تهذيب اللغة (أَبْوَاب الهَاء وَالرَّاء)
(هـ ر (وَا يء))
(هري) ، هرأ، رها، وره، هار، رهأ، يهر (يهير) ، أهر، وهر.
هري: قَالَ اللَّيْث: الهُرِيُّ: بَيت ضخم يجمع فِيهِ طعامُ السُّلطان،
والجميعُ الأهراء قلت: أَحسب الهريّ معرَّباً دخيلاً فِي كَلَامهم.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: هراهُ يَهْرُوه هَرْواً، إِذا ضربه
بالهِراوة، وتهرَّاهُ مِثله، وَمِنْه قَول الراجز:
لَا يلتوي مِن الوَبِيل القِسْبارْ
وَإِن تهرَّاه بِهِ العبدُ الهَارْ
أَي ضربه بِهِ العبدُ الضَّارِب. والوَبيل: الْعَصَا الضخم، وَكَذَلِكَ
القِسبار والقِشْبار وَيُقَال: هرَّى فلانٌ عمَامته، إِذا صبغها
بالصُّفرة، وَمِنْه قَوْله:
رَأَيْتُك هَرَّيتَ العِمامةَ بَعْدَمَا
أَرَاك زَمَانا حاسراً لم تَعَصَّبِ
وَكَانَت سادةُ العَرَب تلبس العمائم الصُّفْر وَكَانَت تُحمل من
هَراةَ إِلَيْهِم مصبوغة، فَقيل لمن لبس عِمَامَة صفراء: قد هَرَّى
عِمَامتَه، وَكَانَ مُعاذٌ الهرّاء يَبِيع الثِّيَاب الهَرَوية فعُرِف
بهَا، ولُقِّب الهرّاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هارَاه، إِذا طانَزَه، ورَاهاهُ إِذا
حامَقَه.
أَبُو عَمْرو، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثوبٌ مُهَرَّى، إِذا
صُبِغَ بالصَّبِيبِ، وَهُوَ ماءُ ورق السِّمْسِم.
قَالَ: ومُهرَّى أَيْضا، إِذا كَانَ مصبوغاً كلون المِشْمِش، أَو
المَشْمَش.
هرأ: وَمن مهموزه، قَالَ الْأَصْمَعِي: هَرَأ البرْدُ فلَانا يَهْرَؤُه
هَرْأً، إِذا اشتدَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَاد يَقتُلُه.
وَيُقَال: أَهْرَأْنا فِي الرَّواح، أَي أبرَدْنا، وَقَالَ إهَاب بنُ
عُمَير:
حَتَّى إِذا أهْرَأْنَ للأصائِلِ
وفارقتْها بُلةُ الأوَابِلِ
(6/212)
وَيُقَال: أَهْرَأَ لحمَه إهراء، إِذا
طبَخه حَتَّى يتَفسَّخ.
قَالَ: والهَرِيَّة: الْوَقْت الَّذِي يشتدّ فِيهِ البرْد.
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه: أهرأَنا القُرُّ، أَي قتَلَنا، وأَهْرأَ
فلانٌ فلَانا، إِذا قتَلَه.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي هَراءة الْبرد، وَفِي إهراء اللَّحم مثل مَا
قَالَ الأصمعيّ، وَكَذَلِكَ فِي الإهراء للرَّواح.
أَبُو عُبيد، الهُراء ممدودٌ مَهْمُوز: المنْطِق الْفَاسِد، وَيُقَال:
الْكثير، وَأنْشد قولَ ذِي الرمّة يصف امْرَأَة ناعمةً:
لَهَا بشرٌ مِثل الْحَرِير ومَنطِقٌ
رَخِيمُ الحَواشي لَا هُرَاءٌ وَلَا نَزْرُ
شمِر عَن الفرّاء: أَهْرَأَ الكلامُ، إِذا أكثَرَ وَلم يُصِب
الْمَعْنى، وإنَّ مَنطقَه لغَيرُ هُراء.
قَالَ: ورجلٌ هُراءٌ وامرأةٌ هُراءَةٌ وَقوم هُراءون.
وَقَالَ أَبُو زيد: هَرأَ الرجلُ فِي مَنطقِه يَهْرَأُ هَرْأً، إِذا
مَا قَالَ الخَنا وَالْكَلَام الْقَبِيح.
قَالَ: والمُهْرَأُ والمُهرَّد: المُنْضَج من اللَّحم.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: أهرَأَه البَرْدُ، وأهْزأَه بالراء وَالزَّاي:
إِذا قَتَله.
وَقَالَ ابْن مقبل فِي المَهْرُوءِ، مِن هَرَأَه البرْد، يَرْثي
عُثْمَان بنَ عفّان ح.
ومَلْجَأُ مَهْرُوئينِ يُلْقَى بِهِ الحَيا
إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هُوَ الأمُّ والأبُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال فِي صِغار النَّخل أوّل مَا
يُقْلَع شيءٌ مِنْهَا من أمّه فَهُوَ الجَثِيث وَهُوَ الوَدِيُّ
والهراءُ والفَسِيل.
رها: قَالَ اللَّيْث: الكُرْكِيُّ يسمَّى رَهْواً، وَيُقَال: بل هُوَ
من طَيْرِ المَاء، شبيهٌ بِهِ. والرَّهْو: مَشْيٌ فِي سُكُون.
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ
رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} (الدّخَان: 24) أَي سَاكِنا.
بلغَنا أنَّ مُوسَى ج لمّا دخل الْبَحْر عَجِلَ، فأَعْجَل أَصْحَابه،
فأوْحى الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَيْهِ: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ
الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} أَي سَاكِنا على هِينَتِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: افْعَل ذَاك سَهواً رَهواً، أَي سَاكِنا
بِغَيْر تشدُّد.
وَقَالَ: وَجَاءَت الإبلُ رَهْواً: يَتْبع بعضُها بَعْضًا.
والرَّهْو: طَائِر.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: يَمشِين رَهْواً، هُوَ سَيْرٌ سَهل
مُسْتَقِيم.
وَفِي حَدِيث رَافع أنّه اشترَى من رجلٍ بَعِيرًا ببعيرين دَفَع
إِلَيْهِ أَحدهمَا، وَقَالَ: آتِيك بِالْآخرِ رَهْواً غَدا، يَقُول:
آتِيك بِهِ عَفْواً لَا احتباسَ فِيهِ، وَأنْشد:
يَمشِينَ رَهْواً فَلَا الأعجازُ خاذِلةٌ
وَلَا الصُّدُورُ على الأعجاز تَتَّكلُ
والرّهو: الحَفيرُ يجمع فِيهِ المَاء.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله جلّ وعزّ: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ
الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} (الدّخَان: 24) يريدُ دَعه كَمَا
فلَقتُه لَك لأنّ الطَّرِيق فِي الْبَحْر كَانَ رَهواً بَين فلقي
الْبَحْر.
(6/213)
قَالَ: وَمن قَالَ: سَاكِنا فَلَيْسَ
بِشَيْء، وَلَكِن الرَّهو فِي السّير هُوَ اللَّيِّن مَعَ دوامِه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ، يُقَال لكل سَاكن لَا يتحرّك: ساجٍ وراهٍ
ورايٍ.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: مَا أرهيتَ ذاكَ، أَي مَا تركتَه ساكِناً.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَرْهِ ذَاك، أَي دَعْه حَتَّى يَسكن،
وَقَالَ: الإرهاء: الإسكان.
وَيُقَال: النَّاس رَهْوٌ وَاحِد مَا بَين كَذَا وَكَذَا، أَي
مُتقاطِرُون. وَقَالَ الأخطل:
ثَنَى مُهْرَهُ والخيلُ رَهوٌ كأَنها
قِدَاحٌ على كَفَّيْ مُجِيلٍ يُفِيضُها
أَي متتابعة. قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ الزَّجاج فِي قَوْله: جلّ وعزّ: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ
الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} (الدّخَان: 24) جَاءَ فِي
التَّفْسِير: يَبَساً. وَقَالَ أهل اللُّغَة: رهواً: سَاكِنا. قلت:
رَهواً: سَاكِنا: مِن نعت مُوسَى، أَي على هِينَتِك، وأجوَد مِنْهُ أَن
تجعَل رَهواً من نعت الْبَحْر، وَذَلِكَ أنّه قَامَ فِرْقاه ساكِنَيْن.
فَقَالَ لمُوسَى: دع الْبَحْر قَائماً مَاؤُهُ سَاكِنا، واعبُر أَنْت
الْبَحْر.
وروى شمر عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ
الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} (الدّخَان: 24) قَالَ: وَاسِعًا
مَا بَين الطاقات.
قَالَ: وَقَالَ العُكْليّ: المُرْهِي من الْخَيل الَّذِي ترَاهُ
كَأَنَّهُ لَا يُسرِع وَإِذا طُلب لم يُدْرَك.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّهْو من الْخَيل وَالطير: السِّراع،
قَالَ لَبيد:
يُرَيْن عَصائبا يَرْكُضْنَ رَهْواً
سَوابِقُهن كالحِدَإ التُّؤَامِ
وَيُقَال: رَهْواً يَتبَع بعضُها بَعْضًا.
وَقَالَ الأصمعيّ وَابْن شُمَيْل: الرَّهْوَة والرَّهْو: مَا ارتفَع من
الأَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الرَّهْوة: الرابِيَةُ تَضرب إِلَى اللِّين،
وطولُها فِي السَّمَاء ذراعان أَو ثَلَاث، وَلَا تكون إلاّ فِي سُهول
الأَرْض، وجَلَدُها مَا كَانَ طِيناً، وَلَا تكون فِي الْجبَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: الرِّهاء: أماكنُ مُرْتَفعَة، الْوَاحِدَة رَهْوَأ،
والرَّهاء: مَا اتَّسع من الأَرْض وَأنْشد:
بشُعْثٍ على أكوارِ شُدْفٍ رَمَى بهم
رَهَاء الفَلاَ نابِي الهُمومِ القواذِفِ
وَيُقَال: رَهَّى مَا بَين رجلَيْهِ، أَي فَتَح مَا بَين رجلَيْهِ.
قَالَ: ومَرَّ بأعرابيّ فالِجٌ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، رَهْوٌ بَين
سَنَامَيْن، أَي فجوةٌ بَين سَنَامين.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الرَّهْو: الِارْتفَاع والانحدار.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو العبّاس النُّمَيْري: دَلَّيْتُ رِجْلي فِي
رَهْوة، فَهَذَا انحدار. وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
نَصبْنا مِثْلَ رَهْوة ذاتَ حَدَ
مُحَافظَة وكنّا المُستقِينا
فَهَذَا ارْتِفَاع.
(6/214)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّهْو
شدّة السَّير، والرَّهو: الْوَاسِع، والرَّهو، طائرٌ يشبه الكُرْكِيّ.
وَقَالَ: الرَّهو والرَّهوَى، لُغَتَانِ: الْمَرْأَة الواسعة. وَقَالَ
المُخبَّل:
وأُنكِحْتُها رَهواً كأنّ عِجانَها
مَشَقُّ إهابٍ أَوسَعَ السَّلْخَ ناجِلُهْ
قَالَ: والرَّهو: مُستنقَع المَاء. والرَّهوة: شِبه تَلَ صغيرٍ يكون
فِي مُتُون الأَرْض على رُؤُوس الْجبَال، وَهِي مواقعُ الصُّقور
والعِقْبان. قَالَ: والرَّها: أرضٌ مستَوِية قَلما تَخْلو من السَّراب،
ورُها: بَلَد بالجزيرة، والنِّسبة إِلَيْهِ: رُهاوِيّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرَّهوة: الْجَوْبَة تكون فِي مَحلَّة الْقَوْم
يَسيل إِلَيْهَا ماءُ الْمَطَر.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الرَّهو مَا اطمأنّ من الأَرْض وارتفع مَا حولَه.
شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة فِي قَوْله: {مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ
الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ} (الدّخَان: 24) أَي دَمِثاً،
وَهُوَ السهل الَّذِي لَيْسَ برمل وَلَا حَزْن.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَرْهَى الرجلُ، إِذا تَزوَّج بالرَّهاء، وَهِي
الخِجام الواسعة العَفْلَق.
وأَرهَى: دامَ على أَكل الرَّهو، وَهُوَ الكُرْكِيّ.
وأَرهَى: أدام لِضيفانه الطعامَ سخاء.
وأَرهَى: صادفَ موضعا رَهاءً، أَي وَاسِعًا.
وَقَالَ ابْن بزرج: يَقُولُونَ للرّامي وَغَيره إِذا أَسَاءَ:
أَرْهِهْ، أَي أَحسِن. وأَرهيتُ: أحسنتُ.
الرَّهو: الْمَطَر السَّاكِن.
وَيُقَال: مَا أرهيتَ إلاّ على نَفْسك، أَي مَا رفقت إلاّ بهَا.
رهأ: قَالَ أَبُو عبيد: رَهْيأَ فِي أمره رَهيَأَةً: إِذا اخْتَلَط،
فَلم يَثبُت على رَأْي.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أنّ رجلا كَانَ فِي أَرض لَهُ، إذْ مرّت
بِهِ عَنانَةٌ تَرَهيَأُ، فَسمع فِيهَا قَائِلا يَقُول: ائتي أرضَ
فلانٍ فاسقِيها.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: تَرَهيَأ يَعْنِي أَنَّهَا قد
تهيَّأَتْ للمطر، فَهِيَ تُرِيدُ ذَلِك ولمّا تَفعَل.
قَالَ: وَمِنْه: تَرَهيَأَ القومُ فِي أَمرهم، إِذا تهيئوا لَهُ، ثمّ
أَمسكوا عَنهُ، وهم يُرِيدُونَ أَن يفعلوه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّهيأَة أَن تَجعل أحدَ العِدْلين أثقلَ من
الآخر. تَقول: رَهْيأْتُ حِمْلَك رهيأةً، وَكَذَلِكَ رهيأتَ أمرَك،
إِذا لم تُقوِّمه.
والرَّهيَأَة: الضَّعف والعَجْز، وَأنْشد:
قد عَلِم المُرَهيِئون الحَمْقَى
قَالَ: وَمِنْه: تَرهيَأَ الرجلُ فِي أمره، إِذا هَمّ بِهِ ثمَّ أَمسَك
عَنهُ. والرهيَأَة أَن تَغْرَورِق العينان من الْجَهد، أَو من الكِبَر،
وَأنْشد:
إِن كَانَ حَظَّكما مِن مَالِ شيخكما
نابٌ تَرهيَأُ عَيناهَا من الكِبَر
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّهيَأَةُ: التَّخْلِيط فِي
الْأَمر وَترك الإحكام. يُقَال: جَاءَ بِأَمْر مُرَهْيَإٍ وَعَيناهُ
تَرَهيَآن: لَا يَفْتُر طَرَفاهما.
(6/215)
وَقَالَ أَبُو نصر: يُقَال للرّجل إِذا لم
يَقُم على الْأَمر ويمضي، وجَعَل يَشُكّ ويتردّد: قد رَهْيَأَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رَهيَأْتَ فِي أَمرك، أَي ضَعُفْتَ وتوانَيْت.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَهيَأَ الرجلُ فَهُوَ مُرَهْيِىءُ، وَذَلِكَ أَن
يَحمِل حِمْلاً فَلَا يَشُدّه بالحبال، فَهُوَ يَميل كلما عَدَّله.
وَقد تَرَهيَأَ السحابُ، إِذا تَحرَّك.
أهر: أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ بيتٌ حَسَنُ
الأَهَرَة والظَّهَرة والعَقار، وَهُوَ مَتاعُه، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ
أَبو عبيد، وَقَالَ اللَّيْث: أَهَرة الْبَيْت: ثِيَابُه وفُرُشُه
ومَتاعُه، وأَنشد:
كَأَنَّمَا لُزَّ بَصَخْرٍ لَزَّا
أَحسنُ شيءٍ أَهَراً وبَزّا
هير: الأصمعيّ: من أَسماء الصَّبا: هِيرٌ وإيرٌ، وَيُقَال: هَيرٌ
وأَيرٌ وهيِّرٌ وأَيِّر، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبو عبيد وَغَيره.
يهر: وأَخبرني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: ذهبَ
صَاحبك فِي اليَهْيَرَّى، أَي فِي الْبَاطِل. وَيُقَال للرجل إِذا
سألتَه عَن شَيْء فأَخطأَ: ذهبتَ فِي اليَهيَرَّى، وأَين تَذْهب فِي
اليَهيَرَّى، وأَنشد:
لما رأَتْ شَيخا لَهَا دَوْدَرَّى
فِي مِثْلِ خَيطِ العِهِن المُعَرَّى
ظلّت كأنّ وَجههَا يَحْمَرّا
تَرَمَدُّ فِي الْبَاطِل واليَهيَرَّى
قَالَ: والدَّوْدَرَّى من قَوْلك: فرس دَرِيرٌ أَي جَواد، وَالدَّلِيل
عَلَيْهِ قولُه: فِي مِثلِ خَيط العهِن المعرّى، يُرِيد الخُذْرُوف.
وَزعم أَبو عُبَيْدَة أَن اليَهْيَرَّى: الْحِجَارَة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: هُوَ الْبَاطِل.
وَقَالَ ابْن هانىء: اليَهْيَرُّ: شجرٌ، وَأنْشد:
أشبعتُ راعيَّ من اليَهْيَرِّ
فظلَّ يَبكي حَبِطاً بشَرِّ
خَلف استِه مِثل نَقِتقِ الهِرِّ
وَقَالَ اللَّيْث: اليَهْيَرُّ: حِجَارَة أَمْثَال الأكُفّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قيل لأبي أسلم: مَا الثَّرَّة اليَهْيَرَّةُ
الأخْلاف؟ فَقَالَ: الثَّرَّة: الساهرة العِرْق تَسمَع زَمِيرَ
شُخْبِها، وأنتَ من ساعةٍ. قَالَ: واليَهْيَرّة: الَّتِي يسيل لبنُها
من كثرته، وناقة ساهِرَة العِرْق: كثيرةُ اللَّبن. واليَهْيَرُّ:
دُوَيْبَّة تكون فِي الصَّحارِي أعظمُ من الجُرَذ، وَأنْشد:
فَلاةٌ بهَا اليَهْيَرُّ شُقْراً كَأَنَّهَا
خُصَى الخيلِ قد شُدّتْ عَلَيْهَا المَسامِرُ
والواحدة: يَهْيَرَّة.
قَالَ: واختَلَفوا فِي تقديرها فَقَالُوا يَفْعَلَّة. وَقَالُوا
فَيعَلَّة وَقَالُوا: فَعْلَلّة.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: اليَهْيَرُّ: الحَجر الصُّلْب.
وَقَالَ شمِر: ذهب فِي اليَهْيَرِّ أَي فِي الرِّيح.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَهْرُ: اللّجاجة والتمادِي فِي الْأَمر. تَقول
استَيْهَرَ، وَأنْشد:
(6/216)
وقَلبُك فِي اللَّهْو مُستَيهِرٌ
ثَعْلَب، عَن سَلمَة، عَن الفرّاء: يُقَال: قد استَيْهَرْتُ أَنكُمْ قد
اصطلحتم، مثل استَيقَنْت.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الجَعْفَرِيِّين: أَنا مُستَوْهِر
بِالْأَمر، أَي مستيقِنٌ.
وَقَالَ السُّلَميّ: مستَيهِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهائر: السَّاقِط. والرَّاهي:
الْمُقِيم، والهُورَة: الهَلكة.
قَالَ: وَيُقَال استَيهِرْ بإبلك واقْتَيل وارتجِعْ، أَي استبدِلْ بهَا
إبِلاً غَيرهَا. اقْتَيِلْ، من بَاب الْمُقَابلَة فِي البَيْع:
المُبادَلة.
هور: قَالَ اللَّيْث: الهَوْر مصدرُها والجَرْفُ لَا يَهُور إِذا
انصدَعَ من خَلْفِه وَهُوَ ثَابت بعدُ مَكَانَهُ، وَهُوَ جَرْفٌ هارٍ
وهائر، فَإِذا سَقَط فقد انهار وتهوَّر، وَكَذَلِكَ إِذا سقط شَيْء من
أَعلَى جُرْف أَو رَكِيّة فِي قَعْرها، يُقَال: تَهوَّر وتَدَهْوَر.
ورجلٌ هارٌ إِذا كَانَ ضَعِيفا فِي أَمره، وَأنْشد:
ماضي العزيمةِ لَا هارٌ وَلَا خَزِلٌ
الخزل: السَّاقِط المنقطِع.
وَيُقَال: تهوَّر الليلُ، إِذا ذهبَ أكثرُه. وتهوَّر الشّتاء، إِذا
ذهبَ أشدُّه.
قَالَ: وَيُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه: تَوهَّر الليلُ
والشتاء، وتوهّر الرمل أَي تهَوَّر.
وَقَالَ غَيره: خَرْقٌ هَوْرٌ، أَي وَاسع بَعِيد.
وَقَالَ ذُو الرمة:
هَيجاءُ يَهْماءُ وخَرْقٌ أَهْيَمُ
هَوْرٌ عَلَيْهِ هَبَواتٌ جُثَمُ
للريح وَشْيٌ فوقَه مُنَمْنَمُ
وَيُقَال؛ هَوَّرْنَا عنَّا القَيظَ وجَرَمْنا وجَرَّمْناه وكَبَبْناه
بِمَعْنى.
وَيُقَال: هُرْتُ القومَ أهُورُهم هَوْراً، إِذا قتلتَهم، وكَبَبْتَ
بعضَهم على بعض كَمَا ينهارُ الجُرْف.
قَالَ الهذليّ:
فاستدَبروهمْ فهارُوهم كأنهمُ
أفنادُ كَبْكَب ذاتُ الشَّثِّ والْخَزَمِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: اهتَوَر، إِذا هَلك، وَمِنْه قَوْله: من
أطَاع ربّه فَلَا هَوَارة عَلَيْهِ.
وَيُقَال: هُرْتُ الرجلَ بِمَا لَيْسَ عِنْده من خيرٍ، إِذا
أَزْنَنْتَه، أَهُورُه هَوْراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: لَا يُقَال ذَلِك فِي غير الْخَيْر.
وَيُقَال: هُرْتُ الرجلَ هَوْراً، إِذا غَشَشْتَه، وَأنْشد:
قد علِمتْ جِلادُها وخُورُها
أنِّي بِشِرْبِ السُّوءِ لَا أَهورُها
يصف إبِلاً، أَي لَا أَظن أَن الْقَلِيل يكفيها.
وَقَالَ مَالك بنُ نُوَيرة يصف فرسَه:
رأَى أنني لَا بِالْقَلِيلِ أَهورُه
وَلَا أَنا عَنهُ بالمواساةِ ظاهرُ
أَهُورُه: أَي أظنُّ الْقَلِيل يَكْفِيهِ، يُقَال: هُوَ يُهارُ بِكَذَا
وَكَذَا، أَي يُظَنُّ بِكَذَا وَكَذَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: الهَوَرْوَرَةُ: الْمَرْأَة الهالكة.
(6/217)
وهر: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي،
التَّتهْور: مَا اطمأنَّ من الرَّمل.
قلت: كَأَن أصْلَه وَيهْورُ، مثل التَّيقور، أَصله وَيْقُور.
وَقَالَ العجاج:
إِلَى أَراطَى ونَقاً تَيْهُورِ
أَرَادَ بِهِ فَيعولاً من التَّوَهُّر.
وَقَالَ خَليفَة: توهَّرتُ الرجلَ فِي الْكَلَام وتَوَعَّرْتُه، إِذا
اضطرَرتَه إِلَى مَا بقيَ فِيهِ متحيراً. وَيُقَال: وَهَّر فلانٌ
فلَانا، إِذا أَوْقعه فِيمَا لَا مخرج لَهُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهَوْرَة: الهَلكة والهائر: السَّاقِط.
والرَّاهي: الْمُقِيم. وَيُقَال: أَرجِعْ إبلَك وارتجِع واستيهِر
واقيَلْ بِمَعْنى وَاحِد، أَي استبدِل بإبلك إبِلا غَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّيْه هُوَ التَّرَيُّه، وَهُوَ تهَثْهُث
السَّراب على وَجه الأَرْض، وَأنْشد:
إِذا جَرَى من آلِه المُرَيَّهِ
قَالَ شمر: المُرَيَّه والمريّعُ وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يتميّعُ هَاهُنَا وَهنا لَا يستقيمُ
لَهُ وَجْهٌ.
وره: الوَرَهُ: الحُمق فِي كل عمل. امرأةٌ وَرْهاء: خَرْقاء
بِالْعَمَلِ، وَأنْشد:
تَرنُّمَ وَرْهاءِ اليَدَيْن تحامَلَتْ
على البَعْل يَوْمًا وهْيَ مقَّاءُ ناشِزُ
قَالَ: المَقَّاء: الْكَثِيرَة المَاء. وتورَّه فلانٌ فِي عمل هَذَا
الشَّيْء، إِذا لم يكن لَهُ فِيهِ حَذاقة.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الوَرَهْرَهة: الْمَرْأَة الحَمْقاء،
والهَوَرْوَرَة: الهالكة.
وَقَالَ ابْن بزرج: الوَرِهة: الْكَثِيرَة الشَّحم. وَرِهَتْ فَهِيَ
تَرِهُ، مثل وَرِمَتْ تَرِم.
وَقَالَ غَيره: سحابٌ وَرِهٌ وسحابةٌ ورِهة إِذا كَثُر مطرها.
وَقَالَ الهُذليّ:
جُوفُ رَبابٍ وَرِهٍ مُثْقَلِ
ودارٌ وارِهة: وَاسِعَة.
(بَاب الْهَاء وَاللَّام)
(هـ ل (وَا يء))
هال (يهول) ، هلا، لَهَا، (لهى) ، وَله، وَهل، أَله، أهل، هيل.
هول: قَالَ اللَّيْث: الهَوْلُ: المخافة من الْأَمر لَا تدرِي على مَا
تَهجُم عَلَيْهِ مِنْهُ، كَهَوْل اللَّيْل، وهَوْلِ الْبَحْر، تَقول:
هالَني هَذَا الأمرُ يَهُولُني، وأمرٌ هائلٌ، وَلَا يُقَال أَمرٌ
مَهُول، إِلَّا أنّ الشَّاعِر قد قَالَ:
ومَهُولٍ من المَناهل وَحْشٍ
ذِي عَراقِيبَ آجِنٍ مِدْفَانِ
وَتَفْسِير المَهُول، أَي فِيهِ هَوْل. والعَرَبُ إِذا كَانَ الشيءُ
هَوَلَهُ أخرَجوه على فاعِل، مثل دارِع لذِي الدِّرْع، وَإِذا كَانَ
فِيهِ أَو عَلَيْهِ أخرَجوه على مَفعول، كَقَوْلِك مَجْنون: فِيهِ
ذَاك، ومَدْيون: عَلَيْهِ ذَاك.
قَالَ: والتَّهاويل؛ جماعةُ التَّهْويل، وَهُوَ مَا هَالك.
