فيض القدير شرح
الجامع الصغير (حرف النون)
(6/280)
9252 - (ناركم هذه) أي التي توقدونها في
جميع الدنيا وتنتفعون بها فيها (جزء) واحد (من سبعين جزءا)
وفي رواية لأحمد من مئة جزء وجمع بأن المراد المبالغة في
الكثرة لا العدد الخاص أو الحكم للزائد (من نار جهنم لكل
جزء منها [ص:281] حرها) أي حرارة كل جزء من السبعين جزءا
من نار جهنم مثل حرارة ناركم. قال القاضي: معناه أن النار
التي نجدها في الدنيا بالنسبة إلى نار جهنم في حرها
ونكايتها وسرعة اشتعالها واحد في سبعين وكأنها فضلت على ما
عندها بتسعة وستين جزءا من الشدة والحرارة ولذلك تتقد فيها
نيران الدنيا كالناس والحجارة وقضية صنيع المؤلف أن هذا
مما لم يخرجه أحد الشيخين والأمر بخلافه بل خرجه البخاري
في الصحيح ولفظه: ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم
قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية؟ قال: فضلت عليهن بتسعة
وتسعين جزءا كلهن مثل حرها انتهى بنصه. فأعاد عليه السلام
حكاية تفضيل نار جهنم ليتميز عذاب الله عن عذاب الخلق وقال
حجة الإسلام: نار الدنيا لا تناسب جهنم لكن لما كان أشد
عذاب في الدنيا عذاب النار عرف عذاب جهنم بها وهيهات لو
وجد أهل الجحيم مثل هذه النار لخاضوها هربا مما هم فيه وفي
رواية لأحمد: جزء من مئة جزء والحكم للزائد
(ت) في صفة جهنم (عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وقضية
تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان لتخريجه وهو عجب
فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: ناركم هذه التي
يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا: والله
إن كانت لكافية يا رسول الله؟ قال: فإنها فضلت عليها بتسعة
وستين جزءا كلها مثل حرها اه
(6/280)
9253 - (ناموا فإذا انتبهتم فأحسنوا) يحتمل
أن المراد به القيام إلى التهجد
(هب عن ابن مسعود) ورواه عنه البزار أيضا قال البيهقي:
وفيه يحيى بن المنذر ضعفه الدارقطني وغيره
(6/281)
9254 - (نبات الشعر في الأنف) وعدم نباته
لفساد المنبت يؤذن باستعداد البدن لعروض الجذام. وهذا من
دقائق الحكمة التي كان يعلمها المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قال الحرالي: كان يتكلم في علوم الأولين بكلمات يعجز عنها
إدراك الخلق لأن الخلق لا يستطيعون حصر المحسوسات غاية
إدراكهم حصر كليات المعقولات ومن استجلى أحواله علم إطلاع
حسه على إحاطة المحسوسات وأحكامها. قال ابن الكمال: وفيه
دلالة على أن الأمر يكون من العلل أيضا فاندفع تمسك
الشافعي ومالك بقوله تعالى: {فإذا أمنتم} الآية في
الاحتجاج على أن الإحصار لا يكون إلا عن (1) والجذام
معروف. قال الجوهري: الجذام كالصدام بالكسر وقال الأزهري:
بالضم وفي مجمع الأمثال للميداني: هذا هو القياس لأن هذه
الأدواء على هذه الصيغة وردت كالزكام والجذام والصداع
(ع) عن شيبان عن فروخ عن أبي الربيع السمان واسمه أشعث بن
سعيد عن هشام عن عروة عن عائشة (طس) عن أحمد الأبار عن
عبيد بن محمد التيمي عن أبي الربيع (عن عائشة) قال ابن
الجوزي: موضوع وأبو الربيع متروك. وسئل ابن معين عن هذا
الحديث فقال: باطل وكذا قال البغوي وابن حبان. قال المؤلف:
والأشبه أنه ضعيف لا موضوع وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى
والبزار والطبراني وفيه الربيع والسمان وهو ضعيف وفي
الميزان: قال البغوي: هذا باطل. اه
_________
(1) بياض بالأصل ولعل تقدير الكلام: إلا عن قهر: وباقي لفظ
الحديث (أمان من الجذام) والله أعلم. اه
(6/281)
9255 - (نبدأ بما بدأ الله به) فنبدأ
بالصفا قبل المروة. وهذا وإن ورد على سبب لكن العبرة بعموم
اللفظ فيقدم على مقدم كالوجه في الوضوء
(حم 3) عن جابر بن عبد الله رمز لصحته
(6/281)
9256 - (نجاء أول هذه الأمة) وهم الصحب
والتابعون بإحسان (ومن داناهم) من السلف (باليقين والزهد)
الذي هو من صفات [ص:282] العلم القطعي الذي فوق المعرفة
فعلى قدر قربهم من التقوى أدركوا من اليقين والمصطفى صلى
الله عليه وسلم في هذا المقام أرفع العالمين قدرا (ويهلك)
أي يكاد يهلك (آخرها بالبخل والأمل) أي بالاسترسال فيهما.
والمراد أن الصدر الأول قد تحلوا باليقين والزهد وتخلوا من
البخل والأمل وذلك من أسباب النجاة من العقاب وفي آخر
الزمان ينعكس الحال وذا من الأسباب المؤدية للهلاك ومع ذلك
تكون طائفة مقامة على أمر الله ظاهرين على الحق إلى قرب
قيام الساعة. فلا تعارض بين هذا الخبر وخبر: أمتي مثل
المطر: لا يدرى أوله خير أم آخره؟ لأن المراد بعض الأمة.
