تاج العروس

(فصل الْوَاو مَعَ الْقَاف)

وأ ق
{الوَأْقة: من طيْر الماءِ، هَكَذَا أوردَه صاحبُ اللّسانِ، وَحَكَاهُ بعضُهم فِي التّخفيف. قَالَ ابنُ سيدَه: فَلَا أَدْرِي أهوَ تخْفيف قِياسيّ، أَو بدَليّ، أَو لُغة، وعَلى الأوّلين فَهُوَ من هَذَا الْبَاب، وعَلى الْأَخير لَا.
وب ق
} وَبَق، كوَعَد، ووَجِل، ووَرِث ثَلَاث لُغَات، ذكرهُنّ الجوْهريّ، {وَبْقاً كوعَد، (و) } وُبوقاً بالضمِّ، {ووبَقاً كوَجَلٍ} ومَوْبِقاً كمَوْعِد: هلَك! كاسْتَوْبَق، نقلَه ابنُ سيدَه.

(26/448)


(و) {المَوْبِق كمَجْلِس: المَهْلِك وَبِه فَسّر الفَرّاءُ قولَه تَعالى:) وجعَلْنا بينَهم} موْبِقاً (أَي: جعَلْنا تواصُلَهم فِي الدُنيا مَهْلكاً لهُم فِي الآخِرة. وَحكى ابنُ برّي عَن السّيرافيّ مثلَ ذلِك، فبَيْنَهم على هَذَا مَفْعول أولُ لجعَلْنا، لَا ظرْفٌ. وَقَالَ أَبُو عُبيد: {المَوْبِق: الموْعِد، وَبِه فسّر الْآيَة، واحتجّ بقوْلِ الشَّاعِر:
(وجادَ شَرَوْرَى والسِّتارَ فَلم يدَع ... تَِعاراً لَهُ والوادِيَيْن بمَوْبِقِ)
أَي: بموْعد، فبيْنَهم على هَذَا ظرْف. وَقَالَ ابنُ عرَفَة:} المَوْبِق: المحْبِس. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: {موْبِقاً أَي: حاجِزاً. وَقيل:} الموْبِقُ: وَاد فِي جهنّم، نَقله الزّمخْشَريّ والصّاغانيّ. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: كُلُّ شيءٍ حالَ، ونصُّ ابْن الأعرابيّ: كلُّ حاجِز بَين شيئَيْن فَهُوَ {مَوْبِق.} وأوْبَقَه: حبَسَه، ومنهُ قولُه تَعَالَى:) أَو {يُوبِقْهُنّ بِمَا كسَبوا (أَي: يحْبِسُ السُّفُنَ ورُكْبانَها فَلَا تجْري بهم، عُقوبَةً لَهُم. أَو} أوبَقَه: أهْلَكَه قَالَ الفرّاءُ: يُقال: {أوبقَتْ فُلاناً ذنوبُه، أَي: أهلكَتْه،} فوبِقَ {يوْبَق} وبَقاً.
وَفِي حَدِيث الصِّراط: وَمِنْهُم {الموبَق بذُنوبِه أَي: المُهْلَكُ. وَفِي الحَدِيث: وَلَو فعل} الموبِقات أَي: الذّنوبَ المُهْلِكات. وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: {أوْبَقَه: إِذا ذلّلَه. وَفِي نَوادِر الْأَعْرَاب:} وبِقَت الإبِلُ فِي)
الطّين: إِذا وَحِلَتْ فنَشِبَتْ فِيهِ. {ووَبِقَ فِي دَيْنِه: إِذا نشِبَ فِيهِ. وَفِي حَدِيث عليّ رضيَ الله عَنهُ فمِنْهم الغَريقُ} الوَبِق أَي: الهالِكُ.

(26/449)


(وث ق)
{وَثِق بِهِ} يَثِق كوَرِث يرِثُ {ثِقَةً} ومَوْثِقاً، وعَلى الأوّل اقْتصَر الجوهريّ، زَاد ابنُ سِيدَه: {وِثاقَة،} كوِراثَة، وَزَاد الزّمخشَريّ بعد {ثِقَة} وُثُوقاً بالضمِّ: ائْتَمَنَه. يُقال: بِهِ ثِقَتي. {والوَثيقُ: الشيءُ المُحْكَم، ج:} وِثاق بالكَسْر. {ووَثُق الشَّيْء} وَثَاقَة كَكَرُم كَرامَةً: صارَ {وَثيقاً أَي: مُحْكَماً. أَو} وَثُق الرّجل: أخذَ {بالوَثِيقَة فِي أمْرِه، أَي:} بالثِّقَة، نقَلَه الجوهريّ {كتَوَثّقَ فِي أمْرِه، نقَلَه ابنُ سِيدَه. وَقَالَ شَمِرٌ: أرضٌ} وَثيقَةٌ أَي: كَثيرَةُ العُشْبِ {موْثوقٌ بهَا، وَهِي مثْلُ الوَثيجَة، وَهِي دونَها.
} والميثاقُ، {والمَوْثِقُ، كمَجْلِس: العهْدُ صَارَت الواوُ يَاء لانْكِسار مَا قَبْلَها. قَالَ اللهُ تعالَى:) وإذْ أخذَ اللهُ} ميثاقَ النّبيّين (أَي: أخذَ العهْدَ عَلَيْهِم بأنْ يُؤمِنوا بمحمّدٍ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم، وأخْذُ العهْدِ بمَعْنى الاستِحْلافِ. وقولُه تَعالى:) حتّى تؤْتونِ {مَوْثِقاً منَ الله (أَي:} ميثاقاً ج: {مَواثيقُ على الأَصْل} ومَياثِيقُ على اللّفْظِ {ومياثِقُ فِي ضَرورة الشِّعر. وأنْشَدَ الفرّاءُ لعِياضِ بنِ دُرّةَ الطّائيّ:
(حِمًى لَا يُحَلُّ الدّهْرَ إِلَّا بإذْنِنا ... وَلَا نسْأَلُ الأقوامَ عقْدَ} المَياثِقِ)
وَفِي المُحْكَم: والجَمْع {المَواثِق، ومَياثِق، مُعاقَبَة. وَأما ابنُ جِنّي فَقَالَ: لزِمَ البَدَلُ فِي} مَياثِق، كَمَا لزِمَ فِي عيد وأعْيادٍ. {والوَثاقُ: بالفَتْح ويُكْسَرُ: مَا يُشَدُّ بِهِ كالحبْلِ وغيْره. وَمِنْه قولُه تعالَى:) فشُدّوا} الوَثاقَ (قَالَ شيخُنا: وَهُوَ ظاهِرٌ فِي أنّه اسمٌ لَا مصْدَرٌ، وَفِي الْغَايَة: الظاهِرُ أنّ مَا! يوثَقُ بِهِ بالكسْر لأنّه معْروف فِي الآلاتِ كالرِّكابِ والحِزامِ

(26/450)


وَهُوَ اسمُ آلةِ على خِلافِ القِياس، نادِرٌ.
وَأما بالفَتْحِ فمصْدرٌ، كالخَلاص. قَالَ شيخُنا: هَذِه التّفْرِقة تحْتاجُ الى نظَر، فتأمّلْ. قلت: الصّحيح أَن {الوَثاق اسمُ} الإيثاق، تَقول: {أوْثَقْتُه} إيثاقاً {ووَثاقاً، والحبْلُ أَو الشيءُ الَّذِي} يوثَقُ بِهِ {وِثاق، والجمْع} الوُثُق، كرِباطٍ ورُبُطٍ. {وأوْثَقَه فِيهِ أَي: شدّه،} ووثّقَه {توْثيقاً فَهُوَ موَثَّقٌ: أحْكَمَه وَإنَّهُ} لموثَّق الخلْقِ، أَي: مُحْكَمُه. (و) {وَثّق فُلاناً: قَالَ فِيهِ إنّه} ثِقَةٌ أَي: مؤتَمَنٌ. {واسْتَوْثَقَ مِنْهُ: أخذَ مِنْهُ} الوَثيقَة كَمَا فِي الصِّحاح. وَقَالَ غيرُه: أخذَ فِيهِ {بالوَثاقَة. قَالَ الكُمَيْتُ يمْدَحُ مَخْلَد بنَ يَزيد بن المهلَّب:
(وخَلائِق منْه إليّ جميلَة ... حسْبي، ونِعْمَ} وَثيقَةُ {المُسْتَوثِقِ)
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: رجُلٌ} ثِقَة، وَكَذَلِكَ الاثْنان، والجَميعُ، ويُجْمَع على {ثِقاتٍ، يسْتَوي فيهِ المُذَكَّر)
والمؤنّهث. وَأَنا} واثِقٌ بِهِ. وَهُوَ {موْثوقٌ بِهِ، وَهِي موْثوقٌ بِها، وهم موثوقٌ بهم. فَأَما قولُه: إِلَى غيْرِ موْثوقٍ من الأرضِ تذهَبُ فإنّه أرادَ الى غيْر موثوق بِهِ، فحذَف حرْفَ الجرّ، فارتَفَع الضّميرُ، فاستَتَر فِي اسْمِ المَفْعول.
وكَلأٌ} مُوثِق: كثير {موْثوق بِهِ أَن يكفِيَ أهلَه عامَهم، وماءٌ مُوثِقٌ كَذَلِك، قَالَ الأخطَل:
(أَو قارِبٌ بالعَرا هاجَتْ مراتِعُه ... وخانَه} مُوثِقُ الغُدْرانِ والثّمَرُ)
{والوَثيقَة فِي الْأَمر: إحكامُه والأخْذُ} بالثّقَة، والجمعُ! الوثائِقُ. وَفِي حَدِيث

(26/451)


الدُعاءِ: واخلَع {وثائِقَ أفْئدَتِهم جمع وَثاق، أَو} وَثيقَة. {والوَثيقُ: العهْدُ المُحْكَم، قَالَ:
(عَطاءً وصَفْقاً لَا يُغِبُّ كأنّما ... عليكَ بإتْلافِ التِّلادِ} وَثيقُ)
{والمُواثَقَة: المُعاهَدَةُ، وَمِنْه قولُه تَعالى:) } وميثاقَهُ الَّذِي {واثَقَكُم بِهِ (.} وتواثَقوا عَلَيْهِ، أَي: تحالَفوا وتعاهَدوا. وَرجل {موَثَّق: مشْدودٌ فِي} الوَثاقِ. {وأوثَقَه بِاللَّه ليَفْعَلَنّ كَذَا،} وواثَقه. {وتوثّقَ من الْأَمر: أَخذ فِيهِ} بالوَثاقَة. وأخذَ الأمرَ {بالأوْثَق، أَي: الأشَدّ الأحْكَم.} والمُوثِق من الشّجَر: الَّذِي يعَوِّلُ الناسُ عَلَيْهِ إِذا انْقَطَع الكلأُ والشّجَرُ. وناقةٌ {وثيقَةٌ، وجملٌ} وثيقٌ. {والواثِقُ بِاللَّه: من الخُلفاءِ، معْروفٌ.} والوُثْقَى: تأنيثُ {الأوْثَق: قَالَ الله تَعَالَى:) بالعُرْوَةِ} الوُثْقَى (.
ود ق
{الوَدْق: المطَر كُله شَديدُه وهَيّنه. وَمِنْه قولُه تَعَالَى:) فتَرى الوَدْقَ يخرُجُ من خِلالِه (قَالَ زيْدُ الخيْلِ:
(ضرَبْنَ بغَمْرةٍ فخرَجْنَ مِنْهَا ... خُروجَ الودْقِ من خلَلَِ السَّحابِ)
وَقد} ودَق {يدِق} ودْقاً كوَعَد يعِد وعْداً: قطَر، قَالَ عامِرُ بنُ جُوَيْنٍ الطّائيّ:
(فَلَا مُزنَةٌ {ودَقَتْ} ودْقَها ... وَلَا أرْضَ أبْقَلَ إبقالَها)
هَكَذَا أنشَدَه سيبَوَيْه. قَالَ سيبَوَيْه: وَفِي شِعْرِه: وَلَا روْضَ، فَلَا يُحْتاجُ فِيهِ الى تَأْوِيل. (و) {وَدَق إِلَيْهِ} وُدوقاً بالضمِّ! ووَدْقاً بالفَتْح، أَي: دَنا. ويُقال

(26/452)


{وَدَقَ الصّيدُ: إِذا دَنا منْه وأمكَنه. ووَدَق بِهِ} ودْقاً: استَأْنَس بِهِ. ووَدَق بطنُه: إِذا اتّسَع ودَنا من السِّمَن. وقيلَ: ودَقَ بطنُه: إِذا استَطْلَق. (و) {ودَقَت السماءُ: أمْطَرَت} كأوْدَقَت: جاءَت {بودْقٍ، وَهَذِه عَن ابنِ دريْد. ووَدَق السّيفُ ودْقاً: حدَّ، فَهُوَ} وادِقٌ. قَالَ أَبُو قيْس بنُ الأسلَتِ:
(أحفِزُها عني بذِي روْنَقٍ ... مُهنَّدٍ كالمِلْحِ قَطّاعِ)

