تاج العروس (فصل النُّون مَعَ الرَّاء)
(نأر)
{نَأَرَتْ} نائِرَةٌ فِي النَّاس، كَمَنَع: هاجَتْ هائِجَةٌ، ويُقال:
{نارَتْ، بِغَيْر هَمْزٍ، قَالَ ابنُ سِيدَه: وأُراه بدَلاً.}
والنَّؤُور، كصَبور: دُخانُ الشَّحْم، والنِّيْلَنْج، عَن ابْن
الأَعْرابِيّ، وَسَيَأْتِي فِي نور.
(14/163)
(نبر)
نَبَرَ الحرفَ يَنْبِرُه بِالْكَسْرِ نَبْرَاً: هَمَزَه، وَمِنْه
الحَدِيث: قَالَ رجلٌ للنَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم يَا نَبِيءَ
الله، فَقَالَ: لَا تَنْبِرْ باسمي، أَي لَا تَهْمِز. وَفِي رِوَايَة:
إنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا نَنْبِر والنَّبْر: هَمْزُ الحرفِ، وَلم
تكُن قُرَيْش تَهْمِز فِي كلامِها، ولمّا حجَّ المَهدِيُّ قدَّم
الكِسائيَ يُصلِّي بِالْمَدِينَةِ فَهَمَز، فأنكرَ أهلُ المدينةِ
عَلَيْهِ وَقَالُوا: تَنْبِر فِي مَسْجِدِ رسولِ الله صلّى الله
عَلَيْهِ وسلَّم بِالْقُرْآنِ نَبَرَ الشيءَ: رَفَعَه، وَمِنْه
المِنْبَر، بِكَسْر الْمِيم، لمرْقاةِ الخاطِب، وسُمِّي لارتِفاعه
وعُلُوِّه، وَنقل شَيْخُنا عَن أوّل الْكَشَّاف أنّ النَّبْرَ رَفْعُ
الصوتِ خاصّة، وَكَلَام المصنِّف ظاهِرُه الْعُمُوم. نَبَرَه: زَجَرَه
وانْتَهَرَه، نَقله الصَّاغانِيّ. نَبَرَ الغلامُ: تَرَعْرع وارتفع.
نَبَرَ فلَانا بلسانِه: نَالَ مِنْهُ، يَنْبِرُه نَبْرَاً.
والنَّبَّار، كشَدَّاد: الفَصيحُ البليغُ بالكلامِ. قَالَ
اللِّحْيانِيُّ: النَّبَّار: الصَّيَّاح. وَقَالَ ابنُ الأَنْباريّ:
النَّبْرُ عِنْد الْعَرَب: ارتفاعُ الصَّوْت. يُقَال: نَبَرَ الرجلُ
نَبْرَةً، إِذا تكلّم بكلمةٍ فِيهَا عُلُوٌّ. والنَّبْرَة: وَسَطُ
النُّقْرَةِ فِي ظاهِر الشَّفة. والنَّبْرة: الْهمزَة. والمَنْبور:
المَهْموز. والنَّبْرة: الوَرَم فِي الْجَسَد، وَقد انْتَبَرَ الجسدُ:
ارْتَفع، والجرحُ وَرِمَ، وَفِي الحَدِيث: إنَّ الجُرحَ يَنْتَبِرُ فِي
رَأْسِ الحَوْل أَي يَرِم، وكلُّ مرتَفِعٍ من شيءٍ مُنتَبِرٌ. وكلّ مَا
رَفَعْتَه فقد نَبَرْته. نَبْرَةُ: إقليمٌ من عَمَلِ مارِدَةَ
بالأندلس، نَقله الصَّاغانِيّ. النَّبْرة: صَيْحَةُ الفَزع.
والنَّبْرَةُ من المُغَنِّي: رَفْعُ صَوْتِه عَن
(14/164)
خَفْضٍ، وَأنْشد ابنُ الأَنْباريّ:
(إنِّ لأَسْمَعُ نَبْرَةً من قَوْلِها ... فأكادُ أَن يُغشى علَيَّ
سُرورا)
وطَعنٌ نَبْرٌ: مُخْتَلَسٌ كَأَنَّهُ يَنْبِر الرُّمْحَ عَنهُ، أَي
يَرْفَعه بسُرعة، وَمِنْه قَوْلُ عليٍّ: اطْعَنوا النَّبْرَ وانْظروا
الشَّزْر. أَي اختَلِسوا الطَّعْن. النُّبَر، كصُرَدٍ: اللُّقَمُ
الضِّخام، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَأنْشد: أَخَذْتُ من جَنْبِ
الثَّريدِ نُبَرا نُبَيْر، كزُبَيْر: الرجلُ الكَيِّسُ كَأَنَّهُ
تَصْغِير نَبْرَة. نِبَّرُ كإمَّع: ة بِبَغْدَاد، نَقله الصَّاغانِيّ،
وَضَبطه ياقوتٌ بضمِّ النُّون وَتَشْديد الموَحَّدة الْمَفْتُوحَة،
قَالَ: وَهِي نبَطِيَّة، وإليها نَسَبَ أَبَا نَصْرِ الشَّاعِر الأُميّ
الْآتِي ذِكرُه، فليتأمَّل. النَّبِير)
كأمير: الجُبْن فارسيٌّ، وَلَعَلَّ ذَلِك لضِخَمِه وارتفاعه، حَكَاهُ
الهَرَوِيّ فِي الغريبَيْن. قلتُ: والمَشهور الْآن بِتَقْدِيم
الموَحَّدة على النُّون. النَّبور، كصَبور: الاسْت، عَن أبي الْعَلَاء،
قَالَ ابنُ سِيدَه: وأُرى ذَلِك لانْتِبار الأَلْيَتَيْن وضِخَمِهما.
والنَّبْر، بِالْفَتْح: القليلُ الحَياء، يَنْبِر الناسَ بلسانِه.
النِّبْر، بِالْكَسْرِ: القُراد، وَقيل: دُوَيْبَّة شِبه القُراد إِذا
دَبَّت على الَعير تَوَرَّمَ مَدَبُّها. وَقيل: هِيَ أصغرُ من القُراد
تَلْسَع فيَنْتَبِر موضعُ لَسْعَتِها ويَرِمُ، أَو ذُبابٌ، وَقيل: هُوَ
الحُرْقوص، أَو سَبُعٌ، قَالَ اللَّيْث: النِّبْر من السِّبَاع لَيْسَ
بدُبٍّ وَلَا ذِئْب. قَالَ أَبُو مَنْصُور: لَيْسَ النبْر من جِنس
السِّباع، إنّما هِيَ دابَّة أصغرُ من القُراد، قَالَ: وَالَّذِي
أَرَادَ الليثُ البَبْر بباءَيْن، وأحسَبه دَخيلاً، وَلَيْسَ من
(14/165)
كلامِ الْعَرَب. النِّبْر: القَصير
الْفَاحِش، نَقله الصَّاغانِيّ. والنِّبْر أَيْضا: اللَّئيم الَّذِي
يَنْبِر الناسَ بِلِسَانِهِ، ج، أَي جمع الكلّ أَنْبَارٌ ونِبارٌ،
بِالْكَسْرِ. قَالَ الراجز وذكرَ إبِلا سَمِنَت وحَمَلَت الشُّحوم:
(كأنّها من سِمَنٍ وإيفارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِبَاتُ
الأَنْبارْ)
يَقُول: كأنّها لَسَعَتْها الأَنْبارُ فوَرِمَتْ جُلودُها، قَالَه ابنُ
بَرّيّ. أَبُو نَصْرٍ منصورُ بنُ مُحَمَّد الواسطيُّ النَّبْرِيُّ،
بِالْكَسْرِ، الخَبَّاز، شاعرٌ مُفلِقٌ أمِّيٌّ بديعُ القَوْل، قَدِمَ
بَغْدَاد. روى عَنهُ الخطيبُ من شِعرِه. والأَنْبار: بَيْتُ التاجرِ
الَّذِي يُنَضَّدُ فِيهِ المَتاع، الواحِدُ نِبْرٌ بِالْكَسْرِ.
أَنْبَار: د، بالعراق قديمٌ على شاطئ الْفُرَات فِي غربيّ بَغْدَاد،
بَينهمَا عشرةُ فراسخ.
قَالُوا: وَلَيْسَ فِي الكلامِ اسمٌ مُفْرد على مِثَال الجمْع غير
الأَنْبار، والأَبْواء، والأَبْلاء، وَإِن جاءَ فإنّما يجيءُ فِي
أَسمَاء الْمَوَاضِع، لأنَّ شَواذَّها كثيرةٌ، وَمَا سِوى هَذِه فإنّما
يَأْتِي جَمْعَاً أَو صفة، كَقَوْلِهِم: قِدْرٌ أَعْشَارٌ، وثَوبٌ
أخْلاقٌ، وَنَحْو ذَلِك. الأنْبار: أَكْدَاسُ الطعامِ وأَهْرَاؤُه،
وَاحِدهَا: نِبْرٌ، كنِقْسٍ وأَنْقَاس، ويُجمع أنابير جمع الجمْع.
ويُسمّى الهُرْيُ نِبْراً لأنّ الطعامَ إِذا صُبَّ فِي مَوْضِعه
انْتَبَر، أَي ارْتَفع. الأنْبار: مَواضِعُ مَعْرُوفَة بينَ البَرِّ
والرِّيف. وأَنْبارُ: ة ببَلْخ، وَهِي قَصَبَة نَاحيَة جُوزَجان، وَهِي
على الْجَبَل، وَلها مياهٌ وكرومٌ وبساتينُ كثيرةٌ، مِنْهَا مُحَمَّد
بن
(14/166)
عليِّ الأَنْبارِيُّ المُحدِّث، هَكَذَا
فِي النّسخ، وَالصَّوَاب أَبُو الْحسن عليُّ بن مُحَمَّد الأَنْباريُّ،
كَمَا ضَبَطَه ياقوتٌ وجَوَّده، روى عَن القَاضِي أبي نَصْر الْحُسَيْن
بن عبد الله الشِّيرازِيّ، وَعنهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الحَجّاج
الدِّهِسْتانيّ. وسِكَّةُ الأَنْبار بمَرْو فِي أَعلَى الْبَدَل،
مِنْهَا أَبُو كبر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَبْدَوَيْه الأَنْباريّ،
قَالَ أَبُو سعد: قد وَهِمَ فِيهِ جماعةٌ من المُحدِّثين، مِنْهُم
أَبُو كاملٍ البَصيريّ، فَنَسَبوه إِلَى الْبَلَد الْقَدِيم، وَهُوَ
أَنْبَارُ بَغْدَاد، وَلَيْسَ بِصَحِيح، وَالصَّوَاب أنّه من سِكَّة
الأَنْبار. وأمّا البلدُ الْقَدِيم فقد نُسِب إِلَيْهِ خلقٌ كثيرٌ، من
أشهرهِم ابنُ الأَنْباريّ شارِح المُعَلَّقات السّبع وَغَيرهَا.
مَاتَ سنة وَهُوَ أَبُو كبر مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد
وَمِنْهُم سَديدُ الدِّين كاتبُ الْإِنْشَاء مُحَمَّد بن عبد
الْكَرِيم، وَابْنه مُحَمَّد بن مُحَمَّد وَمِنْهُم كَمَال الدّين عبد
الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله، وَمِنْهُم نَجْمُ الدّين شيخُ
المسْتَنْصِرية عبد الله بن أبي السَّعادات، وَمِنْهُم عبد الله بن عبد
الرَّحْمَن، وَمِنْهُم عليّ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، الأَنْباريُّون.
وَالْقَاضِي)
أَبُو العبّاس أَحْمد بن نصر بن الْحُسَيْن الأَنباريّ الشافعيّ، تولّى
نِيابةَ القَضاء بِبَغْدَاد. وانْتَبَر: انْتَفَط وَبِه فُسِّر حديثُ
حُذَيْفة أنّه قَالَ: تُقبَضُ الأمانةُ من قَلْبِ الرجل فيظَلّ أثَرُها
كأثرِ جَمْرٍ دَحْرَجَتْه على رِجلك تَراه منْتَبِراً وَلَيْسَ فِيهِ
شَيْء أَي مُنْتَفِطاً. فسَّره أَبُو عُبَيْد. وانْتَبَرَت يدُه:
تَنَفَّطَتْ. وَفِي حَدِيث عمر: إيَّاكم والتَّخَلُّلَ بالقَصَب فإنّ
الْفَم يَنْتَبِرُ مِنْهُ أَي يَنْتَفِط، انْتَبَرَ الخطيبُ وَكَذَا
الأميرُ: ارْتقى فوقَ المِنْبَر. وأَنْبَرَ الأَنْبارَ: بَناه، نَقله
الصَّاغانِيّ.
(14/167)
وقصائدُ مَنْبُورةٌ ومُنَبَّرَةٌ
كمُعَظَّمة أَي مَهْمُوزة. وَمِمَّا يُستدرَك عَلَيْهِ: الإنْبار،
بِالْكَسْرِ: مدينةٌ بجُوزَجان، مِنْهَا أَبُو الْحَارِث مُحَمَّد بن
عِيسَى الإنْباريّ، عَن أبي شُعَيْب الحَرَّانيّ، هَكَذَا ضَبَطَه
أَبُو سعد المالينيّ وَنَسَبه، نَقله الْحَافِظ. ونُبْر بالضمّ: ماءان
بنَجْدٍ فِي ديار عَمْرُو بن كلاب، عِنْد القارَةِ الَّتِي تُسمَّى
ذَات النِّطاق. هَكَذَا فِي مُخْتَصر البُلدان، وَضَبَطه أَبُو زِيَاد
كزُفَر، وَأَبُو نَصْر بضَمَّتَيْن، كَمَا فِي المعجم. وَنَبَروه
محرَّكة: قَرْيَة بإقليم السَّمَنُّودِيَّة، وَقد دخلتُها. ونَبَارة،
بِالْفَتْح: اسْم مَدِينَة أَطْرَابُلس الغَرْب، جَاءَ ذِكرُه فِي
كتابِ ابنِ عبد الحكم.
(نبذر)
النَّبْذَرَة، على فَعْلَلَة، أهمله الجَوْهَرِيّ وَصَاحب اللِّسان
والصَّاغانِيّ وَهُوَ التَّبذيرُ للمالِ فِي غيرِ حقِّه، والنونُ
أصليّة لأنّها فِي أوّل الْكَلِمَة لَا تزاد إِلَّا بثَبْت، أَو
النُّون زائدةٌ فوزنه إِذن نَفْعَلَة، فَالصَّوَاب ذِكرُه فِي فصل
الباءِ الموَحَّدة، لِأَنَّهَا من التبذير، كَمَا هُوَ ظَاهر.
(نتر)
النَّتْرُ: الجَذْب بجفاءٍ وقُوَّةٍ، نَتَرَه يَنْتُره نَتْرَاً
فانْتَتَر. النَّتْر: شَقُّ الثَّوبِ بالأصابع أَو الأَضْراس.
والنَّتْر: النَّزْعُ فِي القَوْس بشِدَّة. النَّتْر: الضّعْف فِي
الْأَمر والوَهْن. والإنسانُ يَنْتُر فِي مَشْيِه نَتْرَاً كأنّه
يَجْذِب شَيْئا. النَّتْرُ: الطَّعْنُ المُبالَغ فِيهِ، كأنّه يَنْتُر
مَا مرّ بِهِ فِي المطعون. قَالَ ابنُ سِيدَه: وأُراه وُصِف
بِالْمَصْدَرِ. وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: يُقال رَمْيٌ سَعْرٌ، وضَربٌ
هَبْرٌ، وطَعنٌ نَتْرٌ. وَفِي حَدِيث عليٍّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ
لأَصْحَابه: اطْعَنوا النَّتْر وَهُوَ من فِعلِ الحُذَّاق.
(14/168)
يُقَال: ضَرْبٌ هَبْرٌ، وطَعنٌ نَتْرُ.
قَالَه ابْن الأَعْرابِيّ. ويُروى بِالْبَاء، بدلَ التَّاء، وَقد ذُكِر
فِي مَوْضِعه. النَّتْر: تَغليظُ الْكَلَام وتَشديدُه، يُقَال: فلانٌ
يَنْتُر علَيَّ، إِذا أَفْحَشَ فِي الْكَلَام بحماقةٍ وغضبٍ. طَعْنٌ
نَتْرٌ، وَهُوَ مثْل الخَلْس يَخْتَلسُها الطاعنُ اختلاساً، قَالَه
ابْن السِّكِّيت، وَبِه فسّر ابْن الأَعْرابِيّ قولَ عليّ رَضِي الله
عَنهُ السَّابِق. النَّتْر: العُنْف والتَّشديد فِي الْأَمر. النَّتْر،
بِالتَّحْرِيكِ: الفِسادُ والضَّياع. قَالَ العَجّاج:
(واعْلمْ بأنَّ ذَا الجلالِ قد قَدَرْ ... فِي الكُتبِ الأُولى الَّتِي
كَانَ سَطَرْ)
أَمْرَكَ هَذَا فاجتَنِبْ مِنْهُ النَّتَرْ وَقد نَتِرَ الشيءُ كفَرِح:
فَسَدَ وضاعَ. وانْتَتَر: انْجَذَب، مُطاوع نَتَرَه نَتْرَاً.
واسْتَنْتَر الرجلُ من بَوْلِه: طَلَبَ نَتْرَ عُضوِه واجْتذبَه
واسْتَخرَج بَقِيَّتَه من الذَّكَر عندَ الاسْتِنْجاء، وَفِي الحَدِيث:
إِذا بَال أحدُكم فليَنْتُرْ ذَكَرَه ثلاثَ نَتَرَاتٍ يَعْنِي بعد
الْبَوْل، وَهُوَ الجَذْب بقُوّة. وَفِي الحَدِيث: أمَّا أحدُهما
فَكَانَ لَا يَسْتَنْتِرُ من بَوْلِه. قَالَ الشافعيّ فِي الرّجُل
يَسْتَبْرِئ ذَكَرَه إِذا بَال: أنْ يَنْتُره نَتْرَاً مرّةً بعدَ
أُخرى، كأنّه يَجْتَذِبُه اجْتِذاباً. وَفِي النِّهَايَة فِي الحَدِيث:
إنّ أحدَكُم يُعذَّبُ فِي قَبْرِه فيُقال: إنّه لم يكن يَسْتَنْتِرُ
عِنْد بَوْلِه. قَالَ: الاسْتِنْتار: اسْتِفْعالٌ من النَّتْر، يُرِيد
الحِرْصَ والاهْتِمام، أَي لم يكن حَريصاً عَلَيْهِ وَلَا مُهتمّاً
بِهِ، وَهُوَ بَعْثٌ على التَّطْهير والاستِبْراء من البَوْل. فِي
الصِّحَاح: قَوْسٌ ناتِرَةٌ: تَقْطَعُ وَتَرَها لصَلابَتِها، قَالَ
الشَّاعِر: قَطوفٌ برِجلٍ كالقِسِيِّ النَّواتِرِ قَالَ ابنُ بَرِّيّ:
البيتُ للشَّمَّاخ بن
(14/169)
ضِرارٍ يصفُ حمارا أَوْرَدَ أُتُنَه الماءَ
فلمّا رَوِيَت ساقَها سَوْقَاً عنيفاً خَوْفَاً من صائدٍ وَغَيره،
وصدرُه:
(فجالَ بهَا من خِيفةِ المَوتِ والِهاً ... وبادَرَها الخَلاَّتِ أيَّ
مُبادَرِ)
(يَزُرُّ القَطَا مِنْهَا ويُضرَبُ وَجْهُهُ ... بمُخْتَلِفاتٍ
كالقِسِيِّ النَّواتِرِ)
قَالَ: هَكَذَا الرِّوَايَة، وقولُه يَزُرُّ، أَي يَعضُّ. والقَطا:
مَوْضِع الرِّدْف. والخَلاَّت: الطرقُ فِي الرَّمْل. يَقُول: كلّما عضّ
الحمارُ أَكْفَالَ الأُتُنِ نَفَحَتْه بأرْجُلِها. وألمَّ بِهِ
الصَّاغانِيّ بعضَ إلْمامٍ ولكنْ قَالَ فِيمَا بعد: والضميرُ فِي
يَعضُّ لفَحلٍ) ذَكَرَه، محلُّ تأَمُّل. وَفِي المُحكَم: القِسِيُّ
النَّواتِر: هِيَ المُنقَطِعة الأوتار، وَفِي تَهْذِيب ابْن القَطّاع:
وَنَتَرت القِسِيُّ أوتارَها: قَطَعَتْها. والنَّتْرة: الطَّعْنةُ
النافِذَة، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. وكَلَّمْتُه مُناتَرَةً، أَي
مُجاهَرَة. وَمِمَّا يُستدرَك عَلَيْهِ: النَّتْرُ فِي المَشْي:
الاعْتِماد، كالانْتِتار. وَنَتَر الوَتَر: مَدَّه بقوَّة.
والنَّتْرَة: الغضبُ والتَّهَوُّر. والإمامُ أَبُو عبد الله مُحَمَّد
بن عبد الْملك بن عليّ بن عبد الْملك القَيْسِيّ المَنْتورِيّ، حدَّث
عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن يَحْيَى بن جابرٍ الغَسَّانيّ، وَأبي
زكريّا يَحْيَى بن اَحْمَد بنِ القَسّ الرُّنْديّ، وَأبي عبد الله
مُحَمَّد بن سعيد الرُّعَيْنيّ الفاسيّ، وغيرِ هَؤُلَاءِ.
ونَتْرَبُون، بِالْفَتْح: قريةٌ بِمصْر، من أَعمال الدَّنْجاوِيّة.
(نثر)
نَثَرَ الشيءَ يَنْثُرُه، بالضمّ،
(14/170)
ويَنْثِرُه، بِالْكَسْرِ، نَثْرَاً،
بِالْفَتْح، ونِثاراً، بِالْكَسْرِ: رَماه بيدِه مُتَفَرِّقاً، مثل
نَثْرِ الجَوْزِ واللَّوْز والسُّكَّر، وَكَذَلِكَ نَثْرُ الحَبِّ إِذا
بُذِرَ. ودُرٌّ مَنْثُور. كنَثَّرَه تَنْثِيراً فانْتَثَر وتَنَثَّر
وتَناثَر، ودُرٌّ مُتَناثِر، ومُنَثَّر كمُعَظَّم، شُدِّد للكثرة.
وَيُقَال: شَهِدْتُ نِثارَ فلانٍ، وكنّا فِي نِثاره، بِالْكَسْرِ،
وَهُوَ اسمٌ للفِعل، كالنثر. والنُّثارَة، بالضمّ، والنَّثَرُ
بالتَّحريك: مَا تَناثَر مِنْهُ، أَو الأُولى تُخَصُّ بِمَا يَنْتَثِرُ
من المائدةِ فيُؤكل للثَّواب، خصَّه بِهِ اللَّحْيانيّ. وَفِي
التَّهْذِيب: والنُّثار: فُتَات مَا يَتَناثَر حوالَيِ الخِوانِ من
الْخبز وَنَحْو ذَلِك من كلِّ شَيْء. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: النُّثَار،
بالضمّ: مَا تَناثَر من الشَّيْء. وَقيل: نُثارَةُ الحِنطَةِ والشَّعير
وَنَحْوهمَا: مَا انْتَثَر مِنْهُ. وشيءٌ نَثَرٌ: مُنْتَثِر،
وَكَذَلِكَ الْجَمِيع: فإهمال المصنِّف النُّثار أمرٌ غَرِيب، وَقد
جمعهَا الزَّمَخْشَرِيّ فَقَالَ: والتقط نُثارَ الخِوان، بالضمّ،
ونُثارَتَه، وَهُوَ الفُتاتُ المُتَناثِر حولَه. من المَجاز:
تَناثَروا: مرِضوا فماتوا، وَفِي الأساس: مَرِضوا فتَناثَروا مَوْتَاً.
منَ المَجاز: النَّثور، كصَبور: الامرأةُ الكثيرةُ الوَلَدِ وَكَذَلِكَ
الرجُل، يُقَال رجلٌ نَثورٌ وامراةٌ نثور، وَسَيَأْتِي للمصنّف قَرِيبا
ذَلِك فِي قَوْله: وَنَثَر الكلامَ والولَد: أَكْثَره. وَقد نَثَرَت
ذَا بَطْنِها، وَنَثَرت بَطْنَها. وَفِي الحَدِيث: فلمّا خلا سِنِّي
وَنَثَرْتُ لَهُ ذَا بَطْنِي أَرَادَت أنّها كَانَت شابَّةً تَلِدُ
الْأَوْلَاد عندَه. وَقيل لامرأةٍ: أيُّ البُغاةِ أحبّ إليكِ فَقَالَت:
الَّتِي إنْ غَدَتْ بَكَرَتْ. وإنْ حدَّثَتْ نَثَرَتْ. وكل ذَلِك مَجاز
(14/171)
منَ المَجاز: النَّثُور: الشاةُ تَعْطِس
وتَطْرَحُ من أَنْفِها الْأَذَى كالدُّود، كالنَّاثِر، وَقد نَثَرَتْ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: النَّافِر والنَّاثِر: الشاةُ تَسْعُل فيَنْتَثِرُ
من أَنْفِها شيءٌ. منَ المَجاز: النَّثُور: الشاةُ الواسِعةُ الإحْليل
كأنّها تَنْثُر اللَّبَنَ نَثْرَاً، وَبِه فُسِّر حَدِيث أبي ذَرٍّ:
أيُواقِفُكم العَدُوُّ حَلْبَ شاةٍ نثور والنَّيْثُران، كرَيْهُقان،
والنَّثِر، ككَتِف، والمِنْثَر، كمِنْبَر: الكثيرُ الْكَلَام، والأُنثى
نَثِرَة، فَقَط. والأُولى ذَكَرَها الصَّاغانِيّ. قد نَثَرَ الكلامَ
وَكَذَلِكَ الوَلَدَ إِذا أَكْثَرَه، فَهُوَ نَثُورٌ، فِي الْأَخير،
ومِنْثَرٌ ونَثِرٌ ونَيْثَران، فِي الأوّل. وكلُّ ذَلِك مجَاز. منَ
المَجاز: النَّثْرَة، بِالْفَتْح: الخَيْشوم وَمَا وَالَاهُ، قَالَ
ابْن الأَعْرابِيّ: النَّثْرَة: طَرَفُ الأنْفِ، أَو هِيَ الفُرْجَة
مَا بَيْنَ الشارِبَيْنِ حِيالَ وَتَرَةِ الأنفِ، وَكَذَلِكَ هِيَ من
الأسَد، وَقيل: هِيَ أَنْفُ الأسَد، وَهُوَ مَجاز. مِنْهُ النَّثْرَة:
كَوْكَبان بَيْنَهما قَدْرُ شِبْرٍ وَفِيهِمَا لَطْخُ بَياضٍ)
كأنّه قِطعةٌ سَحاب، وَهِي أَنْفُ الأسَد يَنْزِلُها القمرُ، كَذَا فِي
الصّحاح. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: كأنّ الأسَد مَخَطَ مَخْطَةً. وَفِي
التَّهْذِيب: النَّثْرَة: كوكبٌ فِي السَّماءِ كأنّه لَطْخُ سَحابٍ
حِيالَ كَوْكَبَيْن تُسمِّيه العربُ نَثْرَة الْأسد. وَهِي من مَنازِل
الْقَمَر، قَالَ: وَهِي فِي علم النُّجوم من بُرجِ السَّرَطان. قَالَ
أَبُو الْهَيْثَم: النَّثْرَة: أَنْفُ الأسدِ ومَنْخراه، وَهِي
ثَلَاثَة كواكبَ خِفِيَّة مُتقارِبَة، والطَّرْفُ: عَينا الْأسد
كَوْكَبان، الجَبْهَةُ أمامها وَهِي أربعةُ كواكب. منَ المَجاز: أَخَذَ
دِرْعاً فَنَثَرها على نَفْسِه، أَي صبَّها، وَمِنْهَا النَّثْرَة،
وَهِي الدِّرْعُ السَّلِسَةُ المَلْبَس أَو الواسعة، وَيُقَال لَهَا
نَثْرَةٌ ونَثْلَةٌ. قَالَ ابْن جنّي: يَنْبَغِي أَن تكون الراءُ فِي
النَّثْرَة بدَلاً من اللَّام، لقَولهم: نَثَلَ عَلَيْهِ دِرْعَه، وَلم
يَقُولُوا نَثَرَها، وَاللَّام
(14/172)
أعمُّ تَصَرُّفاً وَهِي الأَصْل، يَعْنِي
أنّ بَاب نَثَلَ أكثرُ من بابِ نَثَرَ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابه فِي
السِّلاح: النَّثْرَة والنَّثْلَة: اسمٌ من أسماءِ الدُّروع، قَالَ:
وَهِي المَنْثُولة وَأنْشد:
(وضاعَفَ مِن فَوْقِها نَثْرَةً ... تَرُدُّ القَواضِبَ عَنْهَا
فُلولا)
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: النَّثْل: الأدْراع يُقَال: نَثَلَها عَلَيْهِ
وَنَثَلها عَنهُ، أَي خَلَعَها، ونَثَلَها عَلَيْهِ، إِذا لَبِسَها.
قَالَ الجَوْهَرِيّ: يُقَال نَثَرَ دِرْعَه عَنهُ، إِذا أَلْقَاهَا
عَنهُ، وَلَا يُقَال نَثَلَها. قلتُ: وَالَّذِي قَالَه أَبُو عُبَيْدة
فِي كتاب الدِّرْع لَهُ مَا نصّه: وللدِّرْع أسماءٌ من غيرِ لفظِها،
فَمن ذَلِك قَوْلُهم: نَثْلَة، وَقد نَثَلْتُ دِرْعي عني، أَي
ألقيْتُها عني، وَيَقُولُونَ: نَثْرَة، وَلَا يَقُولُونَ نَثَرْتُ عنّي
الدِّرْع، فتراهم حَوَّلوا اللامَ إِلَى الرَّاء كَمَا قَالُوا:
سَمَلْت عَيْنَه وسَمَرْت عَيْنَه. ونُرى أنّ النَّثْلَة هِيَ الأَصْل،
لأنّ لَهَا فِعْلاً وَلَيْسَ للنُّثْرَة فِعلٌ. انْتهى، وَهُوَ يُخالف
مَا ذهب إِلَيْهِ الجَوْهَرِيّ وأُرى الزَّمَخْشَرِيّ قد اشتقَّ من
النَّثْرَةِ فِعلاً، فتأمَّل. النَّثْرَةُ للدوابِّ: شِبه العَطْسَة
وَفِي حَدِيث ابنِ عبَّاس: الجَرادُ نَثْرَةُ الحُوتِ أَي عَطْسَتُه
وَفِي حَدِيث كَعْب: إنّما هُوَ نَثْرَةُ حُوتٍ. والنَّثير، كأمير
للدَّوابِّ وَالْإِبِل كالعُطاسِ لنا، زادَ الأَزْهَرِيّ. إلاّ أَنه
لَيْسَ بغالب، ولكنّه شيءٌ يَفْعَله هُوَ بأنفِه، وَقد نَثَرَ الحمارُ،
وَهُوَ يَنْثِر نَثِيراً، وَأنْشد ابْن الأَعْرابِيّ:
(فَمَا أَنْجَرَتْ حَتَّى أَهَبَّ بسُدْفَةٍ ... عَلاجيمَ عَيْرِ
ابْنيْ صُباح نَثِيرُها)
واسْتَنْثَرَ الإنْسان: اسْتَنْشَقَ الماءَ ثمَّ اسْتَخْرَج ذَلِك
بنَفْسِ الْأنف، وَهُوَ مَجاز، كانْتَثَر، وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ:
الاسْتِنْثار هُوَ الاسْتِنْشاق وتَحريكُ النَّثْرَةِ وَهِي طَرَفُ
الْأنف.
(14/173)
وَقَالَ الفَرَّاء: نَثَرَ الرجلُ
وانْتَثَر واسْتَنْتثَر، إِذا حرَّك النَّثْرَةَ فِي الطَّهارة. قَالَ
الأَزْهَرِيّ: وَقد رُوي هَذَا الحرفُ عَن أبي عُبَيْد أَنه قَالَ فِي
حَدِيث النبيِّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: إِذا تَوَضَّأْتَ فأَنْثِر،
من الإنْثار، إنّما يُقَال: نَثَرَ يَنْثِر، وَنَثَر يَنْتَثِر
وانْتَثَر يَسْتَنْثِر. وَفِي حديثٍ آخر: إِذا تَوَضَّأَ أحدُكم
فليَجْعل الماءَ فِي أَنْفِه ثمَّ ليَنْثِرْ قَالَ الأَزْهَرِيّ:
هَكَذَا رَوَاهُ أهلُ الضَّبْطِ لألفاظِ الحَدِيث. قَالَ: وَهُوَ
الصَّحِيح عِنْدِي.
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: فأَنْثِرْ، بقَطعِ الألفِ لَا يَعْرِفه أهلُ
اللُّغَة. وَقَالَ ابنُ الأَثير: نَثَرَ يَنْثِر، بِالْكَسْرِ، إِذا
امْتَخَط، واسْتَنْثَر، اسْتَفْعَل مِنْهُ: اسْتَنْشَق الماءَ ثمَّ
استخرجَ مَا فِي الْأنف، ويُروى: فأَنْثِرْ، بِأَلف مَقْطُوعَة، وأهلُ
اللُّغَة لَا يُجيزونه.)
والصَّوابُ بألفِ الْوَصْل. قلت: ووُجِد بخطِّ الأَزْهَرِيّ فِي
حَاشِيَة كِتَابه فِي الحَدِيث: من توضَّأَ فليَنْثِر بِالْكَسْرِ.
يُقَال: نَثَرَ الجَوز والسُّكَّر يَنْثُر، بِالضَّمِّ، وَنَثَر من
أَنْفِه يَنْثِر، بِالْكَسْرِ لَا غير. قَالَ: وَهَذَا صَحِيح، كَذَا
حَفِظَه علماءُ اللُّغَة.
وَقَالَ بعضُ أهل الْعلم: إنّ الاسْتِنْثارَ غَيْرُ الاستِنْشاق، فإنّ
الاسْتنشاق هُوَ إدْخال الماءِ فِي الْأنف. والاستنثار هُوَ اسْتِخراج
مَا فِي الْأنف من أَذَى أَو مخاط، ويدلُّ لذَلِك الحَدِيث: أنّ
النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم كَانَ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا، فِي
كلِّ مرِّةٍ يَسْتَنْثِر فَجعل الاسْتِنْثار غيرَ الِاسْتِنْشَاق.
ويَقرُب من ذَلِك قَوْلُ مَن فسَّره باستِخراج نَثِير الماءِ بنفَسِ
الْأنف. والمِنْثار، بِكَسْر الْمِيم: نَخْلَةٌ يَتَنَاثَرُ بُسْرُها.
وَفِي الأساس: تَنْفُضُ بُسْرَها، كالنَّاثِر، وَهُوَ مَجاز. منَ
المَجاز: قولُ الشَّاعِر:
(إنَّ عَلَيْهَا فارِساً كَعَشَرَهْ ... إِذا رأى فارِسَ قَوْمٍ
أَنْثَرَهْ)
(14/174)
قَالَ الجَوْهَرِيّ: طَعَنَه فَأَنْثرَه،
أَي أَرْعَفَه. وَقَالَ غيرُه: طَعَنَه فَأَنْثرَه عَن فرسِه:
أَلْقَاهُ على نَثْرَتِه، أَي خَيْشُومِه، وذكرَهما الزَّمَخْشَرِيّ
فِي الأساس إلاّ أَنه قَالَ فِي الأوّل: ضَرَبَه، وَفِي الثَّانِي:
طَعَنَه. أَنْثَر الرجلُ: أَخْرَجَ مَا فِي أَنْفِه من الْأَذَى
والمُخاط عِنْد الوُضوء مثل نَثَرَ يَنْثِر، بِالْكَسْرِ، نَقله
الصَّاغانِيّ، أَو أخرجَ نَفَسَه من أَنْفِه، وَكِلَاهُمَا مَجاز.
وَقد عَلِمْتَ مَا فِيهِ من أقوالِ أئمّة اللُّغَة، فإنّهم لَا يُجيزون
ذَلِك إلاّ أنّه قلَّدَ الصَّاغانِيّ. قيل: أَنْثَر: أَدْخَلَ الماءَ
فِي أَنْفِه، كانْتَثَر واسْتَنْثَر، وَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْد أئمّة
اللُّغَة، وَقد تقدّم مَا فِيهِ ونَبَّهْنا على أنّ الصَّحِيح أنّ
الاسْتِنْثارَ غيرُ الاسْتِنْشاق. منَ المَجاز: المُنَثَّر، كمُعَظَّم:
الرجلُ الضَّعيفُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، شُدّد للكثرة. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: دُرٌّ نَثير ومُنَثَّر ومَنْثُور. وانْتَثَرَتِ
الكَواكِبُ: تفَرَّقت أَو تَناثَرت كالحَبِّ. والنَّثِرُ، ككَتِف:
المُتساقِط الَّذِي لَا يَثْبُت، هَكَذَا فسَّر ابنُ سِيدَه مَا
أنْشدهُ ثَعْلَبٌ:
(هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ ... مُوشِكُ السَّقْطَةِ ذُو لُبٍّ
نَثِرْ)
ووجَأَه فَنَثَر أمعاءَه: وَهُوَ مَجاز. والنَّثَر، بِالتَّحْرِيكِ:
كَثْرَةُ الكلامِ وإذاعةُ الْأَسْرَار. وَيَقُولُونَ: مَا أَصَبْنا من
نَثَرِ فلانٍ شَيْئا، وَهُوَ اسْم المَنْثور من نَحْو سُكَّرٍ
وفاكِهَةٍ، كالنّثَار. وَنَثَر يَنْثِر، بِالْكَسْرِ، إِذا امْتَخَط.
والنَّثْرُ: هُوَ الكلامُ المُقَفَّى بالأسْجاع ضدّ النَّظْم. وَهُوَ
مَجاز، على التَّشْبِيه بنَثْرِ الحَبِّ إِذا بُذِر. والمَنْثور:
نَوْعٌ من الرَّياحين. وَفِي الوَعيد: لأَنْثُرَنَّكَ نَثْرَ الكَرِشِ.
وَيُقَال: نَثَرَ كِنانَتَه فَعَجَم عِيدانَها
(14/175)
عُوداً عُوداً فَوَجَدني أَصْلَبَها
مَكْسِراً فرماكمْ بِي. وَنَثَر قِراءَته: أَسْرَع فِيهَا. وتفرَّقوا
وانْتَثَروا وتَنَثَّروا. ورأيتُه يُناثِره الدُّرَّ، إِذا حاورَه
بكلامٍ حسنٍ. وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن المَنْثور
الجُهَنِيّ الكُوفيّ مَاتَ سنة وابنُه أَبُو طاهرٍ الحَسَن، روى عَنهُ
ابنُ عَسَاكِر. وَنَثْرَةُ، بِالْفَتْح: مَوْضِعٌ، نَقله الصَّاغانِيّ.
والنَّثُور، كصَبُور: الاسْت. وروى الزَّمَخْشَرِيّ فِي ربيع
الْأَبْرَار عَن أبي هُرَيْرةَ رَضِي الله عَنهُ: كَانَ من دُعائِه:
اللَّهُمَّ إنّي أسأَلُك ضِرْساً طَحُوناً، ومَعِدَةً هَضوماً ودُبُراً
نَثُوراً. وَنَثْرة، بِالْفَتْح: مَوْضِع ذَكَرَه لبيد بنُ) عُطارِدِ
بن حاجِب بن زُرارة التَّميميّ وَقَالَ:
(تَطاوَلَ ليلِي بالإثْمدَيْنِ ... إِلَى الشَّطْبَتَيْن إِلَى
نَثْرَهْ)
قَالَه ياقوت.
(نجر)
النَّجْر: الأصْل والحَسَب، كالنِّجَار والنُّجار، بِالْكَسْرِ والضمّ،
هَكَذَا فِي نسختنا. وَفِي بَعْضهَا كالنّجار، بِالْكَسْرِ والضمّ.
يُقَال النَّجْر: اللَّوْن، وَمِنْه المَثَل فِي المُخَلَّط قَوْل
الشَّاعِر:
(كلُّ نِجَارِ إبلٍ نِجارُها ... ونارُ إبْلِ العالَمِينَ نارُها)
هَذِه إبلٌ مَسْرُوقةٌ من آبالٍ شَتَّى، وفيهَا من كلِّ ضَرْب ولوْن.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: أَي فِيهِ كلُّ لونٍ من الأخْلاق. وَلَا يَثْبُت
على رَأْي نَقَلَه عَن أبي عُبَيْدة، ونصُّه: وَلَيْسَ لَهُ رَأْي
يَثْبُت عَلَيْهِ.
(14/176)
النَّجْر: أَن تضُمَّ من كَفِّك بُرْجُمَةَ
الإصْبعِ الْوُسْطَى ثمَّ تَضْرِب بهَا رَأس أحد، قَالَه اللَّيْث،
وَنَقله ابنُ القَطَّاع فِي التَّهْذِيب. والزَّمَخْشَرِيّ فِي الأساس،
والصاغاني فِي التكملة. وَقد نَجَرَهُ نَجْرَاً، إِذا جَمَعَ يَدَه
ثمَّ ضَرَبَه بالبُرْجُمَةِ الوُسطى. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: لم
أَسْمَعْهُ لغَيْر اللَّيْث، وَالَّذِي سَمِعْناه: نَحَزْتُه بِالْحَاء
وَالزَّاي إِذا دَفَعْته ضَرْبَاً، كَذَا فِي اللِّسان، وَنَقله
الصَّاغانِيّ أَيْضا. قَالَ اللَّيْث: النَّجْر: نَحْتُ الخَشَب،
نَجَرَه يَنْجُره نَجْرَاً. وَقَالَ غيرُه: النَّجْر: القَطْع، قَالَ:
وَمِنْه نَجَرَ العُودَ نَجْرَاً، وعُودٌ مَنْجُور: نَجَرَه النَّجّار.
النَّجْر: القَصْد، وَمِنْه المَنْجَر بِمَعْنى المَقْصِد،
وَسَيَأْتِي. قَالَ ابنُ سِيدَه: النَّجْر: الحَرُّ، قَالَ الشَّاعِر:
(ذَهَبَ الشتاءُ مُوَلِّياً هَرَبَاً ... وأَتَتْكَ وافِدَةٌ من
النَّجْرِ)
النَّجْر: سَوْقُ الإبلِ شَدِيدا. يُقَال: نَجَرَ الإبلَ يَنْجُرها
نَجْرَاً: ساقَها سَوْقَاً شَدِيدا. قَالَ الجَوْهَرِيّ: نَجْرٌ:
عَلَمُ أرضَيْ مكَّة والمَدينة شرَّفهما اللهُ تَعَالَى. منَ المَجاز:
النَّجْر: المُجامَعَة، وَقد نَجَرَها نَجْرَاً: نَكَحَها. النَّجْر:
اتخاذُ النَّجيرة.
يُقَال للْمَرْأَة: انْجُري لصِبْيانك ولرِعائِك، أَي اتَّخِذي لَهُم
النَّجيرةَ من الطَّعام. النَّجْر، بِالتَّحْرِيكِ: عَطَشُ الإبلِ
والغنَمِ عَن أَكْلِ الحِبَّةِ، وَهِي بُزور الصَّحرَاء، فَلَا تكَاد
تَرْوَى من الماءِ فَتَمْرَضُ عَنهُ فتموت. وَهِي إبلٌ نَجْرَى
ونَجارى، كسَكْرى وسَكارى، ونَجِرَةٌ، كفَرِحَة. يُقَال: نَجِرَت
الإبلُ ومَجِرَتْ أَيْضا. وَقد ذُكر فِي محلِّه. قَالَ أَبُو مُحَمَّد
الفَقْعَسِيُّ:
(حَتَّى إِذا مَا اشتَدَّ لُوبانُ النَّجَرْ ... وَرَشَفتْ ماءَ
الإضاءِ والغُدُرْ)
(14/177)
(ولاحَ للعينِ سُهَيْلٌ بِسَحَرْ ...
كشُعلَةِ القابِسِ يَرْمِي بشَرَرْ)
يصفُ إبِلا أَصَابَهَا عطشٌ شَدِيد. واللُّوبان: شِدَّةُ العَطَش،
قَالَ يَعْقُوب: وَقد يُصيب الإنسانَ النَّجَر، وَقَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: النَّجَر والنَّجَران: العَطشُ وشدَّةُ الشُّرْب. وَقيل:
هُوَ أَن تمتلئَ بَطْنُه من شُربِ الماءِ واللَّبَنِ الحامِض فَلَا)
يَرْوَى من المَاء، وَقد نَجِرَ نَجَرَاً فَهُوَ نَجِر. والنُّجارة،
بِالضَّمِّ: مَا انتحت من الْعود عِنْد النجر وصاحبة النجار وحرفتة
النجار بِالْكَسْرِ على الْقيَاس والنجران بِالْفَتْح الخَشَبَة
الَّتِي تَدُور فِيهَا رِجلُ الْبَاب. قَالَ الشَّاعِر:
(صَبَبْتُ الماءَ فِي النَّجْرانِ صَبَّا ... تَرَكْت البابَ لَيْسَ
لَهُ صريرُ)
وَهَكَذَا قولُ ابْن دُرَيْد، وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: يُقَال لأنفِ
البابِ الرِّتاج، ولدَرَوَنْدِه: النَّجْران، ولمِتْرِسِه: النِّجاف.
نَجْرَان، بِلَا لامٍ: ع بِالْيمن يُعَدُّ من مَخاليف مكّة، فُتح سنةَ
عَشْرٍ من الهجرةِ صُلْحاً على الفيءِ، سُمِّي بنَجْران بن زَيْدَان بن
سبإ. قلت: إِن كَانَ المُراد بسبإ هُوَ عبد شمسِ بن يَشْجُب بنِ
يَعْرُب بن قَحْطَان فَوَلَدُه حِمْيَرٌ وكَهْلانُ باتِّفاق
النَّسَّابة. وَقَالَ قومٌ من النَّسَّابين: ومراءُ بن سبإٍ وَهُوَ
أَبُو شَعْبَان وصَريحان، قبيلتان وَلَيْسَ لسبإ ولَدٌ اسْمه زَيْدَان.
وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ سبأ الْأَصْغَر فَمِنْ ولدِه زَيْدُ بن
سَدَد بن زُرْعة بن سبإ. فَلْينْظر، ثمّ رَأَيْت ياقوتاً ذهبَ فِي
المُعجَم إِلَى مَا ذهبْت إِلَيْهِ، وتوقّف فِي سِيَاق هَذَا
(14/178)
النَّسَبِ على الوجهِ المتقدِّم بعد أنْ
نَسَبَه إِلَى كتاب ابْن الكَلْبِيّ. قَالَ: وَفِي كتاب غيرِه:
نَجْرَان بن زَيْدِ بن سبأ. قلت: وَفِي نَجْرَان هَذَا يَقُول
الأخْطَل:
(مِثل القَنافِذِ هَدَّاجونَ قد بَلَغَتْ ... نَجْرَانُ أَو بَلَغَتْ
سَوآتِهِم هَجَرُ)
القافِيةُ مَرْفُوعَة، وإنّما السَّوْاة هِيَ الْبَالِغَة. إِلَّا أَنه
قَلبهَا وَيَقُول الْأَعْشَى:
(وكَعْبَة نَجْرَانَ حَتْمٌ عَلَي ... كِ حَتَّى تُناخي بأَبْوابِها)
(نَزورُ يَزيدَ وعبدَ المَسيحِ ... وقَييْساً همُ خير أَرْبَابِها)
قَالَ ياقوت: وكَعبةُ نَجْرَانَ هَذِه بِيعَةٌ بَناها عبدُ المَدَان بن
الدَّيَّان الحارثيُّ على بِناءِ الكعبةِ وعظَّموها وَكَانَ فِيهَا
أساقِفَةٌ مُقيمون. نَجْرَان: ع بالبَحْرَيْن، قيل وَإِلَيْهِ نُسِبَت
الثِّيابُ النَّجْرانِيَّة. وَفِي الحَدِيث: أنّه كُفِّنَ فِي ثلاثةِ
أَثْوَابٍ نَجْرَانِيَّة قيل: إِلَى نَجْرَان هَذَا، وَقيل: إِلَى
نَجْرَان الْيمن. نَجْرَان: ع بحَوْران قُربَ دمشق، وَهِي بِيعَةٌ
عظيمةٌ عامرةٌ حَسنةٌ مبنيةٌ على العَمَد الرَّخام منمَّقةٌ
بالفُسَيْفِساءِ، وَهُوَ موضعٌ مُبارَكٌ يَنْذِر لَهُ الْمُسلمُونَ
والنَّصارى، قيل: مِنْهُ يَزيد بن عبد الله بن أبي يَزيد، يُكْنى أَبَا
عبد الله، من أَهْلِ دمشق، روى عَن الْحُسَيْن بن ذَكْوَان وَالقَاسِم
بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَعنهُ يحيى بن حَمْزَة وسُوَيْد بن عبد
الْعَزِيز وهِشام بن الْغَاز وحُمَيْدٌ قيل: هُوَ شيخٌ لأبي إِسْحَاق،
النَّجْرانِيَّان، أَو هُوَ أَي حُمَيْدٌ من غيرِها، هَكَذَا فِي
النّسخ، وصوابُه: من غيرِه.
(14/179)
وفاتَه: بِشْرُ بن رافِع النَّجْرانيّ، عَن
يحيى بن أبي كَثير، وَعنهُ عَبْدُ الرزّاق، ذكره الْحَافِظ وَلم
يَنْسِبْه إِلَى أيّ نَجْرَان. قلتُ: وَهُوَ من نَجْرَان الْيمن،
وكُنْيَتُه أَبُو الأَسْباط، هَكَذَا نسبه الحازميّ، ويُنسب إِلَى
نَجْرَان الْيمن أَيْضا محمدُ بن عَمْرُو بن حَزْم الأنصاريّ قَتيل
الحَرَّة، لأنّه وُلِد بهَا فِي حَيَاة رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ
وسلَّم، روى عَنهُ ابْنه أَبُو بكر. وَمن نَجْرَان الْيمن عُبَيْد الله
بن العبّاس بن الرَّبيع النَّجْرانيّ، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم
البَيْلَمانيّ، وَعنهُ محمدُ بن بكر بن خَالِد النَّيْسابوريّ.
نَجْرَان:) ع بينَ الكُوفةِ وواسِط، على يَوْمَيْن من الْكُوفَة، ولمّا
أُخرِج نَصارى نَجْرَان مِنْهَا أُسكِنوا هَذَا الْموضع وسُمِّي باسم
بلدِهم الأوّل. والنَّوْجَر: الخَشَبَة الَّتِي يُكرَب بهَا الأَرْض.
قَالَ ابنُ دُرَيْد: لَا أحسبها عربيّةً مَحْضَةً. قَالَ أَيْضا:
المَنْجُور فِي بعضِ اللُّغَات: المَحَالَةُ الَّتِي يُسْنى عَلَيْهَا.
والنَّجِيرَة، كسَفِينة: سَقيفةٌ من خشبٍ ليسَ فِيهَا قَصَبٌ، قَالَه
اللَّيْث، ونصّ عبارتِه: لَا يُخالِطُها قَصبٌ وَلَا غيرُه.
النَّجيرَة: لَبَنٌ يُخلَط بطَحين، أَو لَبَنٌ حَليبٌ يُجعَل عَلَيْهِ
سَمْنٌ، وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: هِيَ العَصيدَة، ثمَّ النَّجيرة،
ثمَّ الحَسْوُ. النَّجيرَة: النَّبْتُ القصيرُ الَّذِي عجزَ عَن
الطُّول. يُقَال: لأَنْجُرَنَّ نَجيرتَك: أَي لأَجْزِيَنَّ جَزاءَك،
عَن ابْن الأَعْرابِيّ. أحَدُ شَهْرَيْ ناجِر: رَجَبٌ أَو صَفَرٌ،
سُمِّي بذلك لِأَن المَال إِذا وَرَدَ شَرِبَ الماءَ حَتَّى يَنْجَر،
أنْشد ابْن الأَعْرابِيّ:
(صَبَحْناهُم كَأْسَاً من المَوتِ مُرَّةً ... بناجِرَ حتّى اشتدَّ
حَرُّ الوَدائقِ)
(14/180)
وَقَالَ بعضُهم: إنّما هُوَ بناجَر،
بِفَتْح الْجِيم، وجمعُها نَواجِرُ. وَقَالَ المُفضَّل: كَانَت العربُ
تَقول فِي الجاهليّة للمُحرَّم مُؤْتَمِرٌ ولِصَفَرٍ ناجرٌ ولربيعٍ
الأوّل: خَوَّان. وَفِي اللِّسان: ويزعمُ قومٌ أَن شَهْرَيْ ناجِر
حَزيران وتَمُّوز، وَهُوَ غَلطٌ، إنّما هُوَ وَقْتُ طُلُوع نَجْمَيْن
من نُجُوم القَيْظ. قيل: كلُّ شَهْرٍ من شُهورِ الصَّيْفِ ناجِرٌ،
لِأَن الإبلَ تَنْجَرُ فِيهِ، أَي يشتَدُّ عطشُها حَتَّى تَيْبَس
جلودُها. قَالَ الحُطَيْئَة:
(كنِعاجِ وَجْرَةَ ساقَهُنَّ ... إِلَى ظِلالِ السِّدْرِ ناجِرْ)
من أمثالِهم: أَثْقَلُ من أَنْجَرَة. الأَنْجَر: مِرْساةُ السَّفِينَة،
فارسيّ. وَفِي التَّهذيب: هُوَ اسمٌ عِراقيٌّ، وَهُوَ خَشَبَاتٌ
يُخالَف بَينهَا وبينَ رؤوسِها، وتُشَدُّ أوساطُها فِي موضعٍ واحدٍ،
ثمَّ يُفرَغُ بَينهَا الرَّصاص المُذاب فَتَصِير كصَخْرة. ورؤوس الْخشب
ناتئةٌ تُشَدُّ بهَا الحِبالُ وتُرسَل فِي الماءِ إِذا رَسَتْ رَسَتِ
السَّفينةُ فأقامَتْ، مُعرَّب لَنْكَر، كجَعْفَر. وَالْكَاف مَشوبٌ
بِالْجِيم. والمِنْجار: لُعبَةٌ للصِّبيان يَلْعَبون بهَا، قَالَ:
(والوَرْدُ يَسْعَى بعُصْم فِي رِحالِهِمُ ... كأنّه لاعِبٌ يَسْعَى
بمِنْجارِ)
أَو الصوابُ المِيجار، بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة، كَمَا سَيَأْتِي،
وتقدّمت الإشارةُ إِلَيْهِ أَيْضا فِي أجر. وبَنو النَّجَّار،
كشَدَّاد: قبيلةٌ من الْأَنْصَار وَهُوَ تَيْمُ اللهِ بن ثَعْلَبةَ بن
عَمْرُو بن الخَزْرَج، وإنّما سُمِّي النَّجَّارَ لأنّه نَجَرَ وَجْهَ
إنسانٍ، يُقَال لَهُ العِتْر، بقَدُومٍ فَقَتَله. وهم أَعنِي بني
النَّجَّار أخوالُ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم، من قِبَلِ
جَدِّه عبد
(14/181)
المُطَّلَب، لأنّ أمَّ عبد المُطَّلِب
سَلْمَى بنت عَمْرُو بن زَيْد بن لَبيد بن خِداش بن حَرَاَم بن جُنْدَب
بن عامِرِ بن غَنْم بن عَدِيِّ بن النَّجَّار، قَالَه ابنُ الجوّانيّ
فِي المقدِّمة. والمَنْجَر، كمَقْعَد: المَقْصَدُ الَّذِي لَا يَحور
وَلَا يَعْدِل عَن الطَّريق، قَالَ حُصَيْن بن بُكَيْر الرَّبَعِيُّ:
(إنِّي إِذا حارَ الجَبَانُ الهِدَرَهْ ... رَكِبْتُ من قَصْدِ
الطَّريق مَنْجَرَهْ)
)
قَالَ الصَّاغانِيّ: هَكَذَا روى الأَزْهَرِيّ مَنْجَره، بالنُّون،
والرِّواية الصَّحِيحَة عِنْدِي مَثْجَرة، بالثاء المُثَلَّثَة،
والمَثْجَرَة والثُّجْرَة: المَوضِعُ العَريضُ من الْوَادي أَو
الطَّرِيق. والإنْجار، بِالْكَسْرِ: لغةٌ يمانِية فِي الإجَّار
بِمَعْنى السَّطْح.
والنُّجَيْر، كزُبَيْر: حِصْنٌ مَنيع قُربَ حَضْرَمَوْت، لجأَ إِلَيْهِ
أهلُ الرِّدَّة مَعَ الأشعَثِ بن قَيْسٍ أَيَّام أبي بكرٍ، رَضِي الله
عَنهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
(وأَبْتَعِثُ العِيسَ المَراسيلَ تَغْتَلي ... مَسافةَ مَا بَيْنَ
النُّجَيْرِ وصَرْخَدا)
وَقَالَ أَبُو دَهْبَل الجُمَحِيُّ:
(أَعَرَفْتَ رَسْمَاً بالنُّجَيْ ... رِ عَفَا لزَيْنَبَ أَو لِسارَهْ)
(لعَزيزةٍ من حَضْرَمَوْ ... تَ على مُحَيَّاها النَّضارَهْ)
نُجَيْر: ماءَةٌ فِي ديارِ بَني سُلَيْم قُربَ صُفَيْنة. والنِّجَارَةُ
ككِتابَة: ماءَةٌ أُخرى بحذائها كِلْتاهما بمُلوحةٍ لَيست بالشَّديدة،
وَهِي على يَوْمَين من مكّة. نِجَار، ككِتاب: ع، عَن العِمْرانيّ،
نُجَار كغُراب: ع بِبِلَاد تَمِيم، وَقيل: من مِيَاههمْ، وَمَاء
(14/182)
ٌ بالقُرْبِ من صُفَيْنة حِذاءَ جَبَلِ
السِّتَار فِي ديار سُلَيْم، عَن نَصْر. والنَّجْراءُ: ع، قَالَ ابنُ
حبيب: قُتِل بِهِ الوَليدُ بنُ يَزيد بنِ عبدِ الْملك، كَذَا نَقَلَه
الصَّاغانِيّ. قلتُ: وَهُوَ بالقُربِ من دمشق، وَذَلِكَ فِي سنةِ سِتٍّ
وعِشرينَ وَمِائَة. قَتَلَه عبدُ الْعَزِيز بنُ الحجَّاج بن عبدِ
الْملك، أرْسلهُ إِلَيْهِ يزيدُ بن الوليدِ بن عبد الْملك، ودعا إِلَى
نَفْسِه، وَلم يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَدَفَنه هُنَاكَ. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: النَّجْر: الطَّبْع واللَّوْن وشَكْل الإنْسان وهيْئَتُه.
قَالَ الأخْطَل:
(وَبَيْضاءَ لَا نَجْرُ النَّجاشِيِّ نَجْرُها ... إِذا الْتَهَبَتْ
مِنْهَا القَلائِدُ والنَّحْرُ)
والنَّجْرُ: القَطْع، قيل: وَمِنْه النَّجَّار. والنَّجْر: الدَّقّ،
وَمِنْه المِنْجار، بِالْكَسْرِ، للهاوُن، هَكَذَا ذَكَرَه صاحبُ
اللِّسَان، وَلَكِن أوردَه ابنُ القطّاع فِي نحز بالنُّون والحاء
وَالزَّاي ولعلّ هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَقد تَصَحَّف على صَاحب
اللِّسان. وَيُقَال: ماءٌ مَنْجُور، أَي مُسَّخَن، وَقد نَجَرَه.
والمِنْجَرَة: حَجَرٌ مُحْمىً يُسَخَّن بِهِ الماءُ، وَذَلِكَ الماءُ
نَجيرَةٌ.
والنَّجَران: العَطَش، ورجلٌ مِنْجَرٌ، كمِنْبَر: شديدُ السَّوْقِ
للإبلِ. قَالَ الشَّمَّاخ: جَوَّابُ لَيْلٍ مِنْجَرُ العَشِيَّاتْ
ونُجَّيْرٌ، مُصغَّراً مشَدَّداً: ماءةٌ فِي ديار تَميم. وأَنْجَرنا:
صِرْنا فِي ناجِر، وَهُوَ أشدُّ الحَرّ. وعبدُ الله بنُ عبد الله بن
نَجْرَان، بِالْفَتْح، البَصْرِيّ، شيخٌ لأبي عاصمٍ النَّبيل. وعبدُ
الرَّحْمَن بن أبي نَجْرَان، من الشِّيعة.
(14/183)
وعليّ بن مُحَمَّد المَنْجورِيُّ، عَن
شُعْبَة، وَعنهُ عبد الصَّمَد بن الفَضْل البَلْخِيّ، إِلَى مَنْجُور،
قريةٍ من قُرى بَلْخ، ذكره أَبُو عبد الله مُحَمَّد بنُ جَعْفَر
الوَرَّاق البَلْخيُّ فِي تَارِيخه. ونَجيرُ، كأمير: قريةٌ بِمصْر من
الدَّقَهْلِيَّة. ومَنْجُوران: قريةٌ بَينهَا وَبَين بَلْخَ فَرْسَخان.
