تاج العروس (فصل الضَّاد الْمُعْجَمَة مَعَ اللاَّم)
ض أل
} الضَّئِيلُ، كَأمِيرٍ: الصَّغِيرُ الجِسْمِ، الدَّقِيقُ الْحَقِيرُ،
وَأَيْضًا: النَّحِيفُ، كَما فِي الصِّحاحِ، {كالْمُضْطَئِلِ فِيهِمَا،
أَي فِي الْحَقَارَةِ والنَّحافَةِ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:
(رَأيتُكَ يَا ابْنَ قُرْمَةَ حينَ تَسْمُو ... مَعَ القَرِمَيْنِ}
مُضْطَئِلَ المَقَامِ)
وقالَ عُمَرُ لِلْجِنِّيّ: إِنِّي أَراكَ {ضَئِيلاً شَخِيتاً. وَفِي
حديثِ الأَحْنَفِ: إِنَّكَ} لَضَئِيلٌ، أَي نَحِيفٌ ضَعِيفٌ. وقالَ
اللَّيْثُ: الضَّئِيلُ: نَعْتُ الشَّيْءِ فِي ضَعْفِهِ، وصِغَرِهِ،
ودِقَّتِهِ، ج: {ضُؤَلاَءُ، ككُرَماءَ،} وضِئَالٌ، بالكسرِ،
{وضَئِيلُونَ والأُنْثَى} ضَئِيلَةٌ، قالَ الجَعْدِيُّ:
(لَا {ضِئَالٌ وَلَا عَوَاوِيرُ حَمَّا ... لُونَ يَوْمَ الْخِطَابِ
لِلأَثْقَالِ)
وَقد} ضَؤُلَ، كَكَرُمَ، {ضَآلةً،} وتَضَاءَلَ، قالَ أَبُو خِرَاشٍ:
(وَمَا بَعْدَ أضنْ قد هَدَّنِي الدَّهْرُ هَدَّةً ... تَضَالَ لَها
جِسْمِي وَرَقَّ لَهَا عَظْمِي)
أَرادَ: {تَضَاءَلَ، فحَذَفَ، ورَوَى أَبُو عَمْرٍ و: تَضَاءَلْ لَها،
بالإِدْغَامِ،} وضَاءَلَ شَخْصَهُ: صَغَّرَهُ، وحَقَّرَهُ، كَيْلاَ
يَسْتَبِينَ، قالَ زُهَيْرٌ:
(فبَيْنَا نَذُودُ الْوَحْشَ جَاءَ غُلاَمُنَا ... يَدِبُّ ويُخْفِي
شَخْصَهُ {ويُضائِلُهُ)
} وتَضَاءَلَ الرَّجُلُ: أَخْفَى شَخْصَهُ قَاعِداً، وتَصَاغَرَ، ومنهُ
الحَدِيثُ: إِنَّ الْعَرْشَ عَلى مَنْكِبِ إِسْرافِيل، وإِنَّهُ
{لَيَتَضاءَلُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْوَصَعِ،
يُرِيدُ: يَتَصَاغَرُ، ويَدِقُّ) تَواضُعاً. ويُقالُ: هُوَ عَلَيْهِ}
ضُؤْلاَنٌ بالضَّمِّ: أَي كَلٌّ.
(29/339)
{والضُّؤْلَةُ، بالضَّمِّ، كَذَا فِي
النُّسَخِ، والصَّوابُ: كتُؤَدَةٍ: الضَّعِيفُ، النَّحِيفُ
الْحَقِيرُ.} والضَّئِيلَةُ، كسَفِينَةٍ: اللَّهَاةُ عَن ثَعْلَبٍ،
وَأَيْضًا: الْحَيَّةُ الدَّقِيقَةُ، كَما فِي الصِّحَاحِ، وَفِي
المُحْكَم: حَيَّةٌ كَأَنَّها أَفْعَى، قالَ النَّابِغَةُ
الذُّبْيانِيُّ:
(فَبِتُّ كَأَنِّي سَاوَرَتْنِي {ضَئِيلَةٌ ... مِنَ الرّقْشِ فِي
أَنْيَابِها السَّمَّ ناقِعُ)
وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: قالَ أَبُو زَيْدٍ:} ضَؤُلَ الرَّجُلُ،
ككَرُمَ، {ضَآلَةً: صَغُرَ، وفَالَ رَأيهُ، وَهُوَ مَجازٌّ.
ورَجُلٌ} مُتَضائِلٌ: شَخْتٌ، وقالَتْ زَيْنَبُ تَرْثِي أَخَاها
يَزِيدَ بنَ الطَّثَرِيَّةِ:
(فَتَىً قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتَضائِلٌ ... وَلَا رَهِلٌ
لَبَّاتُهُ وبآدِلُهْ)
نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. ونَسْجٌ مُتَضائِلٌ: رَقِيقٌ، قالَ مَالِكُ
ابنُ نُوَيْرَةَ:
(نُعِدُّ الجِيَادَ الحُوَّ والْكُمْتَ كالقَنَا ... وكُلَّ دِلاَصٍ
نَسْجُها مُتَضَائِلُ)
{وتَضَاءَلَ الشَّيْءُ: إِذا تَقَبَّضَ، وانْضَمَّ بَعْضُهُ إِلى
بَعْضٍ، واسْتَعْمَلَ أَبُو حَنِيفَةَ} التَّضاؤُلَ لِلْبَقْلِ، فقالَ:
إِنَّ الْكُرُنْبَ إِذا كانَ إِلَى جَنْبِ النَّخْلَةِ {تَضَاءَلَ
مِنْهَا، وذَلَّ، وساءَتْ حَالُهُ. وحَسَبُهُ عليْهِ} ضُؤْلاَنٌ، إِذا
عِيبَ بِهِ. {والضُّؤُولَةُ، بالضَّمِّ: الهُزَالُ، والْمَذَلَّةُ.
ض أَب ل
} الضِّئْبِلُ، كزِئْبِرٍ: وَقد تُضَمُّ باؤُهُمَا، ونَصُّ
الجَوْهَرِيُّ: ورُبَّما ضُمَّ الباءُ فيهمَا: الدَّاهِيَةُ، وأَنْشَدَ
الجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيتِ:
(وَلم تَتَكَأْدْهُمُ الْمُعْضِلاَتُ ... وَلَا مُصْمَئِلَّتُها
الضِّئْبِلُ)
قالَ ثَعْلَبٌ: ولَيْسَ فِي الكَلامِ فِعْلُلٌ غَيْرَهُما، أَي
بِكَسْرِ الفَاءِ وضَمِّ
(29/340)
اللاَّمِ، فَإِنْ كانَ هَذَا والزِّئْبُرُ
مَسْمُوعَيْنِ بِضَمِّ الباءِ فُهما من النَّوادِرِ. وقالَ ابنُ
كَيْسانَ: هَذَا إّذا جاءَ على هَذَا المِثَالِ شَهِدَ لِلْهَمْزَةِ
بِأَنَّها زَائِدَةٌ، وإِذا وَقَعَتْ حُرُوفُ الزِّيادَةِ فِي
الكَلِمَةِ جازَ أَنْ تَخْرُجَ عَن بِنَاءِ الأُصُولِ، فَلهَذَا مَا
جاءَتْ هَكَذَا، كَمَا فِي الصِّحاحِ، والعُبابِ. وَقَالَ
الأَزْهَرِيُّ فِي الثُّلاَثِيِّ الصَّحِيحِ قَالَ: أَهْمَلَهُ
اللَّيْثُ، قالَ: وفيهِ حَرْفٌ زَائِدٌ، ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ
الأَصْمَعِيِّ: جاءَ فُلانٌ {بالضِّئْبِلِ والنِّئْطِلِ، وهُما
الدَّاهِيَةُ، قالَ الكُمَيْتُ:
(أَلاَ يَفْزَعُ الأَقْوامُ مِمَّا أَظَلَّهُمْ ... ولَمَّا تَجِئْهُمْ
ذاتُ وَدْقَيْنِ} ضِئْبِلُ)
قَالَ: وإِنْ كانَتْ الهَمْزَةُ أَصْلِيَّةً فالْكَلِمَةُ
رُبَاعِيَّةٌ. وقالَ ابنُ سِيدَه: الضِّئْبِلُ، بالكسرِ والهَمْزِ،
مِثْلُ الزَّئْبِر، {والضِّئْبِلُ: الدَّاهِيَةُ، حَكَى الأَخِيرَةَ
ابنُ جِنِّيٍّ، والأَكْثَرُ مَا بَدَأْنَا بِهِ، بالكَسْرِ، قالَ
زِيادٌ)
المِلْقَطِيُّ:
(تَلَمَّسُ أَنْ تُهْدِي لِجَارِكَ} ضِئْبِلاَ ... وتُلْفَى لَئِيماً
لِلْوِعَاءَيْنِ صَامِلاَ)
قالَ شَيْخُنا: وَقد سَبَقَ لَهُ فِي الصَّادِ المُهْمَلَةِ: صِئْبِل
للدَّاهِيَةِ، فَهُوَ ثَالِثٌ. قلتُ: قد تقدَّمَ هُناكَ أَنَّها لُغَةُ
بَنِي ضَبَّةَ، والضَّادُ أَعْرَفُ، كَما فِي المُحْكَمِ، وزادَ ابنُ
بَرِّيٍّ عَلى هاتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ نِئْدِل، قالَ: وَهُوَ
الكَابُوسُ. قُلْتُ: وَقد تقدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي زِئْبِر مَا نَصه:
أَو لَحْنٌ، أَي ضَمُّ بائِهِ، وهُنَا عَدَّهُ من النَّظَائِرِ
والأَشْباهِ، ففِيهِ تَأَمُّلٌ
ض ح ل
الضَّحْلُ: الْماءُ الْقَلِيلُ، وهوَ الضَّحْضَاحُ، كَما فِي الصّحاحِ،
وَفِي المُحْكَمِ: هوَ الماءُ الرَّقِيقُ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ، لَا
عُمْقَ لَهُ، قالَ شيخُنا: قَيَّدَهُ بَعْضُهم بَأنْ يَظْهَرَ مِنْهُ
القَعْرُ، وقيلَ: بل الضَّحْضَاحُ أَعَمُّ مِنَ الضَّحْلِ، لأنَّهُ
فِيمَا قَلَّ أَو كَثُرَ، وقيلَ: الضَّحْلُ الْمَاءُ القَلِيلُ، يكونُ
فِي العَيْنِ، والبِئْرِ، والجُمَّةِ، ونَحْوِها،
(29/341)
وقيلَ: يَكونُ فِي الغَدِيرِ ونَحْوِهِ،
وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ لابنِ مُقْبِلٍ: عَلاجِيمُ لَا ضَحْلٌ وَلَا
مُتَضَحْضَحُ والعُلْجُومُ هُنا: الماءُ الكَثِيرُ، وَفِي الحَدِيثِ
فِي كِتَابِهِ لأُكَيْدِرِ دَوْمَةَ: ولَنَا الضَّاحِيَةُ مِنَ
الضَّحْلِ، وهوَ الماءُ القَلِيلُ أَو القَريبُ المَكانِ، ويُرْوَى:
مِنَ الْبَعْلِ. ج: أَضْحالٌ، وضُحُولٌ، وضِحَالٌ، بالكَسرِ، قالَ
الجَوْهَرِيُّ: ومنهُ أَتَانُ الضَّحْلِ، لأَنَّهُ لَا يَغُمُرُها بِهِ
لِقِلَّتِهِ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: أَتَانُ الضَّحْلِ: الصَّخْرَةُ
بَعْضُها غَمَرَهُ الْمَاءُ وبَعْضُها ظَاهِرٌ، وسيأْتِي فِي أت ن.
