تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْهَاء وَالدَّال)
هـ د ت هـ دظ هـ د ذ هـ د ث
مهملات كلهَا عِنْد اللَّيْث بن المظفَّر.
تهد: وروَى اللِّحياني وَغَيره: غلامٌ تَوْهَدٌ وفَوْهدٌ، وَهُوَ التّامُّ الخَلْق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الناعم، وَجَارِيَة تَوْهَدة فَوْهَدة: إِذا كَانَت ناعمةً.
هـ د ر
هدر، هرد، دهر، دره، رهد، رده: مستعملات كلهَا.
هدر: قَالَ اللَّيْث: الهَدَر: مَا يَبطُل: تَقول: هَدَرَ دَمُه يَهْدِرُ هِداراً، وأهدرْتُه أَنا إهداراً، وهدَرَ البعيرُ يَهدِر هديراً وهَدْراً والحمامةُ تَهدِر، وجَرةُ النَّبِيذ تهدِر، قَالَ: وَالْأَرْض الهادرة، والعُشْب الهادِر: الْكثير، وَبَنُو فلَان هِدَرَةٌ: أَي ساقطون لَيْسُوا بشيءٍ.
قلتُ: هَذَا الْحَرْف رَوَاه أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي بِفَتْح الْهَاء وَالدَّال: هَدَره، وفسّره أَنهم الساقطون.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَنو فلانٍ هِدَرة بِكَسْر الْهَاء، وهُدَرةٌ بِضَم الْهَاء وبُذَرةٌ.
وَقَالَ بَعضهم: واحِدُ الهِدَرَة هِدْر مثل قِرْد وقِرَدَة، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
إنّي إِذا حَان الجَبانُ الهِدَرَهْ
قصدتُ من قَصْدِ الطَّرِيق مَنْجَرَه
وَقَالَ أَبُو صَخْر الهُذَلي:
إِذا اسْتوْسَنَتْ واستَبْقَل الهَدَفُ الهِدْرُ
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَصْمَعِي: اللَّبن إِذا خَثُرَ أَعْلَاهُ وأسفَلُه رقيقٌ فَهُوَ هادِر.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال للبقل: قد هَدَر: إِذا بلغ إناهُ فِي الطُّول والعِظَم، وَكَذَلِكَ قد هَدَرَت الأرضُ هَدِيراً: إِذا انْتهى بَقْلُها طُولاً، والهادِرُ من العُشْب: الَّذِي لَا شَيْء فَوْقه.
أَبُو نصر، عَن الْأَصْمَعِي: هدَرَ البعيرُ يَهْدِر هَدِيراً، وضربتُه فَهَدَرَت رِئتُه تهدُر هُدُوراً: إِذا سَقَطَتْ.
قَالَ: وهَدَرَ دَمُه يَهْدِرُ هَدْراً، ودَمُه هَدَرٌ: أَي باطلٌ لَيْسَ فِيهِ قَوَد وَلَا عَقْل، وَيُقَال: هُوَ كالمُهَدِّر فِي العُنَّة: يضْرب مثلا للَّذي يَصِيح ويُجلِّب وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك شَيْء، كالبعير الَّذِي يُحبَس فِي حَظيرةٍ يُمنَع من الضِّراب فَهُوَ يُهَدِّر (قَالَ الْبَاهِلِيّ فِي قَول العجاج:
وهَدَرَ الناسُ من الجِدِّ الهَدَرْ
فالهَدَر هَاهُنَا مَعْنَاهُ أَهْدَرَ، أَي الجدُّ أسْقَطَ من لَا خير فِيهِ من النَّاس، والهَدَرُ: الَّذين لَا خير فيهم، وهَدَر الطائرُ وهَدَل يهْدِر ويهْدِل هَدِيراً وهَدِيلا.
أَبُو حَاتِم، عَن الْأَصْمَعِي: هدر البعيرُ والحَمامُ يَهْدِر هَدْراً ودمُه هَدَرٌ: أَي بَاطِل لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا عقْل.
قَالَ: وَيُقَال: هَدَرَ دمُ الْقَتِيل يهدُر بِالضَّمِّ هَدَراً بِفَتْح الدَّال، وأهدَرَه السُّلْطَان.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: هَدَر الدَّمُ يَهدِر، وَأَنا أهْدَرْتُه.

(6/107)


وَرَوَى أَبُو تُراب للأصمعيّ: هَدَر الغُلامُ وهَدَلَ: إِذا صوَّت.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو السَّمَيْدَع: ذَاك: إِذا أراغَ الْكَلَام وَهُوَ صَغِير، وَأنْشد قَول ذِي الرُّمّة:
طَوى البَطْنَ زَيّامٌ كأنّ سَحيلَه
عليهنَّ إِذْ وَلَّى هَدِيلُ غُلاَمِ
أَي غِناءُ غُلام.
هرد: قَالَ اللَّيْث: الهُرْدِيَّة قصَبات تُضَمّ مَلوِيّةً بطاقات الكَرْم يُرسَل عَلَيْهَا قُضبان الكرْم. وَتقول: هرَّدْتُ اللحمَ فَهُوَ مُهَرَّد، وَقد هَرِد اللحمُ.
قلت: وَالَّذِي حفظناه عَن أئمَتنا فِي الْقصب الحُرْدِيّ بِالْحَاء، وَلَا يجوز عِنْدهم بِالْهَاءِ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: فَإِن أَدخلْتَ اللحمَ النارَ وأنضجْتَه فَهُوَ مُهرَّد، وَقد هَرَّدْتُه وهَرِدَ هُوَ.
قَالَ: والمُهَرَّأُ مثلُه.
وَفِي الحَدِيث: (ينزل عِيسَى إِلَى الأَرْض وَعَلِيهِ ثَوْبَان مَهْرُودَان) .
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس، عَن سَلَمة، عَن الْفراء قَالَ: الهَرْدُ: الشَّقّ.
قَالَ: وَفِي خبر عِيسَى أَنه ينزل فِي مَهْرُودَتيْن، أَي فِي شُقَّتين، أَو حُلَّتين.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو عدنان: أَخْبرنِي الْعَالم من أَعْرَاب باهلة أنّ الثَّوبَ يُصْبَغ بالوَرْس ثمَّ بالزعفران فَيَجِيء لَونه مثل لون زَهْرة الحَوْذَانة، فَذَلِك الثوبُ المَهْرُود.
قَالَ: أَخْبرنِي بعض أَصْحَاب الحَدِيث أنّه بَلَغه أَن المَهْرُود: الَّذِي يُصْبَغُ بالعُروق. قَالَ: وَالْعُرُوق يُقَال لَهَا الهُرْد.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: هَرَد ثوبَه، وهَرَتَه: إِذا شَقَّه فَهُوَ هَرِيدٌ وهَرِيتٌ وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَليّ:
غَداة شُواحِطٍ فَنَجَوْتَ شَدّاً
وَثَوْبُكَ فِي عباقِيَةٍ هَرِيدُ
أَي مشقوق.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: هَرَت فلَان الشَّيْء، وهَرَدَه: إِذا أنضَجَه إنْضاجاً شَدِيدا.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي حَدِيث عِيسَى رُوِي فِي مَهْرُودَتَيْن، ورُوِي فِي مُمَصَّرتَيْن. قَالَ: ومعناهما وَاحِد، وَهِي المصبوغة بالصُّفرة من زعفران أَو غَيره.
قَالَ القُتيبيّ: هُوَ عِنْدِي من النقلَة خطأ، وَأرَاهُ مَهْرُوَّتين: أَي صفراوَين. يُقَال: هرّيت الْعِمَامَة: إِذا لبِستها صفراء، وفعلتُ مِنْهُ: هرَوْتُ.
قَالَ أَبُو بكر: لَا تَقول الْعَرَب: هرَوتُ الثَّوْب، وَلَكِن يَقُولُونَ هرَّيتُ، فَلَو ثُنِّي على هَذَا لقِيلَ: (مُهَرَّاتين) فِي اسْم مالم يُسَمَّ فَاعله، وبَعْدُ فَإِن الْعَرَب لَا تَقول: هرَّيْتُ إِلَّا فِي الْعِمَامَة خَاصَّة، فَلَيْسَ لَهُ أَن يقيسَ الشُّقَّةَ على الْعِمَامَة؛ لِأَن اللُّغَة رِوَايَة، وَقَوله: من مَهْرُودَتين: أَي من شُقَّتين أخدتا من الهَرْد وَهُوَ الشقّ خطأ؛ لِأَن الْعَرَب لَا تُسمِّي الشقّ للإصلاح هرْداً، بل يسمون الْخرق والإفساد: هرْداً.

(6/108)


وَقَالَ ابْن السّكيت: هرَد القَصَّارُ الثَّوْب، وهرَته: إِذا خرقه، وهرَد فلَان عِرْضَ فلَان، وهرَته، فَهَذَا يدل على الْإِفْسَاد، وَالْقَوْل عندنَا فِي الحَدِيث: مهرودتين بِالدَّال، والذال: أَي بَين ممصَّرتين على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث، وَلم نَسْمَعهُ إِلَّا فِي الحَدِيث كَمَا لم نسْمع الصِّيَر الصِّحناة، وَكَذَلِكَ الثُّفّاءَ الحُرْف، وَنَحْوه.
قَالَ: وَالدَّال، والذال أختَان تُبدل إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى: يُقَال: رجلٌ مِدْلٌ ومِذْلٌ إِذا كَانَ قَلِيل الْجِسْم خفيّ الشَّخْص، وَكَذَلِكَ الدَّال والذّال فِي قَوْله: مهروذتين.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الهِرْدَى: نَبْتٌ، وَقَالَهُ ابْن الأنباريّ، وَهُوَ أُنْثَى.
دهر: قَالَ اللَّيْث: الدَّهر: الأبَدُ الْمَحْدُود، ورجلٌ دُهْرِيٌّ: أَي قديم، ورجلٌ دَهْرِيّ: يَقُول بِبَقَاء الدَّهْر، وَلَا يُؤمن بِالآخِرَة.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (لَا تَسُبُّوا الدَّهْر فإِن الله هُوَ الدَّهْر) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: فإِنّ الله هُوَ الدَّهْر مِمَّا لَا يَنْبَغِي لأحد من أهل الْإِسْلَام أَن يجهل وجهَه، وَذَلِكَ أنّ المعطِّلة بِهِ يحتجّون على الْمُسلمين، قَالَ: ورأيتُ بعضَ من يُتَّهم بالزَّنْدَقة والدَّهْرِيّة يحتجّ بِهَذَا الحَدِيث وَيَقُول: (أَلا ترَاهُ يَقُول: فإنّ الله هُوَ الدَّهْر) ؟ فقلتُ: وَهل كَانَ أحدٌ يسبُّ الله فِي آبادِ الدَّهر؟
قد قَالَ الْأَعْشَى فِي الْجَاهِلِيَّة:
اسْتَأْثر الله بِالْوَفَاءِ وبالحَمْ
دِ وَوَلّى الملاَمَةَ الرَّجُلاَ
قَالَ: وتأويله عِنْدِي أنّ العَرَب كَانَ شَأْنهَا أَن تَذُمّ الدَّهْرَ وتَسُبَّه عِنْد النَّوَازِل تنزل بهم: من مَوْتٍ أَو هَرَم فَيَقُولُونَ: أصابتْهم قوارِعُ الدهرِ، وأبادَهم الدَّهْرُ، فيجعلون الدَّهر الَّذِي يفعل ذَلِك، فيذمّونه، وَقد ذكرُوا ذَلِك فِي أشعارهم، وأَخبرَ الله عَنْهُم بذلك، ثمَّ كَذَّبهم، فَقَالَ جلّ وعزّ: {تَذَكَّرُونَ وَقَالُواْ مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} (الجَاثيَة: 24) قَالَ الله جلّ وعزّ: {الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ} (الجَاثيَة: 24) .
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تَسُبُّوا الدّهرَ) على تَأْوِيل: لَا تَسُبُّوا الدَّهْر الَّذِي يفعل بكم هَذِه الأشْياء، فَإِنَّكُم إِذا سببتم فاعلها فَإِنَّمَا يَقع السَّبُّ على الله لِأَنَّهُ الْفَاعِل لَهَا لَا الدهرُ، فَهَذَا وَجه الحَدِيث إِن شَاءَ الله.
قلتُ: وَقد قَالَ الشَّافِعِي فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث نَحْواً مِمَّا قَالَ أَبُو عُبيد، وَاحْتج بالأبيات الَّتِي ذكرهَا أَبُو عبيد، فَظَنَنْت أَبَا عبيد عَنهُ أَخذ هَذَا التَّفْسِير لأنّه أوّل من فسره.
وَقَالَ شَمر: الزّمان والدَّهْر وَاحِد، واحتجّ بقوله:
إنّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلي بِجُمْل
لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإحسانِ
فعارض أَبُو الْهَيْثَم شَمِراً فِي مقَالَته، وَخَطأَهُ فِي قَوْله: الزّمان والدّهر وَاحِد، وَقَالَ: الزمانُ: زَمانُ الرُّطَب، وزمان الْفَاكِهَة، وزمان الحرّ، وزمانُ الْبرد،