وناجِرَة، بِكَسْر الْجِيم: مدينةٌ فِي شرقيِّ الأنْدَلُس من أَعمال
تُطِيَلة هِيَ الْآن بيد الإفرَنْج.)
(نحر)
نَحْرُ الصَّدْرِ: أعْلاه. وَقيل: النَّحْر: هُوَ الصَّدْر بنَفْسِه،
كالمنْحور، بالضمّ، قَالَ غَيْلان:
(يَسْتَوْعِبُ البُوعَيْنِ من جَريرِهِ ... من لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى
مُنْحُورِهِ)
قَالَ الصَّاغانِيّ: ويُروى: حُنْجُوره، ويروى مُنْخُوره، بِالْخَاءِ
مُعجَمَةً. أَو النَّحْر: مَوْضِعُ القِلادةِ من الصَّدر، وَهُوَ
المَنْحَر، مُذَكَّر لَا غير، صَرَّح بِهِ اللَّحْيانيّ، ج نُحور، لَا
يُكَسَّر على غيرِ ذَلِك. نَحَرَه، يَنْحَره، كَمَنَعه، نَحْرَاً
بِالْفَتْح، وتِنْحاراً بِالْكَسْرِ: أصابَ نَحْرَه. ونَحَرَ البَعيرَ
يَنْحَرُه نَحْرَاً: طَعَنَه فِي مَنْحَره حَيْثُ يَبْدُو الحُلْقوم من
أَعلَى الصَّدْر. وَجَمَلٌ نحيرٌ، كأمير، من جِمالٍ نَحْرَى، كَسَكْرى،
ونُحَراء، بالضمّ مَمْدُوداً، ونَحائر، وناقةٌ نَحيرٌ ونَحيرةٌ من
أَنْيُقٍ نَحْرَى ونُحَراء ونَحائر. ويومُ النَّحْر: عاشِرُ ذِي
الحِجَّة الحَرام يَوْم الأضْحى، لأنّ البُدْنَ تُنحَر فِيهِ. يُقَال:
انْتَحَر الرجلُ، إِذا نَحَرَ، أَي قتلَ نَفْسَه. وَفِي مَثل: سُرِقَ
السارقُ فانْتَحَر. وَهُوَ مَجاز. منَ المَجاز: انْتَحَر القومُ على
الأمرِ،
(14/184)
إِذا تَشاحُّوا عَلَيْهِ وَحَرَصوا فكادَ
بَعْضُهم يَنْحَرُ بَعْضَاً، أَي يَقْتُل، كَتَنَاحروا. وَيُقَال:
تَناحَروا فِي القِتالِ كَذَلِك، وَلكنه مُستَعمَل فِي حَقِيقَته.
والناحِرَتان: عِرْقان فِي اللَّحْيِ، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسَخ.
وَفِي اللِّسَان، فِي النَّحْر، كالنَّاحِران، وَفِي بعضِ النّسخ:
كالنَّاحِرَيْن، وَفِي الصّحاح: عِرْقان فِي صَدْرِ الفَرَس. فِي
المُحكَم: النَّاحِرَتان: ضِلْعان من أضْلاعِ الزَّوْر، أَو هما
الواهِنَتان. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: الناَّحِرَتان:
التَّرْقُوَتان من الإبلِ والناسِ وَغَيرهم. وَقَالَ أَبُو زَيْد:
الجَوانِحُ: أَدْنَى الضُّلوع من المَنْحَر، وفيهِنّ الناحِرات، وَهِي
ثلاثٌ من كلِّ جَانب، ثمَّ الدَّأَيات، وَهِي ثلاثٌ من كلِّ شِقٍّ،
ثمَّ يبْقى بعدَ ذَلِك سِتٌّ من كلِّ جَانب مُتَّصِلاتٌ بالشَّراسيف
لَا يُسمُّونَها إلاَّ الأَضْلاع، ثمَّ ضِلَعُ الخَلْف وَهِي أواخرُ
الضُّلوع. منَ المَجاز: جاءَ فِي نَحْرِ النهارِ ونَحْرِ الشَّهْرِ،
أَي أولِه، وَكَذَلِكَ نَحْر الظهيرة، كالناحِرة، وَفِي حَدِيث
الْإِفْك: حَتَّى أَتَيْنا الجيشَ فِي نَحْرِ الظَّهيرة، وَهُوَ حينَ
تَبْلُغ الشمسُ مُنتهاها من الِارْتفَاع، كَأَنَّهَا وصلتْ إِلَى
النَّحْر، ج نُحور. والنَّحيرة كسَفينة: أوّلُ يومٍ من الشَّهْر أَو
آخِره، لأنّه يَنْحَر الَّذِي يَدْخُل بَعْدَه. وَقيل: لأنّها تَنْحَر
الَّتِي قَبْلَها، أَي تَسْتَقْبِلُها فِي نَحْرِها. وَفِي الحَدِيث:
أنّه خرجَ وَقد بَكَّروا بصلاةِ الْأَضْحَى فَقَالَ: نَحَروها
نَحَرَهُم الله أَي صَلُّوها فِي أوّل وَقْتِها، من نَحْرِ الشهرِ
وَهُوَ أوّلُه. وَقَالَ ابنُ الْأَثِير: وقولُه: نَحَرَهم الله،
يحْتَمل أَن يكون دُعاءً لَهُم أَي بَكَّرَهم الله بِالْخَيرِ كَمَا
بَكَّروا بِالصَّلَاةِ فِي أوّل وَقْتِها، ويُحتمل أَن يكون دُعَاء
عَلَيْهِم بالنَّحْر والذَّبْح لأنّهم غَيَّروا وَقْتَها. أَو
النَّحِيرة: آخِرُ ليلةٍ مِنْهُ مَعَ يَوْمِها، لأنّها تَنْحَر
(14/185)
ُ الَّذِي يَدْخُل بَعْدَها، أَي تصير فِي
نَحْرِه، فَهِيَ ناحِرةٌ، فَعِيلَة بِمَعْنى فاعِلة، قَالَ ابنُ أحمرَ
الباهليُّ:
(ثمَّ اسْتَمَرَّ عليهِ واكِفٌ هَمِعٌ ... فِي ليلةٍ نَحَرَتْ
شَعْبَانَ أَو رَجَبَا)
قَالَ الأَزْهَرِيّ: مَعْنَاهُ أَنه يَسْتَقبِل أوّل الشَّهْر،
وَيُقَال لَهُ ناحِر، كالنَّحير، وَبِه فسِّر مَا أنْشدهُ ثَعْلَب:)
(مَرْفُوعةٌ مِثلُ نَوْءِ السِّمَا ... كِ وافَقَ غُرَّةَ شَهْرٍ
نَحِيرا)
وَقَالَ ابنُ سِيدَه: أُرى نَحيراً فَعيلاً بِمَعْنى مَفْعُول، ج
ناحِراتٌ ونَواحِر، نادِران. قَالَ الكُمَيْت يَصِف فِعْلَ الأَمْطار
بالدِّيار:
(والغَيْثُ بالمُتَأَلِّقا ... تِ منَ الأَهِلَّةِ فِي النَّواحِرْ)
منَ المَجاز: الدَّارانِ تَتَنَاحَران، أَي تَتَقَابَلان، يُقَال:
مَنازلُ بني فلانٍ تَتَنَاحَر، أَي تَتَقَابَل. وَقَالَ الفَرَّاءُ:
سمعتُ بعضَ العربِ يَقُول: مَنازلُهم تَتَنَاحَرُ، هَذَا بنَحْرِ
هَذَا: أَي قُبالَتُه، قَالَ: وأنشدني بعضُ بني أَسد:
(أَبَا حَكَمٍ هَل أنتَ عَمُّ مُجالِدٍ ... وسَيِّدُ أَهْلِ الأَبْطَحِ
المُتَناحِرِ)
وَنَحَرَت الدارُ الدارَ، كَمَنَع: استَقْبَلَتْها، فَهِيَ تَنْحَرها،
وَكَذَلِكَ ناحَرَتْ، وَهُوَ مَجاز. نَحَرَ الرجلُ فِي الصَّلَاة:
انْتَصَبَ ونَهَدَ صَدْرُه، وَبِه فَسَّر بعضٌ قَوْلُهُ تَعالى:
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ أَو نَحَرَ الرجلُ فِي الصَّلاةِ، إِذا
وضعَ يَمينَه على شِمالِه، وَبِه فُسِّرت الآيَة. قَالَ ابنُ سِيدَه:
وأُراها لُغَة شَرْعِيَّة، وَقيل مَعْنَاهَا: وانْحرِ البُدْنَ،
وَقَالَ طائفةٌ: أُمِرَ بنَحرِ النُّسُك بعد الصلاةِ. قَالَ فِي
البَصائر: فَفِيهِ تحريضٌ على فَضْل هذَيْن الرُّكْنَيْن، وفِعلِهما،
فإنّه
(14/186)
لَا بدّ من تَعاطيهما فإنّه واجبٌ فِي كلِّ
مِلَّة. وَقيل أُمِر بوضعِ اليدِ على النَّحْرِ. قلتُ: وَقَالَ ابنُ
القَطَّاع: نَحَرَ الرجلُ: قامَ فِي الصَّلَاة فرفعَ يَدَيْه عِنْد
ذَلِك. أَو نَحَرَ: انْتَصَبَ بنَحرِه إزاءَ القِبْلَة وَلم يَلْتَفِت
يَميناً وَلَا شِمالاً. وَقَالَ الفَرَّاءُ فِي معنى الْآيَة: أَي
استَقْبِلْ القِبْلَةَ بنَحْرِك. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: النَّحْر:
انتِصابُ الرجلِ فِي الصَّلَاة بِإِزَاءِ المِحْراب. وَقَالَ فِي
البَصائر: وَقيل: فِيهِ حَثٌّ على قَتْلِ النَّفْس بقَمعِ الشَّهوة
وكفِّ النَّفسِ عَن هَواهَا. فحاصِلُ مَا ذُكِر من الْأَقْوَال
سَبْعَةٌ، وَزَاد الصَّاغانِيّ فَقَالَ عَن قوم: وانْحَر، أَي استقبِلْ
نَحْرَ النَّهَار، أَي أوّله. فصارتْ الأقوالُ ثَمَانِيَة. منَ
المَجاز: النِّحْرُ والنِّحْرير، بكسرِهما: الحاذِقُ الماهِرُ العاقِلُ
المُجرِّب، وَقيل: النِّحْرير: الرجلُ الطَّبِن المُتقِن الفَطِن
البَصيرُ بكلّ شيءٍ، مأخوذٌ من قَوْلهم: نَحَرَ الأمورَ عِلماً، أَي
لأنّه يَنْحَرُ العلمَ نَحْرَاً، وَالْجمع النَّحارير، وسُئلَ جَريرٌ
عَن شُعراءِ الْإِسْلَام قَالَ: نَبْعَةُ الشِّعْرِ للفرَزْدَق. قيل:
فَمَا تركتَ لنفْسك قَالَ: أَنا نَحَرْتُ الشِّعرَ نَحْرَاً. قَالَه
الزَّمَخْشَرِيّ. وبَرَقَ نَحْرُه: لقبُ رجلٍ، كتأَبَّطَ شرَّاً،
وذَرَّى حَبَّاً، وغيرِهما. منَ المَجاز: مُنْتَحَرُ الطَّرِيق:
سَنَنُه الواسِعُ البَيِّن. من كَلَام الْعَرَب: إِنَّه لمِنْحارٌ
بَوائِكُها، أَي يَنْحَرُ سِمَانَ الْإِبِل، وَهُوَ للمُبالَغة، يُوصَف
بالجُود. والمَنْحَر: المَوْضِع الَّذِي يُنحَر فِيهِ الهَدْيُ وغيرُه،
وَالْجمع المَناحِر. ومسجِدُ النَّحْرِ معروفٌ بمِنىً، وَكَذَلِكَ
المَنْحَر بهَا. منَ المَجاز: تَناحَروا عَن الطَّرِيق: عدَلوا عَنهُ،
كَذَا فِي الأساس. يُقَال: لَقِيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً نَحْرَةً،
مُنَوَّنات، أَي عِياناً، نَقله
(14/187)
الصَّاغانِيّ، وَقد سبق ذِكرُ كلٍّ من
صَحْرَة وبَحْرَة فِي محلّهما. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
النَّحيرَةُ: المَنْحُورة. والناحِر: أوّل الشَّهْر. وَنَحَر الصلاةَ:
صَلاَّها فِي أوّل وَقْتِها. ونَحائرُ الشهرِ: مُقابِلاتُها. ورجلٌ
مِنْحارٌ، بِالْكَسْرِ: جَوَاد. والمَنْحور: المُستَقبَل، وَبِه)
فُسِّر قولُ الشَّاعِر:
(أَوْرَدْتُهُمْ وصُدورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ ... والصُّبْحُ
بالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ مَنْحُورُ)
وَقَالَ عديُّ بن زَيْد يَصِف الغَيْث:
(مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيوبَ ال ... ماءِ سَحَّاً كأنّه مَنْحُورُ)
أَي مَذْبُوح. وَيُقَال للسّحاب إِذا انْعَقَّ بماءٍ كثيرٍ: قد
انْتَحَرَ انتِحاراً، قَالَ الرَّاعِي:
(فمَرَّ على مَنازِلِها فَأَلْقى ... بهَا الأَثْقالَ فانْتَحَرَ
انْتِحارا)
وَهُوَ مجَاز. ودائِرَةُ الناحِر: تكون فِي الجِرَان إِلَى أسفلَ من
ذَلِك. وقعدَ فلانٌ فِي نَحْرِ فلَان: قابَلَه. ونَحَرْتُه نَحْرَاً:
قابَلْتُه. وتَناحَروا على الطَّرِيق وغيرِه، إِذا تَتابعوا عَلَيْهِ.
وَهُوَ مَجاز. والنَّحَّارية: قَرْيَة بِمصْر من أَعمال الغَرْبِيّة.
ونَحيزةُ الرجل. كسَفينة: طَبيعته. والنَّحيزةُ أَيْضا: طُرَّةٌ تُنسَج
(14/188)
ثمَّ تُخاط على الفساطيط شبه الشُّقَّة.
والنَّحيزة: العَرْقَة، وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: النّحيزة: طريقةٌ سوداءُ
كأنّها خطٌّ مُستَوِيَة مَعَ الأَرْض خَشِنَة لَا يكون عَرْضُها
ذِراعَيْن وإنّما هِيَ عَلامَة فِي الأَرْض من حِجَارَة أَو طين
أَسْوَد. وَقَالَ الأصمعيّ: النَّحيزة: الطريقُ بعَيْنِه شُبِّه بخطوط
الثَّوْب، وَقَالَ أَبُو زَيْد: النَّحيزة من الشَّعر يكون عَرْضُها
شِبراً تُعلّق على الهَوْدَج يُزَيّنونه بهَا. وَرُبمَا رقَموها
بالعِهْن. وَقَالَ أَبُو عَمْرُو: النَّحيزة: النَّسيجةُ شِبه الحِزام
يكون على الفساطيطِ الَّتِي تكون على الْبيُوت تُنسَج وَحْدَها وكأنّ
النّحائزَ من الطُّرُق مشَبّهة بهَا. وَقَالَ أَبُو خَيْرَة:
النَّحيزة: الجبلُ المُنْقاد فِي الأَرْض، والأصلُ فِي جَمِيع مَا ذُكر
واحدٌ، وَهُوَ الطَّرِيقَة المُسْتدقّة. والنَّحيزة: وادٍ فِي ديار
غَطَفَان، عَن أبي مُوسَى.
(نخر)
نَخَرَ الإنسانُ والحمارُ والفرسُ يَنْخِر، بِالْكَسْرِ، ويَنْخُر،
بالضمّ، نَخيراً، كأمير: مَدَّ الصوتَ والنَّفَس فِي خَياشيمه، فَهُوَ
ناخِرٌ، وَمِنْه حَدِيث ابنِ عبّاس: لمّا خلقَ اللهُ إبليسَ نَخَرَ أَي
صَوَّت من خَياشيمه كَأَنَّهُ نَغْمَةٌ جاءَت مُضطَربةً.
والمنْخر، بِفَتْح الْمِيم وَالْخَاء، وبكسرِهما، كَسْرَ الْمِيم
إتْباعٌ لكسرة الْخَاء كَمَا قَالُوا مِنْتِن، وهما نادِران، لأنّ
مِفْعِلاً لَيْسَ من الْأَبْنِيَة. وَفِي التَّهْذِيب: وَيَقُولُونَ
مِنْخِراً، وَكَانَ الْقيَاس مَنْخَراً وَلَكِن أَرَادوا مِنْخِيراً،
وَذَلِكَ قَالُوا مِنْتِن وَالْأَصْل مِنْتين. وبضمِّهما، وكمَجْلِس
ومُلْمُول: الْأنف. قَالَ غَيْلانُ بن حُرَيْث:
(يَسْتَوْعِبُ البَوْعَيْنِ من جَريره ... مِن لَدُ لَحْيَيْه إِلَى
مُنْخُورِه)
هَكَذَا أنْشدهُ الجَوْهَرِيّ، قَالَ ابنُ بَرِّيّ:
(14/189)
وصوابُ إنشادِه كَمَا أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ:
إِلَى مُنْحوره، بِالْحَاء، والمُنْحور هُوَ النَّحْر، وصفَ الشاعرُ
فَرَسَاً بِطولِ العُنُقِ فَجَعَله يَسْتَوعِبُ من حَبْلِه مِقدارَ
باعَيْنِ من لَحْيَيْه إِلَى نَحْرِه، هَكَذَا فِي اللِّسَان هُنَا،
وَأورد الصَّاغانِيّ هَذَا الْبَحْث فِي نحر. فِي الحَدِيث: أنّه أخذَ
بنُخْرَةِ الصبيّ نُخْرَة. الْأنف بالضمّ: مُقَدّمَتُه، وَهِي رَأسه
أَو خَرْقُه، أَو مَا بينَ المَنْخَرَيْن، أَو أَرْنَبته، يكون
للْإنْسَان والشاءِ والناقة والفرَس وَالْحمار.
وَيُقَال: النُّخْرَة. الْأنف نَفْسُه. وَمِنْه قَوْلُهم: هَشَمَ
نُخْرَتَه. منَ المَجاز: النُّخْرَة من الرِّيح: شِدَّةُ هُبوبِها،
وعَصْفُها.
ونَخَرَ الحالِبُ النَّاقة، كَمَنَع: أَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَنْخَرِها
ودَلَكَه، أَو ضربَ أَنْفَها لِتَدِرَّ. وناقةٌ نَخورٌ كصَبور: لَا
تَدِرُّ إلاَّ على ذَلِك. وَقَالَ اللَّيْث: النَّخُور: الناقةُ
الَّتِي يَهْلِك ولدُها فَلَا تَدِرُّ حَتَّى تُنَخَّر تَنْخِيراً.
والتَّنْخير: أَن يَدْلُكَ حالبُها مُنْخُرَيْها بإبْهامَيْه وَهِي
مُناخة فتثورَ دارَّةً. وَفِي الصِّحَاح: النَّخور من النُّوق: الَّتِي
لَا تَدِرّ حَتَّى تَضْرَب أَنْفَها، وَيُقَال: حَتَّى تُدخِل إصبَعَك
فِي أَنْفِها. والنَّخِرُ، ككَتِف، والناخِر: الْبَالِي المُتَفَتِّت،
يُقَال: عَظْمٌ نَخِرٌ وناخِرٌ، وَقد نَخِرَ، كفَرِح، وَكَذَلِكَ
الخَشَبة، وَقد نَخِرَت، إِذا بَلِيَتْ واسْتَرْخَت، تَتَفَتَّت إِذا
مُسَّتْ، أَو النَّخِرَةُ من العِظام: البالِيَة، والناخِرةُ: الَّتِي
فِيهَا بَقِيَّة. وَقيل: هِيَ المُجَوَّفة الَّتِي فِيهَا ثُقْبَةٌ
يجيءُ مِنْهَا عندَ هُبوب الرِّيح صوتٌ كالنَّخير. وقولُه تَعَالَى:
أَئِذا كُنّا عِظاماً نَخِرَة وقُرئ: ناخِرة. قَالَ الفَرَّاء:
وناخِرةٌ أَجْوَدُ الوَجْهَيْن، لأنّ الْآيَات بِالْألف، أَلا ترى أنّ
ناخِرة مَعَ الحافِرة والسَّاهِرة أشبه بمَجيءِ التَّأْويل. قَالَ:
(14/190)
والنَّاخِرة والنَّخِرَة سَواءٌ فِي
الْمَعْنى بمنزلِةِ الطامِعِ والطَّمِع. نَخْيَرٌ ونَخَّار، كزُبَيْر
وشَدَّاد: اسْمان. والنِّخْوار، بِالْكَسْرِ: الشَّريف وَقيل:
المُتَكَبِّر. قَالَ رؤبة:
(وبالدَّواهي نُسكِتُ النَّخاوِرا ... فاجْلُبْ إِلَيْنَا مُفْحَماً
أَو شَاعِرًا)
وَبِه فسَّر أَبُو نصر قولَ عديِّ بن زيد:
(بعدَ بَني تُبَّعٍ نَخاوِرَةٌ ... قد اطْمَأَنَّت بهمْ مَرازِبُها)
قيل: الجَبَان، وَقيل الضَّعيف، وَفِي الأَخيرَين مَجازٌ، وَقد نقلهما
الصَّاغانِيّ، ج نَخاوِرَةٌ كجِلْوازٍ وجَلاوِزَةٍ.)
والنَّخْوَرِيُّ، بِالْفَتْح: الواسِع الفمِ والجَوْف، نَقله
الصَّاغانِيّ. قيل: النَّخْوَرِيُّ: الواسعُ الإحْليل، كَذَا فِي
اللِّسَان.
والنّاخِر: الخِنْزيرُ الضاري، ج نَخُرٌ، بضمَّتين، قَالَه أَبُو
عَمْرو. منَ المَجاز: مَا بِها ناخِر، أَي أحد، حَكَاهُ يَعْقُوب عَن
الباهليّ. يُقَال: امرأةٌ مِنْخارٌ، وَهِي الَّتِي تَنْخِرُ عِنْد
الجِماع كأنّها مَجْنُونة، وَقد نَخَرَت تَنْخَر، كَمَنَع وَمن
الرِّجال: من يَنْخِرُ عِنْد الجِماع حَتَّى يُسمَع نَخِيرُه.
والتَّنْخير: التَّكْليم، وَقد جَاءَ فِي حَدِيث النَّجاشيّ: لما دخلَ
عَلَيْهِ عَمْرُوٌ والوفدُ مَعَه قَالَ لَهُم: نَخِّروا أَي تكلَّموا.
قَالَ ابنُ الْأَثِير: كَذَا فُسّر فِي الحَدِيث. قَالَ: ولعلّه إِن
كَانَ عربيّاً مأخوذٌ من النَّخير: الصَّوْت ويروى بِالْجِيم، وَقد
تقدّم. والمَنْخَر، كمَقْعَد. هَكَذَا سِياقُ ضَبْطِه، والصوابُ أنّه
بِكَسْر الميمِ
(14/191)
والخاءِ كَمَا ضَبَطَه الصَّاغانِيّ
مجوّداً وياقوتٌ فِي مُعجَمِه. وَكَانَ المٌ ناسبُ من المُصنِّف
ضَبْطُه، هَضْبَةٌ لبَني رَبيعةَ بنِ عبد الله بن أبي بكر بن كِلاب.
والمُنْتَخِر، كمُنْتَظِر، أَي على صِيغةِ اسمِ الْمَفْعُول، وَالَّذِي
فِي التَّكْمِلة بِكَسْر الْخَاء، هَكَذَا هُوَ مضبوط مجوّداً: ع قُربَ
الْمَدِينَة، على لَيْلَة مِنْهَا، بناحيةِ فَرْشِ مالِك، هَكَذَا فِي
سَائِر النّسخ، وَصَوَابه فَرْش مَلَلٍ، بلامَيْن، كَذَا هُوَ فِي
التكملة على الصَّوَاب، وَمثله فِي مُعْجم ياقوت، وَقَالَ: هُوَ من
مَكَّة على سبع، وَمن الْمَدِينَة على لَيْلَة، وَهُوَ إِلَى جَانب
مَثْغَر. وكشَدَّاد: النَّخَّارُ بنُ أَوْسِ بن أُبَيْرٍ القُضاعيّ،
أَنْسَبُ الْعَرَب، وَهُوَ من وَلدِ سعدِ هُذَيْم، وَذكر ابْن
مَاكُولَا النَّخَّار بن أُنَيْس وَقَالَ فِيهِ: كَانَ أنسب الْعَرَب
وأنّه من ولد سعد هُذَيْم، قَالَ الْحَافِظ وَهُوَ تَصْحِيف، وذكرَ
الصَّاغانِيّ والحافظ أنّه دخلَ على معاويةَ فازْدَراه وَكَانَ
عَلَيْهِ عَباءَة فَقَالَ: إِن العباءَةَ لَا تُكَلِّمك. والعَدَّاءُ
بن النَّخَّار: صاحبُ طلائعِ بني القَيْنِ يومَ بالِغَةَ جاهليّ.
وبالِغَة بالعَيْن والغَيْن. وَإِبْرَاهِيم بنُ الحَجَّاج بن نَخْرَة
الصَّنْعانيّ، هُوَ بِالْفَتْح ويُضمّ، الْأَخير هُوَ الْمَشْهُور
عِنْد المُحدِّثين وَالْفَتْح ذكره الصَّاغانِيّ، مُحدِّث. روى عَنهُ
أَبُو عِيسَى الرَّمْليّ. قَالَ الْحَافِظ: كَذَا سمَّى
الدَّارَقُطْنيّ وَمَنْ تَبِعَه أَبَاهُ، ووقعَ فِي الضُّعَفاء لِابْنِ
حِبَّان: إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن نَخْرَة، وَأورد لَهُ من
رِوَايَته عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الطَّبريّ، عَن عبد الله بن
نَافِع، حَدِيثا مَوْضُوعا.
وَكَذَا أوردهُ الدَّارَقُطْنيّ فِي غرائبِ مالِك: ويُستفاد من كلامِ
الخطيبِ أنّ نَخْرَة لقب، واسمُه يوسُف. انْتهى.
(14/192)
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: النُّخَرَة،
كهُمَزَة: مُقدَّم أَنْفِ الفرَس وَالْحمار وَالْخِنْزِير، لغةٌ فِي
النُّخْرَة، بالضمّ، كَذَا فِي اللِّسَان.
والنَّاخِرَة: الخَيْل، يُقَال للْوَاحِد ناخِرٌ، وَبِه فُسِّر
الحَدِيث: ركبَ عَمْرُو بن الْعَاصِ على بَغْلَةٍ شَمطَ وَجْهُها
هَرَمَاً فَقيل لَهُ: أَتَرْكبُ بَغْلَةً وَأَنت على أَكْرَمِ ناخِرَةٍ
بِمصْر وَيُقَال: النَّاخِرَة: الحَمير، للصوت الَّذِي يخرج من
أنوفِها. وأهلُ مصرَ يُكثِرون رُكوبَها أكثرَ من ركُوب البِغال. وَقيل:
النَّاخِر: الْحمار. قَالَ الفَرَّاء: هُوَ النَّاخِر والشَّاخر،
نخيرُه من أَنْفِه، وشَخيرُه من حَلْقِه. وَفِي الحَدِيث أَيْضا:
فَتَنَاخَرَتْ بَطارِقَتُه أَي تَكَلَّمت وكأنّه كلامٌ مَعَ غضبٍ
ونُفور. والنُّخَر، كزُفَر: اسمُ مَوضِع، ذكره ابْن دُرَيْد فِي
الحُسْبان.
(ندر)
نَدَرَ الشيءُ يَنْدُرُ نُدوراً، بالضمّ: سَقَطَ، وَقيل: سَقَطَ
وشَذَّ. وَقيل: سقطَ من جوفِ شيءٍ، هَكَذَا فِي النّسخ بِالْجِيم. أَو
من بينِ شيءٍ أَو من أَشْيَاء فَظَهَر، وَفِي الحَدِيث: أنّه رَكِبَ
فَرَسَاً لَهُ فمَرَّتْ بشجَرَةٍ فطارَ مِنْهَا طائرٌ، فحادَتْ،
فَنَدَر عَنْهَا فِي أرضٍ غَلِيظَة، أَي سقطَ وَوَقع. والرجلُ إِذا
خَضَفَ يُقَال: نَدَرَ بهَا، وَهِي النَّدْرَة، أَي الخَضْفَة
بالعَجَلَة، حَكَاهَا ابْن الأَعْرابِيّ هَكَذَا بِالْخَاءِ وَالضَّاد
المُعجمتَيْن، وَفِي بعضِ النّسخ: حَصَفَ، بالمُهملَتَيْن. وَفِي
حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: أنّ رجلا نَدَرَ فِي مَجْلِسه، فَأَمَر
القومَ كلَّهم بالتَّطَهُّر لئلاَّ يَخْجَل النادرُ، حَكَاهَا
الهَرَويُّ فِي الغَريبَيْن: مَعْنَاهُ أَنه ضَرَطَ كأنّها نَدَرَت
مِنْهُ من غيرِ اخْتيار. نَدَرَ: جرَّب. يَقُولُونَ: لَو نَدَرْتَ
فلَانا لَوَجَدْتَه كَمَا تُحبّ، أَي لَو جرَّبْتَه. يُقَال: نَدَرَ
الرجلُ، إِذا مَاتَ، قَالَه ابنُ حَبيب، وَأنْشد
(14/193)
لساعِدَةَ الهُذَلِيّ. وَفِي التكملة:
لساعِدَةَ ابنِ العَجْلان:
(كِلَانَا وإنْ طالَ أيَّامُه ... سَيَنْدُر عَن شَزَنٍ مِدْحَضِ)
أَي سيموت. نَدَرَ النباتُ: خَرَجَ ورقُه من أَعْرَاضِه، نَدَرَت
الشجرةُ تَنْدُر: ظَهَرَتْ خُوصَتُها، وَذَلِكَ حِين يَسْتَمكِنُ
المالُ من رَعْيِها، أَو نَدَرَت: اخْضَرَّت، وَهَذِه عَن
الصَّاغانِيّ. والأَنْدَر: البَيْدَر، شاميّة. قَالَ كُراع: الأَنْدَر:
كُدْسُ القَمْح خاصَّة، ج أنَادِر، قَالَ الشَّاعِر: دَقَّ الدِّيَاسِ
عَرَمَ الأَنادِرِ الأَنْدَر: ة بِالشَّام، على يَوْم وَلَيْلَة من
حَلَبْ، فِيهَا كُرومٌ. وقولُ عَمْرِو بن كُلْثُوم:
(أَلا هُبِّي بصَحْنك فاصْبَحينا ... وَلَا تُبقي خُمورَ
الأَنْدَرِينا)
لمّا نَسَبَ الخمرَ إِلَى أهلِ هَذِه القريةِ فاجتمَعَتْ ثلاثُ ياآت
فخَفَّفَها للضَّرُورَة، كَمَا قَالَ الراجز: وَمَا عِلْمي بسِحْرِ
البابِلينا أَو جَمْعُ الأَنْدَريّ، أَنْدَرون فخفَّفَ ياءَ النِّسبة،
كَمَا قَالُوا: الأَشْعَرون والأَعْجَمون، فِي الأَشعريّين
والأَعجميِّين، قَالَ شَيْخُنا: وكلامُه لَا يَخْلُو عَن نَظَر،
وتَحقيقُه فِي شرحِ شَواهدِ الشافِيَة للبغداديّ. قلتُ: ولعلَّ وَجْهَ
النّظر هُوَ اجتِماع ثلاثِ ياآتٍ فِي الْكَلِمَة. وَمَا يكون
الأَنْدَرون
(14/194)
الَّذِي هُوَ جمع الأَنْدريّ مَعَ أَنه
ذكره فِيمَا بعد بقوله: فِتْيان إِلَى آخِره، وَلَو ذَكَرَه قبل قولِه:
كَمَا قَالُوا إِلَخ، كانَ أحسنَ فِي الْإِيرَاد، فتأَمَّل.
والأَنْدَرِيُّ: الحبلُ الغليظ، أنْشد أَبُو زيد: كأنّهُ أَنْدَرِيٌّ
مَسَّهُ بَلَلُ كَذَا فِي التكملة، وَنَسَبه صاحبُ اللِّسان لأبي
عمروٍ، وَأنْشد للَبيدٍ: مُمَرٌّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ شَتِيمُ)
والأَنْدَرون: فتيانٌ من مواضعَ شَتَّى يَجْتَمعونَ للشُّرْب، واحدُهم
أَنْدَريٌّ، وَبِه فُسِّر قولُ عَمْرو بن كُلْثُوم السَّابِق. منَ
المَجاز: أَسْمَعَني النَّوادِر: نَوادِرُ الْكَلَام تَنْدُر وَهِي:
مَا شَذَّ وَخَرَج من الجمهورِ لظُهوره. وَفِي الأساس: هَذَا كَلَام
نادرٌ، أَي غريبٌ خارجٌ عَن المُعتاد. منَ المَجاز: لَقيتُه نَدْرَةً،
وَفِي النَّدْرَة، مَفْتُوحتَيْن وَفِي النَّدْرَة، محرّكة، وَنَدَرى
وَفِي النَّدَرى، بِلَا لامِ فيهمَا، مُحرَّكات، أَي فِيمَا بَيْنَ
الأيّام، وَيُقَال: إنّما يكون ذَلِك فِي النَّدْرة بَعْدَ النَّدْرَة،
إِذا كَانَ فِي الأحايِين مَرَّةً. منَ المَجاز: أَنْدَرَ عَنهُ من
مالِه كَذَا، إِذا أَخْرَجه، وأَنْدَرَ الشيءَ: أَسْقَطَه، يُقَال:
ضَرَبَ يدَهُ بِالسَّيْفِ فَأَنْدرَها. يُقَال: نَقَدَ مائَة نَدَرَى،
مُحرَّكةً، إِذا أَنْدَرَها، أَي أَخْرَجَها لَهُ من مالِه.
والنَّدْرَة، بِالْفَتْح: القِطْعَةُ من الذَّهَب والفضَّة توجدُ فِي
المَعدن. والنَّدْرَة: الخَضْفَةُ بالعَجَلَة، أَي الضَّرْطَة، عَن
ابْن الأَعْرابِيّ، ذَكَرَ الفِعلَ أوَّلاً ثمَّ ذَكَرَ المصدرَ
ثَانِيًا، وَهُوَ مَعيب
(14/195)
عِنْد حُذَّاق المُصنِّفين، فإنّه لَو
قَالَ هُنَاكَ: وَهِي النَّدْرة، لأغناه عَن ذكْره ثَانِيًا. منَ
المَجاز: فلانٌ نادرَةُ الزَّمَان، أَي وَحيدُ العَصْرِ، كَمَا يُقَال
نسيجُ وَحْدِه. ونَوادِر: ع نَقَلَه الصَّاغانِيّ، ونادرٌ اسمٌ.
وعُتْبَةُ بنُ النُّدَّر كرُكَّع، السُّلَمِيّ صَحابيٌّ وَيُقَال: هُوَ
عُتبةُ بنُ عبدٍ السُّلَمِيّ. وَلَيْسَ بشيءٍ. روى عَنهُ عليُّ بن
رَبَاح وخالدُ بنُ مَعْدَان، وتَصَحَّف على بَعضهم، يَعْنِي الإِمَام
الطبريّ، كَمَا صرَّحَ بِهِ الحافظُ وغيرُه فَضَبَطه بِالْبَاء
المُوَحَّدة والذال المُعجمة، وَالصَّوَاب الأوّل. قولُهم: مِلْحٌ
أَنْدَرَانيٌّ، غلطٌ مَشْهُور، صوابُه ذَرْآنيٌّ، بِالذَّالِ المُعجمة
والهمزة. أَي شَدِيد الْبيَاض وَقد تقدّم ذكرُه فِي مَوْضِعه. وجِرابٌ
أَنْدَرَانيٌّ: ضَخْمٌ، نَقله الصَّاغانِيّ. ونَيْدَرُ، كَحَيْدَر: من
أسماءِ الْمَدِينَة، على صَاحبهَا أفضلُ الصلاةِ وَالسَّلَام. أَو هُوَ
بدالَيْن. وَقيل: يَنْدَر، بِتَقْدِيم التَّحْتِيَّة على النُّون.
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: النادِرُ: الحمارُ الوحْشيّ يَنْدُر من
الْجَبَل، أَي يخرج. وَنَدَر العظمُ: انفكَّ وزالَ عَن محلِّه، وَمِنْه
الحَدِيث: أنَّ رجلا عضَّ يدَ آخرَ فَنَدَرَ ثَنِيَّتَه وَنَدَر من
بَيْتِه: خَرَجَ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وسمعتُ من يقولُ لزوجتِه:
انْدُري. وَأصَاب المطرُ الحَشيش فَنَدَر الرُّطْبُ من أَعْرَاضه:
خَرَجَ. وشَبِعَت الإبلُ من نادِرِه ونَوادِرِه. والمالُ يَسْتَنْدِرُ
الرُّطْبَ، أَي يَتَتَبَّعه. وَيُقَال: اسْتَنْدَرَت الإبلُ النَّباتَ:
أراغَتْه للْأَكْل ومارَسَتْه. منَ المَجاز: استَنْدَروا أَثرَه:
اقتَفَوْه.
(14/196)
وَلَا يَقع ذَلِك إلاّ فِي النُّدْرَة.
ولقِيتُه فِي النَّدَرَة، كالنَّدْرَة. وفلانٌ يَتَنادَرُ علينا، أَي
يأتينا أَحياناً. وأَنْدَرَ البِكارَةَ فِي الدِّيَة، أَسقَطَها
وأَلْغاها، قَالَ أَبو كبيرٍ الهُذَلِيّ:
(وَإِذا الكُماةُ تَنَادَروا طَعْنَ الكُلَى ... نَدْرَ البِكارَةِ فِي
الجَزاءِ المُضْعَفِ)
يَقُول: أُهدِرَت دِماؤُكُم كَمَا تُنْدَر البِكارَةُ فِي الدِّيَة،
وَهِي جَمْع بَكْر من الْإِبِل. قَالَ ابْن بِرِّيّ: يُرِيد أَن
الكُلَى المَطعونة تُنْدَر، أَي تُسْقَط فَلَا يُحتَسَب بهَا، كَمَا
يُنْدَر البَكْر فِي الدِّيَة والمُضْعَفُ المُضاعَفُ مَرَّةً بعدَ
مَرَّةٍ. وَيُقَال: أَصلح نَوادِرَ المِغْلَقِ، أَي أَسنانه.
وأَنْدَرْتُ يدَ فلانٍ عَن مَالِي: أَزلْتُ تَصَرُّفَه فِيهِ. وضَرَبه
على رأْسِه فنَدَرَتْ عينُه وأَنْدَرَها. كلُّ ذَلِك مَجاز. ونَدْرَةُ،
بِالْفَتْح: مَوضعٌ من نواحي اليَمامة، قَالَه الصَّاغانِيّ: قلتُ:
عِنْد مَنْفوحَةَ. وَقد رُويَ إعجامُ دالِها) أَيضاً. ونَدَرَ فِي
عِلْمٍ أَو فَضْلٍ: تقدَّم. قَالَه ابْن القطّاع. وَقَالَ أَيْضا:
أَنْدَرَ: أَتى بنادِرٍ من قولٍ أَو فِعْل. ونَدَرَ الكلامُ نَدارَةً:
غَرُبَ. والنادِرَةُ: قريةٌ بِالْيمن سكَنَه بَنو عِيسَى من قبائل عكّ.
(نذر)
النَّذْرُ: النَّحْبُ، وَهُوَ مَا يَنْذِرُهُ الإنسانُ فيجعلُه على
نفسِه نَحباً واجِباً، والشَّافِعِيُّ رَضِي الله عَنهُ سَمَّى فِي
كتاب جِراحِ العَمْدِ مَا يجب قي الجِراحات من الدِّيات نَذْراً.
قَالَ: ولُغَةُ أَهل الْحجاز كَذَلِك، وأَهل الْعرَاق يُسَمُّونه
الْأَرْش كَذَا فِي اللِّسَان. وَفِي التكملة: وَهِي لُغَة أَهل
الْحجاز، ج نُذورٌ، أَو النُّذورُ: لَا تكون إلاّ فِي الجِراح صِغارِها
(14/197)
وكِبارِها، وَهِي مَعَقِلُ تِلْكَ
الجُروحِ، يُقَال: لي عِنْد فلَان، وَفِي اللِّسَان والتكملة: قِبَلَ
فُلانٍ نَذْرٌ، إِذا كَانَ جُرْحاً وَاحِدًا لَهُ عَقْلٌ، قَالَه أَبُو
نَهشَل، وَقَالَ أَبو سعيد الضَّرير: إنَّما قيلَ لَهُ نَذْر لأَنَّه
نُذِرَ فِيهِ، أَي أُوجِبَ، من قَولك: نَذَرْت على نَفسِي، أَي
أَوْجَبْت. وَفِي حَدِيث ابْن المُسَيِّب أنَّ عمر وَعُثْمَان رَضِي
الله عَنْهُمَا قضيا فِي المِلْطاة بِنصْف نَذْرِ المُوضِحَة. أَي
بِنصْف مَا يجب فِيهَا من الأَرْش وَالْقيمَة. النُّذْر: بالضّمّ:
جِلْدُ المُقلِ، نَقله الصَّاغانِيّ. قد نَذَرَ على نَفسه يَنْذِرُ،
بِالْكَسْرِ، ويَنْذُرُ، بالضّمِّ، نَذْراً، بِالْفَتْح، ونُذُوراً،
بالضّمّ: أَوجَبَ: ونَذَرَ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَذَا: أَوجَبَه
على نَفسه تَبَرُّعاً، من عبادةٍ أَو صَدَقة أَو غير ذَلِك. وَفِي
الْكتاب الْعَزِيز: إنِّي نَذَرْتُ لكَ مَا فِي بَطني مُحَرَّراً قالته
امْرأَة عمرَان أُم مَرْيَم. قَالَ الأَخفش: تَقول الْعَرَب: نَذَر على
نَفسه نَذْراً، أَو نَذَرْتُ مَالِي فأَنا أَنْذُرُه نَذْراً، رَوَاهُ
عَن يُونُس عَن الْعَرَب. أَو النَّذْرُ: مَا كَانَ وَعْداً على
شَرْطٍ، فعَلَيَّ إنْ شَفَى اللهُ مَريضي كَذَا نَذْرٌ، وعلَيَّ أَنْ
أَتَصَدَّقَ بدينارٍ لَيْسَ بنَذْر، وَقَالَ ابْن الأَثير: وَقد تكرَّر
فِي أَحاديث النَّذر ذِكْرُ النَّهي عَنهُ، وَهُوَ تأكيدٌ لأَمره
وتَحذيرٌ عَن التَّهاوُن بِهِ بعدَ إِيجَابه. قَالَ: وَلَو كَانَ
مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنهُ حَتَّى لَا يُفعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِك
إبطالُ حكمِه وإسقاطُ لُزومِ الوَفاء بِهِ، إِذْ كَانَ بالنَّهي يصيرُ
مَعصيةً فَلَا يلزَم، وإنَّما وجْهُ الحَدِيث أَنَّه قد أَعلمَهم أَنَّ
ذَلِك أَمْرٌ لَا يَجُرُّ لَهُم فِي العاجل نَفعاً وَلَا يَصرفُ
عَنْهُم ضَرراً وَلَا يَرُدُّ قَضَاء. فَقَالَ: لَا تَنذِروا على
أَنَّكُم تُدرِكونَ بالنَّذْر شَيْئا لم يُقَدِّرْهُ الله لكم، أَو
تصرفون بِهِ عَنْكُم مَا جرى بِهِ القضاءُ عَلَيْكُم، فَإِذا نَذَرتم
وَلم تعتقدوا
(14/198)
هَذَا فاخرجوا عَنهُ بِالْوَفَاءِ، فإنَّ
الَّذِي نَذَرْتُموه لازمٌ لكم.
والنَّذيرةُ: مَا تُعْطيه، فَعيلَة بِمَعْنى مَفعُولَة. والنَّذيرة:
اسمُ الولَد الَّذِي يجعلُهُ أَبوه قَيِّماً أَو خادِماً للكنيسة أَو
المُتَعَبَّد، ذَكَراً كَانَ أَو أُنْثى، وَقد نَذَرَهُ أَبوه أَو
أُمُّه، وَالْجمع: النَّذائرُ. النَّذيرةُ من الجَيْشِ: طليعَتُهم
الَّذِي يُنْذِرُهم أَمْرَ عَدُوِّهم، وَقد نَذِرَهُ، هَكَذَا فِي
سَائِر النَّسخ، وَالَّذِي فِي التكملة: يُنذِرهم من الْإِنْذَار،
فحَقُّه أَن يَقُول: وَقد أَنذَرَه. وَفِي اللِّسَان: نَذيرةُ
الْجَيْش: هم الَّذِي ينذرهم أمرَ عّدُوِّهم، أَي يُعْلِمُهم. ونَذِرَ
بالشَّيءِ وَكَذَلِكَ بالعَدوّ، كفَرِح، نذرا عَلِمَهُ فَحَذِرَهُ،
وَمِنْه الحَدِيث أَنْذِرِ القَوْمَ أَي احْذَرْ مِنْهُم وَكن مِنْهُم
على عِلْمٍ وحَذَرٍ. ونقلَ شيخُنا أَنَّهم صَرَّحوا بأَنَّه لَيْسَ
لَهُ مَصْدَرٌ صريحٌ، وَلذَلِك قَالُوا: إنَّه مثلُ عَسى من الأَفعال
الَّتِي لَا مَصادِرَ لَهَا. وقيلَ إنَّهم استَغْنَوا بأَنْ والفِعْل
عَن صَرِيح)
الفِعْل، كَمَا فِي الْعِنَايَة أَثناء سُورَة إِبْرَاهِيم. قلتُ: وَقد
ذَكَر ابْن القطّاع لَهُ ثَلَاثَة مصادرَ، حَيث قَالَ: نَذَرْتُ
بالشَّيءِ نَذَارَةً ونِذَارَةً ونَذَراً: عَلمْتُه. وأَنْذَرَه
بالأَمْر إنْذاراً ونَذْراً، بِالْفَتْح عَن كُراع واللّحياني
ويُضَمُّ، وبِضَمَّتينِ، وَنَذِيرا، الأَخير حَكَاهُ الزَّجّاجِيّ، أَي
أَعْلَمُه، وَقيل: حَذَّرَه وخَوَّفَه فِي إبلاغه، وَبِه فُسِّر قولُه
تَعَالَى: وأَنْذِرْهُمْ يومَ الآزِفَة
(14/199)
ِ والاسمُ، أَي من الْإِنْذَار بِمَعْنى
التَّخويف فِي الإبلاغ، النُّذْرَى، بالضّم، كبُشرى، والنُّذُرُ،
بضمَّتين، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: فكيفَ كانَ عَذابي ونُذُرِ أَي
إنذاري، وَقيل: إنَّ النُّذْرَ اسمٌ والإنذارُ مَصْدَرٌ على الصَّحِيح،
وَقَالَ الزّجاجيُّ: الجيِّد أَنَّ الإنْذارَ الْمصدر والنَّذير
الِاسْم. وَقَالَ الزَّجّاج فِي قَوْله عزّ وجلّ عُذراً أَو نُذراً
قَالَ مَعْنَاهُمَا الْمصدر، وانتصابهما على الْمَفْعُول لَهُ،
الْمَعْنى فالمُلْقيات ذِكراً للإعذار والإنذار. قَالَ الله تَعَالَى
فستعلمونَ كيفَ نَذِيرِ، أَي إنذاري، كالنَّذارة، بِالْكَسْرِ، وَهَذِه
عَن الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعيّ رَضِي الله عَنهُ.
قلتُ: وَجعله ابْن القطّاع من مصَادر نَذِرْتُ بالشيءِ إِذا علمْته،
كَمَا تقدَّم. النَّذير: المُنْذِرُ، وَهُوَ المُحّذِّر، فَعِيل
بِمَعْنى مُفْعِل، وَقيل: المُنْذِر: المُعْلِم الَّذِي يُعَرِّف
القومَ بِمَا يكون قد دهمهم من عَدُوٍّ أَو غَيره، وَهُوَ المُخَوِّف
أَيضاً. وأَصل الْإِنْذَار الْإِعْلَام. ج نُذُرٌ، بضمَّتين، وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى كَذَّبَتْ ثَمودُ بالنُّذُر، قَالَ الزَّجّاج:
النُّذُر جمع نَذير. قَالَ أَبُو حنيفَة: النَّذيرُ: صَوتُ القوسِ،
لأَنَّه يُنْذِرُ الرَّمِيَّةَ، وأَنشدَ لأَوسِ بن حجَر:
(وصفْراءَ من نبعٍ كأَنَّ نَذيرَها ... إِذا لَمْ تُخَفِّضْه عَن
الوحْشِ أَفكَلُ)
قَوْله عزَّ وجلّ وجاءَكُمُ النَّذير قَالَ ثعلبٌ: هُوَ الرَّسول،
وَقَالَ بعضُهم: النذير هُنَا الشَّيْبُ. قَالَ الأَزهريُّ: والأَوّل
أَشْبَهُ وأَوضح. قَالَ أَهلُ التَّفْسِير: بِعني النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وسلّم، كَمَا قَالَ عزّ وجلّ إنّا أَرسلْناكَ شَاهدا
ومُبَشِّراً ونَذيراً. وَفِي الحَدِيث: كَانَ إِذا
(14/200)
خَطَبَ احْمَرَّتْ عيناهُ وَعلا صوتُه
واشتدَّ غضبُه، كأَنَّه مُنْذِرُ جيشٍ يَقُول صَبَّحَكُم ومسَّاكُم.
وتَناذَروا: أَنْذَرَ بعضُهم بَعضاً شَرّاً مَخُوفاً، قَالَ النّابِغةُ
يصف أَنَّ النُّعمانَ تَوعَّدَه فباتَ كأَنَّه لَديغٌ يَتَمَلْمَلُ على
فِراشِه:
(فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئيلَةٌ ... من الرُّقْشِ فِي أَنيابِها
السّمُّ ناقِعُ)
(تَناذَرَها الرَّاقُونَ من سوءِ سمِّها ... تُطَلِّقُه طَوْراً
وطَوراً تُراجِعُ)
والنَّذيرُ العُريانُ: رجُلٌ من خَثْعَمَ حَمَلَ عَلَيْهِ يومَ ذِي
الخَلَصَة عَوفُ بن عامِرٍ فقطَعَ يدَهُ ويدَ امْرأَتِه. وحَكَى ابنُ
برّيّ فِي أَماليه عَن أبي الْقَاسِم الزّجّاجيّ فِي أَماليه، عَن ابْن
دُرَيْد قَالَ: سأَلتُ أَبا حاتِمٍ عَن قَوْلهم: أَنا النَّذيرُ
العُريانُ فَقَالَ: سمعتُ أَبَا عُبَيدَةَ يَقُول: هُوَ الزُّبير بنُ
عَمروٍ الخَثْعَمِيّ، وَكَانَ ناكِحاً فِي بني زُبَيْد، فأَرادَتْ بَنو
زُبَيْد أَن يُغيروا على خَثْعَمَ، فخافوا أَنْ يُنْذِرَ قومَه
فأَلْقَوا عَلَيْهِ بَراذِعَ وأَهداماً واحتفَظوا بِهِ، فصادَفَ
غِرَّةً فحاضَرَهم وكانَ لَا يُجارَى شَدّاً فأَتى قومَه فَقَالَ:)
(أَنا المُنْذِرُ العُريانُ يَنْبِذُ ثوبَه ... إِذا الصِّدْقُ لَا
يَنْبِذْ لكَ الثَّوْبَ كاذِبُ)
أَو كُلُّ مُنْذِرٍ بحَقٍّ، وَنقل الأَزْهَرِيّ عَن أبي طالبٍ قَالَ:
إنَّما قَالُوا أَنا النَّذيرُ العُريانُ لأَنَّ الرَّجُلَ إِذا رأَى
الغارَةَ قد فَجَأَتْهُمْ وأَرادَ إنذارَ قومِه تَجرَّدَ من ثيابِه
وأَشارَ بهَا ليُعْلِمَ أَنْ قد فَجِئَتْهُمُ الغارَةُ، ثمَّ صَار مثلا
لكلِّ شيءٍ يُخافُ مُفاجأَتُهُ، وَمِنْه قولُ خُفافٍ يصف فرَساً:
(نَمِلٌ إِذا ضُفِزَ اللِّجامَ كأَنَّه ... رجُلٌ يُلَوِّحُ باليدين
سَليبُ)
وكأَمير وزُبَيْر ومُحْسِن، ومُناذِرٌ بالضَّمِّ، ومُنَيْذِرٌ
مُصَغَّراً: أَسماءٌ. وفاتَه
(14/201)
ناذِرٌ، كصَاحب، فمِن الأَوّل: نَذيرٌ
المُحارِبيّ وَابْنه جَناح بن نَذِير شَيخٌ للبيهَقيّ وَآخَرُونَ، وَمن
الثَّانِي إياسُ بنُ نُذَيْرٍ الضَّبِّيّ، عَن أَبيه وأَبو قَتادَة
تميمُ بنُ نُذَيْرٍ العَدَويّ، عَنهُ ابنُ سيرينَ ورِفاعَةُ بن إِيَاس
بن نُذَير، عَن أَبيه عَن جدِّه، وَابْن عمِّه مُحَمَّد بن الحجّاج بن
جَعْفَر بن إِيَاس بن نُذَير، عَن عبد السّلام بن حَرْب وغيرِه. وأَبو
نُذَيْرٍ مُسلِم بن نُذَير عَن عليٍّ وحُذَيْفَةَ، وثابتُ بنُ
نُذَيْرٍ، مَغرِبيٌّ مَاتَ سنة. يُقَال: باتَ بليلةِ ابنِ مُنْذِرٍ،
يَعْنِي النُّعمانَ ملكَ الْحيرَة، أَي بلَيْلَةٍ شَديدةٍ، كَمَا
يُقَال: باتَ لَيْلَة نابِغِيَّة، قَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
(وباتَ بَنو أُمِّي بلَيْلِ ابنِ مُنْذِرٍ ... وأَبناءُ أَعمامي
عُذُوباً صَوادِيا)
وناذِرُ من أَسماءِ مَكّةَ شرَّفها الله تَعَالَى. والمُتَناذِرُ:
الأَسدُ، ضَبَطَه الصَّاغانِيّ بِفَتْح الذّال الْمُعْجَمَة. وجُدَيْعُ
بنُ نُذَيرٍ المُرادِيُّ الكَعبيّ بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا، خادمٌ
للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم، لَهُ صُحْبَة. قلت:
وحفيدُه أَبو ظَبيان عبدُ الرّحمن بن مَالك بن جُدَيْعٍ، مِصريّ، ذكره
ابْن يُونُس. وابنُ مَناذِرَ، بِالْفَتْح ممنوعٌ من الصَّرف، ويُضَمُّ
فيُصرَف، قَالَ الجَوْهَرِيّ: هم مُحَمَّد بن مَناذِر شاعرٌ بَصريٌّ
فمَن فتح الْمِيم مِنْهُ لمْ يصرفُه وَيَقُول: إنَّه جَمع مُنذِر،
لأَنَّه مُحَمَّد بن المُنذِر بن الْمُنْذر بن المُنذِر، وَمن ضمَّها
صَرَفَه. قلت وَقد روى عَن شُعْبَة. قَالَ الذَّهبيّ: قَالَ يحيى: لَا
يَروي عَنهُ مَن فِيهِ خيرٌ، وهم المناذِرَة، أَي آلُ المُنْذِر، أَو
جمَاعَة الحَيِّ مثْل المَهالِبة والمَسامِعة. ومَناذِرُ، كَمَساجِدَ:
بلدَتان بنواحي الأَهواز، وَفِي المعجم: بنواحي خوزستان كبرى وصُغرى،
أَوَّل من كَوَّرَه وحَفَرَ نهرَه أَرْدَشيرُ بن بَهْمَنَ
(14/202)
الأَكبرُ بن اسْفَنْديار بن كشاسف، وَقد
اختُلِفَ فِي ضَبطِه، فضَبَطَه بِالْفَتْح فِي الْبَلَد وَاسم الرّجل.
وذَكَر الغَوريّ فِي اسْم الرجل الْفَتْح والضّمّ وَفِي اسْم الْبَلَد
الْفَتْح لَا غير. وَقد رُويَ بالضّمّ، وَمِمَّا يؤكِّد الْفَتْح مَا
ذكره المُبَرِّد أَنَّ مُحَمَّد بن مُناذِرٍ الشّاعر كَانَ إِذا قيل
ابْن مَناذِرَ بِفَتْح الْمِيم يغضَبُ وَيَقُول: أَمَنَاذِر الْكُبْرَى
أم مناذِر الصُّغرى. وهما كُورَتانِ من كُوَرِ الأَهواز افتَتَحهُما
سلْمى بن القَيْن وحَرْمَلَةُ بنُ مُرَيْطَة فِي سنة ثَمَان عشرَة.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: النَّذيرة: الإنْذار، قَالَ ساعِدَةُ:
(وَإِذا تُحُومِيَ جانِبٌ يَرْعوْنَهُ ... وَإِذا تَجيءُ نَذيرَةٌ لمْ
يَهْرُبوا)
)
والنُّذُر، بضمَّتين: جَمع نَذْرٍ كرَهْن ورُهُن، قَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
(كمْ دونَ ليلى مِن تَنوفِيَّةٍ ... لَمّاعَةٍ تُنْذَرُ فِيهَا
النُّذُرْ)
وَيُقَال إنَّه جمع نَذير بِمَعْنى مَنْذور. والإنذار: الإبلاغ، وَلَا
يكون إلاّ فِي التَّخويف، وَمن أَمثالهم: قد أَعذَرَ مَن أَنْذَر، أَي
مَن أَعلمَكَ أَنَّه يُعاقِبك على الْمَكْرُوه مِنْك فِيمَا يستقبِلُه
ثمَّ أَتيتَ المَكروهَ فعاقبَكَ فقد جعَلَ لنفسِه عُذراً يكُفُّ بِهِ
لائمَةَ النَّاس عَنهُ. وَالْعرب تَقول: عُذْراكَ لَا نُذراكَ. أَي
أَعذِر وَلَا تُنْذِر. وانْتَذَرَ نّذْراً، أَي نَذَرَ، قَالَه
الصَّاغانِيّ، وأَنشد لمُدرِك بن لأْيٍ:
(كأَنَّهُ نَذْرٌ عَلَيْهِ مُنْتَذَرْ ... لَا يبرَحُ التّاليَ مِنْهَا
إنْ قَصَرْ)
والمَنْذورُ: حِصْنٌ يمانيٌّ لقُضاعةَ.
(14/203)
ومحمّد بن الْمُنْذر بن عبيد الله، حدَّث
عَن هِشَام بن عروةَ، تَركَه ابنُ حِبّان، قَالَه الذَّهبيّ، وَمُحَمّد
بن الْمُنْذر بن أَسدٍ الهَرَويّ، وَمُنْذِر بن مُحَمَّد بن المُنذِر،
وَمُنْذِر بن المغيرَة، وَمُنْذِر أَبو يحيى، وَمُنْذِر بن أبي
المُنذر. وَمُنْذِر أَبو حيّان، وَمُنْذِر بن زيادٍ الطّائيّ، ومنذرُ
بن سعيد، محَدِّثون.
