تاج العروس

(فصل الْفَاء مَعَ الرَّاء.)

ف أر
. {الفَأْرُ، م، معروفٌ، وَهُوَ مهموزٌ ج} فِئْرانٌ، بالكَسْر، {وفِئَرَةٌ كعِنَبَةٍ.} والفُؤَرُ كصُرَدٍ، للذَّكَر، عَن ابْن الأَعرابيّ، قَالَ عُكَاشَةُ بن أَبي مَسْعَدةَ السَّعْديّ:
(كَأَنّ حَجْمَ حَجَرٍ إِلى حَجَرْ ... نِيطَ بَمْتَنْيِه من الفَأْرِ الفُؤَرْ)
وَقيل: هُوَ كقَوْلِهم: لَيْلٌ لائِلٌ، ويَوْمٌ أَيْوَمُ،! والفَأْرَةُ لَهُ وللأُنْثَى، كَمَا قالُوا للذَّكَرِ والأُنْثَى من الحَمامِ: حَمَامَةٌ. والفَأْرَةُ مَهْمُوزَةٌ، وَقد يُتْرَك هَمْزُهَا تَخْفِيفاً. وعَقِيلٌ تَهْمِزُ

(13/290)


{الفَأْرَةَ والجُؤْنَةَ والمُؤْسَى والحُؤْت. والفَأْرَةُ، بهَمْزٍ وبغَيْرِ هَمْزِ: ريحٌ يكونُ فِي رُسْغ البَعِير، وَفِي الْمُحكم: فِي رُسْغ الدَّابَّة تَنْفَشُّ، بتَشْديد الشّين، إِذا مُسِحَتْ، وتَجْتَمع إِذا تُرِكَت،} كالفُؤْرَة، بالضَّمّ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَز. والفَأْرَةُ: شَجَرَةٌ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. والفَأْرة: نافِجَةُ المِسْكِ، وبِلا هاءٍ: المِسْكُ، رُبَّمَا سُمِّيَ بِهِ لأَنّه من الفَأْرِ يَكُونُ، فِي قولِ بَعْضِهم. أَو الصَّوابُ إِيرادُ فأَرْةِ المِسْكِ فِي ف ور لفَوَرانِ رائِحَتِهَا وانْتِشَارِهَا، أَوْ يَجُوز هَمْزُهَا لأَنَّهَا على هَيْئَة الفَأْرَة، قَالَ الجاحظ: سأَلْتُ رَجُلاً عَطّاراً من المُعْتَزلَة عَن فَأْرَةِ المِسْك، فَقَالَ: ليْسَ بالفَأْرَة، وَهُوَ بالخِشْفِ أَشْبَهُ. ثمَّ قَالَ: فأَرْةُ المِسْكِ تكونُ بناحيَةِ تُبَّتَ، يَصِيدُهَا الصَّيّاد، فيَعْصِبُ سُرَّتَها بعِصَابٍ شديدٍ، وسُرَّتُهَا مُدَلاّة فيَجْتَمِع فِيهَا دَمُها، ثمَّ تُذْبَح. فإِذا سَكَنَتْ قَوَّرَ السُّرَّةَ المُعْصَّبة، ثمَّ دَفَنَها فِي الشَّعِير حتّى يَسْتَحِيلَ الدَّمُ الجامِدُ مِسْكاً ذَكِيّاً بعدَ مَا كَانَ دَماً لَا يُرَامُ نَتْناً. قَالَ: ولَوْلاَ أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله تعالَى عَلَيْهِ وسلَّم قد تَطَيَّبَ بالمِسْك مَا تَطَيَّبْتُ بِهِ. وَمن اللَّطَائف: قِيل لأَعْرَابيّ: أَتَهْمِزُ الفَأْرَةَ فَقَالَ: الهِرَّةُ تَهْمِزُها.
وإِنَّمَا عَنَى بالهَمْزِ العَضَّ. ولَبَنٌ {فَئِرٌ، ككَتِفٍ: وَقَعَتْ فِيهِ الفَأْرَةُ، وَقد فَئِر، كفَرِحَ، وَكَذَا طَعَامٌ فَئِرٌ وأَرْض} فَئِرَةٌ، {ومَفْأَرَة: كَثِيرَتُها، كَمَا يُقَال: أَرْضٌ جَرِدَةٌ إِذا كَثُر جَرادُهَا.} وفَأَرَ الرَّجُلُ، كمَنَع: حَفَرَ حَفْرَ الفَأْرِ، وقيلَ: {فَأَرَ: دفَنَ وخَبَأَ، أَنشد ثَعْلَب:
(إِنّ صُبَيْحَ ابنَ الزِّنَا قد} فَأَرَا ... فِي الرُّضْمِ لَا يَتْرُكُ مِنْهُ حَجَرَا)

(13/291)


قَالَ الصَّاغَاني البَيْتُ لخَنْدَقٍ الدُّبَيْرِيّ فِي عَبْدٍ لَهُم يُقَال لَهُ صُبَيْح، سَرَقَ حِنْطَةً لَهُ، فَدَفَنها فِي هِضَابٍ ورَضْمٍ عِنْدهم. {والفِئْرَة، بالكَسْر، عَن الأَزهريّ،} والفُؤَارَةَ، كثُمَامَةَ، والفَئِيرَةُ، ككَرِيمَة، عَن ابْن دُرَيْد، والفِئْرَةُ، كعِنْبَة، وتُتْرَك هَمْزَتُهَا تَخْقيفاً: حُلْبَةٌ وتَمْرٌ يُطْبَخ، شَبيهٌ بالدَّواءِ، يُعْطَي للنُّفَساءِ، وَفِي التَّهذيب: هِيَ حُلْبَة تُطْبَخ حتّى إِذا قارَب فَوَرَانُهَا أُلْقِيَتْ فِي مِعْصَرٍ فصُفِّيَتْ، ثمَّ) يُلْقَى عَلَيْهَا تَمْرٌ، ثمَّ تَتَحَسّاهَا المَرْأَةُ النُّفْسَاءُ. وسَعِيدُ بن فَأْرٍ: شَيْخٌ لِيَزِيدَ بنِ هارُونَ. وفَأْرٌ: د، بأَرْمينِيَة، نَقله الصاغانيّ، وَهُوَ فِي مُعْجم ياقوت، قَالَ ونُسِبَ إِليه بعضُ المُتَأَخِّرين. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفَأْرُ: العَضَلُ من اللَّحْمِ. والفَأْرُ: مِقْدَارٌ معلومٌ من الطَّعَامِ، وَهُوَ دَخِيلٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: فَأْرَةُ الإِبِلِ: أَنْ تَفُوحَ مِنْهَا رائحَةٌ طَيِّبَةٌ، وذلِكَ إِذَا رَعَت العُشْبَ وزَهْرَه، ثمّ شَرِبَت وصَدَرَتْ عَن الماءِ نَدِيَتْ جُلُودُهَا، ففاحَتْ مِنْهَا رائحةٌ طَيِّبَةٌ. قَالَ الرَّاعِي يَصفُ إِبلاً:
(لَهَا فَأْرَةٌ ذَفْرَاءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... كَمَا فَتَقَ الكافُورَ بالمِسْكِ فاتِقُهْ)
وفَأْرَةُ الجَبَلِ الغَسّانِيّة: أُمُّ عِتْوَارَةَ ابْن عامرِ بن لَيْثِ بن بَكْرِ بن عَبْدِ مَنَاةَ بنِ كِنَانَةَ. وأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيم بن عُلَيَّةَ المِصْرِيُّ، عُرفَ بابْن فَأْرَةَ، دَخَل الأَنْدَلُسَ وحَدَّثَ ذَكَرَه ابنُ بَشْكُوَال.
ف ت ر
. فَتَرَ الشيْءُ، والحَرُّ، وفُلانٌ يَفْتُر

(13/292)


ويَفْتِرُ، من حَدِّ نَصَرَ وضَرَبَ فُتُوراً كقُعُودٍ، وفُتَاراً كغُرَاب: سَكَنَ بَعْدَ حِدَّةٍ ولاَنَ بَعْدَ شِدَّةٍ. وقولُه تعالَى فِي وَصْفِ المَلائكَةِ: لَا يَفْتُرُونَ. أَي لَا يَسْكُنُون عَن نَشَاطِهم فِي العِبَادَة. وفَتَّرَهُ اللهُ تعالَى تَفْتِيراً، وفَتَرَ هُوَ. وفَتَرَ الماءُ: سَكَنَ حَرُّه، فَهُوَ فاترٌ بَيْنَ الحارِّ والبَاردِ، وفاتُورٌ، كَذَلِك. وفَتَرَ الشَّيْءَ: كَالَهُ وقَدَّرَهُ بفِتْرِه كَمَا يُقَال: شَبَرَهُ، إِذا كالَه وقَدَّرَةُ بشبْرِه. وفَتَرَ جِسْمُه يَفْتِرُ: فُتُوراً: لانَتْ مَفَاصلُه وضَعُفَ. والفَتَرُ، محرّكَةً: الضَّعُفُ. ويُقَال: أَجِدُ فِي نَفْسِي فَتْرَةً، وَهِي كالضَّعْفَة. ويُقَال للشَّيْخ: قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ. وعَرَتْه فَتْرَةٌ. والفتْرُ العَضَلُ من اللَّحْم. والفتْر: مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ من الطَّعَام، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسخ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ من عِبَارَة الصاغانيّ فِي التكملة وَقد أَخْطَأَ المصنّف فِي النَّقْل، فإِن العَضَلَ من اللَّحْم هُوَ الفَأْرُ بالهَمْز، كَذَا هُوَ فِي نُسْخَة التكملة مُجَّوداً بخَطّ المُصَنّف فِي مادَة ف أر. ويَدُلّ لَهُ أَيضاً مَا فِي اللّسَان: ويقالُ للَحْمِ المَتْنِ: فَأْرُ المَتْنِ، ويَرَابيعُ المَتْنِ، وَكَذَا قولُه: مقْدَارٌ معلُومٌ من الطَّعَام هُوَ الفَأْرُ، بالهَمْز، هَكَذَا فِي التكملة مُجَوَّداً بخطّ المصنّف. وزادَ بَعْدَه: وَهُوَ دَخِيل. ثمَّ ذكرَ بعدَه فَأْرٌ بلدٌ بنواحي أَرْمِينيَة. فإِيرَادُ المصنّف إِياهما فِي ف ت ر وَهَمٌ لَا يكَاد يَنْتَبِه لَهُ كلُّ أَحَد، فاعْلم ذَلِك، وَلَا تَغْتَرّ بآراءِ المُقَلِّدينَ. وأَفْتَرَه الدَّاءُ: أَضْعَفَه، وَكَذَلِكَ أَفْتَرَهُ السُّكْرُ. والفُتَارُ، كغُرَاب: ابْتِدَاءُ النَّشْوَةِ، عَن أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد للأَخْطَل:
(وتَجَرَّدَتْ بعدَ الهَدِير وصَرَّحتْ ... صَهْباءُ تَرْمِى شَرْبَهَا بفُتَارِ)
وطَرْفٌ فاترٌ: فِيهِ فُتُورٌ، لَيْسَ

(13/293)


بحادِّ النَّظَرِ، وَقَالَ الجوهريّ: إِذا لم يَكُنْ حَدِيداً. وَقَالَ ابنُ)
القطّاع: فَتَرَ الطَّرْفُ: انْكَسَرَ نَظَرُه. وَفِي البصائر: الطَرْفُ الفاتِرُ: الَّذِي فِيهِ ضَعْفٌ مُسْتَحْسَنٌ.
والفِتْرُ، بالكَسْر: مَا بَيْنَ طَرَف الإِبْهَام وطَرَفِ المُشيرَةِ، والجَمْعُ أَفْتَارٌ. وَقَالَ الجوهريّ: مَا بَيْنَ طَرَفِ السَّبّابَةِ والإِبْهَامِ إِذا فَتَحْتَهما. والفُتْرُ، بالضَّمّ: كالسُّفْرَة تُعْمَلُ من الخُوص يُنْخَلُ عَلَيْهَا الدَّقِيقُ، نَقله الصاغانيّ وَلم يَغْرُه، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي زيد. والفَتْرَةُ، بالفَتْح: مَا بَيْنَ كُلّ نَبِيَّيْن، وَفِي الصّحاح: مَا بَيْنَ كلِّ رَسُولَيْن من رُسُل الله عَزَّ وجَلّ، من الزَّمانِ الَّذِي انقَطَعَتْ فِيهِ الرِّسالَة.
والفَتْرَةُ: سَمَكَةُ، إِذا وَطِئْتَها أَخَذتْكَ الرِّعْدَةُ فِي الرِّجْلَيْن حَتَّى تَعْرَقَ، كالفِتَّر، كقِنَّب، هَكَذَا نَقَلَه الصاغانيّ. قلْتُ: وَهِي الرَّعّادَةُ، موجودَةٌ بنِيل مصْرَ. وَعَن ابْن الأَعرابِيّ: أَفْتَرَ الرجلُ فَهُوَ مُفْتِرٌ، إِذا ضَعُفَ، هَكَذَا فِي النُّسخ، والصَّواب: ضَعُفَتْ جُفُونُه فانْكَسَرَ طَرْفُه. وأَفْتَرَ الشَّرَابُ: فَتَرَ شارِبُهُ، كَمَا يُقَال: أَقْطَفَ الرَّجُلُ، إِذا قَطَفَتْ دابَّتُه، وَعَلِيهِ يُحْمَلُ الحَدِيثُ: نَهَى عَن كُلِّ مُسْكِر ومُفَتِّر، فالمُسْكِرُ: الَّذِي يُزِيلُ العَقْلَ، والمُفَتِّر: الَّذِي يُفَتِّرُ الجَسَدَ إِذا شُرِب، أَي يَحْمِي الجَسَدَ ويُصيِّرُ فِيهِ فُتوراً. وَمِنْهُم من قَالَ: أَفْتَرَهُ: بمعنَى فَتَّرَه، أَي جَعَلَه فاتِراً. وفَتَّرَ السَّحابُ تَفْتِيراً: تَحَيَّرَ لَا يَسِيرُ وسَكَنَ وتَهَيَّأَ للمَطَرِ، وَهُوَ مَجاز. وَقَالَ الأَصمعيُّ: فَتَّرَ: مَطَرَ وفَرَغَ ماؤُه وكَفَّ وتَحَيَّرَ. وَبِه فُسِّر قولُ ابْن مُقْبِل يَصِفُ سَحاباً:
(نَأَمَّلْ خَلِيلِي هَلْ تَرى ضَوْءَ بارِقٍ ... يَمَانٍ مَرَتْهُ رِيحُ نَجْدٍ ففَتَّرَا)

(13/294)


وَقَالَ حَمّادٌ الرَّاوِيةُ: فَتَّرَ، أَي أَقامَ وسَكَنَ. واسْتَفْتَرَ الفَرسُ: اسْتَجَرّ، هَكَذَا فِي النُّسخ، والصَّواب: اسْتَجَمَّ، كَمَا فِي الأَساس، وَهُوَ مَجاز. والتَّفْتَرُ: الدَّفْتَرُ، لُغَةُ بَني أَسَد، كَمَا نَقله الفَرّاءُ هُنَا، ذكره الصاغانِيّ. وَقد مَرَّ للمُصَنّف فِي التَّاء مَعَ الراءِ، وجَعَلَهُ هُنَاك لُغَةً مستقلّة. وفَتْرُ، بالفَتْح: اسمُ امْرَأَة، قَالَ شَيْخُنَا: ذِكْرُ الفَتْحِ مُسْتَدْرَك، لأَنَّ إِطلاقَه نَصٌّ فَلَا يحْتَاج إِلى ذِكْره. قلتُ: إِنَّمَا ذَكَرَه لبَيَان مَنْشَإِ الوَهَم فِي كَوْنِه بالكَسْر، فذَكَرُه مُشِيراً إِلى أَنَّ قَوْلَه ووَهِمَ الجوهريّ إِنّمَا هُوَ ضَبْطِه بالكَسْر. فَلَو لَمْ يَذْكُرِ الفَتْحَ كَانَ يُظَن أَنّ الوَهَمَ فِي كَوْنِه اسْم امْرَأَة، ولَيْسَ كَذَلِك، فظَهَرَ بذلك أَنَّ ذِكْرَ الفَتْح لَيْسَ بمُسْتَدْرَك على مَا زَعَمه شَيْخُنَا. قَالَ المُسِّيبُ بنُ عَلَس، ويُرْوَى للأَعْشَى:
(أَصْرَمْتَ حَبْلَ الوَصْلِ مِنْ فَتْرِ ... وهَجَرْتَها ولَجَجْتَ فِي الهَجْرِ)

(وسَمِعْتَ حَلْفَتَها التّي حَلفتْ ... إِنْ كَانَ سَمْعُك غَيْرَ ذِي وَقْرِ)
هَكَذَا أَنشَدَه ابنُ بَرِّيّ، وَقَالَ: المَشْهُور عِنْد الرُّوَاةِ من فَتْر، بِفَتْح الفاءِ، وذَكَر بعضُهم أَنّها قد تُكْسَر، وَلَكِن الأَشْهَر فِيهَا الفَتْح. قلتُ: فَعَلَى مَا قَرَّرَه ابنُ بَرِّيّ لَا وَهَمَ يُنْسَبُ إِلى الجَوْهَرِيّ)
لأَنّه قد حَكَى الكَسْرَ. وَفِي التكملة: قَالَ الجَوْهَريّ: الفِتْرُ مَا بَيْنَ طَرَفِ السَّبَّابَة والإِبْهَامِ إِذَا فَتحْتَهما. وأَمّا قَوْلُ الشاعِر: أَصَرَمْت حَبْلَ الوُدِّ مِنْ فِتْرِ. فَهُوَ اسمُ امرأَة، رَبْطُ الجَوْهريِّ الثانِيَ إِلى الأَوّل وضَمُّه إِيّاه إِلَيْه فِي قَرَنٍ وَاحِد يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الثَّانِي بكَسْرِ الفَاءِ كَمَا هُوَ عَادَتُه فِي تصنِيفه، واسمُ المَرْأَة فتَرْ، بالفَتْح. انْتهى. وَقد يُجابُ عَن هَذَا

(13/295)


بأَنَّ الكَسْرَ مَحْكىٌّ أَيضاً، كَمَا نَقله ابنُ بَرّيّ، ومَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على مَنْ لم يَحْفَظ. وظَهَرَ بِمَا ذَكَرَه ابنُ بَرِّيّ والصاغَانِيّ أَيضاً تَوْهِينُ مَا زَعَمه شَيْخُنا تَبَعاً للبَدْر القَرافِيّ أَنَّ مَنْشَأَ الوَهَمِ فِي ضَبْطِ الجوهَريّ إِيّاه بالقَلَم بالكسْرِ فِي قولِ الأَعْشَى السابِق، وَذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، لاحْتِمَال أَنّه تَحْريفٌ، وَلم يَتَعَرَّضْ لِضَبْطِهَا بالقَلَمِ حتَّى يعْتَمَد عَلَيْهِ ويَتَوَجَّهَ التَّوْهِيمُ إِليه، فتأَمّل. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فَتَرَ البَرْدُ: سَكَنَ. وفَتَرَ العامِلُ عَن عَمَلِه: قَصَّرَ فِيهِ. وفَتَّرَه غَيْرُه، وَهُوَ مَجاز.
ف ت ك ر
الفِتكرِ، كخِنْصِرٍ، وحِضَجْر والفتكرينَ، بتَثْلِيثِ الفاءِ وفَتْح التاءِ وبكَسْر الفاءِ، وسُكُون التاءِ وفَتْح الكافِ، فَهِيَ خَمْسُ لُغَات، والأَصْلُ فِيهِ مِثَالُ فِلَسْطِينَ ودِرَخْمِين، والّذي بكَسْرِ الفاءِ وسُكُون التاءِ وَالْكَاف لُغَةٌ فيهمَا: الدّاهِيَةُ. وقيلَ: الأَمْرُ العَجَبُ العَظيم وَقيل: إِنّ النُّونَ للجَمْع، أَي الدَّواهِي والشَّدَائِد واقْتَصَرُوا فِيهِ على الجَمْعِ دون إِفرادٍ مِن حَيْثُ كانُوا يَصِفُون الدَّواهِيَ بالكَثْرَة والعُمُومِ والاشْتِمَال والغَلَبَة. أَنشد ابْن دُرَيْد، قَالَ: أَنْشَدَ ابنُ الكَلْبيّ لرَجُل من كَلْب قديم فِيمَا ذَكَرَه، فجَعَل كُلَيْباً عَيْراً، كَمَا جَعَلَه الحارِثُ بن حِلِّزَة فِي شِعْره:
(كُلَيْبُ العَيْرُ أَيْسَرُ مِنْك ذَنْباً ... غَدَاةَ يَسُومُنَا بالفِتْكَرِينِ)

(فَمَا يُنْجِيكُمُ مِنّا شِبَامٌ ... وَلَا قَطَنٌ وَلَا أَهْلُ الحَجُونِ)

ف ث ر
. الفاثُورُ، بالمُثَلَّثَة عِنْد العامَّة: الطَّسْتُ، هَكَذَا نَسَبَه صاحِبُ اللّسانِ

(13/296)


أَوْ هُوَ الطَّشْتَحانُ، ونَسَبَهُ الزَّمَخْشَرِيّ للعامّة، أَوْ هُوَ الخِوَانُ يُتَّخَذُ من رُخَام أَو فِضَّة أَو ذَهَب، وعَمَّ بعضُهم بِهِ جَمِيعَ الأَخْوِنَة، وخَصَّ الأَزهريّ فَقَالَ: وأَهْلُ الشَّأْم يتَّخِذُونَه من رُخَام يُسَمُّونه الفاثُورَ. وَمِنْه حَدِيثُ أَشْرَاط السَّاعَة: وتَكُونُ الأَرْضُ كفَاثُورِ الفِضَّة. وَقَالَ أَبو حاتِمٍ فِي الخِوَانِ الّذي يُتَّخَذُ من الفِضَّة:
(ونَحْراً كفاثُورِ اللُّجَيْنِ يَزيِنُه ... تَوَقُّدُ ياقُوتٍ وشَذْراً مُنَظَّمَا)
ومِثْلهُ لِمَعْنِ بن أَوْس:
(ونَحْراً كَفاثُورِ اللُّجَيْنِ وناهِداً ... وبَطْنا كغِمْدِ السَّيْف لَمْ يَعْرِفِ الحَمْلاَ)
وَفِي النِّهَايَة: الفاثُورُ: الخِوَانُ. وقِيلَ: طَسْتٌ. وقِيلَ: جامٌ من فِضَّة أَو ذَهَبٍ. وَمِنْه قُرْصُ الشَّمْسِ: فاثُورُها، أَي على التَّشْبِيه. قَالَ الأَغْلَبُ العِجْليّ: إِذا انْجَلَى فاثُورُ عَيْنِ الشَّمْسِ. وَقَالَ أَبو عَمْرو: الفاثُور: المِصْحَاةُ، وَهِي النّاجُودُ والبَاطِيَة. وفاثُورٌ ع، عَن كُرَاع. قُلْت: بنَجْد. قَالَ لَبيدٌ: بَيْنَ فَاثُورِ أُفَاقٍ فالدَّحَلْ. وَفِي التَّكْمِلَة: الفاثُورُ: الجَمَاعَةُ فِي الثَّغْرِ الَّذِين يَذْهَبُونَ خَلْفَ العَدُوِّ فِي الطَّلَب. والفاثُورُ أَيضاً: الجاسُوسُ، قَالَه الصاغانيّ. وَقَالَ ابنُ سيدَه وغَيْرُهُ: وهُمْ عَلَى فاثُورٍ وَاحِدٍ: المُرَاُد بِهِ المَنْزِلَةُ والنَّشَاطُ، هَكَذَا فِي النُّسَخ بالنّون والشّين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ غَلَط، والصَّوَاب البِساط بالمُوَحَّدَة والسّين المُهْمَلَة، أَي على مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وبِسَاط وَاحِد. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي كلامٍ ذَكَرَه لبَعْضهم: وأَهْلُ الشامِ والجَزيرَة على فاثُورٍ وَاحِدٍ، كَأَنَّه عَنَى: على بِساطٍ وَاحِد.

