)
8274 - (من ابتاع) أي اشترى (طعاما) هو ما
يؤكل (فلا يبعه حتى يستوفيه) أي يقبضه كما جاء مصرحا به في
رواية لئلا يكون متصرفا في ملك غيره بلا إذنه فإن الزيادة
على المسمى في الكيل والوازن للبائع وقيد الطعام اتفاقي
لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضا
عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز
(حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/20)
8275 - (من ابتاع) أي اشترى (مملوكا) عبدا
أو أمة (فليحمد الله) أي على تيسره له (وليكن أول ما
يطعمه) الشيء (الحلو) أي ما فيه حلاوة خلقية أو مصنوعة
(فإنه أطيب لنفسه) مع ما فيه من التفاؤل الحسن والأمر
للندب
(ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة) ورواه عنها أيضا ابن
عدي ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ مرفوعا وعده
ابن الجوزي في الموضوعات
(6/20)
8276 - (من ابتغى العلم) أي طلب تعلمه
(ليباهي به العلماء) أي يفاخرهم ويطاولهم به (أو يماري به
السفهاء) أي يجادلهم ويخاصمهم والمماراة المجادلة والمحاجة
من المرية وهي الشك فإن كان واحد من المتخاصمين يشك فيما
يقوله الآخر (أو تقبل) بطلبه [ص:21] (أفئدة الناس) أي
قلوبهم (إليه فإلى النار) أي فالمبتغى ذلك مآله إلى النار
وفي رواية فأدخله الله النار قال القاضي: ثم المختص بهذا
الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بد من دخوله الجنة كما
عرف بالنصوص الصحيحة فتأويل الحديث أن يكون تهديدا أو زجرا
عن طلب الدنيا بعمل الآخرة وعد الذهبي تعلم العلم لشيء مما
ذكر من الكبائر
(ك هب) من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عبد الله بن كعب
(عن) أبيه (كعب بن مالك) قال الحاكم: لم يخرجا لإسحاق
وإنما أخرجته شاهدا وقال الذهبي في الكبائر عقب تخريجه: في
الحديث إسحاق واه
(6/20)
8277 - (من ابتغى القضاء) أي طلبه (وسأل
فيه) أي في توليته (شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل
الله عليه ملكا يسدده) قال الطيبي: جمع بين ابتغى وطلب
وسأل إظهارا لحرصه فإن النفس مائلة إلى حب الرئاسة وطلب
الترفع فمن منعها سلم من هذه الآفة ومن اتبع هواه وسأل
القضاء هلك ولا سبيل إلى الشروع فيه إلا بالإكراه وفي
الإكراه قمع هوى النفس وحينئذ يسدده إلى طريق الصواب
(ت عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع
لمخرجه حيث قال: حسن غريب قال في المنار: ولم يبين علته
وقد خرجه من طريقين ففيه من طريق خيثمة النضري لم تثبت
عدالته وقال ابن معين: ليس بشيء ومن الطريق الأخرى بلال بن
مرداس مجهول وعبد الأعلى بن عباس ضعيف
(6/21)
8278 - (من ابتلى) البلاء الامتحان يعني من
امتحن (من هذه) الإشارة إلى أمثال المذكورات في السبب
الآتي في الفاقة أو جنس البنات مطلقا (البنات بشيء) من
أحوالهن أو من أنفسهن لينظر هل يحسن أو يسيء وعد نفس
وجودهن بلاء لما ينشأ عنهن من العار تارة والشر تارة
والفتن بين الأصهار أخرى (فأحسن إليهن) بالقيام بهن على
الوجه الزائد عن الواجب من نحو إنفاق وتجهيز وغير ذلك بما
يليق بأمثالهن على الكمال المطلوب (كن له سترا) أي حجابا
وأراد بالستر الجنس الشامل للقليل والكثير وإلا لقال
أستارا (من النار) جزاءا وفاقا فمن سترهن بالإحسان جوزي
بالستر من النيران وأفاد تأكيد حق البنات لضعفهن غالبا
بخلاف الذكور لما لهم من القوة وجودة الرأي وإمكان التصرف
غالبا
<تنبيه> قال الزين العراقي: لم يقيد هذه الرواية بالاحتساب
وقيده في أخرى به والظاهر حمل المطلق على المقيد
(حم ق ت عن عائشة) قالت: دخلت امرأة ومعها بنتان لها فسألت
فلم أجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين
ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله
عليه وسلم فأخبرته فذكره
(6/21)
8279 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين
فليعدل بينهم في لحظه) أي نظره إلى من تحاكم إليه منهم
(وإشارته ومقعده ومجلسه) وجميع وجوه الإكرام من السلام
وغيره فيحرم عليه ترك التسوية
(قط طب هق عن أم سلمة) قال الذهبي في المهذب: إسناده واه
(6/21)
8280 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فلا
يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر) بل يسوي
بينهم [ص:22] في الرفع وعدمه لوجوب التسوية كما مر
(طب هق عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال
مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه الحديث: محمد بن العلاء أي
أحد رجاله ليس بالقوي اه. وفيه محمد بن الحسين السلمي
الصوفي وقد سبق عن الخطيب أنه وضاع
(6/21)
8281 - (من ابتلي) بضم التاء (فصبر وأعطى)
بكسر الطاء (فشكر وظلم) بضم الظاء (فغفر وظلم) بفتح الظاء
(فاستغفر: أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) استدل به القرطبي
وغيره على أن حصول الابتلاء وكل ما يترتب عليه التكفير لا
يحصل به الموعود إلا بانضمام الصبر إليه ورد بأن الكلام
هنا في ثواب مخصوص وهو حصول الأمن والهداية لا في مطلق
الثواب
(طب هب عن سخبرة) بمهملة مفتوحة فمعجمة ساكنة فموحدة تحتية
مفتوحة وزن مسلمة هو الأزدي وقيل الأسدي وهو والد عبد الله
بن سخبرة له صحبة ذكره ابن الأثير وفي التقريب كأصله:
صحابي في إسناد حديثه ضعف اه ورمز المصنف لحسنه وأصله قول
الحافظ في الفتح: خرجه الطبراني بسند حسن
(6/22)
8283 - (من أتى المسجد) أي قصده (لشيء) أي
لفعل شيء فيه (فهو حظه) أي نصيبه من إتيانه لا يحصل له
غيره فمن أتاه لصلاة حصل له أجرها أو لزيارة بيت الله حصلا
له ومن أتاه لهما مع تعلم علم أو إرشاد جاهل حصل له ما
أتاه لأجله أو أتاه لنحو تفرج أو إنشاد ضالة فهو حظه وهو
من قوله عليه السلام وإنما لكل امرء ما نوى
(د عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه عنه ابن ماجه أيضا قال
عبد الحق: وفيه عثمان بن أبي عاتكة قال ابن معين: ليس بشيء
وابن حنبل: لا بأس به وقال المنذري: ضعفه غير واحد وقال
الذهبي: صدقه النسائي ووثقه غيره
(6/22)
8282 - (من أبلى) بضم الهمزة وكسر اللام
(بلاء) أي أنعم عليه بنعمة والبلاء يستعمل في الخير والشر
لأن أصله الاختبار والامتحان كما تقرر (فذكره فقد شكره)
يعني أن من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره
وذا لا ينافي رؤية النعمة منه تعالى لأن للمعطي طريقا في
وصولها وقد أثنى الله على عباده بأعمالهم وهو خالقها ومن
تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء ولا يحتقره (وإن كتمه فقد
كفره) أي ستر نعمة العطاء وغطاها {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن
كفرتم إن عذابي لشديد}
(د والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله ورواته
ثقات
(6/22)
8284 - (من أتى عرافا) بالتشديد وهو من
يخبر بالأمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يرده
جمعه بينهما في الخبر الآتي قال النووي: والفرق بين الكاهن
والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن
المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار والعراف يتعاطى معرفة الشيء
المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ومن الكهنة من يزعم أن جنيا
يلقي إليه الأخبار ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه
وأمارات يستدل بها عليه وقال ابن حجر: الكاهن الذي يتعاطى
الخبر عن الأمور المغيبة وكانوا في الجاهلية كثيرا فمعظمهم
كان يعتمد على من تابعه من الجن وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك
بمقدمات أسباب يستدل على مواقعها من كلام من يسأله وهذا
الأخير يسمى العراف بمهملتين اه (فسأله عن شيء) أي من
المغيبات ونحوها (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) خص العدد
بالأربعين على عادة العرب في [ص:23] ذكر الأربعين والسبعين
ونحوهما للتكثير أو لأنها المدة التي ينتهي إليها تأثير
تلك المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي
ذلك التأثير ذكره القرطبي وخص الليلة لأن من عاداتهم
ابتداء الحساب بالليالي. وخص الصلاة لكونها عماد الدين
فصومه كذلك كذا قيل ثم اعلم أن ذا وما أشبهه كمن شرب الخمر
يلزمه الصلاة وإن لم تقبل. إذ معنى عدم القبول عدم الثواب
لاستحقاق العقاب فالصلاة مع القبول لفاعلها الثواب بلا
عقاب ومع نفيه لا ثواب ولا عقاب هذا ما عليه النووي لكن
اعترض بأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين فكيف يسقط ثواب
صلاة صحيحة بمعصية لاحقة؟ فالوجه أن يقال المراد من عدم
القبول عدم تضعيف الأجر لكنه إذا فعلها بشروطها برئت ذمته
من المطالبة بها ويفوته قبول الرضا عنه وإكرامه ويتضح
باعتبار ملوك الأرض {ولله المثل الأعلى} وذلك أن المهدي
إما مردود عليه أو مقبول منه والمقبول إما مقرب مكرم وإما
ليس كذلك فالأول البعيد المطرود والثاني المقبول التام
الكامل والثالث لا يصدق عليه أنه كالأول فإنه لم يرد هديته
بل التفت إليه وقبل منه لكن لما يثب صار كأنه غير مقبول
منه فصدق عليه أنه لم يقبل منه
(حم م) في الطب (عن بعض أمهات المؤمنين) وعينها الحميدي
بأنها حفصة
(6/22)
8285 - (من أتى عرافا أو كاهنا) وهو من
يخبر عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس
أو دولة أو محنة أو منحة (فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل
الله على محمد) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريدا وأفاد
بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقدا صدقه فلو فعله
استهزاء معتقدا كذبه فلا يلحقه الوعيد ثم إنه لا تعارض بين
ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه
يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من
الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر قال
الراغب: العرافة مختصة بالأمور الماضية والكهانة بالحادثة
وكان ذلك في العرب كثيرا وآخر من روى عنه الأخبار العجيبة
سطيح وسواد بن قارب
(حم ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وقال الحافظ
العراقي في أماليه: حديث صحيح ورواه عنه البيهقي في السنن
فقال الذهبي: إسناده قوي
(6/23)
8286 - (من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن
يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهرا عليه (حتى
يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور
بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه)
(ن هـ حب ك عن أبي الدرداء) قال الحاكم: على شرطهما وعلته
أن معاوية بن عمرو رواه عن زائدة فوقفه وحسين الجعفي أحفظ
كذا في المستدرك وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده
صحيح وقال المنذري: سنده جيد
(6/23)
8287 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب)
خطبتها (كانت له ظهرا) أي فاتته الجمعة فلا يصح ما صلاه
جمعة بل ظهرا لفوات شرطها من سماعه للخطبة وهذا إن لم يتم
العدد إلا به
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن العاص
(6/23)
8288 - (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو
أتى امرأة حائضا) أي جامعها حال حيضها (أو أتى امرأة في
دبرها) قال الطيبي: أتى: لفظ مشترك بين المجامعة وإتيان
الكاهن (فقد بريء مما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم
قال الطيبي: تغليظ شديد ووعيد هائل كيف لم يكتف بكفره بل
ضم إليه [ص:24] بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وصرح
بالعلم تجديدا والمراد بالمنزل الكتاب والسنة أي من ارتكب
هذه المذكورات فقد بريء من دين محمد صلى الله عليه وسلم
بما أنزل عليه وفي تخصيص المرأة المنكوحة في دبرها دلالة
على أن إتيان الأجنبية سيما الذكران أشد نكيرا وفي تقديم
الكاهن عليهما ترق من الأهون إلى الأغلظ اه. وقال المظهر:
المراد أن من فعل هذه المذكورات واستحلها فقد كفر ومن لم
يستحلها فهو كافر النعمة على ما مر غير مرة وليس المراد
حقيقة الكفر وإلا لما أمر في وطء الحائض بالكفارة كما بينه
الترمذي وغيره واعلم أن إتيان الكاهن شديد التحريم حتى في
الملل السابقة قال في السفر الثاني من التوراة: لا تتبعوا
العرافين والقافة ولا تنطلقوا إليهم ولا تسألوهم عن شيء
لئلا تتنجسوا بهم وفي الثالث من تبعهم وضل بهم أنزل به
غضبي الشديد وأهله من شيعه اه. وإتيان الحائض مضر شرعا
وطبا قال الحرالي: هو مؤذ للجسم والنفس لاختلاط النطفة
بركس الدم الفاسد العافن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض
لولدها أنواع من الآفات. <فائدة> قال الحافظ ابن حجر في
اللسان في ترجمة سهل بن عمار: أصل وطء الحليلة في الدبر أي
فعله مروي عن ابن عمرو عن نافع وعن مالك من طرق عدة صحيحة
بعضها في صحيح البخاري وفي غريب مالك للدارقطني
(حم 4) في الطب والبعض في الطهارة (عن أبي هريرة) قال
البغوي: سنده ضعيف قال المناوي: وهو كما قال وقال الترمذي:
ضعفه البخاري وقال ابن سيد الناس: فيه أربع علل التفرد عن
غير ثقة وهو موجب للضعف وضعف رواته والانقطاع ونكارة متنه
وأطال في بيانه وقال الذهبي في الكبائر: ليس إسناده
بالقائم وقال المنذري: رووه كلهم من طريق حكيم الأثرم عن
ابن تميمة وهو طريق خالد عن أبي هريرة وسئل ابن المديني من
حكيم فقال: عيانا هذا وقال البخاري: لا يعرف لابن تميمة
سماع من أبي هريرة
(6/23)
8289 - (من أتى كاهنا فسأله عن شيء حجبت
عنه التوبة أربعين ليلة فإن صدقه بما قال كفر) تمسك به
الخوارج على أصولهم الفاسدة في التكفير بالذنوب ومذهب أهل
السنة أنه لا يكفر فمعناه قد كفر النعمة أي سترها فإن
اعتقد صدقه في دعواه الإطلاع على الغيب كفر حقيقة على ما
مر بسطه
(طب عن واثلة) بن الأسقع قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي:
فيه سليمان بن أحمد الواسطي وهو متروك
(6/24)
8290 - (من أتى إليكم معروفا فكافئوه) لأن
في ذلك التواصل والتحابب والذي أتاك المعروف محتاج كأنت
فقابله بمثل فعله وأحسن قال سبحانه {وإذا حييتم بتحية
فحيوا بأحسن منها} قيل هو في الهدية وقيل السلام (فإن لم
تجدوا) ما تكافئوه به (فادعوا) الله (له) أن يكافئه عنكم
وفي خبر إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في
الثناء
(هب عن الحكيم بن عمير) الثمالي قال الهيثمي: فيه يحيى بن
يعلى الأسلمي وهو ضعيف
(6/24)
8291 - (من أتى امرأة) أي جامعها (في
حيضها) عمدا أو جهلا (فليتصدق) ندبا وقيل وجوبا (بدينار)
أي بمثقال إسلامي خالص (ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم
تغتسل فنصف دينار) ولا شيء على المرأة لأنه حق تعلق بالوطء
فخوطب به الرجل دونها كالمهر
(طب عن ابن عباس) وصححه الحاكم لكن نوزع بضعف سنده واضطراب
متنه فروى مرفوعا وموقوفا ومرسلا ومعضلا وبدينار مطلقا
وبنصف كذلك وبخمسي دينار وباعتبار صفات الدم وبدونه
وباعتبار أول الحيض وآخره لكن أطال ابن القطان في الانتصار
له وأنه من [ص:25] طريق أبي داود صحيح وإن كان ضعيفا من
غيرها قال ابن حجر: وهو الصواب ولا يضر الاضطراب فكم من
حديث احتجوا به وفيه من الخلف أكثر مما في هذا الخبر؟ كخبر
القلتين وفيه رد على النووي في زعمه ضعفه. اه
(6/24)
8292 - (من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن
أخوه من النسب (متنصلا) أي منتفيا من ذنبه معتذرا إليه
(فليقبل ذلك منه) ندبا مؤكدا سواء كان (محقا) في اعتذاره
(أو مبطلا) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد
علي الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه لأن
تنصله خروج من الذنب واستسلام له والله سبحانه يقبل التوبة
ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه وهو يحب
صفاته ويحب من تخلق بشيء منها كما سبق فمن عرض عليه التحلي
بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه
خائبا ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك فإطالة
عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس فيعاقب بتقديم
غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى يكون من آخر
الواردين
<تنبيه> حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع
عبد الله الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر
إليه في السر فأنشد الختن
جفاء جرى لدى الناس فانبسط. . . وعذر إلى سر فأكد ما فرط
ومن رام أن يمحو جلى اعتدائه. . . خفي اعتذار فهو في أعظم
الغلط
فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو
الذي جرى عليه التقصير وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث
محقا أو مبطلا إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال والحاصل
أن الكلام في مقامين مقام يتعلق بالعافي وهذا الأكمل فيه
قبول العذر وإن علم كذبه سواء أنكر وقوع الذنب أو أقر فطلب
العفو ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها
به في الملأ فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان
بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به وهذا بالنسبة إلى
الآحاد أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال
(ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن السني والديلمي
(6/25)
8293 - (من اتبع الجنازة فليحمل بجوانب
السرير كلها) النعش الذي فوقه الميت وفي الحديث إيماء إلى
تفضيل التربيع في حمل الجنازة وهو أن يتقدم رجلان ويتأخر
رجلان وهو مذهب الحنفية وفضل الشافعية الحمل بين العمودين
وهو أن يضع واحد العمودين على عاتقيه ويحمل المؤخر رجلان
لأدلة أخرى
(هـ عن ابن مسعود)
(6/25)
8294 - (من اتبع كتاب الله) القرآن أي
أحكامه (هداه من الضلالة ووقاه سوء الحساب يوم القيامة)
تمامه عند الطبراني وذلك أن الله عز وجل قال: {فمن اتبع
هداي فلا يضل ولا يشقى} انتهى
(طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أبو شيبة وعمران بن أبي
عمران وكلاهما ضعيف جدا
(6/25)
8295 - (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر
الله إليه في العمر) أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب
العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا؟
فيقول خدعني فلان وغرني كذا ورجوت كذا وخفت كذا [ص:26]
فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد
ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت
بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة
ولا قوة إلا بالله قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدا
لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة وترقب المنية
فهذا إعذار بعد إعذار لطفا منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من
حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا
بعد الحجة الواضحة
(حم) من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد
المقبري (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وخرجه البيهقي في
الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال: استشهد
به البخاري وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من
الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ
المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد
(6/25)
8296 - (من أتته) في رواية الطبراني من
هديت له (هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه فيها) لأنه تعالى
قد أوصى في التنزيل بالإحسان إلى الجليس وهو يعم الصاحب في
الحضر والرفيق في السفر والزوجة وهي أعظمها وإنما وجب لهم
حق الإكرام بمقاسمتهم من الإنعام لأنه سبحانه وتعالى أقام
لك من جهتهم مرفقا موفقا ومنفعا فإن لم يوجب لهم الحق لم
يشكرهم والله لا يحب الكفور قال الحكيم: الجلساء هم الذين
داوموا على مجالستك حتى صاروا معك كشيء واحد فليس كل من
جلس إليك جليسك بل الجليس من أفضى إليك أسراره ويخالطك في
أمورك فله حق وحرمة
(حكاية) قال ابن العربي: أخبرني بهجة الملك أبو طالب ابن
عين الدولة ملك صور أنه أهدى لملك مصر هدية عظمى جمعت كل
ظريفة وتحفة من الآلات السلطانية والذخائر العجيبة قال: إن
وجه حسنها لم يوجد مثلها لعينها وواصل جمعها في أعوام
كثيرة فلما كملت بعثها إليه فدخل الرسل عليه في فسطاط مصر
وسلموا له كتب الهدية وكان بالمجلس ابن ربيعة ملك طيء ضيفا
فقال له: الهدية مشتركة فقال: أما لمثلنا فلا تصح الشركة
ولا تليق وهي بجملتها لك فأخذها. قال بهجة الملك: فما أسف
على هبتها بل على كونه لم يقف على أعيانها حتى يرى ما لم
تقع عينه على مثله في مملكته
(طب) وكذا الخطيب (عن الحسن بن علي) قال الهيثمي: وفيه
يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضا في
الكبير والأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي: وفيه مندل بن علي
ضعيف وقد وثق ورواه أيضا العقيلي وابن حبان في الضعفاء
والبيهقي من حديث ابن عباس ثم قال العقيلي: لا يصح في هذا
المتن حديث قال في الميزان: وقد علقه البخاري وقال: لا يصح
قال في اللسان: وله طريق إلى ابن عباس موقوفة وسندها جيد
اه. أما المرفوع فحكم ابن الجوزي بوضعه من جميع طرقه
(6/26)
8297 - (من اتخذ من الخدم غير ما) أي أمة
(ينكح) ها (ثم بغين) أي زنين (فعليه مثل آثامهن) لأنه
السبب فيها (من غير أن ينقص من آثامهن شيء) قال في
المطامح: هذا ظاهر من حيث المعنى لأن فاعل السبب كفاعل
المسبب ولا يتحقق ذلك إلا إذا قدر على الكف والمنع من
المعصية وأسبابها اه. وأخذ منه أن العاجز عن الوطء ينبغي
له عدم اتخاذ السراري ومن ثم قيل:
إذا تزوج شيخ الدار غانية. . . مليحة القد تزهى ساعة النظر
فقد تزايغ في أحواله وأتت. . . فأتى القيادة يستقصي عن
الخبر
(البزار) في مسنده (عن سلمان) الفارسي وفيه عطاء بن يسار
عن سلمان الفارسي قال عبد الحق: وعطاء لم يعلم سماعه منه
فإن فيه سعيد بن الجرو لا أعلم له وجودا إلا هنا وفيه سلمة
بن كلثوم يروي عنه جمع ومع ذلك هو مجهول الحال
(6/26)
[ص:27] 8298 - (من اتقى الله) أي أطاعه في
أمره ونهبه ولم يعصه بقدر الاستطاعة (عاش قويا) في دينه
وبدنه حسا ومعنى وأي قوة أعظم من التأييد والنصر {إن الله
مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (وسار في بلاده) كذا
فيما وقفت عليه من النسخ لكن لفظ رواية العسكري وسار في
بلاد عدوه (آمنا) مما يخاف {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم
كيدهم شيئا} {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}
قال الغزالي: التقوى كنز عزيز فإن ظفرت به فكم نجد فيه من
جوهر شريف وعلق نفيس وخير كثير ورزق كريم وفوز كبير وملك
عظيم فخيرات الدنيا جمعت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي
التقوى وكل خير وسعادة في الدارين تحت هذه اللفظة فلا تنس
نصيبك منها وقال بعض العارفين لشيخه: أوصني قال: أوصيك
بوصية رب العالمين للأولين والآخرين من قوله {ولقد وصينا
الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}
(حل عن علي) أمير المؤمنين ورواه بهذا اللفظ العسكري عن
سمرة مرفوعا
(6/27)
8299 - (من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء
ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء) لأن من كان ذا حظ
من التقوى امتلأ قلبه بنور اليقين فانفتح عليه من الجلال
والهيبة ما يهابه به كل من يراه وبقلة التقوى يقل اليقين
وتستولي الظلمة على القلب ومن هذا حاله فهو كالكلب فأنى
يهاب؟ فعلى قدر خوف العبد من ربه يكون خوف الخلق منه فكلما
اشتد خوف العبد من الرب اشتد خوف الخلق منه قال بعضهم:
الخائف الذي يخافه المخلوقات وهو الذي غلب عليه خوف الله
وصار كله خوفا وقد كان سعيد بن المسيب مع شدة زهده وتقشفه
يستأذنون عليه هيبة له كما يستأذنون على الأمراء بل أشد
وكان يقول: ما استغنى أحد بالله إلا وافتقر الناس إليه
(الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع
(6/27)
8300 - (من اتقى الله كل) بفتح الكاف وشد
اللام (لسانه ولم يشف غيظه) ممن فعل به مكروها لأن التقوى
عبارة عن امتثال أوامر الله وتجنب نواهيه ولن يصل العبد
إلى القيام بأوامره إلا بمراقبة قلبه وجوارحه في لحظاته
وأنفاسه بحيث يعلم أنه مطلع عليه وعلى ضميره ومشرف على
ظاهره وباطنه محيط بجميع لحظاته وخطراته وخطواته وسائر
حركاته وسكناته وذلك مانع له مما ذكر فمن زعم أنه من
المتقين وهو ذرب اللسان منتصر لنفسه مشف لغيظه فهو من
الكاذبين لا بل من الهالكين
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (التقوى عن سهل
بن سعد) ورواه عنه أيضا الديلمي في مسند الفردوس قال
الحافظ العراقي: وسنده ضعيف قال: ورأيناه في الأربعين
البلدانية للسلفي
(6/27)
8301 - (من اتقى الله وقاه كل شيء) يخافه
{ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فأعظم
بخصلة تضمنت موالاة الله وانتفاء الخوف والحزن وحصول
البشرى في الدنيا والعقبى {إن الله يحب المتقين} {ألا إن
أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا
وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة}
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا
الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف
أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير غير جيد
(6/27)
8302 - (من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه)
بضم أوله المهملة (في سبيل الله فاحتسبهم على الله وجبت له
الجنة) [ص:28] تفضلا منه بإنجاز وعده ولا يجب على الله شيء
قال في الفردوس: أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة
(طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات اه.
وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني باللفظ المذكور
من الوجه المزبور: رواته ثقات فكان ينبغي للمؤلف عزوه
لأحمد إذ هو أولى بالعزو من الطبراني ثم إنه أيضا قد رمز
لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته
(6/27)
8303 - (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له
الجنة) قال بعض شراح المصابيح: المراد بالوجوب هنا وفيما
مر ويأتي الثبوت لا الوجوب الاصطلاحي (ومن أثنتيم عليه
شرا) بنصب خير وشر بإسقاط الجار وذكر الثناء مقابلا للشر
للمشاكلة (وجبت له النار) أي إن طابق الثناء الواقع لأن
مستحق أحد الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول يخالف الواقع
أو مطلقا لأن إلهام الناس الثناء آية أنه غفر له وأورد لفظ
الوجوب زيادة في التقريع والتهديد وإلا فقد يغفر للعاصي
المؤمن قال القرطبي: هذا الحديث يعارضه حديث البخاري لا
تسبوا الأموات إلخ والثناء بالشر سب فقيل: خاص بالمنافقين
الذين شهد فيهم الصحب بما ظهر منهم وقيل: هو عام فيمن يظهر
الشر ويعلن به فيكون من قبيل لا غيبة لفاسق وقيل: النهي
بعد الدفن لا قبله (أنتم شهداء الله في الأرض) قاله ثلاثا
للتأكيد وفي إضافة الشهداء إلى الله غاية التشريف وإشعار
بأنهم عنده بمنزلة علية لأنه عدلهم حيث قبل شهادتهم {وكذلك
جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} والوسط العدل
قال بعض الشراح: والمراد شهادة الصحابة وغيرهم ممن كان
بصفتهم لا شهادة الفسقة لأنهم قد يثنون على من هو مثلهم
ولا شهادة من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا
تقبل وقيل: معنى الخبر إن الثناء بالخير ممن أثنى عليه أهل
الفضل وطابق الواقع فهو من أهل الجنة وإن لم يطابق الواقع
فلا وكذا عكسه قال النووي: والصحيح أنه على عمومه وأن من
مات فألهم الناس الثناء عليه بخير فهو من أهل الجنة هب
أفعاله تقتضيه أم لا ووقوع الثناء بالشر كان قبل النهي عن
سب الأموات والنهي خاص بغير نحو منافق ومتجاهر بفسق أو
بدعة كما مر
(حم ق ن عن أنس) قال: قاله لما مر بجنازة فأثنى عليها
(6/28)
8304 - (من اجتنب أربعا) من الخصال (دخل
الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر
نظيره غير مرة (الدماء) بأن لا يريق دم امرئ ظلما
(والأموال) بأن لا يتناول منها شيئا بغير حق (والفروج) بأن
لا يستمتع بفرج غير حليلته أو بفرج حليلته حيث قام بها
مانع عارض كحيض وغيره (والأشربة) بأن لا يدخل جوفه شرابا
شأنه الإسكار وإن لم يسكر لقلته
(البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال
الهيثمي: وفيه داود بن الجراح. قال ابن معين وغيره: يغلط
في حديث سفيان دون غيره قال الهيثمي: وهذا من حديثه عن
سفيان وعد في الميزان هذا من مناكير داود ومن ثم قال ابن
الجوزي: حديث لا يصح
(6/28)
8305 - (من أجرى الله على يديه فرجا لمسلم)
معصوم (فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا وهذا
فضل عظيم لقضاء حوائج الناس لم يأت مثله إلا قليلا
(خط عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين وفيه المنذر بن زياد
الطائي [ص:29] قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك
(6/28)
8306 - (من أجل سلطان الله يوم القيامة)
أراد بسلطان الله الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما
تقتضيه نواميس الألوهية وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من
أهانه أهانه الله وقد ورد هذا صريحا في خبر رواه الطيالسي
(طب عن أبي بكرة)
(6/29)
8307 - (من أحاط حائطا على أرض فهي له) أي
من أحيا مواتا وحاط عليه حائطا من جميع جوانبه ملكه فليس
لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوط جدارا على موات
ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا
الخبر على من قصد نحو حوش لا دار
(حم د) في الإحياء (والضياء) في المختارة كلهم من حديث
الحسن (عن سمرة) قال ابن حجر: في صحة سماعه منه خلف ورواه
عبد بن حميد من حديث جابر
(6/29)
8308 - (من أحب لله) أي لأجله ولوجهه مخلصا
لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض لله) لا لإيذاء من أبغضه له
بل لكفره أو عصيانه (وأعطى لله) أي لثوابه ورضاه لا لميل
نفسه (ومنع لله) أي لأمر لله كأن لم يصرف الزكاة لكافر
لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع الله لهما منها واقتصار
المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا
جملة وهي قوله ونكح لله هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر
الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله ذكره المظهر
قال الطيبي: وهو بحسب اللغة أما عند علماء البيان ففيه
مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرد من نفسه
شخصا يطلب منه الإيمان وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى
الإيمان والإحسان إذ من جملة حب الله حب رسوله ومتابعته
لو كان حبك صادقا لأطعته. . . إن المحب لمن يحب مطيع
ومن جملة البغض لله النفس الأمارة وأعداء الدين وقال
بعضهم: وجه جعله ذلك استكمالا للإيمان أن مدار الدين على
أربعة قواعد: قاعدتان باطنتان وقاعدتان ظاهرتان فالباطنتان
الحب والبغض والظاهرتان الفعل والترك فمن استقامت نيته في
حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل مراتب الإيمان
(تتمة) قال في الحكم: ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا
ولا يطلب منه عرضا بل المحب من يبذل لك ليس المحب الذي
تبذل له وقال ابن عربي: من صفة المحب أنه خارج عن نفسه
بالكلية وذلك أن نفس الإنسان الذي يمتاز بها عن غيره إنما
هي إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد منه محبوبه فقد خرج عن
نفسه بالكلية فلا تصرف له إلا به وفيه وله فإذا أراد به
محبوبه أمرا علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع
لقبوله لأنه خرج له عن نفسه فلا إرادة له معه
(د) في السنة (والضياء) المقدسي وكذا البيهقي في الشعب (عن
أبي أمامة) وخرجه الترمذي وكذا الإمام أحمد عن معاذ بن أنس
مثله قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف اه. أي وذلك
لأن فيه كما قال المنذري القاسم بن عبد الرحمن الشامي تكلم
فيه غير واحد
(6/29)
8309 - (من أحب لقاء الله) أي المصير إلى
ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان الله
وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب الله لقاءه) أي
أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء الله) حين يرى
ماله من العذاب حالتئذ (كره الله لقاءه) أبعده من رحمته
وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف
[ص:30] منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى
لقاءه والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء الله حين أحب
الله لقاءهم لأن المحبة صفة الله ومحبة العبد ربه منعكسة
منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم
على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع وقال الزمخشري: لقاء
الله هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله فمن كره ذلك
وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوما وليس الغرض بلقاء الله
الموت لأن كلا يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض
المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود
العظيم وقال الحرالي: هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند
الكشف حال الغرغرة وللخواص في محل الحياة إذ لو كشف لهم
الغطاء لما ازدادوا يقينا فما هو للمؤمنين بعد الكشف من
محبة لقاء الله فهو للموقن في حياته لكمال الكشف له مع
وجوب حجاب الملك الظاهر
(تتمة) ذكر بعض العارفين أنه رأى امرأة في المطاف وجهها
كالقمر معلقة بأستار الكعبة تبكى وتقول بحبك لي إلا ما
غفرت لي فقال: يا هذه أما يكفيك أن تقولي بحبي لك فما هذه
الجرأة؟ فالتفتت إليه وقالت له: يا بطال أما سمعت قوله
تعالى {يحبهم ويحبونه} فلولا سبق محبته لما أحبوه فخجل
واستغفر
(حم ق) في الدعوات (ت) في الزهد (ن) في الجنائز (عن عائشة
وعن عبادة) بن الصامت وفي الباب غيرهما أيضا
(6/29)
8310 - (من أحب الأنصار) لما لهم من المآثر
الحميدة في نصرة الدين وقيام نواميس الشريعة وقتالهم
بالسنان واللسان على إعلان الإيمان (أحبه الله) أي أنعم
عليه وزاد في تقريبه والإحسان إليه (ومن أبغض الأنصار
أبغضه الله) أي عذبه قالوا: ومن علامة محبتهم محبة ذريتهم
وأن ينظر إليهم نظره إلى آبائهم بالأمس كما لو كان معهم
(حم تخ عن معاوية) بن أبي سفيان (هـ حب عن البراء) بن عازب
قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح
(6/30)
8311 - (من أحب أن يكثر الله خير بيته
فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع) يحتمل أن المراد الوضوء
الشرعي ويحتمل اللغوي ثم رأيت المنذري قال في ترغيبه:
المراد به غسل اليدين ويظهر أنه أراد بالغذاء ما يتغذى به
البدن وإن أكل آخر النهار لأن المراد ما يؤكل أوله فقط
وفيه رد على مالك في كراهته غسل اليدين قبله لأنه من فعل
العجم من حديث جنادة بن المفلس عن كثير بن سليم
(هـ عن أنس) بن مالك قال الزين العراقي: وجنادة وكثير
ضعيفان وجزم المنذري بضعف سنده وقال في الميزان: ضعفه ابن
المزني وأبو حاتم وقال النسائي: متروك وقال أبو زرعة: واه
وقال البخاري: منكر الحديث وساق له أخبارا هذا منها
(6/30)
8312 - (من أحب شيئا أكثر من ذكره) أي
علامة صدق المحبة إكثار ذكر المحبوب ولهذا قال أبو نواس:
وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى. . . فلا خير في اللذات
من دونها ستر
قال في الرعاية: علامة المحبين كثرة ذكر المحبوب على
الدوام لا يتقطعون ولا يملون ولا يفترون فذكر المحبوب هو
الغالب على قلوب المحبين لا يريدون به بدلا ولا يبغون عنه
حولا ولو قطعوا عن ذكر محبوبهم فسد عيشهم وقال بعضهم:
علامة المحبة ذكر المحبوب على عدد الأنفاس
<فائدة> اجتمع عند رابعة علماء وزهاد وتفاوضوا في ذم
الدنيا وهي ساكتة فلاموها فقالت: من أحب شيئا أكثر من ذكره
إما بحمد أو ذم فإن كانت الدنيا في قلوبكم لا شيء فلم
تذكرون لا شيء؟
(فر عن عائشة) ورواه عنها أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه
أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه أو جمعهما لكان أولى
(6/30)
[ص:31] 8313 - (من أحب دنياه أضر بآخرته)
لأن من أحب دنياه عمل في كسب شهوتها وأكب على معاصيه فلم
يتفرغ لعمل الآخرة فأضر بنفسه في آخرته ومن نظر إلى فناء
الدنيا وحساب حلالها وعذاب حرامها وشاهد بنور إيمانه جمال
الآخرة أضر بنفسه في دنياه يحمل مشقة العبادات وتجنب
الشهوات فصبر قليلا وتنعم طويلا ولأن من أحب دنياه شغلته
عن تفريغ قلبه لحب ربه ولسانه لذكره فتضر آخرته ولا بد كما
أن محبة الآخرة تضر بالدنيا ولا بد كما قال (ومن أحب آخرته
أضر بدنياه) أي هما ككفتي الميزان فإذا رجحت إحدى الكفتين
حفت الأخرى وعكسه وهما كالمشرق والمغرب ومحال أن يظفر سالك
طريق الشرق بما يوجد في الغرب وهما كالضرتين إذا أرضيت
إحداهما أسخطت الأخرى فالجمع بين كمال الاستئصال في الدنيا
والدين لا يكاد يقع إلا لمن سخره الله لتبديل خلقه في
معاشهم ومعادهم وهم الأنبياء أما غيرهم فإذا شغلت قلوبهم
بالدنيا انصرفت عن الآخرة وذلك أن حب الدنيا سبب لشغله بها
والانهماك فيها وهو سبب للشغل عن الآخرة فتخلو عن الطاعة
فيفوت الفوز بدرجاتها وهو عين المضرة. بنى ملك مدينة وتأنق
فيها ثم صنع طعاما ونصب ببابها من يسأل عنها فلم يعبها إلا
ثلاثة فسألهم فقالوا: رأينا عيبين قال: وما هما؟ قالوا:
تخرب ويموت صاحبها قال: فهل ثم دار تسلم منهما؟ قالوا: نعم
الآخرة فتخلى عن الملك وتعبد معهم ثم ودعهم فقالوا: هل
رأيت منا ما تكره؟ قال: لا لكن عرفتموني فأكرمتموني فأصحب
من لا يعرفوني. والباء في القرينتين للتعدية (فآثروا ما
يبقى على ما يفنى) ومن أحبها صيرها غايته وتوسل إليها
بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه والى الآخرة فعكس
الأمر وقلب الحكمة فانتكس قلبه وانعكس سره إلى وراء فقد
جعل الوسيلة غاية والتوسل بعمل الآخرة بالدنيا وهذا سر
معكوس من كل وجه وقلب منكوس غاية الانتكاس وقد ذم الله من
يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة بقوله {يحبون العاجلة
ويذرون الآخرة} وذم حبها يستلزم مدح بغضها وقال علي:
الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب إذا قربت من إحداهما بعدت
عن الأخرى
(حم ك) من حديث المطلب بن عبد الله (عن أبي موسى) الأشعري
قال الحاكم: على شرطهما ورده الذهبي وقال: فيه انقطاع اه
وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد ثقات
(6/31)
8314 - (من أحب أن يسبق الدائب) أي المجد
المجتهد من دأب في العمل جد أو تعب (المجتهد) أي المجد
البالغ (فليكف عن الذنوب) لأن شؤم الذنوب يورث الحرمان
ويعقب الخذلان ويثمر الخسران وقيد الذنوب يمنع من المشي
إلى الطاعة ومسارعة الخدمة وثقل الذنوب يمنع من الخفة
للخيرات والنشاط في الطاعات. والدين شطران ترك المناهي
وفعل الطاعات وترك المناهي وهو الأشد فمن كف عنها فهو من
السابقين المجدين حقا والطاعة يقدر عليها كل أحد وترك
الشهوات لا يقدر عليها إلا الصديقون وجوارحك نعمة من الله
عليك ونعمة لدينك فالاستعانة بنعمة الله على معصيته غاية
الكفران والخيانة في الأمانة الموعودة عندك غاية الطغيان
(حل) من حديث عبد الله بن محمد بن النعمان عن فروة بن أبي
معراء عن علي بن مسهر عن يوسف بن ميمون عن عطاء (عن عائشة)
ثم قال: غريب تفرد به يوسف عن عطاء
(6/31)
8315 - (من أحب أن يتمثل له الرجال) وفي
رواية العباد وفي أخرى عباد الله (قياما) أي ينتصب والمثول
الانتصاب يعني يقومون قياما بأن يلزمهم بالقيام صفوفا على
طريق الكبر والتجوه أو بأن يقام على رأسه وهو جالس قال
الطيبي: قياما يجوز كونه مفعولا مطلقا لما في التمثيل من
معنى القيام وأن يكون تمييز الاشتراك التمثيل بين المعنيين
(فليتبوأ [ص:32] مقعده من النار) قال الزمخشري: أمر بمعنى
الخبر كأنه قال من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار
وحق له ذلك اه. وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء
بنفسه واعتقاد الكمال وذلك عجب وتكبر وجهل وغرور ولا
يناقضه خير قوموا إلى سيدكم لأن سعدا لم يحب ذلك والوعيد
إنما هو لمن أحبه قال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن
يحب قيام الناس له ولا تعرض فيه للقيام بنهي ولا بغيره
والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله فقاموا له
أو لم يقوموا فلا لوم عليه وإن أحبه أثم قاموا أو لا فلا
يصح الاحتجاج به لترك القيام ولا يناقضه ندب القيام لأهل
الكمال ونحوهم اه
(حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (عن معاوية) رمز لحسنه
وهو تقصير فقد قال المنذري: رواه أبو داود بإسناد صحيح قال
الديلمي: وفي الباب عمرو بن مرة وابن الزبير
(6/31)
8316 - (من أحب فطرتي فليستن بسنتي وإن من
سنتي النكاح) قال الإمام: المحبة توجب الإقبال بالكلية على
المحبوب وامتثال أمره والإعراض عن غيره واتباع طريقته ممن
ادعى محبته وخالف سنته فهو كذاب وكتاب الله يكذبه {قل إن
كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
(هق عن أبي هريرة) قال أعني البيهقي: هو مرسل اه. ورواه
أبو يعلى عن ابن عباس باللفظ المذكور ورواه أيضا عن عبيد
بن سعد قال الهيثمي: ورجاله ثقات ثم إن كان عبيد بن سعد
صحابي وإلا فمرسل
(6/32)
8317 - (من أحب قوما حشره الله في زمرتهم)
فمن أحب أولياء الرحمن فهو معهم في الجنان ومن أحب حزب
الشيطان فهو معهم في النيران قالوا: وذا مشروط بما إذا عمل
مثل عملهم ولهذا يمثل لمحب المال ماله شجاعا أقرع يأخذ
بلهزمتيه يقول أنا مالك أنا كنزك ويصفح له صفائح من نار
فيكوى بها وعاشق الصدر إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة
تجمع بينهما في النار ويعذب كل منها بصاحبه إذ {الأخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} فالمحب مع محبوبه دنيا
وأخرى
(طب والضياء) المقدسي (عن أبي قرصافة) بكسر القاف واسمه
حيدة قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم فقال السخاوي: فيه
إسماعيل بن يحيى التيمي ضعيف
(6/32)
8318 - (من أحب الحسن والحسين فقد أحبني
ومن أبغضهما فقد أبغضني) قالوا: ومن علامة حبهم حب ذريتهم
بحيث ينظر إليهم الآن نظرة بالأمس إلى أصولهم لو كان معهم
ويعلم أن نطفهم طاهرة وذريتهم مباركة ومن كانت حالته منهم
غير قويمة فإنما تبغض أفعاله لا ذاته
(حم ك) في المناقب (عن أبي هريرة) قال: خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهما على عاتقيه وهو يلثم هذا مرة
وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله إنك
تحبهما فذكره قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقضية كلام
المصنف أن ابن ماجه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه بل
خرجه الترمذي أيضا ثم إن فيه عند ابن ماجه داود بن عوف
أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه
(6/32)
8319 - (من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض
عليا فقد أبغضني) لما أوتيه من كرم الشيم وعلو الهمم قال
السهروردي: اقتضى هذا الخبر وما أشبهه من الأخبار الكثيرة
في الحث على حب أهل البيت والتحذير من بغضهم تحريم بغضهم
ووجوب حبهم وفي توثيق عرى الإيمان عن الحرالي أن خواص
العلماء يجدون لأجل اختصاصهم بهذا الإيمان حلاوة ومحبة
خاصة لنبيهم وتقديما له في قلوبهم حتى يجد إيثاره على
أنفسهم وأهليهم
(ك) في فضائل الصحابة (عن [ص:33] سلمان) الفارسي قيل له:
ما أشد حبك لعلي فذكره قال الحاكم: على شرطهما وأقره
الذهبي ورواه أحمد باللفظ المزبور عن أم سلمة وسنده حسن
(6/32)
8320 - (من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على
وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله) هذا معدود من
معجزاته فإنه استشهد في وقعة الجمل كما هو معروف
(ت ك) في المناقب من حديث الصلت بن دينار عن أبي نضرة (عن
جابر) بن عبد الله قال الذهبي: والصلت واه
(6/33)
8321 - (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل
إخوان أبيه من بعده) أي من بعد موته أو من بعد سفره ولا
مفهوم له وإنما ذكر بيانا للتأبيد ولأنه المظنة فإن ذلك له
صلة وسبق أن الأعمال تعرض على الوالدين بعد موتهما فإن
وجدا خيرا سرهما ذلك أو ضده أحزنهما
(ع حب عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/33)
8322 - (من أحب أن تسره صحيفته) أي صحيفة
أعماله إذا رآها يوم القيامة (فليكثر فيها من الاستغفار)
فإنها تأتي يوم القيامة تتلألأ نورا كما في خبر آخر قال في
الحلبيات: الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو
بهما فالأول فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول
الخير والثاني نافع جدا والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان
الذنوب حتى توجد التوبة فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا
يستلزم ذلك وجود التوبة منه قال: وما ذكر من أن معنى
الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند
الناس أن لفظ أستغفر الله معناه التوبة فمن اعتقده فهو
يريد التوبة لا محالة وذكر بعضهم أن التوبة لا تتم إلا
بالاستغفار لآية {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} والمشهور
عدم الاشتراط انتهى
(هب والضياء) المقدسي (عن الزبير) بن العوام ورواه عنه
الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور قال الهيثمي: ورجاله
ثقات
(6/33)
8323 - (من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب
المرء لا يحبه إلا لله) فإن من أحب شيئا سوى الله ولم تكن
محبته له لله ولا لكونه معينا له على طاعة الله أظلم قلبه
وعلاه الصدأ والرين فحال بينه وبين ذوق الإيمان وعذب به في
الدنيا قبل اللقاء كما قيل:
أنت القتيل بأي من أحببته. . . فاختر لنفسك في الهوى من
تصطفي
فإذا كان يوم الميعاد كان المرء مع من أحبه إما منعما أو
معذبا
(هب عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله ثقات وليس كما قال
ففيه يحيى بن أبي طالب أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال:
وثقه الدارقطني وقال: موسى بن هارون أشهد أنه يكذب وأبو
ثلج قال البخاري: في حديثه نظر
(6/33)
8324 - (من أحب) وفي رواية للبخاري من سره
(أن يبسط) بالبناء للمفعول وفي رواية من سره أن يعظم الله
(له في رزقه) أي يوسعه عليه ويكثر له فيه بالبركة والنمو
والزيادة (وأن ينسأ) بضم فسكون ثم همزة أي يؤخر ومنه
النسيئة [ص:34] (له في أثره) محركا أي في بقية عمرة سمي
أثرا لأنه يتبع العمر (فليصل) أي فليحسن بنحو مال وخدمة
وزيادة (رحمه) أي قرابته وصلته تختلف باختلاف حال الواصل
فتارة تكون بالإحسان وتارة بسلام وزيارة ونحو ذلك ولا
يعارض هذا {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة} الآية لأن
المراد بالبسط والتأخير هنا البسط في الكيف لا في الكم أو
أن الخبر صدر في معرض الحث على الصلة بطريق المبالغة أو
أنه يكتب في بطن أمه إن وصل رحمه فرزقه وأجله كذا وإن لم
يصل فكذا
(ق د ن عن أنس) بن مالك (حم خ عن أبي هريرة)
(6/33)
8325 - (من احتجب) من الولاة (عن الناس)
بأن منع أرباب المهمات من الولوج عليه (لم يحجب عن النار)
يوم القيامة لأن الجزاء من جنس العمل فكما احتجب دون حوائح
عباد الله يحجبه الله من الجنة ويدنيه من النار {إنهم عن
ربهم يومئذ لمحجوبون}
<فائدة> قال العلم البلقيني: ذكر بعض المتصوفة أنه رأى
أحمد بن طولون في النوم بحال حسنة وهو يقول: ما ينبغي لمن
سكن الدنيا أن يحقر حسنة متظلم عيي اللسان شديد البهت وما
في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب لملتمسي الإنصاف
(ابن منده) في تاريخ الصحابة من طريق عبد الكريم الجزري عن
عبدة بن رباح (عن) أبيه (رباح) غير منسوب قال ابن منده: هو
من أهل الشام
(6/34)
8326 - (من احتجم لسبع عشرة من الشهر وتسع
عشرة وإحدى وعشرين كان له شفاء من كل داء) أي من كل داء
سببه غلبة الدم وهذا الخبر وما اكتنفه وما أشبهه موافق لما
أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من
الربع الثالث من الشهر أنفع من أوله وآخره قال ابن القيم:
ومحل اختيار هذه الأوقات لها ما إذا كانت للاحتياط والتحرز
عن الأذى وحفظ الصحة أما في مداواة الأمراض فحيث احتيج
إليها وجب فعلها أي وقت كان
(د ك) في الطب (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرط مسلم
وأقره الذهبي لكن ضعفه ابن القطان بأنه من رواية سعيد
الجمحي عن سهل عن أبيه وسهل وأبوه مجهولان اه. لكن ذكر جدي
في نذكرته أن شيخه الحافظ العراقي أفتى بأن إسناده صحيح
على شرط مسلم. وقال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث خرجه أبو
داود من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهل بن أبي
صالح وسهل وثقه الأكثر ولينه بعضهم من قبل حفظه وله شواهد
من حديث ابن عباس عن أحمد والترمذي ورجاله ثقات لكنه معلول
وله شاهد آخر من حديث أنس عن ابن ماجه وسنده ضعيف
(6/34)
8327 - (من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة
من الشهر كان دواء لداء سنة) ظاهره يخالف قوله في الخبر
المار إن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقى فيها
فلعله أراد هنا يوما مخصوصا وهو سابع عشر الشهر ذكره
الطيبي
(طب هق عن معقل بن يسار) قال الذهبي في المهذب: فيه سلام
الطويل وهو متروك اه. وفيه أيضا يزيد العمي ضعيف ورواه ابن
حبان في الضعفاء من حديث أنس قال الحافظ العراقي:
وإسنادهما واحد لكن اختلف على راويه في الصحابة وكلاهما
فيه يزيد العمي وهو ضعيف اه. وفي الباب خبر جيد وهو خبر
البيهقي أيضا عن أنس مرفوعا من احتجم يوم الثلاثاء لسبع
عشرة خلت من الشهر أخرج الله منه داء سنة قال الذهبي في
المهذب: إسناده جيد مع نكارته
(6/34)
8328 - (من احتجم يوم الأربعاء أو يوم
السبت فرأى في جسده وضحا) أي برصا والوضح التناقص من كل
شيء (فلا [ص:35] يلومن إلا نفسه) فإنه الذي عرض جسده لذلك
وتسبب فيه وروى الديلمي عن أبي جعفر النيسابوري قال: قلت
يوما هذا الحديث غير صحيح فافتصدت يوم الأربعاء فأصابني
برص فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فشكوت
إليه فقال: إياك والاستهانة بحديثي فذكره. وقد كره أحمد
الحجامة يوم السبت والأربعاء لهذا الحديث
(ك هق) وكذا أحمد وكأن المصنف أغفله سهوا (عن أبي هريرة)
قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي في التلخيص بأن فيه سليمان
بن أرقم متروك وقال في المهذب: سليمان واه والمحفوظ مرسل
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وذكره في اللسان من حديث
ابن عمرو وقال: قال ابن حبان: ليس هو من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
(6/34)
8329 - (من احتجم يوم الخميس فمرض فيه مات
فيه) الظاهر أنه يلحق في هذا الخبر وما قبله من الأخبار
الفصد بالحجامة ويحتمل خلافه قال ابن حجر بعد سياقه هذه
الأخبار ونحوها: ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء قال
حنبل بن إسحاق: كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأية
ساعة كانت
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس)
(6/35)
8330 - (من احتكر على المسلمين طعامهم) أي
ادخر ما يشتريه منه وقت الغلاء ليبيعه بأغلى وأضافه إليهم
وإن كان ملكا للمحتكر إيذانا بأنه قوتهم وما به معاشهم فهو
من قبيل {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} أضاف الأموال إليهم
لأنهم من جنس ما يقيم الناس به معاشهم (ضربه الله بالجذام)
ألصقه الله وألزمه بعذاب الجذام (والإفلاس) خصهما لأن
المحتكر أراد إصلاح بدنه وكثرة ماله فأفسد الله بدنه
بالجذام وماله بالإفلاس ومن أراد نفعهم أصابه الله في نفسه
وماله خيرا وبركة
(حم هـ ك عن ابن عمر) بن الخطاب قال المؤلف في مختصر
الموضوعات: رجال ابن ماجه ثقات
(6/35)
8331 - (من احتكر حكرة) قال الزمخشري: جملة
من القوت من الحكر وهو الجمع والإمساك وهو الاحتكار أي
يحصل جملة من القوت ويجمعها ويمسكها يريد نفع نفسه بالربح
وضر غيره كما كشف عنه القناع بقوله (يريد أن يغلي بها على
المسلمين فهو خاطئ) بالهمز وفي رواية ملعون أي مطرود عن
درجة الأبرار لا عن رحمة الغفار (وقد برئت منه ذمة الله
ورسوله) لكونه نقض ميثاق الله وعهده وهذا تشديد عظيم في
الاحتكار وأخذ بظاهره مالك فحرم احتكار الطعام وغيره وخصه
الشافعية والحنفية بالقوت
(حم ك) في البيع من حديث محمد بن هانىء عن إبراهيم بن
إسحاق العسيلي عن عبد الأعلى عن حماد عن محمد بن عمرو عن
أبي سلمة (عن أبي هريرة) رفعه وتعقبه الذهبي بأن العسيلي
كان يسرق الحديث كذا ذكره في التلخيص وقال في المهذب: حديث