وفيه ذم البخل والآمل لكن إنما يذم من الأمل: الاسترسال
كما تقرر أما أصله فلا بد منه لقيام هذا العالم. قال
الحسن: السهو والأمل نعمتان عظيمتان ولولاهما ما مشى الناس
في الطريق. وقال الثوري: خلق الإنسان أحمق ولولا ذلك لما
تهنأ بالعيش وإنما عمرت الدنيا بقلة عقول أهلها ومر عيسى
بشيخ يثير الأرض بمسحاته فقال: اللهم انزع أمله فوضع
مسحاته واضطجع فدعا عيسى برد أمله فعمل فسأله فقال: بينا
أعمل قالت نفسي أنت شيخ كبير فإلى متى تعمل؟ فتركت ثم قالت
لا بد من عيش ما بقيت فعملت
(ابن أبي الدنيا) وكذا ابن لال (عن ابن عمرو) بن العاص قال
العلائي: هو من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده وابن لهيعة لا يحتج به
(6/281)
9257 - (نح الأذى) من نحو شوك وحجر (عن
طريق المسلمين) فإنه لك صدقة والأمر للندب ويظهر أن المراد
الطريق المسلوك لا المهجور
(ع حب عن أبي برزة الأسلمي)
(6/282)
9258 - (نزل الحجر الأسود من الجنة) زاد
الآزرقي: مع آدم: أي حقيقة واتساعا: بمعنى أنه بما فيه من
اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وذلك لأن
الجنة وما فيها خلق غير قابل للزوال مباين لما خلق في دار
الدنيا وقد كسر الحجر وذلك من أقوى أسباب الزوال فاضطر
الحال إلى تأويله بأنه لما فيه من السر والكرامة يشارك
جواهر دار البقاء (وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا
بني آدم) وإنما لم يبيضه توحيد أهل الإيمان لأنه طمس نوره
لتستر زينته عن الظلمة فالسواد كالحجاب المانع من الرؤية
أو لأن اسوداده للاعتبار ليعرف أن الخطايا إذا أثرت في
الحجر ففي القلوب أولى وقال بعضهم: إنما سودته الخطايا دون
غيره من أجزاء البيت لأنه ألقم ما كتب فيه من العهد يوم
{ألست بربكم} وهو الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيده
فكل مولود يولد على الفطرة وقلبه أبيض بسبب ذلك العهد ثم
يسود بالذنوب فكذا الحجر الذي ألقم فيه العهد وقال القاضي:
لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم أمر
الخطايا والذنوب والمعنى أن الحجر لما له من الشرف
والكرامة ولما فيه من الأمن والبركة يشارك جواهر الجنة
فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد
فتجعل المبيض مسودا فكيف بقلوبهم؟ لأنه من حيث إنه مكفر
للخطايا محاء الذنوب كأنه من الجنة من كثرة تحمله أوزار
بني آدم صار كأنه ذا بياض شديد فسودته خطاياهم هذا واحتمال
إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا وسمعا
(ت) وكذا النسائي (في الحج عن ابن عباس) قال في الفتح:
وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط لكن له طريق آخر
في صحيح ابن خزيمة فتقوى بها اه. وقال في المنار: هو من
رواية جرير عن عطاء ولا ينبغي أن يصحح ما يرويه عطاء
(6/282)
[ص:283] 9259 - (نصبر ولا نعاقب) قال ذلك
يوم أحد لما مثل بحمزة فأنزل الله يوم الفتح {وإن عاقبتم
فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية
(عم عن أبي) بن كعب
(6/283)
9260 - (نصرت) يوم الأحزاب وكانوا اثني عشر
ألفا حين حاصروا المدينة (بالصبا) بفتح الصاد مقصورا:
الريح التي تجيء من ظهرك إذا استقبلت القبلة وتسمى القبول
بفتح القاف لأنها تقابل باب الكعبة وفي التفسير: إنها التي
حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل السير إليه فإليها يستريح كل
محزون فأرسلت عليهم الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب عليهم
وأخمدت نارهم وقلعت خيامهم فانهزموا (وأهلكت) بضم الهمزة
وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال تجيء من
قبل الوجه إذا استقبلت القبلة فأتت تقلع الشجر وتهدم
البيوت وترفع الظعينة بين السماء والأرض حتى ترى كأنها
جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم. ومن لطيف المناسبة
أن القبول نصرت أهل القبول والدبور أهلكت أهل الإدبار وفيه
تفضيل بعض المخلوقات على بعض وإخبار المرء عن نفسه بما
فضله الله به على جهة التحديث بالنعمة والشكر لا الفخر
والإخبار عن الأمم الماضية وأهلها
(حم ق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير
(6/283)
9261 - (نصرت يوم الأحزاب بالصبا) في غزوة
الخندق (وكانت عذابا على من كان قبلي) فقد هلك بها عاد
وغيرهم. وهذه الريح قد سخرت لسليمان عليه السلام أيضا
{غدوها شهر ورواحها شهر} لكن معجزة نبينا أظهر لأن تلك
سخرت لذات مولانا سليمان عليه السلام وهذه سخرت لصفة من
صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هيئته فتلك
إنما كانت تسير بأمر سليمان عليه السلام وهذه تسير من غير
توسط أمر من نبينا عليه الصلاة والسلام فهو من تشبيه
الأعلى بالعلي كما في: كما صليت على إبراهيم
(الشافعي) في مسنده (عن محمد بن عمر) بن علي بن أبي طالب
(مرسلا) هو في التابعين متعدد فكان ينبغي تمييزه. وأخرج
الترمذي في العلل عن ابن عباس قال: أتت الصبا الشمال
فقالت: مر بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله
وسلم فقالت الشمال: إن الحرة لا تسري بالليل فكانت الريح
التي نصر بها الصبا
(6/283)
