تاج العروس (فصل السِّين) الْمُهْملَة مَعَ المهمزة)
سأسأ
: ( {سَأْسَأَ بالحِمارِ} سَأْسَأَةً {وسَأْسَاءً) بِالْمدِّ (:
زَجَرَه لِيَحْتَبِسَ) قَالَه أَبو عمروٍ، وَقد} سَأْسأْتُ بِهِ، (أَو)
وقلتَ لَهُ سَأْسَأْ بالحِمار إِذا (دَعاهُ لِشرَبَ) وقلتَ لَهُ
سَأْسَأْ، قَالَه الأَحمرُ، وَفِي المَثَل (قَرِّبِ الحِمارَ مِن
الرَّدْهَةِ وَلَا تَقُلْ لَهُ {سَأْ) الرَّدْهَةُ: نُقْرَةٌ فِي
صَخْرةٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، (أَو يَمْضِيَ) أَي زَجْرتَه
ليمْضِيَ قُلْتَ لَهُ سَأْسَأْ، قَالَه اللَّيْث، وَقد يُذْكَرُ سَأْ
وَلَا يُكَرَّرُ، فَيكون ثُلاثِيًّا قَالَ:
لَمْ تَدْرِ مَاسَأْ لِلْحَميرِ وَلَم
تَضْرِبْ بِكَفِّ مُخَابِطِ السَّلَمِ
وَيُقَال: سأْ للحمار عِنْد الشُّرْبِ، فإِن رَوِيَ انْطلق وإِلاَّ لم
يَبْرَحْ، قَالَ: وَمعنى سَأْ اشْرَبْ فإِني أُريد أَن أَذهبَ بك،
قَالَ أَبو مَنْصُور: والأَصل فِي سَأْ زَجْرٌ وتَحرِيكٌ للمُضِيِّ،
كأَن يُحَرِّكه لِيشْرَبَ إِن كانتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الماءِ مخافَةَ
أَنْ يُصْدِرَه وَبِه بَقِيَّةُ الظَّمإِ.
قَالَ شَيخنَا: وَمِمَّا بَقِي على الْمُؤلف:
} السِّئْسِىءُ كالضِّئْضِيءِ وَزْناً ومعْنى، نقلَه عَن ابنِ دِحْيَةَ
فِي التَّنْوِيهِ.
قلت (و) فِي (العُباب) : (! تَسأْسَأَتْ)
(1/261)
عَلَيَّ (أُمورُكم) وتَسَيَّأَتْ، أَي
(اختلفَتْ) فَلَا أَدرِي أَيُّها أَتبعُ.
سبأ
: ( {سَبَأَ الخَمْرَ كجَعَل) } يَسْبؤُها ( {سَبْأً} وَسِبَاءً) ككتاب
( {ومَسْبأً: شَرَاهَا) ، الأَكثر استعمالُ شَرى فِي مَعنى البَيْعِ
والإِخراج، نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}
(يُوسُف: 20) أَي باعوه، وَلذَا فَسَّره فِي (الصِّحَاح) و (الْعباب)
باشتراها، لأَنه الْمَعْرُوف فِي معنى الأَخذ والإِدخال، نَحْو {إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرَى} (التَّوْبَة: 111) ، وإِن كَانَ كلٌّ مِنْ شَرَى
وباعَ يُستعمل فِي المعنيينِ، وَكَذَا فسره ابْن الأَثير أَيضاً،
وَزَاد الجوهريُّ والصغانيُّ قَيْداً آخَرَ، وَهُوَ لِيحشربَها قَالَ
إِبراهيمُ بنُ عليِّ بن مُحمّد بن سَلمة بن عَامر بن هَرْمَةَ:
خَوْدٌ تُعَاطِيكَ بَعْدَ رَقْدَتِها
إِذَا يُلاَقى العُيُونَ مَهْدَؤُهَا
كَأْساً بِفِيها صَهْبَاءَ مُعْرَفَةً
يَغْلُو بِأَيْدِي التِّجَارِ} مَسْبَؤُهَا
قَوْله مُعْرَفَةً أَي قَليلَة المِزاجِ، أَي أَنها مِن جَوْدَتِها
يَغْلُو اشْتِراؤُهَا، قَالَ الكِسائيُّ: وإِذا اشْتَرَيْتَ الْخمر
لَتَحْمِلها إِلى بَلَدٍ آخَر قُلت: سَبَيْتُهَا، بِلَا هَمْزٍ، وعَلى
هَذِه التفرقةِ مَشاهيرُ اللُّغوِيِّين إِلاّ الفَيُّومِيَّ صاحبَ
(الْمِصْبَاح) فإِنه قَالَ: ويُقال فِي الخمرِ خَاصَّةً {سَبَأْتُها،
بِالْهَمْز إِذا جَلَبْتَها من أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ، فَهِيَ سَبِئَةٌ،
قَالَه شيخُنا (} كاسْتَبَأَهَا) ، وَلَا يُقَال ذَلِك إِلاّ فِي
الخَمْرِ خَاصَّةً، قَالَ مالكُ بنُ أَبِي كَعْبٍ:
بَعَثْتُ إِلى حَانُوتِهَا {فَاسْتَبَأْتُها
بِغَيْرِ مِكَاسٍ فِي السِّوَامِ وَلاَ غَصْبِ
(وَبيَّاعُها} السَّبَّاءُ) كعَطَّارٍ، وَقَالَ خالدُ بنُ عبد الله
لعُمَر بنِ يُوسُفَ الثقفيِّ: يَا ابْنَ السَّبَّاءِ، حكى ذَلِك أَبو
حنيفَة.
وَمِمَّا أَغفله المؤَّلف:! سَبَأَ الشَّرابَ، إِذا جَمَعها
وَخَبَأَها، قَالَه أَبو مُوسَى فِي معنى حَدِيثِ عُمرَ رَضِي الله
عَنهُ، أَنه
(1/262)
دَعَا بِالجِفَانِ فَسَبأَ الشَّرابَ
فِيهَا.
(و) سَبَأَ (الجِلْدَ) بالنارِ سَبْأً (: أَحْرَقَه) قَالَه أَبو زيد،
(و) سَبَأَ الرجلُ سَبْأً (: جَلَدَ، و) سَبَأَ (سَلَخَ) . فِيهِ
قَلَقٌ، لأَنه قَول فِي سَبَأَ الجِلْدِ: أَحرقه، وَقيل: سَلَخَه،
فالمناسبُ ذِكْرُه تحتَ أَحرقه وانْسَبَأَ الجِلْدُ انْسَلَخ، {وانسبأْ
جِلْدُه إِذا تَقَشَّر، قَالَ الشَّاعِر:
وَقَدْ نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ
(و) سبأَ (: صَافَحَ) قَالَ شَيخنَا: هُوَ معنى غَرِيبٌ خَلَت عَنهُ
زُبُرُ الأَوَّلين. قلت: وَهُوَ فِي (العُباب) ، فَلَا معنى لإِنكاره
(و) } سَبَأَتِ (النَّارُ) وَكَذَا لسِّيَاطُ، كَذَا فِي (الْمُحكم)
(الجِلْدَ) سَبْأً (: لَذَعَتْه) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْعين
الْمُهْملَة (و) قيل (غَيَّرَتْه) ولَوَّحَتْه، وَكَذَلِكَ الشمسُ
والسَّيْرُ والحُمَّى، كُلُّهنَّ يَسْبَأْنَ الإِنسانَ، أَي
يُغَيِّرْنَه.
