تهذيب اللغة أَبْوَاب الْهَاء وَالسِّين
هـ س ز: مهمل
هـ س ط
طمس: قَالَ أَبُو تُرابٍ: سمعتُ عَرَّاماً يَقُول: طَمَّسَ فِي الأرْض،
وطَهَّس: إِذا دخل فِيهَا؛ إمَّا راسِخاً، وإمّا واغِلاً، وقالَه
شُجَاعٌ أَيْضا بِالْهَاءِ.
هـ س د
سهد، دهس: مستعملان.
سهد: قَالَ اللَّيْث: السَّهَدُ، السُّهَاد: نقيض الرُّقاد، وَقَالَ
الْأَعْشَى:
أَرِقْتُ وَمَا هَذَا السُّهاد المؤرِّقُ
وَيُقَال: مَا رَأَيْت من فلَان سَهْدةً: أَي أمرا أعْتَمِدُ عَلَيْهِ
من بركَة أَو خيْرٍ، أَو كلامٍ مُطْمِع. وسَهْدَدُ: اسْم جبل، لَا
ينْصَرف.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ ذُو سَهْدةٍ: أَي ذُو يَقَظَةٍ، وَهُوَ أَسْهَدُ
رَأيا مِنْك، وَفُلَان يُسَهَّدُ: أَي لَا يُتْرَكُ أَن ينَام، وَمِنْه
قَول النَّابغة:
يُسَهَّدُ من نَوْم العِشاءِ سليمها
لِحَلْي النِّساء فِي يَدَيْهِ قَعَاقِعُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: للْمَرْأَة إِذا وَلَدَتْ
وَلَدَهَا بزَحْرةٍ واحدةٍ: قد أَمْصَعَتْ بهِ، وأُحْفِدتْ بِهِ،
وأَسْهَدَتْ بِهِ وأَمْهَدَتْ بهِ، وحَطَأَتْ بهِ.
شمر: يُقَال: غُلامٌ سَهْوَدٌ: إِذا كَانَ غَضَّا حَدَثاً، وَأنْشد:
وَلَيْتَهُ كانَ غُلاماً سَهْوَدَا
إِذا عَسَتْ أغْصَانُهُ تجدَّدَا
أَبُو عبيد فِي بَاب الإتْباع: هُوَ سَهْدٌ مَهْدٌ أَي حَسَن.
دهس: قَالَ اللَّيْث: الدُّهْسَةُ: لَوْن كلَوْنِ الرِّمال وألوانِ
المعزى. قَالَ العجاج:
مُوَاصلاً قَفَّاً بِلَوْنٍ أدْهَسَا
أَبُو زيد: من المِعْزَى الصَّدْآء، وَهِي السَّوْدَاءُ المُشْرَبةُ
حُمْرةً، والدَّهْسَاءُ أَقَلُّ مِنْهَا حُمْرةً.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهاسُ: مَا كَانَ من الرّمْل وَكَذَلِكَ لَا
يُنْبِتُ شَجرا، وتَغِيبُ فِيهِ القوائم، وَأنْشد:
وَفِي الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُوائِمُ
غَيره: رجُلٌ دَهَاسُ الخُلُق: أَي سَهْلُ الخُلُق دَمِثُه، وَمَا فِي
خلقه دهاسة.
الأصمعيّ: الدَّهاسُ كل لَيِّنِ لَا يَبْلُغُ أَن يكون رَمْلاً،
وَلَيْسَ بِتُرَاب، وَلَا طين، والوعْثُ: كلُّ ليِّن سَهْلٍ، وَلَيْسَ
بِكَثِير الرَّمْل جدّاً.
(6/73)
ورُوِي عَن المؤرِّج أَنه قَالَ: يُقَال
للأسد: هَسَد، وَأنْشد:
فَلاَ تعْيَا مُعاوِيَ عَنْ جوابي
وَدَعْ عَنْك التعزّز للهِسَاد
أَي لَا تتعزَّر لِلأُسْدِ فإنَّها لَا تذلّ لَك. وَيُقَال للشجاع:
هَسَدٌ مِنْ هَذَا. قلت: وَلم أسْمَع هَذَا لِغَيْرهِ.
هـ س ت
اسْتعْمل من وجوهه: سَتَه.
سته: قَالَ اللَّيْث: السَّتَةُ: مصدر الأَسْتَهِ، وَهُوَ الضّخْمُ
الاسْتِ.
وَيُقَال للواسعة من الدُّبُر: سَتْهاء، وَسُتْهُمٌ، وتصغيرُ الآست
سُتَيْهَةٌ، والجميع الأسْتَاه قلت: يُقَال: رَجُل سُتْهُمٌ: إِذا
كَانَ ضخمَ الاسْتِ؛ وسُتَاهِيٌّ مثله، وَالْمِيم زَائِدَة.
وَقَالَ النحويون: أصل الاست: سَتْهٌ، فاستثقلوا الْهَاء لسكون
التَّاء، فَلَمَّا حذفوا الْهَاء سُكِّنت السِّين، فاحتيج إِلَى ألف
الوصْلِ، كَمَا فُعِل بِالِاسْمِ، وَالِابْن، فَقيل: الاسْت.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: السَّهْ بِالْهَاءِ عِنْد الْوَقْف: يَجْعَل
التَّاء هِيَ الساقطة، وَمِنْهُم من يَجْعَلهَا هَاء عِنْد الْوَقْف،
وتاء عِنْد الإدراج، فَإِذا جمعُوا، وَصَغَّروا رَدُّوا الْكَلِمَة
إِلَى أَصْلهَا، فَقَالُوا فِي الْجمع: أستاه، وَفِي التصغير:
سُتَيْهَة، وَفِي الْفِعْل: سَتِهَ يَسْتَهُ فَهُوَ أَسْتَهُ.
قلت: وللعرب فِي الاسْتِ أَمْثالٌ أَنا أَذكرها: فَمِنْهَا مَا رَوَى
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَقول العَرَب: مالَكَ اسْتٌ مَعَ اسْتِك:
إِذا لم يكن لَهُ عددٌ، وَلَا ثَرْوَةٌ، وَلَا عُدَّة، يَقُول:
فاسْتُهُ لَا تُفارقُه، وَلَيْسَ مَعهَا أُخْرَى من رِجالٍ وَمَال.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَقَالَت العَرَب: إِذا حَدَّث رجل حَدِيثا
فَخَلَّط فِيهِ: أحاديثَ الضَّبُع اسْتَها، وَذَلِكَ أَنَّهَا تمرّغُ
فِي التُّراب ثمَّ تُقْعِي فتتغَنَّى بِمَا لَا يَفْهَمُهُ أَحدٌ،
فَذَلِك أحاديثُها اسْتَهَا.
وَالْعرب تضع الاستَ موضِعَ الأصْل فَتَقول: مَالك فِي هَذَا الْأَمر
اسْتٌ وَلَا فَمٌ: أَي مَالك فِيهِ أصْلٌ وَلَا فَرْع، وَقَالَ جرير:
فَمَا لَكُمْ اسْتٌ فِي العُلا لاَ ولاَ فَمُ
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيدة: يُقَال: كَانَ ذَلِك على اسْتِ الدَّهْر،
وعَلى أُسِّ الدَّهر: أَي على قِدَم الدَّهر، وأنشدني أَبُو بكر:
مَا زَالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ
فِي بَدَنٍ يَنْمِي وعقلٍ يَحْرِى
وَمن أمثالِ الْعَرَب فِي عِلْم الرّجل بِمَا يَلِيهِ دون غَيره
قَوْلهم: (استُ البائِنِ أَعْلَم) ، والبائِنُ: الحالِب الَّذِي لَا
يَلي العُلْبة، وَالَّذِي يلِي العُلْبة يُقَال لَهُ المُعلِّي،
وَيُقَال للرجل الَّذِي يُستَرَكُّ ويُسْتَضعَفُ: استُ أمِّك أَضْيَقُ،
واسْتُكَ أَضْيَقُ من أَن تَفعَل كَذَا وَكَذَا، وَيُقَال للقومِ إِذا
اسْتُذِلُّوا واسْتُخِفّ بهم واحتقروا: باسْتِ بني فُلاَن، وَمِنْه
قَول الشَّاعِر:
فباسْتِ بني عَبْسٍ وَأَسْتَاهِ طيِّىء
وباسْتِ بني دُودَان حاشا بني نَصْرِ
(6/74)
وَمن أمثالهم فِي الرجل الَّذِي
يُسْتَرْذَل: هُوَ الاسْتُ السفْلَي، أَو هُوَ السَّهُ السُّفْلَى.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
شَأَتكَ قُعَيْنٌ: غَثُّها وَسَمِينُها
وأَنتَ السَّهُ السُّفْلَى إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
وَيُقَال لأراذل النَّاس: هَؤُلَاءِ الأَسْتَاه ولأفاضلهم: هَؤُلَاءِ
الْأَعْيَان، وَهَؤُلَاء الْوُجُوه، وَيُقَال: سَتهْتُ فُلاَناً
أسْتَهُهُ، إِذا ضَرَبْتَ استَه.
وَقَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطِّه: الْعَرَب تُسَمّي بني الأمَة: بني
اسْتها، قَالَ: وَأَقْرَأنِي ابْن الْأَعرَابِي للأعشى:
أَسَفَهاً أَوْعَدْتَ يابْنَ اسْتها
لَسْتَ على الأعداءِ بالقادِرِ
وَيُقَال للّذي ولَدَته أَمَةٌ: يابنَ اسْتَها، يعنون اسْتَ أَمَةٍ
ولَدَته) أَنه وُلِدَ من اسْتها، وَمن أمثالهم فِي هَذَا الْمَعْنى
قَوْلهم: يَا بن اسْتها، إِذا حَمَضَتْ حِمَارَها.
قَالَ المؤرِّج: دخل رجل على سُلَيْمَان بن عبد المَلِك وعَلى رَأسه
وصِيفةٌ رَوْقَةٌ فأَحَدَّ النظرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان:
أَتعْجِبُك؟ فَقَالَ: بَارك الله لأمير الْمُؤمنِينَ فِيهَا، فَقَالَ:
أُخْبِرْني بِسَبْعَةِ أمثالٍ قيلت فِي الاسْت وَهِي لَك، فَقَالَ
الرجل: اسْتُ البائِن أَعْلمُ، فَقَالَ: وَاحِد، قَالَ صَرَّ عَلَيْهِ
الغَزْوُ اسْتَه، قَالَ: اثْنان، قَالَ: اسْتٌ لم تُعَوَّد المِجْمَر،
قَالَ: ثَلَاثَة، قَالَ: اسْتُ الْمَسْئُول أَضْيَقَ، قَالَ:
أَرْبَعَة، قَالَ: الحرّ يُعْطي وَالْعَبْد يألم اسْتَه، قَالَ:
خَمْسَة، قَالَ: استِي أَخبثي، قَالَ: ستَّة، قَالَ: لَا ماءَكِ
أَبقيت، ولاَ هَنَك أَنْقَيْتِ.
قَالَ سُلَيْمَان: لَيْسَ هَذَا فِي هَذَا، قَالَ: بلَى، أخذت الجارَ
بالجار كَمَا يأخُذُ أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَهُوَ أوَّلُ من أخَذَ
الْجَار بالجار قَالَ. خُذْها لَا بَارك الله لَك فِيهَا، قَوْله:
صَرَّ عَلَيْهِ الغزوُ اسْتَه، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَن يُجَامِع
إِذا غَزَا.
وَفِي حَدِيث المُلاَعَنَةِ: إنْ جَاءَت بِهِ مُستَهاً جَعْداً فَهُوَ
لفُلَان، وَإِن جَاءَت بِهِ حَمْشاً فَهُوَ لزوجِها؛ أَرَادَ
بالمُسْتَهِ: الضَّخْمَ الأَلْيَتَيْنِ، كأنَّهُ يُقَال: أُسْتِهَ
يُسْتَهُ فَهُوَ مُسْتَهٌ، كَمَا يُقَال: أُسْمِنَ فَهُوَ مُسْمَن:
ورأيتُ رجلا ضَخْمَ الأَرْدَاف كَانَ يُقَال لَهُ: أَبُو الأستاه.
هـ س ظ
هـ س ذ هـ س ث: أهملت وجوهها.
هـ س ر
هرس، هسر، سهر، رهس: مستعملة.
سهر: قَالَ اللَّيْث: السَّهَر: امْتنَاع النَّوْم باللَّيل: تَقول:
أسْهَرَنِي همٌّ فَسَهِرْتُ لَهُ سَهَراً. قَالَ: والسَّاهُور مِنْ
أسْمَاء القَمَر؛ وَقَالَ غَيره: السَّاهُور للقمر كالغِلاف للشَّيْء،
وَمنه قَول أمَيّة:
قَمَرٌ وَسَاهُورٌ يُسَلُّ ويُغمَّدُ
قَالَه القُتَيْبِيُّ: قَالَ ابْن دُرَيد: السَّاهُور: الْقَمَر
بالسُّرْيانيّة، وَوَافَقه أَبُو الهَيْثم، وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ
الشَّاعِر:
كأنَّها بُهْثَةٌ تَرْعَى بأَقْرِيَةٍ
أَو شُقّةٌ خَرَجَتْ من جَنْبِ سَاهورِ
البهْثَة: الْبَقَرَة، والشُّقَة: شُقَّةُ القَمَر، والسّاهور:
الْقَمَر، كَذَا كتبه أَبُو الهيْثم؛
(6/75)
ويُرْوَى: مِنْ جَنْب نَاهُور، والناهور:
السَّحَاب.
وَقَالَ القُتَيبِيُّ: يُقَال للقمر إِذا كَسَف: دخل فِي ساهُورِه،
وَهُوَ الْغَاسِق إِذا وَقب وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لعَائِشَة، وَأَشَارَ إِلَى الْقَمَر، فَقَالَ: (تعوَّذي بِاللَّه من
هَذَا، فَإِنَّهُ الْغَاسِق إِذا وَقب) : يُرِيد يسودّ إِذا كسف، وكلّ
شيءٍ اسودّ فقد غسق.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ}
(النَّازعَات: 14) فَإِن الْفراء قَالَ: السَّاهِرَة: وَجْهُ الأرْض،
كَأَنَّهَا سمّيت بِهَذَا الِاسْم لأنّ فِيهَا الْحَيَوَان، نومَهُم
وسَهَرَهُم. قَالَ: وَحَدَّثني حَبّان، عَن الكَلْبِيِّ عَن أَبي
صَالح، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السَّاهِرَةُ: الأَرْض، وَأنْشد
الفرّاء.
وفيهَا لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ
ومَا فاهوا بِهِ لهُمُ مُقِيمُ
وَقَالَ اللَّيْث: الساهرة: وَجه الأَرْض العرِيضةِ البسيطة مِنْهُ
قَول الشَّاعِر:
يَرْتَدْنَ ساهِرَةً كأَنَّ جَحِيمَها
وعَمِيمها أَسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلمِ
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي كتاب (الْأَلْفَاظ) : قيل ليَالِي الساهور:
التِّسعُ البَواقي مِنْ آخر الشَّهْر.
وَقَالَ غَيره: ساهُور العَيْن: أصْلُها، وَمَنْبعُ مَائِهَا يَعْنِي
عَيْنَ المَاء. وَقَالَ أَبُو النّجم:
لاقتْ تميمُ الموتَ فِي ساهُورِها
بَينَ الصَّفَا والعِيص مِن سَدِيرها
وَيُقَال لِعَيْنِ المَاء: ساهِرةٌ إِذا كَانَت جَارِيَة، وَكَانَ
يُقَال: خَيْرُ المَال عَيْنٌ ساهرة لِعَيْنٍ نَائِمَة، وَيُقَال
للناقة: إِنَّهَا لساهِرة العِرْق، وَهُوَ طول حَفْلها وَكَثْرَة
لَبَنِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الأسْهَران: هما عِرقان فِي الأنفِ منْ باطنٍ إِذا
اغْتَلَم الحمارُ سالا دَمًا أَو مَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيُّ فِي قَول الشَّمَّاخ:
تُوَائِلُ مِنْ مِصَكَ أَنْصَبَتْه
حَوَالِبُ أَسْهَريْهِ بالذَّنِين
قَالَ: أسْهَراه: ذَكَره وَأَنْفه.
