وأَدَمَى والأُدَمَى: مَوْضِعٌ، وقيل:
الأُدَمَى: أَرْضٌ بظَهْرِ اليَمامِةَ. وأَدامُ: بَلْدَةٌ. قال
صَخْرُ الغَيِّ:
(لَقَدْ أَجْرَى لَمصْرَعِه تَلِيدٌ ... وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من
أَدَامَا)
وأُدَيْمَةُ: مَوْضِعٌ، قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة:
(كأَنَّ بَنِي عَمْرِو يُرادُ بدارِم ... بنَعمانَ راعٍ في
أُدَيْمَةَ مُعْزِبُ)
يَقُولُ: كأَنَّهُم من امْتِناعِهِم عَلَى من أَرادَهُم في جَبَلٍ
وإنْ كانُوا في السَّهْلِ.
(مقلوبه)
: [م أد] مَأَدَ النَّباتُ والشَّجَرُ يَمْأَدُ مَأْداً: اهْتَزَّ
وتَرَوَّى، وجَرَى فيه الماءُ، وقيل: تَنَعَّمَ ولانَ. وقد
أَمْأَدَهُ الرِّيُّ. وغُصْنٌ مَأْدٌ ويُمْؤُودٌ، وكذلك الرَّجُلُ،
والأُنْثَى مَأْدَةٌ ويَمْؤُودَةُ. وقيل: المَأْدُ: اللَّيِّنُ
النّاعِمُ من كُلِّ شَيءِْ. والمَأْدُ: النَّزُّ قَبْلَ أن
يَنْبُعَ، شأمِيَّةٌ. وقولُه - أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرابِيِّ -:
(وماكِدٍ تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِه ... )
فَسَّرَه فقالَ: تَمْأَدُه: تَأْخُذُه في ذلِكَ الوَقْتِ.
ويَمْؤُودُ: مَوْضِعٌ، قالَ زُهَيْرٌ:
(كأَنَّ سَحِيلَه في كُلِّ فَجْرٍ ... عَلَى أَحْساءِ يَمْؤُودٍ
دُعاءُ)
ويُمْؤُودٌ: بِئْرُ، قالَ الشَّمّاخُ:
(غَدَوْنَ لَها صُعْرَ الخُدُودِ كَما غَدَت ... عَلَى ماءِ
يَمْؤُودَ الدِّلاءُ النَّواهِزُ)
جَعَلَه اسمْاً للبِئْرِ فلم يَصْرِفْه، وقد يَجُوزُ أن يُرِيدَ
المَوضِع وتَرَكَ صَرْفَه لأَنّه عَنَى به البُقْعَةَ، أو
الشَّبكَةَ، أعْنِي بالشَّبَكَة الآبارَ المُْقْتَرٍِ بَةَ بعضها
من بَعْضٍ.
(9/391)
(مقلوبه)
: [أم د] الأَمَدُ: الغايَةُ. وأَمْدَ عليه: غَضِبَ. وآمِدُ:
مَوْضِعٌ، قالَ:
(بآمَدَ مَرَّةً وبِرَأْسِ عَيْنٍ ... وأَحْيانَا بمَيَّا
فارِقِينَا)
ذَهَب إِلى الأَرْضِ أو البُقْعَةِ فلم يَصْرِفْ، وقد تَقَدَّمَ.
والإمِدّانُ: الماءَُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، عن كُراع، ولَسْتُ
منه عَلَى ثِقَةِ.
(الدال والثاء والياء)
[د ي ث]
دَيَّثَ الأَمْرَ: لَيَّنَه. ودَبَّثَ الطَّرِيقَ: وَطَأَهُ.
ودَيَّثَ البَعِيرَ: ذَلَّلَه بعضَ الذُّلِّ. ودَيَّثَ الجِلْدَ في
الدِّباغِ، والرُّمْحَ في الثِّقافِ، كذلك. ودَيَّثتِ المَطارِقُ
الشَّيْءَ: لَيَّنَتْهُ. ودَيَّثَه الدَّهْرُ: حَنَّكَه وذَلَّلَه.
ودَيَّثَ الرَّجُلَ: ذَلَّلَه ولَيَّنَه. والدَّيُّوثُ: الّذِي
يُدْخِلُ الرِّجالَ على حُرْمَتِه بَحَيْثُ يَراهُم، كأَنَّه
لَيَّنَ نَفْسَه على ذِلَك. وقالَِ ثَعْلَب: هو الَّذِي تُؤْتَى
أَهْلُه وهو يَعْلَمُ، مُشْتَقٌّ من ذِلكَ، أَنَّثَ ثَعْلَبٌ
الأَهْلَ على مَعْنَى المَرْأَةِ. والدِّيثانُ: الكابُوسُ يَجْثُم
عَلَى الإنٍ سانِ، أُراها دخِيلَةً. والأَديَثُونَ: مَوْضِعٌ، قالَ
عَمْرُو بنُ أَحْمَرَ الباهِلِيُّ:
(بحَيْثُ هَراقَ فِي نَعْمانَ خَرْجٌ ... دَوافِعُ في بَراقِ
الأَدْيَثِينا ... )
(مقلوبه)
: [ث د ي] الثِّدْيُ مَعْرُوفٌ، وجَمْعُه أَئْدٍ، وثُدِيٌّ [على
فُعُولٍ، وثِديِ أيضاً، بكسر الثاء لما بعدها
(9/392)
من الكسر] ، فأَمّا قولُه:
(وأَصْبَحَتٍ النِّساءُ مُسَلِّبات ... لَهُنَّ الوَبيلُ
يَمْدُدُنَ الثًّدِينَا)
فإنَّهُ كالغَلَطِ، وقد يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الثُّدِيَّا
فأَبْدَلَ النونَ من الياءِ للقافِيَةِ. وذُو الثُّدَيَّةَ:
رَجُلٌ، أَدْخَلُوا الهاءَ في الثُّدَيَّة ها هنا وهو تصَغيرُ
ثَدْيٍ، والثَّدْيُ: مُذَكَّرٌ، لأَنَّها كأَنَّها بقِيَّةُ ثَدْيِ
قد ذَهَبَ أَكْثَرَه فقَلَّلَها، كما يُقال: لُحَيْمَةٌ
وشُحْيْمَةٌ، فأَنَّثَها على هذا التَّأْوِيلِ. وقالَ الفَرّاءُ عن
بَعْضهِمِ: إنّما هو ذُو اليُدَيَّةُ، ولا أَرَى الأًصلَ إلاّ هذا.
وامْرَأَةُ ثَدْياءُ عَظِيمَةُ الثَّدْيَيْنِ، وهي فَعْلاءُ لا
أَفْعَلَ لها؛ لأَنَّ هذا لا يَكُونُ في الرِّجالِ. وثَدِيَثِ
الأَرْضُ، كسَدِيَتْ، حكاها يَعْقُوبُ، وزعم أَنّها بَدَلٌ من
سِينِ سَدَيَتْ، وهذا لَيْسَ بَمْعُروفٍ. قال: ثم قَلَبُوا،
فقالُوا: ثَئِدتَ مَهْمُوزاً من الثَّأَدِ، وهو الثَّرَى، وهذا منه
سَهْوٌ واخْتِلاطٌ، وإنْ كانَ إِنّما حكاهُ عن الجَرْمِيِّ، وأَبُو
عُمَرَ يَجِلُّ عن هذا الذي حكاهُ يَعْقُوب عنه إلاَّ أَنْ
يَعْنِيَ بالجَرْمِيِّ غيرَه.
(الدال والراء والياء)
[د ر ي] دَرَى الشَّيْءَ دَرْياً، ودِرْياً عن اللِّحْيانِيِّ،
ودِرْيَةً، ودَرَياناً ودِرْياناً ودِرايَةً: عَلِمَه، قال سيبويه:
الدَّرْيَةُ كالدِّرْيَةِ، لا يُذْهَبُ به إلى المَرَّةِ
الواحِدَة، ولكنّه على مَعْنَى الحالِ. وأَدْراهُ بهِ: أَعْلَمَه،
وفي التَّنْزِيلِ: {ولا أدراكم به} [يونس: 16] وأما من قرأه:
((أَدْرَأَكُمْ به)) مَهْمُوزاً فلَحْنٌ. قال سِيبَوَيْه: وقالُوا:
لا أَدْرِ، فحَذَفُوا الياءَ لكَثْرَةِ اسْتْعمالِهِم لَهُ،
ونظيُره ما حَكاهُ اللِّحْيانِيُّ عن الكِسائيِّ: أَقْبَلَ
يَضْرِبُه لا يَأْلُ، مضمومةَ اللاّمِ بلا واوٍ. وحَكَى ابنُ
الأَعْرابِيٍّ: ما تَدْرِي ما دِرْيتُها: أي ما تَعْلَمُ ما
عِلْمُها. ودَرَى الصَّيدَ دَرْياً، وأدْراهُ، وتَدَرّاهُ:
خَتَلَه، قال:
(فإِنْ كُنْتُ لا أَدْرِي الظِّباءَ فإِنَّنيِ ... أَدُسُّ لها
تَحْتَ التُّرابِ الدَّواهِياَ)
(9/393)
وقالَ:
(كَيْفَ تَرانِي أَذَّرِي وأَدَّرِي ... )
(غِرّاتِ جُمْلٍ وتَدَرِّي غِرَرِي ... )
والدَّرِيَّةُ: النّافَةُ أو البَقَرَةُ يُسْتَتَرُ بها من
الصَّيْدِ، فُيخْتَلُ. قال أبو زَيْدٍَ: هي مَهْمُوزَةٌ؛ لأَنّها
تَدْرَأُ إليه، اي تَدْفَعُ، فِإِذا كانَ هذا فَليْسَ من هذا
البابِ. وقد أَدْرَيتُ دَرِيَّةً، وتَدَرَّيْتُ. والدَّرِيَّةُ:
الوَحْشُ من الصَّيْدِ خاصّةً. وادَّرَوْا مَكاناً: اعْتَمَدُوه
بالغارَةِ والغَزْوِ. ودارَيْتُ الرَّجًُلَ: لايَنْتُه ورَفَقْتُ
به. والمِدْرَى، والمِدْراةُ، والمَدْرِيَةُ: القَرْنُ، والجَمْعُ:
مَدارٍ، ومَدَارَى، الأَلِفُ بدَلٌ من الياءٍ. ودَرَّي رَأْسَه
بالمِدْرَى: مَشَطَه.
(مقلوبه)
:
(د ي ر] الدَّيْرُ: خانُ النَّصارَي، والجَمْعُ أَدْيارٌ، وصاحِبُه
دَيّارٌ، ودَيْرانِيُّ نَسَبٌ على غيرِ قِياسٍ، وإنّما قُلْنا:
إِنّه من الياء وإِنْ كانَ ((دور)) أَكْثَرَ وأَوْسَعَ؛ لأَنَّ
الياءَ قد تَصَرَّفَتْ في جَمْعهِ، وفي بناء، فَعّالٍ منه، ولم
نَقْلْ: إنّها مُعاقَبَةٌ؛ لأَنَّ ذلك لو كانَ لكانَ حَرِيّا أَنْ
يُسْمَعَ في وَجْهٍ من وَجُوهِ تَصارِيِفه.
(مقلوبه)
: [ر د ي] الرَّدَى: الهَلاكُ، رَدِيَ رَدًي، فهو رَدٍ. وأَرْداهُ
اللهُ، وفي التَّنْزِيلِ: {إن كدت لتردين} [الصافات: 56] وفيه:
{واتبع هواه فتردى} [طه: 16] . ورَديَ في الهُوَِّةِ رَدًي،
وتَرَدَّى: تَهَوَّرَ. وأَرْادهُ اللهُ، ورَدَّاهُ فترَدَّى:
قَلَبَهُ فانْقَلَبَ. والرِّداءُ: من المَلاحِفِ، وقَوْلُ
طَرَفَةَ:
(ووَجْهُ كأَنَّ الشَّمْسَ حَلَّتْ رِداءَها ... عليهِ نَقِيُّ
اللَّوْنِ لم يَتَخَدَّدِ)
فإنَّه جَعَلَ للشَّمْسِ رِداءً وهو جَوْهَر، لأَنَّه أَبْلَغُ من
النُّورِ الذي هو العَرَضُ، والجمعُ:
(9/394)
أَرْدِيَةٌ، وهو الرِّداءَةُ، كقولهم:
الإزارَ. وقد تَرَدَّى به، وارتَدَى. وإِنَّه لَحَسنُ الرِّدْيَةَ:
أي الارْتِداءِ. ورَجُلٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعُ المَعْرُوفِ وإن
كانَ رِداؤُه صَغِيراً، قال كُثَيِّرٌ:
(غَمْرُ الرِّداءًِ إِذا تَبَسَّمَ ضاحِكاً ... غَلِقَتْ
لضَحْكَتِه رِقابُ المالِ)
وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعٌ خَصِيبٌ. والرِّداءُ: السَّيْفُ،
أًراهُ على التَّشْبِيِه بالرِّداءِ من المَلابِسِ، قالَ
مُتَمِّمٌ:
(لَقَدْ كفَّنَ المِنْهالُ تَحْتَ رِدائِه ... فَتًى غيرَ مبطانِ
العَشِيَّة أَرْوَعَا)
وكانَ المِنْهالُ قَتَل أَخاه مالِكاً، وكانَ الرَّجُلُ إذا قَتَلَ
رَجُلاً مَشْهُوراً وَضَعَ سيفَه عليهِ ليُعْرَفَ قاتلُه. وقد
تَرَديَّ به، وارْتَدَى، وأنشد ثَعْلَبٌ:
(إِذا كَشَفَ اليَوْمٌ العَماسُ عن اسْتِه ... فلا يرتَدِيِ
مِثْلِي ولا يَتَعَمَّمُ ... )
كَنَى بالارْتِداءِ عن تَقَلُّدِ السَّيْفِ، وبالتَّعَمُّم: عن
حَمْلِ البَيْضَةِ أو المِغْفَرِ. قال ثَعْلَبٌ: معناهما: أَلْبسُ
ثِيابَ الحَرْبِ ولا أَتَجَمَّلُ. والرِّداءُ: القَوْسُ، عن
الفارِسِيِّ. والرِّداءُ: العَقْلُ. والرِّداءًُ: الجَهْلُ،
كِلاهُما عن ابنِ الأَعْرابِيٍّ: وأَنْشَدَ:
(رَفَعْتُ رِداءَ الجَهْلِ عَنِّي زَيَّنَكَ ولم يَكُنْ ...
يُقَصِّرُ عَنِّي قبلَ ذاكَ رِداءُ)
وقال مَرَّةً: الرِّداءُ: كُلُّ ما زَيَّنَكَ حَتَّى دارُكَ
وابنُكَ. فعَلَى هذا يَكُونُ الرِّداءُ: كُلَّ ما زانَ وما شانَ.
والمَرَادِي: الأَرْدِيَةُ، قالَ:
(لا يَرْتَدِي مَرادِي الحَرِير ... )
(9/395)
(ولا يُرَى بسُدَّةِ الأمِيرِ ... )
(إِلاَّ لَحِلْبِ الشّاةِ والبَعِيرِ ... )
قال ثَعْلًَبٌ: لا واحِدَ لها. وقولُه: ((من سَرَّهُ النَّساءُ ولا
نَسَاءَ، فليُباكِرِ الغَداءَ، وليُكْرِ العَشاءَ، وليُخَفِّفِ
الرِّداءَ، وليُحِدَّ الحِذاءَ، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ)) .
والرِّداءُ هُنا: الدَّيْنُ. قالَ ثَعْلَبُ: أرادَ لو زادَ شَيءَْ
في العافِيَةِ لزادَ هَذا، ولا يكون. ورَدَتَ الخَيْلُ رَدْياً،
وَرَدَيَاناً: رَجَمَتِ الأَرْضَ بحَوافَرِها في سَيْرَِها
وعَدْوِها، وأَرْداهَا هُوَ، وقِيلَ: الرَّدَيَانُ: التَّقْرِيبُ،
وقِيلَ: الرَّدَيانُ: عَدْوُ الحِمارِ بَيْنَ آرِيِّهِ
ومُتَمَعَّكِه. ورَدَى الغُرابُ: حَجَلَ. والجَوَارِي يَرْدِينَ
رَدْياً: إِذا رَفَعْنَ رِجْلاً ومَشَيْنَ على أُخْرَى يَلْعَبْنَ.
وَرَدَيْتُ الشُّيءَ بالحَجَرِ: كَسَرتْهُ. والمِرْدَاةُ:
الصَّخْرَةُ تَِرْدِى بِها. وفي المثل: ((كُلُّ ضَبٍّ عندَه
مِرْداتُه)) . وهي الصَّخْرَةُ التي يَهْتَدِي بِها إلى جُحْرِه.
والمَرادي: القَوائِمُ من الإِبِلِ والفِيَلَةِ، على التَّشْبِيِه.
والمَرادِي: المَرامِي. وفُلانٌ مِرْدَى خُصُومِةٍ، و [مِرْدَى]
حَرْب: صَبُورٌ عليهِما. ورادَى الرًَّجُلَ: داراهُ وراوَدَه، قالَ
ظُفَيْلٌ:
(يرادَي على فَأْسِ اللِّجامِ كأَنَّما ... تُرادَي به مَرْقاةُ
جِذْعِ مُشَذَّبِ)
ورَدَيتُ على الشَّيءَْ، وأَرْدَيْتُ: زِدْتُ. وأَرْدَى على
الخَمْسِينَ، والثَّمانِينَ: زادَ. ورَدَتْ غَنِمي وأَرْدَتْ:
زادَتْ، عن الفَرّاءِ. وأَمّا قولُ كُثَيِّرِ:
(لَهُ عَهْدُ وُدٍّ لمْ يُكَدَّرْ يَزينُه ... رَدِي قَوْلِ
مَعْرْوُفِ حَديثٍ ومُزْمِنِ)
فقيلَ في تَفْسيِره: رَدِي: زِيادَةٌ. وأُراه بَنَى منه مَصْدَراً
على فَعِلَ كالضَّحِك والحِبِقِ، أو
(9/396)
اسْماً على فَعِلٍ، فوضَعَه موضِعَ
المَصْدَر. وإنَّما قَضَيْنا عَلَى ما لم تَظْهَرْ فيه الياءًُ من
هذا البابِ بالياء؛ لأَنَّها لامٌ، مع وَجُودِ ((ردي)) ظاهِرَةً،
وعدم ((ردو)) .
(مقلوبه)
: [ر ي د] الرَّيْدُ: الحيْدُ في الجَبَلِ، كالحائِطِ، قال أَبُو
ذُؤََيْب - وقِيلَ صَخْرُ الغَيِّ - يَصِفُ عُقاباً:
(فمَرَّتْ على رَيْدِ فأَِعْنَتَ بَعْضُها ... فخَرَّتْ على
الرِّجْلَيْنِ أَخْيَبَ خائِبِ)
والجَمْعُ: أَريْادٌ، قالَ صَخْرُ الغَيِّ:
(بِنَا إِذا اطَّرَدتْ شَهْراً أَزِمَّتُها ... ووازَنَتْ من ذُرَي
فَوْدٍ بأَرْيادِ)
والجَمْعُ الكََثِيرُ: رُيُودٌ. ورِيحٌ رَيْدَةٌ، وَرادَةٌ،
ورَيْدانَةٌ: لَيِّنَةُ الهُبُوبِ، قال:
(وهَبَّتْ له رِيحُ الجَنُوبِ وأَنْشَرَتْ ... لَهْ رَيْدَةٌ
يُحْيِي المياهَ نَسِيمُها)
وقيل: رِيحٌ رَيْدَةٌ: كَثيرةُ الهُبُوب. والتَّرْيِيدُ في
الحَرْثِ: رَفْعُ الأَعْصادِ بالمِجْنَبِ.
(الدال واللام والياء)
[د ي ل] الدَّيلُ: حَيٌّ في عبْدِ القَيْسِ. وبَنُو الدِّيلِ: من
بَنِي بَكْرِ بنِ عَليِّ بنِ عَبْدِ مَناةَ بنِ كِنانَةَ.
(الدال والنون والياء)
[د ي ن]
الدَّيْنُ مَعْرُوفٌ. وكُلُّ شَيءَْ غيرُ حاضِرٍ: دَيْنٌ،
والجَمْعُ: أَدْيُنُ، عن اللِّحْيانيِّ، ودُيُونُ، قالَ ثَعْلَبَةُ
بنُ عُبَيْدٍ يصفُ النَّخْلَ:
(9/397)
(تَضَمَّنُ حاجاتِ العِيالِ وضَيْفِهم ...
ومَهْما تُضَمَّنْ مِنْ دُيُوِنِهِمُ تَقْضِي)
يَعْني: بالدُّيُونِ: ما يُنالُ من جَناها، وإنْ لِمْ يَكُنْ ذِلكَ
دَيْناً على النَّخْلِ، كقولِ الأَنْصارِيِّ:
(أَديِنُ وما دَيْنِي عليكم بمَغْزَمٍ ... ولكِنْ على الشُّمِّ
الجلاِدِ القَراوِحِ)
ودِنْتُ الرَّجُلَ، وأَدَنْتُه: أَعْطَيْتُه الدَّيْنَ إِلى
أَجَلِ، قالَ أبو ذُؤَيْبٍ:
(أَدانَ وأَنْبَأَةُ الأَوَّلونَ ... بأَنّ المَدانَ مَلِيٌّ
وَفِيُّ)
الأَوَّلُون: النَّاسُ والمَشْيَخَةُ. وقَِيلَ: دِنْتُه:
أًَقْرَضْتَه. وأَدَنْتَه: اسْتَقْرَضْتُه منه. ودانَ هُو: أَخَدَ
الدَّيْنَ. ورَجُلٌ دائِنُ ومَدِينٌ ومَدْيُونٌ، الأخيرَةُ
تَمِيميَّةٌ. ومُدانٌ: عليه الدَّيْنُ، وقِيلَ: هو الَّذِي عليهِ
دَيْنٌ كَثيرٌ. وأَدَانَ، واسْتَدانَ، وادّانَ أَخَذَ بَديْنٍ،
ومنه قَوْلُ عُمَرَ: ((فادَّانَ مُعْرِضاً)) . واسْتَدانَه: طَلَبَ
منه الدَّيْنَ. واسْتَدَانَه: اسْتَقْرَضَ منه، قال الشاعُر:
(فإِنْ يَكُ يا جَناحُ عَلَيَّ دَيْنٌ ... فعِمْرانُ بنُ مُوسَى
يَسْتَديِنُ)
ودِنْتُه: أَعْطَيْتُه الدَّيْنَ. وتَدايَنَ القَوْمُ وادّايَنُوا:
أَخَذُوا بالدَّيْن، والاسمُ الدِّيَنةُ. وأَدانَ فلانٌ النّاسَ:
أَعْطاهُمُ الدَّيْنَ وأَقْرََضَهُم، وبه فَسَّرَ بعضُهم قولَ
أَبِي ذُؤَيْبٍ:
(أدَانَ وأَنْبَأهُ الأَوَّلُونَ ... بأَنَّ المُدانَ مَلِيٌّ
وَفِيُّ)
ورَجُلٌ مَدْيانٌ: يُقْرِضُ النّاسَ، وكذِلكَ الأُنْثَى بغيرِ
هاءِ، وجمعُهُما جَمِيعاً مَدايِينُ.
(9/398)
ودايَنْتُ فُلانًا: إِذا أَقْرضَتَه
وأقْرَضَكَ، قال الشّاعِرُ:
(دايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُونُ تُقْضَى ... )
وقالَ: رَماهُ اللهُ بدَيْنِه: أي بالمَوْت؛ لأَنّه دَيْنٌ عَلَى
كُلٍّ أَحِدٍ. والدِّينُ: الجَزاءُ. ودِنْتُه بِفِعِلْه دَيْناً
ودِيناً: جَزَيْتُهُ، وقيل: الدَّيْنُ: المَصْدَرُ، والدِّينُ:
الاسمُ، قالَ:
(ديَنَ هّذا الَقْلبُ من نُعْم ... بسَقَام ليسَ كالسُّقْمِ)
ودايَنَةُ مُدايَنَةً ودِياناً: كذلِكَ أيْضاً. ويَوْمُ الدِّينِ:
يَوْمُ الجَزاءِ. والدَّيّانُ: اللهُ عزَّ وَجَلَّ، وفي المَثَلِ:
((كما تَدِينُ تُدانُ)) أي: كما تُجازِي تُجازَي، وقيل: كما
تَفْعَلُ يُفْعَلُ بكَ. والدِّينُ: الحِسابُ. والدِّينُ:
الطّاعَةُ. وقد دِنْتُه ودِنْتُ له، قالَ عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ:
(وأَيّامًا لَنَا غُرّا طِوالاً ... عَصَيناَ المَلْكَ فِيهاَ أَنْ
نَدِينَا)
والدِّينُ: الإسْلامُ، وقد دِنْتُ بهِ، وفي حَدِيثِ عليٍّ:
((مَحَبَّةُ العُلماءِ دِينٌ يُدانُ بِهِ)) . والدِّينُ: العادَة،
وقد رُوِيَ:
(دِينَ هذا القَلْبِ من نُعْمِ ... )
يريد: ياديَنُه، أي عادَتَهُ، والجَمْعُ أَدْيانٌ. والدِّيَنةُ:
كالدِّينِ، قالَ أبو ذُؤََيْب:
(أَلاَ يا عَناءَ القَلْبِ مِنْ أَمِّ عامِرٍ ... ودِينَتُه من
حُبِّ مَنْ لا يُجاوِرُ)
ودِينَ: عُوِّدَ، وقيل: لا فِعْلَ له.