(نزر)
النَّزْرُ: القليلُ التّافِهُ من كلِّ شيءٍ، كالنَّزيرِ، كأَميرِ،
ذكرَهما ابْن سِيدَه. والمَنزورِ، يُقَال: طعامٌ مَنزورٌ وعَطاءٌ
مَنزور، أَي قليلٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
(بطيءٌ من الشَّيءِ القليلِ احْتِفاظُه ... عليكَ ومَنْزورُ الرِّضا
حينَ يَغْضَبُ)
النَّزْرُ: الإلحاح فِي السُّؤال، سواءٌ فِي الْعلم أَو الْعَطاء،
كَمَا فسَّرَه الزّمخشريّ. وَفِي حَدِيث عائشةَ رَضِي الله عَنْهَا:
وَمَا كَانَ لكم أَن تَنْزُروا رسولَ الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم
على الصَّلاة، أَي تُلِحُّوا عَلَيْهِ فِيهَا. وَفِي حديثٍ آخرَ: أَنَّ
عمرَ رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُسايرُ النَّبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ
وسلَّم فِي سفر، فسأَلَه عَن شيءٍ فَلم يُجِبْه، فَقَالَ لنَفسِهِ
كالمُبَكِّتِ لَهَا: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابنَ الخَطَّابِ،
نزرْتَ رسولَ الله صلى الله
عَلَيْهِ وسلَّم مِراراً لَا يُجيبُك، قَالَ الأَزهريُّ: مَعْنَاهُ
أنَّكَ أَلْحَحْتَ عَلَيْهِ فِي المسأَلَة إلحاحاً أَدَّبَكَ بسكوته
عَن جوابك. قلتُ: وَهُوَ فِي صَحِيح البُخاريّ فِي غَزْوَة
الحُديبِيَة، وَهَكَذَا ضبطَه الرُّواةُ بالتَّخفيف، وضبطَه الأَصيلِيّ
وَحده بالتَّشديد، وكأَنَّه على المُبالَغة. وَقَالَ أَبو ذَرٍّ أَحدُ
رُواةِ الكِتابِ: سأَلتُ عَنهُ مَن لَقيت أَربعين سنة فَمَا قرأْتُه
قَطّ إلاّ بالتَّخفيف. وَكَذَا قَالَ ثعلَبٌ. النّزْرُ: الاستعجالُ
والاحتثاثُ
(14/204)
نقلَه شَمِر عَن عِدَّةٍ من الكلابيّين،
ولكنَّه قَالَ: الاستِحْثاث: وَفِي التكملة مثل مَا للمصنّف، وَقَالَ
أَيضاً: وَيُقَال: نَزَرَه، إِذا أَعجلَه. النَّزْرُ: وَرَمٌ فِي ضَرْع
النّاقة، وَمِنْه قولُهم ناقةٌ مَنْزورَةٌ. النَّزْرُ: الأَمْرُ،
يَقُولُونَ: نزَرْتُكَ فأَكْثَرْت، أَي أَمَرْتُك. النَّزْرُ:
الاحتِقارُ والاستِقلالُ، عَن ابْن الأَعرابيّ، وَقد نَزَرَه، أَي
احتقرَه واستَقَلَّه، وأَنشد:
(قد كنتُ لَا أُنْزَرُ فِي يومِ النَّهَلْ ... وَلَا تَخونُ قُوَّتي
أَنْ أُبْتَذَلْ)
)
حتّى تَوَشَّى فِيَّ وَضّاحٌ وَقَلْ يَقُول كنت لَا أُستَقَلُّ وَلَا
أُحتَقَر حتّى كَبِرْت. فِي حَدِيث أُمِّ مَعْبَدٍ الخُزاعِيَّة فِي
صفة كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلّم: فَصْلٌ، لَا نَزْرٌ
وَلَا هذْرٌ. النَّزر: القليلُ، أَي لَيْسَ بِقَلِيل فيدلُّ على عِيٍّ
وَلَا بكثيرٍ فاسدٍ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(لَهَا بشَرٌ مثْلُ الحَريرِ ومَنْطِقٌ ... رَخيمُ الحَواشي لَا هُراءٌ
وَلَا نَزْرُ)
ونَزُرَ الشَّيءُ، كَكَرُمَ، نَزْراً بِالْفَتْح، ونَزارَةً كَسَحابَة،
ونُزورَةً ونُزوراً، بالضَّمِّ فيهمَا، وَفِي المحكَم نُزْرَةً،
بالضّمّ بدَلَ نُزورَة، وَهَكَذَا نَقله صَاحب اللِّسَان، فَلْينْظر
إنْ لمْ يكن أَحدُهما تصحيفاً عَن الآخر: قَلَّ وتَفِهَ. ونَزَّرَ
عطاءَهُ تَنْزيراً قَلَّله. ونَزَّرَه: أَعطاهُ عَطاء نَزْراً،
كأَنْزَرَهُ وَهَذِه نقلهَا الصَّاغانِيّ. وتَنَزَّرَ مِنْهُ:
تَقَلَّلَ. والنَّزورُ، كصَبور: المرأَةُ القليلةُ الوَلَد، ونِسْوَةٌ
نُزُرٌ، كالنَّزِرَةِ، بِكَسْر الزّاي، وَمِنْه حَدِيث ابْن
(14/205)
جُبَيْر: كَانَت المرأَة من الأَنصار إِذا
كَانَت نَزِرَةً أَو مِقلاتاً تَنْذُرُ لِمَن وُلِدَ لَهَا وَلَدٌ
لَتَجْعَلَنَّه فِي الْيَهُود. تلتمس بذلك طولَ بَقَائِهِ. أَو
النَّزور: القليلة اللبنِ من النُّوق، وَقد نَزُرَتْ نَزْراً. يُقَال:
كلُّ شيءٍ يَقِلُّ نَزورٌ، وَمِنْه قَول زيد بن عَديّ:
(أَوْ كَماءِ المَثْمودِ بَعْدَ جَمامٍ ... زَرِم الدَّمْعُِ لَا
يؤُوبُ نَزورا)
النَّزورُ: النّاقة الَّتِي ماتَ ولدُها وَهِي تَرأَمُ ولَدَ غَيرهَا
وَلَا يجيءُ لَبنهَا إلاّ نَزْراً. النَّزورُ أَيضاً: الَّتِي لَا
تكَاد تلقَحُ إلاّ وَهِي كارهَةٌ، وناقةٌ نَزورٌ بيِّنَةُ النَّزارِ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: والنَّاتِق الَّتِي إِذا وَجَدَتْ مسَّ الفَحلِ
لَقِحَتْ وَقد نَتقَتْ تَنْتُقُ، إِذا حَمَلَت. ونَزارُ بنُ مَعَدّ بن
عدنان، ككِتاب: أَبو قَبيلَة. وَفِي الرَّوْض الأُنُف: سُمِّيَ بِهِ
لأَنَّ أَباه لما وُلِدَ لَهُ نظَرَ إِلَى نُور النُّبُوَّة بَين
عَيْنَيْهِ، وَهُوَ النّور الَّذِي كَانَ يُنْقَلُ فِي الأَصلاب إِلَى
مُحَمَّد صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم، فَفَرِحَ فرَحاً شَدِيدا، ونَحَرَ
وأَطْعَمَ وَقَالَ: إنَّ هَذَا كلَّه لنَزْرٌ فِي حَقِّ هَذَا
المولودِ، فسُمِّيَ نِزاراً لذَلِك. وتَنَزَّرَ الرَّجلُ، إِذا انتسب
إِلَيْهِم وانتمى لَهُم، أَو شبَّه نفسَه بهم، أَو أَدخلَ نفسَه فيهم
وَلم يكن مِنْهُم. يُقَال: مَا جئتَ إلاّ نَزْراً، بِالْفَتْح، أَي
بطيئاً.
وَيُقَال: لَقِحَت الْحَرْب عَن نُزُرٍ، بضمَّتين، أَي عَن حِيالٍ. من
سجعات الأَساس: فلانٌ لَا يُعْطِي حَتَّى يُنْزَرُ، وَلَا يُطيعُ
حَتَّى يُهْزَرُ، أَي يُلَحُّ عَلَيْهِ ويُهان ويُصَغَّر من قَدْرِه.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: النَّزور، كصبور: الْقَلِيل الكلامِ لَا
يتكلّم حَتَّى تَنْزُرَه، قَالَه النَّضْرُ،
(14/206)
وَقد يستعمَل النَّزورُ فِي الطَّيْر،
قَالَ كُثَيِّر:
(بُغاثُ الطَّيْرِ أَكْثَرُها فراخاً ... وأُمُّ الصَّقر مِقلاتٌ
نَزورُ)
وَقَالَ الأصمعيُّ: نَزَرَ فلانٌ فلَانا يَنْزُرُه نَزْراً، إِذا
استخرج مَا عِنْده قَلِيلا قَلِيلا. وَقَالَ أَبو زيد: رَجلُ نَزْرٌ
وفَزْرٌ، وَقد نَزُرَ نَزارَةً، إِذا كَانَ قَلِيل الْخَيْر، وأَنزرَه
الله، وَهُوَ رجلٌ مَنزورٌ، وَيُقَال: أَعطاه عَطاءً نَزْراً
ومَنزوراً، إِذا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِيهِ، وعَطاءٌ غيرُ مَنزور، إِذا لم
يُلِحَّ عَلَيْهِ فِيهِ، بل أَعطاه عَفواً، وَمِنْه قولُه:
(فخُذْ عَفْوَ مَن آتاكَ لَا تَنْزُرَنَّه ... فَعِنْدَ بُلوغِ
الكَدْرِ رَنْقُ المَشارِبِ)
)
وفرَسٌ نَزورٌ: بطيئةُ اللِّقاح. كَذَا فِي اللِّسَان. ونَزَرَ
الشَّرابُ الإنسانَ: أَسْكَرَه. قَالَه ابْن القطّاع. ومَنْزَر
كمَقْعَد: قَرْيَة بِالْيمن من قرى سِنْحَان. ذكره ياقوت.
(نسر)
النَّسْرُ: طائِرٌ مَعْرُوف، زعمَ أَبُو حنيفَة أَنَّه من العِتاق.
قَالَ ابْن سِيدَه: وَلَا أَدري كَيفَ ذَلِك. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ:
يُقَال: النَّسْر لَا مخلَبَ لَهُ وإنّما لَهُ الظُّفُر كظُفُر
الدَّجاجةِ والغرابِ والرَّخَمَةِ، ثمَّ إِن الْفَتْح الَّذِي دلَّ
عَلَيْهِ كَلَام المصنّف هُوَ المَشهور، وَفِي حَاشِيَة شيخ
الْإِسْلَام زَكَرِيّا على تَفْسِير البَيضاويّ أنَّ النّسر مثلّث
النّون وَالْفَتْح أَفصحُ وأَشهر، قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ غَرِيب جدّاً.
وَيُقَال: إنَّه إنّما سُمِّيَ النَّسْرُ نَسْراً لأَنَّه يَنْسِرُ
الشيءَ ويقتَنِصُه، وَفِي بعض النُّسخ: ويبتلِعه، ج فِي العَدَدِ
(14/207)
الْقَلِيل: أَنْسُرٌ، وَفِي التكثير
نُسُورٌ. فِي التّنزيل الْعَزِيز وَلَا يَغُوثَ ويَعوقَ ونَسْراً قَالَ
الجَوْهَرِيّ: نَسْرٌ: صَنَمٌ كَانَ لذِي الكَلاع بأَرض حِمْيَرَ
وَكَانَ يَغوثُ لمَذْحج، ويَعوقُ لهَمَدان من أَصنام قومِ نوحٍ
عَلَيْهِ السلامُ، وَبِه أَرادَ العَبّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله:
(بلْ نُطْفَة تَركَبُ السَّفينَ وقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْراً وأَهلَه
الغَرَقُ)
قَالَه ابْن الأَثير وَقَالَ عَمْرو بن عبد الجِنّ:
(أَما ودِماءٍ لَا تزالُ كأَنَّها ... على قُنَّة العُزَّى وبالنَّسْر
عِنْدَمَا)
من المَجاز: النَّسْرانِ: كوكَبانِ فِي السَّماء مَعروفان، على
التَّشْبِيه بالنَّسْر الطّائر، يُقَال لكلِّ واحدٍ مِنْهُمَا نَسْرٌ،
ويصفونَهما فَيَقُولُونَ: النَّسْرُ الْوَاقِع، والنَّسْرُ الطّائرُ.
النَّسْرُ: لحمةٌ صُلبةٌ فِي بَاطِن الحافِر كأَنَّها حَصاةٌ أَو
نواةٌ، أَو هُوَ مَا ارْتَفع فِي بَاطِن حافِرِ الفَرَسِ من أَعلاه،
وَقيل هُوَ باطِنُ الحافِرِ، ج نَسورٌ، وَمِنْه قولُهم: حافرٌ صُلْبُ
النُّسورِ.
وَفِي التَّهْذِيب: ونَسْرُ الحافِرِ: لَحمُه، تُشَبِّهه الشّعراءُ
بالنَّوى، وَقد أَقْتَمَها الحافرُ، وَجمعه النُّسور، قَالَ سَلَمَةُ
بنُ الخُرْشُب:
(غَدَوْتُ بِهِ تُدافِعُني سَبوحٌ ... فَرَاشُ نَسورِها عَجَمٌ جَريمُ)
قَالَ أَبُو سعيد: أردَ بفَراشِ نُسورِها حَدّها. وفَراشَةُ كُلِّ
شيءٍ: حَدُّه، فأَراد أَن مَا يتقشَّر من نُسورها مثل العَجَمِ وَهُوَ
النَّوى. قَالَ: والنُّسور: الشَّواخِصُ اللّواتي فِي بطن الحافِر،
شُبِّهَت بالنَّوى لصَلابَتها، وأَنها لَا تَمَسُّ الأَرضَ.
(14/208)
النَّسْرُ: الكَشْطُ، وَقد نَسَرَه.
النّسْرُ: نَقْضُ الجُرْحِ، كالتَّنَسُّر. النَّسْر: نَتْفَ الطّائر
اللّحمَ بمِنقاره، ينْسِرُه، بِالْكَسْرِ، وينسُرُه، بالضّمِّ،
نَسْراً، فيهمَا. والمنْسرُ كمَجلس ومِنبَر: مِنقارُه الَّذِي يستنسِر
بِهِ. ومِنقار البازيّ وَنَحْوه مَنْسِرُه. وَقَالَ أَبُو زيد:
مِنْسَرُ الطّائر: مِنقاره بِكَسْر الْمِيم، لَا غير بقال نسره بمنسرة
نسراً وَفِي الصِّحَاح والمنسر لسِباع الطّيرِ بِمَنْزِلَة المِنقارِ
لغَيْرهَا. يُقَال: خرجَ فِي مِقْنَبٍ ومنْسَرٍ، ومَقانِبَ ومَناسِرَ،
المنْسر من الخَيلِ، بِالْوَجْهَيْنِ: مَا بينَ الثَّلَاثَة)
إِلَى الْعشْرَة، وَقيل مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الأَربعينَ، أَو
من الأَربعين إِلَى الْخمسين، أَو مَا بَين الأَربعين إِلَى الستّين،
أَو من الْمِائَة إِلَى الْمِائَتَيْنِ. كلُّ هَذِه الأَقوال ذكَرَها
ابنُ سِيدَه. وَفِي حَدِيث عليّ رَضِي الله عَنهُ: كلَّما أَظَلَّ
عَلَيْكُم مَنْسَرٌ من مَناسِر أَهل الشَّام أَغلَقَ كلُّ رجلٍ مِنْكُم
بَابه. المَنْسَرُ أَيْضا: قطعةٌ من الجيشِ تَمُرُّ قدَّامَ الْجَيْش
الْكَبِير، هَكَذَا بالمُوحَّدة، وَفِي بعض النُّسخ: الْكثير،
بالمُثلَّثة والأُولى الصَّوابُ والميمُ زائدةٌ. قَالَ لَبيدٌ يَرثي
قَتْلَى هَوازِنَ:
(سَمَا لهُمُ ابنُ الجَعْدِ حتّى أَصابَهُمْ ... بِذي لَجَبٍ
كالطَّوْدِ ليسَ بمنْسَر)
والمَنسر مِثَال المجلِس لُغَة فِيهِ، هَكَذَا أَنشده الجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ الصَّاغانِيّ: وَلم أَجده فِي شعره. وتَنَسَّرَ الحبلُ
وانْتَسَر طرفُه: انتَقَضَ وانْتَشَرَ. ونَسَرَه هُوَ نَسْراً،
ونَسَّرَه: نَشَرَه. تَنَسَّرَ الجُرْحُ: انتشَرَت مِدَّتُه لانتقاضِه،
قَالَ الأَخطلُ:
(يَخْتَلُّهُنَّ بحَدِّ أَسْمَرَ ناهِلٍ ... مِثْلِ السِّنانِ جِراحُه
تَتَنَسَّرُ)
تَنَسَّر الثوبُ والقِرطاسُ:
(14/209)
ذَهَبا شَيْئا بعدَ شيءٍ، نَقله الصاغانيّ،
تنَسَّرَت النِّعْمَةُ عَنهُ: تفرَّقَت، نَقله الصَّاغانِيّ.
والناسُورُ بِالسِّين والصّاد: العِرْقُ الغَبِرُ الَّذِي لَا ينقطعُ،
وَهُوَ عِرْقٌ فِي باطِنِه فسادٌ فكلَّما بَرَأَ أَعلاه رجَعَ غَبِراً
فَاسِدا، وَيُقَال أَصابَه غَبَرٌ فِي عِرْقِهِ، وأَنشدَ:
(فهْوَ لَا يَبْرَأُ مَا فِي صَدْرِه ... مِثْلَ مَا لَا يَبْرَأُ
العِرْقُ الغَبِرْ)
فِي الصِّحَاح: النّاسور، بِالسِّين وَالصَّاد جَمِيعًا: عِلَّةٌ
تَحدُثُ فِي المآقي يَسْقِي فَلَا يَنْقَطِع قَالَ وعِلَّةٌ تحدث
أَيضاً فِي اللِّثَّةِ، وَهُوَ مُعَرَّب. النِّسار، ككِتاب: موضعٌ،
وَقيل: جِبالٌ صِغارٌ، وَقيل مَاء لبني عَامر بن صَعصَعَةَ، لَهُ يومٌ
كَانَ لبني أَسَدٍ وذُبيانَ على جُشَمَ بنِ معاويةَ، قَالَ بِشْرُ بنُ
أبي حازِم:
(فلمّا رَأَونا بالنَّسار كأَنَّنا ... نَشاصُ الثُّرَيّا هَيَّجَتْهُ
جَنُوبُها)
وَقَالَ بَعضهم النِّسار: جَبَلٌ فِي ناحيةِ حِمَى ضَرِيَّةَ. ونَسْرٌ
بِالْفَتْح: ع بعقيقِ المدينةِ، وَهُوَ اسمُ غَديرٍ هُنَاكَ، ذكره
الزُّبير فِي كتاب العقيق، وَقد جَاءَ ذكره أَيْضا فِي شعر الحُطيئَة
وأَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ. نَسْر: جبلان بِبِلَاد غَنِيٍّ، وهما
النَّسرانِ، بَين مكّة وَذَات عِرْق، وَقَالَ الأصمعيّ: سأَلتُ رجُلاً
من بني غَنِيٍّ: أًيْنَ النِّسارُ فَقَالَ: هما نَسْرانِ، وهما
أَبْرَقانِ من جَانب الحِمى، وَلَكِن جُمِعا وجُعِلا مَوضِعاً واحِداً.
فِي المَثَلِ إنَّ البغاثَ بأَرضِنا يستنْسِرُ، استنْسَرَ البغاثُ:
صَار كالنَّسْرِ قوَّةً، كَذَا
(14/210)
نصّ الصِّحَاح، وَقَالَ غَيره: صَار
نَسْراً. وَمعنى المَثَلِ أَي أَنَّ الضّعيفَ يصيرُ قَويّاً.
وسُفيانُ بن نَسْر بن زيدٍ الخَزرَجيّ، بَدْرِيٌّ، وَقيل هُوَ حليفُ
الأَنصارِ. وتميمُ بن نَسْر بن عَمرو الأَنصاريّ، شَهدَ أُحُداً،
هَكَذَا ضَبطَه ابنُ مَاكُولَا بالنُّون والمُهمَلَة، وابنُه كُلَيْبُ
بنُ تَمِيم استُشهِدَ باليَمامة، صحابيّان، رَضِي الله عَنْهُمَا.
ويَحيى بن أَبي بُكَيْر بن نَسْر أَو بشْر، بالمُوحَّدة والمُعجَمة،
قَاضِي كِرمانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَهُوَ شيخ مالِكٍ صاحبِ المَذهب،
أَكبرُ من يَحيى بن بُكَيْرٍ صاحبِ مالكٍ. من المَجاز: نَسَرَ فُلاناً،
إِذا وَقع فِيهِ وعابَه، وَمِنْه قولُهم: مَا زالَ) يَنقُرُ فلَانا
ويَنْسُرُه، ويَخْذُلُه وَلَا ينصُرُه، أَي يعيبُه وَيَقَع فِيهِ.
ونُسَيْرُ بنُ ذُعْلوقٍ، كزُبَيْر، تابِعيٌّ من بني ثَوْر، كنيتُه أَبو
طُعْمَة، يروي عَن ابْن عُمَرَ، عِدادُه فِي أَهل الْكُوفَة، رَوَى
عَنهُ الثَّوريّ، كَذَا لِابْنِ حِبّان فِي الثِّقات. نُسَيْرٌ والِدُ
قَطَنٍ شَيخِ مُسلِم. نُسَيْرٌ: والِدُ عائِذٍ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بنَ
مَرْثَد. نُسَيْرٌ والدُ سَفْرٍ، بِفَتْح السِّين وَسُكُون الفاءِ،
المُحَدِّثِينَ، قلت: والصّوابُ أَنَّ الأَخيرَ تابِعيٌّ، كَمَا حقّقه
الحافظُ. نُسَيْرٌ: جَدُّ عبد الْملك بن مُحَمَّد المُحَدِّث، ذكره
الحافظُ. وقلعةُ نُسَيْرِ بنِ دَيْسَمَ بنِ ثَوْر بن عَريجَة بن
مُحَلِّم بن هِلَال بن رَبيعة: حِصْنٌ قربَ نهاوَنْدَ، قَالَه
الحازِميّ، لأَنَّه فتحَها بعدَ نَهاوَنْد وَكَانَ مَعَه بَنو عِجْلٍ
وحنيفةَ فأَقاموا مَعَ النُّسَيْر على القلعة، فسُمِّيَت بِهِ.
وناسِرُ: ة، بجُرْجان، مِنْهَا الحسَنُ بنُ أَحمدَ المُحَدِّث
النَّاسِريّ الجُرجانيّ مُترجَم فِي تَارِيخ حَمزة السَّهمِيّ. أَبو
الْفضل محمّد بن محمّد
(14/211)
الجُرجانيّ الْفَقِيه النّاسِريّ
الحَنَفيّ، عَن إسحاقَ بن أَحمدَ الخُزاعِيّ وابنِ صاعِدٍ، وَعنهُ
أَهلُ جُرجانَ. والنِّسْرِينُ: بالكَسر: وَرْدٌ، م مَعْرُوف، وَهُوَ
ضَرْبٌ من الرَّياحين، قَالَ الأَزْهَرِيّ: لَا أَدري أَعَربيٌّ أَمْ
لَا. والنُّسارِيَّةُ، بالضَّمّ: العُقابُ، شُبِّهَتْ بالنَّسر، قَالَه
ابْن الأَعرابيّ. وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: نَسْر بِالْفَتْح: من
مياه عُقَيْل بالأَعراف، لِغَمْرِه. والنَّسْرُ: جبَلٌ تِهامِيٌّ.
ووَادي النُّسورِ، بِالْقربِ من بَيت المَقدِس، وَمِنْه السَّيِّد
بدْرُ بن بَدرانَ بن يَعْقُوب بن مَطَر بن السَّيّد زكيّ الدّين سَالم
الحُسَيْنيّ العراقيّ وآلُ بيتِه. ومالكُ بن نَسْر، بِالْفَتْح، من
ذُرّيَّته أَسماءُ بنتُ عُمَيْس الخَثْعَمِيَّةُ وجماعةٌ من آل
بَيتهمْ. وَعَمْرو بن حَوْتَقة بن نَسْرِ الحرَشيّ شهدَ قتالَ الفُرْس
مَعَ سَعد، وحَوْشَبُ بن نَسْرِ بنِ زيادٍ الجَعفريّ وَغَيره.
وكَزُبَيْرٍ: نُسَيْرُ بنُ ثَوْر، كَانَ فِي أَصحاب سعد بن أبي وقّاص،
ونُسَيْرُ بن يحيى مَولى عثمانَ بن حبيب، ونُسَيْر بن عَمْرو العجْليّ،
كَانَ على مقدّمة سُهَيْلِ بنِ عَدِيٍّ، حِين غَزا كِرْمانَ، ذَكَرَه
سَيفٌ. وَقد سَمَّت الْعَرَب ناسراً. والأّنْسُرُ: بِراقٌ بيضٌ فِي
وضَحِ الحِمى بَين العَناقَةِ والأَودية والجَثْجَاثَة ومِذعا الكُور
وَهِي مِياهٌ لِغَنِيٍّ وكِلاب، والأَكثرُ أَنَّه جبلٌ. وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَة: والنِّسارُ: أَجْبُلٌ متجاورَةٌ يُقَال لَهَا الأَنْسُرُ
وَهِي النِّسار. والنَّسْرُ، بِالْفَتْح: ضيعةٌ بنَيْسابُورَ، مِنْهَا
عبد الله بن أَحمد بن عبد الله النَّسْرِيّ، قدِم دمشقَ وسَمع بهَا
أَبا محمّد بن أَبي نُصيْر، رَوى عَنهُ عليّ بن الْخضر السُّلميّ
وَغَيره، هَكَذَا نقلَه ياقوتٌ من تَارِيخ ابنِ عَسَاكِر.
(14/212)
(نستر)
نَسْتَرُ، كجَعْفَرُ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ وَصَاحب اللِّسَان،
واستدركَه الصَّاغانِيّ فَقَالَ: هُوَ زاهدٌ فارسيٌّ مَجوسيٌّ كَانَ
فِي زَمن كِسرى أَنُو شَروانَ ملِكِ الفُرْس. نَسْتَرُ: رَيْحانٌ، م،
أَي معروفٌ كالنَّسْتَرْنِ، بِزِيَادَة النُّون. نَسْتَرُ، كدِرْهَم:
صُقْعٌ بالعراق، أَي بسواده كَمَا فِي التكملة، وَفِي مُخْتَصر
البُلدان: بِالْكُوفَةِ ذُو قُرىً ومَزارِعَ. ونَسْتَرُو، بِفَتْح
فَسُكُون والراءُ مَضْمُومَة، وَفِي كتاب الأَسعد بن ممَّاتي:
بِزِيَادَة الهاءِ بعدَ الْوَاو: جزيرةٌ بَين دِمياط والإسكندريَّة من
أَعمال فُوَّةَ والمزاحمتين، يصاد فِيهَا السَمك، وَعَلَيْهِم ضَمانٌ
خمسينَ أَلفَ دِينار، وَقيل هِيَ جزيرةٌ ذَات أَسواق فِي بُحَيْرَة
مُنْفَرِدَة. ومُنَسْتِيرُ، بضَمِّ الميمِ وَفتح النُّون وسُكون السّين
وَكسر التّاء: د، بأَفريقِيَةَ، بَين المَهدِيَّة وسُوسَة، وَهِي
خَمْسَة قصورٍ يحيطُ بهَا سُورٌ واحدُ، بَين كلٍّ مِنْهَا مَرحلَة،
وَيُقَال إنَّ الَّذِي بنى الْقصر الْكَبِير هَرْثَمَةُ بن أَعْيَنَ،
سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة، وَله فِي يَوْم عاشوراءَ مَوسمٌ عظيمٌ ومَجمع
كبيرٌ، وَهُوَ مَعبَدُ الزُّهَّاد والمُنقطعينَ والمُرابِطين. وَفِي
الطَّبقة الثَّانِيَة من الْحصن مَسْجِدٌ لَا يَخْلُو من شيخٍ خَيِّرٍ
يكونُ مَدارُ القومِ عَلَيْهِ. وَفِي قِبلَتِه حِصْنٌ فسيحٌ مَزارٌ
للنِّساء المُرابِطات، وَبهَا جامعٌ مُتْقَنُ البناءِ وَفِيه غُدُرٌ
وحَمّاماتٌ. مُنَسْتِيرُ: د، آخَرُ بأَفريقيَة أَيضاً، ويُعرَف
بمُنَسْتيرِ عُثمانَ أَهلُه قومٌ من قُرَيْشٍ من ولَد الرَّبيع بن
سُلَيْمانَ، وَهُوَ اخْتَطَّها عِنْد دُخولِه أَفريقية، بَينه وَبَين
القَيْرَوانِ ستُّ مَراحلَ، وَهِي قريةٌ كبيرةٌ آهِلَةٌ، بهَا جامعٌ
وخَنادِقُ وأَسواقٌ وحَمَّامٌ، وسكَنَتْها عَرَبٌ وبَرْبَرٌ.
مُنَسْتِيرُ: ع، شرقيّ الأَندلَسِ، بَين لَقَنْتَ وقَرْطاجَنَّة، ذكره
ياقوت.
(14/213)
(نسطر)
النُّسْطُورِيَّة، بالضَّمِّ وتُفتَح، أَهمله الجَوْهَرِيّ. وَقَالَ
الصَّاغانِيّ وَصَاحب اللِّسَان: هم أُمَّةٌ من النّصارَى تُخالِفُ،
وَفِي التكملة وَاللِّسَان: يخالفون بقيَّتَهم، وهم أَصحابُ نُسْطُور
الحَكيم الَّذِي ظهر فِي زَمَنِ أَمير الْمُؤمنِينَ المأْمونِ بِاللَّه
العبّاسيّ، وتَصَرَّفَ فِي الْإِنْجِيل بحُكم رأْيِه وَقَالَ: إنَّ
اللهَ واحدٌ ذُو أَقانيمٍ ثلاثةٍ، تَعَالَى الله عَن ذَلِك عُلُوّاً
كَبِيرا، وَهُوَ بالرُّومِيَّة نَسطُورِسْ، بِفَتْح النُّون، إلاّ
أَنَّ وِزانَ العَرَبيَّة يُعدَمُ فِيهِ فَعْلولٌ بِفَتْح الفاءِ، إلاّ
مَا شَذَّ من صَعفوق، فإنْ سُلِكَ بنَسْطُورٍ مَسلَكَ العرَبيَّة
ضُمَّتِ النُّونُ وإلاّ فَهُوَ بِفَتْحِهَا فِي الأَصل، حقَّقَه
الصَّاغانِيّ.
(نشتبر)
نِشْتَبْرُ، كجِرْدَحْل، أَهمله الجَوْهَرِيّ، وَهِي ة كبيرةٌ قربَ
شَهرابانَ من طَرِيق خُراسانَ، من نواحي بَغداد، ذاتُ نَخلٍ وبساتينَ.
وضبطَه ياقوت بِفَتْح النُّون وَزِيَادَة الأَلف الْمَقْصُورَة فِي
آخِره. قلت: وَمِنْهَا الإمامُ أَبو محمّد عبدُ الْخَالِق بن الأَنْجَب
بن المُعمَّر بن الحسَن بن عُبَيْد الله النَّشْتَبْرِيُّ تفقَّه على
الشَّيْخ أَبي طالبٍ المُبارك بن المُبارَك بن الخلّ بن فَضلانَ مدرِّس
بِالْمَدْرَسَةِ الشّهابيّة بدُنَيْسِر، وَسمع قَلِيلا من الحَدِيث عَن
وجيه بن طَاهِر وَغَيره، وَقد نيَّفَ على التِّسعين، وَقد وقَعَ لنا
حديثُه فِي عُشارِيّات الحافظِ بنِ حَجَر من طريقِ زَيْنَبَ بنتِ
الكَمالِ عَنهُ.
(نشر)
النَّشْرُ: الرِّيح الطَّيِّبةُ، قَالَ مُرَقِّشٌ:
(النَّشْرُ مِسْكٌ والوُجوهُ دَنا ... نِيرٌ وأَطرافُ الأَكُفِّ
عَنَمْ)
أَو أَعَمُّ، أَي الرِّيحُ مُطلقاً من غير أَن يقيّد بطيبٍ أَو نَتْنٍ،
وَهُوَ قَول أبي عُبَيد، أَو ريحُ فَمِ المَرْأَةِ وأَنْفِها
وأَعطافِها بعدَ النَوْمِ،
(14/214)
وَهُوَ قَول أبي الدُّقَيْش، قَالَ امْرؤُ
القَيْس:
(كأَنَّ المُدامَ وصَوبَ الغَمامِ ... وريحَ الخُزامَى ونَشْرَ
القُطُرْ)
من المَجاز: النَّشْرُ إحياءُ المَيِّت، كالنُّشورِ والإنشارِ، وَقد
نشَرَ اللهُ المَيِّتَ ينشُره نَشْراً ونُشوراً وأَنْشَرَه: أَحياهُ،
وَفِي الْكتاب الْعَزِيز: وانْظُرْ إِلَى العِظامِ كيفَ نُنْشِرُها
قرأَها ابْن عبّاس كيفَ نُنْشِرُها، وقرأَها الحَسَن نَنْشُرُها،
وَقَالَ الفرَّاءُ من قرأَ كَيفَ نُنْشِرُها فإنْشارُها إحياؤُها،
واحتجَّ ابْن عبّاس بقوله تَعَالَى: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَه قَالَ
ومَن قرأَ كيفَ نَنْشُرُها، وَهِي قِرَاءَة الحَسَن فكأَنَّه يذهبُ
بهَا إِلَى النَّشْرِ والطَّيِّ. والوَجهُ أَن يقالَ: أَنْشَرَ الله
المَوتى فنَشَروا هم إِذا حَيُوا، وأَنشرَهُمُ اللهُ: أَحياهُم.
وأَنشَدَ الأَصمعيّ لأبي ذُؤَيْب:
(لَو كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنْشَرَتْ أَحَداً ... أَحْيا أَبُوَّتَكِ
الشُّمَّ الأَماديحُ)
النَّشْرُ: الحياةُ. يُقَال: نَشَرَه نَشْراً ونُشوراً، كأَنْشَرَهُ
فَنَشَرَ هُوَ، أَي المَيِّتُ، لَا غير، نُشوراً: حَيِيَ وعاشَ بعدَ
المَوت.)
وَقَالَ الزّجّاج: نَشَرَهُم الله بعثَهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
وإلَيْهِ النُّشُورُ وَقَالَ الأَعشَى:
(حتَّى يقولَ النّاسُ مِمّا رأَوا ... يَا عَجَباً لِلْمَيِّت
النّاشِرِ)
النَّشْرُ: الكَلأُ إِذا يَبِسَ فأَصابَه مَطَرٌ فِي دُبُر الصَّيف
فاخْضَرَّ، وَهُوَ رديءٌ للرّاعيةِ يهرُبُ النّاسُ مِنْهُ بأَموالِهم،
يُصِيبهَا مِنْهُ السَّهام إِذا رعَتْه فِي أَوّل مَا يَظْهَر، وَقد
نَشَرَ العُشْبُ نَشْراً. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: وَلَا يضُرُّ
النَّشْرُ الحافِرَ، وَإِذا كَانَ كَذَلِك تَرَكُوهُ حَتَّى يَجِفَّ
فتذهب عَنهُ أُبْلَتُه، أَي شَرّه، وَهُوَ يكون من البقل والعشب وَقيل:
لَا يكون إلاّ من العشب، وَقد نَشَرَت الأَرضُ.
(14/215)
النَّشْرُ: انتشارُ الوَرَقِ، وَقيل:
إِيراقُ الشَّجَرِ، وبكُلٍّ مِنْهُمَا فَسَّرَ ابنُ الأَعرابيّ قولَ
الشَّاعِر:
(كأَنَّ على أَكتافهم نَشْرَ غَرْقَدٍ ... وَقد جاوَزوا نَيَّانَ
كالنَّبَطِ الغُلْفِ)
وَقيل: النَّشْرُ هُنَا الرّائحةُ الطَّيِّبَةُ، عَن ابْن الأَعرابيّ
أَيضاً. النَّشْرُ: خِلافُ الطَّيِّ، كالتَّنشيرِ، نَشَرَ الثَّوْبَ
ونحوَه ينْشُرُهُ نَشْراً ونَشَّرَهُ: بَسَطَهُ، وصُحُفٌ مُنَشَّرَةٌ،
شُدِّدَ للكَثرَة. النَّشْرُ: نَحْتُ الخَشَب، وَقد نَشَرَ الخَشَبَةَ
يَنْشُرُها نَشْراً: نَحَتَها، وَهُوَ مَجازٌ. وَفِي الصِّحاح: قطعهَا
بالمِنْشارِ. النّشْرُ: التَّفريقُ، والقومُ المُتَفَرِّقون الَّذين
لَا يجمعهُمْ رئيسٌ، ويُحَرَّكُ، يُقال: جاءَ الْقَوْم، نَشَراً، أَي
مُتَفَرِّقين، ورأَيْتُ القومَ نَشَراً، أَي منتشرين. منَ المَجاز:
النَّشْرُ: بَدْءُ النَّباتِ فِي الأَرْض. يُقَال: مَا أَحْسَنَ
نَشْرَها. النَّشْرُ: إذاعةُ الخبَر، وَقد نَشَرَه يَنْشِره،
بِالْكَسْرِ، ويَنْشُره، بِالضَّمِّ: أذاعَه، فانْتَشَر. وَمُحَمّد بن
نَشْر، محدّث هَمْدَانيّ، وروى عَنهُ لَيْثُ بن أبي سُلَيْم، وضَبطه
الْحَافِظ فِي التَّبْصير بالتَّحْتِيَّة بدلَ النُّون وَقَالَ فِيهِ:
يروي عَن لَيْثِ بن أبي سُلَيْم ثمَّ قَالَ: قلت هُوَ هَمْدَانيّ، روى
عَن ابنِ الحنفيّة. فَفِي كَلَام المصنّف نظرٌ من وَجْهَيْن. وقرأت فِي
ديوَان الذهَبِيّ مَا نَصه: مُحَمَّد بن نَشْر المَدَني، عَن عَمْرو بن
نَجيح، نكرةٌ لَا يُعرَف.
قلت: وَلَعَلَّ هَذَا غير الَّذِي ذكره المصنِّف فليُنظَر.
(14/216)
قَوْلُهُ تَعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرسِل
الرِّياحَ نُشُراً بينَ يَدَيْ رَحْمَته هُوَ بضمَّتَيْن، قرئَ
نُشْراً، بضمٍ فَسُكُون، قرئَ نَشَرَاً، بِالتَّحْرِيكِ، فَالْأول
جَمْع نَشور، كرَسول ورُسُل، وَالثَّانِي سكّن الشين استِخْفافاً، أَي
طلبا للخِفَّة، وَالثَّالِث مَعْنَاهُ إحْياء بنَشْرِ السَّحَاب
الَّذِي فِيهِ المَطَر، الَّذِي هُوَ حياةُ كلِّ شيءٍ، وَالرَّابِع
شاذٌّ، عَن ابنِ جنّي، قَالَ: وَقُرِئَ بهَا. وعَلى هَذَا قَالُوا
مَاتَت الرِّيح: سَكَنَت، قَالَ:
(إنّي لأرْجو أَن تَموتَ الرِّيحُ ... فَأَقْعُد اليومَ وأَسْتَريحُ)
قيل: مَعْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي يُرسِل الرياحَ مُنشِرةً نَشَرَاً
قَالَه الزَّجَّاج. قَالَ: وَقُرِئَ بُشُراً، بِالْبَاء، جمع بَشيرة،
كَقَوْلِه تَعَالَى: وَمن آياتِه أنْ يُرسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ.
وَنَشَرتِ الريحُ: هَبَّتْ فِي يومِ غَيْمٍ خاصَّةً. عَن ابْن
الأَعْرابِيّ. وقَوْلُهُ تَعالى: والنَّاشِراتِ نَشْرَاً قَالَ
ثَعْلَب: هِيَ الملائكةُ تَنْشُر الرّحمة. وَقيل: هِيَ الرِّياح
تَأْتِي بالمطر. منَ المَجاز: نَشَرَتِ الأرضُ تَنْشُر نُشوراً،
بِالضَّمِّ: أَصَابَهَا الربيعُ فأنبَتَتْ، فَهِيَ ناشِرةٌ. منَ
المَجاز: النُّشْرَة، بالضَّمِّ: رُقْيَةٌ يُعالَج بهَا)
الْمَجْنُون وَالْمَرِيض وَمن كَانَ يُظَنُّ أنّ بِهِ مَسَّاً من
الجنّ، وَقد نَشَرَ عَنهُ، إِذا رَقَاه، وربَّما قَالُوا للإنسانِ
والمَهْزول الهالِك: كأنَّه نُشْرَة. قَالَ الكلابيّ: وَإِذا نُشِرَ
المَسْفوعُ كَانَ كأنّما أُنشِطَ من عِقال، أَي يُذهَب عَنهُ سَرِيعا،
سُمِّيت نُشْرَة لأنّه يُنَشَّر بهَا عَنهُ مَا خامَرَه من الدَّاء،
أَي يُكشَف ويُزال. وَفِي الحَدِيث: أنّه سُئلَ عَن النُّشْرَة
فَقَالَ: هِيَ من عَمَلِ الشَّيْطان وَقَالَ الْحسن: النُّشْرَة من
السِّحْر.
(14/217)
وانْتَشَر المَتاعُ وغيرُه: انْبَسَط، وَقد
نَشَرَه نَشْرَاً، كتَنَشَّر. وَفِي الحَدِيث: أنّه لم يَخْرُج فِي
سفرٍ إلاّ قَالَ حِين يَنْهَضُ من جُلوسِه: اللهُمَّ بكَ انْتَشَرْت.
قَالَ ابنُ الْأَثِير: أَي ابتدأتُ سَفَري. وكلّ شيءٍ أَخَذته غَضَّاً
طَرِيَّاً فقد نَشَرْتَه وانتَشَرْته، ويُروى بِالْبَاء المُوَحَّدة
والسِّين المُهمَلة. وَقد ذُكر فِي محلِّه. انْتَشَرَ النهارُ وغيرُه:
طالَ وامْتَدَّ. منَ المَجاز: انْتَشَرَ الخَبَرُ فِي النَّاس:
انْذاعَ، وانتَشَرَت الإبلُ والغَنَمُ: افْتَرَقَتْ، وَفِي بعض النّسخ:
تفرَّقتْ عَن غِرَّةٍ من راعِيها، وَنَشَرها هُوَ يَنْشُرها نَشْرَاً.
وَهِي النَّشَر، محرَّكةً. منَ المَجاز: انْتَشَر الرجلُ، إِذا
أَنْعَظ، وانتشَرَ ذَكَرُه، إِذا قَامَ. انْتَشَرَ العَصَبُ: انْتَفَخَ
للإتْعابِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدة: والعَصَبَةُ الَّتِي تنتفخ هِيَ
العُجايَة، قَالَ: وتحَرُّكُ الشَّظَى كانتِشارِ العَصَبِ غير أنّ
الفرَسَ لانتِشارِ العَصَبِ أشدُّ احْتِمَالا مِنْهُ لتحرُّك الشَّظَى.
وَقَالَ غيرُه: انتِشار عَصَبِ الدّابَّةِ فِي يَدِه أنْ يُصيبه عَنَتٌ
فيزول العَصَبُ عَن مَوْضِعه. انْتَشَرَت النَّخلةُ: انبسَطَ سعَفُها.
نَشَرَ الخَشَبَة بالمِنْشار. والمِنْشار: مَا نُشِرَ بِهِ، والمِنْشار
أَيْضا: خَشَبَةٌ ذاتُ أصابعَ يُذَرَّى بهَا البُرُّ ونَحْوُه.
والنَّواشِر: عَصَبُ الذِّراع من داخلٍ وخارجٍ، أَو عروقٌ وَعَصَبٌ فِي
باطنِ الذِّراع، وَهِي الرَّواهِشُ أَيْضا. وَقَالَ أَبُو عَمْرو
والأصمعيّ هِيَ عروقُ باطِنِ الذِّراع، قَالَ زُهَيْر: مَراجيعُ وَشْمٍ
فِي نَواشِرِ مِعْصَمِ أَو هِيَ العَصَبُ فِي ظاهِرِها، واحدَتُها
ناشِرَةٌ، واقتصرَ الجَوْهَرِيّ على مَا ذهبَ إِلَيْهِ الأصمعيُّ
وَأَبُو عَمْروٍ.
(14/218)
يُقَال: مَا أَشْبَه خَطَّه بتَناشيرِ
الصِّبيان، التَّناشير: كتابةٌ لغِلْمان الكُتَّاب، وَهِي خطوطُهم فِي
المَكْتَبِ، بِلَا وَاحِد، قَالَه ابنُ سِيدَه. وناشِرَةُ بن أَغْوَاثٍ
الَّذِي قَتَلَ هَمَّاماً غَدْرَاً، وقصَّتُه مشهورةٌ فِي كتب
التَّواريخ، واستوفاها البَلاذُرِيّ فِي المَفاهيم. وَفِيه يَقُول
الْقَائِل:
(لقدْ عَيَّلَ الأَيْتامَ طَعْنَةُ ناشِرَهْ ... أَناشِرَ لَا زالتْ
يمينُك آشِرَهْ)
ومالكُ بن زَيْدٍ المَعافِريّ، سمع أَبَا أَيُّوب وابنَ عمر، وَعنهُ
أَبُو قَبيل المَعافِرِيُّ وعباس بن الْفضل عَن أبي دَاوُود
النَّخَعِيّ وَمُحَمّد بن عَنْبَس عَن إِسْحَاق بن يزِيد وغيرِه،
وَعنهُ مُحَمَّد بن مَحْمُود الكِنْديّ الكوفيّ، وعبدُ الرَّحْمَن بن
مُزْهِر وَهَذَا الْأَخير لم يذكرهُ الْحَافِظ فِي التَّبْصير، وَذكر
ضِمام بن إِسْمَاعِيل المَعافِرِيّ، الناشِرِيُّون، محَدِّثون، كلهم
إِلَى جدِّهم ناشِرَة، أما مالكُ بن زَيْد فَمن بني ناشِرَه بن
الْأَبْيَض بن كِنانة بن مُسْلِيَة بن عَامر بن عَمْرِو بن عُلَةَ بن
جَلْد، بَطْن من هَمْدَان، قَالَه ابنُ الْأَثِير. ونَشْوَرَتِ
الدَّابَّةُ من علَفِها نَشْوَاراً، بِالْكَسْرِ: أَبْقَتْ من علَفِها،
عَن ثَعْلَب،)
وَحَكَاهُ مَعَ المِشْوار الَّذِي هُوَ مَا أَلْقَت الدابَّةُ من
علفِها، قَالَ: فَوَزْنُه على هَذَا نَفْعَلَتْ قَالَ، وَهَذَا بناءٌ
لَا يُعرَف، كَذَا نَقله ابنُ سِيدَه، وَقَالَ الجَوْهَرِيّ:
والنِّشْوار: مَا تُبقيه الدَّابَّةُ من العلَف، فارسيٌّ معرَّب. فِي
الحَدِيث: إِذا دَخَلَ أحدكُم الحَمَّام فَعَلَيهِ بالنَّشير وَلَا
يَخْصِف. النَّشير، كأَمير: المِئْزَر، سُمِّي بِهِ لأنّه يُنشَر
ليُؤْتَزَرَ بِهِ. النَّشِير: الزَّرْعُ إِذا جُمِع وهم لَا يدوسونه.
(14/219)
فِي التَّكملة: المَنْشور: مَا كَانَ
غَيْرَ مَخْتُومٍ من كتبِ السُّلْطَان، وَهُوَ المَشْهور بالفَرَمان
الْآن، والجَمْعُ المَناشير. المَنْشورة، بهاءٍ: المرأةُ السَّخِيَّةُ
الكَريمة، كالمَشْنورة، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. والنُّشارَة، بالضمّ:
مَا سَقَطَ من المِنْشار فِي النَّشْر، كالنُّحاتَة. وإبلٌ نَشَرَى،
كَجَمَزى: انْتشَرَ فِيهَا الجَرَبُ، وَفِي التَّكملة: نَشْرَى،
كَسَكْرى، والفِعلُ نَشِرَ كفَرِح، إِذا جَرِبَ بعد ذهابِه وَنَبَتَ
الوَبَرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْفَى، وَبِه فُسِّر قَوْلُ عُمَيْر بن
الحُبَاب:
(وَفينَا وإنْ قيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ ... كَمَا طرَّ أَوْبَارُ
الجِرابِ على النَّشْرِ)
والتَّنْشير مثلُ التَّعويذ بالنُّشْرَة والرُّقْيَة، وَقد نَشَّر
عَنهُ تَنْشِيراً، وَمِنْه الحَدِيث أنّه قَالَ: فلعلَّ طَبَّاً
أَصَابَهُ يَعْنِي سِحْراً، ثمَّ نَشَّرَه ب: قُل أعوذُ برَبِّ
النَّاسِ، وَهُوَ مجَاز. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: كَأَنَّك تُفرِّق
عَنهُ العِلَّة. والنَّشَرُ، محرَّكةً: المُنْتَشِرُ، وَمِنْه
الحَدِيث: اللَّهُمَّ اضْمُمْ نَشَري أَي مَا انتشرَ من أَمْرِي،
كَقَوْلِهِم: لَمَّ الله شعَثي. وَفِي حَدِيث عائشةَ رَضِي الله
عَنْهَا تَصِفُ أَبَاهَا: فَرَدَّ نَشَرَ الْإِسْلَام على غَرِّه، أَي
رَدَّ مَا انتشَرَ من الْإِسْلَام إِلَى حالتِه الَّتِي كَانَت على
عَهْدِ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم، تَعْنِي أَمْرَ
الرِّدَّة وكِفايةَ أَبِيهَا إيّاه. وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنى مَفْعُول.
يُقَال: اتَّقِ على غنَمِكَ النَّشَر، وَهُوَ أَن تَنْتَشِرَ الغنَمُ
باللَّيْل فَتَرْعى. والمُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِلِيّ أَخُو
أَعْشَى باهِلَةَ لأمِّه أحدُ الأشرافِ كَانَ يَسْبِقُ الفرَسَ
شَدَّاً.
(14/220)
ونُشور، بالضمّ: ة بالدِّينَوَر، نَقله
الصَّاغانِيّ، قلتُ: وَمِنْهَا أَبُو بكرٍ مُحَمَّد بن عُثْمَان بن
عَطاءٍ النُّشورِيّ الدِّينَوَرِيّ، سَمِعَ الحديثَ ودخلَ دِمْياط،
وَكَانَ حَسَنَ الطّريقة. والنُّشُر، بضمَّتَيْن: خُرُوج المَذْيِ من
الْإِنْسَان، نَقله الصَّاغانِيّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: أرضُ
المَنْشَر: الأرضُ المُقدَّسَة من الشَّام، أَي مَوْضِع النُّشور،
جَاءَ فِي الحَدِيث، وَهِي أرضُ المَحْشَر أَيْضا. وَفِي الحَدِيث: لَا
رَضاعَ إلاّ مَا أَنْشَر اللحمَ وأَنْبَتَ العظمَ أَي شَدَّه وقَوَّاه.
قَالَ ابنُ الْأَثِير ويُروى بالزاي. ونَشرُ الأرضِ بِالْفَتْح: مَا
خرجَ من نباتها. وَقَالَ الليثُ: النَّشْرُ: الكَلأُ يَهيجُ أَعْلَاهُ
وأسفلُه نَدِيٌّ أَخْضَر، وَبِه فُسِّر قولُ عُمَيْر بن الحُباب
السَّابِق. يَقُول: ظاهرُنا فِي الصُّلْح حَسَنٌ فِي مِرآةِ العَيْن،
وباطنُنا فاسدٌ كَمَا تَحْسُنُ أَوْبَارُ الجَرْبَى عَن أكلِ النَّشْرِ
وتحتها داءٌ مِنْهُ فِي أَجْوَافِها. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ:
النَّشْرُ: نباتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بَعْدَ مَا يَبْرَأ.
والنَّشْرُ: محركة: أَن تَرْعَى الإبلُ بَقْلاً قد أَصَابَهُ صَيْفٌ
وَهُوَ يَضرُّها، وَمِنْه قَوْلهم: اتَّقِ على إبلك النَّشْر.
وَيُقَال: رأيتُ القومَ نَشَرَاً، أَي مُنتَشرين، واكْتسى الْبَازِي
رِيشاً نَشَرَاً، أَي مُنتشراً طَويلا. وَجَاء ناشِراً أُذُنَيْه، إِذا
جَاءَ طَائِعا، كَذَا فِي الأساس وَفِي نُسْخَة اللِّسَان طامِعاً،
وَعَزاهُ لِابْنِ الأعرابيّ، وَهُوَ مَجاز، وَنَشَرُ الماءِ، محرَّكة:
مَا انْتَشَر وتَطايَر عِنْد الْوضُوء، وَفِي حَدِيث الْوضُوء: فَإِذا
اسْتَنْشَرْتَ واسْتَنْثَرْتَ) خَرَجَتْ خَطايا وَجْهِك وفِيكَ
وخَياشيمِك
(14/221)
مَعَ المَاء، قَالَ الخَطَّابيُّ:
المَحْفوظُ اسْتَنْشَيْت بِمَعْنى اسْتَنْشَقْتَ. قَالَ: فَإِن كَانَ
مَحْفُوظًا فَهُوَ من انتِشار المَاء وتفَرُّقه. وَقَالَ شَمِرٌ: أرضٌ
ماشِرَةٌ، وَهِي الَّتِي قد اهتزَّ نباتُها واستوَتْ ورَوِيَت من
الْمَطَر. وَقَالَ بعضهُم: أرضٌ ناشِرَةٌ بِهَذَا الْمَعْنى.
والنَّشْرَةُ، بِالْفَتْح: النَّسيم، وَقد ذَكَرَه أَبُو نُخَيْلة فِي
شِعره. وتَنَشَّر الرجلُ، إِذا اسْتَرْقى. والمُنتَشِرُ بنُ الأجْدَع
أَخُو مَسْرُوقٍ، روى عَنهُ ابنُه مُحَمَّد بن المُنتَشِر، وَأَخُوهُ
المُغيرةَ بن المُنتَشِر، ذكره ابنُ سعد فِي الْفُقَهَاء، وَأَبُو
عُثْمَان عاصمُ بن مُحَمَّد بن النَّصير بن المُنتَشِر البَصْرِيّ، عَن
مُعتَمِر وَعنهُ مُسلِمٌ وَأَبُو دَاوُود وغيرُهما. وَنَشَرْتُ: من قرى
مصر بالغربيَّة. والمِنْشار، بِالْكَسْرِ: حِصنٌ قريبٌ من الْفُرَات.
وَقَالَ الحازميُّ: مِنْشار: جبلٌ أظنُّه نَجْدِيَّاً. وَبَنُو ناشِرَة
بَطْنٌ من المَعافِر. وناشِرَةُ بن أُسَامَة بنِ والبة بن الْحَارِث
بنِ ثَعْلَبَة بن دُودان بن أسدٍ، بطنٌ آخر، مِنْهُم بِشْرُ بن أبي
خازمٍ واسمُه عَمْرُو بن عَوْف بن حِمْيَر بن ناشِرَة، الشَّاعِر، ذكره
ابنُ الكلبيّ. ونُشَيْرٌ، مُصغَّراً: موضعٌ بِبِلَاد الْعَرَب.
والنّاشِريُّون: فقهاءُ زَبيد بل الْيمن كلّه، وهم أكبر بَيت فِي
الْعلم وَالْفِقْه والصّلاح، وبهم كَانَ يُنتفَع فِي أَكثر بلادِ
الْيمن، ينتسبون إِلَى ناشِر بن تَيْم بن سَمْلَقة بَطْن من عَكِّ بنِ
عدنان، وَإِلَيْهِ نُسِب حِصنُ ناشِر بِالْيمن. وحفيدُه ناشِرٌ
الْأَصْغَر بنُ عَامر بن ناشِر، نزلَ أسفلَ وَادي مَوْر، وابْتَنى بهَا
الْقرْيَة الْمَعْرُوفَة بالنّاشريَّة، فِي أول الْمِائَة الخامسَة،
مِنْهُم القَاضِي مُوفَّق الدّين عليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد
الله
(14/222)
النّاشريّ، شَاعِر الأشرَف، تُوفِّي سنة
بتَعِزّ، وحفيدُه الشِّهاب أَحْمد بن أبي بكر بن عليّ، إِلَيْهِ انتهتْ
رِياسَةُ العلمِ بزَبيد، وَكَانَ معاصِراً للمُصنِّف وَكَذَا أَخُوهُ
عليُّ بن أبي بكر الحاكِم بزَبيد، ووالدُهما القَاضِي أَبُو بكر تفقَّه
بِأَبِيهِ، وَهُوَ ممّن أَخذ عَنهُ ابنُ الخيّاط حافظُ الدِّيار
اليمنيّة، تُوفِّي بتَعِزّ سنة وَمِنْهُم القَاضِي أَبُو الْفتُوح عبدُ
الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر النّاشِرِيّ، تفقّه على أَبِيه
وعَلى القَاضِي جمال الدّين الريميّ، وتُوفّي بالمَهْجَم قَاضِيا بهَا
سنة وَله إخوةٌ أربعةٌ كلّهم تَوَلَّوا الخَطابةَ والتدريس بالمَهْجَم
والكدراء، وَمِنْهُم الْفَقِيه الناسِك إبراهيمُ بنُ عِيسَى بن
إِبْرَاهِيم النّاشِرِيّ، تُوفِّي بالكدراء سنة. وفيهَا توفّي
المُصنِّف بزَبيد. وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل الناشريّ، توفّي بحَرَض سنة
وَقد ألّف فيهم أَبُو مُحَمَّد عُثْمَان بنُ عمر بن أبي بكرٍ النّاشريّ
الزَّبيديّ كتابا سَمّاه البُستانُ الزَّاهِر فِي طَبَقَات علماءِ بني
ناشِر، وَكَذَلِكَ الإِمَام المُفتي أَبُو الخُطَباء مُحَمَّد بن عبد
الله بن عمر النّاشريّ فقد اسْتَوْفى ذِكرَهم فِي كِتَابه: غُرَر
الدُّرَر فِي مُخْتَصر السِّيَر وأنساب البَشَر. والأُنْشور: بَطْنٌ من
عَكِّ بن عدنان، يَنْزِلون قبِليّ تَعِزّ، على نِصفِ يومٍ مِنْهَا.
وناشِرُ بن حَامِد بن مغرب: بطنٌ من عَكّ، وَهُوَ جَدّ المَكاسِعَة
بِالْيمن.
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
(نشمر)
نَشْمَرْت: قريةٌ بشرقيّةِ مصر.
(نصر)
نَصَرَ المَظلومَ يَنْصُرهُ نَصْرَاً ونُصوراً، كقُعود، ونُصْرَةً،
وَهَذِه عَن الزَّمَخْشَرِيّ، وَفِي المُحكَم: وَالِاسْم النُّصْرَة:
أَعَانَهُ على عَدُوِّه وشَدَّ مِنْهُ، وشاهِدُ النُّصور قَوْلُ
خِدَاشِ بنِ زُهَيْر:
(فإنْ كنتَ تَشْكُو من خَلِيل مَخانَةً ... فتلكَ الجوازي عَقْبُها
ونُصورُها)
(14/223)
قَالَ ابنُ سِيدَه: وَيجوز أَن يكون
نُصوراً هُنَا جَمْعُ ناصِر، كشاهد وشُهود، وَفِي الحَدِيث: انْصُرْ
أخاكَ ظالِماً أَو مَظْلُوماً وتفسيرُه أَن يَمْنَعه من الظُّلم إِن
وَجَدَه ظَالِما، وَإِن كَانَ مَظْلُوما أَعَانَهُ على ظالمه. منَ
المَجاز: نَصَرَ الغيثُ الأرضَ نَصْرَاً: غاثَها وسقاها وعَمَّها
بالجَوْد وأَنْبَتها، قَالَ:
(من كَانَ أَخْطَأَهُ الرَّبيع فإنّما ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْث عبدِ
الواحِدِ)
وَنَصَر الغيثُ البلدَ: إِذا أَعَانَهُ على الخصْب والنبات، وَقَالَ
ابْن الأَعْرابِيّ: النُّصْرَة: المَطْرَة التَّامَّة. وأرضٌ
مَنْصُورةٌ: مَمْطُورة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: نُصِرَت البلادُ، إِذا
مُطِرَت، فَهِيَ مَنْصُورة. وَفِي الحَدِيث: إنّ هَذِه السَّحابةَ
تَنْصُر أرضَ بني كَعْبٍ أَي تُمطِرُهم. وَنَصَره مِنْهُ نَصْرَاً
ونُصرَةً: نَجَّاه وخلَّصه. وَفِي البصائر: ونُصرَة الله لنا ظاهِرةٌ.
ونُصرَتُنا لله هُوَ النُّصْرَة لِعِبَادِهِ أَو الْقيام بحفظِ حُدُوده
وإعانةِ عهوده وامتثالِ أوامره، وَاجْتنَاب نواهيه، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: إنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكم وَهُوَ ناصِرٌ ونُصَرٌ،
كصُرَد، الْأَخير نَقله الصَّاغانِيّ، من قوم نُصَّارٍ وأَنْصَارٍ
ونَصْرٍ، الأخيرُ كصَحْب جَمْع صاحِب قَالَ:
(واللهُ سَمَّى نَصْرَكَ الأَنْصارا ... آثركَ الله بِهِ إيثارا)
ويُجمَع الناصرُ أَيْضا على نُصور، كشاهد وشُهود، كَمَا تقدّم.