والمَضْحَلُ، كَمَقْعَدٍ: الْمَكَانُ يَقِلُّ فيهِ الْماءُ، وبِهِ
يُشَبَّهُ السَّرَابُ، وَفِي المُحْكَمِ: المَضْحَلُ مَكانُ الضَّحْلِ،
قالَ العَجَّاجُ: حَسِبْتُ يَوْماً غَيْرَ قَرٍّ شامِلاَ يَنْسُجُ
غُدْرَاناً عَلى مَضَاحِلاَ يَصَفُ السَّحابَ شَبَّهَهُ بالْغُدُرِ.
وضَحَلَ الْمَاءُ: رَقَّ، وقَلَّ، وضَحَلَتِ الْغُدُرُ: قَلَّ ماؤُها،
وقالَ شَمِر: غَدِيرٌ ضَاحِلٌ: رَقَّ مَاؤُهُ، فَذَهَبَ. وممّا
يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: يُقالُ: إِنَّ خَيْرَكَ: أَي مَا أَقَلَّهُ.
ض ر ز ل
الضِّرْزِلُ، كزِبْرِجٍ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقالَ أَبو
خَيْرَةَ: هُوَ الرَّجُلُ الشَّحِيحُ، كَما فِي اللِّسانِ، والعُبَابِ.
ض ع ل
الضَّاعِلُ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقالَ ابْن الأَعْرابِيِّ: هُوَ
الجَمَلُ الْقَوِيُّ،
(29/342)
قالَ أَبُو العَبَّاسِ: وَلم أَسْمَعْ
هَذَا الحَرْفَ إِلاَّ لَهُ. والضَّعَلُ، مُحَرَّكَةً: دِقَّةُ
الْبَدَنِ، مِنْ تَقَارُبِ النَّسَبِ، عَن ابْن الأَعْرابِيِّ.
ض غ ل
الضَّغِيلُ، كأَمِيرٍ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقالَ أَبُو عَمْرٍ
و: وَهُوَ صَوْتُ فَمِ الْحَجَّامِ إِذا امْتَصَّ مِحْجَمَهُ، وَقد
ضَغَلَ، يَضْغَلُ، ضَغِيلاً، ونَقَلَهُ اللَّيْثُ أَيْضا هَكَذَا.
ض ك ل
الضَّكْلُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ، هَكَذَا فِي سائِرِ النُّسَخِ، وَلم
أَجِدْهُ فِي أُصُولِ اللُّغَةِ الَّتِي بِأيدِينَا، ولَعَلَّهُ
تَحْرِيفُ الضَّحْلِ، بالحاءِ، فانْظُرْهُ. والضّيْكَلُ، كهَيْكَلٍ:
الْعَظِيمُ الضَّخْمُ، عَن ثَعْلَبٍ، وَفِي الصِّحاحِ: هُو
الْعُرْيَانُ مِنَ الْفَقْرِ، وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ فِي الرُّباعِيِّ:
إِذا جاءَ الرَّجُلُ عُرْياناً فَهُوَ البُهْصُلُ، والضَّيْكَلُ،
كالأَضْكَلِ، وقيلَ: الضَّيْكَلُ الفَقِيرُ، ج: ضَيَاكِلُ،
وضَيَاكِلَةٌ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ:
(فَأَمَّا آلُ ذَيَّالٍ فَإِنَّا ... وَجَدْنَاهُمْ ضَياكِلَةً
عَيامَى)
ض ل ل
{الضَّلاَلُ،} والضَّلاَلَةُ، {والضُّلُّ، ويُضَمُّ،} والضَّلْضَلَةُ،
{والأُضْلُولَةُ، بالضَّمِّ،} والضِّلَّةُ، بالكَسرِ، وهُما مُفْرَدا
{أَضَالِيلَ فِي قَوْلَيْنِ،} والضَّلَلُ، مُحَرَّكَةً: ضِدُّ
الْهُدَى، والرَّشادِ، وقالَ ابنُ الكَمالِ: {الضَّلالُ فَقْدُ مَا
يُوَصِّل إِلَى المطلوبِ، وقيلَ: سُلُوكُ طَرِيقٍ لَا يُوَصِّلُ إِلى
المَطْلُوبِ، وقالَ الرَّاغِبُ: هوَ العُدُولُ عَن الطريقِ
المُسْتَقِيمِ، وتُضَادُّه الهِدَايةُ، قالَ اللهُ تَعالى: فَمَنِ
اهْتَدَى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَنْ ضَلَّ فَإِنَّما}
يَضِلُّ عَلَيْها، ويُقالُ: الضَّلالُ: لِكُلِّ عُدُلٍ عَن الحَقِّ،
عَمْداً كانَ أَو سَهُواً، يَسِيراً كانَ أَو كثيرا، فَإِنَّ الطَّريقَ
المُسْتَقِيمَ، الَّذِي هُوَ المُرْتَضَى، صَعْبٌ جِداً، وَلِهَذَا
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّم: اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا
وَلذَا
(29/343)
صَحًّ أَن يُسْتَعْمَلَ لَفْظُهُ فيمَن
يكونُ مِنْهُ خَطَأٌ مَّا، ولذلكَ نُسِبَ إِلى الأَنْبِياءِ، وإِلى
الكُفَّارِ، وإِنْ كانَ بَيْنَ {الضّلاَلَيْن بَوْنٌ بَعِيدٌ، أَلاَ
تَرَى أنَّهُ قالَ فِي النّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّم:
وَوَجْدَكَ} ضَالاًَّ فَهَدَى، أَي غيرَ مُهْتَدٍ لِمَا سِيقَ إِلَيْكَ
من النُّبُوَّةِ، وقالَ تَعَالَى فِي يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السلامُ:
إِنَّكَ لَفِي {ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ، وَقَالَ أولادُهُ: إِنَّ أبانَا
لَفِي} ضَلاَلٍ مُبِينٍ، إِشَارَةً إِلَى شَغَفِهِ بيُوسُفَ، وشَوْقِهِ
إِلَيْهِ، وقالَ عَن مُوسَى عَلَيْهِ السلامُ: قَالَ فَعَلْتُها إِذاً
وأَنَا مِنَ {الضَّالِّينَ، تَنْبيهاً أَنَّ ذَلِك منهُ سَهْوٌ، قالَ:}
والضَّلالُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَرْبَانِ، ضَلاَلٌ فِي العُلُومِ
النَّظَرِيَّةِ، {كالضَّلالِ فِي معرفَةِ وَحْدَانِيَّتِهِ تَعالى،
ومعرِفَةِ النُّبُوَّةِ، ونحوِهما، المُشارِ إليْهِما بقولِهِ تَعالَى:
ومَنْ يَكْفُلْ باللهِ ومَلاَئِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ، إِلَى
قَوْلِهِ: فقَدْ} ضَلَّ {ضَلاَلاً بَعِيداً} وضَلاَلٌ فِي العُلُومِ
العَمَلَيِّةِ، كَمعرِفَةِ الأَحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ، الَّتِي هِيَ
العِبادَاتُ، {ضَلَلْتَ، كزَلَلْتَ،} تَضِلُّ، وتَزِلُّ، أَي بفتحِ
العَيْنِ فِي المَاضِي وكسرِها فِي المُضارِعِ، وَهَذِه هِيَ اللّغَةُ
الفَصِيحَةُ، وَهِي لُغَةُ نَجْدٍ (و) {ضَلِلْتَ،} تَضَلُّ، مثل
مَلِلْتَ تَمَلُّ، أَي بِكسرِ العَيْنِ فِي الماضِي وفَتْحِها فِي
المُضَارِع، وَهِي لُغَةُ الحِجازِ والعَالِيَةِ، ورَوَى كُرَاعٌ عَن
بَنِي تَمِيم كَسْرَ الضَّادِ فِي الأَخِيرَةِ أَيْضا، قالَ
اللِّحْيَانِيُّ: وبِهِما قُرِئَ قَوْلُه أَيْضا، قالَ اللِّحْيانِيُّ:
وبِهِما قُرِئَ قَوْلُه تَعَالَى: قُلْ إِنْ {ضَلِلْتُ فَإِنَّما
أَضَلُّ على نَفْسِي، الأخِيرَةُ قِراءَةُ أبي حَيْوَةَ، وقَرَأَ يحيى
بنُ وَثَّابٍ:} إِضَلُّ، بكسرِ الهمزةِ وفتحِ الضّادِ، وَهِي لُغَةُ
تَمِيمٍ، قالَ ابنُ سِيدَه: وكانَ يحيى بنُ وَثَّابٍ يَقْرَأُ كُلَّ
شَيْءٍ فِي القُرْآنِ: ضَلِلْت وضَلِلْنا، بِكسرِ اللاَّمِ، ورَجُلٌ
ضَالٌّ: تَالٌّ، وأَمَّا قِراءَةُ مَنْ قَرَأَ وَلَا! الضَّأَلِّينَ
بِهَمْزِ
(29/344)
الأَلِفِ، فَإِنَّهُ كَرِهَ الْتِقاءَ
السَّاكِنَيْنِ الأَلِفِ واللاَّمِ، فَحَرَّكَ الأَلِفَ
لاِلْتِقائِهِما، فانْقَلَبَتْ هَمْزَةً، لأَنَّ الأَلِفَ حَرْفٌ
ضَعِيفٌ واسِعُ المَخْرَجِ، لَا يَتَحَمَّلُ الحَرَكَةَ، فَإِذا
اضْطُرُّوا إِلَى تَحْرِيكِهِ قَلَبُوهُ)
إِلَى أَقْرَبِ الحروفِ إِلَيْهِ، وهوَ الهَمْزَةُ، قالَ: وعَلى ذلكَ
مَا حَكاهُ أَبُو زَيْدٍ، مِن قَوْلِهِمْ: شَأْبَّةٌ ومَأَدَّةٌ. قلتُ:
وَهِي قَرَاءَةُ أيوبَ السَّخْتِيانِيُّ، وَقد بَسَطَهُ ابنُ جِنِّيٍ
فِي الْمُحْتَسَبِ، وذكرَ تَوْجِيهَ هَذِه القِراءَةِ، فانْظِرْهُ.