رَوَاهُ شَمِرٌ عَنهُ، وَقَالَ: وصَف) حمارا وأتانَه، والسُّهَارُ
والسُّهادُ وَاحِد، بالراء وَالدَّال.
هسر: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهُسَيْرَةُ
تَصْغِير الهُسْرة، وهم قَرَابَات الرجل من طرفَيْه: أعمامُه وأخوالُه.
رهس: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو تُراب: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ترَكْتُ القوْمَ قد
ارتَهسُوا، وارتَهشُوا، وارْتهَسَتْ رِجْلا الدابَّة، وارْتَهَشَتا
إِذا اصْطَكَّتا وضرَب بعْضُها بَعْضاً.
قَالَ: وَقَالَ شُجاعٌ: ارتكسَ القوْمُ، وارتهَسُوا إِذا ازدحموا.
وَقَالَ العجَّاج:
وَعُنُقاً عَرْداً ورأساً أَمْرَسا
مُضبَّرَ اللّحْيَين يَسْراً مِنْهَسا
عَضْباً إِذا دماغُه ترَهَّسا
وَحَكَّ أنْيَاباً وخُضْراً فُؤُسا
ترهَّس: أيْ تمخَّض، وتحرّك. فُؤُس:
(6/76)
قُطُع، من الفأس. فُعُلٌ مِنْهُ. حَكَّ
أنْياباً: أيْ صَرَّفها. وخُضراً: يعْنِي أضراساً قَدُمت فاخضرَّت.
هرس: قَالَ اللَّيْث: الهَرْسُ: دَقُّ الشَّيْء بالشَّيْء العريض،
كَمَا تُهْرَسُ الهريسةُ بالمِهْرَاس، والفَحْلُ يهرِس القِرْنَ
بكَلْكله، والهَرِس من الأُسُود: الشَّدِيد المِرَاس، وَأنْشد: فِي صفة
الْأسد:
شَدِيد الساعِدَين أخاوِثابٍ
شَدِيدا أَسْرُه هَرِساً هموسَا
قَالَ: والمهارِيس من الْإِبِل: الجِسامُ الثِّقال.
قَالَ: ومِنْ شدَّة وطْئها سُمِّيَتْ: مَهارِيسَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المهَاريسُ من الْإِبِل: الَّتِي تَقْضِمُ
العِيدانَ إِذا قلَّ الْكلأ، وأجدبت الْبِلَاد، فتتبلّغ بهَا
كَأَنَّهَا تهْرِسها بأفواهِها هَرْساً: أيْ تَدُقُّها، وَقَالَ
الحطيئة يصف إبِلا:
مهارِيسُ يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهلهَا
إِذا النَّارُ أبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ
وَقَالَ اللَّيْث: المهراسُ: حَجَرٌ منقورٌ مستَطيلٌ يُتَوضأُ مِنْهُ.
وَفِي الحَدِيث أَن أَبَا هُرَيْرَة رَوى عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا أَرَادَ أحدُكم الوُضوءَ فليُفْرِغ
على يَدَيْهِ من إنائه ثَلَاثًا؛ فَقَالَ لَهُ قيْنٌ الأشَجَعيّ:
فَإِذا أتَيْنا مِهراسكم كَيفَ نصْنع) ؟ أَرَادَ بالمهراس: هَذَا
الحجَر الضّخْم المنْقُورَ الَّذِي لَا يُقِلُّه الرِّجال وَلَا
يُحرِّكهُ الْجَمَاعَة لِثِقَله يُمْلأ مَاء ويتطهَّرُ الناسُ مِنْهُ.
وَجَاء فِي حديثٍ آخر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّ
بمهْراسٍ وجماعةٌ من الرِّجَال يُجْذُونه، وَهُوَ حَجر منقورٌ أَيْضا،
سمِّي مِهْراساً لِأَنَّهُ يُهرَسُ بِهِ الحَبُّ وغيرُه، وَقَول شِبْل:
وقَتيلاً بجانبِ المهْراسِ
فإِنه عَنى بِهِ حمزَةَ بن عبد الْمطلب.
قَالَ المبرِّد: المهراس ماءٌ بأُحُد، ورُوي أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عَطِشَ يومَ أُحُد، فَجَاءَهُ عليٌّ فِي دَرَقةٍ بماءٍ
من المهرَاس، فعافه وَغسل بِهِ الدَّمَ عنْ وَجْهه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: هَرِس الرَّجلُ إِذا كثر
أكْلُه، وَقَالَ العجاج يصف فَحْلاً:
وكَلْكَلاً ذَا حامياتٍ أَهرَسا
ويُروى: مهرَسا أَرَادَ بالأهرس: الشَّديد الثَّقيل، يُقَال: هُوَ
هرِسٌ أَهرَسُ للَّذي يَدُقُّ كلَّ شَيْء.
والهَرَاسُ: شَوْكٌ كأَنه حَسك، الواحِدة هَرَاسَهَ، وَمِنْه قَول
النَّابِغَة:
فَبِتَّ كأَنَّ العائدات فَرَشْنَنى
هرَاسا بِهِ يُعلى فِرَاشي ويُقْشَبُ
وسُمِّيت الهَرِيسة هَرِيسة لأنّ البُرَّ الَّذِي تُسَوّى الهرِيسة
مِنْهُ يُدَقُّ دَقّاً، ثمَّ يطبَخ ويُسَمّى صانعُه هَرَّاساً.
هـ س ل
هلس، لهس، سهل، سَله: مستعملة.
هلس: قَالَ اللَّيْث: الهُلاسُ: شِدّة السُّلاَل من الهزَال، وامرأةٌ
مهْلوسةٌ: ذاتُ رَكَبٍ مهلوس كَأَنَّمَا جُفِل لَحْمه جَفْلاً.
أَبُو عبيد: الهَلْسُ: مِثلُ السُّلال، رجل مَهلوس.
(6/77)
وَقَالَ الكُميت:
يعَالِجْنَ أَدْوَاءَ السُّلالِ الهَوَالِسَا
وَقَالَ غَيره: الهُلاَسُ فِي البَدَن (وَهُوَ) السُّلاَل، و (أمّا) :
السُّلاسُ فِي الْعقل.
أَبُو عبيد، عَن الأمويِّ: أَهْلَسَ فِي الضّحِك، وَهُوَ الخفيُّ
مِنْهُ وأنشدنا:
يَضْحَكُ مِنِّي ضَحِكاً إهْلاَسا
وأمَّا قَول المرَّار الفَقْعَسِيِّ:
طرَق الخيالُ فهاج لي من مَضجعِي
رَجْعَ التَّحِيَّةِ فِي الظّلاَم المهلِسِ
أَرَادَ بالمُهْلِس: الضَّعِيف من الظلام.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهُلْسُ: النُّقَّهُ من
الرِّجَال. والهُلْسُ: الضَّعْفَى وَإِن لم يَكُونُوا نُقَّهاً.
سهل: قَالَ اللَّيْث: السَّهْلُ: كلُّ شَيْء إِلَى اللِّين وذَهابِ
الخُشونة، تَقول: سَهُلَ سُهُولةً.
قَالَ: والسَّهْلَةُ: تُرَابٌ كالرَّمْل يجيءُ بِهِ المَاء وأَرْضٌ
سَهِلة، فَإِذا قلتَ سَهْلَة: فَهِيَ نقيض حَزْنَة.
قلت: لم أسمع سَهِلة بِكَسْر الْهَاء لغير اللَّيْث.
قَالَ: وأسهل الْقَوْم: إِذا نزلُوا السَّهْلَ بعد نزولهم بالحَزْن،
وأَسْهَلوا: إِذا استعملوا السُّهولة مَعَ النّاس، وأحزَنوا: إِذا
استعمَلوا الحُزونة، وَقَالَ لبيد:
فإنْ يُسْهِلوا فالسَّهْل حَظِّي وطُرْقَتي
وَإِن يُحْزِنُوا أَرْكَبْ بهم كلَّ مركَبِ
وأسْهلَ الدَّواءُ بطنَه، وَقد شَرِب دَوَاء مُسْهلا. وسُهَيْلٌ:
كَوْكَب (يُرَى فِي نَاحيَة الْيمن، وَلَا يُرَى بخُرَاسان، ويُرَى
بالعراق.
