تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْهَاء والشين)
أهملت الْهَاء والشين مَعَ الضَّاد وَالصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي والطاء.
هـ ش د
اسْتعْمل من وجوهها: شهد، شده، دهش.
شهد: أَخْبرنِي المنذريُّ أنّه سَأَلَ أَحْمد بنَ يحيى عَن قَول الله عزّ وجلَّ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ} فَقَالَ: كلُّ مَا كَانَ {شَهِدَ اللَّهُ} فَهُوَ بِمَعْنى عَلِم الله، قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَعْنَاهُ قَالَ الله. قَالَ: وَيكون مَعْنَاهُ عَلِم الله، وَيكون {شَهِدَ اللَّهُ} كَتَب الله، وَقَالَ أَبُو بكر بنُ الأنباريَّ فِي معنى قَول المؤذّن: أشهد أَن لَا إلاه إلاّ الله: أَعلَم أَن لَا إلاه إلاّ الله وأبيّن أنّه لَا إلاه إلاّ الله، قَالَ وقولُه جلَّ وعزَّ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ} مَعْنَاهُ: بيَّن الله أنّه لَا إلاه إلاّ هُوَ، قَالَ: وَقَوله: أشهد أنّ محمَّداً رَسُول الله: أعلَم وأبيّن أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: معنى {شَهِدَ اللَّهُ} قضَى الله أنّه لَا إلاه إلاّ الله، قَالَ: وحقيقتُه عَلِمَ الله وبَيَّن الله؛ لِأَن الشَّاهِد: هُوَ الْعَالم الَّذِي يبيِّن مَا عَلِمه، فَالله قد دلَّ على توحيده بِجَمِيعِ مَا خلق، فبيَّن أَنه لَا يقدِر أحدٌ أَن ينشىء شَيْئا وَاحِدًا ممَّا أَنشَأَ، وشَهِدَتِ الْمَلَائِكَة لِمَا عاينتْ مِن عَظِيم قدرتِه، وَشهد أولُو العِلم بِمَا ثَبَت عِنْدهم، وَتبين من خلْقه الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ غيرُه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحمدُ بنُ يحيى: {شَهِدَ اللَّهُ} : بيَّن الله وأَظهَر. وشَهِد الشّاهد عِنْد الْحَاكِم: أَي بَيَّن مَا يَعلَمه وأَظهَره، يدل على ذَلِك قَوْله: {شَهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ} (التّوبَة: 17) وَذَلِكَ أنّهم يُؤمنُونَ بأنبياءَ شَعرُوا بمحمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحَثّوا على اتِّباعه، ثمّ خالَفُوهم فكذّبوه، فبيّنوا بذلك الكفرَ على أنفسهم، وإنْ لم يَقُولُوا: نَحن كفّار.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي تَفْسِير الشّهيد الّذي يُستشهَد: الشَّهيد: الحيُّ.
قلتُ: أرَاهُ تأوّل قولَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عِمرَان: 169) كأنّ أرواحَهم أُحضِرتْ دارَ السّلام أَحيَاء وأرواح

(6/47)


غيرههم أُخِّرت إِلَى يَوْم البَعْث، وَهَذَا قولٌ حَسَن.
وَقَالَ ابْن الأنباريُّ: سُمِّي الشهيدُ شَهِيدا لأنَّ الله وَمَلَائِكَته شَهدوا لَهُ بالجنَّة، وَقيل: سُمُّوا شُهداءَ لأَنهم ممّن يستشهد يَوْم الْقِيَامَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْأُمَم الخالية.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البَقَرَة: 143) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجّاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير أنّ أُمَم الْأَنْبِيَاء تكذب فِي الْآخِرَة إِذا سُئلوا عمَّن أُرسلوا إِلَيْهِم، فيجحَدون أنبياءهم. هَذَا فيمَن جَحَدَ فِي الدَّنيا مِنْهُم أمْرَ الرسولِ فتَشهد أمةُ مُحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصدق الْأَنْبِيَاء ث وَتشهد عَلَيْهِم بتكذيبهم، وَيشْهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهَذِهِ الأمَّة بصدقهم. قَالَ: والشَّهادةُ تكون للأفضل فَالْأَفْضَل من أمته، فأفضلهُم مَن قُتل فِي سَبِيل الله مُجاهِداً أعداءَ الله، لتَكون كلمةُ الله هِيَ العُلْيا، مُيّزت هَذِه الطبقةُ عَن الْأمة بالفَضْل الّذي حازُوه، وبيَّن الله أَنهم أحياءٌ عِنْد رَبهم يُرزَقون فَرِحين بِمَا آتَاهُم الله من فَضله، ثمّ يتلوهم فِي الفَضْل مَن جَعَله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عِداد الشُّهداء، فإنّه قَالَ: (المَبْطُونُ شَهِيد، والمَطعُون شَهِيد) .
قَالَ: وَمِنْهُم أَن تموتَ المرأةُ بِجُمْع، وعَدّ فيهم الغَريق وَالْمَيِّت فِي سبيلِ الله، ودلّ حَدِيث عمرَ بنِ الخطّاب أنَّ من أَنكَر مُنكَراً، وَأقَام حَقّاً وَلم يَخَفْ فِي الله لومةَ لائم أنّه فِي جملَة الشُّهَدَاء، لقَوْله ح: (مَا لَكم إِذا رَأَيْتُمْ الرجلَ يَخْرِقُ أعراضَ النَّاس أَن لَا تُعرِبوا عَلَيْهِ؟ قَالُوا: نَخَاف لسانَه، فَقَالَ: ذَلِك أدنى أَن لَا تَكُونُوا شُهَداءَ) ، مَعْنَاهُ وَالله أعلم أَنكُمْ إِذا لم تُعرِبوا وتقبِّحوا قولَ من يَقترض أعراضَ الْمُسلمين مخافةَ لسانِه لم تَكُونُوا فِي جُملة الشّهداء الّذين يُستشهَدون يَوْم الْقِيَامَة على الْأُمَم الّتي كَذّبتْ أنبياءَها فِي الدّنيا وجَحدتْ تكذيبها فِي الدّنيا يومَ الْقِيَامَة.
والشّهيد فِي أَسمَاء الله وَصِفَاته. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: هُوَ الْأمين فِي شَهَادَته، قَالَ: وَقيل: الشّهيد: الّذي لَا يَغيب عَن علمه شَيْء.
وَقَالَ اللّيث: الشَّهْد: العَسَل مَا دَامَ لم يُعصَر من شَمعه، ويُجمَع على الشِّهاد، والواحدةُ: شَهْدة وشُهْدة.
قَالَ: وشَهد فلانٌ بحقّ فَهُوَ شَاهد وشهيد، واستُشهد فلَان فَهُوَ شَهيد: إِذا مَاتَ شَهِيدا، واشتَشهَدْتُ فلَانا على فلَان: أَي أشهَدْته.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ} (البَقَرَة: 282) ، واستَشْهَدتُ فلَانا: إِذا سألتَه إِقَامَة شَهَادَة احتَملها.
والتشهُّد: قِرَاءَة خُطبة الصَّلَاة: التحيّات لله والصَّلوات، واشتقاقه من قَوْله: أشهدُ أَن لَا إلاه إلاّ الله وَأشْهد أنّ مُحَمَّدًا عبدُه وَرَسُوله.
والمَشهد: مَجمعٌ من النَّاس، وجَمعُه المَشاهد، وقولُ الله جلّ وعزّ: {الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (البُرُوج: 3) قيل فِي التَّفْسِير: الشَّاهِد هُوَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمشهود: يَوْم الْقِيَامَة.