9262 - (نصف ما يحفر لأمتي من القبور من
العين) هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق ثلث منايا
أمتي من العين وقد يجاب بأنه أراد بكل منهما التقريب لا
التحديد والنصف يقرب من الثلث والمراد نحوهما وما بينهما
أو أنه أطلق النصف والثلث غير مريد بهما حقيقتهما بل
إعلاما بأن تأثير العائن في الناس بحيث يفضي إلى التلف
بالكلية أمر كثير جدا أو أنه أعلم أولا بالقليل ثم أوحي
إليه بالكثير
(طب عن أسماء بنت عميس) قال الهيثمي: وفيه علي بن عروة
الدمشقي وهو كذاب وقال الذهبي: قال ابن حبان: يضع الحديث
(6/283)
9263 - (نضر الله) بضاد معجمة مشددة وتخفف
قال في البحر: وهو أفصح وقال الصدر المناوي: أكثر الشيوخ
يشددون وأكثر أهل الأدب يخففون من النضارة: الحسن والرونق
(امرءا) أي رجلا ومؤنثه: امرأة وفيه لغات: مرءا: بفتح
الميم وكسرها وضمها وامرءا: بزيادة همزة الوصل مع ضمها ومع
فتحها ومع كسرها في سائر الأحوال ومع تغيره باعتبار
إعرابها فتضم الراء مع الرفع وتفتح مع النصب وتكسر مع الجر
والمعنى: خصه الله بالبهجة [ص:284] والسرور أو حسن وجهه
عند الناس وحاله بينهم وأصله: {نضرة النعيم} (سمع منا
شيئا) من الأحاديث بما رزق من العلم والمعرفة والمراد
بقوله شيئا: عموم الأقوال والأفعال الصادرة من المصطفى صلى
الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بدليل
صيغة منا بلفظ الجمع ولهذا أوقع امرءا موقع عبدا وهو أعم
من العبد لما في العبد من معنى الإستكانة والمضي لأمر الله
ورسوله بلا امتناع وعدم الإستنكاف مع أداء ما سمع إلى من
هو أعلم منه فإن حقيقة العبودية مشعرة بذلك (فبلغه) أي
أداه إلى من يبلغه (كما سمعه) أي من غير زيادة ولا نقص فمن
زاد أو نقص فهو مغير لا مبلغ فيكون الدعاء مصروفا عنه قال
الطيبي: كما سمعه: إما حال من فاعل بلغه وإما مفعول مطلق
وإما موصولة أو مصدرية قال التوربشتي: ورب: موضوعة للتقليل
فاستعيرت في الحديث للتكثير (فرب مبلغ) بفتح اللام (أوعى)
أي أعظم تذكرا. قال المظهر: وعى يعي وعيا: إذا حفظ كلاما
بقلبه ودام على حفظه ولم ينسه. وقال الطيبي: الوعي: إدامة
الحفظ وعدم النسيان (من سامع) لما رزق من جودة الفهم وكمال
العلم والمعرفة. وخص مبلغ سنته بالدعاء لكونه سعى في نضارة
العلم وتجديد السنة فجوزي بما يليق بحاله وقد رأى بعض
العلماء المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النوم
فقال له: أنت قلت نضر الله امرءا إلخ؟ قال: نعم ووجهه
يتهلل أنا قلته وكرره ثلاثا قالوا: ولذلك لا يزال في وجوه
المحدثين نضارة ببركة دعائه وفيه وجوب تبليغ العلم وهو
الميثاق المأخوذ على العلماء وأنه يكون في آخر الزمان من
له الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه لكنه قليل بدلالة رب
ذكره بعضهم ومنعه ابن جماعة بمنع دلالته على المدعي فإن
حامل السنة يجوز أن يؤخذ عنه وإن كان جاهلا بمعناها فهو
مأجور على نقلها وإن لم يفهمها وأن اختصار الحديث لغير
المبحر ممنوع وأن النقل بالمعنى مدفوع إلا على المتأهل
ففيه خلف وجه المنع أنه سد لطريق الاستنباط على من بعده
(حم ت عن ابن مسعود) قال الترمذي: صحيح قال ابن القطان:
فيه سماك بن حرب يقبل التلقين وقال ابن حجر في تخريج
المختصر: حديث مشهور خرج في السنن أو بعضها من حديث ابن
مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وصححه ابن حبان والحاكم
وذكر أبو القاسم بن منده في تذكرته أنه رواه عن المصطفى
صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربعة وعشرون صحابيا ثم سود
أسماءهم وقال عبد الغني في الأدب: تذاكرت أنا والدارقطني
طرق هذا الحديث فقال: هذا أصح شيء روي فيه
(6/283)
9264 - (نضر الله امرأ) بفتح النون وضاد
معجمة قال التوربشتي: الحسن والرونق يتعدى ولا يتعدى قال
الحافظ العراقي: روي مشددا ومخففا ومعناه ألبسه النضرة
وخلوص اللون: يعني جمله الله وزينه أو معناه: أوصله الله
إلى نضرة الجنة وهي نعيمها قال تعالى {تعرف في وجوههم نضرة
النعيم} {وجوه يومئذ ناضرة} {ولقاهم نضرة وسرورا} وقال
جرير:
طرب الحمام بذكركن فشاقني. . . لا زلت في فنن الرياض
الناضر
أي مورف غض
وقيل: معناه حسن الله وجهه في الناس أي جاهه وقدره ثم إن
قوله نضر يحتمل الخبر والدعاء وعلى كل فيحتمل كونه في
الدنيا وكونه في الآخرة وكونه فيهما (سمع منا حديثا فحفظه
حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) قال
الخطابي: فيه دلالة على كراهة اختصار الحديث لمن ليس
بمتناه في الفقه لأن فعله يقطع طريق الاستنباط على من بعده
ممن هو أفقه منه (ورب حامل فقه ليس بفقيه) بين به أن راوي
الحديث ليس الفقه [ص:285] من شرطه إنما شرطه الحفظ أما
الفهم والتدبر فعلى الفقيه وهذا أقوى دليل على رد قبول من
شرط لقبول الرواية كون الراوي فقيها عالما وقسم التحمل إلى
شيئين: لأن حامل الحديث لا يخلو إما أن يكون فقيها أو غير
فقيه والفقيه إما أن يكون غيره أفقه أو لا فانقسم بذلك
إليهما. وفيه كالذي قبله على أن أساس كل خير حسن الاستماع
{ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} وقد حقق العارفون أن