(6/218)
والتّهاويل: زِينةُ الوشي، وَكَذَلِكَ
زِينةُ التَّصَاوير والسِّلاح، وَإِذا تزيَّنَتْ الْمَرْأَة بزِينةٍ من
لِباس أَو حُلِيّ، يُقَال: هَوَّلَتْ.
وَقَالَ رؤْبة:
وهَوَّلتْ من رَيْطها تَهاوِلاَ
وَيُقَال للرياض إِذا تزيّنتْ بنَوْرِها وأَزاهِيرها من بَين أحمرَ
وأصفرَ وأبيضَ وأخضرَ: قد علاها تَهْويلُها، وَمِنْه قولُه:
وعازِبٍ قد عَلاَ التَّهويلُ جَنْبتَه
لَا تَنفَع النَّعلُ فِي رَقْراقه الحافِي
حدَّثنا عبد الْملك عَن إِبْرَاهِيم عَن أبي ربيعَة، عَن حمّاد عَن
عَاصِم، عَن زِرّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يَرَى وَلَقَدْ
رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (النّجْم: 13) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم رأيتُ لجبريلَ ستَّمائة جَناح يَنتثِر من رِيشِه
التَّهاويلُ والدُّرُّ واليَاقوت، أَرَادَ بالتّهاويل تَزايين رِيشِه،
وَمَا فِيهِ من صُفْرة وحُمْرة وَبَيَاض وخُضْرَة مثل تَهاويل الرّياض.
وَالله أعلم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تهوَّلْتُ للناقة تهوُّلاً وتذأَبْتُ لَهَا
تَذؤُباً: وَهُوَ أَن تَستخفِيَ لَهَا إِذا ظأَرْتَها على ولَدِ
غَيرهَا، فتَشَبَّهْتَ لَهَا بالسَّبُع ليَكُون أَرأَم لَهَا عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: مَا هُوَ إِلَّا هُولَة من الهُوَل،
إِذا كَانَ كريه المنظَر.
والهُولة: مَا يُفزَّع بِهِ الصبيّ، وكلُّ مَا هالَكَ يسمّى هُولة.
وَقَالَ الكُميت:
كَهُولةِ مَا أَوقَدَ المُحْلِفونَ
لَدَى الحالِفين وَمَا هَوَّلُوا
وَكَانَت الهُولة نَارا يوقِدونها عِنْد الْحِلف، يلقون فِيهَا مِلْحاً
فيتفقَّعُ يُهَوِّلون بهَا. وَكَذَلِكَ إِذا استحلَفوا رَجُلاً.
وَقَالَ أَوْس ابنُ حَجَر:
كَمَا صَدّ عَن نارِ المُهَوِّل حالِفُ
وَقَالَ أَبُو زيد: الهُؤُول: جمعُ هَوْل، يهمِزون الواوَ لانضمامها،
وَأنْشد:
رحَلْنا من بِلَاد بني تميمٍ
إِلَيْك وَلم تَكاءَدْنا الهُؤُولُ
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيلَ السكرانُ يُهالُ إِذا رأى تَهاويلَ فِي
سُكْرِه فيَفزع لَهَا.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر يصف خَمْراً وشاربها:
تَمَشَّى فِي مَفاصِله وتَغْشَى
سَنَاسِنَ صُلْبِه حَتَّى يُهالا
وَقَالَ أَبُو الْحسن المدائنيّ لمّا قَالَ النابغةُ الجعديُّ لليلى
الأَخْيَليَّة:
أَلأ حَيِّيَا ليلَى وقولا لَهَا هَلاَ
فقد ركبتْ أَمْراً أَغَرَّ محجَّلا
أجابتْه فَقَالَت:
تُعيِّرني دَاء بأمِّك مِثْلُه
وأيُّ جواد لَا يُقَال لَهَا: هَلاَ
قَالَ: فغلبته، قَالَ: وهَلاَ زَجْرٌ تُزجَر بِهِ الفَرَس الْأُنْثَى
إِذا أُنْزِيَ عَلَيْهَا الفحلُ لتقرّ وتَسكُن.
وَقَالَ الكسائيّ فِي قَوْله: إِذا ذُكِر الصَّالحون فحيَّ هَلاَّ
بعمرَ، قَالَ: حيَّ: أَسْرِع، وَقَوله: هلا، أَي اسكنْ عِنْد ذِكره.
قلت: وَقد مرّ تفسيرُه مُشبَعا فِي بَاب هَلْ.
(6/219)
هيل: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الْجِبَالُ
كَثِيباً} (المُزمّل: 14) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لقومٍ شَكَوْا إِلَيْهِ سُرعةً فَناء طَعامهم: أَتكيلُون أم تَهيلون؟
فَقَالُوا: بل نَهيل، فَقَالَ: كِيلُوا وَلَا تَهيلوا.
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال لكل شَيْء أرسلتَه إرْسَالًا من رمل أَو
تُراب أَو طَعَام أَو نَحوه: قد هِلْتُه أَهِيلُه هَيْلاً، إِذا
أرسلتَه فَجَرى، وَهُوَ طَعَام مَهِيل، وَقَالَ الله جلّ وعزّ:
{وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً} (المُزمّل: 14) .
وَقَالَ اللَّيْث: الهيْل والهائل من الرَّمل: الَّذِي لَا يثبُت
مكانَه حَتَّى يَنهالَ فيَسقط.
قَالَ: وهِلتُه أَهِيله، وأَنشد:
هَيْلٌ مَهِيلٌ من مَهِيل الأَهْيلِ
قَالَ: والهَيُول: الهَباء المُنْبَثّ، بالعِبّراني، أَو بالرّومية،
وَهُوَ الَّذِي ترَاهُ فِي ضوء الشَّمْس يدخُل كُوَّة الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الهالة: دَارَةُ الْقَمَر، وهالة: أمُّ حمزةَ بن
عبد الْمطلب.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ بالهَيْل والهَيْلمَان إِذا جَاءَ بِالْمَالِ
الْكثير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: أظُنّ أَهَلْتُه لُغَة، فِي هِلْتُه.
أهل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الإهالة هِيَ الشَّحْم والزَّيت قَطُّ.
وَفِي حَدِيث كَعْب: يُجاء بجهنّم يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهَا مَتْنُ
إهالة.
وَقَالَ غير أبي زيد: كلُّ مَا اؤْتُدِمَ بِهِ من زُبْد وَوَدَك شَحم
ودُهن سِمْسِم وَغَيره فَهُوَ إهالة. وَكَذَلِكَ ماعلا القِدْرَ من
وَدَك اللَّحم السَّمين إهالة واسْتَأَهَل الرجُل، إِذا ائتَدَم
بالإهالة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لَا بل كُلي يامَيّ واستَأهِلِي
إِن الَّذِي أنفَقْتِ من مالِيَهْ
أَبُو عبيد عَن الْفراء وَالْكسَائِيّ: أَهِلْتُ بِهِ ووَدَقْتُ بِهِ،
إِذا استأنَسْتَ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: أهْلُ الرجل: امرأتُه. والتأهُّل: التزوُّج، وأَهْلُ
الرجل: أخضُّ النَّاس بِهِ، وأهلُ الْبَيْت: سُكانه، وأهلُ
الْإِسْلَام: من يَدين بِهِ، وَمن هَذَا يُقَال: فلَان أَهلُ كَذا أَو
كَذَا، قَالَ الله جلّ وعزّ: {اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى
وَأَهْلُ} (المدَّثِّر: 56) جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه جلّ وعزّ
أَهْلٌ لأنْ يُتَّقَى فَلَا يُعصَى، وَهُوَ أهل المغفِرة من اتّقاه.
قَوْله: {اللَّهُ هُوَ أَهْلُ} (المدَّثِّر: 56) ، أَي مَوضع أُنسٍ
لأنْ يُتَّقَى، وَأهل الْمَغْفِرَة، أَي مَوضِع أنس لذَلِك والداته.
وَقَالَ اليزيديّ: آنست بِهِ، واستأنست بِهِ، وأهِلت بِهِ أُهُولاً:
بِمَعْنى وَاحِد، وأهَل الرجل يأهَل أُهُولاً: إِذا تزوّج؛ للأنس
الَّذِي بَين الزَّوْجَيْنِ.
ويُجمَعُ الأهلُ أَهْلِين وأهْلاَت والأهالي جمع الْجمع، وَجَاءَت
الْيَاء الَّتِي فِي الأهالي من الْيَاء الَّتِي فِي الأهلِين.
وَيُقَال: أَهّلْتُ فلَانا لأمرِ كَذَا وَكَذَا تَأْهيلاً. قَالَ
اللَّيْث: وَمن قَالَ: وهَّلْتُه ذهب بِهِ إِلَى لُغَة من يَقُول:
وَامْرتُه وواكلْتُه.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: مكانٌ مأْهُولٌ: فِيهِ أهلُه، وَمَكَان
آهلٌ: لَهُ أهل. وَأنْشد:
(6/220)
وقدْماً كَانَ مأهولاً
فأَمسَى مَرْتَعَ العُفْرِ
وَقَالَ رؤبة:
عَرَفْتُ بالنَّصْرِيّة المنَازِلا
قَفْراً وَكَانَت منهمُ مآهلا
وَكلُّ شَيْء من الدَّوَابّ وَغَيرهَا إِذا أَلِف مَكَانا فَهُوَ آهل
وأَهلِيٌّ، وَلذَلِك قيل لمَا ألِفَ الناسَ والقُرَى: أَهلِيّ، ولمَا
استوْحَش: بَرِّيٌّ ووَحْشِيّ، كالحمار الوحشيّ. والأهليُّ هُوَ
الإنسيّ، ونهَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومَ خَيبر عَن
لُحُوم الحُمُر الْأَهْلِيَّة.
وَالْعرب تَقول: مرحَباً وأَهلاً، وَمَعْنَاهُ نزَلْتَ رُحْبا، أَي
سَعَةً، وأَتيتَ أَهلا لَا غَرَباء. وخَطأ بعضُ النَّاس قَول
الْقَائِل: فلانٌ يستأهل أَن يُكرَم، بِمَعْنى يَستحقّ الْكَرَامَة،
وَقَالَ: لَا يكون الاستئهال إلاّ من الإهالة، وأجازَ ذَلِك كثير من
أهل الْأَدَب، وَأما أَنا فَلَا أنكرهُ وَلَا أُخطِّىء من قَالَه،
لِأَنِّي سمعتُه. وَقد سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً من بني أسَد يَقُول
لرجُل أُولِيَ كَرامَةً: أَنْت تستأهل مَا أُوْلِيتَ، وَذَلِكَ
بِحَضْرَة جماعةٍ من الْأَعْرَاب، فَمَا أَنكَروا قَوْله، ويحقِّق
ذَلِك قولُ الله جلّ وعزّ: {اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ}
(المدثر: 56) .
قَالَ الأزهريّ: وَالصَّوَاب مَا قَالَه أَبُو زيد والأصمعيّ وَغَيره،
لِأَن الأسديّ أَلِفَ الحاضرةَ فأَخذَ هَذَا عَنْهُم.
قَالَ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: يُقَال: أَهَلَ فلانٌ امْرَأَة
يأْهِلُ إِذا تزوّجها، فَهِيَ مأْهولة.
وَقَالَ فِي بَاب الدّعاء: آهلك الله فِي الجنةِ إيهالاً، أَي زوّجك
مِنْهَا وأَدْخَلَكَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: أهَلَ يَأْهِل أَهْلا، ويأهُل أهُولاً، إِذا
تزوّج.
وَقَالَ المازنيّ: لَا يجوز أَن تَقول: أَنْت مستأْهلٌ هَذَا الْأَمر،
وَلَا أنتَ مستأَهلٌ لهَذَا الْأَمر، لأنّكَ إِنَّمَا تُرِيدُ أنتَ
مستوجِب لهَذَا الْأَمر، وَلَا يدلّ مستأهل على مَا أردتَ، وإنّما معنى
هَذَا الْكَلَام أَنْت تطلبُ أَن تكون من أَهل هَذَا الْمَعْنى، وَلم
تُرِد ذَلِك، وَلَكِن تَقول: أَنْت أهلٌ لهَذَا الْأَمر.
وَهل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وَهِلْتُ فِي الشَّيْء، ووَهِلْتُ عَنهُ
وَهَلاً، إِذا نَسِيتَه وغَلْطت فِيهِ، ووَهَلْتُ إِلَى الشَّيْء
أَهِلُ وهَلاَ إِذا ذَهَبَ وَهْمُك إِلَيْهِ. وَقَالَ الكسائيّ: مثله.
وَيُقَال: وَهِلَ الرجلُ، إِذا جَبُنَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، وَهَلْتُ، إِذا أَوْهَمْت وسَهَوْت،
ووَهِلْتُ، إِذا فَزِعْت أَوْهَلُ وَهَلاَ، فَأَنا وَهِلُ، ووهِلتُ
فأَنا واهِل أَي سَهَوْت.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَهَلَ يَهِل وَهْلاً مثل: وَهِمَ يَهِم. وَهْماً.
وَمِنْه قولُ ابْن عمر: وَهِلَ أَنَسٌ. قَالَ: وَأما الوَهَل فَهُوَ
الفَزَع، والمستَوْهِل الفَزِع النّشِيط.
قَالَ: ووَهِلْتُ إِلَيْهِ وَهْلاً: فَزِعْت إِلَيْهِ، ووَهِلْتُ
مِنْهُ: فزِعْتُ مِنْهُ.
(6/221)
قَالَ: ووَهَلْتُ إِلَى الشيءِ ووَهَلتُ
عَنهُ، إِذا نسِيتَه وغَلطتَ فِيهِ، وتوهَّلْتُ فلَانا، أَي عرَّضْتَهُ
لِأَن يَهِل أَي يَغلط. وَمِنْه الحَدِيث: (كَيفَ أنتَ إِذا أَتَاك
مَلكان فتوهَّلاكَ فِي قَبرك) ، جَاءَ بِهِ أَبُو سعيد.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَهلْتُ إِلَى الشَّيْء أَهِلُ وَهْلاً، وَهُوَ أَن
تُخطِىء بالشَّيْء فتَهِلُ إِلَيْهِ وَأَنت تُرِيدُ غيرَه.
ورَوَى أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي المُزال والمُفسَد عَن الأصمعيّ:
يُقَال: استوجَب ذاكَ واستحقَّه، وَلَا يُقَال اسْتَأَهلْه، وَلَا أنتَ
تَسْتَأهِل، وَلَكِن يُقَال: هُوَ أَهلُ ذَاك وأهلٌ لذاك، وَنَحْو
ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
قَالَ: وَيُقَال هم أَهْلَةُ ذَاك.
وَيُقَال لقيتُه أوَّلَ وَهلة، وَهُوَ أول مَا ترَاهُ.
وَله: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا
تُوَلَّهُ وَالِدَة عَن وَلَدهَا) .
قَالَ أَبُو عُبيد: التَّوْلِيهُ أَن يُفرَّقَ بَينهمَا فِي البَيع،
وكلّ أُنْثَى فارقتْ ولدَها فَهِيَ والِهٌ. قَالَ الْأَعْشَى يَذكرُ
بقرة أكلَ السِّباع ولدَها:
فأَقْبَلَتْ والِهاً ثَكْلَى على عَجَل
كلٌّ دَهَاها وكلٌّ عِندَها اجتمعَا
شمِر، عَن ابْن شُمَيْل: ناقةٌ ميِلاهٌ وَهِي الَّتِي فَقَدت ولدَها،
فَهِيَ تَلِه إِلَيْهِ.
يُقَال: ولَهتْ إِلَيْهِ تَلِه، أَن تَحنّ إِلَيْهِ. وَقَالَ غَيره:
فِيهِ لُغتان: ولِهَتْ تَوْلَه، وولَهتْ تَلِهُ.
وَقَالَ بَعضهم: الوَلَه يكون من الحُزنِ وَالسُّرُور، مِثل الطَّرَب.
وَقَالَ شمر: المِيلاهُ: النَّاقة تُرِبُّ بالفحْل، فَإِذا فقدَتْه
وَلِهتْ إِلَيْهِ. وناقةٌ والِهٌ.
قَالَ: والجمَل إِذا فَقَدَ أُلاّفَهُ فحنَّ إِلَيْهَا والِهٌ أَيْضا.
وَقَالَ الكُمَيت:
وَلِهتْ نَفسيَ الطَّرُوبُ إِلَيْهِم
وَلَهاً حَال دُون طَعْمِ الطَّعام
وَلِهَت: حَنَّت. قَالَ: والوَله يكون بَين الوالدة وولدِها، وَبَين
الْإِخْوَة، وَبَين الرّجل ووَلدِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَلَه: ذَهاب العَقل لِفقْدان الإلْف. يُقَال:
وَلِه يَوْلَه ويَلِه، وَالْأُنْثَى والهٌ ووالِهة.
قَالَ: والوَلْهان: اسْم شَيْطَان المَاء يُولِع الناسَ بِكَثْرَة
اسْتِعْمَال المَاء. والميلاهُ: الرِّيح الشَّدِيدَة الهُبوب ذاتُ
الحَنين.
أَله: جلّ وعزّ قَالَ اللَّيْث: بلغَنا أنَّ اسْم الله الْأَكْبَر
هُوَ: الله لَا إلاه إلاّ الله وَحده.
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: الله مَا فَعلتُ ذَاك، تُرِيدُ وَالله مَا
فعلتُه.
قَالَ: والتَّأَلُّه: التعبُّد، وَقَالَ رؤبة:
سَبَّحْنَ واسْتَرجعنَ من تألُّهِي
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الله، لَا تُطرح الألفُ من الِاسْم،
إِنَّمَا هُوَ الله على التمّام.
قَالَ: وَلَيْسَ من الْأَسْمَاء الَّتِي يجوز مِنْهَا اشتقاق فِعْل،
كَمَا يجوز فِي الرَّحمن الرّحيم.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه سَأَلَهُ عَن اشْتقاق
اسْم الله فِي اللُّغة، فَقَالَ: كَانَ حقُّه إلاهٌ، أُدخلت الألِف
وَاللَّام عَلَيْهِ للتعريف فَقيل: الْإِلَه، ثمَّ حَذفت العربُ
(6/222)
الهمزةَ استثقالاً لَهما، فلمّا تركُوا
الهمزةَ حَوّلوا كسرتها فِي اللَّام الَّتِي هِيَ لَام التَّعْرِيف،
وَذَهَبت الهمزةُ أصلا فَقيل: أَلِلاَه، فحرَّكوا لامَ التَّعْرِيف
الَّتِي لَا تكون إلاّ سَاكِنة، ثمَّ الْتَقَى لامان متحرِّكَتان
فأدغَموا الأولى فِي الثَّانِيَة، فَقَالُوا: الله، كَمَا قَالَ الله
جلّ وعزّ: {لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّى} (الْكَهْف: 38) : مَعْنَاهُ
لكنْ أَنا.
ثمَّ إِن الْعَرَب لمّا سَمِعوا اللهمّ قد جرَت فِي كَلَام الخَلق
توهَّمُوا أنّه إِذا ألْقِيت الألفُ وَاللَّام من الله كَانَ الْبَاقِي
لاه، فَقَالُوا لَا هُمَّ، وَأنْشد:
لَا هُمَّ أَنْتَ تَجبُر الكَسيرا
أنتَ وهبْت جِلَّةً جُرْجُورا
وَيَقُولُونَ: لاهِ أَبوك، يُرِيدُونَ لله أَبوك، وَهِي لَام
التَّعَجُّب يُضْمِرون قَبلها: اعجَبُوا لِأَبِيهِ مَا أَكْمَله،
فيَحذِفونَ لامَ التعجّب مَعَ لَام الِاسْم، وَأنْشد لِذي الإصْبع:
لاهِ ابنَّ عمِّي مَا يَخا
فُ الحادثاتِ من العَواقبْ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَقد قَالَت الْعَرَب: بِسم الله بِغَيْر مدّة
اللَّام وحذفِ مَدَّةِ لاهِ، وَأنْشد:
أَقْبَلَ سَيْلٌ جاءَ من أَمر الله
يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّة المُغِلَّه
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم أَيْضا:
لَهِنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لَوَسِيمةٌ
على هَنَواتٍ كاذبٍ من يقولُها
إِنَّمَا هُوَ لله إِنَّك، فحذَف الْألف وَاللَّام فَقَالَ: لاهِ
إِنَّك، ثمَّ ترك همزَة إِنَّك، فَقَالَ: لَهِنَّك.
وَقَالَ الآخر:
أبائنةٌ سُعْدَى نَعَمْ وتُماضِرُ
لَهِنَّا لمَقْضِيٌّ علينا التَّهاجُر
يَقُول: لاهِ إنَّا، فَحذف مدَّة لاه، وَترك همزَة إِنَّا.
قَالَ الْفراء فِي قَول الشَّاعِر: لَهِنَّك، أَرَادَ لإِنَّك، فأبدل
الهمزَة هَاء، مِثل هَراق المَاء وأَراق.
قَالَ: وأَدخَل اللَّام فِي إِن لليَمِين، وَلذَلِك أجابَها بِاللَّامِ
فِي: لَوَسِيمة.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وسمعتُ الثورِيّ يَقُول: سمعتُ أَبَا زيد
يَقُول: قَالَ لي الكسائيّ: ألَّفتُ كتابا فِي مَعَاني الْقُرْآن،
فقلتُ لَهُ: أسمعتَ الحمدُ لَاهِ رَبِّ الْعَالمين؟ فَقَالَ: لَا.
فَقلت: فاسمَعْها.
قلتُ: لَا يجوز فِي الْقِرَاءَة إِلَّا {الْحَمْدُ للَّهِ}
(الفَاتِحَة: 2) بِمدَّة اللَّام، وَإِنَّمَا يقرأُ مَا حَكَاهُ أَبُو
زيد الأعرابُ ومَن لَا يَعرِف سُنة القِراءة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فَالله أصلُه إلاه، قَالَ الله جلّ وعزّ:
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَاهٍ بِمَا خَلَقَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 91) .
قَالَ: وَلَا يكون إلاهاً حَتَّى يكون معبوداً وَحَتَّى يكون لعابده
خَالِقًا، ورازقاً، ومدبِّراً، وَعَلِيهِ مُقتدِراً، فَمن لم يكن
(6/223)
كَذَلِك، فَلَيْسَ بإلاه، وَإِن عُبِد
ظُلْماً، بل هُوَ مخلوقٌ ومُتعبَّدٌ.
قَالَ: وأصل إلاه وِلاه. فقلِبت الْوَاو همزَة كَمَا قَالُوا: للوِشاح
إشاح، وللوِجاج إجاج وَمعنى وِلاَه أَنّ الخلْق إِلَيْهِ يَوْلَهون فِي
حوائجهم، ويَفزعون إِلَيْهِ فِيمَا يُصيبُهم ويَفزَعون إِلَيْهِ فِي كل
مَا يَنوبُهم كَمَا يَوْلَه كلٌّ طِفْل إِلَى أمه.
وَقد سَمَّت العربُ الشمسَ لمّا عَبَدُوها: إلاهة.
وَقَالَ عُتيبة بنُ الْحَارِث اليَربوعيّ:
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباء عَصْراً
فَأَعْجَلْنَا الإلاهة أَن تَؤُوبَا
وَكَانَت العَرَب فِي جَاهِلِيَّتهَا يَدعُون مَعبُوداتهم من
الْأَصْنَام والأوْثان آلِهَة، وَهِي جمعُ إلاهة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ} (الْأَعْرَاف: 127) ،
وَهِي أصنامٌ عَبَدها قومُ فِرْعَوْن مَعَه.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: (ويذَرَك وإلَاهتَك) ويُفسِّره
وعِبادَتك. واعتلّ بأنّ فِرْعَوْن كَانَ يُعبَد وَلَا يَعْبُد
وَالْقِرَاءَة الأولى أَكثر وأشهَر، وَعَلَيْهَا قراءةُ الْأَمْصَار.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الإلاهَةُ:
الحيَّة.
قَالَ: وَهِي الْهلَال.
قلت: فَهَذَا مَا سمعناه فِي تَفْسِير اسْم الله واشتقاقه.
ونذكُر الْآن مَا قيل فِي تَفْسِير اللَّهمَّ، لاتصاله بتفسير الله.
فَأَما إعرابُ اللَّهمَّ فضمُّ الْهَاء وَفتح الْمِيم، لَا اختلافَ
فِيهِ بَين النَّحْوِيين فِي اللَّفْظ، فَأَما العِلة وَالتَّفْسِير
ففيهما اخْتِلَاف بَينهم.
فَقَالَ الْفراء: معنى اللهمّ: يَا ألله أُمَّ بخيْر، رَوَاهُ سَلَمة
وغيرُه عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجّاج: هَذَا إقْدام عَظِيم، لِأَن كل مَا
كَانَ من هَذَا الْهَمْز الَّذِي طُرِح فأكثرُ الْكَلَام الإتيانُ
بِهِ. يُقَال: ويلُ أُمِّه وويل امِّه، وَالْأَكْثَر إِثْبَات
الْهَمْز، وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ الْفراء لجازَ: الله أَوْمُمْ
وَالله أمَّ، وَكَانَ يجب أَن يلْزمه (يَا) لِأَن الْعَرَب إِنَّمَا
تَقول: يَا ألله اغْفِر لنا، وَلم يقل أحد من الْعَرَب إلاّ اللهمَّ،
وَلم يقل أَحدٌ يَا اللَّهُمَّ. قَالَ الله جلّ وعزّ: {يَسْتَبْشِرُونَ
قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُواْ
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (الزُّمَر: 46) فَهَذَا القَوْل يُبْطَل من
جِهَات: إِحْدَاهَا أَن (يَا) لَيست فِي الْكَلَام، وَالْأُخْرَى أَن
هَذَا الْمَحْذُوف لم يُتكلَّم بِهِ على أَصله كَمَا تكلم بِمثلِهِ،
وَأَنه لَا يُقدَّم أَمَام الدُّعَاء. هَذَا الَّذِي ذكره.
