فيض القدير شرح الجامع الصغير

فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الهاء]

(6/357)


9600 - (الهدية إلى الإمام) أي الأعظم ومثله نوابه (غلول) أي خيانة نقل أن عمر رضي الله تعالى عنه أهدى إليه رجل فخذ جزور ثم أتاه بعد مدة ومعه خصمه فقال: يا أمير المؤمنين افض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور فضرب بيده على فخذه وقال: الله أكبر اكتبوا إلى الآفاق هدايا العمال غلول
(طب عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف

(6/357)


9601 - (الهدية تذهب بالسمع والقلب) في رواية بالسمع والبصر أي قبول الهدية تورث محبة إليه للمهدي فيصير كأنه أصم عن سماع القدح فيه أعمى عن رؤية عيوبه لأن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها ومن ثم حرم على القاضي قبولها
(طب عن عصمة بن مالك) قال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا وقال الذهبي: قال أبو حاتم: مجهول يحدث بالأباطيل وقال السخاوي: سنده ضعيف فرمز المؤلف لحسنه غير حسن

(6/357)


9602 - (الهدية تعور عين الحكيم) أي تصيره أعور لا يبصر إلا بعين الرضى فقط وتعمي عين السخط ولهذا كان من [ص:358] دعاء السلف اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه بها قلبي فيصير ذلك كأنه أعور أو هو كناية عن كون قبولها يعود عليه بالذم والعيب أي إذا كان حاكما قال ابن الأثير: يقولون للرديء من كل شيء من الأخلاق والأمور أعور ومنه قول أبي طالب لأبي لهب لما اعترض على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في إظهار الدعوة يا أعور ما أنت وهذا ولم يكن أبو لهب بأعور
(فر عن ابن عباس) وفيه عبد الوهاب بن مجاهد قال الذهبي: قال النسائي وغيره: متروك

(6/357)


9603 - (الهرة لا تقطع الصلاة لأنها من متاع البيت) زاد في رواية للطبراني في الأوسط لن تقذر شيئا ولا تنجسه وفيه جواز اقتناء الهرة مع ما يكون منها من تنجس وإفساد
(هـ ك عن أبي هريرة) قال عبد الحق: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد يكتب حديثه على ضعفه قال ابن القطان: فيه أيضا من لا يعرف اه. وخالفهما مغلطاي فقال: لا بأس به وفي الميزان عبد الرحمن أحد العلماء الكبار ووثقه مالك وضعفه ابن معين والنسائي وقال يحيى وأبو حاتم: لا يحتج به وقال أحمد: مضطرب الحديث قال: ومن مناكيره هذا الخبر

(6/358)


9604 - (الهوى مغفور لصاحبه) بالقصر ما يهواه العبد أي يحبه ويميل إليه فحقيقته شهوة النفس وهو ميلها لملائمها ويستعمل عرفا في الميل إلى خلاف الحق وهو المراد هنا {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} وذهب بعضهم إلى أن المراد العشق أي لا يؤاخذ به العاشق لأنه فعل الله بالعبد بغير سبب لأنه وإن كان مبدأه النظر فليس موجبا له قال أفلاطون: لا أعلم ما الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه ولا مذموم فقال يحيى بن معاذ: لو وليت خزائن العذاب ما عذبت عاشقا قط لأنه اضطرار لا اختيار ولهذا جاء في الخبر من هم بسيئة لا تكتب عليه لأنه شبيه الضروري ولذلك نص في الخبر المار على أن من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد لكنه علق الشهادة بشرطين كما تقرر وعلق عدم المؤاخذة هنا بشرطين أشار إليهما بقوله (ما لم يعمل به) فإذا عمل به ما يؤدي إلى الوقوع في محظور كنظر ومجالسة ودنو من مواضع الاستراحة بنوع من التأويل صار ملوما (أو يتكلم) بما فيه راحة قلب ومتابعة هوى نفسه وإظهار حاله إلى أقرانه وبثه حزنه إلى إخوانه أو ترنم بشعر في خلاء أو سكب دمع في ملأ فهو ملام وإن كان في غير محرم فما لم يعمل به يغفر له ما كان من الهنات في طلب الاستراحة ويستحق وعد الله بقوله {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} لكن رتبة الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة من الله كاملة أو بلية شاملة وإنما تقارب أوصاف القتيل في سبيل الله أوصاف من عف لإيثار ترك لذة النفس كما تعرض للقتل في سبيل الله معرضا عن نفسه باذلا مهجته فالأول جاهد نفسه في مخالفة هواها إيثارا لمحبة القديم على الحديث وعلم مما سبق أن من عف وعجز عن الكتمان شمله الوعد بالجنان قال بعض الصوفية: رأيت عند خلو المطاف في الثلث الأخير امرأة كأنها شمس على قضيب في كثيب متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول:
رأيت الهوى حلوا إذا اجتمع الشمل. . . ومرا على الهجران لا بل هو القتل
ومن لم يذق للهجر طعما فإنه. . . إذا ذاق طعم الوصل لم يدر ما الوصل
وقد ذقت طعمية على القرب والنوى. . . فأبعده قتل وأفر به خبل
ثم التفتت فرأتني فقالت: يا هذا ظن خيرا فإن من ضعفت قوته عن حمل شيء ألقاه طلبا للراحة وفرارا من نقل المحبة وقد نطقت بما علمه الله وأحصاه الملكان فإن تعف عن أهل السرائر أكرمتهم وإن يعاقبوا فيا خيبة المدنيين ثم بكت فما رأيت درا قطع سلكه فانتثر بأحسن من دموعها ففررت منها خوفا أن أصبو إليها رحمة الله عليها كذا قرره بعض العارفين قال: والغرض من حكاية هذا التنبيه لمن عساه أن تسمو همته إلى الأمر العظيم والخطب الجسيم من محبة من ليس [ص:359] كمثله شيء فمن شاهد ذلك من نفسه فليعرضها على أحوال هؤلاء في شأن مجدث لا يضر ولا ينفع
(حل عن أبي هريرة) ثم قال: تفرد به المسيب بن واضح عن ابن عيينة اه. والمسيب بن واضح قال الدارقطني: ضعيف

(6/358)