النهاية في غريب الحديث
والأثر حرف التاء
باب التاء مع الهمزة
(تأد)
(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
«قَالَ لَهُمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَيْدَكُمْ» أَيْ عَلَى
رِسْلِكم، وَهُوَ مِنَ التُّؤْدَة، كأنَّه قَالَ الْزمُوا تُؤَدَتَكم.
يُقَالُ تَئِدَ تَأْداً، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ تَأَدَكُمْ،
فَأَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ يَاءً. هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى.
وَالَّذِي جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: اتَّئِدْ أنْشُدكم بِاللَّهِ، وَهُوَ أمْر بالتُّؤدة:
التَّأنّي. يُقَالُ اتَّأَدَ فِي فِعْلِهِ وقولِه، وتَوَأَّدَ إِذَا
تأنَّى وتَثَبَّت وَلَمْ يَعْجَل. واتَّئِدْ فِي أمْرك: أَيْ تَثَبَّت.
وَأَصْلُ التَّاءَ فِيهَا واوٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
(تَأَرَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَأَتْأَرَ إِلَيْهِ النَّظَرَ»
أَيْ أحَدَّه إِلَيْهِ وحقَّقَه.
(تَأَقَ)
(س [هـ] ) فِي حَدِيثِ الصِّرَاطِ «فَيَمُرُّ الرَّجُل كشَدّ الْفَرس
التَّئِق الجَواد» أَيِ الْمُمْتَلِئُ نَشَاطًا. يُقَالُ أَتْأَقْتُ
الْإِنَاءَ إِذَا مَلأتَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَتْأَقَ الْحِيَاضَ بِموَاتِحه» .
(تَأَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُمير بْنِ أفْصَى «مُتْئِم أَوْ مُفْرِد» يُقَالُ
أَتْأَمَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ مُتْئِم؛ إِذَا وضَعت اثْنَيْنِ فِي
بَطْنٍ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَتَهَا فَهِيَ مِتْآم. والوَلَدَان
تَوْأَمَان. وَالْجَمِيعُ تُؤَام وتَوَائِم. والمُفْرد: الَّتِي تَلِدُ
وَاحِدا.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْبَاءِ
(تَبَبَ)
- فِي حَدِيثِ أَبِي لَهَبٍ «تَبّاً لَك سَائِرَ اليَوْمِ أَلِهَذَا
جَمعتنا؟» التَّبُّ: الْهَلَاكُ. يُقَالُ تَبَّ يَتِبُّ تَبّاً، وَهُوَ
مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمر مَتْروك الْإِظْهَارِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ
ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «حَتَّى اسْتَتَبَّ لَهُ مَا حَاوَلَ فِي
أَعْدَائِكَ» أَيِ اسْتَقام واسْتَمرّ.
(تَبَتَ)
(س) فِي حَدِيثِ دُعَاءِ قِيَامِ اللَّيْلِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي
قَلْبِي نُورًا- وَذَكَرَ سَبْعاً- فِي
(1/178)
التَّابُوت» أرادَ بالتَّابُوت
الْأَضْلَاعَ وَمَا تَحْوِيه كَالْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَغَيْرِهِمَا
تَشْبِيهًا بِالصُّنْدُوقِ الَّذِي يُحْرز فِيهِ الْمَتَاعُ، أَيْ
أَنَّهُ مكْنُون مَوْضُوعٌ فِي الصُّندوق.
(تَبَرَ)
(س [هـ] ) فِيهِ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُها وعينها، والفضّة
وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُها وعيْنها» التِّبْر
هُوَ الذَّهَبُ والفِضَّة قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَا دَنَانِيرَ
وَدَرَاهِمَ، فَإِذَا ضُرِبَا كَانَا عَيْناً، وَقَدْ يُطلق التِّبْر
عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ المعْدِنيَّات كَالنُّحَاسِ والحَدِيد
والرَّصَاص، وَأَكْثَرُ اخْتِصاصه بِالذَّهَبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يجعلُه
فِي الذهَب أَصْلًا وَفِي غَيْرِهِ فَرْعا ومجَازا.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «عَجْزٌ حاضرٌ وَرأي
مُتَبِّر» أَيْ مُهلِك. يُقَالُ تَبَّرَهُ تَتْبِيراً أَيْ كسَره
وأهلكَه. والتَّبَار: الهَلاك. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تَبِعَ)
(س) فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيع» التَّبِيع
وَلد البَقرة أوَّلَ سَنَةٍ.
وبقَرَة مُتْبِع: مَعَهَا ولدُها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فُلَانًا اشْتَرَى مَعْدِنا بِمِائَةِ
شَاةٍ مُتْبِع» أَيْ يَتْبَعُها أولادُها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ «وَكُنْتُ تَبِيعاً لِطَلْحَةَ بْنِ
عُبَيْدِ اللَّهِ» أَيْ خَادِمًا. والتَّبِيع الَّذِي يَتْبعك بِحَقّ
يُطالِبك بِهِ.
(هـ س) . وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَوالة «إِذَا أُتْبِعَ أحدُكم عَلَى
مَلِيءٍ فَلْيُتْبِعْ» أَيْ إِذَا أحِيل عَلَى قَادِرٍ فليَحْتل. قَالَ
الْخَطَّابِيُّ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ اتُّبع بتَشديد
التَّاء، وَصَوَابُهُ بسكُون التَّاء بِوَزْنِ أُكْرِم، وَلَيْسَ هَذَا
أَمْرًا عَلَى الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّفْق وَالْأَدَبِ
وَالْإِبَاحَةِ.
[هـ] وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا
الْمَالُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَبِعَة منْ طالِب وَلَا ضَيْف؟ قَالَ:
نِعْم الْمَالُ أَرْبَعُونَ، وَالْكَثِيرُ «1» سِتُّون» : يُريد
بالتَّبِعَة مَا يَتْبَع المالَ مِنْ نَوَائِب الْحُقُوقِ. وَهُوَ مِنْ
تَبِعْتُ الرجُل بِحَقّي.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الأشعَري «اتَّبِعُوا الْقُرْآنَ وَلَا
يَتَّبِعَنَّكُمْ» أَيِ اجْعَلُوهُ أَمَامَكُمْ ثُمَّ اتْلُوه،
وَأَرَادَ: لَا تَدَعُوا تِلاَوته والْعَمَل بِهِ فَتَكُونُوا قَدْ
جَعَلْتُمُوهُ ورَاءَكُم. وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَطْلُبَنَّكم
لتَضْييعكم إِيَّاهُ كَمَا يَطْلب الرجُل صاحِبَه بالتَّبِعًة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «بَيْنَا أَنَا أقْرأ آيَةً فِي سِكَّة
مِنْ سِكَك الْمَدِينَةِ، إِذْ سَمِعْتُ صوتاً من
__________
(1) في اوالهروى: والكثر، بضم الكاف وتسكين الثاء المثلثة.
(1/179)
خَلْفي: أَتْبِعْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ،
فالتَفتُّ فَإِذَا عُمر، فَقُلْتُ أتْبِعُك عَلَى أبَيّ بْنِ كَعْبٍ»
أَيْ أسْنِدْ قِراءتَك مِمَّنْ أخذْتها، وأحِلْ عَلَى مَنْ سَمِعتها
مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «تَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَلَى
الْخَيْرَاتِ» أَيِ اجْعَلنا نَتَّبِعُهم عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي وَاقِد «تَابَعْنَا الْأَعْمَالَ فَلَمْ
نَجِد فِيهَا أَبْلَغَ مِنَ الزُّهْد» أَيْ عَرَفْناها وأحكمْناها.
يُقَالُ للرجُل إِذَا أتْقَن الشَّيْءَ وَأَحْكَمَهُ: قَدْ تَابَعَ
عملَه.
(س) وَفِيهِ «لَا تَسُبُّوا تُبَّعا فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ كسَا
الْكَعْبَةَ» تُبَّع مَلِكٌ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ، قِيلَ اسْمُهُ
أسْعَد أَبُو كَرِب، والتَّبَابِعَة: مُلُوكُ الْيَمَنِ. قِيلَ كَانَ
لَا يُسمَّى تُبَّعا حَتَّى يَمْلِكَ حضرمَوْت وسَبأ وحِمير.
(س) وَفِيهِ «أَوَّلُ خَبَرٍ قَدِم الْمَدِينَةَ- يَعْنِي مِنْ
هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرأةٌ كان
لهَا تَابِع من الجِنّ» التابع ها هنا جِنّي يتْبع الْمَرْأَةَ
يُحبُّها. والتَّابِعَة جِنّيَّةٌ تتْبع الرجُل تُحِبُّه.
(تَبَلَ)
(س) فِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
بَانتْ سُعادُ فَقَلْبِي اليومَ مَتْبُول
أَيْ مُصاب بِتَبْلٍ، وَهُوَ الذَّحْل والعَدَاوة. يُقَالُ قلبٌ
مَتْبُول إِذَا غَلَبَهُ الحُب وَهَيَّمَهُ.
(هـ) وَفِيهِ «ذِكر تَبَالَة» هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ
الْبَاءِ: بَلد بِالْيَمَنِ مَعْرُوفٌ «1» .
(تَبَنَ)
فِيهِ «إِنَّ الرجُل لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يُتَبِّنُ فِيهَا
يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ» هُوَ إغْماض الْكَلَامِ والجدَلُ فِي
الدِّينِ. يُقَالُ قَدْ تَبَّنَ يُتَبِّنُ تَتْبِيناً إِذَا أَدَقَّ
النَّظر. والتَّبَانَة:
الفطْنَة وَالذَّكَاءُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَالِمٍ «كُنَّا نَقُولُ: الْحَامِلُ
الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زوجُها يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ جَمِيعِ
الْمَالِ حَتَّى تَبَّنْتُمْ» أَيْ دقَّقْتُم النَّظر فَقُلْتُمْ
غَيْرَ ذَلِكَ.
__________
(1) في المثل: «أهون من تبالة على الحجاج، وكان عبد الملك ولاه إياها،
فلما اتاها استحقرها فلم يدخلها.
(1/180)
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «صَلَّى رجُل فِي
تُبَّان وَقَمِيصٍ» التُّبَّان سراويلُ صغيرٌ يَسْتر الْعَوْرَةَ
المغلَّظة فقط، ويُكثر لُبْسَه الملاَّحون، وأراد به ها هنا
السَّرَاويل الصَّغِيرَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمّار «أَنَّهُ صَلَّى فِي تُبَّان وَقَالَ
إِنِّي مَمْثُون» أَيْ يشتكي مثانَتَه.
وفي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ «وَأَشْرَبُ التِّبْن مِنَ
اللبَن» التِّبْن- بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ- أَعْظَمُ
الْأَقْدَاحِ يَكَادُ يُروي الْعِشْرِينَ، ثُمَّ الصَّحن يُروي
الْعَشَرَةَ، ثُمَّ العُسّ يُروي الثَّلَاثَةَ، وَالْأَرْبَعَةَ، ثُمَّ
القَدح يُروي الرَّجُلَيْنِ، ثُمَّ القَعْب يُروي الرجُل.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «أَنَّهُ كَانَ
يلْبَسُ رِداء مُتَبَّناً بِالزَّعْفَرَانِ» أَيْ يُشْبه لَونُهُ
لَوْنَ التِّبْن.