قَالَ الزّجاج: وزعَمَ الْفراء أَن الضمة الَّتِي هِيَ فِي الْهَاء
ضمةُ الْهمزَة الَّتِي كَانَت فِي أُمّ، وَهَذَا محَال أَن يُترك الضمّ
الَّذِي هُوَ دَلِيل على النداء المُفرَد، وأَن يُجعَل فِي اسْم الله
ضمة أُمَّ، هَذَا إلحادٌ فِي اسْم الله. قَالَ: وَزعم أنّ قَوْلنَا
هَلمّ: مِثْل ذَلِك، وأنّ أصلَها هَلْ أُمَّ، وَإِنَّمَا هِيَ لُمَّ
وَهَا للتّنْبِيه، قَالَ: وَزعم الفرّاء أنّ (يَا) قد يُقَال مَعَ
اللَّهُمَّ، فَيُقَال: يَا اللَّهُمَّ، واستشهَد بشِعر لَا يكون مِثلُه
حُجّةً:
وَمَا عليكِ أَن تقولِي كلَّما
صلَّيْتِ أَو سَبّحْتِ يَا للَّهُمَّمَا
(6/224)
اردُدْ علينا شَيخَنا مُسلَّما
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ الْخَلِيل وسيبويه وَجَمِيع النحويّين
الموثوق بعلمهم: اللهمَّ بِمَعْنى يَا ألله، وَأَن الْمِيم المشدّدة
عِوَض من (يَا) لأَنهم لم يَجِدوا (يَا) مَعَ هَذِه الْمِيم فِي كلمةٍ
ووجَدُوا اسمَ الله مستعَملاً ب (يَا) إِذا لم تُذكَر الْمِيم فِي آخر
الْكَلِمَة فعَلموا أَن الْمِيم فِي آخر الْكَلِمَة بِمَنْزِلَة (يَا)
فِي أوّلها والضمة الَّتِي فِي الْهَاء هِيَ ضمة الِاسْم المنادى
الْمُفْرد وَالْمِيم مَفْتُوحَة لسكونها وَسُكُون الْمِيم قبلهَا.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله تَعَالَى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ} (المَائدة: 114) ذكر سِيبَوَيْهٍ أنّ
اللهمّ كالصوت وَأَنه لَا يوصَف، وَأَن رَبَّنا منصوبٌ على نِدَاء آخر.
قلت: وَأنْشد قُطربٌ:
إنِّي إِذا مَا مَطعَمٌ أَلمَّا
أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُما
وَقَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: الدَّلِيل على صِحَة قَول الفرّاء
وَأبي العبّاس فِي اللَّهُمَّ أنّه بِمَعْنى يَا ألله أُمَّ، إِدْخَال
العَرَب (يَا) على (اللَّهم.
ورَوَى سَلمَة عَن الفرّاء أَنه قَالَ بعد قَوْله الأوّل: وَمن
الْعَرَب من يَقُول إِذا طَرَح الميمَ: يألله اغْفِر لي بِهَمْزَة،
وَمِنْهُم من يَقُول: يَلّله بِغَيْر همزَة، فَمن حَذَف الْهمزَة
فَهُوَ على السَّبيل، لِأَنَّهَا ألف وَلَام، مِثل الْحَارِث من
الْأَسْمَاء وأشباهِه، وَمن هَمَزَها توهّمَ الْهمزَة من الْحَرْف إِذا
كَانَت لَا تَسقط مِنْهُ، وَأنْشد:
مُباركٌ هُوَ وَمن سَمَّاهُ
على اسْمك اللَّهُمَّ يَا ألله
قَالَ: وَقد كَثُرت اللهمّ فِي الْكَلَام حتْى خُفِّفتْ ميمها فِي بعض
اللّغات. أَنْشدني بعضهُم:
بحَلفةٍ من أبي رَبَاح
يسْمعهَا اللَّهُمَ الكُبارُ
قَالَ: وإنشاد الْعَامَّة: (يسمَعُها لاهُهُ الكُبار) . قَالَ: وأنشده
الكسائيّ: يسْمعهَا الله وَالله كُبار.
وَقَالَ الكسائيّ: الْعَرَب تَقول: يَأ الله اغْفِر لي ويَللَّه اغْفِر
لي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سمعتُ الخليلَ يَقُول: يَكرَهون أَن يَنقُصوا من
هَذَا الِاسْم شَيْئا يَأ الله، أَي لَا يَقُولُونَ: يَلَّه.
تفسيرُ:
لَهَا لهى: وألهى وتَلهَّى واستَلْهى ولاَهَى. أمَّالَها، فَهُوَ من
اللَّهو. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهْو: مَا شَغَلك من هَوًى وطَرَب،
يُقَال: لهَا يَلْهُو، والتَهَى بامرأةٍ فَهِيَ لَهْوَتُه، وَقَالَ
العجّاج:
ولَهْوةُ اللاّهي وَلَو تَنَطَّسا
قَالَ: واللَّهْو: الصُّدُوف، يُقَال: لهَوْت عَن الشَّيْء أَلْهُو
لَهاً.
قَالَ: وقولُ الْعَامَّة: تلهّيتُ. وَتقول: أَلْهاني فلانٌ عَن كَذَا
وَكَذَا أَي، شَغلَني وأنساني.
قلتُ: كلامُ الْعَرَب جاءَ على خِلاف مَا قَالَه اللَّيْث: تَقول
العَرَب: لهوْتُ بِالْمَرْأَةِ وبالشّيء أَلْهُو لَهْواً لَا غير،
وَلَا يُقَال: لَهىً، وَيَقُولُونَ: لَهِيتُ عَن الشَّيْء أَلْهَى
لُهِيّاً.
(6/225)
ورَوَينا عَن ابْن الزُّبير أنّه كَانَ
إِذا سَمع صوتَ الرّعد لَهِيَ عَن حَدِيثه.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ والأصمعيّ: قولُه لَهِيَ عَن
حَدِيثه، يَقُول: تَركه وأَعرَضَ عَنهُ. وكلُّ شَيْء تركتَه فقد لَهِيت
عَنهُ. وأَنشد الكسائيّ:
إلْهُ مِنْهَا فقد أَصابَك مِنها
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: لَهِيتُ مِن فلَان وَعنهُ فأَنا أَلْهَى.
وَقَالَ الكسائيّ: لَهِيتُ عَنهُ لَا غيْرُ. وَقَالَ: إلْهَ مِنْهُ
وَعنهُ.
وَقَالَ ابْن بزرج: لَهِيت مِنْهُ وَعنهُ. قَالَ: ولَهوْتُ ولَهِيتُ
بالشَّيْء، إِذا لَعِبتَ بِهِ، وَأنْشد:
خلعتُ عِذارَها ولهِيتُ عَنْهَا
كَمَا خُلِعَ العِذارُ عَن الجَوادِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لَهيتُ بِهِ وَعنهُ: كرِهْته، ولهوْتُ
بِهِ: أحبَبْته، وَأنْشد:
صَرَمَتْ حِبَالَكَ فالْهَ عَنْهَا زَينبُ
وَلَقَد أطلتَ عتابَها لَو تُعْتِب
لَو تعتب: لَو تُرضيك.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عَرَفَة النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ:
{لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ} (الأنبيَاء: 3) أَي مُتشاغلة عمّا يُدْعَوْن
إِلَيْهِ.
قَالَ: وَهَذَا من لَهِيَ عَن الشَّيْء يَلهَى إِذا تشاغل بِغَيْرِهِ.
قَالَ: وَهَذَا من قَول الله جلّ وعزّ: {يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ}
(عَبَسَ: 10) أَي تتشاغل، والنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَلْهو،
لأنّه قَالَ: (مَا أَنا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِنَّي) .
ورُوِي عَن عمرَ أنّه أخَذ أربعمَائة دِينَار فجعَلَها فِي صُرّة ثمَّ
قَالَ للغلام: اذهَبْ بهَا إِلَى أبي عُبَيْدَة بنِ الجَراح، ثمَّ
تَلَهَّ سَاعَة فِي الْبَيْت، ثمَّ انْظُر مَاذَا يَصنَع، قَالَ
ففرَّقَها.
قَالَ شمر: قَوْله: تَلَهَّ سَاعَة: التلهِّي بالشَّيْء: التعلُّل بِهِ
والتمكُّث، يُقَال: تلهيْتُ بِكَذَا، أَي تعلّلتُ بِهِ وأَقمتُ
عَلَيْهِ وَلم أفارِقْه. وتَلهت الإبلُ بالمَرعَى، إِذا تعلّلتْ بِهِ،
وأَنشد:
لنا هَضَباتٌ قد ثَنَيْن أكَارِعاً
تَلَهَّى ببَعْض النَّجْم وَاللَّيْل أبْلَقُ
يُرِيد ترعَى فِي الْقَمَر، والنجم: نَبتٌ، وَأَرَادَ بهَضَبات
هَاهُنَا إِبلاً، وَأنْشد شمر لبَعض بني كلاب:
وساجِيَةٍ حَوْراءَ يَلْهو إزَارُها
إِلَى كَفَلٍ رابٍ وخَصْرٍ مُخصَّرٍ
قَالَ: يلهو إزارُها إِلَى الكَفَل فَلَا يفارِقُه، قَالَ:
وَالْإِنْسَان اللاّهي إِلَى الشَّيْء، إِذا لم يفارِقْه ولَهِيَ عَن
الشَّيْء وتلَهَّى عَنهُ، إِذا غَفَل عَنهُ.
قَالَ شمِر: وَيُقَال: قد لاهَى فلَان الشَّيْء إِذا داناه وقاربه،
ولاهى الغلامُ الفِطامَ، إِذا دَنَا مِنْهُ. وَأنْشد قَول ابْن حِلّزة:
أتَلهَّى بهَا الهواجِرَ إذْ ك
لُّ ابنِ هَمَ بَليَّةٌ عَمْياءُ
قَالَ: تَلهِّيه بهَا: ركوبُه إِيَّاهَا، وتعلُّلُه بسَيْرها. وَقَالَ
الفَرَزْذَق:
أَلا إِنَّمَا أفنى شبابيَ فانقَضَى
على مَرِّ ليلٍ دائبٍ ونهَارِ
(6/226)
يُعيدانِ لي مَا أمْضَيا وهما مَعًا
طَرِيدَانِ لَا يَستَلْهِيانِ قَرارِي
قَالَ: مَعْنَاهُ لَا ينتظران قَراري، وَلَا يستوقِفاني.
وحدّثنا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حدّثنا صَالح
بنُ مَالك قَالَ: حدّثنا عبد الْعَزِيز بن عبدِ الله، عَن مُحَمَّد بن
المنكدِر، عَن يزيدَ الرَّقاشيّ، عَن أنس بنِ مَالك، عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (سألتُ ربّي ألاَّ يُعذِّب اللاَّهين من
ذرّية البَشَر، فأعطانيهم) . قيل فِي تَفْسِير اللاّهين: إِنَّهُم
الْأَطْفَال الَّذين لم يَقْتَرفُوا ذَنبا. وَقيل: اللاّهون الَّذين لم
يتعمّدوا الذَّنْب، إِنَّمَا أَتوْه غَفلَة ونِسياناً وخَطأً، وهم
الَّذين يَدْعون الله فَيَقُولُونَ: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن
نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} (البَقَرَة: 286) كَمَا علمهمْ الله.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الله: {لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ
لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ} (الأنبيَاء: 17) .
قَالَ: اللَّهْو: المرأةُ نَفسهَا هَهُنَا.
وَقَالَ الزّجاج: قَالَ أهل التَّفْسِير: اللَّهْو فِي لُغَة أهل
حَضْرَمَوْتَ: الوَلَدُ
قَالَ: وَقيل: اللَّهْو: الْمَرْأَة.
قَالَ: وتأويله فِي اللُّغَة أنَّ الولَد لَهْوُ الدُّنْيَا، أَي لَو
أردْنا أَن نتّخذ وَلَداً ذَا لَهْوٍ يُلهَى بِهِ، وَمعنى
{لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ} : أَي لاصطفيناه ممّا نَخْلق.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لاهاهُ، أَي دنا مِنْهُ، وهَالاَه أَي
قَارَعه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: لاهِ أَخَاك يَا فلَان، أَي افعلْ بِهِ
نحوَ مَا يَفعل بك من الْمَعْرُوف. وأَلْهِه سَوَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهاةُ: أقصَى الْحَلق، وَهِي لَحمة مُشرِفة على
الْحَلْق، وَهِي من الْبَعِير العربيِّ الشِّقْشِقَة، ولكلِّ ذِي
حَلْقٍ لَهاة، والجميع: لَهَا ولَهَوات.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يجمَع اللُّهاة: لِهاءً، وَأنْشد:
يَنشَب فِي المَسْعَل واللِّهاءِ
وَقَالَ اللَّيْث: اللُّهْوة: مَا أُلقِي فِي فَمِ الرَّحا من الحَبّ
للطَّحن. وَقَالَ ابْن كُلْثُوم:
ولُهْوَتُها قُضاعة أجمعِينا
قَالَ: واللُّهَى: أَفضَل العَطايَا، واحدتها لُهْوة، ولُهية، وَأنْشد:
إِذا مَا بالُّلهَى ضَنَّ الكِرامُ
وَقَالَ النابغةُ يمدَح قوما:
عظامُ اللُّهى أَبنَاء أبناءِ عُذْرَةٍ
لَهامِيمُ يَسْتَلْهُونها بالجَراجِرِ
يُقَال: أَرَادَ بقوله عِظامَ اللُّهَى، أَي عظامَ العطايا، واحدتها
لُهْوَة، يُقَال: أَلهَيْتُ لَهُ لُهْوَة من المَال كَمَا يُلهَى فِي
حُرِيِّ الطاحونة. ثمَّ قَالَ: يَسْتَلْهُونها، الهاءُ للمكارِم، وَهِي
العطايا الَّتِي وصفهَا. والجَراجِر: الحَلاقِيم. وَيُقَال: أَرَادَ
باللُّهى الْأَمْوَال، أَرَادَ أنّ أَمْوَالهم كَثِيرَة قد
استَلْهَوْها، أَي استكثروا مِنْهَا.
أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ ابْن بزرج: تَلَهْلأتُ، أَي نَكصْتُ.
(بَاب الْهَاء وَالنُّون)
(هـ ن (وَا يء))
هَنأ، (يهنأ) ، نهى، ناه، وَهن، نهأ، هان، هُنَا، (هَا هُنَا) ، أَنه،
أهن.
(6/227)
هَنأ: قَالَ أَبُو زيد يُقَال فِي
الْهمزَة: هَنَأتُ البعيرَ أهنَؤُه هَنْأً، إِذا طَلَيْتَه بالهِنَاء،
وَهُوَ القَطِران.
قَالَ: وَتقول هَنأَني الطَّعامُ، وَهُوَ يَهْنَؤُني هِنْأً وهَنْأً
ويَهْنِئُني.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: هَنَأَكَ الله ومَرأَك، وَقد
هَنأَني الطَّعامُ ومَرَأَني بِغَيْر ألف، إِذا أَتْبعوه هنَأَني،
فإِذا أفردُوه قَالُوا: أَمْرَأَني.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: العربُ تَقول لِيَهْنِئْك الفارسُ، بجَزْم
الْهمزَة، وليَهْنِيك الفارسُ بياءٍ سَاكِنة، وَلَا يجوز لِيَهْنِك،
كَمَا تَقول الْعَامَّة.
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: إِنَّمَا سُمّيت هانِئاً لتهنَأَ
ولِتَهْنِىء، أَي لتُعطِيَ: لُغَتَانِ، وَالِاسْم الهِنْءُ، وَهُوَ
الْعَطاء.
وَقَالَ الزَّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً
مَّرِيئاً} (النِّساء: 4) يُقَال: هنأَني الطعامُ ومَرَأَني.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: يُقَال مَعَ هنأَني: مَرَأَني، فَإِذا لم
تَذْكُر هنأني قلتَ: أَمْرَأَني.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: هنَأْتُ الرجلَ: أعطيتُه.
وَقَالَ غَيره: هنأتُ القَوْمَ، إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأعطيتهم،
يُقَال: هنأَهم شَهْرَيْن يَهنَؤُهم، إِذا عالهم، وَمِنْه المَثَل:
إِنَّمَا سُمِّيت هانئاً لِتَهنَأَ، أَي لتَعُول وتكفي، يُضرَب لمن
عُرِف بِالْإِحْسَانِ، فَيُقَال لَهُ: اجْرِ على عادَتِك وَلَا
تقْطَعْها.
وَقَالَ الكسائيّ: لِتَهْنِىء بِالْكَسْرِ، وَيُقَال: استهنَأَ فلانٌ
بني فلَان، فَلم يَهْنِئوه، أَي سأَلهم فَلم يُعْطوه، وَقَالَ عُرْوَة
بن الوَرْد:
ومُسْتَهْنِىءٍ زَيدٌ أبوهُ فَلم أَجِدْ
لَهُ مَدْفَعاً فاقْنَيْ حَياءكِ واصبِري
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: مَا هَنِىءَ لي هَذَا الطعامُ، أَي مَا
استهنَأْتُه، وهَنِئَت الإبلُ مِن نَبْت الأَرْض، أَي شَبِعَتْ،
وأكلْنا من هَذَا الطَّعَام حَتَّى هَنِئْنا مِنْهُ، أَي شَبِعنا.
وَيُقَال: هنَأَنِي خيرُ فلانٍ أَي كَانَ هَنِيئًا بِغَيْر تَبِعة
وَلَا مَشَقّة، وَقد هنأَنا الله الطعامَ، وَكَانَ طَعَاما
استَهْنَأَناه، أَي استَمْرَأْناه.
وَقَالَ أَبُو زيد: هَنِئَت الماشيةُ تهَنأْ هَنْأً، إِذا أَصابت
حَظّاً من البَقْل من غير أَن تَشبَع مِنْهُ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال فِي الدُّعَاء للرجل: هَنِئْتَ وَلَا
تَنْكَهْ، أَي أصبتَ خيرا وَلَا أصابَك الضَّرُّ، يَدْعُو لَهُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: معنى قَوْله: هَنِئْتَ، يُرِيد ظَفِرْتَ،
على الدُّعَاء لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هَنُؤَ الطعامُ يَهْنُؤُ هناءَةً، ولغةٌ أُخْرَى
هَنِيَ يَهْنا، بِلَا همز.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال هَذَا مُهَنَّأٌ، قد جَاءَ بِالْهَمْز:
اسْم رَجُل.
وَقَالَ أَبو عبيد: من أَمثالهم فِي الْمُبَالغَة وَترك التَّقْصِير
قولُهم: لَيْسَ الهِناءُ بالدَّسّ، الدَّسُّ أَن يَطلِيَ الطَّالي
مَساعِرَ الْبَعِير، وَهِي المواضعُ الَّتِي يُسْرِع إِلَيْهَا
الجَرَبُ من الآباط والأرفاغ وأمِّ القِرْدان وَنَحْوهَا. فَيُقَال:
دُسَّ البعيرُ فَهُوَ مَدْسُوس، إِذا
(6/228)
طُليَت هَذِه المواضعُ مِنْهُ، وَمِنْه
قَول ذِي الرمة:
قَرِيعُ هجانٍ دُسَّ مِنْهُ المَسَاعِرُ
فَإِذا عُمَّ جسدُ الْبَعِير كُله بالهِناء فَذَلِك التَّدجِيل، يُضرَب
مثلا للَّذي لَا يُبالِغ فِي إحكام الْأُمُور وَلَا يَستوثِق مِنْهَا،
ويَرضَى باليسير مِنْهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تهنَّأَ فلانٌ، إِذا كَثُر عَطاؤُه،
مأخوذٌ من الهِنْء، وَهُوَ الْعَطاء الْكثير.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الْخَلِيل فِي قَول الْأَعْشَى:
لَا تَهَنَّا ذِكرَى جُبَيْرةَ أَمَّنْ
جَاءَ مِنْهَا بطائفِ الْأَهْوَال
قَالَ: يَقُول: لَا تُجَمْجِمُ عَن ذِكرها، لِأَنَّهُ يَقُول: قد فعلتُ
وهنَيْتُ، فتُجَمْجِم عَن شَيْء، فَهُوَ من هنَيْتُ، وَلَيْسَ بأَمْر،
وَلَو كَانَ أَمراً كَانَ جَزْماً، وَلكنه خبر. يَقُول: أَنت لَا
تَهْنَا ذِكْرَها.
قلتُ: وَقَالَ غيرُ الْخَلِيل فِي قَوْلهم: (لاتَ هنَّا) : (لاتَ) حرف،
و (هنَّا) كلمة أُخرى. وأَنشد الأصمعيّ:
لات هَنَّا ذِكرَى جُبَيْرة
الْبَيْت، يَقُول: لَيْسَ جُبيرةُ حيثُ ذهبْتَ، ايأَسْ مِنْهَا، لَيْسَ
هَذَا بِموضع ذِكرها.
قَالَ: وقولُه:
... . أَمَّنْ
جَاءَ مِنْهَا بطائفِ الأهوالِ
يَستفهم، يَقُول: مَن الَّذِي دَلَّ خيالها علينا؟ وَقَالَ الرَّاعِي:
نعمْ لاتَ هَنَّا إنَّ قلْبَك مِتْيَحُ
يَقُول: لَيْسَ الأمرُ حَيْثُ ذهبتَ، إِنَّمَا قلبُك مِتيحٌ فِي غير
ضَيعة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أَمثال الْعَرَب: (حَنَّتْ ولاتَ هَنَّت) ،
وأَنَّى لَك مقروع.
قَالَ: يُضرَب مَثَلاً لمن يُتهَم فِي حَدِيثه وَلَا يُصدَّق، قَالَه
مَازِن بنُ مَالك بن عَمْرو ابْن تَمِيم لابنَة أَخِيه الهَيْجُمانة
بنت العَنْبر بن عَمْرِو بن تَمِيم حِين قَالَت لأَبِيهَا: إنّ عبد شمس
بن سعد بن زيد مَناةَ يُرِيد أَن يُغِير عَلَيْهِم فاتهمها مازِن، لأنّ
عبدَ شمسٍ كَانَ يَهْوَاها وتهْوَاه، يُقَال هَذِه الْمقَالة، وَقَوله:
عَنَّت أَي حَنَّت إِلَى عبد شمس ونزَعَتْ إِلَيْهِ وَقَوله: ولاتَ
هَنَّتْ: أَي لَيْسَ الأمرُ حيثُ ذهبَتْ.
وَقَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول فِي قَول مازِن: حَنَّت
ولاتَ هَنَّتْ، يَقُول: حَنّت إِلَى عاشقها، وَلَيْسَ أوانَ حَنين،
وَإِنَّمَا هُوَ وَلاَ، والهاءُ صلَة جُعِلْت تَاء، وَلَو وقَفتَ
عَلَيْهَا لقلتَ: لاَهْ فِي الْقيَاس، وَلَكِن يَقِفون عَلَيْهَا
بِالتَّاءِ.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: وسأَلْتُ الكسائيّ: كَيفَ تَقِف على بنت؟ ،
فَقَالَ بِالتَّاءِ اتّباعاً للْكتاب، وَهِي فِي الأَصْل هَاء.
قلت: وَالْهَاء فِي قَوْله: هَنَّتْ كَانَت هاءَ الوَقْفة، ثمَّ
صُيِّرتْ تَاء ليُزاوِجُوا بِهِ حَنّت. وَالْأَصْل هَنَّا، ثمَّ قيل
فِي الْوَقْف: هَنّه للْوَقْف، ثمَّ صُيِّرتْ تَاء.
(6/229)
هُنَا هَاهُنَا: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد،
يُقَال: اجلِس هَهنا أَي قَرِيبا، وتَنحَّ هَا هُنَا، أَي ابعدْ
قَلِيلا.
قَالَ: وهَهَنَّا أَيْضا، تقولُ قيسٌ وَتَمِيم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: من
أمثالهم: (هَنَّا وهَنَّا عَن جِمالِ وَعَوْعَهْ) كَمَا تَقول: كلُّ
شَيْء وَلَا وَجَعُ الرَّأْس، وكل شَيْء وَلَا سَيْفُ فَراشَة.
وَقَالَ غَيره: معنى هَذَا الْكَلَام: إِذا سَلِمْتُ وسَلِم فلانٌ لم
أكتَرِثْ لغيره.
والعَرَبُ تَقول: إِذا أَرَادَت البُعْدَ: هَنّا وَهَا هَنَّا وهَنَّاك
وَهَا هَنَّاكَ، وَإِذا أَرَادَت القُربَ قالتْ: هُنَا وهَهنا، ونقول
للحبيب: هَهُنا وهُنَا، أَي تَقرَّب، وادْنُ، وَفِي ضدِّه للبَغيض هَا
هَنَّا وَهَنَّا، أَي تَنحَّ بَعيدا، وَقَالَ الحُطيئة:
فَها هَنَّا اقعُدِي عني بَعيدا
أراحَ الله منكِ العالَمِينا
يُخَاطب أمَّه ويهجوها.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف فلاةً بعيدَة الْأَطْرَاف:
هَنَّا وهَنَّا وَمن هَنَّا لهنّ بهَا
ذَات الشمائلِ وَالْإِيمَان هَيْنُومُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هُنَا: اللَّهْو، وَهُوَ مَعرِفة، وَأنْشد:
وحديثِ الرَّكب يومَ هُنَا
وحديثٌ مَا على قِصَرِه
وَقَالَ غَيره: هُنَا: مَوضِع بعَيْنه فِي هَذَا الْبَيْت. وَمن
العَرَب من يَقُول فِي قَوْله: يومَ هُنَا إِنَّه كَقَوْلِك: يومَ
الأوَّل، رَوَاهُ ابْن شُمَيْل عَن أبي الخطَّاب.
ورُوِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهُنَا النَسَب
الدَّقيق الخسيس، وَأنْشد:
حاشَا لَفَرْعَيْكِ من هُنَا وهُنَا
حَاشَ لأعراقِك الَّتِي تَشِجُ
وَقَول الْأَعْشَى:
يَا ليتَ شِعرِي هلْ أعُودَنَّ ناشئاً
مِثلي زُمَيْنَ هَنَا بُبرْقَةِ أَنقَدَا
أَرَادَ زُمَيْن أَنا، فقَلَب الْهمزَة هَاء، تَقول الْعَرَب: هَنَا
وهَنْتَ، بِمَعْنى أَنَا وأَنْتَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: يَا هَنَا هلُمَّ وَيَا هَنَانِ
هَلُمَّا وَيَا هَنُون هَلُمَّ، وَيُقَال للرجل أَيْضا يَا هَناةُ
هَلُمَّ، وَيَا هَنَانِ هَلُمَّ، وللمرأة يَا هَنَتَا هَلُمَّ، وَفِي
الْوَقْف يَا هَنَتَاه، وَيَا هَنَاه، وتُلْقَى الهاءُ فِي الإدراج،
وعامةُ قيس تَقول: يَا هنَاتُ هَلُمَّ.
وَقَالَ أَبُو الصَّقْر يُقَال: يَا هَناه هَلُمَّ وَيَا هنَان
هَلُمَّا، وَيَا هَنُون هلُمُّوا، وَيَا هنَتَاه هَلُمَّى وَيَا
هَنَتَان هَلُمَّا، وَيَا هنَاتُ هَلْمُمْنَ. وَهَذَا فِي لُغَة
تَمِيم.
قَالَ ابْن الأنباريّ فِي كتاب (التَّأْنِيث والتذكير) : إِذا نادَيتَ
مذكَّراً بِغَيْر التَّصْرِيح باسمه قلتَ: يَا هَنُ أَقْبِل،
وللرَّجُلَين: يَا هنَان أَقْبِلاَ، وللرِّجال: يَا هَنون أَقْبِلوا،
وللمرأة: يَا هنَةُ أَقبِلِي، وللمرأَتَيْن يَا هنَتان، وللنِّسوة يَا
هنَات.