(6/109)


وَيكون الزَّمَان شَهْرَيْن إِلَى سِتَّة أشهر، والدهر لَا يَنْقَطِع. قلت: والدهر عِنْد الْعَرَب يَقَع على بعض الدَّهْر الأطوَلِ، ويقَع على مُدّة الدُّنْيَا كلِّها وَقد سَمِعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: أَقَمْنَا على مَاء كَذَا وَكَذَا دَهْراً، ودارنا الَّتِي حللنا بهَا دَهْراً، وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا جَازَ أَن يُقَال: الزَّمَان والدهر وَاحِد فِي معنى دون معنى وَقد سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً يَقُول: ماءُ كَذَا وَكَذَا يحملنا الشَّهْرَ والشَّهْرَين، وَلَا يحملنا الدّهر الطَّوِيل: أَرَادَ أنّ مَا حوله من الْكلأ ينفَدُ سَريعاً فنحتاج إِلَى حُضورِ مَاء آخر؛ لِأَن المَاء إِذا أكلت الْمَاشِيَة مَا حوله من الْكلأ لم يكن لحُضّاره بُدٌّ من طَلَبِ ماءٍ آخرَ يَرْعَوْنَ مَا حَوْله وَيجوز أَن تَقول: كُنَّا أزمانَ ولَايَة فلانٍ بِموضع كَذَا وَكَذَا، إِن طَالَتْ مدّةُ ولَايَته والسَّنَة عِنْد الْعَرَب أَرْبَعَة أزمنة: ربيع الْكلأ، والقيظ والخَريف والشتاء؛ وَلَا يجوز أَن يُقَال: الدّهر أَرْبَعَة أزمنة، فهما يفترقان فِي هَذَا الْموضع.
قَالَ الشَّافِعِي: الحينُ يَقع على مدّة الدُّنْيَا، ويَوْم، وَلَا نعلم للحين غَايَة، وَكَذَلِكَ زمانٌ ودَهْرٌ وأحقابٌ. ذكر هَذَا فِي كتاب (الْإِيمَان) . حَكَاهُ المُزنّى فِي (مُختصره) عَنهُ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ يُقَال فِي النِّسْبة إِلَى الرجل الْقَدِيم: دَهْرِيّ، وَإِن كَانَ من بني دَهْر بن عَامر قلتَ دُهْرِيّ لَا غير بضمّ الدَّال.
وَقَالَ ابْن كَيْسان: وَمِمَّا غُيِّرتْ حركاتُه فِي النِّسبة قولُهم: رجُلٌ سُهْليٌّ بضمّ السِّين فِي الْمَنْسُوب إِلَى السَّهل، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ دُهريّ. قَالَ: وَلَهُمَا أمثالٌ كَثِيرَة.
حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن هَاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن أبي عبيد، عَن ابْن عُلَيّة، عَن أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي بَكْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَلا إِن الزَّمان قد اسْتَدَارَ كهَيْئَته يومَ خَلَق الله السَّماوات وَالْأَرْض، السَّنة اثْنَا عشر شهرا، أربعةٌ مِنْهَا حُرُم، ثَلَاثَة مِنْهَا مُتَوَالِيَات: ذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة ومحرَّمٌ وَرَجَب مُفرَد. قلتُ: أَرَادَ بِالزَّمَانِ الدَّهْرَ وسِنِيّه.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهارير: أول الدَّهْر من الزَّمَان الْمَاضِي، يُقَال: كَانَ ذَلِك فِي دَهْر الدَّهارير، قَالَ: وَلَا يُفْرَد مِنْهُ دِهْرِير.
قَالَ: والدّهرُ: النَّازِلَة تنزل بالقوم تَقول: دَهَرَهمْ أمرٌ: نَزَلتْ بهم نازِلةٌ وَيُقَال: مَا دَهري كَذَا وَكَذَا: أَي مَا هِمَّتي.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَا طِبِّي كَذَا: أَي مَا دهري:
قَالَ اللَّيْث: ورَجُل دَهْوَرِيُّ الصَّوْت، وَهُوَ الصُّلْبُ الصَّوْت. قلتُ: وَهَذَا خَطَأ عِنْدِي، والصوابُ رجلٌ جَهْوَرِيُّ الصَّوْت بِالْجِيم: أَي رَفيعُ الصَّوْت فَخْمُه؛ فصُحِّف وقلبت الجيمُ دَالا وَالله أعلم.
والدَّهْوَرة: جمعُ الشَّيْء ثمَّ قذفه فِي مَهْوَاة. وَقَالَ غير اللَّيْث دَهْوَرَ فلانٌ اللُّقَم إِذا أدارها ثمَّ التهمها.

(6/110)


وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِذا الشَّمْس كورت} (التّكوير: 1) : أَي دُهْوِرتْ.
وَقَالَ الرّبيع بن خُثَيْم {كوِّرت أَي رُمِيَ بهَا. وَقَالَ بعضُ أهل اللُّغَة: دَهْوَرْتُ الْحَائِط: إِذا طَرَحْتَه حَتَّى يسقُطَ، وَيُقَال: طعنه فكوَّره: إِذا ألْقاه وصَرَعه.
وَقَالَ الزَّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} (الشُّعَرَاء: 94) أَي فِي الْجَحِيم. قَالَ: وَمعنى (كُبْكِبُوا) طُرح بَعضهم على بعض. وَقَالَ غَيره من أهل اللُّغَة: مَعْنَاهُ دُهْوِروا.
وَفِي حَدِيث:
فإنّ ذَا الدّهر أطوارا دهاريرُ
قَالَ الْأَزْهَرِي: الدهرُ ذُو حَالين من بؤس ونُعْم.
وَقَالَ الفرزدق:
فإنى أَنا الموْتُ الَّذِي هُوَ نازلٌ
بنفسكَ فَانْظُر كَيفَ أَنْت تُحاولهْ
خاطَبَ جَرِيرًا، فَأَجَابَهُ:
أَنا الدّهرُ يُفنِي الموتَ والدهرُ خَالِد
فجئني بمثلِ الدَّهْر شَيْئا يُطاوِله
قلتُ: جعل الدّهرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، لِأَن الْمَوْت يِفنَى بعد انْقِضَاء الدُّنْيَا، هَكَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث. وداهر: مَلِك الدَّيْبُل قَتله مُحَمَّد بن الْقَاسِم الثَّقَفيّ ابْن عمّ الحجّاج، فَذكره جرير فَقَالَ:
وأَرْضَ هِرَقْلٍ قد قَهَرْتَ وداهراً
وَيسْعَى لكم من آل كِسْرَى النَّواصِفُ
أَرَادَ بالنواصف الخَدَم.
رهد: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَا عِنْدِي فِي هَذَا الْأَمر رَهْوَدِيَّةٌ وَلَا رَخْوَدِيَّة: أَي لَيْسَ عِنْدِي فِيهِ رِفق والا مُهاوَدَة، وَلَا هُوَيْدِيّة وَلَا رُوَيْدِيّة، وَلَا هَوْداء وَلَا هَيْداء، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رَهَّدَ الرجلُ: إِذا حَمُق حَمَاقَة محكمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّهِيد: الناعم، والرَّهادَة هِيَ الرَّخاصة، تَقول: فتاة رَهِيدَة: أَي رَخْصَة.
رده: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رَدَّهَ الرَّجُلُ: إِذا سَاد القومَ بشجاعةٍ أَو سخاء أَو غيرِهما.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّدْهُ: شِبْهُ أَكَمَةٍ خَشِنةٍ كَثِيرَة الْحِجَارَة، والواحدة رَدْهَة، وَهِي قِلالُ القِفاف، وَأنْشد لرؤبة:
من بَعْض أَنْضادِ القِفافِ الرُّدَّهِ
قَالَ: وَرُبمَا جَاءَت الرَّدهَة فِي وصف بِئْر تُحْفَر فِي قُفَ أَو تكون خِلْقَةً فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: الرَّدْهَة: النُّقرة فِي الْجَبَل يُسْتنقَع فِيهَا الماءُ، وجمعُها رِدَاهٌ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الرَّدْه شبه أكمة فِي رَأس الْجَبَل: صفاةٌ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا المَاء، وَأنْشد:
لِمن الديارُ بجانبِ الرَّدْهِ
قَفْراً مِنَ التَّأْييهِ والنَّدْهِ
التأييه: أَن يُؤَيِّه بالفَرَس إِذا نَفَر، فَيَقُول: إيهِ إيهِ. والنَّدْه بِالْإِبِلِ: أَن يَقُول لَهَا: هِدَهْ هِدَهْ.