كلام الله رسالة من الله لعبيده ومخاطبة لهم وهو البحر
المشتمل على جواهر العلم المتضمن لظاهره وباطنه. ولهذا
قاموا بأدب سماعه ورعوه حق رعايته وقد تجلى لخلقه في كلامه
{لو كانوا يعقلون} وكذا كلام رسوله مما يتعين حسن الاستماع
لأنه لا ينطق عن الهوى
(ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن زيد بن ثابت) قال
الترمذي: صحيح. وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث زيد
بن ثابت هذا صحيح خرجه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن أبي
حاتم والخطيب وأبو نعيم والطيالسي والترمذي وفي الباب عن
معاذ بن جبل وأبي الدرداء وأنس وغيرهم. وقال في موضع آخر:
الحديث صحيح المتن وإن كان بعض أسانيده معلول
(6/284)
9265 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة
المرأة صفراء رقيقة فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له) أي إن
غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة جاء الولد يشبهه وعكسه جاء
الولد يشبه المرأة (وإن اجتمعا جميعا كان الولد منها ومنه)
أي بين الشبهين. والنطفة: القليل من الماء سمى به ماء
الآدمي لقلته
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن
ابن عباس)
(6/285)
9266 - (نظر الرجل) يعني الإنسان ولو أنثى:
وخص الرجل لكون الخطاب مع الرجل غالبا (إلى أخيه) أي في
الدين (على شوق) منه إليه (خير) أي أكثر أجرا (من اعتكاف
سنة في مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. قال الحكيم:
فالاعتكاف في مسجده صلى الله عليه وسلم مضاعف لتضعيف
الصلاة وكما أن الصلاة بمسجده تعدل ألفا: فكذا اعتكاف يوم
فيه بألف في غيره فجعل هذا النظر على شوق منه خير من
الاعتكاف ثم وذلك لأن المعتكف غايته أنه حبس نفسه على
الانبساط مقبلا على ربه في مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام
مهبط الوحي والنظر على شوق أكثر من هذا فإنه لما انتبه
بقلبه واشتعل نور اليقين فيه عرف ربه وانكشف له الغطاء عن
جلاله وجماله واشتاق إليه فلم يزل يدوم له الشوق حتى قلق
بالحياة وضاق بها ذرعا فإذا نظر إلى الكعبة استروح إليها
لكونها بنيته وإلى القرآن استراح إليه لكونه كلامه وإلى
أخيه استراح المشاهدة نور الجلال والجمال الذي أشرق في
صدره
(الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه ابن لال والديلمي
باللفظ المزبور عن ابن عمر
(6/285)
9267 - (نعم) كلمة مدح (الإدام) بكسر
الهمزة ما يؤتدم به (الخل) لأنه سهل الحصول قامع للصفراء
نافع لأكثر الأبدان. واللام فيه للجنس فالخبر حجة في أن ما
خلل من الخمر حلال طاهر: أي بشرطه المعروف في الفروع وقد
كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحبه ويشربه ممزوجا بالعسل
وذلك من أنفع المطعومات. قال ابن العربي: ولذلك جمعهما
الأطباء وجعلوهما أصل المشروبات ولم يكن في صناعة الطب
شراب سواه ثم حدث عند المتأخرين تركيب آخر ولم يكن عند من
تقدم قال: ولم يكن عند الأطباء إلا السكنجبين فلما كان
زمان الخلفاء دبروا الأشربة وحركوها عنه والأول [ص:286]
أقوى وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم بعده كان الخل ليقطع شهوة الرجال. وأخرج ابن عساكر عن
أنس مرفوعا: من تأدم بالخل وكل الله له ملكين يستغفران
الله له إلى أن يفرغ قال في اللسان: ورواته ثقات غير الحسن
بن علي الدمشقي واستفيد من الاقتصار عليه في الأدم: مدح
الاقتصاد ومنع الاسترسال مع النفس في حلاوة الأطعمة. قال
ابن القيم: هذا ثناء عليه بحسب الوقت لا لتفضيله على غيره
لأن سببه أن أهله قدموا له خبزا فقال: ما من أدم؟ قالوا:
ما عندنا إلا خلا فقال ذلك جبرا لقلب من قدمه وتطييبا
لنفسه لا تفضيلا له على غيره إذ لو حصل نحو لحم أو عسل أو
لبن كان أحق بالمدح
(حم م 4) في الطعام (عن جابر) بن عبد الله. وسببه أن جابر
دخل عليه نفر من الصحابة فقدم إليهم خبزا وخلا فقال: كلوا
فإني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
يقول: فذكره (م ن عن عائشة) وفي رواية أحمد عن جابر زيادة
وسياقها نعم الإدام الخل: إنه هلاك بالرجل أن يدخل إليه
النفر من إخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليهم وهلاك
بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم اه
(6/285)
9268 - (نعم البئر بئر غرس) بفتح الغين
المعجمة وسكون الراء وسين مهملة وقيل هي بضم الغين. بئر
بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل شرقي المسجد إلى جهة
الشمال بين النخيل وتعرف ناحيتها بها وكانت خربت فجددت بعد
السبع مئة وماؤها غزير (هي من عيون الجنة وماؤها أطيب
المياه) وذرعها فيما ذكره ابن النجار في تاريخ المدينة
طولا: سبعة أذرع منها ذراعان ماؤها وعرضها عشرة أذرع ولو
لم يكن من فضلها إلا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى
آله وسلم غسل منها بوصية منه لكفى. قال الحافظ العراقي:
والآبار التي كان يتطهر منها سبعة: بئر أريس وبئر حاء وبئر
رومة وبئر غرس وبئر بضاعة وبئر البصة وبئر السقيا أو العهن
وبئر جمل
(ابن سعد) في طبقاته (عن عمر بن الحكم مرسلا)
(6/286)