{والضَّلُولُ:} الضَّالُّ، قَالَ:
(لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَنَّ مَالِي ... بَنِيَّ وأَنَّنِي رَجُلٌ
{ضَلُولُ)
و} ضَلِلْتُ الدَّارَ، والمَسْجِدَ، والطَّرِيقَ، كَمَلِلْتُ، وكُلَّ
شَيْءٍ مُقِيمٍ ثَابِتٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ، {وضَلَّ هُوَ عَنِّيَ}
ضَلالاً، {وضَلالَةً، أَي ذَهَبَ، وَفِي الصِّحاحِ: قالَ ابنُ
السِّكِّيتِ:} ضَلِلْتُ المَسْجِدَ والدَّارَ، إِذا لَمْ تَعْرِفْ
مَوْضِعَهُما، وكذلكَ كُلُّ شَيْءٍ مُقِيمٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ، قالَ
ابنُ بَرِّيٍّ: قالَ أَبُو عَمْرِو بنِ العَلاءِ: إِذا لَمْ تَعْرِف
المكانَ قُلتَ: {ضَلِلْتُهُ، وَإِذا سَقَطَ مِنْ يَدِكَ شَيْءٌ
قُلْتَ:} أَضْلَلْتُهُ، قالَ: يَعْنِي أَنَّ المَكانَ لَا {يَضِلُّ،
وإِنَّما أنتَ} تَضِلُّ عَنهُ، وَإِذا سقَطَتِ الدَّرَاهِمُ منكَ، فقد
{ضَلَّتْ عَنْكَ، تقولُ للشَّيْءِ الزائل فِي مَوضِعِهِ قد}
أَضُلَلْتُهُ، وللشيء الثَّابِت فِي مَوْضِعه إلاَ أنّكَ لَمْ تَهْتَدِ
إِلَيْهِ: {ضَلَلْتُهُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
(وَلَقَد} ضَلَلْتَ أَبَاكَ يَدْعُو دَارِماً ... {كضَلاَلِ مُلْتَمِسٍ
طَرِيقَ وَبَارِ)
} وأَضَلَّ فُلاَنٌ الْبَعِيرَ، والْفَرَسَ: ذَهَبَا عَنْهُ،
وانْفَلَتَا، قالَ أَبُو عَمْرٍ و: {أَضْلَلْتُ بَعِيرِي، إِذا كانَ
مَعْقُولاً فلمْ تَهْتِدِ لِمَكانِهِ،} وأَضْلَلْتُهُ {إِضْلالاً، إِذا
كانَ مُطْلَقاً فَذَهَبَ، وَلَا تَدْرِي أَيْن أَخَذَ، وكُلُّ مَا جاءَ
مِنَ} الضّلالِ مِنْ قِبَلِكَ قلتَ: {ضَلَلْتُهُ، وَمَا جاءَ مِنَ
المَفْعُولِ بِهِ، قلتَ:} أَضْلَلْتُهُ، {كَضَلَّهُما، قالَ يُونُسُ:
يُقالُ فِي غيرِ الثَّابِتِ:} ضَلَّ فُلانٌ بَعِيرَهُ، أَي! أَضَلَّهُ،
(29/345)
قالَ الأَزْهَرِيُّ: خَالَفَهُم يُونُسُ
فِي هَذَا. {وضَلَّ الشَّيْءُ،} يَضِلُّ، أَي بفتحِ العَينِ فِي
الماضِي وكسرِها فِي المُضَارِعُ، وتُفْتَحُ الضَّادُ فِي المُضَارعُ،
أَي مَعَ كَسْرِ العَيْنِ فِي الْمَاضِي، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا
أَوْرَدَهُ شيخُنا، قَضِيَّتُهُ فَتْحُ الضَّادِ فِي مُضارِعِ ضَلَّ
المَفْتُوحِ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، إِذْ لَا حَرْفَ حَلْقٍ فِيهِ،
والمَفْتُوحُ إِنَّما سُمِعَ فِي المَكسورِ العَيْنِ كَمَلَّ، واللهُ
أَعْلمُ انْتَهَى. نعمْ لَو قالَ: وضَلَّ، كزَلَّ ومَلَّ،
لاَنْدَفَعَتْ عنهُ الشُّبْهَةُ، {ضَلاَلاً، مَصْدَرٌ لَهما، كسَمِعَ
يَسْمَعُ، سَماعاً: ضَاعَ، وَمِنْه قولُه تَعالى:} ضَلَّ سَعْيُهُم فِي
الْحَياةِ الدُّنْيَا، أَي ضاعَ، وَهُوَ مجازٌ.
وضَلَّ الرَّجُلُ: ماتَ، وصارَ تُراباً وعِظَاماً، {فَضَلَّ، فلمْ
يَبْنِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ العزيزِ: أَئِذَا}
ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ، أَي مِتْنَا وصِرْنَا تُراباً وعِظاماً،
{فَضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ، فَلم يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِنا،
وقالَ الرَّاغِبُ: هُوَ كِنايةٌ عَن المَوْتِ، واسْتِحَالَةِ البَدَنِ،
وقُرِئَ بالصَّادِ، كَمَا تَقَدَّم. (و) } ضَلَّ الشَّيْءُ: إِذا
خَفِيَ وغَابَ، ومنهُ ضَلَّ الماءُ فِي اللَّبَنِ، وَهُوَ مَجازٌ،
ويُقالُ: ضَلَّ)
الكافِرُ، إِذا غَابَ عَن الحُجَّةِ، وضَلَّ النَّاسِي، إِذا غابَ عنهُ
حِفْظُهُ، وَفِي الحديثِ: أَنَّ رَجُلاً أوْصَى بَنِيهِ إِذا مِتُّ
فاحْرِقُونِي، فإِذا صَرْتُ حُمَماً فاسْهَكُونِي، ثُمَّ ذُرُّونِي،
لَعَلِّي {أَضِلُّ اللهَ، أَي أَغِيبُ عَن عَذَابِ اللهِ، وقالَ
القُتَيْبِيُّ: أَي لَعَلِّي أَفُوتُ اللهَ ويَخْفَى عَليهِ مَكانِي.