(9/399)
ودِنْتُ الرَّجُلَ: خَدَمْتُه وأَحْسَنْتُ
إليه. والدِّينُ: الذُّلُّ. والمَديَنُ: العَبْدُ. والمَدِينَةُ:
الأمَةُ، قالَ الأَخْطَلُ:
(رَبَتْ ورَبَا في جَجْرها ابنُ مَديِنَةٍ ... يَظَلُّ عَلَى
مسِحِاته يَتَرَكَّلُ)
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيَّ: معناهُ عالِمٌ بِها. وقولُه تَعَالى:
{أَءِنَّا لَمَديِنُونَ} [الصافات: 53] أي مَمْلُوكُون. ودِنْتُه
أَدِينُه دِينًا: سُسْتُه. ودَيَّنْتُه القومَ: ولَّيْتُه
سِياسَتَهُم، قال الحُطَيْئَةُ:
(لَقَدْ دُيِّنِّتِ أَمرَ بَنِيكِ حَتَّى ... تَرَكْتِهِمُ أَدَقَّ
مِنَ الطَّحِينِ)
والدَّيّانُ: السّائِسُ، قالَ ذُو الإصْبَعَ العَدْوانِىٌّ:
(لاهِ ابنِ عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ... يَوْماً ولا
أَنْتَ دَيَّانِى فَتخْزُوِنى)
والدِّينُ: الحالُ. قال النَّصْرُ بنُ شُمَيْلٍ: سأَلْتُ
أَعْرابِياً عن شَيْءٍ فقالَ: لو لَقِيتَيِى عَلَى دِينٍ غيرِ هَذه
لأَخْبَرَتْكُ. ودَيَّنَ الرَّجُلَ في القَضاءِ، وفيِما بَيْنَه
وبينَ اللهِ: صَدَّقَة. والدِّينُ: الدَّاءُ، عن اللِّحيْانِيِّ،
وأَنْشَدَ:
(يا دِينَ قَلْبِكَ مِنْ سَلْمَى وقَدْ دِينًا)
والدَّيانُ بن قَطَنٍ الحارِثُّى: من شُرفائِهِم. فأَمّا قولُ
مُسْهِرِ بنِ عَمْرو الضَّبِّيِّ:
(ها إِنَّ ذا ظالِمُ الدَّيّانُ مُتَّكِثًا ... على أَسرِتَّهِ
يَسْقَى الكُواثِيناَ)
(9/400)
فإنّه شَبَّه ظالِمًا هذا بالدَّيّانِ بنِ
قَطَن بن زيادٍ الحارِثِىِّ، وهو عَبْدُ الَمدانِ، في نَخْوتِه،
وليسَ ظالِمٌ هو الدَّيّان بعَيْنِه. وبَنُو الدَّيّانِ: بَطْنٌ،
أُراهُ نُسِبُوا إِلى هذَاَ، قال السَّمَوْأَلُ بنُ عادِياءَ - أو
غَيْرُه -:
(فإنَِّ بَنَى الدَّيّانِ قُطْبٌ لقَوْمِهِم ... تَدُورُ رَجاهُمْ
حَوْلَهُم وتَجُولُ)
(مقلوبه: [ن د ى] النَّدَى: البَلَلُ. والنَّدَى: ما يَسْقُطُ
باللَّيْلِ، والجَمْعُ: أَنْداءُ وأَنْدَبَةٌ على غَيْرِ قِياسٍ،
فأَمَّا قَوْلُ ابنِ مَحْكانَ:
(في لَيْلَةٍ من جَمادَى ذاتِ أَنْدِيَةٍ ... لا يُبْصِرُ الكَلْبُ
من ظَلْمائِها الطُّنُبَا)
فذَهَبَ قومٌ إلى أَنّه تَكْسِيرٌ نادِرٌ، وقِيلَ: جَمَعَ نَدًى
على أَنْداءٍ، وأَنْداءً على نِدَاء، ونِدَاءً على أَنْدِيَةٍ،
كرِداءٍ وأَرْدِيَة، وقيل: لا يُريدُ به أَفْعَلةً نحو أَحْمرِةٍ
وأَقْفِزَةٍ، كما ذَهَبَ إليه الكافَّةُ، ولكن يجوزُ أن يُريدَ به
أَفْعُلَةً بضمِّ العَيْنِ تَأْنِيثَ أَفْعُلِ، وجَمَعَ فَعَلاً
على أَفْعُلٍ، كما قالُوا: أَجْبُلٌ وأَزْمُنٌ وأَرْسُنٌ. وأَما
محمَّدُ بن يَزيدَ فدَهَبَ إِلى أَنَّه جَمْعُ نَدِىٍّ، وذلك
أَنًّهُم يَجْتَمِعُون في مجالِسِهم لِقَرَى الأَضْيافِ. وقَدْ
نَدِيَتْ لَيْلَتُنا نَدًى، فهِى نَدِيَةٌ، وكذلك الأَرْضُ.
وأَنْداهَا المَطَرُ، قال:
(أَنْداهُ يَوْمٌ ماطِرٌ فطَلاَّ ... )
والمَصْدَرُ النُّدُوَّةُ، قالَ سِيبَوَيْهِ، هو من بابِ
الفُتُوَّةِ، فدَلَّ بهذا عَلَى أَنَّ هَذا كُلَّه عِنٍْ دَه ياءٌ،
كما أَنَّ واوَ الفُتُوَّةِ ياءٌ. وقالَ ابنُ جِنِّى: أَمّا
قولُهُم: في فُلانِ تَكَرُّمٌ ونَدًى. فالإمالَةُ فيه تَدُلُّ على
أَنَّ لامَ النُّدُوَّةِ ياءٌ، وقولُهم: النَّداوَةُ. الواوُ فيهِ
بَدَلٌ من ياءٍ، وأَصْلُه نَدايَةٌ؛ لما ذَكَرَنْاه من الإمالَة في
النَّدى، ولكنَّ الواوَ قُلَِبتْ ياءً لضَرْبٍ من التَّوَسُّعِ.
وعُودٌ مُنَدّى ونَدِىٌّ: فُتِقَ بالنَّدَى أو ماءِ الوَرْدِ،
وأَنْشَدَ يَعْقُوبُ:
(إِلى مَلِكٍ لهُ كَرَمٌ وخِيرٌ ... يُصَبَّحُ باليَلَنْجُوجِ
النَّدِىِّ)
(9/401)
والنَّدَى: السَّخاءُ والكَرَمُ. وتَنَدَّى
عليهم، ونَدِىَِ: تَسَخَّى. وأَنْدَى علينا نَدًى كَثِيراً، كذلك.
وأَنْدَى عليه: أَفْضَلَ. ورَجُلٌ نَدِىُّ الكَفِّ، قالَ:
(يابِسُ الجَنْبَيْنِ من غَيْرِ بُؤسٍ ... ونَدِى الكَفيَّنِ
شَهْمٌ مَدِلُّ)
وحَكَى كُراع: نَدِىُّ اليَدِ، وأَباهُ غيرهُ. والنَّدَى:
الثَّرَى. والمُنْدِيَةُ: الكَلِمَةُ يِعْرَقُ لها الجَبِينُ.
وفلانٌ لا يُنْدِى الوَتَرَ، بإسكانِ النون، ولا يُنَدِّى
الوَتَرَ: أي لا يُحْسِنُ شيئاً، عَجْزاً عن العَمَلِ، وعِياّ عن
كُلِّ شيءْ. ونَدَتِ الإِبلُ إلى أَعْراقٍ كَرِيمةٍ: نَزَعَتْ.
ونَوادِى الإبِل: شَوارَدُها. ونَوادِى النَّوَى: ما تَطايَرَ منها
تحتَ المِرْضَخَةِ. والنِّداءُ والنُّداءُ: الصّوْتُ. وقد نادَاهُ،
ونادَى بهِ. وقولُه عَزَّ وجلَّ: {وَيَاقَومِ إِنَىَ أَخاَفُ
عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر: 32] قال الزَّجّاجُ: معنى:
((يَومْ التَّنادِ)) : يَوْمَ يُنادى أَصْحابُ الجَنَّةَ أصحابَ
النّارِ: {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا} [الأعراف: 44] ويُنادِى
أصحابُ النّارِ أَِصْحابَ الجَنَّةِ: {أن أفيضوا علينا من الماء أو
مما رزقكم الله} [الأعراف: 50] قال: وقِيلَ: يَوُم التَّنادِى: يوم
يُنادَى كلُّ أُناسٍ بإمامِهم. وقُرئَ: {يوم التناد} بتشدِيدِ
الدالِ، من قَوْلِهم: نَد البَعِيرُ: إِذا هَرَبَ على وَجْهِه، أي:
يَوم يِفرُّ بعضُكُم من بَعْضٍ، كما قالَ تَعالَى: {يوم يفر المرء
من أخيه وأمه وأبيه} [عبس: 34، 35] . والندَِّى: بُعْدُ الصَّوْتِ.
(9/402)
ورَجُلٌ نَدِىُّ الصَّوْتِ: بَعِيدُه.
ونادى بِسِرِّه: أَظْهَرَه، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ، وأَنْشَدَ:
(غَرَْاءُ بَلْهاءُ لا يَشْقَى الضَّجِيعُ بها ... ولا تَنادِى بما
تَوشِى وتِسِتَمِعُ)
وبِه يُفَسَّرُ قولُ الشّاعِرِ:
(إِذا ما مَشِْتَ نادَى بما في ثِيابِها ... ذَكِيُّ الشَّذاَ
والمَنْدَلِىُّ المُطَيَّر)
أي: أَظْهَرَه ودَلَّ عليهِ. ونادَى لك الطَّرِيقُ، وناداكَ:
ظَهَر. وأَمَّا قولُه:
(كالكَرْمِ إِذ نادَى من الكافُورِ ... )
فإنّما أرادَ صاحَ، يُقال: صاحَ النَّبْتُ: إذا بَلَغَ والْتَفَّ،
فاسْتَقْبَحَ الطَّىَّ في ((مستفعلن)) فوضَعَ ((نادَى)) موضع
((صاحَ)) ليَكْمُلَ به الجُزْءُ، وقال بعضُهم: نادَى النَّبْتُ،
وصاحَ سواء، معروفٌ من كلاِم العَرَبِ. ونادَى الشَّيْءَ: رآه
وعَلِمَه، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ أيضاً. وما نَديَنَى منه شَيْءَ:
أي ما نالَنِى. وما نَدِيتُ منه شَيئاً: أي ما أَصَبْتُ ولا
عَلِمْتُ. وقيل: ما أَتَيْتُ ولا قارَبْتُ. ولا يَنْداكَ مَنِّى
شيءُ تَكْرَهُه: أي لا يُصِيبُكَ، عن ابنِ كَيْسانَ. والنّادِياتُ
من النَّخْل: البَعِيداتُ من الماءِ. والنَّدَى: ضَرْبٌ من
الدُّخْنِ. والنَّدَاتانِ من الفَرَسِ: الغَزُّ الذي يَلِى باطِنَ
الفائِلِ، والواحِدَةُ نَداةُ. والنَّدَى: المَدَى، زعم يَعْقُوبُ
أَِنَّ نُونَه بَدَلٌ من الميمِ، وليس بقَوِىٍّ. وإِنّما قَضَيْنا
على ما لم تَظْهَرْ ياؤُه من هذا البابِ بالياءِ لكَوْنِها لامًا.
(9/403)
(الدال والفاء
والياء)
[د ى ف] دِيافٌ: موضعٌ في البَحْرِ، وقيل: قَرْيةٌ بالشّأمِ. قال
الفَزَزْدَقُ [يَهْجُو عمروَ بنَ عَفراء] .
(ولَكِنْ دِيافِيٌّ أًَبُوهُ وأُمَّه ... بَحوْرانَ يَعْصِرْنَ
السَّلِيطَ أَفارِبُهْ)
(مقلوبه)
: [ف د ى] فَدَيْتُه فِدًى، وفِداءً، وافْتَدَيْتُه، قالَ
الشّاعِرُ:
(فلَوْ كانَ مَيْتٌ يُفْتَدَى لفَدَيْتُه ... بما لَمْ تَكُنْ
عَنْه النُّفُوسُ تَطِيبُ)
وإِنَّه لحَسَنُ الفِدْيَةِ. وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: {فمن كان منكم
مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة:
196] إنَّما أرادَ: فمَنْ كانَ مِنْكُم مَرِيضاً، أو بِه أَذًى
مِنْ رَأْسِه، فحَلَقَ، فعَلَيْهِ فِدْيَةٌ، فحَذَف الجُمْلَةَ من
الفاعِلِ والمَفْعُولِ؛ للدَّلالَةِ عليه. وأَفْداهُ الأَسِيرَ:
قَبِلَ منه فِدْيَتَه، ومنه قَوْلُ رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم لقُرَيْشِ - حينَ أُسِرَ عُثْمانُ ابنُ عبدَ اللهِ، والحَكَمُ
بنُ كَيْسانَ - ((لا نُفْدِيكُموهُما حَتّى يَقْدَمَ صاحِبانَا)) .
يعنى: سَعْدَ ابنَ أًَبِى وَقّاصٍ، وعُتْبَةَ بنَ غَزْوانَ.
والفَدَاءُ: جماعَةُ الطَّعام من الشَّعِيرِ والتَّمْرِ ونَحْوِه.
والفَدَاءُ: الكُدْسُ من البُرِّ، وقِيلَ: هو مَسْطَحُ البّرِّ،
بلُغَةِ عبدِ القَيْسِ. وفَدَاءُ كُلِّ شيءٍ: حَجْمُه. وإِنّما
قَضَيْنا بأَنَّ الفَداءَ من الياءِ لوجُودُ ((ف د ى)) وعَدَمِ ((ف
د و)) .
(مقلوبه: [ف ي د] فادَ فَيْداً، وتَفَيَّدَ: تَبَخْتَرَ، وقِيلَ:
هو أَنْ يَحْذَرَ شَيْئاً فَيَعْدِلَ عنه جانِباً. والفَيّادُ:
المُتَبَخْتِرُ. وفَيَّدَ من قِرْنِهِ: هَرَبَ، عن ثَعْلَبٍ
وأَنْشَدَ:
(9/404)
(نُباشِرُ أَطْرافَ القَنَا بصُدُورِنا ...
إِذا جَمْعُ قَيْسٍ خَشْيَةَ المَوْتِ فَيَّدُوا)
والفَيّادَةُ: الذى يَلْفُّ ما يَقْدِرُ عليه فَيأْكُلُه، أنَشَدَ
ابنُ الأَعرابِىٍّ:
(ليس بمُلْتاثٍ ولا عَمَيْثَلِ ... )
(وليسَ بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ ... )
والفَيّادُ: ذَكَرُ البُومِ. وفادَ المالُ نَفْسُه يَفِيدُ
فَيْداً: ثَبَتَ لصاحِبِه، أو ثَبَتَ لَهُ، والاسمُ منه:
الفائِدَةُ. وأَفَدْتُ المالُ: أَعْطَيْتُه لغَيْرِى. وأَفَدْتُه
وتَفَيَّدْتُه: اسْتَفَدْتُه، الأخيرَةُ عن الهَجَرِيٍّ. وأَفادَهُ
اللهُ إِيّاهُ. وفادَ الرَّجُلُ يَفِيدُ فَيْداً: ماتَ. وفادَتِ
المَرْأَةُ الطِّيبَ فَيْداً: دَلَكَتهُ في الماءِ ليَذُوبَ، قال
كُثَيِّرٌ.
(يُباشرِْنَ فَأْرَ المِسْك في كُلِّ مَشهْدٍ ... وُيِشْرِقُ
جادِيٌّ بِهنَّ مَفِيدُ)
والفَيْدُ: وَرَقُ الزَّعْفَرانِ. والفَيْدُ: الشَّعَرُ الذي على
جَحْفَلَةِ الفَرَسٍ. وفَيْدٌ: ماءٌ، [وقيل:] مَوْضِعٌ
بالبادِيَةَ، قال زُهَيْرٌ.
(ثُمَّ اسْتَمرَُّوا وقالُوا: إَنَّ مَشْرَبَكَمُ ... ماءٌ
بشَرْقِىِّ سَلْمَى، فَيْدُ أُوْ رَكَكُ)
وقالَ لَبِيدٌ:
(مُرِّيَّةُ حَلَّتْ بَفَيْدَ وجاوَرَتْ ... أَرَضْ الحِجازَِ
فأَيْنَ منكَ مَرَامَها)
(9/405)
(الدال والباء
والياء)
[د ب ي] الدَّبَى: أَصَغَرُ ما يَكُونُ من الجَرادٍ والنَّمْلِ،
وقيل: هو بعدَ السِّرْو، واحِدَتُه دَباةٌ، قال:
(كأَنَّ خَوْقَ قُرْطَها المَعْقُوب)
(عَلَى دَباةٍ أو عَلَى يَعْسُوبِ ... )
وأَرْضٌ مُدْبِيَةٌ: كَثِيرَةُ الدَّبَا. ومَدْبيَّةٌ
ومَدْبُوَّةٌ: أَكَلَ الدَّبَى نَبْتَها. وأَدْبَى العَرْفَجُ:
خَرَجَ منه مثلُ الدَّبَى، وحِنَئدٍ يَصْلُحُ أن يُؤْكَلَ. وجاءَ
بَدَبَى دُبَىٍّ، وبَدبَى دُبَيّانُ، وَدَبَى دُبَيّانٍ، عن
ثَعْلبٍ، يُقال ذلك في مَوْضِعِ الكَثْرَةِ والخَيْرِ والمالِ.
ودُبَيٌّ: مَوْضِعٌ لَيِّنٌ بالدَّهْناءِ تَأْلَفُه الجَرادُ،
فَتَبِيضُ فيهِ. والدَّبَى: موضعٌ. ودَبَى: سُوقٌ من أَسْواقِ
العَرَبِ. ودُبَبَّهٌ: اسمُ رَجُلٍ. وإنّما قَضَيْنا على هّذا
كُلِّه بالياءِ: لكوِنها لامًا، فأَمّا مَدْبُوَّةٌ فَنَوْعٌ من
المُعاقَبَةِ.
(مقلوبه)
: [ب د ى] بَدِيتُ بالشَّيْءِ، وبَدَيْتُ: ابْتَدَأْتُ، وهي لُغَةَ
الأَنْصارِ. قالَ ابنُ رَواحَةَ.
(باسْمِ الإلهِ وبه بَدِينَا ... )
(ولو عَبَدنْا غيرَه شَقِينَا ... )
(مقلوبه)
: [ب ي د] بادَ الشّيْءَ يَبِيدُ بَيْداً، وبَيَاداً، وبُيُوداً،
وبَيْدودَةً، الأخِيرَةُ عن اللِّحْيانِيِّ: انْقَطَعَ وذَهَبَ.
وبادَت الشّمسُ بُيُوداً: غَرَبَتْ منه، حكاهُ سِيبَويْهِ.
(9/406)
والبَيْداءُ: الفَلاةُ: وقِيلَ: المَفازَةُ
المستويةُ تَجْرِي فيها الخَيْلُ، ابنُ جِنِّى، سُمِّيْتْ بذِلكَ
لأنَّها تُبِيدُ من يَحُلُّها، والجَمْعُ: بِيدٌ: كَسَّروُه
تَكْسِيرَ الصفِّاتِ؛ لأنه في الأصلِ صِفَةٌ، ولو كَسَّرُوهُ
تَكْسِيرَ الأَسْماءِ فقِيلَ: بَيداواتٌ لكانَ قِياساً. فأمّا ما
أَنْشَدَه أبو زَيْدٍ في نَوادِرِه:
(هَلْ تَعْرَفُ الدّارَ بَيْيدا إِنَّهْ ... )
(دَارٌ للَيْلَي قَد تَعْفَّتْ إِنَّهْ ... )
إنْ قالَ قائِلٌ: ما تَقُولُ في قَوْلِه: ((بَبيْدْ إنَّهْ)) هَلْ
يَجُوزُ أَنْ يكونَ صَرَفَ بَيْداءَ ضَرُورَةً، فصارَتْ في
التَّقدِيرِ ببَيْدَاءٍ، ثم إنَّه شَدَّدَ التَّنْوِينَ ضَرُورَةً
على حَدَّ التَّثْقِيلِ في قَوْلِه:
(ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَماَّ ... )
فلمّا ثَقَّلَ التَّنْوِينَ، واجَتْمَعَ ساكِنانِ، فَتَحَ الثّانِي
من الحَرْفَيْنِ لالْتقائهما، ثم أَلْحَقَ الهاءَ لِبيَانِ
الحَرَكَة، كإِلْحاقها في هُنَّهْ، فالجَوابُ أَنَّ هذا غيرُ
جائِزٍ في القياسِ، وذِلك أَن هذا التَّثْقِيلََ إنَّما أصلُه أَنْ
يُلْحَقَ في الوَقْفِ، ثم إنَّ الشُعَراءَ تُضْطَرُّ إلى إِجْراءِ
الوَصْلِ مُجْرَى الوَقْفِ، كما حَكاهُ سِيبَويْهِ من قولهم _ في
الضَّرُورِةَ _: سَبْسَباَّ، وكَلْكَلاَّ، ونحوه، فأَمّا إذا كانَ
الحَرْفُ مما لا يَثْبتُ في الوَقْفِ البَتَّةَ مُخَفَّفّا، فهو من
التّثَقْيِلِ في الوَصْلِ أو في الوَقْفِ أَبْعَدُ، أَلا تَرَى
أنَّ التَّنْويِنَ مما يَحْذِفُه الوقْف، فلا يُوجَدُ فيه
البَتَّة، فإِذا لم يُوجَدْ في الوَقْفِ أصْلاً، فلا سَبِيلَ إِلى
تَثْقِيلِه؛ لأَنَّه إذا انتفى الأَصْلُ الَّذِي هو التَّخْفيِفُ
هنا، فالفَزْعُ الذي هو التَّثْقِيلُ أَشَدُّ انْتَفاءً. وأَجازَ
أَبو علِيَّ فيها ثَلاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُها: أَن يَكُونَ أرادَ
بَبيْداءَ ثم أَلْحَقَ إِنْ الخَفيِفَةَ، وهي الَّتِي تَلْحَقُ
الإنْكارَ، نحو ما حَكاهُ سِيَبَويْهِ من قول بَعْضِهِم:
أَتْخْرُجُ إِن أَخْصَبَتِ البادِيَةُ؟ فقالَ: أَأَنا إَِنيهْ؟
مُنْكِراً لرَأْيِه أَنْ يَكُونَ على خِلاف أَنْ يَخْرُجَ، كما
تَقُولُ: أَلمِثْلِي يُقالُ هذا؟ أَنا أَوَّلُ خارِجٍ إِلَيْها،
فكذلك هَذا الشّاعِرُ أرادَ: أَمِثْلِى يَعْرَفُ ما لا يُنْكِرُه؟
ثم إنَّه شَدَّد النُّونَ في الوَقْفِ، ثم أَطْلَقَها وبَقَىَ
التَّثْقِيلُ بحالِه فيها على حَدِّ سَبْسبَاً، ثم أَلْحَقَ الهاءَ
لبِيَانِ الحَرَكَةِ نحو: كِتابِيَهْ، وحِسابِيَهْ، واقْتَدِه.
(9/407)
والوَجْهُ الآخَرُ: أَنْ يكونَ أَرادَ
إِنَّ الَّتِي بَمَعْنَى نَعَمْ في قولِه:
(ويَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلاَكَ ... وَقَدْ كِبَرْتَ فقُلْتِ
إِنَّهْ)
أي: نَعَمْ. والوَجْهُ الثالث: أن يَكُونَ أرادَ إِنَّ الّتِي
تَنْصبُ الاسْمَ وتَرْفَعُ الخَبَرَ، وتكونُ الهاءُ في موضِعِ
نَصْبٍ لأنّها اسمُ إِنّ، ويَكُونُ الخَبَرُ محذُوفًا، كأَنّه
قالَ: إنَّ الأمرَ كَذاكَ. فيكُونُ في قوِله: ((ببَيْدا إِنَّهْ))
قد أَثْبَتَ أَنَّ الأمْرَ كذلِكِ في ثَلاِثهِ الأوْجُه؛ لأنَّ
إِنَّ التي للإنْكارِ مُؤَكِّدَةٌ مُوجِبَةٌ، ونَعَمْ أيضاً كذلك،
ويكونُ قَصْرُ بَبْيدَاءَ في هذه الأَوْجَهِ الثّلاثَةِ، كما
قَصَرَ الآخُر ما مَدَّتُه للتَّأْنِيثِ في نَحْوِ قوِله:
(لا بُدَّ مِنْ صَنْعا وإِنْ طالَ السَّفَرْ ... )
قال أبو عليٍّ: ولا يَجُوزُ أن تكونَ الهَمْزَةُ في ((بَيْدا
إِنَّهْ)) هي هَمْزَةُ بَيْدَاءَ؛ لأَنّه إِذا جُرَّ الاسمُ غيرُ
الُمنْصَرِف، ولم يَكُنْ مُضافاً، ولا فِيه لامُ المَعْرِفَةِ،
وَجَبَ صَرْفَه وتَنْوِينُه، ولا تَنْوِينَ هُنا، لأَنَّ التنوِينَ
لا يُتَقَّلُ، إنّما يُفْعَلُ ذلك بَحْرفِ الإعرابِ دُونَ غيرِه،
وأجازَ أَيْضاً في ((تَعَفَّتْ إنَّه)) هذه الأَوْجُهَ الثَّلاثَةَ
التي ذَكَرْناها. والبَيدْانَهُ: الحِمارَةُ الوَحْشِيَّةُ.
وبَيْدَ: بمَعْنَى غَيْر، يُقال: رَجُلٌ كَثِيرُ المالِ بَيْدَ
أَنَّه بَخِيلٌ، أَيْ غير. حكاهُ ابنُ السِّكِّيتِ، وقِيلَ: هي
بمَعْنَى عَلَى، حكاه أبو عُبَيْدٍ، والأوَّلُ أَعْلَى. وَبْيدانُ:
اسمُ رَجُلٍ، حَكاهُ ابنُ الأَعْرابِىِّ، وأنشدَ:
(مَتَى أَنْفَلِتْ منْ دَيْنِ بَيْدانَ لا يَعُدْ ... لِبَيْدان
دَيْنٌ في كَرائِم مالِياَ)
(عَلَى أَنَّنِي قد قُلْتُ من ثَقَةٍ به ... أَلاَ إِنَّما باعَتْ
يَمِيِنى شِمالِياَ)
وبَيْداءُ: موَضِعٌ بينَ مَكَّةَ والمَدِينَةَ، وفي الحَديِث:
((إنَّ قَوْمًا يَغُزُونَ البَيْتَ، فإِذا نَزُلوا البَيْداءَ
بَعَثَ الله عليهِمْ جِبْرِيلَ عليه السّلاُم، فيقولُ: يا بَيْداءُ
بِيدِى بِهِمْ. فتَخْسِفُ بِهِمْ)) . وبَيْدانُ: مَوْضِعٌ، قالَ:
(9/408)
(أَجَدَّكَ لَنْ ترَى بثُعَيْلِباتٍ ...