وَقَالَ اللَّيْث: وبَلغَنا أنَّ سُهَيْلاً كَانَ عَشّاراً على طَرِيق
الْيمن ظلوماً، فَمَسَخَهُ الله كوْكَباً.
وَقَالَ ابْن كُناسَة: سُهَيْلٌ يُرَى بالحجاز، وَفِي جَمِيع أرضِ
الْعَرَب، وَلَا يُرَى بأرضِ أَرْمِينيَة.
قَالَ: وَبَين رُؤْيَة أهل الْحجاز سُهَيْلاً ورُؤْيةِ أهل الْعرَاق
إيَّاه عشرُون يَوْمًا؛ وَأنْشد غَيره:
إِذا سُهَيلٌ مطْلَعَ الشمسِ طَلَعْ
فابْنُ اللَّبُونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ
وَذَلِكَ أنّه يَطلعُ عِنْد نِتاج الْإِبِل، فَإِذا حالَت السَّنةُ
تحوَّلتْ أسنانُ الْإِبِل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لرمل الْبَحْر: السِّهْلَة،
هَكَذَا قَالَه بِكَسْر السِّين.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن اليزيديّ عَن أبي عَمْرو بن العَلاء قَالَ:
يُنْسَبُ إِلَى الأَرْض السَّهْلة: سُهْلى بِضَم السِّين.
لهس: قَالَ اللَّيْث: المُلاَهِسُ: المُزَاحم على الطَّعَام من
الحِرْصِ، وَأنْشد غَيره:
مُلاَهِسُ القومِ على الطعامِ
وجائِزٌ فِي قَرْقَفِ المُدَامِ
وَيُقَال: فلانٌ يُلاهِس بني فلَان: إِذا كَانَ يَغْشَى طعامَهم.
(6/78)
سَله: قَالَ شمِر: الأسْلَهُ: الَّذِي
يَقُول: أَفْعَلُ فِي الحَرب، وأَفْعل، فَإِذا قاتَلَ لمْ يُغْنِ
شَيْئا، وَأنْشد:
ومِن كلِّ أَسْلَهَ ذِي لُوثَةٍ
إِذا تُسْعَرُ الحَرْبُ لَا يُقْدِمُ
هـ س ن
سنه، نهس، سهن: مستعملة.
سهن: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأسْهانُ:
الرِّمالُ اللّيِّنة، قلت: كأنُ النُّون فِي الأسهان مُبْدَلَة من
الأَسْهَال جمعُ السَّهْل.
سنه: قَالَ اللَّيْث: السَّنَةُ نُقْصَانُها حذفُ الْهَاء، وتصغير
سُنَيْهَة، والمعاملة من وَقتهَا مُسَانَهة، وثلاثُ سنواتٍ، وَقَالَ
الله جلّ وعزّ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} (البَقَرَة: 259) أَي لم تُغَيِّره
السِّنُون، ومَن جعل حذفَ السَّنَةِ واواً قرأَ: (لم يَتَسَنَّ)
وَقَالَ: سانَيْتُه مُسَانَاةً، وإثباتُ الهاءِ أَصْوَبُ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ {لَمْ يَتَسَنَّهْ} : يُقَال
فِي التَّفْسير: لَمْ يَتغير، وتكونُ الهاءُ مِن أصلِه، وتَكونُ
زَائِدَة صِلةً بِمنزِلةِ قَوْله جلّ وعزْ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}
(الأنعَام: 90) ، فَمن جَعل الهاءَ زَائِدَة جعل فَعْلتُ مِنْهُ:
تَسَنَّيْتُ، أَلا ترَى أنّكَ تجمعُ السَّنةَ سنَوات، فَتكون تفعّلت
على صِحَة.
ومَنْ قَالَ فِي تَصْغِير السَّنَة: سُنَيْنَة وَإِن كَانَ ذَلِك
قَلِيلا، جَازَ أَنْ يَقُول: تَسَنَّيْتُ: تَفَعَّلْتُ؛ أُبْدِلَتْ
النُّونُ يَاء لمَّا كثُرَت النُّونات، كَمَا قَالُوا: تظنَّيْتُ،
وأصلُه الظّنّ، وَقد قَالُوا: هُوَ مأخوذٌ مِن قَوْله جلّ وعزّ: {مِّنْ
حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الْحجر: 26) ، يُرِيدُونَ: متغِّير، فإِن يكن
كَذَلِك فَهُوَ أَيْضا ممَّا أُبدلَتْ نونُه يَاء، ونَرَى وَالله أعلم
أنَّ مَعْنَاهُ مَأْخُوذ من السَّنة: أَي لمْ تُغيِّره السِّنون.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أحمدَ بن يحيى فِي قَوْله
{لَمْ يَتَسَنَّهْ} (البَقَرَة: 259) قَرَأَهَا أَبُو جَعْفَر،
وشَيْبَةُ، ونافِعٌ، وعاصمٌ بإِثباتِ الهاءِ إِن وَصلوا، أَو قطعُوا،
وَكَذَلِكَ قولُه: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعَام: 90) ،
وَوَافَقَهُمْ أَبُو عَمرو فِي {لَمْ يَتَسَنَّهْ} ، وخالفَهم فِي
{اقْتَدِهْ} . فَكَانَ يحذف الهاءَ مِنْهُ فِي الوَصل، ويُثْبِتُها فِي
الوَقف، وَكَانَ الكسائيّ يحذف الهاءَ مِنْهُمَا فِي الْوَصْل،
ويثبتهما فِي الْوَقْف.
قُلْتُ: وأجود مَا قيل فِي تَصْغِير السَّنة: سُنَيْهة، على أَنّ
الأصْل سَنْهَةٌ، كَمَا قَالُوا: الشَّفَةُ، أصلُها شَفْهَةٌ، فحذفت
الْهَاء مِنْهُمَا فِي الْوَصْل.
وَمِمَّا يُقَوي ذَلِك مَا رَوَى أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ:
إِذا حملت النَّخلة سنة وَلم تحمَل سنة قيل: قد عاوَمَتْ، وسانَهَتْ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للنخلة الَّتِي تفعل ذَلِك: سَنْهاءُ، وَأنْشد
الْفراء:
فليسَتْ بِسَنْهاءَ وَلَا رُجَبِيَّةٍ
ولكنْ عَرايا فِي السِّنينِ الجَوائح
شدَّد أَبُو عبيد الْجِيم من رُجَبِيَّة قلت: ونَقصُوا الْهَاء من
السَّنة والشَّفَة أنَّ الهاءَ مُضَاهِية حروفَ اللَّيِّن الَّتِي
تُنْقَص فِي
(6/79)
الْأَسْمَاء النَّاقِصَة: مِثل زِنَةٍ،
وثُبَةٍ، وعِزَةٍ؛ وعِضَةٍ وَمَا شاكلَها، وَالْوَجْه فِي الْقِرَاءَة
{لَمْ يَتَسَنَّهْ} (البَقَرَة: 259) بإِثبات الْهَاء فِي الإدراج
وَالْوَقْف، وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَمْرو، وَالله أعلم.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: أرْضُ بَني فلَان سَنَةٌ: إِذا كَانَت
مُجْدِبةً.
قلت: وبُعِثَ رائدٌ إِلَى بَلَدٍ، فَوَجَدَهُ مُمْحِلاً، فَلَمَّا
رَجَعَ سُئل عَنهُ، فَقَالَ: السَّنَة: أَرَادَ الجدوبة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي موضعٍ آخر: لَيست بِسَنْهاء: تَقول: لم
تُصِبْهُ السّنةَ المُجْدِبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: طعامٌ سَنِهٌ وسَنٍ: إِذا أَتَت عَلَيْهِ
السِّنون.
قَالَ: وَبَعض الْعَرَب يَقُول: هَذِه سنينٌ كَمَا تَرَى، ورأيتُ
سِنِيناً، فيُعْرِبُ النُّونَ، وَبَعْضهمْ يجعلُها نونَ الجمْع،
فَيَقُول: هَذِه سِنُونَ ورأيتُ سِنِينَ وَهَذَا هُوَ الأَصْل، لأنّ
النّون نونُ الْجمع، والسنةُ: سَنةُ الْقَحْط.