قَالَ: وَمِنْهُم من يزِيد الألفَ والهاءَ، فَيَقُول للرجل: يَا هناهُ
أَقْبِل، يَا هناهِ أقبِلْ، بضمُّ الْهَاء وخَفْضِها، حَكَاهُمَا
(6/230)
الفرَّاء، فَمن ضَمَّ الْهَاء قدَّر
أَنَّهَا آخر الِاسْم، وَمن كَسَرها قَالَ: كَسرْتُها لِاجْتِمَاع
الساكنين، وَيُقَال فِي الِاثْنَيْنِ على هَذَا الْمَذْهَب: يَا
هنَانِيِه أَقْبِلا وَإِن شئتَ قلتَ يَا هنَانَاه أَقْبِلا.
قَالَ الفرَّاء: كسرُ النُّون وإتباعُها للياء أَكثر، وَيُقَال فِي
الْجمع على هَذَا: يَا هَنَوْناه أَقْبِلوا.
قَالَ: وَمن قَالَ للمذكَّر: يَا هَناهُ وَيَا هَناهِ، قَالَ
للْأُنْثَى: يَا هنَتَاهُ أَقْبلي، وَيَا هنَتَاه، وللاثنتين: يَا
هنَتَانِيهِ وَيَا هنَتَانَاهُ أَقْبِلا، وللجَميع من النِّساء: يَا
هنَاتَاه، وَأنْشد:
وَقد رابَني قولُها: يَا هُنَا
ةُ وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرَّا بِشَرِّ
وَإِذا أَضفتَ إِلَى نَفسك قلت: يَا هَنِي أَقْبِلْ، وَإِن شئتَ يَا
هَنَ أَقْبِل، وَإِن شِئْت يَا هَنُ أَقْبِل، وَتقول: يَا هَنَى
أَقْبِلا، وللجميع يَا هَنِيَّ أَقْبِلوا، فتَفْتَحُ النُّون فِي
التَّثْنِيَة، وتكسِرُها فِي الْجمع.
نهى نهأ: قَالَ أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: النَّهِيءُ على مِثالِ
فَعِيل: النِّيُّ، وَقد نهِىءَ نُهْوَءةً على فُعولةِ ونَهاءَةً
مَمْدُود على فَعالة، وَهُوَ بيِّن النُّهوء، مهموزٌ مَمْدُود، وبيِّن
النَّيُوء مثل النُيُوع.
قَالَ: وأنْهأْت اللَّحْمَ وأَنَأْتُه، إِذا لم تُنْضِجْه.
أَبُو زيد: أنْهأْتُه فَهُوَ مُنْهَأٌ ومُنَأٌ وَقد ناءَ اللحمُ
يَنِيءُ نَيْأً. وَتقول: نَهِىءٌ يَنْهأُ نَهْأَ ونَهاءةً ونُهُوءَةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الناهي: الشَّبْعان والرَّيَّان.
وَقَالَ غَيره: شَرِب حَتَّى نَهِيَ ونَهَّى.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّهْي: ضدّ الْأَمر. تَقول: نهيتُه، وَفِي لُغَة
نَهوْته.
قَالَ: والنِّهاية كالغاية حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ الشيءُ، وَهُوَ
النِّهاء مَمْدُود.
قَالَ: والنِّهاية: طرف العِرَان الَّذِي فِي أنْف الْبَعِير.
قَالَ أَبُو سَعيد: النِّهاية: الخَشَبة الَّتِي يُحمَل بهَا الأحمالُ.
قَالَ: وَسَأَلت الأعرابَ عَن الخَشَبة الَّتِي تُدعَى بالفارسيَّة:
باهو، فَقَالُوا: النِّهايتان والعاضِدَتان والحامِلَتان.
قَالَ اللحيانيّ: النَّهيَة العَقْل، وَكَذَلِكَ النُّهى جمع نُهْيَة.
ونُهية كلِّ شَيْء: غَايَته، وَرجل نَهٍ ونَهِيُّ من قوم نَهِين
وأَنْهياء، وَلَقَد نَهُوَ مَا شَاءَ، كلُّ ذَلِك من الْعقل، وَسمي
الْعقل نهية لِأَنَّهُ يُنتَهى إِلَى مَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا يُعْدَى
أمرَه.
وَقَالَ النَّضر: النَّهِيَّة: النَّاقة الَّتِي تناهت شحماً وسِمَناً،
وجَمَلٌ نَهيٌّ.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَزُورٌ نَهِيّةٌ، أَي سَمِينَة.
وَحكي عَن أعرابيّ أَنه قَالَ: للخَبزُ أحبُّ إِلَى من جَزورٍ
نَهِيَّة، فِي غَداةٍ عَرِيَّة.
ابْن شُمَيْل: استَنْهَيْتُ فلَانا عَن نَفسه فأَبى أَن يَنْتَهِي عَن
مساءتي، واستنهيت فلَانا من فلَان أقُولُ للنَّاس: أغنُوه فَإِنَّهُ قد
ظَلَمني وإنّي أستَنهي مِنْهُ فأنهوه، واعذرُوني مِنْهُ
(6/231)
وقداستنهيت فلَانا من فلَان، إِذا قلت
لَهُ: انهَهُ عني.
والنِّهْي: الغدير حيثُ يتحير السَّيْل فِي الغدِير فيوسِّع، والجميع
النِّهاء. وَبَعض العَرَب يَقُول: نِهْيٌ، وَبَعض يَقُول: تَنْهِيية،
وَجَمعهَا التَّناهي.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التناهي حَيْثُ يَنْتَهِي المَاء، واحدتها
تنهية.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ أَبُو الدُّقَيْش: نِهاءُ النَّهَار: ارتفاعه
قِرابَ نصفِ النَّهَار.
وَيُقَال: مَا تنهاه عَنَّا ناهية، أَي ماتكُفُّه عَنَّا كَافَّة،
والإنهاء: الإبلاغ، وَتقول: أنهيتُ إِلَيْهِ السهمَ، أَي أوصلتُه
إِلَيْهِ، وأنهيتُ إِلَيْهِ الكتابَ والرسالةَ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: هَذَا رجل نَهْيُكَ مِن رجل، وناهِيكَ من رجل،
أَي كافيك من رجل.
وَقَالَ اللحيانيّ: بلغت مَنهَى فلانٍ ومَنهاتَه، ومُنهاه ومُنهاته.
شمر عَن أبي عدنان عَن الكلابيّ، يَقُول الرجل للرجل إِذا وَلِيتَ
ولَايَة فانْهِ، أَي كُفَّ عَن الْقَبِيح.
قَالَ: وانْهِ بِمَعْنى انْتَهِ. قَالَه بِكَسْر الْهَاء وَإِذا وقف
قَالَ فانْهِهْ أَي كُفَّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: النَّهاة: الوَدَعة، وَجَمعهَا نَهاً.
وَبَعْضهمْ يَقُول النهاءُ مَمْدُود.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: النَّهاء مَمْدُود، وَقَالَ ابْن دُرَيْد:
النَّهاءُ: الْقَوَارِير، لَا أعرفُ لَهَا وَاحِدًا من لَفظهَا.
وَفُلَان يركب المناهِي، أَي يَأْتِي مَا نُهي عَنهُ.
هون هَين: قَالَ اللَّيْث: الهَوْن: مصدرُ الهيِّن فِي معنى السكينَة
وَالْوَقار، تَقول: هُوَ يمشي هَوْناً، وَجَاء عَن عليّ ج أَحْببْ
حبيبَك هونا مَا وَتقول: تكلَّمْ على هِينَتِك، وَرجل هَيِّن لَيِّن
وهَيْنٌ لَيْنٌ.
والهَوْن: هَوَان الشَّيْء الحقير الهيِّن الَّذِي لَا كَرامةَ لَهُ.
وَتقول: أهنتُ فلَانا وتهاوَنت بِهِ واستهنتُ بِهِ.
وَقَالَ شمر: الهَوْنُ: الرِّفق والدَّعة والهِينة، قَالَه فِي
تَفْسِير حَدِيث عليّ، قَالَ: يَقُول: لَا تفرط فِي حُبِّه وَلَا بغضه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: أَخَدَ أمره بالهُونَى، ثأنيثُ
الأهْوَن، وَأخذ فِيهِ بالهُوَيْنى، وَإنَّك لتعمد للهويني من أَمرك،
أَي لأَهْوَنه، وَإنَّهُ ليَأْخُذ فِي أمره بالهُون، أَي الأهون.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الهَوْن والهُون وَاحِد
وَقَالَ الْآخرُونَ: الهُون: الهوان، والهَون: الرِّفق. وَأنْشد:
مَررْتُ على الوَرِيقَةِ ذَات يَوْم
تهادى فِي رِدَاء المِرْطِ هَوْنا
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
تميلُ عَلَيْهِ هَوْنةً غير مِعْطالِ
قَالَ: هَونة: ضَعِيفَة من خِلقتها، لَا تكون غَلِيظَة كَأَنَّهَا رجل.
وروى غيرُه: هُونة، أَي مُطاوِعة.
وَقَالَ جَنْدَل:
داوَيتُهمْ مِن زمنٍ إِلَى زَمنْ
(6/232)
دواءَ بُقْيَا بالرُّقى وبالهُوَنْ
وبالهويْنَا ذائِباً فلمْ أُوَنْ
بالهُوَن: يُرِيد بالتسكين وبالصلح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ يُقَال: هيِّنٌ بيِّنُ الهُون.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِنَّه ليهُون عليَّ هَوْناً وَهَوَانًا.
قَالَ: والهُون: الهَوان: والشِّدَّة. أَصَابَهُ هُونٌ شَدِيد، أَي
شدّة ومَضَرّة وعَوَز.
وَقَالَت خنساء:
تُهِينُ النُّفوسَ وهُونُ النُّفوس
تُرِيدُ إهانة النُّفُوس.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} (النّحل:
59) .
قَالَ: الهُون فِي لُغَة قُرَيْش: الهَوان.
قَالَ: وبعضُ بني تَمِيم يَجعَل الهُونَ مصدرا للشَّيْء الهيِّن.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: سمعتُ الْعَرَب تَقول: إِن كنت لقَلِيل هُون
المَؤُونة مُذُ الْيَوْم، وَقد سمعتُ الهَوانَ فِي مثل هَذَا
الْمَعْنى. قَالَ رجل من الْعَرَب لبعيرٍ لَهُ: مابِه بَأْس غيرُ
هَوانِه، يَقُول: إِنَّه خَفِيف الثَّمن.
وَإِذا قَالَت الْعَرَب: أَقبلَ يمشي على هَوْنِه، لم يقولوه إلاَّ
بالفَتْح، قَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ
هَوْناً} (الفُرقان: 63) .
قَالَ الفرَّاء: حدَّثني شَرِيك عَن جَابر الجُعْفيّ عَن عِكْرِمَة
وَمُجاهد قَالَا: بالسَّكينة والوَقار.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَمدَح بالهَيْن اللَّيْن وتَذُمّ
بالهيِّن الليِّن.
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْمُسلمُونَ هَيْنُون
لَيْنُون) ، جعلَه مدحاً لَهُم.
أَنه: أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رجلٌ نافِسٌ
ونفِيسٌ وآنِهٌ وحاسدٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الأزهريّ: هُوَ من أَنَه يأْنِه وأَنحَ يأْنِحُ أَنِيهاً
وأَنِيحاً.
نوه: وَقَالَ اللَّيْث: نُهْتُ بالشَّيْء ونَوَّهْتُ بِهِ: إِذا
رَفَعْتَ بذكْره.
قَالَ: والهَامَةُ إِذا صرخت فرفعتْ رَأسهَا.
يُقَال: ناهَتْ نَوْهاً، وَأنْشد لرؤبة:
على إكامِ النّائحاتِ النُّوَّهِ
إِذا رفعْتَ الصوتَ فدعوتَ إنْسَانا، قلت: نوّهتُ.
وَفِي حَدِيث عمرَ: أَنا أوّلُ من نَوَّه بالعرب.
قَالَ شمر: يُقَال: نوَّه فلانٌ بفلانٍ، ونَوَّه باسمه، إِذا رَفَعه
وطَيَّرَ بِهِ وقَوَّاه.
والنَّوْهَةُ: قوّة البَدَن.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّمر وَاللَّبن تَنُوهُ النفسُ
عَنْهُمَا، أَي تَقوى عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ الفرّاء: أعطِني مَا يَنُوهُنِي أَي مَا يَسُدّ خَصاصَتي،
وَإِنَّهَا لتأكل وَمَا يَنُوهُها، أَي لَا يَنْجَع فِيهَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناهَ البقَلُ الدَّوابَّ يَنُوهُها، أَي
مَجَدَها، وَهُوَ دُونَ الشِّبَع،
(6/233)
وَلَيْسَ النَّوْه إلاّ فِي أوّل النَّبْت،
فَأَمَّا المَجْدُ فَفي كُلَ.
ونوَّهْتُ باسمِه، إِذا دعوْتَه
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: قَالَ
أعرابيٌّ: إِذا أكلْنا التَّمْرَ وشَرِبْنا المَاء ناهَتْ أنفُسُنا عَن
اللَّحْم تَنُوه نَوْهاً، أَي تركتْه النفسُ وأَبَتْه. وأَنشد:
يَنهُون عَن أَكلِ وشربِ مثله
قَالَ: وَهَذَا مقلوبٌ وإلاّ فَلَا يجوز.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُهْوَأَنُّ: الْمَكَان الْبعيد.
وَقَالَ شمر: يُقَال مُهَوَأَنّ ومُهَوَئِنّ، وَأنْشد:
من مُهْوَأَنَّ بالدَّبَا مدبوش
وَيُقَال: إِنَّه لَهَوْنٌ من الْخَيل، وَالْأُنْثَى هَوْنة إِذا كَانَ
مِطواعاً سَلِساً.
وَهن: قَالَ اللَّيْث: الوَهْن: الضَّعْف فِي الْعَمَل والأمْر،
وَكَذَلِكَ فِي العَظْم وَنَحْوه. وَقد وَهَنَ العَظْمُ يَهِن وَهْناً
وأَوْهَنَه يُوْهِنُه، ورجلٌ واهِنٌ فِي الْأَمر والعَمَل ومَوْهُون
فِي العَظْم والبَدَن. والوَهَن لغةٌ فِيهِ. وَأنْشد:
وَمَا إنْ بعظْمٍ لهُ من وَهَنْ
والوَهِين بلُغة أهل مُضر: رجلٌ يكونُ مَعَ الْأَجِير فِي الْعَمَل
يحثّه على الْعَمَل. وَقيل فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً} (لقمَان: 14) أَي حملتْه
ضعفا على ضَعْف، أَي: لَزِمَهَا لحملِها إيّاه أَنْ ضَعُفَتْ مَرَّةً
بعد مَرَّة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى
سَبِيلِ اللَّهِ} (آل عِمرَان: 146) أَي فَمَا فَتَروا وَمَا جَبُنوا
عَن قتالِ عدوّهم.
وَقَالَ شمر: المُهْوَئْنّ: الوَطِيءُ من الأَرْض نَحْو الهِجْل
وَالْغَائِط والوادي، وجمعُه مُهْوَئنّات، والوهدَة مُهْوَئنٌّ، وَهِي
بُطونُ الأَرْض وقَرارُها، وَلَا تُعَدّ الشِّعاب والمِيث من
المهْوَئنِّ، وَلَا يكون المهْوَئنّ من الْجبَال وَلَا فِي القِفاف
وَلَا فِي الرِّمال، لَيْسَ المهْوَئِن إلاّ من جَلَد الأَرْض وبطونها.
قَالَ: والمُهْوَئِنُّ والخَبْثُ وَاحِد، وخُبُوت الأَرْض: بطونُها،
وَقَالَ الْكُمَيْت:
لما تَحرّم عَنهُ الناسُ رَبْرَبه
بالمهْوَئنِّ فمرْمِيٌّ ومُحْتَبَلُ
وَيُقَال للمُهْوَئنِّ: مَا اطمأنّ من الأَرْض واتّسَع، واهوَأَنّت
المفَازَةُ، إِذا اطمأنّت فِي سَعَة.
وَقَالَ رؤبة:
مَا زَالَ سُوءُ الرَّعْي والنِّتاجِ
بمهْوَئنَ غير ذِي لَمَاجِ
وطولِ زَجْر نجلٍ وعاجِ
شمر عَن الأشجعيّ: الواهِنَةُ: مرضٌ يَأْخُذ فِي عَضُد الرِّجْل
فتَضْرِبها جاريةٌ بِكْر بيَدِها سبعَ مرّات، وَرُبمَا عُقِد عَلَيْهَا
جِنْسٌ من الخرز، يُقَال لَهُ: خَرَزُ الواهنة، وَرُبمَا ضربهَا
الغُلام، وَيَقُول: يَا واهِنَةُ تَحَوَّلي بالجارية، وَهِي لَا
تَأْخُذ النِّساء، وَإِنَّمَا تَأْخُذ الرِّجَال.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الوَهْنانة من النِّساء: الكَسْلَى عَن
الْعَمَل تنعُّماً.
(6/234)
أَبُو عبيد: الوَهْنانةُ: الَّتِي فِيهَا
فَتْرَةٌ.
وَيُقَال: كَانَ وَكَانَ وَهْنٌ بذِي هَنَاتٍ، إِذا قَالَ كلَاما
بَاطِلا يتعلّل بِهِ.
أَبُو عبيد: المَوْهِن والوَهْن: نحوٌ من نِصْفِ اللَّيْل.
وَقَالَ اللَّيْث: أوهنَ الرجُل: دخل فِي ساعةٍ من اللَّيْل.
قَالَ: والوَهْن: ساعةٌ تمْضِي من اللَّيْل.
يُقَال: لقيتُه مَوْهِناً، أَي بعد وَهْن.
قَالَ: والواهن: عِرقٌ مستبطِنٌ حَبْلَ العاتِق إِلَى الكَتِف، وربّما
وَجِعَه صاحبُه فَيَقُول: هِنِي يَا واهِنة اسكُبي يَا واهنة، قلت:
وَيُقَال للّذي أصابَه وجَعُ الواهنة: مَوهُون، وَقد وُهِن، وَقَالَ
طَرَفة:
إنّني لستُ بَموْهُونٍ فَقِرْ
يُقَال: أوهَنُه الله فَهُوَ مَوْهون، كَمَا يُقَال: أَحَمَّه الله
فَهُوَ مَحْموم، وأَزْكَمَه الله فَهُوَ مَزْكوم، وَيُقَال للطائِر
إِذا ثَقُل من أكْل الجِيف فَلم يَقْدِر على النُّهوض: قد توَهَّن
تَوَهُّناً، وَقَالَ الجَعديّ:
تَوهَّن فيهِ المَضْرَحِيّةُ بَعْدَمَا
رأَيْنَ نَجِيعاً من دَمِ الجَوْفِ أَحْمَرَا
والمَضْرَحِيّة: النُّسور هَهُنَا. وَقَالَ النَّضر: الواهِنَتان:
عَظْمان فِي تَرقُوة البَعير، والتَّرْقُوَة من الْبَعِير: الواهنة،
يُقَال: إِنَّه لشديد الواهِنَتين، أَي شَدِيد الصَّدْر والمُقَدِّم،
وتسمَّى الوَاهِنة من البَعير: النَّاحِرَة، لأنّها ربّما نَحرَت
البعيرَ بِأَن يُصرَعَ عَلَيْهَا فينكسر، فَيُنْحر الْبَعِير فَلَا
يُدرك ذَكاته، وَلذَلِك سمِّيتْ ناحرةً، وَيُقَال: كوَيْناه من
الوَاهنة، والواهِنَة: الوجع نفسُه، وَإِذا ضَرَب عَلَيْهِ عِرقٌ فِي
رأسِ مَنكِبَيُهِ قيل: بِهِ واهِنة، وَإنَّهُ لَيشتكِي واهنَتَه.
أهن: قَالَ اللَّيْث: الإهان هُوَ العُرْجون، يَعنِي مَا فَوق
الشَّماريخ، وَيجمع أُهُناً، والعَدَد ثَلَاثَة آهِنَةٍ، وأَنشدَني
أعرابيّ:
منحتَني يَا أكرمَ الفتْيانْ
جُبَّارة لَيست من العَيْدانْ
حَتَّى إِذا مَا قُلتُ: الآنَ الْآن
دبَّ لَهَا أسوَدُ كالسِّرْحانْ
بِمخْلَبٍ يختذِم الإهانْ
(بَاب الهَاء وَالْفَاء)
(هـ ف (وَا يء))
هفا، وهف، هاف، فَاه، وفه.
هفا: قَالَ اللَّيْث: الهَفْو: الذَّهاب فِي الهَواء، وَيُقَال: هَفَت
الصُّوفةُ فِي الهَواء فَهِيَ تَهفُو هَفْواً وهُفُوّاً، والثَّوْبُ
وَرِفارِفُ الفَسْطاط، إِذا حرّكَتْه الرّيحُ قلت: يُقَال: هُوَ
يَهْفُو وتَهْفو بِهِ الرِّيح.
والهَفْوَة: الزَّلَّة، وَقد هَفَا، وَيُقَال الظَّلِيم إِذا عَدَا: قد
هَفَا، والفُؤادُ إِذا ذَهَب فِي إثْرِ شَيْء قيل: قد هَفَا، وَيُقَال:
الْألف الليّنة هافِيَةٌ فِي الهَواء. قلت: وسمعتُ الْعَرَب تَقول
لضَوَالِّ الْإِبِل: هِيَ الهَوافِي بِالْفَاءِ، والهَوامِي،
الْوَاحِدَة هافِيَة وهامِيَة.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الهَفاة: خَلِقَة تَقدُم الصَّبِير ليستْ من
الغَيْم فِي شَيْء، غير أنّها تَستُر عَنْك الصَّبير، فَإِذا جاوزتْ
بدا لَك الصَّبير، وَهُوَ أعناقُ الغَمام الساطعة فِي
(6/235)
الأفُق، ثمَّ يَرْدَف الصَّبيرَ الحَبِيُّ
وَهُوَ مَا اسثَكَفَّ مِنْهُ وَهُوَ رَحَا السّحابَة، ثمَّ الرَّباب
تَحت الحَبِيّ، وَهُوَ الّذي يَقدم المَاء ثمّ رَوَادِفُهُ بعد ذَلِك،
وَأنْشد:
مَا رَعدتْ رَعْدةً وَلَا بَرَقتْ
لَكِنَّهَا أنشأت لنا خَلَقهْ
فالماء يجْرِي وَلَا نظام لَهُ
لَو يَجدُ الماءُ مَخرَجا خَرَقهْ
قَالَ: هَذِه صفة غيث لم يكن برِيح وَلَا رَعْدٍ وَلَا بَرْق، وَلَكِن
كَانَت دِيمةً، فوَصَف أَنَّهَا أَغدَقَتْ حَتَّى جَرَتْ الأرضُ بغيرِ
نظامٍ ونظامُ، المَاء: الأودِية.
أَبُو زيد: هَفَوتُ فِي الشَّيْء هفْواً إِذا خفَّفْتَ فِيهِ
وأَسْرَعْتَ، قَالَهَا فِي الذّي يَهْفو بَين السّماء وَالْأَرْض.
وَفُلَان يَهْفُو فؤادُه، إِذا كَانَ جائعاً يَخْفُق فؤادُه. والهَفْو:
المَرّ الْخَفِيف.
أَبُو زيد، الهَفَاءة وجمعُها الهَفاء: نحوٌ مِن الرِّهْمة.
وَقَالَ العنبريّ: أفاةٌ وأفاءَةٌ.
وَقَالَ النَّضر: هِيَ الهَفَاءَةُ والأَفاءَة والسُّدُّ والسَّماحِيق
والجِلْب والجُلْب.
وهف: قَالَ اللَّيْث: الوَهْف مِثلُ الوَرْف وَهُوَ اهتزاز النّبات
وشدّةُ خُضْرته، يُقَال: هُوَ يَهِف ويَرِف وَهِيفاً وَوَرِيفاً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا يُوهِف لَهُ شَيْء إِلَّا أَخَذَه، أَي
مَا يرْتَفع لَهُ شَيْء إِلَّا أَخَذَه، وَكَذَلِكَ مَا يَطِفُّ لَهُ
شَيْء وَمَا يُشرِف إيهَافاً وإشْرافاً.
ورُوِي عَن قَتَادَة أنّه قَالَ فِي كلامٍ لَهُ: كلما وَقفَ لَهُم
شَيْء من الدّنيا أخَذُوه، مَعْنَاهُ مَا بَدا لَهُم وعَرَض. وَيُقَال:
وهفَ الشيءُ وهفَاً يَهْفُو، إِذا طارَ، وَقَالَ الراجز:
سائلةُ الأصْداغِ يَهْفُو طاقُها
أَي يطير كساؤها، وَمِنْه قيل للزَّلة: هفْوَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ عَن المفضّل أنّه قَالَ: الواهف قَيّم
البَيْعَة قَالَ: وَمِنْه قَول عُمَر فِي عَهدِه للنّصارى: ويُترَك
الواهفُ على وَهافَتِه. قَالَ: وَهف يَهِف وَهْفاً. قَالَ: وَمِنْه
قَول عَائِشَة فِي صفة أَبيها: قلّده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَهْفَ الدِّين، أَي قَلَّدَه الْقيام بشَرَف الدِّين بعدَه،
كأنّها عَنَتْ أَمَره إيّاه بِأَن يُصلِّي بالنَاس فِي مَوْضِعه.
وَقَالَ ثَعْلَب: قَالَ غير ابْن الأعرابيّ: يُقَال: وَهْفٌ وهفْوٌ،
وَهُوَ المَيل من حَقَ إِلَى بَاطِل وَضعف. قَالَ: وكلا الْقَوْلَيْنِ
مَدحٌ لأبي بكر، أحدُهما القيامُ بِالْأَمر، والآخَر رَدُّ الضَّعْف
إِلَى قوَّة الْحق.
وفه: قَالَ اللَّيْث: الوافِهُ: القَيِّم الَّذِي يقوم على بَيت
النّصارى الَّذِي فِيهِ صَليبُهم بلُغة أهل الجزيرة.
وَفِي الحَدِيث (لَا يُغيَّرَ وافِهٌ عَن وَفْهِيَّتِه وَلَا قِسِّيس
عَن قِسّيسّيتِه) .
قلت: وَرَوَاهُ ابْن الأعرابيّ: واهِف، وكأنهما لُغَتَانِ.
وَقَالَ ابْن بزرج: وافِه، كَمَا قَالَ اللَّيْث. وَقد جَاءَ فِي بعض
الْأَخْبَار: واقِهٌ بِالْقَافِ. وَالصَّوَاب الْفَاء.
(6/236)
هيف: قَالَ اللَّيْث: الهَيْف: ريح
بَارِدَة تَجِيء من مَهَبّ الجَنوب، وَهِي أَيْضا كلُّ ريحٍ سَمُوم
تُعَطِّشُ المالَ وتُيَبِّسُ الرَّطْب، وَقَالَ ذُو الرمّة:
وصَوّح البَقْلَ نئَّاجٌ تجيءُ بِهِ
هَيْفٌ يَمانيَّةٌ فِي مَرِّها نَكَبُ
الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: الهَيْف والهُوف ريحٌ حارّة تَأتي مِن
قِبَل اليَمن. قَالَ: والهِيفُ جَمْعُ أَهْيَف وهَيْفَاء، وَهُوَ
الضَّامِر البَطْن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ:
نكساء الصَّبَا والجَنوبِ مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيباسٌ للبَقْل، وَهِي
الَّتِي تَجِيء بَين الرِّيحين.