ولا بَيْدانَ ناجِيَةً ذَمُولاً)
اسْتَعْمَلَ لَنْ في موضِعِ مَا.
(مقلوبه)
: [ي ب د] الأَبْيَدُ: نباتٌ مثلُ زَرْعِ الشَّعِيرِ سَواءً، وله
سُنْبُلَةٌ كسُنْبُلَةِ الدُّخْنَةِ، فيها حبٌّ صَغِيرٌ أَصْغَرُ
من الخَرْدَلِ أُصَيْفِرُ، وهي مَسْمَنَةٌ للمالِ جِداً.
(الدال والميم والياء)
[د م ي] الدَّم: من الأَخْلاطِ، مَعْروفٌ، قال الكِسائيُّ: لا
أَعْرِفُ أَحَداً يُثَقِّلُ الدَّمَ، فأَمَّا قولُ الهُذَلِيِّ:
(وتَشْرَقُ مِنْ تَهْمالِها العَيْنُ بالدَّمِّ ... )
مع قوله ((فالعَيْنُ دائِمَةُ السَّجْمِ)) فهو عَلَى أَنّه ثَقَّلَ
في الوَقْفِ، فقالَ الدَّمٌّ، فشَدَّدَ، ثم اضْطُرَّ فأَجْرَى
الوَصْلَ مُجْرَى الوَقْفِ، كما قالَ:
(ببازِلٍ وَجْناءَ أو عَيْهَلِّ ... )
ولا يَجُوزُ لأَحَدٍ أن يَقُولِ: إنَّ الهُذَلِيَّ إنّما قالَ:
((الدَّمَ)) بالتّخْفِيفِ؛ لأَنَّ القَصِيدَةَ من الضَّرْبِ
الأَوَّلِ من الطَّوِيلِ، وأَوَّلُها:
(أَرْقَتُ لهَمٍّ ضافَني بَعْدَ هَجْعَةٍ ... عَلَى خالِدٍ
فالعَيْنُ دائِمَةُ السَّجْمِ)
فَقوله: ((مَتُسَّجْمِ)) مَفاعِيلُنْ، و ((نُبِلْدَامِّ))
مفاعِيلُنْ، ولو قالَ: ((نُبِلْدَمِ)) لجاء مَفاعِلُنْ، وهو لا
يَجِىءُ مع مَفاعِيلُنْ، وتَثْيبِتَهُ: دَمَانِ، ودَمَيَانِ، قال:
(فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنَا ... جَرَى الدَّمَيَانِ
بالخَبَرِ اليَقِينِ)
تَزْعُم العَرَبُ أَنّ الرَّجُلَيْنِ المُتَعادِيَيْنِ إِذا ذُبحا
لم تَخْتَلِطْ دماؤُهُما. وقد يُقالُ: دَمَوانِ. على المُعاقَبَةِ،
وهي قَلِيلَةٌ؛ لأَنَّ حُكْمَ أَكْثَرِ المُعاقَبَةِ إنّما هو
قَلْبُ الواوِ
(9/409)
إِلى الياءِ؛ لأَنَّهُم إنّما يَطْلُبُونَ
الأَخَفَّ. والجَمْعُ: دِماءٌ، ودُمِىٌّ، والقِطْعَةُ منه دَمَةٌ.
وحَكَى ابنُ جِنِّى: دَمٌ ودَمَةٌ، مع كُوْكَبٍ وكَوْكَبٍ ة،
فأَشْعَرَ أَنَّهما لُغتان. وقال أبو إِسحاقَ: أصلُه دَمًى. قال:
ودَلِيلُ ذِلِكَ قولُه:
(جَرَى الدَّمَيان بالخَبرِ اليَقِينِ ... )
قال: وقالَ قومٌ: أًصْلُه دَمْىٌ، إلاَّ أنه لما حُذِف ورُدَّ
إِليه ما حُذِفَ منه حُرِّكَتِ الميمُ لتدُلَّ الحَركَةُ على
أَنَّه اسْتُعْمِلَ مَحْذُوفاً. وقد دَمَىَ دَمًا، وأَدْمَيْتُه،
أنشَدَ ثَعْلَبٌ قولَ رُؤْبَةَ:
(فلا تَكُونِى يا بُنَةَُ الأَشْمِّ ... )
... وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبُها المُدَمِّى ... )
ثم فَسَّره فقالَ: الذِّئْبُ إِّذا رَأَى بصاحِبِه دَمًا وَثَبَ
عليه. فيقولُ: لا تَكُونِى أَنْتِ مِثْلَ ذلك الذِّئْبِ، وقولُ
الآخَرِ:
(وكُنْتَ كذئْبِ السَّوءْ لّما رَأَى دَمًا ... يصاحِبِه يَوْمًا
أحالَ على الدَّمِ ... )
وفي المَثَلِ: ((وُلْدُكِ من دَمَّى عَقِبَيْكِ)) . والدّامِيَةُ
من الشِّجاج: الَّتِي دَمِيَتْ ولم تَسِلْ بعدُ. واسْتَدْمَى
الرَّجُلُ: طَأْطَأَ رَأْسَه يَقْطُرُ منه الدَّمُ. والمُدَمَّى:
الثَّوْبُ الأحمرُ. والمُدَمَّى من الخَيْلِ: الشَّديِدُ
الشُّقْرِةَ، قال طُفَيْلٌ:
(وكُمْتًا مُدَمّاةً كأَنَّ مُتُونَها ... جَرَى فَوْقَها
واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ ... )
والمُدَمَّى من الأَلْوانِ: ما كانَ فيه سَوادٌ. والمُدَمَّى من
السِّهامِ: الّذيَِ تَرْمِي به عَدُوَّكَ ثم يَرْمِيكَ به.
والدَّمُ: السِّنِّوْرُ، حكاه النَّضْرُ في كتابِ الوُحُوشِ،
وأَنشَدَ كُراع:
(كََذاكَ الدَّمُ يَأْدُر للعَكابِرْ ... )
(9/410)
العَكَابِرُ: ذُكُورُ اليَرابِيعِ. ورَجُلٌ
دامِى الشَّفَةِ: فَقِيرٌ، عن أَبِى العَمَيْثَلِ الأَعْرابِيِّ.
ودَمُ الغِزْلانِ: بَقْلَةٌ لها زَهْرَةٌ حَسَنَةٌ. وبَناتُ دَمٍ:
نَبْتٌ. والدُّمْيَةُ: الصُّورَةُ المُنَقَّشَةُ من الرُّخامِ.
وقالَ كُراعٌ: هي الصُّورَةُ. فعَمَّ بهِا. ودَمَّى الرِّعْيُ
الماشِيَةَ: جَعَلَها كالدُّمَى، أَنْشَدَنِي أَبو العَلاءِ:
(صُلْبُ العَصا برَعْيِه دَمَّاها ... )
(يَوَدُّ أَنْ اللهَ قد أَفْناهَا ... )
أي: أَرْعاها فسَمِنَتْ، حتى صارَتْ كالدُّمَى. وخُذْ ما دَمَّى
لك، أي: ظَهَرَ لك. ودَمَّى لَهُ في كذا وكذا، إِذا قَرَّبَ،
كلاهما عن ثَعْلِبٍ. وإِنَّما قَضَيْنا على هاتَيْنِ الكَلِمَتَيْن
بالياءِ لكونِها لامًا مع كَثْرَةٍ ((د م ي)) وقِلَّة ((د م و)) .
(مقلوبه)
: [د ي م] حَكَى أبو حَنِيفَةَ عن الفَراّءِ: ما زالَتِ السَّماءُ
دَيْماً دَيْماً: أي دائِمَةَ المَطَرِ، وأُراها مُعاقَبَةً
لَمكانِ الخِفَّةِ، فإِذا كانَ هذا لم يُعْتَدَّ بهِ في الياءِ،
وقد رُوِى دامَتِ السَّماءُ تَدِيمُ: مَطَرَت ديَمَةً: فإِن صَحَّ
هذا الفعلُ اعْتُدَّ به في الياءِ. وأَرَضٌ مَدِيمَةٌ
ومُدَيَّمَةٌ: أصابَتْها الدِّيمَةُ، وسيأتِي في الواوِ، قالَ ابنُ
مُقبِلٍ:
(رَبَيبَةُ رَمْلٍ دافَعَتْ في حُقُوفِهِ ... رَخَاخَ الثَّرَى
والأُقُحُوانَ المُدّيَّمَا)
وقالَ كُراع: اسْتَدامَ الرَّجُلُ: إِذا طَأْطَأَ رَأْسَه يَقْطُرُ
منه الدَّمُ، مقلوبٌ عن اسْتَدْمَى.
(مقلوبه)
: [م د ي] المَدَى: الغايَةُ. وهو مِنِّى مَدَى البَصَرِ، ولا
يُقال: مَدَّ البَصَرِ.
(9/411)
وفُلانٌ أَمَدَى العَرَبِ: أي أَبْعَدُهُم
غَايَةً في الغَزْوِ، عن الهَجَرَىِّ، قالَ: عُقَيْلٌ تَقُولُه.
وإِذا صَحَّ ما حَكاهُ فهو من بابِ أحْنَكِ الشّاتَيْنِ.
والمِدْيَةُ والُمدْيَةُ: الشَّفْرَةُ، والَجمْعُ: مدًى ومُدًى.
وقَوْمٌ يَقُولُونَ: مُدْيَةٌ. فإِذا جَمَعُوا كسَرُوا، وآخَرُونَ
يَقُولونَ: مِدْيَةٌ. فإِذا جَمَعُوا ضَمُّوا، وهذا مُطَّرِدٌ عند
سِيبَوَيْهِ؛ لدُخُولِ كُلِّ واحدَة منهما على الأُخْرَى.
والمَدْيَةُ بفتحِ المِيمِ لُغَةٌ ثالِثَةٌ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ.
قالَ الفارسِيُّ: قالَ أبو إِسْحاقَ: سُمِّيْتْ مُدْيَةً؛ لأَنّ
انْقِضاءَ المَدَى يكونُ بِها. قال: ولا يُعْجِبِنَى. ومَدْيَةُ
القَوْسِ: كَبِدُها، عن ابنِ الأَعْرابِيٍّ أيضاً، وأنَشَدَ:
(أَرْمِى وإِحْدَى سِيَتَيْها مَدْيَهْ ... )
(إِن لَمْ تُصِبْ قَلْباً أَصابَتْ كُلْيَةْ)
والَمدِىُّ: الحَوْضُ التِي ليسَتْ له نَصائِبُ، وهي حِجارَةٌ
تُنْصَبُ حولَه. والمَدِىُّ أيضاً: جَدْوَلٌ صَغِيرٌ يَسِيلُ فيهِ
ماءَ هُرِقَ من ماءِ البِئْرِ. والمَدِىُّ والمَدْىُ: ما سالَ من
فُرُوغِ الدَّلُوِ، يُسَمَّى مَدِيّا ما دامَ يُمِدُّ، فإِذا
استْقَرَّ وأَنْتَنَ فهو غَرَبٌ. قال أبو حَنيفَةَ: المَدِىُّ:
الماءًُ الذي يَسيِلُ من الحَوْضِ، ويَخْبُثُ فلا يُقْرَبُ.
والمُدْىُ من المَكاييلِ مَعْرُوفٌ. قالَ ابنُ الأَعرْابِىِّ: هو
مكِيْالٌ ضَخمٌ لأَهْلِ الشّامِ وأَهْلِ مِصْرَ. والجمْعُ:
أَمْداءٌ، قال سِيبَوَيْهِ: لا يُكسَّرُ على غيرِ ذَلِكَ. وإِنَّما
حَمَلْنا مَجْهُولَ هذا البابِ على الياءِ لأَنَّها لامٌ، مع
عَدَمِ ((م د و)) .
(مقلوبه)
: [م ي د] مادَ الشَّيْءُ يَمِيدُ: راعُ وزَكَا. ومِدْتُه،
وأَمَدْتُه: أَعْطَيْتُه. وامْتادَهُ: طَلَبَ أن يَمِيدَهُ.
والمائِدَةُ: الطَّعامُ نَفْسُه وإن لم يكُنْ هُناكَ خوِانٌ،
مُشْتَقُّ من ذِلَك، وقِيلَ: هي نَفْسُ الخِوانِ. قال الفارِسيُّ:
لا تُسَمَّى مائِدَةًَ حتّى يكونَ عليها طَعامٌ، وإِلاَّ فَهِي
خَوانٌ. والماِئدَةُ: الدّائَرَةُ من الأَرْضِ.
(9/412)
ومادَ الشيْءُ مَيْداً: تَحَرَّكَ. ومادَ
السرابُ: اضْطَرَبَ. ومادَ مَيْداً: تَمايَلَ. وغُصنٌ مائِدٌ،
ومَيّادٌ: مائِلٌ. والَمْيدُ: ما يُصِيبُ من الحَيْرَةِ عن
السُّكْرِ، أو الغَثَيَانِ، أو رُكُوبِ البَحْرِ. وقد مادَ فهو
مائِدٌ من قَوْمِ مَيْدَى، كرائِبٍ ورَوْبَى. ومادَتِ الحَنْظَلَةُ
تَمِيدُ: أصابَها نَدًى أو بَلَلٌ فَتغَيَّرَتْ، وكذلك التَّمْرُ.
وفَعَلْتُه مَيْدَى ذاكَ: أي مِنْ أَجْلِه، ولم يُسْمَع مِنْ
مَيْدى ذِلِكَ. ومَيْدَ: بمعنى غَيْر أيضاً: وقيل: هي بَمْعنَى
عَلَى، كما تَقَدَّمَ في (بَيْد) وعَسَى مِيمُه أَنْ تَكُون
بَدَلاً من باءِ بَيْدَ، لأَنَّها أَشْهَرُ. ومِيدَاءُ الطَّرِيقِ:
سَنَنَُه. وبَنَوْا بُبُوتَهُم على مِيداءٍ واحِدٍ: أي على
طَريقَةٍ واحِدةً، قال رُؤْبَةُ:
(إِذا ارتَمَى لم يَدْرِ ما مِيداؤهُ ... )
وإنّما قَضَيْنا بأَنّها ياءٌ على ظاهِرِ اللَّفْظِ، مع عدم ((م
ود)) . ودَارى بَميْدَى دارِه، مفتوحَ الميمِ مَقْصُوراً: أي
بحِذائِها، عن يَعْقُوبَ. ومَيّادَةُ: اسمُ امرأةٍ. وابُن
مَيّادَةَ: شاعِرٌ، وزَعَمُوا أَنّه كانَ يَضْرِبُ خَصْرَيْ أُمِّه
ويَقُولُ:
(اعْرَنْزِمِى مَيّادَ للقَوافِي ... )
(الدال والتاء والواو)
[ت ود] التُّودُ: شَجَرٌ، وبه فُسِّرَ قول أبى صَخْرٍ الهُذَلِيِّ:
(عَرَفْتُ مِنْ هِنْدَ أَطْلالاً بذِي التُّودِ ... قَفْراً
وجاراتِها البِيضِ الرَّخاويِدِ)
(9/413)
(مقلوبة)
: [وت د] الوَتِدُ والوَتَدُ، والوَدُّ: مارُزَّ في الحائِطِ أو
الأَرْضِ من الخَشَبِ، والجمعُ: أَوْتادٌ، وقولُه تَعالى: {وفرعون
ذي الأوتاد} [الفجر: 10] جاءَ في التَّفْسِيرِ: أَنَّه كانَتْ له
حِبالٌ وأَوتْادُ يُلْعَبُ له بها. ووَتَدَ الوَتِدُ وَتْداً،
وتِدَةً، ووَتَدَ، كلاهُما: ثَبَتَ. ووتَدْتُه أَنا وَتْداً
وتِدَةً ووَتَّدتُه أَثْبَتُّه، قالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ
يَصِفُ أسَداً:
(يُقَضِّمُ أَعْناقَ المخَاضِ كأَنَّما ... بَمفْرَجِ لَحْيَيْهِ
الزِّجاجُ المُوَتَّدُ)
والمِيتَدُ، والمِيتَدَةُ: المِرْزَبَةُ التي يَضْرَبُ بِها
الوَتِدُ. ووَتِدٌ واتِدٌ: ثابَتٌ. ذَهَبَ أبو عُبَيْدٍ إِلى أَنّه
من بابِ شِعْر شاعِرٍ على النَّسَبِ، وعندِي أَنَّه على وَتَدَ،
كما تَقَدَّمَ، وإِنّما يُحْمَلُ الشيءُ على النَّسَبِ إِذا عُدِمَ
الفِعْلُ، وقولُه:
(لاقَتْ عَلَى الماءِ جُذَيْلاً واتِداَ ... )
(ولَمْ يَكُنْ يُخْلِفُها المَواعِداَ ... )
إنّما شَبَّه الرَّجُلَ بالجِذْلِ لثَباتِه. والأَوْتْادُ في
الشِّعْرِ على ضَرْبَيَنِ: أَحَدُهُما، حَرْفانِ مُتَحَرِّكانِ
والثّالِثُ ساكِنٌ نحو: ((فَعُو)) و ((عِلْنْ)) ، وهذا هو الذي
يُسَمِّيه العَرُوضِيُّونَ: المَقْرُون؛ لأَنَّ الحَرَكَةَ قد
قَرَنَتِ الحَرْفِينِ، والآخُر: ثلاثَةُ أَحْرفُ: مُتَحَرّكٌ ثم
ساكِنٌ ثم مُتَحَرِّكٌ، وذلك ((لاتُ)) مِنْ مَفْعُولاتُ وهو الذي
يُسَمِّيه العَرُوضِيُّونَ: المَفْروق؛ لأَنَّ الحرفَ السّاكِنَ
فَرَّقَ بين المُتَحَرِّكَيْنِ، ولا يَقَعُ في الأوْتادِ زِحافٌ؛
لأَنَّ اعْتِمادَ الجُزْءِ إنما هو عليها، وإنّما يَقَعُ في
الأسْبابِ؛ لأَنّ الجُزْءَ غيرُ مَعْتَمِدٍ عليها. وأَوْتادُ
الأَرْضِ: الجِبالُ؛ لأَنّها تُثبِّتُها. وأَوْتادُ البِلادِ:
رُؤَساؤُها. وأَوْتادُ الفَمِ: أَسْنانُه: على التَّشْبِيِه. قالَ:
(والفَرّ حَتّى نَقِدَتْ أَوْتادُها ... )
(9/414)
استعار النَّقَدَ للوتِدِ، وإِنّما هو
للأَسْنانِ. ووَتَّدَ في بَيْتِه: أَقَام وثَبَتْ ووَتَّدَ الزرعُ:
طَلَعَ نَباتُه فثَبَتَ وقَوىَ. والوَتِدُ والوَتِدَةُ من
الأُذُنِ: الهُنَيَّةُ النّاشِزَةُ في مُقَدَّمِها مِثْل
الثُّؤْلُولِ، تَلِى أَعْلَى العارِضِ من اللِّحْيَةِ، وقِيلَ: هو
المُنْتَبِرُ مّما يَلِى الصُّدْغَ. ووتَدُ النَّعْلِ: النّاتِيءُ
من أُذُنِها. والوَتِدُ: موضِعٌ بنَجْدٍ. ولَيْلَةُ الوَتَدَة
لِبنَى تَمِيمٍ على بنَى عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ. والوَتِداتُ:
رِمالٌ معروفِةٌ بالدَّهْناءِ.
(الدال والذال والواو)
[د وذ] الدّاذِىُّ: نَبْتٌ، وقِيلَ: هو شَيْءٌ له عُنْقُودٌ
مُسْتَطِيلٌ وحَبُّهُ على شَكْلِ [حبِّ] الشَّعِيرِ، يُوضَعُ منه
مِقْدارُ رِطْلٍ في الفَرَقِ، فَتعْبَقُ رائِحَتُه ويَجُودُ
إِسْكارُه، قال:
(شَرِبْنا من الدّاذٍِ يِّ حَتّى كأَنَّنا ... مُلُوكُ لنا بَرُّ
العِراقَيْنِ والبَحْرُ ... )
جاءَ على لفظ النَّسَبِ وليس بَنسَبٍ. وإِنما قَضَيْنا بأَنَّ
ألِفَهُ واوٌ، لكَوْنِها عَيْنًا.
(مقلوبه)
: [ذ ود] الذَّوْدُ: السَّوْقُ والطَّرْدُ والدَّفْعُ، ذادَهُ عن
الشّيءِ ذُوْداً، وذِياداً. ورجُلٌ ذائدُ من قَوْمٍ ذُوَّدَِ،
وذُوّادٍ، وذادَةٍ. واَذادَه: أعانَهُ على الذَّيادِ. والمِذْوَدُ:
اللِّسانُ؛ لأَنّه يُذادُ به عن العِرْضِ، قال عَنْتَرَةُ:
(سَيَأْتِيكُمُ مِنِّى وإِنْ كُنْتُ نائِباً ... دُخانُ
العَلْنَدَي دُونَ بَيْتِيَ مِذْوَدُ)
والذَّوْدُ من الإِبِلِ: ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى العَشْرِ،
وقِيلَ: من ثَلاثٍ إلى خَمْسَ عَشْرَةَ، وقِيلَ: إلى عِشْرِينَ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: هي ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى العَشْرِ،
وفُوَيْقَ ذِلكَ.
(9/415)
وقِيلَ: ما بينَ الثّلاثِ إِلى
الثّلاثِينَ. وقِيلَ: ما بَيْنَ الثِّنْتَيْنِ والتِّسْعِ. ولا
يكونُ إِلا مِنْ بابِ الإناثِ، وهو مُؤَنَّثٌ، وتَصْغِيرُه بغيرِ
هاءٍ على غير قياسٍ، وتَوَهَّمُوا به المَصْدَرَ، والجمعُ:
أَذْوادٌ، أنشدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ.
(وما أَبْقَتَ الأَيّامُ مِ المالِ عِنْدَنَا ... سِوَى جِذْمِ
أَذْوادٍ مُحَذَّفَةِ النَّسْلِ)
معنى: مُحَذَّفَةِ النَّسْلِ: أي لا نَسْلَ لها يَبْقَى؛ لأَنَّهُم
يَعْقِرُونُها ويَنْحَرُونَها. وقالُوا: ثَلاُثُ أَذْوادٍ، وثَلاثُ
ذَوْدٍ. فأَضافُوا إِليه جَمِيعَ أَلْفاظِ أَدْنَى العَدَدِ،
جَعَلُوه بَدَلاً من أَذْوادٍ، قالَ الحُطَيْئَةُ:
(ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ وثَلاثُ ذَوْدٍ ... لقد جازَ الزَّمانُ على
عِيالِي)
ونَظِيرُه ثلاثَةُ رَجْلَةٍ، جَعَله بَدَلاً من أَرْجالٍ. هذا
كُلُّه قولُ سيبَويْهِ، وله نَظائرُ قد أَبَنتْها في الكتابِ
المُخَصَّصِ. وقالُوا: ثَلاثُ ذَوْدٍ: يَعْنُونَ ثَلاثَ أَيْنُقٍ.
قالَ اللُّغَويُّونَ: الذَّوْدُ: جمعٌ لا واحِدَ له. وقالَ بعضُهم:
الذَّوْدُ، واحِدٌ وجَمْعٌ. وفي المَثَل: ((الذَّوْدُ إِلى
الذَّوْدِ إِبِلٌ)) أي: القَلِيلُ يُضَمُّ إِلى القَلِيلِ فَيصِيرُ
كِثيراً. وذِيادٌ وذَوّداٌ: اسْمانِ. والمَذادُ: موضٍِ عٌ
بالمَدِينَةِ.
(الدال والثاء والواو)
[ث د و] الثَّدْواءُ، مَمْدُودٌ: موضِعٌ.
(الدال والراء والواو)
[د ر و] الدَّرْوَانُ: ولَدُ الضِّبْعانِ من الذِّئْبَةِ، عن
كُراع.
(مقلوبه)
: [د ور] دارَ الشَّيْءُ دَورْاً، ودَرَانّا، ودُؤُوراً، وأَدارَ،
واسْتَدارَ، وأَدَرْتُه أَنا، ودَوَّرْتْهُ، ودُرْتُ بِه.
(9/416)
وأَدَرْتُ: اسْتَدرْتُ. وداوَرَهُ
مُدَاوَرَةً ودِواراً: دارَ مَعَه، قالَ أبو ذُؤَيْبٍ:
(حَتّى أُتِيجَ لَهُ يَوْماً بَمْرقَبَةٍ ... ذو مِرَّةٍ بِدوَارِ
الصَّيْدِ وَجَاسُ)
عَدَّى وَجّاس بالباء، لأَنَّه في مَعْنَى قَوْلِكَ: عالِمٌ به.
والدَّهْرُ دَوّار بالإنْسانِ، ودَوّارِيٌّ: أى دائِرٌ بِه، على
إِضافَةِ الشيءِ إِلى نَفْسِه، هذا قولُ اللُّغَويِّينَ. قال
الفارسِيُّ: هو على لفظِ النَّسبَ وليس بنَسَبٍ، ونَظِيرُه
يُخْتِىٌّ وكُرْسِيٌّ، ومن الصَّفاتِ أَعْجِمِيٌّ في معنى
أَعْجَمَ. والدُّوَارُ والدُّوّارُ: كالدَّوَرَانِ يَأْخُذُ في
الرَّأْسِ. ودِيرَ بهِ وعَلَيْه. وأُدِيرَ به: أَخذَه الدُّوارُ.
ودَوّارَةُ الرَّأْسِ، ودُوّارَتُه: طائِفَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ منه.