(صَدْقٍ حُسامٍ وادقٍ حدُّه ... ومُجْنَإٍ أسمَر قَرّاعِ)
وَقيل: سيْف وادِق، أَي: ماضي الضّريبة. قَالَ ابنُ سيدَه: وَحَكَاهُ أَبُو عُبَيد فِي بَاب الرِّماح. وَقد غلِطَ، إنّما هُوَ سيْفٌ وادِقٌ. (و) {وَدَقَتْ سرَّتُه} تدِق ودْقاً: سالَتْ واستَرْخت وشخَصَت، أَو خرَجَت حَتَّى يَصير كأنّه أبْجَر. قَالَ ابنُ دُرَيد: ويُقال: إبلٌ {وادِقَةُ البُطون والسُّرَر: إِذا اندَلَقت لكَثْرةِ شحْمِها، ودَنَت من الأرضِ. قَالَ: كُوم الذُّرَى} وادِقَة سُرّاتُها وودَقَت ذاتُ الحافِر، مُثلّثَةَ الدّال، واقتصَر الجَماعة على وَدَقت {تدِق، كوعَدَ} وَداقاً كسَحاب {ووَدَقاناً،} ووَدَقاً، محرّكتيْن. وَفَاته {ودْقاً بالفَتْح،} ووُدوقاً بالضّم، ووِداقاً بالكسْر: أرادَتِ الفحْلَ واشتَهتْه {كأودَقَت،} واسْتَودَقَت كِلاهُما عَن الجوهريّ. وأتانٌ {وَدوقٌ} ووَديقٌ، وفَرسٌ وَدُوقٌ ووَديقٌ، وَبهَا {وِداق، ككِتابٍ. قَالَ الفرزدَق:
(كأنّ ربيعاً من حِمايَة مِنْقَرٍ ... أتانٌ دَعَاهَا} للوِداقِ حِمارُها)

(26/453)


وَفِي حديثِ ابنِ عبّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي إلْقاءِ عَصا موسَى عَلَيْهِ السّلام: وإنّ فرعَوْنَ كانَ على فرَسٍ ذَنوب حِصان، فتمثّل لَهُ جِبْريلُ عَلَيْهِ السّلامُ على فرَس وَديقٍ، فتقحّمَ خلْفَها.)
وَهِي الَّتِي تشْتَهي الفَحْلَ. قَالَ ابنُ سيدَه: وَقد يكونُ الوِداقُ مثلُه فِي الأتانِ، حَكَاهُ كُراع فِي عِبارَة، قَالَ: فَلَا أدْري: أهوَ أصلٌ أم استَعمَله قَالَ ابنُ برّي: وَقد ذكَر ابنُ خالَوَيْهِ: {أودَقَت فَهِيَ} وادِق، وَلَا يُقال: مودِق، وَلَا {مُسْتَوْدِق. وَفِي المثَل:} ودَقَ العَيْرُ الى الماءِ أَي: دَنا مِنْهُ. يُضرَبُ لمَنْ خضَعَ لشيْءٍ حِرْصاً عَلَيْهِ، نَقله الجوهريّ والصاغانيّ. {والمَوْدِقُ كمَجْلِس: موْضِعُه أَي: موْضِع} ودْق العَيْر. قَالَ امْرُؤ القيْس:
(دخلْتُ على بيْضاءَ جُمٍّ عِظامُها ... تُعَفّي بذيل المِرْطِ إِذْ جِئتُ {- مَوْدِقي)
وَمن المجازِ: ذاتُ} وَدْقَيْن: من أسْماءِ الدّاهِية، ويُقال أَيْضا: ذاتُ رَوقَيْنِ، بالرّاءِ، وَقد تقدّم ذلِك للمصَنِّف كأنّها ذاتُ وجْهَيْن، كأنّها جاءَت من وجْهَيْن، وأنشَد الجوهريّ للكُمَيْت:
(وكائِنْ وكَمْ من ذاتِ وَدْقَين ضِئْبِلٍ ... نآدٍ كفَيْتَ المُسْلِمينَ عُضالَها)
ويُقال: ذَات وَدْقَيْن: من صِفة الطّعْنَة، وَقيل: من صِفَة السّحابة. يُقال: سَحابَةٌ ذاتُ وَدْقَيْن، أَي: ذاتُ مَطْرَتَيْن شَديدَتَيْن، شُبِّهتْ بهَا الحرْبُ الشَّديد، فَقيل: حرْبٌ ذاتُ وَدْقَين. وَقيل: هُوَ من {الوِداق: الحِرْصُ على طَلَبِ الفَحْلِ لأنّ الحربَ توصَف باللّقاح. وَقيل: هُوَ من صِفاتِ الحيّاتِ.
وداهِيَةٌ ذاتُ} وَدْقَيْن، وَذَات رَوْقَيْن: إِذا كَانَت عَظِيمَة، وكُلُّ ذلِك أغْفَلَه المُصنِّفُ. وَمِنْه قولُ أميرِ المؤمِنينَ عليّ بنِ أبي طالِب رَضِي الله تَعَالَى

(26/454)


عَنهُ فِيمَا رُوِيَ عَنهُ:
(تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمنّاني لتَقْتُلَني ... فَلَا وربِّكَ مَا بَرّوا وَمَا ظَفِروا)

(فإنْ هلَكْتُ فرَهْنٌ ذمّتي لهُمُ ... بذاتِ وَدْقَيْنِ لَا يَعْفو لَهَا أثَرُ)
قَالَ أَبُو عُثْمَان المازِنيّ النّحْويّ: لم يصِحّ عندنَا أنّه رَضِي الله عَنهُ تكلّم بشَيءٍ من الشِّعْر غيرَ هذَيْن البيْتَين، وَهَكَذَا نَقله المَرْزُباني فِي تَارِيخ النُحاة عَن يونُس: مَا صحّ عندنَا، وَلَا بلَغَنا أنّه قَالَ شِعْراً إِلَّا هذَيْن البيْتَين، كَذَا فِي شرْحِ شَواهِد المُغْني فِي مَبْحَث كُلّ. وسبَقَ للصاغانيّ مثلُ ذَلِك عَن المازِنيّ فِي ترْكيب روق، وصوّبه الزّمَخْشَريّ رحِمَه الله تَعَالَى. قَالَ شيخُنا: ولعلّ سنَدَ ذلِك قويٌّ لديهِم، وإلاّ فقدْ ورَدَ عَنهُ: أَنا الَّذِي سمّتْني أمّي حيْدَرَهْ الأبيات. وَنقل عَنهُ المصنّف فِي خيس شِعْراً وتَواتَر عَنهُ: محمَّدٌ النّبيُّ أخي وصِهْري الأبيات ... وَغير ذَلِك مِمَّا كثُر وشاع، بِحَيْثُ إنّ النّفوسَ لَا تطمَئِنّ الى أنّه لم يقُل غيرَ هذَيْن)
الْبَيْتَيْنِ لاسيّما وَقد قَالَ الشّعْبي: كَانَ أَبُو بكر شاعِراً، وَكَانَ عُمَرُ شَاعِرًا، وَكَانَ عُثمان شَاعِرًا، وَكَانَ عليٌّ أشعرَ الثّلاثة. وَنَقله الحافظُ أَبُو عمْرو بنُ عبد البَرّ فِي الاسْتِيعاب فِي ترْجمة مِسْطَحِ بنِ أثاثةَ، وذكَر مثلَه جماعةٌ، ونُسِبَ إِلَيْهِ من أشْعارِ الحِكَم وغيرِها شيءٌ كثير، وَالله أعلمُ، انْتهى. قلت: ويُرْوَى أَيْضا عَنهُ رَضِي الله عَنهُ أنّه قَالَ يومَ خيْبَر: دونَكَها مُترعَةً دِهاقا كأساً زُعافاً مُزِجَت زُعاقا

(26/455)


وَقد ذُكِر فِي ز ع ق. وقرأتُ فِي تَارِيخ حلَب لابنِ العَديمِ مَا نصّه: وأخْرَجَ يعقوبُ بنُ شَبّةَ بنِ خلَف بنِ سالمٍ، حدّثنا وهْبُ بنُ جَرير، عَن ابنِ الخطّابي مُحمدِ بنِ سَواءِ عَن أبي جعْفَرٍ محمدِ بن مَرْوان أنّ عليّاً قَالَ:
(لمَنْ رايةٌ سوْداءُ يخْفِقُ ظِلُّها ... إِذا قيلَ قدِّمْها حُضَيْنُ تقدّما)

(فيوردُها فِي الصّفِّ حتّى يَقيلَها ... حِياضَ المَنايا تقْطُرُ الموتَ والدَّما)

(جَزى اللهُ قوما قاتَلوا فِي لِقائِهم ... لدَى الموْت قِدْماً مَا أعزّ وأكرَما)

(رَبيعةَ أَعنِي إنّهم أهلُ نجْدَة ... وبأْسٍ إِذا لاقَوْا خَميساً عرَمْرَما)
وَأخرج أَيْضا بسنَدِه الى أبي عبدِ الله إبراهيمَ بنِ محمّدِ بن نِفْطَوَيْه، والحسَن بنِ محمّد بن سعيد العسْكَري. قَالَ: وممّا يُروَى لعليّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عَنهُ: لمَنْ رايةٌ سوْداءُ ...
الأبيات. قَالَ: وَقَالَ السُّدي: كَانَت رايتُه حمْراءَ بصِفّين، فتأمّلْ ذلِك. {والوَديقَة: شِدّة الحرّ فِي نِصْفِ النّهار. قَالَ شَمِرٌ: سفمّيَتْ لِأَنَّهَا} ودَقت الى كلّ شيءٍ، أَي: وصَلت إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو المثلَّم الهُذَليّ يرْثي صخْرَ الغَيّ:
(حامي الحَقيقةِ نسّالُ {الوَديقَةِ معْ ... ناقُ الوَسيقةِ جَلْدٌ غيرُ ثُنْيانِ)
وَقَالَ ربيعةُ بنُ مقْروم:
(كلّفْتُها فرأتْ حقّاً تكلّفَه ... } وَديقَةً كأجيجِ النّارِ صَيْخودا)
وَفِي حَدِيث زيادٍ بلَغَه قولُ المُغيرةِ رضيَ الله عَنهُ: لحَديثٌ مِن عاقِل

(26/456)


أحبُّ إليّ من الشُّهْدِ بماءِ رصَفَة، فَقَالَ: أكذاك هُوَ، فَلَهو أحبُّ إليّ من رَثيئَة فُثِئَتْ بسُلالةٍ من ماءِ ثغْب فِي يومٍ ذِي {وَديقَة ترْمَضُ فِيهِ الآجالُ. وَقَالَ أَبُو صاعد:} الوَديقة: الموْضِع فِيهِ بَقْل أَو عُشْب. ويُقال: حَلّوا)
فِي وَديقَة مُنْكَرة. {والوَدْقُ بالفتْح ويُحرَّك عَن كُراع، وَعَلِيهِ اقْتَصَر الصاغانيّ: نُقَطٌ حُمْرٌ تخرُجُ فِي العيْن كَمَا فِي العُباب، زادَ كُراع: من دَمٍ تشْرَق بِهِ، أَو لحْمَة تعظُم فِيهَا، أَو مرَض فِيهَا لَيْسَ بالرّمَد ترِمُ مِنْهُ الأذُنُ وتشْتَدّ مِنْهُ حُمرةُ العيْن، الواحِدَة بهاءٍ. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: فِي عيْنِه ودَقَةٌ خَفيفة إِذا كانتْ فِيهَا بَثْرةٌ أَو نُقْطةٌ شرِقةٌ بالدّمِ. وَقد} وَدِقت عينُه، كوجِلَ، {تيدَق، بكسْرِ التاءِ، فَهِيَ} ودِقَةٌ كفَرِحةٍ عَن الأصمعيّ، قَالَ رؤبَةُ: كالحيّةِ الأصْيَدِ من طولِ الأرَقْ لَا يشْتَكي صُدْغَيْهِ من داءِ {الوَدَقْ} والوادِق: الحَديدُ من السّيفِ وَقد تقدّم شاهدُه من قَول أبي قيْسِ بنِ الأسْلَت وغيْرِه. يُشيرُ الى مَا ذهَبَ أَبُو عُبَيد أنّه يُقال: رُمْحٌ {وادِقٌ، وأنشدَ قولَ أبي قيْس السابقَ، وَقد تقدّم أنّ ابنَ سيدَه غلّطَه، قَالَ: وَقد رُوِي البيْتُ الأول:
(أكفِتُه عنّي بذِي روْنَق ... أبيضَ مثلِ المِلْحِ قطّاعِ)
قَالَ: والدِّرْعُ إنّما تُكْفَتُ بالسّيفِ لَا بالرُمْحِ.} ووَدْقان: ع نقَلَه ابنُ دُرَيْد. {ووَدْقَة: اسْم، مِنْهُم:} ودْقَةُ بنُ عَمْرو بنِ سَعيد فِي كِنانة.! ووَدْقَةُ بن إياسِ الخزْرَجيُّ بَدْريٌّ،

(26/457)