بَابُ التَّاءِ مَعَ التَّاءِ
(تَتَرَ)
- فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا بَأْسَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ
تَتْرى» أَيْ مُتَفرّقا غَيْرَ مُتَتَابِعٍ، وَالتَّاءُ الْأُولَى
مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وهو من المُوَاترة. والتَّواتُر: أن يجيءَ
الشَّيءُ بعْد الشَّيْءِ بِزَمَانٍ، ويُصْرفُ تَتْرى وَلَا يُصْرف،
فَمَنْ لَمْ يَصْرِفْهُ جَعَلَ الْأَلِفَ لِلتَّأْنِيثِ كغَضْبَى،
وَمَنْ صَرَفَهُ لَمْ يَجْعَلْهَا لِلتَّأْنِيثِ كَأَلِفِ مِعْزَى.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْجِيمِ
(تَجِرَ)
- فِيهِ «إنَّ التُّجَّار يُبْعَثون يومَ الْقِيَامَةِ فُجَّارا إلَّا
مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وبَرَّ وَصَدَقَ» سَمَّاهُمْ فُجَّاراً لِمَا فِي
الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنَ الأَيمان الْكَاذِبَةِ والغَبن والتَّدليس
وَالرِّبَا الَّذِي لَا يتحَاشاه أكثرهُم، وَلَا يَفْطُنُون لَهُ،
وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ: إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ
وصَدَق. وَقِيلَ أَصْلُ التَّاجِر عِنْدَهُمُ الخمَّار اسمٌ
يَخُصُّونَهُ بِهِ مِنْ بَيْنِ التُّجار. وَجَمْعُ التَّاجِرِ تُجَّار
بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، وتِجَار بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ،
وَبِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «كُنَّا نتحدَّث أنَّ التَّاجِر
فَاجِرٌ» .
(1/181)
وَفِيهِ «مَنْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا
فيُصَلّي مَعَهُ» هَكَذَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ؛ وَهُوَ يَفتَعِل مِنَ
التِّجَارَة لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ، وَلَا يَكُونُ
مِنَ الْأَجْرِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ لَا
تُدْغم فِي التَّاءِ؛ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ يأْتَجِرُ وَقَدْ
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(تَجِفُّ)
- فِيهِ «أَعَدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفافاً» التِّجْفَافُ مَا يُجلَّلُ
بِهِ الفَرس مِنْ سِلَاحٍ وَآلَةٍ تَقيه الجراحَ. وَفَرَسٌ مُجَفَّف
عَلَيْهِ تِجْفاف. وَالْجَمْعُ التَّجافيف، وَالتَّاءُ فِيهِ
زَائِدَةٌ. وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا حمْلا عَلَى لَفْظِهِ.
(تَجِهَ)
- فِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ «وَطَائِفَةٌ تُجَاه العَدُوّ» أَيْ
مُقابلهم وحِذَاءَهم، وَالتَّاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنْ وَاو وِجَاه، أَيْ
مِمَّا يَلِي وجُوهَهُم.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْحَاءِ
(تَحْتَ)
- فِيهِ «لَا تَقُوم السَّاعَةُ حَتَّى يَهْلِك الْوُعُولُ وَتَظْهَرَ
التُّحُوت» التُّحُوت:
الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ لَا يُعْلَمُ بِهِمْ
لحقَارَتِهِم. وجعَل تَحْتَ الَّذِي هُوَ ظَرْفٌ نَقِيضُ فَوق اسْماً
فأدْخل عَلَيْهِ لامَ التَّعريف وجمعَه. وَقِيلَ أَرَادَ بظُهور
التُّحُوتِ ظُهُور الكُنُوز الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ- وَذِكْرُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ-
فَقَالَ: «وإنَّ مِنْهَا أَنْ تَعْلُوَ التُّحُوت الْوُعُولَ» أَيْ
يَغْلب الضُّعفاء مِنَ النَّاسِ أقْويَاءَهم، شبَّه الأشْراف بالوُعول
لِارْتِفَاعِ مَسَاكِنِهَا.
(تَحَفَ)
- فِيهِ «تُحْفَة الصَّائِمِ الدُّهْن والمِجْمَر» يَعْنِي أَنَّهُ
يُذهب عَنْهُ مشَقَةَ الصَّوْمِ وشِدَّته.
والتُّحْفَة: طُرْفة الْفَاكِهَةِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الحاءُ،
وَالْجَمْعُ التُّحَف ثُمَّ تُستعملُ فِي غَيْرِ الفاكهةِ مِنَ
الألْطاف والنَّعَص «1» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَصْلُ تُحْفَة وُحْفة،
فأبدِلَت الواوُ تَاءً، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مِنْ حَرْفِ الْوَاوِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي عَمْرَةَ فِي صِفَةِ التَّمر «تُحْفَة الكبير
وصُمْتَة الصغير» .
__________
(1) يقال: ما أنعصه بشيء: أي ما أعطاه. (تاج العروس- نعص) .
(1/182)
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تُحْفَة
الْمُؤْمِنِ الموتُ» أَيْ مَا يُصيب المؤمنَ فِي الدُّنْيَا مِنَ
الأذَى وَمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي لَا يَصِلُ
إِلَيْهِ إِلَّا بِالْمَوْتِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ قُلْتُ إذْ مَدَحُوا الْحَيَاةَ فأسْرَفُوا ... فِي الموْت ألفُ
فَضيلَة لَا تُعْرفُ
مِنْهَا أَمَانُ عَذَابِهِ بلِقَائه ... وفِرَاقُ كُلِّ مُعاشر لَا
يُنْصِفُ
وَيُشْبِهُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «الْمَوْتُ رَاحَةُ الْمُؤْمِنِ» .
(تَحَا)
(هـ) فِيهِ «التَّحيَّات لِلَّهِ» التَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّة،
قِيلَ أَرَادَ بِهَا السَّلَامَ، يُقَالُ حَيَّاكَ اللَّهُ: أَيْ سَلم
عَلَيْكَ. وَقِيلَ: التَّحِيَّةُ المُلك. وَقِيلَ الْبَقَاءُ. وإنَّما
جَمَعَ التَّحِيَّةَ لِأَنَّ مُلُوكَ الْأَرْضِ يُحَيَّوْنَ بتحيَّات
مُخْتَلِفَةٍ، فَيُقَالُ لِبَعْضِهِمْ أبَيْتَ اللَّعْنَ،
وَلِبَعْضِهِمْ أنْعم صَبَاحًا، وَلِبَعْضِهِمْ اسْلَم كَثِيرًا،
وَلِبَعْضِهِمْ عشْ أَلْفَ سَنَةٍ، فَقِيلَ للمُسْلمين قُولُوا
التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، أَيِ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَدُل عَلَى
السَّلَامِ والمُلْك وَالْبَقَاءِ هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَالتَّحِيَّةُ تَفْعلة مِنَ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا أدْغمت
لِاجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ، وَالْهَاءُ لَازِمَةٌ لَهَا، وَالتَّاءُ
زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ
لَفْظِهَا.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْخَاءِ
(تَخِذَ)
- فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عليهما السلام «قالَ لَوْ شِئْتَ
لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً» يُقَالُ: تَخِذَ يَتْخَذُ، بوزْن سَمِع
يَسْمَع، مِثْلُ أخذ يأخذ. وقرئ اتخذت ولَاتَّخَذْتَ. وَهُوَ افْتعلَ
مِنْ تَخِذَ فأدْغم إحْدى التاءَيْن فِي الْأُخْرَى، وَلَيْسَ مِنْ
أخَذ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ الِافْتِعَالَ مِنْ أخَذ ائْتَخَذَ؛ لِأَنَّ
فاءهَا هَمْزَةٌ وَالْهَمْزَةُ لَا تُدْغَم فِي التَّاءِ. وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: الِاتِّخَاذُ، افْتِعَالٌ مِنَ الأخْذ، إِلَّا أَنَّهُ
أدْغم بَعْدَ تَلْيين [الْهَمْزَةِ «1» ] وَإِبْدَالِ التَّاءِ، ثُمَّ
لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ بلفْظ الِافْتِعَالِ تَوَهَّمُوا أن
التاء أصلية فبَنَوا منه فَعِل يَفْعَل، قَالُوا تَخِذ يَتْخَذُ،
وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ.
(تَخَمَ)
[هـ] فِيهِ «مَلْعُونٌ مَنْ غيَّر تُخُوم الْأَرْضِ» أَيْ مَعالِمَها
وحُدُودَها، واحدُها تُخْم.
__________
(1) الزيادة من ا.
(1/183)
وَقِيلَ أَرَادَ بِهَا حُدُودَ الحرَم
خَاصَّةً. وَقِيلَ هُوَ عامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ. وَأَرَادَ
الْمَعَالِمَ الَّتِي يُهتدى بِهَا فِي الطُّرُقِ. وَقِيلَ هُوَ أَنْ
يَدْخل الرَّجُلُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَيَقتطعه ظُلْما. وَيُرْوَى
تَخُوم الْأَرْضِ؛ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْإِفْرَادِ، وَجَمْعُهُ
تُخُم بِضَمِّ التَّاءِ وَالْخَاءِ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الرَّاءِ
(تَرِبَ)
(س) فِيهِ «احْثُوا فِي وُجُوهِ المدَّاحِين التُرَاب» قِيلَ أَرَادَ
بِهِ الرَّدَّ والخَيْبة، كَمَا يُقَالُ لِلطَّالِبِ المردُودِ
وَالْخَائِبِ: لَمْ يُحَصِّلْ فِي كَفِّهِ غَيْرَ التُّرَابِ،
وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«وَلِلْعَاهِرِ الحَجَر» . وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ التُّرَابَ خاصَّة،
وَاسْتَعْمَلَهُ المِقْداد عَلَى ظَاهِرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ
عِنْدَ عُثْمَانَ فَجَعَلَ رجُل يُثْني عَلَيْهِ، وَجَعَلَ المِقْداد
يَحْثُو فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا
تَفْعَلُ؟ فَقَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ «احْثُوا فِي وُجُوهِ المدَّاحين التُّرَابَ»
وَأَرَادَ بالمدَّاحين الَّذِينَ اتَّخَذوا مدْح النَّاسِ عَادَةً
وَجَعَلُوهُ صِنَاعة يَسْتأكِلُون بِهِ الْمَمْدُوحَ، فَأَمَّا مَن
مَدَح عَلَى الْفِعْلِ الحسَن والأمْر الْمَحْمُودِ تَرْغيبا فِي
أَمْثَالِهِ وتَحْريضا لِلنَّاسِ عَلَى الاقْتِداء بِهِ فِي
أَشْبَاهِهِ فَلَيْسَ بِمَدَّاحٍ، وَإِنْ كَان قَدْ صَارَ مَادِحًا
بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنْ جَمِيلِ الْقَوْلِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «إِذَا جَاءَ مَن يطْلب ثَمن الْكَلْبِ
فامْلأْ كفَّه تُرَاباً» يَجُوزُ حملُه عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
(هـ) وَفِيهِ «عليكَ بِذَات الدِّينِ تَرِبَتْ يدَاك» تَرِبَ الرجُل،
إِذَا افْتَقَر، أَيْ لَصِق بالتُّراب.