(13/297)


وَفِي حديثِ عَليٍّ رَضِيَ الله عَنهُ: كانَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ عِيدٍ فاثُورٌ عَلَيْهِ خُبْزُ السَّمْرَاءِ، أَي خِوَانٌ.
وَقد يُشبَّهُ الصَّدْرُ الواسِعُ بِهِ فيُسَمَّى فاثُوراً، قَالَ الشَّاعِر:
(لَهَا جِيدُ رِيمٍ فَوْقَ فاثُورٍ فِضَّةٍ ... وفَوْقَ مَنَاطِ الكَرْمِ وَجْهٌ مُصَوَّرُ)
والفَاثُورُ: الجَفْنَةُ، عِنْد رَبِيعَةَ، نَقله ابنُ سِيدَه وغَيْرُه، أَي على التَّشْبِيه. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفَاثُورِيَّة: الجَامَاتُ. وَبِه فُسِّر قَوْلُ لَبِيد:
(حَقائِبُهُمْ رَاحٌ عَتِيقٌ ودَرْمَكٌ ... ورَيْطٌ وفاثُورِيَّةٌ وسُلاَسِلُ)
قلتُ: أَرادَ بالسُّلاسِل هُنَا الدُّرُوع قَالَه أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الدِّرْع والبَيْضَة، فِي بَاب مَا جاءَ بعض مَا فِي الدِّرْع فقامَ مَقَامَ الدِّرْع. وقيلَ: الفاثُورِيَّة هُنَا: الأَخْوِنَةُ. وَفِي الرَّوْض الأُنُف:)
الفُاثُورُ: سَبِيكَةُ الفِضَّةِ. وقِيلَ: إِبْرِيقٌ من فِضَّةٍ. وَفِي اللّسَان: الفاثُورُ: المَائدَة، بلُغَة أَهْلِ الجَزِيرَة. يُقَال: هُمْ على فاثُورٍ واحِد، أَي مائِدَةٍ واحِدَة.
ف ج ر
. الفَجْرُ: ضَوْءُ الصَّبَاحِ، وهُوَ حُمْرَةُ الشَّمْسِ فِي سَواد اللَّيْل، وهُمَا فَجْرَانِ: أَحَدُهُمَا المُسْتَطيل، وَهُوَ الكاذِبُ الَّذِي يُسَمَّى ذَنَب السِّرْحَان والآخَرُ المُسْتَطِيرُ، وَهُوَ الصّادِقُ المُنْتَشرُ فِي الأُفُق الّذي يُحَرِّم الأَكْلَ والشُّرْبَ على الصَّائِم. وَلَا يكون الصُّبْحُ إِلاَّ الصَّادِق. وَقَالَ الجوهريّ: الفَجْرُ: فِي آخِرِ اللَّيْلِ كالشَّفَق فِي أَوَّلِه. قَالَ ابنُ سيدَه: وَقد انْفَجَرَ الصُّبْحُ، وتَفَجَّرَ، وانْفَجرَ عَنهُ اللَّيْلُ. وأَفْجَرُوا: دَخَلُوا فِيهِ، أَي الصُّبْحِ، كَمَا تقولُ: أَصْبَحُوا، من

(13/298)


الصُّبْحِ، وأَنْشَد الفارِسِيّ:
(فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَّى أَهَبَّ بسُدْفَةٍ ... عَلاجِيُم عَيْنُ ابْنَيْ صُبَاحٍ تُثِيرُها)
وَفِي كَلام بَعضهم: كُنْتُ أَحُلُّ إِذا أَسْحَرْتُ، وأَرْحَلُ إِذا أَفْجَرْتُ. وَفِي الحدِيث: أُعَرِّس إِذا أَفْجَرْتُ، وأَرْتَحِلُ إِذا أَسْفَرْتُ، أَي أَنْزل للنَّوْمِ والتَّعْرِيس إِذا قَرُبْتُ من الفَجْر، وأَرْتَحِلُ إِذا أَضاءَ. وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: أَنْتَ مُفْجِرٌ، من ذَلِك الوَقْت إِلى طُلُوعِ الشَّمْس. وحَكَى الفارسيُّ: طَرِيقٌ فَجْرٌ: وَاضحُ. والفِجَارُ، ككَتاب: الطُّرُقُ مِثْل الفِجَاج. والفَجْر: تَفجيرُك الماءَ. وانْفَجَرَ الماءُ والدَّمُ ونَحْوُهُمَا من السَّيّال، وتَفَجَّرَ: سالَ وانْبَعَثَ. وفَجَرَه هُوَ يَفْجُرُه، بالضَّم، فَجْراً فانْفَجَر، أَي بَجَسَهُ فانْبَجَسَ. وفَجَّرَهُ تَفْجِيراً: شُدِّدَ للكَثْرة. والمَفْجَرُ والمَفْجَرَةُ: مُنْفَجَرُهُ من الحَوْضِ وغَيْره. وَفِي الصّحاحِ: مَوْضِعُ تَفَتُّحِ المَاءِ كالفُجْرَةِ، بِالضّمّ. والمَفْجَرَةُ: أَرْضٌ تَطْمَئِنُّ وتَنْفَجِرُ. وعبَارَةُ المُحْكَم: فتَنْفَجِر فِيهَا أَوْدِيَةٌ، والجَمْعُ المَفَاجِرُ. ومَفَاجِرُ الوَادِي: مَرَافِضُه حَيْثُ يَرْفَضُّ إِليه السَّيْلُ. وفُجْرَةُ الوَادِي إِطْلاقُه يَقْتَضِي أَنْ يكونَ بالفَتْح، والصَّوابُ أَنّه بالضَّمّ مُتَّسَعُه الّذي يَنْفَجِرُ إِليه الماءُ، كثُجْرَتِهِ. وَمن المَجَاز: انْفَجَرَت عَلَيْهِمُ الدَّوَاهِي: أَتَتْهم من كلِّ وَجْهٍ كَثِيرَة بَغْتَةً. وَكَذَا انْفَجَرَ عَلَيْهِم العَدُوُّ، إِذا جاءَهُم بَغْتَةً بكَثْرَةٍ، كَمَا فِي الأَساس واللّسان.
وأَصل الفَجْر الشَّقُّ، ثمّ اسْتُعْمِلَ فِي الانْبعاثِ فِي المَعَاصي والمَحَارِمِ والزِّنَى ورُكُوب كُلِّ أَمْرٍ

(13/299)


قَبيح من يَمِين كاذبَة أَو كَذِب، كالفُجُور فيهمَا كقُعُود. فَجَرَ الرَّجُلُ بالمَرْأَة يَفْجُر فُجُوراً: زَنَى، والمَرْأَةُ: زَنَتْ، فَهُوَ فَجُورٌ كصَبُور، وفاجُورٌ، نَقَلَه الصّاغَانيّ، من قَوْم فُجُرٍ، بضَمَّتَيْن، وامْرَأَةٌ فَجُورٌ أَيضاً، مِن نِسْوَة فُجُرٍ، ورَجُلٌ فاجِرٌ، من قوم فُجَّار وفَجَرَة، كطُلاّب وطَلَبَة، وَفِي الحَدِيث: إِنّ التُّجّارَ يُبْعَثُون يَوْمَ القيَامَة فُجّاراً إِلاّ مَنِ اتَّقَى اللهَ. والفَجَرُ، بالتَّحْريك: العَطَاءُ)
والكَرَمُ والجُودُ والمَعْروفُ، قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
(مَطاعِيمُ للضَّيْف حينَ الشِّتا ... ءِ شُمُّ الأُنُوف كَثِيرُو الفَجَرْ)
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَة: الفَجَرُ: الجُودُ الوَاسعُ، والكَرَمُ، من التَّفَجُّرِ فِي الخَيْرِ، وَقَالَ عَمْرُو بن امْرِئ القَيْسِ يُخَاطبُ مالِكَ بنَ العَجْلان: خَالَفْتَ فِي الرَّأْيِ كُلَّ ذِي فَجَرٍ والحَقُّ يامالِ غَيْرُ مَا تَصِفُ هَكَذَا صوابُ إِنْشَاده كَمَا قالَهُ ابْن بَرّيّ. والفَجَرُ: المَالُ، عَن كُرَاع. والفَجَرُ: كَثْرَتُهُ، قَالَ أَبو مِحْجَن الثَّقَفيُّ:
(فَقَدْ أَجُودُ ومَا مَالي بِذي فَجَرٍ ... وأَكْتُمُ السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ العُنُقِ)
وَقد تَفَجَّرَ بالكَرَم وانْفَجَرَ. قَالَ ابنُ القَطّاع: وفَجِرَ الرَّجُلُ فَجَراً، أَي كفَرِحَ: تَكرَّمَ. والفَاجِرُ: المُتَمَوِّلُ، أَي الكَثِيرُ المالِ، وَهُوَ على النَّسَب، والفاجرُ: السّاحِرُ، نَقله الصاغانيّ. وكقَطَامِ: اسْمٌ للفُجُور. ويُقَال للمَرْأَة: يَا فَجَارِ كقَطَامِ، وَهُوَ اسْم مَعْدُولٌ عَن الفاجِرَةِ يُريدُ يَا فاجرَةُ، قَالَ النَّابِغَةُ:
(أَنَّا اقْتَسمْنَا خُطَّتَيْنَا بَيْنَنَا ... فحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَارِ)

(13/300)


قَالَ ابنُ جِنّى: فَجَارِ مَعْدُولَةٌ عَن فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ عَلَمٌ غير مَصْرُوفٍ، كَمَا أَنّ بَرّةَ كَذَلِك. قَالَ وقَوْلُ سِيبَوَيْهٍ إِنّها معدولة عَن الفَجْرَة تفسيرٌ على طريقِ المَعْنَى لَا عَلَى طَرِيق اللَّفْظ. وأَفْجَرَهُ. وَجَدَهُ فاجِراً. وفَجَرَ الرجُلُ يَفْجُر فُجُوراً. فَسَقَ، وفَجَرَ أَيضاً: كذَبَ وكَذَّبَ، زَاد بنُ القَطّاع: وأَرَابَ. وأَصْلُه المَيْلُ، والفَاجِرُ: المائلُ. وَقَالَ أَبو ذُؤَيْب:
(وَلَا تُخْنُوا عَلَيَّ وَلَا تَشِطُّوا ... بِقَوْل الفَجْرِ إِنَّ الفَجْرَ حُوبُ)
أَرادَ بالفَجْر الكَذِبَ، ويُسَمَّى الكاذِبُ فَاجِرًا لمَيْله عَن القَصْد. وفَجَرَ فُجُوراً، عَصَى وخالَفَ، وَبِه فَسَّرَ ثَعْلَب قَوْلَهم فِي الدُّعاءِ: ونَخْلَعُ ونَتْرُكُ من يَفْجُرُكَ فَقَال: مَن يَعْصيكَ ومَنْ يُخَالِفُكَ. وَمِنْه حديثُ عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ: أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَهُ فِي الجهَاد، فمَنَعَهُ لِضَعْفِ بَدَنه، فَقَالَ لَهُ إِنْ أَطْلَقْتَنِي وإِلاَّ فَجَرْتُك، أَي عَصَيْتُك وخالَفْتُك ومَضَيْتُ إِلى الغَزْوِ. وَقَالَ المؤرّج: فَجَرَ الرَّجُلُ مِنْ مَرَضِه: بَرَأَ وفَجَرَ: كَلَّ بَصَرُه، وفَجَرَ أَمْرُهُم: فَسَدَ. وَمن المَجَاز: فَجَرَ الراكِبُ يَفْجُرُ فُجُوراً: مالَ عَنْ سَرْجِه. وفَجَرَ عَن الحَقِّ: عَدَلَ، وَمِنْه قولُهم: كَذَبَ وفَجَرَ. وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ: اسْتَحْمَلَهُ أَعرابِيّ وَقَالَ: إِنَّ ناقَتِي قد نَقِبَتْ. فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ. وَلم يَحْمِلْه. فَقَالَ:)
(أَقْسَمَ بِاللَّه أَبو حَفْصٍ عُمَرْ ... مَا مَسَهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ)
فاغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ إِنْ كانَ فَجَرْ أَي كَذَبَ ومالَ عَن الصِّدْق.

(13/301)


وَقَالَ الشَّاعِر:
(قَتَلْتُم فَتَىً لَا يَفْجُرُ اللهَ عامِداً ... وَلَا يَجْتَويِه جارُه حِينَ يُمْحِلُ)
أَي لَا يَفْجُرُ أَمْرَ الله، أَي لَا يَمِيلُ عَنهُ وَلَا يَتْرُكُه. وأَيّامُ الفِجَار، بالكَسْر، كَانَت بعُكَاظَ، تَفاجَرُوا فِيهَا واسْتَحَلُّوا كلَّ حُرْمَةٍ، كَذَا فِي الأَساس. وَفِي الصّحاح. الفِجَارُ: يَوْمٌ من أَيَّامِ العَرَب، وَهِي أَرْبَعةُ أَفْجِرَةٍ: فِجَارُ الرَّجُلِ، وفِجَارُ المَرْأَةِ، وفِجَارُ القِرْدِ، وفِجَارُ البَرّاضِ. قلتُ: والأَخِيرُ هُوَ الوَقْعَةُ العُظْمَى، نُسِبَت إِلى البَرّاضِ بن قَيْسٍ الَّذِي قَتَلَ عُرْوَةَ الرَّحَالَ، وإِنّمَا سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّهَا كانَتْ فِي الأَشْهُرِ الحُرُم، وكانتْ بَيْنَ قُرَيْش ومَن مَعَهَا من كِنَانَةَ، وبَيْنَ قَيْسِ عَيْلانَ فِي الجاهِلّية، وكانَت الدَّبْرَةُ، أَي الهَزيمَةُ، على قيْس. فَلَمَّا قاتَلُوا فِيهَا قالُوا: قد فضجَرْنا، فسُمِّيَتْ لِذلكَ فِجَاراً، وَهُوَ مَصْدَرُ فاجَرَ مُفاجَرَةً وفِجَاراً: ارْتَكَبَ الفُجُورَ، كَمَا حَقَّقَه السُّهَيْلِي فِي الرَّوْض. وفِجَارَاتُ العَرَبِ: مُفَاخَرَاتُهَا. وَقد حَضَرَهَا النبيُُّ صلى الله تعالَى عَلَيْهِ وسلَّم، وَهُوَ ابنُ عِشْرينَ سنة، وَفِي الحَدِيث: كنْتُ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي يَوْمَ الفِجَارِ، ورَمَيْتُ فِيهِ بأَسْهُم، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي لم أَكُنْ فَعَلْتُ. وَفِي رِوايَة: كُنْتُ أَيّامَ الفِجَارِ أَنْبُلُ على عُمُومَتِي وذُو فَجَرٍ، مُحَرَّكَة: ع، قَالَ بَشِيرُ بنُ النِّكْث:
(حَيْثُ تَرَاءَى مَأْسَلٌ وذُو فَجَرْ ... يَقْمَحْنَ من حِبَّتِهِ مَا قَدْ نَثَرْ)
والفُجَيْرَ، كجُهَيْنةَ: ع. ويقالُ: رَكِبَ فلانٌ فَجْرَةَ وفَجَارِ مَمْنُوعةً من الصَرْفِ، أَي كَذَبَ وفَجَرَ.
وَعَن ابْن الأَعرابِيّ: أَفْجَرَ الرَّجُلُ، إِذا جاءَ بالفَجَرِ، أَي بالمالِ الكَثِيرِ. وأَفْجَرَ، إِذا

(13/302)


كَذَبَ، وأَفْجَرَ، إِذا زَنَى، وأَفْجَرَ، إِذا كَفَرَ، وأَفْجَرَ، إِذا عَصَى بفَرْجِه، وأَفْجَرَ، إِذا مالَ عَن الحَقِّ.
الأَخيرُ لَيْسَ من قَوْلِ ابنِ الأَعرابيّ، بل أَلْحَقَه الصاغانيّ من كَلامِ غَيْره وأَفْجَرَ اليَنْبُوعَ: أَنْبَطَهُ، أَي أَخْرَجَهُ. والمُتَفَجِّر، بِكَسْر الْجِيم: فَرَسُ الحارِثِ بنِ وَعْلَةَ كأَنَّهُ يَتَفَجَّرُ بالعَرَق. وَقَالَ الهَوازنِيُّ: الافْتِجارُ فِي الكَلامِ: اخْتِراقُه من غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَهُ من أَحَد ويَتَعَلَّمَه، وأَنشد:
(نازِعِ القَوْمَ إِذا نازَعْتَهُمْ ... بأَريب أَوْ بحَلاّفٍ أَبَلّْ)

(يَفْتَجِرُ القَوْلَ وَلم يَسْمَعْ بِهِ ... وَهُوَ إِنْ قِيلَ اتَّقِ اللهَ احْتَفَلْ)
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فَجَّره، إِذَا نَسَبَه للفُجُور، كفَسَّقَهُ وكَفَّرَهُ. وَمِنْه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْر: فَجَّرتَ)
بنَفْسِكَ. وَقَالَ المُؤَرّج: فَجَرَ الرَّجُلُ: أَخْطَأَ فِي الجَوَاب. وفَجَرَ، إِذا رَكِبَ رَأْسَه فمَضَى غَيرَ مُكْتَرِثٍ. وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الفُجُور: الرُّكُوب إِلى مَا لَا يَحِلُّ. وحَلَفَ فلانٌ على فَجْرَةٍ، واشتمل على فَجْرَةٍ، إِذا رَكبَ أَمراً قَبِيحاً من يَمِين كاذبَة أَو زِنىً أَو كَذِبٍ. والفَاجِرُ: المُكذِّبُ، لِمَيْله عَن الصِدْقِ والقَصْدِ. وَعَن ابنِ الأَعرابيّ: الفاجِرُ: الساقطُ عَن الطّرِيق. وَفِي حديثِ عائشةَ رَضِي الله عَنْهَا: يَا لَفُجَرَ، معدولٌ عَن فاجِر للمُبَالَغَة، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلاّ فِي النِّداءِ غالِباً. وسِرْنا فِي مُنْفَجَرِ الرَّمْلِ: وَهُوَ طَريقٌ يكونُ فِيهِ، وَهُوَ مَجازٌ. والفَجرُ، محرَّكة: يُكْنَى بِهِ عَنْ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا. وَمِنْه حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِي الله عَنهُ لأَنْ يُقَدَّمَ أَحَدُكُم

(13/303)


فتُضْرَبَ عُنقُه خَيْرٌ لَهُ من أَنْ يَخُوض فِي غَمَراتِ الدُّنْيَا، يَا هادِيَ الطَّرِيقِ جُرْتَ، إِنَّمَا هُوَ الفَجْر أَو البَحْر يقولُ: إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِئَ لَك الفَجْرُ أَبْصَرَتْ قَصْدَك، وإِن خَبَطْتَ الظَّلْمَاءَ ورَكِبْتَ العَشْواءَ هَجَمَا بِكَ على المَكْرُوه. فضَرَب البَحْرُ مَثَلاً لغَمَراتِ الدُّنْيَا. وَقد تَقدّم البَحْرُ فِي مَوْضِعه.
اختُلف فِي مَعْنَى قولِه تعالَى: بَلْ يُريدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ. فقيلَ: أَي يَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ.
ويُقَال: يُكْثِرُ الذُّنُوبَ ويُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ. وَقيل: يُسَوِّف بالتَّوْبَة ويُقَدِّم الأَعمالَ السَّيِّئَةَ. وقِيلَ: لِيَكْفُرَ بِمَا قُدّامَه من البَعْثِ. وَقَالَ المؤرِّج: أَي ليَمْضِيَ أَمامَهُ راكِباً رَأْسَه. وقِيل: ليُكذِّبَ بِمَا أَمَامَهُ من البَعْثِ والحِسَابِ والجَزَاءِ.
ف ح ر
. افْتَحَرَ الكلامَ والرَّأْيَ، بالحاءِ المُهْمَلَة، أَهمله الجوهريّ وصاحبُ اللِّسَان، وَقَالَ ابنُ الفَرَج عَن مُدْركٍ الضِّبَابيّ: يُقَال ذلكِ إِذَا أَتَى بِهِ من قَصْدِ نَفْسِهِ، ولَم يُتابِعْه عَلَيْه أَحدٌ كافْتَحَلَه الأَخيرُ نقلَه ابنُ الفَرَج عَن أَبي مِحْجَن الضِّبابيّ.
ف خَ ر
. الفَخْرُ، بالفَتْح، ويُحَرَّك، مثل نَهْر ونَهَر لِمَكانِ حَرْفِ الحَلْق، والفَخَارُ والفَخَارَةُ، بفَتْحِهِما. قَالَ شيخُنَا: وتَوقَّفَ بعضٌ فِي الفَخَار بالفَتْح، وَقَالَ: الصّوابُ فِيهِ بالكَسْر، قَالَ: وَلم يَسْتَندْ فِي ذَلِك لما يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابنُ أَبي الحَديد فِي أَوّل شرْح نَهْجِ البَلاغة: قَالَ لي إِمامٌ من أَئمّة اللّغَة فِي زَماننا: الفِخَارُ بكَسْر الفاءِ، وَهَذَا مِمّا يَغْلَط فِيهِ الخاصّة فيَفْتَحُونَه، وَهُوَ غير جَائِز، لأَنّه

(13/304)


مصدرُ فاخَرَ، كقاتَلَ. وعنْدي لَا يَبْعُد أَن تكون الكَلمَةُ مَفْتُوحَةَ الفاءِ، ويَكُونَ مَصْدَرَ فَخَرَ لَا فَاخَرَ، وَقد جاءَ مصدرُ الثُّلاثيّ إِذا كَانَ عَيْنُه أَو لامُه حَرْفَ حَلْق على فَعَال بالفَتْح كسَمَاح وذَهَاب، اللهُمَّ إِلاَّ أَنْ يُنْقَلَ ذَلِك عَن شَيْخ أَو كِتَاب مَوْثُوق بِهِ نقلا صَرِيحًا فتَزُول الشُّبْهَة. انْتهى كلامُ ابنِ أَبي الحَدِيد. قَالَ شَيْخُنا: قلتُ: وَهَذَا القَيْدُ الَّذِي قَيَّدَه بحَرْف الحَلْقِ عَيْناً أَوْ لاماً لَا نَعْرفُهُ لأَحَدِ فِي المَصَادِر، بل وَرَدَت المَصَادِرِ على فَعَال بِلَا حَصْر فِي الثُّلاثيّ مُطْلَقاً حَتَّى ادَّعَى فِيهِ أَقْوَامٌ القِيَاسَ لِكَثْرَته كسَلاَم وكَلاَمٍ وضَلاَل وكَمَالِ وجَمَال ورَشَادِ وسَدادَ، وَمَا لَا يُحْصَى. وَفِيه كلامٌ فِي المِصْباح. انْتهى. وقولُ ابنِ أَبي الحَديد: اللهُمَّ إِلاَّ أَنْ يُنْقَل ذَلِك عَن شَيْخ أَو كِتَابٍ إِلخ. قلْتُ: نَقَل الصاغَانيّ فِي التكملة مَا نَصُّه: وَقَالَ ثَعْلَب: لَا يَجُوزُ الفَخارُ، بالفَتْح، لأَنّه مُوَلَّد، فإِذن زَالَت الشُّبْهَةُ، فتَأَمَّلْ. والفِخِّيرّي، كخِلِّيفَي، ويُمَدّ: التَّمَدُّح بالخِصَال وعَدُّ القَدِيمِ والمُبَاهَاة بالمَكَارِم مِن حَسَبٍ ونَسَب. وَقيل: هُوَ المُبَاهَاةُ بالأُمُور الخارِجَة عَن الإِنْسَان، كمَالٍ وجَاهٍ. وقيلَ: الفَخْرُ: ادِّعاءُ العِظَمِ والكِبَرِ والشَّرَفِ، كالافْتِخَار. وَقد فَخَرَ، كمَنَعَ، يَفْخَرُ فخَرْاً وفَخْرَةً حَسَنَةً، عَن اللِّحْيَانيّ، فَهُوَ فاخِرٌ وفَخُورٌ، وَكَذَلِكَ افْتَخَر. وتَفَاخَرُوا: فَخَرَ بَعْضُهُم على بَعْض، والتَّفَاخُر: التَّعَاظُم. والتَّفَخُّر: التَّكَبُّر. وفاخضرَه مُفَاخضرَةً وفِخَاراً، بالكَسْر: عارَضَهُ بالفَخْرِ، ففَخَرَهُ، كنَصَرَهُ يَفْخُرُهُ فَخْراً: غَلَبَهُ وكانَ أَفْخَرَ مِنْهُ وأَكْرَمَ أَباً وأُمّاً. أَنشد ثَعْلَب:
(فَأَصْمَتُّ عَمْراً وأَعْمَيْتُه ... عَن الجُودِ والفَخْرِ يَوْمَ الفَخَارِ)

(13/305)


كَذَا أَنْشَدَه بالكَسْر، وَهُوَ نَشْرُ المَناقِب وذِكْرُ الكِرام بالكَرَم. وفَخَرَه عَلَيْه، كمَنَع يَفْخَرُه فَخْراً:) فَضَّله عَلَيْه فِي الفَخْرِ، عَن أَبي زَيْد، كأَفْخَرَه عَلَيْه، وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: فَخَرَ فُلانٌ اليَوْمَ على فُلان فِي الشَّرَف والجَلَد والمَنْطِقِ، أَي فَضَلَ عَلَيْهِ. والفَخِير، كأَمِيرٍ: المُفَاخِرُ كالخَصِيم بِمَعْنى المُخَاصِم. وَمن سَجَعَاتِ الأَساس: جاءَ فلانٌ فَخِيراً ثمَّ رَجَع أَخيراً. والفَخْيرِ أَيضاً: المَغْلُوبُ فِي الفَخْرِ، وَفِي بعض الأُّمَّهات: بالفَخْر. والمَفْخَرَةُ، وتُضَمّ الخاءُ: المَأْثُرَة وَمَا فُخِرَ بِهِ. والفاخِرُ: الجَيِّدُ من كلِّ شَئٍ، قَالَ لَبِيدٌ:
(حَتَّى تَزَيَّنَت الجِوَاءُ بفاخرٍ ... قَصِفٍ كَأَلْوَانِ الرِّحَالِ عَمِيمِ)
عَنَى بِهِ هُنَا الّذي بَلَغَ وجَادَ من النَّبَاتِ، فكَأَنَّهُ فَخَر على مَا حَوْلَهُ. والفاخِرُ: بُسْرٌ يَعْظُمُ وَلَا نَوَى لَهُ، فكَأَنَّهُ فَخَرَ بذلك على غَيْرِه. ويُرْوَى بالزاي. واسْتَفْخَرَ الشَّيْءَ، هَكَذَا فِي النُّسخ، وعبارةُ اللَّيْث على مَا نَقَلَه الصاغانيّ: واسْتَفْخَر الثَّوْبَ: اشْتَرَاهُ فاخِراً. وَكَذَلِكَ فِي التَّزْويج. واسْتَفْخَرَ فلانٌ ماشاءَ. والفَخُورُ، كصَبُور: الناقَةُ العَظِيمةُ الضَّرْعِ القَلِيلَةُ اللَّبَنِ، ومِنَ الغَنَمِ كَذَلِك. وقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُعْطِيكَ مَا عِنْدَهَا من اللَّبَنِ وَلَا بَقَاءَ لِلبَنَهَا. وقِيلَ: النَّاقَةُ الفَخُورُ: العَظِيمَةُ الضَّرْعِ الضَّيِّقَةُ الأَحالِيل. والفَخُورُ من الضُّرُوع: الغَلِيظُ الضَّيِّقُ الأَحاليلِ القَلِيلُ اللَّبَنِ، والاسْمُ الفُخْرُ، والفُخُرُ. وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
(حَنْدَلِسٌ غَلْبَاءُ مِصْباحُالبُكُرْ ... واسِعَةُ الأَخْلافِ فِي غَيْرِ فُخُرْ)

(13/306)