ويُرْوَى ورْقة، ويُقال: وَدْفَة، وَقد تقدّم. وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: يُقال: مارَسْنا بَني فُلانٍ فَمَا {ودَقوا لنا بشيءٍ، أَي: مَا بذَلوا، ومعْناه: مَا قرّبوا لنا شَيْئا من مأكولٍ أَو مشْروب} يدِقون {وَدْقاً. وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: يُقال: فلانٌ يحمي الحَقيقَة، وينسُل} الوَديقَة، للمُشَمِّرِ القويِّ، أَي: ينْسُلُ نَسَلاناً فِي وقتِ الحرِّ نِصْفَ النّهارِ، وَقيل: هُوَ دوَمانُ الشّمْسِ فِي السّماءِ، أَي: دوَرانُها ودُنُوُّها. {والمَوْدِق، كمَجْلِس: مُعْتَرَكُ الشّرِّ.
والحائِلُ بينَ الشّيئَينِ. وَيُقَال: إِنَّه} لَوادِقُ السِّنَة، أَي: كثيرُ النّوْم فِي كلِّ مَكانٍ، عَن اللّحيانيّ.
وَقَالَ الزّمخشَريّ: أَي قريبُ النُعاس نُوَمَةٌ.
ور ق
{الوَرْقُ مُثلّثة، وكَكَتِف، وجبَل خمْسُ لُغاتٍ، حكَى الفَرّاءُ مِنْهَا ورْقاً بِالْفَتْح،} ووَرِقاً ككَتِف، {ووِرْقاً بِالْكَسْرِ، مثل: كبِد وكِبْد لأنّ فيهم من ينقُل كسْرَة الرّاءِ الى الْوَاو بعد التّخفيف، وَمِنْهُم منْ يترُكُها على حالِها، كَمَا فِي الصِّحاح. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَأَبُو بكْر، وحمزةُ، وخلَف} بوَرْقكم بالفَتْح. وَعَن أبي عمْرو أَيْضا، وَابْن مُحَيْصِن {بوِرْقكم بِكَسْر الْوَاو. وَقَرَأَ أَبُو عبيدَةَ بالتّحريك، وَقَرَأَ أَبُو بكر} بوُرْقِكم بالضمّ: الدّراهِم المضْروبَةُ كَمَا فِي الصِّحاح. وَقَالَ أَبُو عبيدَة: {الوَرَق: الفِضّة كَانَت مضْروبة كدَراهِم أَو لَا، وَبِه فُسِّر حَديثُ عرْفَجَة أنّه لمّا قُطِع أنفُه اتّخَذ أنْفاً من} ورِق، فأنْتَن عَلَيْهِ، فاتّخذَ أنْفاً من ذهَب. وحَكى عَن الأصمعيّ أنّه إِنَّمَا اتّخذ أنْفاً من ورَق بفَتْح الرّاءِ، أرادَ الرَّقَّ الَّذِي يفكتَبُ فِيهِ، لأنّ الفِضّةَ لَا تُنْتِنُ. قَالَ ابنُ سيدَه: وكُنتُ أحسِب أنّ قولَ الأصمعيّ

(26/458)


إنّ الفِضّة لَا تُنْتِن صَحيحاً، حَتَّى أخبَرني بعضُ أهلِ الخِبْرة أنّ الذّهَب لَا يُبليه الثّرى، وَلَا يُصْدِئه النّدَى، وَلَا تنقُصُه الأرضُ، وَلَا تأكُله النّار. فأمّا الفِضّة فإنّها تبْلَى، وتصْدَأُ، ويعلُوها السوادُ، وتُنْتِنُ ج: {أوراقٌ يُحْتَمل أَن يكونَ جمع ورِق ككَتِف، وَجمع وِرْق، بالكسْر وبالضّم وبالتّحريك. ووِراق بالكسْر نَقله الصاغانيّ} كالرِّقّةِ كعِدَة، والهاءُ عِوَضٌ عَن الْوَاو.
وَمِنْه الحَدِيث: فِي الرِّقَة رُبعُ العُشْر. وَفِي حَدِيث آخر: عفوْتُ لكم عَن صدَقَةِ الخيْل والرّقيق، فهاتُوا صَدَقَة {الرِّقَةِ يُريد الفِضّة والدّراهِم المضْروبةَ مِنْهَا. وأنشَدَ ابنُ برّي قولَ خالدِ بنِ الوَليد رَضِي الله عَنهُ فِي يومِ مُسَيْلِمة: إنّ السِّهامَ بالرّدَى مُفَوَّقَهْ والحرْبَ ورْهاءُ العِقال مُطْلَقَهْ وخالدٌ من دينِه على ثِقَهْ لَا ذهَبٌ يُنجيكُمُ وَلَا} رِقَهْ قَالَ ابنُ سيدَه: وربّما سُمِّيت الفِضّة {ورَقاً، يُقَال: أعطَاهُ ألفَ دِرْهم رِقَةً لَا يُخالِطُها شيْءٌ من المالِ غَيرهَا. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم:} الوَرِق {والرِّقَة: الدّراهم خاصّة. وَقَالَ شَمِر:} الرِّقَة: العيْن.
ويُقال: هِيَ من الفِضّة خاصّة. وَيُقَال: الرِّقَةُ: الفِضّة والمالُ، عَن ابنِ الأعرابيّ، وَأنْشد:
(فَلَا تَلْحَيا الدُنْيا إليّ فإنّني ... أرى ورِقَ الدُنْيا تسُلُّ السّخائما)

(وَيَا رُبَّ مُلْتاثٍ يجُرُّ كِساءَه ... نَفَى عَنهُ وِجدانُ {الرِّقينَ العَزائما)
)
يَقُول: يَنْفِي عَنهُ كَثرةُ المالِ عَزائمَ النّاسِ فِيهِ أنّه أحمَقُ مجْنون. قَالَ الأزهريّ: لَا تَلْحَيا: لَا تَذُمّا. والمُلْتاث: الأحمَق. قَالَ ابنُ برّي: والشِّعْر لثُمامة السَّدوسيّ.} والوَرّاق: الكثيرُ الدّراهم كَمَا فِي الصِّحاح.

(26/459)


وَقَالَ غيرُه: رجُل {وَرّاقٌ: صاحِبُ ورَق. وقرأَ عليٌّ رضِي الله عَنهُ فابْعَثوا} بوَرّاقِكُم، أَي بصاحِب {ورَقِكم. قَالَ الرّاجز: يَا رُبّ بيْضاءَ من العِراقِ كأنّها فِي القُمُص} الرِّقاقِ مُخّةُ ساقٍ بينَ كفَّيْ ناقِ أعْجَلَها النّاقِي عَن احْتِراقِ تأكلُ من كيسِ امْرئٍ {ورّاقِ قَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَي كثيرُ} الوَرَقِ والمالِ. (و) {الوَرّاقُ أَيْضا:} مُوَرِّقُ الكُتُب كَمَا فِي العُباب. وَفِي الصِّحاح: رجل {وَرّاق، وَهُوَ الَّذِي} يوَرِّقُ ويكْتُب، وحِرْفَتُه {الوِراقَة بالكسْر. (و) } الوَرَاق كسَحاب: خُضْرَةُ الأرْضِ من الحَشيشِ. قَالَ ابنُ الأعرابيّ: وليْس من {الوَرَق أَي: من وَرَقِ الأرضِ فِي شيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَنيفَة: هُوَ أَن تطَّرِدَ الخُضرةُ لعيْنِك، قَالَ أوسُ بنُ حجَرٍ يصِفُ جيْشاً بالكَثْرةِ كَمَا فِي الصِّحاح، ونسَبَه الأزهريُّ لأوْس بنِ زُهَير:
(كأنّ جِيادَهُنّ برَعْنِ زُمٍّ ... جَرادٌ قد أطَاع لَهُ} الوَراقُ)
ويُروَى: برَعْن قُفٍّ. قَالَ ابنُ سيدَه: وعِندي أَن {الوَراق من} الوَرَق. وَأنْشد الأزهريّ:
(قُلْ لنُصَيْبٍ يحْتَلِبْ نارَ جعْفَرٍ ... إِذا شكِرَتْ عِنْد الوَراقِ جِلامُها)
ومحمّد بنُ عبدِ الله بنِ حَمْدَوَيْهِ بنِ الحَكَم بن! وَرْق، كوَعْد السّماحيّ: مُحدِّث، روى عَن أبي حَكيم الرّازيّ، وطبقَتِه، مَاتَ سنةَ تِسْع عشْرة وثَلثِمائة.

(26/460)


والوَرَق مُحرّكة من الكِتاب والشّجَر: م مَعْرُوف، واحِدَتُه بهاءٍ. أما وَرَق الكِتاب فأُدُمٌ رِقاقٌ. وَمِنْه كأنّ وجهَه ورَقةُ مُصْحَفٍ، وَهُوَ مَجازٌ. وَأما ورَق الشّجَر فَقَالَ أَبُو حَنيفةَ: هُوَ كُلُّ مَا تبسّطَ تبَسُّطاً وَكَانَ لَهُ عَيْر فِي وسَطه تنْتَشِر عَنهُ حاشِيَتاه. وَمن الْمجَاز: الوَرَق: مَا اسْتَدارَ من الدّمِ على الأرضِ. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: مِقْدارُ الدِّرْهَم من الدّمِ، أَو هُوَ مَا سَقَط من الجِراحَة علَقا قِطَعاً. قَالَ أَبُو عُبيدة: أوّله وَرَق، وَهُوَ مثْل الرَّشّ، والبَصيرة: مثل فِرْسِن البَعير، والجَديّةُ أعظَم من ذَلِك، والإسْباءَةُ فِي طولِ الرُمْح، وَالْجمع الأسابيّ. كَذَا فِي الصّحاح. وَقَالَ عمْروٌ فِي ناقَته، وَكَانَ قَدِمَ الْمَدِينَة:)
(طالَ الثّواءُ عَلَيْهِ بالمَدينةِ لَا ... تَرْعى وبيعَ لَهُ البَيْضاءُ {والوَرَقُ)
أرادَ بالبَيْضاءِ الحَليَّ،} وبالوَرَق: الخَبَط. وَبيع: اشْتُرِي. والوَرَق: الحَيُّ من كلّ حيَوان قَالَ أَبُو سعيد: رأيتُه {ورَقاً، أَي: حيّاً، وكلُّ حيٍّ} ورَق لأَنهم يَقُولُونَ: يموتُ كَمَا يَموت {الوَرَق، ويَيْبَس كَمَا ييْبَس الوَرَق، قَالَ الطّائيّ:
(وهزّت رأسَها عجَباً وَقَالَت ... أَنا العُبْري أإيّانا تُريدُ)

(وَمَا يَدْري الوَدودُ لعلّ قلْبي ... وَلَو خُبِّرتَه} ورَقاً جَليدُ)
أَي: وَلَو خُبّرته حيّاً فَإِنَّهُ جَليد. وَمن الْمجَاز: الوَرَق: المالُ من إبلٍ ودَراهِم وغيرِها، قَالَ العجّاج: إيّاكَ أَدْعُو فتقبّلْ مَلَقِي واغْفِر خطاياي وثمِّرْ! - ورَقي أَي: مَالِي، نقَله الجوهريّ. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الوَرَق: المالُ الناطِقُ كُله.

(26/461)


وَقَالَ الزّمخشريّ: ثمّر اللهُ {ورقَه، أَي: ماشِيَتَه. والوَرَق من الْقَوْم: أحْداثُهم عَن ابنِ السّكّيت، وَهُوَ مجازٌ، وأنشدَ لهُدْبَة بنِ الخَشْرَمِ يصِفُ قوما قطعُوا مَفازةً:
(إِذا ورَقُ الفِتْيان صارُوا كأنّهم ... دَراهِمُ مِنْهُ جائِزاتٌ وزائِفُ)
أَو الضِّعافُ من الفِتْيان عَن اللّيثِ. وَقَالَ ابنُ دُريد: الوَرَقُ: حُسْن القوْم وجَمالُهم ونصُّه فِي الجمْهرة:} ورَقُ الفِتْيان: جمالُهم وحُسْنُهم، وَهُوَ مجازٌ. وَقَالَ اللّيْثُ: {الورَقُ: جَمالُ الدُنيا وبهْجَتُها. ونصُّ العيْن: ورَق الدُنْيا: نعيمُها وبهْجَتُها، وأنْشَد: فَمَا} ورَقُ الدّنيا بباقٍ لأهْلِها وَمن المَجاز: الوَرَقة بهاءٍ: الخَسيسُ من الرّجال. والوَرَقة: الكريمُ من الرِّجال عَن ابنِ الأعرابيّ ضدٌّ. ورجُلٌ ورَقَة، وَامْرَأَة وَرَقةٌ: خَسيسان. وَفِي الأساس: يُقَال: إنّه وإنّها ورَقة: إِذا كَانَا ضَعيفَين حديثَيْن. {ووَرَقة: د، باليمَن من نَواحي ذَمار. (و) } وَرَقة بنُ نوْفل بنِ أسَدِ بنِ عبْد العُزّى بنِ قُصيّ وَهُوَ ابنُ عمِّ أمِّ الْمُؤمنِينَ، وجدّةِ أهلِ البيتِ خَديجَة بنتِ خُوَيْلِد بنِ أسَدِ بنِ عبد العُزّى، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَقَالَ ابنُ مَنْدَه: اختُلِف فِي إسْلامِه، والأظْهَر أنّه مَاتَ قبْل الرِّسالة، وبعْدَ النّبوّة. ووَرَقة بنُ حابِس التّميميّ: صَحابيٌّ رَضِي الله عَنهُ، قدِم نيْسابور، قَالَه الحاكِم، قدِم مَعَ الأحنَفِ بن قيْس، ورجُلان من الصّحابة يُعرَفان! بوَرَقة، أحدُهما: من بَني أسَد بنِ