(6/111)


وَقَالَ غَيره: الرَّدْهَة: حَجَر مستنقَع فِي المَاء، وَجَمعهَا رِداهٌ. وَقَالَ ابْن مُقبِل:
وقافِيَةٍ مِثلِ وَقْع الرِّدا
هِ لم تَتَّرِكْ لمجيبٍ مَقالا
وَقَالَ المؤرِّج: الرَّدْهة: الموْرِدُ، والرّدْهة: الصَّخْرة فِي المَاء، وَهِي الأتانُ.
قَالَ: والرَّدْهة أَيْضا: ماءُ الثَّلْج.
قَالَ: والرَّدْهة: الثَّوْبُ الخَلَق المُسَلْسَل.
وَرجل رَدِهٌ: صُلْبٌ مَتينٌ لَجُوجٌ لَا يُغْلَب.
قلتُ: لَا أعرف الَّذِي رَوَى للمُؤَرِّج هَذِه الْأَشْيَاء، وَهِي مُنْكَرةٌ عِنْدي.
وَقَالَ اللَّيْث: يُسَمَّى البَيْتُ الْعَظِيم الَّذِي لَا يكون أعظَمُ مِنْهُ الرَّدْهة، وجمعُها الرِّداهُ، وَقد ردَّهت المرأةُ بيتَها تَرْدَهُ رَدْهاً.
قلت: كَانَ الأَصْل فِيهِ رَدَحَتْ بِالْحَاء، فأُبدِلت هَاء، وَمِنْه قَوْله:
بَيْتَ حَتُوفٍ مُكْفَأً مَرْدُوحَا
حدّثنا أَبُو إِسْحَاق قَالَ: حدّثنا عُثْمَان قَالَ: حدّثنا هَارُون بن مَعْرُوف قَالَ: حدّثنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: حدّثنا الْعَلَاء بن أبي العبَّاس، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن بكر بن قِرْواش، عَن سعد قَالَ: سَمِعت النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر ذَاك الَّذِي قتل عليٌّ صلوَات الله عَلَيْهِ: ذَا الثُّدَيّة، فَقَالَ شَيْطَان الرَّدْهة، راعِي الْخَيل، يحتدِرُه رجلٌ من بَجِيلة: أَي يُسْقِطه.
دره: قَالَ اللَّيْث: أُمِيت فِعلُه إلاّ قَوْلهم: رجل مِدْرَهُ حَرْب، وَهُوَ مِدْرَهُ الْقَوْم وَهُوَ الدَّافِع عَنْهُم.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: المِدْرَهُ: لِسَان الْقَوْم والمتكلِّم عَنْهُم، وَأنْشد غَيره:
وأنتَ فِي الْقَوْم أخُو عِفّةٍ
ومِدْرَهُ القومِ غداةَ الخِطابْ
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: دَرَه فلانٌ علينا، ودَرَأ: إِذا هَجَم من حَيْثُ لم تَحْتسبْه، وَأنْشد:
عَزِيز عليَّ فَقْدُه ففقَدْتُه
فَبَان وخَلَّى دارهات النَّوائبِ
قَالَ: دارِهاتُها: هاجِمَاتها. وَيُقَال: إنّه لَذُو تُدْرَإ وَذُو تُدْرَأةٍ: إِذا كَانَ هجّاماً على أعدائه من حَيْثُ لَا يحتسبونه.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ: الدَّرَهْرَهَةُ: الْمَرْأَة القاهرةُ لبَعْلها، قَالَ: والسَّمَرْمَرَة: الغول، وَيُقَال لِلكَوكَبَةِ الوَقّادةِ إِذا دَرَأَتْ بنُورِها من الْأُفق: دَرَهْرَهة.
هـ د ل
هدل، دهل، دله، لهد: مستعملة.
هدل: قَالَ اللَّيْث: هَدَلت الحمامةُ تَهدِل هَديلاً، وَيُقَال: هَدِيلُها: فرخها.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ قَالَ: الهَدِيل يكون من شَيْئَيْنِ: هُوَ الذَّكَر من الْحمام، وَهُوَ صوتُ الْحمام أَيْضا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثلَه فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا. .
قَالَ: وسَمِعْتُهما جَمِيعًا من الْعَرَب.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَويّ: يَزعُم الْأَعْرَاب فِي الهَدِيل أنّه فَرْخٌ كَانَ على عَهْد نُوحٍ فَمَاتَ ضَيْعةً وعَطشاً، قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَيْسَ من حَمامةٍ إلاّ وَهِي تَبْكي عَلَيْهِ.

(6/112)


قَالَ الأمَويّ: وأنشدني ابْن أبي وَجْزَة السَّعْدِيّ لِنُصَيْب:
فقلتُ: أتبْكي ذاتُ طوْقٍ تذكَّرَتْ
هَدِيلاً وَقد أَوْدَى وَمَا كَانَ تُبَّعُ
يَقُول: وَلم يكن خُلِق تُبَّع بَعْدُ
قَالَ: وَيَقُولُونَ: صادَ الهَدِيلَ جارِحةٌ من جَوارح الطير، وَأنْشد:
وَمَا مَنْ تَهتفِين بِهِ لنصرٍ
بأقرب جابةً لكِ من هَدِيلِ
فمرّة يجعلونه الطَّائِر نفسَه، ومرّة يجعلونه الصوتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَدَل: استرخاء المِشْفَر الْأَسْفَل، ومِشفرٌ هادِلٌ وأَهدَلُ، وشَفَةٌ هَدْلاء: مُنْقَلَبةٌ على الذَّقَن.
قَالَ: والتهدّل: استرخاء جلْدَة الخُصْية، وَنَحْو ذَلِك، وَأنْشد:
كأنّ خُصْيَيْه من التَّهَدُّلِ
ظَرفُ عجوزٍ فِيهِ ثِنْتَا حَنْظَلِ
والهَدَالُ: ضَربٌ من الشَّجَر، وَيُقَال: كلُّ غُصنٍ يَنبُت فِي أراكةٍ أَو طَلْحَة مُسْتَقِيمًا فَهُوَ هَدَالة كأنّه مُخالِفٌ لسائِرها من الأغصان، وَرُبمَا داوَوْا بِهِ من السِّحْر والجُنون.
الحرّانيّ، عَن ابْن السكّيت: يُقَال: هَدَلَ البعيرُ يَهدِل هَدْلا فَهُوَ أَهْدَل: إِذا طَال مِشْفَرُه، وَهُوَ أَن تأخُذَه القَرْحة فيهدِل مِشْفَرُه، وَقد هَدِل يَهدَل هَدَلاً: إِذا كَانَ طَويلَ المِشْفَر، وَذَلِكَ ممّا يُمدَح بِهِ، وَهُوَ مِشْفَرٌ هَدِل، وَقَالَ الراجز:
بكُلِّ شَعشاعٍ صُهابيَ هَدِلْ
وَقَالَ أَبُو عُبيد: هَدَلْتُ الشيءَ أهْدِلُهُ: أَي أرسلتُه إِلَى أَسْفَل. والسحابُ إِذا تَدَلَّى هَيْدَبُه فَهُوَ أهدَل. وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِتَهْتَانِ دِيمَتِه الأهْدَلِ
وَيُقَال: تهدَّلتِ الثمارُ: إِذا تدلّت، فَهِيَ متهَدِّلة.
دهل: قَالَ اللَّيْث: لاَ دَهْل بالنَّبطِيّة؛ لَا تَخَفْ وَأنْشد لبشّار:
فقلتُ لَهُ: لَا دَهْلَ من قَمْل بعد مَا
مَلاَ نَيفَقَ التُّبّان مِنْهُ بِعاذِرِ
قلتُ: وَلَيْسَ لَا دَهْل وَلَا قَمل من كَلَام الْعَرَب، إِنَّمَا هما من كَلَام النَّبَط، يَقُولُونَ للجَمَل قَمل وَإِنَّمَا تهكم بالطّرمّاح وَجعله نبطيَّ النَّسَب، ونفاه عَن طَيء. وَقَالَ اللِّحياني: مضى دَهْلٌ من اللَّيْل: أَي سَاعَة.
وَقَالَ أَبُو عمْرو: الدَّهْل: الشَّيْء الْيَسِير.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدَّاهِل المتحيِّر.
قلت: وَأَصله الدالِه فقلبه.
دله: قَالَ اللَّيْث: الدَّلَه: ذهَاب الْفُؤَاد من همَ كَمَا يُدَلَّه عقل الْإِنْسَان من عِشق أَو غَيره، وَقد دُلِّه عقلُه تَدْلِيهاً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: رجل مُدَلَّه: إِذا كَانَ ساهِيَ القَلْب، ذَاهِب الْعقل.
وَقَالَ غيرُه: رجلٌ مُدَلَّهٌ ومُتَلَّهٌ بِمَعْنى وَاحِد، ورجلٌ دالِهٌ ودالهةٌ: ضَعِيف النَّفس.
لهد: قَالَ اللَّيْث: اللَّهْدُ: الصَّدْمة الشَّدِيدَة فِي الصَّدْر. وَالْبَعِير اللَّهِيد: الَّذِي أصَاب جَنْبَه

(6/113)


ضَغْطَهٌ من حِمْلٍ ثقيل فأوْرثَه دَاء أفسدَ عَلَيْهِ رِئَتَه، فَهُوَ ملهود.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ من الكُو
م وَلم نَدْعُ مَنْ يُشِيطُ الجَزُورا
قلتُ: اللَّهيدُ من الْإِبِل: الَّذِي حُمِل عَلَيْهِ حِمْلٌ ثقيل فلَهَد ظَهْرَه أَو جَنْبَه: أَي ضغطه، أَو شدخه فوَرَّمَه ثمَّ لم يُوَقّ موضعُ اللَّهْدِ من الرحْل أَو القتَب حَتَّى دَبِرَ. وَإِذا أَصَابَته لَهْدَةٌ من الحِمْل أُخْلِي ذَلِك الموَضعُ من بَدادِي القَتَب كَيْلا يضغطه الْحِمل فيزدادَ فَسَادًا، وَإِذا لم يُخْلَ عَنهُ تقَيَّحت اللَّهْدَةُ فَصَارَت دَبَرَة. وَيُقَال لَهَدْتُ الرجلَ أَلْهَدُه لَهْداً: أَي دَفَعتُه فَهُوَ ملهود، وَرجل مُلهَّد: إِذا استُذِلَّ فدُفِّع تدفيعاً، ونُحِّيَ عَن مجَالِس ذَوِي الْفضل، وَمِنْه قَول طرَفة:
ذَليل بأَجماعِ الرِّجال مُلَهَّدِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: ألْهَدْتُ بالرجُل إلهاداً، وأَحضنتُ بِهِ إحْضاناً إِذا ازدريت بِهِ، وأنشدنا:
تعلْم هداكَ اللهأنَّ ابنَ نَوْفَلٍ
بِنَا مُلْهِدٌ لَو يَملكِ الضَّلْعَ ضالعُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: اللهيدة: من أطعِمة الْأَعْرَاب، وَهِي الَّتِي تُجاوِز حدَّ الحرِيقة والسخِينَة، وتقصُر عَن العصيدة، والسخينةُ: الَّتِي ارتفعتْ عَن الحساء، وثَقُلَتْ أنْ تُحْسَى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَلْهَدْتُ بِالرجلِ إلهاداً، إِذا أمسكْتَ إحدَى رِجلَيه، وخلَّيت عَلَيْهِ رجلا آخَر يُقاتله، وَكَذَلِكَ إِن فطَّنتَ رجلا لمخاصمة صَاحبه ولَحَنْتَ لَهُ ولقَّنتَه حُجَّتَه فقد ألهدْتَ بِهِ.
قَالَ: واللَّهْد: داءٌ يأخُذ الْإِبِل فِي صُدورِها، وَأنْشد:
تَظلَعُ مِنْ لَهْدٍ بهَا وَلَهْدِ
شمر عَن الهوَازِنيّ: رَجلٌ مُلَهدٌ: أَي مستَضْعَفٌ ذَليل.
هـ د ن
هدن، هِنْد، دهن، نهد، نده: مستعملة.
هدن: شمِرٌ عَن الهوازنيّ قَالَ: الهُدْنة: انْتِقَاض عَزم الرجلُ لخبرٍ يَأْتِيهِ، فيَهْدِنُه عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَيُقَال: انْهَدَنَ فلَان عَن ذَاك، وهَدَنَه خبرٌ أَتَاهُ هَدْناً شَدِيدا.
وَقَالَ اللَّيْث: المهدَنَة من الهُدْنة، وَهُوَ السّكُون، يُقَال مِنْهُ: هَدَنْتُ أَهْدِنُ هُدُوناً: إِذا سكنْتَ فَلم تتحرَّك.
ورجلٌ مَهدون، وَهُوَ البليد الَّذِي يُرضيه الْكَلَام، يُقَال: قد هَدَنوه بالقَوْل دون الْفِعْل، وَأنْشد:
وَلم يُعَوَّدْ نَوْمةَ المهدونِ
وَيُقَال: هُدِنَ عَنْك فلَان: أَي أرضاه الشَّيْء الْيَسِير.
ورُوِي عَن سَلمان أَنه قَالَ: مَلْغاةٌ أولِ اللَّيْل مَهدنةٌ لآخره، مَعْنَاهُ أَنه إِذا سَهر فِي أول ليلِه فَلَغَا فِي الأباطل لم يَسْتَيْقِظ فِي آخِره للتهجّد وَالصَّلَاة.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو قَالَ: الهدُون: السّكُون، والهِدان: الرجل الأحمقُ الجافي.