ووَهِمَ المصنّف فأَعادَه فِي الزّاي. والفَخُورُ: النَّخْلَةُ العظيمةُ الجِذْعِ الغَلِيظُة السَّعَفِ. والفَخُورُ: الفَرَسُ العَظيمُ الجُرْدانِ الطَّويلُه، كالفَيْخَرِ، كصَيْقَل، بالرَّاءِ وبالزّاي، قَالَه أَبو عُبَيْدَةَ، ج فَيَاخِرُ.
والفَخارَة، كجَبّانَة: الجَرَّةُ، ج الفَخّارُ. معروفٌ. وَفِي التَّنْزِيل: مِنْ صَلْصَالٍ كالفَخَّار. أَوْ هُوَ ضَرْبٌ من الخَزَفِ تُعْمَلُ مِنْهُ الجِرَارُ والكِيزانُ وغَيْرُهَا. وَبِه فُسِّر حَدِيث: أَنّه خَرَجَ يَتَبَرَّزُ فأَتْبَعَه عُمَرُ بإِدَاوَةٍ وفَخّارَة. وَعَن ابْن الأَعرابيّ: فَخِرَ الرجُلُ كفَرِحَ، يَفْخَر فَخَراً: أَنِفَ، وأَنشد للقُطَاميّ:
(وتَرَاهُ يَفْخَرُ أَنْ تَحُلَّ بُيُوتُه ... بمَحَلَّهِ الزَّمِر القَصِير عِنَانَا)
فَسَّرَُه ابنُ الأَعْرَابيّ فَقَالَ: معناهُ يَأْنَفُ. والفَاخُورُ: نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيح. وقِيلَ: ضَرْبٌ من الرِّياحينِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ المَرْوُ العَرِيضُ الوَرَقِ. وَقيل: هُوَ الّذي خَرَجَتْ لَهُ جَمَامِيحُ فِي وَسَطِه كأَنَّه أَذْنَابُ الثَّعْلَبِ، عَلَيْهَا نَوْرٌ أَحْمَرُ فِي وَسَطِه، طَييبُّ الرِّيحِ، يُسَمّيه أَهْلُ البَصْرَة: رَيْحَان الشُّيُوخِ زَعَمَ أَطِبّاؤُهم أَنّه يَقْطَعُ الشَّبَابَ. وممّا يُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ: رَجُلٌ فَخِّيرٌ، كسِكِّيت،) أَي كَثِيرُ الفَخْرِ. وَكَذَا فِخِّيرَةٌ، والهاءُ للمُبَالَغة. قَالَ الشاعِرُ: يَمْشِي كمَشْيِ الفَرِحِ الفخِّيرِ. وإِنّه لَذُو فُخْرَة عَلَيْهم، بالضَّمِّ أَي فَخَرٍ. وَمَا لضكَ فُخْرَةُ هَذَا، أَي فَخْرُه عَن اللِّحْيَانِيّ. وفضخَرَ الرَّجُلُ فَخْراً: تَكَبَّر بالفَخْر

(13/307)


وأَفْخَرَتِ المَرْأَةُ: لَمْ تَلِدُ إِلاَّ فاخِراً قَالَه اللَّيْثُ. وغُرْمُولٌ فَيْخَرٌ، كصَيْقَل: عَظِيمٌ. ورَوَاه ابنُ دُرَيْد بالزاي، كَمَا سَيَأْتِي. ورَجُلٌ فَيْخَرٌ: عَظُمَ ذَلِك مِنْهُ. والجَمْع فَيَاخِرُ. وَقد يُقَال بالزّاي، وَهِي قَلِيلَة. وَفِي كتاب أَيمان عَيمان: الفِخِّيراءُ: الفِخِّير، كَذَا نَقله الصاغانيّ. وافْتخرَت زَوَاخَرُه: طَالَتْ وارْتَفَعَتْ، وَهُوَ مَجازٌ. قَالَ زُهَيْرٌ:
(فاعْتَمَّ وافْتَخَرَتْ زَوَاخِرُه ... بتَهَاوِلٍ كتَهَاوِلِ الرَّقْمِ)
والتَّهَاوِلُ: الأَلْوَانُ المُخْتَلِفَةُ كَذَا فِي الأَساس. وابنُ الفَخّارِ، كشَدّاد: محمّدُ بنُ مَعْمَرِ بن الغاضِرِ الأَصْبَهَانِيّ. وأَبو تَمّام عليُّ بنُ أَبِي الفِخَارِ هِبَةُ الله الهاشِميّ، ككِتَابٍ. وشَمْسُ الدِّينِ فِخَارُ بن أَحْمَدَ بنِ محمّد المُوسَوِيّ النَّسّابَةُ، وحَفِيدُه جَلالُ الدِّين فِخارُ بنُ مَعَدِّ بنِ فخَارِ النَّقِيبُ النَّسّابةُ، ووَلَدُه عَلَمُ الدِّينِ عبدُ الحَمِيدِ ابنُ فِخَارٍ، من مَشايِخِ أَبي العَلاءِ الفَرَضِيّ، تُوُفِّيَ سنة ذكره المُصَنّف فِي ح ار، وَوَلَدُهُ رَضِيُّ الدِّينِ عليُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيد، مَاتَ بِهَرَاةِ خُرَاسانَ: مُحَدِّثُون.
والفاخِرُ: لَقَبُ شَيْخِنا الإِمامِ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُحَمَد العَبّاسِيِّ الأَثَرِيِّ، سَمِعَ بالحَرَمَيْن من عِدَّةِ شُيُوخ. والمُبَارَكُ بنُ فاخِر أَبو الكَرَمِ، نحْوِيٌّ حَدَّثَ.
ف د ر
. فَدَرَ الفَحْلُ يَفْدِرُ، بالكَسْرِ، فَدْراً، بالفَتْح، وفُدُوراً. بالضَّمّ، واقْتَصَر على الأَخير ابنُ سيدَهْ وابْنُ القَطَّاع، فَهُوَ فادِرٌ: فَتَرَ وانْقَطَعَ وجَفَرَ عَن الضِّرَابِ وعَدَلَ، قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: كفَدَّرَ تَفْدِيراً وأَفْدَرَ إِفْداراً.

(13/308)


قَالَ وأَصْلُه فِي الإِبِلِ، ج فُدْرٌ، بالضمّ، وفَوَادِرُ. الأَخِيرُ ذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ. وطَعَامٌ مُفْدِرٌ، كمُحْسِن، قَالَ البَدْرُ القَرَافِيُّ: وَهُوَ نادِرٌ، مِثْل أَسْهَبَ مُسْهَبٌ، وأَحْصَن مُحْصَنٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيه نَظَرٌ ظاهِرٌ. وطعَامٌ مَفْدَرَةٌ، بالفَتْح، عَن اللِّحْيَانيّ: يَقْطَعُ عَنِ الجِمَاع، تقولُ العَرَب: أَكْلُ البِطِّيخِ مَفْدَرَةٌ. وفَدَر اللَّحْمُ فُدُوراً: بَرَدَ وَهُوَ طَبِيخٌ، وَمِنْه الفِدْرَة، بالكَسْر. والفَدُورُ، كصَبُور، والفادِرُ والفَدَرُ، مُحَرّكةً: الوَعِلُ العاقِلُ فِي الجَبَل، وَقد فَدَر فُدُوراً. وقِيل: هُوَ المُسِنّ، وَقد فَدَر فُدُوراً، إِذا عَظُمَ وأَسَنّ قَالَه ابنُ القَطّاع. وَقَالَ الأَصمعي: الفادِرُ من الوُعُولِ: الَّذِي قد أَسَنَّ، بمَنْزِلَةِ القَارِح من الخَيْلِ، والبازِلِ من الإِبل، والصالغِ من البَقَرِ والغَنَمِ، وَقَالَ ابنُ الأثِير: وَهُوَ مِنْ فَدَرَ الفَحْلُ فُدُوراً، إِذا عَجَزَ عَن الضِّرابُ، أَو الفادِرُ: الشَّابُّ التَّامُّ أَو العَظِيمُ مِنْهُ، ج، أَي جَمْع الفادِر فَوَادِرُ. وَفِي الصِّحَاح: فُدُرٌ، بالضِّمِّ، وفُدُورٌ، وقِيلَ: الأَخِيرُ جَمْعُ فَدَر محرّكةً.
ومَفْدَرَةٌ، بالفَتح اسمٌ للجَمْع، كَمَا قالُوا: مَشْيَخَة. ومَكانٌ مَفْدَرَةٌ، بالفَتح: كَثِيرُه أَي الفُدُر. وأَنشد الأَزهريّ للرّاعِي:
(وكَأَنّمَا انْتَطَحَتْ عَلَى أَثْبَاجِهَا ... فُدُرٌ بشَابَةَ قد يَمَمْنَ وُعُولاَ)
والفادِرَةُ: الصَّخْرَةُ الضَّخْمَةُ الصَّمّاءُ العَظِيمَةُ الَّتِي تَراها فِي رَأْس الجَبَل. شُبِّهَتْ بالوَعِلِ، كالفِدْرَة، بالكَسْر قَالَه الصَّغانيّ. والفادِرُ: الناقَةُ تَنْفَرِدُ وَحْدَهَا عَن الإِبِل. كالفَارِد. والفدْرَةُ، بالكَسْر: القِطْعَةُ من

(13/309)


كلِّ شيْءٍ، وَمِنْه حديثُ جَيْش الخَبَط: فكُنّا نَقْتَطِعُ مِنْهُ الفِدَرَ كالثَّوْرِ. وَفِي المُحْكَم: الفِدْرَةُ: القِطْعَةُ من اللَّحْمِ المَطْبُوخِ البارِد. وَقَالَ الأصمعيّ: أَعْطَيْتُه فِدْرَةً من اللَّحْم، وهَبْرَةً، إِذا أَعْطَيْتَه قِطْعَةً مُجْتَمِعَة. وَقَالَ الراجز: وأَطْعَمَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَهْ. وَفِي حديثِ أُمِّ سَلَمَة: أُهْديَتْ لي فِدْرَةٌ من لَحْم أَي قِطْعَة. والفِدْرَةُ: القِطْعَة من اللَّيْل. والفِدْرَة من الجَبَلِ: قِطْعة مُشْرِفَةٌ مِنْهُ. والفِنْدِيرَةُ والفِنْديرُ بكَسْرِهما: دُونَها، قَالَ البَدْرُ القرافيّ: وَفِيه مُخَالَفَةٌ لقَولهم: زِيَادَةُ البِنَاءِ تَدُلّ على زِيَادَة المَعْنَى، مشثْل شُقْدُفٍ وشِقْنْدَافٍ. وَقد يُجابُ عَنهُ بأَنّه أَكْثَرِىّ، لَكِن الَّذِي ذكره الْجَوْهَرِي أَنّ الفِنْدِيرَ والفِنْدِيرَة: الصَّخْرَةُ العَظِيمة تَنْدُرُ من رَأْس الجَبَلِ، وَقد أَعادَها المصنّف فِي ف ن د ر وَقَالَ: هِيَ الصَّخْرَة الْعَظِيمَة، كَمَا سَيَأْتِي. قلتُ: فَهُوَ إِذاً تَكْرَارٌ كَمَا لَا) يَخْفَى. ويُمْكِنُ أَن يُجَابَ بأَنَّ المُرَادَ بقوله: دُونَها، أَي فِي المَكَانِ والإِشْرافِ لَا فِي القَدْر، وَذَلِكَ لأَنّ كُلاًّ مِنْهُمَا قد وُصِفَ بالضَّخَامَة والعَظَمَةِ، ولكنَّ الفِدْرَةَ مَا كَانَ مُشْرِفاً فِي رأْسِ جَبَل، والفِنْدِيرَةَ دُونَهَا فِي الإِشْراف. وَهُوَ وَجيهٌ، وَبِه يُجْمَعُ بَين الكَلامَيْن، فتَأَمَّل. والفَدِرُ، ككَتِف: الأَحْمَقُ، وَقد فَدِرَ، كفَرِحَ، فَدَراً. والفَدِرُ من العُودِ: السَّرِيع الانْكِسَار، نَقله الصاغانيّ. والفُدُرُّ، كعُتُلٍّ: الفِضَّةُ، نَقَله الصاغَانيّ. والفُدُرّ أَيضاً: الغلُامُ السَّمِينُ، على التَّشْبِيه بالوَعِل، أَو قارَبَ الاحْتِلامُ، على التَّشْبِيه بِهِ أَيضاً. وَفِي التَّكْمِلَة: حِجَارَةٌ تُفَدَّرُ تَفْدِيراً، أَي تُكَسَّرُ صِغَاراً وكِبَاراً.
ورَجُلٌ فُدَرَةٌ، كهُمَزَةٍ: يَذْهَبُ وَحْدَه، كفُرْدَةٍ.

(13/310)


وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفادِرُ: اللَّحْمُ البادِرُ المَطْبُوخُ.
والفِدْرَةُ، بالكَسْرِ: القِطْعَة والكَعْبُ مِنَ التَّمْرِ. وضَرَبْتُ الحَجَرَ فَتَفَدَّرَ.
ف ر ب ر
. فِرَبْرُ، كسِبَحْل، ببُخَارَى وضُبِط بالفَتْح أَيضاً كَمَا فِي شُرُوح البُخَارِيّ، وَذكر الحافِظُ فِي التَّبْصير الوَجْهَيْنِ. وَمِنْهَا أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمّدُ بنُ يُوسُفَ ابنِ مَطَرِ بن صالِح بنِ بِشْر الفِرَبْرِيّ، راوِيَةُ البخاريّ، سَمعَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْن: مرّة ببُخَارَى، ومَرَّة بفِرَبْر، حَدَّث عَنهُ أَبو إِسحاقَ إِبراهِيمُ بنُ أَحمدَ المُسْتَمْلِي، وأَبو محمَّد عبدُ الله بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّويَةَ الحَمُّويِىُّ السَّرْخَسِيُّ، وأَبو الهَيْثَم محمّدُ بنُ مَكِّىٍّ الكُشْمِيهَنِيُّ، والشَّيْخُ المُعَمَّرُ أَبو لُقمَانَ يَحْيَى بن عَمّارِ بن مُقْبِل بن شاهَانَ الخُتَّلانِيّ. وَمن طَرِيقِ الأَخِير لنا إِلَى البخاريّ صاحبِ الصَّحيح عَشَرَةُ أَنْفُسٍ، وَهُوَ عالٍ جِدّاً
ف ر ر
. {الفَرُّ، بالفتْح،} والفِرَارُ، بالكَسْرِ: الرَّوَغانُ والهَرَب من شَيْءٍ خافَه، {كالمَفَرِّ، بالفَتْح،} والمَفِرِّ، بكَسْر الفاءِ مَعَ فَتْح المِيم، وَالثَّانِي يُسْتَعْمَل لَمْوضِعِه، أَي {الفِرارِ، أَيضاً، وَقد} فَرَّ {يَفِرُّ فِرَاراً: هَربَ، فَهُوَ فَرُورٌ، كصَبُور،} وفَرُوَرٌة، بِزِيَادَة الهاءِ، {وفُرَرَةٌ، كهُمَزَة، وَهَذِه عَن الصاغانيّ،} وفَرّارٌ، كشدّادِ، {وفَرّ، كصَحْب، وَصْفٌ بالمَصْدَر، فالواحِدُ والجَمعُ فِيهِ سَواءٌ. وَفِي حَدِيثِ الهِجْرة: قَالَ سُرَاقَةُ بنُ مالِكٍ، حينَ نَظَرَ إِلى النبيّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم وإِلى أَبِي بَكْر مُهَاجرَيْنِ إِلى الْمَدِينَة فَمَرَّا بِهِ، فَقَالَ: هذانِ} فَرُّ قُرَيْش، أَفَلا أَرُدُّ على قُرَيْش! فَرَّهَا يُرِيد

(13/311)


{الفارَّيْن من قُرَيْش، يُقَال مِنْهُ: رَجُلٌ} فَرٌّ، ورَجُلان فَرٌّ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع. وَقَالَ الجوهريّ: رَجُلٌ فَرٌّ، وَكَذَلِكَ الاثْنَان والجَمِيعُ والمُؤنَّث، وَقد يَكُون الفَرُّ جَمْعَ فارٍّ، كشارِبٍ وشَرْب، وصاحِب وصَحْبِ. وَقد {أَفْرَرْتُه} إِفْراراً، إِذا عَمِلْتَ بِهِ عَمَلاً {يَفِرُّ مِنْهُ ويَهْرُبُ. وَفِي حَدِيث عاتكَةَ:
(} أَفَرَّ صِيَاحُ القَوْمٍ عَزْمَ قُلُوبِهِم ... فَهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ)
أَي حَمَلَهَا على الفرَارِ، وجَعلَها خالِيَةً بَعِيدَةً غائِبَةَ العُقُولِ. وَمِنْه الحَدِيث: أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ لِعَدِيِّ بن حاتِم: مَا {يُفِرُّكَ عَن الإِسْلامِ إِلاَّ أَنْ يُقَال: لَا إِله إِلاَّ الله، أَي مَا يَحْمِلُك على الفِرَار إِلاّ التَّوْحِيدُ. وكَثِيرٌ من المُحَدَّثين يقولونَه بفَتْحِ الياءِ وضَمّ الفاءِ. قَالَ الأَزهريّ: وَالصَّحِيح الأَوّل.} وفَرَّ الدابَّةَ {يَفِرُّهَا، هَكَذَا هُوَ مَضْبُوطٌ بالكَسْر على مُقْتَضَى اصْطِلاحهِ، وضَبَطَه الأَزهريّ بالضّمّ،} فَرّاً، بالفَتْح، {وفَرَاراً، مُثَلَّثَة الفاءِ: كَشَف عَن أَسْنَانِها ليَنْظُرَ مَا سِنُّهَا وَمِنْه حَديثُ ابْن عُمَرَ: أَرادَ أَنْ يَشْتَريَ بَدَنَةً فَقَالَ:} فُرَّهَا. ومنِ المَجَازِ: {فَرَّ الأَمْرَ} وفَرَّ عَن الأَمْرِ: بَحَثَ عَنهُ. وَفِي خُطْبَة الحَجَّاج: لقد {فُرِرْتُ عَن ذَكَاءٍ وتَجْرِبَةٍ. وَفِي حَديث عُمَرَ: قَالَ لابْنِ عَبّاس رَضِيَ الله عَنْهُم: كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ أَشْيَاءُ كَرِهْتُ أَنْ} أَفُرَّك عَنْهَا، أَي أَكْشِفُك.
وَيُقَال: {فُرَّ فُلاناً عَمَّا فِي نَفْسِهِ، أَي اسْتَنْطِقْه لِيَدُلَّ بنُطْقِهِ عَمَّا فِي نَفْسِه، وَهُوَ} مَفْرُورٌ {ومُفَرَّر.
وَمن المَجَاز: إِنَّ الجَوَادَ عَيْنُه} فرَارُه مُثَلَّثةً: وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَدُلُّ ظاهِرُة على باطِنِه، يَقُول:

(13/312)


تَعرِفُ الجَوْدَةَ فِي عَينه كَمَا تَعْرِفُ سِنَّ الدّابَّةِ إِذا {فَرَرْتَهَا. ويُقَالُ أَيضاً: الخَبِيثُ عَيْنُه} فرارَهُ، أَي تَعْرِفُ الخُبْثَ فِي عَيْنِه إِذا أَبْصَرْتَه، ومَنْظَرُهُ يُغْنِي عَن أَنْ {تَفِرَّ أَسْنَانَه وتَخْبُرَه، وعِبارَة الصِّحَاح: إِنّ الجَوَادَ عَيْنُه} فُرَارُه، وَقد يُفْتَح: أَي يُغْنِيكَ شَخْصُه ومَنْظَرُه عَن أَنْ تَخْتَبِرَه وأَنْ {تَفُرَّ أَسنانَه. وَفِي الأَساس:} فَرُّ الجَوَادَ عَيْنُه، أَي علاماتُ الجُودِ فِيهِ ظاهِرَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إِلى) أَنْ تَفِرَّه. وامْرَأَةٌ {فَرّاءُ، أَي غَرّاءُ حَسَنَةُ الثَّغْرِ.} وأَفَرَّت الخَيْلُ والإِبلُ للإِثْناءِ، بالأَلف: سَقَطَتْ رَوَاضِعُهَا وطَلَعَ غَيْرُهَا. {وافْتَرَّ الإِنْسَانُ: ضَحِكَ ضَحِكاً حَسَناً، ويُقَال:} افْتَرَّ فُلانٌ ضاحِكاً، أَي أَبْدَى أَسْنَانَه. وافْتَرَّ عَن ثَغْرِه، إِذا كَشَرَ ضَاحِكا. وَمِنْه الحَدِيثُ فِي صِفة النّبيِّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم: (و) {يَفْتَرُّ عَن مِثْل حَبِّ الغَمَام، أَي يَكْشِرُ إِذا تَبَسَّم فِي غير قَهْقَهَة. وافْتَرَّ البَرْقُ: تَلأْلأَ، من ذَلِك. وافْتَرَّ الشَّيْءَ اسْتَنْشَقَه، قَالَ رُؤْبة: كأَنَّمَا افْتَرَّ نَشُوقاً مُنْشَقَاً.} والفَرِيرُ، كأَمير وغُرَابٍ وصَبُور وزُنْبُور وهُدْهُد وعُلاَبِط: وَلَدُ النَّعْجَة والمَاعِزَةِ والبَقَرَةِ، قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: {الفَرِيرُ: وَلَدُ البَقَرِ، وأَنشد:
(يَمْشِي بَنُو عَلْكَمٍ هَزْلَى وإِخْوَتُهُمْ ... عَلَيْكُمُ مِثْلُ فَحْلِ الضَّأْنِ} فُرْفُورُ)
قَالَ الأَزهريّ: أَراد: فُرَار، فَقَالَ: فُرْفُور. وَقَالَ بعضُهُم: الفَرِيرُ من أَوْلادِ المَعْز: مَا صَغُر جِسْمُه. وعَمَّ ابنُ الأَعْرَابيّ {بالفرَيِر وَلَدَ الوَحْشِيَّة من الظِّبَاءِ والبَقَرِ وغَيْرِهِمَا، أَوْ هِي الخِرْفَانُ والحُمْلانُ، وَهَذَا أَيضاً قولُه. وَقيل:} الفَرِيرُ،! والفُرَارُ،

(13/313)


{والفُرَارَةُ} والفُرُرُ {والفُرْفُور،} والفَرُور، {والفُرَافِر: الحَمَلُ إِذا فُطِمَ واسْتَجْفَر وأَخْصَبَ وسَمِنَ. وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ فِي الفُرَارِ الَّذِي هُوَ واحدٌ قولَ الفَرَزْدق:
(لَعَمْرِي لَقَدْ هانتْ عَلَيْكَ ظَعينةٌ ... فدَيْتَ برِجْلَيْهَا الفُرَارَ المُرَبَّقَا)
ج} فُرارٌ، كغُرَاب أَيضاً، أَي يكونُ للجَمَاعَة والواحِد نادِرٌ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ولَمْ يَأْت على فُعَال شئٌ من الجَمْع إِلاّ أَحْرُفٌ هَذَا أَحدُها. {والفَرِيرُ، كأَمِير: الفَمُ، ذكرَه الصاغانيّ والزمخشريّ، ومُقْتَضَى كَلامِ الأَخِيرِ أَنَّه فَمُ الدّابَّة. وَمن المَجَازِ: فَرَسٌ ذابِلُ الفَرِيرِ: وَهُوَ مَوْضِعٌ المَجَسَّةِ من مَعْرَفَةِ الفَرَسِ، وَقيل: هُوَ أَصْلُ مَعْرَفتِهِ، وَهَذَا نَقَله الصاغانيّ.} والفَرَِيرُ: والدُ قَيْسٍ من بَنِي سَلِمَةَ بن سَعْدِ بنِ عليِّ بنِ أَسَدِ بن سارِدَةَ بنِ تَزِيدَ بن جُشَمَ بنِ الخَزْرَجِ، جاهليٌّ، وإِلَيْه نُسِب عبدُ اللهِ بنُ عمْرو بنِ حَرَامٍ الأنَصاريُّ، وَالدُ جابِرٍ، فإِنَّ أُمَّه بِنْتُ قَيْس هَذَا، فَيُقَال لَهُ: الفَرِيرِيّ، لذَلِك. (و) {فُرَيْرٌ، كزُبَيْر، هَكَذَا فِي النُّسَخ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لما فِي التكملة والتَّبْصِير وغَيْرِهما من كُتبُ الأَنسابِ فإِنَّهُم ضَبَطُوا فِيهَا} فَرِيراً كأَمِير مثل الأَوّل، وقالُوا: هُوَ! فَرِيرُ بن عُنَيْنِ بنِ سَلامَانَ بنِ ثُعَلَ بن عَمْرِو بن الغَوْثِ الطّائيّ. قَالَ الصاغانيّ تَبَعاً لِابْنِ السَّمْعَانيّ وغَيْرِه: إِنَّهُ بَطْنٌ من بُحْتُر، وغَلَّطَه الحافِظُ ابنُ حَجَر فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بَطْناً من بُخْتُر، بل فَرِيرٌ هَذَا هُوَ عَمُّ بُحْتُر وذلِك بَيِّنٌ فِي الجَمْهَرَة. قلتُ: وَذَلِكَ أَنَّ بُحْتُراً ومَعْناً ابْنا عَتُودِ بنِ عُنَيْنِ بن سَلامانَ)
وبُحْتُرٌ بَطْنٌ. ثمَّ قَالَ الحافِظُ: وَذكر ابنُ الكَلْبِيّ فِي أَسْبَاب الأَلقَاب أَنَّه لُقِّب

(13/314)