(! وسَبَأٌ كَجَبَلٍ) يُصرَف على إِرادة الْحَيّ قَالَ الشَّاعِر:
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلْدَانُ مِنْ سَبَإٍ
كَأَنَّهُمْ تَحْتَ دَفَّيْهَا دَحَارِيجُ
(ويُمْنَعُ) من الصّرْف لأَنه اسْم (بَلْدَة بَلْقِيسَ) بِالْيمن،
كَانَت تَسكُنها، كَذَا ورد فِي الحَدِيث قَالَ الشَّاعِر:
مِنْ سَبَأَ الحَاضِرِينَ مَأْرِبَ إِذ
يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِهَا العَرِمَا
وَقَالَ تَعَالَى: {1. 019 وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين} (النَّمْل: 22)
قَالَ الزّجاج: سَبَأ هِيَ مَدِينَة تُعرَف بمَأْرِب، من صَنْعاءَ على
مَسيرةِ ثلاثِ ليالٍ، وَنقل شَيخنَا عَن زَهر الأَكَمْ فِي الأَمثال
والحِكم مَا نَصه: وكانَتْ أَخصَبَ بِلادِ الله، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ} (سبأ: 15) قيل: كَانَت مَسَافَة
شهرٍ للراكب المُجِدّ، يسير الْمَاشِي فِي الجِنانِ من أَوّلها إِلى
آخرهَا لَا يُفارِقه الظِّلُّ مَعَ تدفُّقِ الماءِ وصفَاءِ الأَنهارِ
واتِّساع الفَضاءِ، فَمَكَثُوا مُدَّة فِي أَمْنٍ، لَا يُعانِدُهم
أَحدٌ إِلاّ قَصَموه، وَكَانَت فِي بَدْءِ الأَمرِ تَركَبُها السُّيول
فجَمعَ لذَلِك حِمْيَرٌ أَهْلَ مملكتِه، وشاوَرَهم، فاتَّخذوا سَدًّا
فِي بَدْءِ جَرَيَانِ الماءِ، وَرَصوه بِالْحِجَارَةِ والحَديد،
(1/263)
وَجعلُوا فِيهِ مَخَارِقَ للماءِ، فإِذا
جاءَت السُّيولُ انقسمت على وَجْهٍ يَعُمُّهم نَفْعُه فِي الجَنَّاتِ
والمُزْدَرَعَاتِ، فَلَمَّا كَفروا نعَمَ الله تَعَالَى ورأَوْا أَنَّ
مُلْكَهم لَا يُبيدُه شيءٌ، وعَبدُوا الشَّمْسَ، سَلَّط الله على
سَدِّهم فَأْرةً فخَرقَتْه، وأَرْسَلَ عَلَيْهِم السَّيْلَ فمزّقهم
اللَّهُ كلَّ مُمَزَّقٍ، وأَباد خَضْرَاءَهم.
(و) قَالَ ابنُ دُريدٍ فِي كتاب (الِاشْتِقَاق) : سَبَأٌ (لَقَبُ ابْنِ
يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ) بن قَحْطانَ، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي
بَعْضهَا: ولَقَبُ يَشْجُب، وَهُوَ خطأٌ (واسمُه عَبْدُ شَمْسٍ،
يَجْمَعُ قبائلَ اليَمَنِ عَامَّة) يُمعدُّ وَلَا يُمَدُّ، وَقَول
شَيخنَا: وَزَاد بعضٌ فِيهِ المَدِّ أَيضاً، وَهُوَ غريبٌ غريبٌ، لأَنه
إِذا ثَبت فِي الأُمهات فَلَا غرابةَ، مَعَ أَنه مَوْجُود فِي
(الصِّحَاح) ، وأَما الحَدِيث المُشار إِليه الَّذِي وَقَع فِيهِ
ذِكْرُ سَبإٍ فأَخرجه التّرمذيُّ فِي (التَّفْسِير) ، عَن فَرْوَةَ بنِ
مُسَيْكٍ المُرادِيُّ قَالَ: أَتيْنَا رَسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فقلتُ: يَا رَسُول الله، أَلاَ أُقاتِلُ مَنْ أَدبَر مِن قَوْمِي
بِمَنْ أَقْبلَ مِنْهُم؟ فأَذِنَ لي فِي قِتَالِهم، وأَمَّرني،
فَلَمَّا خَرجْتُ من عِنْده سأَل عني: (مَا فَعَلَ الغُطَيْفِيّ؟)
فأُخْبِر أَني قدْ سِرْتُ، قَالَ: فأَرْسَلَ فِي أَثَرِي فَرَدَّني،
فَأَتَيْتُه، وَهُوَ فِي نَفَرٍ من أَصحابِه، فَقَالَ: (ادْعُ
القَوْمَ، فَمَنْ أَسلَم مِنْهُم فاقْبَلْ مِنْه، وَمن لَمْ يُسْلِمْ
فَلَا تَعْجَل حَتَّى أُحْدِثَ إِليك، قَالَ: وأُنْزِل فِي سَبَإِ مَا
أُنْزِل، فَقَالَ رَجلٌ: يَا رَسُول الله، وَمَا سَبَأٌ؟ أَرْضٌ أَو
امرأَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلاَ امْرَأَةٍ ولكنّه رَجُلٌ وَلدَ
عَشْرَةً مِن الْيمن فَتَيَامَنَ مِنْهُم ستّةٌ، وتشاءَم مِنْهُم
أَربعةٌ، فأَما الَّذين تشاءَموا فَلَخْمٌ وجُذَامٌ وغَسَّانُ وعَاملة،
(1/264)
وأَما الَّذين تَيَامَنُوا فالأَزْدُ
والأَشْعَرِيُّونَ وحِمْيَر وكِنْدَة ومَذْحِج وأَنمار فَقَالَ رجل:
يَا رسولَ الله، وَمَا أَنمار؟ قَالَ: (الَّذين مِنْهُم خَثْعَمُ
وَبجيِلَةُ) قَالَ أَبو عِيسَى: هَذَا حديثٌ حَسَنٌ (غَرِيب) .
(و) سَبَأٌ (والدُ عَبْدِ اللَّهِ المَنسوبِ إِليه) الطائفةُ (
{السَّبَائِيَّةُ) بِالْمدِّ، كَذَا فِي نسختنا، وصحَّح شيخُنا}
السَّبَئيَّة بِالْقصرِ، كالعَرَبِيَّة، وَكِلَاهُمَا صَحِيح (مِنَ
الغُلاةِ) جمع غَالِ وَهُوَ المُتعصِّبُ الْخَارِج عَن الحَدِّ فِي
الغُلُوِّ من المبتدعة، وَهَذِه الطائفةُ من غُلاةِ الشِّيعة، وهم
يتفرَّقون على ثَمانِي عَشْرَةَ فِرْقَةً.
( {والسِّبَاءُ كَكِتابٍ) والسَّبَأُ كجَبَلٍ، قَالَ ابنُ الأَنباريّ:
حكى الكِسائيُّ: السَّبأُ: الخَمْرُ، واللَّطَأُ: الشَّرُّ الثقيلُ،
حَكَاهُمَا مهموزَيْنِ مَقصوريْنِ، قَالَ: وَلم يَحْكِهما غيرُه، قَالَ
وَالْمَعْرُوف فِي الخمرِ السِّبَاءُ بِكَسْر السِّين والمدّ. (}
والسَّبِيئَة، كَكَرِيمَةِ: الخَمْرُ) أَي مُطلقًا، وَفِي (الصِّحَاح)
و (الْمُحكم) وَغَيرهمَا: سَبَأَ الخَمْرَ واسْتَبأَها: اشْتَرَاهَا،
وَقد تقدّم الاستشهادُ ببيتَيْ إِبراهيم بن هَرْمَة ومالكِ بن أَبي
كَعْبٍ، والاسمُ السِّباءُ، على فِعَالٍ بِكَسْر الفاءِ، وَمِنْه
سُمِّيَت الخمرُ {سَبِيئَةً، قَالَ حسان بن ثَابت:
كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ
يَكُون مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
عَلَى أَنْيَابِها أَوْ طَعْمُ غَضَ
مِنَ التُّفَّاحِ هَصَّرَه اجْتِنَاءُ
وَهَذَا الْبَيْت فِي (الصِّحَاح) :
كأَنَّ سَبِيئَةً فِي بَيْتِ رأْس
قَالَ ابْن بَرّيّ: وصوابُه (مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ، وَهُوَ موضعٌ
بالشأْم.
(و) وَيُقَال: (} أَسْبَأَ لأَمْرِ اللَّهِ) وَذَلِكَ إِذا (أَخْبَتَ)
لَهُ قَلْبُه. كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) (و) أَسبا (على الشَّيءِ:
خَبَتَ) أَي انْخَضَع (لَهُ قَلْبُهُ) .
(! والمَسَبْأُ كَمَقْعَدٍ: الطَّرِيقُ) فِي الجَبَل.
(1/265)
( {- وسَبِيءُ) كأَمير (الحَيَّةِ)
وسَبِيُّها يُهمز وَلَا يهمز (: سِلْخُها) بِكَسْر السِّين المهلمة،
كَذَا فِي نُسختنا، وَفِي بَعْضهَا على صِيغَة الفِعْلِ، سَبَأَ
الحَيَّةَ كمنع: سَلَخَها، وصحَّحها شيخُنا، وَفِيه تأْمُّلٌ ومخالفةٌ
للأُصول.