ودَوّارَةُ البَطْنِ، ودُوارَتُه، عن ثَعْلَبٍ: ما تَحَوَّى من
أَمْعاءِ الشاةِ. والدّائِرَةُ والدّارَةُ، كلاهُما: ما أَحاطَ
بالشَّيْءِ. ودارَةُ الرَّمْلِ: ما اسْتَدارَ منه، والجمع داراتٌ
ودُورٌ، قالَ العَجّاجُ:
(من الدَّبِيلِ ناشطَّا للدُّورِ ... )
والدّارَةُ: كُلُّ أَرْضٍ واسِعَة بين جِبال، وجَمْعُها: دُورٌ،
وداراتٌ. قال أبو حنيفة: وهي تَعَدُّ من بُطُونِ الأَرْضِ
المُنْبِتَةٍ. وقالَ الأَصْمَعِيُّ: هي الجَوْبَةُ الواسِعَةُ
تَحُفُّها الجِبالُ. وللعَرَبِ داراتٌ قد أٌ بَنْتُ جَميعَها في
الكِتابِ المُخَصِّصِ. والدَّيِّرَةُ من الرَّمْلِ: كالدّارَةِ،
والجمع: دَيّرٌ، وكذلك التَّدْوِرَةُ، وأنشَدَ سِيبَوَيْهِ:
(بِتْنا بَتدْوِرَةٍ يُضِيءُ وَجُوهَنا ... دَسَمٌ السَّلِيطِ
يُضِيءُ فوقٌ دُبالِ)
والتَّدْوِرَةُ: المُجْلسُ، عن السِّيرافِيِّ. والدّائِرةُ:
الَحلْقَةُ. والدّائِرَةُ في العَرُوضِ: هي الَّتي حَصَر الخَلِيلُ
بها الشُّطُورَ؛ لأَنَّها على شَكْلِ الدّائِرَةِ
(9/417)
التي هي الَحَلْقَةُ، وهي خَمْسُ دوائِرَ:
الدّائِرَةُ الأُولى، فِيها ثَلاثَةُ أَبْوابٍ: الطَّوِيلُ،
والَمدِيدُ، والبَسِيطُ. والدّائِرَةُ الثانية فيها بابانِ:
الوافِرُ، والكامِلُ. والدّائِرَةُ الثّالثَةُ فيها ثلاثُه
أَبوابٍ: الهَزَجُ، والرَّجَزُ، والرَّمَلُ. والدّائِرةُ
الرّابِعَةُ فيها سِتَّةُ أَبْوابٍ: السَّرِيعُ، والمُنْسَرِحُ،
والخَفِيفُ، والمُضارِعُ، والمُقْتَضَبُ، والمُجْتَثُّ.
والخامِسَةُ فيها: المْتَقارِبُ فقط. والدّائِرَةُ: الشَّعْرُ
المُسْتَديِرُ على قَرْنِ الإنْسانِ، قال ابنُ الأَعْرابي: هو
موضِعُ الذُّؤَاَبَةِ. ومن أمثالِهم: ((ما اقْشَعَرَّتْ له
دائِرَتي)) يُضْرِبُ مثلاً لمن يَتَهَدَّدُكَ بالأَمْرِ لا
يَضُرُّكَ. وفي الفَرَسِ دَوائِرُ كثِيرَةٌ: كدائِرِةَ القالِعِ،
والنّاطِحِ، وقد أَبَنْتُها أيضاً هُنالِكَ. ودارَتْ عليهِ
الدَّوائِرُ: أي نَزَلَت به الدَّواهِي. وقولُه تَعالَى: {ويتربص
بكم الدوائر} [التوبة: 98] قيلَ: المَوْتُ، أو القَتْلُ.
والدُّوّارُ: مُسْتدارُ رَمْلٍ تَدُورُ حولَه الوَحْشُ، أنْشَدَ
ثَعْلَبٌ.
(فما مُغْزِلٌ أَدْماءُ نامَ غَزالُها ... بِدُوّارِ نِهْى ذِي
عَرَار وحُلَّبِ)
(بأَحْسَنَ من لَيْلَي ولا أُمُّ شادِنٍ ... غَضِيضَةُ طَرْفٍ
رُعْتَها وَسْطَ رَبرَبِ)
والدّائِرَةُ: خَشَبَةٌ تُرْكَزُ في وَسَطِ الكُدْسِ تَدُورُ بِها
البَقَرُ. والدَّوّارُ، والدُّوَّارُ، والدُّوَارُ: صَنَمُ كانَ
يُدارُُ بهِ، ويُسَمَّى المَوْضِعُ الذي هُو فيهِ دُوّاراً.
والدَّوّارُ، والدُّرّارُ، عن كُراع: من أَسْماءَ البَيْتِ
الحَرامِ. والدَّارُ: المَحَلُّ يَجْمَعُ البِناءَ والعَرْصَةَ،
أُنْثَى، قال ابنُ جِنِّى: هي مِنْ دارَ يَدُورُ؛ لكثرة حَرَكاتِ
النّاسِ فيها، والجَمْعُ أَدْوُرٌ، وأَدْؤُرٌ، الإتَمامُ للفَرْقِ
بينَه وبَيْنَ أَفْعُلِ، والهَمْزَةُ لكَراهَةِ الضَّمَّة على
الواوِ. وآدُرٌ على القَلْبِ، حكاها الفارِسيُِّ عن أبِي الحَسَن.
ودِيارٌ، ودِيارَةٌ، ودِياراتٌ، ودِيرانٌ، ودُورٌ، ودُوراتٌ،
حَكاها سَيبَويْهِ في بابِ جَمْعِ الجِمعِ في قِسْمِ السَّلامَةِ.
والدَّارَةُ: لغةٌ في الدّارِ. والدّارُ: البَلَدُ، حَكَى
سَيبَوَيْهِ: هذه الدّارُ نِعْمتِ البَلَدُ. فأَنَّثَ البَلَدَ على
مَعْنَى الدّارِ.
(9/418)
والدّارُ: اسمٌ لمَديَنَة النبِّي صلى الله
عليه وسلم. وفي التَّنْزِيلِ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ
والإِيمَانَ} [الحشر: 9] . وما بالدّارِ دُورِيٌّ، ولا دَيّارٌ،
ولا دَيٌّ ورٌ، على إِبْدالِ الياءِ من الواو: أي ما بِها أَحَدٌ.
لا يُسْتَعَملُ إلاَ في النَّفْيِ. وجمع الدَّيّارِ والدَّيُّورِ -
لو كُسِّر - دَوَاوِرُ صَحَّت الواوُ لبُعْدِها من الطَّرَفِ.
والدّارِيُّ: اللاّزِمُ لدارِهِ، لا يَبْرَحُ، ولا يَطْلُبُ
مَعاشاً، قال:
(لَبّثْ قَلِيلاً يُدْرِك الدّاريُّونْ ... )
(ذَوُو الجِِبابِ البُدَّنُ المَكْفِيُّونْ ... )
وبعيِرٌ دارِيٌّ: مُتَخَلِّفٌ عن الإبِلِ في مَبِرْكَه، وكذلِكَ
الشّاةُ. والدّارِيُّ: المَلاّحُ الذِي يَلِي الشِّراعَ. وأَدارَهُ
عن الأَمْرِ، وعليهِ، ودَاوَرهُ: لاوَصَه. ودار: موضِعٌ، قالَ ابنُ
مُقِبِلٍ:
(عادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ وكانَ بها ... هَرْتُ الشَّقاشِقِ
ظَلاّمُونَ للجُزُرَِ)
وابن دارَةَ: رُجُلٌ من فُرْسانِ العَرَبِ، وفي المَثَل:
(مَحَا السَّيْفُ ما قَالَ ابنُ دارَةَ أَجْمَعاَ ... )
وعبدُ الدّارِ: بَطْنٌ من قُرَيْشٍ، النَّسَبُ إليه عَبْدَرِىٌّ،
قالَ سِيبَوَيْهِ: هو من الإضافَة التي أُخِذَ فيها من لَفْظِ
الأَوّلِ والثّاني، كما أُدْخِلَتْ في السِّبَطْرِ حُرُوفُ
السَّبِطْ. قال أبو الحَسَنِ: كأَنَّهم صاغُوا من عَبٍ دِ الدّارِ
اسْماً على صِيغَة جَعْفَرِ، ثم وَقَعتِ الإضافَةُ إِليه.
ودارِينَ: مَوْضِعٌ تُرْفَأُ إليه السُّفُنُ التي فيها المِسْكُ
وغيرُ ذلك، فَنسَبُوا المِسْكَ إِليهِ، وسأَلَ كِسْرَى عن
دَارِينَ: مَتَى كانَتْ؟ فلم يَجِدْ أحَداً يُخْبِرُه عنها، إلاّ
أَنَّهُم قالُوا: هي عَتِيقَةٌ بالفارِسِيِةَّ فسُمِّيَتْ بِها،
قال النّابِغَةُ الجَعِديُّ:
(9/419)
(أُلْقِىَ فيِها فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ
دارِينَ ... وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ)
ودَارَانُ: موضِعٌ، قال سِيبَوَيْهِ: إِنما اعْتَلَّت الواوُ فيه؛
لأَنَّهْم جَعَلُوا الزِّيادة في آخرِهِ بَمَنْزِلَةِ ما في
آخِرِهِ الهاءُ، وجَعَلُوه مُعْتَلاَّ كاعِتْلالِه ولا زِيادَةَ
فيه، وإلاّ فقَدْ كانَ حُكْمُه أَنْ يَصِحَّ كما صَحَّ الجَوْلانُ.
ودَاراءُ: مَوْضِعٌ، قال:
(لعَمْرُكَِ ما مِيعادُ عَيِنْكَ والبُكَا ... بَدارَاءَ إِلا أَنْ
تَهُبَّ جَنُوبُ)
ودارَةُ: من أَسْماءِ الدّاهِيَةِ، مَعْرِفَةٌ، ولا تَنْصَرفُ، عن
كُراع، قالَ:
(يَسْأَلْنَ عن دارَةَ أَنْ تَدُورا ... )
ودَارَةُ الدُّورِ: موضَِعٌ، وأُراهُمْ إِنْما بالَغُوا بها، كما
تَقُولُ: رَمْلَةُ الرِّمالِ. ودُرْنَا: اسمُ موضِعِ، سُمِّىَ على
هَذَا بالجُمْلَةِ، وقد تَقَدَّمَ أنها فَعْلَى.
(مقلوبه)
: [ر د و] رادَيَتْهُ عَلَى الأَمْرَ: راوَدْتُه، كأَنَّه
مَقْلُوبٌ عنه، وقد تٌ قَدَّمَ في الياءِ، قال طُفَيْلٌ:
(يُرادَى على فَأْسِ اللِّجامِ كأَنْما ... تُرادَي بهِ مَرْقاةُ
جِذْعٍ مُشَذَّبِ)
(مقلوبه)
: [ر ود] الرّائِدُ: الذي يُرْسَلُ في الْتِماسِ النُّجْعَةِ،
والجَمْعُ: رُوّادٌ، وفي شِعْرِ هُذيلٍ: رادُهُم: أي رائِدُهُم،
ونَحْوُ هذا كَثِيرٌ في لَغَتِها، فإمّا أَنْ يكونَ فاعِلاًٍ
ذَهَبَتْ عَيْنُه، وإمّا أَنْ يكونَ فَعَلاً، إِلاّ أَنّه إذا كانَ
فَعَلاً فإنَّما هو على النَّسَبِ لا الفِعْلِ، قال أبو ذُؤْيبٍ:
(فباتَ بجَمْعٍ ثم تَمَّ إِلى مِنًى ... فأَصْبَج راداً يَبْتَغِى
الَمزْجَ بالسَّحْلِ)
أي طالباً. وقد رادَ أَهْلَه مَنْزِلاً وكلأ، ورَادَ لَهُم رَوْداً
ورِياداً، وارتْاَدَ، واسْتَرادَ.
(9/420)
وقولُهم: فلانٌ مُسْتَرَادٌ لِمْثِله،
وفُلانَةُ مُسْتَرادٌ لِمْثْلِها: أي مِثْلُه ومِثْلُها يُطْلَبُ
وُيشَحُّ بهِ لنَفاسَتِه، وقِيلَ: مُسْترادٌ مِثْلُه أو مِثْلُها،
واللاّمُ زائِدَةٌ، أنشَدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ:
(ولِكنَّ دَلاً مُسْتَراداً لِمْثِله ... وضَرْبًا للَيْلَى لا
تَرَى مِثْلَه ضَرْبَا)
ورادَ الدّارَ يَرُودُها: سَأَلَها، قال يَصِفُ الدّارَ:
(وَقَفْتُ فِيها رائِداً أَرُودُها ... )
ورَادَتِ الدَّوَابُّ رَوْداً، وَرَوَدَانًا، واسْتَراَداتْ:
رَعَتْ، قالَ أبو ذُؤَيْبِ:
(وكانَ مِثْلَيْنِ أَنْ لا يَسْرَحُوا نَعَمًا ... حَيْثُ
اسْتَرَادَتْ مَواشِيهِمْ وتَسْرِيحُ)
ورُدتُها أنا، وأَرَدْتُها. والرَّوائِدُ: المُخْتَلِفَةُ من
الدَّوابِّ، وقيلَ الرَّوائِدُ مِنْها: الَّتِي تَرْعَى من
بَيْنِها وسائِرُها مَحْبُوسٌ عن المَرْتَعِ، أو مَرْبُوطٌ.
والرِّيادُ، وذَبُّ الرِّيادِ: الثَّوْرُ الوَحْشَيُّ، سُمِّىَ
بالَمصْدَرِ، قال ابنُ مُقْبِلٍ:
(يُمَشِّي بِها ذَبُّ الرِّيادِ كأَنَّه ... فَتًى فارِسِيٌّ في
سَراويِل رامِحُ)
وقالَ أبو حَنيفَةَ: رادَتِ الإِبلُ تَرْدوُ رِياداً: اخْتَلَفَتْ
في المَرْعَى مُقْبِلَةً ومَدْبِرَةً. وأمْرَأَةُ رادَةٌ وَرَوادٌ
بالتَّخْفِيف رَؤُودٌ - الأَخِيرَةُ عن أَبِى عَلِيٍّ -: طَوّافَةٌ
في بُيُوتِ جاراتِها. وقد رادَتْ تَرُودُ رَوْداً، وَرَوَدَانًا،
ورُؤوداً. ورادَت الرِّيحُ تَرُودُ رَوْداً، ورُؤُوداً،
ورَوَدَانًا: جالَتْ. وأَرَادَ الشَّيْءَ: شاءةُ، قالَ ثَعْلَبٌ:
الإرادةُ تَكُونُ مَحَبَّة وغَيْرَ مَحَبَّةٍ، فأما قَوْلُه:
(إِذا ما الَمرْءُ كانَ أَبُوهُ عَبْسٌ ... فحَسْبُكَ ما تُريِدُ
إِلَى الكَلامِ)
عَدّاهُ بإِلَى؛ لأَنَّ فيه مَعْنَى: ما الَّذِي يُحْوِجُكَ أو
يُجِيئُكَ إِلى الكَلامِ، ومِثْلُه قولَ كُثَيِّرٍ:
(أُرِيدُ لأَنْسَى ذَِكْرَها فكَأَنَّما ... تَمَثَّلُ لِي لَيْلَى
بكُلِّ سَبِيلِ)
أي أُرِيدُ أَنْ أَنْسَى، وأُرَى سِيبَويَهْ قد حَكَى: إِراداَتى
بِهذَا لَكَ: أي قَصْدِي بهذا لَكَ.
(9/421)
وقولُه عَزَّ وجّلَّ: {فوجدا فيها جدارا
يريد أن ينقض فأقامه} [الكهف: 77] أي أَقامَة الخَضِرُ، وقالَ:
يُرِيدُ، والإرادَةُ إِنّما تَكُونُ من الحَيَوانِ، والجِدارُ لا
يُرِيدُ إِرادَةً حَقِيقَةً، لأَنَّ تَهَيُّؤهَ للسُّقوطِ قد ظهَرَ
كما تَظْهَرُ أَفْعالُ المُرِيدينَ، فوصَفَ الجِدارَ بالإرادَةِ؛
إذْ كانَتِ الصُّورَتانِ واحِدَةً، ومثلُ هذا كَثيِرٌ في اللغُّةَ
والشِّعْرِ، قال الرّاعِى:
(في مَهْمَة قَلِقَتْ بهِ هاماتُها ... قَلَقَ الفُؤُوسِ إِذا
أَرََدْنَ نُصولاً)
وقال آخر:
(يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبِى بَراء ... ويَعْدِلُ عن دِماءِ
بَنِى عَقِيلِ)
وأَرَادْتُه بُكلَّ رِيدَة: أي بَكلِّ نَوْعٍ من أَنْواعِ
الإرادَةِ. وأَرادَهُ على الشَّيْءَ: كأَدارَةُ. والرَّوَدُ،
والرُّودُ: المُهْلَةُ في الشَّيْءِ. وقالُوا: رُوَيْداً: أي
مَهلاً. هذه حِكايَةُ أهلِ اللُّغَةِ، وأَمَّا سِيبوَيْهِ فهو
عِنْدَه اسمٌ للفِعْلِ، وقالُوا: رُوَيْدَ زَيْداً. أي:
أَمْهِلْهُ، ولذِلكَ لم يُثَنَّ، ولم يُجْمَعْ، ولم يُؤَنَّثْ.
والإرُوادُ: الإمْهالُ، ولذِلكَ قالُوا: رُوَيْداً بَدَلٌ من
قَولْهِمْ: إِرْوادًا التي بَمَعْنَى أَرْوِدْ، فكَأَنَّهُ
تَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ بِطِرْحِ جَمٍ يعِ الزًُّوائِدِ، وهذا
حُكْمُ هذا الضَّربِ من التَّحْقِيرِ. وهذا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ
في رُوَيْدَ؛ لأَنّّه جَعَلَة بَدَلاً من أَرْوِدْ، غيرَ أَنَّ
رُويْداً أَقْرَبُ إِلى إِرْوادٍ مِنْها إِلى أَرْوِدْ؛ لأَنَّها
اسمٌ مثلُ إروادٍ. وذَهَبَ غيرُ سيِيبَوَيْهِ إِلَى أَنَّ
رُوَيْدَ: تَصْغيرُ رُودٍ، وأَنْشَدَ:
(كأَنَّه مِثْلُ مَنْ يَمْشِي عَلَى رُودِ ... )
وهَذا خَطَأٌ؛ لأنَّ رُوْداً لم يُوضَعْ موضِعَ الفَعْلِ كما
وَضِعَتْ إِرْوادٌ، بدِلَيلِ أَرْوِدْ، وقالُوا: رُوَيْدَكَ
زَيْداً. فلَمْ يَجْعَلُوا للكاف مَوْضِعاً، وإِنَما هي للخْطابِ،
ودَلِيلُ ذلك قَوْلُهم:: أًَرَأَيْتَكَ زيْداً أَبُو مَنْ هُوَ؟
والكافُ لا مَوْضعَ لَها، لأَنَّكَ لو قُلْتَ: أًَرَأَيْتَ زَيْداً
أَبُو مَنْ هُوَ؟ لاسُتَغْنَى الكلاَمُ. قالَ سِيَبوَيْهِ:
وسَمِعْنَا من العَرَبِ من يَقُولُ: واللهِ لو أَرَدْتَ
الدَّراهِمَ لأَعْطَيْتَكَ رُوَيْدَ ما الشِّعًرَ، كقُوْلِ
القائِل: فدَعِ الشِّعِرَ. قالَ: ومِنَ العَرَبِ من يَقُولُ:
رُوَيْدَ، زيدٍ كقوِله: غَذيِرَ
(9/422)
الحَيِّ، وضَرْبَ الرِّقابِ. وعَلَى هذا
أَجازُوا رُوَيدَكَ نَفْسِكَ زَيداً. قال سيبَويَهْ: وقد يَِكُونُ
رُوَيَدَ صَفَةً، فَيقُولُونَ: سارُوا سَيْراً رُوَيْداً،
ويَحْذِفُونَ السَّيْرَ، فَيقُولُونَ: سارُوا رُوَيداً،
يَجْعَلُونَه حالاً به وَصَفَ كَلامَه، واجْتَزَأَ بما في صَدْرِ
حَدِيثِه من قَوْلِكَ: ((سارَ)) عن ذِكْرِ السَّيْرِ. قالَ بعضُ
أَهْلِ اللُّغَةِ: وقد يَكُونُ رُوَيْداً للوَعِيدِ، كقَوْلْه:
(رُوَيْدَ بَنِى شَيبْانَ بَعْضَ وعِيدِكُمْ ... تُلاقُوا غَداً
خَيْلِي على سَفَوانِ)
فأَضاف ((رُوَيْدَ)) إلى ((بِنَى شَيْبانَ)) ونَصَبَ بعضَ
وَعِيدِكُم بإِضْمارِ فِعْلٍ، وإِنّما قالَ: ((رُوَيْدَ بَنِى
شَيْبانَ)) على أَنَّ بِنَى شَيْبانَ: في مَوْضِعَ مَفْعولٍ،
كقَوْلِكَ: رُوَيْدَ زَيْدٍ، فكأَنَّه أَمَرَ غَيْرَهُم
بإِمْهالِهِم، فَيكُونُ ((بَعْضَ وَعِيدِكُمْ)) على تَحْوِيلِ
الغَيْبَةِ إِلى الخطِابِ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ((بِنَى
شَيْبانَ)) مُنادًى: أي: أَمْهِلُوا بَعْضَ وَعِيدِكُم ومَعْنَى
الأَمْرِ ها هنُا التَّأْخِيرُ والتَّقْلِيلُ. ومَنْ رَواه:
(رُوَيدَ بَنِى شَيْبانَ بَعْضَ وَعِيدِهِمْ ... )
كانَ عَلَى البَدَلِ؛ لأَنَّ مَوْضِعَ بَنِى شَيْبانَ نَصْبٌ،
عَلَى هذا يَتَّجُه إِعرابُ البَيْتِ. وأما مَعْنَى الوَعَِيدِ،
فلا يَلْزَمُ، وإنَّما الوَعِيدُ فيه بحَسَبِ الحالِ؛ لأَنَّه
يَتَوَعَّدُهُم باللِّقاءِ، ويَتَوَعَّدُونَه بمِثْلِه. وأَرادَ
الشَّيْءَ: أََحَبَّه وعِنُىَ به، والاسمُ الرِّيدَةُ. فأَمّا ما
حَكاهُ اللِّحْيَانِيُّ من قَوْلِهم: هَرَدْتُ الشيْءَ أُهَريِدُه
هِرادَةً، فإنَّما هي على البَدَلِ. قال سَيَبَويْهِ: أُريدُ لأنْ
تَفْعَلَ: مَعْناهُ إِرادَتِي لِذِلِكَ، كَقَوْلِه تَعَالى: {وأمرت
لأن أكون أول المسلمين} [الزمر: 12] . وراوَدَتْهُ عَنِ الأَمْرِ
وعليهِ: رادَيْتُه. والرّائِدُ: مَقْبَضُ الطّاحِنِ من الرَّحَا.
والِمرْوَدُ: المِيلُ. والِمرْوَدُ أيضاً: المَفْصِلُ.
والمِرْوَدُ: الوَتِدُ، قالَ:
(9/423)
(دَاوَيتْهُ بالَمَحْضَ حَتّى شَتَا ...
يَجْتَذِبُ الآرِىَّ بالمِرْوَدِ)
أًَرادَ: مع المِرْوَدَ.
(مقلوبه)
[ود ر] وَدَّرَ الرَّجُلَ: أَوْقَعَةُ في مَهْلَكَةٍ، وقيلَ هو
أَنْ يُغْرِيَهُ حَتّى يَتَكَلَّفَ ما يَقَعُ منهُ في هَلَكَةٍ،
يَكُونُ ذِلكَ في الصِّدْقِ والكَذِبِ.
(مقلوبه)
[ورد] وَرْدُ كْلِّ شَجَرَةٍ: نَوْرُها، وقد غَلَبَ على نَوْعِ
الحَوْجَمِ. وقالَ أبو حَنِيفَةَ: الوَرْدُ: نَوْرُ كُلِّ
شَجَرَةٍ، وزَهْرُ كُلِّ نَبْتَةٍ، واحِدَتُه وَرْدَةٌ. قالَ:
والوَرْدُ ببِلادِ العَرَبِ كَثِيرٌ، رِيفِيُّه، وبَرِّيُّه،
وجَبَلِيُّه. ووَرَّدَ الشَّجَرُ: نَوَّرَ. والوَرْدُ: لَوْنٌ
أَحْمَرُ يَضْرِبُ إلى صَفْرَة حَسَنَة في كُلِّ شيْءٍ، فَرَسٌ
وَرْدٌ، والجَمْعُ: وُرْدٌ، ووِرَادٌ، والأُنْثَى وَرْدَةٌ، وقد
وَرُدَ وُرْدَةً. [واوْرادُ) . وقولُه:
(تَنازَعَها لَوْنانِ وَرْدٌ وجُؤْوَةٌ ... تَرَى لإياءِ الشَّمْسِ
فيهِ تَحَدُّرَا)
إِنما أَرادَ: وُرْدَةٌ وجُؤْوةُ، أو وَرْدٌ وأَجْأَى، وإنّما
قُلْنا ذلك؛ لأَنَّ وَرْداً صِفَةٌ، وجُؤْوَةً مَصْدَرٌ، والحُكْمُ
أن تُقابَلَ بالصِّفَة، والمَصْدرُ بالَمصْدَرِ. واوْرادَّ.
ووَرَّدَ الثَّوْبَ: جَعَلَه وَرْداً. والوِرْدُ: من أسماءِ
الحُمّى، وقِيلَ: هو يَوْمُها. وقد وُرِدَ، على صِيغَة ما لم
يُسَمَّ فاعِلُه. ويُقال: أَكْلُ الرُّطَبِ مَوْرَدَةٌ، أي
مَحَمَّة، عن ثَعْلَبٍ. ووَرَدَ الماءَ وغَيْرَه وِرْداً
ووُرُوداً، ووَرَدَ عليهِ: أَشْرَفَ عليهِ، دَخَلَه أو لم
يَدْخُلْه، قالَ زُهَيْرٌ.
(9/424)
(فلما وَرَدْنَ الماء زُرْقًا جِمامُه ...
وَضَعْنَ عصِىَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ)
معناه: لَما يَلَغْنَ الماءَ أَقَمْنَ عليه. ورَجُلٌ وارِدٌ، من
قومٍ وُرّادٍ، ووَرّادٌ من قَوْمٍ ورّادِينَ. وكُلُّ من أَتَى
مَكانًا _ مُنْهَلاً أو غيرَه - فقد وَرَدَه. وقولُه تَعالَى: {وإن
منكم إلا واردها} [مريم: 71] فسَّرَه ثعَلٌ ب فقال: يَرِدُونَها مع
الكُفّارِ فيَدْخُلُها الكفار ولايدخلها الُمسْلِمونَ، والدَّلِيلُ
على ذلك قولُ الله تَعالَى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك
عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] . وقالَ الزَّجّاجُ: وحَكَى كَثِيرٌ
من النّاسَِ: أََنّ الخَلْقَ جَمِيعاً يَرْدُونَ النّارَ، فَينْجُو
المُتَّقِى، ويُتْرَكُ الظالِمُ، وكُلُّهُم يَدْخُلُها.
وتَوَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كوَردَه، كما قالُوا: عَلا قِرْنَه
واسْتَعْلاهُ. ووارَدَه، وَرَدَ معه، أنْشَدَ يَعْقُوبُ:
(ومَتَّ مَِنِّى هَلَلاً إنَّما ... مَوْتُكَ لو وارَدْتَ
وُرّادِيَهْ)
والوارِدَهُ: وُرّادُ الماءِ. والورْدُ: الوارِدةُ، وفي
التَّنْزيِلِ: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} [مريم: 86] ، وقالَ
الزجّاجُ: إي مُشاةً عِطاشاً. والجمعُ: أَوْرادٌ. والوِرْدُ:
النَّصِيبُ من الماءَِ. وأَوْرَدَهُ الماءَ: جَعَلَه يَرِدُه.
والمُوْرِدَةُ: مأْتاةُ الماءِ، وقِيلَ: الجادَّةُ. قالَ طَرَفَةُ:
(كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها ... مَوارِدُ مِنْ
خَلْقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ)
وقولُ أَبِى ذُؤَيْبٍ يًصِفُ القَبْرَ:
(يَقُولُونَ لما جُشَّتِ البِئْرُ أُورِدُوا ... وليسَ بِها
أَدْنَى ذَفافٍ لوارِدِ)
(9/425)
(الدال واللام
والواو)
[د ل و] الدَّلْوُ تَذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ، قالَ رُؤْبَةُ:
(تَمْشِي بِدَلْوِ مُكْرَبِ العَراقِي ... )
والتَّأْنِيثُ أَعْلَى وأَكْثَرُ، والجَمْعُ أًَدْلِ، ودِلاءٌ،
ودُلىٌّ، ودِلِىٌّ: وهي الدَّلاةُ، والدَّلا، قالَ:
(طامِى الجِمَامِ لم تَمَخَّجْهُ الدَّلا ... )
وقِيلَ: الدَّلاَ: جَمْعُ دَلاةٍ: كفَلا جمعُ فَلاةٍ. والدَّلاةُ
أيْضاً: الدَّلْوُ الصَّغِيرَةُ. ودَلَوْتُها، وأَدْلَيْتُها: إِذا
أَرْسَلْتَها لتَسْتَقِيَ بها. وقيل: أَدْلا [ها: ألقاها] ،
لِيَسْتَقِى بها، ودَلاها: جَبَذَها ليُخْرِجَها. وما جاءَ في
اسْتسَقْاءِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رضَيِ الله عنه: ((وقَدْ
دَلَونْا بهِ إِليكَ)) . يعنِى [بقوله] : ((به)) العَبّاس رضِيَ
اللهُ عنه. قالَ الهَرَوِيُّ في الغَريِبَيْنِ: معناه مَتَتْنا
وتَوَسَّلْنا. وأُرَى معناه أَنْهم تَوَسَّلُوا بالعَبّاس إلى
رَحْمَةَ الله وغِياثِه، كما يُتَوَسَّلُ بالدَّلْوِ إلى الماءِ.
والدَّلْوُ: بُرْجٌ من بُرُوجِ السَّماءِ مَعْرُوفٌ، سُمِّى به
تَشبِيهًا بالدَّلْوِ. والدّالِيَةُ: شيءُ يُتَّخَذُ من خُوصٍ
وخَشَبٍ يُسْتَقَى به بحبِالٍ تُشَدُّ في رأسِ جذِْع طَوِيلِ قال
مْسْكِينٌ الدّارِمِى:
(بأيديهم مغارفُ من حديدٍ ... نُشَبَّهها مُقيَّرةَ الدوالى)
والدّالِيةُ: مجنونُ والدّالِيةُ: الأرضُ تُسقى بالدَّلوِ
والمنجَنُون والدَّوَالِى: عِنَبٌ أَسْوَدُ غيرُ حالِكٍ،
وعَناقِيدُه أَعْظَمُ العَناقِيدِ كُلِّها، تَراها كأَنّها تُيُوسٌ
مُعَلَّقَةٌ، وعِنَبُه جَافِ يتَكَسَّرُ في الفَمَِ، مُدَحْرَجُ
ويُزَبَّبُ. حكاهُ أبو حَنِيفَةَ. وأَدْلَى الفَرَسُ وغيرُه:
أَخْرَجَ جُرْدانَهُ لِيَبُولَ أو يَضْربَ، وكذلِكَ أَدْلَى
العَيْرُ، ودَلَّى،
(9/426)
قِيلَ لاْبنَةِ الخُسِّ: ما مِائَةُ من
الحُمُرِ؟ قالَتْ: ((عازِبَةُ اللَّيْلِ، وخزْىُ المَجْلِسِ، لا
لَبَنَ فتُحْلَبَ، ولا صوفَ فُتجَّزَّ، إِنْ رُبطُ غَيْرُها
دَلَّى، وإِنْ أَرْسَلْتَه وَلَّى)) . ودَلَّى الشْيءَ في
المَهْواةِ: أَرْسَلَه فِيها، قالَ:
(مَنْ شاءَ دَلَّى نَفْسَه في هُوَّة ... ضَنْكٍ، ولكِنْ مَنْ لَهُ
بالَمضِيقْ)
أي بالخُرُوجِ من المَضِيِقِ. وتَدَلَّيْتُ فيها وعَلَيْها، قالَ
لَبِيدٌ:
(وتَدَلّيتُ عليها قافِلاً ... وعَلَى الأَرْضِ غَياياتُ
الطَّفَلْ)
وأَدْلَى بحُجَّتِه: أَحْضَرَها. وأَدْلَى إليهِ بمالِة: دَِفَعَه،
وفي التَّنْزِيلِ: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها
إلى الحكام} [البقرة: 188] . وأَدْلَيْتُ فيهِ: قُلْتُ قَبِيحاً،
قالَ:
(ولو شِئْتُ أَدْلَى فِيكُما غَيْرُ واحِد ... علانِيَةً أو قالَ
عِنْدِىَ في السَرِّ ... )
ودَلَوْتُ الإِبل دَلْوًا: سُقْتُها سَوْقاً رَفِيقاً، قالَ:
(لا تَقْلُوَاهَا وادْلُوَاهَا دَلْواَ ... )
(إِنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاهُ غَدْوَا ... )
وقولُه:
(كأَنَّ راكِبَها غُصْنٌ بَمرْوَحَةٍ ... إِذا تَدَلَّتْ بهِ أو
شارِبٌ ثَمِلُ) ( ... يَجُوزُ أنْ يكونَ تَفَعَّلَتْ من الدَّلْوِ
الَّذِي هو السَّوْقُ الرَّفِيقُ، كأَنّه دَلاّها فَتَدلَّتْ،
ويَجُوزُ أن يكونَ أرادَ تَدَلَّلَتْ من الإدْلالِ، فكَرِةَ
التَّضْعيفَ، فحَوَّلَ إِحْدَى اللاّمَيْنِ ياءً، كما قالُوا:
تَظَنَّيْتُ في تَظَنَّنْتُ.
(9/427)
(مقلوبه)
: [د ول] الدًُّولَةُ والدَّوْلَةُ: العُقْبَةُ في المالِ
والحَرْبِ سواءٌ، وقِيلَ: الدُّولَةُ بالضمِّ في المالِ،
والدًّوْلَةُ بالفتحِ في الحَرْبِ. وقِيلَ: هما سَواءٌ فِيهما،
يَضَمّان ويُفْتَحانِ. وقِيلَ: بالضِّمِّ في الآخِرةَ، وبالفَتْحِ
في الدُّنْيا، والجَمْعُ: دُوَلٌ ودوَلٌ. قال ابنُ جِنِّى: مجىءُ
فَعْلَةٍ على فُعَلِ يُرِيكَ أَنَّها كأَنَّها إِنّما جاءَتْ
عندَهُم من فُعْلَةٍ، فكأَنَّ دَوْلَةً دُوَلَةٌ، وإِنما ذلكَ
لأَنَّ الواوَ مما سَبِيلُه أَنْ يَأْتِىَ تابعاً للضًّمَّةِ.
قالَ: وهذا يُؤكِّدَ عندَكَ ضَعْفَ حُروفِ اللِّينِ الثَّلاثَةِ.
وقد أَدَالَه. وتَداوَلْنا الأَمْرَ: أَخَدْناه بالدُّوَلِ.
وقالُوا: دَوالَيْكَ: أي مُدَاولَةً على الأَمْرِ. قالَ
سَيِبَويْهَْ: وإِنْ شِئْتَ حَمَلْتَه على أَنَّه وقَعَ في هذه
الحالِ. والدَّوَلُ: النَّبْلُ المُتَداوَلُ: عن ابنِ
الأَعْرابِىِّ، وأنشد:
(يَلُوذُ بالجَوْدِ من النَّبْلِ الدَّوَلْ ... )
وقولُ أَبِى دُوَادِ:
(ولَقَدْ أَِشْهَدُ الرِّماحَ تَدَالَى ... في صُدُورِ الكُماةِ
طَعْنَ الدَّرِيَّهْ)
قال أبو عَلِىٍّ: أراد تداوَل: فقَلَبَ العَيْنَ إِلى مَوْضِع
اللاّمِ. وانْدالَ ما فِي بَطْنِه مِنْ مِعًى أو صِفاقٍ:؛ طُعٍ نَ
فَخَرجِ ذِلكَ. وانْدَالَ بَطْنُه أَيْضاً: أتَّسَعَ ودَنَا من
الأَرْضِ. وانْدالِ الشِّيءُ: ناسَِ وتَعَلَّقَ، أنْشَدَ ابنُ
دُرَيْدٍ:
(فَياشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدالِ ... )
(بَدَوْنَ مِنْ مُدَّرَعِى أَسْمالِ ... )
وأمّا السِّيرافيُّ فقال: مُنْدال مُنْفَعِلٌ من التَّدَلِّى،
مقلوبٌ عنه، فعَلَى هذا لا يَكُونُ له مَصْدَرٌ، لأَنْ المَقْلُوبَ
لا مًصدرَ له، وقد بَيَّنّاه فيما تَقَدَّمَ. وجاءَ بالدُّولَةٍ:
أي بالدّاهِيِة.
(9/428)
والدَّويِلُ: النَّبْتُ العامِيُّ
اليابِسُ، وخَصَّ بعضُهم به يَبِيسَ النَّصِيِّ والسِّبَطِ.
والدَّوالِي: ضَرْبٌ من العِنَبِ بالطّائِفِ، أٍْسْوَدُ يضرِبُ إلى
الحُمْرَةِ. والدُّولُ: حَيٌّ من حَنِيفَةَ. ودَالان: من هَمْدانَ
غيرُ مهموز. والدّالُ: حَرْفُ هِجاءٍ، وهو حَرْفٌ مَجْهُورٌ، يكونُ
في الكَلامِ أَصْلاً وبَدَلاً. وإِنّما قَضَيْتُ على أَلِفِها
أَنَّها مُنْقَلِبَةُ عن واوٍ لما قَدَّمْتُ في أخواتِها مما
عَيْنُه أَلِفٌ.
(مقلوبه) : [ود ل] وَدَلَ السِّقاءَ وَدْلاً: مَخًضَه.
(مقلوبه)
: [ل ود] عُنُقٌ أَلْوَِدُ: غَلِيظٌ. ورَجُلٌ ألْوَدُ: لا يَميلُ
إٍِ لى غَزَلِ، ولا يَنْقادُ إِلى حَقٍّ، وقد لَوِدَ لَوَداً.
(مقلوبه)
: [ول د] وَلَدَتْهُ أُمُّه وِلادَةً، وإِلادَةً _ على البَدَلِ -
فهي والِدَةٌ، على الفِعْلِ، ووالِدٌ، على النَّسَبِ، حكاه
ثَعْلَبٌ في المَرْاَةِ وكُلِّ حامِلٍ تَلدُ. والوَلَدُ والوُلْدُ:
ما وَلِدَ أَيّا كانَ، وهو يَقَعُ على الواحِدِ والجَمِيعِ،
والذَّكَرِ والأُنْثَى، وقد جَمَعُوا فقالوا: أَوْلادٌ، ووِلْدَةٌ،
وإِلْدَةُ، وقد يَجُوزُ أَنْ يكونَ الوُلْدُ جَمْعَ وَلِدٍ،
كَوَثَنٍ ووثُنٍ، فإنَّ هذا مِماَّ يَكَسَّرُ على هذا المَثالِ؛
لاعْتَقاب المِثالَيْنِ على الكِلَمَة. والوِلْدُ كالوُلْدِ:
[لُغَةُ] . وليسَ بجَمعٍ؛ لأَنّ فَعَلاً ليس مما يُكَسَّرُ على
فِعْلٍ. والوَلَدُ أيضا: الرَّهْطُ، على التَّشْبِيهِ بوَلَدِ
الظَّهْرِ. والوَلِيدُ: المَوْلُودُ حين يُولُد. وقال ثَعْلَبٌ: هو
وَلِيدٌ إلى أَنْ يُوفِعَ، والجَمْعُ: وِلْدَانٌ، والاسمُ
الوِلادَةُ والوُلُودِيَّةُ، عن ابنِ الأَعرابِيِّ. قالَ ثَعْلَبٌ:
الأَصْلُ الوَلِيدِيَّةُ؛ كأَنَّه بناهُ على لَفظْ الوِلَيِدِ، وهي
من المَصادِرِ التي لا أَفْعالَ لها، والأُنْثَى: وَلِيدَةٌ،
والجمعُ: وِلْدانٌ، ووَلاِئدُ. وقولُهم في المَثَلِ: ((هُمْ في
أَمْرِ لا يُنادَى وَلِيدهُ)) . نَرَى أَنَّ أصْلَه كانَ أَنَّ
شِدَّةً أصابَتُهم حتّى كانَت الأُمُّ تَنْسَى وَلِيدَها، فلا
تُنادِيِه، ولا تَذْكُرُه، مما هُمْ فيهِ، ثم صارَ مَثَلاً لكلِّ
شِدَِةَّ، وقيل: هو أَمْرٌ عَظِيمٌ لا يُنادَى فيه الصِّغارُ بل
الجِلَّةَ. وقد يُقالُ في موضِعِ الكَثْرِةِ
(9/429)
والسَّعةِ؛ أي مَتَى أَهْوَى الوَلِيدُ
بيِدهِ إِلى شَيْءٍ لم يُزْجَرْ عنه؛ لكثرِة الشيءِ عندَهُم.
وفَعَلَ ذَِلَك في وَلِيدِيتَّه: أي في الحالَةِ التي كانَ فيِها
وَلِيداً. وشاةِ والدَةٌ، ووَلُودٌ: بَيِّنة الوِلادِ، ووالِدٌ،
والجمعُ وُلْدٌ، وقد وَلَّدْتُها، وأَوْلَدَتْ هي، وهي مُوِلدٌ، من
غَنَم مَوالِيدَ ومَوَالدَ. واللِّدَة: التِّرْبُ، والجمعُ لِداتٌ
ولِدُون، قال الفَزَزْدَقُ:
(أَيْنَ شُرُوخهُنَّ مُؤزّراتِ ... وشَرْخَ لِدِىَّ أَسْنانَ
الهِرامِ)
والوَلِيدَةُ والمُوَلَّدَةُ: الجارِيَةُ المُوْلُودَةُ بينَ
العَرَبِ. وغُلامٌ وَلَيدٌ كذلك. والمُوَلَّدَُّ: المُحْدَثُ بن
كُلِّ شيءٍ، ومنه: المُوَلَّدُونَ من الشُّعَراءِ، وإِنّما سُمُّوا
بذلك لُحدُوثِهم. والوَلِيدَةُ: الأَمَةُ، بيَّنَةُ الوِلادَةِ
والوَلِيدِيةَّ.
(الدال والنون والواو)
[د ن و] دَنَا الشَّيْءُ من الشَّيْءِ دُنُوّا ودَناوَةً: قَرُبَ،
وقولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ يصفُ جَبَلاً:
(إِذا سَبَلُ العَماءِ دَنا عليه ... يَزِلُّ برَيْدِهِ ماءٌ
زَلُولُ)
أرادَ: دَنَا منه. وأَدْنَيْنتُه أَدْنَيتهُ ودَنَّيْتُه، وفي
الحديث: ((سًمُّوا وسَمتُّوا، ودَنُّوا)) أي قارِبُوا بينَ
الكَلِمَةِ والكَلِمِةِ في التَّسْبِيحِ. وقولُه في الحَدِيث:
((إِذا أَكَلْتُم فَسمُّوا اللهُ، ودَنُّوا)) . معناه: كُلُوا ما
دَنَا مِنْكُم. واسْتَدنْاهُ: طَلَبَ منه الدُّنُوَّ. وقولُه
تعالى: {ودانية عليهم ظلالها} [الإنسان: 14] إنّما هو على حَذْفِ
المَوْصُُوفِ، كأَنّه قال: وجَزَاهُم جَنَّةً دانِيَةً عليهم،
فحَذَفَ ((جَنَّةً)) وأقامِ دانِيَةً مُقامَها، ومثلُه ما أنشَدَهُ
(9/430)
سِيبَوَيْهِ من قَوْلِ الشّاعِرِ:
(كَأَنَّك من جِمالِ بَنِى أُقَيشِ ... يُقَعْقُعُ خَلْفَ
رِجِلَيْهْ بشَنِّ)
أَراد: جَمَلٌ من جِمالِ بني أُقَيْئشٍ. وقال ابنُ جِنِّى: {دانية
عليهم ظلالها} مَنْصُوبَةٌ على الحالِ، معطوفَةُ على قِولِه:
{متكئين فيها على الأرائك} [الإنسان: 13] ، وهذا هو القَوْلُ الذي
لا ضرُورَةَ فيه قالَ: واما قَوْلُه: ((كأنَّكَ من جِمالَ بَنِى
أُقَيْشٍ)) البيت فإِنّما جازَ ذلك في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، ولو
جازَ لَنا أن نِجِدَ ((مِنْ)) قد جُعِلَتْ في بَعضِ المَواضِعِ
اسمْاً لَجَعلْناهَا اسمًا، ولم نَحْمِل الكَلاَم على حَذِفِ
المَوْصُوفَِ، وإقامَةِ الصِّفَةِ مُقامَة؛ لأَنَّه نوعٌ من
الضَّرُورِة، وكتابُ اللهِ يَجِلُّ عن ذِلِكَ. فأَمّا قولُ
الأَعْشِى:
(أَتنْتَهُونَ ولَنْ يَنْهَى ذَوِى شَطَطِ ... كالظَّعْنِ يَذْهَبُ
فيهِ الزَّيْتُ والفُتُلُ)
فلو حَمَلْتُه على إِقامَة الصِّفَةِ مُقامَ المْوْصُوفِ لكانَ
أَقْبَحَ من تَأَوُّلِ قولِه تَعالَى: {ودانية عليهم ظلالها} على
حَذْفِ المَوْصُوفِ؛ لأَنَّ الكافَ في بَيْتِ الأَعْشَى هي
الفاعِلَة في المعْنَى، ودِانِيَة في هذا القول إِنَّما هي
مَفْعُولٌ بها، والمَفْعُول قد يكونُ غَيَرُ اسمٍ صَرِيحٍ، نحو:
ظَنَنْتُ زيداً يقوم والفاعل لا يكونُ إلا اسماً صريحاً محضاً، فهم
على إمحاضه اسماً أشدُّ مُحافَظَةً من جَمِيعِ الأَسْماءِ، أَلا
تَرَى أَنَّ المُبْتَدأَ قد يقعُ غيرَ اسْمٍ مَحْضٍ، وهو قوله:
((تَسْمَعُ بالمُعَيْدِىِّ خيرٌ من أَنْ تَراهُ)) ، فتَسْمَعُ -
كما تَرَى - فِعْلٌ، وتقديرُه: أَنْ تَسْمَعَ، فحَذفُهم أَنْ
ورَفْعُهمُ تَسْمَع يدُلُّ على أَنَّ المُبتَدأَ قد يُمْكِنُ أَنْ
يكونَ عندَهُم غيرَ اسْمٍ صَريحٍ، وإِذا جازَ هذا في المُبْتَداَ
على قُوَّةِ شَبَهِه بالفاعِلِ، فهو في المَفْعُولِ الَّذِي
يَبْعُدُ عنُهما أَجْوَزُ، فمن أَجْلِ ذِلكَ ارْتَفع الفِعْلُ في
قوِلِ طَرَفَةَ:
(أَلاَ أَيُّهذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى ... )
عندَ كثيرٍ من النّاسٍ؛ لأَنَّه أرادَ أَنْ أَحْضُرَ. وأجازَ
سِيبَوَيْه في قوِله: مُرْهُ يَحْفِرُها. أن يكونَ الرَّفْعُ على
قوله: أًَنْ يَحْفِرِها. فلمّا حُذِفَتْ أَنْ ارتْفََعَ الفعْلُ
بعدَها، وقد حَمَلَهُم كثرةُ حَذِْفِ أَنْ مع غيرِ الفاعِلِ على أن
اسْتجَازُوا ذلك في غيرِ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه وإِن كانَ ذلك
(9/431)
جارِياً مَجْرَى الفاعِلِ، وقائماً
مُقامَةُ، وذلك نَحْو قولِ جَمِيلٍ:
(جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ... وحَقَّ لِمثْلِى
يا بُثَيْنَةُ يَجْزَعُ)
أرادَ أَنْ يَجْزَعَ، على أنَّ هذا قِلِيلٌ شاذٌ، على أَنَّ حَذْفَ
أًنْ قد كَثُر في الكَلامِ حَتّى صارَ كَلا حَذْفٍ. ألاَ تِرَىَ
أَنَّ أَصْحابناً اسْتَقْبَحَوا نَصْبَ غيرَ من قوله: عَزَّ
اسْمُه: {قل أفغير الله تأمروني أعبد} [الزمر: 64] بأَعْبُدُ،
فلولا أَنَّهُم أَنسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكَلاِم وإرادَتِها لما
استَقبَحُوا انْتِصابِ غَيْر بأَعْبُدْ. والدَّناوَةُ: القَرابَةُ
والقُرْبَى. ودَنَت الشَّمْسُ للغُروبِ، وأًَدْنَتْ. والدُّنْيا:
نَقِيضُ الآخِرِةَ، انْقَلَبتِ الواوُ فيها ياءً؛ لأَنَّ فُعْلَى
إذا كانَت اسمْاً من ذَواتِ الواوِ أُبْدِلَتْ واوُه ياءً، كما
أُبْدِلِتِ الواوُ مكانَ الياءِ في فَعْلَى فأَدْخَلُوها عليها في
فُعْلَى ليتَكافآ في التَّغْيِيرِ، هذا قولُ سِيبَوَيْهِ، وزِدْتُه
اَنا بُيانًا. وحَكَى ابنُ الأَعْرابِىِّ: ما له دُنْياً ولا
آخِرَةُ، فنَوَّنَ دنيا تَشْبِيهاً لها بفُعْلَلٍ، قال: والأَصْلُ
أَلاَّ تُصْرَفَ، لأَنّها فُعْلَى. وقالُوا: هو ابنُ عَمِّى
دِنْيَةً، ودِنْياً، ودِنْيا، ودُنْيا: إِذا كانَ ابنَ عَمِّه
لَحّا. قال اللِّحْيانِيُّ: وتُقالُ هذه الحُرُوفُ أيضاً في ابنِ
الخالِ والخاَلةِ، وتُقالُ في ابنِ العَمَّة أيضاً: قالَ: وقالَ
أَبُو صَفْوانَ: هو ابنُ أَخِيه وابنُ أُخْتِه دنْياً، مثل ما
قِيلَ في ابنِ العَمِّ وابنِ الخالِ، قال: ولم يَعْرَفْها
الكِسائيُّ ولا الأَصْمَعِيُّ إلاَّ في العَمَّ والخالِ، وإنَّما
انْقَلَبَتِ الواوُ في دِنْيَةٍ ودِنْياً لمجُاوَرَة الكَسْرَةِ
وضَعْف الحاجِزِ، ونَظِيرُه فِتْيَةٌ وعِلْيَةٌ، وكانَ أَصْلُ ذلك
كُلِّه دُنْيَا، أي رَحِماً أَدْنَى إِلىَّ من غَيْرِها، وإِنَّما
قَلَبُوا ليَدُلَّ ذلك على أَنّه ياءُ تَأْنِيثِ الأَدْنَى،
ودِنْياً داخِلَةٌ عليها. وقولُه تَعالَى: {ولنذيقنهم من العذاب
الأدنى دون العذاب الأكبر} [السجدة: 21] قالَ الزَّجّاجُ: كُلُّ ما
يُعَذَّبُ به في الدُّنْيا فهو العَذابُ الأَدْنَى، والعَذابُ
الأَكْبَرُ: عذابُ الآخِرَةِ. ودانَيْتُ الأَمْرَ: قارَبْتُه.
ودانَيْتُ بَيْنَهُما: جَمَعْتُ. ودانَيْتُ القَيْدَ للبَعِيرِ:
ضَيَّقْتُه عليهِ، وكذِلكِ دانَى القَيْدُ قَيْنَىِ البَعِيرِ.