(26/462)


عبدِ)
العُزّى، وَقد رَوى عَن ابنِ عبّاس، والثّاني: لَهُ ذِكْرٌ فِي حديثٍ ذكَره أَبُو مُوسَى. وشجَرَةٌ {وارِقة و} وريقَة {ووَرِقَة الأخيرةُ على النّسَب لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ: كثيرةُ} الوَرَق، وَقد {وَرَق الشّجَرُ} يرِقُ كوَعَد يعِد، {وأورَق} إيراقاً {وورّق} توْريقاً. قَالَ الأصمعيّ: {وأوْرَقَ بالألِف: أكْثَر، أَي: خرَج ورَقُه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا ظهَر ورَقُه تامّاً. (و) } الوِراقُ ككِتاب: وقْتُ خُروجِ أَي: الوقْت الَّذِي {يورِقُ فِيهِ الشّجر.} والوَرَقَة: الشّجرةُ الخضْراءُ {الوَرَق الحسَنَتُه، وَقيل: الكَثيرةُ} الأوْراق. {والرِّقةُ كعِدَة: أولُ نَبات النّصيِّ والصِّلِّيان والطّريفة رطْباً. يُقال: رَعَيْنا} رِقَة الطّريفة. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقال للنّصِيّ والصِّلِّيان إِذا نبَتا: رِقةٌ مَا داما رطْبَيْن، وَأَيْضًا رِقَةُ الْكلأ: إِذا خرَج لَهُ {وَرَق. وَقَالَ ابنُ سَمْعان:} الرِّقَة: الأرضُ الَّتِي يُصيبُها المطَر فِي الصّفَريّة أَو فِي القيْظ، فتَنْبُتُ، فَتكون خضْراءَ، فيُقال: هِيَ {رِقةٌ خضْراء.} ووَرْقان: ع. قَالَ جَميلٌ:
(يَا خَليليَّ إنّ بَثْنَةَ بانَتْ ... يَوْم {وَرْقانَ بالفُؤادِ سَبيّا)
(و) } وَرِقان بكسْر الرّاءِ: جبَل أسْود من أعظَم الجِبال بيْن العرْجِ والرُّوَيْثَة يدفَعُ سَيلَه فِي رِئْم، وَهُوَ أول جبَل بيَمينِ المُصْعِدِ من المَدينة الى مكّةَ حرسَهما الله تَعالى مُنْقاد من سَيالَةَ الى المُتَعَشّى، وأنشَدَ أَبُو عُبيْد للأحْوَص:
(وكيفَ تُرَجّي الوصْلَ مِنْهَا وأصبحَتْ ... ذُرا! وَرِقان دونَها وحَفيرُ)

(26/463)


هَكَذَا قيّدَه أَبُو عُبيد البَكْريّ وجَماعةٌ. ويُقال: إنّ الَّذِي ذكَره جَميلٌ هُوَ هَذَا الجبَل، وإنّما خفّفه بسُكون الرّاءِ. قَالَ السُهَيْليُّ فِي الرّوض: ووقَع فِي نُسخةِ أبي بحْرٍ سُفْيانَ بنِ العَاصِي الأسَديّ بفَتْح الرّاءِ. {ومَوْرَقُ، كمَقْعَد: اسمُ ملِك الرّوم. قَالَ الأعْشى:
(فأصْبَحْتُ قد ودّعتُ مَا كَانَ قد مضَى ... وقبْليَ مَا ماتَ ابنُ ساسَا ومَوْرَقُ)
أَرَادَ كِسْرى بنَ ساسان. ومَوْرَق: والِدُ طَريفٍ المَدَنيّ، هَكَذَا فِي العُباب. وَفِي التّبْصير: المَدينيّ المُحدِّث عَن إِسْحَاق بنِ يحْيى بنِ طَلْحة وغيْره، رَوى الزُبيرُ بنُ بكّار عَن يَحْيى بنِ مُحمد عَنهُ. ومَوْرَقٌ شاذٌ فِي القِياس لأنّ مَا كَانَ فاؤُه حرفَ عِلّة فإنّ المِفْعَل مِنْهُ مكْسور الْعين، مثلُ موْعِد وموْرِد. وَلَا نظيرَ لَهَا سِوَى موْكَل وموْزَن وموْهَب ومَوْظَب ومَوْحَد كَمَا فِي العُباب.
وَفِي القوْس} ورْقَةٌ، بالفَتْح هَكَذَا ضبَطه كُراع، أَي: عيْب وَهُوَ مَخْرَج الغُصْنِ إِذا كَانَ خفيّاً. قَالَ ابنُ الأعرابيّ: فَإِذا زادَت فَهِيَ الأُبْهَة، فَإِذا زادَت فَهِيَ السّحْتَنَة. وَقَالَ الأصمعيّ: {الأوْرَقُ من الإبِل: مَا فِي لوْنه بياضٌ الى سَوادٍ.} والوُرْقَة: سَوادٌ فِي غُبْرة، وَقيل: سَوادٌ وبَياض كدُخان)
الرِّمْثِ يكونُ ذَلِك فِي أنواعِ البَهائم، وأكثرُ ذلِك فِي الإبِل. قَالَ أَبُو عُبَيد: وَهُوَ من أطْيَب الإبِل لحْماً لَا سَيْراً وعَمَلاً أَي: ليْس بمحمودٍ عندَهم فِي عمَله وسيْره. وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا كَانَ البَعيرُ أسْوَدَ يُخالِطُ سوادَه بياضٌ كدُخان الرِّمْث فتِلك {الوُرْقَة، فَإِذا اشْتدّتْ وُرْقَتُه حَتَّى يذْهَب البَياض الَّذِي هُوَ فِيهِ فَهُوَ أدْهَم. ويُقال: جمَلٌ} أورَقُ، وناقةٌ! ورْقاءُ. وَفِي حَدِيث قيْس: على

(26/464)


جمَل أوْرَق. وَفِي حَدِيث ابنِ الأكْوعِ: خرجتُ أَنا ورجُل من قوْمي وَهُوَ على ناقَة {ورْقاءَ وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: قَالَ أَبُو نصْر النُعاميّ: هجِّر بحَمْراءَ، وأسْرِ بوَرْقاءَ، وصبِّحِ القومَ على صهْباء قيلَ لَهُ: ولمَ ذلثك قَالَ: لِأَن الحمْراءَ أصبرُ على الهَواجِر، والوَرْقاءَ أصبَرُ على طولِ السُّرَى، والصّهْباءُ: أشهَرُ وأحسَنُ حِين يُنظَرُ إِلَيْهَا. وَمن ذلِك قيل: الرّمادُ أوْرَقُ، أَي: لَا مطَر فِيهِ. قَالَ جَنْدَلٌ: إنْ كَانَ عمِّي لكَريمَ المصْدَقِ عفّاً هَضوماً فِي الزّمانِ} الأوْرَقِ (و) {الأوْرَقُ: اللّبَنُ الَّذِي ثُلُثاه ماءٌ، وثُلُثه لبَنٌ. قَالَ:
(يشْربهُ محْضاً ويسْقي عيالَه ... سَجاجاً كأقْرابِ الثّعالِبِ} أوْرَقا)
ج الكُلِّ {وُرْقٌ بالضّم.} والوَرْقاء: الذّئْبَة، والذّكَر {أورَقُ. ويُقال: هُوَ من وُرْقِ الذّئاب، وَقد شبّهوا لونَ الذّئب بلون دُخان الرِّمْثِ لِأَن الذّئبَ أوْرَقُ. قَالَ رؤبة: فَلَا تكونِي يَا بنَةَ الأشَمِّ ورْقاءَ دَمَّى ذِئْبَها المُدَمِّي وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الَّذِي يَضرِبُ لونُه الى الخُضْرةِ، قَالَ: والذّئاب إِذا رأتْ ذِئْباً قد عُقِرَ وظهَرَ دمُه أكبّتْ عَلَيْهِ فقطّعَتْه، وأُنثاه معَها. وَقيل: الذّئْبُ إِذا دُمِّيَ أكلَتْه أنثاه، فَيَقُول هَذَا الرّجل لامرأتِه: لَا تَكُونِي إِذا رأيتِ الناسَ قد ظلَموني معَهم عليّ، فتكوني كذِئْبَة السَّوْء. (و) } الورْقاءُ: الحَمامةُ. قَالَ عُبيد بنُ أيّوبٍ العَنْبَريّ:
(أإن غرّدَت! ورْقاءُ فِي روْنَقِ الضُحى ... على فَنَنٍ رِئْدٍ تحِنُّ وتطْرَبُ)
قَالَ الحسَنُ بنُ عبدِ الله بنِ محمّدِ بنِ يحْيى الكاتِب الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتاب

(26/465)


الحَمام المَنسوب إِلَيْهِ الأوْرَق: الَّذِي لونُه لوْنُ الرّماد فِيهِ سَوادٌ. يُقال: {أورَق} وورْقاء، والجمْع {الوُرْقُ، قَالَ:
(وَمَا هاجَ هَذَا الشّوقَ غيرُ حَمامةٍ ... من} الوُرْقِ حمّاءِ الجَناح بَكورِ)
)
(غدَتْ حينَ ذَرَّ الشّرْقُ ثمَّ ترنّمت ... بِلَا سَحَلٍ جافٍ وَلَا بصَفيرِ)
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
(وَمَا تَجافَى الغيثُ عَنهُ فَمَا بِه ... سَواءَ الصّدَى والخضّف الوُرْق حاضِرُ)

(وردتُ اعتِسافاً والثُريّا كأنّها ... وراءَ السِّماكَيْنِ المَها واليَعافِرُ)
ج: {وَراقَى،} ووِراق، كصَحارَى وصِحار، والنِّسبةُ وَرْقاوِيّ كَمَا فِي الصّحاح. وَمن أمثالِهم: جاءَنا بأمّ الرُّبَيْقِ على {أُرَيْق: إِذا جاءَ بالدّاهِية المُنْكَرة، تقدّم ذكْرُه فِي: أرق. وَهَذَا موضِع ذِكْره كَمَا فعَله الجوهريّ والأزهريّ، فإنّ} أُريْقاً مُصغَّرُ أوْرَق على التّرخيم، كَمَا صغّروا أسْودَ على سُوَيد، {وأُرَيْق فِي الأَصْل وُرَيْق. وبُدَيْل بنُ ورْقاءَ بنِ عبدِ العُزّى بنِ ربيعةَ الخُزاعيّ: صَحابيٌّ رَضِي الله عَنهُ، أسْلَم هُوَ وابْنُه عبدُ الله وحَكيمُ بنُ حِزام، وَكَانَ ابنُه عبدُ الله سيّدَ خُزاعةَ، قُتِل مَعَ أَخِيه بصِفّين، رَضِي الله عَنْهُم.} وأوْرَقَ الرجلُ: كثُر مالُه يعْني بِهِ الماشيَة ودراهِمُه. وَمن المَجاز: أورَقَ الصائِدُ أَي: لم يصِد. وَفِي المُحْكَم: أخْطأ وخابَ. ويُقال: أوْرَقَ الحابِلُ {إيراقاً، فَهُوَ} مورِقٌ: إِذا لم يقَع فِي حِبالَتِه صيْدٌ. وَكَذَا {أوْرَق الطّالِبُ للْحَاجة: إِذا لم ينَلْ وأخفَقَ بمعْناه. وأوْرَقَ الْغَازِي: إِذا لم يغْنَم فَهُوَ} مورِقٌ، ومُخْفِقٌ، وَهُوَ مجَاز.