بذلك لحُسْن عَيْنَيْه، وَكَانَ اسمُه عِنَان. قُلتُ: وَلَو قَالَ الصاغانيّ: بَطْنٌ من العَرَب لسَلمَ من هَذَا الوَهَمِ. وَمن رُؤَساءِ هَذِه القَبِيلَة عُثْمَانُ بن سُلَيْمَان {- الفَرِيرِي، ذَكَرَه الحافِظ.} والفرْفر، كهُدْهُدٍ، وزِبْرِجٍ، وعُصْفُورٍ: طائرٌ هَكَذَا قَالَه الجوهريّ. وَقَالَ غَيْرُه: هُوَ العُصْفُور الصَّغِيرُ. قَالَ الشَّاعِر:
(حِجَازِيَّة لم تَدءرِ مَا طَعْمُ فُرْفُرٍ ... ولَمْ تَأْتِ يَوْماً أَهْلَها بِتُبَشِّرِ)
هَكَذَا أَنشده ابنُ السِّكِّيت. والتُّبَشِّر: الصَّعْوَةُ، وَقد تَقَدَّم. قلتُ: وَقد رَأَيْتُ {الفُرْفُورَ بمِصْرَ وَهُوَ أَصءغَر من الإِوَزّ.} وفُرَّةُ الحَرِّ، بالضّمّ، {وأُفُرَّتُه، بضَمَّتَيْن، وَقد تُفْتَحُ الهَمْزَةُ: أَي شِدَّتُه وقِيل: أَوَّلُه، يُقَال، أَتانَا، فُلانٌ فِي} أُفُرَّةِ الحَرِّ، أَي شدَّته، وقِيلَ: أَوَّله. وحَكَى الكسائيّ أَنَّ مِنْهُم مَنْ يَجْعَل الأَلِفَ عَيْناً فيقولُ: فِي عُفُرَّةِ الحَرِّ، وعَفُرِّة الحَرِّ. قَالَ أَبو مَنْصُور: {أُفُرَّة عِنْدِي من بَاب أَفَر يَأْفِرِ، والأَلِف أَصْلِيّة، على فُعُلَّة مِثَال الخُضُلَّة. وَقَالَ اللَّيْث: مَا زالَ فلانٌ فِي أُفُرَّةِ شَرٍّ مِن فُلان، أَي شِدَّته، وَهِي، أَي الأُفُرَّة: الاخْتلاطُ والشِّدَّةُ، أَيضاً، يُقَال: وَقَعَ القَوْمُ فِي فُرَّةٍ، وأُفُرَّةِ، أَي اخْتِلاط وشِدَّة. ويُقَال: هُوَ} فُرُّ القَوْمِ، {وفُرَّتُهم، بضَمِّهما، أَي من خِيارِهم، ووَجْهُهم الَّذِي يَفْتَرُّون عَنْه، قَالَه أَبو رِبْعِيٍّ والكِلابيُّ. قَالَ الكُمَيْتُ:
(} ويَفْتَرُّ مِنْكَ عَن الواضِحَاتِ ... إِذا غَيْرُكَ القَلِحَ الأَثْعَلُ)
وَيُقَال: هَذَا {فُرَّةُ مالِي، أَي خِيرَتُه. (و) } الفَرْفَرَةُ: الصِّيَاحُ. يُقَال:

(13/315)


{فَرْفَرَه، إِذا صاحَ بِهِ. قَالَ أَوْسُ ابنث مَغْراءَ السَّعْديّ: إِذا مَا} فَرْفَرُوه رَغَا وبَالاَ. (و) {فَرْفرَ فِي كَلامِه: خَلَّطَ وأَكْثَرَ. وفَرْفَرَ الشَّيْءَ: كسَرَهُ وقَطَعَهُ وشَقَّهُ وحَرَّكهُ، كهَرْهَرَهُ. وفَرْفَرَه: نَفَضَه، يُقَال:} - فَرْفَرَنِي {فَرْفَاراً، أَي نَفَضَني وحَرَّكَنِي وفَرْفَرَ الرَّجُلَ} فَرْفَرَةً: نالَ من عِرْضِه وتَكَلَّم فِيهِ. وَقيل: فَرْفَرَهُ: مَزَّقَه، وَمِنْه حَدِيث عَوْنِ بنِ عبد اللهِ مَا رأَيتُ أَحَداً {يُفَرْفِرُ الدُّنْيَا} فَرْفَرَةَ هَذَا الأَعْرَجِ يَعْنِي أَبا حازِم، أَي يَذُمُّهَا ويُمَزِّقُها بالذَّمِّ والوَقِيعَة فِيهَا. ويُقَال: الذِّئبُ يُفَرْفِرُ الشاةَ، أَي يُمَزِّقها. وفَرْفَرَ البَعِيرُ: نَفَضَ جَسَدَه. وفَرْفَرَ: أَسْرَعَ وقارَبَ الخَطْوَ قَالَ امرُؤ القَيْس:
(إِذا زُعْتَهُ مِنْ جانِبَيْه كِلَيْهما ... مَشَى الهَيْذَبَى فِي دَفِّه ثُمَّ {فَرْفَرَا)
(و) } فَرْفَرَ {فَرْفَرَةً، إِذا طاشَ عَقْلُه وخَفَّ. وفَرْفرَ الفَرَسُ: ضَرَبَ بفَأْسِ لِجامِه أَسْنَانَه وحَرَّكَ رَأْسَه، وَبِه فَسَّر بعضُهم بَيْتَ امْرِئ القَيْس المتقدِّم ذِكْرُه.} والفَرْفارُ: العَجُولُ الطّيّاشُ الخفِيفُ، والأُنْثَى بهاءٍ. (و) {الفَرْفَارُ: المِكْثَارُ، أَي الكَثِيرُ الكَلامِ كالثَّرْثَارِ، وَهِي بِهَاءٍ. والفَرْفارُ: الَّذِي يَكْسِرُ كُلَّ) شَيْءٍ، يُفَرْفِرُه، أَي يَكسِرُه،} كالفُرَافِر، كالعُلابِط. والفَرْفَارُ: شَجَرٌ صُلْبُ صَبُورٌ على النّارِ تُنْحَتُ مِنْهُ القِصَاعُ والعِسَاسُ، قَالَ أَبو حنيفةَ: هُوَ يَسْمُو سُمُوَّ الدُّلْب، ووَرَقُه مثْلُ وَرَقِ اللَّوز، وَله نَوْرٌ مِثْلُ الوَرْد الأَحْمَر، وإِذا تقادَمَ شَجَرُه اسْوَدَّ خَشَبُه فَصَارَ كالآبِنُوس. والفَرْفَارُ أَيضاً: مَرْكَبٌ من مَراكِبِ النِّسَاءِ شِبْهُ الحَوِيَّةِ، {وفَرْفَرَ الرَّجُلُ: عَمِلَهُ.} وفَرْفَرَ أَيضاً، إِذا أَوْقَدَ بشَجرِ! الفَرْفارِ، وفَرْفَر،

(13/316)


إِذا خَرَقَ الزِّقَاقَ وغَيْرَها وشَقَّقَها. {والفِرْفِيرُ، كجِرْجِير: نَوْعٌ من الأَلْوَان.} والفُرْفُور، بالضَّمّ: سَوِيقٌ يُتَّخَذُ من ثَمَرِ اليَنْبُوت وقَيَّدَ بعضُهم فَقَالَ: من يَنْبُوتِ عُمَانَ. وَقد تَقَدَّم ذِكْرُ اليَنْبُوت. {والفُرْفُورُ: الغُلامُ الشابُّ، على التَّشْبِيه بالحَمَل إِذا أَخْصَبَ وسَمِنَ،} كالفُرَافِرِ، بِالضّمّ فِيهما أَي فِي السَّويق والغُلام. والفَرْفُورُ: الحَمَلُ السَّمينُ المُسْتَجْفِرُ، والفُرْفُورُ: العُصْفُورُ الصَّغِيرُ، {كالفُرْفُر، كهُدْهُد، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ الجوهريّ: طائرٌ، وسَبَق للمصنّف ذَلِك، وهُما وَاحدٌ، وأَنشد فِيهِ ابنُ السّكّيت، وَقد تَقَدَّم، فَلْيُتَنَبَّهْ لذَلِك.} والفُرَافِرُ، كعُلابط. فَرَسُ عامِرِ بن قَيْسِ بن جُنْدَب الأَشْجَعيّ سُمِّيَت {بفَرْفَرَة الِّلْجَام. (و) } الفُرَافِرُ: سَيْفُ عامِرِ بنِ يَزيدَ الكِنَانيّ، نقلهما الصاغانيّ ولكنّه لم يُحَلِّ السَّيْفَ. (و) {الفُرَافِرُ: الرَّجُلُ الأَخْرَقُ، من} فَرْفَرَ، إِذا طاشَ. وفَرَسٌ {فُرَافِرٌ:} يُفَرْفِرُ اللِّجَامَ فِي فِيهِ، أَي يُحَرِّكه، زَاد الزمخشريّ: لِيَخْلَعَه عَن رَأْسِه. (و) {الفُرافِرُ: الأَسَدُ الّذِي} يُفَرْفِرُ قِرْنَه، أَي يُزَعْزِعُه. وقِيلَ: لأَنَّهُ يُفَرْفِرُه، أَي يُمَزِّقه الأَخيرُ عَن الزمخشريّ، {كالفُرَافِرَة.} والفُرْفُرِ. بضَمِّهما، {والفَرْفارِ، بالفَتْح ويُكْسَرُ. (و) } الفُرَافِرُ: الجَمَلُ إِذا أَكَلَ واجْتَرّ، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسخ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ من المصنّف، والصَّوابُ: الحَمَلُ إِذا فُطِم واسْتْجَفَر، بالحاءِ المُهْمَلَة، واسْتَجْفَر، بالجِيم والفاءِ، {كالفُرْفُور، بالضَّم، والفُرُرِ، بضَمَّتَيْن،} والفَرُورِ، كقَعُودٍ، فَتَأَمّل، فإِنّ فِي عبارَة المُصنّف تَصْحيفاً فِي مَوْضِعَين، وتقْصِيراً عَن ذكر النَّظَائرِ. {وفِرِّينُ، كغِسْلِين: ع، نَقَلَه الصاغَانيّ.} وأَفْرَّه {يُفِرُّه} إِفْرَاراً، وَكَذَا {أَفَرَّ بهِ: فَعَل بِهِ مَا} يَفِرُّ مِنْهُ ويَهْرُب، وَقد تَقَدَّم مَا فِيهِ عِنْد قَوْله! أَفْرَرْتُه، وأَنّه

(13/317)


يُقَال أَيضاً {أَفَرَّه، إذِا حَمَلَه على} الفِرَار (و) {أَفَرَّ رَأْسَه بالسَّيْف، مثل أَفْرَاهُ، أَي شَقَّقَه وفَلَقه عَن اليَزِيديّ. والأَيّام} المُفِرّات: الَّتِي تُظْهِر الأَخْبَارَ، نَقله الصاغانيّ.
{وتَفارُّوا: تَهَارَبُوا. وفَرَسٌ} مِفَرٌّ، بالكَسْرِ: يَصْلُح {للفِرَارِ عَلَيْهِ، أَو جَيِّد} الفِرارِ، وَبِه فُسِّر بَيْتُ امْرِئ القَيْس:
(مِكَرٍّ {مِفَرٍّ مُقْبِل مُدْبِرٍ مَعاً ... كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ من عَلش)
وقولُه تَعَالَى: أَيْنَ} المَفَرُّ. يحتملُ الفِرَارَ نَفْسَه، ووَقْتَه، وقُرِئ أَيْنَ المِفَرُّ، بِالْكَسْرِ، أَي مَوْضِع)
الفِرارِ، عَن الزِّجَّاج. وأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل هَذَا الوَزْن فِي الآلاتِ وصِفاتِ الخَيْل، وَقد عُبِّر عَن المَوْضع بلَفْظِ الآلَةِ، وَهِي قِراءَةُ الحَسَن. وقَرَأَ ابنُ عَبّاسٍ بفَتْح المِيمِ وكَسْرِ الفاءِ، اسمٌ لِلمَوْضِع، والجُمْهُور بفَتْحِهمَا، وذَكَرَ الثَّلاثَةَ المُصَنّفُ فِي البَصَائر. وعَمْرُو بن {فُرْفُرٍ الجُذَامِيّ بالضمّ: سَيِّدُ بَنِي وَائِل بن قاسط بن هِنْب ابنِ أَفْصَى بن دُعْمِىّ بن جَدِيلَةَ بنِ أَسَدِ بن رَبِيعَةِ الفَرَسِ.
وضَبَطَهُ الحافِظ بِالْفَتْح، وَقَالَ: هُوَ أَحَدُ الأَشْرَافِ، شَهِدَ فتْحَ مصر. وكَتِيبَةٌ} فُرَّى، كعُزّى: مُنهَزِمَةٌ، وَكَذَلِكَ الفُلَّى. {وفُرَّ الأَمْرُ جَذَعاً، بالضَّمّ: اسْتَقْبَلَه. ويُقَال ذَلِك أَيضاً إِذا رَجَعَ عَوْداً لِبَدْئِهِ، قَالَه ابنُ دُرَيد، وأَنشد:
(وَمَا ارْتَقَيْتُ على أَكْتَادِ مَهْلَكَةٍ ... إِلاَّ مُنِيتُ بأَمْرٍ} فُرَّ لي جَذَعَا)
وَفِي المَثَل: نَزْوُ الفُرَارِ اسْتَجْهَلَ! الفُرَارَا. كِلاهُمَا كغُرَاب. قَالَ المُؤرِّج: هُوَ وَلدُ البَقَرَةِ الوَحْشِيَّةِ، يُقَالُ لَهُ:

(13/318)


فُرَارٌ، وفَرِيرٌ، مثْل طُوَال وطَوِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّه إِذا شَبَّ وقَوِىَ أَخَذ فِي النَّزَوَانِ، فمَتَى مَا رَآهُ غَيْرُه نَزَا لنَزْوِه. يُضْرَبُ مَثَلاً لِمَنْ تُتَّقَى صُحْبَتُه، أَي إِنّك إِذَا صَحِبْتَه فَعَلْتَ فِعْلَه. {وتَفَرَّرَ بِي: ضَحِكَ، قَالَه الصاغانيّ.} وأَفْرَرْتُ رَأْسَه بالسَّيْفِ، مِثْل أَفْرَيْتُه وشَقَقْتُه، وَهَذَا بعَيْنِه قد تقدّم، فَهُوَ تَكْرَار مَحْضٌ، كَمَا لَا يَخْفَى. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: {الفَرُوَرُ من النّساءِ، كصَبُور: النَّوَارُ.
} وفُرَّةُ المالِ، بالضَّمّ: خِيَارُه. {والفُرَار، كغُرَاب: البَهْمُ الكِبَارُ، واحدُهَا فُرْفُور.} وفَرْفَرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَعْجَل بالحَمَاقَة. وَعَن ابْن الأَعرابيّ: {فَرَّ} يَفِرُّ، إِذا عَقَلَ بعد اسْتِرْخاءٍ. وإِنّهَا لَحَسَنَةُ {الفِرَّةِ، بالكَسْر: الابْتِسَام.} وفارَرْتُه {مُفَارَّةً: فتَّشْتُ عَن حالِهِ وفَتَّشَ عَن حالِي، وَهُوَ مَجَازٌ. واسْتُعِير} الافْتِرَارُ للزَّمَن، فقَالُوا: إِن الصَّرْفضةَ نابُ الدَّهْرِ الَّذِي {يَفْتَرُّ عَنهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرْفَة إِذا طَلَعَتْ خَرَجَ الزَّهْرُ واعْتَمَّ النَّبْتُ كَمَا فِي اللِّسَان.} والفُرَيِّرَة، مصغَّرَةً مُشَدَّدَةً: مَا يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ.
وقوْلُ العَامَّة: {- الفُرْفُورِيّ، لهَذَا الخَزَفِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ من الصِّين غَلَطٌ، وإِنّمَا هُوَ الفُغْفُورِيّ نسبه إِلى فُغْفُور مَلِكِ الصِّين، يُرِيدُونَ جَوْدَتَه.} وفارَّهْ، بتَشْدِيد الراءِ وضَمِّها ثُمّ هاءُ ساكِنَة: جَدُّ يُوسُفَ بنِ مُحَمّدٍ الأَنْصَارِيّ الأَنْدَلُسِيّ، ويُقال: فِيرُّهْ، وكأَنْ الفاءَ مُمالَةٌ فتُكْتَب بالأَلِف واليَاءِ، سَمِعَ وحَدَّث، مَاتَ سنة.

ف ر س ك ر
. فارِسْكُورُ، أَهمله الْجَوْهَرِي

(13/319)


ّ والصاغانيّ وصاحبُ اللّسَان، وَهِي ة: كَبِيرَةٌ عامِرَةٌ بمِصْرَ، على شاطِئ النَّيلِ، من إِقْلِيم الدَّقهلِيَّة، وَقد دَخَلْتُهَا، والنِّسْبَة إِليها فارِسِيّ وفارِسْكُورِىّ. وَقد نُسِبَ إِليها جُمْلَةٌ من الأُدَبَاءِ والأَعْيَانِ، ومنهمُ الإِمَامُ المُحَدِّث عزُّ الدّينِ عَبْدُ العَزِيز بن محمّد ابْن يُوسُفَ بنِ محمّدٍ الفارِسْكُورِىُّ الشافِعيُّ، وُلِدَ سنة، وقَدِمَ القاهِرَةَ سنة، وأَجَازَهُ شيخُ الإِسْلام والجَلاَلُ السَّيُوطِيّ، تَرْجَمه محمّدُ بنُ شُعَيْبٍ فِي زَهْرِ البَسَاتين.
ف ز ر
. فَزَرَ الثَّوْبَ فَزْراً: شَقَّه، فَتَفَزَّرَ، تَشَقَّق وتَقَطَّع وبَلِىَ، وَكَذَا تَفَزَّرَ الحائطُ، وانْفَزَرَ الثَّوْبُ: مثلُ ذَلِك. ويُقَالُ: فَزَرْتُ أَنْفَ فُلانٍ فَزْراً، أَي ضَرَبْتُه بشَيْءٍ فشَقَقْتُه، فَهُوَ مَفْزُورُ الأَنْفِ. وَمِنْه الحَدِيث: أَنَّ رَجُلاً من الأَنْصَارِ أَخَذَ لَحْىَ جَزُورٍ فضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعِيد فَفَزَرَه. وفَزَرَ فُلاناً بالعَصَا: ضربه، وَقيل: ضَرَبَه بهَا على ظَهْرِه ففَسَخَهُ. وفَزِرَ فلانٌ، ظاهرُه أَنّه من بابِ نصَر كالأَوّل، ولَيءسَ كَذَلِك بل هُوَ فَزِرَ كفَرِحَ يَفْزَرُ فَزَراً، إِذا خَرَجَ على ظَهْرِه أَو صَدْرِه فُزْرَةٌ، بالضَّمّ، أَي عُجْرَةٌ عَظيمَة، فَهُوَ أَفْزَرُ بَيِّنُ الفَزَرِ، وَهُوَ الأَحْدَبُ وَهُوَ مَفْزُورٌ كَذَلِك.
والفِزَرُ، كعِنَب: الشُّقُوقُ. والّذي فِي اللّسَان: والفُزُورُ: الشُّقُوقُ والصُّدُوع. ولعلَّه تَصَحَّفَ على المصنّف، فليُنْظَر. والجارِيَةُ الفَزْرَاءُ: المُمْتَلِئَة لَحْماً وشَحْماً، أَو هِيَ الَّتِي قارَبَت الإِدْراكَ، قَالَ الأَخْطَلُ:
(وَمَا إِنْ أَرَى الفَزْرَاءَ إِلاَّ تَطَلُّعاً ... وخِيْفَةَ يَحْمِيهَا بَنُو أُمِّ عَجْرَدِ)
والفِزْرُ، بالكَسْرِ: لَقَبُ سَعْد ابنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيمِ بنِ مُرّ، وكانَ وَافَى المَوْسِمَ بمِعْزَى فأَنْهَبَها هُنَاك

(13/320)


َ وقالَ: من أَخَذَ مِنْهَا واحِدَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا فِزْرٌ، وَهُوَ الاثْنَان فأَكْثَرُ، وَمِنْه المَثَل لَا آتِيكَ مِعْزَى الفِزْرِ، أَي حَتَّى تَجْتَمِعَ تِلك، وَهِي لَا تَجْتَمِع أَبداً، هَذَا قولُ ابْن الكَلْبِيّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ نَحْوَ ذَلِك، إِلاّ أَنّه قَالَ: الفِزْرُ: هُوَ الجَدْيُ نفسُه، فضَرَبُوا بِهِ المَثَل. وَقَالَ أَبو الهَيْثَم: لَا أَعْرِفُه. وَقَالَ الأَزهريّ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً يَعْرِفُه. وَقَالَ ابنُ سِيدَه: إِنَّمَا لُقِّبَ سعدُ بنُ زيدِ مَنَاةَ بذلك لأَنّه قَالَ لوَلَدِه واحِداً بعد واحِد: ارْعَ هَذِه المِعْزَى. فَأَبوْا عَلَيْهِ، فنَادَى فِي النَّاس أَن اجْتَمِعُوا، فاجْتَمَعُوا. فَقَالَ: انْتَهِبُوها، وَلَا أُحِلُّ لأحَدٍَ أَكثَرَ من واحدَةٍ، فَتَقطَّعُوها فِي ساعَة، وتَفَرَّقَتْ فِي الْبِلَاد. فَهَذَا أَصْلُ المَثَلِ. وَهُوَ من أَمْثَالهم فِي تَرْك الشَّيْءِ، يُقَال لَا أَفْعَلُ ذَلِك) مِعْزَى الفِزْرِ. وَقَالَ الجوهريّ: الفِزْر: أَبو قَبيلَة من تَمِيمٍ، وَهُوَ سَعْدُ بن زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيمٍ. قُلتُ: ويُقَالُ لوَلَدِ سَعْدٍ هَذَا: الأَبْنَاءُ، غيرَ كَعْب وعَمْروٍ ابْنَيْ سَعْدٍ، فإِنّ وَلَدَهُمَا الأَجارِبُ، وتَفْصيلُ ذَلِك فِي كُتُب الأَنْسَاب. والفِزْر: الأَصْلُ، نَقله الصاغانيّ. والفِزْرُ: هَنَةٌ كنَبْخَة تَخرج فِي مَغْرِز الفَخذ دُونَ مُنْتَهَى العانَةِ، كغُدَّةٍ من قُرْحَة تَخُرجُ بالإِنْسَانِ أَو جِرَاحَةٍ. والفِزْرُ: القَطيعُ من الغَنَم، وَمن الضَأْنِ: مَا بَيْنَ العَشَرَة إِلى الأَرْبَعِين، أَو مَا بَيْن الثَّلاثَة إِلى العَشَرَةِ، هَكَذَا فِي النُّسخ، والّذِي فِي اللّسان: إِلى العشْرينَ. قَالَ: والصُّبَّة: مَا بَين العَشْر إِلى الأَرْبَعِين من المِعْزَى. والفِزْرُ: الجَدْيُ، يُقَال لَا أَفْعَلُه مانَزَا فِزْرٌ. والفِزْر: ابنُ النَّمِر، وَفِي التَّهْذِيب ابنُ البَبْر، ومِثْلُه فِي التَّكْمِلَة، وَقد تَقَدَّم البَبْر، وبنْتُه: الفِزْرَة، وَقيل أُخْتُه، والهَدَبَّسُ أَخُوه، وأُمُّه الفَزَارَةُ كسَحَابَة، وَهِي أَي الفَزَارَةُ أُنْثَى النَّمِرِ أَيضاً، قَالَه ابنُ الأَعْرَابيّ. وَفِي

(13/321)


التَّهْذِيب: والبَبْرُ يُقَال لَهُ: الهَدَبَّس، وأُنْثَاه الفَزَارَةُ. وأَنشد المُبَرّد:
(ولقَدْ رَأَيْتُ هَدَبَّساً وفَزَارَةً ... والفِزْرَ يَتْبَعُ فِزْرَةً كالضَّيْوَنِ)
قَالَ أَبو عُمَر: وسأَلْتُ ثَعْلَباً عَن البَيْت فَلم يَعْرفْه. قَالَ أَبو مَنْصُور: وَقد رَأَيْتُ هَذِه الحُرُوفَ فِي كتاب، اللَّيْث، وَهِي صَحيحَة. وفَزَارَةُ، بِلَا لَام: أَبو قَبِيلَة من غَطَفان، وَهُوَ فَزارَةُ بن ذُبْيَانَ بنِ بَغِيضِ بن رَيْثِ بن غَطَفانَ، مِنْهُم بَنُو العُشَراءِ، وبَنُو غُرَاب، وبَنُو شَمْخ، وَقد تقدّم ذكْرُ كُلٍّ مِنْهُم فِي مَحَلّه. والفَازِرُ: نَمْلٌ أَسْوَدُ فِيهِ حُمْرَةٌ، نَقله الصاغانيّ، وسيأْتي للمصنّف فِي الزَّاي أَيضاً. والفازشرُ: الطَّرِيقُ البَيِّنَ الواسعُ، قَالَ الراجِز:
(تَدُقُّ مَعْزاءَ الطَّرِيقِ الفازِرِ ... دَقَّ الدَّيَاسِ عَرَمَ الأَنَادرِ)
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الفازِرُ: الطَّرِيقُ تَعْلُو النِّجَافَ والقُورَ، فتَفْزِرُهَا كأَنَّهَا تَخُدُّ فِي رُؤُوسِها خُدُوداً.
تَقول: أَخَذْنا الفَازِرَ، وأَخَذْنَا طَريقَ فازِرٍ، وَهُوَ طَريقٌ أَثَّرَ فِي رُؤُوسِ الجبَال وفَقَرها كالفُزْرَة، بالضَّمّ، الأَخِيرَة نَقَلَهَا الصاغانيّ. والفازِرَةُ، بهاءٍ: طريقٌ يَأْخُذ فِي رَمْلةٍ فِي دَكادِكَ لَيِّنَةٍ كَأَنَّهَا صَدْعٌ فِي الأَرْض مُنقادٌ طويلٌ خِلْقَةً. وأَفْزَرْتُ الجُلَّةَ، وفَزَرْتُهَا وفَزَّرْتُها: فَتَّتُّهَا. والفَزْرُ بنُ أَوْسِ بنِ الفَزْر، بالفَتْح: مُقْرئٌ مصْريٌّ. وخالدُ بن فَزْرٍ: تابِعيٌّ، رَوَى عَن أَنَس بن مَالك. وبَنُو الأَفْزَرِ: بَطْنٌ من العَرَب.