منكر تفرد به إبراهيم العسيلي وكان يسرق الحديث
(6/35)
8332 - (من احتكر طعاما على أمتي أربعين
يوما) قال الطيبي: لم يرد بأربعين التحديد بل مراده أن
يجعل الاحتكار حرفة يقصد بها نفع نفسه وضر غيره بدليل قوله
في الخبر المار يريد به الغلاء وأقل ما يتمون المرء في هذه
الحرفة هذه المدة (وتصدق به لم يقبل منه) يعني لم يكن
كفارة لإثم الاحتكار والقصد به المبالغة في الزجر فحسب قال
الطيبي: والضمير في تصدق به راجح للطعام لا ليتصدق وجب أن
يقدر الإرادة فيفيد مبالغة وأن من نوى الاحتكار هذا شأنه
فكيف [ص:36] يمن فعله قال الحافظ ابن حجر: هذا وما قبله من
الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير وظاهرها غير مراد
وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على نفي الإيمان وغير
ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورا ليس فيها ما
يخرج عن الإسلام فما كان هو الجواب عنها فهو الجواب هنا
(ابن عساكر) في التاريخ عن أبي القاسم السمرقندي عن محمد
بن علي الأنماطي عن محمد الدهان عن محمد بن الحسن عن خلاد
بن محمد بن هانىء الأسدي عن أبيه عن عبد العزيز عن عبد
الرحمن الطيالسي عن وصيف بن جبير (عن معاذ) بن جبل ورواه
الديلمي في مسند الفردوس عن علي والخطيب في التاريخ عن أنس
وجعل ابن الجوزى أحاديث الاحتكار من قبيل الموضوع وهو
مدفوع كما بينه العراقي وابن حجر
(6/35)
8333 - (من أحدث) أي أنشأ واخترع وأتى بأمر
حديث من قبل نفسه قال ابن الكمال: الإحداث إيجاد شيء مسبوق
بزمان وفي رواية من عمل وهو أعم فيحتج به في إبطال جميع
العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها (في
أمرنا) شأننا أي دين الإسلام عبر عنه بالأمر تنبيها على أن
هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو
عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا وقال القاضي: الأمر
حقيقة في القول الطالب للفعل مجاز في الفعل والشأن والطريق
وأطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه أو شأنه الذي تتعلق
به شراشره وقال الطيبي: وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أن
أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهورا محسوسا بحيث لا
يخفي على كل ذي بصر وبصيرة (هذا) إشارة لجلالته ومزيد
رفعته وتعظيمه من قبيل {ذلك الكتاب} وإن اختلفا في أداء
الإشارة إذ تلك أدل على ذلك من هذا (ما ليس منه) أي رأيا
ليس له في الكتاب أو السنة عاضد ظاهر أو خفي ملفوظ أو
مستنبط (فهو رد) أي مردود على فاعله لبطلانه من إطلاق
المصدر على اسم المفعول وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر
كضوء الشمس بشهادة {اليوم أكملت لكم دينكم} فمن رام زيادة
حاول ما ليس بمرضي لأنه من قصور فهمه أما ما عضده عاضد منه
بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول
كبناء نحو ربط ومدارس وتصنيف علم وغيرها وهذا الحديث معدود
من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده قال النووي: ينبغي حفظه
واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك
وقال الطوفي: هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع لأن الدليل
يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو
نفيه والحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن
منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم كأن يقال في الوضوء
بماء نجس هذا ليس من أمر الشرع وكلما كان كذلك فهو رد بهذا
العمل رد فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث وإنما النزاع
في الأولى ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فصحيح
فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع
فلو وجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه
لا يستقل الحديث بجميع أدلة الشرع لكن الثاني لم يوجد
فحديثنا نصف أدلة الشرع وفيه أن النهي يقتضي الفساد لأن
النهي ليس من الدين وأن حكم الحاكم لا يغير ما في الباطن
وأن الصلح الفاسد منقوض والمأخوذ عليه مستحق الرد
(ق د هـ عن عائشة)
(6/36)
8334 - (من أحرم) في رواية بدله من أهل
(بحج أو عمرة من المسجد الأقصى) زاد في رواية إلى المسجد
الحرام (كان كيوم ولدته أمه) أي خرج من ذنوبه كخروجه بغير
ذنب من بطن أمه يوم ولادتها له وفيه شمول للكبائر والتبعات
وفيه كلام معروف
(عب عن أم سلمة) ورواه عنها أبو داود قال المنذري: وقد
اختلف في هذا المتن وإسناده اختلافا كبيرا رواه أولا عن
جدته حكيمة وثانيا عن أمه عن أم سلمة ولفظه من أحرم من بيت
المقدس بحج أو عمرة كان من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه
وثالثا عن أم حكيم بنت أمية عنها من أهل بحج أو عمرة من
بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وجبت له الجنة
اه
(6/36)
[ص:37] 8335 - (من أحزن والديه) أي أدخل
عليهما أو فعل بهما ما يحزنهما (فقد عقهما) قال الكلاباذي:
إنما قصد أن لا تجفي الوالدين لأن فيه ألمهما فمن أحزنهما
بقصد الجفاء فقد آلمهما وذلك عقوق
(خط في) كتاب (الجامع) لآداب المحدث والسامع (عن علي) أمير
المؤمنين
(6/37)
8336 - (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا
وهو في الجنة كهاتين) قال الحكيم: إنما فضل هذا على غيره
من الأعمال لأن اليتيم قد فقد تربية أبيه وهي أعظم الأغذية
لتعهده لمصالحه فإذا قبض الله أباه فهو الولي لذلك اليتيم
في جميع أموره ليبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك
فيكافئه والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله ما تكفل به فلذلك
صار بالقرب منه في الجنة وليس في الجنة بقعة أشرف من بقعة
بها سيدنا محمد وسائر الرسل صلى الله عليه وعليهم وسلم
فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة فقد سعد جده
وسما سعده قال الحرالي: في ضمنه تهديد في ترك الإحسان له
فمن أضاع يتيما ناله من عند الله عقوبات في ذات نفسه وزوجه
وذريته من بعده ويجري مأخذ ما تقتضيه العزة على وجه الحكمة
جزاءا وفاقا وحكما قصاصا؟
(الحكيم) الترمذي (عن أنس) بن مالك
(6/37)
8337 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ثم
أساءها حيث يخلو) بنفسه بأن يكون أداؤه لها في الملأ بنحو
طول القنوت وإتمام الأركان وطول السجود والتخشع والتأدب
وأداؤه إياها في السر بدون ذلك أو بعضه (فتلك) الخصلة أو
الفعلة (استهانة استهان بها ربه) تعالى أي ذلك الفعل يشبه
فعل المستهين به فإن قصد الاستهانة به كفر ومثل الصلاة في
ذلك غيرها من العبادات قال ابن العربي: وهذا من أصعب
الأمراض النفسية التي يجب التداوي لها ودواؤه أن يستحضر
قوله تعالى {ألم يعلم بأن الله يرى} {ويعلم سركم وجهركم}
{والله أحق أن تخشاه} ونحو ذلك من الآيات القرآنية {ما
فرطنا في الكتاب من شيء}
(عب ع هب عن ابن مسعود) قال في المهذب مستدركا على
البيهقي: قلت فيه إبراهيم الهجري ضعيف
(6/37)
8338 - (من أحسن في الإسلام) بالإخلاص فيه
أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته
والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته
عليه إلى الموت (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) أي في زمن
الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال {قل للذين
كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولا يعارضه {ومن يعمل
مثقال ذرة شرا يره} لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن
أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب (ومن أساء في
الإسلام) بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على
ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهرا وهو النفاق
(أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء
الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية
الإساءة فإذا ارتد ومات مرتدا كان كمن لم يسلم فيعاقب على
كل ما تقدم
(حم ق هـ عن ابن مسعود) قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
لمن سأله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فذكره
(6/37)
8339 - (من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه
الله ما بينه وبين الناس) لأنهم لا يقدرون على فعل شيء حتى
يقدرهم الله عليه [ص:38] ولا يريدون شيئا حتى يريده الله
(ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) ظاهره أن هذا هو
الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم
ومن عمل لآخرته كفاه الله عز وجل دنياه اه بحروفه وبين
بهذا الحديث أن صلاح حال العبد وسعادته وفلاحه واستقامة
أمره مع الخلق إنما هو في رضا الحق فمن لم يحسن معاملته
معه سرا واعتمد على المخلوق وتوكل عليه انعكس عليه مقصوده
وحصل له الخذلان والذم واختلاف الأمر وفساد الحال فالمخلوق
لا يقصد نفعك بالقصد الأول بل انتفاعك به والله تعالى يريد
نفعك لا انتفاعه بك وإرادة المخلوق نفعك قد يكون فيها مضرة
عليك وملاحظة هذا الحديث يمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله
دون الله أو تطلب منه نفعا أو دفعا أو تعلق قلبك به
والسعيد من عامل الخلق لله لا لهم وأحسن إليهم لله وخاف
الله فيهم ولم يخفهم مع الله ورجا الله بالإحسان إليهم
وأحبهم لحب الله ولم يحبهم مع الله
(ك في تاريخه) تاريخ نيسابور (عن ابن عمرو) بن العاص وهو
من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
(6/37)
8340 - (من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية
فلا يتكلمن بالفارسية) يحتمل أن يلحق بها غيرها من اللغات
بقرينة ما يأتي ويحتمل خلافه (فإنه) أي المتكلم بالفارسية
أو التكلم بغير العربية (يورث النفاق) أراد النفاق العملي
لا الإيماني أو الإنذار والتخويف والتحذير من الاعتياد
والاطراد والتمادي بحيث يهجر اللسان العربي بل قد يقال
الحديث على بابه وظاهره أن الله لما أنزل كتابه باللسان
العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة به وجعل
السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط
الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان فصارت معرفته من
الإيمان وصار اعتياد المتكلم به أعون على معرفة دين الله
وأقرب إلى إقامة شعار الإسلام فلذلك صار دوام تركه جارا
إلى النفاق واللسان بقارنه أمور أخرى من العلوم والأخلاق
لأن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله أو فيما يبغضه
هذا هو الوجه في توجيه الحديث وقد روى السلفي بسنده عن ابن
عبد الحكم أن الشافعي كره للقادر النطق بالعجمية من غير أن
يحرمه قال المجد ابن تيمية: وقد كان السلف يتكلمون بالكلمة
بعد الكلمة من العجمية أما اعتياد الخطاب بغير العربية
التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة ويهجر
العربية فهو موضوع النهي مع أن اعتياد اللغة يورث في الخلق
والدين والعقل تأثيرا بينا ونفس اللغة العربية من الدين
ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا
بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
(ك) من طريق عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع
(عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح فتعقبه الذهبي
بأن عمرو بن هارون أحد رجاله كذبه ابن معين وتركه الجماعة
هذه عبارته. فكان ينبغي للمصنف حذفه وليته إذ ذكره بين
حاله
(6/38)
8341 - (من أحسن الرمي بالسهام) أي القسي
(ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) الجليلة العظيمة التي
أنعم الله عليه بها
(القراب) بفتح القاف وشد الراء وبعد الألف موحدة تحتية
نسبة لعمل القرب (في) كتاب (الرمي عن يحيى بن سعيد مرسلا)
هو ابن سعيد بن العاص الأموي
(6/38)
8342 - (من أحيا الليالي الأربع وجبت له
الجنة) وهي (ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة
الفطر) أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر قال الشافعي:
بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: أول ليلة من رجب
وليلة نصف شعبان وليلتي [ص:39] العيد وليلة الجمعة
(ابن عساكر) في تاريخه (عن معاذ) بن جبل قال ابن حجر في
تخريج الأذكار: حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد
رواته متروك اه. وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث لا يصح وعبد
الرحيم قال يحيى: كذاب والنسائي: متروك
(6/38)
8343 - (من أحيا) وفي رواية من قام (ليلة)
عيد (الفطر وليلة الأضحى) وفي رواية بدله ليلتي العيد (لم
يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي قلوب الجهال وأهل الفسق
والضلال. فإن قلت المؤمن الكامل لا يموت قلبه كما قال حجة
الإسلام وعلمه عند الموت لا ينمحي وصفاؤه لا يتكدر كما
أشار إليه الحسن بقوله: التراب لا يأكل محل الإيمان
والمراد هنا من القلب اللطيفة الصالحة المدركة من الإنسان
لا اللحم الصنوبري كما مر قال في الأذكار: يستحب إحياء
ليلتي العيد بالذكر والصلاة وغيرهما فإنه وإن كان ضعيفا
لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها قال: والظاهر أنه لا يحصل
الإحياء إلا بمعظم الليل
(طب عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي: فيه عمر بن هارون
البجلي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي لكن ضعفه
جمع كثيرون وقال ابن حجر: حديث مضطرب الإسناد وفيه عمر بن
هارون ضعيف وقد خولف في صحابيه وفي رفعه ورواه الحسن بن
سفيان عن عبادة أيضا وفيه بشر بن رافع متهم بالوضع وأخرجه
ابن ماجه من حديث بقية عن أبي أمامة بلفظ من قام ليلتي
العيد لله محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب وبقية صدوق
لكن كثير التدليس وقد رواه بالعنعنة ورواه ابن شاهين بسند
فيه ضعيف ومجهول
(6/39)
8344 - (من أحيا أرضا ميتة) بالتشديد. قال
العراقي: لا التخفيف لأنه إذا خفف حذف منه تاء التأنيث
والميتة والموات أرض لم تعمر قط ولا هي حريم لمعمور. قال
القاضي: الأرض الميتة الخراب التي لا عمارة بها وإحياؤها
عمارتها شبهت عمارة الأرض بحياة الأبدان وتعطلها وخلوها عن
العمارة بفقد الحياة وزوالها عنها (فله فيها أجر) قال
القاضي: ترتب الملك على مجرد الإحياء وإثباته لمن أحيا على
العموم دليل على أن مجرد الإحياء كاف في التمكن ولا يشترط
فيه إذن السلطان وقال أبو حنيفة: لا بد منه (وما أكلت
العافية) أي كل طالب رزق آدميا أو غيره (منها فهو له صدقة)
استدل به ابن حبان على أن الذمي لا يملك الموات لأن الأجر
ليس إلا للمسلم وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر يتصدق
ويجازى به في الدنيا قال ابن حجر: والأول أقرب للصواب وهو
قضية الخبر إذا إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي
(حم ن) في الإحياء (عب والضياء) المقدسي كلهم من حديث عبيد
الله بن عبد الرحمن (عن جابر) بن عبد الله وصرح ابن حبان
بسماع هشام بن عروة منه وسماعه من جابر
(6/39)
8345 - (من أحيا أرضا ميتة) أي لا مالك لها
يقال أحيا الأرض يحييها إحياءا إذا أنشأ فيها أثرا وهذا
يدل على أنه اختص بها تشبيها للعمارة في الأرض الموات
بإحياء حيوان ميت والأرض الميتة والموات التي لا عمارة
فيها ولا أثر عمارة فهي على أصل الخلقة وإحياؤها إلحاقها
بالعامر المملوك (فهي له) أي يملكها بمجرد الإحياء وإن لم
يأذن الإمام عند الشافعي حملا للخبر على التصرف بالفتيا
لأنه أغلب تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وحمله أبو
حنيفة على التصرف بالإمامة العظمى فشرط إذن الإمام وخالفه
صاحباه (وليس لعرق) بكسر العين وسكون الراء (ظالم حق)
بإضافة عرق إلى ظالم فهو صفة لمحذوف تقديره لعرق رجل ظالم
والعرق أحد عروق الشجر أي ليس لعرق من عروق ما غرس بغير حق
بأن غرس في ملك الغير بغير إذن معتبر حق وروي مقطوعا عن
الإضافة بجعل الظلم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع كأن
العرق بغرسه صار ظالما حتى كأن الفعل له. قال ابن حجر:
وغلط الخطابي من رواه بالإضافة وقال [ص:40] ابن شعبان في
الزاهر: العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان
فالظاهران البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون
(حم د) في الخراج (ت) في الأحكام وكذا النسائي في الإحياء
خلافا لما يوهمه صنع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة
(والضياء) في المختارة (عن سعيد بن زيد) ورواه عنه أيضا
البيهقي في البيع قال الترمذي: حسن غريب
(6/39)
8346 - (من أحيا سنني) بصيغة الجمع عند جمع
لكن الأشهر الإفراد (فقد أحبني ومن أحبني كان معي في
الجنة) وإحياؤها إظهارها بعمله بها والحث عليها فشبه
إظهارها بعد ترك الأخذ بها بالإحياء ثم اشتق منه الفعل
فجرت الاستعارة في المصدر أصلية ثم سرت إلى الفعل تبعا ومن
ثم قالوا: السنة كسفينة نوح واتباع السنة يدفع البلاء عن
أهل الأرض والسنة إنما سنها لما علم في خلافها من الخطأ
والزلل والتعمق ولو لم يكن إلا أن الله سبحانه وملائكته
وحملة عرشه يستغفرون لمن اتبعها لكفى ويكفي في متبعها أنه
يسير رويدا ويجيء أول الناس كما قيل:
من لي يمثل سيرك المدلل. . . تمشي رويدا وتجى في الأول
وفي رواية أحياني بدل أحبني فيهما
(السجزي عن أنس) بن مالك وفيه خالد بن أنس قال في الميزان:
لا يعرف وحديثه منكر جدا ثم ساق هذا الخبر وأعاده في محل
آخر وقال: خالد بن أنس لا يعرف حاله وحديثه منكر جدا ثم
ساق هذا بحروفه ثم قال: ورواه بقية عن عاصم بن سعد وهو
مجهول عنه قال في اللسان: وهذا الرجل ذكره العقيلي في
الضعفاء وذكر له هذا الحديث وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف
إلا به والراوي عنه عاصم مجهول وفي الباب أحاديث بأسانيد
لينة وقد يكرر الذهبي ترجمة الرجل من كلام بعض من تقدم ولا
ينسبه لقائله فيوهم أنه من تصرفه وليس بجيد فإن النفس
لكلام المتقدمين أميل. إلى هنا كلامه
(6/40)
8347 - (من أخاف أهل المدينة) النبوية
(أخافه الله) زاد في رواية يوم القيامة وزاد أحمد في
روايته وعليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة لا يقبل منه
صرف ولا عدل اه بنصه وفيه تحذير من إيذاء أهل المدينة أو
بغضهم. قال المجد اللغوي: يتعين محبة أهل المدينة وسكانها
وقطانها وجيرانها وتعظيمهم سيما العلماء والشرفاء وخدمة
الحجرة النبوية وغيرهم من الخدمة كل على حسب حاله وقرابته
وقربه من المصطفي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه
قد ثبت لهم حق الجوار وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم وهذا
الحديث رواه الطبراني في الكبير وزاد على ذلك بسند حسن
ولفظه من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة ولعنه
الله وغضب عليه ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا
(حب عن جابر) بن عبد الله سببه أن أميرا من أمراء الفتنة
قدم المدينة وكان ذهب بصر جابر فقيل لجابر: لو تنحيت عنه
فخرج يمشي بين أبنية فنكب فقال: تعس من أخاف رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال ابناه: كيف وقد مات قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال السمهودي: يسير بن
أرطأة أرسله معاوية بعد تحكيم الحكمين في جيش إلى المدينة
فعاث فأفسد
(6/40)
8348 - (من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما
بين جنبي) هذا لم يرد نظيره لبقعة سواها وهو مما تمسك به
من فضلها على مكة ومما فضلت به أيضا أنه لا يدخلها الدجال
ولا الطاعون وإذا قدم الدجال المدينة ردته الملائكة ورجفت
ثلاث رجفات فيخرج إليه منها المنافقون
(حم عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: فيه محمد بن حفص
الرصافي ضعيف
(6/40)
[ص:41] 8349 - (من أخاف مؤمنا بغير حق كان
حقا على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) جزاء
وفاقا
(طس عن ابن عمر)
(6/41)
8350 - (من أخذ السبع) أي السور السبع
الأول من القرآن كما في رواية أحمد وغيره (فهو خير له) أي
من حفظها واتخذ قراءتها وردا فذلك خير كثير يعني بذلك كثرة
الثواب عند الله تعالى
(ك هب عن عائشة)
(6/41)
8351 - (من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه
التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره كما يشير إليه
عدم تقييده بظلما لكنه (يريد أداءها) الجملة حال من الضمير
المستكن في أخذ (أدى الله عنه) جملة خبرية أي يسر الله له
ذلك بإعانته وتوسيع رزقه ويصح كونها إنشائية معنى بأن يخرج
مخرج الدعاء له ثم إن قصد بها الإخبار عن المبتدأ مع كونها
إنشائية معنى يحتاج لتأويله بنحو يستحق وإلا لم يحتج فتكون
الجملة معنى وإنما استحق مريد الأداء هذا الدعاء لجعله نية
إسقاط الواجب مقارنة لأخذه وذا دليل على خوفه وظاهره أن من
نوى الوفاء ومات قبله لعسر أو فجأة لا يأخذ رب العالمين من
حسناته في الآخرة بل يرضى الله رب الدين وخالف ابن عبد
السلام (ومن أخذها) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها
بصدقة أو غيرها (أتلفه الله) يعني أتلف أمواله في الدنيا
بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة. وعبر بأتلفه
لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب وهذا
وعيد شديد يشمل من أخذه دينا وتصدق به ولا يجد وفاء فترد
صدقته لأن الصدقة تطوع وقضاء الدين واجب واستدل البخاري
على رد صدقة المديان بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن
إضاعة المال قال الزين زكريا: ولا يقال الصدقة ليست إضاعة
لأنا نقول إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها ثواب فبطل
كونها صدقة وبقيت إضاعة
(حم خ) في الاستقراض (هـ) في الأحكام (عن أبي هريرة) ولم
يخرجه مسلم
(6/41)
8352 - (من أخذ من الأرض شيئا) قل أو كثر
(ظلما) هو وضع الشيء في غير محله. نصبه على أنه مفعول له
أو تمييز أو حال (جاء يوم القيامة يحمل ترابها) أي الحصة
المغصوبة (إلى المحشر) أي يكلف نقل ما ظلم به إلى أرض
المحشر وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها
واضمحلالها بالتبديل والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما
في الخبر وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار وكذا فيما
يأتي وفيه تحريم الظلم وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض
وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضا ملك سفلها إلى منتهى
الأرض وله منع غيره من حفر سرداب أو بئر تحتها وأن من ملك
ظاهر الأرض ملك باطنها وغير ذلك
(حم طب عن يعلى بن مرة) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه جابر
الجعفي وهو ضعيف وقد وثق
(6/41)
8353 - (من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف
به) أي هوى به إلى أسفلها أي بالأخذ غصبا لتلك الأرض
المغصوبة والباء للتعدية والجملة إخبار ويحتمل كونها إنشاء
معنى على ما تقرر (يوم القيامة) بأن يجعل كالطوق في عنقه
على وزن [ص:42] {سيطوقون ما بخلوا به} ويعظم عنقه ليسع أو
يطوق إثم ذلك ويلزمه لزوم الطوق أو يكلف الظالم جعله طوقا
ولا يستطيع فيعذب بذلك فهو تكليف تعجيز للإيذاء لا تكليف
ابتداء للجزاء ومثله غير عزيز كتكليف المصور نفخ الروح
فيما صوره فمن اعترضه بأن القيامة ليست بزمن تكليف لم
يتأمل أو أن هذه الصفات تتنوع لصاحب هذه الجناية بحسب قوة
هذه المفسدة وضعفها فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا (إلى سبع
أرضين) بفتح الراء وتسكن وأخطأ من زعم أن المراد سبعة
أقاليم إذ لا اتجاه لتحمل شبر لم يأخذه ظلما بخلاف طباق
الأرض فإنها تابعة ملكا وغصبا وفيه حجة للشافعي أن العقار
يغصب ورد على أبي حنيفة ومن ثم وافق الشافعي أحمد وتغليظ
عقوبة الغصب وأنه كبيرة وغير ذلك
(خ عن ابن عمر)
(6/41)
8354 - (من أخذ من طريق المسلمين شيئا جاء
به يوم القيامة يحمله) وفي رواية طوقه أي جعل له كالطوق أو
هو طوق تكليف لا طوق تقليد على ما تقرر فيما قبله (من سبع
أرضين) فيه كالذي قبله أن الأرض في الآخرة سبع طباق أيضا
كالسماوات لكن لا دلالة في أية {ومن الأرض مثلهن} على ذلك
كما ادعاه البعض لاحتمال المماثلة في الهيئة
(طب والضياء) المقدسي (عن الحكم بن الحارث) السلمي قال
الذهبي: له صحبة وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن
حجر: وإسناده حسن وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه
محمد بن عقبة السدنسي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وتركه
أبو زرعة
(6/42)
8355 - (من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده
الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة) قاله لمعلم
أهدى له قوس فقال: هذه غير مال فأرمى به في سبيل الله وأخذ
بظاهره أبو حنيفة فحرم أخذ الأجرة عليه وخالفه الباقون
قائلين الخبر بفرض صحته منسوخ أو مؤول بأنه كان يحتسب
التعليم. نعم الأولى كما قاله الغزالي الإقتداء بصاحب
الشرع فلا يطلب على إفاضة العلم أجرا ولا يقصد جزاءا ولا
شكورا بل يعلم لله
(حل هق عن أبي الدرداء) ثم قال أعني البيهقي: ضعيف وقال
الدارمي: قال دحيم لا أصل له قال الذهبي: وإسناده قوي مع
نكارته
(6/42)
8356 - (من أخذ على) تعليم (القرآن أجرا
فذلك حظه من القرآن) أي فلا ثواب له على إقرائه وتعليمه
قال ابن حجر: يعارضه وما قبله خبر أبي سعيد في قصة اللديغ
ورقيهم إياه بالفاتحة وكانوا امتنعوا حتى جعلوا لهم جعلا
وصوب النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم وخبر البخاري إن أحق
ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله وفيه إشعار بنسخ الحكم الأول
اه
(حل عن أبي هريرة) رضي الله عنه وفيه إسحاق بن العنبر قال
الذهبي في الضعفاء: كذاب اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من
الكتاب
(6/42)
8357 - (من أخذ بسنتي فهو مني) أي من
أشياعي أو أهل ملتي من قولهم فلان مني كأنه بعضه متحد به
(ومن رغب عن سنتي) أي تركها ومال عنها استهانة وزهدا فيها
لا كسلا وتهاونا ذكره القاضي (فليس مني) أي ليس على منهاجي
[ص:43] وطريقتي أو ليس بمتصل بي أو ليس من أتباعي وأشياعي
على ما مر
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن
الجوزي: حديث لا يصح فيه جويبر قال يحيى: ليس بشيء وطلحة
بن السماح لا يعرف
(6/42)
8358 - (من أخرج أذى من المسجد) نجس أو
طاهر كدم وزرق طير ومخاط وبصاق وتراب وحجر وقمامة ونحوها
من كل ما يقذره (بنى الله له بيتا في الجنة) وفي بعض
الروايات إن ذلك مهور الحور العين
(هـ عن أبي سعيد) الخدري وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي
الجون قال في الكاشف: ضعفه أبو داود
(6/43)
8359 - (من أخرج من طريق المسلمين شيئا
يؤذيهم) كشوك وحجر وقذر (كتب الله له به حسنة ومن كتب له
عنده حسنة أدخله بها الجنة) تفضلا منه وكرما
(طس عن أبي الدرداء) اعلم أن تخريج المصنف غير محرر فإن
الطبراني رواه في الأوسط عن أبي الدرداء بغير اللفظ
المذكور ورواه في الكبير عن معاذ بغير لفظه أيضا وليس ما
عزاه المصنف له موافقا لواحد منهما فأما لفظ رواية أبي
الدرداء فنصه من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب
الله له مئة حسنة ولم يزد قال الهيثمي: وفيه أبو بكر بن
أبي مريم ضعيف ولفظ رواية معاذ من رفع حجرا كتب له حسنة
ومن كان له حسنة دخل الجنة قال الهيثمي: ورجاله ثقات وهذا
الحديث سيجيء في هذا الجامع
(6/43)
8360 - (من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنبا ثم
ندم) على فعله (فهو) أي الندم (كفارته) لأن الندم توبة
والتوبة إذا توفرت شروطها تجب ما قبلها
(طب هب عن ابن مسعود) رمز لحسنه وفيه الحسن بن صالح قال
الذهبي: ضعفه ابن حبان وأبو سعيد البقال أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: مختلف فيه
(6/43)
8361 - (من أخلص لله) لفظ رواية أبي نعيم
من أخلص العبادة لله (أربعين يوما) بأن طهر بدنه من
الأدناس والقاذورات وحواسه الباطنة والظاهرة من إطلاقها
فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات وأعضائه من إطلاقها في
التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدال المعلومة من الموازين
العقلية والأحكام الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات
الحكيمة سيما اللسان وخياله في الاعتقادات الفاسدة
والمذاهب الباطلة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان
الآمال والأماني وذهنه من الأفكار الرديئة والاستحضارات
الغير الواقعة المعتد بها وعقله من التقييد ونتائج الأفكار
فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على
الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار وقلبه من
التقلب التابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهم
وتشتت العزمات ونفسه من أعراضها بل من عينها فإنه خمرة
الآمال والأماني والتعشق بالأشياء مكثرة التشوفات المختلفة
التي هي نتائج الأذهان والتخيلات وروحه من الحظوظ الشريفة
المرجوة من الحق تعالى لمعرفته والقرب منه والاحتظاء
بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه
والمستشرف بنور البصيرة عليه وحقيقة الإنسانية من تغيير
صور ما يرد عليه من الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه
في علم الحق أزلا (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)
لأن المحافظة على الطهارة المعنوية ولزوم المجاهدة يوصل
إلى حضرة المشاهدة ألا تراه سبحانه يقول {ومن الليل فتجهد
به} فإذا كان مقصود الوجود لا يصل إلى المقام المحمود إلا
[ص:44] بالركوع والسجود فكيف يطمع في الوصول من لم يكن له
محصول ومن ثم قيل: فجاهد تشاهد قال القونوي: في هذا الحديث
سر يجب التنبيه عليه وهو احتراز الإنسان أن يكون إخلاصه
هذا طلبا لظهور ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فإنه
حينئذ لم يكن أخلص لله. وروى النووي بإسناده إلى السوسي من
شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص وروى أيضا
عن التستري من زهد في الدنيا أربعين يوما مخلصا في ذلك
ظهرت له الكرامات ومن لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده
وحكمة التقييد بالأربعين أنها مدة يصير المداومة على الشيء
فيها خلقا كالأصلي الغريزي كما مر. وأخذ جمع من الصوفية
منه أن خلوة المريد تكون أربعين يوما واحتجوا بوجوه أخر
أظهرها أنه سبحانه خمر طينة آدم أربعين صباحا وفي شرح
الأحكام لعبد الحق: هذا الحديث وإن لم يكن صحيح الإسناد
فقد صححه الذوق الذي خصص به أهل العطاء والإمداد وفهم ذلك
مستغلق إلا على أهل العلم الفتحي الذي طريقه الفيض الرباني
بواسطة الإخلاص المحمدي
(حل) عن حبيب بن الحسن عن عباس بن يونس التكلي عن محمد بن
يسار اليساري عن محمد بن إسماعيل عن يزيد بن يزيد الواسطي
عن حجاج عن مكحول (عن أبي أيوب) الأنصاري أورده ابن الجوزي
في الموضوعات وقال: يزيد بن يزيد عن عبد الرحمن الواسطي
كثير الخطأ وحجاج مجروح ومحمد بن إسماعيل مجهول ومكحول لم
يصح سماعه من أبي أيوب اه. وتعقبه المؤلف بأن الحافظ
العراقي اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه وهو تعقب لا
يسمن ولا يغني من جوع
(6/43)
8362 - (من ادان دينا ينوي) أي وهو ينوي
كما جاء مصرحا به في رواية صحيحة (قضاءه أداه الله عنه يوم
القيامة) بأن يرضي خصماءه وقال الغزالي: الشأن في صحة
النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال
(طب عن ميمون) الكردي عن أبيه قال الهيثمي: رجاله ثقات ومن
ثم رمز المصنف لصحته
(6/44)
8363 - (من أدى إلى أمتي حديثا لتقام به
سنة أو تثلم به بدعة فهو في الجنة) أي سيكون فيها أي يحكم
له بدخولها ولفظ رواية أبي نعيم فله الجنة
(حل عن ابن عباس) وفيه عبد الرحمن بن حبيب أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: متهم بالوضع وإسماعيل بن يحيى التيمي قال
أعني الذهبي: كذاب عدم
(6/44)
8364 - (من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق
الذي عليه ومن زاد فهو أفضل) قال بعضهم: الأداء تسليم عن
الثابت في الذمة بسبب الموجب كالوقت للصلاة والمال للزكاة
والشهر للصوم إلى من يستحق ذلك الواجب
(هق عن الحسن مرسلا) وهو البصري وورد بمعناه مسندا من حديث
جابر عند الطبراني وغيره قال الهيثمي: وسنده حسن بلفظ من
أدى زكاة ماله فقد أذهب عنه شره
(6/44)
8365 - (من أدرك ركعة) أي ركوع ركعة وفي
رواية سجدة بدل ركعة والمراد منها الركعة قال ابن الكمال:
والإدراك إحاطة الشيء بكماله (من الصلاة) المكتوبة (فقد
أدرك الصلاة) يعني من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت
وباقيها خارجه فقد أدرك الصلاة أي أداءا خلافا لأبي حنيفة
حيث حكم بالبطلان في الصبح والعصر لدخول وقت النهي وقد روى
الشيخان أيضا من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد
أدرك الصبح أي أداءا أما لو أدرك دونها فإنها تكون [ص:45]
قضاء والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ
معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعا لها
بخلاف ما دونها هذا هو الصحيح عند الشافعية وقيل: تكون
قضاء مطلقا وقيل: ما وقع بعدها قضاء وما قبله أداء
(ق 4) في الصلاة (عن أبي هريرة)
(6/44)
8366 - (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل) بضم
الياء وفتح الصاد وشد اللام (إليها أخرى) زاد أبو نعيم في
روايته ومن أدركهم في التشهد صلى أربعا اه
(هـ ك) في الجمعة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره
الذهبي في التلخيص وتعقبه في غيره بأنه ورد من طريقين في
أحدهما عبد الرزاق بن عمرو واه وفي الأخرى إبراهيم بن عطية
واه
(6/45)
8367 - (من أدرك عرفة) أي الوقوف بها (قبل
طلوع الفجر) ليلة النحر (فقد أدرك الحج) أي معظمه لأن
الوقوف معظم أعماله وأشرفها فإدراكه كإدراكه ولأن الوقوف
بها ضيق الوقت يفوت بفوته الحج في تلك السنة بخلاف بقية
الأركان ووقت الوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر وخصوا
الليلة بالذكر لأنها الواقعة في محل النظر والاشتباه
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه عمرو بن قيس
المكي وهو ضعيف متروك اه ورواه الشافعي في مسنده عن ابن
عمر
(6/45)
8368 - (من أدرك رمضان وعليه من رمضان) أي
من صومه (شيء) والحال أنه (لم يقضه) قبل مجيء مثله (فإنه
لا يقبل منه حتى يصومه)
(حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة
وبقية رجاله رجال الصحيح وأعاد في موضع آخر وقال: حديث حسن
(6/45)
8369 - (من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج
لم يخرج لحاجته وهو لا يريد الرجعة) إلى المسجد ليصلي مع
الجماعة (فهو منافق) أي يكون دلالة على نفاقه وفعله يشبه
فعله المنافقين
(هـ عن عثمان) بن عفان رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد
جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعفه وسبقه إليه
المنذري وغيره وسببه أن فيه عبد الجبار ضعفه أبو زرعة
وغيره وقال البخاري: له مناكير وحرملة بن يحيى قال أبو
حاتم: لا يحتج به
(6/45)
8370 - (من ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه)
قال الأكمل: عدى ادعى بإلى لتضمنه معنى انتسب (وهو) أي
والحال أنه (يعلم) أنه غير أبيه وليس المراد بالعلم هنا
حكم الذهن الحازم ولا الصفة التي توجب تمييزا لا يحتمل
النقيض لعدم قصورها هنا إلا بطريق الكشف بل الظن الغالب
(فالجنة عليه حرام) أي ممنوعة قبل العقوبة إن شاء عاقبه أو
مع السابقين الأولين أو إن استحل لأن تحريم الحلال الذي لم
تتطرقه تأويلات المجتهدين كفر وهو سيستلزم تحريم الجنة أو
حرمت عليه جنة معينة كجنة عدن والفردوس أو ورد على التغليظ
والتخويف أو أن هذا جزاؤه وقد يعفى عنه أو كان ذلك شرع من
مضى أن أهل الكبائر يكفرون بها أو غير ذلك
(حم ق د هـ عن سعد) بن أبي وقاص (وأبي بكر) قال: كلاهما
سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي رواية لمسلم أيضا من حديث [ص:46] أبي عثمان لما ادعى
زيادة أنه ابن أبي سفيان لقيت أبا بكر فقلت له: ما هذا
الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن وقاص يقول: سمعت أذني من رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من ادعى أبا في الإسلام
غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو
بكر: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(6/45)
8371 - (من ادعى إلى غير أبيه) أي من رغب
عن أبيه والتحق بغيره تركا للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفا
من الإقرار بنسبه أو تقربا لغيره بالانتماء أو غير ذلك من
الأغراض وعداه بإلى لتضمنه معنى الانتساب وكذا فيما قبله
(أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله) أي طرده عن
درجة الأبرار ومقام الأخيار لا من رحمة الغفار (المتتابعة)
أي المتمادية (إلى يوم القيامة) لمعارضته لحكمة الله في
الانتساب والداعي إلى غير أبيه كأنه يقول خلقني الله من
ماء فلان وإنما خلقه من غيره فقد كذب على الله فاستوجب
الإبعاد والمنتمي لغير المعتق قد كفر النعمة واستن العقوق
وضيع الحقوق وهذا الوعيد الشديد يفيد أن كلا منها كبيرة
(د عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه
الشيخان ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه
الإمام مسلم عن علي مرفوعا بلفظ من ادعى إلى غير أبيه أو
تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين اه وهذا الخلف اليسير ليس بعذر في العدول عن الصحيح
(6/46)
8372 - (من ادعى ما ليس له) من الحقوق
(فليس منا) أي من العاملين بطريقتنا المتبعين لمنهاجنا
(وليتبوأ مقعده من النار) قال القاضي: لا يحمل مثل هذا
الوعيد في حق المؤمن على التأبيد
(هـ عن أبي ذر) قضية تصرف المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد
الصحيحين وهو عجب مع وجوده في صحيح مسلم باللفظ المذكور عن
أبي ذر
(6/46)
8373 - (من ادهن ولم يسم) الله تعالى عند
ادهانه (ادهن معه ستون شيطانا) الظاهر أن المراد التكثير
لا حقيقة العدد قياسا على نظائره السابقة واللاحقة قال
الغزالي: قال أبو هريرة: التقى شيطان المؤمن وشيطان الكافر
فإذا شيطان الكافر سمين دهين وشيطان المؤمن هزيل أشعث عار
فقال شيطان الكافر للآخر: ما لك قال: أنا مع رجل إذا أكل
سمى فأظل جائعا وإذا شرب سمى فأظل ظامئا وإذا ادهن سمى
فأظل شعثا وإذا لبس سمى فأظل عريانا فقال شيطان الكافر:
لكني مع رجل لا يفعل شيئا من ذلك فأشركه في الكل
(ابن السني في عمل يوم وليلة عن) أبي عيسى (دريد بن نافع
القرشي) الأموي مولاهم الشامي نزل مصر مقبول لكنه مدلس كما
في التقرب (مرسلا) قال الذهبي: مصري مستقيم الحديث وفي
الفردوس هو مولى أبي أمية يروي عن الأزهري وغيره
(6/46)
8374 - (من أذل نفسه في طاعة الله فهو أعز
ممن تعزز بمعصية الله) لأن من أذل نفسه لله انكشف عنه غطاء
الوهم والخيال وانجلت مرآته من صدأ الأغيار وطلب الحق
بالحق وافتقر به إليه وذلك غاية الشرف والعزة إذ غاية الذل
والافتقار إلى الله سبب للغنى وإذا صح الغنى انتفى العبد
وبقي الرب فتتبدل الصفات البشرية بالصفات الملائكية فتشرق
شموس القدم على ظلة الحدث فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل
(حل عن عائشة) وضعفه مخرجه أبو نعيم
(6/46)
8375 - (من أذل) بالبناء للمجهول (عنده) أي
بحضرته أو بعلمه (مؤمن فلم ينصره) على من ظلمه (هو) أي
والحال أنه [ص:47] (يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس
الأشهاد يوم القيامة) فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم
دنيويا كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به فلا
يدفعه أو دينيا
(حم عن سهل بن حنيف) بالتصغير قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة
وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات
(6/46)
8376 - (من أذن) للصلاة (سبع سنين محتسبا)
أي متبرعا ناويا به وجه الله قال الزمخشري: الاحتساب من
الحسبة كالاعتذار من العذر وإنما قيل احتسب العمل لمن ينوي
به وجه الله لأن له حينئذ أن يعتد عمله فيجعله في حال
مباشرة الفعل كأنه معتد (كتبت له براءة من النار) لأن
مداومته على النطق بالشهادة والدعاء إلى الله هذه المدة
الطويلة من غير باعث دنيوي صير نفسه كأنها معجونة بالتوحيد
وذلك هدية من الله والرب لا يرجع في هديته
(ت هـ) كلاهما في الأذان (عن ابن عباس) وظاهر صنيع المصنف
يدل على أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلافه فقد تعقبه
الترمذي ببيان حاله فقال: فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعفوه
وتركه يحيى وابن مهدي اه. وقال ابن الجوزي: حديثه لا يصح
وجابر كان كذابا وقال ابن حجر: فيه جابر الجعفي وهو ضعيف
جدا
(6/47)
8377 - (من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له
الجنة) قال الجلال البلقيني: حكمته أن العمر الأقصى مئة
وعشرون سنة والاثنتي عشر عشرها ومن سنة الله أن العشر يقوم
مقام الكل {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فكأنه تصدق
بالدعاء إلى الله كل عمره ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره
فكيف دونه؟ وأما خبر سبع سنين فإنها عشر العمر الغالب اه
(وكتب له بتأذينه كل يوم ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة)
فترفع بها درجاته في الجنان
(هـ ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح
على شرط البخاري واغتر به المصنف فرمز لصحته وقد قال ابن
الجوزي: حديث لا يصح وأورده في الميزان من مناكير عبد الله
بن صالح كاتب الليث فقال في التنقيح: هو ليس بعمدة وقال
الحافظ ابن حجر: فيه عبيد الله بن صالح عن يحيى بن أيوب عن
ابن جريج عن نافع عنه وهذا الحديث أحد ما أنكر عليه ورواه
البخاري في تاريخه من حديث يحيى ابن المتوكل عن ابن جريج
عن صدقة عن نافع وقال: هذا أشبه اه. فلو عزاه المصنف له
لكان أولى
(6/47)
8378 - (من أذن) أي لخمس (صلوات إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (ومن أم
أصحابه) أي صلى بهم إماما (خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر
له ما تقدم من ذنبه) فيه شمول الكبائر وقياس النظائر الحمل
على الصغائر خاصة والخمس صادقة بأن تكون من يوم وليلة أو
من أيام
(هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني البيهقي: لا أعرفه إلا من
حديث إبراهيم بن رستم اه قال الذهبي: قال ابن عدي وغيره:
هو متروك الحديث
(6/47)
8379 - (من أذن سنة لا يطلب عليه) أي على
أذانه المفهوم من أذن (أجرا) من أحد (دعي يوم القيامة ووقف
على باب [ص:48] الجنة فقيل له اشفع لمن شئت) الشفاعة له
فإنك تشفع ودعي ووقف بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة أو
غيرهم بإذن ربهم قال الخطابي وغيره: في هذا الحديث وما
قبله ندب التطوع بالأذان وكراهة أخذ الأجر عليه قال
الطيبي: ولعل الكراهة لما أن المؤذن متبرع في ندائه
المصلين وسبب في اجتماعهم فإذا كان مخلصا أخلصت صلاتهم قال
تعالى {اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون}
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي:
حديث لا يصح فيه موسى الطويل كذاب قال ابن حبان: زعم أنه
رأى أنسا وروى عنه أشياء موضوعة ومحمد بن سلمة غاية في
الضعف
(6/47)
8380 - (من أذنب ذنبا فعلم أن له ربا إن
شاء أن يغفر له غفر له وإن شاء أن يعذبه عذبه كان حقا على
الله أن يغفر له) جعل اعترافه بالربوبية المستلزم لاعترافه
بالعبودية وإقراره بذنبه سببا للمغفرة حيث أوجب الله
المغفرة للتائبين المعترفين بالسيئات على سبيل الوعد
والتفضل لا الوجوب الحقيقي إذ لا يجب على الله شيء
(ك حل) كلاهما من حديث قتيبة عن جابر بن مرزوق عن عبد الله
العمري عن أبي طوالة (عن أنس) قال الحاكم: صحيح فقال
الذهبي: لا والله ومن جابر حتى يكون حجة؟ بل هو نكرة
وحديثه منكر اه. ورواه الطبراني من هذا الوجه وتعقبه
الهيثمي بأن فيه جابر هذا وهو ضعيف جدا اه
(6/48)
8381 - (من أذنب ذنبا فعلم أن الله قد اطلع
عليه غفر له وإن لم يستغفر) ليس المراد منه ومما قبله الحث
على فعل الذنب أو الترخيص فيه كما توهمه بعض أهل الغرة فإن
الرسل إنما بعثوا للردع عن غشيان الذنوب بل ورد مورد
البيان لعفو الله عن المذنبين وحسن التجوز عنهم ليعظموا
الرغبة فيما عنده من الخير والمراد أنه سبحانه كما يحب أن
يحسن إلى المحسن يحب أن يتجاوز عن المسيء والقصد بإيراده
بهذا اللفظ الرد على منكر صدور الذنب من المؤمنين وأنه
قادح في إيمانهم
(طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي:
ضعيف جدا وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه إبراهيم بن هراسة
وهو متروك
(6/48)
8382 - (من أذنب ذنبا وهو يضحك) استخفافا
بما اقترفه من الذنب (دخل النار) أي جهنم (وهو يبكي) جزاءا
وفاقا وقضاءا عدلا
(حل عن ابن عباس) وفيه عمر بن أيوب قال الذهبي في الضعفاء:
جرحه ابن حبان
(6/48)
8383 - (من أرى الناس) أي أظهر لهم (فوق ما
عنده) أي باطنه (من الخشية) لله أي من الخوف من الله تعالى
(فهو منافق) أي انفاقا عمليا
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي ذر) الغفاري
(6/48)
8384 - (من أراد الحج) أي قدر على أدائه
لأن الإرادة مبدأ الفعل والفعل مسبوق بالقدرة فأطلق أحد
سببي الفعل الآخر والعلاقة الملابسة لأن معنى قوله
(فليتعجل) فليغتنم الفرصة إذا وجد الاستطاعة من القوة
والزاد والراحلة والمراد قبل عروض مانع وهذا أمر ندبي لأن
تأخير الحج عن وقت وجوبه سائغ كما علم من دليل آخر قال في
الكاشف: والتفعيل بمعنى الاستفعال غير عزيز ومنه التعجل
بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار
(حم د ك هق) في الحج [ص:49] من حديث أبي صفوان (عن ابن
عباس) قال الحاكم: صحيح وأبو صفوان مهران لم يجرح اه وأقره
في التلخيص لكن تعقبه في المهذب فقال: قلت هذا التابعي
مجهول وسبقه له ابن القطان فقال بعد ما عزاه لأبي داود:
مهران أبو صفوان مجهول
(6/48)
8385 - (من أراد الحج فليتعجل) بضبط ما
قبله (فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) هذا
من قبيل المجاز بإعتبار الأول إذ المريض لا يمرض بل الصحيح
فسمى المشارف للمرض والضلال مريضا وضالة كما سمى المشارف
للموت ميتا ومنه {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} أي صائرا إلى
الفجور والكفر ذكره الزمخشري والقصد الحث على الاهتمام
بتعجيل الحج قبل العوارض اه. وفيه أن الحج ليس فوريا بل
على التراخي وبه أخذ الشافعي وقال أبو حنيفة بل هو على
الفور وقد مر جوابه
(حم هـ عن الفضل) الظاهر أنه ابن العباس قال الكمال ابن
أبي شريف في تخريج الكشاف: الحديث موقوف وقد عزاه الطبراني
لأبي داود وحده مرفوعا وقال: إنه ليس فيه قوله فإنه قد
يمرض المريض إلخ اه. قال: والحديث بتمامه عند أحمد وابن
إسحاق وابن ماجه وفيه أبو إسرائيل الملائي وهو ضعيف سيء
الحفظ إلى هنا كلامه وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه
(6/49)
8386 - (من أراد) وفي رواية أبي نعيم من
سره (أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده) زاد
الحاكم في روايته فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من
نفسه فمنزلة الله عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه
وعلمه به وإجلاله وتعظيمه والحياء والخوف منه وإقامة
الحرمة لأمره ونهيه والوقوف عند أحكامه بقلب سليم ونفس
مطمئنة والتسليم له بدنا وروحا وقلبا ومراقبة تدبيره في
أموره ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومننه وترك مشيئته
لمشيئته وحسن الظن به والناس في ذلك درجات وحظوظهم بقدر
حظوظهم من هذه الأشياء فأوفرهم حظا منها أعظمهم درجة عنده
وعكسه بعكسه اه. وقال ابن عطاء الله: إذا أردت أن تعرف
مقامك عنده فانظر ما أقامك فيه فإن كان في الخدمة فاجتهد
في تصحيح عبوديتك ودوام المراقبة في خدمتك لأن شرط
العبودية المراقبة في الخدمة لمراد المولى وهي المعرفة
لأنك إذا عرفت أنه أوجدك وأعانك واستعملك قيما شاء وأنت
عاجز عرفت نفسك وعرفت ربك ولزمت طاعته وقال بعض العارفين:
إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك متى رزقك
الطاعة والغنى به عنها فاعلم أنه أسبغ نعمة عليك ظاهرة
وباطنة وخير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك
(قط في الأفراد عن أنس) بن مالك (حل عن أبي هريرة وعن
سمرة) ولما رواه مخرجه أبو نعيم قال: إنه غريب من حديث
صالح المزي وصالح المزي قال الذهبي في الضعفاء: قال
النسائي وغيره: متروك ورواه الحاكم عن جابر وزاد فيه ما
ذكر
(6/49)
8387 - (من أراد) وفي رواية من أحب (أن
يلقى الله طاهرا مطهرا) من الأدناس المعنوية (فليتزوج
الحرائر) قال في الإتحاف: معنى الطهارة هنا السلامة من
الآثام المتعلقة بالفروج لأن تزويج الحرائر أعون على
العفاف من تزوج الإماء لاكتفاء النفس بهن عن طلب الإماء
غالبا بخلاف العكس وقال الطيبي: إنما خصهن لأن الأمة مسببة
له غير مؤدبة وتكون خراجة ولاجة غير لازمة للخدر وإذا لم
تكن مؤدبة لم تحسن تأديب أولادها وتربيتهم بخلاف الحرائر
[ص:50] ولأن الغرض من التزوج التناسل بخلاف التسري ولهذا
جاز العزل عن الأمة مطلقا بغير إذنها قال: ويمكن حمل
الحرائر على المعنى كما قال الحماسي:
ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة. . . يرى غمرات الموت ثم
يزورها
وقال آخر: ورق ذوي الأطماع رق مخلد
وقيل: عبد الشهوة أقل من عبد الرق فإن للنكاح منافع دينية
ودنيوية منها غض البض وكف النفس عن الحرام ونفع المرأة فهو
ينفع بالتزويج نفسه في دنياه وآخرته وينفع المرأة ولذلك
كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحبه ويقول أصبر عن الطعام
والشراب ولا أصبر عنهن كما في خبر أحمد
(هـ عن أنس) بن مالك وفيه سلام بن سوار أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: لا يعرف وكثير بن سلام قال في الكاشف: ضعفوه
والضحاك بن مزاحم وفيه خلف وقال المنذري بعد عزوه لابن
ماجه: حديث ضعيف
(6/49)
8388 - (من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء)
ندبا مؤكدا ولو بجرعة من ماء فإن البركة في اتباع السنة لا
في عين المأكول كما سبق
(حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي:
فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه كلام
(6/50)
8389 - (من أراد أهل المدينة) هم من كان
بها في زمنه أو بعده وهو على سنته (بسوء) قال ابن الكمال:
متعلق بأراد لا بإعتبار معناه الأصلي لأنه متعد بنفسه لا
بالباء بل بإعتبار تضمنه معنى المس فإن عدى بالباء فالمعنى
من مس أهل المدينة بسوء مريدا أي عامدا عالما مختارا لا
ساهيا ولا مجبورا (أذابه الله) أي أهلكه بالكلية إهلاكا
مستأصلا بحيث لم يبق من حقيقته شيء لا دفعة بل بالتدريج
لكونه أشد إيلاما وأقوى تعذيبا وأقطع عقوبة فهو استعارة
تمثيلية في ضمن التشبيه التمثيلي ولا يخفى لطف موقعه في
الأذهان وغرابة موضعه عن أرباب البيان وما في قوله (كما
يذوب) مصدرية أي ذوبا كذوب (الملح) ولقد أعجب وابدع حيث
حتم بقوله (في الماء) فشبه أهل المدينة به إيماءا إلى أنهم
كالماء في الصفاء قال القاضي عياض: وهذا حكمه في الآخرة
بدليل رواية مسلم أذابه الله في النار أو يكون ذلك لمن
أرادهم بسوء في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطانا
بل يذهبه عن قرب كما انقضى شأن من حاربهم أيام بني أمية
كعقبة بن مسلم فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن
معاوية مرسله على أثر ذلك قال السمهودي: من تأمل هذا
الحديث وما أشبهه مما مر لم يرتب في تفضيل سكنى المدينة
على مكة مع تسليم مزيد المضاعفة لمكة
(حم م هـ عن أبي هريرة عن سعد) بن أبي وقاص
(6/50)
8390 - (من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف
كربته فليفرج) وفي رواية فلينفس (عن معسر) بإمهال أو أداء
أو إبراء أو وساطة أو تأخير مطالبة ونحوها. وفيه من بيان
عظم فضل التيسير والترغيب فيه والحث عليه ما لا يخفى
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: ورجاله ثقات
(6/50)
8391 - (من أراد أمرا فشاور فيه امرءا
مسلما وفقه الله تعالى لأرشد أموره) فإن المشورة عماد كل
صلاح وباب كل فلاح ونجاح لكن ينبغي أن لا يشاور إلا من
اجتمع فيه عقل كامل مع تجربة سابقة وذو دين وتقى مأمون
[ص:51] السريرة موفق العزيمة ولهذا كان النبي صلى الله
عليه وسلم حريصا محافظا على مشاورة أصحابه
(طس عن ابن عباس) ثم قال الطبراني: لم يروه عن النضر إلا
محمد بن عبد الله بن علاثة تفرد به عنه عمرو بن الحصين قال
جدنا للأم الزين العراقي في شرح الترمذي: وهذا إسناد واه.