(و) قَالُوا فِي الْمثل: (تَفَرَّقُوا) ، كَذَا فِي (المكم) ، وَفِي
(التَّهْذِيب) : ذَهَبُوا، وَبِهِمَا أَورده الميدانيُّ فِي (مَجمع
الأَمثال) (أَيْدي} سَبَا وأَيادِي سَبَا) يُكتب بالأَلف لأَن أَصله
الْهَمْز، قَالَه أَبو عليَ القالي فِي الْمَمْدُود والمقصور، وَقَالَ
الأَزهريُّ: العربُ لَا تهمز سَبَا فِي هَذَا الْموضع، لأَنه كَثُر فِي
كَلَامهم فاستثقلوا فِيهِ الهمْزَ، وإِن كَانَ أَصلُه مهموزاً، ومثلَه
قَالَ أَبو بكر بن الأَنباريّ وغيرُه، وَفِي زهر الأَكم: الذَّهَابُ
مَعلومٌ، والأَيادِي جَمْعُ أَيْدٍ، والأَيْدِي بِمَعْنى الجَارِحة
وَبِمَعْنى النِّعْمة وَبِمَعْنى الطَّرِيق (: تَبَدَّدُوا) قَالَ ابنُ
مَالك: إِنه مُركَّب تَركيب خَمْسَةَ عَشَرَ، (بَنَوْهُ على
السُّكُونِ) أَي تكلَّموا بِهِ مبنيًّا على السّكُون كخمسةَ عشرَ، فَلم
يجمعوا بَين ثِقَلِ البناءِ وثِقَلِ الهَمزة، وَكَانَ الظَّاهِر
بَنَوْهُما أَو بنَوْهَا، أَي الأَلفاظ الأَربعة، قَالَه شيخُنا
(وَلَيْسَ بتَخفيف سَبَإٍ) لأَن صورةَ تخفيفه لَيست على ذَلِك (وإِنما
هُوَ بدلٌ) وَذَلِكَ لكثرته فِي كَلَامهم، قَالَ العجَّاج:
مِنْ صادِرٍ أَوح وارِدٍ أَيْدِي سبا
وَقَالَ كُثيِّر:
أَيَادِي سَبَا يَا عزُّ مَا كُنْتُ بَعْدَكُمْ
فَلَمْ يَحْلَ للْعيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ
(ضُرِبَ المَثَلُ بهم لأَنه لمَّا غَرِقَ مَكَانُهم وذَهبَتْ
جَنَّاتُهم) أَي لما أَشرف مَكَانُهم على الغَرق وقَرُبَ ذهابُ
جَنَّاتِهم قَبْلَ أَن يَدْهَمهم السَّيْلُ، وأَنهم توجهوا إِلى مَكَّة
ثمَّ إِلى كل جِهَةٍ برأْيِ الكاهِنةِ أَو الكاهِن، وإِنما بَقِيَ
هُنَاكَ طائفةٌ مِنْهُم فَقَط (تَبَدَّدُوا فِي البلادِ) فلحق الأَزدُ
بِعُمَان، وخُزَاعةُ بِبَطن مَرّ، والأَوْسُ والخَزرجُ بيثرِبَ،
(1/266)
وآلُ جَفْنَةَ بأَرض الشأْمِ، وآلُ
جَذيِمَةَ الأَبَرشِ بالعراق:
وَفِي (التَّهْذِيب) : قولُهم ذَهَبُوا أَيادِي سَبَا، أَي
مُتفرِّقِينَ، شُبِّهوا بأَهْل سَبَإٍ لمّا مَزَّقَهم الله فِي الأَرضِ
كُلَّ مُمَزَّق فأَخذَ كُلُّ طائفةٍ مِنْهُم طَرِيقاً على حِدَة،
واليَدُ: الطَّرِيقُ، يُقَال: أَخذ القَوْمُ يَدَ بَحْرٍ، فقيلَ للقومِ
إِذا تفرَّقوا فِي جِهاتٍ مُختلِفةٍ: ذَهبوا أَيدي سَبَا، أَي
فَرَّقَتْهم طُرقُهم الَّتِي سَلَكُوها كَمَا تَفرَّق أَهلُ سَبإٍ فِي
مَذاهِبَ شَتَّى.
(و) قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: يُقَال: إِنك (تُرِيدُ {سُبْأَةً،
بالضَّمِّ) أَي إِنك تُرِيدُ (سَفَراً بَعيداً) يُغيِّرُك، وَفِي
(التهديب) : السُّبْأَةُ: السَفر البَعِيد، سُمِّي سُبْأَةً، لأَن
الإِنسان إِذا طالَ سفَرُه سَبَأَتْه الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإِذا كَانَ
السفرُ قَرِيباً قيل: تُرِيدُ سَرْبَةً.
وَمِمَّا بَقِي على الْمُؤلف من هَذِه الْمَادَّة:} سبَأَ عَلَى يَمينٍ
كَاذبةٍ {يَسْبَأُ} سَبْأً: حَلَفَ، وَقيل: سَبَأَ عَلَى يمِين
يَسْبَأُ سَبْأً: مَرَّ عَلَيْهَا كاذِباً غير مُكْتَرِثٍ بهَا، وَقد
ذَكرهما صاحبُ (الْمُحكم) و (الصِّحَاح) و (العُباب) .
وَصَالح بن خَيْوَان {السَّبَائِي، الأَصحّ أَنه تَابِعِيّ، وأَحمد بن
إِبراهيم ابْن مُحَمَّد بن سَبَا الفقيهُ اليمنيُّ من المتأْخرين.
سبتأ
: (} المُسْبَنْتَأُ مَهموزٌ مقصورٌ) وَفِي بعض النّسخ مهموزاً
مَقْصُورا، قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: هُوَ (مَ يكون رَأْسُهُ طَوِيلاً
كالكُوخِ) بِالضَّمِّ، بيتٌ مُسَنَّم من القَصَب وسيأْتي.
سخأ
: ( {سَخَأَ النَّارَ كجَعَلَ) } يَسْخَؤُها {سَخْأً أَي (جَعَل لَهَا
مَذْهَباً) مَوْضعاً تَذهب إِليه (تَحْتَ القِدْرِ كَسَخَاها)
وسَخِيهَا، معتلاَّن، عَن الْفراء، وسيأْتي، وَزَاد الصغاني: والعُودُ
من الأَوّل} مِسْخَأٌ على مِفْعَلٍ، وَمن الثَّانِي وَالثَّالِث
مِسْخَاءٌ على مِفْعالٍ.
(1/267)
سدأ
: ( {السِّنْدَأْوُ كَجِرْدَحْلٍ وَ) } السِّنْدَأْوَةُ (بِهاءٍ)
يُقَال: رجلٌ {سِنْدَأْوَةٌ} وسِنْدَأْوٌ، قَالَ الكسائيّ: هُوَ
(الخَفيفُ، و) قيل: هُوَ (الجَرِيءُ) أَي الشَّديد (المُقْدِمُ) قَالَ
الشَّاعِر:
سِنْدَأْوَةٌ مِثْلُ العَتِيقِ الجَافِرِ
كأَنَّ تَحْتَ الرَّحْلِ ذِي المَسَامِرِ
قَنْطَرَةٌ أَوْفَتح على القَنَاطِرِ
(و) قيل: هُوَ (القَصِير و) قيل: (الدَّقِيقُ الجِسْمِ) بِالدَّال
الْمُهْملَة، وَفِي بعض النّسخ بالراء (مَع عِرَضِ رَأْسٍ) ، كلّ ذَلِك
منقولٌ عَن السيرافي، (و) قيل: هُوَ (العَظِيمُ الرَّأْسِ، و)
السِّنْدَأْوَةُ (: الذِّئْبَةُ) وناقة سِنْدَأْوَةٌ: جَرِيئَة
(وَزْنُه فِنْعَلْوٌ) إِشارة إِلى أَن النُّون وَالْوَاو زائدتان،
وَقيل: الزَّائِد الْهمزَة وَالْوَاو فوزنه فِعْلأْوٌ (ج
{سِندَأْوُونَ) وَهُوَ جمع مذكّر على غير شَرْطه، لأَنه جارٍ على غير
الْعَاقِل، وَلَيْسَ علَماً وَلَا صفة إِلا بضَرْبٍ من التأْويل،
قَالَه شَيخنَا.