والنَّصِيرُ بِمَعْنى النّاصر قَالَ اللهُ تَعَالَى: نِعْمَ المَولى
ونِعمَ النَّصير وَالْجمع أَنْصَار، كشَريف وأَشْرَاف، ويُجمَع
الأَنْصار أناصير، وَهُوَ جَمْعُ الْجمع، ذَكَرَه الصَّاغانِيّ
وَأَهْمَلَهُ المُصنِّف وَهُوَ على شَرْطِه. الأنْصار، وهم أَنْصَارُ
النبيّ
(14/224)
صلّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم، من
الأوسِ والخزرج، ونصروا النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم فِي ساعةِ
العُسرة، غَلَبَتْ عَلَيْهِم الصِّفة فَجَرَى مَجْرَى الْأَسْمَاء،
وَصَارَ كأنّه اسمُ الحيّ، وَلذَلِك أُضيف إِلَيْهِ بلفظِ الْجمع
فَقيل: أَنْصَاري. قَالُوا: رجلٌ نَصْرٌ وقومٌ نَصْرٌ، فَوَصَفوا
بِالْمَصْدَرِ، كرجلٍ عَدْلٍ وقومٍ عَدْلٍ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ.
والنُّصْرَة بالضمّ: حُسنُ المَعونة قَالَ الله عزَّ وجلَّ: من كَانَ
يظنُّ أنْ لنْ يَنْصُرَه الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَي لَا
يُظهِر مُحَمَّدًا صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم على من خالَفَه. وَفِي
حَدِيث الضَّيْف المَحروم: فإنّ نَصْرَهُ حقٌّ على كلِّ مُسلِم حَتَّى
يَأْخُذ بقِرى لَيْلَتِه. والاسْتِنْصار: استِمْدادُ النَّصْر، وَقد
اسْتَنْصَرَه)
عَلَيْهِ: استَمَدَّه. الاسْتِنْصار: السُّؤَال، والمُستنْصِر:
السَّائِل، كأنّه طالبُ النَّصْر، وَهُوَ العَطاء. والتَّنَصُّر:
مُعالجةُ النَّصْر، وَلَيْسَ من بَاب تحَلَّم وَتَنَوَّر. وَتَنَاصروا
أَيْضا: تَعاونوا على النَّصْر. وَتَنَاصَروا أَيْضا: نَصَرَ بَعْضُهم
بَعْضًا.
منَ المَجاز: تَنَاَصَرت الأخبارُ: صَدَّقَ بعضُها بَعْضًا. منَ
المَجاز: مَدَّت الواديَ النَّواصِرُ، هِيَ مَجاري المَاء إِلَى
الأوْدِية، جمع ناصرٍ. والناصرُ: أَعْظَمُ من التَّلْعَة يكون ميلًا
ونحوَه. وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: النَّواصِر من الشِّعاب: مَا جَاءَ من
مَكَان بعيد إِلَى الْوَادي فَنَصَر السُّيول، سُمِّيت ناصِرَة
لِأَنَّهَا تجيءُ من مَكَان بعيد حَتَّى تقع فِي مُجتَمَع الماءِ
حَيْثُ انْتَهَت، لأنّ كل مَسيلٍ يضيع مَاؤُهُ فَلَا يَقع فِي مُجتَمع
الماءِ فَهُوَ ظَالِم
(14/225)
لمائه. وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: النَّواصِرُ
مُسايلُ الْمِيَاه، الْوَاحِدَة ناصِرَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة:
النَّاصرُ والنَّاصِرة: مَا جَاءَ من مكانٍ بعيد إِلَى الْوَادي
فَنَصَر السُّيول.
والأَنْصَر: الأَقْلَف، وَهُوَ مَأْخُوذ من مادَّة النَّصارى، لأنّهم
قُلْفٌ قَالَ الصَّاغانِيّ: وَفِي الْأَحَادِيث الَّتِي لَا طُرُقَ
لَهَا: لَا يَؤُمَّنَّكُم أَنْصَرُ وَلَا أَزَنُّ وَلَا أَفْرَعُ.
الأَزَنُّ: الحاقِنُ، والأفرع: المُوَسْوِس، والأَنْصَر: الأَقْلَف.
وبُخْتَ نَصَّر، بِالتَّشْدِيدِ، معروفٌ. قَالَ الأصمعيّ: إنّما أَصله
بُوخْت، وَمَعْنَاهُ ابنٌ، ونَصَّر، كبَقَّم: صَنَم فأُعرِب. وَقد نفى
سِيبَوَيْهٍ هَذَا البِناء. وَكَانَ وُجِد عِنْد الصَّنَم وَلم يُعرَف
لَهُ أبٌ فنُسِب إِلَيْهِ. وَقيل: بُخْتُ نَصّر، أَي ابْن الصَّنم،
وَهُوَ الَّذِي كَانَ خَرَبَ القُدسَ، عَمَرَه اللهُ تَعَالَى.
وَنَصْرُ بنُ قُعَيْن: أَبُو قَبيلَة من بني أَسد، قَالَ أوسُ بن
حَجَرٍ يُخاطبُ رجلا من بني لُبَيْنى بن سعد الأسَديّ، وَكَانَ قد
هَجاه:
(عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً ... فَمَا ابنُ لُبَيْنى
والتَّفَجُّسُ والفخرُ)
(شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمينُها ... وأنتَ السَّهُ السُّفلى إِذا
دُعِيَتْ نَصْرُ)
وإنشادُ الجَوْهَرِيّ لرؤبة:
(إنِّي وأسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقائلٌ يَا نَصْرُ نَصْرَاً
نَصْرَا)
غَلَط هُوَ مسبوقٌ إِلَيْهِ، وَفِي بعض النّسخ: وَهُوَ مَسْبُوق فِيهِ،
فإنّ سِيبَوَيْهٍ أَنْشَده كَذَلِك وَنَسَبه إِلَى رؤبة، وتَبِعَه
أَيْضا ابنُ القَطَّاع فأنشده هَكَذَا، وَلَكِن لم يُعيِّن الْقَائِل،
قَالَ الصَّاغانِيّ: وَلَيْسَ لرؤبة، وَمَعَ هَذَا هُوَ تَصحيفٌ
والرِّواية: يَا نَضْرُ نَضْرَاً نَضْرَا بالضادِ المُعجَمة. ونَضرٌ
هَذَا
(14/226)
هُوَ حاجبُ نَصْر بن سَيَّار، بالصادِ
المُهملة. وبعدُه:
(بَلَّغك اللهُ فبلِّغْ نَصْرَا ... نَصْرَ بن سَيَّارٍ يُثِبْني
وَفْرَا)
هَذَا نصّ الصَّاغانِيّ فِي التكملة. قَالَ شَيْخُنا: قلت كلامُه هُوَ
الْغَلَط، بل صَحَّحوه وحَقَّقوه، كَمَا فِي شُرُوح الشواهدِ
البغداديّة للرَّضِي والمُغني، فَلَا التفاتَ لما للمُصنِّف. انْتهى.
قلت: وَهَذَا تحامُلٌ من شَيخنَا فِي غيرِ محلِّه، مَعَ أنّ الحقَّ
هُنَا مَعَ المُصنِّف، وَهُوَ قَلَّد غَيره فِي الانتقاد. وَأصَاب.
وَالْبَيْت الَّذِي ذَكرْنَاهُ بعد البيتِ السَّابِق يُبيِّن مِصْداقَ
مَا)
ذهبَ إِلَيْهِ، كَمَا هُوَ الظَّاهِر، فَكيف يكون قولُ شَيخنَا لَا
التفاتَ لما للمُصنِّف وَلَيْتَهُ لَمَّا أحالَ على شُرُوح الشواهد
أَتَى ببعضِ مَا يَرْفَع الشُّبْهة ويُبِت الحقَّ لمن روى بالصَّاد
الْمُهْملَة، فتأمّل. وَالله أعلم. وَإِبْرَاهِيم بن نَصَرِ بنِ
عَنْبَرٍ الضَّبِّيّ السَّمَرْقَنْدِيّ، عَن عليّ بن خَشْرَم، الإِمَام
أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن نَصَر البِسْطاميّ،
مُحرَّكتَيْن، محدِّثان، وولَدُ الْأَخير أَبُو مُحَمَّد عَبْد الله بن
مُحَمَّد بن عَبْد الله بن نَصَر، تفقَّه على المَحامِلِيّ بِبَغْدَاد،
وَسمع من أبي نَصْرٍ الإسماعيليّ، توفّي سنة قَالَه ابْن نَاصِر،
وحفيدُه أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله حَدَّث،
وقريبُه الإِمَام أَبُو شُجَاع عمر بن أبي عَبْد الله البَلْخيّ
المُتوَفَّى سنة وَمن ولدِ أبي عَبْد الله البِسطاميّ أَيْضا الإمامُ
أَبُو شُجَاع البِسطاميّ، حدّث وتُوفّي سنة وَهُوَ الَّذِي حكى عَنهُ
ابنُ ناصرٍ عَن جدِّه، قَالَ ابْن نَاصِر: وسألْتُ أهلَ بِسْطام
فَقَالُوا: إنّ هَذَا الاسمَ، يَعْنِي بِفَتْح الصَّاد، معروفٌ عندنَا
نُسمِّي بِهِ كثيرا. قلت: وَقد فَاتَ المُصنِّف: القَاضِي
(14/227)
عطاءُ الله بن مَنْصُور بن نَصَرٍ
الإسْكندرانيّ، روى عَن السِّلَفيّ إجَازَة، وقريبه القَاضِي جمال
الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ الذَّهبيّ: أجَاز لنا. قلت:
إِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ ابْن عَليّ بن مَنْصُور بن نَصَر، روى عَن أبي
الْحسن بن البَنَّاء، وَعنهُ الدِّمْياطيّ وَسَعِيد بن نَصَرٍ الَّذِي
روى ابْن عبد البَرِّ وغيرُه المَوَطَّأَ من طَريقه. قَالَ الْحَافِظ:
هَكَذَا رَأَيْته مضبوطاً بِفَتْح الصَّاد. وَأَبُو الْمُنْذر نُصَيْر،
كزُبَيْر، بن أبي نُصَيْر النَّحْوِيّ تلميذُ الكِسائيّ جالَسَه وَأخذ
عَنهُ النَّحْوَ والغريب، سَمِعَ مِنْهُ أَبُو الْهَيْثَم مُؤلَّفاته
فِي اللُّغات وَرَوَاهَا عَنهُ بِهَراة، قَالَه الأَزْهَرِيّ فِي
مقدّمة كتاب التَّهْذِيب. قلت: وَأخذ عَنهُ أَيْضا أَبُو بكرٍ صالحُ بن
شُعَيْب الْقَارِي، كَمَا رَأَيْته بخطّ ابنِ فَارس اللغويّ فِي سِياق
سندِه على ظَهْرِ ديوَان الهُذَلِيِّين. وَنَصَرةُ، محرَّكةً: ة كَانَ
فِيهَا، فِيمَا يُقَال، الصالحون، هَكَذَا نَقله الصَّاغانِيّ.
وسَمَّوا نَصيراً، كأمير، وناصِراً ومَنْصُوراً ونَصَّاراً، كشَدَّاد،
ونُصَيْراً، كزُبَير، ونَصْرَاً، بِالْفَتْح، ومُنْتَصِراً.
والنَّاصِرِيَّة: ة من قرى سَفاقُسَ بأفريقية، وَمِنْهَا أَبُو الْحسن
عليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عليّ النَّاصِرِيّ، لقِيه السِّلَفيّ
بالإسكندريّة، وَبهَا مَاتَ. وناصِرَة: ة بطَبَرِيَّة، على ثلاثةَ عشرَ
مِيلاً مِنْهَا، قَالَه الصَّاغانِيّ، قيل: وإليها نُسِبت النَّصارى،
هَكَذَا زَعَمُوا، قَالَه اللَّيْث. وَنقل الْيَاقُوت فِي مُعْجَمه:
وَكَانَ فِيهَا مَوْلِد المَسيح عَلَيْهِ السَّلَام، وَمِنْهَا اشتُقَّ
اسمُ النَّصارى، وَكَانَ أَهْلُها عَيَّروا مَرْيَمَ، فيزعمون أنّه لَا
يولَد بهَا بِكْر إِلَى هَذِه الْغَايَة وأنّ لَهُم شَجَرَة أُتْرُجٍّ
على هَيْئَة النِّساء، وللأُتْرُجَّة ثَدْيَانِ وَمَا يُشبه اليدَيْن
والرِّجْلَيْن. وموضِعُ الفَرْجِ مَفْتُوح، وأنّ أمرَ هَذِه الْقرْيَة
فِي النساءِ
(14/228)
والأُتْرُجّ مُستَفيضٌ عِنْدهم، لَا
يَدْفَعهُ دافعٌ، وأهلُ بيتِ المَقدِس يَأْبَون ذَلِك، ويزعمون أنّ
الْمَسِيح إنّما وُلِد فِي بَيت لَحْم، وَإِنَّمَا انْتَقَلت بِهِ
أمُّه إِلَى هَذِه الْقرْيَة.
قَالَ ياقوت: فأمّا نَصّ الإنْجيل فإنّ فِيهِ أنّ عِيسَى وُلد فِي بيتِ
لحم وَخَافَ عَلَيْهِ يُوسُف زَوْجُ مريمَ من دهاءِ هارودس مَلِكُ
المَجوس فأُريَ فِي مَنامه أَن احْمِلْه إِلَى مصر ... فَأَقَامَ
بِمصْر إِلَى أَن مَاتَ هارودس. . فَقدم بِهِ القدسَ. . فأُريَ فِي
الْمَنَام أَن انْطَلِقْ بِهِ إِلَى الخَليل، فَأَتَاهَا فَسَكَنَ
مَدِينَة تُدعى ناصِرَة. وذُكرَ فِي الإنْجيل يَسوع)
النّاصريّ كثيرا، وَالله أعلم. قَالَ ابنُ دُرَيْد: النَّصارى منسوبون
إِلَى نَصْرَانة، وَهِي مَوْضِع، هَذَا قَول الأصمعيّ، وَقيل: هِيَ ة
بِالشَّام، وَيُقَال لَهَا ناصِرَة، وَهِي الَّتِي طَبَرِيَّة، وَقد
تقدّم عَن اللَّيْث، قَالَ غيرُه: هِيَ نَصُوريَة، بِفَتْح النُّون
وَتَخْفِيف التحتيَّة، كَمَا ضَبطه الصَّاغانِيّ. وَيُقَال فِيهَا
أَيْضا: نَصْرَى بِالْفَتْح، ونَصْرُونة، يُنسَب إِلَيْهَا النَّصارى.
قَالَ ابنُ سِيدَه: هَذَا قولُ أهلِ اللُّغَة، قَالَ: وَهُوَ ضعيفٌ
إلاّ أنّ نادرَ النَّسَبِ يسَعُه، أَو النَّصارى جمعُ نَصْرَانٍ،
كالنَّدامى جمع نَدْمَان، وَلَكنهُمْ حذفوا إِحْدَى الياءَيْن، كَمَا
حذفوا من أُثْفِيَّة وأبدلوا مَكَانهَا ألفا كَمَا قَالُوا صَحارى،
وَهَذَا مذهبُ الخليلِ وَنَقله سِيبَوَيْهٍ. أَو النَّصارى جَمْعُ
نَصْرِيٍّ، كمَهْرِيٍّ وإبلٍ مَهارى، فَهِيَ أَقْوَال ثَلَاثَة.
والنَّصْرانِيَّة والنَّصْرانة واحدةُ النَّصارى. وَأنْشد أَبُو
إِسْحَاق لأبي الأَخْزَر الحِمّانيّ، يصف ناقتَيْن طأَطَأَتا رؤوسهُما
من الإعْياء، فشبَّه رَأْسَ الناقةِ بِرَأْس النَّصْرانيَّة إِذا
(14/229)
طَأْطَأته فِي صلاتِها:
(فكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رَأْسُها ... كَمَا أَسْجَدَت
نَصْرَانةٌ لم تَحَنَّفِ)
فَنَصْرانةٌ تَأْنِيث نَصْرَانٌ وَلَكِن لم يسْتَعْمل نصران إلاّ بياءِ
النَّسَب، لأنّهم قَالُوا: رجلٌ نَصْرَانيٌّ وامرأةٌ نَصْرَانيّة قَالَ
ابنُ برِّي: قولُه: إنّ النَّصارى جمع نَصْرَانٍ ونَصْرَانةٍ إِنَّمَا
يُرِيد بذلك الأصلَ دون الِاسْتِعْمَال، وَإِنَّمَا المُستَعمَل فِي
الْكَلَام نَصْرَانيّ ونَصْرَانيّة، بياءَيْ النَّسب، وَإِنَّمَا جاءَ
نَصْرَانة فِي الْبَيْت على جِهَة الضَّرُورَة. وأَسْجَد لغةٌ فِي
سَجَدَ.
والنَّصْرانِيَّةُ أَيْضا دينُهم ومُعتَقَدُهم الَّذِي يذهبون
إِلَيْهِ، وَيُقَال: نَصْرَانيٌّ وأَنْصَارٌ، يُشِير بِهِ أنّ
أَنْصَاراً جمع نَصْرَانيٍّ، بياءِ النَّسَب، كَمَا هُوَ فِي سَائِر
النّسخ هَكَذَا، والصوابُ أنَّ أَنْصَاراً جمع نَصْرَانٍ، بِغَيْر ياءِ
النَّسَب، كَمَا هُوَ فِي اللِّسَان والتكملة. وَذكر قولَ الشَّاعِر:
لمَّا رأيتُ نَبَطَاً أَنْصَارا بِمَعْنى النَّصَارَى. وَتَنَصَّر
الرجلُ: دخلَ فِي النَّصْرَانِيَّة. وَفِي المُحكَم: فِي دينِهم.
ونَصَّره تَنْصِيراً: جعله نَصْرَانيَّاً، وَمِنْه الحَدِيث: كلُّ
مَوْلُودٍ يُولَد على الفِطرَةِ حَتَّى يكون أَبَوَاهُ اللَّذَان
يُهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه وانْتَصَر الرجلُ، إِذا امتنعَ من ظالمِه.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: يكون الانتِصارُ من الظَّالِم الانتِصافَ
والانتِقام. وانْتَصَر مِنْهُ: انتقَم. قَالَ اللهُ تَعَالَى مُخبِراً
عَن نوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام ودعائِه إيَّاه بِأَن يَنْصُره على
قَوْمِه: فانْتَصِرْ، فَفَتَحنا كأنّه قَالَ لرَبه:
(14/230)
انتَقِمْ مِنْهُم. وَفِي البصائر: وإنّما
قَالَ انتَصِر، وَلم يقل: انْصُر، تَنبيهاً على أنّ مَا يَلْحَقُني
يَلْحَقُك من حَيْثُ إنّي جئتهم بأمرِك فَإِذا نَصَرْتني فقد
انْتَصَرْتَ لنفَسِك. انْتهى. وَفِي الْكتاب الْعَزِيز أَيْضا:
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بعدَ ظُلْمِه وقولِه عزَّ وجلَّ: وَالَّذين إِذا
أصابَهُم البَغْيُ هم يَنْتَصِرون قَالَ ابنُ سِيدَه: إنْ قَالَ
قَائِل: أهمْ مَحْمُودون على انْتِصارِهم أم لَا قيل: منْ لم يُسرِف
وَلم يُجاوِز مَا أمرَ الله بِهِ فَهُوَ مَحْمُود. واسْتَنْصَرَه
عَلَيْه، أَي على عدَوِّه، إِذا سَأَلَه أَن يَنْصُره عَلَيْهِ.
والمَنْصورة، مفعولة من النَّصْر، فِي عدَّة مواضِع، مِنْهَا: د،
بالسِّنْدِ إسْلاميّة، وَهِي قَصَبَتُها، مدينةٌ كبيرةٌ كثيرةُ)
الخَيْرات، ذَات جامعٍ كبيرٍ، سَوارِيه ساجٌ، وَلَهُم خليجٌ من نهرِ
مِهْران. قَالَ حَمْزَة: وهمناباذ: مدينةٌ من مدن السِّند سَمَّوها
الْآن المَنْصورة. وَقَالَ المَسْعودِيّ: سُمِّيت المنصورة بمنصور بن
جُمْهُور الكلْبِيّ بناها، وَكَانَ خرج مُخَالفا لهارون وَأقَام
بالسِّند. وَقَالَ المُهَلَّبيّ: سُمِّيت لأنّ عمرَ بن حَفْص الملقّب
بهزار مرْد بناها فِي أَيَّام المَنصور من بني الْعَبَّاس. . وَفِي
أَهلهَا مُروءة وصَلاح ودِين وتِجارات، وَهِي شديدةُ الحرِّ كَثِيرَة
البَقِّ، بَينهَا وَبَين الدَّيْبُل ستُّ مراحل، وَبَينهَا وَبَين
المُلْتان اثْنَتَا عشرَة مرحلةً، ومَلِكُهم قُرَشِيٌّ، يُقَال إنّه من
وَلدِ هَبَّار بن الأَسْوَد، تغَلَّب عَلَيْهَا هُوَ وأجداده،
يتَوارَثون بهَا المُلْك. مِنْهَا المَنصورة: د، بنواحي واسِط
بالبَطِيحة، عمَّرها مُهَذّب الدَّولة فِي أَيَّام بَهاءِ الدولة بن
عَضُد
(14/231)
الدولة وَأَيَّام الْقَادِر بِاللَّه وَقد
خَرِبَت ورُسومها بَاقِيَة. مِنْهَا المنصورة وَهِي اسمُ خُوارِزْم
الْقَدِيمَة الَّتِي كَانَت على شَرقيّ جُيْحُون وَمُقَابل
الجُرْجانيّة مَدِينَة خُوارزم الْيَوْم، أَخذهَا الماءُ حَتَّى انْتقل
أَهلهَا بِحَيْثُ هم الْيَوْم. مِنْهَا المنصورة: د، قُربَ القَيْروان،
من نواحي إفريقية، اسْتَحْدَثها الْمَنْصُور بن الْقَائِم بن
المَهْدِيّ، الخارِج بالمَغْرِب سنة وعمَّر أسواقها واستوطَنَها، ثمَّ
صَارَت منزلا لملوك بَين باديس، فخَرَّبها العربُ بُعَيْد سنة فَكَانَت
هِيَ فِيمَا خربتْ، هَذِه يُقَال لَهَا المنصورِيَّة أَيْضا خاصّةً
بالنِّسْبَة، قيل سُمِّيت بالمَنصور بنِ يُوسُف ابنِ زيري بن مُنَاد،
جدّ بني باديس. مِنْهَا المنصورة: د، بِبِلَاد الدَّيْلَم، هَكَذَا فِي
سَائِر النّسخ، وَهُوَ غلطٌ وصوابُه: بِبِلَاد الْيمن، كَمَا حقَّقه
ياقوت وغيرُه، وَهِي بَين الجَنَد ونَقيل الْحَمْرَاء، وَكَانَ أوّل من
أسَّسَها سيف الْإِسْلَام طُغْتَكِين بن أيُّوب، وَأقَام بهَا إِلَى
أَن مَاتَ بهَا، فَقَالَ شاعره الآميّ:
(أَحْسَنَتْ فِي فِعالِها المَنْصورَهْ ... وأقامَتْ لنا من العَدْلِ
صُورَهْ)
(رامَ تَشْيِيدها العزيزُ فاعْطَتْ ... هُ إِلَى وَسْطِ قَبْرِهِ
دُسْتورَهْ)
مِنْهَا المنصورة: د، بينَ الْقَاهِرَة ودِمْياط، أَنْشَأها الملكُ
الكاملُ بن الْملك الْعَادِل بن أيُّوب فِي حُدُود سنة ورابط بهَا فِي
وَجْهِ الفِرنج لمّا ملَكوا دِمْياط، وَلم يَزَلْ بهَا فِي عَسَاكِر،
وأعانه أَخَوَاهُ الْأَشْرَف والمعظّم حَتَّى استنقذ دِمْياط فِي رَجَب
سنة وَقد دَخَلْتُها مِراراً، وَهِي مدينةٌ حسنةٌ ذَات أسواقٍ وفَنادقَ
وحَمّامات، وَمِنْهَا الشِّهاب المَنصوريّ الشَّاعِر المُجوّد، أحدُ
الشُّهُب السَّبْعَة، وَمن الْعجب أنَّ كُلاًّ مِنْهَا بناها
(14/232)
مَلِكٌ عظيمٌ فِي جلالِ سُلْطَانه وعُلُوّ
شانِه، وسَمَّاها المَنْصورة تَفاؤلاً بالنَّصْرِ والدَّوام، فخَرِبَتْ
جَميعُها، وانْدَرَسَتْ، وتَعَفَّت رُسومُها وانْدَحَضَت. قلت: وَقد
فَاتَ المُصنِّف المَنْصوريَّة، وَهِي قَرْيَة كبيرةٌ عامرةٌ بالجِيزة
من مصر، وَقد دخلتُها، وسكَنَتْها العُرْبان.
والمَنْصوريَّة: قريةٌ عامرةٌ بِالْيمن، مَسْكَن السَّادة بني بَحْر من
بني القديميّ، وَقد وَردتُها مِراراً، وبيتُ رِياسَتها بَنو قَاسم بن
حَسَن بن قَاسم الْأَكْبَر، قيل: إنّهم من ذُرِّيَّة الحارِث بن عبد
المُطَّلِب بن هَاشم. وبَنو ناصرٍ وَبَنُو نَصْرٍ: بَطْنَان، الْأَخير
هم بَنو نَصْر بن مُعاوية بن هَوازن. أَبُو سعيد عبد الرَّحْمَن بنُ
حَمْدَان النَّيْسابوريّ، من طبقةِ)
البَرْقانيّ، مشهورٌ، سَمِعَ مِنْهُ عبد الغَفَّار الشِّيرويّ،
وَمُحَمّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن نَصْرَوَيْه النَّيْسابوريّ
الْمُؤَدب النَّصْرَوِيان، مُحَدِّثان روى عَن ابنِ خُزَيْمة، مَاتَ
سنة. والنَّصْرِيُّون جماعةٌ من المُحَدِّثين منسوبون إِلَى الجدّ
وَإِلَى نَصْرَة، محَلَّةٍ من مَحالّ بَغْدَاد الغربيّة، مُتَّصِلَة
بدارِ الشَّيْبانيّ النَّصْرِيّ، وَأَخُوهُ عبد الْوَاحِد، شيخُ
شُهْدَة، حَدَّثا، وَعبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد الأنصاريّ وَالِد
قَاضِي المارسْتان وَأحمد بن الْحُسَيْن بن قُرَيْش النَّصْريّ مَاتَ
سنة وَعبد المحسن بن عَليّ الشِّيحيّ النَّصْريّ أحد الرَّحَّالة،
وَعبد الْملك بن مَواهب النَّصْرِيّ، وَأحمد بن عليّ بن دَاوُود
النَّصْريّ، وَأَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى النَّصْريّ،
وَالْإِمَام تَقِيّ الدّين عُثْمَان بن الصَّلاح عبد الرَّحْمَن بن
عُثْمَان بن مُوسَى بن أبي النَّصْر النَّصْريّ الشَّهْرَزُورِيّ،
وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن نَصْر
(14/233)
النَّصْريّ الجُرْجانيّ المُؤذِّن، وَأَبُو
نصر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف بن نصر النَّصْريّ
الأصْبهانيّ السِّمْسار، شيخ السِّلَفيّ، مُحَدِّثون. والنُّصْرَة،
بالضمّ ابنُ السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أيُّوب، لَهُ روايةٌ
وسَماعٌ، حدَّث وَيُقَال لَهُ نُصْرَة الدّين، واسمُه إِبْرَاهِيم،
وَقد ذَكَرَه الْحَافِظ فِي التَّبْصير وَلم يُعيِّن اسمَه، وإخوتُه
ثمانيةَ عَشَرَ نَفْسَاً، وكلّهم ممّن سَمِعَ الحَدِيث، وَقد جمعْتُهم
فِي كُرّاسةٍ لَطِيفَة. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: نَصَرَ البلادَ
يَنْصُرها: أَتَاهَا، عَن ابْن الأعرابيّ. ونصَرْتُ أرضَ بني فلَان:
أَي أَتَيْتُها، قَالَ الرَّاعِي يُخاطبُ إبِلا:
(إِذا دَخَلَ الشَّهرُ الحَرامُ فَوَدِّعي ... بلادَ تَميمٍ وانْصُري
أَرْضَ عامرِ)
أَي اقْصِديها وائتيها، قَالَه أَبُو عَمْرُو. وَفِي الحَدِيث: كلُّ
المُسلِمِ عَن المُسلِم مُحَرَّمٌ، أَخَوَان نَصيران أَي هما أَخَوَان
يَتَنَاصَران وَيَتَعاضَدان. والنَّصير فَعيلٌ بِمَعْنى فَاعل أَو
مفعول، لأنّ كلَّ واحدٍ من المُتَناصِرَيْن ناصرٌ ومنصورٌ.
وسُمِّي المطرُ نَصْرَاً ونُصْرَةً، كَمَا سُمِّي فَتْحَاً، وَهُوَ
مجَاز. والنَّصْر: العَطاء. ووقف سائلٌ على الْقَوْم فَقَالَ:
انْصُروني نَصَرَكم الله. أَي أَعْطُوني أَعْطَاكُم الله. وَنَصَره
يَنْصُره: أَعْطَاه، وَهُوَ مجَاز. والنّصائر: العَطايا. وَنَصَره
اللهُ
(14/234)
تَعَالَى: رَزَقَه، وَهَذِه عَن ابنِ
القَطَّاع. والمُسْتَنْصِرُ بِاللَّه أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور، باني
المُسْتَنْصِرِيَّة بِبَغْدَاد، وجدُّه الناصِرُ لدين الله. والنَّصير
الطُّوسيّ، كأَمير: فيلسوف مَشْهُور، أحد أعوان هُلاكو. والنَّصير ابْن
الطَّبَّاخ من أئمَّةِ الشافعيَّةِ بِمصْر، شرح التَّنْبِيه. والنصير
الحَمّاميّ الشَّاعِر المُحسِن بِمصْر. ونَصيرُ الدّين محمودٌ
الحَبَشِيّ الأَوْدِيّ الْمَعْرُوف بجراغ دهْلِي: أحد الْأَوْلِيَاء
المَشهورين، توفِّي بدِهْلِي سنة وَعنهُ أَخذ السيّد شرف الدّين
مَخْدُوم جهانيان ونَصّار بن حَرْبَ المِسْمَعيّ كشَدّاد عَن ابْن
مَهْدِيّ، وَعنهُ ابْن زِيَاد النَّيْسابوريّ. وَمَالك بن عَوْف
النَّصْريّ قَائِد هَوازن يَوْم حُنَيْن، ثمَّ أسلم وَطَلْحة بن
عَمْرُو النَّصْريّ من أهل الصُّفَّة. وَمَالك بن أوسِ بن الْحدثَان
النَّصْريّ، لَهُ صُحبَة، ولحفيده زُفَرَ بن رثيمة بن مالكٍ رِوَايَة
وَعبد الْوَاحِد بن عَبْد الله النَّصْريّ، عَن واثِلَة بن الأَسْقع،
وَإِسْحَاق بن عَبْد الله بن إِسْحَاق النَّصْريّ الجُرْجانيّ
الحَنفيّ، عَن دَعْلَج وطبقته. وَدَرْبُ نُصَيْرٍ كزُبَيْر،
بِبَغْدَاد، وَإِلَيْهِ) يُنسَب الإِمَام أَبُو مَنْصُور الخَيْرُونيّ،
كَذَا ذكره البِلْبيسيّ. والنَّاصِرِيَّة: مَحَلَّةٌ بِمصْر.
والنُّصَيْرِيَّة، بالتَّصغير: طائفةٌ من الزَّنادقة مَشْهُورَة
يَقُولُونَ بأُلوهية عليٍّ، تَعَالَى الله عُلوَّاً كَبِيرا. وَالْحسن
بن مُعاوية بن مُوسَى بن نُصَيْر النُّصَيْرِيّ حدّث عَن عليّ بن
رَباح، وجدّه مُوسَى بن نُصَيْر هُوَ الَّذِي فتح بلادَ الأندلس.
وَبَنُو ناصِرَة: قَبيلةٌ بِالطَّائِف، ويُذكَرون مَعَ بجلة.
والناصِرِيّة: اسمُ بِجايَة، وَهِي مدينةٌ على ساحلِ الْبَحْر بَين
(14/235)
إفريقية والمَغرِب، اخْتَطَّها النَّاصِرُ
بنِ عِلْناس بن حمّاد بن زيري، وَهِي فِي لِحْفِ جَبَلٍ شَاهِق، وَفِي
قِبْلَتِها جبالٌ، بَينهَا وَبَين الجزائر أَرْبَعَة أَيَّام، كَانَت
قاعدةَ مُلكِ بني حَمّاد.
(نضر)
النَّضْرَة: النَّعْمَة والعيش والغِنى، وَقيل: الحُسْن والرَّوْنَق،
كالنُّضور، بالضمّ، والنَّضارة، بِالْفَتْح، والنَّضَرِ، مُحرَّكة،
وَقد نَضَرَ الشجرُ، والورقُ، والوجهُ، واللَّوْنُ، وكلّ شيءٍ، كَنَصَر
وكَرُمَ وفَرِحَ، الثَّالِثَة حَكَاهَا أَبُو عُبَيْد. يَنْضُر
نَضْرَاً، ونَضارَةً، ونُضوراً، ونَضْرَةً، فَهُوَ ناضرٌ، ونَضيرٌ،
وأَنْضَرُ، هَكَذَا فِي النّسخ، وَفِي اللِّسَان: فَهُوَ ناضِرٌ ونَضير
ونَضِرٌ، وَالْأُنْثَى نَضِرَةٌ. وأَنْضَرَ كَنَضَر. وَنَضَرهُ اللهُ
نَضْرَاً، ونَضَّرَه، بِالتَّشْدِيدِ، وأَنْضَره، فَأَنْضَر، وَإِذا
قلتُ نَضَرَ اللهُ أمرا، فَالْمَعْنى نَعَّمَه، وَفِي الحَدِيث:
نَضَّرَ الله عبدا سَمِعَ مَقالَتي فوَعاها ثمَّ أدَّاها إِلَى من
يَسْمَعها، نَضَرَهُ ونَضَّرَه وأَنْضَرهُ، أَي نَعَّمه. يُروى
بالتَّخفيف والتَّشديد، من النَّضارة، وَهِي فِي الأَصْل: حُسنُ
الْوَجْه والبَريق، وإنّا أَرَادَ حُسنَ خُلُقه وقَدْرِه. قَالَ
شَمِرٌ: الرُّواة يَرْوُون هَذَا الحَدِيث بِالتَّخْفِيفِ
وَالتَّشْدِيد، وفسّره أَبُو عُبَيْد فَقَالَ: جعله الله ناضراً،
قَالَ: ورُوي عَن الأصمعيّ فِيهِ التَّشْدِيد وَأنْشد:
(نَضَّرَ اللهُ أَعْظُماً دَفَنوها ... بسِجِسْتانَ طَلْحَةَ
الطَّلحاتِ)
وَأنْشد شَمِرٌ فِي لُغَة من رَوَاهُ بِالتَّخْفِيفِ قولَ جَرير:
والوَجهُ لَا حَسَنَاً وَلَا مَنْضُورا ومَنْضُور لَا يكون إلاّ من
نَضَرَه، بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ شَمِرٌ: وسمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول:
نَضَرَه اللهُ فَنَضَر
(14/236)
يَنْضُرُ، ونَضِرَ يَنْضَر. وَقَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: نَضَرَ وَجْهُه ونَضِرَ وَجْهُه ونَضُرَ، وأَنْضَر،
وأَنْضَره الله، ونَضَرَه بِالتَّخْفِيفِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُود عَن النَّضْر: نَضَّرَ الله امْرأً وأَنْضَر
اللهُ امْرأً فعلَ كَذَا وَنَضَر الله امْرأً قَالَ الْحسن المُؤدّب:
لَيْسَ هَذَا من الحُسْن فِي الْوَجْه، إنّما مَعْنَاهُ حَسَّن اللهُ
وَجْهَه فِي خُلُقه، أَي جاهِهِ وقَدْرِه، قَالَ: وَهُوَ مثل قَوْله:
اطْلبوا الحَوائجَ إِلَى حِسَانِ الوُجوه يَعْنِي بِهِ ذَوي الْوُجُوه
فِي النَّاس وَذَوي الأقْدار. وَفِي الحَدِيث: يَا مَعْشَرَ مُحارب،
نَضَّرَكم اللهُ، لَا تُسقوني حَلَبَ امْرَأَة أَي كَانَ حَلَبُ
النِّساءِ عِنْدهم عَيْبَاً يَتَعَايَرون عَلَيْهِ. وَقَالَ الفَرَّاء
فِي قَوْله عزَّ وجلَّ: وُجوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قَالَ: مُشرِقةٌ
بالنَّعيم. قَالَ وقَوْلُهُ تَعالى: تَعْرِفُ فِي وُجوههمْ نَضْرَةَ
النَّعيم قَالَ: بَريقه ونَداه.)
والنَّضْرَة: نَعيمُ الْوَجْه. وَقَالَ الزَّجَّاج فِي تَفْسِير
قَوْله: ناضِرَة أَي نَضَرَتْ بنعيم الجنَّة. والناضِر: الْأَخْضَر
الشديدُ الخُضْرة، يُقَال: أَخْضَرُ ناضِر، كَمَا يُقَال: أبيضُ ناضِر،
كَمَا يُقَال: أَبيض ناصعٌ، وأصفرُ فاقِع. قد يُبالَغ بِهِ فِي كلِّ
لون فيُقال: أَخْضَر ناضِرٌ وأحمرُ ناضِرٌ وأصفرُ ناضِرٌ، رُوي ذَلِك
عَن ابْن الأَعْرابِيّ وَحَكَاهُ فِي نَوادره. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد:
أَخْضَر ناضِرٌ مَعْنَاهُ ناعم، وَزَاد الأَزْهَرِيّ: لَهُ بريقٌ فِي
صَفائه. والنَّضْر، بِالْفَتْح عَن ابْن جِنِّي، والنَّضير كأَمير،
والنُّضار كغُراب، والأَنْضَر: اسمُ الذَّهَب أَو الفِضّة، وَقد غَلَبَ
على الذَّهَب. وَنقل الصَّاغانِيّ عَن السُّكَّرِيّ: النِّضار، ككِتاب:
الذهَب والفضّة، وَقَالَ الْأَعْشَى:
(14/237)
(إِذا جُرِّدَتْ يَوْمَاً حَسِبْتَ
خَمِيصَةً ... عَلَيْهَا وجِرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامِصَا)
ج الجمعُ نِضارٌ، بِالْكَسْرِ، وأَنْضُرٌ قَالَ أَبُو كَبير
الهُذَلِيّ:
(وبَياضُ وَجْهِكَ لم تَحُلْ أَسْرَارُه ... مِثلُ الوَذِيلَةِ أَو
كشَنْفِ الأنْضُرِ)
وَأنْشد الجَوْهَرِيّ للكُمَيْت:
(ترى السابِحَ الخِنْذيذَ مِنْهَا كأنَّما ... جرى بَيْنَ ليتَيْهِ
إِلَى الخدِّ أَنْضُرُ)
والنَّضْرَة: السَّبيكَةُ من الذَّهَب. وَذَهَبٌ نُضَارٌ، صَار هُنَا
نَعْتَاً. قَوْلهم: سِوارٌ من نُضار، قيل: النُّضار، بالضمّ: الجَوْهرُ
الْخَالِص من التِّبْر وغيرِه. قَدَحٌ نُضارٌ: اتُّخِذَ من نُضارِ
الخِشَب. وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخَعيِّ: لَا بَأْسَ أَن
يُشرَبَ فِي قَدَحِ النُّضار، قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهم: هَذِه
الأقداحُ الحُمرُ الجَيْشانِيّة سُمِّيت نُضاراً. وَقَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: النُّضار: النَّبْع. وَقَالَ اللَّيْث: النُّضار:
الخالصُ من جَوْهَر التِّبْر والخشب، والجمعُ أَنْضُرٌ، وَفِي حَدِيث
عاصمٍ الأحْول: رَأَيْتُ قَدَحَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم
عِنْد أنسٍ وَهُوَ قَدَحٌ عريضٌ من نُضار، أَي من خشبِ نُضَارٍ وَهُوَ
خشبٌ مَعْرُوف، قيل: هُوَ الأَثْلُ الوَرْسِيُّ اللَّوْن. وَقَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: النُّضَار: شجرُ الأَثْل، وَقيل: هُوَ الخِلاف، أَو هُوَ
مَا كَانَ عِذْياً على غيرِ ماءٍ، أَو هُوَ الطويلُ مِنْهُ المُستَقيمُ
الغُصون، أَو هُوَ مَا نَبَتَ مِنْهُ فِي الْجَبَل، وَهُوَ أفضلُه.
النُّضار، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو حنيفَة: خشبٌ للأواني أجودُ، لِأَنَّهُ
يُعمَل مِنْهُ مَا رقَّ من الأقداحِ واتَّسَعَ وَمَا غَلُظ، وَلَا
يحْتَملهُ من الْخشب غيرُه. قَالَ: ويُكسَر، لُغَتان، والأُولى
أَعْرَف، قَالَ: وَمِنْه كَانَ مَنْبَرُ النبيّ صلّى الله
(14/238)
تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم. قَالَ
الزَّمَخْشَرِيّ، وَيكون بغَورِ الحِجاز، وَقَالَ يحيى بن نُجَيْم: كلّ
شَجَرِ أَثْلٍ يَنْبُتُ فِي جبلٍ فَهُوَ نُضارٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَرَاَمَوْا بِهِ غَرَبَاً أَو نُضارا والغَرَبُ والنُّضَار: ضَرْبَانِ
من الشجرِ تُعمَل مِنْهُمَا الأقداح. وَقَالَ مُؤرِّج: النُّضار من
الخِلاف يُدفَن خشبُه حَتَّى يَنْضُر ثمّ يُعمَل فَيكون أَمْكَن
لعاملِه فِي تَرْقِيقه، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:)
(نُقِّحَ جِسْمي عنْ نُضَارِ العُودِ ... بعد اضْطرابِ العُنُقِ
الأُمْلودِ)
قَالَ: نُضارُه: حُسنُ عُودِه، قَالَ: وَهِي أَجْوَدُ العِيدان الَّتِي
تُتَّخذ مِنْهَا الأقداح. والنّاضِر: الطُّحْلُبُ يكون على المَاء.
والنَّضْرُ بن كِنانةَ بن خُزَيْمة بن مُدْرِكَة بن الياس بن مُضَر
أَبُو قُرَيْش خاصّةً، وَمن لم يَلِدْه النَّضْر فَلَيْسَ من قُرَيْش،
كَذَا فِي المُحكَم. وَيُقَال: إنّ اسْمه قَيْسٌ، وَهُوَ الجَدُّ
الثَّالِث عشر لسيدِنا رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم. ولمّا
قَدِمَ وَفْدُ كِندَة سنة عَشْر، وَفِيهِمْ الأشعثُ بن قَيْس
الكِنْدِيّ، فَقَالَ الْأَشْعَث للنَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم:
أنتَ منّا، فَقَالَ النبيُّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: نَحن بَنو
النَّضْرِ بن كِنانةَ لَا نَقْفُو أُمَّنا وَلَا نَنْتَفي من أَبينَا
قَالَ أهل السِّيرَة: كَانَت للنَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم
جَدَّةٌ من كِندَة، وَهِي أمُّ كلاب بن مُرَّة، فَذَلِك أَرَادَ
الأشعثُ، وَلَا عَقِبَ للنَّضْر إلاّ من ابنِه مالكٍ.
النُّضَيْر، كزُبَير أَخُو النَّضْر. يُقَال إنّ اسْمه عَبْدُ مَناة.
وَأَبُو نَضْرَةَ المُنذر بن مَالك بن قِطعَة العَبْدِيّ، من أهل
البَصرة، يروي عَن ابْن عمر وَأبي سعيد، وَكَانَ من
(14/239)
فُصَحاء النَّاس، فُلِج فِي آخرِ عُمرِه،
روى عَنهُ قَتادةُ وَسليمَان التَّيْمِيّ، مَاتَ سنة، ذَكَرَه ابْن
حِبَّان فِي الثِّقات. وأمّ نَضْرَة لم أَجِدْ لَهَا ذِكراً،
تابِعيّان، ولعلّها هِيَ نَضْرَة العَبْديّة، فإنّها تابعيّة رَوَتْ
عَن الْحسن بن عليّ، وعنها هِشام، ذكرهَا ابنُ حِبّان. وعُبَيْد بن
نَضارٍ الحَرّانيّ، ككِتاب، مُحدِّث عَدْلٌ، كتب عَنهُ أَبُو المفضّل
الشَّيْبانيّ. روى الإياديُّ عَن شَمِر: نِضْرُ الرجلِ، بِالْكَسْرِ:
امرأتُه، قَالَ: وَهِي شاعَتُه أَيْضا. والنَّضِير، كأَمير: حَيٌّ من
يَهود خَيْبَر من آل هَارُون أَو مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَقد
دخلُوا فِي الْعَرَب، كَانَت مَنَازِلهمْ وَبني قُرَيْظة خارجَ
الْمَدِينَة فِي حدائق وآطامٍ لَهُم. وغَزْوَة بني النَّضير
مَشْهُورَة، قَالَ الأَزْهَرِيّ: كَانَت على ستَّةِ أشهرٍ من وَقْعَةِ
أُحُد، وتَفصيلُه فِي كُتبِ السِّيَر، والنِّسْبَة نَضَرِيّ، محرَّكةً،
مِنْهُم بكرُ بن عَبْد الله النَّضَرِيّ شيخُ الواقديّ، وَكَذَا أَبُو
سعدِ بن وَهْبٍ النَّضَريّ لَهُ صُحبة، روى عَنهُ ابنُه أُسَامَة،
وحسين بن عَبْد الله النَّضَريّ، وروى عَن أسامةَ الْمَذْكُور، وربيعُ
بنُ أبي الحُقَيْق النَّضَريّ الشَّاعِر مَذْكُور فِي السّيرة،
فَهَؤُلَاءِ كلّهم من بني النَّضير. وَأَبُو النَّضِير بن التَّيِّهان:
صَحابِيٌّ شَهِدَ أُحُداً، وَهُوَ أَخُو أبي الْهَيْثَم. ونَضيرةُ،
كسَفينة: جاريةُ أمّ سَلَمَة، لَهَا ذكْرٌ. ونُضار بن حُدَيْق، كغُراب،
فِي هَمْدَان، هَكَذَا نَقله الصَّاغانِيّ. قلتُ: ونُضار بنتُ أبي
حَيَّان، وسَمِعَتْ من أَصْحَاب ابْن الزُّبيدي نَقله الْحَافِظ
وَضَبطه. والنُّضارات، بالضَّمِّ: أوديةٌ بديار بَلْحَارِثِ بن كَعْب،
قَالَ
(14/240)
جعفرُ بن عُلْبَةَ الحارثِيُّ وَهُوَ
مَحْبُوسٌ:
(أَلا هلْ إِلَى ظِلِّ النُّضاراتِ بالضُّحى ... سَبيلٌ وأصْواتِ
الحَمامِ المُطَوَّقِ)
(وَسَيْري مَعَ الفِتْيانِ كلَّ عَشِيَّةٍ ... أُباري مَطاياهُمْ
بأَدْماءَ سَمْلَقِ)
كَذَا فِي المعجم، وقرأتُ فِي كتاب غَرِيب الحَمام لِلْحسنِ بن عَبْد
الله الأصبهانيّ، وَفِيه: أَلا هَل إِلَى أهل النّضارات وَفِيه: وتغريد
الحَمام. بدل: أصوات. والعبّاسُ بن الفَضْلِ بن زكريّا بن يحيى بن
النَّضْر النَّضْرَوِيّ الهَرَوِيّ:) مُحَدِّثٌ، عَن أَحْمد بن
نَجْدَة، وَعنهُ البَرْقانيّ، وحفيداه الْحسن وَالْحُسَيْن ابْنا عليّ
بن العبّاس بن الفَضْل، ذكرهمَا الفاميّ فِي تَارِيخ هَراة، ووصفهما
بالحِفْظ، مَاتَ الْحسن سنة وَأَخُوهُ سنة. وَالْحُسَيْن بن الْحسن بن
النَّضْر بن حَكِيم النَّضْرِيّ المَرْوَزِيّ، عَن عبّاس الدُّوريّ
وَغَيره. وَابْنه القَاضِي عَبْد الله بن الْحُسَيْن، روى عَن
الْحَارِث بن أبي أُسَامَة، وعُمِّر، حدّث عَنهُ الْحَاكِم وَابْنه
أَبُو الْقَاسِم عبيد الله بن عَبْد الله، كَانَ قَاضِي نَسَف. وشيخُ
الْإِسْلَام يُونُس بن طاهرٍ النَّضْريّ، عَن زيد بنِ رِفاعةَ
الهاشميّ، وَعنهُ أَبُو عَبْد الله البُوزْجَاني: مُحَدِّثون. قلت:
وَعبد الْملك بن الْحُسَيْن أَخُو القَاضِي عَبْد الله الْمَذْكُور،
ذكره ابْن نُقْطَة وَقَالَ: روى عَن أبي مُسلِم الكَجِّيّ وَغَيره،
وَعنهُ أَبُو غَانِم الكُراعيّ وَآخَرُونَ. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: يُقَال: غلامٌ غَضٌّ نَضِيرٌ، وجاريةٌ غَضَّةٌ نَضِيرةٌ.
وَقد أَنْضَرَ الشجرُ، إِذا اخْضَرَّ ورَقُه. ونَضْرُ بن الْحَارِث بن
عبد رَزاح الأوسِيّ، لَهُ صُحبة، هَكَذَا ذكره الْحَافِظ ابْن حَجَر
فِي التَّبْصير من غير ألف وَلَام
(14/241)
وَفِي مُعجَم الصَّحَابَة لِابْنِ فَهْد
هُوَ النَّضْر بِاللَّامِ، قَالَ: وحُكي فِيهِ نَصْر بالصَّاد المُهملة
ونَضْر بن مِخْراق شيخٌ لهُشَيْم وَنَضْرُ بن يَزيد، عَن أبي المُلَيْح
وَنَضْرُ بن مُوسَى الفَزاريّ أَخُو إِسْمَاعِيل ابْن بنت السُّدِّيّ،
وَهُوَ جَدّ عَدِيّ بن أبي الزَّغباءِ الصحابيّ، وَأَبُو النَّضْر
السُّلَمِيّ، عَن عليّ، اختلِف فِيهِ ورجَّح الْأَمِير أنّه
بِالْمُهْمَلَةِ، وَنَضْرُ بن مَنْصُور شيخٌ للعَلاءِ بن عَمْرو،
فَهَؤُلَاءِ الَّذين نُقِل فيهم إعجام الضَّاد مجرَّداً من الْألف
وَاللَّام. والنَّضْرٌ بن شُمَيْل من أئمّة اللُّغَة، تقدّم ذِكره فِي
المقدّمة. وبالتَّصغير نُضَيْر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة بن كَلَدَة،
من المُؤلَّفَة، استُشهِد باليرموك، وَهُوَ أَخُو النَّضْر الَّذِي
قُتل بالصَّفراء بعد بَدْر، وَمُحَمّد بن المرْتفِع بن النُّضَيْر
المكِّيّ، شيخٌ لِابْنِ جُرَيْج وَابْن عُيَيْنة، والنُّضَيْر بن
زِيَاد الطائيّ، حدّث عَنهُ يحيى الحمّاني، هَكَذَا ضَبطه الدارقطنيّ.
ونُضَيْرٌ مولى خالدِ بن يزِيد بن مُعَاوِيَة. وكأَمير: النَّضِير بن
عبد الجبّار بن نَضِير وأخواه عَبْد الله وَرَوْح حَدَّثوا، وَكَذَا
ابْن أَخِيه الْحَارِث بن رَوْح، حدّث أَيْضا، وهم مِصريُّون معروفون،
ونَضيرُ بن قَيْس روى عَنهُ مِسْعَر. وعَبْد الله بن النَّضير، شيخٌ
للزُبَير بن بَكَّار وَأَبُو نَضِير الشَّاعِر، اسمُه عمر بن عبد
الْملك، فِي زمن البرامكة، وَسليمَان بن أَرْقَم وَصَالح بن حَسّان،
النَّضِيرِيَّان، هَكَذَا بِالْفَتْح ضَبطه السَّمْعانيّ. وَالْقِيَاس
النَّضَرِيَّان، محرَّكةً، وهما ضَعيفان مَشْهُوران.
(نطثر)
النَّطْثَرة، بالمُثَلَّثة بعد الطَّاء، أهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ
اللِّسَان، واستدركه الصَّاغانِيّ وَقَالَ: هُوَ أَكْلُ الدَّسَم
حَتَّى يَثْقُلَ على
(14/242)
القلبِ، قَالَ: وَهِي قَلْبُ الطَّنْثَرَة.
قلت: وَقد تقدّم للمصنِّف هُنَاكَ، وَقَالَ هُنَاكَ: حَتَّى يَثْقُلَ
جِسمُه. فلْيتأمَّلْ.
(نطر)
النَّاطِرُ والنّاطور: حَافظ الكَرْمِ والنَّخْل والزَّرْع، أعجمِيٌّ،
من كَلَام أهلِ السَّوادِ، ليستْ بعربيّة مَحْضَة. وَقَالَ أَبُو
حنيفَة: هِيَ عربيّة، قَالَ الشَّاعِر:
(أَلا يَا جارَتا بإباضَ إنّي ... رأيتُ الريحَ خَيْرَاً منكِ جارا)
(تُغَذِّينا إِذا هَبَّتْ عَلَيْنا ... وتَمْلأُ وَجْهَ ناطِرِكم
غُبارا)
قَالَ: الناطر: الْحَافِظ، ويروى: إِذا هبَّت جَنوباً. قَالَ
الأَزْهَرِيّ: وَلَا أَدْرِي أأخذه الشاعرُ من كَلَام السَّوادِيِّين
أَو هُوَ عربيّ ج نُطَّار، كرُمَّان، ونُطَراء، ككُرَماء، ونَواطيرُ
وَنَطَرةٌ، الْأَخير محرَّكة. الأوَّلان والأخير جمع ناطِر،
وَالثَّالِث جمع ناطور. قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَرَأَيْت بالبيضاءِ من
بِلَاد بني جَذِيمةَ عَرازيلَ سُوِّيَت لمَنْ يَحْفَظُ ثَمَرَ النَّخيل
وَقْتَ الصِّرام، فسألتُ رجلا عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ مَظالُّ
النَّواطير، كأنّه جمع النّاطور. وَقَالَ ابنُ أَحْمَر فِي الناطور:
(وبُستان ذِي ثَوْرَيْن لَا لِينَ عِندَه ... إِذا مَا طَغى ناطورُه
وَتَغَشْمرا)
وَفِي الأساس: عَن ابْن دُرَيْد هُوَ بالظاء، من النَّظَر، لَكِن
النَّبَط يقلبونها طاءً. والفِعلُ النَّطْرُ، بِالْفَتْح، والنِّطارَة،
بِالْكَسْرِ، الْأَخير عَن الصَّاغانِيّ، وَقد نَطَرَ يَنْطُر، وَقَالَ
ابْن الأَعْرابِيّ: النَّطْرَة: الحِفْظُ بالعَيْنَيْن، بِالطَّاءِ
قَالَ: وَمِنْه أُخِذَ النّاطور. وابنُ النّاطورِ: صاحبُ إيليا
(14/243)
الحاكمُ عَلَيْهَا، هُوَ صاحبُ هِرَقْلَ
ملكِ الرُّوم، كَانَ مُنَجِّماً، نظرَ
فِي علمِ النُّجوم، سُقِّفَ على نَصارى الشامِ، أَي جُعل أُسْقُفَّاً
عَلَيْهِم، ويُروى فِيهِ بالظاءِ، من النَّظَر. وَهُوَ الأَصْل، كَمَا
تقدّم عَن ابنِ دُرَيْد. والنَّطْرون، بِالْفَتْح: البَوْرَق
الأَرْمَنِيّ وَهُوَ نوعٌ مِنْهُ، كَمَا ذكره صاحبُ المِنْهاج وغيرُه،
وَقَالُوا: أَجْوَدُه الإرْمِنيّ الهشّ الْخَفِيف الأبْيَض، ثمَّ
الوَرْدِيّ، وأقواها الإفريقيّ، قلتُ: وَمِنْه نوعٌ يُوجد فِي الدِّيار
المِصريَّة فِي مَعْدَنَيْن: أَحدهمَا فِي البرّ الغربيّ بِمَا
يُظاهِرُ نَاحيَة يُقَال لَهَا الطرَّانة، وَهُوَ شِقافٌ، أخضرُ
وأحمرُ، وَأكْثر مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ الْأَخْضَر، وَالْآخر
بالفاقوسيّة، وَلَيْسَ يَلْحَق فِي الجَوْدَة بالأوّل. والنِّيطِرُ
كزِبْرِج: الدَّاهيَةُ، هَكَذَا بالياءِ بعد النُّون فِي سَائِر
النّسخ، وَضَبَطه الصَّاغانِيّ بخطِّه بِالْهَمْزَةِ بدل الْيَاء.
والنُّطَّار كرُمَّان: الخَيالُ المَنْصوب بَين الزَّرْع، قَالَه
الصَّاغانِيّ. وغَلِطَ الجَوْهَرِيّ فِي قولِه ناطِرون ع بِالشَّام،
وإنّما هُوَ ماطِرون، بِالْمِيم وَقد تقدّم الْبَحْث فِي ذَلِك وأشرْنا
هُنَاكَ أنّ المُصَنِّف مسبوقٌ فِي ذَلِك، فقد صحَّحَ الأَزْهَرِيّ أَن
الموضِع بِالْمِيم دون النُّون. قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَالْقَوْل فِي
إعرابه كالقول فِي نَصِيبِين، ويُنشَِد هَذَا البيتُ بكَسْرِ النُّون:)
(وَلها بالنَّاطِرونِ إِذا ... أَكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَا)
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: رُؤُوس النَّواطير: إِحْدَى منازلِ حاجّ
مصرَ، بَينهَا وَبَين عَقَبَةِ أَيْلَةَ. والمُنَيْطِرَة مصغَّراً:
حِصنٌ بِالشَّام قريبٌ من طرابلس، ذكره ياقوت.