وأتْرَبَ إِذَا اسْتَغْنَى، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ جَارِيَةٌ عَلَى
ألْسِنة الْعَرَبِ لَا يُريدون بِهَا الدُّعَاءَ عَلَى المُخاطَب وَلَا
وُقُوع الْأَمْرِ بِهِ، كَمَا يَقُولُونَ قَاتَلَهُ اللَّهُ. وَقِيلَ
مَعْنَاهَا لِلَّهِ دَرُّك. وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ المَثَل ليَري
المأمُورُ بِذَلِكَ الجدَّ وَأَنَّهُ إِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ أَسَاءَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ دُعاء عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ
قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تَربَتْ يَمينُك؛ لِأَنَّهُ
رَأَى الْحَاجَةَ خَيْرًا لَهَا، وَالْأَوَّلُ الْوَجْهُ، ويَعضُده
قَوْلُهُ:
(هـ) فِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ «أنْعِم صَباحا تَرِبَتْ يَدَاكَ» فَإِنَّ
هَذَا دُعاء لَهُ وتَرْغِيب فِي اسْتِعْمَالِهِ مَا تَقَدَّمَتِ
الوصِيَّة بِهِ، أَلَا تَراه قَالَ أنعم صباحا، ثم عَقبه بترتب
يَدَاكَ. وَكَثِيرًا تَرِد لِلْعَرَبِ
(1/184)
أَلْفَاظٌ ظاهِرُها الذمُّ، وَإِنَّمَا
يُريدون بِهَا المدْح كَقَوْلِهِمْ: لَا أبَ لَكَ وَلَا أمَّ لَكَ،
وهوَتْ أمُّه «1» ، وَلَا أرْض لَكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابا وَلَا فحَّاشاً، كَانَ يَقُولُ
لِأَحَدِنَا عِنْدَ المُعاتبة: تَرِبَ جَبِينُه» قِيلَ أَرَادَ بِهِ
دُعاء لَهُ بِكَثْرَةِ السُّجود.
(س) فأمَّا قَوْلُهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ «تَرِبَ تحرك» فقُتِل الرجُل
شَهِيدًا، فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فرجُل
تَرِبٌ لَا مالَ لَهُ» أَيْ فَقِيرٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَئن وَلِيتُ بَنِي أمَيَّة لأنْفُضَنَّهم
نَفْضَ القَصَّاب التِّرَاب الوَذِمَة» التِّرَاب جَمْعُ تَرْب
تَخْفِيفُ تَرِب، يُرِيدُ اللحُوم الَّتِي تعَفَّرت بسُقوطِها فِي
التُّرَابِ، والوَذِمَة المُنْقَطِعة الأوْذَامِ، وَهِيَ السُّيُور
الَّتِي يُشَدُّ بِهَا عُرَى الدَّلْوِ. قَالَ الأصْمَعي: سَأَلَنِي
شُعبة «2» عَنْ هَذَا الْحَرْفِ، فقلت: ليس هو هكذا، إنما هو نَفْضُ
القصَّاب الوِذَام التَّرِبَة، وَهِيَ الَّتِي قَدْ سقَطت فِي
التُّراب، وَقِيلَ الكُروش كُلُّهَا تُسَمَّى تَرِبَة؛ لِأَنَّهَا
يَحْصُلُ فِيهَا التُّراب مِنَ المَرْتع، وَالْوَذِمَةُ الَّتِي أُخْمل
باطِنُها، وَالْكُرُوشُ وَذِمَة لِأَنَّهَا مُخملَة وَيُقَالُ لخَملها
الوذَم. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَئِنْ وَلِيتُهم لأطَهِّرنَّهم مِنَ
الدَّنَس، ولأطَيّبَنَّهم بَعْدَ الْخَبَثِ. وَقِيلَ أَرَادَ
بِالْقَصَّابِ السَّبُعَ، والتِّراب أصْل ذِراع الشَّاةِ، والسّبُعُ
إِذَا أَخَذَ الشَّاةَ قَبض عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ نَفَضَهَا.
(هـ) وَفِيهِ «خَلق اللَّهُ التُّرْبَة يَوْمَ السَّبْتِ» يَعْنِي
الْأَرْضَ. والتُّرْب والتُّرَاب والتُّرْبَة واحدٌ، إلاَّ أَنَّهُمْ
يُطْلقون التُّربة عَلَى التَّأْنِيثِ.
وَفِيهِ «أَتْرِبُوا الْكِتَابَ فَإِنَّهُ أنْجَح لِلْحَاجَةِ» يُقَالُ
أتْربْتُ الشَّيْءَ إِذَا جَعَلْتَ عَلَيْهِ التُّرَابَ.
__________
(1) أنشد الهروى:
هوتْ أُمُّه! مَا يَبعثُ الصُّبْحُ غادِياً ... وَمَاذَا يؤدِّي الليلُ
حين يؤوبُ
قال: «فظاهره أهلكه الله. وباطنه لله دره. وهذا المعنى أراده الشاعر في
قوله:
رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذى ... وفي الغُرِّ من
أنيابهَا بالقوادحِ
أراد: لله درها، ما أحسن عينيها. وأرد بالغرّ من أنيابها: سادات أهل
بيتها.
(2) الذي في اواللسان: سألت شعبة ... فقال:
(1/185)
وَفِيهِ ذِكْرُ «التَّرِيبَة» وَهِيَ أعْلى
صَدْرِ الْإِنْسَانِ تَحْتَ الذَّقَن، وَجَمْعُهَا التَّرَائب.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «كنَّا بتُرْبَان»
هُوَ مَوْضِعٌ كَثِيرُ الْمِيَاهِ، بيْنه وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ نَحْوُ
خَمْسَةِ فَرَاسِخَ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ «تُرَبَة» ، وَهُوَ
بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ: وَادٍ قربَ مَكَّةَ عَلَى
يَوْمَيْنِ مِنْهَا.
(تَرِثُ)
- فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وَإِلَيْكَ مَآبِي وَلَكَ تُرَاثي»
التُّراث: مَا يُخَلِّفه الرجُل لِوَرَثَتِهِ، وَالتَّاءُ فيه بدل من
الواو، وذكرناها هَاهُنَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ.
(تَرَجَ)
(هـ) فِيهِ «نَهَى عَنْ لُبْس القَسِّيِّ المُتَرَّج» هُوَ
الْمَصْبُوغُ بِالْحُمْرَةِ صَبْغا مُشْبَعا.
(تَرْجَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ «إِنَّهُ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ»
التُّرْجُمَان بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ: هُوَ الَّذِي يُتَرْجِمُ
الْكَلَامَ، أَيْ يَنْقُله مِنْ لُغَة إِلَى لُغَةٍ أُخْرَى.
وَالْجَمْعُ التَّرَاجِم. وَالتَّاءُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تَرَحَ)
(س) فِيهِ «مَا مِنْ فَرْحَة إِلَّا وتَبِعَها تَرْحَة» التَّرَح ضِدّ
الفَرَح، وَهُوَ الهَلاك وَالِانْقِطَاعُ أَيْضًا. والتَّرْحَة
الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ.
(تَرَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ زِمْل «رَبْعَة مِنَ الرِّجَالِ تَارّ»
التَّارُّ: المُمتَلئ الْبَدَنِ.
تَرَّ يَتِرُّ تَرَارَةً.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ أتِي بِسَكْران فَقَالَ
تَرْتِرُوه ومَزْمِزُوه» أَيْ حَرِّكُوهُ لِيُسْتَنْكَهَ هَلْ يُوجَدُ
مِنْهُ رِيحُ الْخَمْرِ أَمْ لَا. وَفِي رِوَايَةٍ تَلْتِلُوه،
وَمَعْنَى الكُلِّ التَّحريكُ.
(تَرَزَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يكثُر
التُّرَاز» هُو بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ:
مَوْت الْفَجأة. وَأَصْلُهُ مِنْ تَرَزَ الشيءُ إِذَا يَبِس.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي كَانَ يسْتقي
لِلْيَهُودِ «كُلُّ دَلْو بِتَمْرة واشْتَرط أَنْ لَا يَأْخُذَ
تَمْرَةً تَارِزَة» أَيْ حَشَفة يَابِسَةً. وكلُّ قَويّ صُلْبٍ يَابِسٍ
تَارِزٌ. وسُمّي الْمَيِّتُ تَارِزاً ليُبْسه.
(1/186)
(تَرَصَ)
(هـ) فِيهِ «لَوْ وُزِنَ رَجَاءُ الْمُؤْمِنِ وخوفه بميزان تَرِيص
مازاد أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ» التَّرِيص- بِالصَّادِ
الْمُهْمَلَةِ- المُحْكَم المُقَوَّم. يُقَالُ أَتْرِصْ مِيزَانَكَ
فَإِنَّهُ شَائِلٌ. وأَتْرَصْتَ الشَّيْءَ وتَرَّصْتَهُ أَيْ
أَحْكَمْتُهُ، فَهُوَ مُتْرَص وتَرِيص.
(تَرَعَ)
(س هـ) فِيهِ «إِنَّ مِنْبري عَلَى تُرْعَة منْ تُرَعِ الْجَنَّةِ»
التُّرْعَة فِي الْأَصْلِ: الروْضة عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ
خَاصَّةً، فَإِذَا كَانَتْ فِي المطْمَئنّ فَهِيَ رَوضة. قَالَ
القُتيبي: مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالذِّكْرَ فِي هَذَا
الْمَوْضِعِ يُؤَدِّيَانِ إِلَى الْجَنَّةِ، فَكَأَنَّهُ قِطْعة
مِنْهَا. وَكَذَا قَوْلُهُ:
في الْحَدِيثِ الْآخَرِ «ارْتَعُوا فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ» أَيْ
مَجَالِسِ الذّكْر.
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَع فِي رِيَاضِ
الْجَنَّةِ فلْيَقْرَأ آلَ حم» وَهَذَا الْمَعْنَى مِنَ
الِاسْتِعَارَةِ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِ «عَائِدُ
الْمَرِيضِ فِي مَخارف الْجَنَّةِ» وَ «الْجَنَّةُ تَحْتَ بارقَة
السُّيُوفِ» وَ «تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهات» أَيْ إِنَّ هَذِهِ
الْأَشْيَاءَ تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّةِ. وَقِيلَ التُّرْعَة
الدَّرجَة. وَقِيلَ الْبَابُ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى تُرْعَة مِنْ تُرَعِ الْحَوْضِ. وَهُوَ مَفْتَح
الْمَاءِ إِلَيْهِ، وأَتْرَعْتَ الْحَوْضَ إِذَا ملأتَه.
(س) وَحَدِيثُ ابْنِ المنْتَفِق «فأخذتُ بخِطام راحِلة رَسُولِ اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَرَعَنِي» التَّرَع:
الْإِسْرَاعُ إِلَى الشَّيْءِ، أَيْ مَا أسْرَع إليَّ فِي النَّهْي.