وضَلَّ فُلانٌ فُلاَناً: أُنْسِيَهُ،} والضَّلالُ: النِّسْيانُ، ومنهُ
قَوْلُهُ تَعالى: مِمَّن تَرْضَوْنَ منَ الشُّهَداءِ أَنْ! تَضِلَّ
إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأُخْرى، أَي تَغِيبَ عَن
حِفْظِها، أَو يَغِيبَ حِفْظُها عَنْهَا، قالَ الرَّاغِبُ: وذلكَ مِنَ
النِّسْيانِ المَوْضُوعِ فِي الإِنْسانِ، وقُرِئَ: إِن تَضِلَّ،
بِكَسرِ
(29/346)
الهَمْزَةِ، فَمَنْ كَسَرَ إِنْ فالكَلامُ
عَلى لَفْظِ الجَزاءِ ومَعْناهُ، قالَ الزَّجَّاجُ: المَعْنَى فِي إِن
تَضِلَّ إِنْ تَنْسَ إِحْداهُما تُذَكَّرْها الذَّاكِرَةُ، قالَ:
وتُذْكِرُ وتُذَكِّر رَفْعٌ مَعَ كَسرِ إِنْ لَا غَيْرُ، ومَنْ قَرَأَ:
أَن تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذْكِّرَ، وَهِي قَرَاءَةُ أَكْثَرِ
النَّاسِ، فذَكَرَ الخَليلُ وسِيبَوَيْه، أَنَّ المَعْنَى
اسْتَشْهِدُوا امْرَأَتَيْنِ، لأَنْ تُذَكِّرَ إِحْداهُما الأُخْرَى،
ومِنْ أَجْلِ أَن تُذَكِّرَها، فَإِنْ قالَ إِنْسانٌ: فلِمَ جازَ أَنْ
تَضِلَّ، وإِنَّما اُعِدَّ هَذَا لِلإِذْكارِ فالجَوابُ عنهُ أَنَّ
الإِذْكارَ لَمَّا كانَ سَبَبُهُ {الإِضْلالَ، جازَ أَنْ يُذْكَرَ أَنْ
تَضِلَّ، لأنَّ الإِضْلالَ هُوَ السَّبَبُ الَّذِي بِهِ وَجَبَ
الإِذْكارُ، قالَ: ومِثْلُهُ: أَعْدَدْتُ هَذَا أَنْ يَمِيلَ الحائِطَ
فَأَدْعَمَهُ، وإِنَّما أعْدَدْتُهُ لِلدّعْمِ لَا للْمَيْلِ، ولكنَّ
المَيْلَ ذُكِرَ، لأَنَّهُِ سَبَبُ الدَّعْمِ، كَما ذُكِرَ الإَضْلالُ
لأنَّهُ سَبَبُ الإِذْكارِ، هَذَا هُوَ البَيِّنُ إِنْ شاءَ اللهُ
تَعالى، وَمِنْه قولُهُ تَعالى: قالَ. فَعَلْتُهَا إِذاً وأَنا مِنَ}
الضَّالِّينَ، تَنْبِيهاً أَنَّ ذلكَ منهُ سَهْوٌ.
ويُقالُ: {- ضَلَّنِي فُلانٌ، فَلم أَقْدِرْ عليهِ: أَي ذَهَبَ عَنِّي،
قَالَ ابنُ هَرْمَةَ:
(والسَّائِلُ المُعْتَرِي كَرَائِمَها ... يَعْلَمُ أَنِّي} -
تَضِلُّني عِلَلِي)
أَي تَذْهبُ عَنِّي. {والضُّلَّةُ، بالضَّمِّ: الْحِذْقُ بالدَّلالَةِ
فِي السَّفَرِ، قالَهُ الفَرَّاءُ. (و) } الضَّلَّةُ، بالْفَتْحِ:
الحَيْرَةُ، وَقد {ضَلَّ،} ضَلَّةً، إِذا تَحَيَّرَ، قالَهُ ابنُ
السِّيدِ. وَأَيْضًا: الْغَيْبَةُ لِخَيْرٍ، ونَصُّ المُحْكَمِ: فِي
خَيْرٍ، أَو شَرٍّ. {والضَّالَّةُ مِنَ الإبِلِ: الَّتِي تَبْقَى
بِمَضْيَعَةٍ بَلا رَبٍّ يُعْرَفُِ، وقالَ ابنُ الأَثِيرِ:}
الضَّالَّةُ هِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلَّ مَا يُقْتَنَى، مِنَ
الحَيَوان وغَيرِهِ، وَهِي فِي الأَصْلِ فاعِلَةٌ، ثمَّ اتَّسِعَ
فِيهَا فصارَتْ مِنَ الصِّفاتِ الغالِبَةِ، وَقَالَ الجَوْهَرِيُّ:
الضَّالَّةُ: مَا! ضَلَّ مِنَ البَهِيمَةِ، لِلذَّكَرَِ والأُنْثَى،
زادَ غيرُه: والاثْنَيْنِ
(29/347)
والجَمِيعُ، ويُجْمَعُ عَلى {ضَوَالَّ،
وَفِي الحديثِ: إِنَّا نُصِيبُ هَوَامِي الإِبِلِ، فقالَ:} ضَالَّةُ
الْمُؤْمِنِ أَو المُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ، وَقد تُطلَقُ
{الضَّالَّةُ على الْمعَانِي، وَمِنْه: الحِكْمَةُ ضَالَّةْ
المُؤْمِنِ، أَي لَا يَزالُ يَتَطَلَّبُها كَما يَتَطَلَّبُ الرَّجُلُ}
ضَالَّتَهُ. وقالَ الكِسائِيُّ: وَقَعَ فِي وَادِي {تُضُلِّلَ،
بِضَمَّتَيْنِ وكَسْرِ اللاَّمِ المُشَدَّدَةِ، وَقد تُفْتَحُ
الضَّادُ، وهذهِ عَن ابنِ عَبَّادٍ، وذَكَرَها أَيْضا ابنُ) سِيدَه،
وَهُوَ الْبَاطِلُ، مِثلُ تُخُيِّبَ وتُهُلِّكَ، كُلُّه لَا
يَنْصَرِفُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، وَفِي الأَساسِ: وَقَعُوا فِي وادِي
تُضُلِّلَ، أَي هَلَكوا، وَهُوَ مَجازٌ.} وضَلَّلَهُ {تَضْلِيلاً،}
وتَضْلاَلاً، بالفتحِ: صَيَّرَهُ إِلى {الضَّلالِ، وقيلَ: نَسَبَهُ
إِليه، قالَ الرَّاعِي:
(وَمَا أَتَيْتُ نُجَيْدَةَ بنَ عُوَيْمِرٍ ... أَبْغِي الهُدَى
فيَزِيدُنِي تَضْلِيلاَ)
قَالَ ابنُ سِيدَه: هَكَذَا قالَهُ الرَّاعِي بالوَقْصِ، وَهُوَ حَذْفُ
التَّاءِ مِنْ مُتفاعِلُن، فكَرِهَتِ الرُّوَاةُ ذلكَ، ورَوضتْهُ،
ولَما أَتَيْتُ على الكَمالِ. وأَرْضٌ} مَضَلَّةٌ، بفتحِ الضَّادِ،
{ومَضِلَّةٌ، بكسرِها، نَقَلَهما الجَوْهَرِيُّ،} وضُلَضِلَةٌ،
كعُلَبِطَةٍ، وَهَذِه عَن الصّاغَانِيِّ: يُضَلُّ فِيها الطَّرِيقُ،
كَما فِي الصِّحاحِ، زادَ غيرُه: وَلَا يُهْتَدَى، وقيلَ: أَرْضٌ
مَضَلَّةٌ: تَحْمِلُكَ إِلى الضَّلالِ، كَما هُوَ القِياسُ فِي كُلِّ
مَفْعَلَةٍ، على مَا نَقَلَهُ الخَفاجِيُّ فِي شَرْخِ الشِّفاءِ،
ومَرَّ فِي جهل، ومثلُهُ الحديثُ: الْوَلَدُ مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَةٌ،
وقالَ بعضُهم: أَرْضٌ {مَضِلَّةٌ، ومَزلَّةٌ، وَهُوَ اسْمٌ، وَلَو كانَ
نَعْتاً لَكانَ بغيرِ الْهاءِ، ويُقالُ: فلاةٌ مَضَلَّةٌ، وخَرْقٌ
مَضلَّة، الذَّكَرُ والأُنْثَى والجَمْعُ سَواءٌ، وقيلَ: أَرْضٌ
مَضَلَّةٌ، وأَرْضُونَ} مَضَلاَّتٌ. (و) {الضِّلِّيلُ، كَسِكِّيتٍ:
الْكَثِيرُ الضَّلالِ فِي الدِّينِ، وَهُوَ مَجازٌ، وَفِي العُبابِ:
رَجُلٌ} ضِلِّيلٌ، أَي {ضَالٌّ جِداً، وهوَ الكثِيرُ التَّبَع}
لِلضَّلاَلِ، قالَ رُؤْبَةُ: قُلْتُ لِزِيْرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ
(29/348)
{ضِلِّيلِ أَهْواءِ الصِّبَا يُنَدِّمُهْ
وقالَ غَيْرُه: رَجُلٌ} ضِلِّيلٌ: لَا يُقْلِعُ عَن {الضَّلالَةِ. (و)
} المُضَلَّلُ، كَمُعَظَّم، وَفِي بعضِ نُسَخِ الصِّحاحِ بِكِسْرِ
اللاَّمِ أَيْضا، هَكَذَا هُوَ مَضْبُوطٌ بهما مَعاً: الذِي لَا
يُوَفِّي بِخَيْرٍ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ والصَّوابُ: الَّذِي لَا
يُوَفَّقُ لِخَيرٍ، أَي {ضَالٌّ جِدّاً، وقيلَ: صاحِبُ غِوَاياتٍ
وبَطالاتٍ. والْمَلِكُ} الْمُضَلَّلُ {والضِّلّيلُ: امْرُؤُ الْقَيْسِ،
كانَ يُقالُ لَهُ ذلكَ، وَفِي حديثِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَقد
سُئِلَ عَن أَشْعَرِ الشُّعَراءِ، فقالَ: إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ
فالمَلِكُ} الضِّلِّيلُ. يَعْنِي امْرَأَ القَيْسِ، وَفِي العُبابِ.