(نظر)
نَظَرَه، كَنَصَره وسَمِعَه، هَكَذَا فِي الْأُصُول المُصحَّحة، ووُجِد
فِي النُّسْخَة الَّتِي شرح عَلَيْهَا شيخُنا: كَضَرَبه، بدل:
(14/244)
كَنَصَره، فَأَقَامَ النَّكيرَ على
المُصنِّف وَقَالَ: هَذَا لَا يُعرَف فِي شيءٍ من الدَّوَاوِين وَلَا
رَوَاهُ أحدٌ من الرَّاوين، بل الْمَعْرُوف نَظَرَ كَكَتَب، وَهُوَ
الَّذِي مُلئَ بِهِ الْقُرْآن وكلامُ الْعَرَب. وَلَو عَلِمَ شيخُنا
أنّ نسخته محرّفة لم يَحْتَج إِلَى إِيرَاد مَا ذكره. وَفِي الْمُحكم:
نَظَرَه يَنْظُره، نَظَرَ إِلَيْهِ نَظَرَاً، محرّكةً، قَالَ اللَّيْث:
وَيجوز تَخْفيف الْمصدر، تَحْمِله على لفْظ العامّة من المصادر،
ومَنْظَراً، كَمَقْعَد، ونَظَرَاناً، بِالتَّحْرِيكِ، ومَنْظَرةً،
بِفَتْح الأوّل وَالثَّالِث، وتَنْظَاراً، بِالْفَتْح. قَالَ
الحُطَيْئة:
(فمالَكَ غَيْرُ تَنْظَارٍ إِلَيْهَا ... كَمَا نَظَرَ اليَتيمُ إِلَى
الوصيِّ)
: تأمَّله بعَيْنِه، هَكَذَا فسَّره الجَوْهَرِيّ. وَفِي البَصائر:
وَالنَّظَر أَيْضا تَقليبُ البَصيرةِ لإدراكِ الشيءِ ورُؤيتِه وَقد
يُراد بِهِ التَّأَمُّل والفَحْص، وَقد يُراد بِهِ المعرفةُ الحاصلةُ
بعد الفحْص. وقَوْلُهُ تَعالى: انْظُروا مَاذَا فِي السَّماوات أَي
تأمّلوا. وَاسْتِعْمَال النَّظَر فِي البَصَر أكثرُ اسْتِعْمَالا عِنْد
العامّة، وَفِي البصيرة أَكثر عِنْد الخاصّة. وَيُقَال: نَظَرْتُ إِلَى
كَذَا، إِذا مَدَدْتَ طَرْفَكَ إِلَيْهِ، رَأَيْتَه أَو لم تَرَهْ،
ونَظَرْتُ، إِذا رَأَيْته وتَدَبَّرْته، ونظرْتُ فِي كَذَا: تأمَّلته،
كَتَنَظَّره، وانْتَظَره كَذَلِك، كَمَا سَيَأْتِي. نَظَرَتِ الأرضُ:
أَرَتِ العينَ نباتَها، نَقله الصَّاغانِيّ، وَهُوَ مجَاز. وَفِي
الأساس: نَظَرَتِ الأرضُ بعَيْن وبعَيْنَيْن: ظَهَرَ نباتُها. نَظَرَ
لَهُم: أَي رَثَىَ لَهُم وَأَعَانَهُمْ، نَقله الصَّاغانِيّ، وَهُوَ
مجَاز. نَظَرَ بَيْنَهم، أَي حَكَمَ. والنَّاظِرُ: العَيْنُ نَفْسُها،
أَو هُوَ النُّقطةُ السوداءُ الصافية الَّتِي فِي وَسط سَواد الْعين
وَبهَا يَرى النَّاظِرُ مَا يُرى، أَو البصرُ نَفْسُه، وَقيل:
النّاظِرُ فِي الْعين كالمِرآة الَّتِي إِذا
(14/245)
استقبلْتَها أبصرتَ فِيهَا شَخْصَك، أَو
عِرْقٌ فِي الأنفِ وَفِيه ماءُ الْبَصَر قَالَه ابنُ سِيدَه، قيل:
النّاظر: عَظْمٌ يَجْرِي من الجبهةِ إِلَى الخياشيم، نَقله
الصَّاغانِيّ. والنّاظِران: عِرْقانِ على حَرْفَيْ الأنفِ يسيلان من
المُؤْقَيْن، وَقيل: هما عِرْقان فِي الْعين يَسقيان الأنفَ، وَقيل:
هما عِرْقان فِي مَجْرَى الدمعِ على الأنفِ من جانِبَيْه، وَهُوَ قَول
أبي زيد. وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: هما عِرْقان مُكْتَنِفا الْأنف،
وَأنْشد لجَرير:
(وأشْفي من تَخَلُّجِ كلّ جِنٍّ ... وأكْوي النَّاظِرَيْنِ من
الخُنانِ)
وَقَالَ آخر:
(وَلَقَد قطعت نواظر أَو جمعتها ... مِمَّن تعرض لي من الشُّعَرَاء)
)
وَقَالَ آخر:
(قليلةُ لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ يَزينُها ... شبابٌ ومَخفوضٌ من العيشِ
باردُ)
وصفَ محبوبته بأسالةِ الخدِّ وقِلّةِ لَحْمه، وَهُوَ المُستَحَب. منَ
المَجاز: تَناظَرَت النَّخلتان، إِذا نَظَرَتِ الْأُنْثَى مِنْهُمَا
إِلَى الْفَحْل. وَفِي بعض النّسخ: إِلَى الفُحَّال فَلم يَنْفَعها
تَلقيحٌ حَتَّى تُلقَح مِنْهُ. قَالَ ابنُ سِيدَه: حكى ذَلِك أَبُو
حنيفَة.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: مَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَأَعْجبَك أَو
ساءَك. وَفِي التَّهْذِيب: المَنْظَرَة: مَنْظَرُ الرجل إِذا نَظَرْتَ
إِلَيْهِ فأعجبكَ. وامرأةٌ حَسَنَةُ المَنْظَر والمَنْظَرة. وَيُقَال:
إنّه لذُو مَنْظَرةٍ بِلَا مَخْبَرة. وَيُقَال: مَنْظَرُهُ خيرٌ من
مَخْبَرِه. رجلٌ مَنْظَرِيٌّ، وَمَنْظَرانِيٌّ الْأَخِيرَة على غَيْرِ
قِيَاس: حَسَنُ المنْظَر. ورجلٌ مَنْظَرانِيٌّ مَخْبَرانِيٌّ.
وَيُقَال: إنّ فلَانا لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَع، وَفِي رِيٍّ ومَشْبَع،
أَي فِيمَا أحبَّ النظرَ إِلَيْهِ وَالِاسْتِمَاع. منَ المَجاز: رجلٌ
نَظورٌ،
(14/246)
كصبور، ونَظورةٌ، بِزِيَادَة الْهَاء،
وناظُورَة ونَظِيرَةٌ، الْأَخِيرَة كسَفينة: سَيِّدٌ يُنظَر إِلَيْهِ،
للْوَاحِد وَالْجمع والمُذَكَّر والمؤنَّث. قَالَ الفَرَّاء: يُقَال:
فلانٌ نَظورَةُ قَوْمِه ونَظيرَةُ قومه، وَهُوَ الَّذِي يَنْظُر
إِلَيْهِ قَوْمُه فيمْتَثِلون مَا امْتثله، وَكَذَلِكَ: هُوَ طَريقتهم،
بِهَذَا الْمَعْنى. أَو قد تُجمَع النَّظِيرَة والنَّظورةُ على نَظائر.
وناظِرُ: قلعةٌ بخُوزِسْتان، نَقله الصَّاغانِيّ. منَ المَجاز: رجلٌ
سَديدُ الناظِر، أَي بريءٌ من التُّهَمَة يَنْظُر بملءِ عَيْنَيْه.
وَفِي الأساس: بريءُ الساحةِ ممّا قُذِفَ بِهِ. وَبَنُو نَظَرَى،
كَجَمَزى، وَقد تُشَدّد الظاءُ: أهلُ النَّظَرِ إِلَى النِّساء
والتَّغَزُّلِ بهنّ، وَمِنْه قولُ الأعرابِيّة لبَعْلِها: مُرَّ بِي
على بَني نَظَرَى، وَلَا تَمُرَّ بِي على بناتِ نَقَرَى، أَي مُرّ بِي
على الرِّجال الَّذين ينظرُونَ إليّ فأُعجِبُهم وأَروقُهم، وَلَا
تَمُرَّ بِي على النِّسَاء اللائي يَنْظُرنَني، فيَعِبْنَني حَسَدَاً،
ويُنَقِّرْنَ عَن عيوبِ مَن مرَّ بهنّ. حَكَاهُ ابْن السِّكِّيت.
والنَّظَرُ، محرَّكة: الفِكْرُ فِي الشيءِ تُقَدِّرُه وتَقيسُه، وَهُوَ
مجَاز. النَّظَر: الانْتِظار، يُقَال: نَظَرْتُ فلَانا وانْتَظَرْته،
بِمَعْنى واحدٍ، فَإِذا قلت، انْتَظَرْتُ فَلم يُجاوِزْك فِعلُك،
فَمَعْنَاه: وَقَفْتُ وتمَهَّلْت، وَمِنْه قَوْلُهُ تَعالى: انْظُرونا
نَقْتَبِسْ من نورِكُم وَفِي حَدِيث أنس: نَظَرْنا النبيَّ صلّى الله
عَلَيْهِ وسلَّم ذاتَ ليلةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ اللَّيْل. يُقَال:
نَظَرْتُه وانْتَظَرْتُه، إِذا ارْتَقَبْتَ حُضوره. وقَوْلُهُ تَعالى:
وجوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضرةٌ، إِلَى ربِّها ناظِرَة أَي مُنْتظِرة. وَقَالَ
الأَزْهَرِيّ: وَهَذَا خطأ، لِأَن الْعَرَب لَا تَقول نَظرْت إِلَى
الشيءِ بِمَعْنى انْتَظَرْته، إِنَّمَا تَقول نَطَرْتُ فلَانا أَي
انتظرتُه، وَمِنْه قولُ الحُطَيْئة:
(وَقد نَظَرْتُكُمْ أَبْنَاءَ صادِرَةٍ ... للوِرْدِ طالَ بهَا حَوْزِي
وتَنْساسي)
(14/247)
وَإِذا قلتَ: نَظَرْتُ إِلَيْهِ، لم يكن
إلاّ بِالْعينِ، وَإِذا قلتَ: نَظَرْتُ فِي الأمرِ، احْتمل أَن يكون
تَفَكُّراً وتدَبُّراً بِالْقَلْبِ. منَ المَجاز: النَّظَر: هم الحَيُّ
المُتَجاورون يَنْظُر بَعْضُهم لبعْض. يُقَال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ.
النَّظَر: التَّكَهُّن، وَمِنْه الحَدِيث: أَن عَبْد الله بن عبد
المُطلِب مرّ بِامْرَأَة كَانَت تَنْظُر وتعْتاف، فَدَعَته إِلَى أَن
يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا وَله مائةٌ من الْإِبِل تَنْظُر، أَي تتَكَهَّن
وَهُوَ نَظرٌ بفِراسة وعِلم، وَاسْمهَا كاظِمَةُ بنتُ مُرٍّ، وَكَانَت
مُتَهَوِّدَةً، وَقيل: هِيَ أختُ وَرَقَةَ بنِ) نَوْفَل. النَّظَر:
الحُكْمُ بَين القومِ. النَّظَر: الْإِعَانَة، ويُعَدَّى بِاللَّامِ،
وَهَذَانِ قد ذكرهمَا المُصنِّف آنِفاً، والفِعلُ فِي الكلّ كَنَصَر،
فإنّه قَالَ: وَلَهُم: أعانَهم، وبينَهُم: حَكَمَ، فَهُوَ تكْرَار
كَمَا لَا يخفى. منَ المَجاز: النَّظور كصَبور: من لَا يُغفِلُ
النَّظَر إِلَى من أهَمَّه، وَفِي اللِّسَان: إِلَى مَا أَهَمَّه.
وَفِي الأساس: من لَا يَغْفَل عَن النَّظَر فِيمَا أَهمَّه.
والمَناظِر: أشرافُ الأَرْض، لأنّه يُنظَر مِنْهَا. المَناظِر: ع فِي
البَرِّيَّة الشاميّة قربَ عُرْضَ. وَأَيْضًا: ع قربَ هيت. قَالَ عَديّ
بن الرّقاع:
(وَثَوَى الْقيام على الصوى وتَذاكرا ... ماءَ المَناظِرِ قُلْبها
وأَضاها)
وتَناظَرا: تَقابلا، وَمِنْه تَناظَرَتِ الداران، ودورُهم تَتَنَاظر.
والناظورُ والنّاظِرُ: النّاطور، بِالطَّاءِ، وَهِي نبَطِيّة. وابْنُ
النّاظور مرَّ ذِكرُه فِي نطر، وانْظُرْني، أَي اصْغَ إليَّ، وَمِنْه
قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: وَقُولُوا انْظُرْنا واسْمَعوا وَنَظَره
وانْتَظَره وتَنَظَّرَه:
(14/248)
تَأَنَّى عَلَيْهِ، قَالَ عُرْوَة بن
الْورْد:
(إِذا بَعُدوا لَا يَأْمَنون اقْتِرابَه ... تَشَوُّفَ أَهْلِ الغائبِ
المُتَنَظَّرِ)
والنَّظِرَة، كفَرِحَة: التأخيرُ فِي الْأَمر، قَالَ اللهُ تَعَالَى:
فنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة وَقَرَأَ بعضُهم: فناظِرَةٌ إِلَى ميسرَة
كَقَوْلِه عز وَجل: لَيْسَ لوَقْعَتِها كاذِبَة أَي تَكْذِيب. وَقَالَ
الليثُ: يُقَال: اشتريتُه مِنْهُ بنَظِرَةٍ وإنْظارٍ. والتنظر:
تَوَقُّع الشَّيْء.
وَقَالَ ابنُ سِيدَه: هُوَ تَوَقُّع مَا تَنْتَظِرُه. وَنَظَره
نَظْرَاً: باعَه بنَظِرَةٍ وإمْهال، واسْتَنْظَرَه: طَلَبَها، أَي
النَّظِرَة مِنْهُ واسْتَمْهَلَه. وأَنْظَره: أخَّره، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: فال أَنْظِرني إِلَى يَوْمِ يُبعَثون أَي أخِّرني. وَيُقَال:
بِعتُ فلَانا فَأَنْظَرْتُه، أَي أَمْهَلته، والاسمُ النَّظِرَة، وَفِي
الحَدِيث: كنتُ أُبايعُ الناسَ فكنتُ أُنظِرُ المُعسِر أَي أُمهله.
والتَّناظُر: التَّرواُض فِي الْأَمر. ونَظيرُك: الَّذِي يُراوِضُك
وتُناظِرُه. منَ المَجاز: النَّظير، كأمير، والمُناظِر: المِثْل
والشَّبيه فِي كلِّ شيءٍ، يُقَال: فلانٌ نظيرُكَ، أَي مِثلك، لأنّه
إِذا نَظَرَ إِلَيْهِمَا النّاظرُ رآهما سَوَاء، كالنِّظْر،
بِالْكَسْرِ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدَة، مثل النِّد والنَّديد، وَأنْشد
لعبْد يغوثَ بن وَقَّاصٍ الحارثيّ:
(أَلا هَل أَتَى نِظْري مُلَيْكةَ أنَّني ... أَنا الليثُ مَعْدِيَّاً
عَلَيْهِ وعادِيَا)
(وَقد كنتُ نَحَّارَ الجَزورِ ومُعمِلَ ال ... مَطِيِّ وأمْضي حيثُ لَا
حَيَّ ماضِيا)
ج نُظَراء، وَهِي نَظيرُتها، وهنَّ نَظائر، كَمَا فِي الأساس.
والنَّظْرَة، بِالْفَتْح: العَيْب. يُقَال: رجلٌ فِيهِ نَظْرَةٌ، أَي
عَيْب، ومَنْظُور، مَعْيُوبٌ. النَّظْرَة:
(14/249)
الهَيْبَة عَن ابْن الأَعْرابِيّ.
النَّظْرَة: سوءُ الهَيْئة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّظْرَة:
الشُّنْعة والقُبْح.
يُقَال: إنّ فِي هَذِه الجاريةِ لَنَظْرَةً، إِذا كَانَت قبيحةً.
النَّظْرة: الشُّحوب، وَأنْشد الرِّياشيُّ:
(لَقَدْ رابَني أنَّ ابنَ جَعْدَةَ بادِنٌ ... وَفِي جسمِ لَيْلَى
نَظْرَةٌ وشُحوبُ)
النَّظْرَة: الغَشْيَة أَو الطائفُ من الجِنِّ، وَقد نُظِرَ، كعُنِيَ،
فَهُوَ منظرٌ: أصابتْه غَشْيَةٌ أَو عَيْنٌ، وَفِي الحَدِيث أَن
النبيَّ)
صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم رأى جَارِيَة فَقَالَ: إنَّ بهَا نَظْرَةً
فاسْتَرْقُوا لَهَا. قيل: مَعْنَاهُ إنّ بهَا إصابةَ عَيْنٍ من نَظَرِ
الجِنّ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ بهَا سَفْعَة. النَّظْرَة: الرَّحْمَة،
عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَهُوَ مجَاز. وَفِي البصائر: وَنَظَرُ اللهِ
إِلَى عبادهِ هُوَ إحسانُه إِلَيْهِم وإفاضة نِعَمِه عَلَيْهِم، قَالَ
اللهُ تَعَالَى: وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِم يَوْمَ القِيامة وَفِي
الصّحيحين: ثلاثةٌ لَا يُكَلِّمْهم الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِم:
شيخٌ زانٍ، وملِكٌ كَذَّابٌ، وعائِلٌ مُتَكَبِّر. وَفِي النِّهَايَة
لِابْنِ الْأَثِير أنّ النَّظَرَ هُنَا الاخْتيار والرحمةُ والعطف لأنّ
النَّظَرَ فِي الشَّاهِد دليلُ المحبّة، وترْكُ النَّظَرِ دليلُ
البُغْضِ والكَراهة. ومَنْظُورُ بنُ حَبَّةَ أَبُو سِعْرٍ راجزٌ، وَقد
تقدّم ذِكرُه فِي سعر أَيْضا، وحَبَّةُ: اسْم أمِّه وَأَبوهُ مَرْثَد،
وَالَّذِي فِي اللِّسَان أنّ مَنْظُوراً اسمُ جِنّيٍّ وحَبَّةَ اسمُ
امْرَأَة عَلِقَها هَذَا الجِنِّيّ، فَكَانَت تُطَبِّبُ بِمَا
يُعلِّمها، وَفِيهِمَا يَقُول الشَّاعِر:
(وَلَوْ أنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلَما ... لنَزْعِ القَذى لمْ
يُبْرِئا لي قَذاكُما)
وَقد تقدّم ذَلِك فِي حبب أَيْضا.
(14/250)
مَنْظُور بنُ سَيَّار: رجلٌ م أَي
مَعْرُوف. قلت: وَهُوَ مَنْظُورُ بن زَبَّان بن سَيَّار بن العُشَراء
من بني فَزارة، وَقد ذكر فِي عشر. وناظِرَةُ: جبلٌ أَو ماءٌ لبني عَبْس
بِأَعْلَى الشَّقيق أَو ع، قَالَه ابنُ دُرَيْد، وَقيل: ناظِرَة
وشَرْجٌ: ماءان لعَبْس، قَالَ الْأَعْشَى:
(شاقَتْكَ مِن أَظْعَانِ لَيْ ... لى يَوْمَ ناظِرَةٍ بَواكِرْ)
وَقَالَ جرير:
(أَمَنْزِلَتَيْ سَلْمَى بناظِرَةَ اسْلَما ... وَمَا راجَعَ
العِرْفانَ إلاّ تَوَهُّما)
(كأنَّ رسومُ الدَّارِ ريشُ حَمامَةٍ ... مَحاها البِلى واسْتَعْجَمَتْ
أنْ تَكَلَّما)
ونَواظِر: آكامٌ بِأَرْض باهِلَة. قَالَ ابنُ أحمرَ الباهليّ:
(وصَدَّتْ عنْ نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ ... قَتاماً هاجَ صَيْفيَّاً
وآلا)
والمَنْظورَة من النِّسَاء: المَعيبة، بهَا نَظْرَةٌ، أَي عَيْب،
المَنْظورة: الدَّاهيَة، نَقله الصَّاغانِيّ. منَ المَجاز: فرَسٌ
نَظَّارٌ، كشَدَّاد: شَهْمٌ حَديدُ الفؤادِ طامِحُ الطَّرْفِ، قَالَ:
(مُحَجَّلٌ لَاحَ لَهُ حمارُ ... نابي المَعَدَّيْنِ وَأي نَظَّارُ)
وبَنو النَّظَّار: قومٌ من عُكْل، وهم بَنو تَيْم وعَديٍّ وثوْر بني
عَبْد مَناة بن أُدّ بن طابِخَة، حَضَنَتْهم أَمَةٌ لَهُم يُقَال لَهَا
عُكْلٌ فَغَلَبتْ عَلَيْهِم. وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعه، مِنْهَا الإبلُ
النَّظَّاريَّة، قَالَ الراجز: يَتْبَعْنَ نَظَّاريّةً سَعُوما
السَّعْم: ضَرْب من سَيْرِ الْإِبِل، أَو النَّظَّار: فَحْلٌ من فحولِ
الْإِبِل، فِي اللِّسَان: من فُحولِ الْعَرَب. قَالَ الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّاريّةً لم تُهجَمِ)
(14/251)
أَي نَاقَة نَجيبةً من نِتاجِ النَّظَّار
وَقَالَ جريرٌ: والأَرْحَبِيّ وجَدُّها النَّظَّارُ وَلم تُهجَم: لم
تُحلَب. والنَّظَّارَة: القومُ يَنْظُرون إِلَى الشيءِ كالمَنْظَرَة،
يَقُولُونَ: خَرَجْت مَعَ النَّظَارَة. النَّظَارة، بِالتَّخْفِيفِ
بِمَعْنى التَّنَزُّه لَحْنٌ يَسْتَعْمِلهُ بعضُ الفقهاءِ فِي كتبهمْ،
وَالصَّوَاب فِيهِ التَّشْدِيد. يُقَال: نَظَارِ، كقَطام، أَي
انْتَظِر، اسمٌ وُضِع موضعَ الْأَمر. والمِنْظار، بِالْكَسْرِ:
المِرآةُ يُرى فِيهَا الْوَجْه، ويُطلَق أَيْضا على مَا يُرى مِنْهُ
البعيدُ قَرِيبا، والعامّة تُسمِّيه النَّظَّارة. والنَّظائِر:
الأفاضِل والأماثِلُ لاشتِباه بَعْضِهم بِبَعْض فِي الْأَخْلَاق
وَالْأَفْعَال والأقوال.
والنَّظيرَة والنَّظُورة: الطَّليعة، نَقله الصَّاغانِيّ، ويُجمَعان
على نَظائِر. وناظَرَهُ: صارَ نَظيراً لَهُ فِي المُخاطَبة. ناظَرَ
فلَانا بفلان: جَعَلَه نَظيرَه، وَمِنْه قَوْل الزُهْرِيّ مُحَمَّد بن
شهَاب: لَا تُناظِرْ بِكِتَاب الله وَلَا بِكَلَام رَسُول الله صلّى
الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم، وَفِي رِوَايَة وَلَا بسُنَّةِ رَسُول
الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم. قَالَ أَبُو عُبَيْد: أَي لَا تَجْعَل
شَيْئا نَظيراً لَهما، فَتَدعْهما وَتَأْخُذ بِهِ، يَقُول: لَا
تَتَّبِع قَوْلَ قائلٍ مَن كَانَ وَتَدَعهما لَهُ. وَفِي الأساس: أَي
لَا تُقابِل بِهِ وَلَا تجعلْ مثْلاً لَهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: أَو
مَعْنَاهُ لَا تَجْعَلهما مَثَلاً لشيءٍ لغَرَض، هَكَذَا فِي سَائِر
النّسخ وَالصَّوَاب: لشيْءٍ يَعْرِض، وَهُوَ مِثلُ قَوْلِ إِبْرَاهِيم
النَّخَعيّ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يذكرُوا الآيةَ عِنْد الشَّيْء
يَعْرِض من أَمر الدُّنْيَا، كَقَوْل الْقَائِل للرجل: جِئتَ على
قَدَرٍ يَا مُوسَى لمُسَمّىً
(14/252)
بمُوسَى إِذا جَاءَ فِي وقتٍ مَطْلُوب،
الَّذِي يُرِيد صاحبُه، هَذَا وَمَا أشبهه من الْكَلَام مِمَّا
يَتَمَثَّل بِهِ الجَهَلَةُ من أُمُور الدُّنْيَا، وَفِي ذَلِك ابتذالٌ
وامْتهانٌ قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَالْأول أَشْبَه. منَ المَجاز: يُقَال:
مَا كَانَ هَذَا نَظيراً لهَذَا وَلَقَد أُنْظِرَ بِهِ، كَمَا يُقَال:
مَا كَانَ خَطيراً وَقد أُخطِر بِهِ. قَالَ الأصمعيّ: عَدَدْتُ إبلَهم
نَظائِرَ، أَي مَثْنَى مَثْنَى، وعَدَدْتُها جَمَاراً، إِذا عَدَدْتَها
وَأَنت تَنْظُر إِلَى جماعتها. والنِّظَار، ككِتاب: الفِرَاسة، وَمِنْه
قولُ عديٍّ: لم تُخطئْ نِظارَتي، أَي فِراستي. وامرأةٌ سُمْعُنَّةٌ
نُظْرُنَّة، بِضَم أوّلهما وثالثهما، وبكسرِ أوَّلهما وَفتح ثالثهما،
وبكسر أَولهمَا وثالثهما كِلَاهُمَا بِالتَّخْفِيفِ حَكَاهُمَا
يَعْقُوب وَحْدَه. قَالَ: وَهِي الَّتِي إِذا تَسَمَّعتْ أَو
تَنَظَّرتْ فَلم ترَ شَيْئا تَظَنَّتْهُ تَظَنِّيَاً. وأَنْظُورُ فِي
قَوْله، أَي الشَّاعِر:
(اللهُ يعلمُ أنّا فِي تَقَلُّبنا ... يومَ الفراقَ إِلَى إِخْوَاننَا
صُورُ)
(وأنّني حَيْثُ مَا يَثْنِي الْهوى بَصَري ... من حيثُما سلَكوا
أَدْنُو فأَنْظُورُ)
لغةٌ فِي أَنْظُر لبَعض الْعَرَب، كَذَا نَقله الصَّاغانِيّ عَن ابْن
دُرَيْد فِي التكملة ونصُّه: حَتَّى كأنَّ الْهوى من حَيْثُ أَنْظُورُ
وَالَّذِي صرّح بِهِ اللَّبْلي فِي بغية الآمال أنّ زِيَادَة الْوَاو
هُنَا حدثتْ من إشباع الضّمّة، وَذكر لَهُ نَظائر. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: يَقُولُونَ: دورُ آلِ فلَان تَنْظُر إِلَى دُورِ آلِ فلانٍ،
أَي هِيَ بإزائها ومُقابلة لَهَا. وَهُوَ مجَاز. وَيَقُول الْقَائِل
للمُؤمِّلِ)
يرجوه: إنّما نَنْظُر إِلَى الله ثمَّ إِلَيْك، أَي إِنَّمَا
(14/253)
أتوقعُ فَضْلَ الله ثمَّ فَضْلَك، وَهُوَ
مجَاز. وَتقول: عُيَيْنَتي نُوَيْظِرَةٌ إِلَى الله ثمَّ إِلَيْكُم.
وَهُوَ مجَاز. وأَنْظَر إنْظاراً: انْتَظَر، قَالَه الزّجّاجُ فِي
تَفْسِير قَوْلُهُ تَعالى: أَنْظِرونا نَقْتَبِسْ من نوركم على قراءةِ
من قَرَأَ بالقَطْع، قَالَ: وَمِنْه قولُ عَمْرو بن كُلْثُوم:
(أَبَا هندٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنا ... وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ
اليَقينا)
وَقَالَ الفرّاء: تقولُ العربُ أَنْظِرني، أَي انْتَظِرْني قَلِيلا.
وَيَقُول المتكلِّم لمَن يُعْجِلُه، أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقي، أَي
أَمْهِلْني.
والمُناظَرَة: أَن تُناظِرَ أخاكَ فِي أمرٍ إِذا نظرتما فِيهِ مَعًا
كَيفَ تَأْتِيانِه. وَهُوَ مجَاز. والمُناظَرَة: المُباحَثةُ
والمُباراة فِي النَّظَر، واستِحْضارُ كلِّ مَا يرَاهُ ببَصيرتِه.
والنَّظَر: البحثُ وَهُوَ أعمُّ من الْقيَاس، لِأَن كلّ قِيَاس نَظَرٌ،
وَلَيْسَ كلّ نَظَرٍ قِيَاس. كَذَا فِي البصائر. وَيُقَال: إنّ فلَانا
لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَع، أَي فِيمَا أحَبَّ النَّظَرَ إِلَيْهِ
والاستِماع. وَهُوَ مجَاز.
وَيُقَال: لقد كنتَ عَن هَذَا المَقامِ بَمَنْظَرٍ، أَي بمعْزِل فِيمَا
أَحْبَبْت. قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ يُخاطبُ غُلَاما قد أَبَقَ فقُتل:
(قد كُنتَ فِي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ ... عَن نَصْرِ بَهْرَاءَ غَيْرَ
ذِي فَرَسِ)
والنَّظْرَة، بِالْفَتْح: اللَّمْحة بالعَجَلة، وَمِنْه الحَدِيث: لَا
تُتبِع النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإنّ لكَ الأولى وليستْ لَك الآخرةُ
وَقَالَ بعضُ الْحُكَمَاء من لم تَعْمَل نَظْرَتُه لم يعملْ لِسَانه.
مَعْنَاهُ: أَن النَّظْرَة إِذا خرجت بإنكار
(14/254)
ِ الْقلب عَمِلَتْ فِي الْقلب وَإِذا
خَرَجَتْ بإنكار الْعين دونَ القلبِ لم تَعْمَل، أَي من لم يَرْتَدِع
بالنَّظَرِ إِلَيْهِ من ذَنْبٍ أَذْنَبَه لم يَرْتَدِع بالْقَوْل.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ وغيرُه: وَنَظَر الدهرُ إِلَى بني فلانٍ
فأهلَكَهم، قَالَ ابنُ سِيدَه: هُوَ على الْمثل، قَالَ: ولستُ مِنْهُ
على ثِقَة.
والمَنْظَرَة: مَوْضِعُ الرَّبِيئة، وَيكون فِي رأسِ جبلٍ فِيهِ رَقيبٌ
يَنْظُر العدوَّ ويحرُسُه. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: المَنْظَرَة:
المَرْقَبَة. قلتُ: وإطلاقُها على مَوْضِعٍ من الْبَيْت يكون
مُستَقِلاًّ عامِّيٌّ. والمَنْظَرَة: قريةٌ بِمصْر. وَنَظَرَ إِلَيْك
الجبلُ: قابَلَك. وَإِذا أخذْتَ فِي طريقِ كَذَا فَنَظَر إليكَ الجبلُ
فخُذْ عَن يَمِينه أَو يسَاره. وَهُوَ مجَاز. وقَوْلُهُ تَعالى:
وتَراهُم يَنْظُرونَ إليكَ وهم لَا يُبصِرون ذهبَ أَبُو عُبَيْد إِلَى
أنّه أَرَادَ الأصنامَ، أَي تُقابلُك وَلَيْسَ هنالِك نَظَرٌ، لكنْ
لمّا كَانَ النَّظَرُ لَا يكون إِلَّا بمقابلةٍ حِسُنَ. وَقَالَ:
وَتَرَاهُم وَإِن كَانَت لَا تَعْقِل، لأَنهم يضعونها مَوْضِع من
يَعْقِل. يُقَال: هُوَ يَنْظُر حَوْلَه، إِذا كَانَ يُكثِر النَّظَر.
ورجلٌ مَنْظُورٌ: مَعِينٌ. وسيِّدٌ مَنْظُورٌ: يُرجى فَضْلُه وترمُقُه
الْأَبْصَار، وَهَذَا مجَاز. وَفِي الحَدِيث: مَن ابْتاعَ مُصَرَّاةً
فَهُوَ بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، أَي خَيْرِ الأمْرَيْن، لَهُ إمْساكُ
المَبيع أَو ردّه، أيُّهما كَانَ خيرا لَهُ وَاخْتَارَهُ فَعَلَه.
وأَنْظَرَ الرجلُ: بَاعَ مِنْهُ الشيءَ بنَظِرَة. وَيَقُول أحدُ
الرجُلَيْن لصَاحبه: بَيْعٌ. فَيَقُول: نِظْرٌ.
بِالْكَسْرِ، أَي أَنْظِرْني حَتَّى أَشْتَرِي مِنْك. وتَنَظَّرْه:
انتَظِرْه فِي مُهلةٍ. وجيشٌ يُناظِرُ ألفا أَي يُقاربه وَهُوَ مجَاز.
ونَظائرُ الْقُرْآن: سُوَرُ المُفَصَّل
(14/255)
سُمِّيت لاشتِباه بَعْضِها بَعْضًا فِي
الطُّول. والنَّاظِرُ: الأمينُ الَّذِي يَبْعَثه السلطانُ إِلَى جماعةٍ
قريةٍ ليَسْتَبْرئ أَمْرَهم. وبيننا نَظَرٌ، أَي قَدْرُ نَظَرٍ فِي
القُرب. وَهُوَ مجَاز. وَفِي الحَدِيث فِي صفة الكَبْش:) ويَنْظُر فِي
سَواد أَي أَسْوَد مَا يَلِي العينَ مِنْهُ، وَقيل أَرَادَ سَوادَ
الحَدقةِ. قَالَ كُثَيِّر:
(وَعَن نَجْلاءَ تَدْمَعُ فِي بَياضٍ ... إِذا دَمَعَتْ وتَنْظُرُ فِي
سَوادِ)
يُرِيد أَن خَدَّها أَبْيَضُ وَحَدَقتها سَوداء. وَيُقَال: انْظُرْ لي
فلَانا، أَي اطْلُبْه لي، وَهُوَ مجَاز. وَنَظَرْتُ الشيءَ: حَفِظْتُه،
عَن ابْن القَطَّاع. وضَربْناهم بنَظَرٍ، ومِن نَظَرٍ: أَي
أَبْصَرْناهم، وَهُوَ مجَاز. والنَّظَر: الاعتِبار. قَالَ شَيْخُنا:
وَهُوَ مُرادُ المُتكلِّمين عِنْد الإطْلاق. وَنَظَرُ بن عبد الله
أميرُ الحاجّ، روى ابْن السَّمْعانيّ عَنهُ، عَن ابنِ البَطِر.
والنَّظَّارُ بن هَاشم الشَّاعِر، من بني حَذْلَم. والعلاءُ بن
مُحَمَّد بن مَنْظُور، من بني نَصْر بن قُعَيْن، وَلِيَ شُرْطَة
الكُوفة. وَمَنْظَرَةُ الرَّياحنيِّين بِبَغْدَاد، استَحْدَثها
المُستَظْهِر بِاللَّه العبّاسيُّ، وَكَانَ بناها سنة. ومَنْظُور بن
رَواحة: شاعرٌ وجدُّه خَنْثَرُ بنُ الأَضْبَط الكلابيّ، مَشْهُور.
(نعر)
النُّعْرَة، بالضمّ، وكهُمزَة: الخَيْشوم، وَمِنْهَا يَنْعَرُ
الناعِرُ، قَالَه الليثُ،
(14/256)
وأنكرَه الأَزْهَرِيّ، وَنَقله
الصَّاغانِيّ. نَعَرَ الرجلُ يَنْعِر، كَمَنَع وَضَرَب، وَهَذِه أكثرُ
اسْتِعْمَالا فِي نَعَرَ العرْقُ، قَالَه الْفراء كَمَا نَقله عَن
الصَّاغانِيّ. نَعيراً ونُعاراً، كأمير وغُراب: صاحَ وصَوَّتَ
بخَيْشومه، وَهُوَ من الصَّوْت. قَالَ الأَزْهَرِيّ: أما قَول اللَّيْث
فِي النَّعِير إنّه صوتٌ فِي الخَيْشوم، وَقَوله: النُّعَرة:
الخَيْشوم، فَمَا سَمِعْتُه لأحد من الْأَئِمَّة، وَمَا أُرى الليثَ
حَفِظَه. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: نَعَرَ العرْقُ يَنْعَر،
بِالْفَتْح فيهمَا، نَعْرَاً: فارَ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ الشَّاعِر:
(صَرتْ نَظْرَةً لَو صادَفَتْ جَوْزَ دارِعٍ ... غَدا والعَواصي مِن
دمِ الجوفِ تَنْعَرُ)
أَو: صَوَّت لخُرُوج الدمِ، فَهُوَ يَنْعِرُ نُعوراً ونَعيراً. نَعَرَ
فلانٌ فِي الْبِلَاد: ذَهَبَ. والنَّعِيرُ: الصُّراخ والصِّياح فِي
حَرْب أَو شرٍّ. وامرأةٌ نَعَّارةٌ كشَدّاد: صَخَّابةٌ فاحشةٌ،
والفِعلُ كالفِعل، والمَصدرُ كالمَصدرِ. والنَّاعور: عِرْقٌ لَا
يَرْقَأُ دَمُه، وَقد نَعَرَ العِرقُ بالدّم. النَّاعور: جَناحُ
الرَّحى. النَّاعورة، بهاءٍ: الدُّولاب، لنَعيرِه، وجمعُه النَّواعير،
وَهِي الَّتِي يُسْتَقى بهَا، يُديرُها الماءُ وَلها صوتٌ، وَهِي بشطِّ
الْفُرَات والعاصي. النَّاعورة: دَلْوٌ يُستَقى بهَا. وَمن الْمجَاز
عَلَيْهِ: النُّعَرَة، كهُمَزَة: الخُيَلاءُ والكبْرُ، وَمِنْه
قَوْلُهم: إنّ فِي رَأْسِه نُعَرَةً. وَيُقَال: لأُطَيرَنَّ نُعَرَتَك
أَي كِبْرَك وجهلَكَ من رَأْسِك. وَالْأَصْل فِيهِ أنّ الْحمار إِذا
نَعَرَ رَكِبَ رَأْسَه، فَيُقَال لكلِّ من رَكِبَ رَأْسَه: فِيهِ
نُعَرَةٌ. وَفِي حَدِيث عمر: لَا أٌ قلِعُ عَنهُ حَتَّى أُطِيرَ
نُعَرَتَه. . ورُوي: حَتَّى أَنْزِعَ النُّعَرَةَ الَّتِي فِي أَنْفِه
أخرجه الهرويّ فِي الغريبَيْن هَكَذَا من حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ،
وَجعله الزَّمَخْشَرِيّ
(14/257)
حَدِيثا مَرْفُوعا. النُّعَرة: الأمرُ
يُهَمُّ بِهِ، كالنَّعَرَة، بِالتَّحْرِيكِ فيهمَا، أَي فِي
الْمَعْنيين، عَن الأُمويّ، وَبِه فسّر قَوْلهم: إنّ فِي رَأسه
نَعَرَةٌ، أَي أَمْرَاً يَهُمُّ بِهِ. منَ المَجاز: النُّعَرَةُ: مَا
أَجَنَّتْ حُمُرُ الوحشِ فِي أَرْحَامها قَبْلَ تَمامِ خَلْقِه، شُبِّه
بالذُّباب وَقيل: إِذا استحالت المُضغَة فِي الرَّحِم فَهِيَ نُعَرَةٌ،
كالنُّعَر،)
كصُرَد، وَهِي أولادُ الحَوامل إِذا صُوِّرَت، هَكَذَا فِي النّسخ،
وَفِي بعض الْأُصُول: صَوَّتَتْ، على الصَّوَاب: وَمَا حَمَلَتْ
الناقةُ نُعَرَةً قطُّ، أَي مَا حَمَلَت وَلَدَاً، وَجَاء بهَا
العَجّاجُ فِي غير الجَحْد فَقَالَ: والشَّدَنِيَّاتُ يُساقِطْنَ
النُّعرْ يريدُ الأجِنَّة، شبَّهها بذلك الذُّباب. وَمَا حَمَلَت
المرأةُ نُعَرَةً قطُّ، أَي مَلْقُوحاً، وَهَذَا قَوْلُ أبي عُبَيْد،
والمَلقوح إنّما هُوَ لغير الْإِنْسَان. وَيُقَال للْمَرْأَة ولكلِّ
أُنثى: مَا حَمَلَت نُعَرَةً قطّ بِالْفَتْح، أَي مَلْقُوحاً، أَي
وَلَدَاً. النُّعَرَةُ والنُّعَر: ريحٌ تَأْخُذُ فِي الأنفِ فتهُزُّه.
النُّعَرَةُ والنُّعَر: أوّلُ مَا يُثمِرُ الْأَرَاك، وَقد أَنْعَرَ
الأراكُ، أَي أَثْمَر، وَذَلِكَ إِذا صَار ثمرُه بِمِقْدَار
النُّعَرَة، وَهُوَ مَجاز، كَمَا يُقَال أَدْبَى الرِّمْثُ، إِذا صَار
ثمرُه بِمثل الدَّبى، وَهُوَ صِغارُ النَّحل. النُّعَرَة: ذبابٌ ضخمٌ
أزرقُ العينِ أخضرُ، لَهُ إبرةٌ فِي طَرَفِ ذَنَبِه يَلْسَعُ بهَا
الدَّوابَّ ذواتِ الحافرِ خاصّةً، وربّما دَخَلَ فِي أَنْفِ الحمارِ
فَيَرْكَبُ رَأْسَه وَلَا يَرُدَّهُ شيءٌ، وَتقول مِنْهُ لَا تغر
الْحمار كفَرِح، يَنْعَرُ نَعَرَاً: دَخَلَ فِي أَنْفِه، فَهُوَ حمارٌ
نَعِرٌ وَهِي نَعِرَةٌ. خالَف هُنَا اصْطِلَاحه فإنّ مُقْتَضَاهُ أَن
يَقُول: وَهِي بهاءٍ،
(14/258)
قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
(فظلَّ يُرَنِّحُ فِي غَيْطَلٍ ... كَمَا يَسْتَديرُ الحمارُ
النَّعِرْ)
أَي فظلَّ الكلبُ لمّا طعنه الثورُ بقَرْنه يَستدير لألَمِ الطعنةِ
كَمَا يَستديرُ الحمارُ الَّذِي دَخَلَتْ النُّعَرَةُ فِي أَنفه.
والغَيْطَلُ: الشّجَر. وَجمع النُّعَرَة نُعَرٌ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ:
نُعَرٌ من الْجمع الَّذِي لَا يُفارق واحده إلاّ بالهاءِ، قَالَ ابنُ
سِيدَه: وأُراه سَمِعَ العربَ تَقول: هُوَ النُّعَرُ، فَحَمَله على
ذَلِك على أَن تأَوَّلَ نُعَرَاً فِي الْجمع الَّذِي ذَكَرْنا، وإلاّ
فقد كَانَ توجيهُه على التكسير أَوْسَع. وَقَالَ ابنُ الْأَثِير:
النُّعَرَةُ هُوَ الذُّبابُ الْأَزْرَق وَيَتَولَّع بالبعير، ويدخلُ
فِي أَنْفِه فيركب رَأْسَه، سُمّيت بذلك لنَعيرها، وَهُوَ صوتُها،
قَالَ: ثمّ استُعيرت للنَّخْوَة والأَنَفة والكِبْر. ونِيَّةٌ نَعورٌ:
بَعيدةٌ، قَالَ:
(وكنتُ إِذا لم يَصرْني الْهوى ... وَلَا حُبُّها كَانَ هَمِّي
نَعُورا)
وفلانٌ نَعيرُ الهَمِّ، أَي بعيدُه، وَهُوَ مَجاز، وَكَذَا قولُهم:
سَفَرٌ نَعورٌ، إِذا كَانَ بَعيدا، وَمِنْه قولُ طَرَفَةَ:
(ومثْلي فاعْلَمِي يَا أمَّ عَمْروٍ ... إِذا مَا اعْتادَهُ سَفَرٌ
نَعُورُ)
والنَّعَّار، كشَدَّاد: العَاصِي، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. النَّعّار:
الرجلُ الخَرَّاجُ السَّعَّاءُ فِي الفِتن، كثيرُ الْخُرُوج
وَالسَّعْي، لَا يُراد بِهِ الصَّوْت، وَإِنَّمَا تُعنى بِهِ الحركةُ،
وَهُوَ مجَاز. النَّعَّار: الصَّيَّاح والصَّخَّاب. والنَّعْرَةُ،
بِالْفَتْح: صوتٌ فِي الخَيْشوم، قَالَ أَبُو دَهْبَل: إنِّي ورَبِّ
الكَعبةِ المَسْتُورَه وَمَا
(14/259)
تَلا محمدٌ من سُورَهْ والنَّعَراتِ من أبي
مَحْذُورَهْ)
يَعْنِي أَذَانه. والنَّعُورُ من الرِّياح، كصَبور: مَا فاجأكَ ببرْدٍ
وأنتَ فِي حَرٍّ أَو عَكْسِه، عَن أبي عليّ فِي التَّذْكِرَة. وَنَعَرَ
الرجلُ كَمَنَع: خالَفَ وأبى، وَأنْشد ابْن الاعرابي للمُخَبَّل
السَّعْديّ:
(إِذا مَا همُ أَصْلَحوا أَمْرَهُمْ ... نَعَرْتَ كَمَا يَنْعَرُ
الأَخْدَعُ)
يَعْنِي أَنه يُفسِد على قومه أَمْرَهم. نَعَرَ القومُ: هاجوا
واجْتَمعوا فِي الْحَرْب، وَهُوَ مَجاز. نَعَرَ إليْه: أَتَاهُ
وأقَبْلَ إليْه.
منَ المَجاز: نَعَرَ فِي الْأَمر: نَهَضَ وَسَعَى، وَقَالَ الأصمعيُّ
فِي حديثٍ ذَكَرَه: مَا كَانَت فِتنَةٌ إلاّ نَعَرَ فِيهَا فلانٌ. أَي
نَهَضَ فِيهَا. وَفِي حَدِيث الحسَن: كلَّما نَعَرَ بعم ناعِرٌ
اتَّبَعوه، أَي ناهِضٌ يَدعُوهُم إِلَى الفِتنةِ ويَصيح بهم إِلَيْهَا.
ونَعْرَةُ النَّجْم، بِالْفَتْح: هُبوبُ الرّيح واشتدادُ الحرِّ عِنْد
طُلوعه، فَإِذا غَرَبَ سَكَنَ وَقد نَعَرَت الريحُ، إِذا هبَّتْ،
ورياحٌ نَواعِرُ، وَقد نَعَرَت نُعاراً، وَقَالَ الشَّاعِر:
(عَمِلُ الأنامِلِ ساقِطٌ أَرْوَاقُهُ ... مُتَزَحِّرٌ نَعَرَت بِهِ
الجَوْزاءُ)
وَقَالَ أَبُو زيد: هَذِه نَعْرَةُ نَجْم كَذَا وَكَذَا، ونَغْرَة
وبَغْرَة، وَهِي الدُّفْعة من الرِّيح والمطر. والتَّنْعير: إدارَةُ
السَّهْم على الظُّفُر ليُعرَف قَوامُه من عوَجِه. وَهَكَذَا يفعل من
أَرَادَ اختبارَ النَّبْل. وَالَّذِي حَكَاهُ صاحبُ الْعين فِي هَذَا
إنّما هُوَ التَّنْقير. وبَنو النَّعير، كأَمير: بطنٌ من الْعَرَب،
قَالَه ابْن دُرَيْد.
(14/260)
نُعَيْر، كزُبَيْر، ابنُ بَدْر
العَنْبَرِيّ، وعطيَّةُ بنُ نُعَيْر، مُحدِّثان. قلتُ: روى نُعَيْرُ
بنُ بَدْر عَن عَمْرو بن العلاءِ العَنْبَرِيّ، وَعنهُ عليُّ بنُ عبد
الجبّار الأنصاريّ. منَ المَجاز: النَّعِرُ، ككَتِف: الَّذِي لَا
يَثْبُت وَلَا يستَقِرُّ فِي مَكَان، شبَّهه بالحمارِ النَّعِرْ.
يُقَال: من أَيْن نَعَرْتَ إِلَيْنَا أَي من أَيْن أَتَيْتَنا
وأَقْبَلتَ إِلَيْنَا، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَقَالَ مرَّةً: نَعَرَ
إِلَيْهِم: طَرَأَ عَلَيْهِم. يُقَال: امرأةٌ غَيْرَى نَعْرَى أَي
صَخَّابةٌ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: نَعْرَى لَا يجوزُ أَن يكون تأنيثَ
نَعْرَان، وَهُوَ الصَّخَّاب، لأنّ فَعْلانَ وفَعْلَى يَجيئان فِي بابِ
فَرِحَ يَفْرَح، وَلَا يجيءُ فِي بَاب مَنَعَ يَمْنَع. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: العِرقُ النَّعور، كالنَّعَّار والنَّاعور،
قَالَ العَجّاج:
(وبَجَّ كلَّ عاندٍ نَعورِ ... قَضْبَ الطبيبِ نائطَ المَصْفورِ)
قَالَ ابْن برّيّ: وَمعنى بَجَّ: شَقَّ، يَعْنِي أنّ الثورَ طعنَ
الكلبَ فشقَّ جِلدَه. وَقَالَ شَمِرٌ: الناعِرُ على وَجْهَيْن:
الناعِرُ: المُصَوِّت، والناعِرُ: العِرقُ الَّذِي يسيل دَمًا. وجُرحٌ
نَعورٌ: يُصَوِّت من شدَّةِ خروجِ الدَّم. وَفِي حَدِيث ابْن عبّاس:
أعوذُ بِاللَّه من شرِّ عِرقٍ نَعَّار. قَالَ الأَزْهَرِيّ: قرأتُ فِي
كتاب أبي عمر الزَّاهِد مَنْسُوبا إِلَى ابْن الأَعْرابِيّ أنّه قَالَ:
جُرحٌ تَعَّارٌ، بِالْعينِ وَالتَّاء، وتَغّار، بالغين وَالتَّاء،
ونَعّار، بِالْعينِ وَالنُّون، بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي لَا
يَرْقَأ. فَجَعلهَا كلَّها لغاتٍ وصحّحها. والنَّعُورُ من الْحَاجَات:
الْبَعِيدَة.
(14/261)
واعْتَرَتْني النُّعَرَةُ كهُمَزَة: أَي
وَجَعُ الصُّلْب. وَهُوَ مَجاز.
وَيُقَال: أَطَرْتَ بِهَذَا صَوْتَاً نَعّاراً، أَي أَشَعْتُه. وَنَعَر
فلانٌ فِي قَفا الإفلاس، اسْتغنى، وَهُوَ مَجاز، كَمَا فِي الأساس.
وعامرُ بن نُعَيْر كزُبَير: أحد الأبْدالِ بِالشَّام وَهُوَ وكوران
بِالضَّمِّ قَرْيَة كَمَا فِي التكملة قلت وَهُوَ عبد الله بن
الْقَاسِم)
ولقبة لورين وكنيته أَبُو عُبَيْدَة من شُيُوخ مَشَايِخنَا. وناعورة:
موضعٌ بَين حَلَبَ وبالِس، فِيهِ قصرٌ لمَسْلَمَةَ بن عبد الْملك، من
حِجَارَة وماؤُه من الْعُيُون، بَينه وَبَين حَلَب ثَمَانِيَة
أَمْيَال.
(نغر)
نَغَرَ عَلَيْهِ، كفرِحَ وَضَرَبَ وَمَنَعَ، والأُولى أَكثر، يَنْغَر
ويَنْغِر نَغَرَاً وَنَغَراناً، محرَّكتَيْن. وتَنَغَّر تَنَغُّراً:
غَلا جَوْفُه من الغَيْظ وغَضِبَ وَهُوَ نَغِرٌ، وكلّ ذَلِك مجَاز
مأخوذٌ من نَغِرَت القِدرُ. نَغَرَت الناقةُ تَنْغِر: ضَمَّتْ
مُؤَخَّرَها فَمَضَتْ، وَفِي تَهْذِيب ابْن القَطّاع: وَنَهَضتْ.
نَغَرَتْ القِدرُ تَنْغِر نَغيراً وَنَغَراناً ونَغِرَت: فارَتْ، وَفِي
اللِّسَان: غَلَتْ، ومثلُه لِابْنِ القَطّاع، وَزَاد فِي مصادره
نَغْرَاً، بِالْفَتْح، وَنَغَراً، محرَّكةً. منَ المَجاز: امرأةٌ
نَغِرَةٌ. إِذا كَانَت غَيْرَى. وَفِي حَدِيث عليّ رَضِي الله عَنهُ:
أنّ امْرَأَة جاءَته فَذَكَرتْ لَهُ أنّ زَوجهَا يَأْتِي جارِيَتَها
فَقَالَ: إِن كنت صَادِقَة رَجَمْناه، وَإِن كنتِ كَاذِبَة جَلَدْناكِ.
فَقَالَت: رُدُّوني إِلَى أَهلِي غَيْرَى نَغِرَةٌ أَي مُغتاظة يَغْلِي
جَوْفِي غَلَيَان القِدر. قَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلَني شُعبَةُ عَن
هَذَا الحرفِ فقلتُ: هُوَ مأخوذٌ من نَغَرِ القِدرِ وَهُوَ غَلَيَانُها
وفَوْرُها، أرادتْ أنّ جَوْفَها يَغْلِي من الغَيْظِ حَيْثُ لم تَجِدْ
عِنْد عليٍّ مَا تُرِيدُ. وَكَانَت بعضُ نساءِ الْأَعْرَاب عَلِقَةً
ببَعْلِها، فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فتاهتْ وتَدَّهَت
(14/262)
من الغَيْرة فمرّتْ يَوْمًا برجلٍ يَرْعَى
إبِلا لَهُ فِي رأسِ أبرقَ فَقَالَت: أَيهَا الأبرَق فِي رأسِ الرجل
عَسى رأيتَ جَريراً يجرُّ بَعِيرًا فَقَالَ لَهَا الرجلُ: أَغَيْرى
أنتِ أم نَغِرَة فَقَالَت لَهُ: مَا أَنا بالغَيْرى وَلَا بالنَّغِرَة:
أُذيبُ أَجْمَالي وأَرْعَى زُبْدَتي قَالَ ابنُ سِيدَه: وَعِنْدِي أنّ
النَّغِرَة هُنَا: الغَضْبى لَا الغَيْرى، لقولِه أَغَيْرى أنتِ أم
نَغِرَة، فَلَو كَانَت النَّغِرَةُ هُنَا هِيَ الغَيْرى لم يُعادِل
بهَا قولَه أَغَيْرى أنتِ، كَمَا لَا تقولُ للرجل: أقاعدٌ أنتَ أم
جالسٌ. ونَغَّرَ بهَا تَنْغِيراً: صاحَ بهَا، الضَّمير راجعٌ إِلَى
الناقةِ، وأقرَبُ الْمَذْكُورين هُنَا المرأةُ وَهُوَ خلاف مَا فِي
أصُول اللُّغَة، فَكَانَ الأَحرى أنْ يذكر هَذَا بعد قَوْله: والنّاقة،
إِلَخ. قَالَ الراجز: وعَجُزٌ تَنْغِرُ للتَّنْغيرِ يَعْنِي تُطاوِعه
على ذَلِك. نَغَّرَ الصبيُّ تَنْغِيراً: دَغْدَغه، نَقله الصَّاغانِيّ.
والنُّغَر، كصُرَد: البُلْبُل، عِنْد أهل الْمَدِينَة، أَو فِراخُ
العصافير واحدتُه نُغَرَةٌ، كهُمَزَة. قيل: النُّغَر: ضَرْبٌ من
الحُمَّر حُمْرُ المَناقيرِ وأصولِ الأَحْناكِ، أَو ذُكورُها، وَقَالَ
شَمِرٌ: النُّغَر: فَرْخُ العُصْفورِ ترَاهُ أبدا ضاوِياً. وَقيل: هُوَ
من صغَار العصافير، ج نِغْرانٌ، كصُرَدٍ وصِرْدان، قَالَ الشَّاعِر
يَصِفُ كَرْمَاً:
(يَحْمِلْنَ أَزْقَاقَ المُدامِ كأنَّما ... يَحْمِلْنَها بأظافِرِ
النِّغْرانِ)
وبتصغيرِها جاءَ الحديثُ: أنّ النبيّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ
لبُنَيٍّ كَانَ لأبي طَلْحَة الأنصاريّ وَكَانَ لَهُ نُغَرٌ فماتَ:)
يَا أَبَا عُمَيْر،
(14/263)
مَا فَعَلَ النُّغَيْر. والنُّغَر: أولادُ
الحَوامِل إِذا صَوَّتَتْ ووَزَّغتْ، أَي صارتْ كالوَزَغ، فِي
خِلقَتِها صِغَرٌ.
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: هَذَا تصحيفٌ وإنّما هُوَ النُّعَرُ بالعَيْن.
ونَغِرَ من المَاء، كفَرِح، نَغَرَاً: أَكْثَرَ، كمَغِرَ، بِالْمِيم.
وأَنْغَرتْ البيضةُ: فَسَدَتْ، نَقله الصَّاغانِيّ، أَنْغَرت الشاةُ،
لغةٌ فِي أَمْغَرتْ، وَذَلِكَ إِذا احمرَّ لَبَنُها وَلم تُخرِط، أَو
نزلَ مَعَ لبنِها دمٌ. وَقَالَ اللِّحْيانيّ هُوَ أَن يكون فِي لبنِها
شُكْلَةُ دمٍ. وَقَالَ الأصمعيّ: أَمْغَرتْ الشاةُ وأَنْغَرت، وَهِي
شاةٌ مُنغِرٌ ومُمْغِرٌ، إِذا حُلِبَت فخرجَ مَعَ لبنِها دمٌ، وَإِذا
اعْتادَتْ فمِنْغارٌ ومِمْغارٌ. منَ المَجاز: جُرحٌ نَغَّارٌ ونَعَّارٌ
وتَغَّارٌ، كشَدَّاد، فِي الكلّ: يسيل مِنْهُ الدمُ، وَفِي الأساس:
جَيَّاشٌ بالدّم. وَقَالَ الصَّاغانِيّ: نَعَرَ الدمُ وَنَغَر
وَتَغَرَ، كلّ ذَلِك إِذا انفجَرَ.
قلتُ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جرْح نَغَّارٌ: سَيَّال، وَمَا ذَكَرَه
الصَّاغانِيّ فقد نَقَلَه أَبُو مالكٍ. وَقَالَ العُكْلِيُّ: شَخَبَ
العِرقُ وَنَغَر وَنَعَرَ، قَالَ الكُمَيْت بن زيد:
(وعاثَ فيهِنَّ مِن ذِي لِيَّةٍ نُتِقَتْ ... أَو نازِفٌ من عروقِ
الجَوفِ نَغَّارُ)
أَبُو زُهَيْر يَحْيَى بنُ نُغَيْر النُّمَيْريّ، كزُبَيْر، وَيُقَال:
الأنْماريّ وَيُقَال: التَّميميّ، وَيُقَال: ابْن نُفَيْر، بالفاءِ،
كَذَا فِي نسختنا. وَفِي التَّكْملَة بِالْقَافِ، وَمثله فِي
التَّبْصير، صَحابيٌّ، روى عنهُ الحِمْصِيُّون. وَتَنَغَّرَ عَلَيْهِ:
تَنَكَّرَ أَو تَذَمَّرَ، وَقيل: غَلا جوفُه عَلَيْهِ من الغيظ. وَهُوَ
مَجاز. والنَّغَر، محرَّكة: عَيْنُ الماءِ المِلحِ، نَقله
الصَّاغانِيّ. والتَّناغُر: التَّناكُر، وَهُوَ مَجاز. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: نَغَّرْتُ مِنْهُ تَنْغِيراً: صِحْتُ، استدركه
الصَّاغانِيّ.
(14/264)
ونَغِرَ الرجلُ، كفَرِحَ، نَغَرَاً:
حَقَدَ. وَنَغَرَ الشيءُ ونَغِرَ نَغَرَاً ونَغيراً: صَوَّتَ، عَن ابْن
القَطَّاع. ونَغَرُ، محرَّكةً: مدينةٌ بالسِّنْد بَينهَا وَبَين
غَزْنِين ستّةُ أيّام. وكشَدَّاد، نَغّار بن كَعْب بن دُلَفَ بن جُشَم
بن قَيْسِ بن سَعْد: نَقله الْحَافِظ.
(نفر)
النَّفْر، بِالْفَتْح: التَّفَرُّق، وَهُوَ مجَاز، وَمِنْه المثَل:
لَقِيتُه قبل كلِّ صَيْحٍ وَنَفْر. أَي أوَّلاً. والصَّيْح: الصِّياح،
والنَّفْر: التَّفَرُّق. النَّفْرُ: جَمْعُ نافِر، كصاحب وَصَحْب،
وزائر وَزَوْر، وَبِه فسّر ابنُ سِيدَه قولَ أبي ذُؤَيْب:
(إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفُرَها ... كقِتْرِ الغِلاءِ
مُسْتَدِرٌّ صِيابُها)
منَ المَجاز: النَّفْرُ: الغَلَبَة. والمَنْفُور: المغلوب، والنّافِرُ:
الغالِب، وَقد نافَرَه فَنَفَرهُ يَنْفُرهُ، بالضّمّ لَا غَيْر،
غَلَبَه. وَقيل نَفَرَه يَنْفِرهُ ويَنْفُرهُ نَفْرَاً، إِذا غَلَبَه.