9269 - (نعم) بكسر النون وسكون العين
المهملة (الجهاد: الحج) قاله حين سأله نساؤه عن الجهاد
وقال ابن بطال: وفيه أن النساء لا يلزمهن الجهاد لأنهن لسن
من أهل القتال للعدو والمطلوب الستر ومجانبة الرجال فلهذا
كان الحج أفضل لهن. نعم لهن التطوع بالجهاد وللإمام
الاستعانة بالأنثى لنحو سقي الماء ومداواة الجرحى
(خ عن عائشة) قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم نساؤه
عن الجهاد في سبيل الله: أي هل يفعلنه؟ فذكره
(6/286)
9270 - (نعم السحور: التمر) أي فإن في
التسحر به ثوابا كبيرا قال الطيبي: إنما مدحه في هذا الوقت
لأن في نفس السحور بركة فيكون المبدوء به والمنتهى إليه
بركة
(حل عن جابر) بن عبد الله ثم قال: غريب من حديث عمرو بن
دينار تفرد به زمعة بن صالح اه ورواه عنه أيضا الخطيب في
تاريخه وابن عدي في الكامل والطبراني باللفظ المزبور عن
جابر قال الهيثمي: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعيف
ورواه البزار باللفظ المزبور عن جابر قال الهيثمي: رجاله
رجال الصحيح
(6/286)
9271 - (نعم الشيء الهدية أمام الحاجة) وفي
رواية للحاكم والديلمي عن عائشة: نعم العون الهدية في طلب
الحاجة وفي رواية للديلمي: نعم المفتاح الهدية أمام الحاجة
(تتمة) قال الخطيب: حضر إلى الدارقطني بعض الغرباء وسأله
[ص:287] القراءة فامتنع وتعلل فسأله أن يملي عليه أحاديث
فأملى عليه من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على عشرة متون كلها
نعم الشيء الهدية أمام الحاجة فانصرف ثم جاء وقد أهدى إليه
شيئا فقربه وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثا متون كلها:
إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه قال ابن الجوزي: واعجبا من
الدارقطني وكيف روى حديثين ليس فيهما ما يصح ولم يبين؟ ثم
اندفع في توجيه بطلانهما فتعقبه المؤلف بقوله: واعجبا من
ابن الجوزي كيف يحكم على رد الأحاديث الثابتة بلا تثبت؟
فإن الحديث: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه: ورد من رواية
أكثر من عشرة من الصحابة فهو متواتر على رأي من يكتفي في
التواتر بعشرة
(طب عن الحسين) بن علي. قال الهيثمي: فيه هاشم بن سعد وثقه
ابن حبان وضعفه جمع وحكم ابن الجوزي بوضعه وقد عرفت أن
الحاكم رواه من حديث عائشة وسنده أجود من هذا فلو عزاه
إليه كان أولى
(6/286)
9272 - (نعم العبد الحجام) لفظ رواية
الحاكم: نعم الدواء الحجامة (يذهب بالدم ويخف الصلب ويجلو
عن البصر) القذى والرمص ونحو ذلك
(ت هـ ك) في الطب (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح قال
الذهبي: قلت لا كذا في التلخيص ولم يبين لم ذلك؟ وبينه في
الميزان فأورده في ترجمة عباد بن منصور الساجي ونقل تضعيفه
عن النسائي وغيره قال الساجي ضعيف مدلس روى مناكير اه وكما
أن عباد هذا في سند الحاكم هو في ابن ماجه
(6/287)
9273 - (نعم العطية) أي خير عطية (كلمة حق
تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمه إياها) لأن فيها
صلاح الدارين وفيه حث على تعلم العلم والحكمة وبذلها لمن
طلبها وعرضها على من لم يطلبها رجاء انتفاعه مع إخلاص
النية شكرا لنعمتها لتكون نعمة وإلا انقلبت حجة ونقمة قال
تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}
(طب عن ابن عباس) وفيه عمرو بن الحصين العقيلي قال الذهبي
في الضعفاء: تركوه. وقال الزين العراقي: سند الحديث ضعيف
(6/287)
9274 - (نعم العون على الدين) بكسر الدال
(قوت سنة) أي ادخار قوت سنة. وذلك لا ينافي الزهد لأن
الساعي في طلب العلم والكمال وليس معه كفايته " كساع إلى
الهيجا بغير سلاح. . . كباز يروم الصيد بلا جناح " ومن عدم
المال صار مستغرق الأوقات في ضرورات المعيشة أما ما زاد
على السنة فمذموم لأن من أمل بقاء أكثر منها فهو طويل
الأمل جدا
(فر عن معاوية بن حيدة) وفيه محمد بن داود بن دينار. قال
الذهبي في الضعفاء: روى عنه ابن عدي وقال: كان يكذب وبهز
بن حكيم وقد ضعفه
(6/287)
9275 - (نعم الميتة) بكسر الميم (أن يموت
الرجل دون حقه) فإنه يموت شهيدا لما مر
(حم) من حديث أبي بكر بن حفص (عن سعد) بن أبي وقاص وفيه
قصة قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا بكر بن
حفص لم يسمع من سعد
(6/287)
9276 - (نعم تحفة المؤمن التمر) فإنه بركة
كما في حديث آخر. فينبغي للمسافر إذا قدم أن يهدي منه
لإخوانه وجيرانه وفي حديث: نعم سحور المؤمن من التمر
(خط) من حديث محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان سبط
الحسين (عن) أمه (فاطمة) بنت الحسن هكذا رواه الخطيب فما
أوهمه إطلاق عزو المصنف لفاطمة أنها الكبرى بنت [ص:288]
المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير صواب ثم إن محمد
هذا قد وثقه النسائي مرة ومرة قال: ليس بالقوي وكذا في
الكاشف
(6/287)
9277 - (نعم سلاح المؤمن: الصبر والدعاء)
أي الطلب من الله تعالى والصبر: القوة على مقاومة الآلام
والأهوال وغيرها فهو شامل للصبر على كل شدة ومصيبة فليتخذ
عدة فهو من أشرف العدد وليقرع به باب المهمات فإنه مفتاح
الفرج ومن لج ولج ومن جد وجد ولكل شيء جوهر وجوهر الإنسان