وقال ابن حجر: هو ضعيف جدا وفي شيخ عمرو وشيخ شيخه مقال
اه. وقال الهيثمي: فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك
اه
(6/50)
8392 - (من ارتد عن دينه فاقتلوه) من الرد
وهو كف بكره لما شأنه الإقبال برفق. ذكره الحرالي. والمراد
من رجع عن دين الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر يستتاب
وجوبا ثم يقتل إذا كان رجلا إجماعا وكذا إن كان أمرأة عند
الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة: لا تقتل لأن معها عاصمها
وهو الأنوثة وقد نهى المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله
وسلم عن قتل النساء وسيجيء لذلك مزيد تقرير
(طب عن عصمة) بكسر فسكون (ابن مالك) قال الهيثمي: فيه
الفضل بن المختار وهو ضعيف
(6/51)
8393 - (من أرضى سلطانا بما يسخط ربه خرج
من دين الله) أي إن استحل ذلك أو هو زجر وتهويل وأخرج ابن
سعد عن ابن مسعود قال: إن الرجل يدخل على السلطان ومعه
دينه فيخرج وما معه دينه قيل: كيف قال: يرضيه بما يسخط
الله
(ك) في الأحكام (عن جابر) بن عبد الله قال الذهبي تبعا
للحاكم: تفرد به علاق عن جابر والرواة إليه ثقات
(6/51)
8394 - (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله
إلى الناس) أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعا
ولا ضرا وكله إليه (ومن أسخط الناس لرضى الله كفاه الله
مؤونة الناس) لأنه جعل نفسه من حزب الله ولا يخيب من التجأ
إليه {ألا إن حزب الله هم المفحلون} أوحى الله إلى داود
عليه السلام ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السماوات
والأرض إلا جعلت له مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني
إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه وأسخطت الأرض من تحت
قدميه
(ت حل عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي والعسكري رمز
المصنف لحسنه
(6/51)
8395 - (من أرضى والديه فقد أرضى الله ومن
أسخط والديه فقد أسخط الله) قد شهدت نصوص أخرى على أن هذا
عام مخصوص بما إذا لم يكن في رضاهما مخالفة لشيء من أحكام
الشرع وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك
(6/51)
8396 - (من أريد ماله) أي أريد أخذ ماله
(بغير حق فقاتل) في الدفع عنه (فقتل فهو شهيد) في حكم
الآخرة لا الدنيا بمعنى أنه له أجر شهيد قال النووي: فيه
جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق وإن قل إن لم يندفع إلا
به وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه وقال بعض المالكية: لا
يجوز في الحقير
(3 عن ابن عمرو) بن العاص وقال بعض شراح الترمذي: إسناده
صحيح
(6/51)
[ص:52] 8397 - (من ازداد علما ولم يزدد في
الدنيا زهدا لم يزدد من الله إلا بعدا) ومن ثم قال
الحكماء: العلم في غير طاعة الله مادة الذنوب وقال
الماوردي: قال الحكماء: أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة
وأصل الزهد الرهبة وثمرته العبادة فإذا اقترن العلم والزهد
فقد تمت السعادة وعمت الفضيلة وإن افترقا فياويح مفترقين
ما أضر افتراقهما وأقبح انفرادهما وقال مالك بن دينار: من
لم يؤت من العلم ما يقمعه فما أوتي من العلم لا ينفعه وقال
حجة الإسلام: الناس في طلب العلم ثلاثة رجل طلبه ليتخذه
زادا إلى المعاد لم يقصد إلا وجه الله فهذا من الفائزين
ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة وينال به الجاه
والمال ومع ذلك يعتقد خسة مقصده وسوء فعله فهذا من
المخاطرين فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه سوء الخاتمة
وإن وفق لها فهو من الفائزين ورجل استحوذ عليه الشيطان
فاتخذ علمه ذريعة إلى التكاثر بالمال والتفاخر بالجاه
والتعزز بكثرة الأتباع وهو مع ذلك يضمر أنه عند الله بمكان
لاتسامه بسمة العلماء فهذا من الهالكين المغرورين إذ
الرجاء منقطع عن توبته لظنه أنه من المحسنين
(فر عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف
أي وذلك لأن فيه موسى بن إبراهيم قال الذهبي: قال
الدارقطني: متروك ورواه ابن حبان في روضة العقلاء موقوفا
عن الحسن بن علي وروى الأزدي في الضعفاء من حديث علي من
ازداد بالله علما ثم ازداد للدنيا حبا ازداد من الله عليه
غضبا
(6/52)
8398 - (من أسبغ الوضوء) أي أتمه وأكمله
بشروطه وفروضه وسننه وآدابه (في البرد الشديد كان له من
الأجر كفلان)
(طص عن علي) أمير المؤمنين وضعفه المنذري وقال الهيثمي:
فيه عمر بن حفص العبدي متروك وقال العقيلي: ليس لهذا المتن
إسناد صحيح
(6/52)
8399 - (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء) بضم
الخاء والمد: كبرا وإعجابا (فليس من الله في حل ولا حرام)
بكسر الحاء من حل وقيل معناه لا يؤمن بحلال الله وحرامه
قال النووي: معناه برئ من الله وفارق دينه
(د عن ابن مسعود)
(6/52)
8400 - (من استجد قميصا) أي اتخذه جديدا
(فلبسه فقال حين بلغ ترقوته الحمد لله الذي كساني ما
أواري) أي أستر (به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى
الثوب الذي أخلق) أي صار خلقا باليا (فتصدق به كان في ذمة
الله وفي جوار الله) بكسر الجيم أي حفظه والجار الذي يجير
غيره أي يؤمنه مما يخاف (وفي كنف الله) بفتحتين الجانب
والساتر (حيا وميتا)
(حم) من حديث أصبغ عن أبي العلاء الشامي (عن عمر) بن
الخطاب رمز لحسنه قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وأصبغ هو
ابن زيد قال ابن عدي: له أحاديث غير محفوظة وابن حبان: لا
يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وأبو العلاء قال: مجهول قال:
والحديث غير ثابت
(6/52)
8401 - (من استجمر فليستجمر ثلاثا) يحتمل
كونه من الاستجمار وهو التبخر بالعود والطيب استفعال من
الجمر الذي هو النار والمجمرة ما يوضع فيه الفحم للتبخر.
ويحتمل كونه من الاستجمار الذي هو مسح المخرج بالجمار وهي
الحجارة [ص:53] الصغار لأنه يطيب الريح كما يطيب البخور
فيجب في الاستجمار بالحجر وما في معناه ثلاث مسحات مع
رعاية الإنقاء عند الشافعي وأحمد ولم يشترط المالكية عددا
وكذا الحنفية حيث وجب الاستنجاء عندهم بأن زاد الخارج على
قدر الدرهم والحديث حجة عليهم قال الخطابي: لو كان القصد
الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن فائدة فلما اشترط العدد
لفظا وعلم الإنقاء فيه معنى دلا على إيجاب الأمرين كالعدة
بالإقراء فإن العدد شرط وإن تحققت براءة الرحم بقرء واحد
<تنبيه> استدل به من أنكر الاستنجاء بالماء وقد أنكره به
حذيفة وابن الزبير وسعد بن مالك وابن المسيب وكان الحسن لا
يستنجي به وقال عطاء: غسل الدبر مجوسية
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته ليس كما قال
فقد قال الزين العراقي: فيه قيس بن الربيع صدوق يسيء الحفظ
وقال الحافظ الهيثمي: فيه قيس بن الربيع وثقه الثوري وضعفه
جمع كثيرون اه. وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ من استجمر
فليوتر وفي أبي داود وابن ماجه بزيادة من فعل فحسن ومن لا
فلا حرج وإنما آثر المؤلف هذه الرواية لصراحتها في الرد
على الحنفية القائلين بالاكتفاء بدون الثلاث
(6/52)
8402 - (من استحل بدرهم) في النكاح كذا هو
ثابت في المتن في رواية الطيالسي وأبو يعلى وغيرهما وهذا
حكاه ابن حجر في الفتح وكأنه سقط من قلم المصنف (فقد
استحل) أي طلب حل النكاح كذا قرره البيهقي وساقه شاهدا على
جواز النكاح بصداق كثر أو قل. وفيه أنه لا حد لأقل المهر
قال ابن المنذر: فيه رد على من زعم أن أقل المهر عشرة
دراهم ومن قال ربع دينار قال المازري: تعلق به من أجاز
النكاح بأقل من ربع دينار لكن مالك قاسه على القطع في
السرقة وقال عياض: تفرد به مالك عن الحجازيين وأجازه
الكافة بما تراضى عليه الزوجان قال ابن حجر: وقد وردت
أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء منها هذا الحديث
(هق) من حديث وكيع بن يحيى بن عبد الرحمن (عن ابن أبي
لبيبة) تصغير لبة عن أبيه عن جده قال الذهبي في المهذب:
قلت يحيى واه اه. وعزاه ابن حجر لابن أبي شيبة باللفظ
المزبور عن ابن أبي لبيبة المذكور وقال: لا يثبت وعزاه
الهيثمي لأبي يعلى وقال: فيه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي
لبيبة ضعيف
(6/53)
8403 - (من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن
رجيع كن له طهورا) بضم الطاء ومن استطاب بأقل من ثلاث
أحجار أو ما في معناها كما صرح به في رواية مسلم بقوله ولا
يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار وأخذ بهذا الشافعي وأحمد
وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص عن ثلاث مع رعاية
الإنقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويسن حينئذ
الإيتار بقوله في حديث من استجمر فليوتر وليس بواجب لزيادة
في أبي داود وقال ابن حجر: حسنة الإسناد ومن لا فلا حرج
وبه يحصل الجمع بين الروايات وأما الاستدلال على عدم
اشتراط العدد بالقياس على مسح الرأس ففاسد الاعتبار لأنه
في مقابلة النص الصريح
(طب عن خزيمة بن ثابت) رمز المصنف لحسنه
(6/53)
8404 - (من استطاع) أي قدر (أن يموت
بالمدينة) أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت (فليمت بها) أي
فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى
له أن يموت بها إطلاقا للمسبب على سببه كما في {ولا تموتن
إلا وأنتم مسلمون} (فإني أشفع لمن يموت بها) أي أخصه
بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة وأخذ منه حجة الإسلام
ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها وقال ابن
الحاج: حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود
في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على
مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا قال السمهودي: وفيه
بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة
بالمسلمين وكفي بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك
ويظهر أن من [ص:54] مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ
من هذه الشفاعة ولم أره نصا
(حم ت) في أواخر الجامع (هـ) في الحج (حب) كلهم (عن ابن
عمر) بن الخطاب قال الترمذي: حسن صحيح غريب قال الهيثمي:
ورجال أحمد رجال الصحيح خلا عبد الله بن عكرمة ولم يتكلم
فيه أحد بسوء
(6/53)
8405 - (من استطاع) أي قدر إذ هي والقدرة
والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل
الأصول كما سبق (أن يكون له خبء) أي شيء مخبوء أي مدخر (من
عمل صالح فليفعل) أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل
الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصارا قال ابن
الكمال: والاستطاعة عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به
الأفعال الاختيارية
(الضياء) في المختارة وكذا الخطيب في تاريخه في ترجمة عمر
الوراق (عن الزبير) بن العوام قال ابن الجوزي: قال
الدارقطني: رفعه إسحاق بن إسماعيل ولم يتابع عليه وقد رواه
شعبة وزهير والقطان وهشيم وابن عيينة وأبو معاوية وعبدة
ومحمد بن زياد عن إسماعيل عن قيس عن الزبير موقوفا وهو
الصحيح
(6/54)
8407 - (من استطاع منكم أن ينفع أخاه) أي
في الدين قال في الفردوس: يعني بالرقية (فلينفعه) أي على
جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا
العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها
لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي الى شرك يمنع وما لا
يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطا وحذف
المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية
أو علم أو مال أو جاه أو نحوها وفي قوله منكم إشارة إلى أن
نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة
وهو ما عليه جمع {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال
الحرالي: والنفع حصول موافق الجسم الظاهر وما يتصل به في
مقابلة الضر ولذلك يخاطب به الكفار كثيرا لوقوع معنييهما
في الظاهر الذي هو مقصدهم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا}
وقال الكرماني: المنفعة اللذة أو ما يكون وسيلة إلى اللذة
(حم م هـ) في الطب (عن جابر) بن عبد الله قال: نهى النبي
صلى الله عليه وسلم عن الرقى فجاء عمرو بن حزم فقال: يا
رسول الله كانت عندنا رقية نرقي بها العقرب وإنك نهيت عن
الرقى فعرضوها عليه فقال: ما أرى بأسا ثم ذكره وفي رواية
لمسلم أيضا عن جابر قال: لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أرق؟
فذكره كأن السائل عرف أنه من حق الإيمان أن يعتقد أن
المقدور كائن لا محالة ووجد الشرع يرخص في الاسترقاء ويأمر
بالتداوي وبالإتقاء عن مواطن المهلكات فأشكل عليه الأمر
كما أشكل على الصحب حين أخبروا أن الكتاب يسبق على الرجل
فقالوا: ففيم العمل
(6/54)
8406 - (من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه)
بكسر العين محل الذم والمدح منه (بماله فليفعل) ندبا مؤكدا
(ك) في البيع من حديث أبي عصمة نوح عن عبد الرحمن بن بديل
(عن أنس) وقد سكت المصنف كالحاكم عليه فأوهم أنه لا علة
فيه وليس كما أوهم فقد استدركه الذهبي على الحاكم فقال:
قلت نوح هالك
(6/54)
8408 - (من استطاع منكم أن لا يحول بينه
وبين قبلته أحد) ذكر أو أنثى نائم أو مستيقظ آدمي أو دابة
أو غير ذلك (فليفعل) ندبا
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه
(6/54)
[ص:55] 8409 - (من استطاع منكم أن يستر
أخاه المؤمن بطرف ثوبه فليفعل) ذلك فإنه قربة يثاب عليها
قال الحرالي: والاستطاعة مطاوعة النفس في العمل وإعطاؤها
الانقياد فيه
(فر عن جابر) بن عبد الله وفيه المنكدر بن محمد المنكدر
أورده الذهبي في الضعفاء وقال: اختلف قول أحمد فيه
(6/55)
8410 - (من استعاذ بالله فأعيذوه) أي من
سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم بالله كقوله بالله
عليك أن تدفع عني شر فلان وإيذاءه واحفظني من فلان فأجيبوه
واحفظوه لتعظيم اسم الله ذكره المظهر وقال الطيبي: قد جعل
متعلق استعاذ محذوفا وبالله حالا أي من استعاذ بكم متوسلا
بالله مستعطفا به ويمكن أن يكون بالله صلة استعاذ والمعنى
من استعاذ بالله فلا تتعرضوا له بل أعيذوه وادفعوا عنه
الأذى فوضع أعيذوه موضعه مبالغة ولهذا لما تزوج المصطفى
صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجونية وهم ليقبلها
فقالت: أعوذ بالله منك فقال: قد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك
(ومن سألكم بوجه الله) شيئا من أمر الدنيا والآخرة
(فأعطوه) وقد ورد الحث على إعطائه بأعظم من هذا فروى
الطبراني ملعون من سئل بوجه الله وقد سبق تقييده وورد أن
الخضر أعطى نفسه لمن سأله فيه فباعه
(حم د) من حديث أبي نهيك (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا
الترمذي في العلل وذكر أنه سأل البخاري عن أبي نهيك فلم
يعرف اسمه
(6/55)
8411 - (من استعاذكم) أي من سأل منكم
الإعاذة مستعينا (بالله) عند ضرورة أو حاجة حلت به أو ظلم
ناله أو تجاوز عن جناية (فأعيذوه) أي أعينوه أو أجيبوه فإن
إغاثة الملهوف فرض وفي رواية بدل أعيذوه أعينوه أي على ما
تجوز الإعانة فيه {وتعاونوا على البر والتقوى} (ومن سألكم
بالله) أي بحقه عليكم وأياديه لديكم أو سألكم بالله أي في
الله أي سألكم شيئا غير ممنوع شرعا دنيويا أو أخرويا
(فأعطوه) ما يستعين به على الطاعة إجلالا لمن سأل به فلا
يعطى من هو على معصية أو فضول كما صرح به بعض الفحول (ومن
دعاكم فأجيبوه) وجوبا إن كان لوليمة عرس وتوفرت الشروط
المبينة في الفروع وندبا في غيرها ويحتمل من دعاكم لمعونة
في بر أو دفع ضر (ومن صنع إليكم معروفا) هو اسم جامع للخير
(فكافئوه) على إحسانه بمثله أو خير منه (فإن لم تجدوا ما
تكافئوه) في رواية بإثبات النون وفي رواية المصابيح بحذفها
قال الطيبي: سقطت من غير جازم ولا ناصب إما تخفيفا أو سهوا
من النساخ (فادعوا له) وكرروا له الدعاء (حتى تروا) أي
تعلموا (أنكم قد كافأتموه) يعني من أحسن إليكم أي إحسان
فكافئوه بمثله فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم
حتى تحصل المثلية ووجه المبالغة أنه رأى من نفسه تقصيرا في
المجازاة فأحالها إلى الله ونعم المجازي هو قال الشاذلي:
إنما أمر بالمكافأة ليستخلص القلب من إحسان الخلق ويتعلق
بالملك الحق
(حم د) في الأدب (ن) في الزكاة (حب ك) كلهم (عن ابن عمر)
بن الخطاب قال النووي في رياضه: حديث صحيح
(6/55)
8412 - (من استعجل أخطأ) أو كاد لأن العجلة
تحمل على عدم التدبر والتأمل وقلة النظر في العواقب فيقع
الخطأ ومن ثم قيل إنما تكون الزلة من العجلة قال ابن
الكمال: والاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته
(الحكيم) الترمذي (عن الحسن مرسلا) وهو البصري
(6/55)
[ص:56] 8413 - (من استعف) بفاء واحدة مشددة
وفي رواية استعفف بفاءين أي طلب العفة وهي الكف عن الحرام
وعن السؤال (أعفه الله) أي جعله عفيفا من الإعفاف وهو
إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي (ومن) ترقى من هذه
المرتبة إلى ما هو أعلى منها و (استغنى) أي أظهر الغنى عن
الخلق (أغناه الله) أي ملأ الله قلبه غنى لأن من تحمل
الخصاصة وكتم الفقر فصبر علما بأن الله القادر على كشفها
كان ذلك تعرضا لإزالتها عنه كالمعتر الذي يتعرض ولا يسأل
وقد أمر الله بإعطاء المعتر فالله أولى أن يعطي من يتعرض
لفضله (ومن سأل الناس) أن يعطوه من أموالهم مدعيا للفقر
(وله عدل خمس أواق) من الفضة جمع أوقية (فقد سأل إلحافا)
أي إلحاحا وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه فهو نصب على
الحال أي ملحفا يعني سؤال إلحاف أو عامله محذوف وهو أن
يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل إلحاله أي
أعطاني من فضل ما عنده
(حم عن رجل من مزينة) من الصحابة وجهالته لا تضر لأن
الصحابة عدول وقد رمز المصنف لحسنه
(6/56)
8414 - (من استعمل رجلا من عصابة) (1) يعني
أي إمام أو أمير نصب أميرا أو قيما أو عريفا أو إماما
للصلاة على قوم وفيهم من هو أي ذلك المنصوب (أرضى لله منه
فقد خان) أي من نصبه (الله ورسوله والمؤمنين (2))
(ك) في الأحكام من حديث حسين بن قيس عن عكرمة (عن ابن
عباس) وقال: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: حسين ضعيف وقال
المنذري: حسين هذا هو حنش وهو واه وقال ابن حجر: فيه حسين
بن قيس الرحبي واه وله شاهد من طريق إبراهيم بن زياد أحد
المجهولين عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس وهو في تاريخ
الخطيب
_________
(1) بكسر أوله أي جماعة
(2) فيلزم الحاكم رعاية المصلحة وتركها خيانة
(6/56)
8415 - (من استعملناه) أي جعلناه عاملا أو
طلبنا منه العمل والضمير راجع إلى من وقوله (على عمل)
متعلق باستعملنا (فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول)
أي أخذ للشيء بغير حله فيكون حراما بل كبيرة قال في
المطامح: وقد يطلق الغلول على ما يسرق من المغنم وهو
الغالب العرفي
<تنبيه> قال الطيبي: قوله فما أخذ جزاء الشرط وما موصولة
والعائد محذوف وهو خبره وجيء بالفاء لتضمنه معنى الشرط
ويجوز كونها موصوفة
(د) في الخراج (ك) في الزكاة (عن بريدة) قال الحاكم: على
شرطهما وأقره الذهبي
(6/56)
8416 - (من استعملناه منكم) خطاب للمسلمين
وخرج به الكافر فاستعماله على شيء من أموال بيت المال
ممنوع (على عمل فكتمنا) بفتح الميم أخفى عنا (مخيطا) بكسر
الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم
بدل اشتمال أي كتم مخيطا (فما فوقه) عطفا على مخيطا أي
شيئا يكون فوق الأبرة في الصغر (كان) الضمير عائد الى مصدر
كتمنا (ذلك غلولا) أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول
من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة (يأتي به) أي بما
غل (يوم القيامة) (1) تفضيحا [ص:57] وتعذيبا له وهذا مسوق
لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في
تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى
الله عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا
رسول الله أقبل مني عملك قال: وما لك قال: سمعتك تقول كذا
وكذا قال: وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل
فليجىء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اه.
كذا في مسلم
(م د) في الخراج (عن) أبي ذرارة عن عدي (بن عميرة) بفتح
العين المهملة فكسر الميم وآخره هاء ابن فروة الكندي صحابي
مات في خلافة معاوية وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به
مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه بل خرجه بعينه البخاري عن
أبي حميد الساعدي ولعل المصنف غفل لكون البخاري إنما ذكره
في ذيل خطبة أولها أما بعد
_________
(1) أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر
وأن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد
إليه ففيه خلاف للعلماء قال الشافعي وطائفة: يجب تسليمه
للإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة. وقال ابن مسعود
وابن عباس ومعاوية والحسن الزهري والأوزاعي ومالك الثوري
والليث وأحمد والجمهور: يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق
بالباقي واختلفوا في صفة عقوبة الغال فقال جمهور العلماء
وأئمة الأمصار: يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا تحرق
ثيابه وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من
الصحابة والتابعين ومن بعدهم
(6/56)
8417 - (من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث
مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم)
بالنصب صفة أو مدح لله وبالرفع بدل من الضمير أو خبر مبتدأ
محذوف على المدح (وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من
الزحف) حيث لا يجوز الفرار لكون عددنا لا يبلغ عدد نصف
الكفار قال الطيبي: في تخصيص ذكر الفرار من الزحف إدماج
معنى أن نصف هذا الذنب من أعظم الكبائر لأن السياق وارد في
الاستغفار وعبارة في المبالغة عن حط الذنوب عنه فيلزم
بإشارته أن هذا الذنب أعظم الذنوب
(ع وابن السني) أبو بكر أحمد بن محمد (عن البراء)
(6/57)
8418 - (من استغفر الله في كل يوم سبعين
مرة لم يكتب من الكاذبين) لأنه يبعد أن المؤمن يكذب في
اليوم سبعين مرة (ومن استغفر الله في) كل (ليلة سبعين مرة
لم يكتب من الغافلين) عن ذكر الله قال بعض العارفين لآخر:
أوصني قال: ما أدري ما أقول غير أنك لا تفتر عن الحمد
والاستغفار فإن ابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا
بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار
(ابن السني عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي باللفظ
المزبور
(6/57)
8419 - (من استغفر) الله (للمؤمنين
والمؤمنات) بأي صفة كانت وورد في ذلك صيغ بألفاظ متقاربة
(كتب الله له) أي أمر الله الحفظة أن تكتب له في صحيفته
(بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) قال علي كرم الله وجهه: العجب ممن
يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار وقال بعضهم:
العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الاستغفار
(طب عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي: وإسناده جيد
(6/57)
8420 - (من استغفر) الله (للمؤمنين
والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة كان من الذين يستجاب
لهم) الدعاء (ويرزق [ص:58] بهم أهل الأرض) قال الغزالي:
ورد في فضل الاستغفار أخبار خارجة عن الحصر حتى قرنه الله
ببقاء الرسول فقال: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما
كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وقال بعضهم: كان لنا أمانان
أحدهما كون الرسول فينا فذهب وبقي الاستغفار فإن ذهب هلكنا
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه عثمان بن أبي عاتكة
وثقه غير واحد وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات
(6/57)
8421 - (من استغنى) بالله عمن سواه (أغناه
الله) أي أعطاه ما يستغني به عن الناس ويخلق في قلبه الغنى
فإن الغنى غنى النفس (ومن استعف) أي امتنع عن السؤال (أعفه
الله) بتشديد الفاء أي جازاه الله على استعفافه بصيانة
وجهه ودفع فاقته (ومن استكفى) بالله (كفاه الله) ما أهمه
ورزقه القناعة قال ابن الجوزي: لما كان التعفف يقتضي ستر
الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم كان صاحبه معاملا لله في
الباطن فيقع له الربح على قدر صدقه في ذلك وقال الطيبي:
معنى قوله من استغنى أعفه الله يعف عن السؤال وإن لم يظهر
الاستعفاف عن الناس لكنه إن أعطى شيئا لم يتركه يملأ الله
قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن داوم على ذلك وأظهر
الاستعفاف وتصبر ولو أعطى لم يقبل فهو أرفع درجة والصبر
جامع لمكارم الأخلاق وقال ابن التين: معنى قوله أعفه إما
يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما أن يرزقه
القناعة وقال الحرالي: من ظن أن حاجته يسدها المال فليس
برا إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسددها ربه ببره
الخفي وجوده الوفي (ومن سأل) الناس (وله قيمة أوقية) من
الوقاية لأن المال مخزون مصون أو لأنه يقي الشخص من
الضرورة والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل قال
الجوهري وغيره: أربعون درهما كذا كان قال البرماوي وغيره:
وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء فعشرة دراهم
وخمسة أسباع درهم اه. وأقول: كذا كان والآن اثني عشر درهما
(فقد ألحف) أي سأل الناس إلحافا تبرما بما قسم له
<تنبيه> مقصود الحديث الإشارة إلى أن في طلب الرزق من باب
المخلوق ذلا وعناءا وفي طلبه من الخالق بلوغ المنى والغنى.