(6/48)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {الْمَوْعُودِ} هُوَ يومُ الْجُمُعَة {وَشَاهِدٍ} هُوَ يَوْم عَرَفَة. قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: الشَّاهِد: يَوْم الْقِيَامَة، فكأنَّه قَالَ: وَالْيَوْم الْمَوْعُود وَالشَّاهِد، فجَعَل الشاهدَ من صفة الْمَوْعُود يتبعهُ فِي خَفضه.
وَقَالَ اللّيث: لغةُ تَمِيم (شِهِيد) بِكَسْر الشين يكسرون فَعيلاً فِي كلّ شَيْء كَانَ ثانِيَه أحدُ حرُوف الحَلْق، وَكَذَلِكَ سُفلَى مُضَر، يَقُولُونَ: فِعيل. قَالَ: ولغةٌ شَنْعاء يَكسرون كلّ فَعِيل، والنَّصب اللّغة الْعَالِيَة.
ورَوى شمِر فِي حَدِيث رَوَاهُ لأبي أيُّوبَ الأنصاريّ أَنّه ذكر صلاةَ الْعَصْر ثمَّ قَالَ: وَلَا صلاةَ بعدَها حتّى يُرَى الشَّاهِد، قَالَ: قُلْنَا لأبي أَيُّوب: مَا الشَّاهِد؟ قَالَ: النَّجْم.
قَالَ شمر: وَهَذَا راجعٌ إِلَى مَا فسَّره أَبُو أَيُّوب أنّه النَّجْم، كأَنه يَشهد على اللَّيْل.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الشُّهود: مَا يخرج على رَأس الصبيّ، وَاحِدهَا شَاهد، وَأنْشد:
فجاءتِ بمِثْل السابريّ تَعجَّبوا
لَهُ والثَّرَى مَا جَفّ عَنْهَا شُهودُها
وَهِي الأغراس.
وَقَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: مَا لِفلان رُوَاء وَلَا شَاهد: مَعْنَاهُ مَاله مَنظر وَلَا لِسَان. والرواء: المَنظر، وَكَذَلِكَ الرِّيُّ، قَالَ الله: (مَرْيَم: 74) .
أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
لله دَرُّ أَبِيك رُبَّ عَمَيدَرٍ
حَسَنِ الرُّوَاءِ وقلبُه مَدْكوكُ
قَالَ: وَالشَّاهِد: اللِّسان، من قَوْلهم: لفلانٍ شاهدٌ حَسَن: أَي عبارَة جميلَة.
بخطّ شَمِر: قَالَ الْفراء وَغَيره: صلاةُ الشَّاهِد صلاةُ الْمغرب، وَهُوَ اسمُها. قَالَ شَمِر: وَهُوَ راجعٌ إِلَى مَا فَسَّر أَبُو أيوبَ أنّه النَّجْم.
وَقَالَ غَيره: وتُسمَّى هَذِه الصَّلَاة صلاةَ البَصَر، لِأَنَّهُ يُبصَر فِي وقته نجومُ السَّمَاء، فالبَصَر يُدرِك رؤيةَ النَّجم، وَلذَلِك قيل لَهُ: صَلَاة البَصَر.
عَمْرو، عَن أَبِيه: أَشْهَد الغلامُ: إِذا أَمَذَى وأَدْرَك، وأَشْهَدَت الْجَارِيَة: إِذا حاضَت وأَدْرَكَتْ، وَأنْشد:
قَامَت تُناجِي عَامِرًا فأَشهَدَا
فَداسَها ليلتَه حَتَّى اغتَدَى
وَقَالَ الكسائيّ: أُشهِدَ الرجلُ: إِذا استُششْهِد فِي سبيلِ الله، فَهُوَ مُشهَد بِفَتْح الْهَاء. وَأنْشد:
إِنِّي أَقُول سأموت مُشْهَدا
وَيُقَال للشَّاهِد: شَهِيد، ويُجمَع شُهَدَاء.
وَقَالَ غَيره: أشهدتُ الرجلَ على إِقْرَار الغَريم، واستشهدتُه، بِمَعْنى وَاحِد، وَمِنْه قولُ الله تَعَالَى: {أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً} (البَقَرَة: 282) أَي أَشْهِدوا شَاهِدين، يُقَال للشَّاهِد: شَهِيد، ويُجمَعُ شُهَدَاء.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرير: صَلَاة الْمغرب تسمّى شَاهدا لِاسْتِوَاء المُسافِر والمقيم فِيهَا، لِأَنَّهَا لَا تُقصَر.

(6/49)


قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَه شمر، لِأَن صَلَاة الفجْر لَا تُقصَر أَيْضا، ويَستوِي فِيهَا الْحَاضِر وَالْمُسَافر فَلم تُسَمّ شَاهدا.
وَقَالَ ابْن بزرج: شَهِدتُ على شَهَادَة سَوْء: يُرِيد شُهَداء سَوْء، قَالَ: وكلاًّ تكون الشَّهَادَة كلَاما يُؤدَّى وقوماً يَشهدون.
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البَقَرَة: 185) فَإِن الْفراء قَالَ: نَصَبَ الشهرَ بِنَزْعِ الصِّفة، وَلم يَنْصِبه بوُقوع الْفِعْل عَلَيْهِ. الْمَعْنى: فَمن شَهِد مِنْكُم فِي الشَّهْر: أَي كَانَ حَاضرا غيرَ غَائِب فِي سَفَره.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَنْشدني أعرابيٌّ فِي صفة فَرَس:
لَهُ غائبٌ لم يَبتَذِلْهُ وشَاهِدُ
قَالَ: الشَّاهِد مِن جَرْيه مَا يشْهد لَهُ على سَبْقه وَجَوْدته، وَقيل: شاهدُهُ بَذْلُه جَرْيَه، وغائبه مَصُونُ جرْيه.
أَبُو حَاتِم، عَن الْأَصْمَعِي: امرأةٌ مُشْهِد بِغَيْر هَاء: إِذا كَانَ زَوجُها شَاهدا وَامْرَأَة مُغيبة بِالْهَاءِ: إِذا غَابَ زوجُها. هَكَذَا حُفِظ عَن الْعَرَب لَا على مَذْهب الْقيَاس، وَلَا يجوز غيرُه.
دهش شده: قَالَ اللَّيْث: الدَّهَشُ: ذَهابُ العَقل من الذَّهْل والوَلَه، يُقَال: دَهِش وشُدِه فَهُوَ دَهِش ومَشْدُوه شَدْها، وَقد أَشدَهه هَكَذَا.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: شُدِه الرجلُ فَهُوَ مَشْدوه شَدْهاً، وَهُوَ الشُّغْل لَيْسَ غَيره.
قلت: لم يُجعل شدِه من الدَّهش كَمَا يتوَهّم بعضُ النَّاس أَنه مقلوب مِنْهُ، واللّغة الْعَالِيَة دَهِش على فَعِل، كَذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو، وَهُوَ الدّهَشِ بِفَتْح الهاءِ، وَأما الشَّدْه فالدال ساكنةٌ، والدَّهَش مثل الخَرَق والبَعَل وَنَحْوه، وَأما شُدِه، فَهُوَ مَشدوه، فَمَعْنَاه شغِل فَهُوَ مَشْغُول.
هـ ش ت
هتش: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هُتِش الكلبُ فاهْتَتَشَ: إِذا حُرِّش فاحتَرَش، وَلَا يُقَال إلاّ للسِّباع خَاصَّة.
قَالَ: وَفِي هَذَا الْمَعْنى حُتِّش الرجلُ: أَي هُيِّج للنَّشاط.
هـ ش ظ هـ ش ذ هـ ش ث:
أهملت وجوهها.
هـ ش ر
هشر، هرش، شهر، شَره، رهش: مستعملة.
هشر: قَالَ اللَّيْث: الهَيْشَر: نباتٌ رخْوٌ، فِيهِ طول، على رَأسه بُرْعومة كَأَنَّهُ عُنق الرَّأْل.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
كأنّ أعناقَها كُرّاتُ سائِفَةٍ
طارتْ لفائِفُه أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ
قَالَ: وَرجل هَيْشَر: رِخو ضَعِيف.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الهَيْشر: شجر يَنبت فِي الرَّمل يَطول وَيَسْتَوِي، وَله كِمامة للبزْر فِي رَأسه، والسائفة: مَا استرقَّ من الرمل.

