كشف المشكل من حديث الصحيحين

كشف الْمُشكل من مسانيد الصحابيات اللواتي انْفَرد بِالْإِخْرَاجِ عَنْهُن مُسلم

(242) مُسْند جدامة بنت وهب الأَسدِية

أُخْت عكاشة وَهِي جدامة بِالدَّال الْمُهْملَة، كَذَلِك سَمَّاهَا الْمُحَقِّقُونَ. وروى حَدِيثهَا كَذَلِك يحيى بن يحيى عَن مَالك. وَقد كَانَ يروي حَدِيثهَا خلف بن هِشَام وَيحيى بن أَيُّوب وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب، فَيَقُول: جذامة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَهَذَا تَصْحِيف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: من قَالَه بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فقد صحف.
قلت: وَلَيْسَ فِي الصحابيات جذامة بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، بلَى فِيهِنَّ وجدامة بِالدَّال الْمُهْملَة اثْنَتَانِ: هَذِه، وحدامة بنت جندل الأَسدِية وَالَّذِي أخرج مُسلم لجدامة بنت وهب حَدِيث وَاحِد.
2751 - / 3566 - " لقد هَمَمْت أَن أنهى عَن الغيلة حَتَّى ذكرت أَن الرّوم وَفَارِس يصنعون ذَلِك فَلَا يضر أَوْلَادهم ".
قَالَ أَبُو عبيد: الغيلة: الغيل؛ وَهُوَ أَن يُجَامع الرجل الْمَرْأَة وَهِي مرضع،

(4/487)


يُقَال: أغيل الرجل وأغال، وَالْولد مغيل ومغال. وَالْعرب تَقول فِي الرجل تمدحه: مَا حَملته أمه وضعا، وَلَا أَرْضَعَتْه غيلا، وَلَا وَضعته يتنا، وَلَا أباتته مئقا. ويروى: على مأقة: وَهُوَ شدَّة الْبكاء. يُقَال أيتنت الْمَرْأَة: إِذا خرجت رجل الْمَوْلُود قبل يَدَيْهِ، فَهِيَ موتن، وَالْولد موتن، غير مَهْمُوز.
وَأما ذكره للروم وَفَارِس فَيحْتَمل ثَلَاثَة أوجه:
أَحدهَا: لكثرتهم.
وَالثَّانِي: لِسَلَامَةِ أَوْلَادهم فِي الْغَالِب وصحتهم.
وَالثَّالِث: أَنهم أهل طب وَحِكْمَة - فَلَو علمُوا أَن هَذَا يضر مَا فَعَلُوهُ، وَالْعرب لَا تعرف ذَلِك، وَهَذَا الْوَجْه قَالَه لنا شَيخنَا ابْن نَاصِر.
قلت: وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض بِالنَّهْي عَن ذَلِك لما علم من ضَرَره، فَأخْبرنَا ابْن الْحصين قَالَ: أخبرنَا ابْن الْمَذْهَب قَالَ: أخبرنَا الْقطيعِي قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهَاجر قَالَ: حَدثنِي أبي عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن الْأنْصَارِيّ قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تقتلُوا أَوْلَادكُم سرا، فَإِن الغيل يدْرك الْفَارِس فيدعثره من فَوق فرسه ".

(4/488)


وَمعنى يدعثره: يهدمه ويطحطحه بَعْدَمَا قد صَار رجلا قد ركب الْخَيل؛ وَهَذَا لِأَن الْمُرْضع إِذا جومعت فسد لَبنهَا فارتضع طفلها لَبَنًا فَاسِدا، فَإِن حملت كَانَ أَكثر فِي الضَّرَر، لِأَن الدَّم الْجيد يتَصَرَّف إِلَى غذَاء الْجَنِين وَيبقى الرَّدِيء للمرضع، إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى أَن ترك ذَلِك رُبمَا آذَى الرجل بصبره مُدَّة الرَّضَاع أجَازه بِهَذَا الحَدِيث وَعلل بِذكر فَارس وَالروم.
وَقَوله فِي الْعَزْل: " ذَاك الوأد الْخَفي " الوأد مصدر وأد الرجل ابْنَته: إِذا دَفنهَا وَهِي حَيَّة، فَهِيَ موءودة، فَكَأَنَّهُ جعل الْعَزْل كَالْقَتْلِ، لِأَنَّهُ إِتْلَاف مَا هُوَ متهيئ للنماء، صاعد إِلَى مقَام الْكَمَال.
وتلاوته قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا الموءودة سُئِلت} [التكوير: 8] عِنْد ذكر الْعَزْل للتّنْبِيه على أَن هَذَا مرتق إِلَى مقَام تِلْكَ، وَهَذَا كُله للإعلام بِالْكَرَاهَةِ. وَقد تقدم فِي مُسْند جَابر أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الْعَزْل عَن جَارِيَته، فَقَالَ: " اعزل عَنْهَا إِن شِئْت " وَقد اتّفق الْعلمَاء على جَوَاز الْعَزْل من غير إِثْم.

(4/489)


(248) كشف الْمُشكل من مُسْند أم الدَّرْدَاء

2752 - / 3574 - ذكر لَهَا حَدِيثا وَاحِدًا قد سبق فِي مُسْند أبي الدَّرْدَاء.
قَالَ البرقاني: وَهَذِه أم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى، وَلَيْسَ لَهَا صُحْبَة وَلَا سَماع من رَسُول الله، فَأَما أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى فلهَا صُحْبَة، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيث.
قلت: أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى، اسْمهَا خيرة بنت أبي حَدْرَد زَوْجَة أبي الدَّرْدَاء لَهَا صُحْبَة وَرِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَوَت عَنهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيث.
وَأم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى اسْمهَا هجيمة.

(4/490)