(6/114)


قَالَ رؤبة:
قد يَجمعُ المالَ الهِدانُ الجافي
من غير مَا عَقْلِ وَلَا اصطِرافِ
أَبُو عبيد فِي كتاب (النَّوَادِر) قَالَ: الهَيْدانُ والهِدانُ وَاحِد.
قَالَ: وَالْأَصْل الهدَان، فزادوا الْيَاء.
قلت: وَهُوَ فَيْعال، مِثَاله عَيْدان النّخل، النونُ أَصْلِيَّة، وَالْيَاء زَائِدَة.
وَقَالَ الشَّاعِر فِي المهدُون:
إنَّ العَواوِيرَ مأكولٌ حُظوظتُها
وَذُو الكهامَة بالأقوال مَهدُون
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكَر الفِتَن فَقَالَ: (يكون بعدَها هُدنةٌ على دَخَن، وجماعةٌ على أَقْذاء) ، وَتَفْسِيره فِي الحَدِيث: لَا ترجعُ قلوبُ قومٍ على مَا كَانَت عَلَيْهِ. وأصل الهدْنة السّكُون بعد الهَيْج، وَيُقَال للصُّلح بعد الْقِتَال: هُدْنة، وَرُبمَا جُعِلَت الهدْنة مُدّةً مَعْلُومَة، فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة عاوَدُوا الْقِتَال. وَتَفْسِير الدَّخَن فِي كتاب الْخَاء.
وَيُقَال: هدَّنَت المرأةُ صَبِيَّها: إِذا أَهدَأَتْه ليَنَام، فَهُوَ مُهدَّن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَدَّن عدوَّه: إِذا كافّه، وهَدَن: إِذا حَمُق.
وَقَالَ اللَّيْث: الهوْدَناتُ: النُّوق.
وَقَالَ شمِرٌ: هدَنْتُ الرجلَ إِذا سَكّنْته وخَدَعْته كَمَا يُهْدَن الصَّبِي.
وَقَالَ رؤبة:
ثُقِّفْتَ تَثقِيفَ امرىءٍ لم يُهْدَنِ
أَي لم يُخدَعْ وَلم يُسَكَّن فيُطْمَعَ فِيهِ.
هِنْد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: هُنَيْدةُ: مائَة من الإبلَ معرِفةٌ لَا تنصَرِف؛ وَلَا يَدْخُلها الْألف وَاللَّام، وَلَا تُجمع، وَلَا وَاحِد لَهَا من جِنْسِها.
وَقَالَ أَبُو وَجزة:
فيهم جِيادٌ وأخطارٌ مُؤبَّلَةٌ
من هِنْدِ هِنْدَ وأرْباءٌ على الهِنَد
وَيُقَال: هنَّدَتْ فلانةُ فُلاناً: إِذا أورثَتْه عِشقاً بالمُغازلة والملاطفة؛ وَأنْشد:
يَعِدْنَ مَنْ هنَّدْنَ والمُتَيَّمَا
وَقَالَ الراجز:
غَرَّكَ مِنْ هنَّادَةَ التَّهنِيدُ
موْعُودُها والباطلُ المَوْعودُ
والتهنِيدُ: شَحْذُ السَّيْف. وَقَالَ:
كلُّ حُسامٍ مُحْكَمِ التَّهنِيد
وأصل التهنِيد فِي السَّيْف أَن يُطبَعَ بِبِلَاد الْهِنْد ويُحكم عملُ شَحْذِه حَتَّى لَا ينبُو عَن الضَّرِيبة يُقَال: سيفٌ مُهنَّد وهِنْديٌّ وهُنْدُوانيّ إِذا سوي وطُبِع بالهنْد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هَنَّدَ: إِذا قَصَّرَ وهَنَد وهَنَّد: إِذا صَاح صياح البُومة.
ابْن المستنير: هَنَّدَتْ فلانةُ بقَلْبه: أَي ذهبت بِهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: هَنّد الرجل إِذا شَتم إنْسَانا شَتْماً قبيحاً؛ وهُنِّد إِذا شُتم فاحتمله.
وهنْدٌ من أَسمَاء الرِّجَال وَالنِّسَاء. وَأما هَنَّادٌ ومُهَنَّد وهِنْديٌّ فَمن أَسمَاء الرِّجَال خَاصَّة.
وَقَالَ ابْن دُريد: هَنَّدتُ الرجلَ تهْنيداً: إِذا لايَنْتَه ولاطَفْته، وَأنْشد:

(6/115)


راقك من هَنَّادَةَ التهنيدُ
دهن: قَالَ اللَّيْث: الدُّهْن الاسمُ. والدَّهْنُ: الفِعْل المجاوز، والادِّهانُ الفِعْل اللَّازِم.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ وَأبي زيد: الدَّهِين الناقةُ البَكِيئة القليلة اللَّبن.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد دَهِنَتْ تَدْهَنُ دَهَانَةً.
ابْن السّكيت: نَاقَة دَهِينٌ: قَليلَة اللّبَن، والجميع دُهُن. قَالَ المثقّب:
تَسُدُّ بمَضْرَ حيِّ اللّوْنِ جَثْلٍ
خَوَايَةَ فَرْج مِقْلاتٍ دَهِينِ
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الَّتِي يُمْرَى ضَرْعُها فَلَا يدُرُّ قَطْرَة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّهِين من الْجمال: الَّذِي لَا يكَاد يُلقِحُ والملِيحُ: الَّذِي لَا يُلقح أصلا، وَإِذا ألقَح فِي أوَّل قَرْعة فَهُوَ قَبِيسٌ.
قَالَ: ودَهّن الرَّجُلُ الرَّجُلَ: إِذا نافَقَ، ودَهَّنَ غلامَه، إِذا ضرَبه.
أَبُو عبيد، عَن الفرَّاء: دَهَنَه بالعصا يَدْهَنُه: إِذا ضَرَبه، وَهَذَا كَمَا يُقَال: مَسَحَه بالعصا، وبالسَّيْف، إِذا ضَرَبه بِرِفْق
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ} (القَلَم: 9) يُقَال: وَدُّوا لَو تَلين فِي دِينك فيلينُون.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الإدهان: المُقَاربة فِي الْكَلَام والتَّليِين فِي القَوْل، من ذَلِك قَوْله: {الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ} (القَلَم: 9) ، مَعْنَاهُ ودوا لَو تكفرون فيكفرون، وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {الْعَالَمِينَ أَفَبِهَاذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ} (الواقِعَة: 81) قَالَ: مكذِّبون، وَيُقَال: كافرون، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِي قَوْله: {الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ} (القَلَم: 9) : يُقَال: ودُّوا لَو تَلينُ فِي دينك فَيَلِينُون.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الإدهان: المقاربة فِي الْكَلَام، والتَّليين فِي القَوْل من ذَلِك قَوْله: {الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ} (القَلَم: 9) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج: المُدْهِنُ والمُداهِنُ: الكذّاب المنافِق. وَقَالَ فِي قَوْله: {الْمُكَذِّبِينَ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ} (القَلَم: 9) أَي ودُّوا لَو تُصانعهم فِي الدِّين فيُصانعُونك.
وَقَالَ اللَّيْث: الإدهان: اللِّينُ، والمُداهِن: المُصانِع المُوارِبِ، قَالَ زُهَيْر:
وَفِي الحِلْمِ إِدْهانٌ وَفِي العَفْوِ دُرْبةٌ
وَفِي الصِّدْق مَنْجَاةٌ من الشَّرِّ فاصدُقِ
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أصل الإدهان الْإِبْقَاء، يُقَال: لَا تُدْهِنُ عَلَيْهِ: أَي لَا تُبق عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: مَا أدهنْتَ إِلَّا على نَفسك: أَي مَا أبقيت بِالدَّال وَيُقَال: مَا أرهيْتَ ذَاك: أَي مَا تركتَه سَاكِنا. والإرهاء: الإسكان.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: قَالَ بعض أهل اللّغة: معنى داهَنَ وأَدْهَنَ: أَي أظْهَر خلافَ مَا أَضْمَر فكأنّه بَيَّن الكذبَ على نَفسه.
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْعَالَمِينَ أَفَبِهَاذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ} (الواقِعَة: 81) : أَي مكذِّبون.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّهْنُ من الْمَطَر: قدرُ مَا يَبلُّ وجهَ الأَرْض. وَرجل دَهِينٌ: ضَعِيف.
وَيُقَال: أتيت بأمرٍ دَهِين. وَقَالَ ابْن عَرادةَ:

(6/116)


لِتَنْتَزِعُوا تُراثَ بني تميمٍ
لقد ظَنُّوا بِنَا ظَنّاً دَهِينَا
وَقَالَ غَيره: الدِّهان: الأمطار اللَّيِّنة، وَاحِدهَا دُهن.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} (الرَّحمان: 37) . قَالَ: شَبَّهها فِي اخْتِلَاف ألوانها بالدُّهن واختِلاف ألوانِه. قَالَ: وَيُقَال: الدِّهان: الأدِيم الْأَحْمَر وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
ومُخاصِمٍ قاومْتُ فِي كَبَدٍ
مثل الدِّهانِ فَكَانَ لي العُذْرُ
قَالَ: الدِّهان: الطَّرِيقُ الأمْلَس هَاهُنَا: أَي قاومْتُه فِي مَزِلَ فَثَبَتَ قَدَمي وَلم تثبُتْ قدمُه. والعُذْرُ: النُّجْح.
قَالَ: والدِّهان فِي الْقُرْآن: الأدِيمُ الأحْمَر الصِّرْف.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} (الرَّحمان: 37) : تتَلوَّنُ من الفَزَعِ الأكْبَر كَمَا تَتَلوَّن الدِّهانُ المُختلفة، وَدَلِيل ذَلِك قَوْله جلّ وعزّ: {قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ} (المعارج: 8) : أَي كالزَّيت الَّذِي قد أُغْلِي.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: المَداهِنُ: نُقَرٌ فِي رُؤُوس الْجبَال يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءِ، وَاحِدهَا مُدْهُن.
وَقَالَ اللَّيْث: المُدْهُن كَانَ فِي الأَصْل مِدْهناً، فلمَّا كَثُر فِي الْكَلَام ضَمُّوه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الفرّاء: مَا كَانَ على مِفْعل ومِفْعلة ممّا يُعْتَملُ بِهِ، فَهُوَ مكسورُ الْمِيم، نَحْو مِخْرَز ومِقْطَع ومِسَلّ ومِخَدَّة إلاّ أحرفاً جَاءَت نوادرَ بضمّ الْمِيم وَالْعين، وَهِي: مُدْهُنٌ ومُسعُطٌ ومُنْخُلٌ ومُكْحُلٌ ومُنْصُلٌ، والقياسُ مِدْهَن ومِنْخَل ومِسْعَط ومِكْحَلة.
والدَّهناء من ديارِ بني تَميم، مَعْرُوفَة، تُقْصرُ وتُمَدّ. والنِّسبة إِلَيْهَا دَهْناويّ، وَهِي سَبْعَة أجْبُل فِي عُرْضها بَين كلِّ جَبَلَيْن شَقِيقَةٌ، وطولُها من حَزْن يَنْسوعَةَ إِلَى رَمْل يَبْرِينَ، وَهِي من أَكثر بِلَاد الله كلأً مَعَ قلّة أَعْدادِ الْمِيَاه، وَإِذا أخْصَبت الدَّهْناء رَبَّعَت العَرب جَمْعاء لِسَعيها وَكَثْرَة شَجَرها، وَهِي غَداةٌ مكرُمَة نَزِهَةٌ، مَنْ سَكنها لم يَعرِف الحُمَّى لِطيب تُرْبَتها وهوائِها. وَقَالَ أَبُو زيد: الدِّهان: الأمطار الضّعيفة، وَاحِدهَا دُهْن، يُقَال: دَهَنها وَليُّ، فَهِيَ مَدْهُونة.
والدَّهَّان: الَّذِي يَبِيع الدُّهْن.
نهد: قَالَ اللَّيْث: النَّهْد فِي نَعْت الْخَيل: الجسيمُ المُشْرف.
يُقَال: فَرَسٌ نَهْدُ القَذال، نَهْدُ القُصَيْرَى.
والنَّهْد: إِخْرَاج القَوم نَفقاتهم على قَدْرِ عَدَدِ الرُّفْقة: يُقَال: تناهدوا وناهَدُوا، ونَاهَدَ بَعضهم بَعْضًا. والمُخْرَجُ يُقَال لَهُ: النِّهْد: يُقَال: هاتِ نِهْدَك.
قَالَ: والمُناهَدة فِي الْحَرْب أَن ينْهدَ بَعضهم إِلَى بعض، وَهِي فِي معنى نهضُوا، إلاّ أنّ النهوض قيامٌ على قُعود، ومُضِيّ؛ والنُّهُود: مُضيٌّ على كلِّ حَال.
قَالَ والنهيدة: الزُّبدَة الضَّخْمة، وَبَعْضهمْ يُسمِّيها إِذا كَانَت ضخْمةً نهْدَةً، وَإِذا كَانَت صَغِيرَة فَهْدةً.