وَيُقَال: أَسْنَت القومُ: إِذا دخلُوا فِي المجاعة، وَتَفْسِيره فِي
كتاب السِّين.
نهس: قَالَ اللَّيْث: النّهْسُ: القَبْض على اللّحم ونَتْرُه.
وَقَالَ رؤبة:
مُضَبَّرَ اللَّحْيَيْنِ يَسْراً مِنْهَسا
قَالَ: والنُّهَسُ: طَائِر. وَفِي الحَدِيث أنّ رجلا صَاد نُهَساً
بالأسْوَافِ، فأَخَذَه زيدُ بنُ ثَابت مِنْهُ، فَأرْسلهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: النُّهَسُ: طَائِر، والأسواف: مَوضِع
بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا فعل زيد ذَلِك لِأَنَّهُ كَرِه صَيْدَ
الْمَدِينَة لِأَنَّهَا حَرَمُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت: وَقد مَرَّ فِي بَاب النَّهْسِ مَا جَاءَ من اخْتِلَاف أقاويل
اللغويين فِي الفَرْق بَيْنَ النَّهْشِ، والنَّهْسِ، فكرهتُ إِعَادَته،
وَيُقَال: نهَسْتُ العَرْق، وانْتَهَسْتُه: إِذا تَعرَقته بمقاديم
فِيك.
هـ س ف
اسْتعْمل من وجوهه: سفه، سهف.
سهف: قَالَ اللَّيْث: السَّهْفُ: تَشحُّطُ القتيلِ يَسْهَفُ فِي
(نَزْعِهِ واضطرابه) . قَالَ الهذليّ:
مَاذَا هُنَالِكَ مِنْ أَسوانَ مُكتئبٍ
وساهفٍ ثَمل فِي صَعْدَةٍ فَصِمِ
قَالَ: والسَّهْفُ: حَرْشَفُ السَّمَك خاصّة.
وَأَخْبرنِي الإياديّ، عَن شمر أَنه سمع ابنَ الأعرابيّ يَقُول: طعامٌ
مَسْهفَةٌ، ومَسْفَهة: إِذا كَانَ يَسْقي الماءَ كثيرا، وَرجل ساهِفٌ،
وسافِهٌ: شَدِيد العَطَش.
قلت: وأُرَى قَول الهُذَليّ فِي بَيته: (وساهِفٍ ثَمِلٍ) من هَذَا
الَّذِي قَالَه ابنُ الأعرابيّ.
وَقَالَ الأصمعيّ: رجل ساهفٌ: إِذا نُزِفَ فأُغْمِيَ عَلَيْهِ،
وَيُقَال: هُوَ الَّذِي غلب عَلَيْهِ حِرَّة العَطَش عِنْد النّزع
والسياق.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: هُوَ ساهِفُ الوَجه، وساهِمُ الوجْه:
إِذا تَغيَّر وجهُه.
قَالَ: والسَّاهِفُ: العطشان، وَأنْشد قَول أبي خِراش الهُذَليّ:
(6/80)
وأَنْ قد يُرَى مِنيّ لِما قد أصابني
مِنَ الحُزن أَنِّي ساهفُ الوَجْهِ ذُو هَمِّ
سفه: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} (البَقَرَة:
130) .
قلت: اختَلفتْ أقاويلُ النَّحويِّين فِي معنى قَوْله: {إِلاَّ مَن
سَفِهَ نَفْسَهُ} وانتصابه.
فَقَالَ الْأَخْفَش: أهل التَّأْوِيل يَزْعمون أنّ الْمَعْنى: سَفّه
نَفْسَه.
وَقَالَ يونسُ النحويّ: أُراها لغَةً، ذهب يونُس إِلَى أنّ فَعِل
للْمُبَالَغَة، كَمَا أنّ فعَّل للْمُبَالَغَة، فَذهب فِي هَذَا
مَذْهبَ أهل التَّأْوِيل، ويجوزُ على هَذَا القَوْل سَفِهْتُ زيدا،
بِمَعْنى: سفَّهْتُ زيدا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: معنى سَفِه نفسَه: أَهْلَك نَفسه،
وأوْبَقَها، وَهَذَا غير خارجٍ من مذهبِ يونُسَ، وأهلِ التَّأْوِيل.
وَقَالَ الكسائيُّ والفرّاء: إنّ {نَفْسَهُ} مَنْصُوب على التَّفْسِير،
وَقَالا: التَّفْسِير فِي النكرات أَكثر، نَحْو (طِبْتُ بِهِ نَفْساً)
و (قَرِرت بِهِ عَيْناً) . وَقَالا مَعًا: إنَّ أصل الْفِعْل كَانَ
لَهَا، ثمّ حُوِّل إِلَى الْفَاعِل؛ أَرَادَ أنّ قَوْلهم: (طبت بِهِ
نفسا) مَعْنَاهُ طابت بِهِ نَفسِي، فلمّا حُوِّل الْفِعْل إِلَى ذِي
النَّفس خرجت النَّفس مفسِّرة وَأنكر البصريّون هَذَا القَوْل
وَقَالُوا: لَا تكون المفسِّرات إلاّ نَكِراتٍ، وَلَا يجوز أَن تُجْعَل
المَعارفُ نَكِراتٍ.
وَقَالَ بعض النحويّين فِي قَوْله: {إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ}
(البَقَرَة: 130) ، مَعْنَاهُ إِلَّا من سفه فِي نَفسه، إلاّ أنّ (فِي)
حُذفت كَمَا حذفت حروفُ الجرّ فِي غير مَوضِع: قَالَ الله جلّ وعزّ:
{وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَوْلَادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (البَقَرَة: 233) ،
الْمَعْنى أَن تسترضعوا لأولادكم، فحُذِفَ حرفُ الجرّ من غير ظَرْف،
وَمثله قَول الشَّاعِر:
نُغَالِي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيّاً
ونَبْذُلُه إِذا نَضِج القُدُورُ
الْمَعْنى: نغالي بِاللَّحْمِ.
وَقَالَ الزجّاج بعد مَا ذكَر أقاويلَ النَّحويّين القولُ الجيّد
عِنْدِي فِي هَذَا أنّ {سَفِهَ} (البَقَرَة: 130) فِي مَوضِع (جَهِل) ،
فَالْمَعْنى وَالله أعلم إِلَّا مَنْ جهل نَفسه: أَي لم يُفَكِّر فِي
نَفسه، فَوُضِع {سَفِهَ} فِي مَوضِع (جهل) ، وعُدِّي على الْمَعْنى.
فَهَذَا جميعُ مَا قَالَ النحويُّون فِي هَذِه الْآيَة.
قلت: وَمِمَّا يقوِّي قولَ الزَّجَّاج الحديثُ الْمَرْفُوع: حِين سُئِل
النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الكِبْر، فَقَالَ: (الكِبْرُ أنْ
تَسْفَه الحقَّ، وتَغْمِطَ النّاس) ؛ مَعْنَاهُ أَن تجهَل الحقَّ فَلَا
ترَاهُ حَقّاً، وَالله أعلم.
وَقَالَ بعض أهل اللّغة: أصل السَّفَه: الخفّة، وَمعنى السَّفِيه:
الخفيفُ العَقْل، وَمن هَذَا يُقَال: تسفَّهَتِ الرّياحُ الشَّيْء:
إِذا حرَّكَتْه واستخفّته فطيَّرتْه، وَقَالَ الشَّاعِر:
مَشَيْنَ كَمَا اهتَزَّت رِماحٌ تَسَفَّهَتْ
أعالِيَها مَرُّ الرّياحِ النَّواسِمِ
وَيُقَال: ناقةٌ سَفِيهةٌ الزِّمام: إِذا كَانَت خَفِيفَة السَّيْر.