سرأ
: (} السَّرْءُ {والسَّرْأَةُ) بفتحهما، اقْتصر عَلَيْهِ فِي
(الْمُحكم) (: بَيْضَةُ الجَرادِ) والضّبِّ (والسَّمكةِ) وَمَا أَشبهه
(وتُكْسَرُ) سِينهما فِي قولٍ (أَو هِيَ) أَي الْكَلِمَة (بِالكَسْرِ)
وَعَلِيهِ اقْتصر فِي (الصِّحَاح) ، وصحّحه الأَكثرون، قَالَ عليُّ بن
حَمْزَة الأَصبهانيُّ:} السِّرْأَةُ، بِالْكَسْرِ: بيضُ الجرادِ
وَيُقَال سِرْوَة، وأَصلها الْهَمْز، وَقيل لَا يُقَال ذَلِك حَتَّى
تُلْقيَاهُ (وجَرَادَةٌ {سَرُوءٌ) على فَعُولٍ، قَالَ اللَّيْث:
وَكَذَلِكَ سَرْءُ السمكَةِ وَمَا أَشبهه من الْبيض، فَهِيَ سَرُوءٌ،
والواحدة} سِرَأَة، قَالَ الأَصمعي الْجَرَاد يكون سَرْأً وَهُوَ بَيْض
فإِذا خرجت سَوداءً فَهِيَ دَباً. وضَبَّةٌ سَرُوءٌ على فَعُول
وضِبَابٌ سُرُؤٌ على فُعُلٍ وَهِي الَّتِي بَيْضُها فِي جَوْفِهَا لم
تُلْقِه، وَقيل لَا يُسمى الْبيض سَرْأً حَتَّى تُلْقِيَه، {وَسَرَأَت
الضَّبَّةُ: باضَتْ (ج} سُرُءٌ كَكُتُب) قَالَ الأَصبهانيُّ: وسَرَأَت
الجرادةُ {تَسْرأُ} سَرْأً فَهِيَ سَرُوءٌ: باضت، والجَمع
(1/268)
سُرُؤٌ ( {وسُرَّأٌ كَرُكَّعٍ نادِرَةٌ
فَلَا يُكَسَّرُ فَعُولٌ على فُعَّلٍ) بتشدِيد العينِ، (} وَسَرَأَت
(كمنَعَت)) الجرادةُ تَسْرَأُ سَرْأً (: بَاضَتْ) وَقَالَ أَبو عبيد
عَن الأَحمر: أَي أَلْقَتْ بَيْضَهَا، قَالَ: وَيُقَال: رَزَّتِ
الجرادَةُ، والرَّزُّ: أَن تُدْخِل ذَنَبها فِي الأَرض فتُلْقِيَ
{سَرْأَهَا،} وسَرْؤُها: بَيْضُها. وَقَالَ القَنانيُّ: إِذا أَلقى
الجرادُ بيضَهُ قيل: قَدْ سَرَأَ البَيْضَ يَسْرَأُ بِهِ (و) قَالَ
ابنُ دريدٍ: سَرَأَت (المَرْأَةُ) سَرْأً (: كَثُرَ أَولادُها) وَفِي
نُسْخَة: وَلَدُها ( {كَسَرَّأَت} تَسْرِئَةً، فيهِما) وَهَذَا عَن
الفرّاء ( {وأَسْرَأَتْ) أَي الجرادةُ (حَانَ تَبِيضَ) وَقَالَ
الأَحمر: أَسرأَتْ: حَان أَن تُلْقِيَ بَيْضَها (وأَرْض} مَسْرُوأَةٌ:
كَثيرَتُها) أَي الجرادُ، وَقَالَ الأَصبهانيّ، أَي ذَات سِرْوَةِ
وأَصله الْهَمْز.
وَمِمَّا أَغفله الْمُؤلف من هَذِه الْمَادَّة: {السَّراءُ كسَحابٍ:
ضَرْبٌ من شَجر القِسِيّ، الْوَاحِدَة} سَرَاءَةٌ {والسِّرْوَةُ:
السهْم لَا غَيْرُ، الأَخيرُ عَن عليّ بن حمزةَ، وأَصله الهمزُ.
سطأ
: (} سَطَأَها كَمَنَع: جَامَعَها) قَالَه أَبو سعيد، وَقَالَ ابْن
الْفرج: سمعتُ الباهِليِّينَ يَقُولُونَ: سَطَأَ الرجلُ المرأَةَ
وَمَطَأَها بِالْهَمْز أَي وَطِئَهَا، قَالَ أَبو مَنْصُور: وشَطَأَها
بالشين بِهَذَا الْمَعْنى لُغَةٌ، كَمَا قَالَه أَبو سعيدِ أَيضاً.
سلأ
: ( {سَلأَ السَّمْنَ كَمنَع) } يَسْلَؤُهُ {سَلأً (: طَبخَه وعالَجَه)
فأَذابَ زُبْدَه (} كاسْتَلأَه، والاسْمُ) ! السِّلاءُ بِالْكَسْرِ
مَمْدُود (كَكِتَاب) قَالَ الفرزدق يمدح الحَكَمَ بن أَيُّوبَ الثقفيَّ
عمَّ الْحجَّاج ابنِ يُوسفَ، وخَصَّ فِي القصيدةِ عبدَ الملكِ بنَ
مَرْوَانَ بالمديح:
رَامُوا الخِلافَةَ فِي غَدْرٍ فَأَخْطَأَهُمْ
مِنْهَا صُدُورٌ وفاءُوا بِالعَراقِيبِ
(1/269)
كَانُوا {كَسَالِئَةٍ حَمْقَاءَ إِذْ
حَقَنَتْ
} سَلاءَهَا فِي أَدِيم غَيْرِ مَرْبُوبِ
(ج {أَسْلِئَةٌ. و) سلأَ (السِمْسِمَ) سَلأً (: عصره) فاستخرج دُهْنَه
(و) قَالَ الأَصمعيّ: يُقَال} سلأَه مائةَ سَوْط سَلأً (ضَرَبَ) بهَا
(و) سَلأَه كَذَا دِرهماً: نَقَده أَو (عَجَّلَ نَقْدَه و) سَلأَ
(الجِذْعَ) وَكَذَا العَسِيبَ سَلأً: (نَزَعَ {سُلاَّءَهُ أَي
شَوْكَهُ) عَن أَبي حنيفَة.
(} والسُّلاَّءُ) بِالضَّمِّ مَمْدُود على وزن القُرَّاءُ: شَوْكُ
النَّخْلِ، واحدتُه سُلاَّءَةٌ، قَالَ عَلْقمة بن عَبَدَة يصف فرسا
لَهُ:
سُلاَّءَةٌ كَعَصَا النَّهْدِيِّ غُلَّ بِهَا
ذُو فَيْئَةٍ مِنْ نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
فِي نُسْخَة: زَفْيَاءة بدل ذُو فَيْئَة و (طائرٌ) أَغبرُ طَويلُ
الرِّجلين، (ونَصْلٌ {كَسُلأَّءِ النَّخْلِ) وَفِي الحَدِيث فِي صِفَة
الجَبَان (كأَنما يُضْرَب جِلْدُه} بِالسُّلاَّءَةِ) ، وَهِي شَوْكَةُ
النخْل، وَالْجمع سُلاَّءُ على وزن جُمَّار فيفهم من هَذَا أَنه
اسْتعْمل فِي النَّصل مُخَفَّفاً، وَكَذَا هُوَ مضبوط فِي نُسْخَة
(لِسَان الْعَرَب) فليُعْرَفْ.
سلطأ
: ( {اسْلَنْطَّأَ) الرجل إِذا (ارتفَعَ إِلى الشَّيءِ يَنظُر إِليه) ،
قَالَه ابْن بُزُرْج، كَذَا فِي (الْعباب) .