العقل وجوهر العقل الصبر. قال بعضهم: وجميع المراتب العلية
والمراقي السنية الدينية والدنيوية إنما تنال بالصبر
(فر عن ابن عباس) وفيه من لم أعرفه
(6/288)
9278 - (نعمت) وفي رواية: نعم (الأضحية:
الجذع من الضأن) وهو ما أكمل سنة ودخل في الثانية فالأضحية
به مجزئة محبوبة بخلاف الجذع من المعز فلا تجزئ التضحية به
عند الأئمة الربعة. وحكى عياض الإجماع عليه وشذ ابن حزم
(ت عن أبي هريرة) من حديث أبي كياش قال أبو كياش: جلبت
غنما جذعانا إلى المدينة فكسدت علي فلقيت أبا هريرة
فسألته: فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول فذكره فانتهبه الناس كذا رواه الترمذي ثم استغربه
ونقل عن البخاري أن الراجح وقفه قال الحافظ العراقي: وحكى
القرطبي عن الترمذي أنه حسن وليس كذلك قال ابن حجر في
الفتح: وفي سنده ضعف وفي الباب جابر وعقبة وغيرهما
(6/288)
9279 - (نعلان) ألبسهما و (أجاهد فيهما خير
من أن أعتق ولد الزنا) أي العامل بعمل أبويه المصر على ذلك
العاهر العاجز المتظاهر المتمرد على الله المبارز لمولاه
أما غيره فحديث آخر
(حم هـ ك عن ميمونة بنت سعد) أو سعيد الصحابية وفيه زيد بن
جبير قال الذهبي: أبو زيد الضبي عن ميمونة بنت سعد لا يعرف
وخبره لا يصح
(6/288)
9280 - (نعمتان) تثنية نعمة وهي الحالة
الحسنة أو النفع المفعول على وجه الإحسان للغير. وزاد في
رواية " من نعم الله " (مغبون فيهما) بالسكون والتحريك قال
الجوهري: في البيع بالسكون وفي الراوي بالتحريك فيصح كل في
الخبر. إذ من لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبن ولم يحمد
رأيه (كثير من الناس: الصحة والفراغ) من الشواغل الدنيوية
المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الآخروية فلا ينافي
الحديث المار: إن الله يحب العبد المحترف لأنه في حرفة لا
تمنع القيام بالطاعات. شبه المكلف بالتاجر والصحة والفراغ
برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن
عامل الله بامتثال أوامره ربح ومن عامل الشيطان باتباعه
ضيع رأس ماله. والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس. ونبه
بكثير على أن الموفق لذلك قليل. وقال حكيم: الدنيا
بحذافيرها في الأمن والسلامة. وفي منشور الحكم: من الفراغ
تكون الصبوة ومن أمضى يومه في حق قضاه أو فرض أداه أو مجد
أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عتق يومه
وظلم نفسه. قال:
لقد هاج الفراغ عليك شغلا. . . وأسباب البلاء من الفراغ
(تخ) في الرقائق (ن هـ) في الزهد (عن ابن عباس) ورواه عنه
النسائي أيضا واستدركه الحاكم فوهم
(6/288)
9281 - (نفس المؤمن) أي روحه (معلقة) بعد
موته (بدينه) أي محبوسة عن مقامها الكريم الذي أعد لها أو
عن [ص:289] دخولها الجنة في زمرة الصالحين. وينصره ما في
خبر آخر: تشكو إلى ربها الوحدة (حتى يقضى عنه) بالبناء
للمفعول أو الفاعل وحينئذ فيحتمل أن يراد: يقضي المديون
يوم الحساب دينه. ذكره الطيبي أو المراد أن سره معلق
بدينه: أي مشغول لا يتفرغ بما أمر به حتى يقضيه أو المراد
بالدين: دينا أدانه في فضول أو لمحرم وإنما يؤدي الله عمن
ادان لجائز ونوى وفاءه. وفيه حث الإنسان على وفاء دينه قبل
موته ليسلم من هذا الوعيد الشديد
(حم ت) في الجنائز (هـ) في الأحكام (ك) في البيع (عن أبي
هريرة) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح وصححه ابن حبان
أيضا ورواه عنه الشافعي وغيره
(6/288)
9282 - (نفقة الرجل على أهله) من نحو زوجة
وولد وخادم: يريد بها وجه الله (صدقة) في الثواب وفي
رواية: نفقته على نفسه وأهله صدقة وذلك لأنه يكف به عن
السؤال ويكف من ينفق عليه وهذا إن قصد الامتثال والقربة
كما دل عليه قوله في رواية: وهو يحتسبها فدل على أن شرط
الثواب: الاحتساب. وأخذ منه تقييد إطلاق الثواب في جماع
الحليلة بما إذا قصد نحو ولد أو إعفاف قال في الإتحاف:
وأهله هنا: زوجته وخدمه ونحو ذلك ممن هو في مؤونته عادة أو
شرعا
(خ) في كتاب المغازي (ت عن ابن مسعود) عقبة بن عمرو
البدري. وقضية كلام المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن
صاحبه مع أنه في الفردوس عزاه لهما جميعا باللفظ المزبور
(6/289)
9283 - (نفي بعدهم ونستعين الله عليهم)
قاله لحذيفة لما خرج هو وأبوه ليشهدا بدرا فأخذهما كفار
قريش فأخذوا منهما عهدا أن لا يقاتلا معه فأتياه فأخبراه
فقال انصرفا ثم ذكره
(م عن حذيفة) بن اليمان
(6/289)
9284 - (نهران من الجنة: النيل والفرات) لا
تعارض بينه وبين عدها أربعة في الحديث المار لاحتمال أنه
أعلم أولا بالاثنين
(الشيرازي عن أبي هريرة) رمز لحسنه
(6/289)
9285 - (نهيتكم) آنفا (عن زيارة القبور)
وأما الآن (فزوروها فإنها تذكركم الموت) فيه ندب زيارة
القبور بعد نهيهم عنها. ففيه الجمع بين الناسخ والمنسوخ.
والمخاطب به الرجال
(ك عن أنس)
(6/289)
9286 - (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها
فإن لكم فيها عبرة) الخطاب فيه وفيما قبله للرجال فيكره
للنساء زيارتها وهي كراهة تحريم إن اشتملت زيارتهن على
التعديد والبكاء والنوح على عادتهن. وإلا فكراهة تنزيه.