قيلَ أَشْعَرُ الشُّعَرَاءِ ثَلاثَةٌ، المَلِكُ الضِّلِّيلُ، والشيخُ
أَبُو عَقِيل، والغُلاَمُ القَتِيل. الشَّيْخ أَبُو عَقِيل لَبِيدُ بنُ
رَبِيعَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنهُ، والْغُلامُ القَتِيلُ طَرَفَةُ بنُ
العَبْدِ. ويُقالُ: هُوَ {ضُلُّ بْنُ} ضُلٍّ، بِكَسْرِهِما، عَن ابنِ
عَبَّادٍ، وضَمِّهِما، عَن الجَوْهَرِيِّ: أَي مُنْهِمِكٌ فِي
{الضَّلالِ، كَما فِي المُحْكَمِ، أَو لَا يُعْرَفُ هُوَ وَلَا
أَبُوهُ، وكذلكَ: قُلُّ بنُ قُلٍّ، وعَلى هَذَا المَعْنَى اقْتَصَرَ
الجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيُّ، وغيرُهما، أَو لَا خَيْرَ فيهِ،
وهوَ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى الأَوَّلِ، وقيلَ: إِذا لَمْ يَدْرِ مَنْ
هُو، ومِمَّن هُوَ، وهوَ} الضَّلالُ بنُ الأَلاَلِ، {والضَّلالُ بنُ
فَهْلَل، وابنُ ثَهْلَل، والضَّلالُ بنُ التَّلال، كُلُّهُ بِهَذَا
المَعْنى. ومِنَ المَجازِ: هُوَ ابْنُهُ} لِضِلَّةٍ، بالكَسْرِ: أَي
لِغَيْرِ رِشْدَةٍ، عَن أبي زَيْدٍ، وَفِي الأَساسِ: لِغَيِّةٍ.
وذَهَبَ دَمُهُ {ضِلَّةً: أَي بِلا ثَأْرٍ، أَي هَدَراً لَم يُثْأَرْ
بِهِ، وَهُوَ مَجازٌ. ويُقالُ: هوَ تِبْعُ} ضِلَّةٍ، بِكَسْرِ التَّاءِ
والضَّادِ، بالإضَافَةِ، عَن ثَعْلَبٍ، وَأَيْضًا بالْوَصْفِ، وكذلكَ
رَوَاهُ ابْن الأَعْرابِيِّ: أَي لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَا
(29/349)
خَيْرَ عندَهُ، كَذَلِك فَسَّرَاهُ، وقالَ
ابنُ الأَعْرابي مَرَّةً: هُوَ تِبْعُ {ضِلَّة: أَي دَاهِيَةٌ لَا
خَيْرَ فيهِ، ويُرْوَى: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصَّادِ المُهْمَلَةِ، كَمَا
فِي اللّسانِ، والعُبابِ، وكَذَا} ضُلُّ {أَضْلاَلٍ، بالْكَسْرِ
والضَّمِّ، أَي دَاهِيَة لَا خَيْرَ فِيهِ، وقيلَ: إِذا قِيلَ
بالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَلَيٍَْ فيهِ إِلاَّ الكَسْرُ، وَقد
تَقَدَّم.} وأَضَلَّهُ: دَفَنَهُ، والشَّيْءَ: غَيَّبَهُ، وهوَ مَجازٌ،
قالَ المُخَبَّلُ:
( {أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها ... وفَارِسَها فِي
الدَّهْرًِ قَيْسَ بنَ عاصِمِ)
وقالَ النَّابِغَةُ، يَرْثِي النُّعْمانَ بنَ الحارِثِ الغَسَّانِيَّ:
(فَإِنْ تَحْيَ لَا أَمْلِكُ حَيَاتِي وإِنْ تَمُتْ ... فَمَا فِي
حَياةٍ بعدَ مَوْتِكَ طَائِلُ)
(فآبَ} مُضِلّوُهُ بِعَيْنٍ جَلِيَّةٍ ... وغُودِرَ بالْجَوْلاَنِ
حَزْمٌ ونَائِلُ)
أَي دَافِنُوهُ حينَ ماتَ، وعَيْنٌ جَلِيَّةٌ: أَي خَبَرٌ صادِقٌ
أَنَّهُ ماتَ، والجَوْلاَنُ: مَوْضِعٌ بالشَّامِ. أَي دُفِنَ بِدَفْنِ
النَّعْمانِ الحَزْمُ والعَطَاءُ. {وأَضَلِّتْ بهِ أُمُّهُ:
دَفَنَتْهُ، نادرٌ، عَن ابْن الأَعْرابِيِّ، وأَنْشَدَ:
(فَتَىً مَا} أَضَلَّتْ بِهِ أُمُّهُ ... مِنَ القَوْمِ لَيْلَةَ لَا
مُدَّعَمْ)
أَي لَا مَلْجَأَ وَلَا دِعَامَةَ. {والضَّللُ، بِالتَّحْرِيكِ:
الْماءُ الجَارِي تَحْتَ الصَّخْرَةِ، لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ،
يُقالُ: ماءٌ} ضَلَلٌ، أَو هُوَ الماءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ.
وقالَ اللِّحْيانِيُّ: {ضَلاَضِلُ الْمَاءِ، وصَلاَصِلُهُ: بَقاياه،
الواحِدَةُ} ضُلْضُلَةٌ، وصُلْصُلَةٌ. وأَرْضٌ {ضَلْضِلَةٌ،}
وضَلَضِلٌ، بِفَتْحَتَيْنِ فِيهِما، وكَعُلَبِطَةٍ، وعُلَبِطٍ،
وعُلاَبِطٍ، وهذهِ عَن اللِّحْيانِيِّ، وقُنْفُذَةٍ، وهذِهِ عَن ابنِ
دُرَيْدٍ: غَلِيظَةٌ، وقالَ سِيبَوَيْهِ:! الضَّلَضِلُ
(29/350)
مَقْصُورٌ عَن {الضَّلاَضِلِ، وقالَ
الفَرَّاءُ: مَكانٌ} ضَلَضِلٌ وجَنْدِلٌ: وَهُوَ الشَّدِيدُ ذُو
الحِجَارَةِ، قالَ: أَرادُوا {ضَلَضِيِل وجَنَدِيل، على بِنَاءِ
حَمَصِيصِ وصَمَكِيك، فَحَذَفُوا اليَاءَ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ:}
الضَّلَضِلُ، {والضَّلَضِلَةُ: الأَرْضُ الغَلِيظَةُ، عَن
الأَصْمَعِيِّ، قالَ: كأَنَّهُ قَصْرُ الضَّلاضِلِ. وهِيَ أَيْضا، أَي}
الضُّلَضِلَةُ كعُلَبِطَةٍ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، وقُنْفُذَةٍ كَما فِي
الجَمْهَرَةِ، والضَّلَضِلُ {والضَّلَضِلَةُ، بفَتْحَتَيْنِ فيهمَا،
كَمَا هوَ نَصُّ الأَصْمَعِيِّ: الْحِجَارَةُ يُقِلُّهَا الرَّجُلُ،
وليسَ فِي الكَلامِ المُضاعَفِ غيرُهُ، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ
لِصَخْرِ الغَيِّ:) أَلَسْتَ أيامَ حَضَرْنَا الأَعْزَلَهْ وبعدُ إِذْ
نحنُِ عَلى} الضُّلَضِلَهْ كَما فِي الصِّحاحِ، وَفِي التَّهْذِيبِ:
{الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حَجَرٍ قَدْرَ مَا يُقِلُّهُ الرَّجُلُ، أَو
فَوْقَ ذلكَ، أَمْلَسَ، يكونُ فِي بُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وليسَ فِي
بابِ التَّضْعِيفِ كَلِمَةٌ تُشْبِهُها. وكُعُلاَبِطٍ، وعُلَبِطَةٍ:
الدَّلِيلُ الْحاذقُ، عَن ابْن الأَعْرابِيِّ، والصَّوابُ: وُلَبِطٍ،
كَمَا هُوَ نَصُّ العُبابِ.} وتَضْلاَلٌ، بالفتحِ، ع، ويُقالُ
لِلْباطِلِ: {ضُلَّ} بِتَضْلاَلِ، قالَ عَمْرُو بنُ شأْسٍ الأَسَدِيُّ:
(تَذَكَّرْتُ لَيْلَى لاتَ حِينَ ادِّكارِها ... وَقد حُنِيَ
الأَضْلاَعُ {ضُلٌّ} بِتَضْلالِ.)