قلت: وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي الهَيْف إِنَّه ريحٌ باردةٌ خطأ.
لَا تكون الهَيْفُ إلاَّ حارّة.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: الهَيْف: الجَنوبُ إِذا
هبّت بِحرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ مِهْياف هَيُوف: لَا يَصْبِر عَن المَاء.
قَالَ: والهَيَف: دِقّة الخَصْر، والفِعْل هَيِفَ، ولغه تَمِيم: هافَ
يَهافُ هَيَفاً.
وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال للعَطْشان: إنّه لَهَافٌ، وَالْأُنْثَى
هافَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهافةُ النَّاقةُ: السّريعة العَطش، وَهِي المِهياف
والمِهْيَام.
فوه: قَالَ ابْن شُمَيْل: رجل مُفَوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ أَي شَدِيد
الْأكل، وشدَّ مَا فَوَّهْتَ فِي هَذَا الطَّعَام وتَفَوَّهْتَ
وفُهْتَ، أَي شدَّ مَا أكلْتَ، وإنّه لمفوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ فِي
الْكَلَام أَيْضا، وإنّه لذُو فَوْهَةٍ، أَي شديدُ الْكَلَام بسيطُ
اللّسان.
قَالَ: وفاهَاه، إِذا ناطَقه وفاخَرَه. وهافاه، إِذا مايَلَه إِلَى
هَوَاهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُوه: أصلُ بناءِ تأسيسِ الْفَم، تَقول: فاهَ
الرجلُ بالْكلَام يَفُوه إِذا لفَظ بِهِ، وَأنْشد لأميّة:
وَمَا فاهو بِهِ لهمُ مُقيم
ورجُلٌ مُفوَّه: قادرٌ على الْكَلَام
وَقَالَ أَبُو زيد: قد استفاه استِفاهَةً فِي الْأكل، وَذَلِكَ إِذا
كَانَ قليلَ الطُّعْم، ثمَّ اشتدَّ أَكْله وازداد.
ورجلٌ مُفوَّه تَفوِيهاً، وَهُوَ المِنْطِيق.
والفَيِّهُ الشَّديد الْأكل، وَالفَيِّهُ: المفوَّه المِنْطِيق أَيْضا.
قَالَ أَبُو زيد: واستفاه الرَّجلُ، إِذا اشتدَّ أكلُه بعد قِلَّة.
ورجلٌ أفوَه: واسعُ الْفَم. وَقَالَ الراجز يصف الْأسد:
أَشْدَقُ يَفْتَرُّ افتِرَارَ الأفوَهِ
وفرَسٌ فَوْهاء شَوْهاء: واسعةُ الْفَم، فِي رَأسهَا طول، والفَوَه فِي
بعض الصِّفات: خُرُوج الثَّنايا العُلْيا وطولُها.
أَبُو عبيد: يُقَال للرجل إِذا كَانَ كثيرَ الْأكل: فَيِّهٌ على
فَيْعِل وامرأةٌ فَيِّهة: كثيرةُ الْأكل.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رَجل أَفْوَه: عَظيمُ الفَم طويلُ الْأَسْنَان،
وَكَذَلِكَ محالةٌ فَوْهَا:
(6/237)
إِذا طَالَتْ أسنانُها الَّتِي يَجْري
الرِّشاء بَينهَا.
قَالَ: وَيُقَال: قَعَد على فُوَّهةِ الطَّريق وعَلى فُوَّهة النَّهر،
وَلَا تقُل فَم النَّهر، وَلَا فُوهَة بِالتَّخْفِيفِ.
وَيُقَال: إِن ردّ الفُوَّهة لشديدة، أَي القالَة: قَالَ ورجلٌ
فَيِّهٌ: جيِّدُ الْكَلَام.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أفْوَاه الأزقَّة، واحدتُها فُوَّهة، مثل
حُمَّرة، وَلَا يُقَال: فَم. قَالَ: ووَاحِدُ أَفْوَاه الطِّيب فُوهٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُفَوَّهة: فَم النَّهر، ورأسُ الْوَادي.
قَالَ: والفُوهُ: عُروق يَصْبَغُ بهَا. قلت: لم أسمع الفُوهَ بِهَذَا
الْمَعْنى.
وَقَالَ أَبُو زيد: فاهَ الرجل يَفوه فَوْهاً إِذا كَانَ متكلِّماً.
وَقَالَ غيرُه: هوَ فاهٌ بِجُوعِه، إِذا أظهره وباح بِهِ، قَالَ:
وَالْأَصْل: فائِه بجوعه، فَقيل فاهٌ، كَمَا قَالُوا جُرُفٌ هارٌ
وهائرٌ، وَيُقَال لِمحَالة السّانية إِذا طَالَتْ أسنانُها: إِنَّهَا
لفَوْهاء بيّنة الفَوَه. وَقَالَ الراجز:
كَبْدَاءَ فَوهاء كجَوْزِ المُقْحَمِ
وَفِي الحَدِيث أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فلمَّا
تفَوَّه البقيعَ قَالَ: السلامُ عَلَيْكُم، يُرِيد: لمّا دخل فَمَ
البقيع.
وَيُقَال: هُوَ يَخافُ فُوَّههَ النَّاس، أَي قالَتَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال استفاه الرجلُ، إِذا كَانَ قليلَ الْأكل،
فازداد أكلُه.
وَيُقَال: مَا أَشدَّ فُوَّهَهَّ بعيرِك فِي هَذَا الكَلأ، يريدونَ
أكلَه، وَكَذَلِكَ فُوّهة فَرَسك ودابّتك؛ ومِن هَذَا قَوْلهم:
أفواهُها مَجاسُّها، الْمَعْنى أَن جَوْدة أَكلِها يدلُّك على سِمَنها،
فيُغنِيك عَن جَسّها.
وَيُقَال: طَلَع علينا فُوَّهةُ إبلِك، أَي أوّلها، بِمَنْزِلَة
فُوَّهة الطَّرِيق.
وأفْواه الْمَكَان: أَوَائِله، وأَرْجُله: أَواخِرُه، وَقَالَ ذُو
الرّمة:
وَلَو قُمتُ مَا قامَ ابنُ لَيلى لقد هَوَتْ
رِكابي بأفواهِ السَّماوَةِ والرِّجْلِ
يَقُول: لَو قمتُ مقامَهُ انقطعتْ رِكابي.
وَيُقَال للرَّجُل الصَّغِير الفمِ: فُوجُرَذٍ، وفُودَبَا، يُلقّب بِهِ
الرجل.
وَيُقَال للمنتن ريحِ الْفَم: فُو فرَسٍ حَمِرٍ.
وَيُقَال: لَو وَجَدْتُ إِلَيْهِ فَاكَرِشٍ، أَي لَو وجدتُ إِلَيْهِ
سَبِيلا.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الفُوَّهَة مَصَبُّ النَّهر فِي
الكِظامَةِ، وَهِي السِّقاية.
والفُوّهة: تَقطيعُ الْمُسلمين بعضِهم بَعْضًا بالغيبة، يُقَال: مَن
ذَا يُطيق رَدَّ الفُوَّهة، والفُوّهة: الْفَم.
وَقَالَ أَبُو المكارم: مَا أحسنتُ شَيْئا قَطّ كثَغْرٍ فِي فُوّهةِ
جاريةٍ حسناء، أَي مَا صادَفْتُ شَيْئا حَسَناً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد، فِي بَاب الدّعاء على النَّاس: العربُ تَقول:
فاهَا لِفِيك، الْمَعْنى الخَيْبَةُ لَك، وَأَصله أَنه يُرِيد جَعَل
الله بفِيك الأَرضَ، كَمَا يُقَال: بفيك
(6/238)
الحَجَر وبِفيكَ الأثْلَب. وَقَالَ رجل من
بلْهُجَيْم:
فَقلت لَهُ: فاهَا لِفِيكَ فَإِنَّهَا
قَلوصُ امرىءٍ قارِيكَ مَا أَنْت حاذِرُهْ
قَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول: فاهاً بفِيكَ منّوناً، أَي
أَلصَقَ الله فاكَ بِالْأَرْضِ، وَرَوَاهُ أَبُو نصر عَن الأصمعيّ:
فاهَا بفِيك، غيرَ منوَّن، يُرِيد فادَاهِيَةٍ.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: من قَالَ فاهاً بِفيكَ، فَنَوَّن، دَعَا
عَلَيْهِ بكَسْر الفَمِ، أَي كَسَر الله فَمه.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: فاهَا بِفيكَ غير منون، إِنَّمَا يُرِيد
فَا الدّاهيةِ، وَصَارَ الضميرُ بَدَلا من اللفط بالفِعْل، وأَضمر لَهُ
كَمَا أَضْمَرَ للتُّرْب والجَنْدَل، وَصَارَ بَدلاً من اللَّفْظ
بقوله: دَهَاك الله.
قَالَ: ويدلّك على ذَلِك قولُه:
وداهيةٍ مِن دَواهِي المَنُو
نِ يَرهَبُها الناسُ لَا فَالَها
فجعَل للداهية فَمَا. وَقَالَ الآخَر:
لَئِن مالِكٌ أَمسَى ذليلاً لَطالَما
سَعَى للّتي لَا فَالَها غيرَ آيِبِ
أَرَادَ لَا فَمَ لَهَا وَلَا وَجْه، أَي الدّاهية.
وَالْعرب تَقول: سَقَى فلانٌ إبِلَه على أَفْواهها، إِذا لم يكن جَبَى
لَهَا الماءَ فِي الحَوْض قَبْلَ وِرْدِها، وَإِنَّمَا نَزَع الماءَ
نَزْعاً على رؤوسها وَهَذَا كَمَا يُقَال: سَقَى إبِلَه قَبْلاً.
وَيُقَال أَيْضا: جَرَّ فلانٌ إبلَه على أفواهِها، إِذا تركَها تَرعَى
وتَسير. قَالَه الأصمعيّ، وَأنْشد:
أَطلَقَها نِضْوَ بُلَيَ طِلْح
جَرَّا على أَفواهِها والسْجحِ
بُلَيّ تصغيرُ بِلْوٍ، وَهُوَ الْبَعِير الّذي بَلاه السَّفَرُ،
وَأَرَادَ بالسُّجْح خَراطيمَها الطِّوال. وَمن دُعَائِهِمْ كَبَّهُ
الله لِمنْخَريه وفمِه، وَمِنْه قولُ الهُذَليّ:
أَصخْرَ بنَ عبدِ الله من يَغْوَ سادِراً
يَقُلْ غيرَ شَكِّ لِلْيَدَيْنِ ولِلفم
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأهْفاء الحَمْقَى من النَّاس،
والأفْهاء: البُلْه من النَّاس. وَقَالَ: فَهَا إِذا فَصُح بعد عُجْمه،
وفاهَ إِذا تَكلَّم يفُوه فَوْهاً.
(بَاب الْهَاء وَالْبَاء)
(هـ ب (وَا يء))
هبا، هاب، بهَا، باه، وهب، وَبِه، أبه، أهب، بهو، بهى.
هبا: قَالَ ابْن شُمَيْل: الهبَاء: التّراب الّذي تُطيِّره الرِّيحُ،
فتَراه على وُجُوه النَّاس وجلودِهم وثيابِهم يَلزَق لزُوقاً.
وَقَالَ: أَقول: أرَى فِي السَّماء هَباءً، وَلَا يُقَال: يَوْمنَا ذُو
هَباء، وَلَا ذُو هَبْوَة. والهابي من التُّراب: مَا ارْتَفع وَدَقّ.
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
تزوَّدَ منَّا بَين أذْناهَ ضَربةً
دعتْه إِلَى هابي التُّرابِ عَقيمُ
(6/239)
وَقَالَ اللَّيْث: الهَبْوَة: غُبَارٌ
ساطعٌ فِي الْهَوَاء كأنّه دُخان.
وَقَالَ رؤبة:
فِي قِطَع الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَقْ
وَيُقَال: هبا يَهْبو هَبْواً، إِذا سَطَع، وهبَا الرَّماد يَهبو إِذا
اخْتَلَط بِالتُّرَابِ، وتراب هابٍ.
وَقَالَ مالكُ بنُ الرَّيب:
ترَى جَدَثاً قد جرَّت الريحُ فوقَه
تُرَابا كلَون القَسْطلانيِّ هابيا
والهبَاء: دُقاق التُّراب ساطعُه ومنثورُه على وَجه الأَرْض.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا سكن لَهَبُ النّار وَلم يَطفَأ
جَمْرُها:
قيل: خَمَدَتْ، فإِن طَفِئتْ البتّة، قيل: هَمَدت، فَإِذا صَارَت
رَماداً قيل: هَبَا يَهْبُو، وَهُوَ هابٍ، غير مَهْمُوز.
قلتُ: فقد صحّ هبَا للتّراب والرّمادِ مَعًا. وَأما قولُ الله جلّ
وعزّ: {فَكَانَتْ هَبَآءً} (الواقِعَة: 6) فَمَعْنَاه أَن الجِبالَ
صَارَت غُباراً، ومِثلُه: {أَبْوَاباً وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ
فَكَانَتْ سَرَاباً} (النّبَإِ: 20) ، وَقيل: الهباء المُنبَثّ: مَا
تُثِيره الخَيْل بحَوافرها من دُقاق الغُبار.
وَيُقَال لما يَظهر فِي الكُوَى من ضَوْء الشمسِ: هَباء.
وَفِي الحَدِيث: أنّ سُهيل بنَ عَمرو جَاءَ يتهبّأ كأنّه جَملٌ آدم.
يُقَال: جَاءَ فلانٌ يتَهبَّى إِذا جَاءَ يَنفُض يَدَيْه، قَالَ ذَلِك
الأصمعيّ، كَمَا يُقَال: جاءَ يَضرِب أَصْدَرَيه، إِذا جَاءَ فَارغًا.
وَيُقَال: أهبَى الترابَ إهبَاءً، إِذا أثاره، وَهِي الأهابيُّ،
وَمِنْه قولُ أوْس بن حَجَر:
أهابِيَّ سَفْسافٍ من التُّراب تَوْأمِ
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
يكون بهَا دليلَ الْقَوْم نجمٌ
كعَين الكلْب فِي هُبَّى قِبَاعِ
قَالَ: وَصَف النجمَ الهابي الّذي فِي الهباء فشبّهه بعَين الكَلب
نَهاراً، وَذَلِكَ أَن الْكَلْب باللّيل حارِسٌ، وبالنهار ناعِس، وعَين
الناعس مُغمَّضة، ويبدو من عَيْنَيْهِ الخَفِيُّ، فَكَذَلِك النّجم
الّذي يُهتَدى بِهِ هُوَ هابٍ، كعيْن الْكَلْب فِي خَفائه.
وَقَالَ فِي هُبَّى: وَهِي جمعُ هابٍ، مثل غازٍ وغُزَّى، الْمَعْنى أنّ
دَلِيل الْقَوْم نجمٌ هابٍ، أَي فِي هباء يخفَى فِيهِ إلاّ قَلِيلا
مِنْهُ، يَعرِف بِهِ الناظرُ إِلَيْهِ أَي نجمٍ هُوَ، وَفِي أَي ناحيةٍ
هُوَ، فيَهتدِي بِهِ، وَهُوَ فِي نجومٍ هُبَّى، أَي هابِيَةٌ، إلاّ
أنّها قِباعٌ كالقَنافِذ إِذا قَبعتْ فَلَا يُهتدَى بِهَذِهِ القِباع.
إِنَّمَا يهتدَى بِهَذَا النَّجْم الْوَاحِد الَّذِي هُوَ هابٍ غير
قابعٍ فِي نُجُوم هابِيَه قابِعَة، وَجمع القَابع على قِباع، كَمَا
جَمَعوا صاحباً على صِحَاب وبَعيراً قامحاً على قِماح.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هَبَا إِذا فَرَّ، وهَبَا إِذا مَاتَ
أَيْضا، وتَهَا إِذا غَفَل، وَذَها إِذا تكبَّر، وَهَذَا إِذا قَتَل،
وهَزَا إِذا سارَ، وثَهَا إِذا حَمُق.
بهو بهي: قَالَ ابْن السّكيت: بَهَأْتُ بِهِ وَبَهِئْتُ بِهِ، إِذا
أنِسْتَ بِهِ، وَأنْشد:
(6/240)
وَقد بَهأَتْ بالحَاجِلات إفالُها
وسيفٍ كريمٍ لَا يزَال يَصُوعُها
والبَهاء ممدودٌ غيرُ مَهْمُوز: مصدرُ البَهِيّ وَيُقَال: بَهَا فلانٌ
يَبْها ويَبْهُو بَهَاءً وبهَاءةً، وبهُوَ فَلانٌ يَبْهُو بَهَاءً،
وبَهِيَ يَبْهَى بَهاءً، وَإنَّهُ لبَهِيٌّ، وبَهٍ من قوم أَبْهِيَاءَ،
مثل عَمٍ من قومٍ أَعْمِياء، وامرأةٌ بَهِيَّة من نسوةٍ بَهايا
وبَهِيَّات. قَالَ ذَلِك كُله اللحيانيّ، حَكَاهُ عَن الكسائيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَهْو: البيتُ المقدَّم أمامَ البُيوت، والجميعُ
الأبهاء.
والبَهْوُ: كِناسٌ واسِعٌ يُتخذه الثّور فِي أصل الأَرْطَى، وَأنْشد:
أجوَفَ بَهَّى بَهْوُه فاستَوْسَعَا
وَقَالَ آخر:
رأيتَه فِي كل بَهْوٍ دامجَا
قَالَ: والبَهْوُ من كل حامِلٍ: مَقِيلُ الوَلَد بَين الوَركَين.
والبَهِيُّ: الشيءُ ذُو البَهاء ممّا يَملأ العينَ رَوْعُهُ وحُسْنُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَصل البَهْو السَّعَة. يُقَال: هُوَ فِي بَهْوٍ من
عَيْش، أَي فِي سَعَة، وكلّ هَواء أَو فَجْوَةٍ فَهُوَ عِنْد الْعَرَب
بَهْوٌ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
بهوٌ تلاقَتْ بِهِ الأرْآمُ والبَقَرُ
وناقةٌ بَهْوَة الجَنْبَين، وَاسِعَة الجنبين.
وَقَالَ جندل:
على ضُلوعٍ بَهْوَةِ المنافج
وَقَالَ الرَّاعِي:
كأنّ رِيْطَةَ حَبَّارٍ إِذا طُوِيَتْ
بَهْوُ الشَّراسِيفِ مِنْهَا حينَ يَنْخَضِدُ
شَبّه مَا تكسَّر من عُكَنِها وانطواءَه برَيْطِه حبَّارٍ، والبَهْوُ:
مَا بَين الشراسيف، وهيَ مقاطُّ الأضلاع.
وَفِي حَدِيث أمّ مَعبَد، وَصِفتها للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأَنه حَلَب عنْزاً لَهَا حَائِلا فِي قَدَح فَدرَّت حَتَّى مَلأت
القَدَح، وعَلاه البَهاء، أَرَادَت أنّ بَهاء اللَّبن وَهُوَ وَبِيصُ
رَغْوتِه عَلاَ اللَّبن.
والبَهاء أَيْضا: الناقةُ الَّتِي تَستأنِس إِلَى الحالب يُقَال: ناقةٌ
بَهاءٌ مَمْدُود. رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ، وَهَذَا مهموزٌ من
بَهَأْتُ بالشَّيْء أَي أَنِسْت بِهِ. وبَهاء اللَّبن ممدودٌ غيرُ
مَهْمُوز، لِأَنَّهُ من البَهِيِّ.
وَفِي حَدِيث عبد الرحمان بن عَوْف أَنه رأى رَجُلاً يَحلِف عِنْد
المَقام فَقَالَ: أَرى الناسَ قد بَهَؤُوا بِهَذَا المَقام، مَعْنَاهُ
أَنهم أَنِسوا بِهِ حَتَّى قلَّت هَيْبَتُه فِي صُدُورهمْ، فَلم
يَهابُوا اليمينَ على الشَّيْء الحَقير عندَه، وكلُّ من أَنِس بِشَيْء
وإنّ جَلَّ قَلَّت هيبَتُه فِي قلبه.
وَقَالَ الرِّياشيّ: بَهأْتُ بِالرجلِ أبهأُ بَهَاءً وبُهُوءاً إِذا
استأنَسْتَ بِهِ.
وَفِي حديثٍ آخر أَنه لمّا فُتِحت مَكَّة قَالَ رجل: أَبْهُوا الخيلَ.
قَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْله: أَبهوا الخَيْلَ، أَي عَطِّلوها فَلَا
يُغزَى عَلَيْهَا، وكلُّ شيءٍ عَطلتَه قد أبهيْتَه.
وَيُقَال: بَهِيَ البيتُ يَبْهَى بهاءً، إِذا تخرّق.
(6/241)
وبيتٌ باهٍ: إِذا كَانَ قليلَ الْمَتَاع.
وَمن أمثالهم: إنَّ المِعزَى تُبْهِي وَلَا تُبْنِي. رُوِي ذَلِك عَن
أبي عبيد، عَن أبي زيد، قَالَ: وَمعنى المَثَل أنّ المِعزَى تَصعَد
فَوق الْبَيْت فتَخرِقُه، وَمعنى لَا تُبْنِي، أَي لَا يُتَّخَذ
مِنْهَا أَبْنِية، إِنَّمَا الأبْنِيَة من الوَبَر والصُّوف، يَقُول:
لِأَنَّهَا إِذا أمكَنْتك من أصوافِها فقد أَبْنَيْت.
قلتُ: وَقَالَ القُتَيْبيُّ فِيمَا رَدَّ على أبي عبيد: رأيتُ بيوتَ
الْأَعْرَاب فِي كثيرٍ من الْمَوَاضِع من شَعر المِعْزَى، ثمَّ قَالَ:
وَمعنى قَوْله: وَلَا تُبني أَي وَلَا تُعِين على البِناء. قلت:
والمِعزَى فِي بادية العَرَب ضَرْبان: ضرب مِنْهَا جُرد لَا شعُورَ
لَهَا مِثل مِعزَى الحِجاز، وغَوْرِ تهَامَة، والمِعزَى الَّتِي ترعى
نُجودَ البِلاد البَعِيدة من الرِّيف كَذَلِك. وَمِنْهَا ضربٌ تَألفُ
الرِّيفَ وتَرْجُنُ حَوالَي القُرَى الْكَثِيرَة الْمِيَاه، تطولُ
شعُورُها مِثل مِعزَى الأكراد بِنَاحِيَة الجَبَل ونَواحِي خُراسان
وَكَأن المَثَل لبادية الْحجاز ونواحِي عاليَةِ نَجْد، فيصحّ مَا
قَالَه أَبُو زيد على هَذَا، وَالله أعلم. وَهُوَ حسبُنا وَنعم
الْوَكِيل.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنه قَالَ:
قَالَ حُنَيف الحَناتم، وَكَانَ من آبلِ الناسِ: الرَّمْكاء بُهْيَا،
والحمراء صُبْرَى، والخَوَّارة غُزْرَى، والصَّهباء سُرْعَى، وَفِي
الْإِبِل أخْرَى إِن كَانَت عِنْد غَيْرِي لم أَشتَرِها، وَإِن كَانَت
عِنْدِي لم أَبِعْها حمراءُ، بِنْتُ دَهْماء، قَلَّما تَجدها، وقولُه
بهْيَا، أَرَادَ البَهِيَّة الرائقة، وَهِي تَأْنِيث الأبهى والرُمْكة
فِي الْإِبِل أَن يشتدَّ كُمْتَتُها حَتَّى يدخَلها سَوَاد، بعيرٌ
أَرمَك.
والعَرَب تَقول: إِن هَذَا لَبُهياي، أَي ممَّا أَتباهى بِهِ، حكى
ذَلِك ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو. وَيُقَال: باهَيتُ فلَانا
فبَهوْتُه، أَي غَلَبْتَه بالبَهاء.
وأَبهيتُ الْإِنَاء، إِذا فَرَّغْتَه.
وَقَالَ أَبو عَمْرو: باهاه، إِذا فاخَرَه، وهاباه إِذا صايَحَه.
قَالَ: والبَهْوُ الْبَيْت من بُيوت الْأَعْرَاب، وجمعُه أَبهاء.
وَفِي الحَدِيث: (وتنتقل الأعرابُ بأَبهائها إِلَى ذِي الخَلَصَة) أَي
بيُوتها.
أبه وَبِه: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَبِهتُ لِلْأَمْرِ نَبَهاً
أَنْبَه، ووَبهتُ لَهُ أَوْبَهُ وَبَهاً: وابهتُ، وأَبَهتُ آبَهُ
أَبْهاً، وَهُوَ الْأَمر تنساه، ثمَّ تنتَبهُ لَهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أَبِهْتُ آبهُ، وبُهْتُ أَبُوهُ، وبِهتُ
أَباهُ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يُقَال مَا أَبِهْتُ لَهُ، وَمَا أَبَهْت لَهُ
وَمَا بِهتُ لَهُ وَمَا بُهْتُ لَهُ، وَمَا وَبِهْتُ لَهُ، وَمَا
بأَهْتُ لَهُ وَمَا بَهأْتُ لَهُ. يُرِيد مَا فَطِنْتُ لَهُ.
ورُوي عَن أبي زيد أَنه قَالَ: إِنِّي لآبهُ بك عَن ذَلِك الْأَمر،
إِلَى خَيرٍ مِنْهُ، إِذا رفعتَه عَن ذَلِك.
وَفِي حديثٍ مَرْفُوع: (رُبَّ ذِي طِمْرَين لَا يُؤْبَه لَهُ لَو
أَقْسَم على الله لأبَرّه) . مَعْنَاهُ: لَا يُفطَن لَهُ لذِلَّته
وَقلة مَرآتَه،
(6/242)
وَلَا يُحتَفل بِهِ لحَقارته، وَهُوَ مَعَ
ذَلِك من الفَضْل فِي دبْئِهِ وإخْباتِه لرَبِّه بحيثُ إِذا دَعَاهُ
أَجَابَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تأَبّه فلانٌ على فلَان تأَبُّهاً: إِذا
تكبَّر ورفَع قَدْرَه عَنهُ، ورَجُل ذُو أُبَّهةَ، أَي ذُو كِبْر
ونخوة.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الوَبْه: الفِطْنة، والوَبْه أَيْضا:
الكِبْر.
سلَمة، عَن الفرّاء قَالَ: جاءتْ تَبوهُ بُوَاهاً، أَي تَضِجّ.
بوه: وَقَالَ اللَّيْث: الباءةُ: الحُظْوَة فِي النِّكاح.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الباءُ والباءَةُ والباه
مَقُولات كلهَا.
قلت: جَعل الهاءَ أَصْلِيَّة فِي الباهِ.