وَقِيلَ تَرَعَهُ عَنْ وجْهه:
ثَنَاه وَصَرَفَهُ.
(تَرَفَ)
- فِيهِ «أوْهِ لِفِراخِ مُحَمَّدٍ مِنْ خليفةٍ يُسْتَخْلَف عِتُرِيفٍ
مُتْرَف» المُتْرَف: المتَنَعّم المُتَوَسّع فِي مَلاَذّ الدُّنْيَا
وشَهواتها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فُرَّ
بِهِ مِنْ جَبَّار مُتْرَف» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
(تَرَقَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ «يقرأُون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوز
تَرَاقِيَهُمْ» التَّرَاقِي: جَمْعُ تَرْقُوَة، وَهِيَ العَظْم الَّذِي
بَيْنَ ثُغْرة النَّحر والعَاتِق. وَهَمَّا تَرْقُوَتَان مِنَ
الجانِبَين. وَوَزْنها فَعْلُوَة بِالْفَتْحِ.
وَالْمَعْنَى أنَّ قِراءتهم لَا يرفعُها اللَّهُ وَلَا يَقبَلها،
فَكَأَنَّهَا لَمْ تتَجاوز حُلوقَهُم. وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ
لَا يَعْملون بِالْقُرْآنِ وَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَتِهِ، فَلَا
يَحْصُلُ لَهُمْ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ.
(1/187)
وَفِيهِ «أَنَّ فِي عَجْوة العالِيَةَ
تِرْيَاقاً» التِّرْيَاق: مَا يُستعمل لِدَفْعِ السَّم مِنَ
الْأَدْوِيَةِ وَالْمَعَاجِينِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. وَيُقَالُ
بِالدَّالِ أَيْضًا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مَا أُبَالِي مَا أتَيْتُ إِنْ
شَرِبْتُ تِرْيَاقاً» إِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ مَا يَقَعُ فِيهِ
مِنْ لُحوم الْأَفَاعِي وَالْخَمْرِ وَهِيَ حَرَامٌ نَجِسة
والتِّرْيَاق: أَنْوَاعٌ، فَإِذَا لَمْ يكن فيه شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقِيلَ الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ، فَالْأَوْلَى
اجْتِنَابُهُ كُلُّهُ.
(تَرَكَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «إِنَّهُ جَاءَ إِلَى
مَكَّةَ يُطَالِعُ تَرْكَتَهُ» التَّرْكَة- بِسُكُونِ الرَّاءِ- فِي
الْأَصْلِ بَيضُ النَّعَامِ، وَجَمْعُهَا تَرْك، يُرِيدُ بِهِ ولدَه
إِسْمَاعِيلَ وأمَّه هَاجَرَ لَمَّا تَركَهما بِمَكَّةَ. قِيلَ وَلَوْ
رُوي بِكَسْرِ الرَّاءِ لَكَانَ وَجْهًا، مِنَ التَّرِكَة وَهُوَ
الشَّيْءُ المَتْرُوك. وَيُقَالُ لبَيْض النَّعام أَيْضًا تَرِيكَة،
وَجَمْعُهَا تَرَائِك.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَأَنْتُمْ تَرِيكَة
الْإِسْلَامِ وبَقيَّة النَّاسِ» .
(هـ) وَحَدِيثُ الْحَسَنِ «إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تَرَائِك فِي
خَلْقه» أَرَادَ أُمُورًا أَبْقَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعِبَادِ
مِنَ الْأَمَلِ والغَفْلة حَتَّى يَنْبَسِطُوا بِهَا إِلَى الدُّنْيَا.
وَيُقَالُ للرَّوضة يُغْفِلُها النَّاسُ فَلَا يَرْعَوْنها: تَرِيكَة.
(س) وَفِيهِ «الْعَهد الَّذِي بَيْنَنا وَبَيْنَهُمُ الصلاةُ فَمن
تَرَكَهَا فَقَدْ كَفر» قِيلَ هُوَ لمَنْ تَركَها جَاحِداً. وَقِيلَ
أَرَادَ الْمُنَافِقِينَ؛ لأنَّهم يُصَلُّون رِيَاءً، وَلَا سَبِيلَ
عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ، وَلَوْ تَركُوها فِي الظَّاهِرِ كَفَرُوا.
وَقِيلَ أَرَادَ بالتَّرك تَرْكَها مَعَ الإقْرار بِوُجُوبِهَا، أَوْ
حتَّى يخرُج وقتُها، وَلِذَلِكَ ذَهب أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى
أَنَّهُ يكْفُر بِذَلِكَ حمْلا لِلْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ: يُقْتَل بتركِها ويُصلَّى عَلَيْهِ ويُدفَنُ مَعَ
الْمُسْلِمِينَ.
(تَرْمَدَ)
- فِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتَب
لحُصَين بْنِ نَضْلَة الْأَسَدِيِّ كِتَابًا أَنَّ لَهُ تَرْمُد
وكُتَيْفَة» هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعٌ فِي
دِيَارِ بَنِي أسَد، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ: ثَرمدا بِفَتْحِ الثَّاءِ
الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ وبَعْد الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَلِفٌ،
فَأَمَّا تِرْمِذ بِكَسْرِ التَّاءِ وَالْمِيمِ فَالْبَلَدُ
الْمَعْرُوفُ بِخُرَاسَانَ.
(1/188)
(تَرَهَ)
- فِيهِ ذِكْرُ «التُّرَّهَات» ، وَهِيَ كِنَاية عَنِ الْأَبَاطِيلِ،
واحِدها تُرَّهَة بِضَمِّ التَّاء وفَتح الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ،
وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الطُّرُق الصِّغَارُ المتَشَعّبة عَنِ الطَّرِيقِ
الْأَعْظَمِ.
() وَفِيهِ «مَنْ جَلَس مجْلسا لَمْ
يذْكر اللَّه فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً» التِّرَة: النَّقْص.
وَقِيلَ التّبِعَةُ.
والتَّاء فِيهِ عِوَض مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ، مِثْلُ وعدْته
عِدَة. وَيَجُوزُ رفعُها وَنَصْبُهَا عَلَى اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهَا.
وَذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِهِ.
(تَرَا)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «كُنَّا لَا نَعُدّ الكُدرة والصُّفرة
والتَّريَّة شَيْئًا» التَّرِيَّةُ بِالتَّشْدِيدِ: مَا تَرَاهُ
الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْحَيْضِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْهُ مِنْ كُدْرة أَوْ
صُفْرَةٍ. وَقِيلَ هِيَ الْبَيَاضُ الَّذِي تَرَاهُ عِنْدَ الطُّهر.
وَقِيلَ هِيَ الِخْرقة الَّتِي تَعرف بِهَا الْمَرْأَةُ حيضَها مِنْ
طُهْرها. وَالتَّاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الرُّؤْيَةِ
والأصْل فِيهَا الْهَمْزُ، وَلَكِنَّهُمْ تَرَكُوهُ وشدَّدوا الْيَاءَ
فَصَارَتِ اللَّفْظَةُ كَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يُشَدِّدُ
الرَّاءَ وَالْيَاءَ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَائِضَ إِذَا
طهُرت واغتَسلت ثُمَّ عَادَتْ رَأَتْ صُفْرة أَوْ كُدْرة لَمْ
تَعْتَدَّ بِهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي طُهْرها.
بَابُ التَّاءِ مَعَ السِّينِ
(تَسَخَّنَ)
(هـ) فِيهِ «أمرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الَّتَساخِين» هِيَ
الِخَفاف، وَلاَ واحدَ لَهَا مِنْ لفْظِها. وَقِيلَ وَاحِدُهَا
تَسْخَان وتِسْخِين وتَسْخَن، وَالتَّاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ.
وَذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا حمْلا عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهَا.. قَالَ
حَمْزَةُ الْأَصْفَهَانِيُّ: أَمَّا التسْخان فتعْريب تَشْكَن، وَهُوَ
اسْم غطَاء مِنْ أغْطِية الرَّأسِ كان العلماء والموابذة يأخذونه على
رُؤوسهم خَاصَّةً. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْعَمَائِمِ
والتَّسَاخين، فَقَالَ مَن تعَاطَى تفسيرَه: هُوَ الخُفّ، حيْث لَمْ
يَعْرِفْ فَارِسِيَّةً.
(تَسَعَ)
(هـ) فِيهِ «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قابِل لأصُومنّ تَاسُوعَاء» هُوَ
الْيَوْمُ التَّاسِع مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ
كرَاهةً لِمُوَافقة الْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ
عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْعَاشِرُ، فَأَرَادَ أنْ يُخالفَهم وَيَصُومَ
التَّاسِعَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَرَادَ بِتَاسوعاء عَاشُورَاءَ؛
كَأَنَّهُ تَأَوَّلَ فِيهِ عِشْر وِرْد الْإِبِلِ، تَقُولُ العربُ:
وردَت الْإِبِلُ عِشْرا إِذَا وَرَدَتِ الْيَوْمَ التَّاسِعَ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يدلُّ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ
يَصُومُ
(1/189)
عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ.
ثُمَّ قَالَ «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ تَاسُوعَاءَ»
فَكَيْفَ يَعِدُ بِصَوْمِ يومٍ قَدْ كَانَ يَصُومُهُ!
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْعَيْنِ
(تَعْتَعَ)
(س) فِيهِ «حَتَّى يَأْخُذَ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ غيرَ مُتَعْتَعٍ»
بِفَتْحِ التَّاءِ، أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبه أَذًى يُقَلْقِله
ويُزْعجه. يُقَالُ تَعْتَعَهُ فَتَتَعْتَعَ. وَ «غَيْرَ» مَنْصُوبٌ
لِأَنَّهُ حَالٌ لِلضَّعِيفِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «الَّذِي يَقْرَأُ القرآن ويَتَتَعْتَعُ
فِيهِ» أَيْ يتَردّد فِي قِرَاءَتِهِ ويَتَبَلد فِيهَا لسانُه.
(تَعَرَ)
- فِيهِ «مَنْ تَعارّ مِنَ اللَّيْلِ» أَيْ هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ
واستَيْقَظ، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ وليس بابه.
وفى حديث طهفة «ماطما الْبَحْرُ وَقَامَ تِعَار» تِعَار بِكَسْرِ
التَّاءِ: جَبَل مَعْرُوفٌ، ويُصْرف وَلَا يُصْرف.
(تَعِسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «تَعِسَ مِسْطح» يُقَالُ تَعِسَ يَتْعَسُ،
إِذَا عثَر وانكَبَّ لِوَجْهِهِ، وَقَدْ تُفتح «1» الْعَيْنُ، وَهُوَ
دُعاء عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ وعبدُ الدِّرْهَمِ»
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تُعُهِّنَ)
(س) فِيهِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِتُعُهِّن» وهُو قَائِلُ السُّقيا. قَالَ أَبُو مُوسَى: هُوَ بِضَمِّ
التَّاءِ وَالْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْهَاءِ مَوْضع فِيمَا بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ التَّاء.
وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ
الْعَيْنِ.
(تَعَضَ)
- فِيهِ «وأهْدت لَنَا نَوْطاً مِنَ التَّعْضُوض» هُوَ بِفَتْحِ
التَّاءِ: تَمْر أسْود شَدِيدُ الحَلاوة، ومعْدِنه هَجَر. وَالتَّاءُ
فِيهِ زَائِدَةٌ. وَلَيْسَ بابه.
__________
(1) في الهروي: وقال الفراء: تعست- بفتح العين- إذا خاطبت، فإذا صرت
إلى فعل قلت: تعس، بكسر العين.
(1/190)
وَمِنْهُ حَدِيثُ وفْد عَبْدِ القَيْس
«أتُسَمُّون هَذَا التَّعْضُوضَ» .
وَحَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
«واللهِ لَتْعضُوض كَأَنَّهُ أخْفاف الرِّباع أطْيَبُ مِنْ هَذَا» .
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْغَيْنِ
(تَغِبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ شَهَادَةَ ذِي
تَغْبَة» هُوَ الْفَاسِدُ فِي دِينِهِ وَعَمَلِهِ وَسُوءِ أَفْعَالِهِ.
يُقَالُ تَغِبَ يَتْغَبُ تَغَباً إِذَا مَلَكَ فِي دِين أَوْ دُنْيَا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيُرْوَى تَغِبَّةً مُشَدَّدًا، وَلَا
يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَفْعلة منْ غَبَّب، مُبَالغة فِي غبِّ الشيءُ
إِذَا فَسَدَ، أَوْ مِنْ غَبَّب الذئبُ الْغَنَمَ إِذَا عَاثَ فِيهَا.
(تَغَرَ)
- فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فَلَا يُبايع هُوَ وَلَا
الَّذِي بايَعه تَغرّةً أنْ يُقتلا» أَيْ خَوْفًا أَنْ يُقْتلا،
وَسَيَجِيءُ مُبَيَّنًا فِي حَرْفِ الْغَيْنِ، لِأَنَّ التَّاءَ
زَائِدَةٌ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْفَاءِ
(تَفَثَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْحَجِّ ذِكر «التَّفَثُ» وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ
المُحْرم بِالْحَجِّ إِذَا حَلَّ، كَقَصِّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ،
ونَتْف الْإِبِطِ، وحلْق الْعَانَةِ. وَقِيلَ هُوَ إذْهاب الشَّعَث
والدَّرَن والوسَخ مطْلقا. والرجُل تَفِثٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «فَتَفِثَتِ الدِّمَاءُ مَكَانَهُ» أَيْ لَطَخته، وَهُوَ
مَأْخُوذٌ مِنْهُ.
(تَفَلَ)
- فِي حَدِيثِ الْحَجِّ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ الحاجُّ؟
قَالَ: الشَّعِثُ التَّفِل» التَّفِل: الَّذِي قدْ تَرك استعمال الطيب.
من التَّفَل وهي الرِّيحُ الْكَرِيهَةُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ولْيَخْرُجْن إِذَا خَرجْنَ تَفِلَات» أَيْ
تَارِكَاتٍ لِلطِّيبِ. يُقَالُ رَجُلٌ تَفِلٌ وَامْرَأَةٌ تَفِلَةٌ
ومِتْفَال.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قُمْ عَنِ
الشَّمْسِ فإنَّها تَتْفِلُ الريحَ» .
(1/191)
وَفِيهِ «فَتَفَلَ فِيهِ» التَّفْل: نَفْخ
مَعَهُ أدْنَى بُزاقٍ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنَ النَّفْث. وَقَدْ
تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
(تَفِهَ)
- فِي الْحَدِيثِ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟
فَقَالَ: الرجُل التَّافِه يَنْطِق فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» التَّافِه:
الخَسِيس الْحَقِيرُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصِفُ
الْقُرْآنَ «لَا يَتْفَهُ وَلَا يَتَشَانُّ» هُوَ مِنَ الشَّيْءِ
التَّافِه الحقِير. يُقَالُ تَفِهَ يَتْفَهُ فَهُوَ تَافِهٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَتِ اليدُ لَا تقْطع فِي الشَّيْءِ
التَّافِهِ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تَفَأَ)
(س) فِيهِ «دَخَلَ عُمَرُ فكلَّم رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى تَفِئَة ذَلِكَ»
أَيْ عَلَى أَثَرِه، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى عَلَى تَئفة ذَلِكَ،
بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى الْفَاءِ، وَقَدْ تُشدّد.
وَالتَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ عَلَى أَنَّهَا تَفعْلة. وَقَالَ
الزَّمَخْشَرِيُّ: لَوْ كَانَتْ تَفْعِلَةً لَكَانَتْ عَلَى وَزْن
تَهْنِئة، فَهِيَ إِذًا لَوْلا القلبُ فَعِيلة، لِأَجْلِ الْإِعْلَالِ
وَلَامُهَا هَمْزَةٌ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْقَافِ
(تَقَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ، وَذَكَرَ الْحُبُوبَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا
الصَّدَقَةُ، وَعَدَّ فِيهَا «التِّقْدَة» ، هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ:
الكُزْبرة. وَقِيلَ الكَروْيَا. وَقَدْ تُفْتَحُ التَّاءُ وَتُكْسَرُ
الْقَافُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: هِيَ التِّقْرِدَة، وَأَهْلُ
الْيَمَنِ يُسمُّون الأبْزار: التِّقْرِدَة.
(تَقَفَ)
- فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَزْوَةِ حُنَيْنٍ
«ووقَف حَتَّى اتَّقَف الناس كلهم» اتَّقَف مطاوع وقَف، تقول وقَفْتُ
فاتّقف، مثل وعدته فاتّعد، والأصل فيه او تقف فقلبت الواو ياء لكونها
وَكَسْرِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ قُلبت الْيَاءُ تَاءً وأُدْغِمَت فِي
تَاءِ الافتِعال. وَلَيْسَ هَذَا بَابَهَا.
(تَقَا)
(س) فِيهِ «كُنَّا إِذَا احْمرَّ البأسُ اتَّقيْنا بِرَسُولِ اللَّه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ جعلناهُ قدّامَنا
واسْتَقْبَلْنا الْعَدُوَّ بِهِ وقُمنا خلْفه.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّة يتَّقَى
بِهِ ويُقاتَل مِنْ وَرَائِهِ» أَيْ أَنَّهُ يُدْفع بِهِ العَدُوّ
ويُتَّقَى بقُوَّته. وَالتَّاءُ فِيهَا مُبْدلة مِنَ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ
أَصْلَهَا مِنَ الوقاية، وتقديرها او تقى، فقلبت
(1/192)
وَأُدْغِمَتْ، فَلَمَّا كَثُرَ
اسْتِعْمَالُهُ توهَّموا أَنَّ التَّاءَ مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ
فَقَالُوا اتَّقَى يَتَّقِي، بِفَتْحِ التَّاءِ فِيهِمَا، وَرُبَّمَا
قَالُوا تَقَى يَتْقِي، مِثْلَ رَمى يَرْمي.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قُلْتُ وَهَلْ لِلسَّيْفِ مِنْ تقيَّة؟ قَالَ
نَعَمْ، تقيَّة عَلَى أقْذَاء، وهُدْنة عَلَى دَخَن» التَّقِيَّة
والتُّقاة بِمَعْنًى، يُرِيدُ أَنَّهُمْ يتَّقون بَعْضَهُمْ بَعْضًا
ويُظْهِرون الصُّلْحَ وَالِاتِّفَاقَ، وَبَاطِنُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْكَافِ
(تَكَأَ)
(س) فِيهِ «لَا آكُلُ مُتَّكِئاً» المُتَّكئ فِي الْعَرَبِيَّةِ كُلُّ
مَنِ اسْتوى قَاعِدًا عَلَى وطاء متمكنا، والعامة لا تعرف المتكىء
إلاَّ مَن مَالَ فِي قُعُودِهِ معتمِدًا عَلَى أَحَدِ شِقَّيه،
وَالتَّاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الوِكاء
وَهُوَ مَا يُشَد بِهِ الْكِيسُ وَغَيْرُهُ، كَأَنَّهُ أَوْكَأَ
مَقْعَدَته وَشَدَّهَا بِالْقُعُودِ عَلَى الوِطَاء الَّذِي تَحْتَهُ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: إِنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أَقْعُدْ مُتَمكّنا
فعلَ مَنْ يُرِيدُ الِاسْتِكْثَارَ مِنْهُ، وَلَكِنْ آكُلُ بُلْغَة،
فَيَكُونُ قُعُودِي لَهُ مُسْتَوْفِزاً. وَمَنْ حَمَلَ الِاتِّكَاءَ
عَلَى المّيْل إِلَى أَحَدِ الشِّقَّين تَأَوَّلَهُ عَلَى مَذْهَبِ
الطِّبِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْحَدر فِي مجارِي الطَّعَامِ سَهْلا، وَلَا
يُسِيغُه هَنِيئًا، وربَّما تأذَّى بِهِ.
(س) ومنه الحديث الآخر «هذا الأبيض المتّكىء الْمُرْتَفِقُ» يُرِيدُ
الْجَالِسَ المتمكنَ فِي جُلُوسِهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «التُّكَأة مِنَ النّعْمة» التُّكَأة-
بِوَزْنِ الهُمَزَة- مَا يُتكأ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ تُكَأة كَثِيرُ
الِاتِّكَاءِ. وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَبَابُهَا حَرْفُ
الْوَاوِ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ اللَّامِ
(تَلَبَ)
(س) فِيهِ «فَأَخَذْتُ بتَلْبِيبه وجَررْتُه» يُقَالُ لبَّبَه وَأَخَذَ
بتَلْبيبه وَتَلَابِيبِهِ إِذَا جمعْتَ ثِيَابَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ
ونَحْره ثُمَّ جَررْتَه. وَكَذَلِكَ إِذَا جَعَلْتَ فِي عنُقه حبْلا
أَوْ ثَوْبًا ثُمَّ أمسكْته بِهِ. والمُتَلبَّب:
مَوْضِعُ القِلادة. واللَّبَّة: مَوْضِعُ الذَّبْحِ، وَالتَّاءُ فِي
التَّلْبيب زَائِدَةٌ وَلَيْسَ بَابَهُ.
(1/193)
(تَلْتَلَ)
- فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أُتِي بِشَارِب
فَقَالَ تَلْتِلُوه» هُو أَنْ يُحرَّك ويُسْتَنْكه ليُعْلم هَلْ شَرب
أَمْ لَا. وَهُوَ فِي الْأَصْلِ السَّوْق بعُنْف.
(تَلِدَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «آلُ حم مِنْ تِلَادِي» أَيْ مِنْ
أَوَّلِ مَا أخَذْته وتعلَّمتُه بِمَكَّةَ. والتَّالِد: الْمَالُ
الْقَدِيمُ الَّذِي وُلِدَ عِنْدَكَ، وَهُوَ نَقِيض الطَّارف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ «فهِي لَهُمْ تَالِدَة بَالِدَة» يَعْنِي
الخلاَفَة. والبَالِدُ إِتْبَاعٌ للتّاكد.