كَما فِي الصِّحاحِ، قالَ ابنُ بَرِّيٍّ: حَكاهُ أَبُو عليٍّ عَن أبي
زَيْدٍ: {ضُلاًّ، بالنَّصْبِ، قالَ: ومِثْلُهُ لِلعَجَّاجِ: يَنْشُدُ
أَجْمَالاً وَمَا مِن أَجْمَالْ يُبْغَيْنَ إِلاَّ} ضُلَّةً
{بِتَضْلالْ قلتُ: ومَنْ رَوَاهُ هَكَذَا كأَنَّهُ قالَ: تَذَكَّرْتُ
لَيْلَى} ضَلاَلاً. فَوَضعَ ضُلاًّ مَوْضِعَ ضَلاَلاً، وقالَ أَبُو
سَهْلٍ: فِي نَوِادِرِ أبي زَيْدٍ: بِتَضْلاَلْ، مُقَيّداً، وَهَكَذَا
رَوَاهُ
(29/351)
الأَخْفَشُ، وَهُوَ غيرُ جائِزٍ فِي
العَرُوضِ عندَ الخَلِيلِ، وإِطْلاقُها لَا يَجُوزُ فِي العَرَبِيَّةِ،
والبيتُ حُجَّةٌ لِلأَخْفَشِ، وفيهِ كَلامٌ مَوْدُوعٌ فِي كُتُبِ
الفَنِّ. وَفِي المَثَلِ: يَا {ضُلَّ مَا تَجْرِي بِهِ العَصَا، أَي
يَا فَقْدَهُ، ويَا تَلَفَهُ، يَقُولُهُ قَصِيرُ بنُ سَعْدٍ
لِجَذِيمَةَ الأَبْرَشِ، حينَ صارَ معهُ إِلَى الزَّبَّاءِ، فلَمَّا
صارَ فِي عَمَلِها نَدِمَ، فقالَ لهُ قَصِيرٌ: ارْكَبْ فَرَسِي هَذَا
وانْجُ عليهِ، فَإِنَّهُ لَا يُشَقُّ غُبَارُهُ. وكَعُلَبِطَةٍ،
وهُدْهُدٍ، وعَلى الأَوَّلِ اقْتَصَرَ نَصْرٌ فِي كتابِهِ، وَكَذَا
الصّاغَانِيُّ: ع، قالَ نَصْرٌ: يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ لِتَمِيمٍ،
وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِصَخْرٍ، وقيلَ لِصُخَيْرِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَلَسْتَ أيامَ حَضرْنَا الأَعْزِلَهْ وقبلُ إِذْ نحنُ على}
الضُّلَضِلَهْ قلتُ: وسبَق هَذَا البيتُ مِنْ إِنْشادِ الجَوْهَرِيِّ
لِلأَصْمَعِيِّ، شاهِداً على مَعْنى الحَجَرِ الَّذِي يُقِلُهُ
الإِنْسانُ، وفيهِ: وبعدُ إِذْ نحنُ. {وضَلِيلاَءُ، بِفَتْحٍ فكَسْرٍ:
ع، ويُقالُ: هُوَ بالظَّاءِ المُشالِةِ، كَما، سَيأْتِي. وممّا
يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:} أَضَلَّهُ: جَعَلَهُ ضَالاًّ، قالَ
الأَزْهَرِيُّ: {الإِضْلالُ فِي كلامِ العَرَبِ، ضِدُّ الإِرْشادِ،
يُقالُ:} أَضْلَلْتُ: فُلاناً، إِذا وَجَّهْتُه لِلضَّلالِ عَن
الطَّرِيقِ، وإياهُ أرادَ لَبيدٌ:)
(مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدَى ... نَاعِمَ الْبالِ ومَن شاءَ
{أَضَلّ)
قالَ لَبِيدٌ هَذَا فِي جاهِلِيَّتِهِ، فَوافَقَ قَوْلُهُ التَّنْزِيلَ
العَزيزَ:} يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ. قَالَ: وَقد
يَقَعُ {أَضَلَّهُم، فِي غيرِ هَذَا المَوْضِعِ، عَلى الحَمْلِ على}
الضَّلالِ، والدُّخُولِ فِيهِ، كقولِهِ تَعَالَى: رَبِّ إِنَّهُنَّ
{أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ، أَي} ضَلُّوا بِسَبَبِها، لأنَّ
الأَصْنامَ لَا تَفْعَلُ شَيْئاً، وَلَا تَعْقِلُ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ:! الإِضْلالُ ضَرْبان:
(29/352)
أَحَدُهما أنْ يَكُونَ سَبَبُهُ
{الضَّلالَ، وذلكَ على وَجْهَيْنِ، إِمَّا بأَنْ} يَضِلَّ عنكَ
الشَّيْءُ، كقَوْلِكَ: {أَضْلَلْتُ البَعِيرَ، أَي ضَلَّ عَنِّي،
وإِمَّا أَنْ يُحْكَمَ} بِضَلالِهِ. {والضَّلالُ فِي هذينِ سَبَبٌ}
لِلإِضْلالِ، والضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يكونَ {الإِضْلالُ سَبَباً}
للضَّلالِ، وَهُوَ أَن يُزَيَّنَ لِلإِنْسانِ الباطِلُ {لِيَضِلَّ،
كَقَوْلِهِ تَعالى: لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُم أَنْ} يُضِلُّوكَ
وَمَا {يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ، أَي: يَتَحَرَّرُونَ أَفْعالاً
يَقْصِدُونَ بهَا أَنْ} تَضِلَّ، فَلا يَحْصَلُ مِنْ فِعْلِهِم ذلكَ
إِلاَّ مَا فيهِ {ضَلالُ أَنْفُسِهم، وقالَ عَن الشَّيْطانِ:}
ولأُضِلَّنَّهُمْ ولأُمَنِّيَنَّهُمْ، وقالَ فِي الشَّيْطانِ: ولَقَدْ
{أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً،} وإِضْلالُ اللهِ تَعالى
لِلإِنْسانِ على وَجْهَيْنِ: أَحْدُهما: أَن يكونَ سَبَبُه الضَّلالَ،
وَهُوَ أَن {يَضِلَّ الإِنْسانُ فيَحْكُمَ اللهُ تَعالى عَلَيْهِ بذلكَ
فِي الدُّنْيا، ويَعْدِلَ بِهِ عَن طريقِ الجَنَّةِ إِلى النَّارِ فِي
الآخِرَةِ، وذلكَ إِضْلالٌ هُوَ عَدْلٌ وحَقٌّ، والحُكْمُ على}
الضَّالِّ {بِضَلالِهِ، والعُدُولُ بِهِ عَن طَرِيقِ الجَنَّةِ إِلى
النَّارِ عَدْلٌ، وَالثَّانِي مِنْ} إَضْلالِ اللهِ: هُوَ أَنَّ اللهَ
تَعَالَى وَضَعَ جِبِلَّةَ الإِنْسانِ عَلى هَيْئَةٍ، إِذا رَاعَى
طَرِيقاً مَحْمُوداً كَانَ أَو مَذْمُوماً أَلِفَهُ، واسْتَطابَهُ،
ولَزِمَهُ، وتَعَسَّرَ صَرْفُهُ وانْصِرافُهُ عنهُ، ويَصِيرُ ذلكَ
كالطَّبْعِ الَّذِي يَأْبَى على النَّاقِلِ، ولذلكَ قيل: الْعادَةُ
طَبْعٌ ثانٍ، وَهَذِه الْقَُّةُ فِي الإِنْسانِ فِعْلٌ إِلهِيٌّ، وإِذا
كَانَ كذلكَ صَحَّ أَنْ يُنْسَبَ {ضَلالُ العَبْدِ إِلى اللهِ مِنْ
هَذَا الوَجْهِ، فيُقالُ:} أَضَلَّهُ اللهُ، لأنَّ كُلَّ شَيْءٍ
يَكُونُ سَبَباً فِي وُقُوعِ فِعْلٍ صَحَّ نِسْبَةُ ذلكَ الفِعْلِ
إِلَيْهِ، لَا عَلى الوَجْهِ الَّذِي يَتَصَوَّرُهُ الجَهَلَةُ، ولِمَا
قُلْنا: جَعَلَ {الإِضْلاَلَ المَنْسُوبَ إِلى نَفْسِهِ لِلْكافِرِ
والفاسِقِ، دُونَ المُؤْمِنِ، بل نَفَى عَن نَفْسِهِ إِضْلاَلَ
المُؤْمِنِ، فقالَ: وَمَا كانَ اللهُ} لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ
هَدَاهُمْ، وَقَالَ فِي الكافِرِ والفاسِقِ: والَّذِينَ كَفَرُوا
فَتَعْساً لَهُمْ
(29/353)
{وأَضَلَ أَعْمالَهُمْ، ومَا} يُضِلُّ بِهِ
إِلاَّ الْفاسِقِينَ، كذلكَ يُضِلُّ اللهُ الْكَافِرينَ، {ويُضِلُّ
اللهُ الظَّالِمينَ، وعَلى هَذَا النَّحْو تَقْلِيبُ الأَفْئِدَةِ،
والخَتْمُ على القَلْبِ، والزِّيادَةُ فِي المَرضِ، انْتَهى. ويُقالُ:
هُوَ} ضَالٌّ تَالٌّ، وقولُه تَعَالَى: وَلَا {الضَّالِّينَ، قيلَ:
عَنَى بهم النَّصارَى. وقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
(رَآهَا الْفُؤادُ} فاسْتُضِلَّ {ضَلالُهُ ... نِيَافاً مِن الْبِيضِ
الْكِرَامِ الْعَطابِلِ)
)
قالَ السُّكَّرِيُّ: طُلِبَ منهُ أَنْ} يَضِلَّ {فَضَلَّ، كَما يُقالُ:
جُنَّ جُنُونُه، ومِثْلُهُ فِي الصَِّحاحِ. ويُقالُ:} ضَلَّ {ضَلالُهُ،
قالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:
(إِذا نَاقَةٌ شُدَّةْ بِرَحْلٍ ونُمْرُقٍ ... إِلَى حَكَمٍ بَعْدِي}
فَضَلَ ضَلالُهَا)
{وأَضَلَّهُ} إِضْلالاً: ضيعه. وأهلكه {وأَضَلَّهُ: وَجَدَهُ} ضَالًّا.