(13/322)


وفُزَيْرٌ، كَزُبَيْرٍ: عَلَمٌ. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: قَالَ شَمِرٌ: الفَزْرُ: الكَسْر.
قَالَ: وكُنْتُ بالبَادِيَة فرأَيْتُ قِبَاباً مَضْرُوبَةً، فقُلْتُ لأَعْرَابيّ: لِمَنْ هَذِه القِبَاب فَقَالَ لِبَني فَزَارَةَ، فَزَر الله ظُهورَهم. فقلتُ: مَا تَعْني بِهِ فَقَالَ: كَسَرَ اللهُ. وفَزَرْتُ الشَّيْءَ من الشَّيْءِ فَصَلْتُه.)
وفَزَرْتُ الشَّيْءَ: صَدَعْتُه وفَرَّقْتُه. ومحمّدُ بنُ الفَزْر، بالفَتْح: خالُ أَحْمَدَ بنِ عَمْروٍ البَزّازِ. وأُمُّ الفَزْرِ، فِي السِّيرة. وبالكَسْر: أَبُو الغَوْث الفِزْر، فِي كَهْلانَ بن سَبَإِ.
ف س ر
. الفَسْر: الإِبَانَةُ وكَشْفُ المُغَطَّى كَمَا قَالَه ابنُ الأَعْرابيّ، أَو كَشْفُ المَعْنَى المَعْقُولِ، كَمَا فِي البَصَائر، كالتَّفْسِير. والفِعْلُ كضَرَب ونَصَرَ يُقَال: فَسَرَ الشيءَ يَفْسِرُه ويَفْسُرُه وفَسَّرَه: أَبَانَهُ.
قَالَ ابنُ القَطَّاع والتَّشْديد أَعَمُّ. والفَسْرُ، أَيضاً: نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلى الماءِ، كالتَّفْسِرة، كتَذْكِرَة، أَو هِيَ، أَي التَّفْسِرَةُ: البَوْلُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ على المَرَضِ ويَنْظُرُ فِيهِ الأَطِبَّاءُ يَسْتَدِلُّونَ بِلَوْنِه عِلى عِلَّةِ العَلِيلِ، وَهُوَ اسمٌ كالتَّهْنِئَة، أَو هِيَ، أَي التَّفْسِرَة، مُولَّدة، قَالَه الجَوْهَرِيّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ، وَهُوَ أَحْمَدُ بن يَحْيَى، وَكَذَلِكَ ابْن الأَعْرَابيّ: التَّفْسِيرُ والتَّأْوِيلُ والمَعْنَى واحِدٌ، وقولُه عَزَّ وجَلَّ: وأَحْسَنَ تَفْسِيراً. الفَسْر: كشْفُ المُغَطَّى، أَو هُوَ، أَي التَّفْسِيرُ كَشْفُ المُرَادِ عَن اللَّفْظ المُشْكِل.
والتَأْوِيلُ: رَدُّ أَحَدِ المُحْتَمِلَيْنِ إِلى مَا يُطَابِقُ الظّاهِرَ. كَذَا فِي اللّسَان. وَقيل: التَّفْسِيرُ: شَرْحُ مَا جاءَ مُجْمَلاً من القصَص فِي الكِتَاب الْكَرِيم، وتعْرِيفُ مَا تَدُلّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُه الغَرِيبَة، وتَبْيينُ الأُمورِ الَّتِي

(13/323)


أُنْزِلَتْ بسَبَبِهَا الآيُ والتَأْوِيلُ: هُوَ تَبْيِينُ مَعْنَى المُتَشَابِهِ. والمُتشابِهُ: هُوَ مَا لَمْ يُقْطَعْ بفَحْوَاهُ من غَيْرِ تَردُّد فِيهِ، وَهُوَ النَّصُّ. وفُسَارَانُ، بالضّم: ة بأَصْبَهانَ، نَقله الصاغانيّ. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: التَّفَسُّرُ: الاستفسار. واسْتَفْسَرْتُه كَذا: سَأَلْتُه أَنْ يُفَسِّرَه لي. وكُلُّ شيْءٍ يُعْرَفُ بِهِ تَفْسِيرُ الشيْءِ ومَعْنَاه فَهُوَ تَفْسِرَته. وَفِي البَصَائر: كُلُّ مَا تَرْجَمَ عَن حالِ شيْءٍ فَهُوَ تَفْسِرَتُه.
وأَبو أَحْمَدَ عبدُ اللهِ بنِ محمّدِ بنِ ناصِحِ بن شُجاعِ بنِ المُفَسِّر المِصْريّ، وُلِدَ سنة، وتُوُفِّيَ سنة ذَكَره ابنُ عَسَاكِر فِي التارِيخ. ووَقَعَ لنا حَدِيثُه عَالِيا فِي مُعْجَم شُيُوخ الدِّمْيَاطيّ.

ف ش ر
. الفَاشِريّ، أَهملَه الجوهريّ والصاغانيّ وصاحِبُ اللّسَان، وَهُوَ دَوَاءٌ يَنْفَع لنَهْشِ الأَفْعَى وسائرِ الهَوَامِّ، ذَكَرَه الأَطباءُ هَكَذَا، وأَنَا أَخْشَى أَن تَكُون كلمة يُونانِيَّةً استعملها الأَطِبَّاءُ فِي كُتُبِهم بِدَلِيل أَنّه لَيْسَ فِي كَلَامهم فِي ف ش ر. والفُشَارُ، كغُرابٍ: الَّذِي تَسْتَعْمِله العامّةُ بمعنَى الهَذَيَانِ، وَكَذَا التَّفْشِيرُ لَيْسَ من كلامِ العَرَب، وإِنَّمَا هُوَ من اسْتِعمال العامّة.
ف ص ر
الفَيْصُورُ، كقَيْصُوم، أَهْمَله الجوهريّ وصاحِبُ اللّسَان، وَهُوَ الحِمَارُ النَّشِيط، ونَقَلَه الضاغانيّ عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، وَقد ضَبَطَه هَكَذَا: الفَيْصَنور. كحَيْزَبون، كَذَا رَأَيْتُه مضبوطاً مجوَّداً بخطّ الصاغانيّ، وَقد صَحَّفَه المصَنِّف، فانْظُرْ وتَأَمَّل.
3 - (ف ط ر)

(13/324)


ف ط ر
الفَطْر، بالفَتْح: الشَّقُّ، وقَيَّدَه بعضُهم بأَنّه الشَّقُّ الأَوّلُ، كَمَا نَقَلَه شَيْخُنَا، ج فُطُورٌ، وَهِي الشُّقُوقُ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور. وأَنْشَدَ ثَعْلَب:
(شَقَقْتِ القَلْبَ ثمَّ ذَرَرْتِ فِيهِ ... هَوَاكِ فلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ)
والفُطْرُ، بالضَّمّ، وجاءَ فِي الشِّعْرِ بضمَّتَيْن: ضَرْبٌ من الكَمْأَة أَبْيَضُ عُظَامُ، لأَنَّ الأَرْضَ تَنْفَطِرُ عَنهُ وَهُوَ قَتّالٌ، واحدَتُه فُطْرَةٌ. والفُطْرُ، بالوَجْهَيْن: القَلِيلُ من اللَّبَنِ حِينَ يُحْلَب. وَفِي التَّهْذيب: شَيْءٌ قَلِيلٌ من فَضْلِ اللَّبَنِ، ولَوْ قالَ: من اللَّبَن، كَمَا هُوَ نصّ التَّهْذِيب، كانَ أَخْصَرَ مَعَ بقاءِ المَعْنَى المَقْصُودِ، يُحْلَبُ ساعَتَئِذٍ وَقَالَ أَبو عَمْرو: هُوَ اللَّبَنُ ساعَةً. يُحْلَب، تقولُ: مَا حَلَبْنَا إِلاَّ فُطْراً. والفِطْرُ، بالكَسْرِ: العِنَبُ إِذا بَدَتْ رُؤُوسُه، لأَنَّ القُضْبَانَ تَنْفَطِرُ، ويُضَمّ. وفَطَرَهُ، أَي الشَّيْءَ، يَفْطِرُه، بالكضسْرِ، ويَفْطُرُه، بالضَّمّ. أَمَّا كَوْنُه من بابِ نَصَرَ فهُوَ المَشْهُورُ عِندَهم، وأَما يَفْطِرُه، بالكَسْر، فإِنّه رَوَاهُ الصاغَانيّ عَن الفَرّاءِ فِي: فَطَرْتُ النَّاقَةَ إِذا حَلَبْتَهَا، فَطْراً. لَا مُطْلقاً، فَفِيهِ نظرٌ ظاهِرٌ، وأُغْفِلَ أَيضاً عَن: فَطَّرَه تَفْطِيراً. فقد نَقَلَهُ صاحِبُ الْمُحكم حَيْثُ قَالَ: فَطَرَ الشَيْءَ يَفْطُرُه فَطْراً وفَطَّرَهُ: شَقَّهُ فانْفَطَر وتَفَطَّرَ، وَمِنْه قولُه تعالَى: إِذا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ. أَي انْشَقَّتْ. وَفِي الحَدِيث: قَامَ رَسُولُ الله صلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ، أَي انْشَقَّتَا. وَفِي الْمُحكم: تَفَطَّرَ الشَّيْءُ وانْفَطَرَ وفَطَرَ. وَفِي قَوْله تَعَالَى: السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ.

(13/325)


ذُكِّرَ عَلَى النَّسَبِ، كَمَا قالُوا دَجَاجَةٌ مُعْضِلٌ. وفَطَرَ الناقَةَ والشاةَ يَفْطِرُهَا فَطْراً: حَلَبَهَا بالسّبَابَةِ)
والإِبْهَام، كَمَا قالَهُ الجَوْهَرِيّ أَو بأَطْرَافِ أَصابِعِه، وَقيل: هُوَ أَنْ يَحْلُبَها كَمَا تَعْقِدُ ثلاثِينَ وبالإِبْهامَيْن والسَّبّابَتَيْن. وَفِي حديثِ عبدِ المَلِك: كَيْف تَحْلُبُها، مَصْراً أَم فَطْراً قَالَ ابنُ الأَثِير: هُوَ أَنْ تَحْلُبَها بإِصْبَعَيْن وطَرَف الإِبْهَام. وفَطَرَ العَجِينَ يَفْطُرُه ويَفْطِرُه فَطْراً: اخْتَبَرَهُ من ساعَتِه وَلم يُخَمِّرْه، وكذَا فَطَرَ الأَجِيرُ الطِّينَ، إِذا طَيَّنَ بِهِ من ساعتِه قبلَ أَن يَخْتَمِرَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: فَطَرْتُ العَجِينَ والطِّينَ، وهُوَ أَنْ تَعْجِنَه ثُمَّ تَخْتَبِزَه من ساعَتِه، وإِذا تَرَكْتَه لِيَخْتَمِرَ فَقضدْ خَمّرْتَه. وقالَ الكِسائيّ: خَمَرْتُ العَجينَ وفَطَرْتُه، بغَيْرِ أَلِفٍ. فَفِي كَلامِ المُصَنِّف قُصُورٌ من وَجْهَيْن. وفَطَرَ الجِلْدَ فَطْراً، فَهُوَ فَطِيرٌ: لَمْ يُرْوِه من الدَّبَاغِ، عَن ابْن الأَعرابِيّ. وَفِي الأَسَاس: لم يُلْقَ فِي الدِّباغ، كأَفْطَرَه، لُغَة فِيهِ. وفَطَرَ نَابُ البَعِيرِ يَفْطُرُ، بالضّمّ، فَطْراً، بالفَتْح، وفُطُوراً، كقُعُود: شَقَّ اللَّحْمَ وطَلَعَ، فَهُوَ بَعِيرٌ فاطِرٌ. وفَطَرَ اللهُ الخَلْقَ يَفْطُرُهم فَطراً: خَلَقَهم، وَفِي الأَساسِ: ابْتَدَعَهُم. وقولُه بَرَأَهُم هَكَذَا فِي النّسخ بالراءِ، والصَّوَابُ كَمَا فِي اللّسَان: بَدَأَهُمْ بِالدَّال.
وفَطَرَ الأَمْرَ: ابْتَدَأَه وأَنْشَأَه. ثُمّ رأَيتُ فِي المُحْكَم قَالَ: وفَطَرَ الشَّيْءَ: أَنْشَأَه، وفَطَرَ الشَّيْءَ: بَدَأَه، فعُلِمَ من ذَلِك أَنَّ الرَّاءَ تَحْرِيفٌ. وَقَالَ ابنُ عَبّاس: مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا فاطِر السَّمواتِ والأَرْضِ حَتَّى أَتانِي أَعْرَابِيّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْر، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنا فَطَرْتُها، أَي أَنا ابْتَدَأْتُ حَفْرَهَا. وذَكَرَ أَبو العَبّاسِ أَنَّه سَمِعَ ابنَ الأَعرابي

(13/326)


ّ يقولُ: أَنا أَوَّل من فَطَرَ هَذَا، أَي ابتَدَأَه. والفِطْرُ، بالكَسْرِ: نَقِيضُ الصَّوْم، فَطَرَ الصائِمُ يَفْطُر فُطُوراً: أَكَلَ وشَرِب، كأَفْطَر. وفَطَرْتُه وفَطَّرْتُه، بالتَشْدِيد، وأَفْطَرْتُه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَطَّرْتُه فأَفْطَر نادِرٌ. قلتُ: فَهُوَ مِثْلُ بَشَّرْتُه فأَبْشَرَ. ورَجُلٌ فِطْرٌ، بِالْكَسْرِ: للواحِدِ والجَمِيع، وَصْفٌ بالمَصْدر، ومُفْطِرٌ من قوم مَفَاطِيرَ، عَن سِيبَوَيْهٍ، مِثْلُ مُوسِر ومَيَاسِيرَ.
قَالَ أَبو الحَسَنِ: إِنَّمَا ذَكَرْتُ مِثْلَ هَذَا الجَمْع لأَنَّ حُكْمَ مِثْلِ هَذَا أَنْ يُجْمَعَ بالوَاو والنُّون فِي المُذَكّر، وبالأَلف والتاءِ فِي المُؤَنَّثِ. والفَطُورُ، كصَبُور: مَا يُفْطَرُ عَلَيْه، كالفَطُورِيّ، بياءِ النِّسْبة، كأَنّه مَنْسُوب إِليه. والفَطِيرُ، كأَمِيرٍ: خلافُ الخَمِير، وَهُوَ العَجِين الَّذِي لم يَخْتَمِرْ، تقولُ: عِنْدِي خُبْزٌ خَميرٌ وحَيْسٌ فَطِيرٌ، أَي طَرِيٌّ. وَفِي حَدِيث مُعَاويَةَ: ماءٌ نَمِيرٌ، وحَيْسٌ فَطِيرٌ أَي طَرِيّ قريبٌ حَدِيثُ العَمَلِ. وَقَالَ اللَّحْيَانيّ: خُبْزٌ فَطِيرٌ، وخُبْزَةٌ فَطِيرٌ، كِلاهُمَا بِغَيْر هاءٍ، وَكَذَلِكَ الطِّينُ. وكلُّ مَا أُعْجِلَ عَن إِدْرَاكِه فَطِيرٌ، وَهَكَذَا قالَهُ اللَّيْثُ أَيضاً: ويُقَالُ: أَطْعَمَه فَطْرَي، كسَكْرَى، أَي فَطِيراً، وَهَذَا خِلافُ مَا ذَكَرَهُ ابنُ الأَثِير أَنَّ جَمْعَ الفَطِيرِ فَطْرَى مَقْصُورَة، ثُمَّ رَأَيْتُ المُصنِّفَ قد أَخَذَ ذَلِك من عِبَارَة الصاغَانِيّ فحَرَّفَهَ ووَهِمَ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ نَصَّ الصاغانيّ:)
وأَطْعِمَةٌ فَطْرَى: من الفَطِير، كَذَا هُوَ بِخَطّه مُجَوَّداً مَضْبُوطاً، جَمْعُ طَعَامٍ، فظَنَّ المصنِّف أَنَّه فِعْلٌ مَاض، وهُوَ وَهَمٌ كبيرٌ، فليُحْذَر من ذَلِك، ولَوْلا أَنِّي رأَيتُ ابنَ الأَثِير وغَيْرَه قد صَرَّحُوا بأَنَّهُ جَمْعُ فَطِير، وَهُوَ مقصُورٌ، لَسلَّمْتُ لَهُ مَا ذَهَب إِليه فتَأَمَّلْ. والفَطِيرُ: الدّاهِيَةُ، نَقَلَه الصاغانيّ.

(13/327)


وفُطَيْرٌ كزُبَيْرِ: تابِعِيّ. وفُطَيْرٌ: فَرضسٌ وَهَبَهُ قَيْسُ بن ضِرارِ للرُّقَادِ بنِ المُنْذِرِ الضَّبِّيّ، كَذَا نَقَلَه الصَّاغَانِي. وَفِي التَّكْمِلَة: وقولُهم الفِطْرَة صاعٌ من بُرٍّ فمَعْنَى الفِطْرَةِ صَدَقَةُ الفِطْر، هَذَا نَصُّ الصاغانيّ بعَيْنِه. وهُنَا للشَّيْخ ابنِ حَجَرٍ المَكِّيّ كلامٌ فِي شَرْحِ التُّحْفَة، حيثُ قَال: الفِطْرَة مُوَلَّدَةٌ، وأَمّا مَا وَقَع فِي القَامُوس من أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فغَيْرُ صَحِيح. ثمَّ قَالَ: وَقد وَقَعَ لَهُ مِثْلُ هَذَا مِنْ خَلْطِ الحَقَائِق الشَّرْعيَّة باللُّغَوِيَّة شَيْءٌ كثيرُ، وَهُوَ غَلَطٌ يجب التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. قلتُ: وَقد وَقَعَ مِثْلُ ذَلِك فِي شُرُوح الوِقَايَة، فإِنَّهم صَرَّحُوا بأَنَّهَا مُوَلَّدَة، بل قِيل: إِنَّهَا مِن لَحْنِ العامَّة.
وصَرَّحَ الشِّهَابُ فِي شِفَاءِ الغَلِيلِ بأَنَّهَا من الدَّخِيل. وإِنّمَا مُرَادُ الصاغانيّ من ذِكْرِه مُسْتَدْرِكاً بِهِ على الجوهريّ بيانُ أَنّ قَوْلَ الفُقَهَاءِ الفِطْرَةُ صاعٌ من بُرٍّ على حَذْفِ المُضَافِ، أَي صَدَقَة الفِطْر، فحُذِفَ المُضَاف، وأُقِيمَتِ الهاءُ فِي المُضَاف إِلَيْه لِتَدُلَّ على ذَلِك. وجاءَ المُصَنِّف وقَلَّده فِي ذَلِك، وراعَى غايةَ الاخْتِصار مَعَ قَطْعِ النَّظْرِ أَنّها من الحَقَائق الشَّرْعِيَّة أَو اللُّغَوِيَّة، كَمَا هِيَ عادَتُه فِي سائرِ الكِتاب، ادّعاءً للإِحاطَة، وتَقْلِيداً لِلصّاغانيّ وابنِ الأَثِيرِ فِيمَا أَبْدَيَاهُ من هذِه الأَقوالِ. فَمَنْ عَرَف ذَلِك لَا يَلُومُه على مَا يُورِدهُ، بَلْ يَقْبَلُ عُذْرَه فِيهِ. والشيخُ ابنُحَجَرٍ رَحِمَه الله تعالَى نَسَبَ أَهلَ اللُّغَةِ قاطِبَةً إِلى الجَهْلِ مُطْلقاً، وليت شِعْرِي إِذا جَهِلَتْ أَهْلُ اللُّغَة فمَنْ الَّذِي عَلِمَ وَهل الحَقَائق الشَّرْعِيَّة إِلاّ فُرُوعُ الحقائقِ اللُّغَوِيّة وَقد سَبَقَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي التَّعْزِيرِ من إِقامَة النَّكير، وَقد تَصَدَّيْنا لِلْجَوابِ عَنهُ هُنالِكَ على التَّيْسِيرِ. واللهُ يَعْفُو عَن الجَمِيع، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيْءٍ قدير. والفِطْرَةُ: الخِلْقَة. أَنْشَد ثَعْلَب:
(هَوَّنْ عَلَيْك فقد نَالَ الغِنَى رَجُلٌ ... فِي فِطْرَةِ الكَلْبِ لَا بالدِّينِ والحَسَبِ)

(13/328)


والفِطْرَةُ: مَا فَطَرَ اللهُ عَلَيْهِ الخَلْقَ من المَعْرِفةِ بِهِ. وَقَالَ أَبو الهَيْثَم: الفِطْرَة: الخِلْقة الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا المَوْلُودُ فِي بَطْنِ أُمِّه، وَبِه فَسَّر قولَه تَعَالَى: فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ. قَالَ: وقولُه صَلَّى الله تعالَى عَلَيْهِ وسَلّم: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ يَعْنِي الخِلْقَةَ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا فِي رَحِمِ أُمِّه من سَعادَة أَو شَقاوَة، فإِذا وَلَدَه يَهُودِيّان هَوَّدَاه فِي حُكْمِ الدُّنْيَا، أَو نَصْرانِيان نَصَّرَاه فِي الحُكْمِ، أَو مَجُوسِيّان مَجَّسَاه فِي الحُكمِ، وَكَانَ حُكْمُه حُكْمَ أَبَوَيْه حَتَّى يُعَبِّرَ)
عَنهُ لِسانُه. فإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِه مَاتَ على مَا سَبَق لَهُ من الفِطْرَة الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا، فهذِه فِطْرَةُ المُوْلُود. قَالَ: وفِطْرَة ثانِيَة، وَهِي الكَلِمَةُ الَّتِي يَصِير بهَا العَبْدُ مُسْلِماً، وَهِي شَهادةُ أَن لَا إِله إِلَّا الله وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُه جاءَ بالحَقّ مِنْ عِنْدِهِ، فتِلْكَ الفِطْرَةُ الدِّينُ، والدَّلِيلُ على ذَلِك حَدِيثُ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ عَن النّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: أَنّه عَلَّم رَجُلاً أَنْ يَقُولَ ذَلِك إِذا نامَ، وَقَالَ: فإِنّكَ إِنْ مُتَّ من لَيْلَتِكَ مُتَّ على الفِطْرَةِ، هَذَا كلُّه كَلاَمُ أَبي الهَيْثم. وهُنَا كَلامٌ لأَبِي عُبَيْد حِينَ سَأَلَ محمّدَ بنَ الحَسَنِ وجَوابُه، وَمَا ذَهَبَ إِليه إِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ الحَنْظَلِيّ، وتَصْوِيبُ الأَزْهريّ لَهُ مَبْسُوطٌ فِي التَّهْذِيب، فراجِعْه. ومِنْ سَجَعَاتِ الأَساسِ: قَلْبٌ مُطَارٌ وسَيْف فُطَارٌ. كغُراب: عُمِلَ حَدِيثاً لم يَعْتُقْ. وقِيلَ: الَّذِي فِيهِ تَشَقُّقٌ، قَالَه الزمخشريّ. وَفِي اللّسَان: صُدُوعٌ وشُقُوقٌ. قَالَ عَنْتَرَةُ:
(وسَيْفِي كالعَقِيقَةِ وَهُوَ كِمْعِى ... سِلاحِي لَا أَفَلَّ وَلَا فُطَارَا)
وقِيلَ: هُوَ الّذي لَا يَقْطَعُ. وَعَن ابنِ الأَعرابيّ: الفُطَارِيّ، بالضمِّ: الرَّجلُ الفَدْمُ الّذِي لاَ خَيْرَ

(13/329)


فِيهِ، ونَصُّ ابنِ الأَعرابيِّ: لَا خَيْرَ عِنْدَه وَلَا شَرَّ، قَالَ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ من السَّيْفِ الفُطَارِ. وَفِي التَّكْمِلَة: الأَفاطِيرُ: جَمْعُ أُفْطُورٍ، بالضمّ، وَهُوَ تَشقُّقٌ يَخرج فِي أَنْفِ الشابِّ ووَجْهِه، هَكَذَا نَقله الصاغانيّ فِيهَا، وَهِي البَثْرُ الَّذِي يَخْرُج فِي وَجْهِ الغُلامِ والجارشيَة، وَهِي التَّفاطِيرُ والنَّفَاطِيرُ، بالتاءِ والنُّون. قَالَ الشَّاعِر:
(نَفاطِيرُ الجُنونِ بوَجْهِ سَلْمَى ... قَديماً لَا تَفَاطِيرُ الشَّبابِ)
واحِدُهَا نُفْطُورَةٌ. والذِي ذكره الصاغانيّ بالأَلِف غريبٌ، والمصنّف يَتْرُكُ المَنْقُولَ الْمَشْهُور ويَتَّبِعُ الغَرِيبَ، وهُوَ غَرِيبٌ. والنَّفاطِيرُ: جَمْعُ نُفْطُورَة بالنُّون الزَّائِدَة، وَهِي الكَلأُ المُتَفَرِّقُ، ونَقَلَ أَبو حنيفَة عَن اللَّحْيَانيّ: يُقَال: فِي الأَرض نَفَاطِيرُ من عُشْب: أَي نَبْذٌ مُتَفرِّقٌ، لَا واحِدَ لَهُ أَو هِيَ أَوَّلُ نَبَاتِ الوَسْمِىّ، قَالَ طُفَيل:
(أَبَتْ إِبِلِي ماءَ الحِيَاضِ وآلَفَتْ ... نَفَاطِيرَ وَسْمِىٍّ وأَحْنَاءَ مَكْرَعِ)
وَفِي اللّسَان: التَّفَاطِيرُ: أَوَّلُ نَباتِ الوَسْمِىّ، ونَظِيرُهُ التَّعاشِيبُ والتَّعَاجيب وتَباشِيرُ الصُّبْحِ، وَلَا واحِدَ لشيْءٍ من هذِه الأَرْبَعَة. وكلامُ المُصَنِّف هُنَا غَيْرُ مُحَرَّر، فإِنَّ الصَّوابَ فِي البَئْر على وَجْهِ الغُلام هُوَ التَّفاطِير والنَّفَاطِيرُ بالتاءِ وَالنُّون، فجَعَلَه أَفاطِيرَ بالأَلف تَبَعاً للصاغانيّ، وجَعَلَ أَوَّل الوَسْمِىّ النَّفَاطِيرَ بالنُّون، وأَنَّهَا جَمْعُ نُفْطُورَة، وصَوَابُه التَّفاطِيرُ، بالتاءِ، وأَنه لَا واحِدَ لَهُ، فَتَأَمَّل. وَفِي الحَدِيثِ: إِذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وأَدْبَرَ النَّهَارُ فقد أَفْطَرَ الصائِمُ: معناهُ حانَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ،)
وقِيلَ: دَخَلَ فِي وَقْتِه، أَي الإِفْطَارِ، وقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنّه قد صَارَ فِي حُكْمِ المُفْطِرِين

(13/330)