قال بعض العارفين: من استغنى بالله افتقر الناس إليه
قف بباب الواحد. . . تفتح لك الأبواب. . . واخضع لسبب
واحد. . . تخضع لك الرقاب
هذا: وربنا يقول {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} فأين
الذهاب والغنى غنى النفس من الحظوظ والأغراض لا غنى اليد
بفاني الأعراض
إن الغنى هو الغنى بنفسه. . . ولو أنه عاري المناكب حافي
ما كل ما فوق البسيطة كافي. . . فإذا قنعت فبعض شيء كافي
(حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي سعيد) الخدري قال: سرحتني
أمي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسأله
فأتيته فوجدته قائما يخطب وهو يقول ذلك فقلت في نفسي: لنا
خير من خمس أواق فرجعت ولم أسأله. قال الهيثمي: رجال أحمد
رجال الصحيح
(6/58)
8422 - (من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى
يحول عليه الحول)
(ت) في الزكاة (عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا وموقوفا قال
الترمذي: والموقوف أصح لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم ضعيف عندهم وقال ابن المديني وغيره: كثير
الغلط اه وقال الذهبي: فيه عبد الرحمن بن يزيد واه وصح من
قول ابن عمر وقال ابن الجوزي: لا يصح مرفوعا
(6/58)
[ص:59] 8423 - (من استفتح أول نهاره بخير
وختمه بالخير) كصلاة وذكر وتسبيح وتحميد وتهليل وصدقة وأمر
بمعروف ونهي عن منكر ونحو ذلك (قال الله لملائكته) يعني
الحافظين الموكلين به (لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من
الذنوب) يعني الصغائر كما في قياس النظائر ويحتمل التعميم
وفضل الله عظيم
(طب والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن يسر) قال الهيثمي:
فيه الجراح بن يحيى المؤذن لم أعرفه وبقية رجاله ثقات
(6/59)
8424 - (من استلحق شيئا ليس منه حته الله
حت الورق) أي ورق الشجر
(الشاشي) أبو الهيثم بن كليب الأديب يروي الشمائل عن
الترمذي نسبة إلى الشاشى بمعجمتين مدينة وراء نهر سيحون
خرج منها جمع من العلماء (والضياء) المقدسي (عن سعد) بن
أبي وقاص
(6/59)
8425 - (من استمع إلى آية من كتاب الله) أي
أصغى إلى قراءة آية منه وعدى الاستماع بإلى لتضمنه معنى
الإصغاء قال في الكشاف: الاستماع جار مجرى الإصغاء
والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية ويقال استمع
إلى حديثه وسمع حديثه أي أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع اه
(كتب الله له حسنة مضاعفة ومن تلى آية من كتاب الله كانت
له نورا يوم القيامة) إشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل
لأن النفع المتعدي أفضل من اللازم ومحله إن لم يخف نحو
رياء كما يفيده أخبار أخر
(حم عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف وانقطاع
وقال تلميذه الهيثمي: فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره
ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى
(6/59)
8426 - (من استمع) أي أصغى (إلى حديث قوم
وهم له) أي لمن استمع (كارهون) أي لا يريدون استماعه قال
الزمخشري: الجملة حال من القوم أو من ضمير استمع يعني حال
كونهم يكرهونه لأجل استماعه أو يكرهون استماعه إذا علموا
ذلك أو صفة قوم والواو لتأكيد لصوقها بالموصوف نظير {سبعة
وثامنهم كلبهم} قال: والقوم الرجال خاصة وهذه صفة غالبة
جمع قائم كصاحب وصحب اه (صب) بضم المهملة وشد الموحدة (في
أذنيه) بالتثنية وفي رواية للبخاري بالإفراد (الآنك) بفتح
الهمزة الممدودة وضم النون: الرصاص أو الخالص منه أو
الأسود أو الأبيض أو القصدير. قال الزمخشري: وهي أعجمية
وقال الجوهري: أفعل بضم العين من أبنية الجمع ولم يجىء
عليه الواحد إلا آنك والجملة إخبار أو دعاء عليه وفيه وعيد
شديد وموضعه فيمن يستمع لمفسدة كنميمة أما مستمع حديث قوم
يقصد منعهم من الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته بل
قد يندب بل يجب بحسب المواطن والرسائل حكم المقاصد (ومن
أرى عينه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة) زاد
الإسماعيلي يعذب بها وليس بفاعل وفي رواية بين شعيرتين
وذلك ليطول عذابه لأن عقد ما بين الشعير مستحيل قال
الطبري: إنما شدد الوعيد على الكذب على المنام مع أن الكذب
يقظة أشد مفسدة لأن كذب المنام كذب على الله وقال القونوي:
هذه المجازات والعقوبة صادرة من مقام العدل لأن العالم
محصور في صورة ومعنى قلب في جسم وروح وعالم المثال برزخ
بينهما جامع بين الطرفين وخيال الإنسان جزء من عالم المثال
فالمركب في خياله من المواد الحسية والمعنوية يتعمد صورة
لم يرها [ص:60] ثم يخبر عنها بصورة أنه اطلع عليها دون
تعمد فقد كذب وأوهم السامع أن الحق أطلعه على ذلك فلا جرم
مثل له عالم المعنوي في شعيرة وعالم الصور في شعيرة من
الشعور الذي هو الإدراك وكلف أن يعقد بينهما العقد الصحيح
على نحو ما ربط الحق سبحانه أحدهما بالآخر فلا يقدر على
ذلك عقوبة من الله على كذبه به وتعجيزا له جزاءا وفاقا
(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه
(6/59)
8427 - (من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له
أن يسمع الروحانيين في الجنة) وبقية الحديث عند مخرجه
الحكيم قيل: ومن الروحانيين يا رسول الله؟ قال: قراء أهل
الجنة وهذا يدل على أن في الجنة أئمة كالأمراء وعرفاء
وقراء فالأئمة هم الأنبياء والعرفاء هم أهل القرآن الذين
عرفوا به في الدنيا والقراء يتلذذ أهل الجنة بأصواتهم سموا
روحانيين للروح الذي على قلوبهم من فرحهم بالله أيام
الدنيا وكل أحد في الجنة حظه من الله على درجته هنا
<تنبيه> قال القرطبي: قيل إن حرمانه سماع الروحانيين إنما
هو في الوقت الذي يعذب فيه في النار فإن خرج بالشفاعة أو
الرحمة العامة المعبر عنها في الحديث بالقبضة أدخل الجنة
ولم يحرم شيئا ويجري مثله في حرمان الحرير والخمر والذهب
والفضة لمستعملها في الدنيا
(الحكيم) الترمذي (عن أبي موسى) الأشعري
(6/60)
8429 - (من استنجى من الريح فليس منا) أي
ليس من العاملين بطريقتنا الآخذين بسنتنا فإن الاستنجاء من
الريح غير واجب ولا مندوب
(ابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) بن عبد الله وفيه شرفي
بن قطامي قال في الميزان: له نحو عشرة أحاديث فيها مناكير
وساق هذا منها وقال الساجي: شرفي ضعيف وفي اللسان عن
النديم كان كذبا
(6/60)
8428 - (من استمع إلى قينة) أي أمة تغني
قال الزمخشري: والقينة عند العرب الأمة والقين العبد قال:
وإنما خص الأمة لأن الغناء أكثر ما يكون يتولاه الإماء دون
الحرائر (صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) بالمد والضم ذكره
القاضي وتمسك بذا من حرم الغناء وسماعه كالقرطبي تبعا
لإمامه مالك وبه رد ابن تيمية على القشيري جعل أل في
{الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} للعموم والاستغراق
فقال: من القول ما يحرم استماعه ومنه ما يكره كما هنا
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك
(6/60)
8430 - (من استودع وديعة) فتلفت (فلا ضمان
عليه) حيث لم يفرط لأنه محسن و {ما على المحسنين من سبيل}
(هـ هق عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني البيهقي: حديث
ضعيف وجزم بضعفه الذهبي في المهذب وقال ابن حجر: فيه
المثنى بن الصباح وهو متروك
(6/60)
8431 - (من أسدى إلى قوم نعمة) قال في
الفردوس: المسدي المعروف يقال أسدى إليه معروفا إذا أصابه
بخير وفي جامع الأصول أسدى وأولى بمعنى المعروف صفة لمحذوف
أي شيئا معروفا والمراد به الجميل والبر والإحسان قولا
وعملا (فلم يشكروها له فدعا عليهم استجيب له) لأنهم كفروا
بالنعمة واستخفوا بحقها لعدم شكرهم له ومن لم يشكر الناس
لم يشكر الله والمسدي وإن كان واسطة لكنه طريق وصول نعمة
الله إليهم والطريق حق من حيث [ص:61] جعله واسطة ذلك لا
ينافي رؤية النعم من الله وإنما المنكر أن يرى الواسطة
أصلا ومن تمام الشكر ستر عيب العطاء وعدم الاحتقار
(الشيرازي) في الألقاب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا
الحاكم والديلمي بأبسط من هذا ولفظه من أسدى إلى قوم نعمة
فلم يقبلوها بالشكر فدعا عليهم استجيب له فيهم
(6/60)
8432 - (من أسف على دنيا فاتته) أي حزن على
فواتها وتحسر على فقدها قال الطيبي: ولا يجوز حمله على
الغضب لأنه لا يجوز أن يقال غضب على ما فات بل على من فوت
عليه اه وأشار بذلك إلى ما قال الراغب: الأسف الحزن والغضب
معا وقد يقال الكل منهما على انفراده وحقيقته ثوران دم
القلب شهوة للانتقام فمن كان على من دونه انتشر فصار غضبا
أو فوقه انقبض فصار حزنا (اقترب من النار مسيرة ألف سنة)
يعني قربا كثيرا جدا (ومن أسف على آخرة فاتته) أي على شيء
من أعمال الآخرة المقربة من الجنة ورضوان الله ورحمته
(اقترب من الجنة مسيرة ألف سنة) أي شيئا كثيرا جدا ومقصود
الحديث الحث على القناعة والترغيب في فضلها وإيثار ما يبقى
على ما يفنى قال ابن أدهم: قد حجبت قلوبنا بثلاثة أغطية
فلن ينكشف للعبد اليقين حتى يرفع الفرح بالوجود والحزن على
المفقود والسرور بالمدح فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص وإذا
حزنت على المفقود فأنت ساخط والساخط معذب وإذا سررت بالمدح
فأنت معجب والعجب يحيط العمل قال الراغب: الحزن على ما فات
لا يلم ما تشعث ولا يبرم ما تنكث كما قيل: " وهل جزع مجد
علي فأجزعا " فأما غمه على المستقبل فإما أن يكون في شيء
ممتنع كونه أو واجب كونه أو ممكن كونه فإن كان على ما هو
ممتنع كونه فليس من شأن العاقل وكذا إن كان من قبيل الواجب
كونه كالموت فإن كان ممكنا كونه فإن كان لا سبيل لدفعه
كإمكان الموت قبل الهرم فالحزن له جهل واستجلاب غم إلى غم
فإن أمكن دفعه احتال لرفعه بفعل غير مشوب بحزن فإن دفعه
وإلا تلقاه بصبر
(الرازي في مشيخته عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/61)
8433 - (من أسلف) أي عقد السلم وهو بيع
موصوف في الذمة وفي رواية أسلم والمعنى متحد وجعل بعضهم
الهمزة للتسلب لأنه أزال سلامة الدراهم بالتسليم إلى من قد
يكون مفلسا (في شيء فليسلف في كيل) مصدر كال أريد به ما
يكال به (معلوم) إن كان السلف فيه مكيلا (ووزن معلوم إلى
أجل معلوم) إن كان موزونا قالوا أو بعين أو ولا يسوغ
بقاؤها على ظاهرها لاستلزامه جواز السلم في شيء واحد كيلا
ووزنا وهو ممتنع لعزة الوجود واقتصر على الكيل والوزن
لورود السبب على الخبر الآتي فإن كان المسلم فيه غير مكيل
ولا موزون شرط العد أو الذرع فيما يليق به وقد قام الإجماع
على وجوب وصف المسلم فيه يما يميزه ولم ينص عليه في الخبر
لعلم المخاطبين به وقد وقع بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك
خلف في صحة السلم وسببه هل ذلك المنازع فيه مما تضبطه
الصفة أم لا
(حم ق 4) في السلم (عن ابن عباس) قال: قدم النبي صلى الله
عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار لسنة ولسنتين
فذكره
(6/61)
8434 - (من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى
غيره) أي لا يستبدل عنه وإن عز أو عدم وإذا امتنع
الاستبدال عنه امتنع بيعه من غيره قبل القبض قال الطيبي:
يجوز أن يرجع الضمير إلى من في قوله من أسلف يعني لا يبيعه
من غيره قبل القبض أو إلى شيء أي لا يبدل المبيع قبل القبض
بشيء آخر
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وفيه عطية بن سعد
العوفي [ص:62] وهو ضعيف وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق
وابن القطان بالضعف والاضطراب ومن ثم رمز المصنف لضعفه لكن
أخرجه الترمذي في العلل الكبرى وحسنه وأقره عليه الحافظ
ابن حجر وقال: ينبغي للمصنف عزوه إليه
(6/61)
8435 - (من أسلم على يديه رجل وجبت له
الجنة) المراد أنه أسلم بإشارته وترغيبه له في الإسلام
(طب) وكذا في الأوسط الجميع من حديث محمد بن معاوية
النيسابوري عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد (عن عقبة
بن عامر) قال الهيثمي: فيه محمد بن معاوية النيسابوري ضعفه
الجمهور وقال ابن معين: كذاب وبقية رجاله ثقات اه وقال ابن
حجر: رواه ابن عدي من وجهين ضعيفين وهو من أحدهما عند
الطبراني والدارقطني اه. وفي الميزان: محمد بن معاوية كذبه
الدارقطني وابن معين وغيرهما وقال مسلم والنسائي: متروك ثم
أورد له هذا الخبر وقال: هذا منكر جدا تفرد به ابن معاوية
وقال ابن معين: لا أصل لهذا الحديث ومن ثم أورده ابن
الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له متابعات في مسند
الشهاب
(6/62)
8436 - (من أسلم على يديه رجل) وفي رواية
الرجل قال ابن حجر: وبالتنكير أولى (فله ولاؤه) أي هو أحق
بأن يرثه من غيره وفي رواية للبخاري في تاريخه هو أولى
الناس بحياته ومماته قال البخاري: ولا يصح لمعارضته حديث
إنما الولاء لمن أعتق وعلى التنزل فيتردد في الجمع هل يخص
عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم أو
يؤول الولاء بالموالاة بالنصر والمعاونة لا بالإرث ويبقى
الحديث متفق على صحته على عمومه؟ ذهب الجمهور إلى الثاني
وقال أبو حنيفة: يستمر إن عقل عنه وإن لم يعقل فله التحول
لغيره ويستحق الثاني وهلم جرا
(طب عد قط) ورواه الدارقطني عن معاوية بن يحيى الصدفي عن
القاسم الشامي عن أبي أمامة ثم قال: الصدفي ضعيف (هق) من
حديث جعفر بن الزبير عن القاسم (عن أبي أمامة) الباهلي
والحديث له عند هؤلاء طريقان أحدهما عن الفضل بن حبان عن
مسدد عن عيسى بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي
أمامة الثانية معاوية عن يحيى الصدفي عن القاسم وأورده ابن
الجوزي من طريقيه في الموضوعات وقال: القاسم واه وجعفر
يكذب ومعاوية ليس بشيء وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني:
وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف وفي الميزان: هذا
الخبر من مناكير جعفر بن الزبير وجعفر هذا كذبه شعبة ووضع
مئة حديث
(6/62)
8437 - (من أسلم على شيء فهو له) استدل به
على أن من أسلم أحرز نفسه وماله
(عد هق عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي
خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل قال يس بن الزيات أحد رواته
عن الزهري متروك
(6/62)
8438 - (من أسلم من فارس فهو قرشي) هذا من
قبيل سلمان منا أهل البيت
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه
الديلمي عن ابن عباس بلفظ من أسلم من فارس فهو من قريش هم
إخواننا وعصبتنا اه بنصه
(6/62)
8439 - (من أشاد) أي أشاع أصله من أشدت
البنيان وشيدته إذا طولته فاستعير لرفع صوت الإنسان بما
يكرهه صاحبه (على مسلم عورة يشينه بها بغير حق) قال
الزمخشري: أشاده وأشاد به إذا أشاعه ورفع ذكره من أشدت
البناء فهو مشاد وشيدته إذا طولته وفي العين الإشادة شبه
الشديد وهو رفعك الصوت بما يكرهه صاحبك اه. (شانه الله بها
في النار) نار جهنم (يوم القيامة) لأن البهتان وحده عظيم
شأنه فما بالك به إذا قارنه قصد إضرار مسلم؟ وفي [ص:63]
بعض الآثار " سأل سليمان داود: ما أثقل شيء جرما؟ قال:
البهتان على البريء " وذلك لأن العبد ائتمن على جوارحه
ووكل برعايتها مدة حياته لئلا يتدنس حتى يقدم على الله وهو
مقدس يصلح لجواره بدار القدس فإن رعاها حق رعايتها فقال
هذا في عرضه ما هو منه بريء فقد خونه في أمانة الله ولم
يخن ودنس عرضه النقي وألزم جوارحه من الشين ما لم يلصق به
بقية الكلمة في عنق صاحبها راجعة بثأرها وعارها وشنارها
عليه لكونه هتك سترا علم الله أنه غير مهتوك فيكتب في شهود
الزور
(هب عن أبي ذر) وفيه كما قال الحافظ العراقي عبد الله بن
ميمون فإن لم يكن القداح فهو متروك اه. ورواه عنه الحاكم
وصححه وضعفه الذهبي بأن سنده مظلم وبه يعرف ما في رمز
المصنف لحسنه
(6/62)
8440 - (من أشار إلى أخيه) أي في الإسلام
والذي في حكمه (بحديدة) يعني بسلاح كسكين وخنجر وسيف ورمح
ونحو ذلك من كل آلة للجرح (فإن الملائكة تلعنه) أي تدعو
عليه بالطرد والبعد عن الجنة أول الأمر وعن الرحمة الكاملة
السابقة زاد في رواية حتى يدعه أي لأنه ترويع للمسلم
وتخويفه وهو حرام (وإن كان أخاه) أي المشير أخا للمشار
إليه ويصح عكسه (لأبيه وأمه) يعني وإن كان هازلا ولم يقصد
ضربه كأن كان شقيقه لأن الشقيق لا يقصد قتل شقيقه غالبا
فهو تعميم للنهي ومبالغة في التحذير منه مع كل أحد وإن لم
يتهم قيد بمطلق الأخوة ثم قيد بأخوة الأب والأم إيذانا بأن
اللعب المحض المعرى عن شوب قصد إذا كان حكمه كذا فما بالك
بغيره؟ وإذا كان هذا يستحق اللعن بالإشارة فما الظن
بالإصابة؟
(م) في الأدب (ت) في الفتن (عن أبي هريرة) ولم يخرجه
البخاري
(6/63)
8441 - (من أشار بحديدة إلى أحد من
المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه) أي حل للمقصود بها أن
يدفعه عن نفسه ولو أدى إلى قتله فوجب ههنا بمعنى حل ذكره
ابن الأثير ولغيره أيضا أن يدفعه عنه وإن أدى لقتله قال
ابن العربي: إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن أو القتل
فكيف الذي يصيب بها؟ وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارة
تهديد سواء كان جادا أو لاعبا إنما أوخذ اللاعب لما أدخله
على أخيه من الورع ولا يخفى أن إثم الهازل دون الجاد
(ك عن عائشة) ورواه أحمد عن علقمة بن أبي علقمة عن أخيه عن
عائشة. قال الهيثمي: وأخوه علقمة لم أعرفه وبقية رجاله
ثقات
(6/63)
8442 - (من اشتاق إلى الجنة سابق إلى
الخيرات) أي إلى فعلها لكونها تقرب إليها والشوق الحنين
ونزاع النفس (ومن أشفق من النار) أي خاف من نار جهنم (لهى)
بكسر الهاء أي غفل (عن الشهوات) لغلبة الشوق على قلبه
وشغله بطاعة ربه أي عن نيلها في الدنيا لاشتعال نار الخوف
بحنانه. كان مالك بن دينار يطوف في السوق فإذا رأى الشيء
يشتهيه قال لنفسه: اصبري فوالله لا أمنعك إلا لإكرامك علي
قال في الإحياء: اتفق العلماء والحكماء على أن الطريق إلى
سعادة الآخرة لا يتم إلا بنهي النفس عن الهوى ومخالفة
الشهوات فالإيمان بهذا واجب اه. (ومن ارتقب) ترقب (الموت)
أي انتظره وتوقع حلوله (هانت عليه اللذات) من مأكل ومشرب
وغيرهما لعلمه أنها مكفرات للعوام ودرجات للخواص والموت
أعظم المصائب فيهون عليه لأنه يوصل إلى ثوابها والدنيا
جيفة فانية زائلة بما فيها بل بشكر الله تعالى إذ كل قضاء
يقضيه خير {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة}
<تنبيه> قد أخرج أبو نعيم هذا الحديث مطولا عن علي مرفوعا
بلفظ: بني الإسلام على أربعة أركان: على الصبر واليقين
والجهاد والعدل وللصبر [ص:64] أربع شعب: الشوق والشفقة
والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن
أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون
بالمصيبات ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات ولليقين أربع
شعب: تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة ومعرفة العبرة واتباع
السنة فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف
العبرة ومن عرف العبرة اتبع السنة ومن اتبع السنة فكأنما
كان في الأولين وللجهاد أربع شعب: الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر
بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف
المنافق ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه وأحرز دينه ومن
شنأ الفاسقين فقد غضب لله تعالى ومن غضب لله يغضب الله له.
وللعدل أربع شعب: غوص الفهم وزهرة العلم وشرائع الحكم
وروضة الحلم فمن غاص الفهم حمل العلم ومن رعى زهرة العلم
عرف شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحلم ومن
ورد روضة الحلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس وهو في راحة
اه
(هب عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه العقيلي في الضعفاء
وتمام في فوائده وابن عساكر في تاريخه وابن صصري في أماليه
وقال: حديث حسن غربب قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف وزعم
ابن الجوزي وضعه
(6/63)
8443 - (من اشترى سرقة) أي شيئا سرقه إنسان
وباعه منه (وهو) أي والحال أنه (يعلم أنها سرقة فقد شرك في
عارها وإثمها) وفي رواية للطبراني من أكلها وهو يعلم أنها
سرقة فقد أشرك في إثم سرقتها
(ك هق) في البيع من حديث الزنجي عن مصعب عن شرحبيل مولى
الأنصار (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن
الزنجي وشرحبيل ضعيفان
(6/64)
8444 - (من اشترى ثوبا بعشرة دراهم) مثلا
(وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة) قال الطيبي: كان
الظاهر أن يقال منه لكن المعنى لم يكتب له صلاة مقبولة مع
كونها مجزئة مسقطة للقضاء كالصلاة بمحل مغصوب (ما دام
عليه) زاد في رواية منه شيء وذلك لقبح ما هو ملتبس به لأنه
ليس أهلا لها حينئذ فهو استبعاد للقبول لاتصافه بقبيح
المخالفة وليس إحالة لإمكانه مع ذلك تفضلا وإنعاما وأخذ
أحمد بظاهره فذهب إلى أن الصلاة لا تصح في المغصوب وفيه
إشارة إلى أن ملابسة الحرام لبسا أو غيره كأكل مانعة
لإجابة الدعاء لأن مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم يفيض بتلك
الإرادة على اللسان فينطق به وملابسة الحرام مفسدة للقلب
بدلالة الوجدان فيحرم الرقة والإخلاص وتصير أعماله أشباحا
بلا أرواح وبفساده يفسد البدن كله فيفسد الدعاء لأنه نتيجة
فاسدة
(حم) من حديث هشام (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم أدخل أصبعيه
في أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقوله قال الذهبي: وهاشم لا يدرى من هو. وقال
الحافظ العراقي: سنده ضعيف جدا. وقال أحمد: هذا الحديث ليس
بشيء وقال الهيثمي: هاشم لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا على
أن بقية مدلس وقال ابن عبد الهادي: رواه أحمد في المسند
وضعفه في العلل
(6/64)
8445 - (من أصاب ذنبا) أي كبيرة توجب حدا
غير الكفر بقرينة أن المخاطب المسلمون فلو قتل المرتد لم
يكن القتل كفارة وقيل الحديث عام مخصوص بآية {إن الله لا
يغفر أن يشرك به} (فأقيم عليه حد ذلك الذنب) أي العقاب فهو
(كفارته) ولفظ رواية أحمد كفارة له زاد البخاري في التوحيد
وطهوره وهذا بالنسبة لذات الذنب أما بالنسبة لترك التوبة
منه فلا يكفرها الحد لأنها معصية أخرى كما يعلم من دليل
آخر وعليه حمل إطلاق أن إقامته ليست كفارة بل لا بد معها
من التوبة وقوله سبحانه في المحاربين {لهم في الدنيا خزي
ولهم في الآخرة عذاب عظيم} لا يناقض ذلك [ص:65] لأنه ذكر
عقوبتهم في الدارين ولا يلزم اجتماعهما ولو زنى فحد فالحد
كفارة لحق الله لا لأهل المرأة وزوجها بل حقهم باق كما في
العارضة لما هتك من حرمتهم وجر إليهم من العار
(حم والضياء) المقدسي (عن خزيمة) بن ثابت قال الترمذي في
العلل: سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال: هذا حديث فيه
اضطراب وضعف جدا. وقال ابن الجوزي: قال ابن حبان: هذا ليس
من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الذهبي في
المهذب: إسناده صالح
(6/64)
8446 - (من أصاب مالا من نهاوش) روي بالنون
من نهش الحية وبالميم من الاختلاط وبالتاء وبالياء وكسر
الواو جمع نهواش أو مهواش من الهوش الجمع وهو كل مال أصيب
من غير حله والهواش بالضم ما جمع من مال حرام (أذهبه الله
في نهابر) بنون أوله أي مهالك وأمور مبددة جمع نهبر وأصل
النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص.
والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير
حله
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن أبي سلمة الحمصي) تابعي
روى عن بلال قاله في التقريب كأصله مجهول وفيه عمرو بن
الحصين أورده في الميزان وقال: متروك وذكر نحوه السخاوي
ولم يطلع عليه السبكي فإنه سئل عنه فقال: لا يصح ولا هو
وارد في الكتب ومن أورده من العوام حديثا فإن علم عدم
وروده أتم وإن اعتقد وروده لم يأثم وعذر بجهله
(6/65)
8447 - (من أصاب من شيء فليلزمه) أي من
أصاب من أمر مباح خيرا لزمه ملازمته ولا يعدل عنه إلى غيره
إلا بصارف قوي لأن كلا ميسر لما خلق له ذكره الطيبي وفي
رواية من حضر له في شيء فليلزمه قال الزمخشري: أي من بورك
له في نحو صناعة أو حرفة أو تجارة فليقبل عليها قال في
الحكم: من علامة إقامة الحق لك في الشيء إدامته إياك فيه
مع حصول النتائج
<تنبيه> قال الراغب: فرق الله هم الناس للصناعات المتفاوتة
وجعل آلاتهم الفكرية والبدنية مستعدة لها فجعل لمن قيضه
لمراعاة العلم والمحافظة على الدين قلوبا صافية وعقولا
بالمعارف لائقة وأمزجة لطيفة وأبدانا لينة ومن قيضه
لمراعاة المهن الدنيوية كالزراعة والبناء جعل لهم قلوبا
قاسية وعقولا كزة وأمزجة غليظة وأبدانا خشنة وكما أنه محال
أن يصلح السمع للرؤية والبصر للسمع فمحال أن يكون من خلق
المهنة يصلح للحكمة وقد جعل الله كل جنس من الفريقين نوعين
رفيعا ووضيعا فالرفيع من تحرى الحذق في صناعته وأقبل على
عمله وطلب مرضات ربه بقدر وسعه وأدى الأمانة بقدر جهده
(هـ) من حديث فروة بن يونس (عن أنس) قال الزمخشري: وفروة
تكلم فيه الأزدي وقال غيره: نسب إلى الضعف والوضع انتهى.
لكن رواه عنه البيهقي وكذا القضاعي بلفظ من رزق بدل من
أصاب وهو يعضده
(6/65)
8448 - (من أصاب حدا) أي ذنبا يوجب الحد
فأقيم المسبب مقام السبب ويمكن أن يراد بالحد المحرم من
قوله تعالى {تلك حدود الله فلا تعتدوها} أي تلك محارمه
(فعجل) وفي نسخة فعجلت (عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن
يثني على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدا فستره الله
عليه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه) قال
الطيبي: قوله فستره مع قوله عفا عنه معا عطف على الشرط أي
من ستر الله عليه وتاب فوضع غفران الله موضع التوبة
استشعارا بترجيح جانب الغفران وأن الذنب مطلوب له ولذلك
وضع المظهر موضع الضمير في الجزاء وفيه حث على الستر
والتوبة وأنه أولى وأحرى من الإظهار وقال ابن جرير: فيه أن
إقامة الحد في الدنيا يكفر [ص:66] الذنب وإن لم يتب
المحدود وإلا كان أهل الكبائر مخلدون في النار على خلاف ما
عليه أهل الحق لأن العقوبة الدنيوية إذا لم تكفر إلا مع
التوبة كانت كذلك في الآخرة لا يكون العقاب لأهل التوحيد
بالنار منجيا لهم منها إن لم تسبق التوبة في الدنيا وكذلك
يرده تصريح النصوص بأن الموحدين غير مخلدون
(ت) في الإيمان (هـ) في الحدود (ك) في التفسير والتوبة (عن
علي) أمير المؤمنين قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم:
صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال في المهذب: إسناده جيد
وقال في الفتح: سنده حسن
(6/65)
8449 - (من أصابته فاقة) أي شدة حاجة
(فأنزلها بالناس) أي عرضها عليهم وسألهم سد خلته (لم تسد
فاقته) لتركه القادر على حوائج جميع الخلق الذي لا يغلق
بابه وقصد من يعجز عن جلب نفع نفسه ودفع ضرها (1) (ومن
أنزلها بالله أوشك) بفتح الهمزة والشين (الله له بالغنى)
أي أسرع غناه وعجله قال التوربشتي: والغناء بفتح الغين
الكفاية من قولهم لا يغني غناء بالمد والهمزة ومن رواه
بكسر الغين بالمد والكسر الكفاف مقصور على معنى اليسار فقد
حرف المعنى لأنه قال يأتيه الكفاف عما هو فيه (إما بموت
آجل أو غنى عاجل) كذا في نسخ هذا الكتاب تبعا لما في جامع
الأصول وأكثر نسخ المصابيح والذي في سنن أبي داود والترمذي
بموت عاجل أو غنى آجل وهو كما قال الطيبي أصح
(حم د) في باب من لا تحل له المسألة (ك) في الزكاة (عن ابن
مسعود) ورواه عنه الترمذي أيضا وقال: حسن صحيح غريب وقال
الحاكم: صحيح وأقره الذهبي
_________
(1) قال العلقمي: بل يغضب الله على من أنزل حاجته لغيره
العاجز وهو القادر على قضاء حوائج خلقه كلهم من غير أن
ينقص من ملكه شيء وقد قال وهب بن منبه لرجل يأتي الملوك:
ويحك أتأتي من يغلق عنك بابه ويواري عنك غناه وتدع من يفتح
لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه؟ فالعبد عاجز
عن جلب مصالحه ودفع مضاره ولا معين له على مصالح دينه
ودنياه إلا الله تعالى
(6/66)
8450 - (من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة)
أو أزل أو لأواء هكذا هو عند أحمد والطبراني فكأنه سقط من
قلم المصنف أو من النساخ (فقال الله ربي لا شريك له كشف
ذلك عنه) قال في الفردوس: الأزل الضيق والشدة واللأواء
الفقر وهذا إذا قال الكلمة بصدق عالما معناها عاملا
بمقتضاها فإنه إذا أخلص وتيقن أن الله ربه لا شريك له وأنه
الذي يكشف كربه ووجه قصده إليه لا يخيبه والقلوب التي
تشوبها المعاصي قلوب معذبة قد أخدت غموم النفس بأنفاسها
فالملوك يخافون من العذر والأمراء من العزل والأغنياء من
الفقر والأصحاء من السقم وهذه أمور مظلمة تورد على القلب
سحائب متراكمات مظلمة فإذا فر إلى ربه وسلم أمره إليه
وألقى نفسه بين يديه من غير شركة أحد من الخلق كشف عنه ذلك
فأما من قال ذلك بقلب غافل لاه فهيهات
(طب عن أسماء بنت عميس) ورواه عنها أيضا أحمد باللفظ
المزبور قال: فالإضراب عنه لا ينبغي ثم إن فيه عبد العزيز
بن عمر بن عبد العزيز أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه
أبو مسهر ووثقه جمع
(6/66)
8451 - (من أصبح وهو) أي والحال أنه (لا
يهم) وفي رواية ولم يهم (بظلم أحد) من الخلق (غفر له)
بالبناء للمفعول أي غفر الله له (ما اجترم) وفي رواية
للخطيب في تاريخه من أصبح وهو لا ينوي ظلم أحد أصبح وقد
غفر له ما جنى وفي رواية وإن لم يستغفر أي من أصبح عازما
على ترك ظلم مع قدرته على الظلم لكنه عقد عزمه على ذلك
امتثالا لأمر [ص:67] الشارع وابتغاء لمرضاته أما من يصبح
لا ينوي ظلم أحد لشهوة أو غفلة أو عجز أو شغل بمهم فلا
ثواب له لأنه لم ينو طاعة ومن عزم فثواب عزمه غفران ما
يطرأ من جناية لعدم العصمة فيغفر له بسالف نيته ويحتمل أنه
على ظاهره كأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر بهذا عبدا
طهر الله قلبه وصفى باطنه بمعرفة الله وخوفه ومراقبته عن
وضر الأخلاق الدنية من نحو حقد وغل فإن حدث منه زلة لعدم
العصمة غفر له وإن لم يستغفر لأنه مختاره ومحبوبه والغفران
نعته
(ابن عساكر) في تاريخه من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن
إسحاق بن مرة (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وإسحاق
قال في الميزان عن الأزدي: متروك الحديث وساق له في اللسان
هذا الحديث ثم قال: عيينة ضعيف جدا وأعاده في اللسان في
ترجمة عمار بن عبد الملك وقال: أتى عنه بقية بعجائب منها
هذا الخبر ورواه عنه أيضا الديلمي والمخلص والبغوي وابن
أبي الدنيا قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف
(6/66)
8452 - (من أصبح وهمه التقوى ثم أصاب فيما
بين ذلك) يعني في أثناء ذلك اليوم (ذنبا غفر الله له) ما
اجترم من الصغائر على نيته وإنما لكل امرىء ما نوى
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس)
(6/67)
8453 - (من أصبح وهمه) وفي رواية لابن
النجار في تاريخه من أصبح وأكثر همه وهي تبين المراد هنا
(غير الله فليس من الله) أي لا حظ له في قربه ومحبته ورضاه
وزاد في رواية في شيء فأفضل الطاعات مراقبة الحق على دوام
الأوقات فمن كان همه غير الله كان مطلبه وبالا عليه
واستيحاشك لفقد ما سواه دليل على عدم وصلتك به (ومن أصبح
لا يهتم بالمسلمين) أي بأحوالهم (فليس منهم) أي ليس من
العاملين على منهاجهم وهذا رجل قد زاغ قلبه عن الله فضل في
مفاوز الحيرة والفرح بأحوال النفس وبروحها وغياضها وذلك
يميت القلب ويعمي عن الرب وينسي الحياء منه ويذهب لذة
مراقبته ويلهي عن السرور بالقرب منه ومن أصبح مهتما بالله
وبأمر خلقه لأجله وجد قوة تبعثه علي كل صعب فيهون وبشرى
تغنيه عن كل شيء دونه وبشرى يفرق فيها جميع آمال قلبه فتدق
الدنيا والآخرة في جنب ذلك الفرح
<فائدة> أخرج الحافظ ابن العطار بسنده عن العارف الأندلسي
كنت ليلة عند العارف ابن طريف فقدم لنا ثريد بحمص فهممنا
بالأكل فاعتزل فأمسكنا عن الأكل فقال: بلغني الآن أن حصن
فلان أخذه العدو وأسر من فيه فلما كان بعد وقت قال: كلوا
قد فرج الله عليهم فجاء الخبر بعد ذلك بذلك وقد عد من
مقامات الأولياء مشاركة أحدهم لمن بلغه أنه في ضيق أو بلاء
أو محنة حتى أنه يشارك المرأة في ألم الطلق والمعاقب في
ألم الضرب المقارع ويقال إن الفضيل بن عياض كان على هذا
وصاحب هذا المقام لا تطلع الشمس ولا تغرب إلا وبدنه ذائب
كأنه شرب سما
(ك) في الرقاق (عن ابن مسعود) سكت عليه المصنف فأوهم أنه
صالح وهو غفول عن تشنيع الذهبي على الحاكم بأن إسحاق بن
بشر أحد رجاله عدم وقال: وأحسب أن الخبر موضوع وأورده في
الميزان في ترجمة إسحاق هذا من حديثه وقال: كذبه ابن
المديني والدارقطني ومن ثم حكم ابن الجوزي عليه بالوضع
(6/67)
8454 - (من أصبح مطيعا لله في) شأن
(والديه) أي أصليه المسلمين (أصبح له بابان مفتوحان من
الجنة فإن كان واحدا فواحد) قال الطيبي: فيه أن طاعة
الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان
والأذى وهي من باب قوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله} ومن
الجنة يجوز كونه صفة أخرى لقوله بابان وكونه حالا من
الضمير في مفتوحان وقوله [ص:68] فواحد أي فكأن الباب
المفتوح واحد وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه
والأمر بخلافه بل بقيته ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح
له بابان مفتوحان من النار وإن كان واحدا فواحد قال رجل:
وإن ظلماه قال: وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه اه بلفظه.
قال الطيبي: وأراد بالظلم ما يتعلق بالأمور الدنيوية لا
الأخروية وفيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي
طاعة الله وكذا العصيان والأذى
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) قال في اللسان:
رجاله ثقات أثبات غير عبد الله بن يحيى السرخسي فهو أفقه
اتهمه ابن عدي بالكذب
(6/67)
8455 - (من أصبح منكم آمنا في سربه) بكسر
السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل
بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحا بدنه (عنده
قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك يعني
من جمع الله له بين عافية بدنه وأمن قلبه حيث توجه وكفاف
عيشه بقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع الله له جميع النعم
التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها فينبغي أن لا يستقبل
يومه ذلك إلا بشكرها بأن يصرفها في طاعة المنعم لا في
معصية ولا يفتر عن ذكره (فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له
الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما
أعطي الدنيا بأسرها ومن ثم قال نفطويه:
إذا ما كساك الدهر ثوب مصحة. . . ولم يخل من قوت يحلى
ويعذب
فلا تغبطن المترفين فإنه. . . على حسب ما يعطيهم الدهر
يسلب
وقال:
إذا القوت يأتي لك والصحة والأمن. . . وأصبحت أخا حزن فلا
فارقك الحزن
وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى
(خد ت هـ) في الزهد من حديث مروان الفزاري عن عبد الرحمن
بن أبي سهيلة عن سلمة بن عبد الله بن محصن (عن) أبيه (عبيد
الله) بالتصغير على الأصح (ابن محصن) الأنصاري مختلف في
صحبته وقال: حسن غريب قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح
وذلك لأن عبد الرحمن لا يعرف حاله وإن قال ابن معين مشهور
فكم من مشهور لا تقبل روايته وفي الميزان سلمة قال أحمد:
لا أعرفه ولينه العقيلي ثم ساق له هذا الخبر وقال: روي من
طريق أبي الدرداء أيضا بإسناد لين
(6/68)
8456 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد
مريضا وشهد جنازة) أي حضرها وصلى عليها (وتصدق بصدقة فقد
أوجب) أي فعل فعلا وجب له به دخول الجنة
(هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد عن ابن أبي
غاضر عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي عن ابن لهيعة عن
الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي
خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بالخبر الذي بعده ثم
قال: هذا مؤكد للإسناد الأول وكلاهما ضعيف اه بنصه. وأورده
ابن الجوزى في الموضوع ولم يصب إذ قصاراه أن فيه عبد
العزيز بن عبد الله الأوسي أورده الذهبي في الضعفاء وقال:
قال أبو داود: ضعيف وفيه ابن لهيعة أيضا
(6/68)
8457 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد
مريضا وأطعم مسكينا وشيع جنازة لم يتبعه ذنب أربعين سنة)
أي إن اتقى [ص:69] الله مع ذلك وامتثل الأوامر واجتنب
النواهي
(عد هب) كلاهما معا عن محمد بن أحمد المصيصي عن يوسف بن
سعيد عن عمرو بن حمزة البصري عن الخليل بن مرة عن إسماعيل
بن إبراهيم عن عطاء عن جابر قال ابن الجوزي: موضوع عمرو
والخليل وإسماعيل ضعفاء ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضي
الوضع (عن جابر) بن عبد الله قال ابن الجوزي: قال
الدارقطني: تفرد به عمرو بن حمزة عن الخليل بن مرة وعمرو
ضعيف والخليل قال ابن حبان: منكر الحديث
(6/68)
8458 - (من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده
فكتمها ولم يشكها إلى الناس كان حقا على الله أن يغفر له)
لا يناقضه قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وارأساه
وقول سعد قد اشتد بي الوجع يا رسول الله وقول عائشة
وارأساه فإنه إنما قيل على وجه الإخبار لا الشكوى فإذا حمد
الله ثم أخبر بعلته لم يكن شكوى بخلاف ما لو أخبر بها
تبرما وتسخطا فالكلمة الواحدة قد يثاب عليها وقد يعاقب
بالنية والقصد
(طب) عن أحمد الأبار عن هشام بن خالد عن بقية عن ابن جريج
عن عطاء (عن ابن عباس) قال المنذري: لا بأس بإسناده وقال
الهيثمي: فيه بقية وهو ضعيف اه. وعده في الميزان في ترجمة
بقية من جملة ما طعن عليه فيه وأعاده في ترجمة هشام بن
الأزرق وقال: قال أبو حاتم: هذا موضوع لا أصل له
(6/69)
8459 - (من أصيب بمصيبة) أي بشيء يؤذيه في
نفسه أو أهله أو ماله (فذكر مصيبته) تلك (فأحدث استرجاعا)
أي قال {إنا لله وإنا إليه راجعون} (وإن تقادم عهدها) قال
المصنف: وفي رواية من استرجع بعد أربعين سنة (كتب الله له
من الأجر مثله يوم أصيب (1)) لأن الاسترجاع اعتراف من
العبد بالتسليم وإذعان للثبات على حفظ الجوارح ولأنه قد
تكلم بتلك الكلمة ثم دنسها بسوء أفعاله وأخلقها فإذا
أعادها فقد جدد ما وهى وطهر ما تدنس. قال القاضي: وليس
الصبر بالاسترجاع باللسان بل به وبالقلب بأن يتصور ما خلق
لأجله فإنه راجع إلى ربه ويتذكر نعم الله عليه ليرى ما بقي
عليه أضعاف ما استرده منه فيهون على نفسه ويستسلم له اه.
وقال بعضهم: جعل الله هذه الكلمة ملجأ لذوي المصائب لما
جمعت من المعاني العجيبة
<فائدة> ورد في حديث مرفوع أعل بإرساله مما يحبط الأجر في
المصيبة صفق الرجل بيمينه على شماله وقوله فصبر جميل ورضا
بما قضى الملك الجليل
(هـ عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وضعفه المنذري
_________
(1) جعل الله هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب وعصمة
للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة فإن قوله إنا لله
توحيد وإقرار بالعبودية والملك وقوله وإنا إليه راجعون:
إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا واليقين بأن
رجوع الأمر كله إليه كما هو قال سعيد بن جبير: لم يعطها
الله نبيا ولو عرفها يعقوب لما قال {يا أسفى على يوسف}
(6/69)
8460 - (من أصيب في جسده بشيء فتركه لله)
فلم يأخذ عليه دية ولا إرشاء (كان كفارة له) أي من الصغائر
(حم عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه مجالد
وقد اختلط
(6/69)
8461 - (من أضحى) أي ظهر للشمس (يوما
محرما) بحج أو عمرة (ملبيا) أي قال لبيك اللهم لبيك واستمر
كذلك [ص:70] (حتى غربت الشمس) أي شمس ذلك اليوم (غفرت
ذنوبه) يعني غفر له قبل غروبها (فعاد كما ولدته أمه) أي
بغير ذنب قال المحب الطبري: الأضحى الظهور للشمس واعتزال
الكن والظل يقال ضحيت للشمس بالكسر وضحيت أضحى إذا برزت
لها وظهرت والضحايا بالفتح والمد قريب من نصف النهار
والضحوة أول ارتفاع النهار والضحى بالضم والقصر فوق ذلك
وبه سميت صلاة الضحى وليس الأضحى بشرط في حصول هذه المثوبة
بل المقصود الإكثار من التلبية
(حم هـ عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه
(6/69)
8462 - (من اضطجع مضجعا لم يذكر الله عليه
كان عليه ترة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المهملة
كما في شرح المصابيح أي نقص من تره يتره وقيل حسرة لأنها
من لوازم النقصان قال الطيبي: روي كانت بالتأنيث ورفع ترة
فينبغي أن يؤول مرجع الضمير من كانت مؤنثا أي الاضطجاعة
والقعدة وترة مبتدأ والجار والمجرور خبره والجملة خبر كان
وأما على رواية التذكير ونصب ترة فظاهر (يوم القيامة) فإن
النوم على غير ذكر الله تعطيل للحياة وربما قبضت روحه في
ليلته فكان من المبعدين والعبد يبعث على ما مات عليه وأما
من نام على ذكر وطهارة فإنه يعرج بروحه إلى العرش ويكون
مصليا إلى أن يستيقيظ فإن مات على تلك الحالة مات وهو من
المقربين فيبعث على ما مات ذكره حجة الإسلام (ومن قعد
مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة)
(د) في الأدب (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وفيه محمد بن عجلان
خرج له مسلم متابعة وأورده الذهبي في الضعفاء وظاهر صنيع
المصنف أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الثقة وليس كذلك بل
خرجه النسائي أيضا عن أبي هريرة
(6/70)
8463 - (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت
صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية وصنيعه للخير
قال القرطبي: هذا يؤذن بأن حقيقة الذكر طاعة الله في
امتثال أمره وتجنب نهيه وقال بعض العارفين: هذا يعلمك بأن
أصل الذكر إجابة الحق من حيث اللوازم (ومن عصى الله فلم
يذكره وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية
وصنيعه للخير قال القرطبي: لأنه كالمستهزىء والمتهاون ومن
اتخذ آيات الله هزوا وقد قالوا في تأويل قوله سبحانه {ولا
تتخذوا آيات الله هزوا} أي لا تتركوا أوامر الله فتكونوا
مقصرين لاعبين قال: ويدخل فيه الاستغفار من الذنب قولا مع
الإصرار فعلا وقال الغزالي: من أحب شيئا طمع في تحصيله
ومتى طمع فيه كان عبده فمن أحب الدنيا استعبدته ومن أحب
الله صار عبده ومن صار عبده صار حرا مما سواه خدمته
الأكوان وأطاعه الإنس والجان لأن من أطاع الله أطاعه كل
شيء ومن أحب الله ولم يخدمه بأداء الفرائض استخدمه الشيطان
اه
(طب عن واقد) يحتمل أنه ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري
تابعي ثقة فيلحرر قال الهيثمي: وفيه الهيثم بن جماز وهو
متروك اه. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه
(6/70)
8464 - (من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من
ثمار الجنة) زاد أبو الشيخ [ابن حبان] في روايته ومن كسا
مؤمنا عاريا كساه الله من خضر الجنة وإستبرقها ومن سقى
مؤمنا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة
اه. بنصه
(حل عن أبي سعيد) الخدري وقال: غريب من حديث الفضل وأبي
هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين تفرد به خالد بن يزيد
ورواه [ص:71] عنه أيضا الديلمي وغيره
(6/70)
8465 - (من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه
الله على النار) أي نار الخلود التي أعدت للكافرين للأخبار
الدالة على أن طائفة من العصاة يعذبون
(هب عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه
والأمر بخلافه بل عقبه بقوله هو بهذا الإسناد منكر اه
(6/71)
8466 - (من أطعم مريضا شهوته أطعمه الله من
ثمار الجنة) {جزاء وفاقا} ويظهر أن الكلام فيما إذا لم
يعلم أن ذلك يضر كثيره وقليله بالمرض فإن ضره كثيره أطعمه
القليل
(طب عن سلمان) الفارسي وفيه عبد الرحمن بن حماد قال أبو
حاتم: منكر الحديث ذكره الهيثمي وأعاده في موضع آخر وقال:
فيه أبو خالد عمرو بن خالد وهو كذاب متروك
(6/71)
8467 - (من أطفأ عن مؤمن سيئة كان خيرا ممن
أحيا موؤدة) أي أعظم أجرا منه على ذلك
(هب عن أبي هريرة) وفيه الوليد بن مسلم أورده الذهبي في
الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعي وعبد الواحد
بن قيس قال يحيى: لا شيء
(6/71)
8468 - (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم) أي
نظر في بيت إلى ما يقصد أهل البيت ستره من نحو شق باب أو
كوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل) لم يقل وجب إشارة إلى
أنه خرج مخرج التعزير لا الحد ذكره القرطبي (لهم أن يفقأوا
عينه) أي يرموه بشيء فيفقؤا عينه إن لم يندفع إلا بذلك
وتهدر عين الناظر فلا دية ولا قصاص عند الشافعي والجمهور
وقال الحنفية: يضمنها لأن النظر فوق الدخول والدخول لا
يوجبه وأوجب المالكية القصاص وقالوا: لا يجوز قصد العين
ولا غيرها لأن المعصية لا تدفع بالمعصية وأجاب الجمهور بأن
المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو
تجرد عن ذلك السبب يسماها ولهذا قال القرطبي: الإنصاف خلاف
ما قاله أصحابنا وقد اتفقوا على جواز دفع الصائل ولو أتى
على النفس ولو بغير السبب المذكور وهذا منه مع ثبوت النص
فيه وليس مع النص قياس وهل يلحق الاستماع بالنظر؟ وجهان
أصحهما لا لأن النظر أشد ويشمل قوله اطلع كل مطلع كيف كان
ومن أي جهة كانت من باب أو غيره إلى العورة أو غيرها ذكره
القرطبي
<تنبيه> هذا الحديث يتناول الإناث فلو نظرت امرأة في بيت
أجنبي جاز رميها على الأصح بناء على أن من شرطية تتناول
الإناث وقيل لا يجوز بناء على مقابل أن من يختص بالذكور
ووجه بأن المرأة لا يستتر منها شيء
(حم م عن أبي هريرة) وفي الباب أبو أمامة وغيره
(6/71)
8469 - (من اطلع في كتاب أخيه) في الدين
(بغير إذنه فكأنما اطلع في النار) أي أن ذلك يقربه منها
ويدنيه من الإشراف عليها ليقع فيها فهو حرام شديد التحريم
وقيل معناه فكأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النار ويحتمل أنه
أراد عقوبة البصر لأن الجناية منه كما يعاقب السمع إذا
استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون قال ابن الأثير: وهذا
الحديث محمول على الكتاب الذي فيه سر وأمانة يكره صاحبه أن
يطلع عليه وقيل عام في كل كتاب
(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه
(6/71)
[ص:72] 8470 - (من أعان مجاهدا في سبيل
الله) على مؤون غزوه أو إخلافه في أهله بخير ونحو ذلك (أو)
أعان (غارما في عسرته أو) أعان (مكاتبا في رقبته) أي في
فكها بنحو أداء بعض النجوم عنه أو الشفاعة له (أظله الله)
من حر الشمس عند دنوها من الرؤوس يوم القيامة (في ظله) أي
في ظل عرشه كما تشهد له النظائر المارة (يوم لا ظل إلا
ظله) إكراما له وجزاء بما فعل وأضاف الظل إليه للتشريف
(حم ك) في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد الله
بن محمد بن عقيل عن عبد الله عن سهل بن حنيف وحديثه حسن اه
(6/72)
8471 - (من أعان على قتل مؤمن) ولو (بشطر
كلمة) نحو أق: من القتل (لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من
رحمة الله) كناية عن كونه كافرا إذ {لا ييأس من روح الله
إلا القوم الكافرون} وقد يقال بعمومه ويكون المراد يستمر
هذا حاله حتى يطهر من ذنبه بنار الجحيم فإذا طهر منه زال
بأسه فزال يأسه وأدركته الرحمة فأخرج من دار النقمة وأسكن
دار النعمة وذلك لأن القتل أخطر الأشياء شرعا وأقبحها عقلا
لأن الإنسان مجبول على محبة بقاء الصورة الإنسانية
المخلوقة في أحسن تقويم. قال الطيبي: وذا وعيد شديد لم ير
أبلغ منه
(هـ) عن محمد بن إبراهيم الأنماطي عن محمد بن خراش عن
مروان عن معاوية الفزاري عن يزيد بن أبي زياد الشامي عن
الزهدي عن ابن المسيب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا
باللفظ المزبور أحمد. قال الذهبي: فيه يزيد بن أبي زياد
الشامي تالف وقال ابن حجر كالمنذري: حديث ضعيف جدا وبالغ
ابن الجوزي فحكم بوضعه وتبع فيه أبا حاتم فإنه قال في
العلل: باطل موضوع وفي الميزان: يزيد بن أبي زياد الشامي
ضعفه المنذري وتركه النسائي وغيره وقال البخاري: منكر
الحديث ثم ساق له هذا الخبر ثم قال: أعني في الميزان: وقال
أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح
(6/72)
8472 - (من أعان ظالما سلطه الله عليه)
مصداقه قوله سبحانه {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا}
(ابن عساكر) في التاريخ من جهة الحسن بن زكريا عن سعيد بن
عبد الجبار الكرابيسي عن حماد بن عاصم بن بهدلة عن زر (عن
ابن مسعود) قال السخاوي: وابن زكريا هو العدوي متهم بالوضع
فهو آفته
(6/72)
8473 - (من أعان على خصومة بظلم) لفظ رواية
الحاكم بغير حق (لم يزل في سخط الله) أي غضبه الشديد (حتى
ينزع) أي يقلع عما هو عليه من الإعانة وهذا وعيد شديد يفيد
أن ذا كبيرة ولذلك عده الذهبي من الكبائر
(هـ ك) في الأحكام (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم:
صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: صحيح ورواه
عنه أيضا الطبراني باللفظ المذكور. قال الهيثمي: رجاله
رجال الصحيح
(6/72)
8474 - (من أعان ظالما) لفظ رواية الحاكم
باطلا بدل ظالما (ليدحض) أي ليبطل من دحضت حجته بطلت
(بباطله) أي بسبب ما ارتكبه من الباطل (حقا فقد برئت منه
ذمة الله وذمة رسوله) أي عهده وأمانته لأن لكل أحد عهدا
[ص:73] بالحفظ والكلاءة فإذا فعل ما حرم عليه أو خالف ما
أمر به خذلته ذمة الله
(ك) في الأحكام من حديث سليمان التيمي عن حنش عن عكرمة (عن
ابن عباس) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي فقال: قلت حنش
الذهبي ضعيف اه
(6/72)
8475 - (من اعتذر إليه أخوه بمعذرة) أي طلب
قبول معذرته واعتذر عن فعله أظهر عذره. قال الراغب:
والمعتذر هو المظهر لما يمحو به الذنب (فلم يقبلها) منه
(كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس) لأن من صفاته تعالى
قبول الإعتذار والعفو عن الزلات فمن أبى واستكبر عن ذلك
فقد عرض نفسه لغضب الله ومقته. قال الراغب: وجميع المعاذير
لا تنفك عن ثلاثة أوجه إما أن يقول لم أفعل أو فعلت لأجل
كذا فيتبين ما يخرجه عن كونه ذنبا أو يقول فعلت ولا أعود
فمن أنكر وأنبأ عن كذب ما نسب إليه فقد برئت منه ساحته وإن
فعل وجحد فقد يعد التغابي عنه كرما ومن أقر فقد استوجب
العفو بحسن ظنه بك. قال الحكماء: تحاذر عن مذنب لم يسلك
بالإقرار طريقا حتى أخذ من رجائك رفيقا وإن قال فعلت ولا
أعود فهذا هو التوبة وحق الإنسان أن يقتدي بالله في
قبولها. قال الغزالي: مهما رأيت إنسانا يسيء الظن بالناس
طالبا للعيوب فاعلم أنه خبيث في الباطن وأن ذلك خبث يترشح
منه وإنما يرى غيره من حيث هو فإن المؤمن يطلب المعاذير
والمنافق يطلب العيوب والمؤمن سليم الصدر في حق الكافة
وفيه إيذان بعظم جرم المكس فإنه من الجرائم العظام
(هـ والضياء) المقدسي وابن حبان في روضة العقلاء من طريق
وكيع عن سفيان عن ابن جرير عن ابن مينا (عن جودان) غير
منسوب. قال الحافظ العراقي: اختلف في صحبته وجهله أبو حاتم
وقال: لا صحبة له وباقي رجاله ثقات. قال: ورواه الطبراني
عن جابر بسند ضعيف اه. وفي الإصابة عن ابن حبان: إن كان
ابن جرير سمعه فهو حسن غريب وما ذكر من أنه جودان بالجيم
هو ما جرى عليه ابن ماجه. قال ابن حجر: وهو الصواب وقول
العسكري يودان تصحيف
(6/73)
8476 - (من اعتز (1) بالعبيد أذله الله)
يحتمل الدعاء لأنه طلب العز من غير الله العزيز وتعلق
بالأسباب دون مسببها فاستوجب الدعاء عليه أو هو خبر عن أن
العبيد كلهم أذلاء تحت قهر العزيز فمن لجأ إلى أحد منهم
فقد تعجل ذلا آخر على ذله وإنما سموا عبيدا لذلهم من قولهم
طريق معبد أي مذلل بالأقدام وأيا ما كان فالعزة لله
والاعتزاز بالعبيد من الجهل به وجهل العبد يذله لأنه مفتون
بجميع من دونه والاعتزاز بالشر هو الامتناع به من النوائب
فمن امتنع بما لا يملك به لنفسه نفعا ولا ضرا فقد ذل ومن
اعتز بعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط من عين الله
<تنبيه> قال في الحكم: إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا
تستعز بعز يفنى. العطاء من الخلق حرمان والمنع من الله
إحسان جل ربنا أن يعامل العبد نقدا فيجازيه نسيئة إن الله
حكم بحكم قبل خلق السماوات والأرض أن لا يطيعه أحد إلا
أعزه ولا يعصيه أحد إلا أذله فربط مع الطاعة العز ومع
المعصية الذل كما ربط مع الإحراق النار فمن لا طاعة له لا
عز له قال الحكيم: الاعتزاز بالعبيد منشؤه من حب العز
وطلبه له فإذا طلب العز للدنيا وطلبه من العبيد ترك العمل
بالحق والقول به لينال ذلك العز فيعزوه ويعظموه وعاقبة
أمره الذلة وأنه سبحانه يمهل المخذول وينتهي به إلى أن
يستخف لباس الذل فعندها يلبسه إما في الدنيا أو يوم خروجه
فيها فيخرجه من أذل ذلة وأعنف عنف
(الحكيم) الترمذي وكذا العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في
الحلية (عن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الله بن عبد الله
الأموي قال في الميزان عن العقيلي: لا يتابع على حديثه
أورد له هذا الخبر وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخالف
في روايته
_________
(1) بعين مهملة فمثناة فزاي كذا بخط المؤلف لكن الذي ذكره
مخرجه الحكيم اغتر بغين معجمة وراء كذا هو بخطه
(6/73)
[ص:74] 8477 - (من أعتق رقبة) قال الحرالي:
هي ما ناله الرق من بني آدم فالمراد الرقبة المسترقة التي
يراد فكها بالعتق (مسلمة) في رواية سليمة وفي وواية مؤمنة
وخصها لا لإخراج الكافر بل تنويها بزيادة فضل عتق المؤمن
هكذا قاله البعض لكن أخذ بعضهم بالمفهوم فقال: لا ينكر أن
في عتق الكافر فضلا لكن لا يترتب عليه ذلك (أعتق الله) أي
أنجى الله. وذكر بلفظ الإعتاق للمشاكلة (بكل عضو منها عضوا
منه من النار) نار جهنم (1) (حتى فرجه بفرجه) خص الفرج
بالذكر لكونه محل أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل كقولهم
مات الناس حتى الكرام قال الزين العراقي: حرف الغاية في
قوله حتى يحتمل أن تكون الغاية هنا للأعلى والأدنى فإن
الغاية تستعمل في كل منهما فيحتمل أن يراد هنا الأدنى لشرف
أعضاء العبادة عليه كالجبهة واليدين ونحو ذلك ويحتمل أن
يراد الأعلى فإن حفظه أشد على النفس وأخذ من الخبر ندب
إعتاق كامل الأعضاء تحقيقا للمقابلة ولهذا قيل يندب أن
يعتق الذكر ذكرا والأنثى أنثى
<تنبيه> أخبر الصادق بأن الله يعتق فرج المعتق بثواب فرج
المعتق ولا يتعلق بالفرج ذنب إلا نحو الزنا وذلك قسمان
مباشرة فيما دون الفرج أو فيه من غير إيلاج كمال الحسفة
الثاني إيلاجها والأول صغائر تكفرها الحسنات إجماعا
والثاني كبائر لا يكفرها إلا التوبة فيحتمل حمل الحديث على
الأول ويحتمل أن للعتق حظا في الموازنة ليس لغيرها وظاهر
تكفير الكبائر لكونه أشق من غيره من العبادات كالصلاة
(هق ت عن أبي هريرة) وفيه بقية ومسلمة بن علي وهو الشامي
قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك وعثمان بن عطاء ضعفه
الدارقطني وغيره
_________
(1) ظاهره أن العتق يكفر الكبائر وذلك لأن للعتق مزية على
كثير من العبادات لأنه أشق من الوضوء والصلاة والصوم لما
فيه من بذل المال الكثير ولذلك كان الحج أيضا يكفر الكبائر
(6/74)
8478 - (من اعتقل رمحا في سبيل الله)
الاعتقال أن يجعل الراكب الرمح تحت فخذه ويجر آخره على
الأرض وراءه (عقله الله من الذنوب يوم القيامة) أي حماه
منها وهذا دعاء أو خبر
(حل عن أبي هريرة) وهو حديث ضعيف
(6/74)
8479 - (من اعتكف عشرا في رمضان) أي عشرا
من الأيام بلياليها ويحتمل عشرا من الليالي فقط (كان
كحجتين وعمرتين) أي يعدلهما في الثواب وهذا وارد على منهج
الترغيب في الاعتكاف لما فيه من عكوف القلب على الحق
والخلوة به والانقطاع عن الخلق والاشتغال به وحده بحيث
يصير همه كله به وخطراته كلها بذكره فيصير أنسه بالله بدلا
عن أنسه بالخلق
(هب عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وظاهر كلام المصنف أن
مخرجه البيهقي خرجه وأقره وليس كذلك بل تعقبه فقال: إسناده
ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك وقال البخاري: لا
يكتب حديثه اه كلامه. وفيه أيضا عنبسة بن عبد الرحمن قال
البخاري: تركوه وقال الذهبي في الضعفاء: متروك متهم أي
بالوضع
(6/74)
8480 - (من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له
ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر حيث اجتنب الكبائر وقضية
كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل
بقيته عند مخرجه الديلمي ومن اعتكف فلا يحرم من الكلام اه
(فر عن عائشة) وفيه من لا يعرف
(6/74)
[ص:75] 8481 - (من أعطاه الله كتابه)
القرآن (فظن أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد غلط) وفي
رواية صغر (أعظم النعم) لأنه قد أعطي النعمة العظمى التي
كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة ضئيلة فإذا رأى
أن غيره ممن لم يعط ذلك أوتي أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما
وعظم حقيرا قال الغزالي: كل من أوتي القرآن حق له أن لا
ينظر إلى الدنيا الحقيرة نظرة بالاستحلاء فضلا عن أن يكون
له فيها رغبة وليلزم الشكر على ذلك فإنه الكرامة العظمى
(تخ هب عن رجاء الغنوي) بفتح المعجمة وفتح النون وآخره واو
نسبة إلى غنن وهو ابن أعصر أو يعصر ينسب إليه جمع كثير
(مرسلا) قال الغزالي: رجاء مختلف في صحبته وقد ورد من حديث
عبد الله بن عمر وجابر وللبراء نحوه وكلها ضعيفة اه. وأورد
في الإصابة وجاء هذا في الصحابة في القسم الأول وقال: روت
عنه ساكنة بنت الجعد ثم قال: وأما ابن حبان فذكره في ثقات
التابعين وقال: أبو عمر لا يصح حديثه
(6/75)
8482 - (من أعطي حظه من الرفق) أي نصيبه
منه (فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم
حظه من الخير) كله إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية
وبفوته يفوتان ولهذا قال نسطور لما بعث صاحبيه ليدعوان
الملك إلى دين عيسى وأمرهما بالرفق فخالفا وأغلظا عليه
فحبسهما وآذاهما فقال لهما نسطور: مثلكما كالمرأة التي لم
تلد قط فولدت بعد ما كبرت فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به
فحملت على معدته ما لا يطيق فقتلته
(حم ت عن أبي الدرداء) ورواه ابن منيع والديلمي عن عائشة
(6/75)
8483 - (من أعطي شيئا فوجد) أي من أعطي حقا
فليكن عارفا بحقه فإن وجد مالا (فليجز به) مكافأة على
الصنيعة (ومن لم يجد) مالا (فليثن به) عليه ولا يجوز له
كتمان نعمته (فإن أثنى) عليه (به فقد شكره) على ما أعطاه
(وإن كتمه فقد كفره) أي كفر نعمته وفيه معنى قوله الحمد
رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده والفاء في وجد عاطفة
على الشرط وفي فليجر به جوابية وفائدة التعبير بحرف
الترتيب الإشارة إلى أن من أعطي لا يؤخر الجزاء عن الإعطاء
أيما وجد اليسار (ومن تحلى بما لم يعط) أي ومن تزين بشعار
الزهاد وليس منهم (فإنه كلابس ثوبي زور) أي فهو كمن لبيس
قميصا وصل كمه بكمين آخرين موهما أنه لابس قميصين فهو
كالكاذب القائل ما لم يكن وقيل شبه بالثوبين أن المتحلي
كذب كذبين فوصف نفسه بصفة ليست فيه ووصف غيره بأنه خصه
بصلة. قال الطيبي: واتبع المجازي والمثنى بالمتحلي لأنهما
أظهرا ما وجب عليهما لئلا يكفر المنعم وهذا إنما يظهر ما
يلبس به على الناس ليسخر منهم
(خد د ت حب عن جابر) بن عبد الله قال الترمذي: حسن قال
الصدر المناوي: وفيه إسماعيل بن عياش
(6/75)
8484 - (من أعيته المكاسب) أي أعيته ولم
يهتد لوجهها (فعليه بمصر) أي فيلتزم سكانها أو ليتجر بها
(وعليه بالجانب الغربي منها) فإن المكاسب فيها ميسرة وفي
جانبها الغربي أيسر ولم تزل الناس يترجمون مصر بكثرة الربح
ونهوض المتجر. [ص:76] وقد روى الخطيب في التاريخ عن الجاحظ
الأمصار عشرة فالصناعة بالبصرة والفصاحة بالكوفة والخير
ببغداد والعز بالري والحسد بهراة والجفاء بنيسابور والبخل
بمرو والطرمزة بسمرقند والمروة ببلخ والتجارة بمصر اه وفي
الخطط أن في بعض الكتب الإلهية إن مصر خزائن الأرض كلها
فمن أرادها بسوء قصمه الله وعن كعب الأحبار مصر بلد معافاة
من الفتن من أرادها بسوء كبه الله على وجهه وعن أبي موسى
ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته نعم كره بعض السلف
استيطانها أخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر بن عبد
العزيز قال لرجل: أين تسكن قال: الفسطاط قال: أف أتسكن
الخبيثة المنتنة وتذر الطيبة الإسكندرية فإنك تجمع بها
دنيا وأخرى طيبة الموطأ والذي نفس عمر بيده لوددت أن قبري
يكون بها
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمرو) بن العاص
(6/75)
8485 - (من أغاث ملهوفا) أي مكروبا وهو
شامل للمظلوم والعاجز (كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة
واحدة فيها صلاح أمره كله) أي في الدنيا والآخرة (وثنتان
وسبعون درجات يوم القيامة) فيه ترغيب عظيم في الإعانة
والإغاثة قال بعضهم: فضائل الإغاثة لا تسع بيانه الطروس
فإنه يطلق في سائر الأحوال والأزمان والقضايا
(تخ هب) عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف عن غسان بن الفضل
عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن زياد عن أبي حسان (عن
أنس) بن مالك قضية تصرف المصنف أن البخاري خرجه ساكتا عليه
والأمر بخلافه فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد وقال:
هو منكر الحديث وفي الميزان: وهاه ابن حبان وقال: حدث عن
أنس بنسخة أكثرها موضوع ثم ساق منها هذا الخبر وحكم ابن
الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا
(6/76)
8486 - (من اغبرت قدماه) أي أصابهما غبار
أو صارتا ذا غبار والمراد المشي (في سبيل الله) أي في طريق
يطلب فيها رضا الله فشمل طريق الجهاد وطلب العلم وحضور
الجماعة والحج وغير ذلك لأنه اسم جنس مضاعف يفيد العموم
إلا أن المتبادر في سبيل الله الجهاد (حرمه الله) كله (على
النار) أبلغ من قوله أدخله الجنة وإذا كان ذا في غبار
قدميه فكيف بمن بذل نفسه فقاتل وقتل في سبيل الله؟ فيه
تنبيه على فضيلة المشي على الأقدام للطاعات وأنه من
الأعمال الرابحة التي يستوجب العبد بها معالي الدرجات
والفردوس الأعلى
(حم خ) في الصلاة والجهاد وفيه قصة (ت ن) في الجهاد (عن
أبي عبس) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة عبد الرحمن بن
جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة اه
(6/76)
8487 - (من اغتاب غازيا فكأنما قتل مؤمنا)
أي في مطلق حصول الإثم أو هو زجر وتهويل
(الشيرازي) أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ (عن ابن
مسعود) وفيه الحسن بن أبي الحسن قال الذهبي في الضعفاء:
منكر الحديث
(6/76)
8488 - (من اغتسل يوم الجمعة) أي لها في
وقت غسلها وهو من الفجر إلى الزوال (كان في طهارة) من
الساعة التي صلى فيها الجمعة أو من وقت الغسل (إلى) مثلها
من (الجمعة الأخرى) والمراد الطهارة المعنوية وهذا تنبيه
على عظيم فضل الغسل لها
(ك) في باب الجمعة من حديث هارون بن مسلم العجلي عن أبان
عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة (عن أبي قتادة) قال عبد
الله: دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال: غسل جنابة
أو للجمعة قلت: من جنابة قال: أعد غسلا آخر فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم: على
شرطهما وهارون بصري ثقة تفرد عنه [ص:77] شريح بن يونس اه
وتعقبه الذهبي في المهذب فقال: هذا حديث منكر وهارون لا
يدرى من هو اه
(6/76)
8489 - (من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم
ينصره وهو يستطيع نصره أذله الله تعالى في الدنيا والآخرة)
أي خذله بسبب تركه نصرة أخيه مع قدرته عليه لتركه للنصر
وخذلانه أن يدركه سخطه أو يقابله بعقوبته. قال النووي:
والغيبة ذكر الإنسان بما يكره بلفظ أو كتابة أو رمز أو
إشارة عين أو رأس أو يد وضابطه كل ما أفهمت به غيرك من نقص
مسلم فهو غيبة ومنه المحاكاة بأن يمشى متعارجا أو مطأطئا
أو غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية من ينقصه فكل ذلك حرام
يجب إنكاره بلا خلاف. قال: ومنه إذا ذكر مصنف كتاب شخصا
بعينه قاتلا قال فلان مريدا تنقيصه والشناعة عليه فهو حرام
فإذا أراد بيان غلطه لئلا يقلد أو بيان ضعفه لئلا يغتر به
فليس بغيبة بل نصيحة واجبة قال: ومن ذلك غيبة المتفقهين
والمتعبدين فإنهم يعرضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم
بالتصريح فيقال لأحدهم كيف حال فلان فيقولون الله يصلحنا
الله يغفر لنا الله يصلحه نسأل الله العافية الله يتوب
علينا وما أشبه ذلك مما يفهم تنقصه فكل ذلك غيبة محرمة
وكما يحرم على المغتاب يحرم على السامع سماعها وإقرارها
فيلزم السامع نهيه إن لم يخف ضررا فإن خافه لزمه الإنكار
بقلبه ومفارقة المجلس
(ابن أبي الدنيا في) كتاب (ذم الغيبة عن أنس) بن مالك رمز
المصنف لحسنه وقال المنذري: أسانيده ضعيفة ورواه عنه أيضا
البغوي في شرح السنة والحارث بن أبي أسامة
(6/77)
8490 - (من أفتى بغير علم) في رواية أفتى
بالبناء للمجهول وعليها اقتصر جمع منهم الكمال ابن أبي
شريف ولفظ رواية الحاكم من أفتى الناس بغير علم (كان إثمه
على من أفتاه) وقال الأشرفي: يجوز أن يكون أفتى الناس
بمعنى استفتى أي كان إثمه على من استفتاه فإنه جعل في معرض
الإفتاء بغير علم ويجوز أن يكون الأول مجهولا أي فإثم
أصابه على من أفتاه أي الإثم على المفتي دون المستفتى اه.
وخرج بقوله بغير علم ما لو اجتهد من هو أهل للاجتهاد فأخطأ
فلا إثم عليه بل له أجر الاجتهاد (ومن أشار على أخيه بأمر
يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) قال الطيبي: إذا عدى أشار
بعلى كان بمعنى المشورة أي استشاره وسأله كيف أفعل هذا
الأمر
(د) في العلم (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وأورده عبد الحق
في الأحكام ساكتا عليه قال ابن القطان: ولا أدري كيف سكت
ولعله اعتقد اعتقادا أخطأ فيه كيف وهو يسمع تأثيم من أفتى
بغير علم والخبر ضعيف لأمور ثم اندفع في توجيهه وأطال
(6/77)
8491 - (من أفتى بغير علم لعنته ملائكة
السماء والأرض) لفظ رواية ابن لال وغيره السماوات بلفظ
الجمع
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه
أيضا ابن لال والديلمي
(6/77)
8492 - (من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة
رخصها الله له) وفي رواية بدله من غير عذر وفي رواية من
غير علة (لم يقض عنه صيام الدهر كله) وهو مبالغة ولهذا
أكده بقوله (وإن صامه) أي الدهر حق الصيام ولم يقصر فيه
وبذل جهده وطاقته وزاد في المبالغة حيث أسند القضاء إلى
الصوم إسنادا مجازيا وأضاف الصوم إلى الدهر إجراءا للظرف
مجرى المفعول به إذ الأصل لم يقض هو في الدهر كله أو هو
مؤول بأن القضاء لا يقوم مقام الأداء وإن صام [ص:78] عوض
اليوم دهرا (1) لأن الإثم لا يسقط بالقضاء وإن سقط به
الصوم ولأن القضاء لا يساوي الأداء في الإكمال فقوله لم
يقضه عنه صيام الدهر أي في وصفه الخاص به وهو الكمال وإن
كان يقضى عنه وصفه العام المنحط عن كمال الأداء قال ابن
المنير: هذا هو الأليق بمعنى الحديث ولا يحمل على نفي
القضاء بالكلية إذ لا تعهد عبادة واجبة مؤقتة لا تقبل
القضاء
(حم 4) كلهم في الصوم واللفظ للترمذي وذكره البخاري تعليقا
بصيغة التمريض (عن أبي هريرة) وفيه أبو المطوس ابن يزيد
الطوس تفرد به قال الترمذي في العلل عن البخاري: لا أعرف
له غيره ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا وقال
القرطبي: حديث ضعيف لا يحتج بمثله وقد صحت الأحاديث بخلافه
وقال الدميري: ضعيف وإن علقه البخاري وسكت عليه أبو داود
وممن جزم بضعفه البغوي وقال ابن حجر: فيه اضطراب قال
الذهبي في الكبائر: هذا لم يثبت
_________
(1) ومذهب الشافعي أنه يجب عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية
النهار وبرئت ذمته وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور
العلماء وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم
اثني عشر يوما لأن السنة اثنا عشر شهرا وقال سعيد بن
المسيب: يلزمه أن يصوم ثلاثين يوما وقال النخعي: يلزمه أن
يصوم ثلاثة آلاف يوم وقال علي وابن مسعود: لا يقضيه صوم
الدهر واحتجا بهذا الحديث
(6/77)
8493 - (من أفطر يوما) وفي رواية (من رمضان
في الحضر) تعديا (فليهد بدنة) قيد بالحضر ليخرج السفر الذي
يباح فيه القصر والفطر وهذا القيد ثابت في كتاب الدارقطني
المعزو إليه كما ترى ومن عزى الحديث له وأسقط القيد كعبد
الحق فقد وهم وقضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله
والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الدارقطني فإن لم يجد
فليطعم ثلاثين صاعا من تمر للمساكين اه
(قط) من حديث عثمان السماك عن أحمد بن خالد بن عمرو الحمصي
عن أبيه عن الحارث بن عبيدة الكلاعي عن مقاتل بن سليمان عن
عطاء (عن جابر) ثم قال أعني الدارقطني: الحارث ومقاتل
ضعيفان جدا اه. فقد برئ مخرجه من عهدته ببيان حاله فتصرف
المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد وفي الميزان: هذا حديث
باطل يكفي في رده تلف خالد وشيخه ضعيف ومقاتل غير ثقة
وخالد كذبه الغرياني ووهاه ابن عدي اه. وأورده ابن الجوزي
في الموضوعات وقال: مقاتل كذاب والحارث ضعيف وتبعه المؤلف
في مختصره ساكتا عليه
(6/78)
8494 - (من أفطر يوما من رمضان فمات قبل أن
يقضيه) أي قبل أن يتمكن من قضائه (فعليه) في تركه (بكل يوم
مد) من جنس الفطرة (لمسكين) أو فقير وبه قال الشافعي (1)
(حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الطبراني أيضا وفيه
أشعث بن سوار ضعفه جمع اه
_________
(1) وحمله على ما إذا فات بغير عذر أما ما فات بعذر كمن
أفطر فيه لمرض ولم يتمكن من قضائه بأن استمر مرضه حتى مات
فلا إثم في هذا الفائت ولا تدارك له بالفدية
(6/78)
8495 - (من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء
عليه ولا كفارة) وبه أخذ الشافعي وقال مالك وأحمد: من أكل
أو جامع ناسيا لزمه قضاء وكفارة وأنه عبادة تفسد بأكل
وجماع عمدا فوجب أن يفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو
وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان
طلوع الفجر عند أكله أو جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد
[ص:79] الأول بالفرق لأن المنهي في الصوم نوع واحد ففرق
بين عمده وسهوه وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه
كخلق وقتل صيد والثاني ما فيه فرق كتطيب ولبس فألحق الجماع
بالأول لأنه إتلاف والثاني لأنه مخطىء في الفعل وبينهما
فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد
الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا هذا الخبر وخبر من أكل أو
شرب ناسيا وهو صائم فليس عليه بأس وخبر رفع عن أمتي الخطأ
والنسيان فإن قيل لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن
الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال
لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون
المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا تصح التسوية
ولا بالشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن
النية مأمور بها للفعل والإمتثال بخلاف المنهي عنه فإنه
للاتباع والكف والنسيان فيه غالب فإن قيل لا يبطل الصوم
إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداويا لورود النص
بالأكل والشرب رد بأنه ألحق بها الغير قياسا وإجماعا فإن
قيل السهو كالجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقا لعموم النص
رد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندور كثرة السهو
(ك هق عن أبي هريرة) قال البيهقي: رواته ثقات وتعقبه في
المهذب بأن النسائي رواه عن يوسف بن سعيد عن علي بن بكار
عن محمد بن عمرو وقال: هذا حديث منكر
(6/78)
8496 - (من أقال مسلما) أي وافقه على نقض
البيع أو البيعة وأجابه إليه (أقال الله عثرته) أي رفعه من
سقوطه يقال أقاله يقيله إقالة وتقاؤلا إذا فسخا البيع وعاد
المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا ندم أحدهما أو
كلاهما وتكون الإقالة في البيعة والعهد كذا في النهاية قال
ابن عبد السلام في الشجرة إقالة النادم من الإحسان المأمور
به في القرآن لما له من الغرض فيما ندم عليه سيما في بيع
العقار وتمليك الجوار
(د هـ ك) في البيع (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما
وقال ابن دقيق العيد: هو على شرطهما وصححه ابن حزم لكنه في
اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطني
(6/79)
8497 - (من أقال نادما) زاد في رواية صفقته
أي وافقه على نقض البيع (1) (أقاله الله يوم القيامة) دعاء
أو خبر قال المطرزي: الإقالة في الأصل فسخ البيع وألفه واو
أو ياء فإن كانت واوا فاشتقاقه من القول لأن الفسخ لا بد
فيه من قيل وقال وإن كانت ياء فيحتمل أن ينحت من القيلولة
(هق) من حديث زاهر بن نوح عن عبد الله بن جعفر ولد ابن
المديني عن العلاء عن أبيه (عن أبي هريرة) وعبد الله مجمع
على ضعفه كما بينه في الميزان وأورد هذا الخبر من مناكيره
وأعاده في محل آخر ونقل تضعيفه عن الدارقطني
_________
(1) وأجابه إليه إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما وهي فسخ
لا بيع فلا يترتب عليها أحكام البيع من الأخذ بالشفعة
وغيره
(6/79)
8498 - (من أقام مع المشركين) في ديارهم
بعد إسلامه (فقد برئت منه الذمة) وهذا كان في صدر الإسلام
حين كانت الهجرة إليه عليه الصلاة والسلام واجبة لنصرته ثم
نسخ
(طب هق عن جرير) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وليس كما
قال ففيه حجاج بن أرطاة أورده الذهبي في الضعفاء وقال:
متفق على تليينه قال أحمد: لا يحتج به وقال يحيى: ضعيف
وقال النسائي: ليس بقوي وقال الدارقطني: لا يحتج به وقال
ابن عدي: ربما أخطأ لكن لا يتعمد الكذب وقال ابن حبان:
تركوه وفيه قيس بن أبي حازم وثقه قوم وقال ابن المديني عن
القطان: منكر الحديث وأقره الذهبي
(6/79)
8499 - (من أقام البينة على أسير) أي على
قتله إياه (فله سلبه) (1) بالتحريك وهو ما على بدنه من
الثياب قال الراغب: [ص:80] الأسر الشد بالقيد من قولهم
أسرت القتب فسمى الأسير به ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وإن لم
يشد ذلك ويتجوز به فيقال أنا أسير نعمتك
(هق عن أبي قتادة) رمز المصنف لصحته
_________
(1) أي بشرط أن يكون القاتل مسلما والسلب بفتح اللام ثياب
القتيل التي عليه والخف والران وهو خف بلا قدم والمركوب
الذي قاتل عليه وأمسكه بعنانه والسرج واللجام والنفقة التي
معه والجنيبة التي تقاد معه وكفاية شر الحربي مثل قتله كأن
يفقأ عينيه أو يقطع يديه أو رجليه
(6/79)
8500 - (من اقتبس) أي تعلم من قبست من
العلم واقتبست من الشيء إذا تعلمته والقبس شعبة من النار
واقتباسها الأخذ منها (علما من النجوم) أي من علم تأثيرها
لا تسييرها فلا يناقض ما سبق من خبر تعلموا من النجوم ما
تهتدون به في ظلمات البر والبحر وقد مر التنبيه على طريق
الجمع (اقتبس شعبة) أي قطعة (من السحر) المعلوم تحريمه ثم
استأنف جملة أخرى بقوله (زاد ما زاد) يعنى كلما زاد من علم
النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر أو زاد اقتباس شعب
السحر ما زاده اقتباس علم النجوم ومن زعم أن المراد زاد
النبي على ما رواه ابن عباس عنه في حق علم النجوم فقد تكلف
ونكر علما للتقليل ومن ثم خص الاقتباس لأن فيه معنى العلة
ومن النجوم صفة علما وفيه مبالغة ذكره الطيبي وذلك لأنه
يحكم على الغيب الذي استأثره الله بعلمه فعلم تأثير النجوم
باطل محرم وكذا العمل بمقتضاه كالتقرب إليها بتقريب
القرابين لها كفر كذا قاله ابن رجب
<تنبيه> قال بعض العارفين: أصناف حكما عقلاء السالكين إذا
حاولوا جلب نفع أو دفع ضر لم يحاوله بما يجانسه من الطبائع
بل حاولوه بما هو فوق رتبته من عالم الأفلاك مثلا التي
رتبتها غالبة رتب الطبائع ومستولية عليها فحاولوا ما
يرومونه من أمر ظاهر لتلك بما هو أعلى منه كالطلاسم
واستنزال الروحانيات المنسوبة عندهم للكواكب وهذا
الاستيلاء الروحاني الفلكي الكوكبي على عالم الطبيعة هو
المسمى علم السيميا وهو ضرب من السحر لأنه أمر لم يتحققه
الشرع ولا يتم ولا يتحقق مع ذكر الله عليه بل يبطل ويضمحل
اضمحلال السراب عند غشيانه والى نحوه يشير هذا الخبر
(حم د) في الطب (هـ) في الأدب (عن ابن عباس) وقال النووي
في رياضه بعد عزوه لأبي داود: إسناده صحيح فرمز المصنف
لحسنه فقط تقصير قال الذهبي في المهذب: حديث صحيح وقال في
الكبائر: رواه أبو داود بسند صحيح
(6/80)
8501 - (من اقتصد) في النفقة (أغناه الله
ومن بذر) فيها (أفقره الله ومن تواضع رفعه الله ومن تجبر
قصمه الله) أهانه وأذله
<تنبيه> في تذكرة العلم للبلقيني أن سبب موت أبي العباس
الناشئ أنه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب
نظمه فقال: كم تقولون لو شئت وتكلم بكلام عظيم فأنكروا
عليه فقال: إيتوني بقرطاس ومحبرة فأخذه ودخل بيتا فانتظروه
طويلا فلم يخرج فدخلوا فإذا هو ميت
(البزار) في مسنده (عن طلحة) بن عبيد الله قال: كنا نمشي
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو صائم فأجهده
الصوم فحلبنا له ناقة في قعب وصببنا عليه عسلا نكرمه به
عند فطره فلما غابت الشمس ناولناه فلما ذاقه قال بيده كأنه
يقول ما هذا قلنا: لبنا وعسلا أردنا أن نكرمك به أحسبه قال
أكرمك الله بما أكرمتني أو دعوة هذا معناها ثم ذكره قال
الهيثمي: وفيه من لم أعرفه وقال شيخه الزين العراقي: فيه
عمران بن هارون البصري قال الذهبي: شيخ لا يعرف حاله
والحديث منكر
(6/80)
8502 - (من اقتطع) أي أخذ أرضا باستيلاء
عليها بغير حق قليلا كان أو كثيرا وتقييده بالشبر في رواية
خرج مخرج [ص:81] التقليل سواء كانت لمالك معين أو غيره
كبيت المال كما في بعض شروح مسلم وسواء اقتطعها للتملك أو
ليزرعها ويردها وفي رواية لمسلم من اقتطع حق امرئ وهو يشمل
غير المالك كجلد ميتة وسرجين وحد قذف ونصيب زوجة في القسم
وغير ذلك حال كونه ظالما (لقي الله وهو عليه غضبان) في
رواية وهو عنه معرض والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور
وقد عرف بتعريف لفظي فقيل هو تغير يحصل عند غليان دم القلب
لإرادة الانتقام وهذا بإطلاقه محال على الله تقدس وكذا ما
شاكله كفرح وخداع واستهزاء لكن لها غايات كإرادة الانتقام
من المغضوب عليهم في الغضب فإطلاقها عليه سبحانه بذلك
الاعتبار وأفاد إثبات الغصب في العقار فهو رد على أبي
حنيفة في نفيه وخص الغضب بهذا العاصي مع أنه سبحانه غضبان
على غيره من العصاة لأن الظالم لم يرض بنعمة الله وغضب
عليه حق طمع في قسمة غيره فجوزي بالمثل
(حم م عن وائل) بن حجر
(6/80)
8503 - (من اقتنى) بالقاف (كلبا) أمسكه
عنده للادخار (إلا كلب ماشية أو كلبا ضاريا) أي معلما
للصيد معتاد له ومنه قول عمران لللحم ضراوة كضراوة الخمر
أي من اعتاده لا يصبر عنه كما لا يصبر عن الخمر معتادها
وروي ضاري بلغة من يحذف الألف من المنقوص حالة النصب وأو
للتنويع لا للترديد (نقص من عمله) اي من أجر عمله ففيه
إيماء إلى تحريم الإقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر
إلا بسببه (كل يوم) من الأيام الذي اقتناه فيها (قيراطان)
أي قدرا معلوما عند الله إما بأن يدخل عليه من السيئات ما
ينقص أجره في يومه وإما بذهاب أجره في إطعامه لأن في كل
كبد حراء أجر أو بغير ذلك ولا ينافيه خبر البخاري قيراط
لأن من زاد حفظ ما لم يحفظه غيره أو أخبر أولا بنقص قيراط
ثم زيد النقص أو ذلك منزل على حالتين كالقلة والكثرة أو
خفة الضرر وشدته أو قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل
النهار أو قيراط فيما مضى من عمله وقيراط من مستقبله أو
قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل أو مختلف باختلاف
الأنواع والبقاع فقيراطان بالحرمين وقيراط بغيرهما أو
الزمنين بأن خفف الشارع أولا ثم لما بلغه أنهم يأكلون معها
غلظ أو لغير ذلك ولو تعددت الكلاب فهل تتعدد القراريط كما
في صلاة الجنازة أولا كما في غسلات الولوغ؟ احتمالان وسبب
النقص منع الملائكة من ولوج محله أو ضرر المارة أو الجار
أو هو عقوبة للمقتني أو لتنجس الأواني أو لترويع الناس
وتنجيسهم أو لغيرها قال بعض المتأخرين: والظاهر أن هذا
القيراط دون القيراط في خبر من شهد الجنازة حتى يصلى عليها
فله قيراط لأن هذا من قبيل المطلوب تركه وذلك من المطلوب
فعله وعادة الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها كرما منه
وأفاد حل اقتناء كلب لنحو ماشية وصيد وقيس به نحو حرس وزرع
ودرب ودار بجامع الحاجة
(حم ق ت عن ابن عمر) بن الخطاب
(6/81)
8504 - (من أقر بعين مؤمن) أي فرحها وأسرها
أو بلغها أمنيتها حتى رضيت وسكنت (أقر الله عينه يوم
القيامة) جزاء وفاقا
(ابن المبارك) في الزهد والرقائق (عن رجل) من التابعين
(مرسلا) قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف
(6/81)
8505 - (من أقرض ورقا) بفتح فكسر فضة
(مرتين كان عدل صدقة مرة) وفي رواية لابن حبان في صحيحه من
أقرض مسلما درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وهذا الحديث
تقدم ما يعارضه في حرف الدال ومر الجمع بحمل هذا على أن
الصدقة أفضل من حيث الانتهاء والقرض أفضل من حيث الابتداء
لما فيه من صون وجه من لم يعتد السؤال
(هق عن ابن مسعود) ثم قال البيهقي: إسناده ضعيف ورواه
بإسناد آخر قال الذهبي: فيه قيس مجهول وأبو الصباح [ص:82]
مجمع على ضعفه وهذا الحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه كما
تقرر فعدول المؤلف عن الصحيح وإيراد الضعيف من سوء التصرف
اه
(6/81)
8506 - (من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم
يرمد أبدا) لأن في الاكتحال به مزية للعين وتقوية للبصر
ومدد للروح متصل ببصر العين فإذا اكتحل فذهبت الغشاوة وصل
النفع إلى بصر الروح ووجد له راحة وخفة فإذا كان ذلك منه
في ذلك اليوم نال البركة فعوفي من الرمد
(هق) عن الحاكم عن عبد العزيز بن محمد عن علي بن محمد
الوراق عن الحسين بن بشر عن محمد بن الصلت بن جويبر عن
الضحاك (عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي: إسناده ضعيف
بمرة قال: وجويبر ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس اه. وقال
الحاكم: منكر وأنا أبرأ إلى الله من عهدة جويبر فقال
السخاوي: قلت بل هو موضوع وقال الزركشي: لا يصح فيه أثر
وهو بدعة وقال ابن رجب في لطائف المعارف: كل ما روي في فضل
الاكتحال والاختضاب والاغتسال فيه موضوع لا يصح وقال ابن
حجر: حديث إسناده واه جدا وأورده ابن الجوزي في الموضوعات
من هذا الوجه بسند ليس فيه غير أحمد بن منصور وهو إسناد
مختلف بهذا المتن قطعا اه
(6/82)
8507 - (من اكتوى أو استرقى فقد برىء من
التوكل) لفعله ما يسن التنزه عنه من الاكتواء لخطره
والاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله لاحتمال كونه شركا أو
هذا فيمن فعل معتمدا عليها لا على الله فصار بذلك بريئا من
التوكل فإن فقد ذلك لم يكن بريئا منه وقد سبق أن الكي لا
يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا بل عند تعينه طريقا للشقاء
وعدم قيام غيره مقامه مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن
الله تعالى والتوكل عليه وقال ابن قتيبة: الكي نوعان كي
الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه من اكتوى لم يتوكل
لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع. والثاني كي
الجرح إذا فسد والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي فيه
فإن كان لأمر محتمل فخلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب
بالنار لأمر غير محقق
(حم ت هـ ك عن المغيرة) بن شعبة قال الترمذي: حسن صحيح
وصححه ابن حبان والحاكم
(6/82)
8508 - (من أكثر من الاستغفار) وفي رواية
للبيهقي من لزم الاستغفار (جعل الله له من كل هم فرجا ومن
كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) مقتبس من قوله تعالى
{ومن يتق الله يجعل له مخرجا} لأن من داوم على الاستغفار
وقام بحقه كان متقيا وناظرا إلى قوله تقدس {استغفروا ربكم
إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا} قال الحكيم:
وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة
فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذاب الذنوب
والعيوب فإذا كان العبد مستيقظا على نفسه فكلما أذنب أو
أعتب أتبعهما استغفارا فلم يبق في وبالها وعذابها وإذا لها
عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر
والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى وفي الآخرة عذاب النار
وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجا ومن
الضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب
(حم ك) في التوبة (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح ورده
الذهبي بأن فيه الحكم بن مصعب فيه جهالة اه وقال في
المهذب: مجهول وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من
الستة وليس كذلك بل خرجه أبو داود والنسائي في يوم وليلة
قال الحافظ العراقي: وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي:
فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به
(6/82)
[ص:83] 8509 - (من أكثر ذكر الله فقد برىء
من النفاق) لأن في إكثار الذكر دلالة على محبته لله لأن من
أحب شيئا أكثر من ذكره ومن أحبه فهو مؤمن حقا
(طص عن أبي هريرة) وفيه موصل بن إسماعيل قال الذهبي في
الذيل: قال البخاري: منكر الحديث وسهل بن أبي صالح أورده
الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة وقال ابن معين وغيره: ليس
بقوي اه. ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب
(6/83)
8510 - (من أكثر ذكر الله أحبه الله تعالى)
قال في الحكم: لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لأن
غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره فعسى أن
يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر
مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور
إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور {وما ذلك على الله بعزيز}
(فر عن عائشة) وفيه أحمد بن سهل الواسطي قال الذهبي: قال
الحاكم: له مناكير ونعيم بن مودع قال النسائي: غير ثقة
(6/83)
8511 - (من أكرم القبلة) فلم يستقبلها ولم
يستدبرها ببول ولا غائط احتراما لكونها جهة معظمة (أكرمه
الله تعالى) أي في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جزاءا
وفاقا
(قط عن الوضين بن عطاء مرسلا) وفيه بقية بن الوليد والكلام
فيه تقدم لكن يعضده ما رواه الدارقطني أيضا في سننه عن
طاوس مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله فلا يستقبلها ولا
يستدبرها وما رواه الطبراني في تهذيب الآثار عن سراقة بن
مالك مرفوعا إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله فلا
تستقبلوا القبلة وفيه أحمد بن ثابت الملقب فرخويه متهم
(6/83)
8512 - (من أكرم امرءا مسلما فإنما أكرم
الله تعالى) لفظ رواية الطبراني من أكرم أخاه المؤمن
والقصد بالحديث الحث على تراحم المؤمنين وتعاطف بعضهم على
بعض والتحذير من التدابر والتقاطع واحتقار المسلم
والمحافظة على توقيره وتعظيمه والإحسان إليه بالقول والفعل
(طس عن جابر) بن عبد الله قال في الميزان: خبر باطل اه لكن
قال الحافظ العراقي: حديث ضعيف وقال تلميذه الهيثمي: فيه
بحر بن كثير وهو متروك اه
(6/83)
8513 - (من أكل لحما فليتوضأ) أي لحم إبل
كما يرشد إليه بعض الروايات أو لحما مسته النار كما جاء في
الأخبار من الأمر بالوضوء مما مسته وكيفما كان فالخبر
منسوخ أو محمول على الندب
(حم طب عن سهل بن الحنظلية) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه
سليمان بن أبي الربيع لم أر من ترجمه والقاسم بن عبد
الرحمن مختلف في الاحتجاج به
(6/83)
8514 - (من أكل الطين فكأنما) وفي رواية
فإنما (أعان على قتل نفسه) لأنه رديء مؤذ يسد مجاري العروق
شديد البرد واليبس قوي التجفيف يمنع استطلاق البطن ويورث
نفث الدم وقروح الدم وقد استدل بعض المجتهدين على ذهابه
إلى تحريم أكل الطين بقوله تعالى {كلوا مما في الأرض} وما
قال كلوا الأرض قال الحرالي: والطين متخمر الماء والتراب
(طب عن سلمان) قال الهيثمي: فيه يحيى بن يزيد الأهوازي
جهله الذهبي وبقية رجاله رجال الصحيح اه وفي الميزان: يحيى
بن يزيد الأهوازي حديثه في أكل الطين لم يصح والرجل لا
يعرف اه وقال ابن حبان: الحديث باطل وكذا قال الخطيب وقال
ابن الجوزي: موضوع وقال الرافعي: أخبار النهي عن أكل الطين
لا يثبت منها شيء وقال ابن حجر: جمع ابن منده فيها جزءا
[ص:84] ليس فيه ما يثبت وعقد لها البيهقي بابا وقال: لا
يصح منها شيء وقال المصنف في الدرر تبعا للزركشي: أحاديثه
لا تصح وقضية صنيع المصنف أنه مما لم يتعرض أحد من الستة
لتخريجه والأمر بخلافه فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور
عن أبي هريرة
(6/83)
8515 - (من أكل ثوما) بضم الثاء المثلثة
(أو بصلا) أي نيئا من جوع أو غيره كما في لفظ رواية
البخاري (فليعتزلنا أو ليعتزل) شك من الراوي (مسجدنا) أيها
المسلمون أي الأماكن المعدة للصلاة فالمراد بالمسجد الجنس
كما يدل عليه رواية أحمد مساجدنا فالإضافة للملابسة أو
تقديره مسجد أهل ملتنا وأما ما قيل الإضافة تفيد أن النهي
خاص بمسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم أو المسجد الذي فرضه
للصلاة فيه يوم خيبر فقد تعقبوه بأن علة النهي تأذي
الملائكة وذا شامل للمصلي منفردا وقضيته ترك الصلاة إلى
التنصل من الرائحة وذلك قد يفضي بخروج الوقت وهو محرم فلزم
إما جواز تأخير الصلاة إلى خروج الوقت أو حرمة أكل ذلك لأن
ما أفضى لمحرم يحرم وكل منهما منتف والجواب أن أداء الصلاة
في الوقت فرض والفرض لا يترك عند اجتماعه بمحرم وبأن
المراد بالملائكة الملائكة الذين مع المصلي فإنه لا بد أن
يكون معه من ملائكة ينوي بهم عند التسليم عن يمينه وشماله
فلا يلزم من كون الجماعة متروكة بتأذي جمع من المؤمنين مع
ملائكتهم كون الصلاة متروكة بتأذي ملائكة المصلي وحده
وألحق بهذين كل ما آذى ريحه كالكراث وأخذ منه أن كل من به
ما يؤذي الناس كجذام وبرص وبخر وجراحة نضاحة وذات ريح تؤذي
ونحو سماك وزبال وقصاب يمنع من المسجد وقال ابن عبد البر:
ومنه يؤخذ أن من آذى الناس بلسانه يمنع من المسجد إلا أن
ما ذكر من منع الأجذم وما معه نازع فيه ابن المنير بأن أكل
الثوم أدخل في نفسه المانع اختيارا بخلاف أولئك وأشار ابن
دقيق العيد إلى أن هذا كله توسع غير مرضي (وليقعد) بواو
العطف وفي رواية أو ليقعد (في بيته) بالشك وهو أخص من
الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره وقيل إنه
تأكيد لما قبله على وجه المبالغة
<تنبيه> قال في الفتح: حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه
(ق) في الصلاة (عن جابر) بن عبد الله قال: نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم والبصل والكراث فغلبتنا
الحاجة فأكلنا منها فذكره ورواه عنه أيضا أبو داود
والنسائي قال المصنف: وهو متواتر
(6/84)
8516 - (من أكل بالعلم) يعني اتخذ علمه
ذريعة إلى جلب المال والتكالب على جمعه رجاء أن يقضي من
الدنيا وطره ويتنعم بأكل الطيبات (طمس الله على وجهه) وفي
رواية الديلمي طمس الله عز وجل عينيه (ورده على عقبيه
وكانت النار أولى به) وإن انتفع الناس بعلمه لأن ما أفسد
بعلمه أكثر مما أصلحه بقوله إذ لا يستجرى الجاهل على
الرغبة في الدنيا إلا باستجراء العالم واتخاذهم العلم
مجلبة لحطامها فقد صار علمه سببا لجرأة عباد الله على
معاصيه ونفسه الجاهلة مع ذلك تمنيه وترجيه وتخيل له أنه
خير من كثير من الناس وبذلك ينقطع عن التوبة فيخاف عليه
سوء الخاتمة فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره وتتدلى بحبل
غروره قال حجة الإسلام: والعلم النافع مما يزيد الخوف من
الله والبصيرة بعيوب النفس ويقلل الرغبة في الدنيا ويزيد
الرغبة في الآخرة ويطلع على مكائد الشيطان وغروره وكيفية
تلبيسه على علماء الشر حتى عرضهم لمقت الله وسخطه حيث
أكلوا الدنيا بالدين واتخذوا العلم ذريعة إلى أخذ الأموال
من السلاطين وأكل أموال الأوقاف واليتامى والمساكين وصرف
هممهم طول نهارهم الى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق
واضطرهم ذلك إلى المماراة والمنافسة والمباهاة - إلى هنا
كلام الحجة
(الشيرازي) في الألقاب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو
نعيم والديلمي
(6/84)
[ص:85] 8517 - (من أكل فشبع وشرب فروى)
بفتح فكسر (فقال الحمد لله الذي أطعمني وأشبعني وسقاني
وأرواني خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) أي كحاله وقت ولادة
أمه له في كونه لا ذنب له والظاهر أن المراد الصغائر لا
الكبائر كنظائره وفي رواية لأبي داود عن أنس مرفوعا من أكل
طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من
غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفي
الحديث دليل على جواز الشبع ورد على من كرهه من الصوفية
والمكروه منه ما يزيد على الاعتدال وهو الأكل بكل البطن
حتى لا يترك للماء ولا للنفس مساغا وحينئذ قد ينتهي إلى
التحريم
(ع وابن السني عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي: فيه من
لم أعرفه وقال ابن حجر: سنده ضعيف اه. ووجهه أن فيه محمد
بن إبراهيم الشامي قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن حبان:
يضع الحديث وحرب بن شريح قال أعني الذهبي: لينه بعضهم
(6/85)
8518 - (من أكل قبل أن يشرب) في الصوم
(وتسحر ومس شيئا من الطيب) أي في ليل الصوم (قوي على
الصيام) لأن الطيب غذاء الروح
(هب عن أنس) بن مالك
(6/85)
8519 - (من أكل من قصعة) بفتح القاف أي من
أكل طعاما من آنية قصعة أو غيرها (ثم لحسها) تواضعا
واستكانة وتعظيما لما أنعم الله به عليه وصيانة لها عن
الشيطان (استغفرت له القصعة) لأنه إذا فرغ من طعامه لحسها
الشيطان فإذا لحسها الإنسان فقد خلصها من لحسه فاستغفرت له
شكرا بما فعل ولا مانع شرعا ولا عقلا من أن يخلق الله في
الجماد تمييزا ونطقا أو ذلك كناية عن حصول المغفرة له
ابتداء لأنه لما كان حصول المغفرة بواسطة لحسها جعلت كأنها
طلبت له المغفرة وقال القاضي: معناه أن من أكل فيها ولحسها
تواضعا واستكانة وتعظيما لما أنعم الله عليه من رزق وصيانة
عن التلف غفر له ولما كانت المغفرة بسبب لحس القصعة جعلت
كأنها تستغفر له وتطلب المغفرة لأجله لا يقال التسمية عند
الأكل دافعة للشيطان فلا حاجة إلى لحسها لدفعه لأنا نقول
هو إذا سمى على أكله ثم رفض ما بقي ذهب سلطان التسمية
وحراسته فإذا استقصى لحسها شكرت له فسألت ربها المغفرة وهي
الستر لذنوبه حيث سترها قال زين الحفاظ: وإذا سلت الطعام
بأصبعه كان لاحسا للقصعة بواسطة الأصبع خلافا لما زعمه ابن
العربي من أن اللحس إنما يكون بلسانه قال في المطامح: وشرب
الماء الذي يغسل به القصعة لم يثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم وأما ما يفعله أجلاف المريدين من بيعه والنداء عليه
فبدعة وضلالة
(حم ت هـ) في الأطعمة (عن نبيشة) بمعجمة مصغرا ابن عبد
الله الهذلي ويقال له نبيشة الخير وقيل هو ابن عمرو بن عوف
الهذلي وكذا رواه عنه الدارمي وابن شاهين والحكيم وغيرهم
وقال الترمذي: غريب وكذا قال الدارقطني
(6/85)
8520 - (من أكل مع قوم تمرا) لفظ رواية ابن
حبان من تمر وهم شركاء فيه (فلا يقرن) تمرة بتمرة ليأكلهما
معا (إلا أن يأذنوا له) فلا نهي قال النووي: اختلف في
النهي هل هو للتحريم أو للكراهة والصواب التفصيل فإن كان
الطعام مشتركا لم يجز القران إلا بإذن صريح أو ما يقوم
مقامه من قرينة قوية تغلب ظن الرضى وإن كان له وحده فالأدب
[ص:86] تركه ككلما يقتضي الشره إلا أن يكون مستعجلا يريد
به الإسراع لشغل آخر قال: وقول الخطابي المنع كان في زمن
قلة العيش وأما الآن فلا حاجة للاستئذان مردود إذ العبرة
بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت كيف وهو غير ثابت اه.