ومنه حديث عائشة رضي الله عنها «أنها أعْتَقَتْ عَنْ أَخِيهَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ تِلَاداً مِنْ تِلَادِهَا» فَإِنَّهُ مَاتَ فِي منامِه.
وَفِي نُسْخَةٍ تِلاَداً مِنْ أَتْلَادِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ شُرَيح «أنَّ رَجُلًا اشْتَرى جَارِيَةً وَشَرَطَ
أنَّها مُوَلَّدة فَوَجَدَهَا تَلِيدَة فَردّها» قَالَ الْقُتَيْبِيُّ:
التَّلِيدَة الَّتِي وُلدَتْ بِبِلَادِ الْعَجَمِ وحُمِلَت فنشأتْ
بِبِلَادِ الْعَرَبِ، والمُوَلَّدة الَّتِي وُلِدَت بِبِلَادِ
الْإِسْلَامِ. والحُكم فِيهِ إنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ يُؤثر فِي
الغَرض أَوْ فِي الْقِيمَةِ وجَب لَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا.
(تَلَعَ)
- فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَبْدُو إِلَى هَذِهِ التِّلَاع» التِّلَاع:
مَسايِل الْمَاءِ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْل، واحِدُها تَلْعَة. وَقِيلَ
هُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ؛ يَقَع عَلَى مَا انْحَدر مِنَ الْأَرْضِ
وأشرَف مِنْهَا.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَيَجِيءُ مَطَرٌ لَا يُمْنَع مِنْهُ ذَنبُ
تَلْعَة» يُرِيدُ كثرتَه وَأَنَّهُ لَا يخلُو مِنْهُ مَوْضِعٌ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «ليَضْرِبَنَّهم الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لَا
يَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَة» .
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ فِي صفَة الْمَطَرِ «وأدْحَضَت
التِّلَاع» أَيْ جَعلَتْها زَلَقاً تَزْلَق فِيهَا الأرجُل.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَقَدْ أَتْلَعُوا
أعْناقَهم إِلَى أمْرٍ لَمْ يَكُونُوا أهْلَه فَوُقصُوا دُونَهُ» أَيْ
رَفَعُوها.
(تَلْعَبُ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «زَعَمَ ابْنُ
النَّابِغَةِ «1» أَنِّي تِلْعَابة تِمْرَاحَة، أُعافِسُ وأمارسُ»
التِّلْعَابة والتِّلِعَّابة بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ، والتِّلْعِيبة:
الْكَثِيرُ اللَّعِبِ والمرَح. والتاء زائدة.
__________
(1) يعني عمرو بن العاص.
(1/194)
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَانَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تِلْعابة، فَإِذَا فزِع فُزِع إِلَى
ضَرِسٍ حَدِيد» .
(تَلَكَ)
- فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَذِكْرِ الْفَاتِحَةِ «فَتِلْكَ بِتِلْك»
هَذَا مَردُود إِلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فإذَا قَرَأَ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ
يُحِبُّكم اللَّهُ» يُرِيدُ أَنَّ آمِينَ يُسْتَجاب بِهَا الدُّعَاءُ
الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ أَوِ الْآيَةُ، كَأَنَّهُ قَالَ:
فَتِلْكَ الدَّعْوة مُضَمَّنَة بتِلك الْكَلِمَةِ، أَوْ مُعلَّقة
بِهَا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا
يَلِيهِ مِنَ الْكَلَامِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِذَا كبَّر وَركَع
فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، يُرِيدُ أَنَّ صَلَاتَكُمْ مُتعلّقة
بِصَلَاةِ إِمَامِكُمْ فاتَّبِعُوه، وائتمُّوا بِهِ، فَتِلْكَ إِنَّمَا
تصحُّ وتَثْبُت بِتِلْكَ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْحَدِيثِ.
(تَلَلَ)
(هـ) فِيهِ «أُتِيتُ بمفاتيحِ خَزَائِنِ الأرْض فَتُلَّت فِي يدِي»
أَيْ أُلْقِيَت. وَقِيلَ:
التَلّ الصَّب، فَاسْتَعَارَهُ للإلْقاء. يُقَالُ تَلَّ يَتُلُّ إِذَا
صَبَّ، وتَلَّ يَتِلُّ إِذَا سَقَط. وَأَرَادَ مَا فَتَحَهُ اللَّهُ
تَعَالَى لأمَّته بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ خَزَائِنِ مُلُوكِ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ أُتي بشَرَاب فَشَرِبَ مِنْهُ
وَعَنْ يَمِينِهِ غلامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْمَشَايِخُ، فَقَالَ:
أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُوثِر
بِنَصِيبي مِنْكَ أَحَدًا، فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ» أَيْ ألْقاه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
«وتَرَكُوك لِمَتَلِّكَ» أَيْ لمصْرَعِك، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
أَيْ صَرَعَهُ وَأَلْقَاهُ.
[هـ] وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَجَاءَ بِنَاقَةٍ كَوْماءَ فَتَلَّهَا»
أَيْ أناخَها وأبْركَها.
(تَلَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَذَابِ الْقَبْرِ «فَيُقَالُ لَهُ لَا دَرَيْتَ
وَلَا تَلَيْتَ» هَكَذَا يَرْوِيهِ المحدِّثون. وَالصَّوَابُ «وَلَا
ائتَلَيْت» وَقَدْ تقدَّم فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ
لَا قَرَأْتَ: أَيْ لَا تَلَوْتَ، فقَلَبوا الْوَاوَ يَاءً ليَزْدَوج
الْكَلَامُ مَعَ درَيْت. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ويُروَى أتْلَيْت،
يَدْعُو عَلَيْهِ أن لا تُتْلَى إبلُه: أَيْ لَا يَكُونُ لَهَا
أَوْلَادٌ تَتْلُوها.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي حَدْرد «مَا أَصْبَحْتُ أَتْلِيهَا وَلَا
أقْدر عَلَيْهَا» يُقَالُ أَتْلَيْتُ حَقّي
(1/195)
عنده: أي أبْقَيت منه بقيَّة،
وأَتْلَيْتُهُ: أحَلْته. وتَلِيَتْ لَهُ تَلِيَّةٌ مِنْ حَقّه
وتُلَاوَة: أَيْ بَقِيَتْ لَهُ بقيَّة.
(تَلَانَ)
- فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «وَسَأَلَهُ
رَجُلٌ عَنْ عُثمان وفِرَاره يَوْمَ أُحدٍ، وغَيْبَته يَوْمَ بَدْر،
وبَيْعة الرِّضْوَانِ، فَذَكَرَ عُذره، ثُمَّ قَالَ: اذْهَب بِهَذَا
تَلاَنَ مَعَكَ» يُرِيدُ الْآنَ، وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛
يَزِيدُونَ التَّاءَ فِي الْآنَ وَيَحْذِفُونَ الْهَمْزَةَ الْأُولَى،
وَكَذَلِكَ يَزِيدُونَهَا عَلَى حِينٍ فَيَقُولُونَ:
تَلاَن وتَحِين. قَالَ أَبُو وَجْزة:
العَاطفون تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ ... والمُطْعِمُون زمَانَ مَا مِنْ
مُطْعِمِ
وَقَالَ الْآخَرُ «1» :
وَصِلينا كَمَا زَعَمْتِ تَلاَنَا
وَمَوْضِعُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ حَرْفُ الْهَمْزَةِ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْمِيمِ
(تَمَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ سَعْدٍ «أَسَدٌ فِي تَامُورَتِهِ» التَّامُورَة
هَاهُنَا: عَرينُ الأسَد، وَهُوَ بَيْتُه الَّذِي يَكُونُ فِيهِ،
وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الصَّوْمعَة، فَاسْتَعَارَهَا لِلْأَسَدِ.
والتَّامُورَة والتَّامُور: عَلَقة القَلب ودمُه، فَيَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ أَسَدٌ فِي شِدَّةِ قلْبه وَشَجَاعَتِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ النَّخَعِي «كَانَ لَا يَرى بالتَّتْمِير بَأْسًا»
التَّتْمِير: تَقْطِيعُ اللَّحْمِ صِغارا كالتَّمْر وتَجْفِيفه
وتَنْشِيفه، أَرَادَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوّده المُحْرِم.
وَقِيلَ أَرَادَ مَا قُدّد مِنْ لُحُومِ الوحْش قَبْلَ الإحْرام.
(تَمْرَحُ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «زَعَمَ ابْنُ النَّابغة
أَنِّي تِلْعَابة تِمْرَاحة» هو من
__________
(1) هو جميل بن معمر، وصدر البيت:
نَوِّلِي قَبْلَ نأيِ دارِي جُمَانَا
وبعده:
إنّ خيرَ المواصِلينَ صفاءً ... مَنْ يُوَافي خليلَه حيثُ كَانَا
(اللسان- تلن)
(1/196)
المرَح، والمَرحُ: النَّشَاطُ والخِفَّة،
وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ.
وَذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِهَا.
(تَمَمَ)
(س) فِيهِ «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّات» إِنَّمَا وصَف
كَلَامَهُ بالتَّمَام لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ
مِنْ كَلَامِهِ نَقْصٌ أَوْ عَيْبٌ كَمَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الناس.
وقيل: معنى التَّمَام ها هنا أَنَّهَا تَنْفَعُ المُتَعوّذ بِهَا
وتحفَظُه مِنَ الْآفَاتِ وَتَكْفِيهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ دُعَاءِ الْأَذَانِ «اللَّهُمَّ ربَّ هَذِهِ
الدَّعْوَةِ التَّامَّة» وصفَها بِالتَّمَامِ لِأَنَّهَا ذِكْرُ
اللَّهِ تَعَالَى، ويُدْعى بِهَا إِلَى عِبَادَتِهِ، وَذَلِكَ هُوَ
الَّذِي يَسْتَحق صفَة الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ لَيْلَةَ
التَّمَام» هِيَ لَيْلَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ
الْقَمَرَ يَتِمُّ فِيهَا نورُه. وَتُفْتَحُ تَاؤُهُ وَتُكْسَرُ.
وَقِيلَ لَيْلُ التِّمَام- بِالْكَسْرِ- أطْول لَيْلَةٍ فِي السَّنَة
«1» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسار «الجَذَعَ التَّامّ التِّمّ
يُجْزِئُ» يُقَالُ تِمّ وتَمّ بِمَعْنَى التَّامِّ.
وَيُرْوَى الجَذَع التَّامّ التَّمَم، فالتَّامّ الَّذِي استَوْفَى
الْوَقْتَ الَّذِي يُسَمَّى فِيهِ جَذَعا وبلَغ أَنْ يُسَمَّى
ثَنِيًّا، والتَّمَم التَّامّ الخلْق، وَمِثْلُهُ خَلْق عَمَم.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أَن تَمَمْتَ عَلَى مَا تُرِيدُ»
هَكَذَا رُوِي مخفَّفا، وَهُوَ بِمَعْنَى المشّدَّد، يُقَالُ تَمَّ
عَلَى الْأَمْرِ، وتَمَمَ عَلَيْهِ بِإِظْهَارِ الْإِدْغَامِ: أَيِ
استَمّر عَلَيْهِ.