سوأ
: (} ساءَه) {يَسوءُه} سُوءًا بِالضَّمِّ و ( {سَوْءًا) بِالْفَتْح (}
وَسَوَاءً) كسحاب ( {وسَوَاءَةً) كسَحَابةٍ وَهَذَا عَن أَبي زيد (}
وَسَوَايَةً) كعَبَابَةِ ( {وَسَوَائِيَةً) قَالَ سِيبَوَيْهٍ: سأَلْتُ
الخليلَ عَن} سُؤْتُه سَوَائِيَةً فَقَالَ: هِيَ فَعَالِيَة بمنزِلَة
عَلاَنِيَةٍ ( {ومَسَاءَةً} ومَسَائِيَةً مَقْلُوباً) كَمَا قَالَه
سِيبَوَيْهٍ، نقلا عَن الْخَلِيل (وَأَصْلُه) وحْدَه ( {مَسَاوِئَة)
كَرهوا الْوَاو مَعَ الْهمزَة، لأَنهما حرفانِ مُستَثْقَلانِ (و)
سُؤْتُ الرجلَ سَوَايَةً و (} مَسَايَةً) يُخَفَّفان، أَي حذفوا
الْهمزَة تَخْفِيفًا كَمَا حَذفوا همزَة هَارٍ وَلاَثٍ كَمَا أَجمع
أَكثرُهم على تركِ الْهَمْز فِي مَلَكٍ وأَصلُه مَلأَكٌ (! ومَسَاءً
(1/270)
{وَمَسَائِيَّةً) هَكَذَا بِالْهَمْز فِي
النّسخ الْمَوْجُودَة، وَفِي (لِسَان الْعَرَب) بالياءَين: (: فَعَلَ
بِهِ مَا يَكْرَهُ) نقيض سَرَّه، (فاسْتَاءَ هُوَ) فِي الصَّنِيع مثل
اسْتَاعَ، كَمَا تَقول من الغَمُّ اغْتَمَّ، وَيُقَال: ساءَ مَا فَعَل
فلانٌ صَنِيعاً يَسُوءُ أَي قَبْحَ صَنيِعاً، وَفِي تَفسير الغَرِيب
لِابْنِ قُتَيْبَة قَوْله تَعَالَى.
{} وَسَاء سَبِيلاً} (الْإِسْرَاء: 32) أَي قَبُحَ هَذَا الفعلُ فعْلاً
وطَرِيقاً، كَمَا تَقول: ساءَ هَذَا مَذْهَباً، وَهُوَ مَنْصُوب على
التَّمْيِيز، كَمَا قَالَ {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} (النِّسَاء:
69) {واستاءَ هُوَ اسْتَهَمَّ وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وسلمأَن رجلا قصَّ عليهِ رُؤيا فاستاءَ لَهَا ثمَّ قَالَ: (خِلافَةُ
نُبُؤّة ثمَّ يُوحتي اللَّهُ المُلكَ مَنْ يَشاء) : قَالَ أَبو عبيدٍ:
أَراد أَن الرؤْيَا} ساءَتْه فاستاءَ لَهَا، افتعلَ من {المَسَاءَة،
وَيُقَال: استاءَ فلانٌ بمكاني، أَي ساءَهُ ذَلِك، ويروى: (فاستآلَها)
أَي طلب تَأْوِيلَها بالنَّظرِ والتأْمُّلِ، (والسُّوءُ، بِالضَّمِّ،
الاسْمُ مِنْهُ) وَقَوله عز وَجل {1. 019 وَمَا مسنى السوء}
(الْأَعْرَاف: 188) قيل: مَعْنَاهُ مَا بِي من جُنونٍ، لأَنهم نَسبوا
النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وسلمإِلى الجُنون، والسُّوءُ أَيضاً
بِمَعْنى الفُجور والمُنكر، وَقَوْلهمْ: لَا أُنْكِرُك من سُوءٍ، أَي
لم يكن إِنكاري إِيَّاك من سُوءٍ رأَيتُه بك، إِنما هُوَ لِقِلَّة
المَعرفة (و) يُقَال إِن السُّوءَ (البَرَصُ) وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
{تَخْرُجْ بَيْضَآء مِنْ غَيْرِ سُوء} (طه: 2) أَي من غير بَرَصٍ،
قَالَ اللَّيْث: أَما السُّوءُ فَمَا ذُكر} بِسَيِّىءٍ فَهُوَ
السُّوءُ، قَالَ: ويُكْنَى بالسُّوءِ عَن اسْمِ البَرَصِ، قلت: فَيكون
من بَاب الْمجَاز.
(و) ! السُّوءُ (كُلُّ آفَةٍ) ومَرضٍ، أَي اسمٌ جامِعٌ للآفات
والأَمراض، وَقَوله تَعَالَى {كَذالِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء
وَالْفَحْشَآء} قَالَ الزّجاج: السُّوءُ:
(1/271)
خيانَةُ صاحِبَةِ العَزِيز، والفحشاء:
رُكُوب الْفَاحِشَة (وَ) يُقَال: (لَا خَيْرَ فِي قَوْلِ السُوِّءِ
بِالْفَتْح وَالضَّم، إِذا فتحتَ) السِّين (فَمَعْنَاه) لَا خَيْرع
(فِي قَوْلٍ قَبِيح، وإِذا ضممت) السّين (فَمَعْنَاه) لَا خَيْرَ (فِي
أَن تَقولَ سُوءًا) أَي لَا تَقُلْ سُوءًا (وقُرِىء) قَوْله تَعَالَى (
{عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْء} (التَّوْبَة: 98) بِالْوَجْهَيْنِ)
الْفَتْح وَالضَّم، قَالَ الفراءُ: هُوَ مثل قَوْلك رَجُلُ السَّوْءِ،
والسَّوْءُ بِالْفَتْح فِي القراءَة أَكثَرُ، وقَلَّما تقولُ الْعَرَب
دَائِرَة السُّوءِ بالضمّ وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله تَعَالَى
{الظَّآنّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْء عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْء}
(الْفَتْح: 6) كَانُوا ظَنُّوا أَنْ لن يَعُودَ الرسولُ والمُؤمنونَ
إِلى أَهْلِيهم، فجعلَ اللَّهُ دَائِرَة السَّوْءِ عَلَيْهِم، قَالَ:
وَمن قَرأَ ظَنَّ السُّوءِ، فَهُوَ جائِزٌ، قَالَ: وَلَا أَعلم أَحداً
قَرَأَ بهَا إِلاَّ أَنَّها قد رُوِيَتْ، قَالَ الأَزهريُّ: قولُه: لَا
أَعلم أَحداً إِلى آخِره، وَهَمٌ، قرأَ ابنُ كَثيرٍ وأَبو عَمْرو:
دائرةُ السُّوءِ، بضمّ السِّين ممدوداً فِي سُورة بَراءَة وسُورة
الفَتْح، وقرأَ سائرُ القُرّاءِ (السَّوْءِ) بِفَتْح السِّين فِي
السُّورتَيْن: قَالَ: وتعجَّبْت أَن يَذْهَب على مِثْلِ الزجَّاج
قِراءَةُ القارِئَيْنِ الجليلين ابنِ كثيرٍ وأَبي عَمْرو، وَقَالَ أَبو
منصورٍ: أَما قَوْله {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْء} (الْفَتْح: 12) فَلم
يُقْرأْ إِلا بِالْفَتْح، قَالَ: وَلَا يجوز فِيهِ ضَمُّ السِّين، وَقد
قرأَ ابنُ كثير وأَبو عَمْرو {دَآئِرَةُ السَّوْء} بِضَم السِّين
ممدوداً فِي السورتين، وقرأَ سَائِر القُرَّاء بِالْفَتْح فيهمَا،
وَقَالَ الفرَّاء فِي سُورَة براءَة فِي قَوْله تَعَالَى
{وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْء}
(التَّوْبَة: 98) قَالَ: قراءَة القُرَّاءِ بنصْبِ السَّوْءِ وأَراد
بالسَّوْءِ المَصْدَرَ، وَمن رَفَع الين جَعلَه اسْما، قَالَ: وَلَا
يَجوز ضَمُّ السِّين فِي قَوْله {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْء}