وَنَفَرت الدّابّةُ تَنْفِرُ، بِالْكَسْرِ، وتَنْفُر، بالضمّ، نُفوراً،
كقُعود، ونِفاراً، بِالْكَسْرِ، فَهِيَ نافِرٌ ونَفُورٌ، كصَبور:
جَزِعَتْ من شَيْء وتَباعَدَتْ، وكلُّ جازِع من شيءٍ نَفُورٌ. وَمن
كَلَامهم: كلُّ أزَبَّ نَفُورٌ. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: وَلَا
يُقَال: نافرَة. نَفَرَ الظَّبْيُ وغيرُه يَنْفِرُ نَفْرَاً،
بِالْفَتْح، وَنَفَراناً، محرّكةً: شَرَدَ، كاسْتَنْفَر. واليَنْفُور،
هَكَذَا بِتَقْدِيم التَّحْتيّة على النُّون فِي سَائِر النّسخ، وَفِي
بعض مِنْهَا بِتَقْدِيم النّون على التّحْتيّة: الشَّديدُ النِّفارِ من
الظِّباء. ونَفَّرْتُه، أَي الوحشَ، تَنْفِيراً، واستْتَنْفَرْتُه
وأَنْفَرته، وَكَذَا نَفَّرَ عَنهُ وأَنْفَرَ عَنهُ، فَنَفَرتْ
تَنْفِرُ، واسْتَنْفَرَتْ، كُله بِمَعْنى، والمُسْتَنْفِر: النّافِرُ
(14/265)
وَأنْشد ابْن الأَعْرابِيّ:
(ارْبِطْ حِمارَكَ إنّهُ مُسْتَنْفِرٌ ... فِي إثْرِ أَحْمِرَةٍ
عَمَدْنَ لغُرَّبِ)
أَي نافِر، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: كأنَّهم حُمُرٌ
مُسْتَنْفِرَة، فَرَّتْ من قَسْوَرَة وقُرئت مُسْتَنْفِرَة بِكَسْر
الفاءِ، بِمَعْنى نافِرَة، وَمن قَرَأَ بِفَتْح الْفَاء فمعناها
مُنَفَّرَة، أَي مَذْعُورة. وَنَفَر الحاجُّ من منى، يَنْفُرُ،
بِالْكَسْرِ، نَفْرَاً، بِالْفَتْح، ونُفوراً، بالضمّ، وَهُوَ يَوْمُ
النَّفْرِ، بِالْفَتْح، والنَّفَرِ، محرَّكةً، والنُّفور، بالضمّ،
والنَّفير، كأَمير، وليلةُ النَّفْرِ والنَّفَر. وَقَالَ ابنُ
الْأَثِير: يومُ النَّفْرِ الأوّل، ثمَّ يَوْم النَّفْر الثَّانِي،
وَيُقَال: يَوْم النَّفْر وليلةُ النّفْر، لليومِ الَّذِي يَنْفِرُ
الناسُ فِيهِ من مِنىً، وَهُوَ بعدَ يومِ القَرِّ، وَأنْشد لنُصَيْبٍ
الأَسْوَد وليسَ هُوَ المَرْوانيّ:
(أمّا وَالَّذِي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ ... وعَلَّمَ أيّامَ
الذبائحِ والنَّحْرِ)
(لَقَدْ زادَني للغَمْرِ حُبّاً وأهْله ... لَيالٍ أقامَتْهُنَّ
لَيْلَى على الغَمْرِ)
(وَهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ فِي أنْ ذَكَرْتُها ... وعَلَّلْتُ
أَصْحَابِي بهَا لَيْلَةَ النَّفْرِ)
(وسَكَّنْتُ مَا بِي من كَلالٍ وَمن كرىً ... وَمَا بالمطايا من جُنوحٍ
وَلَا فَتْرِ)
واسْتَنْفَرَهُم فَنَفَروا مَعَه، وأَنْفَروه إنْفاراً، أَي نصروه
ومَدُّوه وأعانوه، وَفِي الحَدِيث: وَإِذا اسْتُنْفِرْتُم فانْفِروا،
أَي استُنجِدتُم واستُنصِرتُم، أَي إِذا طُلِبَ مِنْكُم النَّجدةُ
والنُّصْرَةُ فأجيبوا وانْفِروا خَارِجين إِلَى الْإِعَانَة. وَفِي
الأساس: واسْتَنْفَرَ الإمامُ الرَّعيَّةَ كلَّفَهم أَن يَنْفِروا
خِفافاً وثِقالاً. وَنَفَروا للأمرِ يَنْفِرون، بِالْكَسْرِ، نِفاراً،
ككِتاب، ونُفوراً، كقُعود، ونَفيراً، هَذِه عَن الزّجّاج،
وَتَنَافَروا: ذَهَبُوا، وَكَذَلِكَ فِي الْقِتَال، وَمِنْه الحَدِيث:
أنّه بَعَثَ جمَاعَة إِلَى أهلِ مَكَّةَ فَنَفَرتْ)
لَهُم هُذَيْلٌ، فَلَمَّا أحسُّوا
(14/266)
بهم لجَئوا إِلَى قَرْدَد أَي خَرجوا
لقِتالهم. والنَّفَرُ، محرَّكةً: الناسُ كلُّهم، عَن كُراع، قيل:
النَّفَر والرَّهْط: مَا دونَ العشرةِ من الرِّجال. وَمِنْهُم من
خَصًّص فَقَالَ: الرِّجال، دون النِّسَاء، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس:
النَّفَر والرَّهْط وَالْقَوْم، هَؤُلَاءِ معناهم الْجمع، لَا واحدَ
لَهُم من لَفْظِهم، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: والنَّسَب إِلَيْهِ نَفَرِيٌّ،
كالنَّفير، كأَمير، ج أَنْفَار، كَسَبَب وأَسْباب، وَفِي حَدِيث أبي
ذرٍّ: لَو كَانَ هَا هُنَا أحدٌ من أَنْفَارِنا قَالَ ابنُ الْأَثِير:
أَي قَوْمِنا. والنَّفَر: رَهْطُ الإنسانِ وعَشيرتُه، وَهُوَ اسمُ جمعٍ
يقعُ على جماعةٍ من الرجالِ خاصّةً، مَا بَين الثلاثةِ إِلَى العَشرة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَؤُلَاءِ عَشَرَةُ نَفَرِ، أَي عَشَرَةُ
رجال، وَلَا يُقَال عِشرون نَفَرَاً، وَلَا مَا فَوق الْعشْرَة.
وقَوْلُهُ تَعالى: وَجَعَلْناكُم أَكْثَرَ نَفيراً قَالَ الزّجّاج:
النَّفيرُ جَمْع نَفَرٍ، كالعَبيد والكَليب، وَقيل مَعْنَاهُ: وجعلناكم
أَكْثَر مِنْهُم أَنْصَاراً. منَ المَجاز: النُّفْرَةُ والنُّفارَةُ
والنُّفورَة، بضمهنَّ: الحُكْمُ بَين المُنافِرِين، والقَضاءُ
بالغَلَبَة لأحدِهما على الآخر، قَالَ ابنُ هَرْمَة:
(يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبْيَضَ ماجدٍ ... يُرعى ليومِ نُفورَةٍ
ومَعاقِلِ)
والنَّفْرَةُ، بِالْفَتْح، والنَّفِيرُ كأَميرٍ، والنَّفْرُ،
بِالْفَتْح: القومُ يَنْفِرون مَعَك إِذا حَزَبَكَ أمرٌ وَيَتَنافَرون
فِي الْقِتَال، وكلّه اسمٌ للجمْع، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
(إنّ لَهَا فَوارِساً وَفَرَطا ... وَنَفْرَةَ الحَيِّ ومَرعىً
وَسَطَا)
(ونازِعاً نازِعَ حَرْبٍ مُنشِطا ... يَحْمُون أَنْفَاً أَن تُسامَ
الشَّططا)
(14/267)
قَالَ الصَّاغانِيّ: الرَّجْزُ لذِئبٍ
الطائيّ. أَو هم الجماعةُ يَتَقَدَّمون فِي الْأَمر، وَالْجمع من كلّ
ذَلِك أَنْفَار. وَيُقَال: جَاءَت نَفْرَةُ بني فلانٍ ونَفيرُهم، أَي
جماعَتُهم الَّذين يَنْفِرون فِي الْأَمر. ونَفيرُ قُرَيْش، الَّذين
كَانُوا نفروا إِلَى بَدْر ليمنعوا عِيرَ أبي سفْيان. وَمِنْه المثَل:
فلانٌ لَا فِي العِيرِ وَلَا فِي النَّفيرِ، وَهَذَا المثَل لقُرَيْش
من بينِ الْعَرَب، يُضرَب لمن لَا يُستَصْلَحُ لمُهِمٍّ. وتفصيله فِي
كتب السِّيَر. منَ المَجاز: النُّفارَة، بالضمّ: مَا يأخُذُه
النَّافِرُ من المَنْفُور، أَي الغالِبُ من المَغلوب، أَو مَا أَخَذَه
الحاكِمُ بَينهمَا، والوَجهان ذَكَرَهما صاحبُ اللِّسَان
والصَّاغانِيّ. منَ المَجاز: نَفَرَتِ العينُ وغيرُها من الأعضاءِ
تَنْفِر، بِالْكَسْرِ، وتَنْفُر، بالضمّ، نُفوراً، كقُعود: هاجَتْ
ووَرِمَتْ. وَنَفَرَ الجُرحُ نُفوراً: وَرِمَ، وَفِي حَدِيث عمر رَضِي
الله عَنهُ: أنّ رجُلاً فِي زمانِه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَر فُوهُ،
فَنهى عَن التَّخَلُّلِ بالقَصَب، قَالَ الأصمعيّ: نَفَرَ فُوه، أَي
وَرِمَ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: وأُراه مأخوذاً من نِفارِ الشيءِ من
الشيءِ إنّما هُوَ تَجافيه عَنهُ وتَباعدُه مِنْهُ، فكأنّ اللحمَ لمّا
أَنْكَرَ الداءَ الحادِثَ بَينهمَا نَفَرَ مِنْهُ فَظَهَر، فَذَلِك
نِفارُه. وشاةٌ نافِرٌ، لغةٌ فِي ناثِر، وَهِي الَّتِي تُهزَل فَإِذا
سَعَلَت انْتَثَرَ من أَنْفِها شيءٌ. فِي الحَدِيث: أَن اللهَ يُبغِضُ
العِفْرِيَة النِّفْرِيَةَ يُقَال: رجلٌ عِفْرِيَةٌ نفْريةٌ، وعِفريتٌ
نِفْريتٌ، وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ، وعِفْرٌ نِفْرٌ، بِالْكَسْرِ، كَذَا
عَفِرٌ نَفِرٌ، ككَتِف، هَذِه عَن الصَّاغانِيّ، زَاد ابنُ سِيدَه:)
عِفْرِتَةٌ نِفْرِيتَةٌ، بِالْهَاءِ فيهمَا أَي المُنكَر الخَبيث
المارِد، وَهُوَ إتْباعٌ وَتَوْكيدٌ، وَقد مرّ البحثُ فِيهِ فِي عفر.
وَبَنُو نَفْرٍ، بِالْفَتْح: بطنٌ من الْعَرَب.
(14/268)
وَذُو نَفْرِ: قَيْلٌ من أقيالِ حِميَرَ من
الأذواء. ونُفَيْرُ بن مالكٍ، كزُبَيْر: صَحابيٌّ، ذكره الْحَافِظ فِي
التبصير، وجُبَيْرُ بن نُفَيْر بن جُبَيْر، وقيلَ: نُفَيْرٌ هَذَا هُوَ
ابنُ المُغَلِّس بن جُبَيْر تابِعيٌّ، روى عَن أَبِيه ولأبيه وِفادةٌ.
وفاتَه نُفَيْرُ بن مُجيب الثُّماليُّ، شاميٌّ، ذُكِر فِي الصّحابة،
روى عَنهُ الحَجَّاج الثُّماليّ، وَيُقَال: إنّ اسْمه سُفْيان.
والنُّفْرَة، بالضمّ، والنُّفَرَة، كتُؤَدَة، وعَلى الأوّل اقتصرَ
الصَّاغانِيّ: شيءٌ يُعلَّقُ على الصَّبيِّ لخوفِ النَّظْرَةِ.
وعبارةُ الصَّاغانِيّ: مَا يُعلَّق على الصبيِّ لدفْعِ العَيْن.
نِفَّرُ، كإِمَّع: ة من عملِ بابِل، من سَقْيِ الْفُرَات، وَقيل
بالبَصْرة، وَقيل على النَّرْس من أَنهَار الْكُوفَة. مِنْهَا أَبُو
عمروٍ أحمدُ بن الفَضل بن سَهْل النِّفَّريّ، عَن أبي كُرَيْبٍ
وإسماعيلَ بن مُوسَى، وَعنهُ مُوسَى بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَرَفَة
السِّمسار. وفاتَه محمدُ بن عبد الجبّار النِّفَّريّ صَاحب المَواقف
والدَّعاوى والضّلال، وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عُثْمَان النِّفَّريّ
شيخٌ للعَتيقيّ. وعليّ بن عُثْمَان بن شِهابٍ النِّفَّريُّ، عَن
مُحَمَّد بن نوح الجُنْدَيْسابُوريّ، وَعنهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن
السُّلَمِيّ. وَأَبُو الْقَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن الفَرَج
النِّفَّريّ الأهوازيّ الرجل الصالحُ عَن إِبْرَاهِيم بن أبي
العَنْبَس، وَعنهُ زاهرٌ السّرخسيّ وَآخَرُونَ. والنَّفاريرُ:
العصافير، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. وأَنْفَروا: نَفَرَت إبلُهم
وَتَفَرَّقتْ. وأَنْفَره عَلَيْهِ الحاكمُ ونَفَّرَهُ عَلَيْهِ
تَنْفِيراً، إِذا قضى لَهُ عَلَيْهِ بالغَلَبَة وَحَكَم، وَكَذَا
نَفَرَه نَفْرَاً، إِذا حكم لَهُ بهَا، لغةٌ فِي نَفَّرَه
(14/269)
تَنْفِيراً، قَالَه الصَّاغانِيّ. قلتُ:
وَهُوَ من بَاب كَتَبَ، وَلم يعرف أَنْفُرُ بالضمّ فِي النِّفَار
الَّذِي هُوَ الْهَرَب والمُجانَبَة، كَذَا فِي اللِّسَان. ونَفِّرْ
عَنهُ تَنْفِيراً: أَي لقِّبْه لَقَبَاً مَكْرُوهاً، كأنّه عِنْدهم
تَنْفِيرٌ للجِنِّ والعَينِ عَنهُ. وَقَالَ أعرابيٌّ: لمّا وُلِدتُ قيل
لأبي: نَفِّرْ عَنهُ، فسَمَّاني قُنْفُذاً وكَنَّاني أَبَا العَدَّاء.
منَ المَجاز: تَنَاَفَرا إِلَى الحَكَم: تَحاكَما إِلَيْهِ. ونافَرا:
حاكَما فِي الحَسَبِ، أَو المُنافَرَة: المُفاخَرَة. وَيُقَال:
نافَرْتُ الرجلَ مُنافرَةً: إِذا قاضَيْتَه. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد:
المُنافَرَةُ: أَن يَفْتَخِر الرجلانِ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا على
صاحبِه، ثمَّ يُحَكِّما بَينهمَا رجُلاً، كفِعلِ عَلْقَمةَ بنِ عُلاثةَ
مَعَ عامرِ بن الطُّفَيْل حِين تَنافَرا إِلَى هَرِمِ بن قُطبَةَ
الفَزارِيِّ، وَفِيهِمَا يَقُول الْأَعْشَى يمدح عامرَ بن الطُّفَيْل
ويَحمِل على عَلْقَمةَ بن عُلاثة:
(قد قلتُ شِعري فَمَضَى فيكُما ... واعْترفَ المَنْفورُ للنّافرِ)
وَقد نافَرَهُ فَنَفَره، وَفِي حَدِيث أبي ذَرٍّ: نافَرَ أخي أُنَيْسٌ
فلَانا الشاعرَ، أَرَادَ أَنَّهُمَا تَفاخَرا أيُّهما أَجْوَدُ شِعراً.
قَالَ ابنُ سِيدَه: وكأنّما جاءتْ المُنافَرة فِي أوَّل مَا استُعمِلت
أنّهم كَانُوا يسْأَلُون الحاكمَ أيُّنا أعزَّ نَفَرَاً. ونافِرَتُكَ،
ونُفْرَتُك، بِالْفَتْح وبالضمّ أَيْضا، نَقله الصَّاغانِيّ وغيرُه،
ونُفورَتُك بالضمّ: أُسرَتُك وفَصيلَتُك الَّتِي تَغْضَبُ لغَضَبِك،
يُقَال: جاءَنا فِي نافِرَته ونَفْرَتِه ونُفرَته، أَي فِي فَصيلَته
وَمن يغضبُ لغَضبه، وَقَالَ:
(لَو أنَّ حَوْلِي من عُلَيْم نافِرَهْ ... مَا غَلَبَتْني هَذِه
الضَّياطِرَهْ)
)
(14/270)
وَفِي الحَدِيث: غَلَبَتْ نُفورَتُنا
نُفورَتُهم أَي أُسرَتُنا، وهم الَّذين يَنْفُرون مَعَ الْإِنْسَان
إِذا حَزَبَه أمرٌ. والنَّفْراء، بالمدّ: ع، جاءَ ذِكرُه فِي شِعرٍ عَن
الحازميّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: أُنفِرَ بِنَا، أَي جُعِلنا
مُنفِرين ذَوي إبل نافِرَةٍ، وَمِنْه حَدِيث زَيْنَب ابْنة النبيِّ
صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: فَأَنْفَرَ بهَا الْمُشْركُونَ بَعيرَها
حَتَّى سَقَطَتْ كنُفِّر بِنَا، وَمِنْه حَدِيث حَمْزَةَ الأسْلَميّ:
نُفِّرَ بِنَا فِي سفرٍ مَعَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم.
وَيُقَال: فِي الدَّابَّةِ نِفارٌ، ككِتاب: وَهُوَ اسمٌ مثل الحِران.
والمُنَفِّر، كمُحَدِّث: مَن يلقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ،
وَمِنْه الحَدِيث: إِن مِنْكُم مُنَفِّرين، وَفِي آخر: بَشِّروا وَلَا
تُنَفِّروا. أَي لَا تَلْقَوْهم بِمَا يَحْمِلهم على النُّفور.
والتَّنْفيرُ: زَجْرُ المَال وَدَفْعُه عَن الرَّعْي. والنِّفَار،
ككِتاب: المُنافَرَة، قَالَ زُهَيْرٌ:
(فإنَّ الحقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ ... يَمينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ)
ونَفَّرَه الشيءَ، وعَلى الشيءِ، وبالشيءِ، بحَرْف وَغير حرْف: غَلَبَه
عَلَيْهِ، ذكر المصنّف مِنْهَا نَفَّرَه على الشيءِ.
والنّافِرُ: القامِرُ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. وَنَفَرتُ من هَذَا
الْأَمر، وَأَنا نافِرٌ مِنْهُ، إِذا انْقَبَضَت مِنْهُ وَلم تَرْضَ
بِهِ، وَهُوَ مَجاز. وَكَذَلِكَ نَفَرَ فلَان من صُحبةِ فلَان،
وَنَفَرت المرأةُ من زَوجهَا وَهِي فَرِقَةٌ مِنْهُ نافِرَةٌ.
واسْتَنْفَرَ فلانٌ بثَوبي وأَعْصَفَ بِهِ: ذَهَبَ بِهِ ذَهابَ إهْلاك،
وَهُوَ مَجاز. وَفِي المثَل: لقيتُه قبل كل صَيْحٍ
(14/271)
وَنَفْر. وصُبَّ عَلَيَّ زَيْدٌ من غيرِ
صَيْح وَنَفْر، أَي من غير شيءٍ. كَذَا فِي الأساس. ونِفَار، ككِتاب:
موضعٌ، نَقله الصَّاغانِيّ. قلتُ: وَقد جاءَ ذِكرُه فِي شِعر. وَمَا
هُوَ بنَفيرِه: أَي بكُفْئه فِي المُنافَرَة، وَهُوَ مَجاز. وَنَفَرْتُ
إِلَى اللهِ نِفاراً: فَزِعْتُ إِلَيْهِ، قَالَه ابنُ القَطّاع. وَذُو
نَفَرَ، محرَّكةً: موضعٌ على ثَلَاثَة أَمْيَال من السَّليلَة، بَينهَا
وَبَين الرَّبْذَة، وَقيل خَلْفَ الرَّبْذَة بمرحلةٍ بطرِيق مكّة،
وَيُقَال بِسُكُون الْفَاء أَيْضا. وَنَفَرى، محرَّكة: قريةٌ بِمصْر من
أَعمال جَزِيرَة قُوَيْسنا، وَمِنْهَا شَيْخُنا الإمامُ المُحدِّث
الْفَقِيه أَبُو النَّجاءِ سَالم بن أَحْمد النَّفْراوي الضّرير
المالكيّ المُتوفَّى سنة عَن سنٍّ عالية، أَخذ عَن عَمِّه الشّهابِ
أَحْمد بن غَانِم النَّفْراويِّ شارِح الرسَالَة وَغَيره. ونَفَرْفَرُ.
كَسَفَرْجَل: قريةٌ بِمصْر من أَعمال الغربيَّة.
والنَّفير، كأَمير: البُوق، وَهُوَ من استِعمال العامَّة، لأنَّ
ضَرْبَه يُنَفِّر الناسَ ويُعجِلهم للسَّفَر والرَّحيل. وَنَوْفَر،
كَجَوْهَر، من قرى بُخارى، مِنْهَا إلياسُ بن مُحَمَّد بن عِيسَى
النَّوْفَرِيُّ أَبُو المُظَفَّر الْخَطِيب.
(نيلوفر)
النَّيْلَوْفَر، أهمله الْجَمَاعَة، وَهُوَ بِفَتْح النُّون واللامِ
وَالْفَاء، وَيُقَال: النَّيْنَوْفَر، بقلب اللَّام نوناً، وَهُوَ ضربٌ
من الرَّياحين يَنْبُتُ فِي الْمِيَاه الرّاكدة، وَهُوَ المُسمّى عِنْد
أهلِ مصر بالبَشْنين، ويقوله العَوامّ النَّوْفَر، كَجَوْهر، باردٌ فِي
الثَّالِثَة، رطبٌ فِي الثَّانِيَة، مُلَيِّنٌ للصَّلابات وصالحٌ
للسُّعال وأَوْجَاعِ الجَنبِ والرِّئة والصَّدر، وَإِذا عُجِنَ أَصْلُه
بالماءِ وطُلي بِهِ البَهَقُ مرّات
(14/272)
ٍ أزاله، عَن تجربة، وَإِذا عُجِن
بالزِّفْتِ أزالَ داءَ الثَّعلب، ويُتَّخَذُ مِنْهُ شرابٌ فائقٌ، وَله
خَواصُّ ذكرهَا الْحَكِيم دَاوُود فِي التَّذكِرة. وقرأتُ فِي كتابِ
سُرور النَّفْسِ للإمامِ بدر الدّين مظفّر بن قَاضِي بَعْلَبَكّ مَا
نصُّه: نَيْلَوْفَر أقسامٌ كثيرةُ الْوُجُود، مِنْهُ بِالشَّام، وَهُوَ
المستعمَل فِي الطِّيب، وَمِنْه نوعٌ فِي مصر أَزْرَق، ومِزاجُه باردٌ
رَطْب فِي الثَّانِيَة وشَمُّه نافعٌ من الأمراضِ الحارّة والكُرَب،
وماؤُه كَذَلِك، وشرابُه يَنْفَعُ من السُّعال والخُشونةِ ووجعِ
الجَنْب والصَّدر، ويُلَيِّنُ البطنَ، وَقد ذكر صاحبُ الْإِرْشَاد
وصاحبُ الموجز أنَّ شرابَه دونَ الأشرِبَة الحُلوَة لَا يَسْتَحِيل
إِلَى الصَّفْراء، وَهَذَا عَجِيب، ودُهنُه أَبْرَدُ وأَرْطَبُ من
دُهنِ البنفسج، وَلَيْسَ فِي الأزهار أبردُ وأرطبُ مِنْهُ.
وذكرَ الرّازيّ أنّ شمَّه ممّا يُضعِف النِّكاح. وشُربَه مِمَّا
يَقْطَعه، وَهُوَ مَعَ هَذَا مُفرح للقلبِ نافعٌ للخَفَقان. انْتهى.
(نفطر)
النَّفاطِيرُ: أهمله الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيّ، وَهُوَ فِي
التَّهْذِيب فِي الرباعيّ: الكَلأُ المُتَفرِّقُ فِي مواضعَ من الأرضِ
مُخْتَلفَة، يُقَال: النَّفاطير: أوّلُ نباتِ الوَسْمِيّ. قَالَ
الأَزْهَرِيّ: وقرأت بخطّ أبي الْهَيْثَم بَيْتا للحُطَيْئَة:
(طَباهُنَّ حتَّى أَطْفَلَ الليلُ دُونَها ... نَفاطيرُ وَسْمِيٍّ
رَواءٌ جُذورُها)
أَي دَعاهُنَّ نَفاطيرُ وَسْمِيٍّ، وأَطْفَلَ الليلُ: أَظْلَمَ.
وَقَالَ بَعضهم: النّفاطيرُ من النباتِ، وَهُوَ روايةُ الأصمعيّ.
والتَّفاطيرُ بِالتَّاءِ: النَّوْر. الواحدةُ نُفْطُورَة، بالضمّ،
وَالنُّون زَائِدَة، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ يَعْقُوب وابْن الأَعْرابِيّ.
قلتُ: فَإِذن مَحلُّ ذِكرُه فِي فطر، وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ
هُنَاكَ، فراجِعْه.
(14/273)
(نقر)
نَقَرَه، أَي الشيءَ بالشيءِ، نَقْرَاً: ضَرَبَه بِهِ، عَن ابنِ
القَطّاع. وَفِي المُحكَم: النَّقْرُ: ضربُ الرَّحا والحجرِ وغيرِه
بالمِنْقار، نَقَرَه يَنْقُره نَقْرَاً: ضَرَبَه. منَ المَجاز:
نَقَرَه: أَي الرجلَ، يَنْقُره نَقْرَاً: إِذا عابَهُ، واغْتابَه
وَوَقَع فِيهِ. والاسمُ النَّقَرَى، كَجَمَزى. قَالَت امرأةٌ لبَعلها:
مُرَّ بِي على بَني النَّظَرَى، وَلَا تَمُرَّ بِي على بَناتِ
النَّقَرى. وَقد مرَّ فِي نظ ر وَسَيَأْتِي أَيْضا فِي آخر الْمَادَّة.
نَقَرَ البَيْضةَ عَن الفَرخِ يَنْقُرها نَقْرَاً: نَقَبَها. قَوْلُهُ
تَعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقور أَي الصُّور الَّذِي نَقْرُ فِيهِ
المَلَك، أَي ينْفخ فِيهِ لحَشْر، وَنَقَرَ فِيهِ، أَي نَفَخَ، وَهُوَ
مَجاز. وَقيل فِي التَّفْسِير: إنّه يَعْنِي بِهِ النَّفْخَةَ الأولى.
وَقَالَ الفَرَّاء: يُقَال: إنّها أوّلُ النَّفختَيْن. منَ المَجاز:
نَقَرَ فِي الحَجَرِ: كَتَبَ، وَمِنْه قَوْلهم: التَّعليمُ فِي
الصِّغَر كالنَّقْشِ على الحجرِ. نَقَرَ الطائرُ الحَبَّ يَنْقُرهُ
نَقْرَاً: لَقَطَ من هَاهُنَا وَهَاهُنَا، هَذِه الْعبارَة أَخذهَا من
كَلَام الجَوْهَرِيّ فِي النَّقَرى والانْتِقار جعله مأخوذاً من لَقْطِ
الطَّيرِ الحَبَّ من هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وأمّا غيرُه من الأئمّة
فإنّهم ذكرُوا فِي معنى نَقْرِ الطَّائِر الالتقاطَ فَقَط، وَلم
يُقَيِّدوا من هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فتأمَّل، فَإِن الجج إنّما قيَّده
بِمَا ذَكَرَ لمناسبةِ المَقام. والمِنْقار، بِالْكَسْرِ: حَديدةٌ
كالفأسِ مُشكَّكَةٌ مستديرةٌ لَهَا خَلْفٌ يُنقَر بهَا ويُقطَع بهَا
الحجارةُ والأرضُ الصُّلْبَة.
المِنْقار من الطَّائِر: مِنْسَرُهُ، لأنّه يَنْقُرُ بِهِ. قَالَ
شَيْخُنا: وَسبق أَن المِنْسَر خاصٌّ بالصائد. وَفِي الفَصيح:
المِنْقارُ لغير الصَّائِد من الطَّيْر، وصائدُه يُقَال لَهُ المِنسَر،
فهما
(14/274)
غَيْرَان كَمَا حرَّرْته فِي شَرْحِ الفصيح
أثْنَاء بَاب الفَرْق. قلت: وَجمع مِنْقار الطائرِ والنَّجَّار
المَناقير. المِنْقار من الخُفِّ: مُقَدَّمُه، على التَّشْبِيه. قَالَ
ابْن السِّكِّيت فِي تَفْسِير قَوْلُهُ تَعالى: وَلَا يُظلَمونَ
نَقيراً النَّقير: النُّكْتَة فِي ظَهْرِ النَّواة، وَقَالَ غيرُه:
كأنَّ ذَلِك الموضِعَ نُقِرَ مِنْهَا. وَقَالَ لبيدٌ يرثي أَخَاهُ
أَرْبَدَ:
(وليسَ الناسُ بَعْدَكَ فِي نَقيرٍ ... وَلَا همْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ
وهَام)
أَي لَيْسُوا بعْدك فِي شيءٍ، كالنُّقْرَة، بالضّمّ، عَن أبي
الْهَيْثَم قَالَ: وَهِي الَّتِي تَنْبُت مِنْهَا النَّخلة. والنِّقْر،
بِالْكَسْرِ، والأَنْقورِ، بالضّمّ الْأَخير نَقله الصَّاغانِيّ،
وَشَاهد النِّقْر بالكسْر، قَالَ أَبُو هُذَيْل: أنْشدهُ أَبُو عمروِ
بن الْعَلَاء:
(وَإِذا أَرَدْنا رِحْلةً جَزِعَتْ ... وَإِذا أَقَمْنا لم تُفِدْ
نِقْرا)
النَّقير: مَا نُقِرَ ونُقِبَ من الحَجَر والخَشَب وَنَحْوه، وَفِي بعض
الأُصول: ونحوِهما: وَقد نُقِرَ وانْتُقِرَ، كِلَاهُمَا مَبنِيَّان على
المَفعول. فِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: على نَقيرٍ من خَشَبِ،
هُوَ جِذْعٌ يُنْقَرُ ويُجْعَلُ فِيهِ كالمَراقي يُصْعَد عَلَيْهِ
إِلَى الغُرَف، وَفِي الحَدِيث: نَهَى النَّبيُّ صلّى الله عَلَيْهِ
وسلّم عَن الدُّبّاء والحَنْتَمِ والنَّقير والمُزّفَّت. النَّقيرُ:
أَصل خَشَبَةٍ يُنْقَرُ، فيُنْبَذُ، وَفِي بعض الأُصول: فيُنْتَبَذ
فِيهِ فيَشْتَدُّ نَبيذُه، وَفِي التَّهْذِيب: النَّقير: أَصل
النَّخلَة يُنْقَرُ فيُنْبَذُ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أَما النَّقير فإنَّ أَهلَ الْيَمَامَة كَانُوا
يَنقُرون أَصلَ النَّخْلَة ثمَّ يشدخُون فِيهَا الرُّطَبَ والبُسْرَ
ثمَّ يدَعونَه)
حَتَّى يَهْدِرَ ثمَّ يُمَوَّتَ. وَقَالَ ابْن الأَثير: النَّقير: أَصل
النَّخْلَة يُنْقَرُ وسَطُه ثمَّ يُنْبَذُ فِيهِ التَّمْرُ ويُلْقَى
عَلَيْهِ الماءُ فَيصير نَبيذا
(14/275)
ً مُسْكِراً، والنَّهي واقعٌ على مَا
يُعْمَل فِيهِ، لَا على اتِّخاذ النَّقير، فَيكون على حذف المُضاف،
تَقْدِيره: عَن نَبيذِ النَّقير، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفعُول.
النَّقير: أَصل الرَّجل ونجَارُهُ، وَمِنْه قولُهم: فلانٌ كريمُ
النَّقير، كَمَا يَقُولُونَ: كريمُ النَّحيتِ. النَّقيرُ: الفقيرُ
جِدّاً، كأَنَّه نُقِرَ. وَهُوَ مَجاز. النَّقير: ذُبابٌ أَسودُ يكون
فِي الماءِ، نَقله الصَّاغانِيّ. والمنْقر، كمُنْخُلٍ ومِنْبَرٍ:
الخشَبَةُ الَّتِي تُنْقَرُ للشَّراب، وَقَالَ أَبو حنيفَة: المنْقر:
كلُّ مَا نُقِرَ للشَّراب. قَالَ: وَج مَناقير، قَالَ الأَزْهَرِيّ:
وَهَذَا لَا يصحّ إلاّ أَنْ يكونَ جَمْعاً شاذّاً جَاءَ على غير
واحِدِه. المُنْقُرُ والمِنْقَرُ: البئرُ الصَّغيرة الضَّيِّقَةُ
الرَّأْسِ تُحْفَرُ فِي صُلْبَةٍ من الأَرض، وَفِي النَّوادر
للأَصمعيّ: تكون فِي نَجَفَةٍ صُلْبَةٍ لئلاّ تَهَشَّمَ، ضبطَه اللّيث
بِكَسْر الْمِيم والأَصمعيّ بالضّمِّ قَالَ: وجمعُه مَناقِرُ. قَالَ
الأَزْهَرِيّ: والقِياسُ مِنْقَرٌ كَمَا قَالَ اللَّيْث، قَالَ:
والأَصمعيّ لَا يَحكي عَن الْعَرَب إلاّ مَا سَمِعَهُ. أَو المنْقر،
بالضَّبْطَيْن: الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء الْبَعِيدَة القَعْرِ،
نَقله الصَّاغانِيّ. المِنْقر أَيضاً: الحَوْض، عَن كُراع. النُّقْرَة،
بالضَّمّ: الوَهدَةُ المُستديرة فِي الأَرضِ لَيست بكبيرة يُسْتَنْقَع
فِيهَا الماءُ، ج نُقَرٌ، كَصُرَد، ونِقارٌ، كَكِتابٍ، وَفِي خبَر أبي
العارِم: وَنحن فِي رَمْلَةٍ فِيهَا من الأَرْطَى والنِّقار الدَّفيئَة
مَا لَا يعلمُه إلاّ الله تَعَالَى.
يَقُولُونَ احتجَمَ فِي نُقْرَة القَفا، وَهُوَ مُنْقَطَعُ
القَمَحْدُوَةِ فِي القَفا، وَهِي وَهْدَةٌ فِيهَا. لَهُ إبريقٌ من
نُقْرَةٍ، وَهِي الْقطعَة المُذابَةُ من الذَّهَبِ والفِضَّة، وَهِي
السَّبيكة، وَقيل: هُوَ مَا سُبِكَ مُجتمعاً مِنْهُمَا. وَاقْتصر
الزَّمخشريّ فِي الأَساس على الفضَّة المُذابة. قلتُ وَهَكَذَا
استعمالُ العَجَم إِلَى الآنَ يُطْلِقونها على مَا سُبِكَ من دراهِمِ
(14/276)
الفضَّةِ الَّتِي يُتَعامَلُ بهَا عِنْدهم،
ج نِقارٌ، بِالْكَسْرِ. النُّقْرَةُ: وَقْبُ العَيْنِ. والنُّقرَة:
ثقبُ الإستِ، وَفِي اللِّسَان: النُّقرَةُ من الوَرِكِ: الثُّقب
الَّذِي فِي وسَطِها. النُّقرَة: مَبيضُ الطّائر، جمعُه نُقَرٌ، قَالَ
المُخَبَّل السَّعدِيّ:
(للقارِياتِ من القَطا نُقَرٌ ... فِي جانِبَيْه كأَنَّها الرَّقْمُ)
ونَقَّرَ الطَّائِر فِي المَوضِع تَنْقيراً: سَهَّلَه لِيَبيضَ فِيهِ،
قَالَ طَرَفةُ:
(يَا لَك من قُبَّرَة بمَعْمَرِ ... خلا لَكِ الجَوُّ فبِيضي
واصْفِرِي)
ونَقِّري مَا شئتِ أَنْ تُنَقِّري وَقيل: التَّنقير مثلُ الصَّفيرِ. من
المَجاز يُقَال: بينَهما مُناقَرَةٌ، ونِقارٌ، وناقِرَةٌ، بالكَسر، أَي
كلامٌ، عَن اللِّحيانيّ. قَالَ ابْن سِيده: وَلم يفسِّرْه، قَالَ:
وَعِنْدِي هُوَ مُراجَعَةٌ فِي الْكَلَام وبثُّهما أَحاديثَهُما
وأُمورَهُما. من المَجاز: النَّقْرُ: أَن تُلزِقَ طَرَفَ لِسانِكَ
بحَنَكِك وتفتحَ ثُمَّ تُصَوِّتَ، قَالَه ابنُ سِيدَه. وَقَالَ هُوَ
أَن يضع لسانَه فَوق ثناياه مِمَّا يَلي الحَنَكَ ثمَّ يَنْقُر، وَقيل:
هُوَ إلزاقُ طَرَفِ اللسانِ بمَخرَج النُّون ثمَّ التَّصويت بِهِ
فيَنْقُر بالدَّابَّة لتسيرَ، أَو هُوَ اضْطِرَاب اللِّسَان فِي الْفَم
إِلَى فَوق وَإِلَى أَسفل، أَو هُوَ صَوْتٌ، وَفِي التكملة: صُوَيْتٌ
يُزْعَجُ بِهِ الفَرَسُ. وَفِي الصِّحَاح: نَقَرَ بالفَرَس، وَفِي)
التَّهْذِيب والتكملة: ونَقَرَ بالدَّابَّة نَقْراً. وَزَاد فِي
التكملة: وأَنْقَرَ بهَا إنْقاراً، مِثلُه. وَقَالَ ابْن القطّاع:
نَقَرَ بِلِسَانِهِ
(14/277)
نَقراً: ضَرَبَ حَنَكَهُ ليسَكِّنَ الفَرَس
من قَلَقه. قلت: وَهُوَ مُخالفٌ لما ذكره الجَوْهَرِيّ والأَزْهَرِيّ
وَابْن سِيده، فليُتَأَمَّل. وَقَول فَدَكِيّ المِنْقَرِيّ الطّائي
وَهُوَ عُبيد بن ماوِيَّة:
(أَنا ابنُ ماوِيَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ ... وَجَاءَت الخَيْلُ
أَثابِيَّ زُمَرْ)
قَالَ الجَوْهَرِيّ: أَراد النَّقْرَ بِالْخَيْلِ، فَلَمَّا وقف نَقلَ
حركةَ الرَّاء إِلَى الْقَاف وَهِي لغةٌ لبَعض الْعَرَب وَقد قرأَ
بَعضهم وتَواصَوا بالصَّبِرْ، والأَثابِيّ: الْجَمَاعَات، الْوَاحِدَة
مِنْهُم أُثْبِيَّة. وَقَالَ ابْن سَيّده: أَلقى حَرَكَة الرَّاء على
الْقَاف إِذْ كَانَ سَاكِنا لِيَعلَم السّامع أَنَّها حركةُ الحَرف فِي
الوَصل، كَمَا تَقول: هَذَا بَكُرْ، ومَرَرْتُ بِبَكِرْ، قَالَ: وَلَا
يكون ذَلِك فِي النَّصبِ. قَالَ: وَإِن شئتَ لم تَنْقُل ووقفْتَ على
السّكون، وَإِن كَانَ فِيهِ سَاكن. والنَّقرُ، أَيضاً، صويت يُسْمَعُ
من قرع الْإِبْهَام على الوُسْطَى، وَهُوَ مَجازٌ. وَفِي حَدِيث ابْن
عبّاس فِي قَوْله تَعَالَى: وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً وضَع طَرَفَ
إبهامِه على باطِن سَبَّابَتِه ثمَّ نقَرَها وَقَالَ: هَذَا النَّقير.
من المَجاز: نَقَّرَ باسمِه تَنْقيراً: سَمَّاه من بَينهم، وَكَذَلِكَ
انْتَقَرَه، إِذا سَمَّاه من بَين الْجَمَاعَة. وانْتَقَرَهُ:
اخْتارَهُ، قيل: وَمِنْه دَعْوَةُ النَّقَرَى. من المَجاز: انْتَقَرَ
الشَّيْءَ، إِذا بحثَ عنهُ، كنَقَّرَهُ تَنقيراً، نَقَّرَ عَنهُ
وتَنَقَّرَهُ. والتَّنقيرُ عَن الأَمر: الْبَحْث عَنهُ والتَّعرُّف،
وَفِي حَدِيث ابْن المُسَيِّب بلَغَهُ قولُ عِكْرَمَةَ فِي الحِين
أَنّه سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَالَ: انْتَقَرَها عِكْرَمَةُ، أَي
استَنْبَطَها من الْقُرْآن. قَالَ ابْن
(14/278)
ُ الأَثير: هَذَا إِن أَراد تصديقَه، وَإِن
أَراد تكذيبَه فَمَعْنَاه أَنَّه قَالَهَا من قِبَلِ نفسِه واختصّ
بهَا. وأَنْقَرَ عنهُ إنْقاراً: كَفَّ، وَيُقَال: ضَرَبَ فَمَا
أَنْقَرَ عَنهُ حَتَّى قتلَه، أَي مَا أَقْلَع عَنهُ، وَمِنْه حَدِيث
ابْن عبّاس: مَا كَانَ الله لِيُقْلِعَ ولِيَكُفَّ عَنهُ حَتَّى
يُهلِكَه، وَمِنْه قَول ذُؤَيْب بن زُنَيْمٍ الطُّهَوِيّ:
(لَعَمْرُكَ مَا وَنَّيْتُ فِي وُدِّ طَيِّئٍ ... وَمَا أَنا عَن
شَيْءٍ عَنانِي بِمُنْقِرِ)
ونَقِرَ عَلَيْهِ، كفَرِحَ، ينقَرُ نَقَراً: غَضِبَ، والنَّقِرُ:
الغضبان، وَيُقَال: هُوَ نَقِرٌ عَلَيْك. نَقِرَت الشّاةُ نَقَراً:
أَصابتْها النُّقَرَةُ، كهُمَزَة، وَهِي داءٌ يصيبُ الغَنَمَ والبقَرَ
فِي أَرْجُلِها فتَرِمُ مِنْهُ بُطونُ أَفخاذِها وتَظْلَعُ. وَقيل:
هُوَ التِواءُ العُرْقوبَيْن.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: داءٌ يأْخُذُ المِعْزَى فِي حوافرِها وَفِي
أَفخاذها فيُلْتَمَسُ فِي مَوْضِعه فيُرى كأَنَّه وَرَمٌ فيُكوى،
فَيُقَال: بهَا نُقَرَةٌ. وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. وَفِي الصِّحَاح:
النُّقَرَةُ: داءٌ يأْخُذُ الشّاةَ فِي جُنوبِها، قَالَ المَرّار
العَدَويّ:
(وَحَشَوْتُ الغَيْظَ فِي أَضلاعه ... فَهْوَ يَمْشي حَظَلاناً
كالنَّقِرْ)
وَفِي تَهْذِيب ابْن القطّاع: داءٌ يأْخُذُها فِي بطُون أَفخاذِها
يَمْنعُها المَشْيَ، قَالَ: وَقد يعتري ذَلِك النَّاس. والنَّاقِرَةُ:
ع بَين مكّة وَالْبَصْرَة. النَّاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ، وَالْجمع
النَّواقِرُ، وَيُقَال: رَمَاه الدَّهرُ بناقِرَةٍ ونَواقِرَ، وَهُوَ
مَجاز، وَيُقَال نَعوذُ بِاللَّه من العَواقِرِ والنَّواقِرِ، وَقد
تقدَّم ذكر العواقِر. النَّاقِرَةُ: الحُجَّةُ
(14/279)
والمُصيبَةُ. هَكَذَا بواو الْعَطف
بَينهمَا، وَصَوَابه:)
الحُجَّةُ المُصيبَةُ، وجَمعها النَّواقِرُ، وَهُوَ مَجاز. على أَنه
سيأْتي فِي كَلَام المصنّف ذِكرُ النَّواقِر وَقَالَ هُنَاكَ: الحُجَجُ
المُصيباتُ. وَهُوَ يدلُّ على مَا قُلْنَا، وَلَو ذكَرَهما فِي محَلٍّ
واحدٍ كَانَ أَخصر. منَ المَجاز: يُقَال: مَا أَثابَهُ نَقْرَةً،
بِالْفَتْح، كَمَا هُوَ مضبوطٌ فِي النّسَخ، وَقيل بالضَّمّ، ويدلّ
لذَلِك قَول المصنّف فِي البصائر والزَّمخشريّ فِي الأَساس: وأَصلها
النُّقْرَة الَّتِي فِي ظهر النَّواة. وَقد تقدم أَنَّهَا بالضَّم، أَي
شَيْئا. وَفِي البصائر: أَي أَدنى شيءٍ. لَا يُسْتَعمَلُ إلاّ فِي
النَّفي، قَالَ الشّاعر:
(وهُنَّ حَرىً أَن لَا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً ... وأَنْتَ حَرىً بالنّار
حينَ تُثيبُ)
منَ المَجاز: النَّاقِرُ: السَّهمُ إِذا أَصابَ الهدَفَ، وَإِذا لم يكن
صائباً فَلَيْسَ بناقِر. يُقَال: رَمَى الرَّامِي الغَرَضَ فَنَقَرَه،
أَي أَصابه وَلم يُنْفِذْه، وَهِي سِهامٌ نَواقِرُ: مَصيبَةٌ، وأَنشَد
ابْن الأَعرابيّ: خَواطِئاً كأَنَّها نَواقِرُ أَي لم تخطئ إلاّ
قَرِيبا من الصَّوَاب. والمُنْقِرُ، كمُحْسِن: اللَّبَن الحامض جِدّاً،
نَقله الصَّاغانِيّ. قلتُ: وَهُوَ لغةٌ فِي المُمْقِرِ، بالميمِ وَقد
تقدم فِي مَوْضِعه. المِنْقَر، كَمِنْبَر: المِعْوَلُ، والجَمع
المَناقِرُ، قَالَ ذُو الرُّمَّة: كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها
المَناقِرُ مِنْقَرٌ: أَبو بَطْن من سعد ثمَّ من تَمِيم، وَهُوَ
مِنْقَرُ بنُ عُبيد بنُ مُقاعِسٍ، واسْمه الْحَارِث بن عَمرو بن كَعْب
بن سعد بن زيد مَنَاةَ بنِ تَمِيم. والنَّقَرُ، مُحَرَّكَةً: ذَهابُ
المالِ،
(14/280)
وَمِنْه يُقَال: أَعوذُ بِاللَّه من
العَقَرِ والنَّقَرِ، والعَقَر الزّمانَة فِي الجَسَد، وَقد ذُكِر فِي
مَوْضِعه، كَذَا فِي التَّهْذِيب. وأَنْقِرَةُ: ع بالحيرَةِ، أَعجميّ،
وَاسْتَعْملهُ امْرُؤ الْقَيْس على عُجْمَته فَقَالَ: قد غُودِرَتْ
بِأَنْقِرَهْ قيل أَنْقِرةُ: د بالرُّوم مَشْهُور، قيلَ: مُعَرَّبُ
أَنكُورِيَةَ الَّتِي يُجلَبُ مِنْهَا ثيابُ الصّوف والخَزِّ، فَإِن
صحَّ فَهِيَ عَمُّورِية الَّتِي غَزاها المعتصم بِاللَّه العبّاسيّ فِي
شدَّة الْبرد، فِي قصَّة ذكرهَا القطبيّ فِي أَعلام الأَعلام، وَمَات
بهَا امْرُؤ الْقَيْس بن حُجْر الكِنديّ الشّاعر حِين اجتاز بهَا من
الرُّوم مَسْموماً، فِي قصَّة ذكرهَا أَهل التواريخ. والنَّقيرةُ،
كسفينة: رَكِيَّةٌ مَعروفةٌ كَثِيرَة الماءِ، بينَ ثاجَ وكاظِمَةَ،
قَالَه الأَزْهَرِيّ. ونُقَيْرَة، كجُهَيْنَةَ: ة بعَيْنِ التَّمْرِ،
هَكَذَا وُجد فِي كتاب أَبي حنيفَة إِسْحَاق بن بِشْر بخَطِّ
العَبْدَريّ فِي قصَّة مسير خَالِد بن الْوَلِيد من عَين التَّمْرِ.
وضُرَيْبُ بنُ نُقَيْر، بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا، م معروفٌ، أَو هُوَ
نُفَيْر بِالْفَاءِ، وَيُقَال فِيهِ، أَي فِي نُقَيْرِ: نُقَيْلٌ،
أَيضاً صحابيٌّ، المُراد بِهِ أَبوه، رَوى عَنهُ ابنُه ضُرَيْبٌ
المَذكور، ويُكْنَى ضُرَيْبٌ أَبَا السَّليل، وَحَدِيثه فِي سنَن
النِّسائيّ، وَلَو قَالَ: ونُقَيْرٌ كزُبَيْر والِدُ ضُرَيْبٍ صحابيٌّ،
كَانَ أَنْسَب. قَالَ ابْن الأَعرابيّ: قَالَ العُقَيليّ: مَا ترك
عِنْدِي نُقارَةً إلاّ انْتَقَرَها، نُقارَةٌ، بالضَّمّ، أَي)
مَا تركَ عِنْدِي شَيْئا إلاّ كتبهُ، ونصّ النَّوادر: لَفْظَة
مُنتخبَةً مُنْتقاةً إلاّ أَخَذَها لِذاتِه. والنُّقارَةُ: قَدْرُ مَا
يَنْقُرُ الطَّائِرُ. وإنَّه لَمُنَقَّر العَيْنِ، كمُعَظَّم،
ومُنْتَقَرُها، وَهَذِه عَن الصَّاغانِيّ، أَي غائِرُها. منَ
(14/281)
المَجاز: انْتَقَرَ الرجلُ، إِذا دَعَا
بَعْضًا دون بعض، فكأَنَّه اختارَهم واختصَّهم من بَينهم، قَالَ
طَرَفَة:
(نَحْنُ فِي المَشْتاةِ نَدْعو الجَفَلَى ... لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا
يَنْتَقِرْ)
انتقرت الخَيْلُ بحوافِرِها نُقَراً، أَي احتَفَرَت بهَا، قَالَه
اللَّيْث، وَكَذَا إِذا جَرَت السُّيول على الأَرضِ. يُقَال:
انْتَقَرَت نُقَراً يَحْتَبِسُ فِيهَا شيءٌ من الماءِ. والنَّقْرَةُ،
بِالْفَتْح، هَذَا قَول الجُمهور. وَيُقَال: مَعْدِنُ النَّقْرَة. وَقد
تُكْسَر قافُهما، وَفِي مُخْتَصر الْبلدَانِ: وَقد تُكسَر النُّون،
ولعلَّه غلطٌ: مَنْزِلٌ لِحاجِّ العراقِ، بَين أُضاخَ ومَاوَانَ، قَالَ
أَبو المِسْوَر:
(فَصبَّحَتْ مَعْدِنَ سُوقِ النَّقْرَهْ ... وَمَا بأَيِديهَا تُحِسُّ
فَتْرَهْ)
(فِي رَوْحَةٍ مَوصولَةٍ بِبُكْرَهْ ... من بينِ حَرْفٍ بازِلٍ
وبَكْرَهْ)
وَقَالَ السَّكُونِيّ: النَّقِرَة، بِكَسْر الْقَاف، هَكَذَا ضَبطه
ابْن أَخي الشّافعيّ، بطرِيق مكَّة، يجيءُ المُصْعِد إِلَى مكَّة من
الحاجر إِلَيْهِ، وَفِيه بِرْكَةٌ وثلاثُ آبارٍ: بئرٌ تُعرَف
بالمَهدِيّ، وبئران تُعرَفان بالرَّشيد، وآبارٌ صغارٌ للأَعراب
تُنْزَحُ عِنْد كَثرَة النَّاس، وماؤُهُنَّ عَذْبٌ، ورِشاؤُهُنَّ
ثَلَاثُونَ ذِرَاعا، وَعِنْدهَا تفترق الطَّريق، فَمن أَراد مكّة
نَزَلَ المُغيثَةَ، وَمن أَراد المدينَةَ أَخَذَ نَحْو العُسَيْلَة
فنَزَلَها. قَالَ ابْن الأَعرابيّ: كُلُّ أَرضٍ مُتَصَوِّبَةٍ فِي
هَبْطَة فَهِيَ نَقِرَةٌ، كَفَرِحَة، قَالَ: وَبهَا سُمِّيَت نَقِرَةُ
الَّتِي بطرِيق مكّة شرَّفها الله تَعَالَى. قَالَ أَبو زِيَاد: لبني
فَزارَة فِي بِلَادهمْ نَقِرَتانِ بَينهمَا مِيلٌ، هَكَذَا نقلَه عَنهُ
ياقوت. وبناتُ النَّقَرَى، كجَمَزَى:
(14/282)
النِّساءُ اللاّتِي يَعِبْنَ مَنْ مَرَّ
بهنَّ، ويُروَى بتَشْديد الْقَاف، وَمِنْه المَثَلُ: مُرَّ بِي على بني
النَّظَرَى وَلَا تَمُرَّ بِي على بَنَات نَّقَرَى، وَفِي التَّهْذِيب:
قَالَت أعرابيةٌ لصاحبةٍ لَهَا: مُرِّي بِي على النَّظَرَى وَلَا
تَمُرِّي بِي على النَّقَرَى. قَالَ: وَيُقَال: إنَّ الرِّجالَ بَنو
النَّظَرَى وإنَّ النِّساءَ بَنو النَّقَرَى. منَ المَجاز: دَعَوْتُهُم
النَّقَرَى، أَي دَعْوَة خاصَّةً، دَعَا بَعْضًا دون بعضٍ يُنَقِّرُ
باسم الْوَاحِد بعد الْوَاحِد. وَقَالَ الأَصمعيّ: إِذا دَعَا جماعتَهم
قَالَ: دَعَوْتُهم الجَفَلَى. قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَهُوَ الانْتِقارُ
أَيضاً وَقد انْتَقَرَهم، أَي اختارَهم، أَو مِن نَقَرَ الطَّائِر،
إِذا لَقَطَ من هَا هُنَا وَمن هَا هُنا، وَقد نَقَرَ بهم نَقْراً
وانْتَقَرَ انْتِقاراً، أّي اختصَّ بهم اخْتِصاصاً. وحقيرٌ نَقيرٌ،
وَكَذَا حَقْرٌ نَقْرٌ وفقيرٌ نَقيرٌ إتْباعٌ لَا غير. والتَّنْقيرُ:
شِبْه الصَّفير، وَبِه فُسِّر قَول طَرَفَة: وَنَقّري مَا شئتِ أَنْ
تُنَقِّري وَقد تقدّم. منَ المَجاز: يقالُ: أَتَتْني عَنهُ نَواقِرُ،
أَي كلامٌ يسوءُني. وَفِي اللِّسَان: رَماهُ بِنَواقِرَ، أَي بكَلِمٍ
صَوائِبَ، أَو هِيَ، أَي النَّواقِرُ: الحُجَجَ المُصيباتُ، كالنَّبْلِ
المُصيبَةِ. النُّقَرُ كَصُرَدٍ: ع، نَقله الصَّاغانِيّ. قلتُ: وَهِي
بقعةٌ شبه الوَهْدَةِ يُحِيط بهَا كَثيبٌ فِي رَمْلَةٍ مُعترِضَةٍ
مُهلكةٍ ذاهبَةٍ نحوَ جُراد، بَينهَا وَبَين حَجْر ثلاثُ ليالٍ،
تُذْكَرُ فِي ديار) قُشَيْر، قَالَه ياقوت. وَمِمَّا يسْتَدرك
عَلَيْهِ: نَقَرْتُ الشَّيْءَ: ثَقَبْتُه. وَيُقَال: مَا أَغنى عَنِّي
نَقْرَةً، يَعْنِي نَقْرَةَ الدِّيكِ، لأَنَّه إِذا نَقَرَ أَصابَ،
(14/283)
وَهُوَ مَجاز، وَفِي التَّهْذِيب: مَا
أَغنى عني نَقْرَةً وَلَا فَتْلَةً وَلَا زُبالاً. وَهُوَ يُصَلِّي
النَّقَرَى: يَنْقُرُ فِي صلَاته نَقْرَ الدِّيك. وَقد نُهِيَ عَنهُ،
وَهُوَ مَجاز. والنَّقْرُ: الأَخْذُ بالإصبَع، وَمِنْه حَدِيث أَبي
ذَرٍّ: فلمّا فرغوا جعلَ يَنْقُر شَيْئا من طعامهم، أَي يأْخُذُ مِنْهُ
بإصبعه. وَقَالَ العجّاج:
(دافَعَ عنّي بنُقَيْرٍ مَوْتَتي ... بعدَ اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا
والَّتى)
نُقَيْرٌ، كزُبَيْر: مَوضِع، أَخبرَ أَنَّ الله أَنْقَذَه من مرضٍ
أَشْفَى بِهِ على المَوْت. ونَقِرَ الرجلُ، كفَرِحَ: صَار نَقيراً، أَي
فَقِيرا. والنَّقَّار، كشَدَّاد: النَّقّاشُ. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ:
هُوَ الَّذِي ينقش الرُّكُبَ واللُّجُمَ ونَحوَها، وَكَذَلِكَ الَّذِي
ينقُر الرَّحَى.
وَيُقَال: مَا لِفُلان بِموضع كَذَا نَقِرٌ ونَقِزٌ بالرَّاء
وبالزَّاي: يُرِيد بِئْرا أَو مَاء. والنّواقِيرُ فُرْجَةٌ فِي جَبَلٍ
بَين عكّا وصَفَد، على سَاحل بحرِ الشَّام، نقرَها الإسكندرُ. قَالَه
ياقوت. وَفِي حَدِيث عثمانَ البَتِّيّ: مَا بِهَذِهِ النُّقْرَةِ
أَعلمُ بِالْقضَاءِ من ابْن سيرينَ، أَراد بِالْبَصْرَةِ، وأَصل
النُّقْرَة: حُفرةٌ يَستَنْقِعُ فِيهَا الماءُ. ونُقَيْرَة بن عَمروٍ
الخُزاعِيّ، كجُهَيْنَة، ذُكِر فِي الصَّحَابَة، وَفِيه نظَرٌ، روَى
عَن عُمَر، وَعنهُ حِزامُ بنُ هِشَام. ونُقرانُ، كعُثمانُ: موضعٌ
ببادية تَمِيم. والمُناقَرَة، المُنازَعةُ، وَقد ناقَرَه: نازَعَه.
والتَّنْقير: التَّفتيش. وَيُقَال للرجل إِذا لم يسْتَقِم على
(14/284)
الصَّوابِ: أَخْطَأَتْ نَواقِرُه، قَالَ
ابْن مُقبِل:
(وأَهْتَضِمُ الخالَ العزيزَ وأَنتحي ... عَلَيْهِ إِذا ضَلَّ
الطَّريقَ نَواقِرُه)
وَهُوَ مَجاز. ورجلٌ نَقَّارٌ، كشَدّاد: مُنَقِّرٌ عَن الأُمور
والأَخبار. والانْتِقارُ: الاختصاصُ. وَإِذا ضَرَبَ الرجلُ رأْسَ رجلٍ.
قلتَ: نَقَرَ رأْسَه، وَكَذَا العُود، والدُّفّ، بإصبعِه. وأَنْقَرَ
الرَّجل بالدَّابَّةِ إنقاراً، مثل نَقَرَ بِهِ نَقْراً. والنَّقير:
كأَمير: اسْم ذَلِك الصَّوتِ، قَالَ الشَّاعِر:
(طَلْحٌ كَأَنَّ بطنَهُ جَشيرُ ... إِذا مَشَى لكَعْبِه نَقيرُ)
والنَّاقور: القلبُ، رَوَاهُ ثَعلبٌ عَن ابْن الأَعرابيّ. والنَّقيرةُ،
كسفينةٍ: مَوضِعٌ بَين الأَحساءِ والبَصْرَة. والنَّقيرة: سفينةٌ
صغيرةٌ، وَهِي الجَرْمُ. ونَقَرَى، مُحَرَّكَةً: مَوضِعٌ، قَالَ:
(لَمَّا رأَيْتُهُمُ كَأَنَّ جُمُوعَهُمْ ... بالجِزْعِ من نَقَرَى
نِجاءُ خَرِيفِ)
وسَكَّنَه الهُذَلِيُّ ضَرُورَة فَقَالَ:
(ولمّا رَأَوا نَقْرَى تَسِيلُ إِكامُها ... بأَرْعَنَ جَرَّارٍ
وحامِيَةٍ غُلْبِ)
والنُّقار، كغُراب: مَوضِعٌ يكون فِي الْجبَال تَجْتَمِع إِلَيْهِ
الْمِيَاه. والأَنْقِرَةُ: جَمْعُ نَقيرٍ، مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ،
وَهُوَ حُفرَةٌ فِي الأَرضِ، قَالَ الأَسودُ بنُ يَعْفُر:)
(14/285)
(نَزَلوا بأَنْقِرَةٍ يسيلُ عليهمُ ...
ماءُ الفراتِ يجيءُ من أَطوادِ)
وَقَالَ أَبو عَمرو: النَّواقِرُ: المُقَرْطِساتُ. وَقَالَ أَبُو سعيد:
المُتَنَقِّر: الدَّعَّاءُ على الأَهل وَالْمَال، يَقُول، يَقُول،
أَراحَني اللهُ مِنكم، ذَهَبَ اللهُ بِمَالِه. وَفِي الحَدِيث: فأَمَرَ
بنُقْرَةٍ من نُحاس فأُحْمِيَتْ. قَالَ ابْن الأَثير: النُّقْرَة:
قِدْرٌ يُسَخَّن فِيهَا الماءُ وَغَيره، وَقيل هُوَ بِالْبَاء
المُوَحَّدة، وَقد تقدّم. وانْتَقَرَت السُّيولُ نُقَراً، إِذا
أَبْقَتْ حُفَراً فِي الأَرضِ يَحتَبِسُ فِيهَا شيءٌ من المَاء.
وكَفْرُ النَّاقِر: قريةٌ صغيرةٌ بِمصْر بِالْقربِ من مَسْجِد الخَضِر.
والنَّقَّار، كشَدَّاد: لقبُ أَبي عليٍّ الحَسَنِ بن داوُد المُقرئ
بالكُوفة، مَاتَ سنة. ونُقار، كغُراب: موضعٌ فِي ديار أَسَدٍ بنَجْد.
والنَّقْراءُ، بِالْفَتْح ممدوداً ويُقْصَر: حَرَّةٌ حَجازِيَّة.