وقالَ ذُو الُّرمَّةِ:
(9/432)
(دانَي له القَيْدُ في دَيْمُوَمةٍ قَذّفٍ
... قَيْنَيْةِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأناعيِمُ)
وقولهُ:
(مالِي أَراهُ دالِفاً قَدْ دُنْيَ لَهْ ... )
إِنما أرادَ: قَدْ دُنِيَ لُهُ، وهو مِنَ الواوِ من دَنَوْتُ، ولكن
الواوَ قُلِبْتْ ياءً من دُنِيَ لانْكِسارِ ما قِبْلَها، ثم
أُسْكِنَت النُّونُ، فكانَ يَجِِبُ إِّ زالَتِ الكسرةُ أَنْ
تَعُودَ الواوُ، إلاَّ أَنَّه لًّما كانَ إِسكانُ النُّونِ إنّما
هو للتَّخْفِيفِ كانت الكسرةُ المُنْوِيَّةُ في حُكْمِ
الَملَْفُوظِ به، وعلى هذا قاسَ التَّحْوِيُّونِ، فقالوا في
شَقِيَ: قَدْ شَقْيَ فتركوا الواو التي هي لامٌ في الشقوة
والِّقاوةِ مقلوبةً - وإن زالت كسرة القاف من شَقْى للتَّخْفِيفِ -
لمَا كانَتِ الكَسْرَةُ مَنْوِيَّة مٌ قَدَّرَةً، وعلى هذا قالَوا:
لَقَضْوَا الرَّجُلُ، واَصْلُه من الياءِ في قَضَيْتُ، ولكنّها
قُلِبَتْ في لَقُضُو - لانْضِمام الضّادِ قَبْلَها - واواً، ثم
أسْكَنُوا الضّاد تَخْفِيفًا، فَتَركُوا الواوَ بحالِها، ولم
يَرْدُّوها إِلى الياءِ، كما تَرَكُوا الياءَ في ((دُنْيَ))
بحالِها ولم يَرُدُّوها إلى الواوِ، ومثلُه من كَلامِهِم رَضْيُوا،
حكاها سِبيَوَيَهْ بإِسْكانِ الضّادِ وتَرْكِ الواوِ من
الرِّضْوانِ ومَرْضُوٍّ بحالِها، ولا أَعْلَمُ دُنْيَ بالتخفِيفِ
إِلاَّ الرَّجَزُ ليس بعتيقِ؛ كأنّه من رَجَزِ خَلَفٍ الأَحْمَرَِ،
أو غيرهِ من المُوَلَّدِينَ. وناقَةٌ مُدْنِيَةٌ ومُدْنٍ: دَنَا
نِتاجُها، وكذلِكَ المَرْأَةُ. والدَّنِىُّ من الرِّجالِ: الساقِطُ
الضَّعِيفُ الذي إِذَا آواهُ اللًَّيْلُ لم يَبْرَحْ ضُعْفاً،
والجَمْعُ: أَدْنِياءُ، وما كانَ دَنِْيّا، ولقد دَنِى دَنّا،
ودِنايَةً، الياءُ فيه مُنْقَلِبَةٌ عن الواوِ، لقُرْبِ
الكَسْرَةٍِ، كُلُّ ذلِكَ عن اللَّحْيانِيٍِّ. وتَدانَتْ إِبلُ
الرَّجُلِ: قَلَّتْ وضَعُفَتْ، قالَ ذو الرُّمَّة:
(تَباعَدُ مِنِّى أَنْ رَأَيْتَ حُمُولِتَى ... تَدَانَتْ وأَنْ
أَخْتَى عَلَيْكَ قَطِيعُ)
ودَنَّى فُلانٌ: طَلَبَ أَمْراً خَسِيساً، عنه أيضاً. والدَّنَا:
أَرْضَ لكَلْبِ، قال سَلامَةُ بنُ جَنْدَلٍ:
(9/433)
(من أَخْدَرِيّاتِ الدِّنَا الْتَفَعَتْ
لَهُ ... بُهْمَى الرّقاع وَلَجَّ في إِحْناقِ)
(مقلوبه)
: [د ون] دُونَ: كلمةٌ في مَعْنَى التَّحْقِيرِ والتَّقْرِيبِ،
تَكُونُ ظَرْفاً فيُنْصَبُ، ويكونُ اسْمًا فَيْدخُلُ حرفُ الجَرٍّ
عليه، فُيقال: هذا دُونَكَ، وهذا مِنْ دُوِنكَ. وفي التَّنْزِيلِ:
{ووجد من دونهم امرأتين} [القصص: 23] أَنْشَدَ سِيبَويَهْ:
(لا يَحْملُ الفارِسَ إِلاَّ الَمْلبُونْ ... )
(المَحْضُ مِنْ أمامِه ومِنْ دُونْ ... )
وإِنّما قُلنْا فيه: إنَّه أَرادَ مِنْ دُوِنه، لقوِله: ((مِنْ
أَمامِهِ)) . فأَضافَ، فكذِلكَ نَوى إِضافَةَ دُونَ، وأَنْشَدَ في
مثلِ هذا للجَعْدِىِّ:
(لَها فَرَطٌ يَكُونُ ولا تَراهُ ... أمامًا مِنْ مُعَرَّسِنَا
ودُونَا)
فأَمّا ما أَنْشَدَه ابنُ جِنِّى من قَوْلِ بعضِ المُوَلَّدِينَ:
(وقامَتْ إِليْهِ خَدَلَةُ السّاقِ أَعْلَقَتْ ... بِه منه
مَسْمُوماً دُوَيْنَةً حاجِبِهْ)
فإِنَّى لا أعرِفُ دُونَ تُؤَنَّثُ بعلامَةِ تأنِيثٍ ولا بغيرِ
عَلامَةٍ، ألاَ تَرَى أَنّ النَّحْويِيِّنَ كُلَّهُم قالُوا:
الظُّروفُ كُلُّها مُذَكَّرَةٌ إلاَّ قُدّامَ ووَارءَ. فلا أَدْرِى
ما الَّذِي صَغَّرَه هذا الشّاعِرُ، اللهُمَّ إلاَّ أن يَكُونُوا
قد قُالوا: هو دُوَنَتَهُ، فإِذا كانَ كِذلكَ فَقَولُه:
((دُوَيْنَةَ حاجِبِه)) . حَسَنٌ على وَجْهِه. وأَدْخَلَ
الأَخْفَشُ عليه الباءَ، فقالَ في كِتابِهِ في القَوافِي - وقد
ذَكَرَ أَعْرابِياّ أَنْشَدَهُ شِعْراً مُكْفَأً -: ((فرَدَنْاهُ
عليهِ، وعلى نَفَرٍ من أصْحابِه، فيِهِمْ من لَيْس بدُونِهِ)) ،
فأَدْخَلَ عليه الباءَ كما تَرَى، وقد قالُوا: من دُونٍ، يريدُون
مِنْ دُونِهِ. وقالوا: هو دُونَكَ في الشَّرَفِ والحَسَبِ ونحو
ذلك. قال سِيبَوَيْهِ: هو عَلَى الَمَثلِ، كما قالُوا: إِنه
لصُلْبُ القَناةِ، وإِنَّه لِمنْ شَجَرَةٍ صِالِحَةٍ. قال: ولا
يُسْتَعْمَلُ مَرْفُوعاً في حالِ الإضافَةِ. وقولُه تَعالَى: {وأنا
منا الصالحون ومنا دون ذلك} [الجن: 11] فإنّه أَرادَ: ومَِنّا قومٌ
دُونَ ذِلكَ، فحَذَفَ المَوْصُوفَ. وثَوْبٌ دُونٌ: رَدِىءٌ.
(9/434)
ورَجُلٌ دُونٌ: ليسَ بلاحِقٍ. وهو مِنْ
دُونِ النّاسِ والمَتاعِ: أي مِنْ مُقارِبِهما. وقالَ
اللِّحْيِانِيُّ: رَضِيتُ من فُلانٍ بأَمْرٍ مِنْ دُونٍ. قالَ:
وُيقالُ: إِنَّ أَكْثَر كلامِ العَرَبِ في هذا أَنْ يُقالَ: أَنْتَ
رَجُلٌ من دُونٍ، وهَذا شَيْءٌ من دُونٍ. يَقُولونَها مع ((مِنْ))
، وقد تُقالُ بغَيْرِ ((مِنْ)) . وحَكَى: لَوْلاَ أَنَّكَ مِنْ
دُونٍ لم تَرْض بِذاَ. وقالَ ابنُ جِنِّى - في شَيْءٍ دُونٍ،
ذَكَرْه في كتابِه المَوْسُومِ بالمُعْرِب _: ((وذلكَ أَقَلُّ
الأَمْرَيْنِ وأَدْوَنُهُما)) فاسْتَعْمَلَ منه أَفْعَلَ، وهذا
بَعِيدٌ، لأَنَّه ليسَ له فِعْلٌ فتكونُ هذه الصِّيغَةُ مبِنيَّةً
منه، وإنّما تُصاغُ هذه الصِّيغَةُ من الأَفْعالِ، كقَوْلِكَ:
أَوْضَعُ منه، وأَرْفَعُ منه، غير أَنَّهُ قد جاءَ من هَذا شَيْءُ
ذَكَرَهُ سِيَبَويْهِ. وذلك قولُهمِ: أَحْنَكُ الشّاتَيْنِ،
وأَحْنَكُ البَعِيرَيْنِ، كما قالُوا آكَلُ الشّاتَيْنِ، كاَنَّهُم
قالُوا: حَنَكَ ونحوُ ذِلَك، فإِنّما جاؤُوا بأَفْعَلَ على نحوه
هذا وإِن لَمْ يَتَكَلَّمُوا بهِ. وقالُوا: آبَلُ النّاسِ
كُلِّهِم، كما قالُوا: أَرْعَى النّاسِ كُلِّهْمْ، وكأَنَّهُم
قالُوا: أَبِلَ يَأْبَلُ، وقالُوا: رَجُلٌ إبِلٌ، وإن لم
يَتَكَلَّمُوا بالفِعْل. وقالُوا: آبَلُ النّاسِ بَمنْزَلَةِ آبَلُ
الأَشْياءُ التي ليسَ فيِها فَعْلٌ ليسَ القِياسُ أَنْ يُقال
فيِها: أَفْعَلُ منه، ونحو ذلك. وقد قالُوا: فلانٌ آبَلُ منه، كما
قالوُا: أَخْنَكُ الشاتَيْنِ. وادْنُ دُونَكَ: أي قَرِيباً، قالَ
جَرِيرٌ:
(أَعَيّاشُ قد ذاقَ القُيُونُ مُواسِمِى ... وأَوْقَدْتُ نارِي
فادْنُ دُونَك فاصْطَلِى)
ودُونَ بمعنى خَلْفٍ وقُدّامٍ. ودُونَكَ الشَّيءَ، ودُونَكَ بِه:
أي خُذْه. والدِّيوانُ: مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ، أبو عُبَيْدَةَ: هو
فارِسيٌّ مُعَّربٌ. ابنُ السِّكِّيتَ: هو بالكَسْرِ لا غيُر.
الكسائِيُّ: الفَتْحُ لَغَةٌ مَوَلَّدَةٌ، وقد حكاهُ سِيَبَوَيْهِ،
وقالَ: إِنًَّما صَحَّتِ الواوُ في دِيوان وإِنْ كانَتْ بعدَ
الياءِ ولم تَعْتَلَّ كما اعْتَلَّتْ في سَيِّدٍِ؛ لأَنَّ الياءَ
في ديوانٍ غيرُ لازِمَة، وإنَّما هو فِعّالٌ من دَوَّنْتُ،
والدَّلِيلُ على ذلك قولُهم: دُوَيْوِينٌ، فدَلًَّ ذِلكَ أَنَّه
فِعّالٌ، وأَنّكَ إنِما أَبْدَلْتَ الواوَ باءً بعد ذلك، قال: ومن
قالَ: دَيْوان فهو عِنْدَه بَمنْزِلَةِ بَيْطارٍ،
(9/435)
وإنَّما لم تُقْلَبِ الواوُ في دِيوانٍ
ياءً وإَِنْ كانَتْ قَبْلَها ياءٌ ساكِنةٌ من قِبَلِ أَنَّ الياءَ
غيرُ ملازِمَةَ وإِنّما أُبْدِلَتْ من الواوِ تَخْفِيفاً. ألا
تَراهُمْ قالُوا: دَواوِينُ لّما زالَتِ الكَسْرَةُ من قَبٍ لِ
الواوِ، على أَنَّ بعضَهُم قد قالَ: دَيَاوين، فأَقَرَّ الياءَ
بحالِها، وإِنْ كانَت الكسرةُ قد زالَتْ من قَبْلِها، وأَجْرَى
غَيْرَ اللاّزِمِ مُجْرَى اللاّزِمِ. وقد كانَ سَبِيلُه إذْ
أَجْراها مُجَرَى اللاّزِمَةِ أَنْ يَقُولَ: دِيّانٌ، إلاَّ أَنّه
كَرِهَ تَضْعِيفَ الياءِ كما كَرَهَ تَكْرِيرَ الواوِ في
دَياوِينَ، قال:
(عَدانِي أَنْ أَزورَكِ أُمَّ عَمْرٍ و ... دياوِينٌ تَشَقَّقُ
بالمِدادِ)
(مقلوبه)
: [ن د و] نَدَا القومُ ندْواً، وانْتَدَواْ، وتَنادَوْا:
اجَتْمَعَوا، قال المُرَقِّشُ:
(لا يُبْعِدُ اللهُ التَّلَبُّبَ والغارات ... إِذْ قالَ الخَمِيسُ
نَعَمْ)
(والعَدْوَ بَيْنَ المَجْلِسَيْنِ إِذا ... آدَ العَشِيُّ وتَنادَى
العَمّ)
والنَّدْوَةُ: الجَماعَةُ. ونادَى الرَّجُلَ: جالَسَه، وهُوَ من
ذِلكَ. والِنَّدىُّ: المَجْلِسُ ما دامُوا مُجْتَمعِينَ فيهِ،
فإِذا تَفَرَّفُوا عنه فليسَ بنَدِىٍّ، وقِيلَ: النَّدِىُّ:
مَجْلِسُ القَوْمِ نَهاراً، عن كُراع. والنّادِى: كالنَّدِىِّ، وفي
التَّنْزِيل: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المْنُكَرَ} [العنكبوت:
29] ، قيل: كانُوا يَحْذِفُونَ النّاس في مجالِسِهم ويَسْخَرُونَ
منهم، وقيلَ: كانُوا يَفْسُقُون في مجالِسهِم، فأَعْلَمَ اللهُ
أَنّ هذَا من المُنْكَر، وأنه لا يَنْبَغِى أَنْ يَتَعاشَرَ الناسُ
عليه، ولا يَجْتَمِعُوا على الهُزْءِ والتَّلَهِّى، وأَلاّ
يَجْتَمِعُوا إِلاَّ فيما قَرَّبَ إلى الله وباعَدَ من سَخَطِه،
وأَنْشَدُوا شِعْراً - زعموا أَنَّهُ سُمْعَ على عهدِ رسُولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم -:
(وأَهْدَى لَها أكْبُشاً ... تَبَحْبَحُ في المِرْبَدِ)
(وزَوْجُكِ في النّادِى ... ويَعْلَمُ ما فِي غَدِ)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يعلمُ الغيبَ إلا الله)) .
(9/436)
وما يَنْدُرهُم النّادِى: أَي ما
يَسَعُهُم، قالَ بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
(وما يَنْدُرهُمُ النّادِى [ولكنْ] : ... بِكُلِّ مَحَلَّةٍ منهم
فِئامُ)
والاسمُ النَّدْوَةُ. ودارُ النّدْوَةٍ بمكَّةًَ، سمِّيَتْ بها
لاجْتِماعِهِم فيها. وقِيلَ: النَّدْوَةُ: الجَماعَةُ، ودارُ
النَّدْوَةِ منه، أي: دارُ الجَماعَةِ. ونَدَتِ الإِبلُ نَدْواً:
خَرَجَتْ من الحَمْضِ إِلى الخُلَّةَ. ونَدَّيْتُها. وقِيلَ:
التَّنْدِيَةُ: أَنْ تُورِدَها فتشْرَبَ قَلِيلاً، ثم تَجِيءَ بِها
تَرْعَى، ثم ترُدًّها إلى الماءِ قالَ عَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ:
(تُرادَى عَلَى دِمْنِ الحِياضِ فإِنْ تَعَفْ ... فإِنَّ
المُنَدَّى رِحْلَةُ فرُكُوبُ)
ويروى: ((ورَكُوبُ)) . وقد تَقَدَّمَ أَنّ رِحْلَةَ ورُكُوب:
هَضْبَتانِ. وقد تكونُ التَّنْدِيَةُ في الخَيْلِ. واخْتَصَمَ
حَيّانِ من العَرَبِ في موضِعٍ، فقال أَحَدُ الحَيَّينِ:
((مَرْكَزُ رِماحِنا، ومَخْرَجُ نِسائِنا، ومَسْرَحُ بَهْمِنا،
ومُنَدَّى خَيْلِنا)) . والاسمُ من كُلِّ ذلك: النُّدْوَةُ، قالَ:
(قَرِيبَةٍ نَدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهْ ... )
ورَاهُ أبو عُبَيْدٍ: ((نَدْوَتُه من مُحْمَضِه)) بفتحِ النُّونِ
وضمِّ ميمِ المُحْمَضِ. ونُدْوَةُ: اسمُ فَرَسٍ لأَبِى فَيْدِ بنِ
حَرْمَلٍ.
(مقلوبه)
: [ود ن] ودَنَ الشَّيْءَ وَدْنًا، فهو مَوْدُونٌ، ووَدِينٌ،
فاتَّدَنَ: بَلَّهُ فابْتَلَّ، قالَ:
(كمُتَّدِنِ الصَّفَا كَيْما يَلينَا ... )
أي: يَبُلُّ الحَصَا لكي يَلِين، هذا قولُ أبي عُبَيْدٍ، وعنديِ
أَنّه إِنّما فَسَّرَ على المَعْنَى، وحَقَيقَتُه أَنْ المَعْنَى
كمُبْتَلِّ الصَّفًا، كأَنَّ الصًّفَا جُعِلَتْ فيه إِرادَةُ
لذِلَكَ.
(9/437)
ووَدَنُوه بالعَصَا: لَيَّنُوه، كما تَدِنُ
الأَدِيمَ. قالَ: وتَحَدَّثَ رَجُلٌ من بَنِى عُقَيْلٍ إلى ابْنَهِ
عَمٍّ له، فنَذِرَ إِخْوَتُها، فأَخَذُوه فوَدَنُوه بالعَصَى،
حَتّى ما يَشْتَكِى، أي حَتّى ما يَشْكُو من الضَّعْفِ؛ لأَنَّه لا
كَلامَ بِه. والوَدْنُ، والوِدانُ: حُسْنُ القيامِ عَلَى
العَرُوسِ. وقد وَدَنُوها. وَوَدَنَ الشَّيْءَ وَدْنًا،
وأَوْدَنَه: قَصَّرَهُ. والمُودَنُ، والمُوْدُونُ: القَصِيرُ
العُنُقِ، الضَّيَّقُ المُنْكِبَيْنِ، الناقِصُ الخَلْقٍ. قالَ
بعضُهم: مع قِصَرِ أَلْواحٍ ويَدَيْنِ. وامْرًَأَةُ مَوْدُونَةُ:
قَصِيرَةٌ صَغِيرَةُ. والمُوْدُونَةُ: دُخَّلَةٌ قَصِيرَةُ
العُنَقِ، دَقِيقَةُ الجُثَّةِ. ومَوْدُونٌ: فَرسُ مسْمَعِ بنِ
شِهابٍ.
[مقلوبه] : [ن ود] نادَ الرَّجُلُ نُواداً: تَمايَلَ من النُّعاسِ.
(الدال والفاء والواو)
[د ف و] والأَدْفَى مِنَ المَعزِ والوُعُولِ: الَّذِي طالَ
قَرْناهُ حتى انْصبّا على أُذُنَيْهِ من خَلْفَه. ومنَ النّاس:
الَّذِي يَمْشِى في شِقٍّ. وقِيلَ: هو الأَجْنَأُ. وقِيلَ: هو
المُنْضَمُّ الَمْنَكَبْيِنِ. ومن الطَّيْر: ما طالَ جَناحاهُ
وذَنَبُه. ومن الإبِل: ما طالَ عُنُقُه واحْدَودَبَ، وكادَتْ
هامَتُه تَمَسُّ سَنامَهُ. والأُنْثَى من ذِلكًَ كُلِّه دَفْواءُ.
وأُذُنٌ دَفْواءُ: إِذا أَقْبَلَتْ على الأُخْرَى حتى تَكادَ
أَطْرافُها تَماسُّ في انْحِدارٍ قِبَلَ الجَبْهَةِ، ولا
تَنْتَصِبُ، وهي شَدِيدةُ في ذلك. وقِيلَ: إِنّما ذِلَك في آذانِ
الخَيْلِ. وقالَ ثَعْلَبٌ: الدَّفْواءُ: المائِلَةُ فقط.
والدَّفْواءُ: العَرِيضَةُ العِظامِ، عن أبي عُبَيْدَةَ، والفِعْلُ
من كُلِّ ذِلكَ دَفِي دَفًا. ودَفَا الجَرِيحَ دَفْواً: أَجْهَزَ
عليهِ. وفي الحَديثِ: أن قَوْماً مِنْ جُهَيْنَةَ جاؤُوا بأَسِيرٍ
إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يُرْعَدُ من البرَِدْ،
فقالَ لَهُمْ: أُدْفُوهُ، وهي لُغَتُه عليه السَّلامُ بغيرِ
هَمْزٍ.
(9/438)
فذَهَبُوا به فَقَتَلُوه، وإِنما أَرادَ:
أَدْفِئُوهُ من البَرْدَِ.
(مقلوبه)
: [د وف] دافَ الشَّيْءَ دُوْفاً، وأَدافَهُ: خَلَطَهُ، وأَكْثَرُ
ذلك في الدَّواءِ والطِّيبِ، ومِسْكٌ مَدْوُوفٌ، ومَدُوفٌ: جاءَ
على الأَصْلِ، وهي تَمِيِمَّةٌ: قالَ:
(والمِسْكُ في عَنْبَرِه مَدْوُوفُ ... )
(مقلوبه)
[ود ف] الوَدْفَةُ: الشَّحْمَةُ. ووَدَفَ الشَّحْمُ ونحوهُ: سالَ.
واسْتَوْدَفَة: اسْتَقْطَرَه. واسْتَودَفَتِ المَرْأَهُ ماءَ
الرَّجُلِ: إذا اجْتَمَعَتْ تحتَه وتَقَبَّضَتْ لِئلاَ يفْتَرِقَ
الماءُ فلا تَحْمِلَ، عن ثَعْلَبٍ. والأُدَافُ: الذَّكًَرُ
لَقَطَرانِه، الهَمْزَةُ فيه بَدَلٌ من الواوِ، وهو مما لَزِمَ فيه
البَدَلُ؛ إذ لم نَسْمَعْهُم قالُوا: وُدافٌ. وفلانٌ يَسْتَوْدِفُ
مَعْرُوفَ فلانٍ: أي يَسْأَلُه. واسْتَودَفَ اللَّبَنَ: صَبَّه في
الإناءِ. والوَدْفَةُ والوَدِيفَةُ: الرَّوْضَةُ النّاضِرَةُ
الُمتَخَيِّلَةُ، وقالَ أبو حَنِيفَةَ: الوَدَفَةُ بفتحِ الدّالِ:
الرَّوْضَةُ الخَضْراءُ المُمْطُورَةُ اللِّيِّنَةُ العُشْبِ.
وقالوُا: الأَرْضُ كُلُّها وَدَفَةُ واحِدَةٌ خِصْباً. ووَدْفَةُ
الأَسَدِيُّ: من شُعْرائِهم.
(مقلوبه)
[ف ود] الفَوْدُ: مُعْظَمُ شَعرِ الرَّأسِ مما يَلِي الأُذَنَ.
وفَوْدَا الرَّأْسِ: ناحِيتَاه، والجمعُ أَفْوادٌ. وفَوْدا
جَناحَيِ العُقابِ: ما أَثَّ منهما. والفوْدانِ: الناحِيتَان.
والفَوْدانِ: العِدْلاِنِ، كُلُّ واحِدٍ منهُما فَوْدٌ.
(9/439)
وفادَ فَوْداً: ماتَ. وفادَ المالُ
لصاحِبِه يَفُوذُ: ثَبَتَ، والاسْمُ منه الفائدَةُ. وأَفادَةُ
واسْتفادَه: اقْتَناهُ. وأَفَدْتُه أَنّا: أعطيته إِيّاه، وقد
تَقَدَّمَ عامَّةُ ذلك في الياءِ؛ لأن الكَلِمَةَ يائيَّةُ
وواوِيَّةٌ. وفُدتُ الزَّعْفَرانَ: خَلَطْتُه، مَقْلُوبٌ عن
دُفْتُ، حكاه يَعْقُوبُ.
(مقلوبه)
: [وف د] وَفَدَ عليهِ، وإِلَيْهِ، وَفْداً، ووُفُوداً، ووِفادَةً،
وإِفادَةً على البَدَلِ: قَدِمَ. قالَ سِيَبَويْهِ: وسِمِعْناهُم
يُنْشدُونَ بيتَ ابنِ مُقْبِلٍ:
(إِلاَّ الإفادة فاسْتَولَتْ ركائِبُه ... عِنْدَ الجَبابِيرِ
بالبَأْساءِ والنِّعَمِ)
وَأوْفَدَه عليهِ. وهم الوَفْدُ والوُفُودُ؛ فأَمّا الوَفْدُ
فاسْمٌ للجَمْعِ، وقِيلَ: جَمْعٌ، وأما الوُفُودُ فجَمْعُ وافِدٍ.
وقد أَوْفَدَه إِليه. وتَوفَّدَتِ الإِبلُ والطَّيْرُ:
تَسَابَقَتْ. وأًَوْفَدَ عَلَى الشَّيْءِ: أَشْرَفَ وعَلاَِ عليهِ.
وتَوَفَّدَتِ الأَوْعالُ على الجِبالِ: أَشْرَفَتْ. وأَوْفَدَ
الشَّيْءِ: رفَعَه. وأَوْفَدَ هو: ارتْفَعَ، وأَوْفَدَ الرِّئمُ:
رَفَع رأسَه ونَصَبَ أُذُنَيْهِ. قال تَمِيمُ بنُ مُقْبِلٍ:
(تَراءَتْ لَنا يومَ النِّسار بفاحمٍ ... وسُنَّةِ رِئْمٍ خافَ
سِمْعاً فأَوْفَدا)
ورَكَبٌ مُوفِدٌ: مُرْتَفَعٌ. وفلانٌ مُسْتَوْفِدٌ في قعْدَتِه: أي
مُنْتَصِبٌ غيرُ مُطْمَئِنٍّ، كمُسْتَوْفِزٍ. ووافِدٌ: اسم. وبنُو
وَفْدانَ: حيٌّ من العَرَبِ، وأَنْشدَ ابنُ الأَعْرابِيٍّ.
(9/440)
(إِنَّ بَنَى وَفْدانَ قومٌ سُكُّ ... )
(مثلُ النَّعامِ والنَّعامُ صُكُّ ... )
(الدال والباء والواو)
[د وب] دابَ دَوْباً: كدَأَبَ.