(مَرْيَم: 28) وَلَا فِي قَوْله {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْء}
(الْفَتْح: 12) لأَنه
(1/272)
ضِدٌّ لقَولهم: هَذَا رَجُلُ صِدْقٍ،
وثَوحبُ صِدْقٍ، وَلَيْسَ للسَّوْءِ هُنَا معنى فِي بَلاءٍ وَلَا
عَذابٍ فَيُضَمّ، وقُرِىءَ قولُه تَعَالَى {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ
السَّوْء} (أَي الهُزيمة والشَّرِّ) والبلاءِ وَالْعَذَاب (والرَّدَي
والفَسَاد وكَذَا) فِي قَوْله تَعَالَى {أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْء}
(الْفرْقَان: 40) بِالْوَجْهَيْنِ (أَو) أَن (المضموم) هُوَ
(الضَّرَرُ) وسُوءُ الْحَال (و) السَّوْءُ (المفتوحُ) من المَسَاءَة
مثل (الفَسَاد) والرَّدي (والنَّار، وَمِنْه) قَوْله تَعَالَى: (
{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءواْ السُّوءى} (الرّوم: 10))
قيل هِيَ جَهَنَّم أَعاذَنا اللَّهُ مِنْهَا (فِي قِراءَة) أَي عِنْد
بعض القُرَّاءِ، وَالْمَشْهُور السُّوأَى كَمَا يأْتِي (ورَجُلُ
سَوْءٍ) بِالْفَتْح، أَي يَعملُ عمَلَ سَوْءِ (و) إِذا عَرَّفْتَه
وصَفْتَ (بِهِ) تَقول: هَذَا رَجُلُ سَوْءِ بالإِضافة وتُدْخِل
عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّام فَتَقول هَذَا (رَجُلُ السَّوْءِ) قَالَ
الفرزدق:
وكُنْتَ كَذِئْبِ السَّوْءِ لمَّا رَأَى دَماً
بِصَاحِبِهِ يَوْماً أَحَالَ عَلَى الدَّمِ
(بالفَتحِ والإِضافة) لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّب، قَالَ الأَخفش: وَلَا
يُقَال الرَّجُلُ السَّوْءُ، وَيُقَال الحَقُّ اليَقِينُ وحَقُّ
اليَقِينِ، جَميعاً، لأَنّ السَّوْءَ لَيْسَ بِالرجلِ، واليَقينُ هُوَ
الحَقُّ، قَالَ: وَلَا يُقَال هَذَا رَجُلُ السُّوءِ، بالضمّ، قَالَ
ابنُ بَرِّيّ. وَقد أَجازَ الأَخفَشُ أَن يُقال رَجُلُ السَّوْءِ
وَرَجَلُ سَوْءٍ، بِفَتْح الين فيهمَا، وَلم يُجِزْ رَجُل السُّوءِ
بِضَم السِّين، لأَن السُّوءَ اسمٌ للضُّرِّ وسُوءِ الحالِ، وإِنما
يُضاف إِلى الْمصدر الَّذِي هُوَ فِعْلُه، كَمَا يُقَال: رَجُلُ
الضَّرْبِ والطَّعْنِ، فَيقومُ مَقَامَ قَوْلِك: رجلٌ ضَرَّابٌ
وطَعَّانٌ، فَلهَذَا جَازَ أَن يُقال رَجُلُ السَّوْءِ بِالْفَتْح،
وَلم يَجُزْ أَن يُقَال هَذَا رَجُلُ السُّوءِ، بالضمّ. وَتقول فِي
النّكِرة رَجُلُ سَوْءٍ، وإِذا عرَّفتَ قلت: هَذَا الرَّجُلُ السَّوْءُ
وَلم تُضِفْ، وَتقول هَذَا عَمَلُ سَوْءٍ، وَلَا تقل السَّوْءِ، لأَن
السَّوْءَ يكون نَعْتاً للرجل، وَلَا يكون السَّوْءُ نَعْتاً للعَمل،
لأَن الفِعل من الرجُل وَلَيْسَ الفِعل من السَّوْءِ، كَمَا تَقول:
قوْلُ
(1/273)
صِدْق والقَوْلُ الصِّدْقُ ورجُلُ صدْق
وَلَا تَقول رجُلُ الصِّدْق، لأَن الرجل لَيْسَ من الصدقِ.
(و) السَّوْءُ بِالْفَتْح أَيضاً: (الضَّعْف فِي العيْنِ) .
( {والسُّوأَى) بِوَزْن فُعْلَى اسمُ الفَعْلَةِ} السَّيِّئَةِ بمنزِلة
الحُسْنَى للحَسنة محمولَةٌ على جِهةِ النعْتِ فِي حدِّ أَفْعل
وفُعْلَى {كالأَسْوَإِ} والسُّوأَى، وَهِي (ضِد الحُسْنَى) قَالَ أَبو
الغُول الطُّهَوِيُّ وَقيل: هُوَ النَّهشَلِيُّ، وَهُوَ الصَّوابُ:
وَلاَ يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسُوأَى
وَلاَ يَجْزُونَ مِنْ غِلَظ بِلِينِ
(و) قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ {أَسَاءوا}
السُّوأى} (الرّوم: 10) أَي عَاقِبَة الَّذين أَشركوا (النَّارُ) أَي
نَار جهنّم أَعاذَنا الله مِنْهَا.
( {وأَساءَه: أَفْسده) وَلم يُحْسن عَمله، وأَساءَ فُلانٌ الخِياطَةَ
وَالْعَمَل، وَفِي الْمثل (أَساءَ كارهٌ مَا عمِل) وَذَلِكَ أَن رجُلاً
أَكْرهَه آخرُ على عملٍ فأَساءَ عملَه، يُضرب هَذَا للرجُل يُطْلَبُ
(إِليه) الحاجةُ فَلَا يُبالغُ فِيهَا.
(و) يُقَال أَساءَ بِهِ، وأَساءَ (إِليه) ، وأَساءَ عَلَيْهِ، وأَساءَ
لَهُ (ضِدٌّ أَحْسنَ) ، معنى واستعمالاً، قَالَ كُثَيِّر:
} أَسِيئي بِنَا أَوْ أَحْسِنِى لاَ ملُولَةٌ
لَديْنَا ولاَ مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بَى} (يُوسُف: 100)
وَقَالَ عزَّ مِن قائلٍ {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ
وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (الْإِسْرَاء: 7) وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ
أَسَآء فَعَلَيْهَا} (فصلت: 46) وَقَالَ جلَّ وعزَّ {وَأَحْسِن كَمَآ
أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (الْقَصَص: 77) .
( {والسَّوْأَةُ: الفَرْجُ) قَالَ اللَّيْث: يُطلق على فَرْجِ الرجُل
والمرأَةِ، قَالَ الله تَعَالَى {بَدَتْ لَهُمَا} سَوْآتُهُمَا}
(الْأَعْرَاف: 22) قَالَ:! فالسَّوْأَةُ: كلُّ عَمَلٍ وأَمْرٍ شائِنٍ،
يُقَال:
(1/274)
سَوْأَةً لفلانٍ، نَصْبٌ لأَنه شَتْمٌ
ودُعَاءٌ. (والفاحِشَةُ) والعَوْرَةُ، قَالَ ابنُ الأَثير: السَّوْأَةُ
فِي الأَصل: الفَرْجُ، ثمَّ نُقِل إِلى كُلِّ مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ
إِذا ظهَرَ من قولٍ وفِعْل، فَفِي حَديث الحُدَيْبِيَة والمُغِيرة:
وهَلْ غَسَلْتَ {سَوْأَتَكَ إِلاَّ الأَمْسَ أَشار فِيهِ إِلى غَدْرٍ
كَانَ المُغِيرةُ فَعلَه مَعَ قَوْمٍ صَحبوه فِي الجاهِلِيَّة فقتَلَهم
وأَخَذ أَموالَهم، وَفِي حَدِيث ابْن عبّاس فِي قَوْله جلّ وعزّ
{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ}
(الْأَعْرَاف: 22) قَالَ: يَجعلانِه على} سَوْآتِهما، أَي على
فُروجهما.