(6/50)


وَقَالَ اللَّيْث: المِهشار من الْإِبِل: الَّتِي تضع قبلَ الْإِبِل وتَلقَحُ فِي أوَّل ضَربة وَلَا تُماجِن.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهُشَيْرَةُ: تَصْغِير الهَشْرة، وَهِي البَطر.
وَفِي (النَّوَادِر) : شجرةٌ هَشُورٌ وهَشِرة، وهَمُور وهَمِرة، إِذا كَانَ ورقُها يسْقُط سَرِيعا.
قَالَ أَبُو زيد: الهَيْشَر: كَنْكَر البُرِّ ينبُت فِي الرِّمال.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد: الهَيْشر لَهُ ورقةٌ شاكَّةٌ وزهرتُه صفراء، لَهُ قَصَبَة فِي وَسَطه.
ابْن دُرَيد: الهَشُور من الْإِبِل: المُحْتَرِق الرِّئة.
هرش: اللَّيْث: رجلٌ هَرِشٌ، وَهُوَ الجافي المائِقُ. والمُهارَشة فِي الْكلاب وَنَحْوهَا: كالمُخَارشة. يُقَال: هارَشَ بَين الْكلاب، وَأنْشد:
جِرْوَا رَبيضٍ هُورِشا فَهَرّا
غَيره: يُقَال: هُوَ الكلْبُ هِراش وخِراش.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: فرسٌ مُهارِش العِنان: أَي خفيفُ العِنان، وَأنْشد:
مُهارِشةُ العِنان كأنّ فِيهَا
جرادَة هَبْوةٍ فِيهَا اصفِرار
وَقَالَ مرّة: مُهارِشَة العِنان: هِيَ النَّشِيطة. وَقَالَ الأصمعيّ: فرسٌ مُهارِشة الْعَنَان: خفيفةُ اللِّجام كَأَنَّهَا تهارِشه.
شهر: قَالَ اللَّيْث: الشَّهر والأشْهُر: عَدَد، والشُّهور جمَاعَة، والمُشاهَرة: المعاملَة شَهْراً بشَهْر.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} (البَقَرَة: 197) .
قَالَ الزجَّاج: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَج أشهرٌ مَعْلُومَات.
وَقَالَ الفرّاء: الأشهُرُ المعلومات من الحجّ: شوَّل وَذُو الْقعدَة وعَشْر من ذِي الحجّة. قَالَ: وَإِنَّمَا جَازَ أَن يُقَال: أشهُر، وَإِنَّمَا هما شَهْرَان وعَشْر من ثَالِث، وَذَلِكَ جائزٌ فِي الْأَوْقَات.
قَالَ الله جلّ ذكره {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ} (البَقَرَة: 203) وَإِنَّمَا يتعجّل فِي يَوْم وَنصف، وَتقول الْعَرَب: لَهُ الْيَوْم يَوْمَانِ مذ لم أَرَه، وَإِنَّمَا هُوَ يومٌ وَبَعض آخر. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بجائز فِي غير الْمَوَاقِيت، لأنّ الْعَرَب قد تَفعل الفِعل فِي أقلَّ من السَّاعَة ثمَّ يُوقِعونه على الْيَوْم، وَيَقُولُونَ: زُرْتُه العامَ، وَإِنَّمَا زَاره فِي يومٍ مِنْهُ.
وَقَالَ الزَّجاج: سمّي الشَّهْر شَهْراً: لشُهْرته وبيانِه.
وَقَالَ غيرُه: سمّي شَهْراً باسم الْهلَال إِذا أهلّ يسمَّى شهرا، والعَرَب تَقول: رأيتُ الشهرَ: أَي رَأَيْت هلالَه.
وَقَالَ ذُو الرمّة:
يَرَى الشَّهْرَ قبلَ النَّاس وَهُوَ نَحيلُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُسمَّى الْقَمَر شَهْراً لِأَنَّهُ يُشهر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشّهريّة: ضَربٌ من البَراذين، وَهِي بَين المُقْرِف من الْخَيل والبِرْذَوْن.

(6/51)


قَالَ: والشُّهْرة: ظهورُ الشَّيْء فِي شُنْعة حَتَّى يَشهَره النَّاس، وَرجل مَشْهُور، وأَمْر مَشْهُور، ومُشهَّر، وشَهَر فلانٌ سيفَه: إِذا انتضاه من غِمْده فَيرفَعَهُ على النَّاس.
وَفِي الحَدِيث: (لَيْسَ منّا مَن شَهَر علينا السِّلاح) .
وَقَالَ ذُو الرمّة:
وَقد لاحَ للساري سُهَيلٌ كأنّه
على أخرَياتِ الليلِ فَتْقٌ مشهَّرُ
أَي صُبح مَشْهُور. قَالَ: وامرأةٌ شَهيرة: وَهِي العَريضة الضَّخمة، وأتانٌ شهِيرة: مِثلُها، والعَرَب تَقول: أشهرْنا مُذْ لم نَلْتَق: أَي أتَى علينا شهرٌ، وأشهرنا منذُ نزلْنا على مَاء كَذَا: أَي أتَى علينا شهرٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّهْرة: الفَضِيحة.
وَأنْشد الباهليّ:
أَفِينَا تَسُوم الشاهِريّة بَعْدَمَا
بدا لَك مِنْ شَهْر المُلَيْساء كَوْكَب
شهْرُ المُلَيْساء شهرٌ بَين الصَّفَرِيَّة والشتاء، وَهُوَ وقتٌ يَنقطِع فِيهِ المِيرة تَقول: تُعرَض علينا الشاهريَّة فِي وقتٍ لَيْسَ فِيهِ ميرة، وتَسومُ: تعرض، والشاهريّة: ضرب من العِطْر مَعْرُوف.
رهش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرّواهش: عُروقُ باطنِ الذِّراع، والنَّواشر: عروقُ ظاهِر الكفّ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي الرَّواهش كَمَا قَالَ، قَالَ: والنَّواشر عُروقُ ظاهِر الذِّراع.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّهش ارتهاشٌ يكون فِي الدَّابَّة، وَهُوَ أَن تَصطَكَّ يَدَاهُ فِي مَشْيه فيَعْقِر رَواهِشَه وَهِي عَصَب يديْه، والواحدة راهِشة، وَكَذَلِكَ فِي يَدِ الْإِنْسَان روَاهِشُها: عَصَبُها من بَاطِن الذِّراع.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: وَاحِد الرَّاوهِش: راهش بِغَيْر هَاء، وَأنْشد:
وأَعددْتُ للحَرب فَضْفَاضَةً
دِلاصاً تَثَنَّى على الرّاهِش
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: النَّواشر الرَّواهش: عروق باطِن الذِّراع، والأشاجِع: عروقُ ظاهرِ الكفّ.
وَقَالَ النَّضر: الارتهاش والارتعاش وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الارتهاش: ضَربٌ من الطَّعْن فِي عَرْض، وَأنْشد:
أَبَا خالدٍ لَوْلَا انتظارِيَ نَصْرَكمْ
أخذتُ سِناني فارتَهَشْتُ بِهِ عَرْضاً
قَالَ: وارتهاشُه: تَحريكُ يَدَيْهِ. قلت: معنى قَوْله فارتهشْتُ بِهِ: أَي قَطعْتُ بِهِ رَواهِشي حَتَّى يَسيلَ مِنْهَا الدّم وَلا ترقأ فأموت. يَقُول: لَوْلَا انتظاري نصْرَكم لقتلتُ نَفسِي آنِفا.
أَبُو عَمْرو: ناقةٌ رَهيش: أَي غَزِيرة صفيٌّ، وَأنْشد:
وخَوَّارة مِنْهَا رَهيشٌ كَأَنَّمَا
بَرَى لَحْمَ مَتْنَيْها عَن الصُّلْب لاحِبُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: النَّاقة الرُّهْشوش: الغَزِيرة اللَّبن.