(6/81)
وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّة: (سفيهةٍ
جديلها) ، وسافَهَتِ الناقةُ الطريقَ: إِذا خفّت فِي سَيْرِها، وَقَالَ
الراجز:
أَحْدُو مَطِيَّاتٍ وقوماً نُعّسَا
مُسَافِهاتٍ مُعْمَلاً مُوَعَّسا
أَرَادَ بالمعمل الموعَّس: الطريقَ المَلحُوبَ الَّذِي وُطِىء حَتَّى
استتب ووضَح.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: سَفِهْتُ الماءَ أسْفَهُه إِذا أكثَرْتَ
مِنْهُ وَلم تَرْوَ، وَالله أسْفَهَكَهُ.
وَقَالَ غَيره: سَافَهْتُ الشَّرابَ: إِذا أسرفت فِيهِ، وَقَالَ
الشّماخ:
فبِتُّ كأنّني سافَهْتُ صِرْفاً
مُعَتَّقَةً حمَيّاها تدُورُ
وَفِي حَدِيث ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(الكِبْرُ أَن تَسْفَهَ الحقَّ، وتَغْمِطَ النّاس) ، فَجعل سَفِه
وَاقعا.
وَقَالَ أَبُو زيد: امرأةٌ سَفِيهةٌ من نِسْوَةٍ سَفَائِه،
وَسَفِيهاتٍ، وسُفُهٍ وسِفاهٍ، ورجلٌ سفِيهٌ من رجال سُفَهَاءَ،
وسُفَّهٍ، وسِفَاهٍ، وَيُقَال: سَفه الرجل يَسْفُهُ فَهُوَ سَفِيهٌ،
وَلَا يكون هَذَا وَاقعا، وَأما سَفِه بِكَسْر الْفَاء فَإِنَّهُ يجوز
أَن يكون وَاقعا، وَقَالَ الْأَكْثَر فِيهِ أَن يكون غير وَاقع أَيْضا.
قَوْله عزّ وجلّ: {كَمَآ آمَنَ السُّفَهَآءُ} (البَقَرَة: 13) : أَي
الجهَّال، وَقَوله: {فَإن كَانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا
أَوْ ضَعِيفًا} (البَقَرَة: 282) . السَّفِيه الْعقل، من قَوْلهم:
تَسَفَّهت الرياحُ الشيءَ، إِذا استخفّته فحرَّكته.
وَقَالَ مُجَاهِد: السَّفِيه: الْجَاهِل، والضعيف: الأحمق.
قَالَ ابْن عرفةَ: وَالْجَاهِل هَاهُنَا: هُوَ الْجَاهِل
بِالْأَحْكَامِ لَا يُحْسِنُ الْإِمْلَاء، وَلَا يدْرِي كَيفَ هُوَ؟
وَلَو كَانَ جَاهِلا فِي أحوالِه كلِّها مَا جَازَ لَهُ أنْ يُدَايَن،
وَقَوله تَعَالَى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ}
(النِّساء: 5) يَعْنِي المرأةَ وَالْولد، وسُمِّيَتْ سَفِيهةً لِضَعْفِ
عَقْلِها، وَلِأَنَّهَا لَا تُحْسِنُ سياسة مَالهَا، وَكَذَلِكَ
الْأَوْلَاد مَا لم يُؤْنَسْ رُشْدُهُم، وَقَوله عزّ وجلّ: {إِلاَّ مَن
سَفِهَ نَفْسَهُ} (البَقَرَة: 130) أَي سَفِه فِي نَفسه: أَي صَار
سَفِيهاً، وَقيل: أَي سَفِهَت نَفْسُه، أَي صَارَت سَفِيهَة، وَنصب
نَفسه على التَّفْسِير المحوَّل، وَقيل: سَفِه هَاهُنَا بِمَعْنى
سَفَّه، وَمِنْه قَوْله: إِلَّا من سَفِه الحقّ. مَعْنَاهُ: من سَفَّه
الحقَّ، وَيُقَال: سَفِه فلانٌ رأْيَه: إِذا جَهله، وَكَانَ رأيُه
مضطرباً لَا استقامةَ لَهُ.
س هـ ب
اسْتعْمل من وجوهه: سهب، سبه، بهس.
سهب: قَالَ اللَّيْث: فرسٌ سَهْبٌ. شَدِيد الجرْي بطيء العَرَق،
وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
وَقد أَغْدو بِطِرْفٍ هَيْ
كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَهْبِ
قَالَ: وبئرٌ سَهْبةٌ: بعيدَة القَعْر يخرج مِنْهَا الرِّيح، وَإِذا
حَفَر الْقَوْم فَهَجَمُوا على الرِّيح وأخلفهم المَاء، قيل:
أسْهَبُوا، وَأنْشد فِي وصف بِئْر كَثِيرَة المَاء:
حَوْضٌ طَوِيٌّ نِيل مِنْ إسْهَابِها
يَعْتِلجُ الآذِيُّ مِن حَبَابِها
(6/82)
قَالَ: وَهِي المُسْهَبة، حُفِرتْ حَتَّى
بلغَتْ عَيْلَمَ المَاء، ألاَ ترى أَنه قيلَ: نِيلَ مِنْ أَعْمَق
قعْرها.
قَالَ: والسَّهْباءُ: بئرٌ لبني سَعْد، ورَوْضة أَيْضا بالصَّمَّان
تُسَمَّى السَّهْباء.
قَالَ: والسَّهْبَى: مَفَازَةٌ.
قَالَ جرير.
سارُوا إليْكَ من السَّهْبَى ودُونَهُمُ
فَيْحَانُ فالحَزْنُ فالصَّمَّانُ فالوَكَفُ
والوَكفُ: لبني يَرْبُوع.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا بلغ حافرُ الْبِئْر إِلَى
الرَّمْل قَالَ: أسْهَبَ، وأَسْهَبَتْ.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: إِذا خرجت الرّيحُ من الْبِئْر وَلم يخرُج
ماءٌ قَالَ: أسْهَبَتْ
وَقَالَ شَمِر: المُسَهَبةُ من الرَّكايا: الَّتِي يَحفرونها حَتَّى
يبلغُوا تُرَابا مائقاً فَيَغْلِبُهُمْ تهيُّلاً، فيَدَعُونَها.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي قَالَ: بِئْر مُسْهَبة: الَّتِي لَا
يُدْرَك قَعْرُها وماؤها.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: المُسْهَب بِفَتْح الْهَاء: الْكثير
الْكَلَام.
شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: كَلَام الْعَرَب كلُّه على أَفْعَل فَهُوَ
مُفْعِل إِلَّا ثَلَاثَة أحرف: أَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَب، وأَحْصَن
الرجلُ فَهُوَ مُحْصَن، وأَلفَجَ فَهُوَ مُلْفَجٌ: إِذْ أَعْدَم.
شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: السَّهْبُ: مَا بَعُدَ من الأَرْض، واستوى
فِي طمأنينة، وَهِي أَجْوافُ الأَرْض، طمأنينتها: الشَّيْء الْقَلِيل
يَقُود اللَّيْلَة واليومَ ونحوَ ذَلِك، وَهِي بطونُ الأَرْض تكون فِي
الصَّحارَى والمُتُون، وَرُبمَا تَسِيل وربّما لَا تَسِيل، لِأَن
فِيهَا غِلَظاً وسُهولاً تنبتُ نباتاً كثيرا، وفيهَا خَطَراتٌ من شجر:
أَي فِيهَا أماكنُ فِيهَا شجرٌ، وأماكنُ لاشجر فِيهَا.
وَقَالَ أَبو عُبيد: السُّهوبُ وَاحِدهَا سَهْب، وَهِي المُستويةُ
الْبَعِيدَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السُّهوبُ: الواسِعةُ من الأَرْض، وَقَالَ
الْكُمَيْت:
أبارقُ، إنْ يَضْغَمْكُمُ الليثُ ضَغْمَةً
يَدَعْ بارِقاً مِثلَ اليَبَابِ مِن السَّهْبِ
وَقَالَ اللَّيْث: سُهوبُ الفلاةِ: نَوَاحِيهَا الَّتِي لَا مَسْلكَ
فِيهَا.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: رجَلٌ مُسْهَبُ العقْل، ومُسْهَمٌ، وَكَذَلِكَ
الجسمُ فِي الحُبِّ: أَي ذاهبٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أُسْهِبَ السَّليمُ إسهاباً فَهُوَ مُسْهِبٌ:
إِذا ذَهب عقلُه وعاش، وَأنْشد:
فَبَاتَ شَبْعَانَ وباتَ مُسْهَبا
وَقَالَ غَيره: أَسْهَبْتُ الدابةَ إسهاباً: إِذا أهملْتَها تَرْعَى
فَهِيَ مُسْهَبة، وَقَالَ طُفَيْلٌ الغَنَوِيّ:
نَزَائِعَ مَقْذُوفاً على سَرَواتِها
بِمَا لَمْ تَحَالَسْهَا الغُزاة وتُسْهَبُ
أَي قد أُعْفِيَت حَتَّى حَمَلَت الشحمَ على سَرَوَاتِها.