(26/466)


{ومورَق، بالضمِّ وفتْحِ الرّاءِ، مُخفّفة: ع بفارِس وَلَو قَالَ: كمُكْرَمٍ كَانَ أخْصَر. (و) } مورِّق كمُحدِّث ابْن مهَلِّب يَروي عَن أبي بكْر الصِّدّيق رَضِي الله عَنهُ، وَعنهُ بِشْرُ بنُ غالبٍ. وَأَبُو المُعْتَمِر مورِّق بن مُشَمْرِخِ العِجْليّ من أهلِ البَصرَة، يرْوي عَن أبي ذرٍّ، رَضِي الله عَنهُ، وعنهُ أهلُ العِراق، وَكَانَ من العُبّادِ الخُشْن، ماتَ فِي وِلاية ابنِ هُبَيْرة سنة خمْسٍ ومئة: تابِعيّانِ ذكرَ الأخيرَ ابنُ حِبّان فِي الثّقاتِ. أما الأوّل فأوْرَدَه الذّهبيّ فِي ذيْل الدّيوان، وَقَالَ فِيهِ: إنّه مجْهول. ومورِّق بن سُخَيْت: محدِّث ضَعيفٌ، رَوى عَن أبي هِلال، تفرّدَ بحديثٍ، وَفِيه جَهالَة، كَذَا ذكَره الذّهبيُّ فِي الدّيوان.
وَقَالَ النّضْرُ: {إيراقَّ العِنَبُ} يَوْراقُّ: إِذا لوّن فَهُوَ {مُوراقٌ، كَذَا نصّ الُباب. وَفِي اللّسان:} اوراقَّ الِنبُ يَوْراقّ ايرِيقاقاً: إِذا لوّن، قَالَه النّضْرُ. (و) {الوُرَيْقَة كجُهَينة: ع. قَالَ ابنُ دُرَيد: زعَموا.
وَالَّذِي فِي الجمهرة كسَفينة.} وتورّقَت النّاقة: إِذا أكلَت الوَرَقَ. ويُقال: إِذا رَعَت الرِّقةَ. ويُقال: مَا زِلتُ منْك ولَك {مُوارِقاً أَي: قَرِيبا لَك مُدانِياً مِنْك. ويُقال: اتّجِرْ فإنّ التّجارة} مَوْرقَةٌ للمالِ، كمَجْلَبَة أَي: مُكثِّرة ومَظِنّة للنّموِّ والبَرَكة. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: قَالَ اللِّحيانيّ: {ورَقَت الشّجرةُ} ورْقاً: ألْقَتْ {ورقَها. ويُقال:} رِقْ هَذِه الشّجرة {ورْقاً، أَي: خُذْ ورَقَها، وَقد} ورقتُها {أرِقُها} وَرْقاً،)
فَهَوِيَ! موْروقَة. وَفِي الحَديث أنّه قَالَ لعمّار: أنتَ

(26/467)


طيِّبُ {الوَرَق أرادَ بِهِ نسْلَه تشْبيهاً} بوَرَقِ الشّجر لخُروجِها مِنْهَا. وَمَا أحْسَنَ {وَراقَه} وأوراقَه، أَي: لِبْسَته وشارَتَه، على التّشْبيه بالوَرَقِ.
واخْتَبَطَ مِنْهُ {ورَقاً: أصابَ مِنْهُ خيْراً.} والوَريقَةُ: الشّجرةُ الحسَنةُ الوَرَقِ، عَن أبي عمْرو. وفرْعٌ {وَريقٌ: كثير} الوَرَق. قَالَ حُمَيدُ بنُ ثوْرٍ رَضِي الله عَنهُ يصِف سَرْحَةً:
(تنوَّطَ فِيهَا دُخَّلُ الصّيفِ بالضُحى ... ذُرَى هدَباتٍ فرْعُهُنّ {وَريقُ)
} والوَرَق: الدُنْيا. ووَرَق الشّباب: نُضْرَتُه وحَداثَتُه، عَن ابنِ الأعرابيّ. وحُكِيَ فِي جمْع {الرِّقة:} رِقاتٌ. {والمُستَورِقُ: الَّذِي يطْلب} الوَرِق قَالَ أَبُو النّجم: أقبلْت كالمُنْتَجِع {المُسْتَورِق وَأنْشد ثعْلَب:
(إِذا كحَلْنَ عُيوناً غيرَ} مورِقَةِ ... ريّشْن نبْلاً لأصْحابِ الصِّبا صُيُدا)
قَالَ: يعْني غيرَ خائِبة. {وأوْرَقَ الْغَازِي: إِذا غنِمَ، وَهُوَ من الأضْداد، قَالَ:
(ألم تَرَ أنّ الحرْبَ تُعْرِجُ أهلَها ... مِراراً وأحْياناً تُفيدُ} وتورِقُ)
{والأوْرَقُ: الأسمَرُ من النّاس. وَمِنْه حديثُ المُلاعَنَة: إِن جاءَتْ بِهِ} أوْرَقَ جَعْداً جُماليّاً، قَالَ أَبُو عُبيد: ومنْ أمثالِهم: إنّه لأشأَمُ من! وَرْقاء. وَهِي مشْؤومة يَعْنِي النّاقَة. وربّما نفَرَتْ فذهَبت فِي الأَرْض.

(26/468)


وَقَالَ أَبُو حَنيفة: نصْلٌ {أوْرَقُ: بُرِدَ أَو جُلِيَ، ثمَّ لُوِّح بعدَ ذَلِك علَى الجمْر حتّى اخضَرّ، قَالَ العجّاج: عَلَيْهِ} وُرْقان القِرانِ النُّصَّلِ {ووَرَقة الوَتَر: جُلَيْدة توضَع على حزِّه، عَن ابنِ الأعرابيّ.} والوَرْقاءُ: شُجَيْرة تسْمو فَوق الْقَامَة، لَهَا {ورقٌ مُدوَّر واسعٌ دقيقٌ ناعِمٌ تأكُلُه الماشيةُ كلُّها، وَهِي غبْراءُ السّاقِ، خضْراءُ الوَرَقِ، لَهَا زَمَع شعْرٍ فِيهِ حبٌّ أغبَرُ مثلُ الشّهْدانَج، ترْعاه الطّيْرُ، وَهُوَ سُهْليّ ينْبتُ فِي الأودِية، وَفِي جنَباتِها، وَفِي القيعانِ، وَهِي مرْعىً.} والوِراقُ، بالكسْرِ: مَوضِع. قَالَ الزِّبْرِقان:
(وعيدٌ من ذَوي قيْسٍ أَتَانِي ... وَأَهلي بالتّهائِمِ {فالوِراقِ)
وثَنّاهُ ابنُ مُقبِل فَقَالَ:
(رَآهَا فُؤادي أمَّ خِشْف خَلالَها ... بقُورِ} الوِراقَيْنِ السّراءُ المُصنِّفُ)
قَالَ الْجَوْهَرِي: النّسبةُ الى {ورْقاء اسمِ رجُل:} - ورْقاوِيّ، أبدَلوا من همْزةِ التّأنيثِ واواً.)
{والوَرّاق، ككتّان: قَريَتان بالقُرب من مِصْر على شاطئ النّيل.} والوَرَق، مُحرّكة: قرْية من أعْمالِ الغربيّة.
وس ق
{وسَقَه} يسِقُه {وسْقاً} ووُسوقاً: ضمّه وجمَعَه وحمَله. وَمِنْه قولُه تَعالى:) وباللّيْلِ وَمَا {وَسَق (أَي وَمَا جمَع وضمّ، قَالَه الفَرّاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: أَي وَمَا جمَع من الجِبالِ والبِحار والأشْجارِ، كأنّه جمَعها بأنْ طلَع عَلَيْهَا كُلّها، فَإِذا جلّل اللّيلُ الجِبالَ والأشجارَ والبِحارَ والأرضَ فاجتَمَعت لَهُ فقد} وسَقَها. وَأنْشد الجوهريّ لضابِئِ بنِ الحارِثِ البُرْجُميّ:

(26/469)


(فإنّي وإيّاكُم وشَوْقاً إليكُمُ ... كقابِضِ ماءٍ لم {تسِقْهُ أنامِلُهْ)
أَي: لم تحْمِلْه. يَقُول: لَيْسَ فِي يَدي شيءٌ من ذلِك، كَمَا أنّه لَيْسَ فِي يدِ القابِضِ على الماءِ شيءٌ. (و) } وسَقه {يسِقه وسْقاً: طرَده. وَمِنْه سُمّيَت} الوَسيقَة وَهِي منَ الإبِلِ والحَميرِ كالرُّفْقَةِ من النّاس، وَقد {وسَقَها} وسْقاً فَإِذا سُرِقَت طُرِدَت مَعاً. قَالَ الأسودُ بنُ يعْفُر:
(كذَبْتُ عليكَ لَا تزَال تَقوفُني ... كَمَا قافَ آثارَ {الوَسيقةِ قائِفُ)
هُوَ إغراءٌ، أَي: عليْك بِي. وَقَالَ الأزهريّ:} الوَسيقَة: القَطيعُ من الْإِبِل يطرُدها الشّلاّل، وسُمّيت {وسيقَة لأنّ طارِدَها يجْمَعُها وَلَا يدَعُها تنتَشِر عَلَيْهِ، فيلحَقُها الطّلَبُ فيردّها. وَهَذَا كَمَا قيل للسّائق: قابِضٌ لأنّ السائِقَ إِذا ساقَ قَطيعاً من الإبِل قبَضها أَي: جمَعَها لِئَلَّا يتعذّرَ عَلَيْهِ سوقُها، ولأنّها إِذا انتَشَرت عَلَيْهِ لم تتتابع، وَلم تطّرِد على صوْبٍ وَاحِد. والعَرَبُ تَقول: فلانٌ يسوقُ} الوَسيقَة وينْسُل الوَديقة، ويَحْمي الحَقيقةَ. وَقد مرّ شاهِدُه من قوْل الهُذَليّ فِي وَدَق قَرِيبا.
(و) {وَسَقَت النّاقَةُ وغيرُها وسْقاً} ووُسوقاً: حمَلَت وأغْلَقَت على الماءِ رحِمَها، فهيَ ناقةٌ واسِقٌ من نُوق {وِساقٍ بالكسْر، مثل نائِم ونِيام، وصاحِب وصِحاب. قَالَ بِشْر بنُ أبي خازِم:
(ألَظَّ بهِنّ يحْدوهُنّ حتّى ... تبيّنَتِ الحِيالُ من} الوِساقِ)
ويُقال أَيْضا: نوقٌ {مواسِقُ} ومَواسيقُ جمْع على غيْرِ قِياس، كَمَا فِي الصِّحاح. قَالَ ابنُ سيدَه: وعِندي أنّهما جمْعُ {مِيساق} ومَوْسِق. وَمن المَجاز قولُهم: لَا آتيكَ مَا! وسَقَت العيْنُ الماءَ أَي: مَا حمَلَتْه.

(26/470)


وَفِي المُحيطِ واللّسان: الوَسيقُ كأميرٍ: السَّوْقُ. وَمِنْه قولُ الشاعِر: قرّبَها وَلم تكَدْ تُقَرَّبُ من آلِ نَسْيان {وَسيقٌ أجْدَبُ)
وَفِي المُحيط: الوسيق: المَطَر لأنّ السّحابَ يسِقُهُ أَي يطرُده.} والوَسْقُ بالفَتْح، كَمَا ضبَطه غيرُ وَاحِد، وَهُوَ المشْهور، وَفِيه لُغة أُخْرَى بكسرِ الْوَاو. نقَلَهُ ابنُ الْأَثِير، وعِياضٌ وابنُ قُرْقول، والفَيّوميّ، وَهُوَ مِكْيلَةٌ معْلومة، وَهُوَ سِتّون صَاعا بصاعِ النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ خمْسَةُ أرْطال وثُلُث. {فالوَسْقُ على هَذَا الحِساب مائَةٌ وستّون مَنّاً. وَقَالَ الزّجّاجُ: كُلُّ} وسْقٍ بالمُلَجَّم ثَلاثةُ أقفِزة. قَالَ: وستّون صَاعا: أربعةٌ وعشْرون مَكّوكاً بالمُلجَّم، وذلِك ثلاثَةُ أقفِزة.
وَفِي التّهذيب: الوسْقُ بالفَتْح: ستّون صَاعا وَهُوَ ثَلثمائة وَعِشْرُونَ رِطْلاً عِنْد أهلِ الحِجاز، وأرْبَعمائة وَثَمَانُونَ رِطْلاً عِنْد أهلِ العِراقِ على اختِلافِهم فِي مِقدار الصّاعِ والمُدّ. وَالْجمع {أوسُقٌ،} ووُسوق. قَالَ أَبُو ذُؤيب:
(مَا حُمِّلَ البُختيُّ عامَ غِيارِه ... عَلَيْهِ {الوُسوقُ بُرُّها وشَعيرُها)
وَفِي الحَدِيث: لَيْسَ فِيمَا دونَ خمْسةِ أوْسُقٍ من التّمرِ صدَقَةٌ. قَالَ عَطاء: خمْسَةُ} أوْسُق هِيَ ثَلثمائة صاعٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الحسَنُ وابنُ المُسَيّب. أَو الوَسْق: حِمْلُ الْبَعِير، والوِقْرُ: حِمْلُ البَغْل أَو الحِمار، هَذَا قولُ الخَليل. وَقَالَ غَيره: {الوَسْق: العِدْل، وَقيل: العِدْلانِ، وَقيل: الحِمْلُ عامّةً.
وَجمع الزّمخشريّ بيْن القوْلَين فَقَالَ: الوَسْقُ: ستّون صَاعا، وَهُوَ حِمْلُ بعير، وَأنْشد غيرُه: أينَ الشِّظاظانِ وأينَ المِرْبَعَهْ وأينَ} وسْقُ الناقَةِ الجَلَنْفَعَهْ

(26/471)


{ووسّقَ الحِنْطَةَ} توْسيقاً: جعلَها، وَفِي بعض نُسَخ الصِّحَاح: حمَلَها {وسْقاً} وسْقاً. {وأوسَقَ البَعيرَ: أوْقَرَه، وَفِي الصِّحَاح: حمّلَه حِمْلَه. ويُقال:} وسّقَت النّخلَةُ: إِذا حمَلت، فَإِذا كثُر حَمْلُها فقد {أوْسَقَت، أَي: حمَلت} وسْقاً. قَالَ لَبيد:
(يومَ أرْزاقُ من يُفضِّلُ عُمٌّ ... موسَقاتٌ وحُفَّلٌ أبْكارُ)
{واستَوْسَقَت الإبِل أَي اجتَمَعت. وأنشدَ الجوهريّ للعَجّاج: إنّ لنا قلائِصاً حَقائِقا} مُسْتَوسِقاتٍ لَو يجِدْنَ سائِقا وَمن المَجاز: {اتّسَقَ أمرُه، أَي: انْتَظَم. وَمن الْمجَاز:} واسَقَه {مُواسَقَةً،} ووِساقاً: عارَضَه فَكَانَ مثلَه وَلم يكُن دونَ. قَالَ جَنْدَلٌ: فلسْتَ إنْ جاريْتَني {- مُواسِقي)
ولستَ إِن فرَرْتَ منّي سابِقي (و) } واسَقَه أَيْضا: إِذا ناهَدَه {مُواسَقَةً،} ووِساقاً. قَالَ عديُّ بنُ زيْدِ العِباديّ:
(ونَدامَى لَا يبْخَلونَ بِمَا نَا ... لُوا وَلَا يُعسِرونَ عندَ {الوِساقِ)
وَقَالَ أَبُو عُبيد:} المِيساقُ: الطائِر الَّذِي يُصفِّقُ بجَناحَيْه إِذا طَار، ج: {مَياسِيقُ، هَكَذَا نقلَه الجوهريّ. وَقَالَ الأزهريّ:} مآسيقُ. قَالَ: هَكَذَا سمِعْتُه بالهَمْز. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: {الوَسْق، بالفَتْح لَا غيرُ: وِقْرُ النّخلَةِ، نقلَه ابنُ برّي عَن أبي عُبيد، ذكَره فِي بَاب طلْع النّخْل. يُقال: حمَلَتْ} وسْقاً، أَي: وِقْراً، زَاد شمِرٌ: وَهِي لُغةُ العرَب، والجمْع {الأوْساقُ} والوُسوقُ.