(6/52)


وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ رُهْشوش: حَييٌّ سَخِيٌّ رقيقُ الوَجْه، وَأنْشد:
أنتَ الكريمُ رِقَةَ الرُّهْشُوش
يُرِيد: يَرِقّ رِقَّة الرُّهْشوش، وَلَقَد تَرهْشَشَ وَهُوَ بَيِّنُ الرُّهشة والرُّهشوشيَّة.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الرَّهيش النَّصْل الرَّقِيق، وَأنْشد:
بِرَهِيشٍ من كِنَانَتِه
كتلظِّي الجَمْر فِي شَرَرِهْ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المُرْتَهِشة من القسيّ: الَّتِي إِذا رُمِي عَنْهَا اهتزتْ فَضَرَب وتَرُها أبهَرَها. قَالَ: والرَّهِيشُ: الَّتِي يُصيب وَترُها طائِفَها، والطائف: مَا بَين الأبهَر والسِّيَة.
شَره: قَالَ اللَّيْث: رجلٌ شَرِهٌ: شَرْهَان النَّفْس حَرِيص: وَيُقَال: شَرِه فلانٌ إِلَى الطَّعَام يَشرَه شَرَهاً: إِذا اشتدّ حِرْصُه عَلَيْهِ، قَالَ: وقولُهم: هَيَا شَراهِيَا، مَعْنَاهُ: ياحَيُّ يَا قَيْوم، بالعِبْرانيّة.
هـ ش ل
اسْتعْمل من وجوهه: شهل، هشل.
شهل: قَالَ اللَّيْث: الشَّهَل والشُّهْلة فِي العَيْن.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الشُّهْلة: حُمْرة فِي سَوادِ العَين، وأمّا الشُّكْلة فَهِيَ كَهَيئَةِ الْحمرَة تكون فِي بَيَاض الْعين.
قلت: وَيُقَال: رجلٌ أشهَل، وَامْرَأَة شَهْلاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرْأَة النَّصَفة العاقِلة: شَهْلَة كَهْلَة، نَعتٌ لَهَا خَاصَّة لَا يُوصف الرجلُ بالسَّهْل والكَهْل.
أَبُو زيد: الأشْهَل والأشكل والأشْجَر وَاحِد.
وَقَالَ النَّضر: جَبَل أشْهَلُ: إِذا كَانَ أغبرَ فِي بياضٍ، وعَينٌ شَهْلاء: إِذا كَانَ بياضُها لَيْسَ بخالص، فِيهِ كُدُورة، وذئبٌ أشهَل، وَأنْشد:
مُتوضِّح الأقرابِ فِيهِ شُهْلةٌ
شَنِجُ اليَدَيْن تَخالُه مَشكُولا
وحدّثنا السَّعْدِيّ قَالَ: حدّثنا الرَّمَادِي قَالَ: حدّثنا وهب بن جرير قَالَ: حدْثنا شعبةُ، عَن سماك، عَن جَابر بن سَمُرة قَالَ: كَانَ رسولُ الله ضليعَ الْفَم، أشهَل العَيْنين، منهُوسَ الكَعْبين. وَرَوَاهُ غُنْدُر عَن شُعبة عَن سماك عَن جَابر: كَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشكَلَ العَيْنين. قَالَ شُعبة: فقلتُ لسماك: مَا أشكلَ الْعَينَيْنِ؟ قَالَ: طويلُ شقّ العَيْن. قلت: خالَف غُنْدُر وهبَ بن جرير.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأمَوِي: الشَّهْلة: العَجُوز وأنشدَنا:
باتَ يُنَزِّى دَلْوه تَنْزِيَّا
كَمَا تُنَزِّي شَهْلَةٌ صَبِيّا
وَقَالَ اللَّيْث: المُشاهَلة: المشارّة، تَقول: كَانَت بَينهم مشاكلة أَي لحاء ومُقارصَة وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي (نوادره) :
أَلاَ أرَى ذَا الصَّعْفَةِ الهَبِيتا
يُشاهِلُ العَمَيْثَل البِلِّيتَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: فِي فلَان وَلَع وشَهَل: أَي كَذِب. قَالَ: والشَّهَل:

(6/53)


اختلاطُ اللونين، والكذَّابُ يُشرّح الأحاديثَ ألواناً.
وَقَالَ غيرُه: المُشاهَلة: مراجَعة الْكَلَام، وَأنْشد:
قد كَانَ فِيما بَيْننَا مُشاهَلَهْ
ثمّ توَلّت وهيَ تَمشي البَأْدَلَهْ
البأدَلَة فِي الْمَشْي: أَن يُسرِع فِيهِ، والشَّهْلاء: الْحَاجة، تَقول: قضيتُ من فلَان شَهْلائي، أَي حَاجَتي، وَقَالَ الرَّاجز:
لَم أقضِ حَتَّى ارتَحلتْ شَهْلائي
من العَرُوب الطفلة الغَيْداء
هشل: أهمَله اللَّيْث. وأقرأنِي الإياديّ عَن شمر لأبي عبيد، عَن الْأَحْمَر قَالَ: الهَيْشَلة من الْإِبِل وَغَيرهَا: مَا اعْتَصَب.
قلت: وَهَذَا حرف وَقع فِيهِ الْخَطَأ من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا فِي نفس الْكَلِمَة، وَالْأُخْرَى فِي تَفْسِيرهَا، والصوابُ الهَشِيلة على فَعِيلة من الْإِبِل وَغَيرهَا: مَا اغْتُصِبَ لَا مَا اعْتَصَبَ، وأُثبت لنا عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يَقُول مُفاخِر الْعَرَب: مِنَّا مَن يُهْشِل أَي مِنَّا مَن يُعطِي الهَشِيلة: وَهُوَ أَن يَأْتِي الرجلُ ذُو الْحَاجة إِلَى مُراحِ الرّجل فيأخذَ بَعِيرًا فيَركبه، فَإِذا قَضَى حاجَته رَدّه. وأمّا الهَيْشَلَة على فَيْعَلة فَإِن شمراً وَغَيره قَالُوا: هِيَ النَّاقة المُسِنَّة السمينة.
هـ ش ن
اسْتعْمل من وجوهها: نهش.
نهش: قَالَ اللَّيْث: النَّهْش: دون النَّهْس: وَهُوَ تناولٌ بالفَمِ إِلَّا أَن النَّهْسَ تناولٌ من بَعِيد كنَهْش الحيّة والنَّهْشُ: القَبْضُ على اللَّحْم ونَتْفُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: نهشَتْه الحيَّةُ ونَهَسَتْه إِذا عَضّته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول أبي ذُؤَيْب:
يَنْهَشْنَه ويَذُودُهنَّ ويَحْتَمِي
قَالَ: ينهشنه: يعضضنه، قَالَ: والنَّهْش قريبٌ من النَّهْس.
وَقَالَ رؤبة:
كم مِن خليلٍ وأَخٍ مَنْهوش
قَالَ المنْهُوش: الهزيل. يُقَال: إِنَّه لمنْهوش الفَخِذَين، وَقد نُهِش نَهشاً
وَفِي الحَدِيث: (لَعَن رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحالِقَةَ والمنْتَهِشة) ، فالحالقة: الَّتِي تَحلق شعرهَا إِذا أصيبتْ بزَوجها.
وَقَالَ القُتَيْبيُّ: المنتهشة: هِيَ الَّتِي تخمش وجهَها، قَالَ: والنَهْشُ لَهُ أَن تأخذَ لَحْمه بأظفارها، وَمِنْه قيل: نَهِشَته الكلابُ، وفلانٌ نَهِش الْيَدَيْنِ: أَي خَفيفُ اليَدَين فِي المَرّ، قليلُ اللَّحم عَلَيْهِمَا. وَقَالَ الرّاعي يصف ذئباً:
متوضِّح الأقراب فِيهِ شُهبة
نهشُ اليَدَين تَخاله مَشكُولاً
وَقَول: تخاله مشكولاً: أَي لَا يَسْتَقِيم فِي عَدْوه كَأَنَّهُ قد شُكِل بشِكال.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النّهْس بأطراف الْأَسْنَان، والنهش بالأسنان والأضْراس. قَالَ: وَسَأَلت ابْن الْأَعرَابِي عَن قَول