وإِنْ لم يَأْكُل وَلم يَشْرَبْ، وَمِنْه الحَدِيث: أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوم أَي تَعَرَّضَا للإِفْطَارِ، وقِيلَ: حَانَ لَهُمَا أَن يُفْطِرَا، وقِيلَ: هُوَ على جِهَةِ التَّغْلِيظِ لَهُمَا والدُّعاءِ. كُلّ ذَلِك قالَهُ ابنُ الأَثير. وَيُقَال: ذَبَحْنا فَطِيرَةً وفَطُورَةً، بفَتْحِهِمَا، أَي شَاة يَوْمَ الفِطْرِ، نَقَلَه الصاغانيّ والمُصَنّف فِي البَصَائر. وقولُ أَميرِ المُؤْمِنِين عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، وَقد سُئلَ عَن المَذْيِ فَقَالَ: هُوَ، وَفِي النّهَاية، ذلِكَ الفَطْرُ، بالفَتْح، هَكَذَا رَواه أَبو عُبَيْد، قِيلَ: شَبَّهَ المَذْيَ فِي قِلَّته بِمَا يُحْتَلَب بالفَطْرِ، وَهُوَ الحَلْبُ بأَطْرَاف الأَصابِع. يُقَال فَطَرْتُ الناقَةَ أَفْطِرُها وأَفْطُرُها فَطْراً، فَلَا يَخْرُجُ اللَّبَنُ إِلاَّ قَلِيلاً، وَكَذَلِكَ المَذْيُ يخرج قَلِيلاً، وَلَيْسَ المَنِىُّ كَذَلِك قَالَه ابنُ سِيدَه. وقِيلَ: الفَطْرُ مأْخُوذ من تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ دَماً، أَي سَالَتَا، أَو سُمِّيَ فَطْراً من فَطَرَ نَابُ البَعِير فَطْراً: إِذا شَقَّ اللَّحْمَ وَطَلَع، شَبَّهَ طُلُوعَهُ من الإِحْلِيلِ بطُلُوع النّابِ. نَقَلَه ابنُ الأَثِير قَالَ ورَوَاه النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: ذَلِك الفُطْرُ، بالضَّمّ، وأَصْلُه مَا يَظْهَر من اللَّبَن على إِحْليل الضَّرْعِ، هَكَذَا ذكره ابنُ الأَثِير وغَيْرُه. وَمِمَّا يُستَدْرَك عَلَيْهِ: تَفَطَّرَتِ الأَرْضُ بالنَّبَاتِ، إِذا تَصَدَّعَتْ. والفُطْرُ، بالضَّمّ: مَا تَفَطَّر من النَّبَاتِ. والفِطْرَةُ، بالكَسْرِ: الإبْتِداعُ والاخْتِرَاع. وافْتَطَرَ الأَمْرَ: ابْتَدَعَهُ. والفِطْرَةُ: السُّنَّةُ. وجَمْعُ الفِطْرَة فِطراتٌ، بفَتْح الطاءِ وسُكُونِهَا وكَسْرِها، وبالثَّلاثَة

(13/331)


رُوِىَ حَدِيثُ عليّ رَضِيَ الله عَنهُ: وجَبّارَ القُلُوب عَلَى فِطَرَاتَهَا. وفَطَرَ أَصابِعَه فَطْراً: غَمَزَها. وفَطَرْتُ إِصْبَعَ فُلانٍ، أَي ضَرَبْتُها فانْفَطَرت دَماً. وشَرُّ الرَّأْيِ الفَطِيرُ، وَهُوَ مَجازٌ. ويُقَال: رَأْيُهُ فَطِيرٌ ولُبُّه مُسْتَطِيرٌ. والفَطِيرُ من السِّيَاطِ: المُحَرَّمُ الَّذِي يُمَرَّنُ بدِبَاغِه. وَهَذَا كَلاَمٌ يُفْطِرُ الصَّوْمَ، أَي يُفْسِده. وبالكَسْرِ: فِطْرُ بنُ حَمّادِ بن واقِدٍ البَصْرِيّ، وفِطْرُ بنُ خَلِيفَةَ، وفِطْرُ بنُ مُحَمَّد العَطَّارُ الأَحْدَبُ، مُحَدِّثون. وفُطْرَةُ، بالضَّمّ: قَالَ ابنُ حبيب: فِي طَيِّئ. ومُحَمّدُ بنُ مُوسَى الفِطْرِيّ المَدَنِيّ شيخٌ لِقُتَيْبَة، وآخَرُون.
ف ع ر
. فَعَرَ، كمَنَع: أَكَلَ الفَعَارِيرَ، وَهِي صِغارُ الذَّآنِينِ، حَكَاهُ الأَزهريّ عَن ابْن الأَعرابيّ، وَقد أَهْمَلَه الجوهَرِيّ، أَو الفَعْرُ والفَعَارِيرُ بمَعْنَىً، وَهِي لغَةٌ يمانِيَةٌ، وَهُوَ ضَرْب من النَّبْت زَعَمُوا أَنَّه الهَيْشَرُ. قَالَ ابنُ دُرَيْد: وَلَا أَحُقّ ذَلِك. قَالَ الأَزهريّ وحِكَايَةُ ابْن الأَعرابيّ تُؤَيّد قَوْلَ ابنِ دُرَيْد.
ف غ ر
. فَغَرَ فَاهُ، كمَنَع ونَصَرَ، الأَخِيرةُ عَن أَبِي زَيْد فَغْراً وفُغُوراً: فَتَحَهُ، قَالَ حُمَيْدُ بنُ ثَوْر يصف حَمَامَةً:
(عَجِبْتُ لَهَا أَنى يَكُونُ غِنَاؤُهَا ... فَصِيحاً وَلم تَفْغَرْ بمَنْطِقِهَا فَمَا)
يَعْنِي بالمَنْطِق بُكاءَها. وَفِي حَدِيث عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ السّلام: فإِذا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فاغِرَة فَاهَا.

(13/332)


كأَفْغَرَهُ، وهذِه نَقَلَها الصاغَانيّ عَن الزَّجّاج، ففَغَر فُوهُ وانْفَغَرَ: انْفَتَح يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. والفَغْرُ: الوَرْدُ إِذا فَتَّحَ، وَقَالَ اللَّيْث: إِذا فَغَمَ وفَتَّح. قَالَ الأَزهريّ: إِخالُه أَراد الفَغْوَ، بِالْوَاو، فَصَحَّفه وجَعله رَاء. وانْفَغَرَ النَّوْرُ: تَفَتَّح. قلتُ: وسيأْتي فَغْوُ كلِّ شيْءٍ: نَوْرُه. والمَغْفَرَةُ، بالفَتْح: الأَرْضُ الواسِعَة، ورُبَّمَا سُمِّيَتِ الفَجْوَةُ فِي الجَبَلِ إِذا كانَتْ دُونَ الكَهْفِ مَفْغَرَةً، وكُلُّه من السَّعَة. والفَغّارُ، كشَدّادٍ، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ ابنُ دُرَيْدٍ، أَو مِثْل غُرَابٍ: لَقَبُ هُبَيْرَةَ بنِ النُّعْمَان، فارِسٌ، وسُمِّيَ ببَيْتٍ قَالَه حُجْرٌ الجُعْفيّ فِيهِ:
(فَغَرْتَ لَدَى النُّعْمَان لَمّا رَأَيْتَهُ ... كَمَا فَغَرَتْ للحَيْضِ شَمْطَاءُ عارِكُ)
قلتُ: والمُفَاخِرُ لَهُ عِندَ النُّعْمَان هُوَ حُجْرٌ الجُعْفِيّ، قائلُ هَذَا الشِّعْر، وَهُوَ حُجْرُ بنُ حَلِيلَةَ، كَمَا فِي أَنْسَاب أَبي عُبَيْد القَاسِمِ بنِ سَلام. والفاغِرُ: دُوَيْبَّةٌ أَبْرَقُ الأَنْفِ، يَلْكَعُ الناسَ، صفةٌ غالِبَةٌ، كالغارِبِ، ودُوَيْبّة أُخْرَى لَا تَزالُ فاغَرِةً فاهَا، يُقَال لَهَا الفاغِرُ. والفَاغِرَةُ، بهَاءٍ: طِيبٌ، أَي نَوْعٌ مِنْهُ، أَو الكَبَابَةُ الصّينِيّ، فإِنّهُ إِذا لاَكَهَا الإِنْسَانُ فَغَرَ فاهُ، أَو أُصولُ النَّيْلُوفَرِ الهِنْدِيّ. وفِغَْرى كضِيزَى: ع، قَالَ كُثَيَّر عَزَّةَ:
(وأَتْبَعْتُهَا عَيْنَيَّ حَتَّى رَأَيْتُها ... أَلَمَّتْ بفِغْرَى والقِنَانِ تَزُورُها)
ويُقال: وُلِدَ فلانٌ بالفَغْرَة، بالفَتْح، أَي عِنْدَ إِفْغارِ النَّجْمِ، وَهُوَ أَوَّلِ طُلُوعِ الثُّرَيّا، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ، لأَنّ الثُّرَيّا إِذا كَبَّدَ السَّمَاءَ، مَن

(13/333)


ْ نَظَرَ إِليه فَغَرَ فَاه، أَي فَتَحَه. وَفِي التَّهْذِيب: أَفْغَرَ النَّجْمُ، وَهُوَ الثُّرَيّا، إِذا حَلَّقَ فصارَ على قِمَّةِ رَأْسِك، فمَنْ نَظَرَ إِليه فَغَرَ فاهُ. ويُقَالُ: هُوَ أَهْرَتُ الشِّدْق وَاسِعُ) فَغْرِ الفَمِ، أَي بابِه ومَشَقِّه. والفُغْرَةُ، بالضَّمّ: فَمُ الوَادِي، ج فُغَرٌ، كصُرَد، قَالَ عَدِيُّ بن زَيْد:
(كالبَيْضِ فِي الرَّوْضِ المُنَوِّرِ قَدْ ... أَفْضَى إِلَيْه إِلى الكَثِيبِ فُغَرْ)
وطَعْنَةٌ فَغَارِ، كقَطَامِ: نافِذَةٌ، نَقله الصاغانيّ. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فَغَرَت السِّنُّ، إِذا طَلَعَت. وَقد جاءَ ذِكْره هَكَذَا فِي حَدِيث النابِغَة الجَعْدِيّ، وَهُوَ من قَوْلِكَ: فَغَر فَاه، إِذا فَتَحَه، كأَنها تَتَفَطَّر وتَتَفَتَّح كَمَا يَنْفَطِرَ ويَنْفَتح النَّباتُ. وَقيل: فاؤُه مُبَدَلَةٌ من الثاءِ. وإِليه جَنَح الأَزهريّ
ف غ ف ر
. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فُغُفُورٌ، كعُصْفُور: لَقَبٌ لكلِّ مَنْ مَلَكَ الصِّين، ككِسْرَى لِفَارِس، والنَّجَاشِيّ للحَبَشَة، وإِليه نُسِبَ الخَزَفُ الجَيِّد الَّذِي يُؤْتَى بِهِ من الصِّين.
ف ق ر
. الفَقْر، ويُضَمُّ: ضِدُّ الغِنَى، مِثْلُ الضَّعْف والضُّعْف. قَالَ اللَّيْثُ: والفُقْرُ، بالضَّمّ: لُغَة رَدِيئَة. قلتُ: وَقد قالُوهُ بضمَّتَيْن أَيضاً، وبفَتْحَتَيْنِ، نَقَلهما شَيخُنا. قَالَ ابنُ سِيدَه: وقَدْرُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يَكْفِي عِيَالَه أَو الفَقِيرُ: مَنْ يَجِد القُوتَ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: إِنَّمَا

(13/334)


الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ والمَسَاكينِ. سُئل أَبو العَبّاسِ عَن تَفْسِير الفَقِير والمِسْكين، فَقَالَ: قَالَ أَبو عَمْرِو ابْن العَلاءِ، فِيمَا يَرْوِى عَنهُ يُونُسُ: الفَقِيرُ: الَّذِي لَهُ مَا يَأْكُلُ، والمِسْكِينُ: مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ. وَقَالَ يُونُسُ: قُلْتُ لأَعْرَابِيّ مَرَّةً: أَفَقِيرٌ أَنْتَ فَقَالَ: لَا وَالله بَلْ مِسْكينٌ. أَو الفَقِيرُ: هُوَ المُحْتَاجُ، عِنْد العَرَبِ، قَالَه ابنُ عَرَفةَ. وَبِه فَسَّر قولَه تَعَالَى: أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ. أَي المُحْتَاجُون إِلَيْه. والمِسْكِينُ: من أَذَلَّه الفَقْرُ أَو غَيْرُه من الأَحْوَالِ، قَالَ ابنُ عَرَفَة: فإِذا كانَ مَسْكَنَتُه من جِهَةِ الفَقْر حَلَّت لَهُ الصَّدَقَةُ، وَكَانَ فَقِيراً مِسْكِيناً، وإِذَا كَانَ مِسْكِيناً قد أَذَلَّه سِوَى الفَقْرِ فالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ، إِذ كَانَ شَائِعا فِي اللُّغَة أَنْ يُقَال: ضُرِبَ فلانٌ المِسْكِينُ، وظُلِمَ المِسْكِينُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الثَّرْوَة واليَسَار، وإِنَّمَا لَحِقَهُ اسمُ المِسْكِين من جِهَةِ الذِّلّة، فَمَنْ لم تَكُنْ مَسْكَنَتُه من جِهَةِ الفَقْر فالصَّدقَةُ عَلَيْهِ حَرام. ورُوِىَ عَن الشَّافِعيّ رَضِيَ الله عَنهُ أَنَّه قَال: الفُقَراءُ: الزَّمْنَى الضِّعافُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُم، وأَهْلُ الحِرَف الضَّعيِفَة الَّذِين لَا تَقَعُ حِرْفَتُهم من حاجَتِهم مَوْقِعاً. والمَساكِينُ: هم السُّؤّالُ مِمَّن لَهُ حِرْفَةٌ تَقَع مَوْقِعِاً وَلَا تُغْنِيه وعِيَالَه. قَالَ الأَزهريّ: فالفَقِيرُ أَشَدُّ حَالا عِنْد الشافِعِيّ. ويُرْوَى عَنْ خالِدِ بنِ يَزِيدَ أَنّه قَالَ: كأَن الفَقِيرَ إِنّمَا سُمِّيَ فَقِيراً لِزَمَانَةٍ تُصِيبُه مَعَ حاجَة شَدِيدَةٍ تَمْنَعُه الزَّمَانَةُ من التَّقَلُّب فِي الكَسْبِ على نَفْسِه، فَهَذَا هُوَ الفَقِيرُ، أَو الفَقيُر: مَنْ لَهُ بُلْغَةٌ من العَيْشِ، والمِسْكِينُ: مَنْ)
لَا شَيءَ لَهُ، قَالَه ابنُ السِّكِّيت، وإِليه ذَهَبَ أَبو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تعالَى. وأَنشد ابنُ السِّكِّيت للرّاعى يَمْدَح عبدَ المَلك ابنَ مَرْوَانَ:

(13/335)


(أَمَّا الفَقِيرُ الّذي كانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ العِيَال فلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ)
أَوْ هُوَ، أَي المسْكِينُ، أَحْسَنث حَالا من الفَقير، وَهُوَ قَوْلُ الأَصمعيّ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ.
قَالَ أَبو بَكْر: وَهُوَ الصَّحِيحُ عندنَا، لأَنَّ الله تعالَى سَمَّى مَنْ لَهُ الفُلْكُ مِسْكيناً، فَقَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فكَانَتْ لِمَسَاكينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ. وَهِي تُساوِي جُمْلَةً. قلتُ: ورُدَّ بأَنَّ السَّفِينَةَ لم تَكُنْ مِلْكاً لَهُم بَلْ كَانُوا يَعْمَلُون فِيهَا بالأُجْرَة. ويَشْهَدُ لَهُ أَيضاً قِرَاءَةُ من قَرَأَ بالتَّشْدِيد. وَقَالَ يُونُسُ: الفَقِيرُ أَحْسَنُ حَالا من المِسْكين، واسْتَدَلّ بقَوْلِ الأَعْرَابيّ الَّذِي تَقَدّم وبِبَيْت الرّاعِى. وَقَالَ الفَرّاءُ فِي قَوْله عَزَّ وجَلَّ: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ والمَسَاكينِ. قَالَ: الفُقَرَاءَ: هُم أَهْلُ الصُّفَّة، كانُوا لَا عَشَائرَ لَهم، فكانُوا يَلْتَمِسُون الفَضْلَ فِي النَّهارِ ويَأْوُون إِلى المَسْجِد. قَالَ: والمَسَاكِينُ: الطَّوَّافُون على الأَبْوَابِ، أَو هُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابيّ، فإِنّه قَالَ: الفَقِيرُ: الّذي لَا شَيْءَ لَهُ، والمِسْكِينُ مثلُه. قَالَ البَدْرُ القَرافيّ: وإِذا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، كَمَا إِذا أُوْصِىَ للفُقَراءِ والمَسَاكِينِ فلابُدَّ من الصَّرْف للنَّوْعَيْن، وإِنْ افْتَرَقَا اجْتَمَعَا، كَمَا إِذا أُوصِىَ لأَحَدِ النَّوْعَيْن جازَ الصَّرْفُ للآَخَرِ.
ورَجُلٌ فَقيرٌ من المالِ، وَقد فَقُرَ ككَرُمَ فَهُوَ فَقِيرٌ، من قَوْم فُقَرَاءَ، وَهِي فَقِيرَةٌ، من نِسْوَةٍ فَقَائرَ، وحَكَى اللّحْيَانيّ: نِسْوَةٌ فُقَراءُ، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَلَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا. قَالَ سِيبَوَيْه: وقالُوا: افْتَقَرَ، كَمَا قالُوا اشْتَدَّ، وَلم يَقُولُوا: فَقُرَ، كَمَا لم يَقُولُوا: شَدُد، وَلَا يُسْتَعْمَل بغَيْرِ زِيَادة. وأَفْقَرَهُ الله تعالَى، مِنَ الفَقْر، فافْتَقَر. والمَفَاقِرُ: وُجُوهُ الفَقْرِ، لَا وَاحِد

(13/336)


َ لهَا. ويُقَال: سَدَّ اللهُ مَفَاقِرَه، أَي أَغْناهُ وسَدَّ وُجُوهَ فَقْرِه، قَالَ النابِغَةُ:
(فأَهْلِي فِدَاءٌ لامْرِئٍ إِنْ أَتَيْتُهُ ... تَقَبَّلَ مَعْرُوفِي وسَدَّ المَفَاقِرَا)
وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة: أَنّه أُنْشِدَ قَالَ الزَّمَخْشَريّ للشَّمّاخ:
(لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحُه فيُغْنِى ... مَفاقِرَه أَعَفُّ من القُنُوعِ)
وَقيل: المَفَاقِرُ: جَمْعُ فَقْر، على غَيْرِ القِياس، كالمَشابِه والمَلامِح، ويَجُوز أَنْ يكونَ جَمْعَ مَفْقَر، مصدر أَفْقَرَه، أَو جَمْعَ مُفْقِر. والفِقْرَة بِالْكَسْرِ والفَقْرَة والفَقَارَة، بِفَتْحِهما: واحِدَةُ فَقَارِ الظَّهْر، وَهُوَ مَا انْتَضَدَ من عِظَامِ الصُّلْب مِنْ لَدُنِ الكاهِلِ إِلى العَجْبِ، ج فِقَرٌ كعِنَبٍ، وفَقَارٌ، مثلُ سَحَاب، وَقيل فِي الجَمْع: فِقِرَات بِالْكَسْرِ أَو بكسرتين وفِقَرَات، كعِنَبات. قَالَ ابنُ الأَعْرَابيّ:) أَقَلُّ فِقَرِ البَعِيرِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وأَكْثرُهَا إِحدَى وعِشْرُون إِلى ثَلاثٍ وعِشْرِينَ. وفَقَارُ الإِنْسَانِ سَبْعٌ.
والفَقِيرُ: الرَّجُلُ الكَسِيرُ الفَقارِ، قَالَ لَبِيدٌ يصف لُبَداً، وَهُوَ السابِعُ من نُسُور لُقْمَان بن عادٍ:
(لَمَّا رَأَى لُبَدُ النُّسُورَ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ القَوادِمَ كالفَقِيرِ الأَعْزَلِ)
والأَعْزَلُ من الخَيْلِ: المائِلُ الذَّنَبِ، والفَقِيرُ: المَكْسُورُ الفَقَارِ، يُضْرَبُ مَثَلاً لكلّ ضَعِيفٍ لَا يَنْفُذ فِي الأُمُورِ، كالفَقِر ككَتِف والمَفْقُورِ. ورَجُلٌ فَقِرٌ: يَشْتَكِي فَقَارَه. قَالَ طَرَفَة:
(وإِذَا تَلْسُنُنِي أَلْسُنُها ... إِنَّنِي لَسْتُ بمَوْهُونٍ فَقْرِ)
وَفِي التَّهْذِيب: الفَقِيرُ: مَعْناه

(13/337)


المَفْقورُ الَّذِي نُزِعَتْ فِقْرَةٌ من ظَهْرِه فانْقَطَع صُلْبُه من شِدّةِ الفَقْر، فَلَا حالَ هِيَ أَوْكَدُ من هذِه. وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: للإِنسانِ أَرْبَعٌ وعِشْرُون فَقارَة، وأَرْبَعٌ وعِشْرُون ضِلَعاً: سِتُّ فَقَاراتٍ فِي العُنق، وسِتُّ فَقَارَات فِي الكاهِلِ والكاهلُ بَيْنَ الكَتِفَيْن بَين كُلِّ ضِلَعَيْن من أَضْلاعِ الصَّدْرِ فَقَارَةٌ من فَقارات الكاهِل السِّتّ، ثمَّ سِتّ فقَارَات أَسْفَلَ من فَقَارَاتِ الكاهِل، وَهِي فَقاراتُ الظَّهْر الّتي بحِذِاءِ البَطْن، بَيْنَ كُلّ ضِلْعَيْن من أَضْلاعِ الجَنْبَيْن فَقَارَةٌ مِنْهَا، ثمَّ يُقَال لِفَقارَةٍ واحِدَة تَفْرُق بَيْن فَقَارِ الظَّهْرِ والعَجُز: القَطَاةُ، ويَلِي القَطَاةَ رَأْسَا الوَرِكَانْ، ويُقَال لَهما: الغُرَابَانِ وبَعْدَهَا تَمامُ فقَارِ العَجُزِ، وَهِي سِتّ فَقَاراتٍ آخِرُها القُحْقُح، والذَّنَب متّصِلٌ بهَا، وَعَن يَمِينها ويَسَارِهَا الجَاعِرَتان، وهُمَا رَأْسَا الوَرِكَيْن اللَّذَانِ يَلِيَانِ آخِرَ فَقارَةٍ من فَقَارَاتِ العَجُزِ. قَالَ: والفَهْقَة: فَقَارَةٌ فِي أَصْلِ العُنْقِ، داخِلَةٌ فِي كُوَّةِ الدِّماغ الَّتِي إِذا فُصِلَتْ أَدْخَلَ الرجلُ يَدَهُ فِي مَغْرِزِهَا فيَخْرُج الدِّماغُ. وَفِي حَدِيث زَيْدِ بن ثابِت: مَا بَيْنَ عَجْبِ الذَّنَبِ إِلى فِقْرَةِ القَفَا ثِنْتَان وثَلاثُون فِقْرَةً، فِي كُلّ فِقْرَة أَحَدٌ وثَلاثُون دِيناراً يَعْنِي خَرَزَ الظَّهْرِ كَذَا فِي اللِّسَان.
والفَقِيرُ: البِئْرُ الَّتِي تُغْرَسُ فِيهَا الفَسِيلَة ثمَّ يُكْبَسُ حَوْلَهَا بِتَرْ نُوقِ المَسِيل وَهُوَ الطّين وبالدِّمْن، وَهُوَ البَعَرُ، ج فُقُر، بضَمَّتَيْن. وَقد فَقَّرَ لَهَا تَفْقِيراً: إِذا حَفَرَ لَهَا حَفِيرَةً لتُغْرَسَ. وَفِي الحَدِيث: قَالَ لسَلْمَانَ اذْهَبْ ففَقِّرْ للفَسِيل، أَي احْفِر لَها مَوْضِعاً تُغْرَسُ فِيهِ، واسمُ تِلْكَ الحُفْرَة فُقْرَةٌ وفَقِيرٌ. أَو هِيَ أَي الفَقِيرُ، وجَمْعُها فُقُرٌ: آبارٌ مُجْتَمِعَةٌ، الثَّلاثُ فَمَا زادَتْ، وقِيلَ: هِيَ آبارٌ تُحْفَرُ ويَنْفُذُ بَعْضُها إِلى بَعْض، وَفِي حَدِيث عُثْمَانَ رضيَ الله عَنهُ: أَنّه كَانَ يَشْرَب، وَهُوَ

(13/338)


مَحْصُورٌ، من فَقِير فِي دارِه أَي، بئْر، وَهِي القَلِيلَةُ الماءِ. والفَقِيرُ: رَكِيَّةٌ بعَيْنِها معروفةٌ. قَالَ:
(مَا لَيْلةُ الفَقِيرِ إِلاَّ شَيْطانْ ... مَجْنُونةٌ تُودِي برُوح الإِنْسَانْ)
لأَنَّ السَّيْرَ إِلَيْهَا مُتْعِبٌ، والعربُ تقولُ للشَّيْءِ إِذا اسْتَصْعَبُوه: شَيْطَانٌ. قلْتُ: وَهُوَ ماءٌ بطرِيق)
الشامِ فِي بِلاد عُذْرَةَ. والفَقِيرُ: المَكَانُ السَّهْلُ تُحْفَر فِيهِ رَكايَا مُتَناسِقَةٌ، نَقله الصاغانيّ وقِيلَ: الفَقِيرُ: فَمُ القَناةِ الَّتي تَجْرِي تحتَ الأَرْضِ، والجَمْعُ كالجَمْعِ. وَقيل: هُوَ مَخْرَجُ الماءِ مِنْهَا. وَمِنْه حَدِيثُ مُحَيَّصَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَهْلٍ قُتِلَ وطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَو فَقِيرٍ. والفُقَيْرُ، كزُبيْر: ع، قَالَ الصاغانيّ: وَلَيْسَ بتَصْحِيف الفَقِير، أَي الّذِي تَقَدَّم ذِكْره. والفاقِرَةُ: الدّاهِيَةُ الكاسِرَةُ للفَقَارِ، كَذَا قالَهُ اللَّيْثُ وغيرهُ. وَقَالَ أَبو إِسحاقَ فِي قَوْله تَعَالَى: تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ. المَعْنى تُوقِنُ أَنْ يُفْعَلَ بهَا داهِيَة من العَذابِ وَنَحْو ذلِكَ. وَقَالَ الفَرّاءُ: وَقد جاءَتْ أَسماءُ القِيَامَة والعَذابِ بِمَعْنَى الدَّوَاهِي وأَسمائها. والفَقْرُ بالفَتْح: الحَفْرث، كالتَّفْقِير، يُقَال: فَقَرَ الأَرْضَ وفَقَّرَها، أَي حَفَرَها.
والفَقْرُ: ثَقْبُ الخَرَزِ للنَّظْمِ، قَالَ الشَّاعِر:
(غَرَائرُ فِي كِنٍّ وصَوْنٍ ونَعْمَة ... يُحَلَّيْن ياقُوتاً وشَذْراً مُفَقَّرَا)
والفَقْرُ: حَزُّ أَنْفِ البَعِيرِ الصَّعْبِ بحَدِيدَةِ حَتَّى يَخْلُصَ إِلى