(6/117)


قَالَ أَبُو حَاتِم: النهِيدَة من الزُّبْد: زُبْدُ اللّبن الَّذِي لم يَرُبْ وَلم يُدْرِك فَيُمخَضُ اللّبن فَتكون زُبْدَتُه قَليلَة حلوةً.
والنَّهْداء من الرِّمال كالرَّابية المتلبِّدة: مكرُمَة تُنْبِتُ الشَّجَر، وَلَا يُنْعَتُ الذَّكَرُ على أَنْهَد. وَتقول: نَهَدَ الشَّدْيُ نُهُوداً: إِذا انتَبَرَ وكَعَّب، فَهُوَ ناهِد.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِذا نَهَدَ ثَدْيُ الْجَارِيَة قيل: هِيَ ناهِد. والثُّدِيُّ الفَوالكُ دون النَّواهد.
وَنَهَدَ القومُ لِعَدُوّهم: إِذا صَمَدُوا لَهُ وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه دخل المسجدَ الحرامَ فنهَدَ لَهُ الناسُ يسألونه: أَي نَهَضوا، وأنْهَدْتُ الحَوْضَ إنهاداً: إِذا مَلأتَه حتّى يَفيضَ.
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: إناءٌ نَهْدانُ: الَّذِي قد علا وأشرف، وحَفّانُ: قد بَلَغ الماءُ حَفَافَيْه، وكَعْثَبٌ نَهْدٌ: إِذا نَتَأَ وارتفَع، وَإِذا كَانَ مُسْتَرخِياً فَهُوَ هَيْدَبٌ، وأَنشد الْفراء:
أريتَ إنْ أُعطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا
أذاكَ أمْ نُعطِيك هَيْداً هَيْدَبَا
ابْن السّكيت: النَّهيدةُ أَن يُغْلَى لُبابُ الهبِيد، وَهُوَ حبُّ الحَنظَل، فَإِذا بلغ إنَاه من النُّضْج والكَثَافة ذُرَّتْ عَلَيْهِ قُمَيْحة من دَقيق، ثمَّ أُكِل.
روى ابْن السّكيت لأبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: إِذا قاربت الدلوُ الملْءَ فَهُوَ نَهْدُها: يُقَال: نهَدتِ المَلْءَ، قَالَ: فَإِذا كَانَت دون مَلْئِها قيل: غرَّضْتُ فِي الدَّلْو، وَأنْشد:
لَا تملأ الدَّلْوَ وغَرِّضْ فِيهَا
فإِنّ دُونَ مَلْئِها يَكفيها
وَكَذَلِكَ عَرَّقْتُ.
وَقَالَ: وضَخْتُ وأَوضَخْتُ: إِذا جعلتَ فِي أَسْفَلها مُوَيهةً.
نده: الأصمعيّ: النَّدْهُ: الزَّجْر، قَالَ: وَكَانَ يُقَال للْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا طُلِّقَت: اذهَبِي فَلَا أَندَهُ سَرْبَكِ، فكانَتْ تَطلُق، الأَصْل فِيهِ أَنه يَقُول لَهَا: اذهبِي إِلَى أهلك فَإِنِّي لَا أَحفَظ عليكِ مالكِ وَلَا أرُدُّ إبِلك عَن مَذْهَبها، وَقد أَهْمَلْتُها لِتَذْهَب حَيْثُ شَاءَت.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْه: الزّجْر عَن الْحَوْض وَعَن كلّ شَيْء إِذا طُرِدَتِ الإبلُ عَنهُ بالصِّياح.
وَقَالَ أَبُو مَالك: نَدَه الرّجلُ يَنْدَه نَدْهاً: إِذا صَوَّت.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا رأَوه جَرِيئاً على مَا أَتَى أَو المرأةِ: إحْدَى نَوَادِهِ البَكْر.
أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: النَّدهة: الكثْرة من المَال، وَأنْشد قَول جميل:
وَلَا مَالُهم ذُو نَدْهَةٍ فَيدُوني
وَقَالَ ابْن السّكيت: النَّدهة والنُّدهة بِفَتْح النّون وضمِّها: كَثْرَة المَال.
هـ د ف
هدف، فَهد، دهف، دفه: مستعملة.
هدف: روى شمر بِإِسْنَاد لَهُ أنَّ الزُّبير وَعَمْرو بن الْعَاصِ اجْتمعَا فِي الحِجر، فَقَالَ الزُّبير: أما وَالله لقد كنت أهدَفْتَ لي

(6/118)


يَوْم بَدْر، وَلَكِنِّي اسْتَبْقَيتُك لمثل هَذَا الْيَوْم.
فَقَالَ عَمْرو: وَأَنت وَالله لقد كنت أَهدفْتَ لي، وَمَا يَسُرُّني أنَّ لي مثل ذَلِك بِفَرَّتي مِنْك.
قَالَ شمر: قَوْله: أهدفت لي، الإهدافُ: الدُّنُّو مِنْك والاستقبالُ لَك والانتصاب. يُقَال: أهدَف لي الشيءُ فَهُوَ مُهدِف، وَأنْشد:
ومِن بني ضَبَّة كَهْفٌ مِكْهَفُ
إنْ سالَ يَوْمًا جَمْعُهمْ وأَهدَفُوا
وَقَالَ: الإهدافُ: الدُّنُوُّ: أَهدَفَ القومُ: إِذا قَرُبوا.
وَقَالَ ابْن شُميل، أَو قَالَه الفرَّاء: يُقَال لمّا أَهدَفَتْ لي الكوفةُ نَزَلْتُ، ولمّا أهدَفَتْ لَهُم تفرَّقوا، وكلُّ شَيْء رَأَيْته قد استقبَلك اسْتِقْبَالًا فَهُوَ مُهْدِف ومُسْتَهدِف.
قَالَ النَّابِغَة:
وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ فِي مُسْتَهدِفٍ
رابِي المَجَسَّة بالعَبِير مُقَرْمَدِ
أَي مُرتفع منتصب، وَقد اسْتهدَف: أَي انتَصَب، وَمن ذَلِك أُخذ الهدَف لانتصابه لِمَنْ يَرمِيه.
وَقَالَ الزَّفَيان السَّعْديّ يذكر نَاقَته:
ترجوا اجتبارَ عظْمها إذْ أَزْحَفَتْ
فأَمْرَعَتْ لما إليكَ أَهدَفَتْ
أيْ قدْ قَرُبتْ وَدَنَتْ.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: جَاءَت هادِفَةٌ من نَاس، ودَاهفَةٌ وجاهشَةٌ.
وهاجِشَةٌ وهابِشَةٌ وهائِشةٌ وَيُقَال: هَل هَدَف إِلَيْكُم هادِفٌ، أَو هَبَشَ هابِشٌ: يستخبره هَل حَدَثَ ببَلده أحدٌ سِوى مَن كَانَ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الهدَف: الغرَض. والهَدَفُ من الرّجال: الجسيم الطَّويلُ العُنُق العريضُ الألوَاح.
وَيُقَال: أَهْدَفَ لَك السحابُ أَو الشَّيْء: إِذا انتَصَب، والهَدفُ: كلُّ شيءٍ عريض مرتفِع.
وَفِي الحَدِيث أَنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا مرَّ بهدفٍ مائلٍ أَو صَدفٍ مائلٍ أسرَعَ المشيَ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: الهدَف: كل شَيْء عَظِيم مُرْتَفع.
وَقَالَ غَيره: وَبِه شُبِّه الرَّجل الْعَظِيم، فَقيل لَهُ: هَدَف، وَأنْشد:
إِذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأْسَه
وأَعجبه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ
قَالَ: والصَّدَف نحوٌ من الهَدف.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: إِذا الهدف المِعْزال: هَذَا راعِي ضَأْن فَهُوَ لضَأْنه هَدف تأوِي إِلَيْهِ، وَهَذَا ذمٌّ للرجُل إِذا كَانَ راعِيَ الضَّأْن، وَيُقَال: أحمقُ من راعي الضَّأْن. قَالَ: وَلم يُرِدْ بالخُطْل اسْترخاء آذانها، أَرَادَ بالخُطْل: الكثيرةَ تخْطِل عَلَيْهِ وتَتْبَعُه.
قَالَ: وَقَوله: الهَدَف: الرجلُ الْعَظِيم خطأ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر: قَالَ لَهُ ابْنه عبد الرحمان: لقد أَهْدَفْتَ لي يومَ بدر، فَصِفْتُ عَنْك، فَقَالَ أَبُو بكر: لكنَّك لَو أَهدفْتَ لي لم أَصِفْ عَنْك: يُقَال لكل

(6/119)