(وَ) السَّوْأَةُ: (الخَلَّةُ القَبِيحَةُ) أَي الخَصلَة الرَّديئة (
{كالسَّوْآءِ) وكُلُّ خَصْلَة أَو فعلة قبيحةٍ سَوْآءُ،} والسَّوْآءُ
السَّوْآءُ: المرأَةُ المُخالِفة، قَالَ أَبو زُبيْدٍ فِي رجُل من
طيِّيءٍ نَزَل بِهِ رجلٌ من بني شَيْبانَ فَأَضافَه الطائِيُّ وأَحسن
إِليه وسقاه، فَلَمَّا أَسرع الشرابُ فِي الطائِيِّ افتخر ومدَّ يَده،
فوثَب الشيبانيُّ فقطَع يَده، فَقَالَ أَبو زُبيْدِ:
ظَلَّ ضَيْفاً أَخُوكُمُ لأَخِينَا
فِي شَرابٍ ونَعْمةٍ وشواءِ
لَمْ يهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ وحُقَّتْ
يَا لَقَوْمٍ للسَّوْأَةِ السَّوْآءِ
( {والسَّيِّئَةُ: الخَطهيئَةُ) أَصلُها سَيْوِئَة، قُلِبت الْوَاو
يَاء وأُدْغِمت. فِي حدِيث مُطَرِّف قَالَ لابنِه لما اجتهدَ فِي
العِبادةِ: خَيْرُ الأُمورِ أَوْسَاطُها، والحَسَنةُ بَين}
السَّيِّئَتيْنِ، أَي الغُلُوُّ سيِّئَةٌ والتَّقصير {سيِّئَةٌ،
والاقتصادُ بَينهمَا حسنةٌ، وَيُقَال: كلمةٌ حسنةٌ، وَكلمَة سَيِّئَةٌ،
وفَعْلةٌ حسنةٌ، وفَعْلة سَيِّئَة، وَهِي} والسَّيِّىءُ عَملانِ
قَبِيحانِ، وقَوْلٌ {سيِّىءٌ:} يسُوءُ، وَهُوَ نَعْتٌ للذَّكر من
الأَعمال، وَهِي للأُنثى، واللَّهُ يعفُو عَن {السَّيِّئاتِ، وَفِي
التَّنْزِيل الْعَزِيز {1. 020 35 ومكر} السيِّىء} (فاطر: 43) فأَضافه،
وَكَذَا قولُه تَعَالَى {1. 020 وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيىء إِلَّا
بأَهْله} (فاطر: 43) وَالْمعْنَى مكْر
(1/275)
الشِّرْكِ. وقرأَ ابنُ مَسْعُود ومَكْراً
{سَيِّئاً، على النْعتِ، وقولُه:
أَنَّي جَزَوْا عامِراً} سَيْئًا بِفِعْلِهِمُ
أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَنِي {السُّوأَى من الحَسَنِ
فإِنه أَراد} سَيِّئًا فَخفَّفَ، كَهيْن وهَيِّنٍ، وأَراد: من
الحُسْنَى، فوضَع الحَسَن مَكَانَهُ، لأَنه لم يُمْكِنه أَكثَرُ من
ذَلِك، وَيُقَال: فُلانٌ {سَيِّىءُ الاخْتِيارِ، وَقد يُخَفَّف، قَالَ
الطُّهَوِيُّ:
ولاَ يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْءٍ
ولاَ يَجْزُونَ مِنْ غِلِظٍ بلِينِ
(و) قَالَ اللَّيْث: (} ساءَ) الشيءُ يسُوءُ ( {سَواءً كسَحَاب)
(فعْلٌ) لازِمٌ ومُجاوِزٌ، كَذَا هُوَ مضبوط، لكنه فِي قوْلِ
اللَّيْث:} سَوْأً بِالْفَتْح بدل سَوَاءٍ، فَهُوَ سَيِّىءٌ إِذا
(قَبْحُ، والنَّعْتُ) مِنْهُ على وزن أَفْعَل، تَقول رجُلٌ (
{أَسْوَأُ) أَي أَقْبَحُ (و) هِيَ (} سَوْآءُ) : قَبِيحةٌ، وَقيل هِيَ
فَعْلاَءُ لَا أَفْعَلَ لَهَا، وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم (سَوْآءُ ولُودٌ خَيْرٌ مِنْ حسْنَاءَ عَقِيمٍ) قَالَ
الأُمويُّ: السَّوْآءُ: القبيحة، يُقَال للرجل من ذَلِك أَسْوأُ،
مهموزٌ مقصورٌ، والأُنثى سَوْآءُ، قَالَ ابنُ الأَثيرِ: أَخرجه
الأَزهريُّ حدِيثاً عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأَخرجه غيرُه
حَدِيثا عَن عُمر رَضِي الله عَنهُ، وَمِنْه حدِيثُ عبدِ الملكِ بن
عُميْرٍ: السَّوْآءُ بنتُ السَّيِّدِ أَحبُّ إِليَّ مِن الحسْنَاء
بِنْتِ الظَّنُونِ. وَيُقَال: ساءَ مَا فَعَلَ فُلانٌ صنيعاً يسُوءُ،
أَي قَبْحَ صَنيِعُه صَنيعاً ( {وسَوَّأَ عَلَيْهِ صَنيِعهُ) أَي
فِعْلَه (} تَسْوِئَةً {وتَسوِيئًا: عَابَهُ عَلَيْهِ) فِيمَا صَنعَه
(وَقَالَ لَهُ} أَسأْتَ) يُقَال: إِنْ أَخْطَاستُ فَخَطِّئْنِي، وإِنْ
أَسَأْتُ {فَسَوِّيءْ عَليَّ، كَذَا فِي الأَساس، أَي قَبِّحْ عَليّ}
إِساءَتي، وَفِي الحَدِيث: فَما {سَوَّأَ عَلَيْهِ ذَلِك، أَي مَا
قَالَ لَهُ أَسَأْتَ.
وَمِمَّا أَغفله المُصَنّف:
مَا فِي (الْمُحكم) : وَذَا مِمَّا} ساءَك وناءَك
(1/276)
وَيُقَال: عِنْدِي مَا {ساءَهُ وناءَه،
وَمَا} يَسُوءُه ويَنُوءَهُ.
وَفِي (الأَمثال) للميداني: (تَركَ مَا يَسُوءُهُ ويَنُوءُهُ) يُضرب
لمن تَرك مالَه للْوَرَثَة، قيل: كَانَ المحبوبي ذَا يسارٍ، فَلَمَّا
حضرتْه الوفَاةُ أَراد أَن يُوصِيع، فَقيل لَهُ: مَا نَكْتُب؟ فَقَالَ:
اكتبوا: تَركَ فُلاَنٌ يعْني نَفْسه مَا يَسُوءُه ويَنُوءُه. أَي مَالا
تأْكُلُه وَرَثَتُه ويَبْقَى عَلَيْهِ وِزْرَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: {وسُؤْتُ بِهِ ظَنًّا وأَسأْتُ بِهِ الظَّنَّ،
قَالَ: يُثيتون الأَلف إِذا جاءُوا بالأَلف وَاللَّام، قَالَ ابْن
برِّيّ: إِنما نَكَّر ظنًّا فِي قَوْله سُؤْت بِهِ ظنًّا لأَن ظَنًّا
مُنتصب على التَّمْيِيز، وأَما} أَسأْت بِهِ الظَّنَّ، فالظَّنُّ
مفعولٌ بِهِ، وَلِهَذَا أَتى بِهِ معرفَة، لأَن أَسأْتُ متعَدَ، وَقد
تقدّمت الإِشارة إِليه.
وسُؤْتُ لَهُ وجْهَ فلانٍ: قَبَّحْتُه، قَالَ اللَّيْث: ساءَ يسوءُ
فِعْلٌ لازِمٌ ومُجاوِزٌ.
وَيُقَال سُؤْتُ وجْهَ فُلانِ وأَنا {أَسُوءُه مَساءَةً ومَسائِيَة،}
والمَسايَةُ لغةٌ فِي المساءَةِ تَقول: أَردت مَساءَتك {ومَسايَتَك
وَيُقَال أَسأْتُ إِليه فِي الصُّنْع، وخَزْيَانُ} سَوْآنُ من
القُبْحِ.
وَقَالَ أَبو بكر فِي قَوْله: ضَربَ فلانٌ على فلانٍ سَايةً: فِيهِ
قَولَانِ: أَحدهما السَّايَةُ: الفَعْلَةُ من السَّوْءِ فتُرِك همزُها،
وَالْمعْنَى فَعَل بِهِ مَا يُؤَدِّي إِلى مكروهه والإِساءَةِ بِهِ،
وَقيل: مَعْنَاهُ: جَعَل لما يُرِيد أَن يَفعله بِهِ طَرِيقا،
فالسَّايَةُ فَعْلَةٌ من سَوَيْتُ، كَانَ فِي الأَصل سَوْيَة، فَلَمَّا
اجْتمعت الواوُ والياءُ والسابقُ ساكِنٌ، جعلوها يَاء مُشدَّدَةً، ثمَّ
استثقلوا التَّشْدِيد فأَتْبَعُوهما مَا قبله، فَقَالُوا: سَايَةٌ،
كَمَا قَالُوا دِينَار ودِيوَان وقِيراط، والأَصل دِوَّان فاستَثْقلوا
التشديدَ فأَتبعوه الكسرةَ الَّتِي قبله.