وَقَالَ بَعضهم: ومِنْ هَذَا قيل للمِكْثار: مُسْهَب، كَأَنَّهُ تُرِكَ
والكلامَ يتكلّم بِمَا شَاءَ، كأنّه وُسِّع عَلَيْهِ أَن يَقُول مَا
شَاءَ.
(6/83)
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أَعْطَى الرجلُ
فأَكثر. قيل: قد أَسْهَبَ، ومكانٌ مُسْهِب: لَا يمْنَع المَاء،
ولايمسكه.
سبه: قَالَ اللَّيْث: السَّبَهُ: ذَهابُ العَقْل من الهَرَم.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجلٌ مُسَبَّه الْعقل، ومُسَمَّهُ الْعقل: أَي
ذاهبُ الْعقل.
أَبُو عبيد، عَن الأمويّ: رجلٌ مَسْبُوهُ الْفُؤَاد، مثلُ مُدَلَّه
الْعقل، وَهُوَ المُسَبَّهُ أَيْضا، وَقَالَ رؤبة:
قَالَت أُبَيْلَى لي وَلم أسَبَّهِ
مَا السِّنُّ إلاّ غَفْلَةُ المُدَلَّهِ
وَقَالَ غَيره: رجل سَبَاهِيُّ الْعقل: إِذا كَانَ ضَعيفَ الْعقل.
أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ: المُسَبَّه: الذَّاهِب الْعقل.
وَقَالَ الْمفضل: السُّباهُ: سَكْتَةٌ تَأْخُذ الإنسانَ يذْهب مِنْهَا
عَقْلَه، وَهُوَ مَسْبُوهٌ.
بهس: قَالَ اللَّيْث: يَبْهَسُ من أسماءِ الْأسد.
قلت: ويَبْهَسُ من أَسمَاء الْعَرَب. وَمِنْه الَّذِي كَانَ يُلَقَّب
بنعامة، اسْمه بَيْهَسٌ.
وَقَالَ: فلَان يَتَبَيْهَسُ فِي مِشيته ويَتَبَهْنَسُ: إِذا كَانَ
يَتَبَخْتَر، ومثلُه يَتَبَرْنَسُ، ويَتَفَيْجَسُ، ويتفيْسَجُ.
هـ س م
سهم، سمه، هَمس، هسم: مستعملة.
سهم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: اسْتَهَمَ الرّجلَانِ إِذا اقترعا،
وَقَالَ اللهجلّ وعزّ: {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ
الْمُدْحَضِينَ} (الصَّافات: 141) : يَقُول: قارَع أَهْلَ السَّفِينَة
فقُرِعَ، يَعْنِي يونُسَ حِين الْتَقَمهُ الْحُوت.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِرجلَيْنِ احتَكما إِلَيْهِ
فِي مَواريثَ قد دَرَسَتْ: (اذْهَبَا فَتوَخَّيا الحقّ، ثمَّ
اسْتَهِما، ثمَّ لِيُحْلِلْ كلُّ وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه، معنى
قَوْله: اسْتَهِما أَي اقْتَرِعا وتوخَّيا الحقَّ فِيمَا تَضَعانِه
وتَقْتَسِمانِه ولْيأخُذ كلُّ وَاحِد مِنْكُمَا مَا تُخرِجُه
القِسْمَةُ بالقُرعة، ثُمَّ لِيُحْلِلْ كلُّ وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه
فِيمَا أَخذه وَهُوَ لَا يَسْتَيْقِنُ أنَّه حقُّه أم لَا. وَيُقَال:
اسْتَهَمَ القومُ فَسَهمهُمْ فلَان: إِذا قَرَعَهُمْ، والسَّهْمُ:
النَّصِيب والسَّهْمُ: واحِدُ السِّهام من النَّبل وَغَيره.
والسَّهْمُ: القِدْح الَّذِي يُقارَعُ بِهِ. والسَّهْمُ: مقدارُ سِتِّ
أَذْرُع فِي مُعاملات النَّاس ومِساحاتهم.
قَالَ ابْن شُمَيل: السَّهْمُ: نَفْسُ النَّصْل.
وَقَالَ: لَو التقطْتُ نَصْلا لقُلْتُ: مَا هَذَا السَّهْمُ مَعَك؟ ،
وَلَو التَقَطْتُ قِدْحا لَمْ تقُل: مَا هَذَا السّهْمُ مَعَك؟ .
قَالَ: والنَّصْل: السَّهْم العريض الطَّوِيل يكونُ قَرِيبا من فِتْرٍ.
والمِشْقَص على النِّصف من النَّصل، وَلَا خيرَ فِيهِ، يلعبُ فِيهِ
الوِلْدان، وَهُوَ شَرُّ النُّبْل، وأحْرَضُه.
قَالَ: والسَّهمُ: ذُو الغِرارَين والعَيْر.
قَالَ: والقُطْبَةُ لَا تُعَدّ سَهْماً. والمِرِّيخُ: الَّذِي على
رَأسه العُظَيْمَة يرْمى بهَا أهلُ البَصْرة بَين الهدَفين.
والنَّضِيُّ: مَتْنَ القِدْح، مَا بَين الفُوقِ والنَّصْل.
(6/84)
وَقَالَ اللَّيْث: بُرْدٌ مُسَهَّمٌ،
وَهُوَ المخطّط. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كأَنَّهَا بعدَ أَحْوالٍ مَضيْنَ لَهَا
بالأَشْتِميْنِ يمَانٍ فِيهِ تَسهيم
قَالَ: والسُّهُومُ: عبوس الْوَجْه من الْهم. وَيُقَال للفَرَسِ إِذا
حُمِل على كريهةِ الْجَرْي: ساهِمُ الْوَجْه، وَكَذَلِكَ الرَّجلُ فِي
الْحَرْب ساهِمُ الْوَجْه، قَالَ عنترة:
والخيلُ ساهِمةُ الْوُجُوه كأنّما
يُسْقَى فوارِسُها نقيعَ الْحَنْظَلِ
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: السُّهَامُ: الضُّمْرُ والتّغيُّر بِضَم
السِّين والسَّهامُ: الَّذِي يُقَال لَهُ: مُخاطُ الشَّيطان، يُقَال:
سُهِمَ يُسْهَم فَهُوَ مَسْهوم: إِذا ضُمِّر، قَالَ العجاج:
وَلا أبٍ وَلاَ أَخٍ فَتُسهَمِ
وأوَّله:
فَهِيَ كرِ عدِيدِ الكَثِيب الأهْيَمِ
وَلم يُلِحْهَا حَزنٌ على ابْنَمِ
وَلاَ أَبٍ وَلَا أَخٍ فَتُسهَم
وَقَالَ اللَّيْث: السُّهَام من وَهَج الصَّيْفِ وغُبْرَتِه، يُقَال
سُهِم الرجلُ: إِذا أَصَابَهُ السُّهام.
قلت: وَالْقَوْل فِي السُّهام والسَّهام مَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السُّهُمُ: غَزْلُ عينِ الشَّمْس، قَالَ:
والسُّهمُ أَيْضا: الحرارةُ الغالِبَة. والسُّهُم والشُّهُم بِالسِّين
والشين: الرِّجَال الْعُقَلَاء الْحُكَمَاء العُمال.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجل مُسْهَم الْعقل مثل المُسهَب، وَكَذَلِكَ
مُسْهَم الجسْم: إِذا ذهب جِسمُه فِي الحبّ.
أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي قَالَ: من أدواء الْإِبِل السُّهام، يُقَال
مِنْهُ: بعير مسهوم وَقَول أبي دَهْبَل الجمحيِّ:
سَقى الله جارَانا ومَنْ حلَّ وَلْتَهُ
وكلَّ مَسِيلٍ مِن سَهامٍ وسَرْدَد
سَهام وسَرْدَد: واديان فِي بِلَاد تهَامَة
وَقَالَ:
بَنى يَثْرِبيٌّ حَصِّنوا أَيْنُقَاتِكم
وأفراسَكم من ضَرْب أَحْمَر مُسْهَمِ
وَلَا أُلفِيَنْ ذَا الشِّفَّ يطْلُبُ شِفَّهُ
يُداويه مِنْكُم بالأديم المسلَّمِ
أَرَادَ بقوله: أَيْنُقَاتكم وأفراسَكم نساءَهم، يَقُول: لَا
تُنكِحوهُنَّ غير الْأَكفاء، وَقَوله: من ضَرْب أحمرَ مُسْهَم، يَعْنِي
سِفاد رجلٍ من العجَم، وفَرَسٌ مُسْهَمٌ: إِذا كَانَ هَجِينا يُعْطَى
دون سَهْم العتيقِ من الغنِيمة. وَقَوله: بالأديم المُسَلَّم: أَي
يُتصَحَّحُ بِكُمْ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: السُّهْمَةُ: الْقَرَابَة.
والسُّهْمَةُ الحظُّ.
وَقَالَ عبيد:
قد يُوصَلُ النّازحُ النائي وَقد
يُقْطَعُ ذُو السُّهْمةِ القريبُ
وَقَالَ اللَّيْث لي فِي هَذَا الْأَمر سُهْمةٌ: أَي نصيب وحظ من أثر
كَانَ لي فِيهِ.
(6/85)
سمه: قَالَ اللَّيْث: سَمَه البعِيرُ أَو
الفرسُ فِي شَوْطه يسْمَهُ سُمُوهاً فَهُوَ سامِهٌ لَا يعرِف الإعياء،
وَأنْشد:
يَا لَيْتَنَا والدَّهْرَ جَرْي السُّمَّهِ
قَالَ: أَرَادَ ليتنا والدَّهر نجري إِلَى غير غَايَة.
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: من أَسمَاء الْبَاطِل قَوْلهم: السُّمَّه،
يُقَال: جرى فلَان جَرْى السُّمَّه. وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: للهواء
اللُّوح، والسُّمَّهَى والسُّمَّهِي.
وَقَالَ النَّضْر: يُقَال: ذهب فلَان فِي السُّمَّهِ والسُّمَّهِي: أَي
فِي الرّيح وَالْبَاطِل، وَيُقَال ذهب السُّمَّيْهَيِّ: أَي فِي
الْبَاطِل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال للهواء.
السُّمَّهى والسُّمَّيْهَى.
أَبُو عبيد: سَمِعت الفرّاء يَقُول: ذهبتْ إبلُه السُّمَّيْهَى على
مِثَال وَقَعُوا فِي خُلَّيْطَى، وَذَلِكَ أَن تُفَرَّق إبُلُهم فِي
كلُّ وَجه.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَالَ الفرّاء: ذهبتْ إبِله
السُّمَّيْهَى، والعُمَّيهى، والكُمَّيْهَى، أَي لَا يدْرِي أَيْن
ذهبَتْ.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجل مُسَمَّه العقْل، ومُسَبَّه العقْل: أَي ذَاهِب
الْعقل.
قَالَ الشَّيْخ: جَرْيَ السُّمَّه: أَرَادَ الْبَاطِل كَمَا قَالَ
الكسائيّ.
هَمس: قَالَ اللَّيْث: الهمْسُ: حِسُّ الصّوت فِي الفَمِ ممّا لَا
إشْرَابَ لَهُ من صَوْتِ الصَّدْرِ وَلَا جهارةَ فِي المَنْطِق، ولكنّه
كلامٌ مَهْمُوسٌ فِي الْفَم كالسّرّ. قَالَ: وهَمْسُ الْأَقْدَام
أَخْفَى مَا يكونُ من صَوْتَ الْوَطْء. قَالَ: والشيطان يُوَسْوِس
فيهمِسْ بِوَسواسه فِي صَدْر ابنِ آدم.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتعوّذ
بِاللَّه من هَمْزِ الشَّيْطَان وهمسه وَلَمزه. فالهَمْزُ: كَلَام من
وَرَاء القَفا كالاستهزاء، واللَّمز: مُوَاجهَة.
وَفِي الْقُرْآن: {فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً} (طاه: 108) يَعْنِي
بِهِ وَالله أعلم خَفْقَ الْأَقْدَام على الأَرْض.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: إنّه نَقْلُ الْأَقْدَام إِلَى المحْشَر.
وَيُقَال: إنّه الصَّوْتُ الخفِيّ. قَالَ: وذُكِر عَن ابْن عبّاس أنّه
تَمَثَّل فَأَنشد:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا
قَالَ: وَهُوَ صَوْتٌ نَقْلِ أخْفافِ الْإِبِل. وأخْبَرَني المنذريّ،
عَن الطُّوسيِّ، عَن الخرّاز عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال:
(اهمِسْ وصَهْ) : أَي امْشِ خَفِيّاً واسْكُتْ، وَيُقَال: (هَمْساً
وَصَهْ) و (هَسّاً وَصَهْ) . قَالَ: وَهَذَا سارقٌ قَالَ لصَاحبه:
امْسِ خَفِيّاً واسكت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أسَرَّ الكلامَ وأَخفاه فَذَلِك الهَمْسُ من
الْكَلَام، قَالَ: وَإِذا مَضَغَ الرجُل من الطَّعَام وفُوه مُنضَمٌّ
قيل: هَمَس يَهْمِس هَمْساً، وَأنْشد:
يأكُلْن مَا فِي رَحْلهِنّ هَمْسَا
قَالَه: والهَمْس: أَكلُ العجوزِ الدَّرْداءِ.
غَيره: الهَمُوسُ: من أَسْمَاء الأَسَد، لِأَنَّهُ يَهمِس فِي
الظُّلْمة، ثمّ جُعِل ذَلِك اسْما يُعْرَف بِهِ، يُقَال: أَسَدٌ
هَمُوس.
(6/86)
وَقَالَ أَبُو زُبيدٍ:
بَصِيرٌ بالدُّجَى هادٍ هَمُوسُ
شمر، قَالَ أَبُو عَدْنان:
قَالَ أَبُو السَّمَيْدَع: الهمْس: قِلةُ الفُتورِ باللّيل والنّهار،
وَأنْشد:
هَمْساً بِأَوْدِ العَلَسِيِّ هَمْسا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهمْس: السَّيْرُ بِاللَّيْلِ. والهَمُوس:
الَّذِي يسرى ليله أجمع، وَأنْشد:
يَهْتَسُّ فِيهِ السَّبُعُ الهَرُوسُ
الذّيب أَو ذَلِبَدٍ هَمُوسُ
قَالَ: هَمَسَ ليلَه أجمعَ: أَي سَار.
قَالَ شمر: الهَمْسُ من الصَّوت وَالْكَلَام: مَالا غَوْرَ لَهُ فِي
الصَّدْر، وَهُوَ مَا هُمِسَ فِي الفَم، وَأَسَدٌ هَمُوسٌ: يَمْشي
قَلِيلا قَلِيلا، يُقَال: هَمَس ليله أجمَع.
قَالَ: وأخذْتُه أخَذاً هَمساً: أَي شَدِيداً، وَيُقَال عَصْراً،
وهَمسَه: إِذا عَصَرَه. وَقَالَ الْكُمَيْت فَجعل النَّاقة هَمُوساً:
غُرَيْرِيّةَ الْأَنْسَاب أَو شَدْ قَمِيَّةً
هَمُوساً تُبَارِي اليَعْمَلاتِ الهوامِسَا
هسم: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهُسُم: الكاوُون قلت: كأنّ
الأَصْل الحُسُم، وهم الَّذين يُتَابِعون الكَيَّ مرَّةً بعد أُخْرَى،
ثمَّ قُلِبت الحاءُ هَاء. |