(26/472)


وَقد {وسَقَتْ} وسْقاً، أَي: حمَلت وِقْراً. {ووَسَقت الأتانُ: حمَلَت ولدا فِي بطْنِها، وَكَذَلِكَ الشّاةُ.} والميساقُ من الحَمام: الوافِرُ الجَناح، وَقيل: هُوَ على التّشْبيهِ، جعلُوا جَناحَيْهِ لَهُ {كالوَسْق، جمعُه:} مآسيقُ بالهَمْز. وَقد ذُكِر فِي الهَمْزِ. وكلّ مَا انضَمّ فقد {اتّسَق. والطّريق يأْتَسِقُ،} ويتّسِقُ، أَي: ينْضَمّ، حَكَاهُ الكِسائيّ. وقولُه تَعَالَى:) والقَمَرِ إِذا {اتّسَقَ (أَي: استَوى.} واتِّساقُ القَمَر: امتلاؤه واجْتِماعُه واستِواؤُه ليلَة ثَلاثَ عشْرةَ وأربَعَ عشْرَةَ. وَقَالَ الفرّاءُ: الى سرَّ عشْرةَ فيهِنّ امتلاؤُه {واتّساقه.
وَقَالَ أَبُو عمْرو: من أسْماءِ القَمَر: الوَبّاصُ، والطَّوْس،} والمُتَّسِق، والجَلَمُ، والزِّبْرِقانُ، والسِّنِمار. {والوَسْقُ: ضمُّ الشّيءِ الى الشّيء.} واستَوسَقوا: استَجْمَعوا وانْضَمّوا. وَفِي حَدِيث النّجاشيّ: {واسْتَوسَقَ عَلَيْهِ أمْر الحَبَشة أَي: اجتَمعوا على طاعَتِه واستقرّ المُلْكُ فِيهِ.} ووسّقَ الإبلَ، {فاسْتَوسَقَت، أَي: طرَدَها فأطاعت، عَن ابنِ الأعرابيّ.} واستَوْسَقَ لَك الْأَمر: أمكنَك.
{واتّسَقَت الإبِلُ: اجتَمَعت. وناقةٌ} وسيقَةٌ: حامِل. {واستَوْسَق أمْرُه: انْتَظَم، وَهُوَ مجَاز. وطردَ الحِمارُ} وَسيقَتَه، أَي: عانَتَه، وَهُوَ مَجازٌ. وَهُوَ لَا {يُواسِقُ فُلاناً، أَي: لَا يُعادِلُه، وَهُوَ مَجاز.
وَتقول العربُ: إنّ اللّيلَ لطَويلٌ وَلَا} أسِقُ بالَه، وَلَا {أسِقْهُ بَالا بالرّفع والجزْم من قوْلك:} وسَقَ: إِذا جمَع، أَي: وُكِلتُ بجَمْع الهُمومِ فِيهِ. وَقَالَ اللِّحياني: معْناه لَا يجْتَمِعُ لَهُ أمْرُه، قَالَ: وَهُوَ دُعاءٌ. قَالَ الأزهريّ: ومثلُه: إنّ اللّيلَ

(26/473)


طويلٌ وَلَا يَطُلْ إِلَّا بخيْرٍ، أَي: لَا طالَ إِلَّا بخَيْر. وَقَالَ الأصمعيّ: فرسٌ مِعْتاقُ {الوَسيقة، وَهُوَ الَّذِي إِذا طُرِد عَلَيْهِ طَريدةٌ أنجاها، وسَبَق بهَا، وَأنْشد:
(ألم أظْلِفْ عنِ الشُعَراءِ عِرْضي ... كَمَا ظُلِفَ} الوسيقَةُ بالكُراعِ)

وش ق
{الوَشيقُ،} والوَشيقَةُ: لحْمٌ يُقَدَّدُ حَتَّى يقِبَّ، أَي: ييْبَس وتذْهَبَ نُدوَّتُه، قَالَه اللّيث، أَو يُغْلَى فِي ماءٍ وملح، ويُرْفَع، وَقيل: هُوَ أَن يُغْلَى إغلاءَةً ثمَّ يُرْفَع، وزادَ بعضُهم: ثمَّ يُقدَّدُ ويُحملُ فِي الأسفارِ وَلَا ينْضَجُ فيتهرّأ، قالَه أَبُو عبيد. قَالَ: وزعَم بعضُهم أنّه بمنزِلَة القَديدِ لَا تَمَسُّه النّارُ. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: هُوَ لحْم يُطْبَخُ فِي ماءٍ ومِلْحِ، ثمَّ يُخْرَجُ، فيَصير فِي الجُبْجُبَة وَهُوَ جِلدُ البَعير يُقَوَّر ثمَّ يفجعَلُ ذَلِك اللّحْم فِيهِ، فيكونُ زاداً لَهُم فِي أسْفارِهم، وَهُوَ أبْقَى قَديد يكون، والجمعُ {الوَشائِق، وَمِنْه حديثُ عائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أُهْديَتْ لَهُ} وَشيقَةُ قَديدِ ظَبْيٍ فردّها. وَفِي حديثِ أبي سَعيدٍ: كُنا نتزوَّدُ من {وَشيقِ الحجّ. وَفِي حَدِيث جيْشِ الخَبَط: وتزوّدْنا من لحْمِه} وشائِقَ.
وَقَالَ جَزْءُ بنُ رَباحٍ الباهِليّ:
(ترُدُّ العيْنَ لَا تَنْدَى عِذاراً ... ويكثُر عندَ سائِسِها {الوَشيقُ)
} ووَشَقَه {يشِقُه} وشْقاً، وأشَقَه على البَدَل: قدّدَه، {كاتّشَقَه جعله} وشائِقَ. وَيُقَال: {اتّشَقَ} وشيقَةً {اتِّشاقاً: اتّخذَها. قَالَ حُمام بنُ زيْدِ مَناة:
(إِذا عرَضَتْ مِنْهَا كَهاةٌ سَمينةٌ ... فَلَا تُهدِ مِنْهَا} واتّشِقْ وتجَبْجَبِ)
(و) {وَشَق فُلاناً} وشقاً: طعَنَه. ووَشَق زيْدٌ إِذا أسْرَعَ. يُقَال: مرّ! يشِق، أَي: يُسرِع.

(26/474)


{والواشِق، كصاحِب: القَليل من اللّبَن. وَأَيْضًا الذاهِبُ المُضيءُ،} كالوَشّاقِ ككتّان، نَقله الصاغانيّ. قَالَ: (و) {الواشِق: لُغة فِي الباشِق لهَذَا الطائِر. (و) } واشِق بِلَا لَام: اسْم كلْب. قَالَ النابغةُ الذُبيانيّ:
(لمّا رأى {واشِقٌ إقْعاصَ صاحِبه ... وَلَا سَبيلَ الى عقْلٍ وَلَا قَوَدِ)
وواشِقٌ: اسمُ رجلٍ، وَهُوَ والِدُ بَرْوَع الصّحابيّة رَضِي اللهُ عَنْهَا، وَهِي زوْجة هِلالِ بن مُرّةَ، قيل: رؤاسيّةٌ، وَقيل: أشْجَعيّةٌ، رَوى عَنْهَا سَعيدُ بنُ المُسيَّب، وَقد ذُكِرت فِي ب ر ع.
} والتّوشيقُ: التّقْطيعُ والتّفريقُ. {وتواشقَه القومُ بأسْيافِهم: جعَلوه} وشائِقَ كَمَا يُقْطَع اللّحْمُ إِذا قُدِّدَ، وَقد جاءَ فِي حديثِ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمان رضيَ الله عَنهُ كاتّشَقوه اتِّشاقاً. {وأوْشَقَ الشّيءُ: نشِبَ فِي شيْءٍ كَمَا يوشَقُ القُفْل إِذا نشِبَ فِيهِ المِفْتاح.} والمَواشيقُ: أسْنانُ والمِفْتاح سفمّيتْ لذَلِك.
{والوَشْقُ، بالفَتْح: الرِّعْيُ المُتفرِّقُ يُقَال: ليسَ فِي أرضِنا غيْرُ} وَشْق. {ووَشْقَة، كحَمْزَة: د، بالأندَلُس.} والوُشَّقُ كرُكّعٍ: لُغَة فِي الأُشَّقِ لهَذَا الدّواء. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: {الوَشْقُ: العَضُّ، وَقد} وشَقَه {وشْقاً: خدَشَه. وسيْرٌ} وشيقٌ: خفيفٌ سَريعٌ. {ووَشَق المِفْتاحُ فِي القُفْلِ} وشْقاً: إِذا نشِب.)
{والمَوْشِق، كمَجْلِس: قِرابُ القَوْس.} والوَشَق، مُحرّكةً: دابّة تُتّخَذُ مِنْهَا

(26/475)


الفِراءُ الجيّدةُ، اسْتَدرَكَه المُحِبُّ ابنُ الشِّحْنَةِ فِي هامِش قاموسِه.
وص ق
{الوَصيقُ، كأميرٍ أهْمَلَه الجوهريّ وصاحِبُ اللّسان. وَقَالَ الصاغانيّ: هُوَ جبَل أدْناه لكِنانَةَ وشِقُّه الآخرُ لهُذَيْل.
وع ق
} الوَعيقُ والوُعاقُ كأمير، وغُراب: صوْت يُسمَعُ من بطْنِ الدّابّةِ إِذا مشَتْ بمنْزِلَةِ الخَقيق من قُنْبِ الذَّكَر، قَالَه اللّيثُ. وَقيل: هُوَ من بطْنِ الفَرَس المُقْرِف، وَكَذَلِكَ الوَغيقُ، والوُغاق. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: هُوَ صوْت جُرْدانِه إِذا تقَلْقَل فِي قُنْبِه، وصوّبه الأزهريّ، قَالَ: وجميعُ مَا قالَه اللّيثُ فِي {الوَعيق والخَقيقِ فَهُوَ خطأ. فعْلُه كوعَد يُقال:} وعَقَ {يعِقُ} وَعيقاً {ووُعاقاً، قالَه اللّيثُ.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: ليسَ لَهُ فِعْلٌ. ورجُلٌ} وَعْق، كعَدْلٍ، وصَخْرة، وكتِفٍ: شرِسٌ ضيّقٌ سيئُ الخُلُقِ عَن ابْن الأعرابيّ. وَأنْشد قولَ الأخْطَل:
(مُوطَّأُ البيتِ محْمودٌ شَمائِلُه ... عندَ الحَمالَةِ لَا كزٌّ وَلَا {وَعِقُ)
ويُرْوى: وَلَا عَوِق، وَقد تقدّم. وَقَالَ الفرّاءُ: رجلٌ} وعْقَةٌ: ضجِر متبرِّمٌ. وَمِنْه حَدِيث عُمر وذُكر لَهُ الزّبَير رَضِي الله عَنْهُمَا، فَقَالَ: وَعْقَةٌ لَقِسٌ. وَبِه {وَعْقَةٌ أَي: شَراسَة وشدّةُ خُلُقٍ، نَقله الجوهريّ. وأصلُ} الوَعْقِ: العَجَلَة والسُرْعةُ. يُقال: وعِقْتَ عليّ يَا رجُلُ، كوَرثْتَ أَي: عجِلْت عليّ. وأنتَ {وعْقٌ، أَي: نزِقٌ. وَمَا} أوعَقَك أَي: مَا أعْجَلَك عَن ابنِ عبّاد. {وواعِقَة: ع عَن ابنِ دُرَيد.} والتّوْعيقُ: التّعويقُ على القَلْب.