ويستثنى قبور الأنبياء فيسن لهن زيارتها وألحق بهم
الأولياء
(طب عن أم سلمة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه يحيى بن
المتوكل وهو ضعيف ورواه أحمد بلفظ: نهيتكم عن زيارة القبور
فزوروها فإن فيها عبرة. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح
اه. فلو عزاه المصنف له كان أولى
(6/289)
9287 - (نهيت عن التعري) أي عن كشف العورة
بلا حاجة. وفي معجم الطبراني عن ابن عباس بإسناد ضعيف أن
ذلك أول ما أوحي إليه فما رؤيت عورته بعد اه
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وليس
كما قال ففيه عمرو بن ثابت وهو ابن أبي المقدام أورده
الذهبي في الضعفاء وقال: تركوه وقال أبو داود: رافضي
وسلمان بن حرب وسيجيء ضعفه
(6/289)
[ص:290] 9288 - (نهيت أن أمشي عريانا) أي
نهاني الله تعالى عن المشي حال كوني عريانا من لباس يواري
عورتي وهذا قبل أن ينزل عليه الوحي كما يصرح به السبب
الآتي وصرح به الديلمي عن ابن عباس فنهى قبل النبوة عن
المشي عريانا ثم نهى بعدها عن التعري مطلقا
(طب عن العباس) بن عبد المطلب قال: كنا ننقل الحجارة إلى
البيت حين كانت قريش تبنيه فانفردت قريش رجلان رجلان
ينقلان الحجارة فكنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم
ننقل الحجارة على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة فإذا غشينا
للناس اتزرنا فبينما أنا أمشي وهو أمامي ليس عليه إزار فخر
فألقيت حجري وجئت أسعى فإذا هو ينظر إلى السماء فوقه قلت
ما شأنك؟ فقام فأخذ إزاره وقال نهيت إلخ فكنت أكتمها مخافة
أن يقولوا مجنون حتى أظهر الله نبوته قال الهيثمي: فيه قيس
بن الربيع ضعفه جمع ووثقه شعبة وغيره اه. وفيه أيضا سماك
بن حرب أورده في الضعفاء وقال: ثقة كان شعبة يضعفه وقال
ابن حجر: وقيل أبي حراش في حديثه لين وهذا الحديث رواه
بنحوه الطبراني أيضا والحاكم من حديث أبي الطفيل وفيه:
بينما هو يحمل الحجارة من أجياد لبناء الكعبة وعليه نمرة
فضاقت عليه فذهب يضعها على عاتقه فبدت عورته من صغرها
فنودي: يا محمد خمر عورتك فلم ير عورته عريانا بعد ذلك
فكان بين ذلك وبين البعث خمس سنين
(6/290)
9289 - (نهيت عن المصلين) قاله مرتين وفي
رواية البزار: عن ضرب المصلين وفي رواية: عن قتل المصلين
(طب) وكذا الدارقطني (عن أنس) بن مالك. قال الهيثمي: فيه
عامر بن سنان وهو منكر الحديث اه لكن له شواهد اه
(6/290)
9290 - (نهينا عن الكلام في الصلاة) إلا
بالقرآن والذكر والدعاء فمن تكلم بغير ذلك بطلت صلاته
وعورض ذلك بما جاز في الأخبار الصحيحة من ندب الإتيان
بالأذكار المعروفة المشهورة في الركوع والسجود بأنها قرآنا
وقد نهى عن القرآن فيهما وأجيب بأن خصوصية لا أنه أمر أمته
بذلك أو دعاء
(طب عن ابن مسعود)
(6/290)
9291 - (نوروا منازلكم بالصلاة وقراءة
القرآن) زاد الديلمي في رواية: فإنها صوامع المؤمنين وذلك
لأن القلب كالمرآة وآثار الصلاة والقرآن تزيده إشرافا
ونورا وضياء حتى تتلألأ فيه جلية الحق وينكشف منه حقيقة
الأمر المطلوب في الدين وبذلك تحصل الطمأنينة واليقين {ألا
بذكر الله تطمئن القلوب}
(هب) من حديث كثير (عن أنس) بن مالك وكثير هذا: قال ابن
حبان: هو ابن عبد الله يروي عن أنس ويضع عليه وقال أبو
حاتم: لا يروى عن أنس حديثا له أصل وقال أبو زرعة: واهي
الحديث
(6/290)
9292 - (نوروا بالفجر) أي صلوا صلاة الصبح
إذا استنار الأفق كثيرا (فإنه) أي التنوير به (أعظم للأجر)
ظاهره أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند
مخرجه الطبراني: نؤر يا بلال بالفجر قدر ما يبصر القوم
مواقع نبلهم اه بنصه
(سمويه عن رافع بن خديج) رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن
ففيه إدريس بن جعفر العطار قال الذهبي في الضعفاء: قال
الدارقطني: متروك ويزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك
(6/290)
9293 - (نوم الصائم عبادة وصمته) وفي
رواية: ونفسه (تسبيح) أي بمنزلة التسبيح (وعمله مضاعف)
والحسنة بعشرة إلى [ص:291] ما فوقها (ودعاؤه مستجاب وذنبه
مغفور) أي ذنوبه الصغائر ما اجتنبت الكبائر كما تقدم في
خبر الصلوات الخمس
(هب عن عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي وقضية صنيع المصنف
أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل إنما ذكره
مقرونا ببيان عليه فقال عقبه: معروف بن حسان أي أحد رجاله
ضعيف وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه اه. وقال الحافظ
العراقي: فيه سليمان النخعي أحد الكذابين اه وأقول: فيه
أيضا عبد الملك بن عمير أورده الذهبي في الضعفاء وقال
أحمد: مضطرب الحديث وقال ابن معين: مختلط وقال أبو حاتم:
ليس بحافظ وعجب من المصنف كيف يعزو الحديث إلى مخرجه ويحذف
من كلامه ما أعله به؟ وأعجب منه أن له طريقا خالية عن كذاب
أورده الزين العراقي في أماليه من حديث ابن عمر فأهمل تلك
وآثره هذه مقتصرا عليها
(6/290)
9294 - (نوم على علم خير من صلاة على جهل)
لأن تركها خير من فعلها فقد يظن المبطل مصححا والممنوع
جائزا بل واجبا والشر خيرا لجهله بالفرق بينهما وتقاربهما
في بعض الوجوه فيعد على الله المعصية بالطاعة ويحتسبها
عنده فأعظم بها من قباحة وشناعة ومع ذلك فللأعمال الظاهرة
علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها كالإخلاص والرياء
والعجب فمن لم يعلم هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في
العبادة الظاهرة وكيفية التحرز منها وحفظ العمل عنها فقلما
يسلم له عمل الظاهر فتفوته طاعات الظاهر والباطن فلا يبقى
بيده إلا الشقاء والكد {وذلك هو الخسران المبين} فلذلك قال
المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا ما قال ومن أتعب نفسه في