(13/339)


العَظْمِ أَو قَرِيبٍ مِنْهُ ثمَّ يُلْوى عَلَيْهِ جَرِيراً لِتَذْلِيلة وتَرْوِيضه. وَقَالَ أَبو زَيْد: الفَقْرُ: إِنّمَا يكونُ للبَعِير الضَّعيفِ. قَالَ: وَهِي ثَلاثُ فِقَرٍ. فَقَرَهُ يَفْقُرُ هـ، بالضَّمّ، ويَفْقِرُ هُ، بالكَسْرِ، فَقْراً، وَهُوَ فَقِيرٌ ومَفْقُورٌ. وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: وَقد يُفْقَرُ الصَّعْبُ من الإِبِلِ ثلاثَةَ أَفْقُرٍ فِي خَطْمِه، فإِذا أَرادَ صاحبُه أَنْ يذِلَّهُ ويَمْنَعَهُ من مَرَحِه جَعَل الجَرِيرَ على فَقْرِه الّذِي يَلِي مِشْفَرَه فمَلَكَه كَيفَ شاءَ. وإِنْ كَانَ بَين الصَّعْبِ والذَّلُولِ جَعَل الجَرِيرَ على فَقْرِه الأَوْسَط، فتَرَيَّد فِي مِشْيَتهِ واتَّسَع، فإِذا أَرادَ أَنْ يَنْبَسِط ويَذْهَبَ بِلَا مُؤْنَة على صاحِبِه جعل الجَرِيرَ على فَقْرِه الأَعْلَى فذَهَبَ كَيفَ شاءَ. قَالَ: فإِذا حُزَّ الأَنْفُ حَزّاً فذَلِكَ الفَقْرُ.
وبَعِيرٌ مَفْقُور. والفَقْرُ: الهَمّ، ج فُقُورٌ، نَقله الصاغانيّ. ويقالُ: شَكَا إِلَيْه فُقُورَه. ويُرادُ أَيضاً بالفُقورِ الأَحْوالُ والحاجاتُ. والفُقْرُ، بالضّمّ: الجانِب، ج فُقَرٌ، كصُرَدٍ، نادِر عَن كُراع. وَقد قِيلَ: إِنّ قَوْلَهم: أَفْقَرَك الصَّيْدُ فارْمِه، أَيْ أَمْكَنَكَ من جانبِه، وقِيل: مَعْنَاه أَمْكَنَكَ من فَقَارِه، وَقيل: مَعْنَاهُ قد قَرُب مِنْك. وَفِي حَدِيث الوَلِيدِ بنِ يَزِيدَ بنِ عبدِ الملكِ: أَفْقَرَ بعدَ مَسْلَمَةَ الصَّيْدُ لِمَنْ رَمَى، أَي أَمْكَنَ الصَّيْدُ من فَقَارِه لِرَامِيه، أَرادَ أَنَّ عَمَّه مَسْلَمَةَ كَانَ كَثِيرَ الغَزْو، يَحْمِي بَيْضَةَ الإِسلامِ، ويَتَوَلَّى سِدَادَ الثُّغورِ، فلمّا ماتَ اخْتَلَّ ذَلِك وأَمْكَن الإِسْلامُ لِمَنْ يَتَعَرَّض إِليه.
وأَفْقَرَ بَعِيرَه: أَعارَك ظَهْرَه فِي سَفَرٍ للحَمْلِ والرُّكوبِ ثُمَّ تَرُدّه، قَالَه ابنُ السِّكّيت. وذَكَر أَبو عُبَيْد وُجُوهَ العَوارِيّ، وَقَالَ أَمّا الإِفْقارُ فأَنْ يُعطِيَ الرجلُ الرجلَ دابَّتَه فيَرْكَبَها مَا أَحَبَّ فِي سَفَرٍ ثمّ يَرُدّها عَلَيْه. وأَنشد الزمخشريّ لِنَفْسه:)
(أَلاَ أَفْقَرَ اللهُ عَبْداً أَبَتْ ... عَلَيْه الدَّناءَةُ أَنْ يُفْقِرَا)

(13/340)


(ومَنْ لَا يُعِيرُ قَرَا مَرْكَبٍ ... فَقُلْ كَيْفَ يَعْقِرُهُ للقِرَى)
والاسمُ الفُقْرَى، كصُغْرَى، قَالَ الشاعِر:
(لَه رَبّةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظَهْرِهِ ... فَمَا فِيه لِلفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ)
أَي مَطْمَعٌ. وَفِي حَدِيثِ جابِر: أَنَّه اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيراً وأَفْقَرَهُ ظَهْرَه إِلى المَدِينة. وَفِي حَدِيث الزكاةِ: ومِنْ حَقِّهَا إِفْقَارُ ظَهْرِها مأُخوذٌ من رُكُوب فَقَارِ الظَّهْرِ، وَهُوَ خَرَزَاتُه الواحِدةُ فَقَارَةٌ.
والمُفْقِرُ، كمُحْسِن: الرَّجلُ القَويّ، وكذلِك مُهْرٌ مُفْقِرٌ، قَوِىّ الظَّهْرِ، والمُفْقِر أَيضاً: المُهْرُ الَّذِي حانَ لَهُ أَنْ يُرْكَبَ فَقَارُه مثل أَرْكَبَ. وذُو الفَقَار، بالفَتْح، وبالكَسْرِ أَيضاً، كَمَا صرّح بِهِ فِي المَوَاهِبِ، ولكنَّ الخَطَّابِيَّ نَسَبَة للعامّة، فَلِذا قَيَّدَه المصنّف بالضَّبْط، فَلَيْسَ قَوْلُه بِالْفَتْح مستدرَكاً كَمَا تَوَهَّمه بعضٌ: سَيْفُ سُلَيْمَانَ بنِ داوُودَ، عَلَيْهِمَا السَّلَام، أَهْدَتْه بَلْقِيسُ مَعَ سِتّةِ أَسْياف، ثمّ وَصَل إِلى العاصِ بن مُنَبِّه بنِ الحَجّاج بن عامِرِ بن حُذَيْفَةَ بنِ سَعْدِ ابْن سَهْم، قُتِلَ يَوْمَ بَدْر مَعَ أَبِيه وعَمِّه نُبَيْهِ بن الحَجّاج كَافِرًا، قَتَلَهُ عَلِيُّ بن

(13/341)


ُ أَبِي طالِبٍ رَضِي الله عَنهُ وأَخَذَ سَيْفَه هَذَا، فصارَ إِلى النَّبِيّ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلّم، شبَّهوا تِلْكَ الحُزوزَ بالفَقَارِ. وَقَالَ أَبو العَبّاس: سُمِّىَ لأَنّه كَانَت فِيهِ حُفَرٌ صِغارٌ حِسانٌ، ويُقَال لِلْحُفْرَة، فُقْرَة، وجَمْعُها فُقَرٌ. وَمن الغَرِيب مَا قَرَأْتُ فِي كتاب الكاملِ لابْنِ عَديّ، فِي تَرْجَمَة أَبي شَيْبَةَ قاضِي وَاسِطَ، بسَنَدِه إِليْه عَن الحَكَمِ عَن مِقْسَم: أَنّ الحجّاج بنَ عِلاطٍ أَهْدَى لِرَسُول الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم سَيْفَهُ ذَا الفَقَارِ، ثمَّ صارَ إِلى أَميرِ الْمُؤمنِينَ عَلِيّ ابنِ أَبِي طَالب، رَضِي الله عَنهُ وكَرّم وَجْهَه، وَفِيه قيل: لَا فَتَى إِلا عليّ، وَلَا سَيْفَ إِلاّ ذُو الفَقَارِ. وذُو الفَقَارِ: لَقَبُ مَعْشَرِ بنِ عَمْروٍ الهَمْدَانِيِّ، أَوْرَدَه الصاغَانيّ. قلتُ: وَمن بَنِي الحُسَيْنِ بنِ عليٍّ أَبو الصَّمْصامِ ذُو الفَقَارِ بن مَعْبَدِ بن عليّ، وحَفِيدُه أَشْرَفُ الدِّينِ ذُو الفَقَارِ ابنُ محمّدِ بنِ ذِي الفَقَارِ، لَهُ ذِكرٌ فِي كتاب أَبي الفُتُوح الطاوُوسِيّ. قلتُ: جَدُّه هُوَ ذُو الفَقَارِ بن أَشْرَفَ العَلَوِيُّ المَرَنْدِيُّ الفَقِيه، ووَلَدُه محمّد هَذَا مَاتَ سنة، قَالَه الْحَافِظ. وسَيْفٌ مُفَقَّرٌ، كمُعَظَّمٍ: فِيهِ حُزُوزٌ مُطْمَئنَّة عَن مَتْنِه، وكُلُّ شيْءٍ حُزَّ أَوْ أُثِّرَ فِيهِ فَقَدْ فُقِّر. ورَجُلٌ مُفَقَّرٌ: مُجْزِئٌ لِكلّ مَا أَمِرَ بِهِ، نَقله الصاغانيّ، كأَنَّه لِقُوّةِ فَقَارِه. والفُقْرَة، بالضَّمّ: القُرْب، يُقَال: هُوَ مِنِّي فُقْرَةً، أَي قَرِيبٌ. والفُقْرَةُ: الحُفْرَةُ فِي الأَرْضِ، جَمْعُه فُقَرٌ. والفُقْرَةُ: مَدْخَلُ الرَّأْسِ من القَمِيص. والفِقْرَةُ، بالكَسْرِ: العَلَمُ، من جَبَلٍ أَو هَدَفٍ أَو نَحْوه، كالحَفِيرَة)
ونَحْوِهَا. قَالَ اللَّيْث: يَقُولُونَ فِي النِّضَال: أُرَامِيكَ مِنْ أَدْنَى فقْرَةٍ، وَمن أَبْعَدِ فِقْرَة، أَي من أَبْعَدِ مَعْلَمٍ يَتَعَلَّمُونَه. وَمن المَجَازِ: الفِقْرَةُ: أَجْوَدُ بَيْتٍ فِي القَصِيدَة، تَشْبِيهاً بفِقْرَةِ الظَّهْرِ. ويُقال: مَا أَحْسَنَ فِقَرَ كَلامِه، أَي نُكَتَه، وهِي فِي الأَصْلِ حُلِيٌّ تُصاغُ عَلَى شَكْلِ فِقَرِ الظَّهْر، كَمَا فِي الأَساس. والفِقْرَةُ: القَرَاحُ من الأَرْضِ للزَّرْع، نقلُه الصاغانيّ. والفَقْرَةُ، بالفَتْح: نَبْتٌ، ج فَقْرٌ، أَي بفَتْح فسُكُونٍ، كَذَا فِي

(13/342)


سَائِر النُّسَخ، والصَّوابُ أَنّهَا الفَقُرَةُ بفَتْح فضَمٍّ اسمُ نَبْت، جَمْعُهَا فَقُرٌ بِفَتْح فضَمّ أَيضاً حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ. قَالَ: وَلَا يُكَسَّرُ لقِلَّةِ فَعُلَةِ فِي كَلامِهم. والتَّفْسِيرُ لثَعْلَبٍ، وَلم يَحْكِ الفَقُرة إِلاّ سِيبَوَيْه ثمّ ثَعْلَب، فتَأَمَّل. والفَقْرَنُ، كرَعْشَنٍ: سَيْفُ أَبِي الخَيْرِ بن عَمْروٍ الكِنْدِيّ، وإِنّمَا مَثَّلَه برَعْشَن إِشَارَةً إِلى أَنَّ نُونَه زائدَةٌ كنُونِ رَعْشَنٍ وضَيْفَنٍ. وفَقَارٌ كسَحاب: جَبَلٌ، نَقله الصاغَانيّ. والفَيْقَرُ: الدَّاهِيَةُ، وَلَو ذَكره عِنْد الفاقِرَة كانَ أَحْسَنَ لضَبْطِه، ولكنّه تَبِعَ الصاغانيَّ فإِنَّه أَوْرَدَهُ هُنَا بعد فَقَارٍ. ويُقَال: إِنَّهُ لمُفْقِرٌ لهَذَا الأَمْرِ، كمُحْسِن، أَي مُقْرِنٌ لَهُ ضابِطٌ، نَقله الصَّاغانيّ عَن ابنِ شُمَيْل، وَزَاد فِي اللِّسَان: مُفْقِرٌ لهَذَا العَزْمِ وَهَذَا القِرْنِ، ومُؤْدٍ، سَواءٌ.
وأَرْضٌ مُتْفَقِّرَةٌ: فِيهَا فُقَرٌ كثيرةٌ، أَي حُفَرٌ، كَذَا فِي المُحْكم. وممّا يُسْتَدْرك عَلَيْهِ: قولُهم: فُلانٌ مَا أَفْقَرَهُ وأَغْنَاهُ: شاذٌّ، لأَنّه يُقال فِي فِعْلَيْهِمَا: افْتَقَر، واسْتَغْنَى، فَلَا يَصِحُّ التَّعَجُّب مِنْهُ كَذَا فِي الصّحاح. والفاقِرَةُ: من أَسْمَاءِ القِيَامَة. وَفِي حَدِيث المُزارَعَة: أَفْقِرْها أَخَاكَ، أَي أَعِرْهُ أَرْضَكَ للزِّرَاعَةِ، وَهُوَ مستعارٌ من الظَّهْر. ورَجُلٌ مُفْقِر، كمُحْسِن: قَوِيُّ فَقَارِ الظَّهْر. وذُو الفَقَارِ: الرُّمْحُ، اسْتَعَارَهُ الشَّاعِر فَقَالَ:
(فَمَا ذُو فَقَارٍ لَا ضُلُوعَ لِجَوْفِه ... لَهُ آخِرٌ من غَيْرِه ومُقَدَّمُ)

(13/343)


ورَكِيَّةٌ فَقِيرَةٌ: مَفْقُورَةٌ، أَي مَحْفُورَة. وَفِي حَدِيث عُمَرَ رضيَ الله عَنهُ أَنّ العَبّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِب سأَلَهُ عَن الشُّعَراءِ، فَقَالَ: امرؤُ القَيْسِ سابِقُهم، خَسَفَ لَهُمْ عَيْنَ الشَّعْر، فافْتَقَرَ عَن مَعانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ يريدُ أَنَّهُ أَوَّلُ من فَتَقَ صِنَاعَةَ الشَّعْر وفَنَّنَ مَعَانِيَهَا، وكَثَّرَها وقَصَّدَها واحْتَذَى الشُّعَرَاءُ على مِثالِه. وافْتَقَرَ: افْتَعَل، من الفَقِير، أَي شَقّ وفَتَحَ وَهُوَ مجازٌ كَمَا فِي التكملة واللّسَان. ورَجُلٌ مُتَفَاقِرٌ: يَدَّعِى الفَقْرَ، كَمَا فِي الأَساس. وَفِي حَدِيث القَدَر: قَبَلَنَا ناسٌ يَتَفَقَّرُون العِلْمَ. قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، أَي يَسْتَخْرِجُون غامِضَه ويَفْتَحُون مُغْلَقَه، وأَصْلُه من فَقَرْتُ البِئْرَ، إِذا حَفَرْتها لاسْتِخْرَاج مائِها. قَالَ: والمَشْهُورُ تَقْدِيم القافِ على الفاءِ. والفُقْرَة، بالضَّمّ: قُرْمَةُ البَعِيرِ رَوَاهُ أَبو العَبَّاس عَن ابنِ الأَعْرَابِيّ. وَمِنْه قولُ عائشةَ فِي عُثْمَانَ رَضِيَ)
الله عَنْهُمَا: بَلَغْتُم مِنْه الفُقَرَ الثَّلاثَ. قَالَ أَبو زَيْد: وَهَذَا مَثَلٌ، تقولُ: فَعَلْتُم بِهِ كفِعْلِكم بِهَذَا البَعِيرِ الّذِي لَمْ تُبْقُوا فِيهِ غايَةً هَكَذَا ضَبَطَه ابنُ الأَعْرَابِيّ وأَبو الهَيْثَم وفَسّرَاه. ورَوَى القُتَيَبِيّ الفِقَرَ الثَّلاثَ بكَثْر ففَتْح، والصَّوابُ ضَمُّها. وَعَن أَبِي عُبَيْدِ: فَقِيرُ بَنِي فُلان فِي الرَّكايَا: حِصَّتُهُم مِنْهَا.
قَالَ الشاعِرُ:
(تَوزَّعْنَا فَقِيرَ مِيَاهِ أُقْرٍ ... لِكُلِّ بَني أَبٍ فِيهَا فَقِيرُ)

(فحِصَّةُ بَعْضِنا خَمْس وسِتٌّ ... وحِصَّةُ بَعْضِنا مِنْهُنَّ بِيرُ)
واسْتَدْرَك الصاغانيّ هُنا: التَّفْقِير فِي أَرْجْلِ الدَّوَابّ: بَياضٌ يُخالِطُ الأَسْؤُقَ إِلى الرُّكَب مُتَفَرِّقٌ.
وَقد تَبِعَ اللَّيْثَ فِي ذِكْرِه هُنَا، والصَّوابُ أَنَّه التَّقْفِيزُ بالزايِ، وَالْقَاف قَبْل الفاءِ، كَمَا حَقَّقَه الأَزْهريّ، وسَيَأْتي.

(13/344)


والفَقِيرُ: جِذْعٌ يُرْقَى عَلَيْهِ إِلى غُرْفَة. قَالَ ابنُ الأَثِير: هَكَذَا جاءَ فِي رِوايَة فِي حَدِيث الإِيلاءِ، والمَعْرُوفُ نَقِير بالنّون. وبَعِيرٌ مُفْقَّر، كمُعَظَّم: قَوِيّ فَقَارِ الظَّهْرِ. وَكَذَا بَعِيرٌ ذُو فُقْرَةٍ، بالضَّمِّ، إِذا كانَ قَوِيّاً على الرُّكُوبِ نَقَلَهما الصاغَانيّ. وفَقِيرُ بنُ مُوسَى بنِ فَقِيرٍ الأُسْوَانِيّ، عَن قَحْزَمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَحْزَمٍ، عَن ابنِ وَهْب. وأَبو بَكْرِ بن أَحْمَدَ بنِ الشِّيرازيّ الحَنْبَلِيّ، عُرفَ بابْنِ الفَقِيرَة، سَمِعَ ابنَ بِشْرانَ. وابنُ الفُقَيرِ مُصَغَّراً: من الصُّوفِيّة. ونَقِيرٌ فَقِيرٌ: أَصابَتْه النَّواقِرُ وعُمِلَتْ بِهِ الفَواقِرُ.
ف ك ر
. الفِكْر، بالكَسْر، ويُفْتَح: إِعمالُ النَّظَر هَكَذَا فِي النُّسَخ. وَفِي المُحْكَمِ: إِعمالُ الخاطِر فِي الشَّيْءِ، كالفِكْرَة، والفِكْرَى، بكسْرِهما، الأَخِيرَة نَقَلَهَا اللَّيْث، قَالَ: وهِيَ قليلةٌ، ج أَفْكَارٌ، عَن ابْنِ دُرَيْدٍ.
وَقَالَ سِيبَوَيْه: وَلَا يُجْمَعُ الفِكْرُ وَلَا العِلْمُ وَلَا النَّظَرُ. وَقد فَكّرَ فِيهِ، وأَفْكَرَ، وفَكَّرَ تَفْكِيراً وتَفَكَّرَ، وَفِي اسْتِعْمَالِ العامَّة: افْتَكَرَ، والمَعْنَى: تَأَمَّل. وَهُوَ فِكَّيرٌ، كسِكَّيت، وفَيْكَرٌ، كصَيْقَل: كَثِيرُ الفِكْرِ، الأَخِيرَةُ عَن كُرَاع. وَفِي الصّحاح: التَّفَكُّر: التَّأَمُّل، والاسمُ الفِكْرُ والفِكْرَةُ، والمصدرُ الفَكْرُ، بِالْفَتْح. وَقَالَ يَعْقُوبُ: مالِي فِيهِ فَكْرٌ، بالفَتْح، وَقد يُكْسَر، أَي لَيْسَ فِيهِ حاجَة. قَالَ: والفَتْحُ فِيهِ أَفْصَح من الكَسْر كَذَا فِي الصّحاح. وَفِي الأَساس: يُقَال: لَا فِكْرَ لِي فِي هَذَا، إِذا لم تَحْتَجْ إِلَيْهِ وَلم تُبَال بهِ. وَمن سَجَعَاتِه: لفُلان فِكَرٌ، كلُّها فِقَرٌ.

(13/345)


ومازَالَتْ فِكْرَتُك مَغَاصَ الدُّرَرِ.
ف ل ر
. الفَلاَوِرَةُ، أَهمله الجوهريّ والصاغانيّ، وَقَالَ صاحبُ اللّسَان: وهم الصَّيَادِلَةُ. مُعَرَّب بلاوره.
قلتُ: كأَنَّ واحِدَهُ فُلاوِر بالضَّمّ، وَهُوَ بالفَارِسِيّة كَلِمَةٌ مُرَكَّبَة بل آور ومَعْنَاها الَّذِي يَأْتِي بالفِضَّةِ.
ف ن خَ ر
الفَنْخِيرَةُ، أَهمله الجوهريّ، وَهُوَ بالكَسْرِ: الرَّجُلُ الكَثيرُ الافْتِخَارِ. قلتُ: الصَّوابُ أَنّه فِخِّيرَةٌ كسِكَّينَة، والهاءُ للمُبَالَغَةِ، وَقد أَوْرَدَه الصاغانيّ فِي ف خَ ر على الصَّواب، وصَحَّفَه المُصَنّف فَلْيُتَنَبَّه لذَلِك. والفِنْخِيرَةُ: شِبْهُ صَخْرَةٍ تَنْقَطِعُ، هَكَذَا فِي النّسخ، وَالصَّوَاب تَتَقلَّع كَمَا فِي اللّسَان هُنا، وَفِي التَّكْمِلَة فِي ف خَ ر فِي أَعْلَى جَبَلٍ فِيهَا رَخَاوَةٌ وَهِي أَصْغرُ من الفِنْديرَةِ. والفِنْخِرُ كزِبْرِجٍ: الصُّلْبُ الباقِي على النِّطَاحِ، بالطاءِ، هَكَذَا هُوَ على الصَّواب، وَفِي بَعْض النّسخ النّكَاح بالكافِ، ومثلُه فِي اللّسَان، وَهُوَ تصحيفٌ من النُّسَّاخ. وَعَن ابْن السِّكِّيت: رَجُلٌ فُنْخُرٌ وفُنَاخِرٌ، كقُنْفُذٍ وعُلابِطٍ: وَهُوَ العَظِيمُ الجُثَّةِ، وَهِي بهاءٍ وَذكره الصاغانيّ فِي ف خَ ر. وفَنْخَرَ الرَّجُلُ: نَفَخَ مِنْخَرَهُ الواسعَ، فَهُوَ فُنَاخِرٌ، كعُلابِطٍ، وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الفُنَاخِرُ: العَظِيمُ الأَنْفِ. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: يُقَال للمَرْأَةِ إِذا تَدَْحَرَجَتْ فِي مِشْيَتِهَا: إِنّهَا لَفُنَاخِرَةٌ. قَالَ ابنُ السِّكّيت، وأَنشدني بعضُ أَهْلِ الأَدَب:
(إِنَّ لَنَا لَجارَةً فُناخِرَهْ ... تَكْدَحُ للدُّنْيَا وتَنْسَى الآخِرَهْ)

3 - (ف ن د ر.)