(6/54)


عليّ ح فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ منهوش القَدَمين أَو منْهوس، فَقَالَ: يُقَال: رجل منهوش الْقَدَمَيْنِ ومنهوس الْقَدَمَيْنِ) : إِذا كَانَ مُعرَّق الْقَدَمَيْنِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: نُهِشَت عَضُداه: أَي دَقَّتا.
هـ ش ف
اسْتعْمل من وجوهها: شفه.
شفه: قَالَ اللَّيْث: الشَّفة حُذفَتْ مِنْهَا الْهَاء، وتصغِيرها شُفَيْهة، والجميع الشِّفاه. قَالَ: وماءٌ مَشْفُوهٌ: مطلوبٌ مَبسول. قلت: وَلم أسمع ماءٌ مَشْفوه بِمَعْنى مطلوبٍ لغير اللَّيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: يُقَال: مَاء مَشْفُوه: وَهُوَ الَّذِي كَثر عَلَيْهِ الناسُ، وَكَذَلِكَ مَثْمود ومضْفوف كَأَنَّهُمْ نَزَحوه بِشفَاهِهِم وشَغَلوه بهَا عَن غَيرهم.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: مَاء مَشْفوه: ممنوعٌ من وِرْده لقلته، وَوَرَدْنا مَاء مَشفُوهاً: كثير الْأَهْل، وأصبحْتَ يَا فُلان مشفوهاً: كثير الْأَهْل، وأصبحت يَا فلانُ مشفوهاً: مكثوراً عَلَيْك تُسأل وتُكلَّم. وَيُقَال: مَا شفهت عَلَيْك من خيرِ فلانٍ شَيْئا، وَمَا أَظنّ إبِلَك إلاّ سَتَشْفَه علينا الماءَ: أَي تشغله، وفلانٌ مشفوة عنَّا أَي مَشْغُول عَنَّا، مكثور عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا صنع لأحدِكم خادِمُه طَعَاما وَكَانَ مشفوهاً فليَضعْ فِي يدِه مِنْهُ أُكلةً) أَي كَانَ قَلِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا ثلَّثوا الشَّفةَ قَالُوا: شَفَهات وشَفَوات، وَالْهَاء أَقيس، وَالْوَاو أعمّ لأَنهم شبهوها بالسَّنوات ونقصانها حذفُ هائها. قلت: والعَرَب تَقول: هَذِه شَفَةٌ فِي الوَصْل وشفهٌ بِالْهَاءِ، فَمن قَالَ: شَفَة، قَالَ: كَانَت فِي الأَصْل شَفَهة، فحذفت الْهَاء الْأَصْلِيَّة وأُبقيت هاءُ الْعَلامَة للتأنيث، وَمن قَالَ: شفه بِالْهَاءِ أَبقَى الْهَاء الْأَصْلِيَّة، وَيُقَال: إنّ شَفَة النَّاس عَلَيْك لحسنة: أَي ذِكْرهم لَك وثناءهم عَلَيْك حَسَن وَيُقَال: مَا سَمِعت مِنْهُ ذاتَ شَفة: أَي مَا سَمِعت مِنْهُ كلمة؛ ورجلٌ خفيفُ الشّفة: أَي قَلِيل السُّؤَال.
هـ ش ب
شهب، شبه، هبش، بهش: مستعملة.
شهب: اللَّيْث: الشَّهَب: لون بَيَاض يَصْدَعه سوادٌ فِي خلاله، وأَنشد:
وَعَلا المفارقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشهب
قَالَ: والعنبر الجيِّد لونُه أَشهب، وَيُقَال اشهابَّ رَأْسِي: إِذا كَانَ البَياض غَالِبا للسّواد واشتهب كَذَلِك، وَأنْشد:
شَاب بعدِي رأسُ هَذَا واشتهب
وَيَوْم أَشهب: ذُو ريح بارِدة، وليلةٌ شهْباء كَذَلِك، وكتيبة شهباء، لما فِيهَا مِنْ بَيَاض السِّلاح فِي خلال السَّواد.
وَيُقَال للشجاع: شِهاب، وجمعُه شُهبان.
قَالَ ذُو الرمة:
إِذا عَمّ داعيها أَتته بِمَالك
وشُهبانِ عَمْرو كلُّ شَوْهاءَ صِلْدِمِ

(6/55)


عَم داعيها: أَي دَعَا الْأَب الْأَكْبَر، وَأَرَادَ بشهْبان عَمْرو: بني عَمْرو بن تَمِيم، وَأما بَنو الْمُنْذر فَإِنَّهُم يسمَّون الأشاهِب لجمالهم، قَالَ الْأَعْشَى:
وَبَنُو الْمُنْذر الأشاهب
وَقَالَ أَبُو سعيد: شَهَّبَ البردُ الشجرَ: أَي غَيَّرَ ألوانها، وشهَّبَ الناسَ البردُ. والشوْهاء: الفَرَس الرايعة الواسعةُ الْفَم، والصِّلْدِم الصُّلب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال كَتيبة شهباء إِذا كَانَت عِلْيتَها بياضُ الْحَدِيد. وَقَالَ غَيره: سَنَة شهباء: إِذا كَانَت جَدْبةً، وَيَوْم أَشهب: ذُو حَلِيتٍ وأَزيز.
وَقَالَ اللَّيْث: اشهابَّ الزّرع: إِذا كَاد يهيج وَفِي خلاله خُضْرة. وَقَالَ: اشهابَّت مَشافِرُه.
والشِّهاب: شعْلة نَار سَاطِع، والجميع الشُّهْبُ والشُّهْبان، وَيُقَال للرجل الْمَاضِي فِي الحَرْب: شهابُ حَرْب.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {بِخَبَرٍ أَوْءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ} .
قَالَ الفرّاء: نَوَّن عاصمٌ والأعشَى فيهمَا، قَالَ: وأضافَه أهلُ الْمَدِينَة {ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ} قَالَ: وَهَذَا ممّا يُضَاف الشيءُ إِلَى نَفسه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الشِّهاب: العُودُ الَّذِي فِيهِ نَار.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الشِّهاب أصلُ خشَبَة أَو عُود فِيهَا نارٌ ساطِعَة، وَيُقَال للكوكب الَّذِي ينقضُّ على إِثْر الشّيطان بِاللَّيْلِ: شِهاب.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ} (الصَّافات: 10) .
وسمعتُ غيرَ واحدٍ من الْأَعْرَاب يَقُول للَّبن المَمزْوج بِالْمَاءِ: شَهاب، كَمَا ترى بِفَتْح الشين.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ الشُّهابة بضمّ الشين، وَهو الفَضيخُ والخَضَار، والشَّهاب والسَّجاج والسَّحار والضَّياح والسَّمار، كلُّه وَاحِد.
والشَّهبَان والشَّبهان: شجرٌ معروفٌ يُشْبِه الثُّمام.
أنْشد المازِنيّ:
وَمَا أَخَذَ الدِّيوانَ حَتَّى تَصَعْلَكا
زَمَانا وحَتَّ الأشْهبان كِلاهما
الأشْهبان: عامان أَبْيضان لَيْسَ فيهمَا خُضْرَة من النَّبات. وسنَة شَهْباء: جَدْبة كثيرةُ الثَّلْج. والشَّهْباء أَمْثَلُ من الْبَيْضَاء. والحَمراء أشَدّ من البَيْضاء، وَسَنَةٌ غَبْرَاء: لَا مَطَرَ فِيهَا، وَقَالَ:
إِذا السَّنةُ الشَّهباءُ حَلَّ حَرَامُها
أيْ حَلَّت المَيْتَةُ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الشُّهْبة فِي ألوانِ الخَيْل: أنْ تَشُقَّ معظَمَ لَونه شَعْرَةٌ أَو شَعَرَاتٌ بيضُ، كُميتاً كَانَ أَو أدْهَم أَو أشقَر.
بهش: قَالَ ابْن شُمَيْل: بَهْشُ الصَّقْر للصَّيْد: تَفَلُّتُهُ عَلَيْهِ، وبَهَشَ الرّجلُ إِلَى الرَّجُل: كأنّه يتناوَلُه لينصُوَه: أَي ليأخُذَ بناصِيَته فيجرَّه، وَقد تَبَاهَشا: إِذا تَناصَيا