والنَّقْرُ بِالْفَتْح: جَبَلٌ بحِمَى ضَرِيَّة بأَقبال نَضادِ عِنْد
الجَثْجاثة. وَقيل ماءٌ لغنيّ قَالَه الأَصمعيّ وأَنشد:
(ولَنْ تَرِدِي مِذْعَى ولَنْ تَرِدي زَقا ... وَلَا النَّقْرَ إلاّ
أَنْ تُجِدِّي الأَمانِيا)
ونقرها: قريةٌ بالبحيرة من مصر. والنُّقارَةُ بالضَّمِّ: مَا يبْقى من
نَقْرِ الحِجارَة، مثلُ النُّجارَة والنُّحاتَة. والنِّقارُ، ككِتاب،
مَوضِع فِي الْبَادِيَة بَين التيه وحِسْمَى، فِي خبَرِ المتَنَبِّي
لمّا هرب من مصر. والنَّقير، كأَمير: موضعٌ بَين هَجَر والبَصْرَة.
وَذُو النَّقير ماءٌ لبني القَيْن من كلْب قَالَه ابْن السِّكِّيت
وأَنشدَ قولَ عُرْوَةَ:
(ذَكَرْتُ منازِلاً من أُمِّ وَهْبٍ ... مَحَلَّ الحَيِّ أَسْفَلَ ذِي
النَّقيرِ)
(14/286)
(نكر)
النَّكْرُ والنَّكارَةُ والنّكْراءُ، بِالْفَتْح فِي الكُلِّ،
والنُّكْرُ، بالضّمّ: الدَّهاءُ والفِطْنَةُ، يُقَال للرجل إِذا كَانَ
فَطِناً مُنْكَراً: مَا أَشدَّ نَكْرَهُ ونُكْرَه، بِالْفَتْح والضّمّ،
وَمن ذَلِك حَدِيث مُعَاوِيَة: إنِّي لأَكْرَهُ النَّكارَةَ فِي
الرّجُل، أَي الدهاءَ. رَجُلٌ نَكرٌ، كفَرِحٍ ونَدُسٍ وجُنُبٍ: داهٍ
مُنْكَر من قومٍ أَنْكارٍ، مثل عَضُد، وأَعضادٍ وكبد وأَكباد. رجلٌ
مُنْكَرٌ، كمُكْرَم، أَي بِفَتْح الرَّاءِ، للْفَاعِل: داهٍ فَطِنٌ،
وَلَا يُقال للرجل: أَنْكَرُ، بِهَذَا الْمَعْنى، من قومٍ مناكيرَ،
حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ، قَالَ ابنُ جِنّي: قلتُ لأَبي عليٍّ فِي هَذَا
ونحوِه: أَفنقول إنَّ هَذَا لأَنَّه قد جَاءَ عَنْهُم مُفْعِلٌ ومِفعال
فِي معنى واحدٍ كثيرا، نَحْو مُذْكِر ومِذْكار، ومُؤْنِث ومِئْناث،
ومُحْمِق ومِحْماق، وَنَحْو ذَلِك فَصَارَ جمع أَحدِهما كجَمع صاحِبِه،
فَإِذا جَمَعَ مُحْمِقاً فكّأَنَّه جَمَعَ مِحْماقاً فَقَالَ أَبُو
عليّ: فلستُ أَدْفَعُ ذَلِك وَلَا آباهُ. قَالَ الأَزْهَرِيّ:
وَجَمَاعَة المُنْكَرِ من الرِّجال مُنْكَرُونَ، وَمن غير ذَلِك
يُجْمَع أَيضاً بِالْمَنَاكِيرِ، وَقَالَ الأُقَيْبِل القَيْنِيّ:
(مُسْتَقْبِلاً صُحُفاً تَدْمَى طَوابِعُها ... وَفِي الصّحائفِ
حَيّاتٌ مَناكِيرُ)
والنُّكْرُ بالضّمِّ، وبضَمَّتين: المُنْكَرْ كالنَّكْراءِ، ممدوداً،
وَفِي التَّنزيل الْعَزِيز لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً وَقد
يُحَرَّك، مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ، قَالَ الأَسودُ بنُ يَعفُر:
(أَتَوْني فلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتوا ... وَكَانُوا أَتَوْني بشيءٍ
نُكُرْ)
(لأُنْكِحَ أَيِّمَهم مُنْذِراً ... وَهل يُنْكِحُ العبدَ حُرٌّ
لحُرّْ)
(14/287)
قَالَ ابْن سِيدَه: النُّكْرُ والنُّكُر:
الأَمر الشَّديدُ، قَالَ اللَّيْث: الدهاءُ والنُّكْرُ نَعْتٌ للأَمر
الشَّديد، والرَّجل الدّاهي، تقولُ: فَعَلَه من نُكْرِه ونَكارَتِه.
وَفِي حَدِيث أَبي وَائِل وذَكَر أَبا مُوسَى فَقَالَ: مَا كَانَ
أَنْكَرَه، أَي أَدْهاهُ، من النُّكْر وَهُوَ الدَّهاءُ والأَمر
المُنْكَر.
والنَّكرَةُ: إنكارُكَ الشَّيءَ، وَهُوَ: خلافُ المَعرِفَة،
والنَّكِرَةُ: مَا يخرُجُ من الحُوَلاءِ والخُراجِ من دمٍ أَو قَيْحٍ،
كالصَّديد، وَكَذَلِكَ من الزّحير، يُقَال: أَسْهَلَ فلانٌ نَكِرَةً
ودَماً، وَمَا لَهُ فِعْلٌ مُشتقّ. ونُكْرةُ بنُ لُكَيْز بن أَفْصى بن
عبد الْقَيْس، بالضّمّ، أَبو قَبيلَة، قَالَ ابْن الكلبيّ: كلُّ مَا
فِي بني أَسَد من الأَسماء نُكْرَة، بالنُّون، وَذكر ابْن مَاكُولَا
جمَاعَة مِنْهُم فِي الجاهليَّة، نَقله الْحَافِظ، وَعَمْرو بن مَالك،
صَدوقٌ، سَمِعَ أَبا الجَوْزاءِ. وابنُه يحيى، حَدِيثه عِنْد
التِّرْمِذِيّ، وَكَانَ حَمّادُ بنُ زَيد يرميه بِالْكَذِبِ. وحفيدُه
مالكُ بن يحيى، رَوى عَن أَبيه، كنيتُه أَبو غَسّان، جَرَّحَه ابنُ
حِبّان، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّورَقيّ الْحَافِظ، وَأَخُوهُ
أَحمد بن إِبْرَاهِيم، أَبُو عبد الله الْحَافِظ، وَابْن أَخيه،
الضّمير رَاجع إِلَى يَعْقُوب، وَلَو قَالَ وابنُه عبدُ الله بن أَحمد
كانَ أَحْسَنَ، سمعَ عبدُ الله هَذَا عمرَو بن مَرزوق وطبقتَه، وأَبو
سعيد، سمعَ ابنَ جُرَيْح، وخِداشٌ، حدَّثَ عَنهُ جَهيرُ بن يزِيد،
النُّكْرِيُّونَ، مُحَدِّثون. وفاتَه: أَبانٌ النُّكْريّ، حدَّث عَن
ابْن جُرَيْج، وَعنهُ عُمَرُ بنُ)
يونُس اليماميّ، ذكره الأَمير، ومَكِّيُّ بنُ عَبْدانَ بن محمّد بن
بَكرِ بن مُسلِم الْحَافِظ النَّيْسابورِيّ النُّكْرِيّ، قَالَ ابنُ
نُقْطَة: كنتُ أَظُنُّه مَنسوباً إِلَى جَدِّه بَكْر بن مُسلِم، ثمَّ
رأَيتُه مَضبوطاً بخطِّ أَبي عامِر العَبْدَرِيّ بالنُّون، وَقد صحَّحَ
عَلَيْهَا
(14/288)
ثَلَاث مرَّاتٍ. وَقَالَ لي رفيقنا ابْن
هلالة: إنَّه منسوبٌ إِلَى نُكْر، بالنُّون، قريةٍ بنَيْسابورَ.
واستَمْشى فُلانٌ نَكْراءَ، بِالْفَتْح ممدوداً، كَمَا ضبطَه
الصَّاغانِيّ بخطِّه، أَي لَوناً ممّا يُسْهِلُه عندَ شُرْبِ
الدَّواءِ. كَذَا فِي التكملة. ونَكُرَ الأَمْرُ، كَكَرُمَ، نَكارَةً
فَهُوَ نَكيرٌ: صَعُبَ واشتدَّ نُكْرُه. وَالِاسْم النَّكَر،
مُحَرَّكَةً، قَالَه ابْن القطّاع. وطَريقٌ يَنْكورٌ، بِتَقْدِيم
التَّحْتِيَّة على النُّون، أَي على غير قصدٍ. وتَنَاكَرَ: تَجاهَلَ،
كَمَا فِي الأَساس، تَناكَرَ القومُ: تَعادَوا، فهم مُتناكِرون، كَمَا
فِي التكملة والأَساس. ونَكِرَ فلانٌ الأَمرَ، كَفَرِحَ، نَكَراً،
مُحَرَّكَةً، ونُكْراً ونُكُوراً، بضَمِّهما، ونَكيراً، كأَمير،
وأَنْكَرَه إنكاراً، واسْتَنْكَرَه وتَناكَرَه إِذا جهِلَه، عَن كُراع.
قَالَ ابْن سِيدَه: والصَّحيح أَنَّ الإنكارَ المَصدر والنُّكْر
الِاسْم، وَيُقَال: أَنْكَرْت الشَّيْءَ وأَنا أُنْكِرُه إنكاراً،
ونَكِرْتُه، مثلُه، قَالَ الأَعشى:
(وأَنْكَرَتْنِي وَمَا كانَ الّذي نَكِرَتْ ... منَ الحَوادِثِ إلاّ
الشَّيْبَ والصَّلَعا)
وَفِي التَّنزيل الْعَزِيز نَكِرَهُم وأَوْجَسَ منهُم خِيفَةً قَالَ
اللَّيْث: وَلَا يُستعمَل نَكِرَ فِي غابرٍ وَلَا أَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ.
وَقَالَ ابْن القطّاع: ونَكِرْتُ الشَّيْءَ وأَنْكَرْتُه، ضِدُّ
عَرَفْتُه، إلاّ أَنَّ نَكِرْت لَا يتصَرَّف تصَرُّفَ الأَفعالِ.
وَقَالَ ابْن سِيده: واسْتَنْكَرَه وتَناكَرَه، كِلَاهُمَا كَنَكِرَهُ.
وَفِي الأَساس: وَقيل: نَكِرَ أَبلَغُ من أَنْكَرَ، وَقيل: نَكِرَ
بالقلبِ. وأَنْكَرَ بالعينِ. وَفِي البصائر: وَقد يسْتَعْمل ذَلِك
مُنكِراً بِاللِّسَانِ الإنكارَ بِالْقَلْبِ، لَكِن ربّما يُنْكِرُ
اللسانُ الشيءَ وصورتُه فِي القلبِ حاضِرَةٌ،
(14/289)
وَيكون ذَلِك كَاذِبًا، وعَلى هَذَا قولُه
تَعَالَى: يَعرِفونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرونَها. وَفِي
اللِّسَان: ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكْرَاً فَهُوَ مَنْكُورٌ،
واسْتَنْكَرَه، فَهُوَ مُستَنْكَرٌ، وَالْجمع مَناكير عَن سِيبَوَيْهٍ،
قَالَ أَبُو الْحسن: وَإِنَّمَا أذكر مثل هَذَا الجمعَ لأنَّ حكم مثله
أَن يُجمَع بِالْوَاو وَالنُّون فِي المذكَّر، وبالألف وَالتَّاء فِي
المؤنَّث. والمُنْكَر: ضدّ المَعروف، وكلّ مَا قَبَّحه الشَّرعُ
وحرَّمه وكَرِهَه فَهُوَ مُنكَر. وَفِي البصائر: المُنكَر: كلُّ فعلٍ
تَحْكُم العقولُ الصحيحةُ بقُبْحه، أَو تتوَقَّفُ فِي استِقْباحِه
العقولُ فتحكُم الشريعةُ بقُبْحِه، وَمن هَذَا قَوْلُهُ تَعالى:
الآمِرونَ بالمَعروفِ والنَّاهونَ عَن المُنكَر قلتُ: وَمن ذَلِك
قَوْلُهُ تَعالى: وتأَتونَ فِي ناديكُمُ المُنْكَر. يُقَال: أصابَتْهم
من الدَّهر نَكْرَاء، النَّكْراء، ممدوداً: الدَّاهيةُ والشِّدَّة.
ومُنكَرٌ ونَكيرٌ، كمُحسِن وكَريم، اسْما مَلَكَيْن. وَقَالَ ابنُ
سِيدَه: هما فَنَّانا القَبور. والاسْتِنْكارُ: استفِهامُك أمرا
تُنكِره.
والإنْكار: الاستفهامُ عمَّا يُنْكره، وَذَلِكَ إِذا أَنْكَرتَ أَن
تُثبِتَ رأيَ السَّائِل على مَا ذكر، أَو تُنكِر أَن يكون رأيُه على
خلاف مَا ذُكر. فِي حَدِيث بَعضهم: كنتَ لي أشدَّ نَكَرَةً.
النَّكَرَة، بِالتَّحْرِيكِ: اسمٌ من الْإِنْكَار، كالنَّفَقَةِ من
الْإِنْفَاق.
وسَمَيْفَع، كَسَفَرْجل، ابْن ناكور بن عَمْرو بن يُغْفِر بن يزِيد بن
النُّعمان، هُوَ ذُو الكَلاع الْأَصْغَر الحِميَرِيّ، كتب إِلَيْهِ
النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم مَعَ جَرير بن عَبْد الله وقُتل
مَعَ مُعَاوِيَة، وَابْنه شُرَحْبيل بن سَمَيْفَع، قُتل يَوْم
الْجَارُود.)
(14/290)
وحِصنٌ نَكيرٌ، كأَمير: حَصين، نَقله
الصَّاغانِيّ. والنَّكير أَيْضا: الْإِنْكَار، أَي هُوَ اسمُ
الْإِنْكَار الَّذِي مَعْنَاهُ التَّغيير، وَبِه فُسِّر قَوْلُهُ
تَعالى: فكيفَ كَانَ نَكير أَي إنْكاري، وَيُقَال: شُتِم فلانٌ فَمَا
كَانَ عِنْده نَكيرٌ. والمُناكَرَة: المُقاتَلة والمُحارَبة، وناكَرَه:
قاتَله، لأنّ كلَّ واحدٍ من المتحاربين يُناكِرُ الآخرَ أَي يُداهيه
ويُخادعه. وَبَينهمَا مُناكرةٌ، أَي مُعاداةٌ وقتال. وَقَالَ أَبُو
سُفْيَان بن حربٍ: إنَّ مُحَمَّدًا لم يُناكِرْ أحدا إلاّ كَانَت مَعَه
الْأَهْوَال. أَي لم يحارِب إلاّ كَانَ مَنْصُوراً بالرُّعب.
والتَّنَكُّر: التَّغَيُّر، زَاد الأَزْهَرِيّ: عَن حالٍ تَسُرُّك
إِلَى حالٍ تكرهها مِنْهُ، والاسمُ النَّكيرَة، هَكَذَا فِي سَائِر
النخ، وصوابُه على مَا فِي التَّهْذِيب بعد قَوْله: تَكْرَهُها مِنْهُ،
مَا نصُّه: والنَّكيرُ اسْم الْإِنْكَار الَّذِي مَعْنَاهُ التَّغيير،
وَقد نَكَّرَه فَتَنَكَّر، أَي غيَّره فَتَغَيَّر إِلَى مَجْهُول.
وَأما النَّكيرة الَّذِي ذكره المصنّف فَلم يَذْكُره أحدٌ من
الْأَئِمَّة وَقد تصَحَّف عَلَيْهِ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
امرأةٌ نَكِرٌ، وَلم يَقُولُوا: مُنْكَرَة. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ:
امرأةٌ نَكْرَاءٌ: داهِيَةٌ عاقِلَة، وَلَا يُقَال للرجل: أَنْكَر،
بِهَذَا الْمَعْنى. والإنْكار: الجُحود، كالنُّكْران، بالضمّ.
والمُناكَرة: المُخادعة والمُراوَغة. وأَنْكَر الْأَصْوَات: أَقْبَحها.
وَبِه فُسِّرت الْآيَة. والنَّكارَة، بِالْفَتْح: الجَهالَة. وَمَا
أَنْكَره: مَا أَدْهَاه. وأمرٌ نَكيرٌ، كأَمير: شديدٌ صَعْب.
والمَنْكور: المَجهول. والنُّكْر: ضِدّ العُرْف. وهم يَرْكَبون
المُنْكَرات. وخرجَ مُتَنَكِّراً: مُغيِّراً هَيْئَته.
(14/291)
وَتَنَكَّر لي فلانٌ: لَقيني لِقاءً
بَشِعَاً. ونَكْرَاءُ الدَّهرِ: شِدَّته. ورجلٌ نَكِرٌ ونَكُرٌ، ككَتِف
ونَدُسٍ: يُنكِرُ المُنكَر، وجمعهما أَنْكَارٌ.
والنَّكير والإنْكار: تَغْيِير المُنكَر. ونَكَّرَ الشيءَ من حيثُ
الْمَعْنى: جعله بحيثُ لَا يُعرَف، قَالَ تَعَالَى: نَكِّروا لَهَا
عَرْشَها. وابنُ نُكْرَة، بالضمّ، رجلٌ من تَيْمٍ، كَانَ من مُدركي
الخَيلِ السّوابِق، عَن ابْن الأَعْرابِيّ. قلت: هُوَ أُهبان بن نُكرَة
من تَيْمِ الرِّباب، وَأما الَّذِي فِي بني أَسد فإنّه نُكْرَة بن
نَوْفَل بن الصَّيداء بن عَمْرو بن قُعَيْن بن الْحَارِث بن ثَعْلَبَة
بن دُودان بن أَسد، وَمِنْهُم قَيْسُ بن مُسهِر النُّكْرِيّ، من شيعةِ
الحُسين بن عليّ، رَضِي الله عَنْهُمَا. ونُكْرَةُ: قريةٌ بنَيْسابور،
مِنْهَا مَكّيّ بن عَبْدَان الَّذِي تقدّم ذِكرُه عَن ابنِ نُقطة.
واليَنْكير: جبلٌ طويلٌ لبني قُشَيْر. وناكور، بِفَتْح الْكَاف: مدينةٌ
بِالْهِنْدِ، وَمِنْهَا الشَّيْخ حَميدُ الدّين الصُّوفي النّاكوريّ
الملقَّب بسُلطان التاركين، من قدماء الشُّيُوخ.
والبَكَرات: موضعٌ، قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
(غَشِيتُ دِيارَ الحَيِّ بالبَكَرات ... فعارِمَةٍ فبُرْقَهِ
العِيَرات)
(نكسر)
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: نِكْسار، بِالْكَسْرِ: اسمُ مدينةٍ
بالروم.
(نمر)
النُّمْرَة، بالضمّ: النُّكْتَةُ من أيّ لَوْنٍ كَانَ. والأَنْمَرُ:
مَا فِيهِ نُمْرَةٌ بيضاءُ
(14/292)
وَأُخْرَى سَوْدَاء، وَهِي أَي الْأُنْثَى
نَمْرَاء.
والنَّمِر، ككَتِف، والنَّمْرُ بِالْكَسْرِ، لُغَتَانِ: سَبْعٌ م
مَعْرُوف أَخْبَثُ من الْأسد، سُمِّي بذلك للنُّمَرِ الَّتِي فِيهِ.
وَذَلِكَ أنّه من ألوانٍ مُخْتَلفَة، وَلَو قَالَ: لِنُمَر فِيهِ،
كَانَ أَخْصَر، وَالْأُنْثَى نَمِرَةٌ، ج أَنْمُرٌ، كَأَفْلُس،
وأَنْمَارٌ ونُمُرٌ، بضمَّتَيْن، ونُمْرٌ، بضمّ فَسُكُون، ونِمارٌ
ونِمارَةٌ، بكسرهما، ونُمور، بالضمّ، وَفِي بعض النّسخ: نُمورَةٌ.
وأكثرُ مَا جَاءَ فِي كَلَام الْعَرَب نُمْرٌ بضمٍّ فَسُكُون، قَالَ
ثَعْلَب: من قَالَ نُمْرٌ ردّه إِلَى أَنْمُر، ونِمارٌ عِنْده جمعُ
نِمْر، كذِئب وذِئاب، وَكَذَلِكَ نُمورٌ عِنْده جمع نِمْر، كسِتْر
وسُتور، وَلم يَحْكِ سِيبَوَيْهٍ نُمُراً فِي جمع نَمِر. قَالَ
الجَوْهَرِيّ: وَقد جَاءَ فِي الشِّعر وَهُوَ شاذّ، قَالَ: ولعلّه
مَقْصُور مِنْهُ، قَالَ حُكَيْم بن مُعَيَّةَ الرَّبَعِيّ يصف قَناةً
نَبَتَت فِي مَوْضِع محفوفٍ بالجبال والشَّجر:
(حُفَّتْ بأَطْوادِ جبالِ وسَمُرْ ... فِي أشَبِ الغِيطانِ مُلتَفِّ
الحُظُرْ)
فِيهَا عَيابيلُ أُسودٌ ونُمُرْ وأنشده الجَوْهَرِيّ: فِيهَا تَماثيلُ
أُسودٌ ونُمُرْ وصوابُه، عَياييل. قَالَ ابنُ السّيرافيّ: عياييل جمع
عَيَّال، وَهُوَ المُتَبَخْتِر. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأسود: صحّف
ابنُ السّيرافيّ، وَالصَّوَاب غَياييل، مُعْجمَة، جمع غِيل، على غير
قِيَاس، كَمَا نبّه عَلَيْهِ الصَّاغانِيّ. وَقَالَ ابنُ سِيدَه:
أَرَادَ الشاعرُ على مذْهبه ونُمْرٌ، ثمَّ وَقفَ، على قولِ من يَقُول
البَكْرُ، وَهُوَ فَعْلٌ. والنَّمِرَةُ، كفَرِحة: القِطعةُ الصَّغِيرَة
من السَّحاب المُتدانية بعضُها من بعض، ج نَمِرٌ، وَهُوَ مجَاز.
النَّمِرَة: الحِبَرَةُ لاخْتِلَاف ألوان خطوطها، وَهُوَ مَجاز.
(14/293)
النَّمِرَة: شَمْلَةٌ فِيهَا خطوطٌ بِيضٌ
وسود، وَهُوَ مَجاز، أَو النَّمِرَة: بُرْدَةٌ مُخطَّطة. قَالَ
الجَوْهَرِيّ: وَهِي من صوف تَلْبَسها الأعْرابُ. وَقَالَ ابنُ
الْأَثِير: كلُّ شَمْلَةٍ مخطّطة من مآزر الْأَعْرَاب فَهِيَ نَمِرَةٌ،
وَجَمعهَا نِمارٌ، كأنّها أُخذت من لونِ النَّمِر، لما فِيهَا من
السّواد والبَياض، وَمِنْه الحَدِيث: فجاءَه قومٌ مُجْتابي النِّمار
وَهِي من الصِّفَات الْغَالِبَة، أَرَادَ: لابِسي أُزُرٍ مُخطَّطةٍ من
صوف. وَفِي حَدِيث مُصعَب بن عُمَيْر: أقبلَ إِلَى النبيّ صلّى الله
عَلَيْهِ وسلَّم وَعَلِيهِ نَمِرَةٌ وَفِي حَدِيث خَبّاب: لكنّ حمزةَ
لم يتركْ لَهُ إلاّ نَمِرَةً مَلْحَاء. وَفِي حَدِيث سعد: نَبَطيٌّ فِي
حُبْوَتِه، أعرابيٌّ فِي نَمِرَته، أسدٌ فِي تامورَته. والنَّمِر،
كفَرِح وأَمير: الزّاكي من المَاء فِي الْمَاشِيَة، منَ المَجاز:
النَّمِرُ والنَّمير من الحَسَبِ الزاكي مِنْهُ، يُقَال: حَسَبٌ
نَمِرٌ، وَحَسَبٌ نَميرٌ، وَالْجمع أَنْمَارٌ. قيل: الماءُ النَّميرُ:
الْكثير، حَكَاهُ ابْن كَيْسَان فِي)
تَفْسِير قَوْل امرئِ الْقَيْس: غَذَاَها نَميرُ الماءِ غَيْرَ
المُحلَّلِ النَّميرُ من المَاء: النَّاجِعُ فِي الرِّيّ كالنَّمِر،
وَأنْشد ابْن الأَعْرابِيّ:
(قد جَعَلَتْ والحمدُ للهِ تَفِرّْ ... من ماءِ عِدٍّ فِي جُلودِها
نَمِرْ)
أَي شَرِبَت فَعَطَنتْ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّمير: النامي.
وَزَاد غَيره: عَذْبَاً كَانَ أَو غيرَ عَذْب، وَفِي حَدِيث أبي ذَرّ:
الحمدُ لله الَّذِي أَطْعَمنا الخَمير، وسَقانا النَّمير وَفِي حَدِيث
مُعَاوِيَة: خُبزٌ خَميرٌ وماءٌ نَميرٌ.
(14/294)
والنَّمِرَةُ كفَرِحَة، وَرُبمَا سُمِّيت
النَّامورة، هَكَذَا فِي النّسخ وَالَّذِي فِي اللِّسَان والتكملة
وَرُبمَا سميت النّامِرَة: مَصْيَدةٌ تُربَط فِيهَا شاةٌ للذئب، كَذَا
فِي اللِّسَان، أَو حديدةٌ لَهَا كَلاليبُ تُجعَل فِيهَا لَحْمَةٌ
يُصاد بهَا الذِّئْب، كَذَا فِي التّكملة. قَالَ: وَهِي اللُّبْجَة،
لغةٌ يمانيّة.
والنّامور: الدّمُ، كالتَّامور. منَ المَجاز: نَمِرَ، كفَرِحَ،
نَمْرَاً، ونَمَّرَ وَتَنَمَّرَ: غَضِبَ، زَاد الصَّاغانِيّ: وساءَ
خُلُقُه، ومثلُه لِابْنِ القَطّاع، وَهُوَ على التَّشْبِيه بأخلاق
النَّمِر وشَراسته. وَيُقَال للرجلِ السَّيِّئُ الخُلُق: قد نَمِرَ
وَتَنَمَّرَ. وَقَالَ أَبُو تُراب: نَمَرَ فِي الشّجر والجبل وَنَمَلَ،
كَنَصَرَ، نَمْرَاً: إِذا صَعَّدَ فيهمَا وعَلا. فِي حَدِيث الحجِّ:
حَتَّى أَتَى نَمِرَةَ. وَقَالَ عَبْد الله بن أَقْرَم: رأيتُه بالقاعِ
من نَمِرَةَ، كفَرِحَة: ع بعَرَفات، نزل بِهِ رسولُ الله صلّى الله
عَلَيْهِ وسلَّم، أَو الجبلُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْصَابُ الحَرَمِ على
يمينكَ حالَ كونك خَارِجا من المأَْزِمَيْن وَأَنت تُرِيدُ الموقِفَ
كَذَا فِي التكملة. وَقيل: الحَرَمُ من طَرِيق الطَّائِف على طَرَفِ
عَرَفَةَ من نَمِرَةَ على أحدَ عشرَ مِيلاً، ومسجدُها، م، مَعْرُوف
وَهُوَ الَّذِي تُقام فِيهِ الصَّلاةُ يومَ عَرَفَة. نَمِرَةُ: ع
بقُدَيْد، نَقله الصَّاغانِيّ. قلت: وَنَقله ياقوت عَن القَاضِي عِياض
وَقَالَ: إِن لم يكن الأوّل. وعَقيقُ نَمِرَةَ: ع بِأَرْض تَبَاَلَة،
قلتُ: هَذَا تصحيفٌ، وَصَوَابه عَقيقُ تَمْرَة، بالمُثنّاة الفوقيّة
الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الْمِيم وَفتحهَا، وَهُوَ من نواحي
الْيَمَامَة، لبني عَقَيْل، عَن يَمِين الفُرُط، وَمَا رأيتُ
الصَّاغانِيّ تعَرَّض لَهُ وَلَا غَيْرَه.
(14/295)
وَذُو نَمِرٍ، ككَتِف: وادٍ بنَجْد فِي
ديار كلاب. نِمارٌ، ككِتاب: جبلٌ لسُلَيْم، قَالَ الشَّاعِر:
(فَلَمْ يكُن النِّمارُ لنا مَحَلاًّ ... وَمَا كُنّا لنُعْمٍ
شَيِّقينا)
نُمارٌ، كغُراب: وادٍ لجِشَمَ بن الْحَارِث، وَبِه عارضٌ يُقَال لَهُ
المَكْرَعة، قَالَه الحَفْصيُّ، وَأنْشد: وَمَا مَلِكٌ بأَغْزَرَ مِنْك
سَيْبَاً وَلَا وادٍ بأَنْزَهَ من نُمارِ
(حَلَلْتَ بِهِ فأَشرقَ جانِباهُ ... وعادَ اللَّيْلُ فِيهِ
كالنَّهارِ)
أَو: ع بشِقِّ الْيَمَامَة، قَالَ الْأَعْشَى:
(قَالُوا نُمارٌ فَبَطْنُ الخالِ جادَهُما ... فالعَسْجَدِيّةُ
فالأبْلاءُ فالرِّجَلُ)
وَقيل: جبلٌ بِبِلَاد هُذَيْل، قَالَ صخرُ الغَيِّ:)
(سَمِعْتُ وَقد هَبَطْنا من نُمارٍ ... دُعاءَ أبي المُثَلَّم
يَسْتَغيثُ)
وَفِيه قُتل تأبَّطَ شرَّاً فَقَالَت أمُّه تَرْثِيه:
(فَتَى فَهْمٍ جَمِيعًا غادَروه ... مُقيماً بالحُرَيْضَةِ مِن نُمارِ)
والنُّمارَةُ، كعمارة: ع لَهُ يومٌ. وَفِي التّكملة: ويومُ النُّمارَة:
يومٌ من أيّام الْعَرَب. وَفِي المعجم: قَالَ النّابغةُ:
(وَمَا رَأَيْتُكِ إلاّ نَظْرَةً عَرَضَتْ ... يومَ النُّمارَةِ
والمَأْمورُ مَأْمُورُ)
نُمارةُ: اسْم قَبيلَة يَأْتِي ذِكرها فِي المسْتدركات. ونُمَيْرةُ
بَيْدَانَ، كجُهَيْنة: جبلٌ للضِّباب، قَالَ جريرٌ:
(يَا نَظْرَةً لَك يومَ هاجَتْ عَبْرَةً ... من أمِّ حَزْرَةَ
بالنُّمَيْرَةِ دارُ)
(14/296)
أَو هَضْبَةٌ بَين نَجْد والبَصرة قَالَه
أَبُو زِيَاد، وَقَالَ أَيْضا: النُّمَيْرَة: من مياه عمروِ بن كلاب.
وَقَالَ الرَّاعِي:
(لَهَا بحَقيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ ... ترى الوَحشَ عُوذاتٍ بِهِ
ومَتالِيا)
أَو هَضْبَتان قُربَ الحَوْأَب على فَرْسَخين مِنْهُ، وهما
النُّمَيْرَتان. وأَنْمَارُ بن نزار بن معَدِّ بن عدنان، وَيُقَال لَهُ
أَنْمَارُ الشاةِ، وَذكر فِي حمر. وَقَالَ ابْن الجَوّانيّ النَّسَّابة
فِي المقدّمة الفاضليّة: وأمّا قولُهم: رَبيعةُ الفرَس، ومُضَر
الْحَمْرَاء، فَزعم بعض النّسّابين أَن نزاراً لمّا تُوفِّي اقتسم
بَنوهُ مِيراثَه واسْتَهَموا عَلَيْهِ، فَذكرهمْ إِلَى أَن قَالَ:
وَكَانَ لنزار قَدَحٌ كبيرٌ يسْقِي فِيهِ الضُّيوفَ اللَّبَنَ
فَأَصَابَهُ أَنْمَارٌ، ثمَّ قَالَ: وَقيل: إنّ نزاراً لمّا حَضَرَتهُ
الوفاةُ قسّم ميراثَه على بَنيه المَذكورين وَقَالَ: إنْ أَشْكَلَ
عليكُم الأمرُ فعليْكُم بالأفعى الجُرْهُميّ حَكَمِ الْعَرَب فلمّا
مَاتَ نزارُ وَاخْتلفُوا مَضَوْا إِلَيْهِ، فذكرَ الْقِصَّة إِلَى أَن
قَالَ: وقَضى لأنْمارٍ بالدَّراهِم وَالْأَرْض. قَالَ سِيبَوَيْهٍ:
النَّسَب إِلَى أَنْمَارٍ أَنْمَاريّ، لأنّه اسمٌ للْوَاحِد.
والنُّمْرانِيّة، بالضمّ: ة بالغوطة من دمشق من نَاحيَة الْوَادي،
كَانَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفيان أقطعها نُمْرانَ بن يزِيد بن عُبَيْد
المَذْحِجِيّ، حكى عَنهُ ابنُه عَبْد الله بن نُمْرانَ وابنُه يزِيد بن
نُمْرانَ. خرج مَعَ مَرْوَان لقِتَال الضَّحّاك الفِهْرِيّ بمَرجِ
راهِطٍ. والنَّمِرُ بنُ قاسِط بن هِنْب بن أَفْصَى بن دُعْميّ بن
جَديلَةَ بن أَسد بن رَبيعة، ككَتِف: أَبُو قَبيلَة، أعقب من تَيْم
اللاتِ وَأَوْس مَناةَ، وَمن تَيْمِ اللات بَنو الضَّحْيان، وَهُوَ
عامرُ بن سعد بن الْخَزْرَج بن سعد بن تَيْمِ اللات، وَإِلَيْهِ كَانَت
الرِّياسةُ
(14/297)
واللِّواءُ والحُكومةُ والمِرْباع.
والنِّسْبةُ بِفَتْح الْمِيم، استيحاشاً لتوالي الكَسَرات لأنّ فِيهِ
حرفا وَاحِدًا غير مكسور، وَمِنْه الْمثل: اسقِ أخاكَ النَّمَريَّ
يَصْطَبحْ. بِفَتْح الْمِيم، مِنْهُم حَاتِم بن عُبَيْد الله
النَّمَرِيّ شيخٌ لسَمَّويَة، والحافظ أَبُو عمر يُوسُف بنُ عَبْد الله
بن عبد البَرِّ النَّمَريّ المالكيّ الأندلسيّ، صَاحب التَّمهيد
والاستيعاب وَغَيرهمَا. قلت: وشيخُنا خَاتِمَة المُحدِّثين بِالْيمن
الإِمَام الْفَقِيه العلاَّمة رَضِيّ الدّين عبد الْخَالِق بن أبي بكر
بن الزين المزجاجيّ لحَنَفيّ الزَّبيديّ النَّمرِيّ وَآل بَيته، ولد
سنة وَتُوفِّي سنة بِمَكَّة. والنَّمِرُ، ككَتِف، ابنُ تَوْلَبَ بن
زُهَيْر العُكْلِيّ، وَيُقَال: النَّمْرُ بِالْفَتْح نَقله
الصَّاغانِيّ عَن أبي حَاتِم، يُقَال بِالْكَسْرِ: شاعرٌ) مُخَضْرَمٌ
لحقَ النبيَّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم، أوردهُ الزَّيْنُ العراقيُّ
وتلميذُه أَبُو الْوَفَاء الحلَبِيّ فِي كتاب المُخَضرَمين، وَقَالَ
ابْن فَهْد: حديثُه عِنْد النَّسائيّ وَأبي دَاوُود. ونُمَيْرُ بن
عَامر بن صَعْصَعةََ بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هَوازن، كزُبَيْر، أَبُو
قَبيلَة من قيس والنِّسبةُ إِلَيْهِ نُمَيْريّ. قَالَ سِيبَوَيْهٍ:
وَقَالُوا فِي الْجمع النُّمَيْرون اسَتَخفُّوا بِحَذْف ياءِ
الْإِضَافَة، كَمَا قَالُوا الأَعْجَمون. منَ المَجاز: نَمِرَ
السَّحابُ، كفَرِح نَمَرَاً: صارَ على لونِ النَّمِر ترى فِي خَلَله
نِقاطاً، وَمن لون النمر اشتُقَّ السَّحابُ النَّمِر، وَفِي المثَل:
أَرِنيها نَمِرَةً أُرِكْها مَطِرَةً، وَهُوَ قولُ أبي ذُؤَيْب
الهُذَليّ، وَاْلَقياسُ نَمْراء، تَأْنِيث الأَنْمَر من السّحاب،
يُضرَب لما يُتَيَقَّنُ وُقُوعه إِذا لاحَتْ مَخايلُه، كَمَا فسّره
المَيْدانيّ. وَقَالَ الْأَخْفَش: هَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى:
فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِرَاً يُرِيد الْأَخْضَر.
(14/298)
والأَنْمَرُ من الْخَيل والنَّعَم: مَا على
شِيَةِ النَّمِر. وَهُوَ أَن يكون فِيهِ بُقعَةٌ بيضاءُ وبقعةٌ أُخْرَى
على أيّ لون كَانَ، وَالْجمع النُّمْر. وأَنْمَرَ الرجلُ: صادفَ مَاء
نَميراً، أَي ناجِعاً. وَتَنَمَّرَ: تَمدَّدَ فِي الصَّوْت عِنْد
الوَعيد، نَقله الصَّاغانِيّ، وَهُوَ مجَاز. تَنَمَّر أَيْضا، إِذا
تشَبَّه بالنَّمِر فِي شَراسةِ الْأَخْلَاق، وَمِنْه قولُ عَمْرُو بن
مَعْدِ يَكْرِب:
(وعلِمتُ أنّي يَوْمَ ذَا ... كَ مُنازِلٌ كَعْبَاً ونَهْدا)
(قومٌ إِذا لَبِسوا الحدي ... دَ تَنَمَّروا حَلَقَاً وقِدَّا)
أَي تشبَّهوا بالنَّمِر لاخْتِلَاف ألوان القِدّ وَالْحَدِيد. قَالَ
الأصمعيّ: تنَمَّرَ لَهُ: تَنَكَّرَ وتغيَّر وأَوْعَده، لأنّ النَّمرَ
لَا يُلقى أبدا إلاّ مُتنَكِّراً غَضْبَان. قَالَ ابنُ بَرِّيّ:
والنَّمِرُ من أَنْكَرِ السِّباعِ وأَخْبَثِها، يُقَال: لَبِسَ فلانٌ
لفلانٍ جِلدَ النَّمِرِ، إِذا تنكَّرَ لَهُ، قَالَ: وَكَانَت ملوكُ
الْعَرَب إِذا جَلَسَتْ لقَتْل إِنْسَان لَبِسَت جلودَ النَّمِر، ثمَّ
أَمَرَتْ بقتلِ من تُرِيدُ قَتْلَه. وسَمَّوْا نِمْران، بِالْكَسْرِ،
ونُمارَة، بالضمّ، قَالَه ابنُ سِيدَه. والأَنْمار: خُطوطٌ على قَوائمِ
الثَّورِ، هَكَذَا نصُّ التّكملة، وَزَاد المصنِّف الوَحشيّ. ونِمْرَى،
كذِكرى: ة من نواحي مصر، ذكرهَا تقليداً للصاغانيّ، وَهِي من أَعمال
الغربيَّة، والنِّسبَةُ إِلَيْهَا نِمْراويّ. ونُمْرٌ، بالضمّ: ع
بِبِلَاد هُذَيْل، وَقَالَ الصَّاغانِيّ: مواضِع، ومثلُه فِي المُعجم،
وَقد جَاءَ ذِكرها فِي شعر أُميَّةَ بن أبي عائذٍ الهُذَليّ.
(14/299)
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: نَمَّرَ
وَجْهُه تَنْمِيراً: غيَّره. وسَحابٌ أَنْمَرُ: فِيهِ نُقطٌ سُودٌ
وبِيضٌ. ولبسوا لَك جلودَ النُّمور: كِنايةً عَن شدَّة الحِقد. وَقد
جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث الحُدَيْبِيَة. وأسَدٌ أَنْمَرُ: فِيهِ
غُبْرَةٌ وسَوادٌ، وطَيرٌ مُنَمَّر، كمُعظّم: فِيهِ نُقطٌ سُودٌ، وَقد
يُوصف بِهِ البِرْذَوْن. والنَّمِرَة: العَصْبَة، عَن ابْن
الأَعْرابِيّ. قَالَ الجَوْهَرِيّ: ونِمْرُ بِكَسْر النُّون اسمُ رجل،
قَالَ:
(تَعَبَّدَني نِمْرُ بن سَعْد وَقد أُرى ... ونِمْرُ بن سَعْدٍ لي
مُطيعٌ ومُهطِعُ)
وَتقول: أقبلَتْ نُمَيْرٌ وَمَا نَمَّروا، أَي مَا جمَّعوا من
قَوْمِهم، كَمَا تَقول مُضَر مَضَّرَها الله. وأَنْمَارٌ: حَيٌّ من
خُزاعة، قَالَه الصَّاغانِيّ. قلتُ: وأَنْمَارُ بن عَمْرُوِ بن وديعةَ
بن لُكَيْز بن أَفْصَى وأَنْمَارُ بن مازنِ بن مَالك بن عَمْرو بن)
تَميم، وهم قَلِيلُونَ، بَطْنَان، وأَنْمَارٌ بطنٌ من الحَبِطات.
ونَمِرَة: بطنٌ من سَعْدِ العَشيرة. والنَّمِرُ بن وَبَرَةَ: بطنٌ من
قُضاعة. وَفِي الأَزْدِ نَمِرُ بن عَيْمَان بن نَصْر بن زَهْرَان بن
كَعْب بن الْحَارِث بن عَبْد الله بن مَالك بن نَصْر بن الأَزْد،
مِنْهُم أَبُو الرّوح سَلام بن مِسْكين وَغَيره.
(نور)
{النُّور، بالضمّ: الضَّوْءُ أيَّاً كَانَ، أَو شُعاعُه وسُطوعُه،
كَذَا فِي المُحكَم، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الضياءُ أشدّ من
النُّور، قَالَ تَعَالَى: جَعَلَ الشمسَ ضِياءً والقمرَ} نُوراً وَقيل:
الضِّياءُ ذاتِيٌّ،! والنُّورُ عَرَضِيٌّ، كَمَا حقَّقه
(14/300)
الفَناريّ فِي حَوَاشِي التَّلْويح. وَفِي
البصائر للمصنِّف: النُّور: الضِّياءُ والسَّناء الَّذِي يُعينُ على
الإبصار، وَذَلِكَ ضَرْبَان: دُنيَويّ وأخرويّ، فالدُّنْيَويّ
ضَرْبَان: معقولٌ بعَيْن البَصيرة، وَهُوَ مَا انتشرَ من {الأنوارِ
الإلهيّة،} كنورِ العقلِ {ونورِ الْقُرْآن ومَحْسُوسٌ بعَيْن البَصَر،
وَهُوَ مَا انْتَشَر من الْأَجْسَام} النَّيِّرَة، كالقَمَرَيْن
والنُّجوم {النَّيِّرات، فَمن النُّور الإلهيّ قَوْلُهُ تَعالى: قد
جاءَكم من الله} نورٌ وقولُه: {نورٌ على} نورٍ يَهْدِي اللهُ {لنوره من
يَشَاء وَمن النُّور المَحسوس نَحْو قَوْلُهُ تَعالى: هُوَ الَّذِي
جَعَلَ الشمسَ ضِيَاء والقمرَ} نورا وتخصيصُ الشمسِ بالضوءِ، والقمرِ
{بالنُّور، من حَيْثُ إنّ الضَّوْءَ أخصُّ من النُّور. وممّا هُوَ
عامٌّ فيهمَا قولُه: وَجَعَلَ الظُّلُماتِ} والنُّورَ، وأشْرقَتِ
الأرضُ {بنورِ رَبِّها وَمن النُّور الأُخْرَويّ قولُه: يَسْعَى نورُهم
بَيْنَ أَيْدِيهم. ج} أَنْوَارٌ {ونِيرانٌ، عَن ثَعْلَب. وَقد} نارَ
{نَوْرَاً، بِالْفَتْح،} ونِيَاراً، بِالْكَسْرِ، وَهَذِه عَن ابنِ
القَطَّاع. {وأنارَ} واسْتَنارَ {ونَوَّرَ، وَهَذِه عَن اللِّحْيانيّ،}
وَتَنَوَّرَ، بِمَعْنى واحدٍ، أَي أَضَاء، كَمَا يُقَال: بانَ الشيءُ،
وأَبانَ، وبَيَّنَ، وَتَبَيَّنَ، واسْتَبانَ بِمَعْنى وَاحِد. قولُه
عزَّ وجلَّ: قد جاءَكم من اللهِ! نورٌ وكتابٌ مُبينٌ قيل: النُّورُ
هُنَا سيِّدنا مُحَمَّد رَسُول الله صلى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وسلَّم، أَي جاءَكم نبيٌّ وَكتاب، وَقيل: إنّ مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلَام قَالَ وَقد سُئل عَن شيءٍ: سَيَأْتيكم النُّور. وقولُه عزّ
وجلَّ: واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَه أَي اتَّبعوا
الحقَّ الَّذِي بَيانُه فِي الْقُلُوب كَبَيَان النُّور فِي الْعُيُون.
النُّور: الَّذِي يُبيِّنُ الأشياءَ
(14/301)
ويُري الأبصارَ حقيقتَها، قَالَ: فمَثلُ
مَا أَتَى بِهِ النبيُّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم فِي القلوبِ فِي
بَيانه وكَشْفِه الظُّلُماتِ كَمَثَلِ النُّور. {نُور: ة ببُخارى، بهَا
زِياراتٌ ومَشاهِدُ للصالحين، مِنْهَا الحافظان أَبُو مُوسَى عِمْران
بن عَبْد الله البُخاريّ، حدّث عَن أحمدَ بن حَفْص وَمُحَمّد بن سَلام
البِيكَنْديّ، وَعنهُ أحمدُ بن رُفَيْد. القَاضِي أَبُو عليّ الحسنُ
بنُ عليّ بن أَحْمد بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل بن دَاوُود الداووديّ}
النُّورِيَّان. حدّث عَن عبد الصّمد بن عليّ الحَنْظَليّ، وَعنهُ
الحافظُ عمرُ بن مُحَمَّد النَّسَفيّ، مَاتَ سنة.
وَأما أَبُو الْحُسَيْن أحمدُ بن مُحَمَّد {- النُّوريُّ الْوَاعِظ،}
فلنُورٍ كَانَ يَظْهَرُ فِي وَعْظِه، مشهورٌ، مَاتَ سنة ويَشتبِه بِهِ
أَبُو الْحُسَيْن النُّوريّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، روى عَن
أَبان بن جَعْفَر، وَعنهُ أَبُو الْحسن النّعيميّ، ذكره الْأَمِير
قَالَ: الْحَافِظ، وَهُوَ غير الْوَاعِظ. وجبلُ النُّور: جبلُ حِراءٍ،
هَكَذَا يسمّيه أهلُ مكّة، كَمَا نَقله الصَّاغانِيّ. وَذُو النُّور:)
لقب طُفَيْل بن عَمْرو بن طَريف الأَزْديّ الصَّحابيّ، دَعَا لَهُ
النبيّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالَ: اللهُمَّ {نَوِّر لَهُ
فَسَطَعَ نورٌ بَين عَيْنَيْه فَقَالَ: أخافُ أَن يكون مُثْلةً، أَي
شُهرةً، فتحوَّل إِلَى طَرَفِ سَوْطِه، فَكَانَ يُضيءُ فِي الليلةِ
المُظلمةِ، قُتل يومَ اليَمامة. وَذُو} النُّورَيْن لقبُ أَمِير
الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفّان، رَضِي الله عَنهُ، لأنّه لم يُعلَم
أحدٌ أَرْسَل سِتْراً على بِنْتَيْ نَبيٍّ غَيره. {والمَنارَة، والأصلُ
مَنْوَرَةٌ، قُلِبَت الْوَاو ألفا لتحَرُّكها وانفتاح مَا قبلهَا:
مَوْضِعُ النُّور،} كالمَنار، والمَنارَة: الشَّمْعةُ ذَات السِّراج،
وَفِي الْمُحكم: المِسْرَجة، وَهِي الَّتِي
(14/302)
يُوضع عَلَيْهَا السِّراج، قَالَ أَبُو
ذُؤَيْب:
(وكِلاهُما فِي كَفِّه يَزَنِيَّةٌ ... فِيهَا سِنانٌ {كالمَنارةِ
أَصْلَعُ)
أَرَادَ أَن يُشبِّه السِّنانَ فَلم يستقم لَهُ فأوقَع اللفظَ على}
المَنارة، وقولُه: أَصْلَع، يُرِيد أنّه لَا صَدَأَ عَلَيْهِ فَهُوَ
يَبْرُق.
المَنارةُ: الَّتِي يُؤَذَّن عَلَيْهَا، وَهِي المِئْذَنةُ، والعامَّةُ
تَقول: المَأْذَنَة، ج {مَناوِر، على الْقيَاس ومَنائر، مَهْمُوز على
غير قِيَاس. قَالَ ثَعْلَب: إنّما ذَلِك لأنّ الْعَرَب تُشبِّه الحرفَ
بالحرف، فشبَّهوا مَنارة وَهِي مَفْعَلة، من النُّور بِفَتْح الْمِيم،
بفَعَالة، فكَسَّروها تَكْسِيراً، كَمَا قَالُوا: أَمْكِنة، فِيمَن
جعلَ مَكاناً من الكَوْن، فعامَلَ الحرفَ الزائدَ مُعاملةَ الأصليّ،
فَصَارَت الْمِيم عِنْدهم كالقاف من قَذالٍ، وَمثله فِي كَلَام
الْعَرَب كثيرٌ. قَالَ: وأمّا سِيبَوَيْهٍ فَحَمَل مَا هُوَ من هَذَا
على الْغَلَط. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: الْجمع} مَناوِر، بِالْوَاو،
لأنّه من النُّور، وَمَنْ قَالَ: مَنائر، وَهَمَزَ فقد شبَّه الأصليَّ
بِالزَّائِدِ، كَمَا قَالُوا مَصائب وَأَصله مَصاوِب. {ونَوَّرَ
الصُّبحُ} تَنْوِيراً: ظَهَرَ نُورُه، قَالَ:
(وَحَتَّى يَبيتَ القومُ فِي الصَّيْفِ لَيْلَةً ... يَقُولُونَ
{نَوِّرْ صُبحُ واللَّيْلُ عاتِمُ)
وَمِنْه حَدِيث مَواقيت الصَّلَاة: أنَّه} نَوَّرَ بالفَجر، أَي
صَلاَّها وَقد {استنار الأفقُ كثيرا. والتَّنْوير: وَقْتُ إسْفارِ
الصُّبْح.} نَوَّرَ على فلَان: لَبَّسَ عَلَيْهِ أَمْرَه وشَبَّهَه
وَخيَّل عَلَيْهِ. أَو فَعَلَ فِعلَ {نُورَةَ السَّاحرَةِ، الْآتِي
ذِكرُها فَهُوَ} مُنوِّرٌ، وَلَيْسَ بعربيّ صَحِيح. وَقَالَ
الأَزْهَرِيّ: يُقَال: فلانٌ يُنوِّرُ على فلَان، إِذا شَبَّهَ
عَلَيْهِ أمرا. وليستْ هَذِه الكلمةُ عَرَبِيَّة. نَوَّرَ التَّمْرُ:
خُلِقَ فِيهِ النَّوى، وَهُوَ مَجاز.
(14/303)
{واستَنارَ بِهِ: استَمدَّ نُورَه، أَي
شُعاعَه.} والمَنار، بِالْفَتْح: العَلَم وَمَا يُوضَع بَين الشَّيئين
من الحُدود، وروى شَمِرٌ عَن الأصمعيّ: المَنار: العلمُ يُجعَلُ
للطريق، أَو الحدّ للأرضين من طينٍ أَو ترابٍ، وَمِنْه الحَدِيث:
لَعَنَ اللهُ مَن غيَّرَ مَنارَ الأَرْض، أَي أعْلامَها، قيل: أَرَادَ
من غيَّر تُخومَ الأرضِين، وَهُوَ أنْ يَقْتَطِع طَائِفَة من أرضِ
جارِه ويُحوِّل الحَدَّ من مَكَانَهُ. وَفِي الحَدِيث عَن أبي
هُرَيْرة: إنّ لِلْإِسْلَامِ صُوىً {ومَناراً، أَي عَلَامَات وشَرائع
يُعرَف بهَا. وَهُوَ مَجاز. المَنارُ: مَحَجَّةُ الطريقِ، قَالَ
الشَّاعِر:
(لعَكٍّ فِي مَناسِمِها} مَنارٌ ... إِلَى عدنانَ واضحةُ السبيلِ)
{والنارُ، م، أَي مَعْرُوفَة، أُنْثَى، تقال للَّهيب الَّذِي يَبْدُو
للحاسّة، نَحْو قَوْلُهُ تَعالى: أَفَرَأَيْتُمُ} النارَ الَّتِي
تُورُون وَقد تُطلَق على الْحَرَارَة المُجرّدة، وَمِنْه الحَدِيث:
أنّه قَالَ لعشرةِ أَنْفُسٍ فيهم سَمُرَة: آخِرُكم يَمُوت فِي النَّار،
قَالَ ابنُ الْأَثِير:)
فَكَانَ لَا يكَاد يدْفَأ، فأمرَ بقِدْر عظيمةٍ فمُلئت مَاء وأَوْقَد
تحتهَا وَاتخذ فَوْقهَا مَجلِساً وَكَانَ يصعدُ بخارُها فيُدفِئُه،
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك خُسِفت بِهِ فحصلَ فِي النَّار، قَالَ
فَذَلِك الَّذِي قَالَ لَهُ، وَالله أعلم. وتُطلَق على نارِ جهنّم
الْمَذْكُورَة فِي قَوْلُهُ تَعالى: النارُ وَعَدَها اللهُ الَّذين
كفرُوا وَقد تُذَكَّر، عَن أبي حنيفَة، وَأنْشد فِي ذَلِك:
(فَمَنْ يَأْتِنا يُلْمِمْ بِنَا فِي دِيارِنا ... يَجِدْ أَثَرَاً
دَعْسَاً {وَنَارًا تأَجَّجا)
وَرِوَايَة سِيبَوَيْهٍ: يَجِدْ حَطَبَاً جزْلاً وَنَارًا تأَجَّجا ج}
أَنْوَارٌ، هَكَذَا فِي سَائِر النّسخ الَّتِي بِأَيْدِينَا، وَفِي
اللِّسَان:! أَنْوُرٌ
(14/304)
{ونِيرانٌ، انقلبت الواوُ يَاء لكسرة مَا
قبلهَا،} ونِيَرَةٌ، كقِرَدَة، هَكَذَا فِي سَائِر النّسخ وَهُوَ غلط،
وَالصَّوَاب {نِيرَة، بِكَسْر فَسُكُون وَلَا نَظِير لَهُ إلاّ قاع
وقِيعَة، وجار وجِيرَة، حققّه ابنُ جنِّيّ فِي كتاب الشّواذّ،} ونورٌ،
بالضمّ، {ونِيَارٌ، بِالْكَسْرِ، الْأَخِيرَة عَن أبي حنيفَة، وَفِي
حَدِيث سِجْن جَهنّم: فَتَعْلُوهم} نارُ {الأَنْيار قَالَ ابنُ
الْأَثِير: لم أجِدْهُ مَشْرُوحاً وَلَكِن هَكَذَا رُوي، فَإِن صحَّت
الرِّواية فَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ} نَار {النِّيران، بِجمع
النَّار على} أَنْيَار، وأصلُها أَنْوَار، لِأَنَّهَا من الْوَاو،
كَمَا جَاءَ فِي ريح وعيدٍ أَرْيَاحٌ وأَعْيَادٌ، وهما من الْوَاو. منَ
المَجاز: النارُ: السِّمَة، والجمعُ كالجمع، {كالنُّورَة، بالضمّ.
قَالَ الأصمعيّ: كلُّ وَسْمٍ بمِكْوىً فَهُوَ نارٌ، وَمَا كَانَ بغيرِ
مِكْوىً فَهُوَ حَرْقٌ، وَقَرْعٌ، وَقَرْمٌ، وحَزٌّ، وَزَنْمٌ، قَالَ
أَبُو مَنْصُور: والعربُ تَقول: مَا} نارُ هَذِه النَّاقة أَي مَا
سِمَتُها، سُمّيت {نَارا لأنّها} بالنَّار تُوسَم، وَقَالَ الراجز:
(حَتَّى سَقَوْا آبالَهم بالنّارِ ... والنَّارُ قد تَشْفَى من
الأُوارِ)
أَي سَقَوْا إبلَهم بالسِّمَة، أَي إِذا نَظروا فِي سِمَة صاحبِه
عُرِفَ صاحبُه فسُقي وقُدِّم على غَيره لشرفِ أَرْبَابِ تِلْكَ
السِّمَة وخَلَّوْا لَهَا الماءَ. وَمن أمثالهم: نِجارُها! نارُها. أَي
سِمَتُها تدلّ على نِجارِها، يَعْنِي الْإِبِل، قَالَ الراجز يصفُ
إبِلا سِماتُها مُختلفة:
(نِجارُ كلِّ إبلٍ نِجارُها ... ونارُ إبْلِ العالَمِين نارُها)
يَقُول: اختلفتْ سِماتُها لأنّ أَرْبَابهَا من قبائلَ شَتَّى، فأُغِيرَ
على سَرْحِ كلّ قَبيلَة. واجتمعتْ عِنْد مَن أغار عَلَيْهَا سِماتُ
تِلْكَ الْقَبَائِل. وَفِي حَدِيث صَعْصَعة بن ناجِيَة، جد
(14/305)
ِّ الفرزدق: وَمَا {ناراهُما أَي مَا
سِمَتُها الَّتِي وُسِمَتا بهَا، يَعْنِي ناقتَيْه الضَّالَّتَيْن،
والسِّمَة: العَلامة. منَ المَجاز: النارُ: الرَّأْيُ، وَمِنْه
الحَدِيث: لَا تَسْتَضيئوا} بنارِ أهل الشِّرْك وَفِي رِوَايَة: بِنَار
المُشركين. قَالَ ثَعْلَب: سَأَلْتُ ابْن الأَعْرابِيّ عَنهُ فَقَالَ:
مَعْنَاهُ لَا تُشاورهم، فَجعل الرأيَ مثلا للضوءِ عِنْد الحَيْرَة.
{ونُرْتُه، أَي الْبَعِير: جَعَلْتُ عَلَيْهِ نَارا، أَي سِمَةً.}
والنَّوْرُ {والنَّوْرَةُ، بفتحهما، النُّوَّار، كرُمَّان، جَمِيعًا:
الزَّهْر، أَو} النَّوْر: الأبيضُ مِنْهُ، أَي من الزَّهْر، والزهرُ
الْأَصْفَر، وَذَلِكَ أنّه يَبْيَضُّ ثمَّ يَصْفَرّ، ج النَّوْر
{أَنْوَارٌ،} والنُّوّارُ)
واحدتُه {نُوَّارةٌ.} ونوَّرَ الشجرُ تَنْوِيراً: أخرجَ نَوْرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّوْر: نَوْرُ الشجرِ، والفِعلُ {التَّنْوير،}
وتَنْوِيرُ الشجرةِ: إزْهارُها. {كَأَنَار، أصلُه} أَنْوَرَ، قُلبت
واوُه ألفا. {نوَّرَ الزرعُ: أَدْرَك،} والتَّنْوير: الإدْراك، هَكَذَا
سَمّاه خِندِف بنُ زِيَاد الدُّبيريّ فَقَالَ: سامَى طعامَ الحَيِّ
حَتَّى {نَوَّرا وَجمعه عَدِيُّ بن زيد فَقَالَ:
(وَذي} تَنَاوِيرَ مَمْعُونٍ لَهُ صَبَحٌ ... يَغْذُو أوابِدَ قد
أَفْلَيْنَ أَمْهَارا)
{نَوَّرَ ذِراعَه} تَنْوِيراً: إِذا غَرَزَها بإبرة ثمَّ ذَرَّ
عَلَيْهَا النَّؤُور، الْآتِي ذكرُه. {وأنارَ النّبتُ: حِسُنَ
وَظَهَرَ، من} الإنارَة، {كَأَنْوَر، على الأَصْل، وَمِنْه حَدِيث
خُزَيْمة: لمّا نزلَ تحتَ الشجرةِ} أَنْوَرَتْ، أَي حَسُنتْ خُضرَتُها،
وَقيل: أَطْلَعت! نَوْرَها. أنارَ المكانَ، يتعدَّى وَلَا يتعدَّى،
أضاءَه، وَذَلِكَ إِذا وضعَ فِيهِ النُّور.