شَيْء دنا مِنْك وانتصب لَك واستَقْبَلك: قد أهدف لي الشيءُ، واستَهْدَف، وَمِنْه أُخِذ الهَدف لانتصابه.
وَقَالَ ابنُ شُميل: الهَدف: مَا رُفِع وثُنِيَ من الأَرْض للنِّضال. والقرْطاس: مَا وُضِع فِي الهدف ليُرْمى. وَالْغَرَض: مَا يُنْصَب شِبْه غِرْبال أَو حلْقة.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: الْغَرَض: الهدَف، ويُسَمَّى القِرطاسُ هَدَفاً أَو غَرَضاً على الِاسْتِعَارَة. وَيُقَال: أهدفَ لكَ الصَّيدُ فارْمِه، وأَكْثبَ وأعرَضَ مثلُه.
وَقَالَ عبد الرحمان بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا لِأَبِيهِ: لقد أهْدَفْتَ لي يَوْم بدر فصدفت عَنْك، فَقَالَ أَبُو بكر: لكنك لَو أهدفتَ لي لم أصْدِف عَنْك.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الفَرَج: قَالَ الأصمعيّ: عِدْفةٌ وعِدَف، وهِدْفةٌ وهِدَفٌ بِمَعْنى قِطْعَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ عُقْبَة: رأيتُ هِدْفةً من النَّاس: أَي فِرْقة.
دهف: فِي (النوادِر) : جَاءَت هادفةٌ من النَّاس وداهفةٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَيُقَال: إبلٌ داهفةٌ، أَي مُعْيِيَةٌ من طُولِ السّيْر. وَقَالَ أَبُو صَخر الهَذَلِيّ:
فَمَا قَدِمَتْ حَتَّى تَوَاتَرَ سيرُها
وَحَتَّى أُنِيخَتْ وَهِي داهِفةٌ دبْرُ
دفه: أهمله اللَّيْث ورَوى ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدّافِه: الْغَرِيب. قلت: كَأَنَّهُ قُلِبَ عَن الداهِف أَو الهادِف.
فَهد: قَالَ اللَّيْث: الفَهْد مَعْرُوف، وجمعُه فُهود، وثلاثةُ أفْهُد.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَهْدَتا صَدْرِ الفَرَسِ: لحمتان تكتنفانه.
وَقَالَ غَيره: فَهْدَتَا الْبَعِير: عَظْمانِ ناتِئَانِ خَلْفَ الأُذُنين، وهما الخُشَشَاوَان. والفَهْد: مِسْمَارٌ يُسَمَّر بِهِ وَاسِطُ الرَّحْل، وَأنْشد:
مُضَبَّرٌ كَأَنَّمَا زَئيرُه
صَرِيرُ فَهْدٍ واسطٍ صرِيرُه
شبَّه صَرِيفَ نابِ الفحْل بصَرِيرِ هَذَا المِسمار.
قَالَ خَالِد: واسطُ الفَهد: مِسمارٌ يُجعل فِي واسطِ الرَّحْل.
اللِّحيانيّ: غلامٌ فَوْهَد وثَوْهَد: إِذا كَانَ نَاعِمًا ممتلِئاً.
ووَصَفَت امرأةٌ زوجَها فَقَالَت: (زَوجي إِن دَخَل فهدَ، وَإِن خرَج أَسِدَ) ، فوصفَت زَوجهَا باللِّين والسكون إِذا كَانَ مَعهَا فِي الْبَيْت. ويُوصَف الفَهْد بِكَثْرَة النَّوم، فَيُقَال: أنْوَمُ مِن فهدٍ، فشبَّهتْهُ بِهِ إِذا خَلا بهَا، وبالأسد إِذا رأى عدُوَّه. وَيُقَال للَّذي يُعلِّمُ الفَهدَ الصَّيْد: فَهَّاد.
وَقَالَ أَبو عَمرو: غُلَام فَلْهَد وفَوْهَد، وَهُوَ الْغُلَام السَّمين الَّذِي قد راهَقَ الحُلُم.
وَفِي (النَّوادِر) : يُقَال: فَهَد فلانٌ لفلانٍ، وفَأَدَ، ومَهَد: إِذا عَمِل فِي أَمْرِه بالغَيْبِ جَميلاً.
هـ د ب
هدب، هبد، بده، دبه: مستعملة.

(6/120)


هدب: قَالَ اللَّيْث: الهَدَب: أَغْصانُ الأرْطَى ونحوِها ممَّا لَا وَرَقَ لَهُ، وجمعُه أَهداب، والواحدة هَدَبة.
والهَدَب: مَصدر الأهدب والهَدْباءِ يُقَال: شكرةٌ هَدْباءُ، وَقد هَدِبَتْ هَدَباً: إِذا تَدَلّى أغصانُها من حَواليْها.
ورجلٌ أهدَبُ: طَوِيل أشفار الْعين، النّابِت كثيرُها. قلت: كأنّه أَرَادَ بأَشفار الْعين مَا نَبت على حُرُوف الأجفان من الشَّعَر، وَهُوَ غَلَط، إِنَّمَا شُفْرُ العيْن مَنْبِت الهَدَب من حُرُوف أجفان الْعين، وَجمعه أشفار.
وَفِي الحَدِيث: (مَا من مُؤْمِنٍ يمرَض إلاّ حَطَّ الله هُدْبَةً من خطاياه) ، أَي قِطْعَة وَطَائِفَة؛ وَمِنْه هُدْبَةُ الثوْب.
وَقَالَ اللَّيْث: الهُدَّاب: اسْم يَجمعُ هُدْبَ الثَّوْب وهُدْبَ الأرْطَى، وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشِياً:
وشجرَ الهُدَّابِ عَنهُ فجفَا
بِسَلْهَبَينِ فوقَ أَنْفٍ أَذْلَفَا
والواحدة هُدَّابة وهُدْبَة. وَقَالَ الشَّاعِر:
مناكبُه أَمْثالُ هُدْبِ الدَّرَانِكِ
والهَدْب بِسُكُون الدَّال: ضَرْبٌ من الحَلَب: تَقول: هَدَبَ الحالبُ النَّاقة يَهْدِبُها هدْباً إِذا حَلَبَها. قَالَ ذَلِك ابْن السّكيت، وَقد هَدَبَ الثَّمَرَة يَهْدِبُها إِذا اجتنَاها قَالَ: والهدَبُ من وَرَق الشَّجر: مَا لَا عَيْرَ لَهُ نَحو الأثْل والطَّرْفاء والسَّرْو. قلتُ: يُقَال: هُدْبٌ وهَدَبٌ لورَق الشّجر من السَّرْوِ والأرْطَى وَمَا لَا عَيْرَ لَهُ فِي وسَطه وَيُقَال: هُدْبة الثوبِ والأرْطَى وهُدَبُهُ. قَالَ ذُو الرُّمة:
أَعْلَى ثوبِهِ هُدَبُ
وأهْدَبَ الشجَرُ: إِذا خرج هُدْبُه وَقد هَدَبَ الهدَبَ يهدِبُه: إِذا أَخذه من شَجَره. وَقَالَ ذُو الرمة:
على جوانِبِه الأسْباطُ والهدَبُ
وَفِي الحَدِيث: (ومِنَّا من أيْنَعَتْ لَهُ ثمرتُه فَهُوَ يَهدِبُها) ، أَي يجنيها ويقْطِفُها، كَمَا يَهدِبُ الرّجُل هَدَب الغَضَا والأرْطَى.
قلت: والقَبَل مثل الهدَبُ سواءٌ. أَبُو عُبَيْدَة عَن الْأَصْمَعِي: الهيْدَب: السّحاب الَّذِي يتدلَّى وَيَدْنُو مثل هُدْب القطيفة.
وَقَالَ اللَّيْث: هَيْدَبُ السَّحَاب: إِذا رأيتَ السَّحابة تَسلْسَلُ فِي وَجههَا للوَدْق فانصَبَّ كَأَنَّهُ خُيوطٌ متّصلة، وَكَذَلِكَ هَيْدَبُ الدَّمْع، وَأنْشد:
بدَمْع ذِي حَزَازاتٍ
على الخَدَّيْن ذِي هَيْدَبْ
أَبُو عبيد: الهيْدَبُ: العَبَامُ من الأقوام الفَدْمُ الثقيل.
وَقَالَ أَوْسُ بن حَجَر:
وشُبِّه الهيْدَبُ العَبامُ مِنَ ال
أَقْوام سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعَا
وَقَالَ غَيره: الهَيْدَب ثدي الْمَرْأَة ورَكَبُها إِذا استرخَى وذهبَ اكتِنازُه وانتصابه شُبِّه بهيْدَب السَّحَاب، وَهُوَ مَا تَدَلَّى من أسافله إِلَى الأَرْض قلت: وَلم أسمع الهَيْدَب فِي صفةِ الوَدْقِ الْمُتَّصِل، وَلَا فِي نعت الدمع، والبيتُ الَّذِي احتجّ بِهِ اللَّيْث مَصْنُوع لَا حجَّة بِهِ وأمّا بَيت عبيد فَإِنَّهُ يدل على أنّ الهَيْدَب من السَّحاب، وَهُوَ قَوْله:

(6/121)


دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأرْضِ هَيْدَبُهُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لِلِّبْدِ ونحوِه إِذا طَال زِئْبِرُه: أهْدَب، وَأنْشد:
عَن ذِي دَرَانِيكَ ولِبْدٍ أهْدَبا
والهُدْبة: الواحدةُ من هُدْب الثَّوْب، وَبهَا سُمِّي الرجُلُ هُدْبة.
هبد: قَالَ اللَّيْث: الهَبْد: كَسْرُ الهبيد وَهُوَ الحنْظَل، يُقَال مِنْهُ: تَهبَّد الرجلُ والظَّليم: إِذا أخذا الهَبِيدَ من شَجره.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الهَبيدُ: الحَنْظَل، وَيُقَال: حَبُّ الحنْظَل، وَيُقَال للظليم: هُوَ يتهبَّد: إِذا استخرجه ليأكله. قلت: وَيُقَال: اهتَبَدَ الظَّليمُ: إِذا نَقَر الْحَنْظَلَ بِمِنْقارِه فأَكل هَبيدَة، واهتبد الرّجُلُ: إِذا عالج الحَنْظَل، وَقد هَبَدْتُه أَهْبِدُه: إِذا أَطْعمْته الهَبيدَ قلت وهَبيدُ الْحَنْظَل. حَبُّ حَدَجِه إِذا جَفّ يُسْتَخْرَج ويُنقَع ثمَّ يُطْبَخُ ذَلِك الماءُ الَّذِي أُنْقع فِيهِ حَتَّى تذْهب مَرَارَته ثمّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمن ويُذَرّ عَلَيْهِ قُمَيْحةٌ ويُتحسَّى فيتبلَّغُ بِهِ فِي السنين والمجاعات.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهَبيد هُوَ أَن يُنقَع الْحَنْظَل أَيّاماً ثمّ يُغسلَ ويطرَحَ قشْرُه الْأَعْلَى فيطبخ ويُجْعل مِنْهُ دَقيق، وَرُبمَا يَجْعَل مِنْهُ عَصيدةٌ، يُقَال مِنْهُ: رَأَيْت قوما يتهبَّدون، والتّهبُّد: اجتناء الْحَنْظَل ونَقْعُهُ، وَأَخْبرنِي المُنذري عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هَبيدُ الحَنْظل: شَحْمه يسْتَخْرج فَيجْعَل فِي المَاء وَيتْرك فِيهِ أَيَّامًا، ثمّ يضرَب ضَرْباً شَدِيدا ثمَّ يخرَج وَقد ذهبتْ مَرارَتُه، ثمّ يَشرَّرُ فِي الشَّمس، ثمّ يطحن ويُستخرج دُهْنُه فيتعالج بِهِ، وَأنْشد الْبَيْت:
خْذِي حَجَرَيْكِ فادَّقِّي هبيدا
وَقَالَ ابْن السّكيت: الهبيدة: أَن يغلى لُبابُ الهبيد، وَهُوَ حَبُّ الْحَنظل، فَإِذا بلغَ إناه من النُّضج ذُرّتْ عَلَيْهِ قُمَيْحَةٌ من دَقيق ثمَّ أُكل وَقَالَ:
خُذِي حجرَيكِ فادَّقِّي هَبيداً
كلا كلبيْك أعْيا أنْ يصيدا
كَأَن قَائِل هَذَا الشِّعر صَيّادٌ أخفق فَلم يصدْ فَقَالَ لامْرَأَته: عالجِي الهبيد فقد أخفقنا.
أنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
شَرِبنَ بعُكَّاش الهَبَابيدِ شَرْبَةً
وَكَانَ لَهَا الأحْفَى خلِيطاً تُزَايلُهْ
قَالَ: عُكَّاش الهَبابيد: ماءٌ يُقَال لَهُ: هَبُّود وأحْفَى: اسْم مَوضِع.
أَبُو عبيد: الهَبِيدُ: الْحنْظل، وَيُقَال: حبُّ الحنْظَل فجمَعه بِمَا حوله.
وهَبُّود: اسْم فرَس سابقٍ كَانَ لبني قُرَيْع. وَقَالَ:
وفارِسُ هَبُّودٍ أشابَ النَّواصيا
بده: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَدَه الرجُل: إِذا أجَاب جَوَابا سَدِيداً على البَديهة بِلَا تَرْوِيةَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَدْه: أَن تَسْتَقْبِل الْإِنْسَان بأمرٍ مفاجأةً، وَالِاسْم البَدِيهة فِي أول مَا يفاجأ بِهِ. تَقول: بادَهَنِي مُبادَهةً: أَي باغتَني مُباغتَةً.
قَالَ: والبُداهة: البَديهة فِي أول جَرْي الفرَس، تَقول: هُوَ ذُو بَديهةٍ، وَذُو بُداهة.
قلت: بُداهة الفرَس: أوّل جرْيه، وعُلالَتُه: جَرْيٌ بعد جَرْي.