(س) وَفِيهِ «فَتَتَامَّتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ» أَيْ جَاءته مُتَوافِرة
مُتتَابعة.
وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «خَرجْتُ وَأَنَا
مُتِمٌّ» يُقَالُ امْرَأَةٌ مُتِمٌّ لِلْحَامِلِ إِذَا شَارَفَتِ
الوَضْع، والتِّمَام فِيهَا وَفِي البَدر بِالْكَسْرِ، وَقَدْ تُفْتَحُ
فِي البدْر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «التَّمَائِم
والرُّقَى مِنَ الشرْك» التَّمَائِم جَمْعُ تَمِيمَة، وَهِيَ خَرَزات
كَانَتِ الْعَرَبُ تُعلّقها عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُون بِهَا
الْعَيْنَ فِي زعْمهم، فأبْطلها الْإِسْلَامُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «وَمَا أُبَالِي مَا أتَيْتُ إِنْ
تعلَّقْتُ تَمِيمَة» .
__________
(1) عبارة اللسان: وليل التمام- بالكسر لا غير- أطول ما يكون من ليالى
الشتاء.
(1/197)
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَنْ علَّق
تَمِيمَة فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ» كَأَنَّهُمْ كَانُوا
يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَمَامُ الدَّواء وَالشِّفَاءِ، وَإِنَّمَا
جَعَلَهَا شِرْكًا لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهَا دَفْعَ الْمَقَادِيرِ
الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا دفْع الأذَى مِنْ غَيْرِ
اللَّهِ الَّذِي هُوَ دافِعه.
(تَمَنَ)
- فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ سَبَلان «قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ بمكانٍ مِن تَمَنِّ بسفْح هَرْشَى» هِيَ
بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ: اسْمُ
ثَنِيَّة هَرْشَى بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ النُّونِ
(تَنَأَ)
- فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ابْنُ السَّبِيلِ أحَقُّ
بِالْمَاءِ مِنَ التَّانِئ» أَرَادَ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ إِذَا
مَرَّ برَكِيَّة عَلَيْهَا قَوْمٌ مُقِيمُونَ فَهُوَ أحقُّ بِالْمَاءِ
مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ مُجْتازٌ وَهُمْ مُقِيمُونَ. يُقَالُ تَنَأَ
فَهُوَ تَانِئ: إِذَا أَقَامَ فِي الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ سِيرين «لَيْسَ للتَّانِئَة شَيْءٌ»
يُرِيدُ أَنَّ المُقِيمين فِي الْبِلَادِ الَّذِينَ لَا ينفِرُون مَعَ
الغُزَاة لَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ نَصِيبٌ. وَيُرِيدُ بالتَّانِئَة
الْجَمَاعَةَ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُفْرَدًا وَإِنَّمَا
التَّأْنِيثُ أَجَازَ إِطْلَاقَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ تَنَأَ فِي أَرْضِ الْعَجَمِ فَعَمِلَ
نَيْرُوزَهُم ومِهْرَجانهم حُشِر مَعَهُمْ» .
(تَنْبَلَ)
(س) فِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَمْشُون مَشْيَ الجِمال الزُّهْر يَعْصِمُهم ... ضَرْبٌ إِذَا غَرّد
السُّودُ التَّنَابِيل
التَّنَابِيل: القِصَار، وَاحِدُهُمْ تِنْبَل وتِنْبَال.
(تَنَخَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلاَم «أَنَّهُ آمَنَ وَمَنْ
مَعَهُ مِنْ يَهُودَ فَتَنَخُوا عَلَى الْإِسْلَامِ» أَيْ ثَبَتُوا
عَلَيْهِ وَأَقَامُوا. يُقَالُ: تَنَخَ بِالْمَكَانِ تُنُوخاً: أَيْ
أَقَامَ فِيهِ. وَيُرْوَى بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى التَّاءِ: أَيْ
رَسخوا.
(1/198)
(تَنَرَ)
(س) فِيهِ «قَالَ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُعَصْفَر: لَوْ أنَّ
ثَوْبك فِي تَنُّور أهْلِك أَوْ تَحْت قِدْرِهم كَانَ خَيْراً» فذهَب
فأحْرقه. وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّكَ لَوْ صَرَفْت ثَمَنَهُ إِلَى
دقِيق تَخْتَبْزه، أَوْ حَطب تَطْبُخ بِهِ كَانَ خَيْرًا لَكَ.
كَأَنَّهُ كَرِهَ الثَّوْبَ الْمُعَصْفَرَ. والتَّنُّور الَّذِي يُخْبز
فِيهِ. يُقَالُ إِنَّهُ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ كَذَلِكَ.
(تَنَفَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ سَافَرَ رَجُلٌ بأرضٍ تَنُوفَة» التَّنُوفَة:
الْأَرْضُ القَفْر. وَقِيلَ الْبَعِيدَةُ الْماء، وَجَمْعُهَا
تَنَائِف. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ.
(تَنَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ «فَآضَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَة» هِيَ
نَوْع مِنْ نَبات الْأَرْضِ فِيهَا وَفِي ثمرِها سَواد قَلِيلٌ.
(تَنَنَ)
(س [هـ] ) فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِنِّي وتِرْبي» تِنُّ
الرجُلِ مِثْلُهُ فِي السِّنِّ. يُقَالُ: هُم أَتْنَان، وأتْراب،
وأسْنَانٌ.
(تَنَا)
[هـ] فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ «كَانَ حُمَيد بْنُ هِلَالٍ مِنَ
الْعُلَمَاءِ، فأضَرَّت بِهِ التِّنَاوَة» أَرَادَ التِّنَاية، وَهِيَ
الفِلاَحة وَالزِّرَاعَةُ فقلبَ الْيَاءَ وَاوًا، يُريد أَنَّهُ تَرك
الْمُذَاكَرَةَ وَمُجَالَسَةَ الْعُلَمَاءِ، وَكَانَ نَزَلَ قَرْيَةً
عَلَى طَرِيقِ الأهْواز. وَيُرْوَى «النِّبَاوَة» بالنُّون وَالْبَاءِ:
أَيِ الشَّرَف.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْوَاوِ
(تَوَجَ)
(س) فِيهِ «العَمائم تِيجَان الْعَرَبِ» التِّيجَان جَمْعُ تَاج:
وَهُوَ مَا يُصاغ لِلْمُلُوكِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ. وَقَدْ
تَوَّجْتَهُ إِذَا ألْبَسْتَه التَّاج، أَرَادَ أَنَّ الْعَمَائِمَ
لِلْعَرَبِ بِمَنْزِلَةِ التِّيجَانِ لِلْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُمْ
أَكْثَرُ مَا يَكُونُونَ فِي الْبَوادي مَكْشُوفي الرؤوس أَوْ
بالْقَلانس، والْعَمائم فِيهِمْ قليلةٌ.
(تَوْرٌ)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنَّهَا
صنَعَتْ حَيْساً فِي تَوْرٍ» هُوَ إِنَاءٌ مِنْ صُفْر أَوْ حِجَارَةٍ
كالإجَّانة، وَقَدْ يُتَوضأ مِنْهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَمَّا احْتُضِر
دَعَا بِمسْك، ثُمَّ قَالَ لامْرَأته: أوْحفيه فِي تَوْر» أَيِ
اضْرِبيه بِالْمَاءِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(1/199)
(تُوسٌ)
(س) فِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ مِنْ تُوس
الْحَيَاءِ» التُّوس: الطَّبِيعَةُ والخِلْقة. يُقَالُ: فُلَانٌ مَنْ
تُوس صدْق: أَيْ مِنْ أصْلِ صدْق.
(تَوَقَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه «مالك تَتَوَّق فِي قُرَيْش
وتَدَعُنا» تَتَوَّق تَفَعَّل، مِنَ التَّوْق وَهُوَ الشَّوق إِلَى
الشَّيْءِ والنُّزوع إِلَيْهِ، والأصل تَتَتَوَّق بثلاث تاآتٍ،
فَحَذَفَ تَاءَ الْأَصْلِ تَخْفيفا؛ أَرَادَ:
لِمَ تَتَزَوَّج فِي قُرَيْشٍ غيرَنا وتدعُنا، يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ.
وَيُرْوَى تَنَوَّق بِالنُّونِ، وَهُوَ مِنَ التَّنَوُّق فِي الشَّيْءِ
إِذَا عُمل عَلَى اسْتِحْسان وَإِعْجَابٍ بِهِ. يُقَالُ تَنَوّق
وتَأنَّق.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «إِنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لَهُ: مَا
لَكَ تَتَوَّق فِي قُرَيْشٍ وتَدَع سائرهُم» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا «كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُتَوَّقَة» كذ رَوَاهُ بِالتَّاءِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا
المُتَوَّقَة؟ قَالَ: مِثْلُ قَوْلِكَ فَرَسٌ تَئِق: أَيْ جوَاد. قَالَ
الحرْبي:
وَتَفْسِيرُهُ أعْجَب مِنْ تَصْحِيفِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُنَوَّقة-
بِالنُّونِ- وَهِيَ الَّتِي قَدْ رِيضَتْ وأُدّبَتْ.
(تَوَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ «التِّوَلَة مِنَ الشِّرْكِ»
التِّوَلَة- بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ- مَا يُحبّب
الْمَرْأَةَ إِلَى زوْجها مِنَ السِّحْرِ وَغَيْرِهِ، جَعَلَهُ مِنَ
الشِّرْكِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ ويَفْعل خِلَافَ
مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ «قَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى قَدْ أَرَادَ بِقُرَيْشٍ التُّوَلَة» هِيَ بِضَمِّ التَّاءِ
وَفَتْحِ الْوَاوِ: الدَّاهِيَةُ، وَقَدْ تُهْمَز.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَفْتِنَا
فِي دَابَّةٍ تَرْعَى الشَّجَرَ وتَشْربُ الْمَاءَ فِي كَرِش لَمْ
تَثِّغر؟ قَالَ: تِلْكَ عِنْدَنَا الفَطيم، والتَّوْلَة، والجَذَعة»
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا رُوي، وإنَّما هُوَ التِّلْوة، يُقَالُ
لِلْجَدْي إذا فظم وتَبع أُمَّهُ تِلْوٌ وَالْأُنْثَى تِلْوَة،
وَالْأُمَّهَاتُ حِينَئِذٍ المَتَالِي، فَتَكُونُ الْكَلِمَةُ مِنْ
بَابِ تَلاَ، لَا تَولَ.