كأَحْمَدَهُ، وأَبْخَلَهُ، ومنهُ الحديثُ: أَتَى قَوْماً {فَأَضلَّهُم،
أَي وَجَدَهُم} ضُلاَّلاً، غيرَ مُهْتَدِينَ إِلَى الحَقِّ. وقولُهُ
تَعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي {ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ، أَي هَلاَكٍ.}
والضُّلَضِلَةُ، كعُلَبِطَةٍ: الضّلالُ. وقولُهُ تَعالى: لَا {يَضِلُّ
رَبِّي وَلَا يَنْسَى، أَي لَا يَضِلُّ عَن رَبِّي، وَلَا يَضِلُّ
رَبِّي عَنْهُ، أَي لَا يُغْفِلُه، وقيلَ: أَي لَا يَفُوتُهُ، وقيلَ:
لَا يَغِيبُ عَن شَيْءٍ، وَلَا يَغِيبُ عنهُ شَيْءٌ. وقَوْلُهُ
تَعالَى: فِي} تَضْلِيلٍ، أَي فِي باطِلٍ {وإِضْلاَلٍ لأَنْفُسِهم.}
والمُضِلُّ: السّرَابُ، قالَ الشاعِرُ:
(29/354)
(أَعْدَدْتُ لِلْحَدَثانِ كُلّ نَقِيذَةٍ
... أُنُفٍ كَلائِحَةِ {المُضِلِّ جَرُورِ)
} والمُتَضَالُّ: أَنْ يَرَى أَنَّهُ {ضَالٌّ، يُقالُ: إِنَّكَ
تَهْدِي} الضَّالَّ، وَلَا تَهْدِي {المُتَضالَّ.} وضَلالَةُ العَمَلِ:
بُطْلاَنُهُ، وضَياعُهُ، وقالَ أَبُو إِسْحاقَ، فِي قَولِهِ تَعالى:
{أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ، أَي لَمْ يُجازِهم عَلى مَا عِمِلُوا مِنْ
خَيْرٍ، وَهَذَا كَما تَقُولُ لِلَّذِي عَمِلَ عَمَلاً لم يَعُدْ عليهْ
نَفْعُهُ: قد} ضَلَّ سَعْيُكَ. {وضَلَّ عَن القَصْدِ، إِذا جَارَ.
وفُلانٌ يَلُومُنِي} ضَلَّةً، إِذا لَمْ يُوَفَّقْ للرَّشَادِ فِي
عَذْلِهِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وفِتْنَةٌ {مَضَلَّةٌ:} تُضِلُّ
النَّاسَ، وكذلكَ: طَرِيقٌ {مَضَلٌّ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ:} المَضَلُّ:
الأَرْضُ المَتِيهَةُ، وقالَ غيرُهُ: أَرْضٌ {مَضَلٌّ:} يَضِلُّ الناسُ
فِيهَا، والْمَجْهَلُ كَذَلِك. يُقالُ: أَخَذْت أرْضاً {مَضِلَّةً}
ومَضلَّةً، وأَخَذْ أَرضًا مَجْهَلاً {مَضَلاً، وأَنْشَدَ:
(أَلاَ طَرَقَتْ صَحْبِي عُمَيْرَةُ إِنَّها ... لنا بالمْرَوْرَاةِ}
المَضلِّ طَرُوقُ)
ويُقالُ: {أَضَلَّ اللهُ} ضَلالكَ، أَي {ضَلَّ عنهُ فذهَبَ فَلا}
تَضِلُّ، نَقَلَهُ ابنُ السِّكِّيتِ، قَالَ: وقَوْلُهم مَلَّ مَلالُكَ،
أَي ذهَبَ عَنْكَ حَتَّى لَا تَمَلَّ. {والأُضْلُولَةُ، بالضَّمِّ:
الضَّلالُ، والجَمْعُ} الأَضَالِيلُ، قالَ كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ: وَمَا
مَوَاعِيدُها إِلاَّ {الأَضالِيلُ ويُقالُ: تَمادَى فِي} أَضالِيلِ
الهَوَى، قالَ شَيخُنا: قيل: لَا واحِدَ لَهُ، وقيلَ: وَاحِدُهُ
مُقَدَّرٌ، وقيلَ: مَسْمُوعٌ، وَهُوَ {أُضْلُولَةٌ، أَو} أُضْلُولٌ،
أَو {إِضٍلِيلٌ، أَو غيرُ ذَلِك. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ:} -
أَضَلَّنِي أَمْرُ كَذَا وَكَذَا، أَي لم أَقْدِرُ عَلَيْهِ،
وأَنْشَدَ:)
(29/355)
(إِنِّي إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَنِي ...
تُرِيدُ مَالِي {أَضَلَّنِي عِلَلِي)
أَي فارَقَتْنِي، فَلم أَقْدِرْ عَلَيْهَا.} والضُّلُّ، بالضَّمِّ:
اسْمٌ مِنْ ضَلَّ إِذا ضَاعَ وهَلَكَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
وفَعَلَ ذلكَ {ضِلَّةً، اسْمٌ مِنْ} ضَلَّ إِذا ضَاعَ وهَلَكَ،
نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وفَعَلَ ذلكَ ضَلَّةً، أَي فِي {ضَلاَلَةٍ،
وذَهَبَ ضِلَّةٍ، أَي لم يُدْرَ أينَ ذَهَبَ. ووقَعَ فِي وادِي}
تَضْلَلَ، {وتِضْلِلَ، بفَتْحَتَيْنِ وبِكَسْرَتَيْنِ، كِلاهُما عَن
ابنِ عَبَّادٍ. ويُقالُ:} ضَلِّلْ ماءَكَ، أسَرِّحْهُ. {وتَضلَّلَ
الماءُ مِنْ تَحْتِ الحَجَرِ: أَي: ذَهَبَ.} وضَلَّ الشَّيْءُ:
تَلِفَ.! والمُضَلَّلُ بنُ مالِكٍ، كَمُعَظَّمٍ، هُوَ جَدُّ خالِدِ بنِ
قَيْسٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وأياُ عَنَى الأَسْوَدُ بنُ
يَعْفُرَ النَّهْشَلِيُّ بِقَوْلِهِ:
(فقَبْلِيَ ماتَ الخَالِدَانِ كِلاهُما ... عِميدُ بني جَحْوانَ وابنُ
المُضَلَّلِ)
والثَّاني: خالِدُ بنُ نَضْلَةَ.
ض م ح ل
اضْمَحَلَّ الشَّيْءُ، كَتَبَهُ بالحُمْرَةِ عَلى أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ
عَلى الجَوْهَرِيُّ، وليسَ كذلكَ، بل ذَكَرَهُ فِي تركيبِ ض ح ل،،
قَالَ: وَفِي لُغَةِ الكِلابِيين: امْضَحَلَّ، بتَقْدِيمِ الميمِ،
حَكاها أَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ على القَلبِ، واضْمَحَنَّ على البَدَلِ،
عَن يَعْقُوبَ، كُلُّ ذلكَ: ذَهَبَ، والدَّلِيلُ على القَلْبِ أَنَّ
المَصْدَرَ إِنَّما هُو على اضْمَحَلَّ، دُونَ امْضَحَلَّ، وَهُوَ
الاضْمِحْلاَلُ، وَلَا يقُولُونَ: امْضِحْلاَلٌ، واضْمَحَلَّ أَيْضا:
انْحَلَّ. واضْمَحَلَّ السَّحَابُ: انْقَشَعَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ،
وَهَذَا مَوْضِعُهُ، لَا ض ح ل، فيهِ تَعْرِيضٌ بالجَوْهَرِيِّ،
لأنَّهُ كذلكَ ذَكَرَهُ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بهِ
(29/356)
أَكْثَرُ أَئِمَّةَ الصَّرْفِ، وصَرَّحَ
ابنُ أبي الْحَدِيدِ وغيرُهُ بِزِيادَةِ المِيمِ، قَالَ: ومنهُ
الضَّحْلُ، وكَأَنًَّ المُصَنِّفَ جَرَى عَلى أَنَّ الْكَلِمَةَ
رُبَاعِيَّةٌ، وأنَّ المِيمَ أَصْلِيَّةٌ، كَمَا مَالَ إِليهِ بعضُ
الصّرْفِيِّينَ، وَمَا جَرَى عليْهِ الجَوْهَرِيُّ أَكْثَرُ
اسْتِعْمالاً عِنْدَهُم، واللهُ أَعْلَمُ. قالَهُ شَيْخُنا.
ض م ل
الضَّمِيلَةُ، كسَفِينَةٍ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، واللَّيْثُ، قالَ
الأَزْهَرِيُّ: ورَوَى عَمْرٌ وَعَن أَبِيهِ، أنَّهُ قَالَ: هِيَ
الْمَرْأَةُ الزِّمِنَةُ، أَو، هِيَ العَرْجَاءُ، قالَ: وخَطَبَ رَجُلٌ
إِلى مُعاوِيَةَ بِنْتاً لَهُ عَرْجَاءَ، فقالَ: إِنَّها ضَمِيلَةٌ،
فقالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَتَشَرَّفَ بِمُصَاهَرتْكَ، وَلَا
أُرِيدُها لِلسِّباقِ فِي الْحَلَبَةِ. فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا، قالَ
الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنْ صَحَّتِ الرِّوايةُ فاللامُ بَدَلٌ مِنَ
النُّونِ، مِنَ الضَّمانَةِ، وإِلاَّ فَهِيَ بالصَّادِ المُهْمَلَةِ،
قيلَ لَهَا ذلكَ لِيُبْسٍ وجُسُوءٍ فِي سَاقِها، وكُلُّ يابِسٍ
صَامِلٌ، وصَمِيلٌ.
ض ن د ل
الضَّنْدَلُ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وصَاحِبُ اللِّسانِ، وقالَ
ابْن الأَعْرابِيِّ، ُ عَبَّادٍ: هُوَ الضَّخْمُ الرَّأْسِ،
كالصَّنْدَلِ، أَو الصَّوابُ بِالصَّادِ المُهْمَلَةِ، كَما نَبَّهَ
عليهِ الصّاغَانِيُّ.