(6/122)


وَقَالَ الْأَعْشَى:
إلاَّ بُداهةَ أَو عُلا
لةَ سابِحٍ نَهْدِ الجُزَارَهْ
دبه: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَبُه الرجُلُ: إِذا وَقع فِي الدَّبَهِ، وَهُوَ الْموضع الكثيرُ الرَّمْل، ودَبَّهَ: إِذا لزِم الدُّبَّهَ، وَهِي طريقةُ الْخَيْر.
قلت: جَعَل ابْن الأعرابيّ دَبَّةَ ثلاثياً صَحِيحا ثمَّ جعله من ثنائيّ المُضاعف، وَلَا أَدْرِي مَا مَذْهبُه فِي ذَلِك.
هـ د م
هدم، همد، دهم، دَمه، مهد، مده: مستعملة.
هدم: قَالَ اللَّيْث: الهَدْم: قَلْع المَدَر، يَعْنِي البُيُوت، وَهُوَ فِعْل مُجاوِز، وَالْفِعْل المطاوِع الانهدام، وَهُوَ لازمٌ، والهِدْم: الخَلَق الْبَالِي. وجمعُه أهدام.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الهِدْم: الشيخُ الَّذِي قد انحطَم مثل الهِمّ.
قَالَ: وسمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول للناقة إِذا اشتدَّت ضَبَعَتُها وَهُوَ شَهْوَتُها للفَحْل: هَدِمَتْ تهْدَمُ هَدَماً فَهِيَ هَدِمة.
وَقَالَ الْفراء: الهَدِمَة: النَّاقة الَّتِي تقع من شدَّة الضَّبَعَة، وَأنْشد:
فِيهَا هَدِيمُ ضَبعٍ هَوَّاسُ
وَقَالَ اللَّيْث: الناب المتهدِّمة، والعجوز المتهدِّمة: الفانية الهَرِمة.
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الهَدَم: مَا تهدَّم من الْبِئْر من نَوَاحِيهَا فِي جَوْفها، وَأنْشد أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ:
تمْضِي إِذا زُجِرَتْ عَن سَوْءةٍ قُدُماً
كَأَنَّهَا هَدَمٌ فِي الجَفْرِ مُنقاضُ
وَفِي الحَدِيث (أَن أَبَا الهَيْثم بن التَّيِّهان قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبَالًا، وَنحن قَاطِعُوهَا فنخشى إنِ الله أعَزّكَ وأَظْهَرَك أَن ترجِع إِلَى قَوْمك. فتبسَّم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: بل بالدَمَ الدَمَ، والهَدْمَ الهَدْم، أَنا مِنْكُم، وَأَنْتُم مني) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَرَب تَقول: دَمِي دَمُك، وهَدمي هَدَمُك، هَكَذَا رَوَاهُ بِفَتْح الدَّال قَالَ: وَهَذَا فِي النُّصْرة والظلْم، تَقول: إِن ظُلمتَ فقد ظُلِمتُ، قَالَ: وأنشدني العُقَيْليّ:
دَمًا طيِّباً با حبّذا أنتَ من دَمِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة قولا ثَالِثا، كَانَ يَقُول: هُوَ الهَدَمُ الهَدَمُ، واللَّدَمُ اللّدَمُ: أَي حُرمَتي مَعَ حُرْمَتِكم، وبيتي مَعَ بَيْتِكم، وَأنْشد:
ثمّ الْحَقِي بهَدَمي ولَدَمي
أَي بأصلي ومَوْضِعي.
قَالَ: وأصل الهَدَم مَا انهَدَم. يُقَال: هدمْتُ الْبناء هَدْماً، والمَهْدُوم هَدَمٌ، وسُمِّيَ منزلُ الرجل هَدَماً لانهدامه.
وَقَالَ غَيره: جَازَ أَن يُقَال لقَبْر الرجل: هَدَمُه لِأَنَّهُ يُحفَر ثمَّ يُرَدّ تُرابُه فِيهِ، فَهُوَ هَدَمُه، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَقبَرِي مَقْبَرُكُم: أَي لَا أَزَال مَعكُمْ حَتَّى أموتَ عنْدكُمْ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الهَيثم أَنه قَالَ: قَوْلهم فِي الْحلف: دَمِي دَمُك: إنْ قتلَني إنسانٌ طلبْتَ بدَمِي كَمَا تطلُبُ بِدَم وليِّك:

(6/123)


أَي ابْن عمِّك وأخيك، وهَدَمي هَدَمُك أَي مَن هَدَم لي عِزّاً وشَرَفاً فقد هَدَمه مِنْك، وكلّ من قتَل لَك وليّاً فَكَأَنَّمَا قتلَ وَلِييِّ، وَمن أَرَادَ هَدْمك فقد قصدني بذلك.
قلت: وَمن رَوَاهُ الدَّمَ الدَّمَ والهَدْمَ الهَدْمَ فَهُوَ على قَول الحليف: تطلُب بِدَمي وَأَنا أطلُب بدَمِك، وَمَا هَدَمْتَ من الدّماء هَدمْتُ: أَي مَا عفوْتَ عَنهُ وأهْدَرْتَه فقد عفوتُ عَنهُ وتركتُه.
وَيُقَال: إِنَّهُم كَانُوا إِذا احْتَلفوا قَالُوا: هَدْمِي هَدْمُك ودَمِي دمُك، وترِثني وأَرِثُك، ثمَّ نسخ الله تَعَالَى بآيَات المواريثِ مَا كَانُوا يشتَرطونه من الْمِيرَاث فِي الحِلْف.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المَهْدومة: الرَّثيئة من اللَّبَن؛ وَرجل هَدِم: أحمَق مُخَنّث، وَأنْشد أَبُو حَاتِم:
شفَيْتُ أَبَا المُخْتارِ من داءِ بَطْنه
بمهْدُومةٍ تُنبِي أُصولَ الشراسِفِ
قَالَ: المهدُومة: هِيَ الرثيئة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ شهَاب: إِذا حُلِب الحليبُ على الحَقِين جَاءَت رثيئةً مذكرةً طيِّبَةً، لَا فَلَقَ، وَلَا مُمْذَقِرَّة، سَمْهَجَة ليِّنَةً.
وَقَالَ أَبُو زيد: الهَدْمة: المطْرة الْخَفِيفَة. وأرضٌ مهدومةٌ: أَي ممطورة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: هَدَم فلانٌ ثوبَه ورَدَّمه: إِذا رَقّعه.
رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
وَقَالَ شمِر: قَالَ أَحْمد بن الحَرِيش: الأهْدَمان: أَن ينهار عليكَ بناءٌ أَو تقع فِي بِئْر أَو أُهْوِيَّة.
وَفِي الحَدِيث: (من هَدَمَ بُنْيان ربِّه فَهُوَ مَلْعُون) : أَي من قتل النّفس المحرَّمة لِأَنَّهَا بُنْيان الله وتركيبُه.
دهم: قَالَ اللَّيْث: الأدْهَم: الْأسود، وَبِه دُهْمة شَدِيدة، وادْهامَّ الزَّرْعُ: إِذا علاهُ السَّوادُ رِيّاً.
وَقَالَ الفرّاء فِيمَا رَوَى عَنهُ سَلَمة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {تُكَذِّبَانِ} (الرَّحمان: 64) : يَقُول: خضراوان إِلَى السَّواد من الرِّيِّ.
وَقَالَ الزَّجّاج: الْمَعْنى أَنَّهُمَا خَضْراوان تَضرِب خُضرَتُهما إِلَى السّواد، وكل نبْت أخضَرَ فتَمامُ خِصْبِه وريِّه أَن يضْرب إِلَى السَّواد.
وَقَالَ اللّيث: الدَّهْمُ: الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة. وَقد دَهَمُونا: أَي جَاءُونَا بمَرَّةٍ جمَاعَة.
ودَهَمَهُم أمْرٌ: إِذا غَشِيَهم فاشياً، وَأنْشد:
جِئْنَا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما
وَقَالَ بَعضهم الدَّهمة عِنْد الْعَرَب: السَّواد، وَإِنَّمَا قيل: للجَنّة: مُدْهامّةٌ: لشدّة خُضرتها. يُقَال: اسودّت الخُضرَة: أَي اشتدّت، وَلما نزل قَوْله جلّ وعزّ: {لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ} (المدَّثِّر: 30) .
قَالَ أَبُو جهل: مَا تَسْتَطِيعُونَ يَا معشر قُرَيْش وَأَنْتُم الدَّهْمُ أَن يغلب كلّ عشرَة مِنْكُم وَاحِدًا؟ أَي وَأَنْتُم الْعدَد الْكثير، وَسبق بعض الْعَرَب إِلَى عَرَفَة، فَقَالَ: اللهمَّ اغْفِر لي قبل أَن يَدْهَمَك النّاس،

(6/124)