قال ابن حجر: ولعل النووي أشار إلى ما أخرجه ابن شاهين
والبزار في تفسيره عن بريد رفعه كنت نهيتكم عن القران في
التمر وإن الله وسع عليكم فأقرنوا فإن في إسناده ضعفا وقد
حكى الحازمي الإجماع على جواز القران أي للمالك أو للمأذون
قال ابن حجر: وفي معنى التمر الرطب والزبيب والعنب ونحوها
لوضوح العلة الجامعة
(طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه ورواه ابن
حبان في صحيحه بلفظ من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن فإذا
أراد أن يفعل ذلك فليستأذنهم فإن أذنوا فليفعل
(6/85)
8521 - (من أكل من هذه اللحوم فليغسل يده
من ريح وضره) بفتح الواو والضاد المعجمة أي دسمه وزهومته
يعني يزيل رائحة ذلك بالغسل بالماء وبغيره لكن بعد لعق
أصابعه كما تقدم حيازة لبركة الطعام كما تقدم (لا يؤذي من
حذاءه) من الآدميين أو الملائكة فترك غسل اليد من الطعام
مكروه لتأذي الحافظين به
(ع عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه الوازع بن نافع
وهو متروك وقال الحافظ العراقي وتبعه القسطلاني: في سنده
ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن سلمة فإن كان ابن كهيل ففي
الضعفاء للذهبي: واهي الحديث أو البناني فتركه ابن حبان عن
الوازع بن نافع قال أحمد وغيره: غير ثقة
(6/86)
8522 - (من أكل طيبا) أي حلالا (وعمل في)
موافقة (سنة) نكرها لأن كل عمل يفتقر إلى معرفة سنة وردت
فيه (وأمن الناس بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية
والمراد الشرور كالظلم والغش والإيذاء كذا قرره التوربشتي
قال الطيبي: وأراد أن سنة نكرة وضعت موضع المعرفة لإرادة
استغراق الجنس بحسب أفراده وفائدته أن كل عمل وردت فيه سنة
ينبغي رعايتها حتى قضاء الحاجة وإماطة الأذى (دخل الجنة)
أي من اتصف بهذه الخصلة استحق دخولها مع الفائزين الأولين
أو بدون عذاب وإلا فمن لا يعمل بالسنة وكان شريرا خبيثا
ومات على الإسلام يدخلها بعد العذاب أو العفو. وهذا الحديث
له عند مخرجه الترمذي تتمة وهي قال رجل: يا رسول الله إن
هذا اليوم في الناس لكثير قال: وسيكون في قرون بعدي اه.
بنصه
(ت) قبيل باب صفة الجنة (ك) في الأطعمة (عن أبي سعيد)
الخدري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي: غريب
لا نعرفه إلا من هذا الوجه سألت محمدا يعني البخاري عنه
فلم يعرف اسم أبي بشير أحد رواته وعرفه من وجه آخر وضعفه
اه وقال ابن الجوزي: قال أحمد: ما سمعت بأنكر من هذا
الحديث
(6/86)
8523 - (من ألطف مؤمنا أو خف له في شيء من
حوائجه صغر أو كبر كان حقا على الله أن يخدمه) بضم فسكون
وكسر الدال أي يجعل له خدما (من خدم أهل الجنة) يتولون
خدمته جزاء ومكافأة على خدمته لأخيه في دار الدنيا {إن
الله لا يضيع أجر من أحسن عملا} وهذا إبانة عن عظيم فضل
قضاء حوائج الناس
(البزار) في مسنده (عن أنس) ابن مالك قال الهيثمي: فيه
يعلى بن ميمون وهو متروك
(6/86)
[ص:87] 8524 - (من ألف المسجد) أي تعود
القعود فيه لنحو اعتكاف وصلاة وذكر الله عز وجل وتعلم أو
تعليم علم شرعي ابتغاء وجه الله تعالى (ألفه الله تعالى)
أي آواه إلى كنفه وأدخله في حرز حفظه. قال الراغب: الألف
الاجتماع مع القيام يقال ألفت بينهم ومنه الألفة ويقال
المألوف ألف وأليف وألوف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتبت
ترتيبا قدم فيه ما حقه أن يقدم وآخر فيه ما حقه أن يؤخر
<فائدة> قال مالك بن دينار: المنافقون في المساجد
كالعصافير في القفص وكان أبو مسلم الخولاني يكثر الجلوس في
المساجد ويقول: المساجد مجالس الكرام
(طص عن أبي سعيد) الخدري قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف
وعزاه إلى الأوسط لا الأصغر وقال تلميذه الهيمثي: فيه ابن
لهيعة وهو ضعيف
(6/87)
8525 - (من ألقى) لفظ رواية ابن عدي من خلع
(جلباب الحياء فلا غيبة له) يعني المجاهر المتظاهر
بالفواحش لا غيبة له إذا ذكر بما فيه فقط ليعرف فيحذر. قال
في الفردوس: الجلباب الإزار وقيل كل ما يستتر به من الثوب
وهذا فيمن أظهره وترك الحياء فيه لأن النهي عن الغيبة إنما
هو لإيذائه المغتاب بما لم يعيبه من شيء ظهر شينه فهو
يستره ويكره إضافته له فلا يقدر على التبري منه وأما من
فضح نفسه بترك الحياء فهو غير مبال في ذكره لم يلحقه منه
أذى فلا يلحقه وعيد الغيبة وهي ذكر العيب بظهر الغيب
(هق) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك قال البيهقي: في
إسناده ضعف وإن صح حمل على فاسق معلن بفسقه اه وقال
الذهبي: أبو سعيد الساعدي أحد رجاله مجهول وفي الميزان ليس
بعمدة ثم أورد له هذا الخبر. قال الحافظ العراقي: ورواه
عنه أيضا ابن عدي وابن حبان في الضعفاء وأبو الشيخ [ابن
حبان] في الثواب بسند ضعيف
(6/87)
8526 - (من أماط الأذى) من نحو شوك وحجر
(من طريق المسلمين) المسلوك (كتب له) به (حسنة ومن تقبلت
منه حسنة دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق
عذاب على ما مر نظيره
(خد) من حديث المستنير بن الأخضر بن معاوية بن قرة عن أبيه
عن جده (عن معقل بن يسار) قال معاوية: كنت مع معقل في بعض
الطرقات فمر بأذى فأماطه فرأيت مثله فنحيته فقال: ما حملك
على ذلك قلت: رأيتك صنعت فصنعت فقال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: سنده حسن اه. ومن
ثم رمز المصنف لحسنه
(6/87)
8527 - (من أم قوما) أي صلى بهم إماما (وهم
له كارهون) لمعنى مذموم فيه شرعا فإن كرهوه لغير ذلك فلا
كراهة في حقه بل الملام عليهم (فإن صلاته لا تجاوز ترقوته)
أي لا ترفع إلى الله رفع العمل الصالح بل أدنى شيء من
الرفع كما سلف تقريره
(طب) من حديث شهر بن حوشب عن أبي عبد الرحمن الصعاني (عن
جنادة) بضم الجيم وخفة النون ابن أبي أمية الأزدي قال
الحافظ في الإصابة: سنده ضعيف
(6/87)
8528 - (من أم الناس فأصاب الوقت) أي وقعت
الصلاة بهم في الوقت (وأتم الصلاة) بأن أوقعها بشروطها
وأركانها (فله ولهم) أي فله ثوابها ولهم ثوابها (ومن انتقص
من ذلك شيئا) بأن كان في صلاته خلل ككونه جنبا أو محدثا أو
ذا نجاسة خفيفة [ص:88] أو أخل ببعض الأركان الحقيقية
(فعليه ولا عليهم) أي فعليه الوزر ولهم الثواب لا عليهم
الإثم إذ لا تقصير منهم وهو المجازف
(حم د هـ ك) وقال: على شرط البخاري (عن عقبة بن عامر)
الجهني قال عبد الحق: فيه يحيى بن أيوب لا يحتج به وقال
ابن القطان: لولا هو لكنا نقول الحديث صحيح وقال الذهبي في
المهذب: تابعه ابن أبي حازم عن حرملة
(6/87)
8529 - (من أم قوما وفيهم من هو أقرأ منه
لكتاب الله وأعلم لم يزل في ثفال) بكسر الثاء المثلثة وفتح
الفاء أي هبوط (إلى يوم القيامة)
(عق) من حديث الهيثم بن عقاب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال
في الميزان: والهيثم بن عقاب لا يعرف وقال عبد الحق: مجهول
وقال العقيلي: حديث غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر فما
أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه العقيلي خرجه وسلمه غير جيد
(6/88)
8530 - (من أمركم من الولاة) أي ولاة
الأمور (بمعصية فلا تطيعوه) أن لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق {والله أحق أن ترضوه}
(حم هـ ك عن أبي سعيد) الخدري قال: كنا في سرية عليها عبد
الله بن حذافة وكان من أهل بدر وفيه دعابة فنزل منزلا
فأوقد القوم نارا يصطلون فقال: أليس لي عليكم السمع
والطاعة؟ قالوا: بلى قال: فإني أعزم عليكم إلا تواثبتم في
النار فقام ناس فتحجزوا حتى ظن أنهم واقعون فيها قال:
أمسكوا فإنما كنت أضحك معكم فلما قدموا ذكروه لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكره
(6/88)
8531 - (من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف)
أي برفق ولين فإنه أدعى للقبول
(هق) من طريق الحاكم (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه سلام بن
ميمون الخواص أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان:
بطل الاحتجاج به وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه ووثقه ابن
معين عن زافر قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه عن المثنى
بن الصباح ضعفه ابن معين وقال سهل متروك عن عمرو بن شعيب
مختلف فيه
(6/88)
8532 - (من أمسى كالا من عمل يديه أمسى
مغفورا له) ولهذا كان نبي الله داود لا يأكل إلا من عمل
يده والأحاديث الدالة على طلب الكسب كثيرة وورد أنه كان
أخوان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدهما يحترف
والآخر لا يحترف فشكا المحترف أخاه إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال له: لعلك ترزق به وفيه أن الكسب لا ينافي
التوكل أي حيث أيقن بالله ووثق بقضائه وقد ظاهر المصطفى
صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب بين درعين ولبس المغفر
وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة وهاجر وأمر
بالهجرة وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم ولم
ينتظر أن ينزل عليهم من السماء وقال اعقل وتوكل
(طس) وكذا ابن عساكر (عن ابن عباس) قال الحافظ الزين
العراقي: سنده ضعيف وقال تلميذه الهيثمي: فيه جماعة لم
أعرفهم
(6/88)
8533 - (من أمسك بركاب أخيه المسلم) حتى
يركب أو هو راكب فمشى معه (لا يرجوه ولا يخافه) بل إكراما
لله تعالى لكونه نحو عالم أو صالح أو شريف (غفر له) أي
الصغائر وكم له من نظائر
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه حفص [ص:89] ابن عمر
المازني ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات
(6/88)
8534 - (من انتسب إلى تسعة آباء كفار (1)
يريد بهم) يعني يريد بالانتساب إليهم (عزا وكرما) لفظ
رواية أحمد وأبو يعلى فيما وقفت عليه من النسخ وكرامة بدل
كرما (كان عاشرهم في النار) أي نار جهنم لأن من أحب قوما
حشر في زمرتهم ومن افتخر بهم فقد أحبهم وزيادة وهذا نهي
شديد عن الافتخار بالكفرة لكن محل ذلك كما قاله ابن حجر ما
إذا أورده على طريق المفاخرة والمشاجرة والظاهر أن مراده
بهذا العدد التكثير لا التحديد
(حم) وكذا أبو يعلى بهذا اللفظ من هذا الوجه (عن أبي
ريحانة) أبو ريحانة اثنان مدني وسعدي فكان ينبغي تمييزه
قال الهيثمي: رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لحسنه وقال ابن
حجر في الفتح: إسناده حسن
_________
(1) انظر حكمة التقييد بهذا العدد هل له حكمة أو لا مفهوم
له فمتى قصد بالانتساب إلى الكفار الافتخار كان الحكم كذلك
كما يشير إليه بقوله يريد بهم عزا إلخ؟ . والظاهر أن
المراد الزجر والتنفير عن الافتخار بهم
(6/89)
8535 - (من انتقل) أي تحول وارتحل من بلده
أو محله إلى محل آخر (ليتعلم علما) من العلوم الشرعية (غفر
له) ما تقدم من الصغائر (قبل أن يخطو) خطوة من موضعه إذا
أراد بذلك وجه الله تعالى ويتعين الانتقال لتعلم الفروض
العينية
(الشيرازي) في الألقاب (عن عائشة) ورواه عنها ابن شاهين
والديلمي
(6/89)
8536 - (من انتهب) أي أخذ ما لا يجوز له
أخذه قهرا جهرا (فليس منا) أي على طريقتنا وليس من
العاملين بعملنا المطيعين لأمرنا فأخذ المرء مال المعصوم
بغير إذنه ولا علم رضاه حرام شديد التحريم بل يكفر مستحله
ولو قضيبا من أراك ومن هذا كره مالك - وطائفة - النهب في
نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في
أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها وإما أن
يحمل على أنه علق التملك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته
خلاف
(حم ت والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك (حم د هـ
والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الديلمي: وفي
الباب عمران بن حصين وغيره
(6/89)
8537 - (من أنظر معسرا) أي أمهل مديونا
فقيرا من المنظرة قال الحرالي: وهي التأخير المرتقب نجازه
(أو وضع عنه) أي حط عنه من دينه وفي رواية أبي نعيم أو وهب
له أو وضع عنه (أظله الله في ظله) أي وقاه الله من حر يوم
القيامة على سبيل الكناية أو أظله في ظل عرشه حقيقة أو
أدخله الجنة (يوم لا ظل إلا ظله) أي ظل الله والمراد به ظل
الجنة وإضافته لله إضافة ملك وجزم جمع بالأول فقالوا:
المراد الكرامة والحماية من مكاره الموقف وإنما استحق
المنظر ذلك لأنه آثر المديون على نفسه وأراحه فأراحه الله
والجزاء من جنس العمل
(حم م) في حديث طويل وكذا ابن ماجه (عن أبي اليسر)
(6/89)
8538 - (من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره
الله بذنبه إلى توبته) إلى أن يتوب فيقبل توبته ولا يعاجله
بعقوبة ذنبه ولا يميته فجأة قبل التوبة جزاءا وفاقا قال
ابن العربي: هذا إذا أنظره من قبل نفسه لا بأمر حاكم فإن
رفعه حتى أثبت لم يكن له ثواب وقد أمر الله بالصبر على
المعسر في قوله {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} فمتى
علم رب الدين عسره حرم [ص:90] مطالبته وإن لم يثبت عسره
عند القاضي وإبراؤه أفضل من إنظاره على الأصح لأن الإبراء
يحصل مقصود الإنظار وزيادة ولا مانع من أن المندوب يفضل
الواجب أحيانا نظرا للمدارك
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه الحكم بن الجارود وقد
ضعفه الأزدي وشيخ الحاكم وشيخ شيخه لم أعرفهما
(6/89)
8539 - (من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله
صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله كل يوم
مثلاه صدقة) قال السبكي: وزع أجره على الأيام يكثر بكثرتها
ويقل بقلتها وسره ما يقاسيه المنظر من ألم الصبر مع تشوق
القلب لماله فلذلك كان ينال كل يوم عوضا جديدا. وقد تعلق
بهذا من ذهب إلى أن إنظاره أفضل من إبرائه فإن أجره وإن
كان أوفر لكنه ينتهي بنهايته
(حم هـ ك عن بريدة) قال الدميري: انفرد به ابن ماجه بسند
ضعيف وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال الذهبي في
المهذب: إسناده صالح وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح
(6/90)
8540 - (من أنعم عليه بنعمة فليحمد الله)
عليها لأنه يحط عنه غب الواجب ويصون نفسه عن الكفران
وترتبط به النعمة ويستمد المزيد وقيل الحمد والشكر قيد
للنعمة الموجودة وقيد للنعمة المفقودة (ومن استبطأ الرزق
فليستغفر الله) فإن الاستغفار يجلب الرزق وييسره {استغفروا
ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا} (ومن حزبه
أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله)
(هب) من حديث سعيد بن داود الزبيدي عن ابن أبي حازم عن عبد
العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه
(عن) جده (علي) أمير المؤمنين قال ابن أبي حازم وعبد
العزيز كنا جلوسا فدخل الثوري فقال له جعفر إنك رجل يطلبك
السلطان وأنا يتبعني السلطان فقم غير مطرود قال سفيان فحدث
لا قوم قال جعفر أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال فذكره ثم قام فناداه جعفر يا سفيان خذهن
ثلاث وأي ثلاث وأشار بأصبعيه اه. وظاهر صنيع المصنف أن
البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه ببيان حاله
فقال: تفرد به الزبيدي عنه والمحفوظ أنه من قول جعفر وقد
روي من وجه آخر ضعيف اه والزبيدي هذا أورده الذهبي في
الضعفاء وقالوا: ضعفه أبو زرعة وغيره وعبد العزيز قال أبو
زرعة يسيء الحفظ
(6/90)
8541 - (من أنعم الله عليه بنعمة فأراد
بقاءها فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله) تمامه عند
مخرجه الطبراني ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}
(طب عن عقبة بن عامر الجهني) قال الهيثمي: فيه خالد بن
نجيح وهو كذاب
(6/90)
8542 - (من أنفق نفقة في سبيل الله) أي في
جهاد أو غيره من وجوه القرب (كتبت له سبع مئة ضعف) أخذ منه
بعضهم أن هذا نهاية التضعيف ورد بآية {والله يضاعف لمن
يشاء}
(حم ت ن ك) كلهم في الجهاد (عن خزيم) بضم الخاء وفتح الزاي
المعجمتين بغير هاء (ابن فاتك) الأسدي شهد الحديبية وهو
خزيم بن الأخزم بن شداد بن عمرو بن فاتك نسبة لجده ولم يصح
أنه شهد بدرا قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي:
حسن وإنما يعرف من حديث الركين بن الربيع
(6/90)
[ص:91] 8543 - (من أهان قرشيا) القبيلة
المعروفة (أهانه الله) أي من أحل بأحد من قريش هوانا جازاه
الله بمثله وقابل هوانه بهوانه ولكن هوان الله أشد وأعظم
وجاء في رواية عند الطبراني عن أنس تقييده بقبل موته قال
الحرالي: والإهانة الإطراح إذلالا واحتقارا
(حم ك) في المناقب وكذا الطبراني وأبو يعلى والبزار كلهم
(عن عثمان) قال الهيثمي: رجالهم ثقات وفي الحديث قصة ورواه
الترمذي باللفظ المزبور وكأن المصنف ذهل عنه
(6/91)
8544 - (من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر
له) قال الطيبي: إنه لا إهلال أفضل وأعلى من ذلك لأنه أهل
من أفضل البقاع ثم انتهى إلى الأفضل أي مطلقا فلا غرو أن
يعامل معاملة الأفضل فيغفر له وهذا يستثنى من الأمر
بالإحرام من الميقات وتفضيله على الإحرام من دويرة أهله
لهذا الوعد العظيم وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث
بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند أبي داود " ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة " اه فحذفه غير جيد
(هـ عن أم سلمة) رمز لحسنه وفيه محمد بن إسحاق وفيه كلام
ولفظ رواية ابن ماجه فيما وقفت عليه " كانت كفارة لما
قبلها من الذنوب " ثم إن عزوه لابن ماجه يؤذن بأن تفرد به
عن الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أم
سلمة وكأن رمز المصنف بالهاء سبق قلم من الدال ثم إن فيه
يحيى بن سفيان الخنسي قال أبو حاتم: ليس يحتج به وقال
الذهبي: وثق وقال المنذري: اختلف فيه يعني في إسناده ومتنه
(6/91)
8545 - (من بات) يعني نام (على طهارة) من
الحدثين (ثم مات من ليلته) تلك (مات شهيدا) أي يكون من
شهداء الآخرة لأن النفوس تعرج الى الله في منامها فما كان
طاهرا سجد تحت العرش وما كان غير طاهر تباعد في سجوده هكذا
رواه الحكيم وغيره وفي رواية لا يؤذن له في السجود فإذا
بات طاهرا ومات تحت العرش حصل على ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الزمخشري: البيتوتة خلاف
الظلول وهي أن يدرك الليل نمت أو لم تنم والظاهر أن المراد
إحياء الليل أو أكثره فإن من لازمه الطهارة الحسية أو
المعنوية يقال فلان يظل صائما ويبيت قائما اه
(ابن السني عن أنس)
(6/91)
8546 - (من بات كالا من طلب) الكسب (الحلال
بات مغفورا له) لأن طلب كسب الحلال من أصول الورع وأساس
التقوى
(ابن عساكر عن أنس) بن مالك
(6/91)
8547 - (من بات) أي نام وعبر بالبيتوتة
لكون النوم غالبا إنما هو ليلا (على ظهر بيت) يعني مكان
(ليس عليه حجار) أي حائط مانع من السقوط والحجرة المنع وفي
رواية حجاب أي ستر تشبيه بالحجر الذي هو العقل المانع من
الوقوع في الهلكة وفي رواية حجاب بالباء وهو الذي يحجب
الإنسان من الوقوع وفي أخرى حجاز وهو ما حجز به من نحو
حائط يعني من نام على سطح لا سترة له تمنعه من السقوط
(فقد) تصدى للهلاك (برئت منه الذمة) أي أزال عصمة نفسه
وصار كالمهدر الذي لا ذمة له فربما انقلب من نومه فسقط
فمات هدرا من غير تأهب ولا استعداد للموت قال الزمخشري:
وذلك لأن لكل أحد ذمة من الله بالكلاءة فإذا ألقى بيده إلى
الهلكة فقد خذلته ذمة الله وتبرأت منه
(خد د) في الأدب (عن علي بن شيبان) الحنفي اليماني له
وفادة رمز لحسنه وفيه كما قال الذهبي: أبو عمران [ص:92]
الجوني لا يعرف وفيه عبد الرحمن بن علي هذا قال ابن
القطان: هو مجهول
(6/91)
8548 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده
غمر) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء: ريح لحم أو
دسمه أو وسخه زاد أبو داود ولم يغسله (فأصابه شيء) أي
إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه) لتعرضه لما
يؤذيه من الهوام بغير فائدة وذلك لأن الهوام وذوات السموم
ربما تقصده في المنام لريح الطعام فتؤذيه
(خد ت) في الزهد (ك) كلهم (عن أبي هريرة) وقضية تصرف
المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر
بخلافه بل رواه أبو داود قال ابن حجر: بسند صحيح على شرط
مسلم عن أبي هريرة رفعه من بات وفي يده غمر لم يغسله
فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه اه. فزاد على الترمذي قوله
ولم يغسله مع صحة إسناده فالقاعدة عندهم أن أبا داود مقدم
في العرف إليه على الترمذي فإهماله العزو إليه مع صحة
إسناده وزيادة متنه من سوء التصرف
(6/92)
8549 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده
ريح غمر) محركا (فأصابه وضح) بفتح الواو والضاد المعجمة
جميعا بعدهما حاء مهملة (فلا يلومن إلا نفسه) لتمكينه
الشيطان من نفسه بإتيانه ما يتجسس له به والوضح عبارة عن
سوء مزاج يحصل بسببه فساد بلغم يضعف القوة
(طس) وكذا البزار (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي:
إسناده حسن وسبقه لتحسينه المنذري
(6/92)
8550 - (من باع دارا ثم لم يجعل ثمنها في
مثلها لم يبارك له فيها) لأنها ثمن الدنيا المذمومة وقد
خلق الله الأرض وجعلها مسكنا لعباده وخلق الثقلين ليعبدوه
وجعل ما على الأرض زينة لهم {لنبلوهم أيهم أحسن عملا}
فصارت فتنة لهم {إلا من رحم ربك} فعصمه وصارت سببا للمعاصي
فنزعت البركة منها فإذا بيعت وجعل ثمنها متجرا لم يبارك له
في ثمنها ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهادا.
وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره
الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها فالبركة
مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه. قال الطيبي: وبيع الأراضي
وصرف ثمنها إلى أرض أو دار قال الحرالي: والبيع رغبة
المالك عما في يده إلى ما في يد غيره
(هـ) في الأحكام (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) بن اليمان
ورواه عنه أيضا الطبراني وغيره. قال الهيثمي: وفيه الصباح
بن يحيى وهو متروك ورواه عنه أحمد وغيره وفيه إسماعيل بن
إبراهيم بن مهاجر وقد ضعفوه ورواه عنه أيضا ابن ماجه عن
سعيد بن حريث من باع منكم دارا أو عقارا قمن - بالقاف - أن
لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله وقال المصنف: هذا متواتر
كذا قال
(6/92)
8551 - (من باع عيبا) أي معيوبا كضرب
الأمير مضروبه (لم يبينه) أي لم يبين البائع للمشتري ما
فيه من العيوب (لم يزل في مقت الله) أي غضبه الشديد والمقت
أشد الغضب (ولم تزل الملائكة تلعنه) لأنه غش الذي ابتاع
منه ولم ينصح قال الطيبي: قد تقرر في علم المعاني أن
المصدر إذا وضع موضع الفاعل أو المفعول كان للمبالغة كرجل
عدل أي هو مجسم من العدل جعل المعيب نفس العيب دلالة على
شناعة هذا البيع وأنه عين العيب ولذلك لم يكن من شيم
المسلمين كما قال في الحديث المتقدم: فإن غش فليس منا أو
يقدر ذا عيب والتنكير للتقليل وفي قوله في مقت الله
مبالغتان فإن المقت أشد الغضب وجعله ظرفا له. هذا ما وقفت
عليه في نسخ الكتاب وهو الموجود في المصابيح والمشكاة
وغيرهما والذي رأيته في سنن ابن ماجه من باع عبدا بعيب ولم
يبينه لم يزل في مقت الله اه. وأيا ما كان فيه من باع شيئا
فعلم أنه معيب يجب عليه وكذا على كل من علم به إعلام
المشتري بأن يريه إن أمكن رؤيته أو يخبره به إن لم [ص:93]
يمكن
(هـ) من حديث ابن سباع (عن واثلة) بن الأسقع قال أبو سباع:
اشتريت ناقة من دار واثلة فلما خرجت بها أدركني يجر رداءه
قال: اشتريت؟ قلت: نعم. قال: هل بين لك ما فيها؟ قلت: وما
فيها؟ إنها لظاهرة الصحة. قال: أردت بها لحما أو سفرا؟
قلت: بل الحج قال: فإن بخفها نقبا سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الوهاب بن الضحاك قال في
الكاشف: قال أبو داود: يضع الحديث وبقية وقد مر ومعاوية بن
يحيى قال في الكاشف: ضعفوه
(6/92)
8552 - (من باع الخمر فليشقص الخنازير) أي
يذبحها بالمشقص وهو نصل عريض يعني من استحل بيعها استحل
أكلها ولم يأمره بذبحها لكنه تحذير وتعظيم لإثم بائع الخمر
كذا قرره قوم. قال ابن العربي: وهذا حديث بديع لم يفهمه من
زعم أن معناه ذلك بل يربأ المرء بنفسه عن أن يضيفه إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من تكلف القول وضعف
الاستعارة والتغلغل على مبادىء الفصاحة وإنما معناه
فليبعضه وليجعله أشقاصا فيقول منه حلال ومنه حرام وذلك
لأنه تعالى حرم شرب الخمر فمن أراد أن يبعض حالها فيجعل
الشرب وحده حراما ويجيز البيع فليفعل كذلك في الخنزير فإنه
لا فرق بين الحالين والذاتين والحكمين وأخاف أن يدخل فيه
من قال: إن شقصا منه وهو الشعر حلال وهذا مما وهم فيه من
رأيته تعرض لتأويله وهذا الباب الحق
(حم د عن المغيرة) بن شعبة رمز المصنف لصحته
(6/93)
8553 - (من باع عقر دار من غير ضرورة) قال
في الفردوس: عقر الدار بفتح العين أصلها (سلط الله على
ثمنها تالفا يتلفه) لما سبق تقريره ولأن الإنسان يطلب منه
أن يكون له آثار في الأرض فلما محى أثره ببيعها رغبة في
ثمنها جوزي بفواته (1) قال في الكاشف: أخذ معاوية في إحياء
أرض في آخر أمره فقيل له: ما حملك على هذا؟ فقال: ما حملني
عليه إلا قول القائل:
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به. . . ولا يكون له في الأرض
آثار
وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار
وعمروا مع ما فيهم من العسف فسأل بعض الأنبياء ربه عن سبب
تعميرهم فأوحى الله إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي
(طس عن معقل بن يسار) قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم
منهم عبد الله بن يعلى الليثي رمز لحسنه وفيه علي بن عثمان
اللاحقي قال في الميزان: عن أبي خراش فيه خلاف ورده في
اللسان بتوثيق ابن حبان وجعفر بن حرب أورده في الميزان
وقال من كبار المعتزلة
_________
(1) وهذا مشاهد. فالإنسان لا يزال ينتفع بعقاره ويحصل له
ريعه ما دام باقيا فإذا باعه تصرم ثمنه
(6/93)
8554 - (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له)
أي لا يحصل له الثواب الموعود للمضحي على أضحيته (1) قال
ابن الكمال: والأضحية اسم لما يذبح في أيام النحر تقربا
إلى الله
(ك) في التفسير (هق) كلاهما من حديث عبد الله بن عياش عن
الأعرج (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي في
التلخيص فقال ابن عياش ضعف وقد خرج له مسلم
_________
(1) فبيع جلدها حرام وكذا إعطاؤه للجزار وللمضحي الانتفاع
به كما في الأضحية المندوبة دون الواجبة بنحو نذر
(6/93)
8555 - (من بدأ بالسلام) على من لقيه أو
دخل عليه (فهو أولى بالله ورسوله (1)) لأن السلام شرع لهذه
الأمة ليأمن [ص:94] بعضهم بعضا ويسلم بعضهم من بعض في الدم
والمال والعرض ومن ثم قال الصديق: السلام أمان للعباد فيما
بينهم فأولاهم بالله أوفرهم حظا من أن يأمنه الناس ويسلموا
منه
(حم عن أبي أمامة) الباهلي وفيه عبد الله بن زحر أورده
الذهبي في الضعفاء وقال: له صحيفة واهية عن علي بن يزيد
_________
(1) يحتمل أن المراد أولى بأمان الله وأمان رسوله أي أولى
بأن يرد عليه من سلم عليه ويؤمنه لأن السلام معناه الأمان
فيجب الرد والله أعلم بمراد نبيه
(6/93)
8556 - (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا
تجيبوه (1)) لما تقرر أنه مأمن من للعباد فيما بينهم فمن
أهمله وبدأ بالكلام فقد ترك الحق والحرمة فحقيق أن لا يجاب
وجدير بأن يهان ولا يهاب قال في التجنيس وغيره: هذا في
الفضاء فيسلم أولا ثم يتكلم وأما في البيوت فيستأذن فإذا
دخل سلم لقوله سبحانه وتعالى {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم
حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} فأمر بالاستئذان قبل
السلام
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه هارون بن محمد
أبو الطيب وهو كذاب (حل) من حديث هشام بن عبد الملك عن
بقية عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع (عن ابن عمر) ثم
قال: غريب من حديث عبد العزيز لم نكتبه إلا من حديث بقية
_________
(1) فيه الحث على السلام والزجر عن تركه
(6/94)
8557 - (من بدأ) بدال مهملة قال الزمخشري:
بدوت أبدو إذا أثبت البدو وفيه قيل لأهل البادية بادية
(جفا) أي من سكنها صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه وانفراده
وغلظ طبعه لبعده عن لطف الطباع ومكارم الأخلاق فيفوته
الأدب ويتبلد ذهنه ويقف عن فهم دقيق المعاني ولطيف البيان
فكره
(حم عن البراء) بن عازب رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله ثقات
وأعاده في موضع آخر ثم قال: رجاله رجال الصحيح غير الحسن
بن الحكم النخعي وهو ثقة اه ورواه أبو داود والترمذي
(6/94)
8558 - (من بدا جفا) أي من قطن بالبادية
صار فيه جفاء الأعراب (ومن اتبع الصيد غفل) بفتحات أي من
شغل الصيد قلبه وألهاه صارت فيه غفلة (1) قال الزمخشري:
وليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش يعم الجن فمن
تعرض لها خلبلته وغفلته اه (ومن أتى أبواب السلطان افتتن)
زاد في رواية أحمد وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا
ازداد من الله بعدا اه. وذلك لأن الداخل عليهم إما أن
يلتفت إلى تنعمهم فيزدري نعمة الله عليه أو يهمل الإنكار
عليهم مع وجوبه فيفسق فتضيق صدورهم بإظهار ظلهم وبقبيح
فعلهم وإما أن يطمع في دنياهم وذلك هو السحت. قال عمار بن
ياسر لعلي: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ماذا
بني؟ قال علي: أربع دعائم الجفاء والعمى والغفلة والشك فمن
جفا احتقر الحق وجهر بالباطل ومقت العلماء ومن عمي نسي
الذكر ومن غفل حاد عن الرشد وغرته الأماني فأخذته الحسرة
والندامة وبدا له من الله ما لم يحتسب. وقضية صنيع المصنف
أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تعقبه وما ازداد
عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه ظاهر حال صنيع المؤلف أنه لم
يره لأحد أعلى من الطبراني ولا أحق بالعزو وهو عجيب فقد
خرجه باللفظ المزبور أحمد عن أبي هريرة وعن ابن عباس قال
المنذري والهيثمي: وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح خلا
الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة اه وفي مسند الطبراني وهب
بن منبه أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مشهور ضعفه
الفلاس
_________
(1) والظاهر أن المراد غفل عن الذكر والعبادة. والظاهر أن
الاكتساب بالاصطياد مفضول بالنسبة لبقية المباحات
(6/94)
[ص:95] 8559 - (من بدل دينه) أي انتقل من
الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر وأصر (فاقتلوه) أي بعد
الاستتابة وجوبا كما جاء في بعض طرق الحديث عن علي وهذا
عام خص منه من بدل دينه في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في
الظاهر لأنه يجري على إحكام الظاهر ومن بدل دينه في الظاهر
مكرها وعمومه يشمل الرجل وهو إجماع والمرأة وعليه الأئمة
الثلاثة ويهودي تنصر وعكسه وعليه الشافعي ومالك في رواية
وقال أبو حنيفة: لا تقتل المرأة ولأن من شرطية لا تعم
المؤنث للنهي عن قتل النساء كما لا تقتل في الكفر الأصلي
لا تقتل في الطارىء ولا في المنتقل لأن الكفر ملة واحدة
<تنبيه> هذا الحديث مثل به أصحابنا في الأصول إلى ما ذهبوا
إليه من أن مذهب الصحابي لا يخصص العام فإن الحديث من
رواية ابن عباس مع قوله إن المرتدة لا تقتل
(حم خ 4 عن ابن عباس) قال ابن حجر: واستدركه الحاكم فوهم
(6/95)
8560 - (من بر والديه طوبى له زاد الله في
عمره) قال الحكيم: زيادة العمر في هذا ونحوه على وجهين
أحدهما البركة فالقصير من العمر إذا احتشى من أعمال البر
أربى على كثير. الثاني أنه تعالى قدر الآجال والأرزاق
والحظوظ بين أهلها ثم أثبت ذلك في أم الكتاب الذي عنده لا
يطلع عليه أحد فما في أم الكتاب لا زيادة فيه ولا نقص وما
في صحف الملائكة يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء بالإحداث
التي تكون من أهلها في الأرض
(خد ك) في البر والصلة (عن معاذ بن أنس) قال الحاكم: صحيح
وأقره الذهبي ورواه أيضا أبو يعلى قال الذهبي: ورجاله ثقات
إلا زياد بن قائد ففيه خلاف وقال المنذري: رواه الطبراني
وأبو يعلى والحاكم كلهم من طريق زياد بن قائد
(6/95)
8561 - (من بلغ) وفي راوية أبي نعيم من ضرب
(حدا في غير حد فهو من المعتدين) أي من توجه عليه تعزير
وجب على الحاكم أن لا يبلغ به الحد بأن ينقص عن أقل حدود
المعزر فمتى جاوز ذلك فهو من المعتدين الآثمين الذين أخبر
الله سبحانه أنه لا يحبهم فيجب أن ينقص في العبد عن عشرين
جلدة ونصف سنة في الحبس والتعزيب وفي الحر عن أربعين وسنة
(هق عن النعمان بن بشير) ثم قال البيهقي: المحفوظ مرسل
(6/95)
8562 - (من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق
بها لم ينلها) أي لم يعطه الله إياها وإن أعطيها حرم من
ذوق ما أنكره ولهذا قال الصوفية: كل من أنكر شيئا على
القوم بغير دليل عوقب بحرمان ما أنكره فلا يعطيه الله له
أبدا والفضيلة ما يفضل به الشيء على غيره يقال لفلان فضيلة
أي خصلة حميدة وفي حديث الديلمي عن جابر من بلغه عن الله
عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ بها إيمانا رجاء ثوابه أعطاه
الله ذلك وإن لم يكن كذلك
(طس عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي:
وفيه بزيغ أبو الحليل وهو ضعيف اه. وحكم ابن الجوزي بوضعه
بعد ما أورده من حديث أنس هذا وقال: فيه يزيغ متروك ومن
حديث جابر وقال: فيه البياضي كذاب وإسماعيل بن يحيى كذاب
اه. وأقره المصنف وفي المقاصد عن ابن حجر هذا لا يصح
(6/95)
8563 - (من بنى) بنفسه أو بنى له بأمره
(لله مسجدا) أي محلا للصلاة يعني وقفه لذلك فخرج الباني
بالأجرة كما يرشد إليه السياق ونكره ليشيع فيشمل الكبير
والصغير وبه صرحت رواية الترمذي وإطلاق البناء غالبي فلو
ملك بقعة لا بناء بها أو كان يملكه بناء فوقفه مسجدا صح
نظرا للمعنى (بنى الله له) إسناد البناء إليه سبحانه مجاز
وأبرز الفاعل [ص:96] تعظيما وافتخارا ولئلا تتنافر الضمائر
أو يتوهم عوده لباني المسجد (بيتا في الجنة) متعلق ببنى
وفيه أن فاعل ذلك يدخل الجنة إذ القصد ببنيانه له إسكانه
إياه
(م عن علي) أمير المؤمنين ظاهره أن هذا مما لم يتعرض أحد
الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد خرجاه معا عن عثمان في
الصلاة كما عزاه لهما الصدر المناوي وغيره والعجب أن
المصنف نفسه عزاه لهما معا في الأحاديث المتواترة وعد هذا
منها
(6/95)
8564 - (من بنى مسجدا) التنكير للشيوع
فيشمل الصغير والكبير وزاد الترمذي في روايته لسمويه من
بنى لله بيتا وفي رواية لابن ماجه من بنى الله مسجدا يذكر
فيه اسم الله (يبتغي به وجه الله) أي يطلب به رضاه وهو
بمعنى حديث الطبراني لا يريد به رياء ولا سمعة وأيا ما كان
فالمراد الإخلاص وقد شدد الأئمة في تحريمه حتى قال ابن
الجوزي: من كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص
وقول بعض الشراح ومعنى يبتغي به وجه الله يطلب به ذات الله
فإن بناه بقصد الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يقدح في
إخلاص الباني وابتغاء وجه الله أمر زائد هو أعلى وأجل من
ذلك فلا يلائم سياق قوله (بنى الله له مثله في الجنة) ولو
كان المراد ذلك لقيل في الجواب أعطاه الله مطلوبه أو تفضل
عليه بالنظر إليه الذي وقع البناء لأجله وبقصده. فان قلت:
ما الحكمة في اقتصاره في الحديث المار على الإضافة لله
واقتصاره هنا على لفظ الابتغاء؟ قلت: قد سمعت أن المراد
النص على شرطية الإخلاص وبإضافته إلى الله تعالى في الخبر
الأول علم ذلك ولما لم يذكر لفظ الجلالة في الثاني احتاج
إلى إلحاق القيد. وقوله مثله أي بنى مثل المسجد في الشرف
ولا يلزم كون جهة الشرف متحدة فإن شرف المساجد في الدنيا
بالتعبد فيها وشرف ذلك البناء في جهة الحسن الحسنى أو
المراد بيان وصف ذلك البيت ويكون له عشر بيوت في الجنة أو
لفظ المثل يراد به الإفراد فلا يمتنع كون الجزاء أبنية
متعددة هي عشر مثله فلا وجه للاستشغاب بأن الحسنة بعشرة
أمثالها على أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة بحسب
الكيفية فكم من بيت خير من عشر بل مئة بل ألف؟ أما سمعت
خبر موضع شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها؟ وهنا أجوبة
غير مرضية
(حم ق ت ن هـ) من حديث عبيد الله الخولاني (عن عثمان) بن
عفان ذكر الخولاني أنه سمع عثمان يقول عند قول الناس فيه
حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم قد أكثرتم
وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(6/96)
8565 - (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص) وفي
رواية مثل مفحص (قطاة) حمله الأكثر على المبالغة لأن
مفحصها بقدر ما تحفره (لبيضها) وترقد عليه وقدره لا يكفي
للصلاة فيه وزعم أن المراد بالمسجد محل السجود فحسب يأباه
لفظ بنى لإشعاره بوجود بناء حقيقي أو ما في معناه قال ابن
حجر: لكن لا تمنع إرادة الآخر مجازا إذ بناء كل شيء بحسبه
وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها
إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا يكون أكثر من
قدر محل السجود وقال الزركشي: لو هنا للتقليل وقد عده من
معانيها ابن هشام الخضراوي وجعل منها اتقوا النار ولو بشق
تمرة والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لولا منها (بنى
الله له بيتا في الجنة) إن كان قد بنى المسجد من حلال كما
جاء مصرحا به في رواية البيهقي عن أبي هريرة ولفظه من بنى
لله بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتا في
الجنة من در وياقوت اه. وهذا من أعظم أنواع الإعظام
والإكرام لإيذائه بأنه مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبنى
وأنه عند الله بمكان جليل يبنى له بدار القرار بجوار
الغفار
<تنبيه> قال الزركشي: خص القطاة بالذكر دون غيرها لأن
العرب تضرب به المثل في الصدق ففيه رمز إلى المحافظة على
الإخلاص في بنائه والصدق في إنشائه
(حم) وكذا البزار عن أنس قال الهيثمي: فيه جابر الجعبي
ضعيف
(6/96)
8566 - (من بنى لله مسجدا بنى الله له في
الجنة أوسع منه) فيه إشعار بأن المثلية لم يقصد بها
المساواة من كل وجه وفيه [ص:97] إيذان بدخول فاعل ذلك
الجنة إذ القصد بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا بعد
الدخول
<فائدة> قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على مسجد بناه كان
بعيدا من الإخلاص قال غيره: ومن بناه بالأجرة لا يحصل له
هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة
كما أشار إليه الحديث السابق إن الله يدخل بالسهم الواحد
الحديث وبحث بعضهم أنه يدخل في الثواب المذكور من حوط على
بعضه وجعله مسجدا بغير بناء ومن يملك نحو بيت فوقفه مسجدا
نظرا للمعنى وحقيقة البناء إنما هي المباشرة لكن المعنى
يقتضي دخول الأمر به وإسناد البناء إلى الله مجاز وإبراز
الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو
يتوهم عوده على باني المسجد
(طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد
ضعف ورواه أيضا أحمد عن ابن عمرو بفتح العين. قال الزين
العراقي: وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال
(6/96)
8567 - (من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه
كان عليه وبالا يوم القيامة) ومن ثم مات رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة
وقيل في قوله تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا
يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} أنه الرياسة والتطاول في
البناء. قال القونوي: اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها
مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا
الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقا فالأحوال والقرائن
تخصصه وذلك أن بناء المسجد والربط ومواضع التعبد يؤجر
الباني عليها اتفاقا فالمراد هنا إنما هو البناء الذي لم
يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء
والسمعة وإذا كان كذلك فهمة الباني وقصده لا يتجاوز هذا
العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ولا نتيجة في الآخرة لأنه لم
يقصد بما فعله أمرا وراء هذه الدار ففعله عرض زائل لا ثمرة
له ولا أجر
(هب عن أنس) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه مشهور
والضحاك بن حمزة قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي: غير
ثقة
(6/97)
8568 - (من بنى) بناء (فوق ما يكفيه) لنفسه
وأهله على الوجه اللائق المتعارف لأمثاله (كلف يوم القيامة
أن يحمله على عنقه) أي وليس بحامل فهو تكليف تعجيز كما مر
نظيره
<تنبيه> قال حجة الإسلام: من أبواب الشيطان ووساوسه حب
التزين في البناء والثياب والأثاث فإن الشيطان إذا رأى ذلك
غالبا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال يدعوه إلى
عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه
إلى التزين بالأثواب والدواب ويسخره فيها طول عمره وإذا
أوقعه فيها استغنى عن معاودته فإن بعض ذلك يجره لبعض فلا
يزال يدرجه من شيء إلى شيء حتى يساق إليه أجله فيموت وهو
في سبيل الشيطان واتباع الهوى
(طب حل عن ابن مسعود) قال في الميزان: هذا حديث منكر وقال
الحافظ العراقي: إسناده فيه لين وانقطاع
(6/97)
8569 - (من بنى) بناء وجعل ارتفاعه (فوق
عشرة أذرع ناداه مناد من السماء) أي من جهة العلو والظاهر
أنه من الملائكة (يا عدو الله إلى أين تريد) أغفل المصنف
من خرجه وعزاه في الدرر إلى الطبراني
(عن أنس) وفيه الربيع بن سليمان [ص:98] الجيري أورده
الذهبي في ذيل الضعفاء وقيل كان فقيها دينا لم يتقن السماع
من ابن وهب
(6/97)
8570 - (من تاب) أي رجع عن ذنبه بشرطه (قبل
أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) أي قبل توبته
ورضيها فرجع متعطفا عليه برحمته وذلك لأن العبد إذا جاء في
الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه قابله الله بالعفو
والتجاوز وفيه تطبيب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث
عليها وردع عن اليأس والقنوط وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه
أجل وكرمه أعظم وقوله تاب الله عليه كناية عن قبول توبته
لأن قبوله مستلزم لتعطف الله وترحمه عليه وقوله قبل أن
تطلع حد لقبول التوبة ولها حد آخر وهو وقوعها قبل الغرغرة
كما في الحديث الآتي ولصحتها شروط مبينة في الأصول والفروع
(م) في الدعوات (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري
(6/98)
8571 - (من تاب إلى الله قبل أن يغرغر) أي
يأخذ في حالة النزع (قبل الله منه) توبته ومن قبل توبته لم
يعذبه أبدا قال الكلاباذي: ومعلوم أن هذا وقت لا يتلافى
فيه ما فات فتوبته الندم بالقلب والاستغفار باللسان أما
حال الغرغرة فلا تقبل توبته ولا ينفذ تصرفه لقوله تعالى
{فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} لأن الاعتبار إنما
هو بالإيمان بالغيب
(ك) في التوبة (عن رجل) من الصحابة ولم يصححه ولا ضعفه
(6/98)
8572 - (من تأنى أصاب أو كاد) أن يصيب أي
قارب الإصابة (ومن عجل أخطأ أو كاد) أن يخطىء لأن العجلة
شؤم الطبع وجبلة الخلق فجاء المشرع بضد الطبع وكفه وجعل في
التأني اليمن والبركة فإذا ترك شؤم الطبع وأخذ بأمر الشرع
أصاب الحق أو قارب لتعرضه لرضى ربه قال الغزالي: الاستعجال
هو الخصلة المفوتة للمقاصد الموقعة في المعاصي ومنها تبدو
آفات كثيرة وفي المثل السائر إذا لم تستعجل تصل قال:
قد يدرك المتأني بعض حاجته. . . وقد يكون مع المستعجل
الزلل
ومن آفاته أنه مفوت للورع فإن أصل العبادة وملاكها الورع
والورع أصله النظر البالغ في كل شيء والبحث التام عن كل
شيء هو بصدده فإن كان المكلف مستعجلا لم يقع منه توقف ونظر
في الأمور كما يجب ويتسارع إلى كل طعام فيقع في الزلل
والخلل
(طب) وكذا في الأوسط (عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رواه
عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وضعفه النسائي وفيه
ابن لهيعة
(6/98)
8573 - (من تأهل من بلد) أي تزوج بها يعني
ونوى إقامة أربعة أيام صحاح (فليصل صلاة المقيم) أي فيتم
الصلاة ولا يجوز له القصر لأنه صار مقيما
(حم عن عثمان) بن عفان قال الهيثمي: فيه عكرمة بن إبراهيم
وهو ضعيف وسببه أنه لما حج صلى بمنى أربع ركعات فأنكر عليه
الناس فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. قال
الهيثمي: وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وقال الحافظ في
الفتح: هذا الحديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج
به قال: ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان ولا
جائز أن يتأهل فدل على وهاه هذا الخبر والمنقول أن إتمام
عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا وأما
من أقام بمكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم اه
(6/98)
8574 - (من تبتل) أي تخلى من النكاح وانقطع
عنه كما يفعل رهبان النصارى (فليس منا) أي ليس على سنتنا
وطريقتنا لكونه ترك ما علم أن الشارع نظر إليه من تكثير
الأمة والمباهاة بها
(عب عن أبي قلابة) بكسر القاف وخفة اللام: عبد الله بن زيد
الجرمي (مرسلا)
(6/98)
[ص:99] 8575 - (من تبع) وفي رواية من شيع
(جنازة وحملها ثلاث مرار) في رواية مرات (فقد قضى ما عليه
من حقها) يحتمل أن المراد بالحمل ثلاثا أنه يحمل حتى يتعب
فيترك ثم هكذا ثم هكذا. وتعلق بهذا الخبر من ذهب إلى أن
السنة المشي خلف الجنازة لأن التابع والمشيع إنما يكون من
خلف قلنا ليس هكذا بل يكون معه وأمامه وخلفه وليس له من
هذا اللفظ موضع مخصوص بل الكل محتمل فخص أحد المواضع
المحتملة فعل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
والخليفتين بعده من المشي أمامها لأنه شافع والشافع يتقدم
(ت) في الجنائز (عن أبي هريرة) وقال: غريب قال: فيه أبو
المهزم يزيد بن سفيان ضعفه شعبة اه. وقال ابن الجوزي: حديث
لا يصح والمتهم به أبو المهزم. وقال النسائي: هو متروك
الحديث
(6/99)
8576 - (من تتبع ما يسقط من السفرة) فأكله
تواضعا واستكانة وتعظيما لما رزقه الله وصيانة له عن التلف
(غفر له) لتعظيمه المنعم بتعظيم ما أنعم به عليه والمراد
الصغائر دون الكبائر وهو قياس النظائر
(الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن عبد الله بن أم
حرام) بحاء وراء مهملتين
(6/99)
8577 - (من تحلم) بالتشديد أي تكلف الحلم
بأن زعم أنه حلم حلما أي رأى رؤيا في حال كونه (كاذبا) في
دعواه أنه رأى ذلك في منامه (كلف) بضم الكاف وشد اللام
المكسورة (يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين) بكسر العين
تثنية شعيرة (ولن) يقدر أن (يعقد بينهما) لأن اتصال أحدهما
بالأخرى غير ممكن عادة فهو يعذب حتى يفعل ذلك ولا يمكنه
فعله فكأنه يقول يكلف ما لا يستطيعه فيعذب عليه فهو كناية
عن تعذيبه على الدوام ولا دلالة فيه على جواز التكليف بما
لا يطاق لأنه ليس في دار التكليف ووجه اختصاص الشعير بذلك
دون غيره لما في المنام من الشعور وبما دل عليه فحصلت
المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق وإنما شدد الوعيد على ذلك
مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ يكون
شهادة في قتل أو حد لأن الكذب في النوم كذب على الله تعالى
لأن الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزائها فهو منه
تعالى والكذب على الخالق أقبح منه على المخلوق
(ت هـ عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرج في
الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول بل هو في البخاري في التعبير
ولفظه من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن
يفعل اه
(6/99)
8578 - (من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة) أي
من تجاوز رقابهم بالخطو إليها (اتخذ) ببنائه للفاعل (جسرا
إلى جهنم (1)) [ص:100] أي اتخذ لنفسه جسرا يمر عليه إلى
جهنم بسبب ذلك أو للمفعول أي يجعل جسرا يمر عليه من يساق
لجهنم جزاء لكل بمثل عمله وضعفه التوربشتي قال الزين
العراقي: والمشهور في رواية هذا الحديث اتخذ ببنائه
للمفعول بضم التاء وكسر الخاء بمعنى أنه يجعل جسرا على
طريق جهنم ليوطأ ويتخطى كما يتخطى رقاب الناس قال: ويجوز
بناءه للفاعل والأول أظهر وأوفق للرواية وقد ذكره الديلمي
بلفظ من تخطى رقبة أخيه المسلم جعله الله يوم القيامة جسرا
ممتدا إلى جهنم اه. والتخطي حرام في بعض صوره ومكروه في
بعضها ومحل التفصيل كتب الفروع
(حم ت هـ عن معاذ بن أنس) قال الترمذي: غريب ضعيف فيه
رشدين بن سعد ضعفوه اه وتبعه عبد الحق
_________
(1) وظاهر الحديث أن التخطي حرام وقال شيخ الإسلام في شرح
البهجة: وإذا قلنا بالكراهة أي كراهة التخطي فكلام الشيخين
يقتضي أنها كراهة تنزيه واعتمده الرملي وهذا في غير إمام
أو رجل صالح لأن الصالح بتبرك به ولا يتأذى الناس بتخطيه
وألحق بعضهم بالصالح الرجل العظيم ولو في الدنيا قال: لأن
الناس يتسامحون بتخطيه ولا يتأذون به وواجد فرجة لا يصلها
إلا بالتخطي ولم يرج سدها فلا يكره له وإن وجد غيرها
لتقصير القوم بإخلائها لكن يسن له إن وجد غيرها أن لا
يتخطى فإن رجا سدها كأن رجا أن يتقدم أحد إليها إذا أقيمت
الصلاة كره وقيد بعضهم جواز التخطي للفرجة برجل أو رجلين
(6/99)
8579 - (من تخطى الحرمتين) أي تزوج محرمه
كزوجة أبيه بعقد (فخطو وسطه بالسيف) أي اضربوه به والمراد
اقتلوه فليس المراد السيف بعينه بل القتل وجعل السيف عبارة
عنه لأنه يكون ثمة غالبا فتمسك ابن القيم بظاهره وزعمه أن
فيه دلالة على القتل بالتوسيط لا اتجاه له وهذا قاله فيمن
تزوج امرأة أبيه بعقد على صورة الشرع قال ابن جرير: وإنما
كان متخطئا حرمتين لأنه جمع بين كبيرتين إحداهما عقد نكاح
على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله {ولا
تنكحوا ما نكح آباؤكم} والثانية إتيانه فرجا محرما عليه
وأعظم من ذلك إقدامه عليه بمشهد من المصطفى صلى الله عليه
وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الشارع العقد عليها
بكل حال ونص عليه في كتابه نصا لا يقبل تأويلا ولا شبهة
ففعله دليل على تكذيبه لمحمد فيما جابه عن الدين وجحود
الحكمة في تنزيله فإن كان قد أسلم فهو ردة وإن كان له عهد
فإظهاره لذلك نقص فمن ثم أمر بقتله بالسيف فقتله بالسيف
ليس لكونه زنا فحسب فسقط الاعتراض بأن حد الزنا المنصوص
عليه في الكتاب إنما هو رجم المحصن وجلد غيره ولم يخص ذلك
بالعزاب دون المحارم ثم قال ابن جرير: الحديث مبين لخطأ من
زعم أنه لو تزوج مسلم محرمة كأخته ثم وطئها عالما عامدا
فالعقد شبهة تدرء الحد فتوجب المهر هذا كلام الإمام ابن
جرير وقد رأيت في سبب الحديث من كلام الراوي نفسه ما
يخالفه وهو أن الحديث إنما ورد في رجل أكره أخته فزنا بها
وفي معجم الطبراني عن صالح بن راشد أن الحجاج أتى برجل
اغتصب أخته نفسها فقال: احبسوه واسألوا من هنا من الصحابة
فسألوا عبد الله بن مطرف فقال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول من تخطى الحرمتين فخطوا وسطه بالسيف ثم
كتبوا بذلك إلى ابن عباس فكتب إليهم بمثله اه وفي مصنف ابن
أبي شيبة من طريق بكر بن عبد الله المزني أتي الحجاج برجل
قد وقع على ابنته فذكره. وقد اختلف العلماء فيمن وطىء
محرمه على أقوال: الأول أنه زنا فيحد له وهو قول الشافعي
ومالك الثاني يقتل وهو قول أحمد الثالث يدرء عنه الحد إن
تزوج بشهود وهو قول أبي حنيفة وأقاموا عليه القيامة وحاصل
ما عليه الشافعي ومالك أنه إن استحل كفر وإلا فكالزنا
(طب هب عن عبد الله بن أبي مطرف) بضم أوله وفتح ثانيه وشد
الراء المكسورة الأزدي قال الذهبي: شامي يروى له حديث لا
يثبت قاله البخاري وقضية كلام المصنف أن البيهقي خرجه
وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بأن البخاري قال: عبد الله
بن مطرف له صحبة ولم يصح إسناده اه بنصه ولما عزى الهيثمي
الحديث للطبراني قال: وفيه رندة بن قضاعة عن الأوزاعي وثقه
هشام بن عمار وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات اه
(6/100)
8580 - (من تخطى حلقة قوم) بسكون اللام
(بغير إذنهم) أي ولم يعلم رضاهم (فهو عاص) أي آثم
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير وهو
متروك
(6/100)
8581 - (من تداوى بحرام كخمر (1) لم يجعل
الله فيه شفاء) فإن الله لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم
عليها كما ورد في حديث [ص:101] {ويسألونك عن الخمر والميسر
قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} والمحرم وإن أثر في إزالة
المرض لكن يعقبه أمراض قلبية ومن شرب الخمر للتداوي أثم.