وَيُقَال إِن الليلَ طَوِيلٌ وَلَا يَسُوءُ بالُه، أَي! يسوءُني بالُه،
عَن اللِّحيانيِّ، قَالَ وَمَعْنَاهُ الدعاءُ. وَقَالَ تَعَالَى
{أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوء الْحِسَابِ} (الرَّعْد: 18) قَالَ الزجّاج:
سُوءُ الحِساب: لَا يُقبل مِنْهُم حسنةٌ
(1/277)
وَلَا يُتَجاوز عَن سَيِّئة لأَن كُفْرَهم
أَحبط أَعمالَهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى {الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} (مُحَمَّد: 1)
وَقيل: سُوءُ الْحساب أَن يُسْتَقْصَي عَلَيْهِ حِسابُه وَلَا يُتَجاوز
لَهُ (عَن) شيءٍ من {سَيِّآتِه، وكِلاهما فِيهِ، أَلاَ تراهم قَالُوا:
من نُوقِشَ الحِساب عُذِّب.
وَفِي الأَساس: تَقول: سَوِّ ولاَ} تُسوِّىءْ، أَي أَصْلِح وَلَا
تُفْسِدْ.
(وبنُو {سُوأَةَ بِالضَّمِّ: حيٌّ) من قيس ابْن عليَ كَذَا لِابْنِ
سَيّده.
(} وسُوَاءَةُ كَخُرافَة: اسمٌ) وَفِي (العُباب) : من الأَعلام، كَذَا
فِي النّسخ الْمَوْجُودَة بتكرير سُوَاءَةَ فِي محلَّين، وَفِي نُسْخَة
أُخرى بَنو أُسْوَة كَعُرْوَة، هَكَذَا مضبوط فَلَا أَدري هُوَ غلط أَم
تحريفٌ، وَذكر القَلْقَشَنْدِيّ فِي (نِهاية الأَرب) بَنو سُوَاءَةَ
ابنِ عامرِ بن صَعْصَة، بطْنٌ من هَوَازِن من العَدْنانية، كَانَ لَهُ
ولدان حَبِيبٌ وحُرْثان قَالَ فِي (العِبَر) : وشعوبهم فِي بني حُجَير
بن سُواءَة.
قلت: وَمِنْهُم أَبو جُحَيْفة وَهْب بن عبد الله المُلَقَّب بالخَيْر!
السُّوائِيّ، رَضِي الله عَنهُ، روى لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
وَالتِّرْمِذِيّ، قَالَ ابْن سعد: ذكرُوا أَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وسلمتُوُفِّي وَلم يبلغ أَبو جُحيفَة الحُلُم، وَقَالَ:
تُوفِّي فِي ولَايَة بِشْر بن مَرْوان، يَعْنِي بالكُوفة، وَقَالَ
غَيره: مَاتَ سنة 74 فِي ولَايَة بِشْر، وعَوْنُ بنُ جُحَيْفَة سَمِع
أَباه عِنْدهمَا، والمنذريّ حرر عِنْد مُسلم، كلّ ذَلِك فِي (رجال
الصَّحِيحَيْنِ) لأَبي طَاهِر المَقْدِسي.
وَفِي أَشجع بَنو سُوَاءَة بن سُلَيم، وَقَالَ الْوَزير أَبو الْقَاسِم
المغربي: وَفِي
(1/278)
أَسد سُوَاءَة بن الْحَارِث بن سعد بن
ثَعْلَبة بن دُودَان بن أَسَدَ، وسُوَاءَة بن سَعْد بن مَالك بن
ثَعْلبة بن دُودَان بن أَسد، وَفِي خَثْعَم سُوَاءَة بن مَنَاة بن
نَاهِس بن عِفْرِس بن خَلَف بن خَثْعم.
(و) قَوْلهم: (الخَيْلُ تَجرِي عَلَى مَسَاوِيها، أَي) أَنها (وإِن
كَانَت بهَا عُيُوبٌ) وأَوْصابٌ (فإِنَّ كَرَمَها) مَعَ ذَلِك
(يَحْمِلُهَا على) الإِقدام و (الجَرْيِ) . وَهَذَا الْمثل أَورده
الميدانيّ والزمخشريّ، قَالَ الميدانيّ بعد هَذَا: فَكَذَلِك الحُرُّ
الكريمُ يَحتمِل المُؤَنَ، ويحْمِي الذِّمار وإِن كَانَ ضَعِيفا،
ويستعمِل الكَرَمَ على كلِّ حَال، وَقَالَ اليوسي فِي زهرا لأكم: إِنه
يُضْرب فِي حِمَاية الحَرِيم والدَّفع عَنهُ مَعَ الضَّرَر وَالْخَوْف،
وَقيل: إِن المُرَاد بِالْمثلِ، أَن الرجلَ يُستمتَع بِهِ وَفِيه
الخِصالُ الْمَكْرُوهَة، قَالَه شيخُنا، {- والمَساوِي هِيَ العُيوبُ،
وَقد اخْتلفُوا فِي مُفردِها، قَالَ بعضُ الصرفيين، هِيَ ضدّ المحاسِن،
جمع سُوءٍ، على غير قِيَاس، وأَصله الْهَمْز، وَيُقَال: إِنه لَا
وَاحِد لَهَا كالمحاسن.
سيأ
: (} - السَّيْءُ) بِالْفَتْح (ويُكْسر) هُوَ (اللَّبَنُ يَنْزِلُ
قُبُلَ) بِضَمَّتَيْنِ (الدِّرَّةِ يكُون فِي طَرَف الأَخْلاِف) وَفِي
نُسْخَة أَطراف الأَخلاف، وروى قَول زُهير يصف قَطاةً:
كَما اسْتَغَاثَ بِسِيْءٍ فَزُّغَيْطَلَةٍ
خَافَ العُيُونَ ولَمْ يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا (و) قد {سَيَّأَتِ الناقةُ و (} سَيَّأَها:
حَلَب) وَفِي نُسْخَة احتلب ( {سَيْأَهَا) بِالْوَجْهَيْنِ،
وتَسَيَّأَها الرجلُ، مثلُ ذَلِك، عَن الهجريّ (و) قَالَ الفراءُ (}
تَسَيَّأَت) الناقةُ إِذا (أَرسَلَتِ اللَّبَنَ
(1/279)
مِن غَيْرِ حَلْبٍ) قَالَ: وَهُوَ {- السَّيْءُ، وَقد} انْسَيَأَ
اللبَنُ، وَيُقَال: إِن فلَانا {لَيتَسيَّأُ لي بشيءٍ قليلٍ، وأَصله
مِن السَّيْءِ، وَهُوَ اللبنُ قُبُلَ نُزول الدِّرَّة، وَفِي الحَدِيث:
لَا تُسَلِّم ابْنَكَ} سَيَّاءً قَالَ ابْن الأَثير: جاءَ تَفْسِيره
فِي الحَدِيث أَنه الَّذِي يَبِيع الأَكْفانَ ويتمنَنَّى مَوْتَ
النَّاسِ، وَلَعَلَّه من السُّوءِ والمَساءَةِ، أَو مِن السَّيْءِ
بِالْفَتْح، وَهُوَ اللبنُ الَّذِي يكون فِي مُقَدَّم الضَّرْعِ،
وَيحْتَمل أَن يكون فَعَّالاً مِن سَيَّأْتُها إِذا حَلَبْتها.
(و) تَسَيَّأَتْ عليَّ (الأُمورُ: اختلَفَتْ) فَلَا أَدري أَيّها
أَتبع، وَقد تقدّم ذَلِك فِي ساءَ أَيضاً.
(و) تَسَيَّأَ (فُلانٌ بِحَقِّي: اأمرَّ) بِهِ (بعْدَ إِنكارِه) .
{- والسِّيءُ بِالْكَسْرِ مهموزٌ: اسمُ أَرض. |