(مقلوبه)
: [ب د و] بَدَأ الشَّيْءُ بَدْواً، وبُدُوّا، وبَدَاءً وبَداً،
الأخيرةُ عن سِيبَوَيْهِ: ظَهَرَ. وأًَبْدَيْتُه أَنا. وبَدَاوَةُ
الأَمْرِ: أَوَّلُ ما يَبْدُو منه. هذِه عن اللِّحْيانِيِّ، وقد
تَقَدَّم ذلك في الهَمْزِ. وبادِىَ الرََّأْيِ: ظاهِرهُ عن
ثَعْلَبٍ، وقد تَقَدَّمَ في الهَمْزَةِ. وأَنْتَ بادِيَ الرَّاي
تَفعَلُ كذا، حكاهُ اللِّحْيانِيُّ بغيرِ هَمْزٍ. ومعناه: أَنْتَ
فيما بَدا من الرَّاْيِ وظِهَرَ. وبَدَا لَه في الأَمْرِ، بَدْواً
وبَداً وبَداءً، قال الشَّمّاخُ:
(لَعلَّكَ والمَوْعُودُ حَقٌّ وفاؤُه ... بَدَا لكَ في تِلْكَ
القَلُوصِ بَداءُ)
وقال سِيَبَويْه - في قوِله عَزَّ وجَلَّ: {ثم بدا لهم من بعد ما
رأوا الآيات ليسجننه} [يوسف: 35]-: أرادَ: بَدَا لَهُم بَداءٌ.
وقالُوا: ليَسْجُنُنَّهُ ذَهَبَ إِلى أَنَّ موضِعَ لَيْسجُنُنَّه
لا يَكُونُ فاعِلَ بَدَا؛ لأَنَّهُ جملةُ، والفاعِلُ لا يكونُ
جملةً. وبَدَانِى بكَذا يَبْدُونِي، كَبَدأَنِي. وافْعَلْ ذلكَ
بادِي بَدٍ. وبادِي بَدى، قالَ:
(وقَدْ عَلَتْنِى ذُرْأَةُ بادِي بَدِي ... )
وقد تَقَدَّمَ في الهَمْزِ. وحكاهُ سِيبَوَيْهِ: بادِي بَدَا،
وقالَ: لا تُنُوَّنُ ولا يَمْنَعُ القِياسُ تَنْوِينَه.
(9/441)
والبَدْوُ والبادِيَةُ، والبادَاةُ،
والبِدَاوَةُ، والبَدَاوَةُ: خِلافُ الحَضَرِ، والنَّسَبُ إليه
بدَوِيٌّ نادِرٌ. وبَداوِيٌّ وبِدَاوِيٌّ وهو على القِياسٌ لأَنَّه
حِينَئدٍ مَنْسُوبٌ إِلى البَداوَةِ والبداوَةِ، وإنّما ذَكَرْتُه
لأَنَّ العامًّةَ لا يَعْرِفُونَ غير بدَوِيٌّ. فإن قُلْتَ: إِنَّ
البَدَاوِيَّ قد يكونُ مَنْسُوبًا إِلى البَدْوِ، والبادِيَة،
فيكونُ نادرا. قيلَ: إنَّه إِذا أَمْكَن في الشَّيءِْ المَنْسُوبِ
أَنْ يكونَ قِياساً وشاذاَ كان حَمْلُه على القِياس أَوْلَى؛
لأَنَّ القياسَ أَشْيَعُ وأَوْسَعُ. وبَدَا القَوْمُ بَدَاءً:
خَرَجُوا إِلى البادِيَةِ. وفي التَّنْزيِلِ: {وإن يأت الأحزاب
يودوا لو أنهم بادون في الأعراب} [الأحزاب: 20] أي إِذا جاءَتِ
الجُنُودُ والأَحْزابُ وَدُّوا أَنَّهُم في البادِيَةَ، وقالَ ابنُ
الأَعْرابَيِّ: إِنّما يكونُ ذلك في ربِيعِهم، وإِلاَّ فَهُم
حُضّارٌ على مِياهِهِم. وقَوْمٌ بُِدّا، وبُدّاءٌ: بادُونَ، قالَ:
(بَحَضَرِيٍّ شاقَةُ بُدّاؤهُ ... )
(لَم تُلْهِهِ السُّوقُ ولا كَلاّؤُه ... )
فأَماَّ قولُ ابنِ أَحْمَرَ:
(جَزَى الله قَوْمِي بالأُبُلَّةِ نُصْرَةً ... وبَدْواً لهُمْ
حَوْلَ الفِراضِ وحُضَّراَ)
فقد يَكُونُ اسمْاً لجَمْع بادٍ، كَراكِبٍ ورَكْبٍ، وقد يَجُوزُ أن
يَعْنِىَ به البَدَاوَةَ التي هي خِلافُ الحَضارِةَ، كأَنَّه قالَ:
وأَهْلَ بَدْوٍ. وقالَ أبو حَنيِفَةَ: بدْوَتَا الوادِي: جانِباهُ.
والبَدَا، مَقْصُورٌ: ما يَخْرُجُ من دُبُرِ الرَّجُلِ. وبَدَا
الرَّجُلُ: أَنْجَى فظَهَرَ ذلك مِنْه. والبَدَا: مَفْصِلُ
الإنْسانِ، وجَمْعُه: أَبْداءٌ، وقد تَقَدَّمَ في الهَمْز.
والبَدَا: السَّيَّدُ، وقد تَقَدَّمَ هنالِكَ أيضاً. والبَدِىُّ،
ووادِي البَدِيِّ، مَوْضِعانِ. وإِنّما قَِضَيْنا على ما لَمْ
تَظْهَرْ واوه مِنْ هَذَا البابِ أَنَّها واوٌ لسَعَةِ ((ب د و))
وضِيقِ ((ب د ي)) .
(9/442)
وبَدْوَةُ: ماءٌ لَبِني العَجْلانِ.
(مقلوبه)
: [ود ب] الوَدْبُ: سُوءُ الحالِ.
(مقلوبه)
: [ب ود] بادَ الشَّيْءُ بَواداً: ذَهَبَ، وقد تَقَدَّمَ ذِلكَ في
الياءِ. والبود: البِئْرُ
(مقلوبه)
[وب د] الوَبَدُ: الحاجَةُ إلى النّاسِ. والوَبَدُ: شِدَّةُ
العَيْشِ. والوَبَدُ: سُوءُ الحالِ مِنْ كَثْرَةِ العِيالِ،
وقِلَّةِ المالِ، والجَمْعُ: أَوْبادٌ. وقد وَبَدَتْ حالُه وبَداً.
وأمّا ما أَنْشَدَه أبو زيْدٍ:
(لأَصْبَحَ الحَيُّ أَوْباداً ولم يَجِدُوا ... )
فعَلَى حَذْف المُضافِ، أي: ذَوِي أَوبْادٍ. وجَمَع المَصْدَرَ على
التَّنَوُّع. ووِبَدَ الثَّوْبُ وَبَداص: أَخْلَقَ. والوَبَدُ:
العَيْبُ. ووَبَدَ عليه وَبَداً: غَضِبَ. والوَبَدُ: الحَرُّ مع
سُكُونِ الرِّيحِ كالوَمَدِ. وإِنَّه لوَبِدٌ: أي شَدِيدُ الإصابَة
بالعَيْنِ، عن اللَّحْيانِيِّ. وتَوَبَّدَ أَمْوالَهُم:
تَعَيَّنَها لُيصِيبَها بالعَيْنِ، عنه أيضاً. والوَبْدُ، بسكونِ
الباءِ: النُّقرَةُ فِي الصَّفاةِ يَسْتنَقْعُ فيها الماءُ، وهي
أَظْهَرُ مِنَ الوَقْرِ، والوَقْرُ أَظْهَرُ من الوَقْبِ.
(9/443)
(الدال والميم
والواو)
[د وم] دامَ الشّيْءَ يَدُومُ، ويَدَامُ، قالَ:
(يا مَيَّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا ... )
(في الحُبِّ إِنَّ الحُبَّ لَنْ يَدَامَا ... )
قالَ كُراع: دامَ يَدُومُ، فَعِلَ يَفْعُلُ - وليسَ بقَوِىٍّ -
دَوْمًا، ودَوَامًا، وديْمُومَةً. [قال] أبو الحَسَنِ: في هذه
الكَلَمَة نَظرٌ. ذهب أهل اللُّغَةِ في قولَِهم: دمْتَ تَدُومُ
أَنّها نادِرةٌ كمِتَّ تَمُوتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وحَضَرِ
يَحْضُرُ. وذَهَبَ أبو بَكْر إلى أَنَها مُتَركَّبَةُ، فقال:
دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، ودمْتَ تَدَامُ كخِفْتَ تَخافُ،
ثم تركَّبَتِ اللُّغَتانِ، فظُنَّ أَنَّ تَدُومُ على دِمْتَ،
وتَداَمُ على دُمْتَ؛ ذَهاباً إلى الشُّذوِذ، وإيثاراً له، والوجهُ
ما تَقَدَّمَ من أَنّ تَداَمُ على دِمْتَ وتَدومُ على دُمْتَ. وما
ذَهَبُوا إليه من تشذِيذِ دِمْتَ تَدُومُ أَخَفُّ مما ذَهَبُوا
إليه من تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدَامُ؛ إذ الأُولَى ذاتُ نَظائِرَ. ولم
يُعْرَفْ من هذه الأًخِيرة إِلاّ كُدْتَ تَكادُ، وتَرْكِيبُ
اللُّغَتينِ بابٌ واسِعٌ: كقَنَطَ يَقْنَطُ، ورَكَنَ يَرْكَنُ،
فَيَحْمِلُه جُهّالُ أَهْلِ اللُّغَة على الشُّذُوذِ. وأَدامَهُ
واسْتَدامَه: تَأَنَّي فيه. وقِيلَ: طَلَبَ دَوامَه. وداومه كذلك
والدَّيُّومُ: الدّائِمُ منه، كما قالوا: قَيُّومٌ. والدِّيمَةُ:
مَطَرٌ يَدُومُ مع سُكُونٍ، وقيلِ: يَدُومُ خمسةً أو سِتَّةً،
وقِيلَ: يومًا وليلةً. والجَمْعُ دِيَمٌ. غُيِّرَتِ الواوُ في
الجَمْعِ لتَغَيُّرِها في الواحد. وما زالَت السّماءُ دَوْماً،
ودَيْماً دَيْماً - الياءُ على المُعاقَبَةِ -: أي دايِمَةَ
المَطَر. وحكى بَعضهُم: دامَتِ السّماءُ تَدِيمُ، ودَوَّمَتْ،
ودَيَّمَتْ. وقال ابنُ جِنِّى: هو من الواو؛ لاجْتِماعِ العَرَب
طُرّا على الدَّوامِ. وهو أَدْوَمْ من كَذا. وقالَ أيضاً: من
التَّدْرِيجِ في اللُّغَةِ قولهُم: دِيمَةٌ ودِيِمٌ، واسْتِمْرارُ
القُلْبِ في العَيْنِ إلى الكسرِة قَبْلَها، ثم تجاوَزُا ذلك لّما
كَثُرَ وشاعَ إِلى أَنْ قالُوا: دَوَّمَتِ السّماءُ ودَيَّمَتْ،
فأَمّا دَوَّمَتْ فعَلَى القِياس، وأما دَيَّمَتْ
(9/444)
فلا سْتِمرارِ القَلْبِ في دِيمَةٍ ودِيَم،
أَنْشَدَ أبو زَيْدٍ:
(هُو الجَوادُ بنُ الجَوادٍ بن سَبَلْ ... )
(إِنْ دَيَّمُوا جادَ، وإن جادُوا وَبَلْ ... )
ويُرْوْيَ، دَوَّمُوا. وأَرضٌ مَدِيمَةُ ومُديَّمَةٌ: أصابَتْها
الدِّيَمُ، واصلُها الواو، وأُرَى الياءَ مُعاقَبَة، قال ابنُ
مُقْبِلٍ:
(عَقَيلًَةُ رملٍ دافَعَتْ في حُقُوفِه ... رَخاخَ الثَّرًَى
والأقحُوانَ المُدَيَّمَا)
وقد تَقَدّم ذلك في الياءِ. وفي حَدِيثِ عائِشَةَ - رضِيَ الله
عنها - أنَّها ذَكَرتَ عملَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَتْ:
((كانَ عَمَلُه دِيمَةً)) . شَبَّهَته بالدِّيَمَةِ من المَطَرِ في
الدَّوامِ والاقْتِصادِ. والمُدامُ: المَطَرُ الدّائِمُ، عن ابنِ
جِنِّى. والمُدامُ والمُدامَةُ: الخَمْرُ لأَنّه ليسَ شيءٌ
يُسْتَطاعُ إِدامَةُ شُرْبِه إلا هِيَ: وقِيلَ: لإدامَتِها في
ظَرْفِها. وظِلٌّ دَوْمٌ، وماءٌ دَوْمٌ: دائِمٌ، وصَفُوهُما
بالمَصْدَرِ. والدّاماءُ: البَجْرُ لدَوامِ مائِه، أصله دَوَماء،
وقد قيلَ: أصلُه دَوْمَآء، فإِعْلالُه على هذا شاذٌّ. ودامَ
البَجْرُ يَدُومُ: سَكَنَ، قالَ أبو ذُؤَيْبٍ.
(فجاءَ بِها ما شِئْتَ من لَطَمِّيَّةٍ ... تَدُومُ البَحارُ
فوقَها وتَمُوجُ)
ورَواهُ بعضُهم: ((يَدُومُ الفُراتُ)) وهذا غَلَظٌ، لأَنّ الدُّرَّ
لا يكونُ في الماءِ العَذْبَِ. والدَّيْمُومُ، والدَّيْمُومَةُ:
الفَلاةُ يَدُومُ السَّيْرُ فيها لبُعْدِها. وقد قَدَّمْتُ قولَ
أَبِي عَلِيٍّ: إنَّها من الدَّمِّ الذي هو الشَّجُّ.
(9/445)
ودَوَّمَتِ الكلابُ: أَمْعَنَتْ في
السَّيْرِ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(حَتَّى إِذا دَوَّمْتْ في الأَرْضِ راجَعَةُ ... كِبْرٌ ولو شاءَ
نَجَّى نَفْسُهُ الهَرَبُ)
أي: أَمْعَنَتْ فيه. وقال ابنُ الأعرابِيِّ: أَدامَتْهُ،
والمَعْنيانِ مُقْتَرِبانِ. ودَوَّمْتِ الشْمْسُ: دارَتْ في
السّماءِ. ودَوَّمَ الطائِرُ، واسْتَدامَ: حَلَّقَ في السّماءِ
وقِيلَ: هو أن يَدُورَ في السّماءِ فلا يَحَرِّكُ جناحَيْهِ،
وقيلَ: هو أَنْ يَدُومَ ويَحُومُ. قال الفارسيُّ: وقد اخْتَلَفُوا
في الفَرْقِ بينَ التَّدْوِيمِ والتَّدْوِيَةَ، فقالَ بعضُهم:
التَّدْوِيمُ، في السماءِ، والتَّدْوِيَةُ: في الأرضِ، وقيل: بعكسِ
ذلِكَ. قال: وهو الصَّحِيحُ عندِي. قال جَوّاسٌ - وقِيلَ: هو
لَعْمرِو بنِ مِخْلاٍِ ةِ الحِمارِ _:
(بيَوْمٍ تَرَى الرّاياتِ فيه كأَنَّها ... عَوافِي طُيُورٍ
مُسْتَديِمٌ وَواقِعُ)
والدُّوّامَةُ: التي يَلْعَبُ بها الصبِّيْانُ، فتُدارُ،
والجَمْعُ: دُوّامٌ، وقد دَوَّمْتُها. ودَوَّمَتْ عَيْنُه: دارَتْ
كأَنّها في فَلْكَه، قالَ:
(تَيْماءُ لا يَنْجُو بِها مَنْ دَوَّما ... )
والدُّوامُ: شِبْهُ الدُّوار في الرّأْسِ. وقد دِيمَ بهِ وأُدِيمَ.
ودَوّمْتُ المَرَقَةَ: إذا أَكْثَرْتَ فيها الإهالَةَ حتى تَدُورَ
فوقَها، ومَرَقَةٌ داوِمَةٌ، نادِرٌ، لأَنَّ حقَّ الواوِ في هذا أن
تُقْلَبَ هَمْزَة. ودَوَّمَ الشئَ: بلهُ، قال ابن أحمر:
(وقَدْ يُدًوِّمُ رِيقَ الطّامِع الأَمَلُ ... )
ودَوَّمَ الزَّعْفَرانَ: دافَةُ. وأَدامَ القِدْرَ، ودَوَّمَها،
إِذا غَلَتْ فَنَضَحَها بالماءِ البارِدِ لتَسْكُنَ، وقِيلَ:
كَسَرَ غَلَيانَها بشَيْءِ وسَكَّنَه، قالَ:
(9/446)
(تُفُورُ عَلَيْنا قِدْرُهُم فُنديِمُها
... ونَفْثَؤُها عَنّا إِذا حَمْيُها غَلاَ)
وقالَ اللَّحْيانِيُّ: الإدامَةُ: أَنْ تَتْرُكَ القِدْرَ على
الأَثافِيِّ بعدَ الفَراغِ، لا تُنْزِلُها ولا تُوقِدُها.
والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عُودٌ أو غيرهُ يُسَكَّنُ به غَلَيانُها،
عن اللِّحْيانِيِّ. واسْتَدامَ الرَّجُلُ غَرِيمَةُ: رَفَقَ به.
واسْتَدماهُ كذلك مَقْلُوبٌ منه، وإِنّما قَضَيْنا بأَنَّه
مَقْلُوبٌ لأَنّا لم نِجَدْ له مَصْدرَاً. واستَدمَى مَوَدَّتَه:
تَرَقَّبَها مِنْ ذلِكَ، وإِن لم يَقُولُوا فيه: اسْتَدامَ، قالَ
كُثَيِّرٌ:
(وما زِلْتُ أَسْتَدْمَى وما طَرَّ شارِبِي ... وصالَكِ حَتَّى
ضَرَّ نَفْسِي ضَمِيرُها)
قوله: وما طَرَّ شارِبي، جُمْلَةٌ في موضِعِ الحالِ. والدَّوْمُ:
شَجَرُ المَقْلِ، واحِدَتُه دَوْمَةٌ. قال أبو حَنِيفَةَ:
الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ وتَسْمُو، ولَها خُوصٌ كخُوصِ النَّخْلِ،
وتَخْرِجُ أَقْناءً كأًقْناءِ النَّخْلَةِ. قالَ: وذَكَرَ أبو
زِيادٍ الأَعْرابِيُّ أَنَّ من العَرَبِ من يُسَمِّى النَّبْقَ
دَوْماً. قالَ: وقال عُمارَةُ: الدَّوْمُ: العِظامُ من السِّدْرِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: الدَّوْمُ: ضِخامُ الشَّجَرِ ما كانَ.
وفي الحديث: ((رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في
ظِلَّ دَوْمَةٍ)) . حكاه الهَرَوِيُّ في الغَرِيَبْين. ودُومَِةُ
الجُنْدَلِ: مَوْضَعٌ يسمِّيِه أهلُ الحَدِيِث: دَوْمَةَ، وهو
خَطأٌ، وكذلك دَوْماءُ الجَنْدَلِ. ودَوْمانُ: اسمُ رَجْلٍ.
ودَوْمانُ: اسمُ قَبِيلَةٍ. ويَدُومُ: جَبَلٌ، قال الرّاعِي:
(وفي يَدُومَ إِذا أغْبَرَّتْ مَناكُبه ... وذِرْوَةُ الكَوْرِ عن
مَرْوانَ مُعْتَزَلُ)
وذُو يدُومَ: نَهرٌ من بلادِ مُزَيْنَةَ يَدْفَعُ بالعَقِيقِ، قال
كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
(عَرَفْتُ الدّار قد أَقْوَتْ بِرِيمِ ... إِلى لأْيٍ فمَدْفَعِ
ذِي يَدُومِ)
وأَدامُ: موضِعٌ، قالَ أبو المُثَلَّمِ:
(9/447)
(لَقَدْ أَجْرَى لَمصْرَعِه تَلِيدٌ ...
وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَدَامَا)
قالَ أبنُ جِنِّى: يكونُ أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ، فلا يُصْرَفُ،
كما لا يُصَرفُ أَخْزَمُ ولا أَحْمَدُ، وأصلُه علَى هذا أَدْوَمُ،
وقد يكونُ من (د م و) وهَمَزه، وقد تَقَدَّم.
(مقلوبه)
: [وم د] الوَمَدُ: نَدًى يَجِيءُ في صَمِيمِ الحَرِّ من قِيلَ
البَجْرِ مع سُكُونِ رِيحٍ: وقِيلَ: هو الحَرُّ أَيّا كانَ مع
سُكُونِ الرِّيحِ. وقد وَمِدَ اليَوْمُ وَمَداً، فهو وَمِدٌ.
ولَيْلَة "ٌ وَمِدَةٌ، وأكثُر ما يُقالُ في اللَّيْلِ. ووَمِدَ
عليهِ وَمَداً: غَضِبَ كَوبَدِ.
(انتهى الثلاثي المعتل)
(باب الثلاثي اللفيف)
(الدال والهمزة والياء)
[د أي] الدَّأْيُ، والدِّئيُّ، والدُّئِيُّ: فَقَرُ الكاهِلِ
والظَّهِر، وقِيلَ: غَراضِيفُ الصَّدْرِ، وقِيلَ: ضُلوعُه في
مُلْتَقاه ومُلْتَقَى الجَنْبِ. وقالَ ابنُ الأَعرابِيِّ:
الدًَّأْياتُ: أَضْلاعُ الكَتِفِ، وهي ثلاَثُ أَضْلاعٍ من هُنا،
وثلاثٌ من هنُا. واحدَتُه دَاْيَةٌ. وابنُ دَأْيَةَ: الغُرابُ؛
لأَنّه يَقَعًُ على دَأْيَةَ البَعِيرِ فيَنْقُرُها. والدَّأْيَةُ:
مُرَكَّبُ القِدْحِ من القَوْسِ، وهُما دَأْيتَانِ مُكْتَنفَتا
العَجْسِ من فَوْق ومن أَسْفَلَ. ودَأَى له يَدْأَى دَأْياً:
خَتَلَه، قالَ:
(كالذِّئْبِ يَدْأَى للغَزالِ يَخْتِلُهْ ... )
(9/448)
(مقلوبه)
[أد ي] أًَدَّى الشَّيْءَ: أَوْصَله، والاسمُ الأَداءُ. وهو آدَى
للأَمانَةِ مِنْهُ. وأَدَى اللَّبَنُ أُدِيّا: خَثرَ ليَرُوبَ.
وأَدَى السِّقاءُ يَأْدِى أُدِيّا: أَمكَنَ ليُمْخَضَ. وهو
بإِدائِة: أي بإِزائه، طائِيّةٌ. وآدًَانِي السُّلْطانُ عليه:
أعدانى واستأْديتُه عليه: اسْتَعْدَيْتُه. وآدَيْتَهُ عليه:
أَعَنْتُه، كُلُّه منه. وإِناءٌ أَدِىٌّ: صَغَيرٌ. وسِقاءٌ
أَدِىٌّ: بينَ الصَّغِيرِ والكبَيرِ. ومالٌ أَدِىٌّ، ومَتاعٌ
أَدِىٌّ، كِلاهُما: قَلِيلٌ. ورَجُلٌ أَدِىٌّ: خَفِيفٌ مُشَمِّرٌ.
وقَطَع اللهُ أَدَيْهِ: أي يَدَيْهِ. وأَدَى الشَّيْءُ: كَثُرَ.
وآداهُ مالُه: كَثُرَ عليه فغَلَبَهُ، قال:
(إِذا آدَاك مالُكَ فامْتَهِنْه ... لجاديِه وإِنْ قَرِعَ
المُراحُ)
وأَدَى القومُ وآدُوا: كَثُرُوا بالمَوْضِعِ وخَصِبُوا. وإِنّما
قَضَيْنا على ما لَمْ تَظْهَرِ الياءُ فيهِ من هذا الباب بالياء
لكونِها لامًا.
(مقلوبه)
: [أي د] الأَيْدُ: والآدُ جَمِيعاً: القُوَّةُ، وقولُه عَزَّ
وجَلَّ: {واذكر عبدنا داود ذا الأيد} [ص: 17] أي: ذَا القُوَّةِ.
قالَ الزَّجّاجُ: كانَتْ قُوَّتُه عَلَى العِبادَة أَتَمَّ
قُوَّةٍ، كانَ يَصُومُ يومًا ويُفْطِرُ يَوْماً، وذِلكًَ أشَدُّ
الصَّوْمِ، وكانَ يُصَلِّى نِصْفَ اللَّيْلِ. وقِيلَ: أَيْدُه:
قُوَّتُه على إلانَةِ الحَدِيدِ بإِذنِ اللهِ وتَقْوِيَتِه
إِيّاهُ.
(9/449)
وقد أيَّدْتُه على الأمْرِ. والآدُ:
الصُّلْبُ. والمُؤْيِدُ من الرِّجالِ: الشدَّيِدُ الّذيِ لا
يَعْبَأُ بعَمَلٍ. وقد آدَ يَثيدُ. وبِناءٌ مُؤْيَدٌ: شَديِدٌ.
والُمؤْيِدُ: الدَّاهِيَةُ. والإيادُ: ما أُيِّدَ به الشّىْءُ.
وإِياداً العَسَكَرِ: الَمْيمَنَةُ والمَيْسَرةُ. والإيادُ: كُلُّ
مَعْقِلٍ: أو جَبَلٍ حَصِينٍ، أو كَنَفٍ وسِتْرٍ ولَجْإَ، وقد
قِيل: إنَّ قَوْلَهُم: أَيَّدَهُ اللهُ مُشْتَقٌّ من ذِلِكَ، وليس
بالقَوِىِّ. والإيادُ: التُّرابُ يُجْعَلُ حولَ الحَوْضِ
أوالخِباءِ. والإبادُ: ما حَبَا من الرَّمْلِ. وإِيادٌ: اسمُ
رَجُلِ، هو ابنُ مَعَدٍّ، وهُمُ اليومَ باليَمَنِ. قالَ ابنُ
دُرَيْدٍ: هما إِيادانِ: إيادُ ابنُ نِزارٍ، وإيادُ بنُ سُودِ بنِ
الحَجْرِ بنِ عَمّارِ بنِ عَمْرٍ و.