نعم يجوز التداوي بمعجون بخمر ولو لتعجيل شفاء بشرط إخبار
طبيب مسلم أو معرفة المتداوي وعدم ما يقوم مقامه
(أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة)
_________
(1) أو غيره من سائر الأعيان النجسة مع وجود طاهر يقوم
مقامه
(6/100)
8582 - (من ترك الجمعة) ممن تلزمه (من غير
عذر) وهو من أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدينار) أي
مثقال إسلامي (فإن لم يجد فبنصف دينار) فإن ذلك كفارة
الترك والأمر للندب لا للوجوب
(حم د ن هـ حب ك) من حديث قدامة (عن سمرة) بن جندب قال ابن
الجوزي: حديث لا يصح قال البخاري: لا يصح سماع قدامة من
سمرة وقال أحمد: قدامة لا يعرف اه. وقال الدميري: حديث
منقطع مضطرب وذكر نحوه ابن القيم
(6/101)
8583 - (من ترك الجمعة بغير عذر) وهو من
أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدرهم) فضة (أو نصف درهم
أو صاع أو مد) وفي رواية أو نصف صاع وفي أخرى أو نصف مد
وقد وقع التعارض بين هذا الحديث وما قبله ويمكن أن يقال في
الجمع إن هذا بالنسبة لأصل السنة وأما كماله فلا يحصل إلا
بما ذكر في الأول
(هق عن سمرة) بن جندب قال الدميري: اتفقوا على ضعف هذه
الروايات كلها وقول الحاكم حديث ضعيف مردود وهذا مع ما
قبله اضطراب يضعف لأجله
(6/101)
8584 - (من ترك اللباس) أي لبس الثياب
الحسنة وفي رواية ترك ثوب جمال (تواضعا لله تعالى) أي لا
ليقال إنه متواضع أو زاهد ونحوه والناقد بصير (وهو يقدر
عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق) أي يشهره
بين الناس ويباهي به ويقال هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة
الحميدة (حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) ومن ثم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف ويعتقل الشاة وفي
رواية لأحمد من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه
تواضعا لله تعالى والباقي سواء قال أبو البقاء: أن يلبس
مفعول ترك أي ترك لبس صالح الثياب وهو يقدر جملة في موضع
الحال وتواضعا يجوز كونه مفعولا له أي للتواضع وكونه مصدرا
في محل الحال أي متواضعا اه ثم هذا إشارة إلى أن الجزاء من
جنس العمل وأن التواضع الفعلي مطلوب كالقولي وهذا من أعظم
أنواع التواضع لأنه مقصور على نفس الفاعل فمقاساته أشق
بخلاف التواضع المتعدي فإنه خفض الجناح وحسن التخلق
ومزاولته أخف على النفس من هذا لرجوعه لحسن الخلق لكن
بزيادة نوع كسر نفس ولين جانب ولما أرادوا أن يغيروا زي
عمر عند إقباله على بيت المقدس زجرهم وقال: إنا قوم أعزنا
الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره
<تنبيه> عرف بعضهم التواضع بأنه الخضوع لغة وعرفا بأنه حط
النفس الى ما دون قدرها واعطاؤها من التوقير أقل من
استحقاقها
(ت ك) في الإيمان واللباس (عن معاذ بن أنس) وأقره الذهبي
في باب الإيمان وضعفه في باب اللباس فقال: عبد الرحيم بن
ميمون أحد رواته ضعفه ابن معين اه وأورده ابن الجوزي في
العلل وأعله به
(6/101)
8585 - (من ترك صلاة) أي من الخمس عامدا
عالما بغير عذر (لقي الله وهو عليه غضبان) أي مستحقا
لعقوبة المغضوب [ص:102] عليهم فإن شاء رضي عليه وسامحه وإن
شاء عذبه وشاححه قال الطيبي: إذا أطلق الغضب على الله حمل
على الغاية وهي إرادة الانتقام فترك الفريضة أو تفويتها
بلا عذر كبيرة فإن لازم تركها ومات على ذلك فهو من
الأشقياء الخاسرين إلا أن يدركه عفو الله
<تنبيه> قال القيصري: الوجود كله بأجزائه مصل لله بدوام
وجود الوجود لا ينفك عن الصلاة فإنه في مقام العبودية لله
فمن حقق النظر رأي الوجود كله باطنا وظاهرا مصليا فمن ترك
الصلاة فقد خالف الخليقة كلها ولذلك يحشر مع فرعون وهامان
كما جاء في بعض الأخبار
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه سهل بن محمود ذكره ابن
أبي حازم وقال: لم يرو عنه إلا الدورقي وسعدان وبقية رجاله
رجال الصحيح
(6/101)
8586 - (من ترك صلاة العصر) أي متعمدا كما
في الرواية الآتية (حبط) وفي رواية البخاري فقد حبط بكسر
الموحدة (عمله) أي بطل كمال ثواب عمله يومه ذلك. وأخذ
بظاهره المعتزلة فأحبطوا الطاعة بالمعصية وخص العصر لأنها
مظنة التأخير بالتعب من شغل النهار أو لأن فوتها أقبح من
فوت غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها
على القول المنصوص قال ابن تيمية: وهي التي عرضت على من
قبلنا فضيعوها فالمحافظ عليها له الأجر مرتين وهي التي لما
فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل وهي خاتمة فرائض النهار
وبفوتها يصير عمل نهاره أبتر غير كامل الثواب فتعبيره
بالحبوط وهو البطلان ليس للتقريع والتهويل فحسب كما ظن
وسلف في شرح خبر الذي تفوته صلاة العصر ما له تعلق بذلك
قال الحرالي: والإحباط من الحبط وهو فساد في الشيء الصالح
يفسده عن وهم صلاحه اه
(حم خ ن) كلهم في الصلاة (عن بريدة) بضم الموحدة وفتح
الراء وسكون التحتية ودال مهملة ابن الحصيب بحاء فصاد
مهملتين ولم يخرجه مسلم
(6/102)
8587 - (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر
جهارا) أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن ينخلع عن
الإيمان بانحلال عروته وسقوط عماده كما يقال لمن قارب
البلد إنه بلغها أو فعل فعل الكفار وتشبه بهم لأنهم لا
يصلون أو فقد ستر تلك الأقوال والأفعال المخصوصة التي كلفه
الله بأن يبديها
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رجاله موثقون إلا محمد
بن أبي داود البغدادي فما أدري أهو هو أم لا؟ اه وقال ابن
حجر: الحديث سئل عنه الدارقطني فقال: رواه أبو النضر عن
أبي جعفر عن الربيع موصولا ووقفه أشبه بالصواب اه. وقال
الحافظ العراقي: في مسنده مقال. نعم روى أحمد بسند رجاله
ثقات من ترك صلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة محمد اه
(6/102)
8588 - (من ترك الرمي) بالسهام (بعد ما
علمه رغبة عنه فإنها) أي الخصلة التي هي معرفة الرمي ثم
أهملها (نعمة كفرها) فإنه ينكي العدو ونعم العون في الحرب
وهذا خرج مخرج الزجر والتغليظ فتعلم الرمي مندوب وتركه بعد
معرفته مكروه. نعم شرط ندبه عدم الإكباب عليه بحيث تضيع
بعض الواجبات بسببه وإلا فلا يطلب بل يكره بل قد يحرم إذ
لا يجوز ترك فرض لسنة ومحله أيضا ما لم يعارضه ما هو أهم
منه ومن ثم لما سئل عنه بعض العلماء قال: هو حسن لكنها
أيامك فانظر بما تقطعها
(طب عن عقبة بن عامر) ورواه عنه الطيالسي
(6/102)
8589 - (من ترك ثلاث جمع تهاونا بها) أي
إهانة وعدل إلى التفاعل للدلالة على أن الجمعة شأنها أنها
أعلى رتبة وأرفع مكانة من أن يتصور فيه الاستهانة بوجه فلا
يقدر أحد على إهانته إلا تكلفا وزورا قال أبو البقاء:
وتهاونا منصوب على أنه مفعول له ويجوز أن يكون منصوبا في
موضع الحال أي متهاونا (طبع الله على قلبه) أي ختم عليه
وغشاه ومنعه ألطافه وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة أو صير
قلبه قلب منافق. والطبع بالسكون الختم وبالتحريك الدنس
[ص:103] وأصله من الوسخ يغشى السيف ثم استعمل فيما يشبه
ذلك من الآثام والقبائح
(حم 4 ك) في المناقب (عن أبي الجعد) الضمري ويقال الضميري
بالتصغير قال الترمذي عن البخاري: لا أعرف اسمه وقال: لا
أعرف له إلا هذا الحديث لكن ذكر العسكري أن اسمه الأقرع
وقيل جنادة صحابي له حديث قتل يوم الجمل قال الحاكم مرة:
هو على شرط مسلم وأخرى: سكت قال الذهبي في التلخيص: هو حسن
وقال في الكبائر: سنده قوي وعده المصنف في الأحاديث
المتواترة
(6/102)
8590 - (من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب
من المنافقين) أراد النفاق العملي قال في فتح القدير: صرح
أصحابنا بأن الجمعة فرض آكد من الظهر وبإكفار جاحدها
<فائدة> قال الغزالي: اختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل
مات لم يكن يشهد جمعة ولا جماعة فقال: في النار فلم يزل
يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك فيقول: في النار
(طب عن أسامة بن زيد) قال الهيثمي: فيه جابر الجعفي وهو
ضعيف عند الأكثر لكن له شاهد صحيح وهو خبر أبي يعلى عن
الحبر يرفعه من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ
الإسلام وراء ظهره قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
(6/103)
8591 - (من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان)
وفي رواية نصف دينه (فليتق الله في النصف الباقي) جعل
التقوى نصفين نصفا تزوجا ونصفا غيره قال أبو حاتم: المقيم
لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفي بالتزوج أحدهما
قال الطيبي: وقوله فقد استكمل جواب والشرط فليتق الله عطف
عليه أو الجواب الثاني والأول عطف على الشرط فعليه السبب
مركب والمسبب مفرد فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين
فمن حصله فعليه بالنصف الباقي وهذا أبلغ لإيذائه بأنه
معلوم مقدر وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقدرا
وعلى الأول السبب مفرد والمسبب مركب
<فائدة> قال الغزالي عن بعضهم: غلبت علي شهوتي في بدىء
إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى الله فرآني شخص في
المنام فقال: تحب أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك قلت: نعم قال:
مد رقبتك فمددتها فجرد سيفا من نور وضرب به عنقي فأصبحت
وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلكك فاشتد فرأيت
شخصا يخاطبني فيما بين صدري وجنبي يقول: ويحك كم تسأل الله
رفع ما لا يحب رفعه تزوج فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي
(طب) بل في معاجيمه الثلاثة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي:
ورواه بإسنادين وفيهما يزيد الرقاشي وجابر الجعفي وكلاهما
ضعيف وقد وثقا. وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف اه وذلك
لأن فيه عمرو بن أبي سلمة أورده الذهبي في الضعفاء وقال:
ثقة وقال أبو حاتم: لا يحتج به اه وقال ابن الجوزي: حديث
لا يصح وفيه آفات ورواه الحاكم بلفظ من تزوج امرأة فقد
أعطي نصف العبادة قال ابن حجر: وسنده ضعيف
(6/103)
8592 - (من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها
ولا يطلبها لعن في السماوات والأرض) لفظ رواية الطبراني
فيما وقفت عليه من النسخ الأرضين بالجمع وذلك لما اشتمل
عليه من التدليس والتحلي بأوصاف التدليس وذلك من علامات
النفاق إذ المنافق من يظهر خلاف ما يبطن
<تنبيه> قال ابن عربي: من مرض الأحوال النفسانية التي يجب
التداوي منها صحبة الصالحين ليشتهر أنه منهم وهو في نفسه
مع شهوته فإن حضر معهم سماعا وقد عشق أمرد أو جارية فأصابه
وجد وغلب عليه حال من عشقه يصيح ويتنفس الصعداء ويقول الله
أو هو هو ويشير بإشارات الصوفية فيظن الحاضرون أنه حال
إلهي مع كونه ذا وجد صحيح وحال صحيحة لكن فيهما {وقد خاب
من دساها} قال: ومن أمراض الأحوال أن يلبس دون ما في نفسه
مما يحل له فمتى عرف هذه العلل وأدواءها واستعملها نفع
نفسه قال: وكان في زمن [ص:104] نور الدين شيخ كثير الزعقات
والتنهيدات في حال وجده بالله بحيث كان يشعب على الطائفين
حال طوافه فكان يطوف على سطح الحرم وكان صادق الحال فابتلي
بحب مغنية فانتقل وجده إليها والناس يظنون أنه في الله
فجاء إلى الصوفية ورمى خرقته وذكر قصته وقال: لا أكذب في
حالي ولزم خدمة المغنية فأخبرت أنه من الأولياء وابتلي
فاستحيت وتابت ببركة صدقه ولزمت خدمته فزال ذلك التعلق من
قلبه ورجع لحاله فلبس خرقته ولم ير أن يكذب مع الله في
حاله فهذا حال صدقهم فليحذر من الكذب في ذلك ولا يظهر
للناس إلا ما يظهر لله إلى هنا كلامه وفي حكمة الأشراف
صاحب الرياء عند الصوفية كمنافق علمت منه الطوية فكلما
أراد أن يستر ما علموا كذبوه وفضحوه
ومهما يكن عند امرىء من خليقة. . . وإن خالها تخفى على
الناس تعلم
قال: ومن المرائين قوم زينوا ظاهرهم وتشبهوا بالفقراء
ناصبين شبكة احتيالهم على العوام فإن كان ذلك حظهم من الله
فيا فضيحتهم بين يديه. وروى ابن كامل في معجمه وابن النجار
في تاريخه عن أنس قال: وعظ النبي صلى الله عليه وسلم يوما
فإذا رجل قد صعق فقال صلى الله عليه وسلم: من ذا الذي لبس
علينا ديننا إن كان صادقا فقد شهد نفسه وإن كان كاذبا محقه
الله
(طس عن أبي هريرة) قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: فيه
إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب اه فكان ينبغي للمصنف
حذفه من الكتاب
(6/103)
8593 - (من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره
بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم
وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق
فيه الظاهر الباطن (فهو منهم) وقيل المعنى من تشبه
بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه
بالفساق يهان ويخذل كهم ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن
لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر
يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء
كذا ذكره ابن رسلان وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال: لو خص
أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظن به من
لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظن السوء فيأثم الظان والمظنون
فيه بسبب العون عليه وقال بعضهم: قد يقع التشبه في أمور
قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال
قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن
ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها وبين
الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث الله المصطفى صلى
الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج
الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما
يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في
الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور
منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسبا وتشاكلا
بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال
وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلا يجد من نفسه
نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من
نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن
يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة
ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال
والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في
الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز
ظاهرا بين المهدبين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين
الى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا
الحديث وما أشبهه. وقال ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله
أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب وإن كان ظاهره يقتضي
كفر المتشبه بهم فكما في قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه
منهم} وهو نظير قول ابن عمرو من بنى بأرض المشركين وصنع
نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة
معهم فقد حمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر
ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل منهم في القدر المشترك
الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها كان
حكمه كذلك
(هـ) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزركشي: فيه
ضعف ولم يروه عن ابن خالد إلا كثير بن مروان [ص:105] وقال
المصنف في الدرر: سنده ضعيف وقال الصدر المناوي: فيه عبد
الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف كما قاله المنذري وقال
السخاوي: سنده ضعيف لكن له شواهد وقال ابن تيمية: سنده جيد
وقال ابن حجر في الفتح: سنده حسن (طس عن حذيفة) بن اليمان.
قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال الهيثمي: رواه
الطبراني في الأوسط وفيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه
جمع وبقية رجاله ثقات اه. وبه عرف أن سند الطبراني أمثل من
طريق أبي داود
(6/104)
8594 - (من تصبح كل يوم) أي أكل في الصباح
تفعل من صبحت القوم أي سقيتهم الصبوح والأصل في الصبوح شرب
الغداة وقد يستعمل في الأكل أيضا لأن شرب اللبن عند العرب
بمنزلة الأكل (بسبع تمرات) بفتح الميم جمع تمرة (عجوة)
بنصبه صفة أو عطف بيان لتمرات وهي ضرب من أجود التمر (1)
(لم يضره في ذلك اليوم) ظرف معمول ليضره أو صفة لقوله (سم)
بتثليث السين (ولا سحر) وليس ذلك عاما في العجوة بل خاصا
بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم من أكل سبع تمرات مما بين
لابتيها أي المدينة لم يضره ذلك اليوم سم قال القرطبي:
فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى فحيث أطلق العجوة هنا
أراد عجوة المدينة واختصاص بعض الثمار في بعض الأماكن ببعض
الخواص في بعض الأشياء غير بعيد وهذا من باب الخواص التي
لا تدرك بقياس ظني وتكلفه بعضهم من ترجيعه إلى القياس
وزعمه أن السموم إنما تقتل لإفراط بردها فإذا دام على
التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة واستعانت بها الحرارة
الغريزية فقابل ذلك برد السم فبرأ صاحبه اه. فمما لا ينبغي
أن يلتفت إليه أما أولا فلأن هذا وإن يقع في السم لا ينجع
في السحر وأما ثانيا فلأن ذلك يدفع كما قال القرطبي خصوصية
عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقا بل خصوصية التمر فإن
من الأدوية الحارة ما هو أبلغ في ذلك منه كما هو معروف عند
أهله فالصواب القول باختصاص ذلك بعجوة المدينة وجهاتها لأن
الخطاب لهم فهو من العام الذي أريد به الخصوص وقد يكون
الشيء دواء نافعا لأهله في محله وفي بعضها سم قاتل ثم هل
ذلك خاص بزمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أو عام؟ قولان
رجح بعضهم الأول قال بعض المحققين: والذي يدفع الاحتمال
التجربة المتكررة فإن وجد ذلك كذلك الآن علم أنها خاصة
دائمة وإلا فخاصة مخصوصة ومما تقرر علم أنه لا اتجاه لزعم
بعضهم أن ذلك لخاصية في هواء المدينة أو لكون التمر حافظا
لصحة أهلها لكونه غذاء وهو بمنزلة الحنطة لغيرهم قال
القرطبي: وتخصيصه بسبع لخاصية لهذا العدد علمها الشارع وقد
جاء ذلك في مواضع كثيرة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم
في مرضه صبوا علي من سبع قرب وقوله غسل الإناء من ولوغ
الكلب سبعا وقد جاء هذا العدد في غير الطلب كقوله تعالى
{سبع بقرات سمان} {وسبع عجاف} وسبع كسني يوسف {وسبع
سنبلات} وكذا سبعون وسبع مئة فمن جاء من هذا العدد مجيء
التداوي فذلك لخاصة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها
وما جاء في غيره فالعرب تضع هذا العدد للتكثير لا لإرادة
عدد بعينه ولا حصر اه. وقال بعضهم: خص السبع لأن لهذا
العدد خاصية ليست لغيره فالسماوات والأرض والأيام والطواف
والسعي ورمي الجمار وتكبير العيد في الأولى سبع وأسنان
الإنسان والنجوم سبع والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه
إذ العدد شفع ووتر والوتر أول وثاني والشفع كذلك فهذه أربع
مراتب أول وثان ووتر أول وثان ولا تجمع هذه المراتب في أقل
من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة الشفع
والوتر والأوائل والثواني والمراد بالوتر الأول الثلاثة
وبالثاني الخمسة وبالشفع الأول الاثنين والثاني [ص:106]
الأربعة وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة سيما في البحارين
وقال بقراط: كل شيء في هذا العالم يقدر على سبعة أجزاء
وشرط الانتفاع بهذا وما أشبهه حسن الاعتقاد وتلقيه بالقبول
(حم) في الأطعمة (د) في الطب (عن سعد) بن أبي وقاص
_________
(1) وألينه وفي رواية بتمر المدينة وقال ابن الأثير:
العجوة ضرب أكبر من الصيحاني يقرب إلى السواد وهو مما غرسه
النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بيده
(6/105)
8595 - (من تصدق بشيء من جسده أعطي بقدر ما
تصدق) يعني من جنى عليه إنسان كأن قطع منه عضوا أو أزال
منفعته فعفا عنه لوجه الله أثابه الله تعالى عليه بقدر
الجناية ويحتمل أن المراد بالتصدق بذلك أن يباشر بعض
الطاعة ببعض بدنه كأن يزيل الأذى عن الطريق بيده فيثاب
بقدر ذلك أخرج ابن سعد عن الربيع بن خيثم أنه كان يكنس
الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا قال: إني أحب أن آخذ
بنصيبي من المهنة
(طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه ورواه عنه أحمد أيضا
باللفظ المزبور قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد في المسند
والطبراني: رجال المسند رجال الصحيح اه. فاقتضى أن رجال
الطبراني ليسوا كذلك فكان ينبغي للمصنف عزوه له
(6/106)
8596 - (من تطبب ولم يعلم منه طب) أي من
تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة ولفظ التفعل يدل على تكلف
الشيء والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله (فهو ضامن) لمن
طبه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل ومن
سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخذه عن أهله فطب وبذل
الجهد الصناعي فلا ضمان عليه قال الخطابي: لا أعلم خلافا
أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض ضمن أي بالدية لا القود
إذ لا يستبد به بدون إذن المريض والضمان على العاقلة وشمل
الخبر من طب بوصفه أو قوله وهو ما يخص باسم الطبائعي
وبمروده وهو الكحال وبمراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو
الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه وشرطه وهو الحجام
وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء
وبقربته وهو الحاقن فاسم الطبيب يشمل الكل وتخصيصه ببعض
الأنواع عرف حادث
(د ن) متصلا ومنقطعا (هـ) في الديات (ك) في الطب (عن ابن
عمرو) بن العاص قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه
الدارقطني من طريقين عن ابن عمرو أيضا وقال: لم يسنده عن
ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه مرسلا قال
الغرياني: وفيه عيسى بن أبي عمران في طريق وقال أبو حاتم
غير صدوق يرويه عن الوليد بن مسلم وفي طريق آخر محمد بن
الصباح وثقه أبو زرعة وله حديث منكر
(6/106)
8597 - (من تعذرت عليه التجارة) الظاهر أن
التعذر قلة الربح وعدم سهولته (فعليه بعمان) أي فيلزم
النجادة بها فإنها كثيرة الربح وهو فيها أسهل تناولا من
غيرها وعمان بضم العين وخفة الميم بلد باليمن وصقع من
البحرين وقرية على البحر بجنب البصرة وعمان بفتح العين وشد
الميم مدينة في أرض البلقاء من كور دمشق والحديث يحتملها
ويظهر أن الكلام في ذلك الزمن فلا يلزم اطراده إلى هذا
الزمان
(طب عن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة (ابن
السمط) بكسر المهملة وسكون الميم وقيل بفتح المهملة وكسر
الميم الكندي أمير حمص لمعاوية وكان من فرسانه قال الذهبي:
اختلف في صحبته وجزم ابن سعد بأن له وفادة
(6/106)
8598 - (من تعظم في نفسه) أي تكبر وتجوه
(واختال في مشيته) أي تكبر وتبختر وأعجب في نفسه فيها (لقي
الله وهو عليه غضبان) أي يفعل به ما يفعله الغضبان
بالمغضوب عليه لمنازعته له في إزاره وردائه تعالى فإن شاء
عذبه وإن شاء عفا عنه وفيه أن ذلك كبيرة (1)
(حم خد عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وهو كما قال أو
أعلى فقد قال الهيثمي: [ص:107] رجاله رجال الصحيح وقال
المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح
_________
(1) والكلام في الاختيال في غير الحرب أما فيها فمطلوب ومن
التكبر الترفع في المجالس والتقدم والغضب إذا لم يبدأ
بالسلام وجحد الحق إذا ناظر والنظر إلى العامة كأنه ينظر
إلى البهائم وغير ذلك فهذا كله يشمله الوعيد وإنما لقيه
وهو عليه غضبان لأنه نازعه في خصوص صفته إذ الكبرياء رداؤه
(6/106)
8599 - (من تعلق شيئا) أي تمسك بشيء من
المداواة واعتقد أنه فاعل للشفاء أو دافع للداء (وكل إليه)
أي وكل الله شفاءه إلى ذلك الشيء فلا يحصل شفاؤه أو المراد
من علق تميمة من تمائم الجاهلية يظن أنها تدفع أو تنفع فإن
ذلك حرام والحرام لا دواء فيه وكذا لو جهل معناها وإن تجرد
عن الاعتقاد المذكور فإن من علق شيئا من أسماء الله
الصريحة فهو جائز بل مطلوب محبوب فإن من وكل إلى أسماء
الله أخذ الله بيده وأما قول ابن العربي: السنة في الأسماء
والقرآن الذكر دون التعليق فممنوع أو المراد من تعلقت نفسه
بمخلوق غير الله وكله الله إليه فمن أنزل حوائجه بالله
والتجأ إليه وفوض أمره كله إليه كفاه كل مؤونة وقرب عليه
كل بعيد ويسر له كل عسير ومن تعلق بغيره أو سكن إلى علمه
وعقله واعتمد على حوله وقوته وكله الله إلى ذلك وخذله
وحرمه توفيقه وأهمله فلم تصحح مطالبه ولم تتيسر مآربه وهذا
معروف على القطع من نصوص الشريعة وأنواع التجارب
(حم ت ك عن عبد الله بن عليم) بالتصغير الجهني أبو سعيد
الكوفي أدرك المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
ولم يره فروى عن عمر وغيره وقد سمع كتاب النبي صلى الله
عليه وسلم إلى جهينة
(6/107)
8600 - (من تعلم الرمي) بالنشاب (ثم تركه
فقد عصاني) (1) لأنه قد حصلت له أهلية الدفاع عن الدين
ونكاية العدو فتعين قيامه بوظيفة الجهاد فإذا تركه حتى
جهله فقد فرط في القيام مما تعين عليه وتشديد الوعيد يفيد
حرمته بل إنه كبيرة لكن مذهب الشافعية الكراهة وأفتى ابن
الصلاح بأن الرمي أفضل من الضرب بالسيف لأن فضيلة كل منهما
إنما هي من حيث كونه عدة وقوة لأهل الطاعة على أهل المعصية
والرمي أبلغ في ذلك
(هـ عن عقبة بن عامر) الجهني وفيه عثمان بن نعيم قال في
الميزان: تفرد عنه ابن لهيعة ومن مناكيره هذا الحديث
الراوي له ابن ماجه اه
_________
(1) وفي رواية فليس منا أي ليس على طريقتنا ولا سنتنا كما
قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية
ومن غشنا فليس منا وهو ذم بلا شك
(6/107)
8601 - (من تعلم علما لغير الله) كالتنعم
بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند الحكام (فليتبوأ
مقعده من النار) أي فليتخذ له فيها منزلا فإنها داره
وقراره هكذا ساقه المؤلف فيما وقفت عليه من النسخ وقد سقط
من قلمه بعضه فإن لفظ رواية الترمذي وابن ماجه من تعلم
علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من
النار هكذا ساقه عنهما جمع منهم المنذري قال ابن عطاء
الله: جعل الله العلم الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه
وسببا في تحصيل العقوبة لديه ولا يغرنك أن يكون به انتفاع
للبادي والحاضر وفي الخبر إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل
الفاجر ومثل من يتعلم العلم لاكتساب الدنيا والرفعة فيها
كمن رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما أشرف الوسيلة وما
أخس المتوسل إليه قال السيد السمهودي: وقد جرت العادة
الإلهية بتمييز هذا القسم من المنتسبين للعلم عمن يعتدي به
منهم بإظهار ما يخفيه من مضمراته وكشف ما يستره من عوراته
سيما المنهمك في الدنيا المستعبد لأهلها {ليميز الله
الخبيث من الطيب} ومثل هذا يجب تجنبه أوحى الله إلى داود
لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدك عن محبتي أولئك
قطاع الطرق على عبادي. وليت شعري من شهد بقلبه أن الله هو
الفعال وأنه لا نافع ولا ضار إلا هو وأن قلوب العباد بيده
وأنه لا يناله من الدنيا إلا ما قسم [ص:108] له كيف يقصد
بعلمه غير الله من جلب الدنيا وقد مازج قلبه العلم فإنه لا
يأتيه إلا ما قدر له منها وأن هذا القصد لا يفيده من
الدنيا إلا الخسران
(ت عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه ابن ماجه أيضا قال
المنذري: ورواه الترمذي وابن ماجه كلاهما عن خالد بن درنك
عن ابن عمر ولم يسمع منه ورجالهما ثقات
(6/107)
8602 - (من تقحم في الدنيا) أي رمى نفسه
وتهافت في تحصيلها ولم يحترز عن الحرام والشبه (فهو يتقحم
في النار) أي نار جهنم يقال قحم في الأمر رمى بنفسه فيه
بغير روية
(هب عن أبي هريرة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه
وسلمه والأمر بخلافه فإنه تعقبه بما نصه قال أبو حازم:
تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى بن سعيد اه
(6/108)
8603 - (من تمسك بالسنة) من السنن بفتحتين
الطريق يعني من تمسك بطريق مرضية يقتدي به فيها (دخل
الجنة) أي مع السابقين الأولين وإلا فالمؤمن الفاسق الزائغ
المبتدع يدخلها بعد العذاب أو العفو وظاهر صنيع المصنف أن
ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قالت عائشة:
يا رسول الله وما السنة قال: حب أبيك وصاحبه عمر اه بنصه
وبالجملة فعلامة الفوز بالجنة التمسك بالسنة قال أبو يزيد
البسطامي: هممت أن أسال الله كفاية مؤونة الطعام والنساء
ثم قلت: كيف يجوز لي أن أسأل ما لم يسأله النبي صلى الله
عليه وسلم وقال الداراني: ربما وقع في قلبي نكتة من نكت
القوم أياما فلا أقبل إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة
وقال الجنيد: الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا على من اقتفى
أثر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال العارف ابن قوام:
كانت الأحوال تطرقني في بدايتي فنهاني شيخي عن الكلام
فاستأذنت الشيخ في المضي لوالدتي فأذن وقال: سيحدث لك
الليلة أمر عجيب فاثبت ولا تجزع فلما خرجت ذاهبا سمعت صوتا
من جهة السماء فرفعت رأسي فإذا نور كأنه سلسلة يتداخل بعضه
في بعض فالتقت على ظهري حتى أحسست ببردها فرجعت فأخبرت
الشيخ فقال: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذن لي
في الكلام
(قط في الأفراد) من حديث عمر مولى عفرة عن هشام (عن عائشة)
قال ابن الجوزي في العلل: وعمر ضعيف وقال ابن حبان: يقلب
الأخبار ولا يحتج به
(6/108)
8604 - (من تمنى على أمتي الغلاء ليلة
واحدة أحبط الله عمله أربعين سنة) الظاهر أن المراد به
مزيد الزجر والتهويل والتنفير عن ذلك الفعل لا حقيقة
الإحباط وذلك لأنه لما كانت الأنفس مجبولة على محبة
الاستئثار على العير حذرها مما لا يحل من ذلك وهول الأمر
لمزيد من الزجر
(ابن عساكر) في التاريخ من طريق مأمون السلمي عن أحمد بن
عبد الله الشيباني عن بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي
رواد عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب أورده المؤلف في
مختصر الموضوعات من زيادته على أصله ثم قال: مأمون وشيخه
كذابان هكذا قال وعجب منه كيف خرجه هنا مع اعترافه بذلك
وكأنه نسي ما قرره ثم؟ وأما ابن الجوزي فإنه أورده من حديث
الخطيب عن سليمان بن عيسى السجزي عن عبد العزيز به ثم قال:
موضوع قال مخرجه الخطيب: منكر جدا لا أعلم رواه غير سليمان
وهو كذاب اه. وفي الميزان سليمان بن عيسى السجزي هالك وقال
أبو حاتم: كذاب وقال ابن عدي: وضاع ومن بلاياه هذا الخبر
اه فعدل المؤلف عن طريق فيها كذاب واحد إلى طريق فيها
كذابان
(6/108)
8605 - (من تواضع لله) أي لأجل عظمة الله
تواضعا حقيقيا وهو كما قال ابن عطاء الله: ما كان ناشئا عن
شهود عظمة الحق وتجلى صمته فالتواضع للناس مع اعتقاد عظمة
في النفس واقتدار ليس بتواضع حقيقي بل هو بالتكبر أشبه
(رفعه الله) لأن من أذل [ص:109] نفسه لله فقد بذل نفسه لله
فيجازيه الله بأحسن ما عمل وأخرج أبو نعيم في الحلية عن
ابن سودة أوحى الله إلى موسى: أتدري لما اصطفيتك على الناس
برسالاتي وبكلامي قال: لا يارب قال: لأنه لم يتواضع لي أحد
قط تواضعك وزاد في رواية ومن تكبر على الله وضعه الله حيث
يجعله في أسفل السافلين وجاء في رواية تفسير الرفعة هنا
بأنه يصيره في نفسه صغيرا وفي أعين الناس كبيرا وقيل
التواضع لله أن يضع نفسه حيث وضعها الله من المعجز وذل
العبودية تحت أوامره سبحانه بالامتثال وزواجره بالانزجار
وأحكامه بالتسليم للأقدار ليكون عبدا في كل حال فيرفعه بين
الخلائق وإن تعدى طوره وتجاوز حده وتكبر وضعه بين الخلائق
وقال الطيبي: في التواضع مصلحة الدارين فلو استعمله الناس
في الدنيا زالت من بينهم الشحناء واستراحوا من نصب
المباهاة والمفاخرة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث
بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو نعيم في
الحلية وقال: انتعش رفعك الله فهو في نفسه صغير وفي أعين
الناس عظيم ومن تكبر خفضه الله وقال آخر خفضك الله فهو في
نفسه كبير وفي أعين الناس صغير حتى يكون أهون من كلب اه.