(6/56)


برءُوسِهِما، وَإِن تناوَلَه وَلم يأخُذْه أَيْضا فقد بَهَشَ إِلَيْهِ، ونَصَوْتُ الرجُلَ نَصْواً: إِذا أخَذتَ برأسِه، ولفلانٍ رأسٌ طويلٌ: أَي شَعْرٌ طويلٌ.
وَفِي الحَدِيث: أَنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُدلِعُ لسانَه للحَسن بنِ عليّ فإِذا رَأَى الصَّبيُّ حُمْرَةَ لِسَانه بَهشَ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال للْإنْسَان إِذا نظر إِلَى شَيْء فأعجَبَه واشتَهاه، فتناوَله وأَسْرَع إِلَيْهِ وفَرِح بِهِ: قد بَهَش إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْمُغيرَة بن حَبْناء التميميّ:
سَبقتُ الرِّجالَ الباهِشِين إِلَى النَّدى
فعالاً ومَجْداً والفعالُ سِباقُ
وَفِي حديثٍ آخَرَ، أنّ رجلا سَأَلَ ابنَ عبّاس عَن حَيَّة قَتَلَها وَهُوَ مُحرِم فَقَالَ: هَل بَهَشَتْ إِلَيْك؟ أَرَادَ: هَل أقبلَتْ إِلَيْك تريدُك؟ قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَهْش: الْإِسْرَاع فِي الْمَعْرُوف بالفرح.
وَفِي حَدِيث آخر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: أَمِنْ أَهْلِ البَهْش أَنْت؟ أرادَ: أَمن أهلِ الْبِلَاد الَّتِي يكون بهَا البَهْش؟ والبَهْش هَاهُنَا فِيمَا رَوَى ابنُ نَجْدة، عَن أبي زيد أَنه قَالَ: الخَشْل: المُقْل الْيَابِس، والبَهْش: رَطبُه. والمُلْج: نَواه، والحَتِيُّ: سُوَيقُه.
وَقَالَ اللَّيْث: البَهْشُ رديءُ المُقْل، وَيُقَال: هُوَ مَا قد أُكِل قِرْفُه، وَأنْشد:
كَمَا يَحْتَفِي البَهْشَ الدّقيقَ الثعالبُ
قلت: والقولُ فِي تَفْسِير البَهْش مَا فسّره أَبُو زيد.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل بَهِش شِنّ بِمَعْنى وَاحِد، وَقد بَهَشْتُ إِلَى فلَان. بِمَعْنى حَنَنْتُ إِلَيْهِ. قلت: وَالْقَوْل فِي تَفْسِير البَهْشِ مَا قَالَه أَبُو عبيد وَابْن الأعرابيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: بَهَش القومُ وبَحَشُوا: أَي اجتَمَعوا. قلتُ: هَذَا عِنْدِي وَهْم، وَالَّذِي أَرَادَهُ اللَّيْث: تَحَبَّشُوا وتَهبَّشوا: إِذا اجتمَعوا الْهَاء والحاء قبل الْبَاء، وَلَا يُعرَف بَحَش فِي كَلَام الْعَرَب.
هبش: أهمله اللَّيْث، وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الهَبْش: ضربُ التَّلف، وَقد هَبَشَه: إِذا أَوجَعَه ضَرْباً.
وَقَالَ اللحياني: هُوَ يهبش لِعياله ويَهْتَبِش ويَحرِف ويَحْترِف ويَخْرِش ويَخْترِش مَعْنَاهَا يَكسَب ويَطلُب ويَحتال.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهُباشة والحُباشة: الْجَمَاعَة من النَّاس.
وَقَالَ الرُّوَاسيّ: إنّ المجلسَ لَيَجمعُ هُباشات وحُباشات: أَي نَاسا لَيْسُوا من قبيلةٍ وَاحِدَة، وَقد تهبَّشوا وتحبَّشوا: إِذا اجْتَمعُوا.
وَمِنْه قولُ رؤبة:
لَوْلَا هُباشاتٌ من التَّهْبِيشِ
لِصبْيةٍ كأَفْرِخِ العُشُوشِ
قَالَ: أَرَادَ بالهُباشات: مَا كَسَبه من المَال وجَمَعه.

(6/57)


شبه: قَالَ اللَّيْث: الشَّبَه: ضَربٌ من النُّحاس يُلقَى عَلَيْهِ دواءٌ فيصفرّ، وسُمِّي بالشَّبَه لِأَنَّهُ شُبِّه بالذَّهَب.
وَتقول: فِي فلانٍ شَبَهٌ من فلَان، وَهُوَ شَبَههُ وشِبْههُ وشَبِيهه.
وَقَالَ العجّاج يصف رَمْلاً:
وشَبَهٌ أَمَيلُ مَيْلانيُّ
وَيُقَال: شبَّهتُ هَذَا بِهَذَا، وأشْبَه فلانٌ فلَانا.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (آل عِمرَان: 7) . قيل: مَعْنَاهُ يُشبه بعضُها بَعْضًا. قلت: وَقد اخْتلف المفسِّرون فِي تَفْسِير قَوْله: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ؛ فرُوي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: المتشابهات (ألم) و (ألر) وَمَا اشْتبهَ على اليَهود من هَذِه ونحوِها. قلت: وَهَذَا لَو كَانَ صَحِيحا عَن ابْن عَبَّاس كَانَ التَّفْسِير مسلّماً لَهُ، ولكنّ أهلَ الْمعرفَة بالأخبار وَهَّنوا إِسْنَاده، وَقد كَانَ الفرّاء يذهب إِلَى مَا رُوِي عَن ابْن عبّاس فِي هَذَا ورُوِي عَن الضحّاك أَنه قَالَ: المُحْكَمات: مَا لم يُنسَخ، والمتشابِهات: مَا قد نُسخ.
وَقَالَ غَيره: المُتشابِهات هِيَ الْآيَات الَّتِي نَزلتْ فِي ذِكر الْقِيَامَة والبَعْث، ضَرْبَ قَوْله: {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ} . (سبأ: 7، 8) . وضَرْبَ قَوْله: { (خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ فِى الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاَْرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاَْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَلَقَدْءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياَجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِى السَّرْدِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْءَالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الاَْرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِمْءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَىْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجْزِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ الْكَفُورَ} (الصافات: 15 17) فَهَذَا الَّذِي تَشابَه عَلَيْهِم فأَعلمهم الله جلّ وعزّ الوجهَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يستدلّوا بِهِ على أنّ هَذَا المُتشابه عَلَيْهِم كَالظَّاهِرِ لَو تدبَّروه، فَقَالَ: {خَصِيمٌ مٌّ بِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} إِلَى قَوْله: {مِّنْه تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَذِى خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالاَْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم} (يس: 78 81) ، أَي إِذا كُنْتُم قد أقررتم بالإنشاء والابتداء فَمَا تُنكرون من البَعْث والنُّشور؟ وَهَذَا قولُ كثيرٍ من أهل الْعلم، وَهُوَ بيِّن وَاضح، وممّا يدلّ على هَذَا القَوْل قولُه جلّ وعزّ: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عِمرَان: 7) ، أَي أَنهم طلبُوا تَأْويل بَعْثِهم وإحيائهم، فأَعلم الله أنَّ تأْويلَ ذَلِك ووقتَه لَا يَعلمُه إلاّ الله جلّ وعزّ.
والدَّليل على ذَلِك قَوْله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ} (الأعرَاف: 53) يُرِيد قيامَ السَّاعَة وَمَا وُعدوا من البَعْث والنُّشور وَهَذَا قولُ كثير من أهل الْعلم وَالله أعلم. وأمَّا قولُه عزّ وجلّ {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} (البَقَرَة: 25) فَإِن أهل اللُّغَة قَالُوا: معنى قَوْله: {مُتَشَابِهاً} يُشْبِه بعضُه بَعْضًا فِي الجودةِ والحُسْن.
وَقَالَ المفسِّرون: {مُتَشَابِهاً} يُشْبه بعضُه بَعْضًا فِي الصُّورة، وَيخْتَلف فِي الطّعْم، وَدَلِيل المفسِّرين قَوْله جلّ وعزّ: {هَاذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} (البَقَرَة: 25) لأنّ صُورته الصُّورة الأولى، ولكنَّ اختلافَ الطُّعوم مَعَ اتِّفاق الصُّورة أَبلَغ وأَغْرب عِنْد الْخلق، لَو رأيْتَ تُفَّاحاً فِيهِ طَعم كلِّ الْفَاكِهَة لَكَانَ نِهَايَة فِي الْعجب.