وروى ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من
اسْتَطَاعَ مِنْكُم الباءةَ فليتزوّجْ، ومَن لَا فعلَيْه بِالصَّوْمِ
فَإِنَّهُ لَهُ وِجاء) . أَرَادَ: مَن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يتزوّج
وَلم يُرِد بِهِ الْجِمَاع، يدلك على ذَلِك قَوْله: (وَمن لم يَقْدِر
فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ) ، لِأَنَّهُ إِذا لم يَقدِر على الْجِمَاع لم
يحتجْ إِلَى الصَّوْم ليَجْفُر، وَإِنَّمَا أَرَادَ من لم يكن عِنْده
جِدَةٌ فيُصْدِق المنكوحةَ ويَعولها. وَالله أعلم. وَهُوَ حَسبنَا
وَنعم الْوَكِيل.
وَفِي حديثٍ آخر: أَن امْرَأَة ماتَ عَنْهَا زوجُها فمرَّ بهَا رَجُل،
وَقد تزينتْ للباءِة أَي للنِّكَاح.
بوه: وَقَالَ اللَّيْث: البُوهة مَا طارَتْ بِهِ الرِّيح من جُلال
التُّرَاب، يُقَال: هُوَ أهوَنُ من صُوفةٍ فِي بُوهَةٍ.
قَالَ: والبُوهةُ من الرِّجَال: الضَّعِيف الطَّبّاش.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البوْهُ: اللَّعْن. يُقَال: على إبليسَ بَوْه
الله، أَي لَعْنُه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البُوهة: الرَّجُل الأحمق. والبُوهَة:
البُومة، والبُوهة: الرَّجل الضاوِيُّ، والبُوهة: الصوفة المنفوشة
تُعمل للدَّواةِ، قبلَ أنْ تُبَلّ. والبُوهَة: الرِّيشة الَّتِي تكون
بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، تلعب بهَا الرِّياح والبُوهة: السَّجْق،
يُقال بُوهَة لَهُ وشَوْهة، والبُوهة: الرجل الأحمق، وَمِنْه قولُ
امرىء الْقَيْس:
أيا هِندُ لَا تنكحِي بُوهةً
عَلَيْهِ عَقِيقتُه أحسَبا
هيب: قَالَ اللَّيْث: الهابُ زَجْرُ الْإِبِل عِنْد السَّوْق، يُقَال:
هابِ هابِ، وَقد أَهابَ بهَا الرجل.
قلت: هابِ: زَجْرٌ للخيل، يُقَال للخَيْل: هَبِي، أَي أقْبِلي، وهلاَ
أَي قَرِّي. قَالَ الْأَعْشَى:
ويَكثر فِيهَا هَبِي واضْرَحِي
ومَرْسُونُ خَيْلٍ وأعطالُها
والإهابة: دُعاء الْإِبِل. قَالَ ذَلِك الأصمعيّ وغيرُه.
وَقَالَ طَرَفَة:
تَرِيعُ إِلَى صوْت المُهِيب وتَتَّقي
بِذِي خُصَل رَوْعاتِ أَكلفَ مُلْبِدِ
(6/243)
وسمعتُ عُقيليّاً يَقُول لأمَةٍ كَانَت
ترعَى رَوَائدَ خيل، فجفَلت فِي يَوْم عاصف، فَقَالَ لَهَا: أَلا
وَأَهيبي بهَا تَرِعْ إِلَيْك، فَجعل دعاءَ الْخَيل إهابةً أَيْضا.
وَأما هابِ فَلم أسمَعْه إِلَّا فِي الْخيل دون الْإِبِل، وَأنْشد
بَعضهم:
والزَّجرُ هابِ وهِلاَ تَرْهِبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الهَيبة إجلالٌ ومخَافة. وَرجل هُيوبٌ جبانٌ يَهاب
كلَّ شَيْء.
ورُوي عَن عبيد بن عُمَير أَنه قَالَ: الْإِيمَان هيُوب، وَله
وَجْهَان:
أحدُهما: الْمُؤمن يهابُ الذنبَ فيتَّقِيه.
وَالْآخر: الْمُؤمن هَيوب أَي مهيوب لِأَنَّهُ يَهاب الله فيهابُه
النَّاس، أَي يعظِّمون قدرَه ويُوقِّرونه.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول لآخر: اعْلَق تهاب النَّاس حَتَّى يهابُوك،
أَمَره بتوقير النَّاس؛ كي يُوقِّروه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الهَوْب: الرَّجل الكثيرُ الْكَلَام،
وجمعُه أهواب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهيَّبان: الجبَان، والهيَّبان:
التيْس، والهيَّبَان: الرَّاعِي، والهَيَّبان: زَبَدُ أَفواهِ
الْإِبِل، قَالَ: والهيَّبان: التُّرَاب، وَأنْشد:
أكلَّ يَوْم شِعِرٌ مستحدَثُ
نَحن إِذا فِي الهيَّبان نَبحثُ
وَقَالَ ذُو الرّمة يصف إبِلا أزْبَدتْ مَشافِرها، فَقَالَ:
يظلّ اللُّغام الهيَّبان كَأَنَّهُ
جَنَا عُشَرٍ تَنْفِيه أشداقُها الهُدْلُ
وجَنا العُشَر: يخرجُ مثل رُمّانة صغيرةٍ فتنشقّ عَن مِثل القَزّ،
فَشبّه لُغامَها بِهِ، والبادية يجعلونَ جَنا العُشَر ثَقوباً يوقدون
بِهِ النَّار.
وهب: أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: تَقول الْعَرَب: هَبْنِي ذَاك، أَي
احسُبْني ذَاك واعدُدْني. قَالَ: وَلَا يُقَال هَبْ أَنِّي فعلتُ ذَاك،
وَلَا يُقَال فِي الْوَاجِب: قد وَهبْتُك، كَأَنَّهَا كلمة وُضِعتْ
لِلْأَمْرِ، كَمَا يُقَال ذَرْني ودَعْني، وَلَا يُقَال: وذَرْتُك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: وهَبَني الله فِداك، بِمَعْنى
جَعَلَني.
وَقَالَ شمِر: قَالَ الفرّاء: اتَّهَبْتُ منكَ دِرْهماً: افْتَعَلْتُ
من الهِبة، وأصبَح فُلانٌ مُوهباً أَي مُعدّاً.
قَالَ: ووَهبتُ لَهُ هِبَةً وموْهِبةً ووَهْباً ووَهَباً، إِذا
أعطيتَه، واتهَبْتُ مِنْهُ، أَي قَبِلتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول: وَهَب الله لَهُ الشَّيْء، فَهُوَ يَهَب
هِبَةً، وتَواهَبَه الناسُ بَينهم، وَالله الوَهّاب الوَاهِب، وكلّ مَا
وُهِبَ لَك من ولدٍ وغيرِه فَهُوَ مَوْهوبٌ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لقد هممتُ
ألاّ أَتَّهِبَ إِلَّا مِن قُرَشِيّ أَو أَنْصَاريّ أَو ثَقَفِيّ)
قَوْله: لَا أَتَّهِبَ، أَي أقبَل هِبةً إِلَّا من هَؤُلَاءِ.
قَالَ أَبُو عُبيد: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَفاءً فِي
أَخْلَاق الْبَادِيَة، وطلباً للزِّيَادَة على مَا وَهَبوا، فخَصَّ
أهلَ القُرَى الْعَرَبيَّة بقبوله الهديّة مِنْهُم دون أهلِ
الْبَادِيَة؛ لغَلَبة الْجفَاء على أَخْلَاقهم، وبُعدِهم من ذَوي
النُّهَى
(6/244)
والعُقول، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ،
وحسبُنا الله وَنعم الْوَكِيل.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَوْهَبَة: نُقْرَةٌ فِي صَخْرة يَستنقِع
فِيهَا ماءُ السَّمَاء. وأَنشدَ غَيره:
ولَفُوكِ أشهَى لَو يَحِلُّ لنا
من ماءِ مَوْهَبةٍ على شُهْد
أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَغَيره: أوْهَبَ الشيءُ، إِذا دامَ.
وَقَالَ غيرُه: أوهب الشيءُ، إِذا كَانَ مُعَدّاً عِنْد الرجل، فَهُوَ
مُوهِبٌ، وأنشدَ أَبُو زيد:
عَظِيم القَفا ضخم الخَواصِر أَوْهَبَتْ
لَهُ عَجوةٌ مَسْمُونَةٌ وخَمِيرُ
وَيُقَال: هَذَا وَادٍ مُوهِب الحَطَب، أَي كثير الحَطَب.
ووَهْبِينُ: جَبلٌ من جِبالِ الدَّهْناء قد رأيتُه.
والمَوْهِبَةُ: الهِبة بِكَسْر الْهَاء وَجَمعهَا مَواهِب، وَأما
النَّقرةُ فِي الصَّخر فمَوْهَبَة، بِفَتْح الْهَاء جَاءَ نَادرا،
والوَهوب: الرجلُ الكثيرُ الهِبات. والوهّاب من صفة الله: الْكثير
الهِبات المنعِم على الْعباد.
أهب: الأُهْبَة: العُدّة، وجمعُها أُهَب، وَقد تأهّب الرجلُ، إِذا أَخذ
أُهْبَتَه. والإهاب: الجِلْد، وجمعُه أُهُب، وأَهَب.
وَفِي الحَدِيث: وَفِي بيتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أُهُبٌ عَطِنَةٌ، أَي جلودٌ فِي دِباغها.
وَيُقَال: تَهيَّبني الشيءُ، بِمَعْنى تهيّبْتُه أَنا، وَيُقَال
للأَبحّ: أَبَّه.
(بَاب الْهَاء وَالْمِيم)
(هـ م (وَا يء)
وهم، هام، همي، ماه، مهي، أمه، مها، يهم، هيم، ومه.
وهم: قَالَ اللَّيْث: الوَهْم: الْجَمَل الضخم، وَأنْشد بَيت لبيد:
ثمَّ أصدَرْناهما فِي وَارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ صُواه قد مَثَلْ
قلتُ: أَرَادَ بالوَهْم طَرِيقا وَاسِعًا وَاضحا.
وَقَالَ ذُو الرمّة:
كَأَنَّهَا جَمَلٌ وَهْمٌ وَمَا بَقِيَتْ
إلاّ النَّحِيزَةُ والألواحُ والعَصَبُ
أَرَادَ بالوَهْم جَملاً ضَخْماً. وَيُقَال: توهّمتُ الشيءَ وتفرَّستُه
وتوسّمتُه وتبيَّنْتُه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ زُهَيْر فِي التوهّم:
فلأياً عرفتُ الدَار بعد تَوَهُّمِ
وَقَالَ اللَّيْث: الوَهْم من الْإِبِل: الذَّلُول المُنقادُ لِصاحبه
مَعَ قُوّة. والوَهْم: الطريقُ الْوَاضِح الَّذِي يَرِد المَوارِد.
وللقَلْب وَهْم، وجمعُه أَوْهام، وَالله لَا تُدرِكه أَوْهَام الْعباد.
وَيُقَال: توهّمتُ فِي كَذَا وَكَذَا، وأَوهَمْتُ الشَّيْء إِذا
أغفَلْتَه، والتُهْمة أصلُها وُهْمة من الوَهْم، يُقَال: اتَّهَمتُه،
افتعالٌ مِنْهُ، وَيُقَال: أَتْهمتُ فلَانا على بناءِ أفعَلْتُ، أَي
أدخَلْتُ عَلَيْهِ التُّهمة وَيُقَال: وهِمتُ فِي كَذَا وَكَذَا، أَي
غَلِطت. ووَهَم إِلَى الشَّيْء يَهِم، إِذا ذَهب وَهْمُه إِلَيْهِ،
وأوهَم الرجلُ فِي كِتَابه وَكَلَامه، إِذا أَسقَط.
(6/245)
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أوهمتُ:
أَسْقطْتُ من الْحساب شَيْئا. قَالَ: وَوَهِمْتُ فِي الصَّلَاة:
سَهَوْتُ، فَأَنا أَوْهَم. قَالَ: ووهِمْتُ إِلَى الشيءِ أَهِمُ ذهب
وَهْمِي إِلَيْهِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء: أوْهَمْتُ شَيْئا ووَهَمْتُه فَإِذا ذهب
وهمُكَ إِلَى الشَّيْء قلتَ: وهِمْتُ إِلَى كَذَا وَكَذَا أَهِمُ
وَهْماً. قَالَ عَدِيُّ بن زَيد:
فَإِن أخْطَأْتُ أَو أوهمتُ أَمراً
فَقَدْ يَهِمُ المصافِي بالْحَبيبِ
وَقَالَ الزِّبرقان بن بدر:
فبِتِلْك أَقضِي الهَمَّ إِذْ وَهِمَتْ بِهِ
نَفسِي ولَسْتُ بِنَأْنإٍ عُوَّارِ
قَالَ شمِر: وَقيل: أَوهمَ ووَهِم ووَهَم بِمَعْنى. قَالَ: وَلَا أرى
الصحيحَ إِلَّا هَذَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب: أوهَمْتُ الشيءَ، إِذا تركتَه كلَّه
أُوهِمُ، ووَهِمْتُ فِي الْحساب أَوْهَم، إِذا غَلِطْتَ، ووَهَمتُ
إِلَى الشَّيْء إِذا ذَهب قلبُك إِلَيْهِ وَأَنت تُرِيدُ غيرَه أَهِم
وَهْماً.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلّى فأَوْهَم فِي
صَلاته، فَقيل لَهُ: كأنّك أَوهَمتَ فِي صَلاتِك. فَقَالَ: (وَكَيف لَا
أُوهِمُ ورَفْغُ أحدِكم بَين ظُفْره وأَنملَتِه) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: أوهَم، إِذا أَسقَط، ووَهِم، إِذا
غلِط.
همى: فِي الحَدِيث أَن رجُلاً سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ: إنّا نُصِيبُ هَوامِيَ الْإِبِل، فَقَالَ: ضالّة الْمُؤمن
حَرْقُ النَّار.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الهَوامِي هِيَ المُهمَلة
الَّتِي لَا راعيَ لَهَا وَلَا حَافظ. يُقَال مِنْهُ: ناقةٌ هاميةٌ،
وبعيرٌ هامٍ، وَقد هَمَى يَهْمي هَمْياً، إِذا ذهب على وَجهه فِي
الأَرْض لِرَعْي أَو غَيره، وَكَذَلِكَ كُلُّ ذاهبٍ وسائلٍ من ماءٍ أَو
مَطر، وَأنْشد لطَرَفة:
فسَقى دِيارَك غير مُفْسِدها
صَوْبُ الرّبيع ودِيمَةٌ تهمِي
يَعْنِي تَسِيل وَتذهب.
وَقَالَ الكسائيّ: هَمَتْ عينُه تهمِي، إِذا سالَتْ ودَمَعت. قَالَ
أَبُو عبيد: وَلَيْسَ هَذَا من الهائم فِي شَيْء.
سَلمة عَن الْفراء: الأهماء: الْمِيَاه السائلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هَمَى وعَمَى وصَهَى وضَهَى، كلُّ ذَلِك
إِذا سَالَ.
وَقَالَ اللَّيْث: هَما: اسمُ صَنَم.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: هَمَا وَالله، بِمَعْنى أَمَا وَالله.
هيم: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا المخزوميُّ عَن
سُفيان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله جلّ
وعزّ: {الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (الواقِعَة: 55) .
قَالَ: هَيامُ الأَرْض. وَقيل: هَيامُ الرَّمل.
الحَرانيّ عَن ابْن السّكيت: الهَيْم: مصدرُ هَام يَهيم هَيْماً
وهيمَاناً، إِذا أَحبَّ المرأةَ.
قَالَ: والهِيم: الْإِبِل العِطاش.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهُيّام: العُشَّاق.
والهُيَّام: المُوَسْوِسُون.
(6/246)
وَقَالَ أَبُو عبيد: رجلٌ هائم وهَيُومٌ.
والهُيُوم أَن يذهَب على وَجْهه، وَقد هامَ يهيمُ هُياماً.
وَقَالَ اللَّيْث بن المظفَّر: الهيْمان: العَطْشان. الهَائمُ:
المتحيِّر، والهُيام كالجنون من العِشْق، والهيْماء: مَفازةٌ لَا ماءَ
بهَا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ
شُرْبَ الْهِيمِ} (الواقِعَة: 55) : الهيم الْإِبِل الَّتِي يصيبُها
داءٌ فَلَا تروَى من المَاء، وَاحِدهَا: أهيَم، وَالْأُنْثَى هَيْماء.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: هائم، وَالْأُنْثَى هائمة، ثمَّ
يجمعونه على هِيم، كَمَا قَالُوا: عائِطٌ وعِيط، وحائلٌ وحُول، وَهِي
فِي معنى حَائِل حُول، إِلَّا أنّ الضمة تُركَتْ فِي هِيمٍ؛ لئلاّ تصير
الْيَاء واواً.
وَيُقَال: إِن الهِيم: الرملُ، يَقُول: يشرَب أهلُ النَّار كَمَا تشرَب
السِّهلةُ والسِّهلة: الأَرْض الَّتِي يَكثر فِيهَا الرمل.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَيَامُ من الرَّمْل: مَا كَانَ تُراباً دُقاقاً
يَابسا.
أَبُو عبيد عَن أبي الجرّاح: الهُيام: داءٌ يُصيب الإبلَ من ماءٍ
تَشرَبه مُسْتَنْقعاً.
يُقَال: بعيرٌ هَيْمان، وناقة هيْمَى، وجمعُه هِيام.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهَيْمان هُوَ العَطْشان. قَالَ: وَهُوَ من الدّاء
مَهْيُوم.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: هوَّم القومُ وتهوَّموا، إِذا هزُّوا رؤوسهم
من النُّعاس.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: إِذا كَانَ النومُ قَلِيلا فهوَ التهويم.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: تهمَّأ الثوبُ وتهنّأَ، إِذا تَفَسأ،
مهموزاتٌ.
أَبُو عُبَيْدَة: عَمَا وَالله لأفعلنّ ذَاك، وهمَا وَالله، وأمَا
وَالله، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الهامةُ: رَأس كلِّ شَيْء من الرُّوحانيِّين،
والجميع الهامُ. قلت: أَرَادَ اللَّيْث بالرُّوحانيين ذَوي الْأَجْسَام
الْقَائِمَة بِمَا جَعَل الله فِيهَا من الْأَرْوَاح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الرُّوحانيون هم الْمَلَائِكَة والجنّ الَّتِي
لَيْسَ لَهَا أجسام تُرى. وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح عندنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الهامة من طَيْر اللَّيْل.
قَالَ: وَيُقَال للفَرس: هامَة.
قلت: ورَوى أَبُو عُمرَ عَن ثَعْلَب، عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ:
الهامة، مخفَّفة الْمِيم: الفَرس، والهامة: وسَط الرَّأْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: الهامة: أَعلَى الرَّأْس. وَفِيه الناصية،
والقَصَّة، وهما مَا أقبل على الْجَبْهَة من شَعر الرَّأْس، وَفِيه
المَفْرق، وَهُوَ مجْرى فرق الرأسِ بَين الجَبِينَيْن إِلَى الدائرة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا
عَدْوى وَلَا هَامة وَلَا صَفَر) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أمّا الهامة فَإِن الْعَرَب
كَانَت تَقول: إِن عِظامَ الْمَوْتَى تصيرُ هَامة فتَطير، قَالَ:
وَقَالَ أَبُو عَمْرو مِثْلَه.
(6/247)
قَالَ: وَكَانُوا يسمُّون ذَلِك الطَّائِر
الَّذِي يخرج من هَامة الْمَيِّت إِذا بَلِيَ الصَّدَى، وَأنْشد أَبُو
عُبَيْدَة:
سُلِّط الموتُ والمنون عَلَيْهِم
فَلهم فِي صَدَى الْمَقَابِر هامُ
وَقَالَ لبيد يَرثِي أَخَاهُ:
فَلَيْسَ الناسُ بعدَك فِي نَقِيرٍ
وَلَا هُمْ غَيرُ أصداءٍ وَهامِ
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: معنى قَوْله: (لَا هامَةَ وَلَا
صَفَر) . قَالَ: كَانُوا يتشاءمون بهما، أَي لَا تتَشاءَمُوا
وَيُقَال: أصبح فلانٌ هَامة، إِذا مَاتَ. وأَزْقَيْتُ هامةَ فلَان، أَي
قتَلته. وَقَالَ:
فإِن تَكُ هَامة بِهَرَاةَ تَزْقُو
فقد أزْقَيتُ بالمَرْوَيْنِ هاما
وَكَانُوا يَقُولُونَ: إنّ القَتِيل تخرُج هامَةٌ من هامَتِه، فَلَا
تزالُ تَقول: اسقُوني اسقوني حَتَّى يُقتلَ قاتِلُه، وَمِنْه قَوْله:
إنَّكَ إنْ لَا تَدَعْ شتْمِي ومَنْقَصَتِي
أَضْرِبك حَتَّى يقولُ الهامُ: أَسْقُونِي
يُرِيد أَقْتلك.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ أنّ رجلا باعَ مِنْهُ إبِلا هِيماً.
قَالَ شمِر: قَالَ بَعضهم: الهِيم هِيَ الظِّماء، وَقيل: هِيَ المِراض
الَّتِي تَمصّ المَاء مَعنا وَلَا تَروَى.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهُيامُ: داءٌ شَبيه بالحمَّى تَسْخُن عَلَيْهِ
جلودُها، وَقيل: إِنَّهَا لَا تَروَى إِذا كَانَت كَذَلِك.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الهُيام: نحوُ الدُّوَار جُنونٌ يأخذُ البعيرَ
حَتَّى يَهلِك، يُقَال: بعيرٌ مَهْيُومٌ.
مهي: قَالَ اللَّيْث: المَهْي: إرْخاء الحَبْل وَنَحْوه، وَقَالَ
طَرفة:
لَكا الطِّوَلِ المُمْهَى وثِنْيَاه باليَدِ
قَالَ: وأمْهَيت لَهُ فِي هَذَا الْأَمر حَبْلاً طَويلا. قَالَ:
وأمْهَيْتُ فَرسي إمهاءً، إِذا أجْرَيته.
أَبُو نصر، عَن الأصمعيّ: أَمْهَى قِدْرَه، إِذا أَكثر ماءَها.
وأمْهَى النَّصْلَ على السِّنان، إِذا أحدَّه ورقَّقه، وَأنْشد قولَ
امرىء الْقَيْس:
راشَهَ مِن ريشِ ناهِضَةٍ
ثمَّ أمْهَاهُ عَلَى حَجَرِهْ
قَالَ: وأمْهَى فرسَه، إِذا أجراه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أمْهيتُ الفرَس: أرْخَيت لَهُ من عِنانه، ومثلُه:
أمَلْتُ بِهِ يَدي إمالةً، إِذا أرخَى لَهُ من عِنانه.
وأمْهَيت الشّرابَ: إِذا أكثرتَ ماءَه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أمْهَيتُ الحديدةَ: سَقَيْتُها مَاء.
وأمْهَيتُ الفرَسَ: أجْرَيتُه.
الْكسَائي: أمهَيتُ الْفرس: طوَّلْتُ رَسَنَه.
الأُمويّ: أمْهَيْتُ: إِذا عَدَوْتُ
الْكسَائي: حفَرْنا حَتَّى أمْهَينا، أَي بلغْنا المَاء.
(6/248)
وَفِي (النَّوَادِر) : المَهْوُ: البَرْد،
والمَهو، حَصًى أبيَض، يقالُ لَهُ: بُصَاقُ الْقَمَر، والمَهْو:
اللُّؤلؤ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَهْيُ: تَرقيقُ الشَّفْرة، وَقد
مَهاها يَمهِيها.
سَلَمَة عَن الْفراء: الأَمهاء: السُّيوف الحادّة.
وَقَالَ غيرُه: سيفٌ مَهْوٌ رقِيق. وأنشَد:
أبيضُ مَهْوٌ فِي مَتْنِه رُبَدُ
الأصمعيّ: المَها: بَقَرُ الوَحْش، الْوَاحِدَة مَهَاة: والمَهاةُ:
الحِجارةُ البِيض الَّتِي تَبرُق، وَهِي البِلَّوْر.
والمَهْوُ: السَّيفُ الرَّقيق.
وسَلَح سَلْحَاً مَهْواً، أَي رَقيقاٌ.
والمَهو: شدّة الجري.
وَقَالَ اللَّيْث: المَهاءُ ممدودٌ: عيب وأَوَدٌ يكونُ فِي القِدْح،
وَأنْشد:
يُقيمُ مَهاءُهُنَّ بإصبَعَيْه
وَقَالَ أَبُو عبيد: حفَرتُ البئرَ حَتَّى أمهَت، وأموَهْتُ، وَإِن
شِئْت حَتَّى أَمهَيتُ، وَهِي أبعَدُ اللُّغات. كلُّها انتهيتَ إِلَى
المَاء. وَقَالَ ابْن هَرْمة:
فإنّك كالقَرِيحةِ عامَ تُمْهَى
شَرُوبَ المَاء ثمَّ تعود ماجا
وَقَالَ ابْن بزرج فِي حَفر الْبِئْر: أَمهَى وأمَاهَ، قَالَ: ومَهَتِ
العينُ تمهو، وَأنْشد:
تقولُ أُمامةُ عِنْد الفرا
ق والعينُ تمهُو على المِحْجَر
قَالَ: وأمهيتُها أَنا أَي أسَلْت ماءَها.
أَبُو زيد: المهَا: ماءُ الفحْل، وَهُوَ المُهْيَةُ، وَقد أمهَى، إِذا
أنزَل المَاء عِنْد الضِّراب.
ومَهْوُ الذَّهب: مَاؤُهُ. وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: رأى رجلٌ
فِيمَا يَرَى النَّائِم جسَد رجلٍ مُمْهًى، قَالَ: هُوَ الَّذِي يُرَى
داخِلُه من خارِجه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أمهَى، إِذا بلَغ من حَاجته مَا أرادَ، وأصلُه
أَن يَبْلُغ الماءَ إِذا حَفَر بِئْرا.
موه: يُقَال: عَلَيْهِ {مُوهَةٌ من حُسْنٍ، ومُوَاهةٌ ومُوَّهة: إِذا
مَسَحه، وتموَّه المالُ للسِّمَن، إِذا جَرى فِي لحُومه الرَّبيعُ.
وتَموَّه العِنبُ، إِذا جَرى فِيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لونُه.
وَقَالَ اللَّيْث: المُوهَة: لونُ المَاء، يُقَال: مَا أحسنَ مُوهَةَ
وَجْهِه.
وتصغيرُ المَاء: مُوَيْهٌ. والجميعُ الْمِيَاه، وَيُقَال: ماهتِ
السفينةُ تمُوه وتمَاه، إِذا دَخَل فِيهَا الماءُ، وأماهت الأرضُ، إِذا
ظهر فِيهَا النَّزّ. وَيُقَال: أماهت السَّفِينة، بمعنَى ماهت.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المَيْه: طِلاء السيفِ وغيرِه
بِمَاء الذَّهَب. وَأنْشد فِي نعت فرس:
كَأَنَّمَا مِيهَ بِهِ ماءُ الذَّهبْ
وامْهتِ السِّكين.