(26/476)


وَقَالَ شَمِر: {التّوعيقُ: الخِلافُ والفَسادُ والعيْثُ. وأنشدَ لرؤبَة: حتّى اشْفَتَرّوا فِي البِلادِ أُبَّقا قَتْلاً} وتوْعيقاً على مَنْ {وعّقا وَقيل: التّوعيقُ: النسْبةُ الى الشّراسَة، وَمِنْه قَول رؤبَة: مَخافَةَ الله وَأَن} يوعَّقا على امرئٍ ضلّ الهُدَى وأوْبَقا أَي: أَن يُنسَبَ الى ذلِك. وَقَالَ الجوهريّ أَي: يُقال لَهُ: إنّك {لوَعِقٌ. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: رجُلٌ} وعْقة لَعْقَة: نكِدٌ لَئيمُ الخُلُق. ويُقال: وعِقَة أَيْضا، بكسْر العيْن، وَقد {توعّق،} واستَوْعَق. وَرجل {وَعِق لعِق، ككَتِف، أَي: حريصٌ جاهِلٌ. وَقيل: فِيهِ حِرْصٌ ووُقوعٌ فِي الْأَمر بالجهْل، وَقد وَعِقَه الطّمَعُ والجَهْلُ. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: رجُلٌ} وعْقَة، أَي: صخّابة. {والوَعيقُ، والوُعاقُ: صوْتُ كلِّ شَيْء.} وتوعّق: خالَفَ. قَالَ رؤبة: بُعْداً من الغَدْرِ وإنْ {توعَّقا
وغ ق
} الوَغيقُ كأمير، أهملَه الجوهريّ. وَقَالَ اللّحيانيّ: هُوَ مثلُ الوَعيقِ بالعَيْنِ المُهْمَلة أَو هوَ صوْتٌ يخرُج من قُنْبِ الذّكَر، وَقد تقدّم الاختِلافُ فِيهِ، كَمَا فِي العُباب. وأوردَه صاحبُ اللّسان استِطراداً فِي وع ق.
وف ق
{الوَفيقُ من الرّجال كأمير: الرّفيقُ. يُقال: رَفيقٌ} وَفيق، قَالَه أَبُو زيد. ووَفيقٌ بِلَا لَام: عَلَمٌ.

(26/477)


(و) {الوَفْقُ، من المُوافَقَة بَين الشّيْئَيْن، كالالْتِحام. يُقال: حَلوبَتُهُ} وَفْقُ عِيالِه أَي: لَبَنُها قدْر كِفايَتِهم لَا فَضْلَ فِيهِ، كَمَا فِي الصّحاح. وَقيل: قَدْر مَا يَقوتُهم. قَالَ الرَّاعِي:
(أمّا الفَقيرُ الَّذِي كَانَت حَلوبَتُه ... وَفْقَ العِيال فَلم يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ)
ويُقال: أتيتُك {لوَفْقِ الأمرِ،} وتوْفاقِه، وتَيْفاقِه، {وتِيفاقِه بالكسْر، وَكَذَا:} لتَوْفيقِه، كُله بمعْنى. وَيُقَال: أتيتُك {لتوْفيقِ الهِلال،} وتوْفاقِه وتِيفاقِه بالفَتْح والكسْر {وميفاقِه بالكسْر} وتوَفُّقِه الأولى والأخيرة وهما التّوفيقُ والتّوَفُّق عَن اللّحْياني، وَمَا عَداهُما عَن الأحْمَر أَي: حينَ أهَلّ الهِلالُ، أَي: وَقت طَلَع الهِلال. وَفِي حَديثِ عليٍّ رَضِي الله عَنهُ، وسُئلَ عَن البيتِ المَعْمور فَقَالَ: هُوَ بيْتٌ فِي السّماءِ {تِيفاقَ الكعْبَةِ بالكسْر ويُفْتَحُ أَي: حِذاءَها ومُقابِلَها. وأصلُ الكلِمة الواوُ، والياءُ زائِدَةٌ، وَقد ذكَره المُصنِّفُ أَيْضا فِي ت ف ق. والصّوابُ أنّ موضعَه هُنَا.} ووَفِقْتَ أمْرَك، {تفِقُ بالكسْر فيهمَا كرَشِدْتَ أمرَك، أَي: صادفْتَه} مُوافِقاً. قَالَ شيخُنا: الأوْلَى وَزنه بوَرِثْتَ لأنّ أَخُوهُ، وأمّا رشِد فالأفْصَح فِيهِ فتْح الْمَاضِي وضمُّ المُضارع، ككتَب، وربّما قيل رَشِدَ، بِالْكَسْرِ، والحديثُ إِنَّمَا رُوي كنَصَر، كَمَا وقَع فِي مُناظَرَةِ الدّمياطيّ وابنِ المُرَحَّلِ، وَعَلِيهِ اقتَصَر سيبَوَيْهِ فِي الكِتابِ، وابنُ هِشامٍ وغيرُ وَاحِد، فَلَا مُشابَهَة بيْنه وَبَين {وَفِقَ حَتَّى يزِنَه بِهِ، انْتهى. قل: الأمرُ كَمَا ذكره شيخُنا، وكأنّ المُصنِّفَ نظَر الى اتِّحادِهما فِي المَعْنى، مَعَ اشْتراكِهما فِي الضّبطِ، وَلَو)
على غيْرِ الأفْصحِ، ويدُلّ لذَلِك نصُّ الْجَوْهَرِي والصاغانيّ، قَالَا: يُقال:} وفِقْتَ أمْرَك {تفِقُ، بِالْكَسْرِ فيهمَا، أَي: صادَفْتَه} موافِقاً، وَهُوَ من! التّوفيق، كَمَا يُقال: رشِدْتَ أمْرَك.

(26/478)


قُلت: وَهَكَذَا هُوَ نصّ الكِسائيّ. يُقال: رشِدْتَ أمْرَكَ، {ووَفِقْتَ رأيَك. ومعْنى} وَفِق أمرَه: وجَدَه {مُوافِقاً، فتأمّل ذَلِك.
} وأوفَقَ السّهْمَ، و {أوْفَق بهِ: إِذا وضَع الفُوقَ فِي الوَتَر ليَرْميَ كأنّه قلْبُ أفْوق. وَلَا يُقال أفْوَق كَمَا فِي الصّحاح، واشتُقّ هَذَا الْفِعْل من} مُوافقَة الوَتَر مَحَزَّ الفوق. قَالَ الأزهريّ: الأَصْل أفْوَق، وَمن قَالَ: أوْفَق فَهُوَ مقْلوبٌ. وأنشدَ الأصمعيّ: {وأوْفَقَتْ فِي الرّمْيِ حَشْراتُ الرَّشَقْ وَقد مضى شيءٌ من ذَلِك. وَقَالَ ابنُ بُزُرجَ:} أوفَقَ القومُ لفُلان: إِذا دَنَوْا مِنْهُ واجتَمَعت كلِمَتُهم عَلَيْهِ. قَالَ: (و) {أوفَقَت الإبِلُ أَي: اصطفّتْ واستَوَتْ مَعاً كَذَا فِي اللّسان والعُباب. ويُقال:} أُوفِقَ لزَيد لقاؤُنا بالضمّ أَي: كَانَ لِقاؤه فجْأة ومُصادَفةً، نَقله الصاغانيّ. {ووافَقْتُ السّهْمَ بالسّهْمِ أَي: قصدتُ لَهُ بِهِ نقَله الصاغانيّ. (و) } وافَقتُ فُلاناً بموضِع كَذَا أَي: صادَفْتُه. وَكَذَا {وافَقْتُه على كَذَا، أَي: اتّفَقْنا عَلَيْهِ مَعاً، كَمَا فِي الأساس.} والتّوافُق: الِاتِّفَاق والتّظاهُر. يُقال: {وافَقَه} مُوافَقَة {ووِفاقاً،} واتّفَق مَعَه {وتَوافَقا. وَقد} تَوافَقوا بالنّبل. {واتّفَقا: تَقارَبا واجْتَمعا على أمْرٍ واحدٍ.} والمُتَوَفِّقُ: مَنْ جمَع الكلامَ وهيّأَه نقَله الصاغانيّ. {واستوفَقْتُ اللهَ جلّ وعزّ: سألْتُه} التّوفيق أَي: الإلهامَ للخَيْر.
وإنّه! لمُسْتَوفَقٌ لَهُ بالحُجّة بفتْح

(26/479)


الْفَاء، ومُفيق لَهُ: إِذا أصابَ فِيهَا. ويُقال: {وفّقَه اللهُ} تَوْفِيقًا: ألْهَمَه للخَير، أَو جعلَه رشيدا. ويُقال: لَا {يتوفّقُ عبْدٌ إلاّ} بتوْفيقِه، وَهُوَ مأخوذٌ من الحَدِيث: لَا يتوفّقُ عبْدٌ حَتَّى {يوفِّقَه الله. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ:} الوِفاقُ، بالكسْر: {المُوافَقَةُ، وقولُه تَعَالَى:) جَزاءً} وِفاقاً (أَي: جَزاءً {وافَقَ أعْمالَهم. وَقَالَ مُقاتِلٌ: وافَقَ العذابُ الذّنبَ، فَلَا ذنْبَ أعْظمُ من الشِّرْكِ. وَتقول: هَذَا} وَفْقُه، {ووِفاقُه، وفيقُه وفوقه، وسيُّه وعِدْلُه وَاحِد. قَالَ اللّيثُ:} الوَفْقُ: كلُّ شيءٍ يكونُ متّفِقاً على {تيفاقٍ واحِد فَهُوَ وَفْق، كَقَوْلِه: يهْوِين شتّى ويَقَعْنَ} وَفْقا وَمِنْه {المُوافَقَة. وَقَالَ عُوَيْفُ القَوافي: يَا عَمرَ الخيْرِ المُلَقّى} وَفْقَهْ سُمّيت بالفاروقِ فافْرُق فَرْقَهْ قلت: وَمِنْه الوَفْق عِنْد أئمّة الحرْف {لتَوافُق أضلاعِه وأقْطاره، والجمْع} أوفاقٌ. {ووافَقَه على أمرٍ:)
اتّفَقَ مَعَه عَلَيْهِ. وجاءَ القومُ} وَفْقاً، أَي: {مُتوافِقِين. وكُنتُ عندَ وَفْقِ طَلَعَتِ الشّمسُ أَي: حِين طلَعت، أَو ساعةَ طلَعَت، عَن اللّحيانيّ.} والوَفْق: {التّوفيقُ. وإنّ فلَانا} موَفَّقٌ، أَي: رَشيدٌ. وكُنّا من أمرنَا على {وِفاقٍ.} ووفّق بيْن الأشياءِ المُختلفة: إِذا ضمّها بالمُناسَبة. {ووفِق الأمرُ} يفِق بالكسْر فيهمَا: كَانَ صَواباً مُوافِقاً للمُراد، كَمَا فِي الأساس. وَقيل: حسُن، كَمَا فِي شرْح لامِيّة الأفعالِ لابْنِ النّاظِم. وَقَالَ اللّحياني:! وَفِقه بالكسْر: إِذا

(26/480)


فهِمه، قَالَ: ونظيرُه ورِع يرِع، ووَثِق يثِق. وَفِي النّوادِر: فلانٌ لَا {يفِقُ لكَذا وكَذا، أَي: لَا يقْدِر لَهُ لوقْتِه. وحَكى اللّحياني: أتَيْتُك} لوَفْقِ تفْعَل ذلِك، {وتَوْفاق،} وتِيفاق، {ومِيفاق أَي: لحين فعْلِك ذلِك.} ووَفِقْتَ أمرَك: صادَفْتَه مُوافِقاً لإرادَتِك. {ووُفِّقْتَ أمْرَك: أُعطيتَه مُوافِقاً لمُرادِك، كَمَا فِي الأساس. وَقد سمّوا} مُوفَّقاً، {ووِفاقاً، كمُعَظَّم وكِتاب.} والمُوفَّقُ، كمُعَظَّم: لقَبُ عبد الْعَزِيز بن عبد الرّحمن الثّعالبيّ، قَاضِي القُضاة بالمَغْرب.
وق ق
{الوَقُّ: صِياحُ الصُّرَدِ، نقَلَه الصاغانيّ.} والوَقْواقُ: الجَبانُ كالوَكْواك، نَقله الجوهريّ. قَالَ: (و) {الوَقْواقُ: شجَرٌ تُتّخَذُ مِنْهُ الدُّوِيُّ. قَالَ: وبلادُ الوَقْواقِ: فوْقَ بلادِ الصّين. قَالَ:} والوَقْوَقَة: نُباحُ الكِلاب عندَ الفَرَقِ. قَالَ الشَّاعِر: حتّى ضضغا نابِحُهم {فوَقْوَقا والكَلْبُ لَا ينْبَحُ إِلَّا فَرَقا (و) } الوَقْوَقَة: أصواتُ الطّيور وجلَبَتُها عِنْد السّحَر، عَن ابنِ دُريد. وَقَالَ اللّيثُ: رجُلٌ {وَقْواقَة أَي: مِكْثارٌ، وامرأةٌ وَقْواقة كذلِك، قَالَ أَبُو بدْرٍ السُلَميّ: إنّ ابْنَ تُرْنَى أمُّه} وَقْواقَهْ تَأتي تَقول البوق والحَماقَهْ وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: {وقْوَقَ الرّجل: ضعُف.} والوَقْواقُ: طائِرٌ، وَلَيْسَ بثَبت.