(6/58)


ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: شَبِّه الشيءُ: إِذا أَشْكَل، وشَبَّه: إِذا ساوَى بَين شيءٍ وَشَيْء. قَالَ: وسأَلْتُه عَن قَوْله: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} ، فَقَالَ: لَيْسَ من الِاشْتِبَاه المُشْكِل، إنَّما هُوَ من التَّشابُه الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الِاشْتِبَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: المُشْبهات من الْأُمُور: المُشْكِلات، وَتقول: شَبَّهتَ عليّ يَا فلانُ: إِذا خَلَّط عَلَيْك، واشْتَبَه الْأَمر: إِذا اخْتَلط، وَتقول: أَشْبَه فلانٌ أَبَاهُ، وأنتَ مثله فِي الشَّبه والشِّبْه، وَفِيه مَشابِه من فلَان، وَلم أَسمع فِيهِ مَشْبَهة من فلَان، وَتقول: إنِّي لفي شُبْهَةٍ مِنْهُ.
رُوِي عَن عمَرَ أَنه قَالَ: اللَّبَنُ يُشْبَه عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ المُرْضِعة إِذا أَرْضَعتْ غُلَاما فإِنه يَنْزِع إِلَى أَخلاقِها فيُشْبِهها، وَلذَلِك يُختار للرَّضيع امرأةٌ عاقلةٌ غيرُ حَمْقاءَ.
وَفِي الحَدِيث: نَهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تُسْتَرْضَعَ الحَمقاء، فإنَّ اللَّبن يُشَبَّه.
وحُروف الشين يُقَال لَهَا: أَشْباه، وَكَذَلِكَ كلُّ شيءٍ يكون سَوَاء فإِنها أَشباه، كَقَوْل لَبِيدٍ فِي السَّواري وتَشْبِيه قَوَائِم النَّاقة بهَا:
كعُقْرِ الهاجِريّ إِذا ابْتَناه
بِأَشْباهٍ حُذِين على مِثالِ
قَالَ: شبَّه قوائمَ ناقتِه بالأساطين.
قلت: وغيرُه يَجْعَلُ الأشباهَ فِي بَيت لَبِيد الآجُرَّ؛ لأنّ لَبِنَها أَشباهٌ يُشْبه بعضُها بَعْضًا، وَإِنَّمَا شبَّه نَاقَته فِي تَمام خَلْقِها وحَصانة جِبِلَّتِها بقَصْرٍ مَبنِي بالآجرّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّباه حَبٌّ عَلَى لَوْن الحُرْف يُشْرَبُ للدَّواء. والشَّبَهان: الثُّمام، وَمِنْه قَوْله:
وأسفلُه بالمَرخِ والشَّبَهان
وَجمع الشُّبْهَة: شُبَه، وَهُوَ اسمٌ من الأشْباه.
هـ ش م
هشم، همش، شهم، مهش: مستعملة.
شهم: قَالَ اللَّيْث: الشَّهْم وجمعُه الشُّهُوم وهم السادَة الأنجاد الناقدُون فِي الأُمور، وفرسٌ شَهْمٌ: سريعٌ نشِيطٌ قوِيٌّ، وشَهَمْتُ الفَرَسَ، فأَنا أَشْهَمُه، والمشهُوم: كالْمَذْعُور سَوَاء.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّهْم: الذَّكيُّ الْفُؤَاد، والمشهوم: الحديدُ الْفُؤَاد، وَقَالَ ذُو الرّمة يصف ثَوْراً وَحْشِيّاً:
طَاوِي الحَشا قَصَّرَتْ عَنهُ مُحَرَّجةٌ
مستوْفَضٌ من نباتِ القَفْر مَشْهُوم
قَالَ ابْن الأنباريّ: قَالَ الفرّاء: الشهم فِي كَلَام الْعَرَب: الْحَمُول الجيِّد الْقيام بِمَا حُمِّل، الَّذِي لَا تَلْقَاه إلاّ حَمُولاً طيِّبَ النَّفْس بِمَا حُمِّل، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي غير النَّاس.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: شَهُمَ شَهامةً: إِذا كَانَ ذكيّاً، وَقد شَهَمْتُه أَشْهَمُه شَهْماً: إِذا ذَعَرْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْهَم: الدُّلْدُل، وَمَا عَظُم شَوْكُه مِن ذُكْرَان القَنافِذ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد، وَأنْشد:
لتَرْتَحِلَنْ مَنِّي على ظهْرِ شَيْهَم

(6/59)


وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله: على ظَهْرِ شَيهم: أَي على ذُعْر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ القُنْفُذ والدُّلْدُل والشَّيْهَم.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: يُقَال للذَّكَر من القَنافذ: شَيْهَم.
هشم: قَالَ اللَّيْث: الهَشْم: كسْرُ الشَّيْء الأجْوَف وَالشَّيْء الْيَابِس: تَقول هَشمْتُ أَنْفَه: إِذا كسَرْتَ القصبَة.
قَالَ: والهاشمةُ: شجَّة تَهشِمُ العظْم، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الأصمعيّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو عبيد.
وَقال اللَّيْث: الرِّيحُ إِذا كَسَرَت اليَبِيسَ. يُقَال: هَشَمَتْه، وتَهشَّمَ الشَّجَر تهشُّماً: إِذا تكسَّر مِن يُبْسِه، وصارَتْ الأرضُ هَشِيماً: أَي صارَ مَا عَلَيْهَا من النَّبَات وَالشَّجر قد يَبِسَ وتكسَّر.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ} (القَمَر: 31) .
قَالَ الْهَيْثَم: مَا يبِسَ مِن الورَق وتكسَّر وتَحطَّم، فَكَانُوا كالهشِيم الَّذِي يَجمعُه صاحبُ الحَظيرةِ: أَي قد بلغ الغايةَ فِي اليُبْس حَتَّى بَلَغ إِلَى أَن يُجْمَع ليُوقَد بِهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شجرةٌ هَشيمة يابِسة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أرضٌ هَشيمة: وَهِي الَّتِي يَبِسَ شجرُها قَائِما كَانَ أَو مُتَهشِّماً، وإنَّ الأرضَ البَالِية تَهشَّمُ، أَي تكسَّرُ إِذا وَطِئتَ عَلَيْهَا نَفسهَا لَا شَجَرهَا، وشجرها أَيْضا إِذا يَبِسَ يَتهشَّم: أَي يتكسَّر.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كَانَ هاشمُ بن عبد منَاف واسْمه عَمْرو، إِنَّمَا سمِّي هاشماً لِأَنَّهُ هَشَم الثَّرِيد، وَفِيه يَقُول مطرود الخُزاعي:
عَمرُو العُلاَ هَشَم الثَّرِيدَ لِقَوْمه
ورجالُ مَكّةَ مُسْنِتُون عِجافُ
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للنّبت الَّذِي بَقِي من عَام أَوّلَ: هَذَا نَبْت عامِيٌّ وهَشِيم وحَطِيم. أنشَد المبرِّد لِابْنِ ميَّادة:
أمرتُكَ يَا رِياحُ بأَمر حَزْم
فقلتَ هَشِيمَةٌ من أَهْلِ نجدِ
قَوْله: هَشِيمة، تَأْوِيله ضَعْف، وأصل الهَشِيم: النّبْت إِذا وَلَّى وجَفَّ فأَذَّرَته الرّيح، قَالَ الله: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ} (الْكَهْف: 45) .
قَالَ: وَيُقَال: هَشَمْتُ مافي ضَرْع النَّاقة، واهتَشَمْت، أَي احْتلبت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرّجل الجَواد: مَا فلَان إِلَّا هَشِيمة كَرَم، أَي لَا يَمنَع شَيْئا، وأصلُه من هَشيمة الشَّجَر يَأْخُذهَا الحاطِبُ كَيفَ شَاءَ قَالَ وَيُقَال: تهشّمتُ الرجلَ، أَي استعطفْتُه، وأَنشدَ:
حُلْوَ الشّمائل مِكْراماً خَليقَتُه
إِذا تهشّمْتُه للنّائل اختالا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: تهشّمتُه للمعروف، وتهضّمته: إِذا طلبتَه عندَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: تهشّمتُ فلَانا: إِذا ترضَّيْتَه، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا أَغْضَبْتُكم فتهشَّموني
وَلَا تستعتبوني بالوعيد
أَي تَرضَّوني.

(6/60)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهُشُم: الْجبَال الرِّخوة، والهُشُم: الحلاّبون للّبن الحُذّاق، واحدُهم هَاشم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الهَشُوم من الأرْض: الْمَكَان المُتَنقِّر مِنْهَا المُتَصوِّب من غِيطانها فِي لِين الأَرْض وبُطونها، وكلّ غائِط يكون وَطيئاً فَهُوَ هَشْم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ناقةٌ مِهْشام: سريعة الهُزال، وناقةٌ مِشْياط: سريعةُ السِّمَن، والهَشَمة: الأُرْوِيّة، وجمعُها هَشَمات، وَيُقَال للرّجل الهَرِم إِنَّه لهَشِمُ أهْشامٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهَشِم: الأرضُ المُجدِبة.
ابْن شُمَيْل: واهتَشَم فلانٌ الناقةَ: إِذا احتَلبها، وهَشَمَها مثله.
وَقَالَ قَتادة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَتَرَى الاَْرْضَ هَامِدَةً} (الحَجّ: 5) . قَالَ: ترَاهَا غَبراءَ متهشِّمة.
قلت: وإنَّما تهشُّمها يُبسُها لطُول عَهْدِها بالنَّدى، فَإِذا مُطِرتْ ذهب تَهشمها.
وَقَالَ شُجَاع الْأَعرَابِي: تَقول: اهتَشمتُ نَفسِي لفلانٍ واهتَضَمْتُها لَهُ، إِذا رضيتَ مِنْهُ بِدُونِ النَّصَفة، وَأنْشد شمر لِابْنِ سَماعة الذُّهْلِيّ فِي تهشُّم الأَرْض:
وأخْلَفَ أَنْواءٌ فَفِي وَجْهِ أَرْضِها
قُشَعْرَيرةٌ من جِلدها وتهشُّمُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَرض جَرْباء: لم يُصِبها مطر، وَلَا نَبْتَ فِيهَا، ترَاهَا متهشِّمة، وَمن أَسمَاء العَرَب: هِشام وهُشَيم وهاشِم، وَالْأَصْل فِيهَا كلّها الهَشْم، وَهُوَ الكَسْر. والهَشْم: الْحَلْب أَيْضا.
همش: قَالَ اللَّيْث: الهَمِشُ: السريعُ العَمَل بأصابعه. قَالَ: والهَمْش: العَضّ.
أَبو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: الهَمْشَة: الكلامُ وَالْحَرَكَة، وَقد هَمِش القومُ فهم يَهْمَشون.
شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهَمَشُ والهَمْشة: كَثْرَة الْكَلَام والخَطَل فِي غير صَوَاب، وَأنْشد:
وهَمِشُوا بِكَلمٍ غيرِ حَسَن
وأنشَدنِيه الْمُنْذِرِيّ وهمَشوا بِفَتْح الْمِيم ذكره عَن أبي الْهَيْثَم.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي الحَسَن الْأَعرَابِي: اهتَمَشَت الدابّةُ، إِذا دَبّت.
وَقَالَ غيرُه: رأيتُهم يهتمشون: إِذا كَانُوا فِي مَكَان فأَقبَلوا وأدبروا واختَلَطُوا، وللجَرَاد هَمْشة فِي الْوِعَاء: إِذا سَمِعت لَهُ حَرَكَة، وَيُقَال: إِن البراغيثَ لتَهتَمِش تَحت جَنْبِي فتُؤذيني باهتماشها.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبَيْدَة: امْرَأَة هَمْشَى الحَدِيث: وَهِي الَّتِي تُكثر الْكَلَام وتُجَلِّب. قلت: وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي الهَمْش: إِنَّه العضّ غيرُ صَحِيح، وصوابُه الهَمْس بِالسِّين، فصحَّفه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الهَيثم أَنه قَالَ: إِذا مَضَغ الرجلُ الطعامَ وفُوه مُنْضَمّ قيل: هَمس يَهْمِس هَمْساً.
ابْن السّكيت، قَالَت امرأةٌ من العَرَب لامرأةِ ابنِها: طَفَّ حَجْرُكِ، وطاب نَشْرُك، وَقَالَت لابنتِها: أكلْتِ هَمْشاً وحَطَبْت

(6/61)


ِ قَمْشاً: دعت على امرأةِ ابنِها أَن لَا يكون لَهَا ولد، ودَعتْ لابنتها أَن تَلد حَتَّى تُهامِشَ أَولادَها فِي الْأكل: أَي تعاجِلَهم، وَقَوْلها حَطَبْتِ قَمْشَاً: أَي حَطَبَ لكِ ولدُكِ مِن دِقِّ الحطَب وجِلِّه.
وَرَوى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال للجَراد إِذا طُبِخ فِي المِرْجل: الهَمِيشة، وَإِذا شُوِي على النَّار فَهُوَ المَحْسُوس.
مهش: رُوي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: محشَتْه النارُ ومَهَشَتْه: إِذا أحرَقَتْه، وَقد امتُهِشَ وامتُحِشَ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لعن من النِّسَاء الحالقَةَ والمُمْتَهِشة، وَجَاء تفسيرُه فِي الحَدِيث أَنَّهَا الَّتِي تحلق وَجههَا بالمُوسَى.
وَقَالَ القتيبيّ: لَا أعرِف المُمتَهِشة إِلَّا أَن تكون الْهَاء مبدلةً من الْحَاء، يُقَال: مرَّ بِي جملٌ عَلَيْهِ حِملُه فمحشَني: إِذا سَحَج جِلده مِن غير أَن يسلخه وَالله أعلم.