وَفِي حَدِيث آخر: من أَرَادَ أهل الْمَدِينَة بدَهمٍ: أَي بغائلة، وَأمر عَظِيم، وجَيْشٌ دَهمٌ: أَي كثير. وأتتكم الدَّهماء، يُقَال: أَرَادَ الدَّهماء: السَّوْدَاء المُظلمة، وَيُقَال: أَرَادَ بذلك الداهية يذهب إِلَى الدُّهيم: اسْم نَاقَة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: دَهِمَهُم الأمرُ يَدْهَمُهُم، ودَهِمتْهم الْخَيل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: ودَهَمَهُم يَدْهَمُهُم لُغَة.
وَقَالَ اللّيث: الدَّهْماء: الجَماعةُ من النَّاس.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: يُقَال: دخَلتُ فِي خَمَرِ النَّاس: أَي فِي جَماعتهم وكَثْرَتِهم، وَفِي دَهْمَاء النَّاس أَيْضا مثُلُه وأنشَد غيرُه:
فقَدْ ناكَ فِقْدَانَ الرَّبيع ولَيْتَنا
فَدَيْنَاك مِنْ دَهْمَائِنا بأُلُوفِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهماء القِدْرُ، والدَّهْماء: سَحْنَةُ الرجل، والدَّهْماء: بَقلْة
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الدَّهْماء: السَّوْداء من القُدُور، وَقد دَهَمتْها النارُ.
وَقَالَ حُذَيفَة وذكَر الفِتْنة فَقَالَ: أتَتْكم الدُّهَيْماء تَرْمِي بالنَّشفِ ثمّ الَّتِي تَلِيهَا ترْمي بالرَّضْف.
قَالَ أَبُو عُبَبْد: قَوْله: الدُّهَيْماء ترْمي بالنَّشْف نُراه أَرَادَ الدَّهماء فصغَّرها.
وَقَالَ شَمِر: أَرَادَ بالدَّهْمَاء السَّوْداء المُظْلِمة، وَمثله حَدِيثه الآخر: لتكونَنَّ فيكُمْ أَرْبَعُ فِتَن: الرَّقْطاء، والمُظْلِمة، وَكَذَا وَكَذَا، فالمظلِمة مِثلُ الدَّهْمَاء.
قَالَ: وَبَعض النّاسِ يَذهَب بالدُّهَيْماء إِلَى الدُّهَيم، وَهِي الداهية، وَقيل للدَّاهية: دُهَيم: أنَّ نَاقَة كَانَ يُقَال لَهَا: الدُّهيْم، غَزّا قومٌ من العَرَب قوما فقُتِل مِنهم سَبْعَةُ إخْوَة فحُمِلُوا على الدُّهيْم؛ فَصَارَت مثلا فِي كلّ داهية.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعت ابْن الأعرابيّ يَروِي عَن المفضَّل أنّ هَؤُلَاءِ بَنو الزبّان بن مُجَالِد، خَرجُوا فِي طلب إبلٍ لَهُم، فلقِيَهم كثيف بنُ زهَير فضَرَب أعناقَهم، ثمَّ حَمَل رؤوسهم فِي جُوالق، وعلَّقه فِي عُنُق نَاقَة يُقَال لَهَا: الدُّهَيمُ، وَهِي نَاقَة عَمرو بن الزّبان، ثمّ خلاّها فِي الْإِبِل، فراحت على الزبّان، فَقَالَ لمّا رأى الجُوالق: أظُنُّ بَنِيَّ صَارُوا بيض نعام، ثمّ أَهْوَى بيَدِه فأَدخَلها الجُوالق، فَإِذا رأسٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: آخر البَزِّ على القَلُوص، فذهَبَتْ مَثَلا، وضَرَبت العربُ الدُّهيْمَ مَثَلاً فِي الشّرّ والدّاهية. وَقَالَ الرَّاعِي يَذكُر جَوْرَ السُّعاةِ:
كَتَبَ الدُّهيْمَ من العَداء لِمُسْرِفٍ
عَادٍ يُرِيد مَخانَةً وغُلُولاَ
وَقَالَ الْكُمَيْت:
أهْمَدانُ مَهْلاً لَا يُصبِّح بيوتَكُمْ
بجُرْمكم حِملُ الدُّهيْم وَمَا تَزبِى
وَهَذَا الْبَيْت حُجَةٌ لما قَالَه المُفضَّل.
يُقَال: هَدمَه ودَهدَمَه بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ العجاج:
وَمَا سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ
والنُّؤي بعدَ عَهدِه المُدَهْدَمِ
يَعْنِي الحاجزَ حولَ الْبَيْت إِذا تَهدَّم. وَقَالَ:

(6/125)


غيرُ ثلاثٍ فِي الْمحل صُيَّمِ
رَوَائمٍ وهُنَّ مِثلُ الدَّوْسَمِ
بَعْدَ البِلَى شِلْوَ الرَّمادِ الأدْهمِ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: قَالَ: الوَطْأة الدّهماء: الجديدة، والوَطأة الغَبراء: الدّارسة، وَأنْشد قَول ذِي الرّمة:
سِوَى وَطْأةٍ دَهماءَ من غير جَعْدةٍ
ثَنَى أُخْتَها فِي غَرْزِ كَبداء ضامرِ
وَقَالَ غَيره: رَبعٌ أدْهَمُ: حديثُ العَهد بالحيّ النازِلِين بِهِ، وأَرْبْعٌ دُهمٌ. وَقَالَ ذُو الرمة أَيْضا:
أَلِلأَربُعِ الدُّهم اللّواتي كَأَنَّهَا
بقيّةُ وَحْي فِي بطُون الصّحائف
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: النعجة الدَّهماء: هِيَ الْحَمْرَاء الْخَالِصَة الحُمرة.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا اشتدَّت وُرْقة الْبَعِير لَا يخالِطُها شَيْء من الْبيَاض فَهُوَ أدْهمُ، وناقةٌ دَهماء، وفَرَسٌ أَدْهَمُ بَهيم: إِذا كَانَ أسود بَهيماً لاشِيَةَ فِيهِ.
عَمرو، عَن أَبِيه: إِذا كَانَ القَيدُ من خَشَب فَهُوَ الأدْهم والفَلَقُ.
قَالَ: والمُتَدهَّم، والمُتَدَأَم والمُتدثِّر هُوَ المحبُوس المأبون، وَيُقَال: ادهامَّ يَدْهامُّ فَهُوَ مُدهامٌّ، وادْهَمَّ يَدهَمُّ فَهُوَ مُدَهَمٌّ، وادهَوْهَمَ يَدهَوهمُ فَهُوَ مُدْهَوْهمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
همد: قَالَ شمِر: الأَرْض الهامدة: المُسْنِتَه قَالَ: وهُمُودها ألاّ يكون فِيهَا حَياةٌ، وَلَا نَبتٌ، وَلَا عُود، وَلم يُصِبْها مَطَر. والرَّمادُ الهامد: المُتلبِّد الْبَالِي بعضُه فوقَ بعض. وهمدتْ أصواتُهم: أَي سكنتْ. وهمَد شجرُ الأَرْض: أَي بَلِيَ وذَهب. وهمَد الثوبُ يَهمِدُ همُوداً، وَذَلِكَ من طُولِ الطّيّ، تحسَبه صَحِيحا، فَإِذا مَسِسْتَه تَناثَرَ من البِلِي.
وَقَالَ ابْن السكّيت: همِد الثَّوْبُ يَهمَدُ هَمَدا: إِذا بَلِي.
وَقَالَ اللّيث: الهُمود: المَوْت، كَمَا همَدت ثَمُود، ورَمادٌ هامِد: قد تَلبَّد وَتغَير.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: خَمَدت النارُ: إِذا سكن لهَبُها، وهَمَدَت همُوداً: إِذا طُفِئت البتّة، فَإِذا صَارَت رَماداً قيل: هَبَا يَهبُو فَهُوَ هابٍ.
اللَّيْث: ثمرةٌ هامِدة: إِذا اسودتْ وعَفِنَت، وأرضٌ هامِدةٌ: مقشِعرَّةٌ لَا نَبَات فِيهَا إلاّ يَبِيسٌ مُتَحطِّم.
قَالَ: والهامد من الشّجر: الْيَابِس. وَيُقَال للهامد: هَميد. يُقَال: أَخذنَا المُصدِّقُ بالهميد: أَي بِمَا مَاتَ من الغَنم.
وَقَالَ ابْن شُميل: الهَميد: المَال المكتوبُ على الرَّجُل فِي الدِّيوان. فيقالُ: هاتوا صدقَتَه، وَقد ذهب المالُ: يُقَال: أخذَنا الساعِي بالهَمِيد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ قَالَ: الإهماد: السُّرعة فِي السَّير. والإهماد: الْإِقَامَة بِالْمَكَانِ. وَأنْشد فِي السُّرعة:
مَا كَانَ إلاّ طَلَق الإهماد
وَأنْشد فِي الْإِقَامَة:
لما رأَتني رَاضِيا بالإهمادْ

(6/126)


كالكَّزِ المَرْبوطِ بَين الأوتادْ
وَهَذَا من بَاب الأضداد.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: أهمَدُوا فِي الطَّعَام: أَي اندفَعُوا فِيهِ.
وَقَالُوا: أهمَد الكلبُ: أَي أحضَر.
مهد: قَالَ اللَّيْث: المَهْدُ للصَّبيّ، وَكَذَلِكَ الموْضِعُ يُهيّأ لينام فِيهِ الصَّبِي.
قَالَ: والمِهاد اسْم أجمَعُ من المَهْد، كالأرض جَعَلَها الله مهاداً للعباد، وجمعُ المِهاد مُهُد وَثَلَاثَة أَمهِدة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {عَمِلَ صَالِحاً} (الرُّوم: 44) أَي يُوطِّئون، وأصل المهد التَّوثير، يُقَال: مَهَّدتُ لنَفسي، ومهدت: أَي جَعَلتُ مَكَانا وطيئاً سهلاً، وَيُقَال: مَهَدْتُ لنَفْسي خيرا: أَي هيَّأتُه ووطّأته. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وامتَهَدَ الغاربُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
قلتُ: أصل المَهْد التوثير، وَيُقَال للْفراش: مهادٌ لوَثارته.
وَقَالَ النَّضر: المُهْدة من الأَرْض: مَا انخفض فِي سهولة واستواء.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا امتَهَد فلانٌ عِنْدي يدا لم يُولِكَ نعْمَة وَلَا مَعْروفاً.
ورَوَى ابْن هانىء عَنهُ: يُقَال مَا امتَهَد فلَان عِنْدِي مَهْد ذَاك بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْهَاء. يَقُولهَا حِين يُطْلب إِلَيْهِ المعروفُ بِلَا يَدٍ سلفتْ مِنْهُ إِلَيْهِ، ويقولُها أَيْضا للمسيء إِلَيْهِ حِين يَطلُب معروفه أَو يُطْلَبُ لَهُ إِلَيْهِ.
مده: قَالَ اللَّيْث: المَدْه يضارع المَدْحَ، إِلَّا أَن المَدْه فِي نَعتِ الجَمَال والهيئة، والمدح فِي كل شَيْء عامّ. قَالَ رؤبة:
لله درّ الغانيات المُدَّهِ
وَقَالَ غَيره: المَدْح والمَدْه وَاحِد، أُبدِلت الْحَاء هَاء وَيُقَال: فلَان يتمدَّه بِمَا لَيْسَ فِيهِ ويتَمتَّه، كَأَنَّهُ يطلُبُ بذلك مَدْحَه، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
تَمَدَّهي مَا شئتِ أَن تمَدَّهِي
فلست موهَوْئِي وَلَا مَا أَشْتَهِي
هَوْئِي: هَمِّي.
ورَوَى النَّضر عَن الْخَلِيل بن أَحْمد أَنه قَالَ: مَدَهْتُه، فِي وَجهه، ومَدَحْتُه، إِذا كَانَ غَائِبا.
دَمه: قَالَ اللَّيْث: الدَّمَه: شِدّة حَرِّ الرَّمْلِ، وَأنْشد:
ظَلَّتْ على شُزُنٍ فِي دامِهٍ دَمِهٍ
كَأَنَّهُ من أُوارِ الشَّمْس مَرعُونُ
قَالَ: وَيُقَال: ادْمَوْمَهَ الرَّمْل وَلم أسمع دَمِه لغير اللَّيْث. وَلَا أعرف الْبَيْت الَّذِي احتجّ بِهِ.