والنِّسبةُ إِلَى المَاء: ماهِيّ.
ابنُ بُزرُج، مَوَّهت السماءُ، أسالَتْ مَاء كثيرا، وماهتِ البئرُ
وأمَاهتْ فِي كَثْرَة مَائِهَا وَهِي تَمَاه وتَمُوه.
وَيَقُولُونَ فِي حَفْر البِئر: أمهَى وأمَاه.
وَقَالَ الأصمعيّ: ماهَت البئرُ تمُوه وتَماهُ مَوْهاً إِذا كَثُر
ماؤُها.
(6/249)
وَقَالَ غيرُه: مَوَّه فلانٌ حَوْضَه
تمويهاً، إِذا جعل فِيهِ الماءَ. ومَوَّه السحابُ الوَقائِعَ وَأنْشد:
تَمِيميّة نجدية دارُ أهلِها
إِذا مَوَّه الصَّمّان من سَبَل القَطْرِ
وَقيل: مَوَّه الصَّمّانُ: صَار مُمَوَّهاً بالبَقْل.
اللحيانيّ: أَمِهْنِي، أَي اسقِني، وبئر مَيْهةٌ: كَثِيرَة المَاء.
وَتقول: تَموَّه ثمرُ النَّخْل والعِنَب، إِذا امتَلأَ مَاء فتهيّأ
للنُّضْج.
وَقَالَ أَبُو سعيد: شجر مَوْهِيٌّ، إِذا كَانَ مَسْقَوِيّاً، وشَجر
جَزَوِيّ يَشربُ بعروقِه وَلَا يُسقَى.
وكلامٌ عَلَيْهِ مُوهَةٌ، أَي حُسْن وحَلاوة.
وَفُلَان مُوهَةُ أهل بَيْتِه.
وَحكى الكسائيّ: باتت الشاةُ ليلتَها ماءٍ ماءٍ وماهٍ وماهٍ، وَهُوَ
حِكَايَة صوتِها.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الماهُ: قَصَبُ البَلَد، قَالَ:
وَمِنْه قولُ النَّاس ضُرِب هَذَا الدينارُ بماهِ البَصْرة، وبماهِ
فَارس.
قلت: كَأَنَّهُ مُعَرَّبٌ.
والماهان: الدِّينَور ونهاوَنْد، أحدُهما: ماهُ الْكُوفَة، وَالْآخر
ماهُ البَصْرة.
وجمعُ الماءِ مِياهٌ وأمْواه.
وأصل المَاء ماه، والواحدة ماهَةٌ وماءَةٌ.
أَبُو عُبَيد، عَن الْكسَائي: مَوَّهْتُ الشيءَ إِذا طَليتَه بفضّة أَو
ذَهب، وَمَا تحتَ ذَلِك حَدِيد أَو نُحاس.
قلتُ: وَمِنْه قيل للمُخادِع: مُموَّه وَقد مَوَّه عليّ الْبَاطِل إِذا
لَبَّسَه، وأراهُ فِي صُورَة الْحق.
أمه: ابْن السّكيت: الأَمِيهةُ: بَثْرٌ يخرُج بالغَنم كالجُدَرِيّ،
وَقد أُمِهَت فَهِيَ مأمُوهةُ، وَقَالَ الشَّاعِر:
طَبِيخُ نُحازٍ أَو طَبيخُ أَمِيهةٍ
صغيرُ العِظام سيءُ القَسْم أَمْلَطُ
يَقُول: كَانَ فِي بطن أمّه وَبهَا نُحاز وأَمِيهة، فَجَاءَت بِهِ
ضاوِياً. قَالَ: وقولهُم آهَةٌ وأَمِيهةٌ، الآهة من التأوّه، والأميَهة
الجُدَرِيّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأَمْهُ: النسْيان والأَمْهُ:
الْإِقْرَار، الأمْه: الجُدَرِيّ.
وَقَالَ الزّجاج: قَرَأَ ابْن عَبَّاس: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}
(يُوسُف: 45) قَالَ: والأمَهُ: النِّسيان، يُقَال: أَمِه يَأْمَه
أَمَهاً، هَذَا الصَّحِيح بفَتْح الْمِيم.
قَالَ: ورُوِي عَن أبي عُبيدة: {بعد أمه بِسُكُون الْمِيم، وَلَيْسَ
ذَلِك بِصَحِيح، وَكَانَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ
المنذريّ يقرأه بعد أمه، وَيَقُول: أمَهٌ خطأ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبيدة، يُقَال: أَمِهْتُ الشيءَ فَأَنا آمَهُه
أَمْهاً، إِذا نَسِيته، قَالَ: وادكر بعد أمه.
ورُوِي عَن الزّهريّ أَنه قَالَ: من امتُحِن فِي حَدَ فأَمِهَ ثمَّ
تبرَّأ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ عُقوبة.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ الْإِقْرَار، وَمَعْنَاهُ أَن يُعاقَب
ليُقِرَّ، فَإِقْرَاره بَاطِل.
(6/250)
وَقَالَ أَبُو عبيد: لم أسمع الأَمَه:
الْإِقْرَار إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، والأَمَهُ فِي غير هَذَا:
النسيانُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ غَيْرُه: يُقَال: أَمَهْتُ إِلَيْهِ فِي أمْرٍ
فأَمَهَ إليَّ، أَي عَهِدْتُ إِلَيْهِ فعَهِدَ إليّ.
وَقَالَ الْفراء: الأَمَهُ: النسْيَان، قَالَ: وأُمِهَ الرجلُ فَهُوَ
مَأْموه، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عقلُه مَعَه.
وَأما الأُمُّ فقد قَالَ بَعضهم: الأَصْل أُمّة، وَرُبمَا قَالُوا
أُمَّهة، وَتجمع أُمَّهات، وَأنْشد بَعضهم:
أُمَّهَتِي خِنْدِفُ والياسُ أَبِي
وَقَالَ غَيره: تُجمع الأَمُّ من غير الآدميات أُمَّات بِغَيْر هَاء،
وَأما بَنَات آدم فهنّ أمَّهاتٌ، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
لقد آليتُ أَغْدِرُ فِي جَداعِ
وإنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
وَالْقُرْآن نَزَل بالأَمهات، كأنَّ الْوَاحِدَة أمَّهة.
وَقيل: الْهَاء زَائِدَة فِي الأُمَّة.
وَمن قَالَ هَذَا قَالَ: الْأُم فِي كَلَام الْعَرَب أصلُ كل شَيْء،
واشتقاقه من الأَمِّ وزِيدت الْهَاء فِي الأمّهات، لتَكون فرقا بَين
بَنات آدمَ وسائرِ إناث الْحَيَوَان، وَهَذَا أصح الْقَوْلَيْنِ
عندنَا.
يهم: قَالَ اللَّيْث: الأَيْهَم من الرِّجال: الأَصَمّ والأيْهَم:
الشُّجَاع الَّذِي لَا ينحاش لشَيْء. واليَهْماء: مفَازةٌ لَا ماءَ
فِيهَا وَلَا يُسْمَع فِيهَا صَوت. والأَيْهمَان: السَّيل والحَرِيق،
لِأَنَّهُ لَا يُهْتدَى فيهمَا كَيفَ الْعَمَل، كَمَا لَا يُهْتَدى فِي
اليَهْماء.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ عمَارَة: اليَهْماء: الفَلاة الَّتِي لَا
ماءَ فِيهَا، وَيُقَال لَهَا: هَيْمَاء. قَالَ: وليلٌ أَيْهَم: لَا
نُجُوم فِيهِ. والأيْهم: المُصابُ فِي عَقْلِه.
ورُوِي عَن النَّبِي أَنه كَانَ يتعوَّذ من الأَيْهَمَين، وهما
السَّيْل والحريق. وَيُقَال فِي الأَيْهَمين: إنَّهُمَا الفَحْل
المغتلِم، والسّيْل.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: اليَهْماء: فلاةٌ مستويةٌ مَلسَاءُ لَيْسَ
فِيهَا نَبْت.
قَالَ: والأيهَم: البَلد الَّذِي لَا عَلَم بِهِ.
وَقَالَ المؤرِّج: اليَهْماء: العَمْياءُ، وسُمّيتْ يَهْماءَ لِعَمَى
مَنْ يَسلُكها فِيهَا عَن الاهتداء، كَمَا قيل للسَّيل وَالْبَعِير
الهائج: الأيهمانِ، لِأَنَّهُمَا يَتجَرْثمان كل شَيْء كتَجرَثُم
الْأَعْمَى.
وَيُقَال لَهما: الأعمَيان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اليَهْماء: الَّتِي لَا مَرْتع بهَا، أرضٌ
يهماء، وسَنَةٌ يَهْماء: ذاتُ جُدُوبة.
قَالَ: والأيهَم من النَّاس: الَّذِي لَا يسْمَع بَيِّنُ اليَهَم،
وَأنْشد:
فإنِّي أُنادِي أَو أُكلِّم أَيْهَمَا
قَالَ: وسِنُونَ يُهْمٌ: لَا مَاء فِيهَا وَلَا كَلأ، وَلَا شَجَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَنةٌ يهماء: شَديدة عَسِرة لَا فرَج فِيهَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الْأَيْهَم: الرجل الَّذِي لَا عَقْل لَهُ،
وَلَا فَهم.
وَقَالَ العجَّاج:
(6/251)
إلاّ تَضاليل الْفُؤَاد الأيهَم
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اليَهْماء: الفَلاة الَّتِي لَا يُهتدَى فِيهَا
لطريق، والأيهَم: الْأَعْمَى والأيهم: الَّذِي لَا عَقل مَعَه.
وَقَالَ رؤبة:
كَأَنَّمَا تغريدُه بعد العَتَمْ
مُرْتَجِسٌ جَلْجَلَ أَو حادٍ نَهَمْ
أَو راجزٌ فِيهِ لَجاجٌ ويَهمْ
أَي لَا يَعقِل.
قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَنْت أشدّ وأشجَع من الأَيْهَمين، وهما
الْجمل والسَّيْل، وَلَا يُقَال لأَحَدهمَا: أَيهَم.
وَيُقَال: رجل أَيهم، إِذا كَانَ لَا يحفَظ وَلَا يَعقِل.
هيم: وَيُقَال: استُهِيم فؤادُه فَهُوَ مُستهامُ الْفُؤَاد.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهَيْم: هَيَمان العاشق.
قَالَ: والشاعر إِذا خلاَ فِي الصَّحراء هام.
وَقيل فِي قَول الله جلّ وعزّ: يصف الشُّعَرَاء: {الْغَاوُونَ أَلَمْ
تَرَ أَنَّهُمْ} (الشُّعَرَاء: 225) .
قَالَ بَعضهم: هُوَ وَادي الصَّحْراء يَخْلُو فِيهِ العاشق والشاعر،
وَيُقَال هُوَ وادِي الْكَلَام، وَالله أعلم.
مها: وَيُقَال للثَّغْر النَّقِيّ: مَهَا، وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
ومَهاً ترِفُّ غُروبُه
يَشفِي المتيّم ذَا الحرارهْ
ومه: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَمْهَةُ الإذْوَابة من كلّ
شَيْء.
مهو، وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي بَاب أفعَل: إِنَّه لأخيَبُ
من شَيخ مَهْوٍ صَفْقَةً.
قَالَ: وهُمْ: حَيٌّ من عبد الْقَيْس كَانَت لَهُم فِي المَثَل قصَّة
يسمُج ذِكرُها.
(6/252)
بَاب لفيف حرف الهَاء
(هَاء، أوه، هيه، إيه، هيّ، هيا، هيه، هيأ، هوأ، وَهُوَ، يهيه، ياه،
وَهِي، أيه، هوى) .
هَاء: قَالَ ابْن المظفَّر: قَالَ الْخَلِيل: الْهَاء حرف هَشٌّ ليّن
قد يَجِيء خَلفاً من الْألف الَّتِي تُبنَى للقَطع، وَهَا بِمَعْنى
خُذْ فِيهِ لُغَات للْعَرَب مَعْرُوفَة وَيُقَال: هَا يَا رجل،
وللرّجلين هاؤُ مَا، وللرجال هاؤم.
قَالَ الله جلّ وعزّ فِي هَذِه اللُّغَة وَهِي أشرفُ اللُّغَات، لأنَّ
الْقُرْآن نزل بهَا: {خَافِيَةٌ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ
بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ} (الحاقة: 19) جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَن الرجل
من الْمُؤمنِينَ يُعطَى كتابَه بِيَمِينِهِ، فَإِذا قَرَأَهُ رأَى
فِيهِ تبشيرَه بِالْجنَّةِ، فيعطيه أَصْحَابه فَيَقُول: هاؤُم كتابي،
أَي خذوه واقرءوا مَا فِيهِ لِتَعْلَمُوا فَوْزي بِالْجنَّةِ، يدلك على
ذَلِك قَوْله: {كِتَابيَهْ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}
(الحاقة: 20) أَي علمت {حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}
(الحَاقَّة: 21) .
قَالَ ابْن السّكيت: وَيُقَال للْمَرْأَة هاءِ يَا امرأةُ، مَكْسُورَة
بِلَا يَاء، وهايا يَا امْرَأَتَانِ، وهاؤُنَّ يَا نسوةٌ، ولغة
ثَانِيَة هَا يَا رجل، وهاءَ بِمَنْزِلَة هاعَا، وللجميع هاءُوا،
وللمرأة هائي، وللثنّيتين هاءا، وللجميع هَأْنَ بِوَزْن هَعْنَ ولغة
ثَالِثَة هاءِ يَا رجلُ بِهَمْزَة مكسورةٍ، وللاثنين هائياً، وللجميع
هاءوا، وللمرأة هائي، وللثِّنتَين هائيَا، وللجماعة هائِين.
قَالَ: وَإِذا قَالَ لكَ: هَا، قلتَ: مَا أَهاءُ يَا هَذَا، وَمَا، أَي
مَا أُعطَى، وَنَحْو ذَلِك رُوي عَن الكسائيّ، وَزَاد فَقَالَ: يُقَال:
هاتِ وهاءِ، أَي اعْطِ وخُذْ.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَفِي أيامِ هاتِ بهاء نُلْفَى
إِذا زَرِم النَّدَى متحلَّبينا
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: هاكَ هَذَا يَا رجل، وهاكما هَذَا يَا
رجلَانِ، وهاكم هَذَا يَا رجالُ، وهاكِ هَذَا يَا امرأةُ، وهاكمَا
يامرأتان وهاكُنّ يَا نِسوَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: قَالُوا هاءَ يَا رجلُ بِالْفَتْح، وهاءِ يَا رجلُ
بِالْكَسْرِ، وهايَا للاثنين فِي اللغتين جَمِيعًا بِالْفَتْح، وَلم
يَكسِروا فِي الِاثْنَيْنِ، وهاءُوا فِي الْجمع، وَأنْشد:
قومُوا فهَاءُوا الحقَّ ننزلْ عندَه
إذْ لم يكن لكمُ علينَا مَفخرُ
قلت: فَهَذِهِ جميعُ مَا جَاءَ من اللُّغات فِي هَا بِمَعْنى خُذْ.
وَأما هَا مَقْصُورَة بِمَعْنى التَّنْبِيه فَإِن أَبَا الْهَيْثَم
قَالَ: هَا تنْبيهٌ تَفتتحُ العربُ بهَا الكلامَ بِلَا معنى سِوَى
الِافْتِتَاح، تَقول: هَا ذَاك أَخُوك هَا إنّ ذَا أَخوك، وَأنْشد:
(6/253)
هَا إنّ تا عِذْرَةٌ إِن لَا تكن نَفَعتْ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: وَيُقَال: لَاها الله ذَا: بِغَيْر ألف فِي
القَسَم، قَالَ: والعامة تَقول: لَاها الله إِذا.
قَالَ: وَالْمعْنَى لَا وَالله هَذَا مَا أُقسِمَ بِهِ، فأُدخِل اسمُ
الله بَين هَا وَذَا.
وَالْعرب تَقول أَيْضا: هَا، إِذا أجابوا دَاعيا، يَصِلون الْهَاء،
بِالْألف تَطْوِيلًا للصوت.
ويُبدِلون ألف الِاسْتِفْهَام هَاء، وَأنْشد بَعضهم:
وَأَتَتْ صواحبُها فقلنَ: هَذَا الَّذِي
رامَ القَطيعةَ بعدَنا وجَفانا
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَول شَبيب بن البَرْصاء:
تُفلِّق هَا مَنْ لم تَنَلْه رِماحُنا
بأسيافِنا هامَ المُلوكِ القَماقِمِ
فِي هَذَا تَقْدِيم مَعْنَاهُ التَّأْخِير، إِنَّمَا هُوَ نُفلِّق
بأسيافنا هامَ الْمُلُوك والقَماقم، ثمَّ قَالَ: هَا مَن تَنَله
رِماحُنا، فها تَنْبِيه. وَأما الحَدِيث الَّذِي جَاءَ: (لَا تَبِيعُوا
الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا هَا وَهَا) فقد اختُلِف فِي تَفْسِيره،
وظاهرُ مَعْنَاهُ أَن يَقُول كل واحدٍ من البَيِّعَيْن هَا، فيُعطيه
مافي يدِه فِي مَكَانَهُ، ثمَّ يفترقان. وَقيل: مَعْنَاهُ أَن يَقُول
كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه: هاكَ وهاتِ، أَي خُذْ وأَعْطِ.
هه وهاه قَالَ ابْن المظفّر: هَهْ: تَذكِرةٌ فِي حالٍ، وتحذيرٌ فِي
حالٍ، فَإِذا مَددْتَها وقلتَ: هاهْ كَانَت وَعِيداً فِي حالٍ، وحكايةً
لضحك الضاحك فِي حَال، وَتقول ضحك الضاحك، فَقَالَ هاهْ هاهْ. قَالَ:
وَيكون هاه فِي مَوضِع آه من التوجّع، وَقد تأوَّه، وَأنْشد:
تأوَّهُ آهَةَ الرَّجلِ الحَزِين
ويُرْوَى:
تَهَوَّهُ هَاهَةَ الرّجل الحزين
قَالَ: وَبَيَان القَطْع أحسن.
أوه: وَقَالَ ابْن السّكيت: الآهة من التأوُّه، وَهُوَ التوجُّع،
يُقَال: تأوَّهْتُ آهةً، وَكَذَلِكَ قولُهم فِي الدُّعَاء: آهةً
وأَمِيهةً، وَقد مرَّ تفسيرهما.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَفْسِير قَوْله:
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} (التّوبَة: 114) أَنه قَالَ:
الأوَّاهُ الدَّعّاءُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأوَّاه: المتأَوِّه شَفَقاً وفَرَقا، المتضرِّع
يَقِينا ولُزوماً للطاعة، وَأنْشد:
إِذا مَا قمتُ أَرحَلُها بلَيْل
تأَوَّهُ آهةَ الرَّجل الحزين
وَيُقَال: الأوَّاه: الرَّحيم، وَقيل: الرَّقيق، وَقيل: الْفَقِيه،
وَقيل: الْمُؤمن، بلُغة الْحَبَشَة.
وحدَّثنا السَّعْديّ عَن أبي زُرْعة عَن قَبِيصَة عَن سُفْيانَ عَن
سَلمَة بن كُهَيل عَن مُسلم البَطين عَن أبي العُبَيْدَيْن قَالَ:
سألتُ ابنَ مَسْعُود عَن الأوَّاه، فَقَالَ: الرَّحِيم.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: آهِ هُوَ حكايةُ المتأَوِّه فِي صَوْته، وَقد
يَفْعَله الْإِنْسَان شَفَقَة وجَزَعاً، وَأنْشد:
(6/254)
آهٍ من تَيَّاكِ آها
تركَتْ قلبِي مُتاها
وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الأعرابيّ، وَقَالَ: تأَوَّهَ تأَوُّهاً،
إِذا توَجَّع، ومثلُه أوَّهَ تَأْوِيهاً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: العَرَب تَقول: أَوَّه وآوَه وآوُوه، بالمَدّ
وواوَين، وأَوْهِ بِكَسْر الْهَاء خَفِيفَة، وَأنْشد الْفراء:
فَأَوْهِ من الذِّكرَى إِذا مَا ذَكرتُها
وَمن بُعدِ أرضٍ بينَنا وسَماءِ
وروَى ابْن المظفَّر: أَوَّهَ وأَهَّهَ، إِذا توجَّع الحزينُ الكئيبُ،
فَقَالَ: آهِ، أَو قَالَ: هاهِ عِنْد التوجُّع، فأَخرج نَفسَه بِهَذَا
الصَّوْت ليتفرَّج عَنهُ بعض مابه.
هيه وإيه: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هِيهِ وهيهَ، بِالْكَسْرِ
وَالْفَتْح، فِي مَوضِع إيهِ وإيهَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول للرجل إِذا استزَدْتَه من حديثٍ أَو عمل:
إيه، فَإِن وصلتَ قلتَ: إيهٍ حدِّثْنا. وَقَالَ فِي قَول ذِي الرمة:
وقَفْنا فَقُلْنَا: إيهِ عَن أم سالمٍ
وَمَا بالُ تَكليم الدِّيارِ البَلاقع
فَلَنْ ينوِّن، وَقد وَصَل لِأَنَّهُ نَوَى الْوَقْف. قَالَ: فَإِذا
أَسْكتَّه وكفَقْتَه قلتَ: إيهاً عنّا، فَإِذا أَغْرَيْتَه بالشَّيْء
قلتَ: وَيْهاً يَا فُلان، فَإِذا تعجَّبتَ من طيبِ شَيْء قلت: واهاً
لَهُ مَا أَطيَبَه، قَالَ أَبُو النَّجْم:
واهاً لرَيَّا ثمَّ واهاً واهَا
وَأنْشد:
وَهُوَ إِذا قيل لَهُ: وَيْهاً كُلْ
فَإِنَّهُ مُوَاشكٌ مُسْتَعْجِلْ
وَهُوَ إِذا قيلَ لَهُ: وَيْهاً فُلْ
فَإِنَّهُ أَحْجِ بِهِ أَن يَنكلْ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَقول فِي الْأَمر: إيهٍ افعَلْ، وَفِي
النَّهْي: إيهاً عني الْآن، وَفِي الإغراء: وَيْهاً يَا فلَان، وَقَالَ
ابْن الأعرابيّ نَحوا ممَّا قَالَ.
وَقَالَ الكسائيّ: من الْعَرَب من يَتعجَّب بِوَاهاً فَيَقُول: واهاً
لهَذَا، أَي مَا أَحسنَه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إيهِ وإيهٍ، فِي الاستزادة والاستنطاق وإيهَ
وإيهاً، فِي الزَّجْر وَالنَّهْي، كَقَوْلِك: إيهَ حَسْبُك، وإيهاً
حَسبك.
وَقَالَ اللَّيْث: هَا بفَخامة الْألف: تَنْبِيه، وبإمَالة الْألف:
حَرْف هجاء.
قَالَ: وهاء ممدودٌ يكون تَلْبِيةً، كَقَوْل الشَّاعِر:
لَا بل، يَملُّك حِين تَدْعو باسمه
فَيَقُول: هاءَ وطاء لمَا لبَّى
قَالَ: وأهُل الْحجاز يَقُولُونَ فِي مَوضِع لَبَّى فِي الْإِجَابَة:
لبَى خَفِيفَة، وَيَقُولُونَ أَيْضا فِي هَذَا الْمَعْنى: هَبَى
وَيَقُولُونَ: هَا إِنَّك زيد مَعْنَاهُ أإنك زيد فِي الِاسْتِفْهَام،
ويقصُرون فَيَقُولُونَ: هَإنّك فِي مَوضِع أَإِنَّك زيد، وَالْأَصْل
فِيهِ الهَمْزَتان.
هيّ: قَالَ اللَّيْث: هَي بن بَي كَانَ من ولد آدم فانْقَرض نَسْلُه،
وَكَذَلِكَ هيّان بن بيّان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ هيُّ بنُ بيّ وهيّان بن بيّان
وبيّ بن بيّ.
يُقَال ذَلِك كُله للرجل إِذا كَانَ خَسِيساً.
(6/255)
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ يُقَال: يَا هَيُّ
مالِي، مَعْنَاهُ التَلهُّف والأسى، وَمَعْنَاهُ يَا عَجَباً مَالِي.
وروى الْفراء عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: من العَرَب من يتعجب بهَيّ
وفَيّ وشَيّ، وَمِنْهُم من يزِيد مَا فَيَقُول: يَا هَيَّما وياشيَّما
ويافيَّما، أَي مَا أَحسن هَذَا.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: الْعَرَب تَقول هَيَّك أيْ أسرعْ فِيمَا أَنْت
فِيهِ.
هيا: قَالَ اللَّيْث: هَيَا مِنْ زَجْر الْإِبِل، وَأنْشد:
وجُلّ عِتابِهِنَّ هيَا وهَيْدُ
قَالَ: وهِيَ، وهَا: من زَجْر الْإِبِل، هَيْهَيْتُ بهَا هِيهاءً
وهِيهاةً، وَأنْشد:
مِن وَجْسِ هِيهاءَ وَمن هِيهائهِ
وَقَالَ العجاج:
هيهاتَ من مَخترِقٍ هَيهاؤه
قَالَ: وهَيهاؤُه مَعْنَاهُ البُعْد، والشيءُ الَّذِي لَا يُرجَى.
قَالَ: وَمن قَالَ: هَا فَحكى ذَلِك قَالَ: هَا هَيْت.
هَا هَيْتُ بِالْإِبِلِ: دَعَوتها، وهأْهأْتُ بهَا للعَلَف،
وجَأْجَأْتُ بِالْإِبِلِ للشُّرْب، وَالِاسْم مِنْهُ والجيءُ والهِىءُ،
وَأنْشد.
وَمَا كَانَ على الجِيء
وَلَا الهِيء امتداحِيكا
وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
هيه: قلت: وَاتفقَ أهل اللُّغَة أَن التَّاء من هَيْهات لَيست بأصلية
أصلُها هَاء.
قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: إِذا وصلتَ هيهاتَ فدَع التَّاء على
حَالهَا، وَإِذا وقَفْتَ فَقل: هَيهَات هيهاه، قَالَ ذَلِك فِي قَوْله
جلّ وعزّ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ:
36) .
وَبِنَحْوِ ذَلِك قَالَ الْخَلِيل وسيبويه. وَقَالَ وَقَالَ أَبُو
إِسْحَاق الزّجاج: تَأْوِيل {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ} البُعْد لما توعدون.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: من كَسَر التَّاء فَقَالَ: هيهاتِ هيهاتِ،
فَهِيَ بِمَنْزِلَة، عِرْقاتٍ تَقول: استأصَلَ الله عرقاتَهم
وعِرْقاتِهم، فَمن كسر التَّاء جعلهَا جمعا، وَاحِدهَا عِرْقة،
وَوَاحِد هَيْهَات على ذَلِك هيهة، وَمن نَصَب التَّاء جعلهَا كلمة
وَاحِدَة.