(13/346)


ف ن د ر
الفِنْدِيرُ، بالكَسْرِ، والفِنْدِيرَة بهاءٍ: قِطْعَةٌ ضَخْمَةٌ من تَمْرٍ مُكْتَنِز، كالفِدْرَة، بالكَسْر. والفِنْدِيرُ والفِنْدِيرَةُ: الصَّخْرَةُ العَظِيمَةُ، كَذَا فِي الصّحاح. وعِبَارَةُ المُحْكم: تَنْقَلِعُ عَن عُرْضِ الجَبَلِ، وعِبَارَة الصّحاح: تَنْدُرُ من رَأْسِ الجَبَلِ. والجَمْعُ فَنَادِيرُ. قَالَ الشَّاعِر، فِي صِفَةِ الإِبِل: كأَنَّهَا مِن ذُرَا هَضْبٍ فَنَادِيرُ. قلتُ: وَقد تَقَدَّم فِي ف د ر الجَمْعُ بَين قَوْل المصنّف هُناك وَبَين قَوْلِ الجوهريّ هُنا، فراجِعْه. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفَنْدُورَةُ، قَالَ ابنُ الأَعْرَابيّ: هِيَ أُمُّ عِزْم وأُمُّ سُوَيْدٍ، يَعْنِي السَّوْأَةَ.
ف ن ز ر
. الفَنْزَر، كجَعْفَرٍ، أَهمله الجوهريّ، وَقَالَ اللّيْث: هُوَ بَيْتٌ صَغِيرٌ يُتَّخَذُ على رَأْسِ خَشَبَةٍ طُولُها نَحْوُ سِتِّينَ، ونَصّ اللّيث: طولُها سِتّونَ ذِرَاعاً للرَّبِيئَةِ، يَكُون الرَّجُلُ فِيهَا، هَكَذَا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ وصاحِبُ اللّسَانِ. قلتُ: وأَظُنّه مُعَرَّباً. وقولُ المصنّف نَحْوُ ستّيْنَ أَحَسْنُ من قَوْلِ اللّيْث ستّون فإِنّ هذِه الخَشَبَةَ لَيْسَ لَهَا سَمْك مُعَيَّن مَعْلُوم، وإِنَّمَا هُوَ تَخْمِينٌ وحَدْسٌ، كَمَا لَا يَخْفَى.
ف ن ق ر
. الفُنْقُورَةُ، كعُصْفُورَةٍ، أَهمله الجوهريّ، وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ ثَقْبُ الفَقْحَةِ، أَي أُمّ سُوَيْدٍ، كالفُنْقُورِ، بِلَا هاءٍ، وعَلى الأَخير اقْتَصَر الصاغانيّ نقلا عَن اللَّيْث، وعَلى الأَوّلِ صاحبُ اللّسَان وَلم يَعْزُه.
ف ور
. {فارَ الشَّيْءُ} فَوْراً، بالفَتْح، {وفُؤُوراً، بالضَّمِّ، وَكَذَلِكَ} فُوَاراً، كغُرَاب {وفَوَرَاناً، محرَّكةً: جاشَ.
} وفُرْتُه! وأَفْرَتُه، مُتَعَدِّيانِ عَن ابْن

(13/347)


الأَعرابيّ. {وفارَت القِدْرُ} تَفُورُ {فَوْراً} وفَوَرَاناً، إِذا غَلَتْ، وفارَ العِرْقُ {فَوَرَاناً، محرَّكَة: هَاجَ ونَبَعَ. وقولُه: ضَرَبَ وَهَمٌ من المصَنِّف، حَيْثُ عَطَفَه على مَا تَقدَّم، وإِنّمَا غَرَّه نَصُّ المُحكم، فإِنّه قَالَ بعد نَبَع: وضَرْبٌ} فَوّار: رَغيبٌ واسعٌ. فظَنَّ المصنّف أَنّه معطوفٌ على مَا قَبْلَه، فتَأَمَّلْ {وفارَ المِسْك} يَفُورُ {فُوَاراً بالضَّمّ،} وفَوَرَاناً محرّكَةً: انْتَشَرَ.
{وفَارَتُه: رائحَتُهُ. وقِيل: وِعَاؤُهُ. وأَمّا فأْرَةُ المِسْكِ، بالهَمْز، فقد تَقَدَّم ذِكرُها فِي ف أر.} وفارةُ الإِبِلِ: فَوْحُ جُلُودِهَا إِذا نَدِيَتْ بعدَ الوِرْد قَالَ الشَّاعِر:
(لَها {فَارَةٌ ذَفْراءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... كَمَا فَتَقَ الكافُورَ بالمِسْكِ فاتِقُهْ)
قَالَ الصاغانيّ: وفَارَةُ المِسْكِ وفَارَةُ الإِبِل، مَوْضِعُ ذِكْرِهما هَذَا التَرْكِيبُ. والمُصَنّف قد فَرَّق بَيْنَهما، فذَكَرَ فارَةَ المِسْك فِي الهَمْزِ، وفَارَةَ الإِبِلِ هُنَا، وكأَنّه لِمُنَاسَبَةِ أَنَّ الثانِيَ من} الفَوَرانِ قَطْعاً، وأَما الأَوّل فاختُلِفَ فِيهِ: فَقيل: إِنّ الحَيَوانَ الّذي نُسِبَ إِليه المِسْكُ على صُورَةِ الفَأْرَةِ، وَهُوَ مهموزٌ، فوَجَبَ إِيرادُه هُناك بهذِهِ المُنَاسَبَة. وَقد قَدَّمْنا ذِكْرَ فَارَةِ الإِبل هُناك فِي المُسْتَدْرَكات، فراجِعْه. {والفَائِرُ: المُنْتَشِرُ العَصَبِ، هَكَذَا فِي النُّسخ بالعَيْن والصادِ المُهْمَلَتين، وَهُوَ وَهَمٌ، والصَّواب: الغَضَب من الدَّوابِّ وغَيْرِهَا، كَمَا فِي اللّسان وَغَيره. ويُقَالُ: أَتَوْا من فَوْرِهِم، أَي مِنْ وَجْهِهم، وَبِه فَسَّرَ الزَّجّاجُ قولَه تَعَالَى: وَيَأْتُوكُمْ مِنْ} فَوْرِهِمْ هذَا. أَو قَبْلَ أَنْ يَسْكُنُوا، وَمِنْه قولُهم: ذَهَبْتُ فِي حاجَة ثمَّ أَتَيْتُ فلَانا من {- فَوْرِي، أَي قَبْلَ أَنْ أَسْكُنَ.} وفَوْرَةُ الجَبَلِ: سَرَاتُه ومَتْنُه، قَالَ الراعِي:

(13/348)


(فأَطْلَعَتْ {فَوْرَةَ الآجامِ جافِلَةً ... لَمْ تَدْرِ أَنَّى أَتَاهَا أَوَّلُ الذُعُرِ)
وأَبُو فَوْرَةَ جُدَيْرَةُ السُّلَمِىّ، وَفِي بعض النُّسَخ جُدَيْرٌ، بِغَيْر هاءٍ، وكِلاهُمَا بالجِيم. وَفِي التكملة حُدَيْرٌ، كزُبَيْر، بالمُهْمَلة.} والفَارُ: عَضَلُ الإِنْسَانِ، وَحَكَاهُ كُرَاع بالهَمْز، وَهَكَذَا ذكره الصاغانيّ فِي الهَمْز، وغَلطَ المصنِّف فذكَرَه فِي ف ت ر، وَقد نَبَّهْنا عَلَيْهِ هُنالك. وَمن كَلَامهم: بَرِّزْ نارَك، وإِنْ هَزَلْتَ {فارَك، أَي أَطْعِم الطَّعَامَ وإِن أَضْرَرْتَ ببَدنِك.} والفَوّارَتانِ: سِكَّتانِ بَيْنَ الوَرِكَيْنِ والقُحْقُحِ إِلى عُرْضِ الوَرِكِ لَا تَحُولانِ دُونَ الجَوْفِ، وهما اللَّتَانِ {تَفُورانِ فتَتحرَّكَانِ إِذَا مَشَى، أَو} الفَوّارَةُ: خَرْقٌ فِي الوَرِكِ إِلى الجَوْف لَا يَحْجُبُه عَظْمٌ. وَفِي الصّحاح: {فَوّارَةُ الوَرِك: ثَقْبُهَا. وَفِي التّكْمِلَة واللّسَان: قَالَ اللّيْث: لِلْكَرِش} فَوّارَتانِ، وَفِي باطِنِهما غُدَّتانِ من كُلّ ذِي لَحْم، ويَزْعُمُون أَنّ ماءَ الرَّجُل يَقَعُ فِي الكُلْيَةِ ثمّ فِي الفَوّارَة، ثمَّ الخُصْيَة، وتِلْك الغُدّة لَا تُؤْكَلُ، وَهِي لَحْمَةٌ فِي جوفِ لَحْمٍ أَحْمَر. انتَهى. وَلَكِن ضَبَطَ الصاغانيُّ فُوّارَتانِ، بالضَّمّ. والفَوّارَةُ: مَنْبَعُ الماءِ، قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: يُقال للمَوْجَةِ والبِرْكَة: فَوّارَةٌ، وكُلُّ مَا كانَ غَيْرَ الماءِ قيل لَهُ: فَوّارَة.
وَقَالَ فِي موضِعٍ آخَر: يُقال دَوّارَةٌ {وفَوّارَةٌ، لِكُلّ مَا لم يَتَحَرَّك وَلم يَدُرْ، فإِذا تَحَرَّكَ ودارَ فهِي دُوّارَةٌ وفُوّارَةٌ. والفَوَّارَةُ: ة بجَنْبِ الظَّهْرَانِ نَقله الصاغانيّ. (و) } الفُوَارَةُ بالضَّمّ والتَّخْفِيفِ: مَا يَفُورُ من حَرِّ القِدْرِ، كَذَا فِي الصِّحَاح.

(13/349)


{والفِيرَةُ، بِالكَسْرِ: الحُلْبَةُ تُخْلَط للنُّفَسَاءِ. وَقد} فَوَّرَ لَهَا {تَفْوِيراً، إِذا عَمِلَهَا لَهَا، وَقد تَقَدَّم ذَلِك فِي الهَمْز.} وفِيرَة، بِلَا لامٍ: جَدُّ والدِ إِبْرَاهِيمَ بنِ مُحَمّد بن حُسَيْنِ بنِ فِيرَةَ الأَصْبَهَانيّ المُحَدِّث رَوَى عَن الحُسَيْن بن القاسِمِ الأَصْبَهَانِيّ، وهنَّاد بنِ السَّرِيّ وغَيْرِهما. وبِضَمّ الراءِ المُشَدَّدَة: أَبُو القاسِم يُقَال: كُنَيْتُه اسْمُه، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّدٍ القاسمُ بن فِيرةْ بنِ خَلف ابنِ أَحمدَ الرُّعَيْنيّ الشّاطِبيّ ناظِمُ القَصيدة المَعْرُوفَة. قَالَ القَسْطَلانِيُّ فِي الْفَتْح المَواهِبِيّ فِي مَناقِب الإِمَام الشاطِبي: إِنّ مَعْنَى {فِيرُّهْ: الحَديدُ. حَدّثَ عَن أَبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأَبي الحَسَنِ عليِّ بنِ هُذَيْلٍ، وأَبي مُحَمّد عاشِرِ بنِ محمّدِ ابنِ محمّد بن عاشرٍ، وأَبِي عَبْد اللهِ محمّدِ بنِ يُوسُفَ بنِ سَعادَةَ. وآخِرُ من يَرْوِى عَنهُ فِي الدُّنيا المُعِينُ أَبو الفَضْلِ عبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّد بن عبدِ الوارِثِ بنِ الأَزْرَقِ. وتُوفِّيَ جُمادَى الثَّانِيَة سنة عَن خَمْس وخَمْسِينَ سنة. قَالَ: وَقد شارَكَهُ فِي اسْمِ أَبِيه أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ، وَهُوَ الحُسَيْن بن محمّد بنِ فِيرُّهْ المَعْرُوفُ بابْنِ سُكَّرَةَ. قلتُ: ويُوسُفُ بنُ مُحَمّدِ بنِ فِيرُّهْ الأَنْصَاريّ المَغْرِبِي، عَن قَاضِي)
المُرُسْتانِ. ويُوسُفُ بنُ عبدِ العَزِيزِ بنِ يُوسُفَ بن فِيرُّهْ اللَّخْمِيّ الحافِظُ، مَعْرُوف، وآخَرُون من المَغَارِبَةِ. فَفِي كَلَام المُصَنِّف قُصُورٌ لَا يَخْفَى.} والفُورُ، بالضَّمّ: الظِّباءُ، لَا واحِدَ لَها من لَفْظِهَا هَذَا قولُ يَعْقُوبَ وابنِ الأَعْرَابِيّ، وَهُوَ اخْتِيَار الجَوْهريّ. وَقَالَ كُرَاع: هُوَ جَمْعُ! فَائِر، كبازل وبُزْل، وَلم يَقْصِدْ بِهِ الرَّدَّ على الجَوْهَرِيّ كَمَا فَهِمَه شَيْخُنَا تَقْلِيداً للبَدْرِ القَرَافِيّ. قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:

(13/350)


لَا أَفْعَلُ ذَلِك مَا لأْلأَت الفُورُ بأَذْنَابِهَا: أَي بَصْبَصَتْ. ويُقَالُ الفائِرُ: ابنُ أَرْوَى.
(و) {الفُورَةُ، بهاءٍ، وَقد تُهْمَز: رِيحٌ تكون فِي رُسْغِ الفَرَسِ تَنْفَشُّ إِذا مُسِحَتْ وتَجْتَمِعُ إِذا تُرِكَتْ، قَالَه ابنُ دُرَيْد، وَقد تقدّم للمصنّف ذَلِك.} والفِيَارَانِ، بالكَسْرِ: حَدِيدَتَان تَكْتَنِفَانِ لِسَانَ المِيزَانِ. وَقد {فُرْتُه، عَن ثَعْلَب، قَالَ: ولَوْ لَمْ نَجِد الفِعْلَ لَقَضَيْنَا عَلَيْهِ بالوَاوِ كَذَا فِي الْمُحكم، أَي عَمِلْتُ لَهُ} فِيَارَيْنِ. وَقَالَ بعضُهم: {الفِيَارُ: أَحَدُ جانبَيْ حائِطِ لِسَانِ المِيَزانِ، ولِسَانُ المِيزَانِ: الحَدِيدَةُ الَّتِي يَكْتَنِفُهَا} الفِيَاراَنِ، والحَدِيدَةُ المُعْتَرِضَةُ الَّتِي فِيهَا اللِّسَانُ: المِنْجَمُ، والكِظَامَةُ: الحَلْقَةُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا الخُيوطُ فِي طَرَفَيِ الحَدِيدَةِ. ويُقَال: إِنّه {لَفَيُّورٌ كَعَيُّوقٍ: حَدِيدٌ، نَقله الصاغَانيّ.} وفَوْرٌ: ع باليَمَامَة، ويُضَمّ، والّذِي فِي التكملة: {والفَوْرُ. وَقيل: فُوْر. (و) } فوْرٌ، د، بساحِلِ بَحْرِ الهِنْدِ، مُعرَّب بُور، وَهُوَ اليَوْمَ بيَدِ النَّصَارى. {وفُورٌ، بالضَّمّ: اسْم جَمَاعَة من المُحَدِّثين، مِنْهُم: محمَّدُ بنُ الفَضْل ابنِ فُورٍ، عَن غُنْدُر، ومحمّدُ بنُ فُورِ بن عبدِ الله أَبو بَكْرٍ العامِرِيّ، سَمعَ يَحْيَى ابنَ يَحْيَى: وعليُّ بنُ محمّد بنِ أَحْمَدَ ابنِ عَلِيّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ فُورٍ، سَمعَ عبدَ الرَّحْمنِ بَن بِشْرٍ.
ومحمّدُ بنُ فُورِ بنِ هانِئ القُرَشِيُّ الخُرَاسَانِيُّ. وأَبو سَعِيد محمّدُ بنُ الحُسَيْن بنِ موسَى بنِ مَحْمُويَه بنِ فُورِ بنِ عبدِ الله السِّمْسَارُ، عَن ابْنِ خُزَيْمَةَ، وغَيْرُهم.} وفُورَانُ، بالضَّمّ: ة بهَمَذَانَ، بِالذَّالِ المُعْجَمَة محَرَّكَة هَكَذَا ضَبَطَه الصاغَانِيّ.! وفُورَانُ: اسْم جَمَاعَةٍ من

(13/351)


المُحَدِّثين: مِنْهُم محمّد بنُ إِبْرَاهِيمَ ابنِ فُورَانَ، سَمِعَ الذُّهْلِيّ. وَقَالَ الحافِظُ ابْن حَجَر: وفاؤُه قَرِيبَةٌ من الباءِ الموحَّدة. {وفُوفَارَةُ، بالضّمّ: ة بالسُّغْد، نَقَلَهُ الصاغَانيّ. ويُقَال للرَّجُل: فَارَ فَائرُهُ، إِذا غَضِبَ.
وثَارَ ثائِرُه، إِذا انْتَشَر غَضَبُه. وَلَا يَخْفَى لَوْ ذَكَرَه عِنْد الفائر فِي أَوّل المادةِ كانَ حَسَناً. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: ضَرْبٌ} فَوّارٌ، ككَتَّانٍ: رَغِيبٌ واسعٌ عَن ابنِ الأَعْرَابيّ وأَنشد:
(بضَرْب يُخَفِّتُ {فَوّارُه ... وطَعْن تَرَى الدَمَ مِنْهُ رَشِيشَا)

(إِذا قَتَلُوا مِنْكُمُ فَارِساً ... ضَمِنّاً لَهُ خَلْفَهُ أَنْ يَعِيشَا)
} وفارَ الماءُ من العَيْنِ: ظَهَرَ مُتَدفِّقاً ورأَيتُه فِي {فَوْرَةِ النَّهَارِ، أَي فِي أَوَّلِه.} وفَوْرُ الحَرِّ: شِدَّتُه.)
وَفِي الحَدِيث إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ من فَوْرِ جَهَنَّمَ، أَي وَهَجِها وغَلَيانِهَا. {وفَوْرَةُ العِشَاءِ: بَعْدَهُ. وقولُهم: مَا لَمْ يَسْقُط} فَوْرُ الشَّفَقِ هُوَ بَقِيةُ حُمْرَةِ الشَّمْس فِي الأُفُق الغَرْبيّ، سُمِّيَ فَوْراً لسُطُوعِه وحُمْرَتِه.
ويُرْوَى بالثاءِ، وَقد تَقَدّم. {وفَوْرَةُ الناسِ: مُجْتَمَعُهم وحَيْثُ يَفُورُون فِي أَسْوَاقِهِم.} وفَوْرُ العِرْقُ فِي الفَرَسِ: هُوَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ نَفْخٌ أَو عَقْدٌ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ، قَالَه ابنُ السِّكّيت. وشَرِبَ {فَوْرَةَ العُقارِ: وَهِي طُفَاوَتُهَا وَمَا فارَ مِنْهَا. وأَخَذْتُ الشيءَ} بفَوْرَتِه، أَي بحَدَاثَتِه. وَيُقَال: فَعَلْتُ أَمْرَ كَذَا وَكَذَا مِنْ {- فَوْرِى، أَي من ساعَتِي.} والفوْرُ: الوَقْتُ.

(13/352)


{والفُوْرَةُ: الكُوفَة عَن كُرَاع.} وفارُويَهْ: سِكَّةٌ بنَيْسَابُور. وإِلَيْهَا نُسِبَ أَبُو الحُسَيْنِِ مُحَمّد بنُ حُسَيْنِ بنِ يَعْقُوبَ بن ناصِحٍ النَّحْوِيّ {- الفَارُوييّ أَخَذَ عَن المُبَرّدِ وثَعْلَب.} وفَارُو: من عَمَلٍ نَسَفَ، مِنْهَا أَحمدُ بنُ عَليّ بنِ محمّدِ بنِ العَبّاسِ الأَنصارِيّ الفارُويِيّ، عَن أَبِي طاهِرِ بن مَحْمِش وغَيْرِهِ، وعَنْهُ عبدُ العَزِيزِ النَّخْشَبِيُّ. وأَبُو سَوْرَةَ هُمَيْمُ بن فائِدِ بن هُمَيْمٍ البَلْخِيُّ {- الفُورِيُّ، عَن عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ. وأَبو سَعِيد محمّدُ بنُ الحُسين بن مُوسَى بن فُورٍ السِّمسارُ الفُورِيّ، سَمِعَ أَبا بَكْرِ بنَ خُزَيْمَةَ. وأَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ محمّد بن أَحْمَد ابْن فُورٍ النَّيْسَابُورِيّ، عَن أَبي حاتِم الرازِيّ. وخَطّابُ بنُ عُثْمَانَ الفُورِيُّ. وأَبو القاسِمِ} - الفُورانِيّ شيخُ الشافِعِيَّة، مُحَدِّثانِ. وَفِي الحَدِيث ذِكْر جِبَال! فارانَ، وَهُوَ اسْمٌ لِجبالِ مَكَّةَ بالعِبْرانِيّ، لَهُ ذِكْر فِي أَعْلام النُبُوَّة، وأَلِفُه الأُولَى لَيْسَت بهَمْزَة قَالَه ابنُ الأَثِيرِ
. ف هـ ر
. الفِهْر، بالكَسْرِ: الحَجَرُ مُطْلَقاً. وقِيلَ: قَدْرَ مَا يُدَقُّ بِهِ الجَوْزِ ونَحُوه أَو قَدْرَ مَا يَمْلأُ الكَفَّ. قَالَ الفَرّاءُ: يُذكَّر ويُؤَنَّث، وَقَالَ اللّيْث: عامَّةُ العربِ تُؤنّث الفِهْرَ وتَصْغِيرُها فُهَيْرَةٌ قلتُ: وَقد وَقَعَ مذَكَّراً فِي قَوْلِ أُمّ جَمِيل لأَبِي بَكْر رَضِيَ الله عَنهُ: لَو وَجَدْتُ صاحِبَك لَشَدَخْتُ رَأْسَه بِهَذَا الفهْرِ هَكَذَا وَقَع كَمَا فِي الرَّوْض، ج أَفْهَارٌ وفُهُورٌ، وَكَانَ الأَصمعيّ يقولُ: فِهْرَةٌ وفهْرٌ كَمَا فِي الصّحاح.

(13/353)


وفِهْرٌ: قَبِيلَةٌ من قُرَيْش. وَهُوَ فِهْرُ بنُ مالكِ بن النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ، وقُرَيْشٌ كلُّهم يُنسَبُونَ إِليه. وَفِي الحَديث: أَنَّه نَهَى عَن الفَهْرِ، بالفَتْح، وَكَذَلِكَ الفَهَر بالتَّحْرِيك، مِثلُ نَهْرٍ ونَهَرٍ: وَهُوَ أَنْ تَنْكِحَ المَرْأَةَ ثمَّ تَتَحَوَّلَ عَنْهَا إِلى غَيْرِها قبلَ الفَرَاغِ فتُنْزِلَ. وَقد نُهِىَ عَن ذَلِك. فَهَرَ، كمَنَعَ، وأَفْهَرَ إِفْهَاراً. والفُهْرُ، بالضّمّ: مِدْراسُ اليَهُودِ الَّذِي تَجْتَمِعُ إِلَيْه فِي يَوْمِ عيدِهِم يُصَلّون فِيهِ أَو هُوَ يَوْمٌ يَأكلُون فِيهِ ويَشْرَبُون، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهِي كلمة نَبَطيَّةٌ، أَصْلُهَا بُهْر، أَعجميٌّ أُعْرِبَ بالفَاءِ، وَقيل: هِيَ عِبْرانِيَّة عُرِّبَت أَيضاً، والنَّصَارَى يَقُولُونَ: فُخْر. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: لَا أَحْسَبُ الفِهْرَ عَرَبياً صَحيحاً. وتَفضهَّرَ الرَّجُلُ فِي المالِ: اتَّسَعَ، كأَنّه مُبْدَلٌ من تَبَحَّرَ كتَفَيْهَر.
وفَهَّرَ الفَرَسُ تَفْهِيراً، وفَيْهَرَ وتَفَيْهَرَ: اعْتَرَاهُ بُهْرٌ وانْقِطَاعٌ فِي الجَرْيِ وكَلالٌ، أَو تَرادَّ عَن الجَرْيِ من ضَعْفٍ وانْقِطَاعٍ فِي الجَرْي، يُقَال: أَوَّلُ نُقْصَانِ حُضْرِ الفَرَسِ التَّرَادُّ ثمَّ الفُتُور ثمّ التَّفْهِير. ومَفَاهِرُك، بالفَتْح كَمَا هُوَ مضبوطٌ عندنَا، وَفِي بعض النُّسخ بالضَّمّ: لَحْمُ صَدْرك.
ونَاقَةٌ فَيْهَرَةٌ وفَيْهَرٌ: صُلْبَةٌ عَظيمة، وَفِي التكملة: شَدِيدَة. وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: متقدمّة، لُغَة يَمَانِيَة.
وعَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، كجُهَيْنَةَ: مَوْلى أَبي بَكْرٍ الصِّدّيق رَضِي الله تعالَى عَنهُ. قَالَ السُّهَيْلِيّ فِي الرَّوْضِ الأُنُف: وَكَانَ عبدا أَسْوَد لطُفَيْل بنِ الحارِثِ ابنِ سَخْبَرَةَ، اشتراهُ أَبو بَكْرٍ فأَعْتَقَه قبلَ دُخُول النَّبيّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسلّم دارَ الأَرْقَم، قَتلَه عامرُ بن الطُّفَيْل يومَ بئْرِ مَعْونَةَ، ورَفَعَتْهُ الملائكةُ فَلم يُوجَد فِي القَتْلَى. وأَفْهَرَ الرَّجُلُ: شَهِدَ عِيد

(13/354)


َ اليَهُود، وَهُوَ الفُهْرُ، بالضَّم أَوْ أَفْهَرَ: أَتى مِدْرَاسَهُم. وأَفْهَرَ الرَّجُلُ: اجْتَمعَ لَحْمُه زِيَماً زِيَماً وتَكَتَّلَ فكانَ مُعَجَّراً، وَهُوَ أَقْبَحُ السِّمَن. وأَفْهَرَ بَعِيرُه، إِذا أَبْدَعَ فأُبْدِعَ بِهِ، وأَفْهَرَ الرَّجُلُ: خَلاَ مَعَ جاريتِه لقضاءِ حاجَتِه، وجَارِيَتُه الأُخْرَى فِي البَيْت تَسْمَع حِسَّه، وَهُوَ الوَجْسُ والرِّكْز والحَفْحَفة المَنْهِىُّ عَنهُ، قَالَ ابنُ الأَعرابيّ، وَقَالَ أَيضاً: أَفْهَرَ الرجلُ، إِذا خَلا مَعَ جارِيَتِه ومَعَهُ فِي البَيْتِ أُخْرَى من جَوارِيه، فأَكْسَل عَن هَذِه أَي أَوْلَجَ وَلم يُنْزِل فَقَامَ من هذِه إِلى أُخْرَى فَأَنْزَلَ مَعهَا. وَقد نُهِىَ عَنهُ فِي الخَبَر. وأُفْهِرَت)
الجارِيَةُ، بالضّمّ: خُتِنَتْ وَفِي التَّكْمِلَةَ: خُفِضَت. والفَهِيرَةُ، كسَفِينَةٍ: مَحْضٌ يُلْقَى فيهِ الرَّضْفُ، فإِذا هُوَ غلَى ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ وسِيطَ بِهِ وأُكِلَ. وَقد حُكِيَتْ بِالْقَافِ. وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فَهَّرَ الرَّجُلُ تَفْهيراً: أَعْيَا. وتَفَهَّرَ الرَّجُلُ فِي الكَلامِ: اتَّسَع فِيهِ، كأَنَّه مُبْدَلٌ من تَبَحّرَ. وأَرْضٌ مَفْهَرَةٌ، بالفَتْح: ذاتُ أَفْهَارٍ. وفهرُويَهْ: اسمُ جَمَاعَة.

ف هـ د ر
. غُلامٌ فُهْدُر، كقُنْفُذٍ: مُمْتَلِئٌ رَيّانُ، وَهُوَ مَقْلُوبُ فُرْهُدٍ، هَكَذَا أَوْرَدَه الصاغانيّ فِي التكملة، وَلم يَعْزُه لأَحد.