ض هـ ل
ضَهَلَ اللَّبَنُ، كمَنَعَ، يَضْهَلُ ضُهُولاً، بالضَّمِّ: اجْتَمَعَ،
واسْمُ اللَّبَنِ: الضَّهْلُ، بالفتحِ، أَو كُلُّ مَا اجْتَمَعَ منهُ
شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ، كانَ لَبَناً أَو غيرَهُ، فقد ضَهَلَ، كمَنَعَ،
يَضْهَلُ، ضَهْلاً، وضُهُولاً، حَكاهُ ابْن الأَعْرابِيِّ. وضَهَلَتِ
النَّاقَةُ، والشَّاةُ: قَلَّ لَبَنُها، فَهِيَ ضَهُولٌ، ج: ضُهُلٌ،
ككُتُبٍ، يُقالُ: شَاةٌ ضَهُولٌ، أَي قَلِيلَةُ اللَّبَنِ، ونَاقَةٌ
ضَهُولٌ، يَخْرُجُ لَبَنُها قَلِيلاً قَلِيلاً، ويُقالُ: إِنَّها
لَضُهْلٌ بُهْلٌ، لَا يُشَدُّ لَهَا صِرَارٌ، وَلَا يَرْوَى لَهَا
حُوَارٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(29/357)
(بِها كُلُّ خَوَّارٍ إِلَى كُلِّ صَعْلَةٍ
... ضَهُولٍ وَرَفْضُ المُذْرِعَاتِ القَراهِبِ)
وضَهَلَ الشَّرابُ: قَلَّ ورَقَّ، كَما فِي الصِّحاحِ، زادَ غيرُهُ:
ونَزَرَ. وقالَ الأَصْمَعِيُّ: ضَهَلَ إلَيْهِ: رَجَعَ على غَيْرِ
وَجْهِ المُقاتَلَةِ والمُغَالَبَةِ، كَما فِي الصِّحاحِ والعُبابِ.
وضَهَلَ فُلاناً حَقَّهُ، إِذا نَقَصَهُ إياهُ، مِنَ الضَّهْلِ، كَما
قالُوا: أَحْبَضَهُ، إِذا نَقَصَهُ حَقَّهُ، مِنْ قَوْلهِمْ: حَبَضَ
ماءُ الرَّكِيَّةِ، يَحْبِضُ، إِذا نَقَصَ، وقيلَ: أَبْطَلَهُ
عَلَيْهِ، مِنَ الضَّهْلِ، بالفتحِ، لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ كالضِّحْلِ،
وَفِي حديثِ يحيى بنِ يَعْمُرَ: أَنَّهُ قالَ لِرَجُلٍ خاصَمَتْهُ
امْرَأَتُهُ، فمَاطَلها فِي حَقِّها: أَأنْ سَأَلَتْكَ ثَمَنَ
شَكْرِهَا وشَبْرِكَ، أَنْشَأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها. أَي تُمَصِّرُ
عليْها الْعَطاءَ، قالَهُ الأَزْهَرِيُّ، أَو تَسْعَى فِي بُطْلاَنِ
حَقِّها، قالَهُ المُبَرِّدُ، أَو تَرَدُّها إِلَى أَهْلِها
وتُخْرِجُها. والضُّهُولُ، كَصَبُورٍ مِنَ النَّعامِ: الْبَيُوضُ،
وبِهِ فُسِّرََ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ السَّابِقُ، والمَعْنَى أَنَّها
تَرْجِعُ إِلى بَيْضِها. وبِئْرٌ ضَهُولٌ أَيْضا، أَي كصَبُورٍ:
قَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَفِي الصِّحاحِ: إِذا كانَ يَخْرُجُ ماؤُها
قَلِيلاً قَلِيلاً. وعَيْنٌ ضَاَهِلَةٌ، كذلكَ، أَي نَزْرَةُ
الْمَاءِ،)
وَكَذَلِكَ: حَمَّةٌ ضَاهِلَةٌ، وقالَ رُؤْبَةَ: يَقْرُو بِهِنَّ
الأَعْيُنَ الضَّوَاهِلاَ وأَضْهَلَ النَّخْلُ: ظَهَرَ رُطَبُهُ، وَفِي
الصِّحاح: أَضْهِلَتِ النَّخْلَةُ: أَرْطَبَتْ، وَقد قالُوا: أَضْهَلَ
الْبُسْرُ، إِذا بَدَا فِيهِ الإِرْطَابُ. وأَعْطَاهُ مِنْ مالٍ: أَي
عَطِيَّةً نَزْرَةً، أَي قَلِيلَةً. واسْتَضْهَلَ الْخَبَرَ:
اسْتَوْحَى مِنْهُ مَا أَمْكَنَهُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ. وممّا
يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: ضَهَلَ الظِّلُّ ضُهُولاً: رَجَعَ.
(29/358)
وضَهَلَ ماءُ البِئْرِ، ضَهْلاً،
وضُهُولاً: إِذا اجْتَمَعَ شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ. وضَهَلَهُ، ضَهْلاً:
دَعَفَ إِلَيْهِ شَيْئاً قَلِيلاً، مِنَ الماءِ الضَّهْلِ. ويُقالُ:
هَل ضَهَلَ إِلَيْكَ خَبَرٌ أَي وَقَعَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: الضَّهْلُ: الماءُ القَلِيلُ. وَقَالَ أَبُو
زَيْدٍ: مَا ضَهَلَ عندَكَ مِنَ المَاء، أَي مَا اجْتَمَعَ عندَكَ
مِنْهُ. وَقَالَ اللِّحْيانِيُّ: يقالُ: قد أَضْهَلْتُ إِلى فُلانٍ
مَالاً، أَي صَيَّرْتُهُ إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ:
ضَهِيَلَ فُلاَنٌ، إِذا طَالَ سَفَرُهُ، واسْتَفَادَ مَالاً قَلِيلاً.
وقالَ الأَصْمَعِيُّ: تَضَهَّلْتُ إِلى فُلانٍ، إِذا رَجَعْتُ إِلَيْهِ
على غَيْرِ وَجْهِ المُقاتَلَةِ.
ض ي ل
{الضَّالُ مِنَ السِّدْرِ: مَا كانَ عِذْياً، غيرُ مَهْمُوزٍ،
واحِدَتُهُ بِهَاءٍ، أَو السِّدْرُ البَرِّيُّ، وَعَلِيهِ اقْتَصَرَ
الجَوْهَرِيُّ، قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
(وكَأَنَّها دَقَرَى تَخَيَّلُ نَبْتُها ... أُنُفٌ يَعُمُّ الضَّالَ
نَبْتُ بِحَارِهَا)
وأنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ، لابنِ مَيَّادَةَ:
(قَطَعْتُ بِمِصْلالِ الخِشَاشِ يَرُدُّها ... عَلى الْكُرْهِ مِنْها}
ضَالَةٌ وجِدِيلُ)
يُريدُ الْخِشَاشَةَ المُتَّخَذَةَ مِنَ الضَّالِ، ومِصْلاَلٌ:
مُنْتِنٌ، قد قَرِحَ فَأَنْتَنَ مِنْ خُبْثِ رِيحِهِ. والضَّالُ:
شَجَرٌ آخَرُ من الدِّقِّ، يكونُ بِأَطْرافِ الْيَمَنِ، يَرْتَفِعُ
قَدْرَ الذِّراعِ، يَنْبُتُ نَبَاتَ السَّرْوِ، وَله بَرَمَةٌ صَفْراءُ
ذَكِيَّةٌ جدا، يَأْتِيكَ رَيْحُها مِنْ قَبِلِ أَن تَصِلَ إِلَيْها،
قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، قالَ: وليستْ {بِضَالِ السِّدْرِ.} وأَضَالَ
الْمَكانُ، {وأَضْيَلَ: أَنْبَتَهُ، نَقَلَهُ أَبو حَنِيفَةَ عَن
الفَرَّاءِ، ونَظَّرَهُ الجَوْهَرِيُّ بأَغَالَ وأَغْيَلَ، وقالَ ابنُ
الْقَطَّاع: إِذا كَثُرَ فيهِ الضَّالُ.} والضَّالَّةُ: السِّلاحُ
أَجْمَعُ، على
(29/359)
الاتِّساعِ، يُقالُ: إِنَّهُ لَكَامِلُ {الضَّالَّةِ، والأَصْلُ فِي}
الضَّالَةِ النِّبَالُِ والْقِسِيُّ، الَّتِي تُسَوَّى مِنَ {الضَّالِ،
ويُقالُ: خَرَجَ وَفِي يَدِهِ} ضَالَةٌ، أَي الْقوس أَو السِّهَام
يُقالُ: رَأيتُهُ يَرْمِي {بالضَّالَة، ومنهُ قَوْلُ عاصِمِ بنِ ثابِتٍ
الأَنْصارِيِّ، رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنهُ: أَبو سُلَيْمَانَ وصُنْعُ
المُقْعَدِ)
} وضَالَةٌ مِثْلُ الْجَحِيمِ المُقَدِ فَإنَّهُ أَرادَ {بالضَّالَةِ
السِّهامَ، شَبَّهَ نِصَالَها بِنَارٍ مُوقَدَةٍ، قالَ ابنُ بَرِّيٍّ:
وَقد يُعَبَّرُ} بالضَّالَةِ عَن النَّبْلِ، لأَنَّها تُعْمَلُ
مِنْهَا. وذاتُ {الضَّالِ: ع. وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:} ضَالٌ:
اسْمُ مَكانٍ، أَو جَبَلٍ بِعَيْنِهِ، وبهِ فُسِّرَ اسْمُ مَكَانٍ، أَو
جَبَلٍ بِعَيْنِهِ، وبهش فُسِّرَ حدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ، قالَ لهُ
أَبَانُ بنُ سَعِيدٍ: وَبْرٌ تَدَلَّى مِن رَأْسِ! ضَالٍ، ويُرْوَى
بالنُّونِ أَيْضا، وَهُوَ جَبَلٌ بِأرْضِ دَوْسٍ، وقيلَ غيرُ ذلكَ. |