(تتمة) قال ابن الحاج: قال بعض أهل التحقيق: من رأى أنه
خير من الكلب فالكلب خير منه قال وهذا واضح ألا ترى أن
الكلب يقطع بعدم دخوله النار وغيره من المكلفين قد يدخلها؟
فالكلب والحالة هذه أفضل منه قال: فمن أراد الرفعة
فليتواضع لله فإن الرفعة لا تقع إلا بقدر النزول ألا ترى
أن الماء لما نزل إلى أسفل الشجرة صعد إلى أعلاها كأن
سائلا سأله ما صعد بك ههنا وأنت قد نزلت تحت أصلها؟ فقال
لسان حاله من تواضع لله رفعه الله
<تنبيه> قال في الحكم: ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ولا
أسرع بالرهب إليك من الذلة والافتقار
(حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي:
رواه ابن ماجه بلفظ من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه
الله قال أعني العراقي: وإسناده حسن ورواه أحمد والبزار عن
عمر بلفظ من تواضع لله رفعه الله وقال: انتعش نعشك الله
فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه كبير قال الهيثمي:
رجالهما رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح: خرجه ابن ماجه
من حديث أبي سعيد رفعه بلفظ من تواضع لله رفعه الله حتى
يجعله في أعلى عليين قال: وصححه ابن حبان بل خرجه مسلم في
الصحيح والترمذي في الجامع بلفظ ما تواضع أحد لله إلا رفعه
الله هكذا خرجاه معا عن أبي هريرة رفعه فالضرب عن ذلك كله
صفحا وعزوه إلى أبي نعيم وحده مع لين سنده من العجب العجاب
(6/108)
8606 - (من توضأ كما أمر) بالبناء للمفعول
أي كما أمره الله من استيعاب الشروط والفروض (وصلى كما
أمر) كذلك (غفر له ما تقدم من عمل) أي من عمل السيئات
والمراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار ما اجتنبت
الكبائر والمراد الصلاة المفروضة بدليل الخبر المذكور وفيه
دليل على فضل الوضوء وأنه مكفر للذنب وعلى شرف الصلاة عقبه
وأن السعادة الواحدة قد يرجى منها غفران ما تقدم من الذنوب
وأن الثواب من كرم الله إذ العبد لا يستحق بصلاة مغفرة
ذنوب كثيرة ولو كان ذلك على حكم محض الجزاء وتقدير الثواب
بالفعل لكانت العبادة الواحدة تكفر السيئة الواحدة فلما
كفرت ذنوبا كثيرة عرف أن المغفرة من الكريم بفضله العميم
وليست على حكم المقابلة ولا على قضية المعاوضة
(حم ن هـ حب عن أبي أيوب) الأنصاري (و) عن (عقبة بن عامر)
الجهني. قال الهيثمي: رجاله موثقون
(6/109)
8607 - (من توضأ) أي جدد وضوءه (علي طهر)
قال الولي العراقي: أي مع طهر فعلى معناها هنا المصاحبة
كقوله تعالى {وآتى المال على حبه} اه. أي مع طهر الوضوء
الذي صلي به فرضا أو نفلا كما بينه فعل راوي الخبر وهو ابن
عمر فمن لم يصل به شيئا لا يسن له تجديده فإن فعل كره وقيل
حرم وأيا ما كان لا ينال الثواب الموعود بقوله (كتب)
[ص:110] بالبناء للمجهول ورواية الترمذي كتب الله ولعل
المؤلف لم يستحضرها حيث قال في فتاويه الحديثية: لفظ
الحديث كتب له بالبناء للمجهول من غير ذكر الله اه. وذكر
ذلك رد على السائل حيث كتب كتب الله (له) بالتجديد (عشر
حسنات) أي عشر وضوءات إذ أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة
بعشر وأفاد أن الوضوء لكل صلاة لا يجب وما ورد مما يخالفه
منسوخ كما مر وندب تجديده أي لمن صلى صلاة وخرج الغسل فلا
يسن تجديد عند الشافعية كالتيمم
<فائدة> سئل المؤلف عن حديث الوضوء نور على نور: فنقل عن
المنذري والعراقي أنهما لم يريا من خرجاه وأن ابن حجر ذكر
أن رزينا أورده في كتابه قال: ومعناه ظاهر لأن الوضوء يكسب
أعضاءه نورا ولهذا قيل باشتقاقه من الوضاءة ودليله قصة
الغرة والتحجيل فكان الوضوء على الوضوء يقوي ذلك النور
ويزيده إذا لم يعرض من الحديث ما يقتضي ستره قال: وقد كان
شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي يذكر لنا أن العارفين
يشاهدون الحدث على الأعضاء ويرتبون عليه مقتضاه. قال: وفيه
إشارة إلى ذلك
(د ت هـ) كلهم في الطهارة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال
الترمذي: سنده ضعيف وفي المهذب: فيه عبد الرحمن بن زياد
لين ونقل بعضهم عن البخاري أنه حديث منكر وقال البغوي في
شرح السنة: إسناده ضعيف وذكره النووي في الخلاصة في فصل
الضعيف وقال: قال في شرح أبي داود: هو ضعيف في إسناده
ضعيفان عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وأبو غطيف مجهول عينا
وحالا قال الولي العراقي: فإن قلت الشواهد في الباب موجودة
منها حديث أنس وابن حنظلة وبريدة أن المصطفى صلى الله عليه
وسلم كان يتوضأ لكل صلاة قلت ليس في شيء من هذه الأحاديث
تعيين هذا الثواب وإنما فيها وجود ذلك من فعل المصطفى صلى
الله عليه وسلم اه وممن جرى على ضعفه المؤلف في فتاويه
الحديثية فقال: المشهور تضعيفه وقال ابن حجر: سنده ضعيف
(6/109)
8608 - (من توضأ بعد الغسل) من نحو جنابة
(فليس منا) أي ليس من العاملين بسنتنا المتبعين لمنهاجنا
لأن الغسل يكفي للحدث الأكبر والأصغر لكن مذهب الشافعي أن
الغسل يسن له الوضوء وتحصل السنة بتقديمه وتوسطه وتأخيره
لكن التقديم أفضل
(طب عن ابن عباس) قال في الميزان: غريب جدا وفيه أبان بن
عياش واه ويوسف بن خالد السهمي قال يحيى: كذاب
(6/110)
8609 - (من توضأ في موضع بوله فأصابه
الوسواس فلا يلومن إلا نفسه) أي فلا يلوم صاحب الشرع الآمر
بالوضوء لأنه لم يفعله في محله أو على وجه لا يتسلط منه
الشيطان بالوسواس الذي إنما ينشأ عن خبل في العقل أو قلة
في الفقه. والوسواس بفتح الواو حديث النفس كما في الصحاح
وفي النهاية حديث النفس في الأفكار وفي المشارق ما يلقيه
الشيطان في القلب وأصله الحركة الخفية وهي من أسماء
الشيطان أيضا وبكسرها مصدر بمعنى الوسوسة وهي كلام في
اختلاط وفيه أنه يكره الوضوء في الموضع الذي بال فيه وقد
أشار في الحديث إلى تعليل النهي بأن هذا الفعل يورث
الوسواس ومعناه أن المتطهر يتوهم أنه أصابه شيء من قطره أو
رشاشه فيحصل له وسواس
(عد عن ابن عمرو) بن العاص وهو من حديث منصور بن عمار عن
ابن لهيعة والكلام فيه معروف قال الولي العراقي: وحكم
العقيلي عليه بالوقف تحكم لا دليل عليه
(6/110)
8610 - (من توضأ يوم الجمعة فيها) قال
الزمخشري: الباء متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخصلة أو
الفعلة ينال الفضل والخصلة هي الوضوء (ونعمت) أي ونعمت
الخصلة هي فحذف المخصوص بالمدح وقيل أي فبالرخصة أخذ ونعمت
السنة التي ترك وفيه انحراف عن مراعاة حق اللفظ فإن الضمير
الثاني يرجع إلى غير ما يرجع إليه الضمير الأول ويحتمل أن
يقال فعليه [ص:111] بتلك الفعلة اه وقال غيره: هو كلام
يطلق للتجويز والتحسين أي فأهلا بتلك الخصلة أو الفعلة
المحصلة للواجب ونعمت الخصلة هي أو فبالسنة أخذ أي بما
جوزته من الاقتصار على الوضوء ونعمت الخصلة أو الفعلة لأن
الوضوء تطهير لجميع البدن إذ البدن باعتبار ما يخرج منه من
الحدث غير متجزئ فكان الواجب غسل جميعه غير أن الحدث
الخفيف لما كثر وقوعه كان في إيجابه حرج فاكتفى الشارع
بغسل الأعضاء التي هي الأطراف تسهيلا على العباد وجعله
طهارة لكل بدن كالصلوات فإنها خمس بثواب خمسين فلما كان
تطهيرا للجميع كان تكفيرا لخطايا الجميع وقوله فيها ونعمت
يفيد أن الوضوء قربة مقصودة فلا يصح بدون نية فهو رد على
الحنفية (ومن اغتسل) يومها (فالغسل أفضل) من الاقتصار على
الوضوء لأنه أكمل وأشمل وفيه ندب الغسل لمريد الجمعة وهو
سنة مؤكدة يكره تركها كما مر مرارا
(حم 3 وابن خزيمة) في صحيحه من حديث الحسن (عن سمرة) بن
جندب بضم الدال وتفتح قال الترمذي: حسن قال في الإمام: من
يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث قال
ابن حجر: وهو مذهب المديني وقيل لم يسمع منه إلا حديث
العقيقة وقيل: لا مطلقا
(6/110)
8611 - (من تولى غير مواليه) أي اتخذ غيرهم
وليا يرثه ويعقل عنه وزاد في رواية تقييده بغير إذنهم قال
جمع: ولا مفهوم له بل ذكر تأكيدا للتحريم قال ابن حجر:
ويحتمل أن يكون قوله من تولى شاملا للمعنى الأعم من
الموالاة وإن منها مطلق النصرة والإعانة والإرث ويكون قوله
بغير إذن مواليه يتعلق مفهومه بالأولين بما عدا الإرث وقال
ابن العربي: التولي لغير الموالي يكون بوجوه منها أن يكون
حليفا لقوم فيخلع حلفهم ليعقده مع غيرهم (فقد خلع ريقة
الإسلام من عنقه) أي أهمل حدود الله وأوامره ونواهيه
وتركها بالكلية وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق
الدابة تمسك به فاستعير للإسلام أي ما يشد به نفسه من عرى
الإسلام وأحكامه وذلك لأن من رغب عن موالاة من أنعم عليه
بالحرية كافر بالنعمة ظالم بوضع الولاء في غير محله ومن
كفر نعمة العباد فهو بكفران نعم الله أجدر
(حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي:
فيه خالد بن حبان وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح
(6/111)
8612 - (من جادل في خصومه) أي استعمل
المراء والتعصب (بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) أي
يترك ذلك ويتوب منه توبة صحيحة وأخذ الذهبي وغيره منه أن
الجدال بغير علم من الكبائر قال الغزالي: والمراء طعن في
كلام الغير لإظهار خلل فيه والجدال عبارة عن مراء يتعلق
بإظهار المذاهب وتقريرها والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي
به مال أو حق مقصود وذلك يكون ابتداء ويكون اعتراضا
والمراء لا يكون إلا باعتراض على كلام سبق
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغيبة)
والأصبهاني في الترغيب والترهيب (عن أبي هريرة) قال
الذهبي: فيه رجاء أبو يحيى صاحب السقط وهو لين وقال الحافظ
العراقي: وفيه رجاء أبو يحيى ضعفه الجمهور
(6/111)
8613 - (من جامع المشرك) بالله والمراد
الكافر ونص على الشرك لأنه الأغلب حينئذ (وسكن معه) أي في
ديار الكفر (فإنه مثله) أي من بعض الوجوه لأن الإقبال على
عدو الله وموالاته توجب إعراضه عن الله ومن أعرض عنه تولاه
الشيطان ونقله إلى الكفران قال الزمخشري: وهذا أمر معقول
فإن مولاة الولي وموالاة عدوه متنافيان قال:
تود عدوي ثم تزعم أنني. . . صديقك ليس النول عنك بعازب
وفيه إبرام وإلزام بالتصلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم
والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم {لا يتخذ المؤمنون [ص:112]
الكافرين أولياء من دون المؤمنين} والمؤمن أولى بموالاة
المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه
فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسما لمادة
الفساد {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم
على أعقابكم فتتقلبوا خاسرين} ولم يمنع من صلة أرحام من
لهم من الكافرين ولا من مخالطتهم في أمر الدنيا بغير سكنى
فيما يجري مجرى المعاملة من نحو بيع وشراء وأخذ وعطاء
ليوالوا في الدين أهل الدين ولا يضرهم أن يبارزوا من لا
يجاريهم من الكافرين ذكره الحرالي وفي الزهد لأحمد عن ابن
دينار أوحى الله إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تدخلوا
مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب
أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي وقوله من جاء مع
المشرك ظن بعضهم أن معناه أتى معه مناصرا وظهيرا فجاء فعل
ماض ومع المشرك جار ومجرور وقال بعضهم: معناه نكح الشخص
المشرك يعني إذا أسلم فتأخرت عنه زوجته المشركة حتى بانت
منه فحذر من وطئه إياها ويؤيده ما روي عن سمرة بن جندب
مرفوعا لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو
جامعهم فهو منهم وأفاد الخبر وجوب الهجرة أي على من عجز عن
إظهار دينه وأمكنته بغير ضرر
<تنبيه> قال ابن تيمية: المشابهة والمشاكلة في الأمور
الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة والمشاركة
في الهدى الظاهر توجب مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان
والزمان وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلا سبب
لوقوع ما مر واكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة ولما كان مظنة
الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به وأدير التحريم عليه
فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق
والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات فيصير مساكن
الكفار مثله وأيضا المشاركة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة
وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة
وهذا مما يشهد به الحس فإن الرجلين إذا كانا من بلد
واجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر
عظيم بموجب الطبع وإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث
المحبة والمولاة فكيف المشابهة في الأمور الدينية؟
فالموالاة للمشركين تنافي الإيمان {ومن يتولهم منكم فإنه
منهم}
(د عن سمرة) بن جندب رمز المصنف لحسنه وفيه سليمان بن موسى
الأموي الأشدق قال في الكاشف: قال النسائي: ليس بالقوي
وقال البخاري: له مناكير
(6/111)
8614 - (من جر ثوبه) وفي رواية لمسلم ثيابه
وفي رواية ذكرها الذهبي في الكبائر شيئا بدل ثوبه فبين به
أن الازار والسراويل والجبة ونحوها من كل ملبوس فيه الوعيد
قال الزين العراقي: بل ورد عند أبي داود دخول العمامة فيه
قال: وهل المراد جر طرفها على الأرض أو المبالغة في
تطويلها وتعظيمها؟ الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير
معهود والإسبال في كل شيء بحسبه (خيلاء) بضم الخاء وقد قيل
بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في
غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة
ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء
كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن
بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد
بذلك إلا المخيلة (لم ينظر الله إليه) وفي رواية لمسلم فإن
الله لا ينظر إليه نظر رحمة عبر عن المعنى الكائن عند
النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى
متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين
العراقي وقال الكشاف: نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر
كناية لأن من اعتد بالشخص التفت إليه ثم كثر حتى صار عبارة
عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر ولمن لا يجوز عليه حقيقة
النظر وهو تقليب الحدقة والله منزه عن ذلك فهي بمعنى
الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية (يوم القيامة) خصه
لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما
يتجدد من الحوادث وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر:
يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له: إنك
لست ممن يفعله خيلاء قال ابن عبد البر: ومفهوم الحديث أن
الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص
وغيره من الثياب مذموم [ص:113] بكل حال وقال النووي: لا
يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره
(حم ق 4) كلهم في اللباس إلا النسائي ففي الزينة (حم عن
ابن عمر) بن الخطاب زاد أبو داود والترمذي والنسائي قال
ابن عمر: قالت أم سلمة: يا رسول الله فكيف تصنع النساء
بذيولهن قال: يرخين شبرا قالت: إذن تنكشف أقدامهن قال:
فترخيه ذراعا لا يزدن عليه وإسناده صحيح ورواه الطبراني عن
ابن مسعود باللفظ المذكور وزاد وإن كان على الله كريما
(6/112)
8615 - (من جرد ظهر امرئ مسلم) أي عراه من
ثيابه (بغير حق لقي) بالقاف (الله وهو) أي والحال أنه
(عليه غضبان) والمراد فيما يظهر أنه جرده من ثيابه ليضربه
وفعل ويحتمل على بعد أن المراد هتك العورة وهذا وعيد شديد
يفيد أن ذلك كبيرة
(طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) قال الهيثمي كالمنذري:
وإسناده جيد وقال ابن حجر في الفتح: في سنده مقال
(6/113)
8616 - (من جعل قاضيا بين الناس) بأن تولى
القضاء بينهم (فقد ذبح) أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض
لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ
الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح (بغير
سكين) بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد
في التوقي لخطره وقال القاضي: قوله بغير سكين يريد به كخنق
وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل
بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته شبهت به
التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة ويحتمل أن
المراد أن التولية إهلاك لكن لا بآلته المحسوس فينبغي أن
لا يستشرف له ولا يحرص عليه
(حم د هـ ك) في القضاء كلهم (عن أبي هريرة) قال الحاكم:
صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي: إسناده صحيح وقال ابن
حجر: أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح وليس كما قال وكفاه قوة
تخريج النسائي له وقد صححه الدارقطني وغيره
(6/113)
8617 - (من جلب على الخيل يوم الرهان)
ككتاب ما يجعل لمن غلب يقال تراهن القوم أخرج كل واحد منهم
رهنا ليفوز بالجميع إذا غلب (فليس منا) الجلب في السباق أن
يتبع الرجل فرسه إنسانا فيزجره ويصيح حثا على السبق
والمراد ليس على طريقتنا
(طب عن ابن عباس) ورواه عنه ابن أبي عاصم أيضا وقال ابن
حجر بعد إيراده عنه وعن الطبراني: إسناد ابن أبي عاصم لا
بأس به أي وطريق الطبراني مضعف وذلك لأن فيه عنده ضرار بن
صرد قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي: متروك اه. وبه
يعرف أن المصنف لم يصب في عدوله عن ابن أبي عاصم واقتصاره
على الطبراني
(6/113)
8618 - (من جمع بين صلاتين من غير عذر)
كسفر ومطر كذا مثل به الشافعي للعذر (فقد أتى بابا من
أبواب الكبائر) تمسك به أبو حنيفة على منع الجمع في السفر
وقال الشافعية السفر عذر كما تقرر
(ت ك) كلاهما من حديث خنش عن عكرمة (عن ابن عباس) قال
الحاكم: وخنش ثقة ورده الذهبي في تلخيصه بأنهم ضعفوه قال
في تنقيح التحقيق: لم يتابع الحاكم على توثيقه فقد كذبه
أحمد والنسائي والدارقطني وقال البيهقي: تفرد به خنش وهو
ضعيف لا يحتج به وذكره ابن حبان في الضعفاء وتركه ابن معين
ورواه الدارقطني من هذا الوجه وقال: فيه خنش أبو علي
الرجبي متروك وقال ابن حجر: خرجه الترمذي وفيه خنس أبو قيس
وهو واه جدا وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بما هو تعسف
[ص:114] للمصنف فإن سلم عدم وضعه فهو واه جدا
(6/113)
8619 - (من جمع المال من غير حقه سلطه الله
على الماء والطين) أي سبب لجامعه صرفه في البنيان الذي
للرياء والسمعة أو فوق ما يحتاجه أو نحو ذلك
(هب عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي
خرجه وأقره والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه محمد بن عبد
الرحمن القشيري أي أحد رجاله من شيوخ بقية المجهولين اه.
وبقية مر الكلام فيه غير مرة وفي الميزان عن ابن عدي محمد
بن عبد الرحمن هذا منكر الحديث وساق له أحبارا هذا منها
وقال: قال الأزدي: كذاب متروك الحديث اه
(6/114)
8620 - (من جمع القرآن) لعل المراد حفظه
فإنهم بوبوا عليه ثواب حافظ القرآن (متعه الله بعقله حتى
يموت) أي لا يزال عقله موفرا تاما كاملا لا يعتريه خلل ولا
خبل كما يعرض لمن أدركه الهرم وطعن في السن غالبا
(عد) من حديث رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد (عن
أنس) بن مالك قال ابن الجوزي في العلل: قال ابن عدي: لا
يرويه عن جرير غير رشدين ورشدين قال يحيى: ليس بشيء
والنسائي: متروك اه
(6/114)
8621 - (من جهز غازيا) أي هيأ له أسباب
سفره أو أعطاه عدة الغزو ومنه تجهيز العروس وتجهيز الميت
(حتى يستقل) وفي رواية للبخاري أو خلفه في أهله بخير (كان
له مثل أجره حتى يموت أو يرجع) أي يستوي معه في الأجر إلى
انقضاء غزوه بموته أو فراغ الوقعة فالوعد مرتب على تمام
التجهيز المشار إليه بقوله حتى يستقل وعلى انقضاء الغزو
وذهب البعض إلى أن المراد بالأخبار الواردة بمثل ثواب
الفعل حصول الأجر بغير تضعيف وأن التضعيف يختص بالمباشرة
وهل هذا الثواب مقصور على من جهز من لا يستطيع الجهاد أو
عام؟ احتمالان أرجحهما الثاني إذ يكون يقدر على الجهاد
يمنعه الشح ومثل المجهز المعين كما في خبر مر وأفاد قوله
يستقل أنه لو جهز بعضا وترك بعضا لا يحصل له الثواب
الموعود بل له بقدر ما جهز وكذا جميع الطاعات من أعان
عليها كان له مثلها كما ذكره بعضهم
(هـ عن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا
أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما: وفيه صالح
بن معاذ شيخ البزار وبقية رجاله ثقات
(6/114)
8622 - (من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة
الظهر وأربع بعدها حرم على النار) أي نار جهنم وفي رواية
حرمه الله على النار وفيه أن رواتب الظهر أربع قبلها وأربع
بعدها لكن المؤكد ركعتان قبلها وركعتان بعدها
(4) في الصلاة (ك) من حديث مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان
(عن أم حبيبة) قال الذهبي في المهذب: هذا الحديث معلل على
وجوه وهو منقطع ما بين مكحول وعنبسة وقال أبو زرعة: مكحول
لم يسمع من عنبسة
(6/114)
8623 - (من حافظ على شفعة الضحى) بضم الشين
وقد تفتح من الشفع بمعنى الزوج والمراد ركعتا الضحى ويروى
بالفتح والضم كالغرفة وإنما سماها شفعة لأنها أكثر من
واحدة قال القتبي: الشفع الزوج ولم أسمع به مؤنثا إلا هنا
وأحسبه ذهب بتأنيثه إلى الفعلة أو الصلاة الواحدة (غفرت له
ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) أي كثيرة جدا والمراد
[ص:115] الصغائر على وزان ما مر
(حم ت هـ عن أبي هريرة) وفيه النهاس بن فهم القيسي قال في
الميزان: تركه القطان وضعفه ابن معين ثم أورد له هذا الخبر
(6/114)
8624 - (من حافظ على الأذان سنة وجبت له
الجنة) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من الشعب بدل وجبت
إلخ أوجب الجنة فلينظر والمراد من حافظ على ذلك محتسبا كما
قيده به في روايات أخر
(هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله
وسلم وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي أورده الذهبي
في الضعفاء والمتروكين فقال: كأنه المصلوب منهم
(6/115)
8625 - (من حاول أمرا) أي حصوله أو دفعه
(بمعصية) لله (كان أبعد لما رجا) أي أمل (وأقرب لمجيء ما
اتقى)
(حل) من حديث عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن إسحاق بن عبد
الله بن أبي طلحة (عن أنس) ثم قال: غريب من حديث مالك
وإسحاق لم يكتبه إلا من حديث محمد بن أحمد بن إدريس عن عبد
الوهاب بن نافع قال العقيلي: منكر الحديث فقال الذهبي: قلت
بل هالك
(6/115)
8626 - (من حج) زاد الطبراني والدارقطني أو
اعتمر (لله) أي لابتغاء وجه الله طلبا لرضاه والمراد
الإخلاص بأن لا يكون قصده نحو تجارة أو زيارة ويحتمل بتكلف
الحمل على الظاهر من أن المراد ابتغاء النظر إلى وجه الله
في الآخرة ورجاء الجنة والتخلص من النار (فلم يرفث) أي
يفحش من القول أو يخاطب امرأة بما يتعلق بجماع وفاؤه مثلثة
في الماضي والمضارع قال ابن حجر: والأفصح الفتح في الماضي
والضم في المستقبل (ولم يفسق) أي لم يخرج عن حد الاستقامة
بفعل معصية أو جدال أو مراء أو ملاحاة نحو رقيق أو أجير
والفاء في فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه (رجع) أي صار
(كيوم) بجره على الإعراب وبفتحه على البناء وإضافته لقوله
(ولدته أمه) في خلوه عن الذنوب وهو يشمل الكبائر والتبعات
وإليه ذهب القرطبي وعياض لكن قال الطبري: وهو محمول
بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها وقال
الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق الله لا العباد
ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها
لا نفسها فلو أخرها بعده تحدد إثم آخر ولم يذكر الجدال مع
النهي عنه في الآية لأنه أريد به الخصومة مع الرفقاء
اكتفاء بذكر البعض أو خروجا عن حدود الشريعة في الفسق أو
لاختلاف في الموقف لم يحتج لذكره هنا
(حم خ ن هـ عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أنه من تفردات
البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه لهما جمع منهم
الصدر المناوي
(6/115)
8627 - (من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن
آخر عهده الطواف بالبيت) طواف الوداع فهو واجب وإن نفر من
مني جير بالدم ولا يلزم حائضا طهرت خارج مكة ولو مكث بعده
أعاده
(حم 3 والضياء) المقدسي (عن الحارث ابن أوس أو ابن عبد
الله بن أوس (الثقفي) قال الذهبي: له حديث واحد في طواف
الوداع اختلف فيه على الحجاج بن أرطاة ومراده هذا الحديث
(6/115)
[ص:116] 8628 - (من حج فزار قبري بعد وفاتي
كان كمن زارني في حياتي) ومن ثم ذهب جمع من الصوفية إلى أن
الهجرة إليه ميتا كمن هاجر إليه حيا. وأخذ منه السبكي أنه
تسن زيارته حتى للنساء وإن كانت زيارة القبور لهن مكروهة
وأطال في إبطال ما زعمه ابن تيمية من حرمة السفر لزيارته
حتى على الرجال
(طب) عن ابن عمر قال الهيثمي: فيه عائشة بنت يونس ولم أجد
من ترجمها (هق عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي: تفرد
به حفص بن سليمان وهو ضعيف وقال ابن عدي: حفص هذا هو
القارئ ضعفوه جدا مع إمامته في القراءة ورمي بالكذب والوضع
ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر وأعله بأن فيه
حفص بن أبي داود ضعفوه ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع
لكن نازعه السبكي
(6/116)
8629 - (من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه
حجته وكان له فضل عشر حجج (1)) قال المحب الطبري: لا أعلم
أحدا قال بظاهره من الإجزاء عنهما بحج واحد وهو محمول على
أنه يقع للأصل فرضا وللفرع ثوابا
(قط عن جابر) بن عبد الله وفيه عثمان بن عبد الرحمن ضعفوه
وقال الغريباني في مختصر الدارقطني: فيه محمد بن عمرو
البصري الأنصاري كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا وقال ابن
نمير: لا يساوي شيئا
_________
(1) أي إذا كان الفاعل قد حج عن نفسه والقصد: الترغيب في
الحج عن الوالدين
(6/116)
8630 - (من حج عن والديه) لفظ رواية
الدارقطني أبويه (أو قضى عنهما بعثه الله يوم القيامة مع
الأبرار) جمع بار وهو الكثير البر المتسع في الإحسان
المتجنب العقوق والعصيان
(طس قط عن ابن عباس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني:
فيه صلة بن سليمان العطار متروك وفي الميزان: قال النسائي:
متروك والدارقطني: يترك حديثه قال: ومن مناكيره هذا الخبر
اه وقال الغرياني في اختصار الدارقطني: فيه صلة بن سليمان
عن ابن جريح تركوه قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع
عليه وقال ابن معين: ليس بثقة وقال مرة: كان كذابا ترك
الناس حديثه قال النسائي: متروك الحديث اه. فما أوهمه صنيع
المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه غير جيد
(6/116)
8631 - (من حدث) وفي رواية ابن ماجه من روى
(عني بحديث) لفظ روايات ابن ماجه حديثا وفي رواية له من
روى عني حديثا (وهو) أي والحال أنه (يرى) بضم ففتح يظن
وبفتحتين ذكره بعضهم وقال النووي: يرى ضبطنا بضمن الياء
والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع قال: وهذا هو
المشهور في اللفظين وقال عياض: الرواية عندنا الكاذبين على
الجمع قال الطيبي: وقوله أحد الكاذبين من باب القلم أحد
اللسانين والخال أحد الأبوين يعلم أنه كذب بكسر الكاف مصدر
وبفتح فكسر أي ذو كذب على حذف مضاف أو المصدر بمعنى الفاعل
(فهو أحد الكاذبين) بصيغة الجمع باعتبار كثرة النقلة
وبالتثنية باعتبار المفتري والناقل عنه والأول كما في
الديباج أشهر فليس لراوي حديث أن يقول قال الرسول إلا إن
علم صحته ويقول في الضعيف روى أو بلغنا فإن روى ما علم أو
ظن وضعه ولم يبين حاله أيدرج في جملة الكذابين لإعانته
المفتري على نشر فريته فيشاركه في الإثم كمن أعان ظالما
ولهذا كان بعض التابعين يهاب الرفع ويوقف قائلا الكذب على
الصحابي أهون
(حم م) في أول صحيحه (هـ) في السنة (عن سمرة) بفتح فضم
ففتح ابن جندب بضم الدال وفتحها ولم يخرجه البخاري رواه
ابن ماجه عن سمرة من طريقين وعن علي من طريقين وعن المغيرة
من طريق واحد
(6/116)
[ص:117] 8632 - (من حدث بحديث) وفي رواية
حديثا (فعطس عنده فهو حق) لأن للروح كشف غطاء عن الملكوت
وذكر هنالك فإذا تحرك لذلك تنفس وهو عطاسه فإذا كان في ذلك
الوقت كان وقت تحقق الحديث
(الحكيم) الترمذي من طريق معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن
الأعرج (عن أبي هريرة) قال المصنف في الدرر تبعا للزركشي:
وحسنه النووي في فتاويه وأخطأ من قال إنه باطل وظاهر صنيع
المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من الحكيم وهو عجب فقد خرجه
الطبراني في الأوسط وأبو يعلى باللفظ المذكور كلهم من
الطريق المذكور وقال أعني الطبراني: لا يروى عن النبي صلى
الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وكذا أبو يعلى والديلمي
قال الهيثمي: وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف اه.
وعزاه النووي في الأذكار لأبي يعلى ثم قال: كل إسناده ثقات
متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه قال: وأكثر الحفاظ
والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين وقد رواه معاوية
الشامي وممن خرجه البيهقي في الشعب وقال: إنه منكر اه.
وبالجملة هو حديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزي: ويكفي
في رده قول النووي في فتاويه: له أصل أصيل اه وقول بعضهم:
حديث باطل وإن كان إسناده كالشمس إذ كيف يجوز أن يثبت أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بصدق كل محدث عطس عنده
وكم أرى في الناس من كذاب ومحدث بباطل قارن حديثه العطاس:
رده الزركشي وغيره بأن إسناده إذا صح ولم يكن في العقل ما
يأباه وجب تلقيه بالقبول وقد صح في الحديث العطاس من الله
وكان هذا الأمر المضاف إلى الله حق ولا يضاف إليه إلا حق
(6/117)
8633 - (من حسب كلامه من عمله قل كلامه
فيما لا يعنيه) قال الغزالي: بين بهذا الخبر أن حرص
الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن
الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله
وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين
وإهماله وتضييعه خسران مبين هذا علاجه من حيث العلم وأما
علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكوت
(ابن أبي السني عن أبي ذر)
(6/117)
8634 - (من حضر معصية) وهي مخالفة الشارع
بترك واجب أو فعل محرم أعم من الكبائر والصغائر (فكرهها
فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها فكأنه حضرها) لأن من
ود شيئا كان من عمله ولهذا خاطب الله سبحانه بني إسرائيل
بقوله {وإذا قتلتم نفسا} مع أن القائلين هم الماضون من
أسلافهم
(هق عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن أبي سليم أو ابن أبي
سليمان قال الذهبي: غير قوي
(6/117)
8635 - (من حضر إماما) أي مجلسه والمراد
الإمام الأعظم ومثله نوابه وكذا القضاة وكل ذي ولاية عامة
(فليقل خيرا أو ليسكت) قال في الفردوس: يعني بالإمام
السلطان ويلحق به من ذكر
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه صالح بن محمد
بن زياد وثقه أحمد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات وأعاده في
موضع آخر وقال: فيه محمد بن محمد التمار قال ابن حبان: ثقة
وربما أخطأ وقد أكثر عنه الطبراني
(6/117)
[ص:118] 8636 - (من حفظ على أمتي) يعني نقل
إليهم بطريق التخريج والإسناد على ما سيجيء (أربعين حديثا
من السنة) صحاحا أو حسانا قيل أو ضعافا يعمل بها في
الفضائل (كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة) وفي رواية كتب
في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء وفي رواية بعثه الله
يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء قال الأصفهاني:
واختلف في هذه فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث
الأحكام وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن
سليمة من القدح كيفما كانت وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على
مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة وذهب بعضهم
إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين وتوافق حال المتبصرين وكلها
صواب والمرجع إلى حقيقة يقين العبد وما أعد الله لأهل
طاعته من الثواب في دار الحساب وكل من ذهب إلى واحد من هذه
الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام به بمعرفة ورشاد نال
من الله ما وعده رسوله يوم المعاد ووجه إيثار هذا العدد
بذلك أن الأربعين أقل عدد له ربع عشر صحيح فكما دل حديث
الزكاة على تطهير ربع العشر الباقي فكذا العمل بربع عشر
الأربعين يخرج باقيها عن كونه غير معمول به فخصت بالذكر
إشارة لذلك
(عد عن ابن عباس) قال النووي: طرقه كلها ضعيفة وقال الزين
العراقي: رواه أيضا ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر
وضعفه وقال العلائي: تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي قال
أحمد وابن معين: كذاب وقال ابن عدي: وضاع وقال صالح: هذا
الحديث باطل وقال البيهقي في الشعب: بين مشهور بين الناس
وليس إسناده بصحيح وقال ابن عساكر: الحديث روي عن علي وعمر
وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء
وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال
لكن كثرة طرقه تقويه وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه
(6/118)
8637 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من
سنتي) ونقلها إليهم (أدخلته يوم القيامة في شفاعتي (1))
فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد وإن حفظ عن ظهر
قلب إذ المدار على نفع الأمة ولم يوجد واستنباط معنى من
النص يخصصه سائغ ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد
كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل وإن كان
يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه ففي دخوله في
هذا الوعد وقفة إذ لم يحفظ هو على الأمة وإنما حافظه صاحب
الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس
كدخول المسند للمجتهد وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك
الديوان وتقريب تناوله لا أجر إسناده وحاصله أنه إن لم
يحفظه الحفظ التام لم يدخل في الوعد الدخول التام ذكره
العز بن جماعة وحاول بعض أهل القرن العاشر اعتراضه فلم يأت
بطائل
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري قال ابن حجر:
حديث من حفظ ورد في رواية ثلاثة عشر صحابيا خرجها ابن
الجوزي في العلل بين ضويعفها كلها وأفرده المنذري بجزء
ولخصت القول فيه في الإملاء ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها
طريق تسلم من علة قادحة اه
_________
(1) قال العلقمي: الحفظ هو ضبط الشيء ومنعه من الضياع
فتارة يكون حفظ العلم بالقلب وإن لم يكتب وتارة في الكتاب
وإن لم يحفظ بقلبه فلو حفظ في كتابه ثم نقل إلى الناس دخل
في وعد الحديث وإن كتبها في عشرين كتابا
(6/118)
8638 - (من حفظ ما بين فقميه) بضم الفاء
وفتحها لحييه وهو الفم من أكل الحرام وقبيح الكلام
(ورجليه) وهو الفرج [ص:119] من نحو زنا ولواط وسحاق
ومقدماتها فمن قصره على الزنا فقد قصر في رواية من حفظ لي
ومعنى كون النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا له أنه طالب
لهذه المحافظة ونفعها راجع إليه لأنه هو الهادي واهتداء
المدلول نافع له (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من
غير سابقة عذاب وإلا فلو لم يحفظها دخل أيضا بعد التعذيب
بل إن سومح لم يعذب
(حم ك) في الحدود وكذا أبو يعلى والطبراني كلهم (عن أبي
موسى) الأشعري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال
المنذري: رواته ثقات وقال الهيثمي: رجال الطبراني وأبي
يعلى ثقات والظاهر أن الراوي الذي سقط عند أحمد سليمان بن
يسار
(6/118)
8639 - (من حفظ عشر آيات من أول) وفي رواية
من آخر (سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) لما في قصة أهل
الكهف من العجائب فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال فلا يفتن
أو لأن من تدبر هذه الآيات وتأمل معناها حذره فأمن منه أو
هذه خصوصية أودعت في السورة (1) ومن ثم ورد في رواية كلها
وعليه يجتمع رواية من أول ومن آخر ويكون ذكر العشر
استدراجا لحفظ الكل والتعريف للعهد أو للجنس لأن الدجال من
يكثر الكذب والتمويه وفي خبر يكون في آخر الزمان دجالون
وفيه جواز الدعاء بالعصمة من نوع معين والممتنع الدعاء
بمطلقها لاختصاصها بالنبي صلى الله عليه وسلم والملك
(حم م) في الصلاة (د) في الملاحم (ن) كلهم (عن أبي
الدرداء) ووهم الحاكم فاستدركه وقال الترمذي: حسن صحيح ولم
يخرجه البخاري
_________
(1) فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال ويجوز أن يكون التخصيص
بها لما فيها - أي العشر الآيات الأول - من ذكر التوحيد
وخلاص أصحاب الكهف من شر الكفرة المتجبرة
(6/119)
8640 - (من حفظ لسانه) أي صانه عن النطق
بالكذب وغيره من المحرمات (وسمعه) من الاستماع إلى ما لا
يجوز كغيبة ونميمة (وبصره) عن النظر إلى محرم أو صورة
مليحة بشهوة نفس أو إلى مسلم بعين الاحتقار (يوم عرفة غفر
له من عرفة إلى عرفة) ظاهر اللفظ يشمل الواقف بعرفة وغيره
لكن قضية السياق أن الكلام في الحاج الواقف بها فتدبر
(هب عن الفضل) بن عباس ورواه عنه أبو يعلى أيضا
(6/119)
8641 - (من حلف على يمين) أي بها وهو مجموع
المقسم به والمقسم عليه لكن المراد هنا المقسم عليه مجازا
ذكرا للكل وإرادة للبعض (فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي
هو خير وليكفر عن يمينه) يعني من حلف يمينا جزما ثم بدا له
أمر فعله أفضل من إبرار يمينه فليفعل ذلك الأمر ويكفر بعد
فعله وفي جواز التكفير قبل الحنث وبعد اليمين خلاف جوزه
الشافعية ومنعه الحنفية
<فائدة> قيل اليمين ضروري لا يغتفر إلى تعريف وقيل غير
ضروري للاختلاف في التعاليق هل هي أيمان أو التزامات؟
والضروري لا يختلف وإذا بطل كونه ضروريا فالنظر يفتقر
للتعريف وعرفه ابن العربي بأنه ربط العقد بالامتناع من
الفعل أو القدوم عليه بمعظم حقيقة أو اعتقادا ونوزع بخروج
اليمين الغموس واللغو والتعاليق
(حم م ت) في الأيمان (عن أبي هريرة) قال: أعتم رجل عند
النبي صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أهله فوجد الصبية ناموا
فأتاه أهله بطعام فخلف لا يأكل لأجل الصبية ثم بدا له فأكل
فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر فذكره ولم يخرجه
البخاري
(6/119)
[ص:120] 8642 - (من حلف بغير الله فقد كفر)
وفي رواية أشرك أي فعل فعل أهل الشرك أو تشبه بهم إذ كانت
أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله أو فقد أشرك في
تعظيم من لم يكن أن يعظمه لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله
فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له فهو يشرك غير الله في
تعظيمه ورجحه ابن جرير. ومن هذا التقرير علم أن من زعم أن
الخبر ورد على منهج الزجر والتغليظ فقد تكلف قال النووي:
ومن المكروه قول الصائم وحق هذا الخاتم الذي على فمي
(حم ت ك) في الأيمان (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال الحاكم:
على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر:
إسناده على شرط مسلم وقال الزين العراقي في أماليه: رجاله
ثقات
(6/120)
8643 - (من حلف) أي أراد الحلف (فليحلف برب
الكعبة) لا بالكعبة فإن الحلف بمخلوق مكروه وإن كان عظيما
كالكعبة والأنبياء والملائكة وإقسام الله ببعض مخلوقاته
تنبيه على شرفها
(حم هق عن قتيلة) بقاف مضمومة ومثناة فوقية مفتوحة مصغرا
(1) (بنت صيفي) الجهنية والأنصارية صحابية من المهاجرات
_________
(1) قالت قتيلة: جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: نعم القوم أنتم يا محمد لولا أنكم تشركون قال: سبحان
الله وما ذلك قال: تقولون والكعبة إذا حلفتم فأمهل رسول
الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال: إنه قد قال من حلف
فليحلف برب الكعبة ثم قال: نعم القوم أنتم لولا أنكم
تجعلون لله ندا قال: وما ذاك قال: تقولون ما شاء الله وشئت
قال: فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إنه قد
قال من قال ما شاء الله فليقل ثم شئت
(6/120)
8644 - (من حلف علي يمين) أي على محلوف
يمين قال القاضي: إنما قال على يمين تنزيلا للحلف منزلة
المحلوف عليه اتساعا (صبر) بفتح الصاد وسكون الموحدة هي
التي تلزم ويجبر حالفها عليها حال كونه (يقتطع بها) أي
بسبب اليمين (مال) وفي رواية حق (امرئ) وهي بالترجيح أحق
لعمومها وشمولها غير المال كحد قذف ونصيب زوجة في قسم ونحو
ذلك (مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك بل حقه أوجب
رعاية لإمكان أن يرضي الله المسلم المظلوم يوم الجزاء برفع
درجاته فيعفو عن ظالمه والكافر لا يصلح لذلك (هو فيها
فاجر) أراد بالفجور لازمه وهو الكذب وقال القاضي: أقام
الفجور مقام الكذب ليدل على أنه من أنواعه (لقي الله) يوم
القيامة (وهو عليه غضبان) فيعامله معاملة المغضوب عليه من
كونه لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يكرمه بل يهينه ويعذبه أو
وهو عليه غضبان أي مريد لعقوبته وإذا لقيه وهو يريدها جاز
بعد ذلك أن يرفع عنه تماديه بشرط أن لا يكون متعلق إرادته
عذاب واصب فإن ما تعلق به وصف الإرادة لا بد من وقوعه.
وغفران الجرائم أصل من أصول الدين إما بالموازنة أو بالطول
المحض. والتنوين للتهويل أو للإشارة إلى عظم هذه الجريمة
وفي رواية لقي الله أجذم وفي أخرى أوجب الله له النار وحرم
عليه الجنة وهذا خرج مخرج الزجر والمبالغة في المنع بدليل
تأكيد إيجاب النار في الرواية الأخيرة بتحريم الجنة فإن
أحدها يستلزم الآخر والمقام يقتضي التأكيد إذ مرتكب هذه
الجريمة قد بلغ في الاعتداء الغاية حيث اقتطع حق امرئ لا
تعلق له به واستخف بحرمة الإسلام ومع ذلك فلا يجري على
ظاهره وفيه أن اقتطاع الحق يوجب دخول النار إلا أن يبرئ
صاحب الحق أو يعفو عن الحق والكلام فيما إذا حلف باسم من
أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته فإن حلف بغير ذلك فليس
بيمين شرعي وإنما سموه الفقهاء يمينا مجازا كمن حلف بطلاق
أو عتاق أو مشى لأنه إنما علق فعله بشرط فإنه إذا وقع
الشرط وقع المشروط
(حم ق 4 عن الأشعث بن قيس) بن معد يكرب بن معاوية الكندي
اسمه معد يكرب وفد في قومه [ص:121] فأسلموا ثم ارتد بعد
النبي صلى الله عليه وسلم فأسر فأسلم فزوجه أبو بكر أخته
ثم شهد اليرموك والقادسية وكان ممن ألزم عليا بالتحكيم
(وابن مسعود) وهذا الحديث فيه قصة وذلك أن ابن مسعود لما
حدث بذلك في مجلسه دخل الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو
عبد الرحمن قالوا: كذا وكذا قال: صدق في نزلت كان بيني
وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى المصطفى صلى الله عليه
وسلم فقال: هل لك بينة قلت: لا قال: فيمينه قلت: إذن يحلف
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك - فذكره -
فنزلت {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا}
الآية
(6/120)
8645 - (من حلف على يمين) أي من حلف يمينا
بالله أو بطلاق (فقال) متصلا باللفظ (إن شاء الله فقد
استثنى (1)) أي فلا حنث عليه كما في رواية الترمذي وذلك
لأن المشيئة وعدمها غير معلوم والوقوع بخلافها محال. وفي
تعبيره بالفاء في فقال إشعار بالاتصال لأنها موضوعة لغير
التراخي فمتى انفصل الاستثناء لم يؤثر والاستثناء استفعال
من المثنى بضم فسكون من ثنيت الشيء إذا عطفته فإن المستثنى
عطف بعض ما ذكره لأنها عرفا إخراج بعض ما تناوله اللفظ
بإلا وأخواتها
(د ن ك) في الأيمان وصححه (عن ابن عمر) بن الخطاب يرفعه
ووقفه بعضهم وقول الترمذي لم يرفعه غير أبي أيوب تعقبه
مغلطاي بأن غيره رفعه أيضا وقال ابن حجر: رجاله ثقات
_________
(1) ولا فرق بين الحلف بالله أو بالطلاق أو بالعتاق عند
أكثرهم وقال مالك والأوزاعي: إذا حلف بطلاق أو عتاق
فالاستثناء لا يغني عنه شيئا وقال المالكية: الاستثناء لا
يعمل إلا في يمين تدخلها الكفارة ولا بد من قصد التعليق
فلو قصد التبرك بذكر الله أو أطلق وقع الطلاق
(6/121)
8646 - (من حلف بالأمانة) أي الفرائض كصلاة
وصوم وحج (فليس منا) أي ليس من جملة المتقين معدودا ولا من
جملة أكابر المسلمين محسوبا وليس من ذوي أسوتنا فإنه من
ديدن أهل الكتاب ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته
والأمانة أمر من أموره فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين
السماء والصفات فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء قال
الطيبي: ولعله أراد الوعيد عليه لكونه حلفا بغير الله
وصفاته ولا تتعلق به الكفارة وفاقا وقال الشافعية: من قال
علي أمانة الله لأفعلن كذا وأراد اليمين كان يمينا وإلا
فلا وقال أشهب المالكي: الأمانة محتملة فإن أريد بها بين
الخلق فغير يمين وإن أريد بها التي هي من صفات ذاته تعالى
فهي يمين ولهذا صح الحلف بالصفات (1)
(د) في الأيمان والنذور (عن بريدة) وإسناده صحيح كما في
الأذكار وفي الرياض: حديث صحيح
_________
(1) وإذا قال الحالف وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة
ولم يعدها الشافعي يمينا
(6/121)
8647 - (من حمل) وفي رواية من شهر (علينا
السلاح) أي قاتلنا بالسلاح فهو منصوب بنزع الخافض وجعلهم
مفعول حمل وعلينا حال أي حمله علينا لا لنا لنحو حراسة عن
دفع عدو ذكره الطيبي وهو هنا ما أعد للحرب وفي رواية بدل
السلاح السيف وكنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل اللازم له
غالبا قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد
الوضع ويكون كناية عن القتال به ويحتمل أن المراد حمل
للضرب به وكيفما كان ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين
والتشديد فيه وقال ابن العربي: حمل السلاح لا يخلو أن يكون
باسم حرابة أو تأويل أو ديانة فإن كان لحرابة فجزاؤه نص في
الكتاب أو منازعة في ولاية فهم البغاة بشرطه أو لديانة فإن
كانت بدعة فإن كفرناه بها فمرتد وإلا فكمحارب في القتل
والقتال (فليس منا) إن استحل ذلك فإن لم يستحل فالمراد ليس
متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بطرائقنا. أطلقه مع احتمال
إرادة ليس على ملتنا مبالغة في الزجر عن إدخال الرعب على
الناس وجمع الضمير ليعم جميع الأمة
(مالك [ص:122] حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه مسلم
عن أبي هريرة وزاد فيه ومن غشنا فليس منا
(6/121)
8648 - (من حمل بجوانب السرير) الذي عليه
الميت (الأربع غفر له أربعون كبيرة) ومنه أن حمل الجنازة
ليس فيه دناءة بل هو مستحب لما فيه من بر الميت وإكرامه
وبهذا أخذ الخنفية فذهبوا إلى أن التربيع أفضل من الحمل
بين العمودين وقال الشافعية: الحمل بين العمودين أفضل
(ابن عساكر) في التاريخ (عن واثلة) بن الأسقع رواه عنه
أيضا الطبراني في الكبير والأوسط وفيه علي بن عمارة وهو
ضعيف كما قال الهيثمي
(6/122)
8649 - (من حمل من) وفي رواية عن (أمتي
أربعين حديثا بعثه الله) في رواية لقي الله (يوم القيامة
فقيها عالما) يعني حشر يوم القيامة في زمرة الفقهاء
والعلماء أو أعطي مثل ثواب الفقيه العالم وجعل معه في
درجته وهذا تنويه عظيم بفضل رواية الحديث وحفظه
(عد عن أنس) وفيه عمر بن شاكر قال في الميزان: بصري واه له
عن أنس نحو عشرين حديثا مناكير وقال ابن عدي: له نسخة نحو
عشرين حديثا غير محفوظة ثم سرد منها هذا الخبر ثم قال في
الميزان: قلت هذا من وضع سليمان بن سلمة اه
(6/122)
8650 - (من حمل) من السوق (سلعته) بكسر
السين بضاعته والجمع سلع كسدرة وسدر ولفظ رواية البيهقي من
حمل بضاعته (فقد برئ من الكبر) وذلك لما يلزم الحمل من
التواضع وطرح النفس قال الحرالي: وإذا كان ذا فيمن يحمل
متاعه فكيف بمن يحمل أمتعة الناس إعانة لهم؟ والكبر آية
المطرودين عن منازل النعيم وهذا حث على التواضع وترك عادة
أهل النخوة
(هب) وكذا ابن لال (عن أبي أمامة) قضية صنيع المصنف أن
مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله في
إسناده ضعف اه وذلك لأن فيه سويد بن سعيد وهو ضعيف عن بقية
وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقي قال في الميزان: لا
يعتمد عليه ولا يعرف ولعله الوجهي
(6/122)
8651 - (من حمل أخاه) في الدين (على شسع)
في رواية على شسع نعل والشسع بالكسر قبال النعل (فكأنما
حمله على دابة في سبيل الله) في رواية بدله فكأنما حمله
على فرس شاك في السلاح في سبيل الله
(خط عن أنس) وفيه محمد بن جبار قال الخطيب: يحدث بمناكير
اه وأورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن منده: ليس بذلك
والصوري ضعيف وفيه أبو معمر مجهول وعبد الواحد بن زيد قال
الذهبي: قال البخاري والنسائي: متروك وقال ابن الجوزي:
حديث لا يصح
(6/122)
8652 - (من حوسب عذب) بالبناء للمفعول يعني
من حوسب بمناقشة كما يدل عليه الخبر الآتي من نوقش الحساب
عذب والمراد هنا المبالغة في الاستيفاء والمعنى وتحرير
الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب لأن حسنات العبد موقوفة
على القبول وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا تحصل
النجاة
(ن والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك وقضية تصرف المصنف
أن هذا الحديث مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد
خرجه مسلم في أواخر صحيحه من حديث عائشة بلفظ من حوسب يوم
القيامة عذب قيل أليس قال الله {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}
فقال: ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم
القيامة عذب اه بنصه
(6/122)
|