(الدال والهمزة والواو)
[د أو] دَأَى الذِّئْبُ يَدْأَى دَأْواً: وهو شَبِيهُ المُخاتَلَةِ
والُمراوَغَةِ، قال:
(كالذِّئْبِ يَدْأَى للغَزالِ يَأْكُلُهْ ... )
ودَأَوْتُ له: كذلك.
(مقلوبه)
: [د وأ] الدّاءُ: المَرَضُ، والَجَمْعُ: أَدْواءٌ. داءَ يَدَاءُ
داءُ، واَداءَ وأَدْوَأَ، الأَخيِرَةُ عن أبى زَيْدٍ. ورَجُلٌ
دَاءٌ: فَعِلٌ، عن سِيبَوَيْهِ. وامْرَأةٌ داءةٌ. وأَداءَ
الرَّجُلُ، وأَدْوأَ: أَتْهَمَ. وقولُهم: رَماهُ اللهُِ بداءِ
الذِّئْبِ: قالَ ثَعْلَبٌ: داءُ الذِّئْبِ: الجُوعُ.
(9/450)
وقولُه:
(ولا تَجْهَمِينَا أُمَّ عَمْرٍ وفإِنَّما ... بِنا داءُ ظَبْىٍ لم
تَخُنْهُ عوامِلُهْ)
قالَ أبو عُبَيْدٍ: قالَ الأَمَوِىُّ داءُ الظَّبْىِ: أَنَّه إِذا
أرادَ أَنْ يَثِبَ مَكَثَ قَلِيلاً ثمَّ وَثَبَ. قالَ: وقالَ أبو
عَمْرٍ و: مَعْناهُ: ليسَ بِنا داءٌ. كما أنَّ الظَّبْىَ لا داءَ
بهِ، قالَ أبو عُبَيْدٍ: وهَذا أَحَبُّ إِلىَّ. وداءةُ: موضِعٌ
بِبلادِ هُذَيْلٍ:
(مقلوبه)
: [أد و] أَدَا اللَّبَنُ أَدْواً: خَثُرُ ليَرُوبَ، عن كُراعِ.
وأَدَا السَّبُعُ للغَزالِ يَأْدُو، أدْواً: خَتَلَه لَيأْكُلَه.
وأَدَوْتُ له، وأدوْتُه: كذِلكَ، قالَ:
(حَنَتْنِى حانِياتُ الدَّهْرِ حَتَّى ... كأَنِّى خاتِلٌ يَأْدُو
لصَيْدِ)
وقالَ:
(أَدَوْتُ له لآخُذَه ... فهَيْهاتَ الفَتَى حَذِرا)
وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابِىِّ:
(تَئِطُّ وتَأْدُوهَا الإفالُ مُرِبَّةً ... بأَوْطانِها مِنْ
مُطْرَفاتِ الحَمائِل)
قالَ: تَأْدُوها: تَخْتِلُها عن ضُرُوعِها. ومُرِبَّةً: أى
قُلُوبُها مُرِبَّةٌ بالَمواضِعِ التى تَنْزِعُ إليِها.
ومُطْرَفاتٌ: أُطْرِفُوها غَنِيمَةً من غَيْرِهم. والحَمائِلُ:
الُمحْتَمَلةُ إِليهِمْ، الَمأْخوذَةُ من غَيْرِهِم. والإدَاوَةُ:
الِمطْهَرَةُ. وقيلَ: إِنّما تكونُ إِداوَةً إذا كانَتْ من
جِلْدَيْنِ قُوِبلَ أَحَدُهُما بالآخَرِ. وإِداوَةُ الشَّىءِ،
وأَداتُه: آلَتُه. وحَكَى اللِّحْيانِىُّ عن الكِسائِيِّ أَنَّ
العَرَب تقولُ: أَخَذَ هَداتُهُ: أى أَداتَهُ، على البَدَلِ.
(9/451)
ورَجُلٌ مُؤْدٍ: ذُو أَداة. ومُؤْدٍ: شَاكٌ
في السِّلاحِ. وتأَدَّيْتُ للأَمْرِ: أَخَذْتُ له أَداتَه.
وآدَيْتُ للسَّفَرِ: اسْتَعَدَدْتُ له، وأَخَذْتُ أَداتَه.
والأَدِىُّ: السَّفَرُ من ذلِكَ، قالَ:
(وحَرْفٍ لا تَزالُ على أَدِىٍّ ... مُسَلِّمَةِ العُرُوقِ من
الخُمالِ)
وأُدَيَّةُ بنُ مِرْداسٍ الحَرُورِىُّ، إِمّا أن يَكُونَ تَصْغِيرَ
أَدْوَةٍ: وهى الخَدْعَةُ، هذا قولُ ابنِ الأَعْرابِىِّ: وإمّا
أَنْ يَكُونَ تًَصْغِيرَ أَداةٍ.
(مقلوبه)
: [ود أ] وَدَّأتُ الشّىْءَ: سَوِّيْتُه. وتَوَدَّأتْ عليه
الأَرْضُ: اشْتَمَلَتْ، وقيل: تَهَدَّمَتْ وتَكَسَّرَتْ.
والوَدَأُ: الهَلاكُ، مقصورٌ مَهْموزٌ. والمُودَّأةُ: المهلكةُ،
جاءت على لفظ المفعولِ. وتَوَدَّأتْ عنَّى الأَخْبارُ: انْقَطَعَتْ
وتَوارَتْ.
(مقلوبه)
[وأ د] الوَأْدُ والوَئِيدُ: الصَّوْتُ العالِى الشَّديِدُ، كصوتِ
الحائِطِ إِذا سَقَطَ ونَحْوِه، قالَ الَمعْلُوطُ:
(أَعاذلَ ما يُدْرِيك أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ ... لأَخْفافِها فَوْقَ
المِتانِ وَئِيدُ)
هكذا أنْشَدَهُ اللِّحْيانِىُّ، ورواهُ يَعْقُوب: ((فَدِيدُ)) .
ووَأدُ البَعيرِ: هَدِيرهُ، هذه عن اللَحْيانِىِّ. ووَأَدْتُ
المَوْؤُودَةَ وَأْداً: دَفَنْتُها حَيَّةً، أنشَد ابنُ
الأَعْرابِىِّ:
(ما لَقَىَ المَوْؤُودُ مِنْ ظُلْمَِ أُمِّه ... كما لَقِيَتْ
ذُهْلٌ جَمِيعاً وعامِرُ)
أَرادَ: من ظُلْمِ أُمِّه إِيّاهُ بالوَأْدِ.
(9/452)
وامْرَأَةٌ وَئِيدٌ، ووَئِيدَةٌ:
مَوْؤُودَةٌ. والتُّؤَدَةُ، والتُّؤدَةُ ساكِنَةً: التَّأَنِّى
والرَّزانَةُ، قالَت الخَنْساءُ:
(فَتًى كانَ ذا حِلْمٍ رزَينٍ وتُؤْدَةٍ ... إِذا ما الحُبَا من
طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ)
وقد اتَّأدَ، وتَوَأَّدَ، والتَّوْآدُ منه. وحَكَى أبو عَلِىٍّ:
تَيْدَكَ بمعنى اتَّئِدْ، اسمٌ للفِعْلِ، كرُوَيْدَ، وكأَنَّ
وَضْعَه غُيِّرِ، لكونه اسْمًا للفِعْلِ لا فِعْلاً، فالتّاءُ
بَدَلٌ من الواوِ، كما كانَتْ في التُّؤدَةِ، والياءُ بَدَلٌ من
الهَمْزِة، قُلِبَتْ منها قَلْبًا لغيرِ عِلَّةِ.
(مقلوبه)
: [أود] آدَهُ الأَمْرُ أَوْداً وأُوُوداً: بَلَغَ منه المَجْهُودَ
والَمشَقَّةَ. ورَماهُ بإِحْدَى الَمآوِدِ: أي الدَّواهِي، لا
واحِدَ لها، عن ابنِ الأَعْرابِىٍّ. وحَكَى أيضاً: رماهُ بإحْدَى
الُموائِد، في هذا المَعْنَى، كأَنَّه مَقْلُوبٌ عن المآوِدِ.
والتَّأَوُّدُ: التَّثَنِّى. وأَوِدَ الشْىءُ أَوَداً فهو أوِدٌ:
أعْوَجَّ، وخَصَّ أبو حَنيفَةَ به القِدْحَ. وأُدْتُ العُودَ
وغيرَه أَوْدًا، فانْآدَ، واَوَّدْتُه فتَأَوَّدَ، كلاهُما:
عُجْتُه وعَطَفْتُه. وآدَ الشَّْيءُ أَوْداً: رَجَع. قالَ ساعِدَةُ
بنُ جُؤَيَّةَ العَجْلانِ:
(أَقَمْتَ بها نَهارَ الصَّيفِ حَتَّى ... رأَيْتَ ظِلالَ آخِرِه
تَؤُدوُ)
وآدَ عليه: عَطَفَ. وأَوْدُ: قَبِيلَةٌ: غيرُمَصْرُوفٍ. وأَوْدٌ:
موَضِعُ بالبادِيَةِ، وقيلَ: وادٍ، وقيلَ: رَمْلَةٌ معروفةٌ: قال
الرّاعِى:
(وأَْصْبَحْنَ قد خَلَّفْنَ أَوْداً وأَصْبَحَتْ ... فِراخُ
الكَثِيبِ ظُلَّعًا وخَرانِقُه)
(9/453)
الدال والياء والواو)
[د وى] الدَّوَى: المَرَضُ، والسُّلُّ، دَوَىَ دَوًى، فهُوَ دَوٍ،
ودَوًى، ومن قالَ، دَوٍ ى ثَنَّى وجَمَعَ وأَنَّثَ، ومن قالَ،
دَوًى أَفْرَدَ في ذِلكَ كُلِّه ولم يُؤَنِّثْ، وقولُه:
(وقَدْ أَقُودُ بالدَّوَى الُمزَمَّلِ ... )
إِنّما عَنَى به المَرِيَضَ من شِدَّةِ النُّعاسِ. وما دُوِّىَ إلا
ثلاثاً حتى ماتَ، أو بَرَأَ، أي: ما مَرَضَ. وأرضٌ دَوِيَةٌ
ودَوِيَّةٌ: غيرُ مُوافِقَةٍ. والدَّوَى: الأَحْمَقُ. والدَّوَى:
اللاّزِمُ مكانَه لا يَبْرَحُ. والدَّواةُ مَعْرَوفَةٌ، والجمعُ:
دَوًى ودُوِىٌّ ودِوِىٌّ. والدِّوايَةُ، والدُّوايَةُ: جُلَيْدَةٌ
رَقِيقَةٌ تَعْلُو اللَّبَنَ والَمرَقَ. وقالَ اللِّحْيانِىُّ:
دُوَايَةُ اللَّبَنِ والهَرِيسَةِ: وهو الَّذِى يَغْلُظُ عليهِ إذا
ضَرَبَتْه الرِّيحُ، فَيصِيرُ مثلَ غِرْقِىء البَيْضِ. وقد دَوَّى
اللَّبَنُ والَمرَقُ. ودَوَّيتُه: أَعْطَيْتُه الدُّوايَةَ.
وأَدْوَيْتُها: أَخَذْتُها فأَكَلْتُها، قال يَزِيدُ بنُ الحَكَم
الثَّقَفِىُّ:
(كما كتَمَتْ داءَ ابْنها أُمُّ مُدَّوِى ... )
ولَبَنٌ داوٍ، وذُو دُوايَةٍ. والدُّوايَةُ في الأَسْنانِ:
كالطُّرَامَة، قالَ:
(أَعْدَدْتُه لِيفكَ ذِى الدُّوَايَهُ ... )
ودَوَّى الماءُ: عَلاهُ مِثْلَ الدُّوَايَةِ ممّا تَسْفِى الرِّيحُ
فيه.
(9/454)
ومَرَقَةٌ داوِيَةٌ، ومُدَوِّيَةٌ:
كَثِيرَةُ الإهالَةِ. وطَعامٌ دَاوٍ، ومَدَوٍّ: كَثِيرٌ. وقولُه -
أنشده ابنُ الأَعرابِىٍّ _:
(ولا أَرْكَبُ الأَمْرَ المُدَوِّىَ سادِراً ... بَعْمياءَ حَتّى
أسْتَبينَ وأُبْصِراَ)
يجوزُ أن يَعْنِىَ الأَمْرَ الّذِى لا يَعْرِفُ ما وَراءه، كأَنَّه
دُونَه دُوَايَةٌ قد غَطَّتْهُ وسَتَرَتْه، ويجُوزُ أن يكونَ من
الدّاء، فهو على هذا مَهْمُوزٌُ. وما بِها دُوِّىٌّ: أى ما بِها
أَحَدٌ. وداوَيْتُ السَّقِيمَ: عانَيْتُه. والدِّواءُ والدَّواءُ،
والدُّواءُ، الأَخيرةُ عن الهَجَرِىٍّ: ما دَاوَيْتَهُ به، وقولُ
العَجّاجِ:
(وفاحِمٍ دُوِّى حَتّى اعْلَنْكَسَا ... )
إِنَّما أرادَ: عُوفِيَ بالأَدْهانِ ونَحْوِها من الأَوْدِيَةَ
حتّى أَثَّ وكَثُرَ. والدَّواءُ: الطَّعامُ. ودَاوَيْتُ الفَرَسَ:
صَنَعْتُها. والدَّوِىُّ: الصَّوْتُ، وخَصَّ بعضهُم به صَوْتَ
الرَّعْدِ. وقد دَوَّى. والدَّايَةُ: الظِّئْرُ. حكاه ابن جِنِّى،
قال: كلاِهُما عَرَبِىٌّ فَصِيحٌ، وأنشَدَ للفَزَزْدَقِ:
(رَبِيبَةُ داياتٍ ثَلاثٍ رَبَبْنَهَا ... يُلَقِّمْنَهَا من كُلِّ
سُخْنٍ ومُبْرَدِ)
وإِنّما أَثْبَتُّه هُنا لأَنَّ بابَ لَوَيْتُ أكثُر من بابِ
قُوَّةِ وعَيِيتُ.
(مقلوبه)
: [ود ى] الدِّبَةُ: حَقُّ القَتِيلِ: وقد وَدَيْتُه وَدْيًا.
وَوَدَى الفَرَسُ والحِمارُ: أَدْلَى [ليَيُولَ أو ليضربَ] ، وقالَ
بعضُهم: وَدَى لَيبُولَ، وأَدْلَى لَيضْرِبَ، وقِيلَ: وَدَى:
قَطَرَ.
(9/455)
والوَدِىُّ، والوَدْىُ - والتَّخْفِيفُ
أَفْصَحُ -: الماءُ الرَّقِيقُ الأَبْيَضُ الذي يَخْرُجُ في إِثْرِ
البِوْلِ. وودَىَ الشَّىءُ وَدْيًا: سالَ، أنشدَ أبو عَلِىٍّ
الفارِسِىُّ:
(كأنَّ عِرْقَ أَيْرِه إذا وَدَى ... حَبْلُ عَجُوزٍ ضَفَرَتْ
سَبْعَ قُوَى)
والوادِى: كُلُّ مُفْرَجِ بينَ الجِبالِ والتِّلاِل والإكام،
سُمِّىَ بذلك لسَيَلانِه، وقولُه:
(سَيْفْى وما كُنَّا بنجْدٍ وَمَا ... قَرْقَر قُمْرُ الوادِ
بالشّاهِقِ)
حَذَفَ لأَنَّ الحَرْفَ لمّا ضَعْفَ عن تَحَمُّلَ الحَرَكَةِ
الزّائِدَةِ عليه، ولم يَقْدِرْ أن يَتَحامَلَ بنَفْسِه دَعَا إلى
اخْتِرامِه وحَذْفه. وقولُه تعالى: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون}
[الشعراء: 225] ليس يَعْنِى أَوْدِيَةَ الأَرْضِ إنما هو مَثَلٌ
لشعْرِهِمْ وقوِلهم، كما تَقُولُ: أنا لَكَ في وادٍ وأنْتَ لى في
وادٍ، تريد أَنا لكَ في واد من النَّفْعِ، اي: صِنْف من النَّفْع
كَثيرٍ، وأنتَ لِي في مِثْلِه. والمَعْنَى: أَنَّهم يَقُولُونَ في
الذَّمِّ والمَدْحِ، ويَكْذبِوُنَ، فَيمْدَحُونَ الرَّجُلَ
ويَسُبُّونَه بما لَيْسَ فيه، ثم اسْتَثْنَى جَلَّ وعَزَّ
الشُّعَراءَ الذين مَدَحُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم،
ورَدُّوا هِجاءَ من هَجاهُ وهَجا الُمسْلمِينَ، فقالَ: {إلا الذين
آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا} [الشعراء: 227] أي لم
يَشْغَلْهُم الشعرُ عن ذِكرِ اللهِ، ولم يَجْعَلُوه هِمَّتَهُم،
وإنَّما ناضَلَوا عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بأَيْدِيهِم
وأَلْسنَتِهم، فَهَجَوْا من يَسْتَحقُّ الهِجاءَ، وأحَقُّ الخَلْقِ
به من كَذَّبَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهَجَاه. وجاءَ في
التَّفْسِيرِ: أَنَّ الَّذِينَ عَنَى عَزَّ وَجَلَّ بذلِكَ عَبْدُ
الله بن رَواحَةَ، وكَعْبُ بن مالِكٍ، وحَسّانُ بن ثابِتٍ
الأَنْصارِيُّونَ. والجمعُ: أًَوْداءٌ، وأَوْدِيَةٌ، وأَوْدايَةٌ،
قالَ:
(وأَقْطَعُ الأَبْحُرَ والأَوْدَايَهْ ... )
وفي بعضِ النُّسَخِ: ((والأَوادِيَهْ)) ، وهو تصحيفٌ؛ لأَنَّ
قَبْلَه:
(أَما تَرَيْنِي رَجُلاً دِعْكايَهُ ... )
ووَدَيْتُ الأَمْرَ وَدْيًا: قَرَّبْتُه.
(9/456)
وأَوْدَى الرَّجُلُ: هَلَكَ. وأَوْدَى بِه
المَوْتُ: ذَهَبَ، قالَ الأَعْشَى:
(فإِمّا تَرَيْنِى وَلِى لِمَّةٌ ... فإِنَّ الحوادِثَ أَوْدَى
بِها)
أرادَ: أَوْدَتْ بها، فدَكَّرَ على إِرادِةَ الحَدثَانِ. والوَدَى،
مَقْصُورٌ: الهَلاكُ، وقد تَقَدَّمَ في الهَمْزِ. والوَدِىٌّ:
فَسِيلُ النَّخْلِ، واحِدَتُه وَدِيَّةٌ، قالَ الأَنْصارِىُّ:
(نَحْنُ بِغَرْسِ الوَدِىِّ أَعْلَمُنا ... مِنَّا برَكْضِ
الجِيادِ في السُّلَف)
والتَّوْدِيَةُ: الخَشَبةُ التى تُشَدُّ على خِلْفِ النّاقَةِ إذا
صُرَّتْ؛ لئلاَ يَرْضَعَها وَلَدُها، وهو اسمٌ كالتَّنْهِيَةِ.
وودَيَّتُها: شَدَدْتُ عليها التَّوْدِيَةَ.
(باب الرباعي)
(الدال والتاء)
[د ف ت ر] الدِّفْتَرُ، والدَّفْتَرُ، وكلُّ ذلك عن
اللِّحْيانِىِّ، حكاه عنه كُراع: يَعْنِى جَماعَةَ الصُّحُفِ
المَضْمُومَةِ. [ب ت ر د] وبَتْرَدٌ: مَوْضِعٌ.
(الدال والظاء)
[د ل ظ م] الدَّلْظَمُ والدِّلْظِمُ: الهَرِمَةُ الفانِيَةُ.
(9/457)
(الدال والثاء)
[د م ث ر] الدُّماثِرُ: السَّهْلُ من الأَرْضِ. وأرضٌ دِمَثْرَةٌ:
سَهْلَةٌ. [ث ر م د] وثَرْمَدَ اللَّحْمَ: أساءَ عَمَلَه، وقيلَ:
لم يُنْضِجْهُ. وقال أبو حَنِيفَةَ: الثَّرْمَدهُ من الحَمْضِ،
تَسْموُ دُونَ الذِّراعِ، قالَ: وهى أَغْلَظُ من القُلاّمِ [وهى]
أغصانٌ بلا وَرَقٍ، خضراءُ شَدَيِدَةُ الخُضْرَةِ، وإذا تَقادَمَتْ
سِنيِنَ غَلْظَتْ ساقُها، فاتٌّ خذَتْ أَمْشاطًا، لَجوْدَتِهاً
وصَلابَتِها، تَصْلُبُ حتى تَكادَ تُعْجِزُ الحَدِيدَ، ويكونُ
طُولُ ساقِها إِذا تَقادَمَتْ شِبْراً. وثُرْمُدُ وَثَرْمَداءُ.
قالَ حاتِمُ طَيِّىء:
(إِلى الشِّغْب من أَعْلَى مَشارٍ فُثرْمُدٍ ... فبَلْدَة مَبْنَى
سِنْبِسٍ لابْنَةِ الغَمْرِ)
وقالَ عَلْقَمَةُ:
(وما أَنْتَ أَمَّا ذِكْرُها رَبَعيَّةً ... يُخَطُّ لها مَنْ
ثَرْمَداءَ قَلِيبُ)
[د ل ب ث] والدَّلَبُوثُ: نبْتٌ أَصْلُه وَرَقُه، مثلُ نباتِ
الزَّعْفرانِ سواء، وبَصَلَتُه في لِيفَةٍ، وهى تُطْبَخُ
بالَّلبَنِ وتُؤْكَل. حكاهُ أَبو حَيْنفَةَ: [د ل ث م]
والدَّلْثَمُ والدُّلاثِمُ: السَّرِيع. [ث ن د أ] والثُّنْدُؤَةُ،
لغة في الثُنْدُوِةَ، وقد تَقَدَّم.
(الدال والراء)
[د ر د ب] الدَّرْدَبَةُ: عَدْوٌ كعَدْو الخائِفِ.
(9/458)
والدَّرْدابُ: صوتُ الطَّبْلِ. [د ر د م]
ومَرَةٌ دَرْدَمٌ: تَذَهَبُ وتَجِىءُ باللّيْلِ. [ف ن د ر]
والِفنْدِيرَةُ، قطْعَةٌ ضخمة من تَمْرٍ. والفِنْدِيِرَةُ: صَخْرَة
تَنْقَلِعُ من عُرْضِ الجَبَلِ. [ف ر ن د] والفِرِنْدُ: وَشْىُ
السَّيفِ، وهو دَخِيلٌ. والفِرنْدُ: السّيْفُ نَفْسُه، قال
جَرِيرٌ:
(وقَدْ قَطَعَ الحَديِدَ فَلا تُمارُوا ... فِرِنْدٌ لا يُفَلُّ
ولا يَذُوبُ)
ويَجوُز أن يكونَ أَرادَ: ذُو فِرنْدٍ، فحَذَف المَضافَ، وأقامَ
المُضافَ إِليه مُقامَه. والِفِرنْدُ: الوَرْدُ الأَحْمَرُ. [د ر ب
ل] والدَّرْبَلَةُ: ضربٌ من مَشْىِ الإنسانِ، فيهِ ثِقَلٌ. [د ر ب
ن] والدِّرْبانُ والدَّرْبانُ: البَوَّابُ، فارسِيَّةٌ، عن كُراع.
قال المُثَقِّبُ العَبْدِىُّ:
(فأَبْقَى باطِلِى والجِدُّ منها ... كدُكّانِ الدَّرابنَةِ
المَطِينِ)
[ب ن د ر] والبَنادِرَةُ: تُجّارٌ يَلْزَمُونَ المَعادِنَ. [ب ر ن
د] وسَيْفٌ بِرَنْدٌ: عليه أَثَرٌ قَدِيمٌ، عن ثَعْلَبٍ،
وأَنْشَدَ:
(أحْمِلُها وعِجْلَةً وزاداً ... )
(وصارِماً ذَا شُطَب حُدادَا ... )
(9/459)
(سَيْفاً بِرِنْداً لم يَكُنْ مِعْضادَا
... )
والمُبَرِنْدَةُ من النِّساءِ: التى يَكْثُرُ لَحْمها. [ن م ر د]
ونُمْرُودٌ: مَلِكٌ مَعْروفٌ. وكأَنَّ ثَعْلباً ذهبَ إِلى
اشْتِقاقِه من التَّمَرُّدِ، فهُوَ على هذا ثُلاثِىٌّ.
(الدال واللام)
[ن أد ل] النِّئْدِلُ: الدّاهِيَةُ. [ب ل د م] والبَلْدَمُ:
مُقَدَّمُ الصَّدْرِ، وقيل: الحُلْقُومُ وما اتَّصَلَ به من
الَمرِىءِ. وقيلَ: هي بالذّالِ. وبَلْدَمَ الرَّجُلُ بَلْدَمِةً:
فَرِقَ فسَكَتِ. والبَلْنَدم، والبَلْدَمُ، والبِلْدَامَةُ:
الثَّقِيلُ المَنْظَرِ البَلِيدُ. والبَلْتَمُ: لُغَةٌ في ذلك
أَُرَى. وسَيْفٌ بَلْدَمٌ: لا يَقْطَعُ. [ب أد ل] والبَأْدَلَةُ:
اللَّحْمَةُ بين الإِبطِ والثُّنْدُوَةِ كُلِّها، وقِيلَ: هي
أَصْلُ الثَّدْىِ. وقِيلَ: ما بَيْنَ العُنُقِ إِلى التَّرْقُوَةِ.
وقِيلَ: هي جانِبُ المَأْكَمَةِ، وقِيلَ: هي لَحْمُ الثَّدْيَيْنَ.
وقِيلَ: هي ثُلاِثَّيةٌ لقولهم: بَدِلَ: إِذا شَكَا ذِلَك، وقد
تقدم. والبَأْدَلَةُ: مِشْيَةٌ سَرِيعَةٌ.
(الدال والنون)
[د ن د م] الدِّنْدِمُ: النَّبْتُ القَديِمُ المُسْوَدُّ،
كالدِّنْدِنِ، بلُغَةِ بنى أَسَدْ، ولولاَ أنه قالَ: بلُغَةِ بنى
أَسَدِ، لجَعَلْتُ ميمَ الدِّنْدِمِ بَدَلاً من نُون الدِّنْدِنِ.
(انتهى الرباعى بتمام حرف الدال)
(9/460)