(26/481)


ول ق
{ولَقَ} يلِقُ {ولْقاً: أسْرَع عَن أبي عَمْرو. يُقال: جاءَت الإبلُ} تلِق، أَي: تُسرِع. وأنشدَ للقُلاخِ بنِ حزْن: جاءَت بِهِ عنْسٌ من الشّامِ {تلِقْ (و) } وَلَق فُلاناً {يلِقُه: طعَنَه طعْناً خَفِيفا. وَيُقَال:} ولَقَه بالسّيف {ولَقاتٍ أَي: ضرَبَه بِهِ ضرَبات. وولَق فِي السّيرِ، أَو فِي الكذِبِ يلِقُ ولْقاً: إِذا استمرّ فيهمَا. وَمِنْه قولُ عليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لرجُل: كذبْتَ واللهِ} ووَلَقْت، وإنّما أعادَه تَأْكِيدًا، لاختِلاف اللّفظ. وَمِنْه قِراءَةُ عائِشةَ رَضِي الله عَنْهَا، ويَحْيَى بنِ يعْمَرَ وعُبَيد بنِ عُمير، وزيْد بن عَليّ، وَأبي مَعْمر) إِذْ تلِقونَه بألسِنَتِكُم (وَنقل الفَرّاءُ هَذِه القِراءة، وَقَالَ: هَذِه حِكَايَة أهلِ اللّغة، جَاءُوا بالمُتَعدّي شاهِداً على غير المتعدّي. قَالَ ابنُ سيدَه: وَعِنْدِي أنّه أَرَادَ إِذْ {تلِقون فِيهِ، فحذَفَ وأوصَل. قَالَ الفرّاءُ: وَهُوَ} الوَلْق فِي الكذِب بمنزلِة إِذا استمرّ فِي السّير والكذِب، وَبِه تعلم أَن مَا ذكره سعْدي جلَبي فِي حاشِيَة القَاضِي من أنّ ولَق بِمَعْنى كذب لَا يتَعدّى وتكلّم على هَذِه الْقِرَاءَة صحيحٌ، وَقد أوْهَمه شيخُنا. {والوَلَقَى، كجَمَزَى: عدْوٌ للنّاقةِ فِيهِ شدّةٌ كأنّه ينْزو، كَذَا حَكَاهُ أَبُو عُبيد، فجعلَ النّزَوانَ للعَدْوِ، مَجازاً وتقْريباً. (و) } الوَلَقَى: النَّاقة السّريعة يُقال:! الوَلَقَى تعْدو الوَلَقَى.

(26/482)


{والوَليقَةُ: نوعٌ من الطّعام تُتَّخذُ من دَقيقٍ ولَبَنٍ وسمْنٍ، رَوَاهُ الأزهريُّ عَن ابنِ دُريد، قَالَ: وأُراه أخذَه من كِتاب اللّيْثِ، قَالَ: وَلَا أعرِفُ} الوَليقَةَ لغيرِهما. {والأوْلَقُ كالأفْكَلِ: الجُنونُ، أَو شِبْهُه، وَهُوَ الخِفّةُ والنّشاطُ. أجازَ الفارسيّ أَن يكون أفْعَلَ من الوَلَق الَّذِي هُوَ السُرعة، وَقد ذُكِر بالهَمْزِ. قَالَ الْأَعْشَى يصِفُ ناقتَه:
(وتُصْبِحُ عَن غِبِّ السُّرَى وكأنّما ... ألمّ بهَا من طائِفِ الجِنِّ} أوْلَقُ)
وَهُوَ أفْعَل لأنّهم قَالُوا أُلِقَ الرّجلُ كعُنِي، فَهُوَ مألوقٌ على مَفْعول. ويُقال أَيْضا: مُؤَوْلَقٌ على مِثَال مُعَوْلَق، فإنْ جعلْتَه من هَذَا فَهُوَ فوْعل، هَذَا نصُّ الجوهَريّ، وَقد سبَق للمُصنِّف فِي أل ق وأعادَه هُنَا، كأنّه إِشَارَة الى أنّ فِيهِ قوْلَينِ. قَالَ ابنُ برّي: قولُ الجوهريّ: وَهُوَ أفْعل لأنّهم قَالُوا: أُلِقَ الرّجلُ فَهُوَ مألوق، سهْو مِنْهُ، وصَوابُه وَهُوَ فوْعَلٌ لأنّ همْزَته أصليّةٌ، بدَليل أُلِقَ ومألوق، وإنّما يكونُ أوْلَق أفْعَل فيمَن جعله من {ولَق} يلِق: إِذا أسْرع، فأمّا إِذا كَانَ من أُلِقَ: إِذا جُنّ، فَهُوَ فوْعَلٌ لَا غيرُ. وجَنْدَلُ بنُ {والِق، كصاحِب: تابِعيٌّ كوفيّ، رَوى عَن عُمَرَ بن)
الخطّاب، وَعنهُ عِيسَى بن يُونُس.} - والوالِقيّ: فرَسٌ كَانَ لخُزاعَة. قَالَ كُثيّر:
(يُغادِرْنَ عسْبَ {- الوالِقيِّ وناصِحٍ ... تخُصُّ بِهِ أمُّ الطّريقِ عيالَها)
نَقله ابنُ برّي والصاغانيّ. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ:} الوَلْق: إسْراعُك بالشّيءِ فِي أثَر الشّيءِ، كعَدْوِ فِي أثَر عدْو، وكلامٍ فِي أثَرِ كَلَام. أنْشد ابنُ الْأَعرَابِي: أَحينَ بلَغْتُ الأربَعينَ وأُحْصِيَتْعليّإذا لم يعْفُ ربّي ذُنوبُها

(26/483)


(تُصَبِّيننا حتّى ترِقّ قُلوبُنا ... {أوالِقُ مِخْلاف الغَداةِ كَذوبُها)
قَالَ ابنُ سيدَه: أوالِقُ من} وَلْق الكَلام. وَقَالَ غيرُه: من ألْقِ الكَلامِ، وَهُوَ مُتابعتُه. {والوَلْق: السّيرُ السّهلُ السريعُ، وَقد يوصَف العُقاب بالوَلَقَى.} والميْلَق، كحَيْدَر: السّريع الخَفيفُ قيل: من {الوَلْقِ، الَّذِي هُوَ السّيْرُ السّهلُ السّريع. وَقيل: من الوَلْق: الَّذِي هُوَ الطّعْن. ويُروى مِئْلَق، كمِنْبر مهْموز من المألوق، أَي: المجْنون.} ووَلَق الْكَلَام: دبّره، وَبِه فسّر الليثُ قولَه تَعَالَى:) إِذْ تلِقونه (أَي: تُدبِّرونَه، ومثلُه فِي كِتابِ الأفْعالِ للسّرَقُسْطي. وَقَالَ الأزهريّ: لَا أدْري: تُدَبِّرونه، أَو تُديرونَه.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: {ولَقَ الحديثَ: أفشاهُ واختَرَعه.} ووَلَقَه بالسّوْط: ضرَبه. {ووَلَق عينَه: ضرَبَها ففقَأَها.
وم ق
} ومِقَه، كورِثه نَادِر {وَمْقاً،} ومِقَةً كعِدَةٍ، والهاءُ عوَضٌ من الْوَاو: أحبّه، فَهُوَ {وامِقٌ، وَلَا يُقال:} وَمِقٌ. قَالَ جميل:
(وماذا عَسى الواشونَ أنْ يتحدّثوا ... سِوَى أنْ يَقُولُوا إنّني لكِ {وامِقُ)
يُقال: أَنا لَك ذُو} مِقَة، وَبِك ذُو ثِقَة. وَفِي الحَدِيث: أنّه اطّلَعَ من وافِدِ قوْمٍ على كِذْبة، فَقَالَ: لوْلا سَخاءٌ فِيك وَمِقَكَ اللهُ عَلَيْهِ لشرّدْتُ بك أَي: أحبّك اللهُ عَلَيْهِ. {وتومّق: تودّد. قَالَ رؤبة: وَقد أَرَانِي مرِحاً مُفَنَّقا زيرا أُماني وُدَّ مَنْ} تومَّقا وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ: يُقال: هُوَ! موْموقٌ إليّ.

(26/484)


{ووامَقْته} مُوامَقَة {ووِماقاً. ومازِلْنا} نتَوامَقُ. وَقَالَ أَبُو رِياش: {ومَقْتُه} وِماقاً، وفرّقَ بَين {الوِماقِ والعِشْقِ، فَقَالَ:} الوِماقُ: محبةٌ لغيْرِ رِيبَة. والعِشْقُ: محبّةٌ لرِيبَة. ورجلٌ {وَميقٌ، حَكَاهُ ابنُ جنّي، وَأنْشد لأبي دُوادٍ:
(سَقى دارَ سَلْمى حيثُ حلّتْ بهَا النّوى ... جَزاءَ حَبيبٍ من حَبيبٍ وَميقِ)

وو ق
} الواقَة: من طيْرِ الماءِ عِنْد أهلِ العِراق، قَالَه اللّيثُ، وَأنْشد: أبوكَ نَهاريٌّ وأمُّك {واقَةٌ قَالَ: وَمِنْهُم من يهْمِز الألِف، فَيَقُول: وأْقة، وَقد تقدّم، وبعضُهم يَقُول لهَذَا الطّير: القَاقَة.
وهـ ق
} الوَهَقُ، مُحرّكة عَن اللّيثِ. قَالَ الجوهريّك وَقد يُسَكَّنُ مثل نَهَر ونَهْر. قَالَ: وَهُوَ حبْلٌ كالطِّوَلِ زادَ ابنُ الْأَثِير: تُشدُّ بِهِ الإبِلُ والخيْلُ لِئَلَّا تنِدّ. وَقَالَ اللّيثُ: هُوَ الحبْلُ المُغارُ يُرْمى فِي أُنشوطَة، فتؤْخَذُ بِهِ الدابّة والإنسانُ. قَالَ ابنُ دُرَيْد: ج: {أوهاقٌ، وَمِنْه حديثُ عليّ رَضِي الله عَنهُ: وأغلَقَت المرْءَ} أوْهاقُ المنيّة أَو فارسيٌّ معرَّبٌ قَالَه ابنُ فَارس. {ووَهَقه عَنهُ كوَعَده} وهْقاً: حبَسَه وَهُوَ {موْهوق. وَأنْشد ابنُ برّي لعَديّ بنِ زيْد:
(بَكَرَ العاذِلون فِي فَلَقِ الصُّبْ ... حِ يقولونَ لي أمَا تسْتَفيقُ)

(ويَلومونَ فيكِ يَا ابْنَةَ عبْدِ الل ... هِ والقلْبُ عندَكُم موْهوقُ)
} والمُواهَقَة: أَن تسيرَ مثلَ سَيْرِ

(26/485)


صاحِبكَ، وَهِي شبْه المُواغَدَةِ، والمُواضَخَةِ كلُّه واحِدٌ، قَالَه أَبُو عمْرو، وَهُوَ مجَاز. وَقَالَ اللّيثُ: {المُواهَقَةُ: مدُّ الإبِل أعْناقَها فِي السّير ومُباراتُها والمُواظَبَةُ فِيهِ. وَهَذِه الناقةُ} تُواهِقُ هَذِه: كأنّها تُباريها فِي السّير، وتُماشيها. {وتوهّقَ فلانٌ فلَانا فِي الْكَلَام: إِذا اضْطَرّه فِيهِ الى مَا يتحيّرُ فِيهِ نَقله الصاغانيّ. (و) } توهّقَ الحصَى: اشتدّ حرُّه، ونصُّ أبي عمْرو: إِذا حمِيَ من الشّمسِ، وَأنْشد: وَقد سرَيْتُ اللّيل حتّى غرْدَقا حتّى إِذا حامِي الحصَى {توهَّقا قَالَ ابنُ فارِس: هُوَ من الإبْدالِ، إنّما هُوَ توهَّجَ. وَمن المَجاز:} تواهَقوا: إِذا استَوَوْا فِي الفِعال كَمَا فِي العُباب. وَفِي الأساس: {تواهَقوا فِي الفِعال: تبارَوْا وتكالَبوا. (و) } تواهَقَت الرِّكابُ: تسايَرَت. قَالَ ابنُ أحْمر:
( {وتواهَقَتْ أخْفافُها طَبَقاً ... والظِّلُّ لم يُفْضِلْ وَلم يُكْرِ)
كَمَا فِي الصّحاح. وَمِمَّا يُستَدْرَكُ عَلَيْهِ:} أوْهَقْتُ الدابّةَ من {الوَهَقِ، عَن ابْن دُرَيد.} وتَواهَقَ السّاقِيان: تبارَيا. أنْشَد يعْقوب: أكلَّ يوْمٍ لَك ضَيْزَنانِ علَى إزاءِ الحوْض مِلْهَزانِ بكَرْفَتَيْنِ! يتَواهَقانِ

(26/486)