(تَوَمَ)
(س) فِيهِ «أتَعْجِز إحْداكُنّ أَنْ تَتَّخِذ تُومَتَيْنِ مِنْ
فِضَّةٍ» التُّومَة مثْلُ الدُّرَّة تُصاغ مَنِ الفضِّة، وَجَمْعُهَا
تُوم وتُوَم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْكَوْثَرِ «ورَضْرَاضُة التُّوم» أَيِ
الدُّرُّ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تَوَّ)
(هـ) فِيهِ «الاسْتِجْمَار تَوّ، والسَّعْي تَوّ، والطوافُ تَوّ»
التَّوّ الفردُ؛ يُريد أَنَّهُ يَرْمي
(1/200)
الجِمار فِي الْحَجِّ فرْدا، وَهِيَ سَبْعُ
حَصَيات، ويَطُوف سبْعا، ويسْعَى سبْعا. وَقِيلَ أَرَادَ بِفَرديَّة
الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ: أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْهُمَا مرَّة وَاحِدَةٌ
لَا تَثَنَّى وَلَا تُكَرَّرُ، سَواء كَانَ المحْرم مُفْرِدا أَوْ
قارِناً.
وَقِيلَ أَرَادَ بِالِاسْتِجْمَارِ: الِاسْتِنْجَاءَ، والسُّنَّة أَنْ
يَسْتَنْجِيَ بِثَلَاثٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِاقْتِرَانِهِ
بالطَّواف وَالسَّعْيِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ «فَمَا مَضَتْ إلاَّ تَوَّة حَتَّى
قَامَ الأحْنَف مِنْ مَجْلسه» أَيْ ساعَةٌ وَاحِدَةٌ.
(تَوًّا)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ
مَنْ يُدْعَى مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: «ذَاكَ الَّذِي لَا
تَوَى عَلَيْهِ» أَيْ لَا ضَياع وَلَا خَسَارة، وَهُوَ مِنَ التَّوَى:
الْهَلَاكُ.
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْهَاءِ
(تَهَمَ)
(س) فِيهِ «جَاءَ رَجُلٌ بِهِ وَضَحٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ:
انْظُر بَطْن وَادٍ لَا مُنْجِدٍ وَلَا مُتْهِم فَتمعَّك فِيهِ، فَفعل،
فلَم يزِد الوَضَح حَتَّى مَاتَ» المُتْهِم: الْمَوْضِعُ الَّذِي
يَنْصَبُّ مَاؤُهُ إِلَى تِهَامَة. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَمْ يُرِدْ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ الْوَادِيَ
لَيْسَ مِنْ نَجْد وَلَا تِهَامَة، ولكنَّه أَرَادَ حَدّا منْهما،
فَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ نَجْد كلُّه، وَلَا مِنْ تِهامة
كلُّه، ولكنَّه مِنْهُما، فَهُوَ مُنْجِد مُتْهِم. وَنَجْد مَا بَيْنَ
العُذَيْب إِلَى ذَاتِ عِرْق، وَإِلَى اليمَامة، وَإِلَى جَبَلْى
طَيّئ، وَإِلَى وَجْرَة، وَإِلَى اليَمن. وذَاتُ عِرْق أَوَّلُ تِهامة
إِلَى الْبَحْرِ وجُدَّة. وَقِيلَ تِهَامَة مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرق
إِلَى مرحَلتين مِنْ وَرَاءِ مَكَّةَ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ
المغْرب فَهُوَ غَوْر. وَالْمَدِينَةُ لَا تِهَاميَّةٌ وَلَا
نَجْدِيَّةٌ، فَإِنَّهَا فَوْقَ الغَوْر ودُون نَجْد.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ حُبِسَ فِي تُهْمة» التُّهْمة فُعْلة مِنَ
الوَهْم، وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْهَاءُ.
واتَّهَمْتُه: أَيْ ظنَنت فِيهِ مَا نُسِب إِلَيْهِ.
(تَهِنَ)
(س) فِي حَدِيثِ بِلَالٍ حِينَ أذَّن قَبْلَ الْوَقْتِ «أَلَا إنَّ
العبْد تَهِنَ» أَيْ نَامَ. وَقِيلَ النُّون فِيهِ بَدَلٌ مِنَ
الْمِيمِ. يُقَالُ تَهِم يَتْهَم فَهُوَ تَهِم إِذَا نَامَ. والتَّهَم
شِبْه سَدَر يَعْرض مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ ورُكود الرِّيحِ.
الْمَعْنَى: أَنَّهُ أشْكَل عَلَيْهِ وقتُ الْأَذَانِ وتحيَّر فِيهِ
فَكَأَنَّهُ قَدْ نَامَ.
(1/201)
بَابُ التَّاءِ مَعَ الْيَاءِ
(تَيَحَ)
- فِيهِ «فَبِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّهُمْ فِتْنة تَدعُ الْحَلِيمَ
مِنْهُمْ حَيْرانَ» يُقَالُ أَتَاحَ اللَّهُ لفُلان كَذَا: أَيْ قدَّره
لَهُ وأنْزَله بِهِ. وتَاحَ لَهُ الشَّيء.
(تَيَرَ)
- فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ثُمَّ أقْبَل مُزْبداً
كالتَّيَّار» هُوَ موْج الْبَحْرِ ولُجَّتُه.
(تَيَسَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ
ذَكَرَ الغُول فَقَالَ قُلْ لَهَا: تِيسِي جَعَارِ» تِيسِي: كَلِمَةٌ
تُقَالُ فِي مَعْنَى إِبْطَالِ الشَّيْءِ والتَّكْذيب بِهِ. وجعَارِ-
بِوَزْنِ قطَام- مَأْخُوذٌ مِنَ الجَعْر وَهُوَ الحدَث، مَعْدُولٌ عَنْ
جاعِرة، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الضَّبُع، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا:
كَذَبْتِ يَا خَارِية.
وَالْعَامَّةُ تُغَيّر هَذِهِ اللَّفْظَةَ، تَقُولُ: طِيزي بِالطَّاءِ
وَالزَّايِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَاللَّهِ
لَأُتِيسَنَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ» أَيْ لأبْطِلَنَّ قَوْلَهُمْ
ولأردّنَّهم عَنْ ذَلِكَ.
(تَيَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «فِي التِّيعَة شَاةٌ» التِّيعَة: اسْمٌ
لأدنَى مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الحيَوان، وَكَأَنَّهَا
الجُملة الَّتِي لِلسُّعَاةِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، مِنْ تَاعَ يَتِيعُ
إِذَا ذَهب إِلَيْهِ، كالخمْس مِنَ الْإِبِلِ، وَالْأَرْبَعِينَ مِنَ
الغنَم.
(هـ) وَفِيهِ «لَا تَتَايَعُوا فِي الْكَذِبِ كَمَا يَتَتَايَعُ
الْفَرَاشُ فِي النَّارِ» التَّتَايُع: الْوُقُوعُ فِي الشَّرّ مِنْ
غَيْرِ فِكْرة وَلَا رَوِيَّة، والمُتابَعَة عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ
فِي الْخَيْرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى
«وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ» قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبادة رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: إنْ رَأَى رجُل مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فيَقْتله
تقتُلونه، وَإِنْ أخْبَر يُجْلَد ثَمَانِينَ، أفَلا يَضْرِبُهُ
بالسَّيف؟
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كفَى بالسَّيف
شَا» أَرَادَ أَنْ يَقُولَ شَاهِداً فأمْسَك. ثُمَّ قَالَ: «لَوْلَا
أَنْ يَتَتَايَعَ فِيهِ الغَيْرانُ وَالسَّكْرَانُ» وَجَوَابُ لَوْلَا
مَحْذُوفٌ، أَرَادَ لَوْلَا تَهَافُت الغَيْرانِ والسَّكرانِ فِي
الْقَتْلِ لتّمَّمْتُ عَلَى جعْله شَاهِدًا، أَوْ لحكَمْت بِذَلِكَ.
(1/202)
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا «إنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ
وَجْهَهُ أَرَادَ أَمْرًا فَتَتَايَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمُورُ فلَم
يَجِدْ مَنْزعاً» يَعْنِي فِي أَمْرِ الْجَمَلِ.
(تَيْفَقَ)
- فِي حديث علي رضي الله عنه «وسئل عن الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَقَالَ:
هُوَ بَيْتٌ فِي السماءِ تِيفَاقَ الْكَعْبَةِ» أَرَادَ حِذَاءَهَا
وَمُقَابِلَهَا. يُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ لِوَفْق الأمْر وتَوْفَاقه
وتِيفَاقه. وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ الْوَاوُ، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ.
(تَيَمَ)
(هـ) فِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْر «والتِّيمَة لِصَاحِبِهَا»
التِّيمَة بِالْكَسْرِ: الشَّاة الزَّائدة عَلَى الْأَرْبَعِينَ حَتَّى
تَبْلُغ الْفَرِيضَةَ الْأُخْرَى. وَقِيلَ هِيَ الشَّاةُ تَكُونُ
لِصَاحِبِهَا فِي مَنْزِلِهِ يَحْتَلِبها وليْسَتْ بِسَائمة.
وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ.
مُتَيَّم إثْرَهَا لَمْ يُفْد مَكْبُولُ
أَيْ مُعَبَّدٌ مُذلَّل وتَيَّمَهُ الحبُّ: إِذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ.
(تَيَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَانِ
كَالْمَرّتَان» قَالَ أَبُو مُوسَى:
كَذَا وَرَدَ فِي الرِّوَايَةِ، وَهُوَ خطَأ، والمُراد بِهِ خَصْلَتان
مَرَّتَان. وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: تَانِكَ المَرّتَان، ويَصِل
الْكَافَ بِالنُّونِ، وَهِيَ لِلْخِطَابِ: أَيْ تَانِك الخصْلتَان
اللَّتان أَذْكُرُهُمَا لَك. ومَن قَرنَهُما بالمَرّتَيْن احْتَاجَ
أَنْ يَجُرَّهُما وَيَقُولَ: كالمرَّتَيْن، وَمَعْنَاهُ هَاتَان
الخصْلتان كخصْلَتين مرَّتين، وَالْكَافُ فِيهَا للتَّشبيه.
(تَيَهَ)
- فِيهِ «إنَّك امْرُؤ تَائِهٌ» أَيْ مُتَكبّر أَوْ ضَالٌّ مُتَحَيّر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَتَاهَتْ بِهِ سفينَتُه» وَقَدْ تَاهَ يَتِيهُ
تَيْهاً: إِذَا تحيَّر وَضلَّ، وَإِذَا تكَبَّر.
وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(تَيَا)
(س) فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ رَأَى
جَارِيَةً مَهْزُولَةً فَقَالَ: مَنْ يَعْرف تَيَّا؟
فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: هِيَ وَاللَّهِ إحْدَى بنَاتك» تَيَّا تَصْغِيرُ
تَا، وَهِيَ اسْمُ إِشَارَةٍ إِلَى الْمُؤَنَّثِ، بِمَنْزِلَةِ ذَا
للمذكَّر، وَإِنَّمَا جَاءَ بِهَا مصغَّرة تَصْغِيراً لأمْرِها،
وَالْأَلِفُ فِي آخِرِهَا عَلاَمة التَّصْغير، وَلَيْسَتِ الَّتِي فِي
مُكَبَّرِها، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ السَّلف، وأَخَذ تَبِنَة مِنَ
الْأَرْضِ، فَقَالَ: تَيَّا مِن التَّوْفِيقِ خَيْر منْ كَذَا وَكَذَا
مِنَ العمَل.
(1/203)
|