(14/306)
{والأَنْوَر: الظاهرُ الْحسن، وَبِه
لُقِّبَ الإمامُ أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن الْحسن بن عليّ بن أبي
طَالب، رَضِي الله عَنهُ، لوَضاءَته، وَمِنْه فِي صِفته صلّى الله
عَلَيْهِ وسلَّم: كَانَ} أَنْوَرَ المُتَجَرَّد.، أَي نَيِّرَ الجِسم،
يُقَال لِلْحسنِ المُشرِق اللَّوْن: {أَنْوَر، وَهُوَ أَفْعَلُ من}
النُّور. {والنُّورَة، بالضمّ: الهِناء، وَهُوَ من الْحجر يُحرَق
ويُسوَّى مِنْهُ الكِلسُ ويُحلَق بِهِ شعرُ الْعَانَة.} وانْتارَ
الرجلُ {وَتَنَوَّرَ} وانْتَوَر، حكى الأوَّلَ ثعلبٌ وَأنكر الثَّانِي
وَذكر الثلاثةَ ابنُ سِيده، إِذا تَطَلَّى بهَا، وَأنْشد ابنُ سِيدَه:
(أجِدَّكُما لم تَعْلَما أنّ جارَنا ... أَبَا الحِسْلِ بالصحراءِ لَا
{يَتَنَوَّرُ)
وَفِي التَّهْذِيب: وتأمرُ من النَّوْرَة فَتَقول:} انْتَوِرْ يَا
زيْد، {وانْتَرْ، كَمَا تَقول: اقْتَوِلْ واقْتَلْ.} والنَّؤُورُ،
كصَبور: النِّيْلَج، وَهُوَ دُخانُ الشَّحم الَّذِي يَلْتَزقُ
بالطِّسْت يُعالَجُ بِهِ الوَشْمُ ويُحشى حَتَّى يَخضرَّ. وَلَك أنْ
تقلبَ الواوَ المضمومةَ هَمْزَةً.
كَذَا فِي اللِّسَان. قلت: وَلذَا تعرَّ لَهُ المصنِّف فِي نأر وأحاله
على هُنَا. {النَّؤُور: حَصاةٌ كالإثْمِد تُدَقُّ فتُسَفُّها
اللِّثَّةُ: أَي تُقْمَحُها من قَوْلك: سَفِفْتُ الدواءَ. وكنّ نِساءُ
الجاهليّةِ يَتَّشِمْنَ بالنَّؤُور، وَمِنْه قولُ بشْر: كَمَا وُشِمَ
الرَّواهشُ} بالنَّؤُورِ وَقَالَ اللَّيْث: النَّؤُور: دُخانُ
الفَتيلةِ يُتَّخَذُ كُحْلاً أَو وَشْمَاً. قَالَ أَبُو مَنْصُور:
أمَّا الكُحلُ فَمَا سَمِعْتُ أنَّ نساءَ العربِ اكْتَحَلْنَ
بالنَّؤُور، وأمَّا الوَشْم بِهِ فقد جاءَ فِي أشعارهم، قَالَ لبيد:
(أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ! نَؤُورُها ... كِفَفاً تَعَرَّضَ
فَوْقَهُنَّ وِشامُها)
(14/307)
{النَّؤُور: المرأةُ النَّفورُ من
الرِّيبة،} كالنَّوَار، كسَحاب، ج، {نُورٌ بالضمّ يُقَال: نِسْوَةٌ
نُورٌ، أَي نُفَّرٌ من الرِّيبة، وَالْأَصْل نُوُرٌ، بضمَّتَيْن، مثل
قَذال وقُذُل، فكرِهوا الضَّمَّةَ على الْوَاو لثِقلها. لأنّ
الْوَاحِدَة} نَوَارٌ. وَهِي الفَرُور، وَبِه سُمِّيت الْمَرْأَة.
{ونارَت المرأةُ} تَنُورُ {نَوْرَاً، بِالْفَتْح،} ونِوَاراً،
بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح: نَفَرَتْ، وَكَذَلِكَ الظّباءُ والوَحش،
وهُنَّ النُّورُ: أَي)
النُّفَّر مِنْهَا. قَالَ مُضرِّسٌ الأسَديّ وَذكر الظباء وأنّها
كَنَسَتْ فِي شِدَّةِ الحَرّ:
(تَدَلَّتْ عَلَيْهَا الشمسُ حَتَّى كأنَّها ... من الحَرِّ تُرمى
بالسَّكينةِ {نُورُها)
وَقَالَ مَالك بن زُغْبَةَ الباهليّ:
(} أَنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ ... وحَبلُ الوَصلِ مُنتَكِثٌ
حَذيقُ)
(أَلا زَعَمَتْ علاقَةُ أنَّ سَيفي ... يُفَلِّلُ غَرْبَهُ الرَّأْسُ
الحَليقُ)
قَالَ ابنُ بَرِّيّ: مَعْنَاهُ: أنِفاراً سَرُعَ ذَا يَا فَروق، أَي
مَا أَسْرَعه، وَذَا فاعلُ سَرُعَ، وَأَسْكَنَهُ للضَّرُورَة، وَمَا
زَائِدَة.
ومُنتكِث: مُنتَقِض، وحَذيق: مَقْطُوع، وعلاقةُ: اسْم محبوبته. قَالَ:
وامرأةٌ نَوَارٌ: نافِرةٌ عَن الشرِّ والقبيح، {والنِّوارُ،
بِالْكَسْرِ: الْمصدر، وبالفتح: الِاسْم، وَقيل:} النِّوَار: النِّفار
من أيّ شيءٍ كَانَ. وَمن سجعات الأساس: الشّيْبُ نُورٌ، عَنهُ
النِّساءُ نُورٌ، أَي نُفَّر، وَقد {نارَها} ونَوَّرَها! واسْتَنَارها:
نَفَّرَها، قَالَ ساعدةُ بن جُؤَيَّة يصف ظَبْيَةً:
(بوادٍ حَرامٍ لم تَرُعْها حِبالُه ... وَلَا قانِصٌ ذُو أَسْهُمٍ
يَسْتَنيرُها)
(14/308)
وبقرةٌ {نَوَارٌ، بِالْفَتْح: تَنْفِرُ من
الفَحل، ج نُورٌ، بالضّمّ. وَفِي صفةِ ناقةِ صالحٍ عَلَيْهِ السَّلَام،
هِيَ أَنْوَرُ من أَن تُحلَب.
أَي أَنْفَرُ. وفرَسٌ وَديقٌ نَوَارٌ: إِذا اسْتَوْدقتْ وَهِي تُرِيدُ
الفحلَ، وَفِي ذَلِك مِنْهَا ضَعفٌ تَرْهَبُ عَن صَوْلَةِ النّاكِح.
} وناروا {نَوَرَاً} وَتَنَوَّروا: انْهَزموا. {ناروا النّارَ من
بعيدٍ} وَتَنَوَّروها: تَبَصَّروها أَو {تَنوَّروها: أَتَوْها، قَالَ
الشَّاعِر:
(} فَتَنَوَّرْتُ نارَها مِن بعيدٍ ... بِخَزازى هَيْهَاتَ مِنك
الصِّلاءُ)
وَقَالَ ابنُ مُقبِل: كَرَبَتْ حَياةُ النَّارِ {للمُتَنوِّرِ
واسْتَنارَ عَلَيْهِ: ظَفِرَ بِهِ وَغَلَبه، وَمِنْه قولُ الْأَعْشَى:
(فَأَدْرَكوا بعضَ مَا أضاعوا ... وقاتَلوا القومَ} فاسْتَناروا)
{ونُورَةُ، بالضمّ: اسمُ امْرَأَة سَحَّارَة، قَالَ الأَزْهَرِيّ:
وَمِنْه قولُهم لمَن فعل فِعلَها: قد} نوَّرَ. فَهُوَ {مُنَوِّرٌ،
وَلَيْسَت بعربية صَحِيحَة. قلتُ: وَيجوز أَن يكون مِنْهُ مَأْخَذ} -
النُّورِيّ، بالضمّ وياءِ النِّسبة، للمُختَلِس، وَهُوَ شائعٌ فِي
العَوامّ، كأنّه يُخيَّل بفِعله ويُشبِّه عَلَيْهِم، حَتَّى يختلس
شَيْئا، وَالْجمع {نَوَرَةٌ، محرّكة.} وَمَنْوَرٌ، كَمَقْعَد: ع، صحّت
فِيهِ الْوَاو صِحَّتها فِي مَكْوَرة، للعَلَميَّة، قَالَ بِشْر بن أبي
خازم:
(أَلَيْلى على شَطِّ المَزارِ تَذَكَّرُ ... ومِن دونِ لَيْلَى ذُو
بِحارٍ! ومَنْوَرُ)
أَو جبلٌ بظَهْرِ حَرَّةِ بني سُلَيْم وَكَذَلِكَ ذُو بِحارٍ، وهما
جَبَلان، كَمَا
(14/309)
فسَّر بِهِ الجَوْهَرِيّ قولَ بشْرٍ
السابقَ، وَقَالَ يزيدُ بن أبي حَارِثَة:)
(إنّي لعَمْرُكَ لَا أُصالحُ طَيِّئاً ... حَتَّى يَغُورَ مكانَ دَمْخٍ
مَنْوَرُ)
وَذُو {النُّوَيْرَة، كجُهَيْنة: لقبُ عَامر بن عبد الْحَارِث، شاعرٌ.
وَذُو النُّوَيْرَة: مُكمِل بن دَوْس كمُحْسن، قوّاسٌ، إِلَيْهِ نُسبَت
القِسِيُّ الْمَشْهُورَة. ومُتَمِّمُ بن} نُوَيْرَةَ بن جَمْرَة
التَّميميّ اليَرْبوعيّ، أسلم مَعَ أَخِيه، صَحابيّ، وَلم يذكرْ أنّه
وفدَ، وَهُوَ وَأَخُوهُ مالكُ بن نُوَيْرَة شاعِران، وَهُوَ أَيْضا
صحابيّ، وَله وِفادة، وَاسْتَعْملهُ رسولُ الله صلّى الله عَلَيْهِ
وسلَّم على صَدقاتِ قَوْمِه. وقِصَّتُه مشهورةٌ، قَتَلَه خالدُ بن
الْوَلِيد زَمَنَ أبي بكرٍ فَوَدَاه. قَالَه ابْن فَهْد. قلت: وهما من
بني ثَعْلَبة بن يَربوع، وَلَو قَالَ المصنِّف: ومتمّم ومالكُ ابْنا
نُوَيْرةَ صَحابيّان شاعِران كَانَ أَحْسَن. {ونُوَيْرَة: ناحيةٌ
بِمصْر، عَن نَصْر، وَمِنْهَا الإِمَام الْفَقِيه الشَّهِيد الناطقُ
أقضى القُضاة أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن
الْحُسَيْن بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن عَقيل العَقيليّ
الهاشميّ} النُّوَيْرِيّ، استُشهِدَ فِي وَقْعَةِ الفِرِنْجِ بدمْياط
سنة، وَأَبوهُ الْقَاسِم يُعرف بالجَزُوليّ، وجدّه الحُسين مشهورٌ
بِابْن الحارثيّة، ووالدُه عَبْد الله مشهورٌ بِابْن القُرَشِيَّة.
وَهُوَ من بَيْتِ عِلم ورِياسه، وَفِي ولدِه الخطابةُ والقضاءُ
والتدريس بالحَرَمَيْن الشِّريفيْن. ولدُه الفقيهُ الإِمَام جمال
الدّين الْقَاسِم أَخذ عَنهُ ابنُ النُّعْمَان الميرتليّ، وحفيدُه
الْفَقِيه شهابُ الدّين أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقَاسِم
النُّوَيْرِيّ، ذكره ابنُ بَطُّوطة فِي رحلته. وابنتُه أمُّ الفضْل
خَديجةُ، وكَمالية ابْنة عليّ بن أَحْمد، وأختُه خَدِيجَة، وَمُحَمّد
بن عليّ بن أَحْمد. وَولده أَبُو اليُمّن مُحَمَّد الستّة حدّثوا
وأجازوا
(14/310)
شيخ الْإِسْلَام زكريّا، ومحبّ الدّين
أَبُو البركات، وَأحمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن
الْقَاسِم، خطيب الحرمَيْن وقاضيهما، توفِّي سنة وحفيدُه الخطيبُ شرف
الدّين أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد، من مَشَايِخ
السُّيوطيّ وبنْتُه أمّ الْهدى زَيْنَب، أجازها تقيّ الدّين بن فَهْدٍ
وابنُ أَخِيه نَسيمُ الدّين أَبُو الطَّيِّب أَحْمد بن مُحَمَّد بن
أَحْمد، أجَازه الْحَافِظ السَّخاويّ. وَذُو المَنار مَلِكٌ من مُلُوك
الْيمن، واسمُه أَبْرَهةُ، وَهُوَ تُبَّعُ بن الْحَارِث الرّايش بن
قَيْس بن صَيْفِيّ، وإنّما قيل لَهُ ذُو المَنار لأنّه أوّل من ضَرَبَ
المَنارَ على طَريقه فِي مَغازيه ليَهتدي بهَا إِذا رَجَعَ. وَولده ذُو
الأَذْعار، تقدّم ذِكره. وبَنو النَّار: القَعْقاع، والضَّنَّان،
وثَوْبٌ، شُعراءُ بَنو عَمْرو بن ثَعْلَبَة قيل لَهُم ذَلِك لِأَنَّهُ
مَرّ بهم امْرُؤ القيْس بنُ حُجْر الكنْديّ أميرُ لواءِ الشُّعراءِ
فأنشدوه شَيْئا من أشعارهم فَقَالَ: إنّي لأَعْجَبُ كَيفَ لَا يمْتلئُ
عَلَيْكُم بيتُكم نَارا من جَوْدَةِ شعركم، فَقيل لَهُم: بَنو النّار.
{والمُناوَرَة: المُشاتَمة، قد ناوَرَه، إِذا شاتَمه. يُقَال: بَغاه
اللهُ} نَيِّرَةً، ككَيِّسَة، وذاتَ {مَنْوَرِ، كَمَقْعَد، أَي
ضَرْبَةً أَو رَمْيَةً} تُنيرُ وتظهرُ فَلَا تَخْفَى على أحد. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:! النُّورُ: النّار، وَمِنْه قولُ عمر إِذْ مرَّ
عَلَيْهِ جماعةٌ يَصْطَلون بالنَّار: السلامُ عَلَيْكُم أهل النُّور،
كَرِهَ أَن يُخاطِبهم بالنَّار. وَقد تُطلَق النَّار ويُراد بهَا
النُّور كَمَا فِي قَوْلُهُ تَعالى: إنِّي آنَسْتُ نَارا.
وَفِي البصائر: وَقَالَ بعضُهم: النّارُ والنُّورُ من أصلٍ واحدٍ، وهما
كثيرا
(14/311)
يتَلازَمان، لَكِن النّار مَتاعٌ
للمُقْوِينَ فِي الدُّنيا، والنُّورُ مَتاعٌ للمُتَّقين فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة، وَلأَجل ذَلِك استُعمِل فِي النّور الاقْتِباسُ فَقَالَ
تَعَالَى: انْظُرونا نَقْتَبِس)
من {نورِكم انْتهى. وَمن أَسْمَائِهِ تَعَالَى النُّور، قَالَ ابنُ
الْأَثِير: هُوَ الَّذِي يُبصِرُ بنورِه ذُو العَمايَة، ويَرشُدُ
بهُداه ذُو الغَواية. وَقيل: هُوَ الظَّاهِر الَّذِي بِهِ كلُّ ظُهور.
والظاهرُ فِي نفسِه المُظهِرُ لغيرِه، يُسمَّى نُوراً. وَالله نورُ
السَّماوات وَالْأَرْض. أَي} مُنوِّرُهُما، كَمَا يُقَال: فلانٌ
غِياثُنا أَي مُغيثُنا. {والإنارَة: التَّبْيِينُ والإيضاح، وَمِنْه
الحَدِيث: ثمَّ} أنارَها زيدُ بن ثَابت أَي {نَوَّرَها وأوْضَحها
وبيَّنَها. يَعْنِي بِهِ فَرِيضَة الجَدّ، وَهُوَ مَجاز، وَمِنْه
أَيْضا قولُهم:} وأنارَ اللهُ بُرهانَه.
أَي لقَّنَه حُجَّته. {والنّائِراتُ} والمُنيراتُ: الواضِحاتُ
البَيِّنات، الأُولى من نَار، وَالثَّانيَِة من أنارَ. وَذَا أَنْوَرُ
من ذَاك، أَي أَبْيَن. وأَوْقَدَ نارَ الْحَرْب. وَهُوَ مَجاز.
{والنُّورانيّة هُوَ النُّور. ومَنارُ الحرَمِ: أعْلامُه الَّتِي
ضَرَبَها إبراهيمُ الخليلُ، عَلَيْهِ وعَلى نبيِّنا الصَّلَاة
وَالسَّلَام، على أقطارِ الحرَم ونَواحيه، وَبهَا تُعرف حُدودُ الحرَم
من حدودِ الحِلِّ. ومَنارُ الْإِسْلَام: شرائعُه، وَهُوَ مَجاز.}
والنَّيِّرُ كسَيِّد، {والمُنير: الحسَنُ اللَّونِ المُشرِق.}
وَتَنَوَّرَ الرجُلُ: نظرَ إِلَيْهِ عِنْد النّار من حيثُ لَا يرَاهُ.
وَمَا بِهِ نُورٌ، بالضمّ، أَي وَسْمٌ، وَهُوَ مَجاز. وَذُو النُّور:
لقبُ عبد الرَّحْمَن بن رَبيعة الباهليّ، قَتَلَته التُّرْكُ ببابِ
(14/312)
الأبْوابِ فِي زمنِ عمر رَضِي الله عَنهُ،
فَهُوَ لَا يزَال يُرى على قبرِه نُورٌ. نَقله السهيليّ فِي الرّوض.
قلتُ: ووَجدتُ فِي المُعجم أنّه لقبُ سُراقةَ بن عَمْرو، وَكَانَ أنفذه
أَبُو مُوسَى الأشعريّ على بَاب الْأَبْوَاب. فانْظُرْه.
{ونارُ المُهَوِّل: نارٌ كَانَت للْعَرَب فِي الجاهليّة يُوقِدونها
عِنْد التحالُف، ويَطرحون فِيهَا مِلْحاً يَفْقَعُ، يُهَوِّلون بذلك
تَأْكِيدًا للحِلْف. ونارُ الحُباحب: مرَّ فِي موضعهَا.} والنّائرةُ:
العداوةُ والشَّحْناءُ والفِتنة الْحَادِثَة. ونارُ الحربِ
{ونائِرَتُها: شَرُّها وهَيْجُها. وحَرَّةُ النارِ لبني عَبْس، تقدّم
ذِكرها فِي الحِرار. وزُقاقُ النارِ بمكَّة. وَذُو النّارِ: قريةٌ
بالبحرَيْن لبني مُحارِب بن عبد الْقَيْس. قَالَه ياقوت. وَقَالَ زيدُ
بن كُثْوَة: عَلِقَ رجلٌ امْرَأَة فَكَانَ} يَتَنَوَّرُها بِاللَّيْلِ،
{والتَّنَوُّر مثل التَّضوُّء، فَقيل لَهَا: إنّ فلَانا}
يَتَنَوَّرُكِ، لتَحذرْه فَلَا يرى مِنْهَا إلاّ حَسَنَاً، فَلَمَّا
سمعتْ ذَلِك رفعتْ مُقدَّمَ ثوبِها ثمّ قابلَتْه وَقَالَت: يَا
{مُتَنَوِّراً هاه. فلمّا سَمِعَ مَقالتَها وَأبْصر مَا فعلتْ، قَالَ:
فبئسما أرى هاه. وانصرفتْ نَفْسُه عَنْهَا. فضُربَت مَثلاً لكلّ من لَا
يتَّقي قبيحاً وَلَا يَرْعَوي لحسَن. وَذُو النُّوَيْرَة: لقبُ كَعْب
بن خَفاجة بن عَمْرو بن عُقَيْل بن كعْب، بطنٌ. ومَنارَةُ بن عَوْف بن
الْحَارِث بن جَفْنَة: بَطْن. ومَنارةُ أَيْضا بَطْنٌ من غافِق،
مِنْهُم إياسُ بنُ عَامر} - المَناريُّ، شَهِدَ مَعَ عليٍّ مَشاهدَه.
وَمُحَمّد بن {المُستَنير النَّحْويّ هُوَ قُطْرُب، حدَّث عَنهُ
مُحَمَّد بن الجَهْم. ومُستَنير بن عِمْران الكوفيّ.} ومُستَنيرُ بن
أَخْضَر بن مُعَاوِيَة بن قُرّة، عَن أَبِيه. وَعبد اللَّطِيف بن
نُوريّ، قَاضِي تَبْريز، سمعَ كتابَ شرْح السُّنَّة للبَغويّ من
حَفَدَةِ العطارديّ. ذكره ابنُ نُقْطة.
(14/313)
وَمُحَمّد بن {النُّور البَلْخيّ، بالضمّ،
روى عَن السِّلَفيّ بِالْإِجَازَةِ. وَمُحَمّد بن مَحْمُود}
النُّورانيّ، ذكره أَبُو سعدٍ المالينيّ. {والنُّوريَّة: قريةٌ
بالسَّواد، مِنْهَا الْحُسَيْن بن عَبْد الله، وَإِبْرَاهِيم بن
مَنْصُور، وَأحمد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، وحفيدُه أَبُو الْقَاسِم
عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد،} النُّوريُّون، محدِّثون.
وَإِسْمَاعِيل بن سودكين {- النُّوريّ، تلميذُ ابْن عرَبِيّ، نُسِبَ
إِلَى} نُور الدّين الشَّهيد. ورَوْضَة {النُّوّار، كرُمَّان،)
حِجازيَّة.} والنَّوَارُ، كسَحاب: مَوْضِعٌ نَجْدِيّ. {والمُنَوَّر،
كمُعَظّم: لقبُ شَيخنَا العَلاَّمةَ الشَّهيد أبي عَبْد الله مُحَمَّد
بن عَبْد الله بن أيُّوب التِّلْمِسانيّ، أَخذ عَن أبي عبد البَرّ
مُحَمَّد بن مُحَمَّد المُرابِط الدّلائيّ وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن
بن زكرى، وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُبارك بن سعيد الغيْلانيّ،
والمحدّث المُعمّر عليّ بن أَحْمد بن عَبْد الله الخيّاط الفاسيّ
الحرشيّ وَأَجَازَهُ من فاس مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بناني
الْكَبِير، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَادِر صَاحب
الْمنح، تُوفِّي بِمصْر بعد رُجُوعه من الحجّ فِي نَهَار الْأَحَد
شَوَّال من شهور سنة رَحمَه اللهُ تَعَالَى.} ومَنارةُ الإسْكندر
بالإسْكندريَّة من عجائب الدّهر، ذكرهَا أهل التَّارِيخ.! ومَنارةُ
الحَوافرِ فِي رُسْتاق هَمَذَان فِي ناحيةٍ يُقَال لَهَا وَنْجَر،
بناها سابُور بنُ أرْدَشير، ارتفاعُها خَمْسُون ذِرَاعا، فِي استدارة
ثَلَاثِينَ ذِرَاعا. ولشعراءِ هَمَذَان فِيهَا أشعارٌ متداولة.
ومَنارةُ القُرون: بطرِيق مكّة، قرب واقِصَة، بناها السُّلْطَان جلالُ
الدّين
(14/314)
مَلِكْ شَاة ابْن أَلْب أَرْسَلان
المتوفَّى سنة اقْتِدَاء بسابور. قَالَ ياقوت: وَهِي باقيةٌ مشهورةٌ
إِلَى الْآن. وإقْليم المَنارة بالأندلس، قربَ شَذُونة. ومَنارة أَيْضا
من ثُغور سرَقُسْطة.! ومُنيرَة، بضمّ فَكسر: موضِعٌ فِي عَقيق
الْمَدِينَة، ذَكَرَه الزُّبَيْر.
والمُنِيرة: قريةٌ بِالْيمن، سمعتُ بهَا الحديثَ على الْفَقِيه
المُعمِّر مُسَادي بن إِبْرَاهِيم الحُشَيْبريّ، رَضِي الله عَنهُ.
(نهر)
النَّهْرُ، بِالْفَتْح ويُحَرَّكُ: مَجرى الماءِ، وَهَذَا قَول
الأَكثر، وَقيل هُوَ الماءُ نفسُه، وصريح الْمِصْبَاح أَنَّه حقيقةٌ
فِي الماءِ مَجازٌ فِي الأُخدود، قَالَه شيخُنا. ج أَنهارٌ ونُهْرٌ،
بضَمٍّ فَسُكُون، ونُهورٌ وأَنْهُرٌ. وأَنشد ابْن الأَعرابيّ.
(سُقِيتُنَّ مَا زالتْ بِكِرْمانَ نخلَةٌ ... عوامِرَ تَجري بينَكُنَّ
نُهورُ)
والنَّهْرِيُّون: أَبو البركات عبد الله بن عليّ بن مُحَمَّد، عَن
عَاصِم بن الحَسَن، وَعنهُ ابْن طَبَرْزَد، وأَبوه عَليّ بن مُحَمَّد
كَانَ فَقِيها حنبليّاً، من أَقران أَبي الْوَفَاء عليّ بن عقيل. أَبو
غَالب أَحمد بن عُبيد الله، عَن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الحَرَّاني،
وَعنهُ أَبو الْعَلَاء العطّار الهَمَذانيّ المحدّثان، وعليُّ بن حسن
بن مَيمُون الشّاعر الْمَعْرُوف بالسِّمْسِميّ وفاتَه: أَزهَرُ بن عبد
الوهّاب بن أَحمد بن حَمْزَة النّهْريّ، من أَهل
نهر القلاّئين وأَولادُه وأَبو
البَركات ابْن الأَنماطيّ يُقَال لَهُ النَّهريّ أَيضاً، قَالَه
الْحَافِظ. ونَهَرَ النَّهْرَ، كمَنَعَ، يَنْهَرُه نَهْراً: حفَرَه
وأَجْراه. ونَهَرَ الرَّجلَ ينْهَرُه نَهْراً: زَجَرَهُ، كانتهرَه،
قَالَ الله تَعَالَى: وأَمّا السَّائِلَ فَلَا تُنْهَرْ.
(14/315)
وَفِي الحَدِيث: من انتهَرَ صاحِبَ
بِدْعَةٍ مَلأ الله قلبه أَمْناً وإيماناً، وآمنَه الله من الْفَزع
الأَكبر، وَقَالَ الشَّاعِر:
(لَا تَنْهَرَنَّ غَرِيبا طالَ غُرْبَتُه ... فالدَّهْرُ يَضْرِبُه
بالذُلِّ والمِحَنِ)
(حَسْبُ الغريبِ منَ البَلْوى ندامَتُهُ ... فِي فرقَةِ الأَهْلِ
والأَحبابِ والوَطَنِ)
وَفِي التَّهذيب: نَهَرْتُه وانتهَرْته، إِذا استقبلِته بكلامٍ
تَزْجُرُه عَن خَبَرٍ. واستَنْهَرَ النَّهرُ، إِذا أَخذَ لِمَجراهُ
مَوضِعاً مَكيناً.)
وكلُّ كثير جَرَى فقد نَهَرَ واستنْهَرَ. والمَنْهَرُ، كمَقْعَد:
مَوضِعٌ فِي النَّهْر يحْتَفِرُه الماءُ، وَفِي التَّهذيب: مَوضع
النَّهرِ.
المَنْهَر: شَقٌّ، وَفِي بعض الأُصول: خَرْقٌ فِي الحِصْنِ نافذٌ
يجْرِي مِنْهُ، وَفِي بعض الأُصول، يدْخل فِيهِ ماءٌ، وَفِي بعض
النُّسَخ، الماءُ، وَمِنْه حَدِيث عَبْد الله بن سَهْل أَنَّه قُتِلَ
وطُرِحَ فِي مَنْهَر من مَناهِر خَيْبَر. المَنْهَرَة، بهاءٍ: فَضَاءٌ
بينَ أَفنِيَة القَوم. وَفِي الأَساس: أَمامَ دارِهم للكناسات تُلْقى
فِيهِ. يُقَال: حَفَرَ البئرَ حَتَّى نَهَرَ، كمَنَعَ وسَمِع، أَي
بَلَغ الماءَ، مُشْتَقٌّ من النَّهْر، هَكَذَا فِي التّهذيب.
كأَنْهَرَ، نَقله الصَّاغانِيّ، يُقَال: حَفَرْتُ حَتَّى نَهَرْتُ
وأَنْهَرْتُ، أَي انْتَهَيْت إِلَى المَاء. والنَّهَرُ، مُحَرَّكَةً:
السَّعَةُ والضِّياءُ، وَبِه فسَّر بَعضهم قولَه تَعَالَى: إنَّ
المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ ونَهَرٍ أَي لأَنَّ الجَنَّة لَيْسَ فِيهَا
ليلٌ، إنَّما هُوَ نورٌ يتلألأُ. وَقَالَ ثعلبٌ: نَهَرٌ: جمع نُهُر،
وَهُوَ جَمع الجَمْع للنَّهار. وَيُقَال: هُوَ واحِدُ نَهْر، كَمَا
يُقَال شَعَرٌ وشَعْرٌ. ونَصْبُ الهاءِ أَفصح. وَقَالَ الفَرَّاءُ: فِي
جَنَّاتٍ ونَهَر مَعْنَاهُ أَنهار، كَقَوْلِه عزّ وجلّ ويُوَلُّونَ
الدُّبُرَ أَي الأَدبار. وَقَالَ
(14/316)
أَبو إِسْحَاق نحوَه، وأَنَّ الِاسْم
الْوَاحِد يدلُّ على الْجَمِيع، فيُجْتَزَأُ بِهِ عَن الْجَمِيع،
ويُعبّر بِالْوَاحِدِ عَن الجَمْع. ونَهَرٌ نَهِرٌ، ككَتِف: واسِعٌ.
قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
(أَقامَتْ بِهِ فابْتَنَتْ خَيْمَةً ... على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ)
وَرَوَاهُ الأَصمعيّ. وفراتٍ نَهَرْ، على الْبَدَل. وَكَذَلِكَ ماءٌ
نَهِرٌ، أَي كثير. وأَنْهَرَهُ، أَي النَّهرَ: وَسَّعَه. وَالَّذِي فِي
أُصول اللُّغَة: وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وَسَّعَها. قَالَ قيس بن
الخَطيم يَصف طَعْنَةً:
(مَلَكْتُ بهَا كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها ... يَرَى قائمٌ من دونِها
مَا وَراءَها)
وَيُقَال: طَعَنَه طَعْنَةً أَنْهَرَ فَتْقَها، أَي وَسَّعَه. أَنْهَرَ
الدَّمَ: أَظْهَرَه وأَسالَه وصَبَّه بِكَثْرَة، وَمِنْه الحديثُ:
أَنْهِروا الدَّمَ بِمَا شِئْتُم إلاّ الظُّفُرَ والسِّنَّ وَفِي
حَدِيث آخر مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فكُلْ وَهُوَ مَجاز، شَبَّه خُرُوج
الدَّم من مَوضِع الذَّبْح بِجَرْيِ المَاء فِي النَهْر. أَنْهَرَ
العِرْقُ: لم يَرْقَأْ دَمُه، وَمَعْنَاهُ: سالَ مَسيلَ النَّهر،
كانْتَهَرَ، وَهَذِه عَن الصاغانيّ. حَفَرَ فلانٌ بِئْرا فأَنْهَرَ: لم
يُصِبْ خَيراً، عَن اللِّحيانيّ. أَنْهَرَت المَرأَةُ: سَمِنَتْ، نَقله
الصَّاغانِيّ. أَنْهَرَ الدَّمُ: سالَ سيلَ النَّهْرِ. والنَّهِيرُ من
الماءِ: الكثيرُ، والنَّهِيرَةُ: النّاقةُ الغَزيرةُ، عَن ابْن
الأَعرابيّ وأَنشد:
(حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصباحُ البُكُرْ ... نَهِيرَةُ الأَخلافِ فِي
غَيْر فَخَرْ)
(14/317)
والنَّهارُ، كسَحاب اسمٌ، وَهُوَ ضِدُّ
اللّيل. والنَّهار اسمٌ لكلِّ يومٍ، واللّيل اسمٌ لكُلِّ لَيْلَة، لَا
يُقَال نَهار ونَهَارانِ، وَلَا ليلٌ ولَيْلانِ، إنَّما وَاحِد
النَّهار يومٌ وتَثْنِيَتُه يومانِ، وضِدّ الْيَوْم لَيْلَة، هَكَذَا
رَوَاهُ الأَزهريّ عَن أَبي الْهَيْثَم، واختُلِفَ فِيهِ فَقَالَ أَهلُ
الشَّرْع: النَّهارُ هُوَ ضِياءُ مَا بينَ طُلوعِ الفَجْرِ إِلَى
غُروبِ الشَّمْس، أَو من طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا، وَهَذَا
هُوَ الأَصْل. قَالَ بَعضهم: هُوَ انتشارُ ضَوءِ البَصَرِ وافتِراقُه.
وَفِي اللِّسَان: واجتِماعه، بدل: وافتِراقُه. وَفِي بعض النُّسخ: أَو
انتشار. ج أَنْهُرٌ، عَن ابْن الأَعرابيّ، هَكَذَا فِي النُّسخ. وَفِي
بعض الأُصول: أَنْهِرَةٌ، ونُهُرٌ،)
بضَمَّتين، عَن غَيره: أَو لَا يُجمَعُ، كالعَذابِ والسَّراب، وَهَذِه
عبارَة الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ بعد ذَلِك: فَإِن جَمعْت قلْت فِي
قَلِيله: أَنْهُرٌ، وَفِي الْكثير: نُهُر، مثل سَحابٍ وسُحُب، قَالَ
شَيخنَا: وَقد سبق للمصنِّف فِي عَذاب أَنَّ جَمْعه أَعذِبَة، وَهُوَ
قياسيّ، كطعام وأَطعِمَة، وشَراب وأَشْرِبة، انْتهى، وأَنشد ابْن
سِيدَه:
(لَوْلَا الثَّريدانِ لمُتْنا بالضُّمُرْ ... ثَريدُ لَيْلٍ وثَريدٌ
بالنُّهُرْ)
ورَجلٌ نَهِرٌ، ككَتِفٍ: صاحبُ نَهارٍ، على النَّسَب، كَمَا قَالُوا:
عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ، قَالَ: لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ ولكنِّي نَهِرْ
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قَوْله: بلَيْلِيّ، يدلُّ على أَنَّ نَهِراً على
النَّسَب، حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: نهاريّ. ورجُلٌ نَهِرٌ، أَي صَاحب
نَهارٍ يُغِيرُ فِيهِ، قَالَ الأَزْهَرِيّ: وسمعْتُ العربَ تُنْشِد:
(إنْ تَكُ لَيْلِيّاً فإنِّي نَهِرُ ... مَتى أَتى الصُّبْحُ فَلَا
أَنْتَظِرُ)
قَالَ ابْن برِّيّ: وصوابُه على مَا
(14/318)
أَنشدَه سِيبَوَيْهٍ:
(لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكِنِّي نَهِرْ ... لَا أُدْلِجُ اللَّيْلَ ولكنْ
أَبْتَكِرْ)
وَقد أَنْهَرَ: صَار فِي النَّهار. قَالُوا: نَهارٌ أَنْهَرُ، ونَهِرٌ،
ككَتِفٍ كَذَلِك كِلَاهُمَا مُبالَغة، كلَيْلٍ أَلْيَلُ. والنَّهارُ:
فَرْخُ القَطا والغَطاطِ، أَو ذَكَرُ البُومِ، أَو ولَدُ الكَرَوان،
أَو ذَكَر الحُبَارَى، ج أَنْهِرَةٌ ونُهُرٌ، وأَنْثاهُ اللَّيْلُ.
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: والنّهار فَرْخُ الحُبارى، ذكره الأَصمعي فِي
كتاب الفَرْق، والليْل: فَرْخ الكَرَوان، حَكَاهُ ابْن برِّيّ عَن
يُونُس بن حبيب، قَالَ: وحَكَى التَّوَّزيُّ عَن أَبي عُبيدةَ: أَنَّ
جَعْفَر بن سُلَيْمَان قدمَ من عِنْد المَهْديّ فَبعث إِلَى يُونُس بن
حبيب فَقَالَ: إنِّي وأَميرُ المُؤمنين اخْتَلَفْنَا فِي بَيت
الفرَزْدَقِ وَهُوَ:
(والشَّيْبُ يَنْهَضُ فِي السَّوادِ كأَنَّهُ ... لَيْلٌ يَصيحُ
بجانِبَيْه نَهارُ)
مَا اللَّيْل والنَّهار فَقَالَ لَهُ: اللّيْلُ هُوَ اللَّيْل المَعروف
وَكَذَلِكَ النَّهار، فَقَالَ جَعْفَر: زَعَمَ المَهْدِيُّ أَنُّ
الليلَ فَرْخُ الكَرَوان، والنَّهارَ فرخُ الحُبارَى. قَالَ أَو
عُبَيْدَة: القولُ عِنْدِي مَا قَالَ يونُس، وأَما الَّذِي ذكرَه
المَهدِيُّ فمعروفٌ فِي الغَريب، وَلَكِن لَيْسَ هَذَا موضعُه، قَالَ
ابنُ بّرِّيّ: قد ذكرَ أَهلُ المَعاني أَنَّ المَعنى على مَا قالَه
يونُس وإنْ كَانَ لمْ يُفَسِّرْه تَفْسِيرا شافياً، وأَنَّه لمّا قَالَ
ليلٌ يصيحُ بجانبيه نَهارُ، فاسْتَعارَ للنَّهار الصِّياحَ، لأَنَّ
النَّهارَ لمّا كَانَ آخِذاً فِي الإقبال والإقدام، والليلُ آخذٌ فِي
الإدْبار، صَار النَهارُ كأَنَّه هازمٌ والليلُ كأَنَّه مَهزومٌ، وَمن
عَادَة الهازم أَنَّه يَصِيح على المَهزوم. والنَّهْرَوان، بِفَتْح
النُّون وتثليث الرَّاءِ وبضَمِّهما، وأَكثرُ مَا يجْرِي على
الأَلسِنَة بِكَسْر النُّون، وَهُوَ خَطأٌ وَهِي ثلاثُ قرى: أَعلى
وأَوْسَطُ وأَسْفَلُ، هُنَّ بَين واسِطَ وبَغدادَ وَهِي كُورَةٌ واسعةٌ
من الْجَانِب الشَّرقيّ، حَدُّها
(14/319)
الأَعلى متصلٌ بِبَغْدَاد، وفيهَا عِدَّة
بلادٍ متوسِّطة، مِنْهَا إسْكافٌ وجَرْجَرايا والصَّافية ودَيْرُ
قُنَّى، وَكَانَ بهَا وَقعةٌ لأَمير)
الْمُؤمنِينَ عليّ رَضِي الله عَنهُ مَعَ الْخَوَارِج مَشْهُورَة.
قَالَ ياقوت، وَهُوَ الْآن خرابٌ ومُدُنُه وقُراهُ تِلالٌ يَرَاهَا
الناسُ بهَا والحيطان قائمةٌ لاخْتِلَاف السَّلاطين وقتالهم فِي أَيّام
السّلجوقيّة. وَكَانَ فِي ممَرِّ العساكر فجلا عَنهُ أَهلُه واستَمَرَّ
خرابُه. وَقد خرج مِنْهَا جماعةٌ من العلماءِ والمُحَدِّثين.
وبالمَغربِ مَوضعٌ يُسَمَّى النَّهْرَوان، نَقله ياقوت، عَن أَبي عبد
الله الحُمَيْدِيّ فِي قصَّة ذكَرَها، والنَّاهُورُ: السَّحاب، قَالَ
الشَّاعِر:
(كأَنَّها بُهْثَةٌ تَرْعَى بأَقْرِيَةٍ ... أَو شقَّةٌ خَرجَتْ من
جوفِ ناهُورِ)
ويُرْوَى ساهُور، وَهُوَ القمَر، وَقد ذُكِر فِي مَوْضِعه.
والأَنْهَران: العَوَّاءُ والسِّماكُ، سُمِّيا لكَثْرَة مائهما، نَقله
الأَزْهَرِيّ عَن الْعَرَب. ونَهارُ بنُ تَوْسِعَةَ شاعرٌ من بَكْر بن
وَائِل، وَهُوَ نَهَار بن تَوْسِعَة بن تَميم، من ولَد الْحَارِث بن
تيم الله بن ثَعْلَبَة بن عُكابَة بن صعْب بن عليّ بن بَكر بن وَائِل.
وَوَقع فِي اللِّسَان: شاعرٌ من تَمِيم. وَهُوَ غَلطٌ، وَصَوَابه مَا
ذكَرنا. وانْتَهَرَ بطْنُه: اسْتَطْلَقَ، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسخ
وَهُوَ قَول أَبي الجَرَّاح أَنْهَر بَطْنُه، إِذا جاءَ مثلَ مجيءِ
النَّهْر.
والنَّاهِرُ والنَّهِرُ ككَتِف: العِنَبُ الأَبْيضُ. قَالَ ابْن
الأَعرابيّ: النَّهْرَةُ: الدَّعْوَة، هَكَذَا فِي نسخ الْكتاب،
والصَّواب الدَّغْرَة، بِالْعينِ مُعجَمَة
(14/320)
والرَّاء كَمَا ضَبطَه الصَّاغانِيّ،
قَالَ: هِيَ الخَلْسَةُ. وَمِمَّا يُستدرك عَلَيْهِ: نَهَرَ الماءُ:
جَرى فِي الأَرضِ. ونَهِرَ الرَّجلُ نَهَراً: أَغار فِي النَّهار.
ونَهارٌ اسْم رَجل، وَهُوَ نَهارُ بنُ عبد الله العَبْدِيّ، تابعيّ،
عِدادُه فِي عبد الْقَيْس، يَروي عَن أَبي سعيد الخُدْرِيّ.
والنَّهاريُّ: الطَّعامُ يُؤكلُ أَوَّل النَّهارِ. وبَنو النَّهاريّ:
قبيلةٌ من الأَشراف بِالْيمن، مِنْهُم مُحَمَّد بن عمر بن مُوسَى بن
مُحَمَّد بن عليّ بن يُوسُف النَّهاريّ المُلقَّب بقَمَر الصَّالحين،
المدفون فِي الرِّباط الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بجَبَل تِعَار. ونَهْرُ بن
مَنْصُور المَعَافِرِيّ أَبُو المُفرج، شَيْخٌ لِابْنِ وَهْب، ذكّره
ابْن يُونُس، ونَهر بن زَيد بن لَيْث القُضاعِيّ، يُنسب إِلَيْهِ
النَّهرِيُّون المذكورون. وَفِي هَمْدان: نَهْرُ بنُ مُرْهِبَة بن
دُعام، وَفِي عبد الْقَيْس صُباح بن نَهْر. والرَّائش بن نَهَار: شاعرٌ
من كَلْب، من بني عَبْد الله بن كنَانَة. ونَهْرانُ: من قُرى الْيمن،
من أَعمال ذِمار. وأَمّا الأَنهار الَّتِي لَا تُعرف إلاّ بِذكر
النَّهر، من مَحلَّةٍ أَو قريةٍ أَو مَدِينَة وَنسب إِلَيْهَا
المُحَدِّثون والعلماءُ والرُّواةُ فإنَّها اثْنَان وَثَمَانُونَ
نَهراً، أَوردَها ياقوت فِي المعجم، وَقد ذكرنَا كلاًّ مِنْهَا فِيمَا
يُناسبُ من محلِّ إِيرَاده.
(نهبر)
النَّهابِرُ والنَّهابيرُ: المَهالِكُ وَكَذَلِكَ الهَنابير، وَقيل:
النَّهابِر مَقصورٌ من النَّهابير. النَّهابِرُ والنَّهابيرُ: مَا
أَشرفَ من الأَرضِ، وَقيل النّهابير والهَنابيرُ: مَا أَشرف من حِبال
الرَّمْلِ، وَمِنْه قَول عَمرو بن الْعَاصِ لعُثمان، رَضِي الله
عَنْهُمَا، إنَّكَ قد ركِبْتَ بِهَذِهِ الأُمَّة نَهابيرَ من الأُمور
(14/321)
فرَكبوها منكَ، ومِلْتَ بهم فمالوا بك.
اعدِلْ أَو اعْتَزِلْ. يَعْنِي بالنَّهابيرِ أُموراً شِداداً صعبةً.
شبَّهَها بنَهابير الرَّمْل لأَنَّ المَشْيَ يصعُبُ على مَن ركِبَها.
النَّهابيرُ: الحُفَرُ بينَ الآكامِ، الْوَاحِدَة نُهْبُرَةٌ
ونُهْبورَةٌ، بضَمِّهما، وَكَذَلِكَ نُهبورٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
(ودونَ مَا تطْلُبُه يَا عامِرُ ... نَهابِرٌ من دونِها نَهابِرُ)
وَفِي الحَدِيث: مَن كسَبَ مَالا مِن نَهاوِشَ أَنْفَقَه فِي نَهابِرَ.
أَي من اكْتسب مَالا من غير حِلِّه أَنفقه فِي غير طَرِيق حِلِّه.
قَالَ أَبو عُبيد: النَّهابرُ هُنَا المَهالِك، أَي أَذْهَبَه الله فِي
مَهالِكَ وأُمورٍ مُتَبَدِّدَة. وَيُقَال: غَشِيتَ بِي النَّهابيرَ،
أَي حَمَلْتَني على أُمورٍ شديدةٍ صعبة. قَالَ شَيخنَا: وزعَمَ قومٌ
أَنَّ نَهابرَ، فِي الحَدِيث، بضمِّ النُّون، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل
الصَّوَاب أَنَّه بِالْفَتْح. قيل: النَّهابِرُ: جَهَنَّم أَعاذَنا
الله تَعَالَى مِنْهَا، وقَولُ نافِعِ بن لَقيطٍ:
(ولأَحْمِلَنْكَ على نَهابِرَ إنْ تَثِبْ ... فِيهَا وإنْ كنتَ
المُنَهِّتَ تُعْطَبِ)
يكون النَّهابر فِيهِ أحد هَذِه الأَشياءِ. فِي الحَدِيث: لَا
تَتَزَوَّجَنَّ نَهْبَرَةً وَلَا شَهْبَرَةً النَّهبرة من النِّساءِ:
الطَّويلةُ المهزولةُ، أَو هِيَ المُشرِفةُ على الهَلاك، من النَّهابر:
المَهالِك، وأَصلُها حِبالٌ من رَمْل صَعبَةُ المُرْتَقَى.
(نهتر)
نَهْتَرَ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: نَهْتَرَ فلانٌ
علينا، أَي تحدَّث بِالْكَذِبِ، وَمثله فِي اللِّسَان، وَفِي التكملة:
تحدَّث فكذَب.
(نهثر)
النَّهْثَرَةُ، بالمُثلَّثة، أَهمله الجَوْهَرِيّ وَصَاحب اللِّسَان،
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ ضَرْبٌ من المَشْيِ، كَذَا فِي
(14/322)
التكملة، وَمثله فِي تَهْذِيب ابْن
القطّاع.
(نهسر)
النَّهْسَرُ، كجَعْفَر، أَهمله الجَوْهَرِيّ، وَهُوَ الذِّئبُ، كَذَا
فِي اللِّسَان، أَو ولدَه من الضَّبُع، وَهَذِه عَن الصّاغانيّ.
النَّهْسَرُ: الْخَفِيف السَّريع من الرِّجال. النَّهْسَرُ: الحريصُ
الأَكولُ للَّحم، نَقله الصَّاغانِيّ. ونَهْسَرَ اللَّحْمَ: قطَعَهُ،
كَذَا فِي التكملة، وَقَالَ ابْن القطّاع: جَذَبَه بفِيه، وأَنشد
الصَّاغانِيّ للكُمَيْت:
(ونحْنُ ترَكْنا جَنْدلاً يومَ جَنْدَلٍ ... يَحومُ عَلَيْهِ
المَضْرَحِيُّ المُنْهَسِرُ)
نَهْسَرَ الطَّعامَ نَهْسَرَةً: أَكلَه بحِرْصٍ.
(نير)
{النِّيرُ، بالكسْر: القَصَبُ والخُيوطُ إِذا اجتمعَتْ. والنِّيرُ:
العَلَم. وَفِي الصِّحَاح عَلَمُ الثَّوْبِ. قَالَ ابْن سيدَه: ج}
أَنْيارٌ، وَفِي حَدِيث عمر أَنَّه كَرِهَ النِّيْرَ وَهُوَ العَلَمُ
فِي الثَّوب. ورُوي عَن ابْن عُمَرَ أَنَّه قَالَ: لَوْلَا أَنَّ
عُمَرَ نَهى عَن النِّير لم نَرَ بالعَلَم بأْساً ولكنَّه نَهى عَن
النِّير، وَهِي الخُيوطُ والقَصَبَةُ إِذا اجتمعتا،، فَإِذا تفرَّقتا
سُمِّيَت الخيوطَةُ خُيوطَةً، والقَصَبَةُ قَصَبَةً، وَإِن كَانَت عصَا
فعَصاً. {ونِرْتُ الثَّوْبَ، بِكَسْر النُّون،} أَنِيرُه {نَيْراً،
بِالْفَتْح،} ونَيَّرْتُه {وأَنَرْتُه، وهَنَرْتُهُ أُهَنِيرُه
إهْنارَةً وَهُوَ مُهَنارٌ، على الْبَدَل، حكى الفعلَ والمَصدَرَ
اللِّحيانيّ عَن الكِسائيّ: جَعَلْتُ لهُ} نِيراً، أَي عَلَماً.
النِّيرُ: هُدْبُ الثَّوْبِ، عَن ابْن كيسَان، وأَنشد بَيت امْرِئ
الْقَيْس:
(فَقُمْتُ بهَا تَمْشي تَجُرُّ وراءَنا ... على أَثَرَيْنا! نِيْرَ
مِرْطٍ مُرَحَّلِ)
(14/323)
قَالَ الجَوْهَرِيّ: {نِيرُ الثَّوبِ:
لُحْمَتُه، وَقد} أَنارَه {ونَيَّرَه، إِذا أَلْحَمَه.} النِّيرُ
أَيضاً: الخَشَبةُ المُعترِضَة الَّتِي على عُنُقِ الثَّوْر بأَداتِها،
ج {أَنْيارٌ،} ونِيرانٌ، شاميَّة، وَفِي التَّهْذِيب: على عُنُقَيِ
الثَّوْرَيْن المَقرونَين للحِراثة، وَهُوَ {نِيرُ الفَدَّان. منَ
المَجاز: النِّيرُ: جَانب الطَّريق وصَدْرُه، تَشْبِيها بعَلَم
الثَّوبِ. أَو أُخْدودٌ واضِحٌ فِي الطَّريق، قَالَه ابنُ سِيدَه.
وَقيل:} نِيرُ الطَّريق: مَا يتَّضح مِنْهُ. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ:
الطُّرَّةُ من الطَّريق تُسَمَّى النِّيرَ، تَشْبِيها {بنِير الثَّوْب،
وَهُوَ العَلَمُ فِي الْحَاشِيَة، وأَنشدَ بعضُهم فِي صِفةِ طَريق:)
(على ظَهْرِ ذِي} نِيرَيْن أَمّا جَنَابُه ... فوَعْثٌ وأَمّا ظَهْرُه
فمُوَعَّسُ)
النِّيرُ: ة بِبَغْدَاد، مِنْهَا أَبو جعفرٍ أَحمدُ بن عَبْد الله بن
أَحمد بن العبّاس بن سَالم بن مِهْرانَ البَزَّازُ البغداديُّ
المُحَدّث عَن أَبي سعيد الأَشَجّ، وَعنهُ ابنُ شاهين وابنُ
المُظَفَّر، مَاتَ سنة. قَالَ الجَوْهَرِيّ: النِّيرُ جَبَلٌ لبني
غاضِرة، وأَنشدَ الأَصمعيّ:
(أَقْبَلْنَ من {نِيرٍ وَمن سُواجِ ... بالقَوْمِ قد مَلُّوا من
الإدْلاجِ)
قلْت: وَهُوَ بأَعلى نَجْدٍ، شرقيّه لغنيّ بن أَعصُر وغربيّه لغاضِرة،
وَهُوَ ابْن صَعْصَعةَ بن مُعَاوِيَة بن بَكر بن هَوازن، وحِذاءه
الإحساءُ، بوادٍ يُقَال لَهُ ذُو بِحارٍ. وَقَالَ أَبو هِلَال
الأَسديّ، وَفِيه دِلالةٌ على أَنَّه لغاضِرَة أَسدٍ:
(أَشاقَتْكَ الشَّمائلُ والجَنوبُ ... ومِنْ عَلْوِ الرِّياحِ لَهَا
هُبوبُ)
(أَتتك بنَفْحَةٍ من شِيحِ نَجْدٍ ... تَضَوَّعَ والعَرارُ بهَا
مَشوبُ)
(وشِمْت البارِقاتِ فقُلْت جِيدَت ... جِبالُ النِّيرِ أَو مُطِرَ
القَليبُ)
} وبالنِّيرِ قَبْرُ كُلَيْب بن وَائِل، على
(14/324)
مَا أَخبرَنا بعضُ طيّئٍ على الجَبَلَيْنِ،
قَالَ: وَهُوَ قربَ ضَرِيَّة. فاله ياقوت. وثَوْبٌ {مُنَيَّرٌ،
كمُعَظَّم: مَنسوجٌ على} نِيرَيْن، عَن اللِّحيانيّ، أَي على
خَيْطَيْن، وَهُوَ الَّذِي فارسيَّته دُو بُود، فبُود: الخَيْط ودو
الِاثْنَيْنِ، وعرَّبوه فَقَالُوا: دَيابُوذُ، وَقد تقدم فِي الذَّال
المُعجَمَة، وَيُقَال لَهُ أَيضاً بالفارسيّة: دُوباف، وَيُقَال لَهُ
فِي النَّسْج: المُتاءَمَةُ، وَهُوَ أَنْ {يُنارَ خَيْطانِ مَعًا
ويُوضع على الحَفَّة خَيْطانِ وأَمّا مَا نِيرَ خَيْطاً واحِداً فَهُوَ
المُسْحَلُ، فَإِذا كَانَ خيطٌ أَبيضَ وخيطٌ أَسودَ فَهُوَ المُقاناةُ،
وَإِذا نُسِجَ على} نِيرَيْن كَانَ أَصْفَقَ وأَبْقَى. منَ المَجاز:
ناقةٌ ذاتُ نِيرَيْنِ {وأَنيارٍ: مُسِنَّة وفيهَا بَقِيَّةٌ، وَرُبمَا
استُعْمِل فِي المَرأَة، وَقيل: ناقةٌ ذاتُ} نِيرَيْن، إِذا حَمَلَتْ
شَحْماً على شَحْم كَانَ قبل ذَلِك، وأَصل هَذَا من قَوْلهم: ثَوبٌ ذُو
نِيرين، إِذا نُسِجَ على خَيطين. وَفِي الأَساس: ناقةٌ ذاتُ نِيرين
وذاتُ {أَنْيارٍ: عَلَيْهَا سحائفُ من شَحْمٍ. وَفِي التكملة: ناقةٌ
ذاتُ أَنيارٍ، أَي كثيفة اللَّحْم. وَفِي كَلَام المصنّف قُصورٌ من
وُجوه.} وأَنارَ بِهِ: صاتَ بِهِ، نَقله الصَّاغانِيّ. {المُنَيَّرُ،
كمُعَظَّم: الجِلْدُ الغليظُ المَتين، كالثَّوب ذِي النِّيرَيْن،
وَهُوَ مَجاز. وأَبو بُرْدَةَ هانئُ بن} نِيار بن عَمرو، ككِتاب، من
قُضَاعَة، حليفُ الأَنصارِ، وَهُوَ خالُ البَراءِ بن عَازِب،! ونِيارُ
بن ظَالِم بن عَبْسٍ، شهدَ أُحُداً مَعَ أَبيه، ونِيارُ بنُ مَسعود بن
عَبَدَة، قَالَ الطَّبريّ: شهد أُحداً مَعَ أَبيه. ونِيارُ بن مُكْرَمٍ
الأَسْلَمِيّ ضُبِطَ والدُه بكسْر الرَّاءِ وبفتْحها،
(14/325)
ونِيارُ هَذَا أَحد من دَفَنَ عُثمانَ فِي
اللّيْل، وَله رِوايةٌ، صحابيُّون. منَ المَجاز: هَذَا {أَنْيَرُ
مِنْه، أَي أَوْضَحُ مِنْهُ، هُنَا ذكَرَه الصَّاغانِيّ، وصوابُ ذِكرِه
فِي الْوَاو، لأَنَّ ياءَه مُنقلِبَة عَن وَاوٍ، وَقد أَشرْنا إِلَيْهِ
هُنَاكَ. وبينَهم} مُنايَرَةٌ، أَي شَرٌّ، هَكَذَا نَقله الصَّاغانِيّ،
وَالَّذِي فِي اللِّسَان: {النَّائرةُ: الحِقْدُ والعَداوَة. وَقَالَ
اللَّيْث: النَّائرةُ: الكائنةُ تقع بَين القَوْم. وَقَالَ غيرُه:
بَينهم نائرةٌ، أَي عَداوَة. قلت: وَقد تقدم للمصنِّف فِي ن أَر:
نَأَّرَتْ)
نائرَةٌ: هاجَتْ هائجةٌ، وَهُوَ يُشِير إِلَى مَا قَالَه اللَّيْث،
وهمزتها منقلبة عَن الياءِ. وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: النَّيْرُ،
بِالْفَتْح، لُغَة فِي الكسْر، وَقَالَ بعضُ الأَغفال:
(تَقْسِمُ استِيّاً لَهَا} بنَيْرِ ... وتَضْرِبُ النَّاقوسَ وسْطَ
الدَّيْرِ)
وَعَن ابْن الأَعرابيّ: يُقَال للرجل: {نِرْ نِرْ، إِذا أَمرْتَه
بعَمَل عَلَمِ المِنْديل.} والنِّيرَة، بالكسْر: من أَدوات النَّسّاج
يَنْسِجُ بهَا، وَهِي الخَشبةُ المُعتَرِضة. وَيُقَال للرجُل: مَا أَنت
بسَتاةٍ وَلَا لُحْمَة وَلَا {نِيرَةٍ وَلَا حَفَّة، يُضْرَب لمن لَا
يَضُرُّ وَلَا يَنفَع. وَيُقَال: لست فِي هَذَا الأَمرِ} بمُنِيرٍ
وَلَا مُلْحِمٍ. وَيُقَال: هُوَ يُسْدِي الأُمُورَ {ويُنِيرُها. وَهُوَ
مَجاز. وَقَالَ الكُمَيْت:
(فَمَا تأْتُوا يكُنْ حَسَناً جَميلاً ... وَمَا تُسْدُوا
لِمَكْرُمَةٍ} تُنِيرُوا)
يَقُول: إِذا فَعلْتُم فِعلاً أَبْرَمْتُموه، وأَنشدَ ابنُ بُزُرْج:
(أَلَمْ تَسْأَل الأَحلافَ كيفَ تَبَدَّلوا ... بأَمْرٍ {أَنارُوهُ
جَميعاً وأَلْحَمُوا)
يُقَال:} نائرٌ، {ونَارُوهُ،} ومُنيرٌ، {وأَنارُوهُ. وَيُقَال: رَجُلٌ
ذُو} نِيرَيْن، إِذا كَانَ
(14/326)
قُوَّتُه وشِدَّتُه ضِعْفَ شِدَّةِ صاحبِه. وَهُوَ مَجاز، قَالَ
الطِّرْماح:
(عَدا عَن سُلَيْمَى أَنَّني كُلَّ شارِقٍ ... أَهُزُّ لِحَرْبٍ ذاتِ
نِيرَيْنِ أَلَّتي)
{والنَّائرُ: المُلْقِي بَين النَّاسِ الشُّرُورَ. وأَبو حامدٍ أَحمدُ
بن عليّ بن} نَيّار، كشدَّاد، محدِّث. وأُطُمُ نِيارٍ، ككِتاب،
بِالْمَدِينَةِ فِي بيوتِ أَبي مَجْدَعَةَ من الأَنصار، نُسِبَت إِلَى
وَالِد أَبي بُرْدَة الْمَذْكُور. وأَبو الْحسن عليّ بن مُحَمَّد بن
الحَسَن بن {النّيَّار، كشدَّاد، البغداديّ، شيخُ الشُّيُوخ، روى عَنهُ
الدّمياطيُّ، ذُبِحَ بدار الْخلَافَة فِي وَقْعة التتار.} والمُنَيِّر،
كمحَدِّث: لَقَبُ شيخِنا الصُّفيّ المعمَّر محمَّد بن أَحمد بن حسن
السَّمَنوديّ، لقيَ أَبا العزّ العَجَميّ، وَسمع على أبي عبد الله
مُحَمَّد بن شرفِ الدِّين الخَليليّ، وتلا بالسَّبْع على محمَّد
البَقَريّ. {ونَيْرُوه، بِالْفَتْح فالسكون: من قِلاعِ ناحيةِ
الزَّوَزان لصَاحب الْموصل. |