العبادة على خبط فليس له إلا العناء قال علي كرم الله وجهه
قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك وروي أن صوفيا حلق
لحيته وقال: إنها تنبت على المعصية ولطخ شاربه بالعذرة
وقال: أردت التواضع
(حل عن سلمان) الفارسي وفيه أبو البحتري. قال الذهبي في
الضعفاء: وقال وحيم كذاب
(6/291)
9295 - (نية المرء خير من عمله) لأن تخليد
الله العبد في الجنة ليس بعمله وإنما هو لنيته لأنه لو كان
بعمله كان خلوده فيها بقدر مدة عمله أو أضعافه لكنه جازاه
بنيته لأنه لو كان ناويا أن يطيع الله أبدا فلما اخترمته
منيته جوزي بنيته وكذا الكافر لأنه لو جوزي بعمله لم يستحق
التخليد في النار إلا بقدر مدة كفره لأنه نوى الإقامة على
كفره أبدا لو بقي فجوزي بنيته ذكره بعضهم وقال الكرماني:
المراد أن النية خير من العمل بلا نية إذ لو كان المراد
خير من عمل مع نية لزم كون الشيء خيرا من نفسه مع غيره أو
المراد أن الجزء الذي هو النية خير من الجزء الذي هو العمل
لاستحالة دخول الرياء فيها أو أن النية خير من جملة
الخيرات الواقعة بعمله أو أن النية فعل القلب وفعل الأشرف
أشرف أو لأن القصد من الطاعة تنوير القلب وتنويره بها أكثر
لأنها صفته وقال ابن الكمال: هذا ترجيح لعمل القلب على عمل
الجوارح على ما دل عليه خبر الوزغة وقد أفصح عنه البيضاوي
حيث قال في تفسير {والله يضاعف لمن يشاء} بفضله على حسب
حال المنفق من إخلاصه وثقته بربه ومن أجله تفاوتت الأعمال
في مقادير الثواب فالمعنى أن جنس النية راجح على جنس العمل
بدلالة أن كلا من الجنسين إذا انفرد عن الآخر يثاب على
الأول دون الثاني وهذا لا يتمشى في حق الكافر ولذا قال نية
المؤمن اه وقال البعض: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم
ذلك لأن النية عبودية القلب والعمل عبودية الجوارح وعمل
القلب أبلغ وأنفع وهو أمير والجوارح رعية وعمل الملك أعظم
وأبلغ ولأن العمل يدخل تحت الحصر والنية لا إذ المتحقق في
إيمانه عقد نيته على أن يطيع الله ما أحياه ولو أماته ثم
أحياه وثم ثم وهذا اعتقاد منبرم مستدام فيترتب له من
الجزاء على نيته ما لا يترتب له على عمله وقال بعضهم:
معناه أن المؤمن كلما عمل خيرا [ص:292] نوى أن يعمل ما هو
خير منه فليس لنيته في الخير منتهى والفاجر كلما عمل شرا
نوى أن يعمل ما هو شر منه فليس لنيته في الشر منتهى وقال
بعضهم في حديث آخر: من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة
فإن عملها كتبت له عشر حسنات فالعمل في هذا الحديث خير من
النية وليس ذلك مرادا للحديث الأول وإنما تكون النية خيرا
من العمل في حال دون حال وقال بعض شراح مسلم: أفاد هذا
الخبر أن الثواب المترتب على الصلاة أكثر للنية وباقية
لغيرها من قيام وغيره
(هب عن أنس) بن مالك وفيه شيئان: الأول أن كلام المصنف
يوهم أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه
بما نصه: هذا إسناد ضعيف اه. وذلك لأن فيه أبو عبد الرحمن
السلمي وقد سبق قول جمع فيه أنه وضاع ومن ثم حكم ابن
الجوزي بوضعه. الثاني أنه ورد من عدة طرق من هذا الوجه
وغيره وأمثل وأنزل فرواه باللفظ المذكور عن أنس المزبور
القضاعي في مسند الشهاب وابن عساكر في أماليه وقال: غريب
ورواه الطبراني أيضا كذلك والحاصل أنه له عدة طرق تجبر
ضعفه وأن من حكم بحسنه فقد فرط وممن جزم بضعفه المصنف في
الدرر تبعا للزركشي
(6/291)
9296 - (نية المؤمن خير) وفي رواية بدله:
أبلغ (من عمله) لما تقرر ولأن المؤمن في عمل ونيته عند
فراغه لعمل ثان ولأن النية بانفرادها توصل إلى ما لا يوصله
العمل بانفراده ولأنها هي التي تقلب العمل الصالح فاسدا
والفاسد صالحا مثابا عليه ويثاب على العمل ويعاقب عليها
أضعاف ما يعاقب عليه فكانت أبلغ وأنفع وقيل إذا فسدت النية
وقعت البلية ومن الناس من تكون نيته وهمته أجل من الدنيا
وما عليها وآخر نيته وهمته من أخس نية وهمة فالنية تبلغ
بصاحبها في الخير والشر ما لا يبلغه عمله فأين نية من طلب
العلم وعلمه ليصلي الله عليه وملائكته وتستغفر له دواب
البر وحيتان البحر إلى نية من طلبه لمأكل أو وظيفة كتدريس
وسبحان الله كم بين من يريد بعلمه وجه الله والنظر إليه
وسماع كلامه وتسليمه علمه في جنة عدن وبين من يطلب حظا
خسيسا كتدريس أو غيره من العرض الفاني (وعمل المنافق خير
من نيته وكل يعمل على نيته فإذا عمل المؤمن عملا) صالحا
(ثار في قلبه نور) ثم يفيض على جوارحه قال الحكيم: والنية
نهوض القلب إلى الله وبدوها خاطر ثم المشيئة ثم الإرادة ثم
النهوض ثم اللحوق إلى الله تعالى مرتحلا بعقله وعمله وذهنه
وهمته وعزمه فمن هنا تتم النية ومنه يخرج إلى الأركان
فيظهر على الجوارح فعله وإذا صح العزم خرج الرياء والفخر
والخيلاء من جميع أعماله وبلغ مقام الأقوياء وأما غير
الكامل فصدره مرج من المروج ملتف فيه من النبات ما إذا
تخطى فيه لا يكاد يستبين موضع قدمه أن يضعه من كثرة النفاق
فهذا صدر فيه أشغال النفس وفنونها ووساوس شهواتها فمن أين
يأتي النور وإنما يستنير قلب أجرد أزهر في صدره فسح قد
شرحه الله للإسلام فهو على نور من ربه رطب بذكر الله
ورحمته وصلب بآلاء الله والناس في هذه النية على طبقات
أمانية العامة فارتحالهم إلى الله بهذا العلم والعقل
والذهن والهمة والعزم فمبلغ ارتحالهم المحو ثم ليس لقلوبهم
من القوة ما يرتحلون به فيطيرون لأنه لا ريش لقلوبهم
والمحو مسدود لأن القلوب لما مالت إلى النفوس وإطاعتها
انسد طريقها إلى ربها وأما العارفون فنياتهم صارت كلها نية
واحدة لأن القلب ارتحل إلى الله ووجد الطريق إليه فمر
والقلب أمير والنفس أسير
(طب عن سهل بن سعد) الساعدي قال الهيثمي: رجاله موثقون إلا
حاتم بن عباد بن دينار لم أر من ذكر له ترجمة اه وأطلق
الحافظ العراقي أنه ضعيف من طريقه
(6/292)
|