قَالَ: وَيُقَال: هيهاتَ مَا قلتُ، وهيهاتَ لِما قلت، فمنْ أَدخل
اللَّام فَمَعْنَاه البُعْد لِقَوْلِك.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: فِي هَيْهَات سبعُ لُغَات: فَمن قَالَ هيهاتَ
بفَتْح التَّاء من غير تَنْوِين شَبَّه التَّاء بِالْهَاءِ، ونصبها على
مَذْهَب الأداة.
وَمن قَالَ: هَيْهاتاً بِالتَّنْوِينِ، شبهه بقوله تَعَالَى:
{فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} (البَقَرَة: 88) أَي فقليلاً إِيمَانهم
وَمن قَالَ: هيهاتِ شبهه بحَذامِ، وقَطامِ، وَمن قَالَ هَيْهَات لَك،
بِالتَّنْوِينِ، شبهه بالأصوات كَقَوْلِهِم: غاقٍ وطاقٍ، وَمن قَالَ
هيهاتُ لكَ، بِالرَّفْع، ذَهب بهَا إِلَى الوَصْف فَقَالَ: هِيَ أداةٌ
والأدواتُ معرفةٌ، وَمن رَفعهَا ونوَّن شبه التَّاء بتاء الْجمع،
كَقَوْلِه: مِن عَرَقات.
(6/256)
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: أَيْهات،
فِي اللّغات الَّتِي ذكرتُها كلهَا، وَمِنْهُم من يَقُول: أَيْهان
بالنُّون. وَمِنْهُم من يَقُول: أَيْها بِلَا نون، وَمن قَالَ أَيْها،
فَإِنَّهُ حذَف التَّاء كَمَا حذفت الْيَاء من حاشى، فَقَالُوا: حاش
لله، وَأنْشد:
وَمن دُونيَ الأَعْراضُ والقِنْعُ كلُّه
وكُتمانُ أَيْهَا مَا أَشَتَّ وأبعدَا
قَالَ: هَذِه اللُّغَات كلهَا مَعْنَاهَا البُعد، الْمُسْتَعْمل
مِنْهَا اسْتِعْمَالا عَالِيا الْفَتْح بِلَا تَنْوِين.
وَقَالَ الْفراء: نصبُ هَيْهَات بمنزله نصبِ رُبَّتَ وثُمَّتَ، والأصلُ
رُبَّهْ وثُمَّهْ، وَأنْشد:
مَا وِيَّ يَا رُبَّتمَا غارةٍ
شعواءَ كاللَّذْعَةِ بالميسمِ
قَالَ: وَمن كسر التَّاء لم يَجْعَلهَا هَاء تَأْنِيث، وَجعلهَا
بِمَنْزِلَة دَراكِ وقَطامِ.
هيأ: قَالَ اللَّيْث: الهَيئة للمتهيِّىء فِي مَلْبَسه وَنَحْوه تَقول:
هاءَ فلانٌ يَهاءُ هَيئةً.
قَالَ: وقريء {هئت لَك أَي تهيأت لَك.
قَالَ: والهَيِّىءُ على تَقْدِير هَيِّع: الحَسَنُ الهيئةِ من كل
شَيْء.
قَالَ: والمُهايأَة: أَمرٌ يتهايأُ للْقَوْم فيراضَوْن بِهِ،
وهَيَّأْتُ الأمرَ تهيِئة، فَهُوَ مُهَيّأٌ.
هوأ: وَأما الهَوْء فَهُوَ الهِمَّة، يُقَال: فلَان بعيدُ الهوء، وبعيد
الشَأْو، إِذا كَانَ بعيدَ الهمّة، وَهُوَ يَهُوءُ بنفسِه، أَي
يرفَعُها، وَقَالَ الراجز:
لَا عاجزُ الهَوْء وَلَا جَعْدُ القَدَمْ
وَإنَّهُ ليَهوءُ بِنَفسِهِ إِلَى الْمَعَالِي، وَيُقَال: هُؤْتُه
بخيرٍ وهُؤْتُه بشَرَ، وهُؤْته بمالٍ، مثل هُرْتُه وأَزْنَنْتُه بِهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: هُؤْتُ بِهِ وشُؤتُ بِهِ، أَي فَرِحْتُ بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هَأَي، إِذا ضَعُف، وأَهَى إِذا قَهقَه
فِي ضحكه.
وهوْ: وَقَالَ اللَّيْث: حمارٌ وَهْوَاهٌ يُوَهْوِهُ حول عانَتِه.
وَقَالَ غَيره: فرسٌ وَهْوَهٌ وَوَهْواهٌ إِذا كَانَ حَرِيصًا على
الجَرْي نَشيطاً. وَقَالَ ابْن مقبل يصف فرسا يصيد الْوَحْش:
وصاحِبي وَهْوَهٌ مُستَوْهِلٌ زَعِلٌ
يَحولُ بَين حمارِ الوَحْشِ والعَصَرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من أصوات الفَرَس الوَهْوَهة، وفَرَس
مُوَهْوِه، وَهُوَ الَّذِي يَقْلَع من نَفسِه شِبْهَ النَّهْم، غير أنّ
ذَلِك خِلْقَة مِنْهُ لَا يَسْتَعِين فِيهِ بحَنجَرته.
قَالَ: والنَّهْم: خروجُ الصَّوت على الإيعاد، وَقَالَ رؤبة يصف حمارا:
مقتدِرُ الضَّيْعة وَهْواهُ الشَّفَقْ
وَقَالَ أَيْضا:
ودُونَ نَبْحِ النَّابح المُوَهْوِهِ
ياه ويهيه: وَقَالَ اللَّيْث: تَقول، يَهْيَهْتُ بِالْإِبِلِ، إِذا
قلتَ: ياه، ياه، وَيَقُول الرجل لصَاحبه من بعيد: ياهْ ياهْ أَقْبِلْ.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
تَلوَّمَ يَهْياهٍ بيَاهٍ وَقد مَضَى
من اللَّيْل جَوْزٌ واسْبَطرَّتْ كواكِبْه
وَقَالَ رؤبة:
(6/257)
من وَجْس هَيْهاهٍ ومِن يَهْيائها
وَقَالَ:
يُنادِي بيهْيَاءٍ وياهٍ كأنّه
صُوَيتُ الرُوَيْعِي ضَلَّ باللَّيْل صاحِبُه
يُقَال: إِنَّه يُنَادِيه يَا هِيَاه، ثمَّ يَسكت منتظراً الجوابَ عَن
دَعوَته، فَإِذا أَبطأ عَنهُ. قَالَ: ياهِ، وَقد يَهْيَهَ يَهْيَاهاً،
وياه ياه: نِداءان.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول: يَا هَياه، فَينصِب الْهَاء الأولى، وبعضٌ يَكرَه
ذَلِك، وَيَقُول: هَياه من أَسماء الشّياطين.
وَقَالَ: يَهْيَهْتُ بِهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا حَكَوْا صوتَ الدّاعي قَالُوا: يَهْيَياهْ،
وَإِذا حَكَوْا صوتَ المجِيبَ قَالُوا: يَاه، والفِعل مِنْهُمَا
جَمِيعًا: يَهْيَهْتُ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي تَفْسِير بَيت ذِي الرمّة: إنّ الدّاعيَ سَمِع
صَوتا يَا هَيَاهْ فَأجَاب بيَاهِ رَجاء أَن يأتيَه الصوتُ ثانيةٌ،
فَهُوَ متلوِّم بقوله ياه صَوْتاً بيَاهِيَاه.
وَقَالَ ابْن بزرج: ناسٌ من بني أَسَد يَقُولُونَ: يَا هَيَاهُ
أَقبِلْ، وَيَا هيَاهُ أَقْبِلا، وَيَا هِيَاهُ أَقْبِلُوا وَيَا
هِيَاه أَقْبِلي، وللنساء كَذَلِك، ولغةٌ أُخْرَى يَقُولُونَ للرجل يَا
هَيَاهُ أَقْبِلْ، وَيَا هَيَاهان أَقْبِلا، وللثلاثة: يَا هَيَاهُونَ
أَقبِلوا، وللمرأة: يَا هَيَاهَ أقبلي فَينصِبونها، كَأَنَّهُمْ خالفوا
بذلك بَينهَا وَبَين الرجل، لأَنهم أَرَادوا الْهَاء فَلم يدخلوها،
وللثنَتين: يَا هَيَا هَتان أَقْبِلا، وَيَا هَيَاهاتُ أَقْبِلْنَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يَا هَياهُ وَيَا هَياهِ ويَا هَياتَ
وَيَا هَياتِ كلّ ذَلِك بِفَتْح الْهَاء.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: الْعَامَّة تَقول: يَا هِيَا. وَهُوَ
مُوَلَّد، وَالصَّوَاب يَا هَيَاه بِفَتْح الْهَاء، وَيَا هَيَا.
قَالَ أَبُو حَاتِم: أظنُّ أَصله بالسُّرْيانية: يَا هَيَا شَرَاهِيَا.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء يَقُول: يَا هَياهُ
أَقْبِلْ، وَلَا يَقُول لغير الْوَاحِد، وَقَالَ: يَهْيَهْتُ بِالرجلِ
من يَا هيَاه.
وهى: وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال وهِيَ الحائطُ يَهي إِذا اتفَزَّر
واسترخَى، وَكَذَلِكَ الثّوبُ والقِرْبة والْحَبْل.
قَالَ: والسحاب إِذا تَبَعَّقَ بمطرٍ تبعُّقاً قيل: وهَتْ عَزَالِيه،
وَكَذَلِكَ إِذا استرخَى رِباط الشَّيْء.
يُقَال: وَهيَ، ويجمَع الوَهْيُ وُهِيّاً، وَأنْشد:
أَمِ الْحَبْلُ واهٍ بهَا مُنْجذِمْ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وهَى إِذا حَمُق، ووَهَى إِذا سَقَط،
ووَهَى إِذا ضَعُف.
أيه: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّأييهُ الصَّوت، وَقد أَيَّهْتُ
بِهِ تَأْييهاً، يكون بِالنَّاسِ وَالْإِبِل. قَالَ: والتهِيتُ:
الصَّوْتُ بِالنَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ أَن يَقُول لَهُ: يَا هَياه.
هوى: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هَوَيتُ أَهْوِي هُوِيّاً، إِذا سقطتَ
من عُلْوٍ إِلَى أَسْفَل، وَكَذَلِكَ الهَوِيُّ فِي السَّير إِذا مضى.
وهَوَت الطعنةُ تَهوِي، إِذا فتحتْ فَاها. وَقَالَ أَبُو النّجم:
فاختاضَ أُخْرى فهَوَتْ رَجُوحَا
للشِّقّ يَهوِي جُرحُها مَفْتوحَا
(6/258)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب: أَهْوَى
من قريب، وهَوَى من بعيد، وَأنْشد:
طَوَيناهما حَتَّى إِذا مَا أُنِيخَتا
مُناخاً هَوَى بَين الكُلَى والكَراكِرِ
يُرِيد: خلاَ وانْفَتَحَ من الضُّمْر.
قَالَ: وأَهوَيتُ لَهُ بالسّيف وَغَيره، وأهوَيْتُ بالشَّيْء، إِذا
أَوْمأْتَ بِهِ.
وَيُقَال: أهوَيْتُه، إِذا ألقَيْتَه من فوقَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهَوِيُّ: السَّرِيع
إِلَى أسفلَ، والهُوِيّ: السَّرِيع إِلَى فَوق.
قَالَ: وَحكى ابْن نجدَة عَن أبي زيد مِثله سَوَاء، وَأنْشد:
الدَّلوُ فِي إصعادِها عَجْلَى الهُوِيّ
وروى الرياشي عَن أبي زيد مِثله.
قَالَ: وهَوَت العُقابُ تَهوِي هَوِيّاً، إِذا انقضّت على صَيْد أَو
غَيره مَا لم تُرِغْه، فَإِذا أَرَاغَتْه. قيل: أهوَتْ لَهُ إهواءاً.
قَالَ: والإهواء أَيْضا: التَّنَاوُل باليَد والضربُ، والإراغة: أَن
يذهب الصيدُ هَكَذَا وَهَكَذَا، والعقابُ تَتْبَعُهُ.
سَلمة عَن الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً
مَّنَ النَّاسِ تَهْوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْهِمْ} (إِبْرَاهِيم: 37) يَقُول: اجْعَل أَفْئِدَة من
النَّاس تريدهم، كَمَا تَقول: رأيتُ فلَانا يهوى نحوَك، مَعْنَاهُ
يُرِيدُكَ.
قَالَ: وَقَرَأَ بعض النَّاس (تهوى إِلَيْهِم) بِمَعْنى تهواهم، كَمَا
قَالَ: {يَكُونَ رَدِفَ} (النَّمل: 72) ورَدفَكم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {تَهْوِى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْهِمْ} إِنَّه فِي التَّفْسِير تَهواهُم.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء {تَهْوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْهِمْ} : تسرِع، وتهوي إِلَيْهِم: تَهْواهم. وَقَول الله
جلّ وعزّ: {وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} (النّجْم: 53)
يَعْنِي مَدَائِن قوم لوط، أَي أسقطها فَهَوَتْ، أَي سَقَطت.
وَقَالَ ابْن المظفر: العامّة تَقول: الهُوى فِي مَصدرِ هوَى يهوِي فِي
المَهْواة هَوِيّاً.
قَالَ: وَأما الهَوِيّ الملِيُّ، فالحِين الطَّوِيل من الزَّمَان،
يُقَال: جَلَست عِنْده هويّاً.
قَالَ: وهوَى فلَان: إِذا مَاتَ.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَقَالَ الشامِتون هوَى زيادٌ
لكل مَنِيَّةٍ سببٌ متينُ
قَالَ: وَتقول: أَهوى فأَخذَ، مَعْنَاهُ أَهوَى إِلَيْهِ يَدَه.
وَتقول: أهوَى إِلَيْهِ بِيَدِهِ.
قَالَ: والهاوية: اسْم من أَسمَاء جَهَنَّم. والهاوية: كلُّ مَهْوَاةٍ
لَا يُدرك قعرها، والهُوَّة: كلُّ وَهْدَةٍ مُعَمَّقَةٍ، وأَنشد:
كَأَنَّهُ فِي هُوَّة تَقَحْذَما
وجمعُ الهُوّة هِيَ هُوًى، وَفِي (النَّوَادِر) فلانٌ هُوَّةٌ أَي
أَحمَق لَا يمسك شَيْئا فِي صَدْرِه. وهَوٌّ من الأَرْض: جَانبٌ
مِنْهَا.
والمَهواةُ: مَوضِع فِي الْهَوَاء مُشرِفٌ مَا دونه من جبلٍ وَغَيره
وَيُقَال هوَى يهوِي هَوَياناً، ورأيتُهم يتهاوَوْن فِي الْمَهْوَاة،
إِذا سَقَط بعضُهم فِي أَثَر بعض.
وَيُقَال للمستهام، الَّذِي يَستهِيمُه الجنُّ: استهوتْه الشياطينُ،
فَهُوَ حيرانُ هائم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {كَالَّذِى اسْتَهْوَتْهُ
الشَّيَاطِينُ} (الأنعَام: 71)
(6/259)
كَالَّذي زَيَّنَتْ لَهُ الشَّيَاطِين
هَوَاهُ حَيْرانَ فِي حَال حَيْرَتِه.
وَقَالَ القتبيّ: {استَهوته الشَّيَاطِين: هوَتْ بِهِ وأَذْهَبَتْه،
جعله من هوَى يهوِي، وجَعَلهُ الزّجاج من هوِيَ يهوَى.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم فِي قولِ الله جلّ وعزّ:
{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ} (إِبْرَاهِيم: 43)
قَالَ: كَأَنَّهُمْ لَا يَعقِلون من هَوْل يومِ الْقِيَامَة. والهَواءُ
والخواءُ وَاحِد.
قَالَ: والهواء كلُّ فُرْجة بَين شَيْئَيْنِ كَمَا بَيْن أسفَلِ
الْبَيْت إِلَى أَعْلَاهُ، وأسفِل الْبِئْر إِلَى أَعْلاها.
قَالَ: وَيُقَال: هوتِ الناقةُ والأتان وَغَيرهمَا تهوِي هَوِيّاً
فَهِيَ هاوية، إِذا عَدَتْ عَدْواً أَرْفعَ العَدْوِ، وَكَأَنَّهُ فِي
هواءِ بِئْرٍ يهوِي شَديداً فِيهَا، وَأنْشد:
فَشَجَّ بهَا الأماعزَ وَهِي تهوِي
هَوِيَّ الدَّلو أسلمها الرِّشاءُ
وَيُقَال: هَوَى صدرُه يهوِي هَواء إِذا خلا. قَالَ جرير:
ومُجاشع قَصَبٌ هَوَتْ أجوافُه
لَو ينفُخون من الخُؤُورة طارُوا
أَي هم بِمَنْزِلَة قصبٍ جَوفُه هَوَاء أَي خالٍ أَي لَا فُؤادَ لَهُم،
كالهواء الَّذِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ
هَاوِيَةٌ} (القَارعَة: 9) . قَالَ بَعضهم: هَذَا دُعَاء عَلَيْهِ،
كَمَا تَقول: هَوَتْ أُمُّه، على قَول الْعَرَب، وأنشَد قَوْله:
هَوَتْ أمُّه مَا يبعثُ الصُّبْح غادِياً
وماذا يُؤدِّي الليلُ حينَ يَؤُوبُ
وَمعنى: هوتْ أمه: هَلَكت أُمه.
وَقَالَ بَعضهم: أمُه هاوية، صَارَتْ هاوية مَأْواه، كَمَا تُؤوِي
المرأةُ ابْنهَا، فَجَعلهَا إِذْ لَا مأوى لَهُ غيرَها أُمّاً لَهُ.
وَقيل: معنى قَوْله: {مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (القَارعَة:
9) ، أُمُّ رأْسِه تهوِي فِي النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَوَى مَقْصُور: هوى الضَّمِير، تَقول: هَوىَ
يهوَى هَوًى، ورجلٌ هَوٍ ذُو هَوًى مخامر، وَامْرَأَة هَوِيَة، لَا
تزَال تهوَى على تَقْدِير فَعِلَة، فَإِذا بُنِيَ مِنْهُ فعل بجزم
الْعين. قيل: هَيَّة مثلِ طيَّة.
قَالَ: والهواء مَمْدُود، هُوَ الجوّ، وَأهل الْأَهْوَاء وَاحِدهَا
هَوًى.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ}
(إِبْرَاهِيم: 43) أَي متخرِّقة لَا تعي شَيْئا من الخَوْف. وَقيل:
نُزِعَتْ أفئدتهم من أَجْوَافهم.
وَقَالَ حسان بن ثَابت:
أَلا أَبلِغْ أَبَا سُفْيَان عني
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الهَوْهاءَةُ: الضَّعِيف الْفُؤَاد، الجبان.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَوْماةُ والهَوْهاة واحدٌ والجميع الموامِي
والهواهِي.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الهواهي: الأباطيل وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَفِي كلّ عَام يدعوانِ أَطِبَّةً
إليَّ وَمَا يُجْدُونَ إلاّ الهواهيا
(6/260)
وَقَالَ غَيره: الهواهي: ضرُوبٌ من السّير
وَأنْشد:
تغالَتْ يداها بالنَّجاء وتنتحي
هواهي من سَيرٍ وعُرْضَتها الصَّبْرُ
تغالت: ارْتَفَعت. وتنتحي: تعتمد، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرانيّ
عَن ابْن السّكيت قَالَ: رجل هَواهِيَة وهَوهاءةٌ، إِذا كَانَ منخوب
الْفُؤَاد قَالَ: وأصل الهوهاءة الْبِئْر الَّتِي لَا متعلَّق لَهَا
وَلَا مَوضِع لرِجْلِ نازِلها لبعد جَالَيْها.
وَيُقَال: سمعتُ لأذُني هَوِيَّاً، أَي دَوِيّاً، وَقد هَوَتْ أذُنه
تهوِي.
والمُهاوَاة: السّير الشَّديد، يُقَال: هاوَتْ بِي الناقةُ مُهاواةً.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وكائِنْ بِنَا هاوِينَ من بطن هَوْجَلٍ
وظَلْماء والهِلْبَاجَة الجِبْسُ راقِدُ
وَيُقَال: هاوَيتُ القومَ فِي السّير، أَي سِرْتُ مثلَ سيرِهم.
وَقَالَ ذُو الرمة:
فَلم تستَطِع مَيٌّ مُهَاواتَنَا السُّرَى
وَلَا لَيلُ عبسٍ فِي البُرِينَ سوامِي
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: هاوأتُ الرجلَ وهاوَيْتُه فِي بَاب مَا يُهمز
وَلَا يُهمز.
قَالَ: ودَارأته ودارَيته، يُهمز وَلَا يُهمز.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهَوِيَّةُ: بِئْر بعيدةُ المَهْواة.
قَالَ الشماخ:
وَلما رأيتُ الأمرَ عرْشَ هَوِيّةٍ
تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الْفُؤَاد بِشَمَّرا
أَرَادَ لما رأيتُني كأنني مُشرِف على هَلَكة مضيتُ وَلم أُقِم. وشمّر:
اسْم ناقَةٍ أَي ركبتُها ومضيتُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الهُوَّة ذاهبةٌ فِي الأَرْض بعيدةُ القَعْر مثل
الدَّحْل، غير أنّ لَهُ أَلجافاً، والجماعةُ الهُوُّ، ورأسُها مثلُ
رأسِ الرّحْل.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَّة وهُوًى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهُوَّة: البئرُ.
وَقيل: الهُوّة: الحُفرة الْبَعِيدَة القَعْر، وَهِي المَهواة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرِّوَايَة (عَرْشَ هُوِيّة) أَرَادَ أَهوية
فَلَمَّا سَقَطت الهمزةُ رُدَّت الضمةُ إِلَى الْهَاء، الْمَعْنى لما
رأيتُ الْأَمر مُشرفاً على الفَوْت مضيْتُ وَلم أُقِمْ.
اللحيانيّ: رجلٌ هَأْهأ وهاهاء، من الضَّحِك، وَأنْشد:
يَا رُبَّ بيضَاء من العَواسِج
هَأْهَاءَةٍ ذاتِ جَبينٍ سارِجِ
أَي حَسَنٍ، اشتقاقُه من السِّراج.
عَمْرو عَن أَبِيه: الهَأْهاء: دُعاءُ الْإِبِل إِلَى العَلَف، وَهُوَ
زَجر الكلْب وإشْلاؤُه، وَهِي الضحك العالي.
قَالَ: وهاهَيْتُ الكلابَ: زجرتُها، وَأنْشد:
أَرَى شَعَرات على حاجِبَيْ
يَ بِيضاً نَبَتْن جَمِيعًا تُؤاما
ظلِلتُ أُهَاهِي بهنّ الْكلاب
أحسَبهنّ صِواراً قيَاما
(6/261)
وَحدثنَا مُحَمَّد بن سعيد عَن الْحسن
الْحلْوانِي عَن يزِيد بن هَارُون، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد
المَقْبُري، عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله يُحِبّ العُطاسَ ويكرَه التثاؤب،
فَإِذا عطس أحدُكم فَقَالَ: الْحَمد لله، فحقَّ على كل من سَمِعه أَن
يَقُول: يرحمُك الله، وَأما التّثَاؤب، فَإِذا تثاءَب أحدُكم فليرُدّه
مَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يقولنّ هاه هاه، فَإِنَّمَا ذَلِكُم
الشَّيْطَان، يضحَك مِنْهُ) .
وَيُقَال: هُوَ كنايةُ تذكير، وَهِي كنايةُ تَأْنِيث، وهما للاثنين،
وهم للْجَمَاعَة من الرِّجَال، وهنَّ للنِّسَاء، فَإِذا وقفتَ على هُوَ
وصلتَ الْوَاو فقلتَ: هُوَهْ، وَإِذا أَدْرَجتَ طرحْتَ هَاء الصِّلَة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ يُقَال: مررتُ بهْ
ومررتُ بهِ وبهِي، وَإِن شئتَ مررتُ بهْ وبهُ بهُو، وَكَذَلِكَ ضَرَبه،
فِيهِ هَذِه اللُّغَات، وَكَذَلِكَ يَضرِبُهْ ويضرِبُهُ ويَضرِبُهُو،
فَإِذا أفرَدْتَ الْهَاء من الِاتِّصَال بِالِاسْمِ أَو الْفِعْل، أَو
بالأداة، وابتدأت بهَا كلامك، قلتَ: هُوَ لكلّ مذكَّر، غَائِب، وَهِي
لكل مُؤَنّثَة غَائِبَة، قد جَرى ذكرُهما فزِدْتَ واواً أَو يَاء
استثقالاً للاسم على حرْفٍ وَاحِد، لأنَّ الِاسْم لَا يكون أقلَّ من
حرفين.
قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول: الِاسْم إِذا كَانَ على حرْفين فَهُوَ
نَاقص، قد ذهبَ مِنْهُ حرف، فَإِن عُرِف تثنيتُه وجمعُه وتصغيرُه
وتَصريفه عُرف الناقصُ مِنْهُ، وَإِن لم يُصرَّف وَلم يصغّر وَلم يعرَف
لَهُ اشتقاق زيدَ فِيهِ مثل آخِره، فَقيل: هوَّ أَخُوك، فزادوا مَعَ
الْوَاو واواً، وَأنْشد:
فَإِن لساني شُهْدةٌ يُشتفَى بهَا
وهُوَّ على من صَبّه الله عَلْقَمُ
كَمَا قَالُوا فِي مِن وَعَن وَلَا تصريف لَهما، فَقَالُوا: مِنِّي
أحسنُ مِن مِنِّك، فزادوا نوناً مَعَ النُّون.
يأيها: قَالَ سِيبَوَيْهٍ، وَهُوَ قَول الْخَلِيل، إِذا قلت: يأيها
الرجل، فأيُّ اسمٌ مُبْهَم مبنيٌّ على الضمّ، لِأَنَّهُ مُنادًى مفرَد،
والرجلُ صفةٌ لأيّ، تَقول: يأَيها الرجل أَقْبِلْ، وَلَا يجوز يَا
الرجل، لِأَن يَا تنْبيه بِمَنْزِلَة التَّعْرِيف فِي الرجل، فَلَا
يُجمع بَين يَا وَبَين الْألف وَاللَّام، فتصل إِلَى الْألف وَاللَّام
بأَيّ، وَهَا لازمةٌ لأيّ للتّنْبِيه، وَهِي عِوَض من الْإِضَافَة فِي
أيّ، لِأَن أصل أيَ أَن تكون مُضَافَة إِلَى الِاسْتِفْهَام
وَالْخَبَر، وَتقول للْمَرْأَة: أيأَيتها الْمَرْأَة، والقُرَّاء كلهم
قرءوا: {أَيُّهَا} (النِّساء: 133) و {وُوِيَاأَيُّهَا النَّاسُ}
(البَقَرَة: 21) و {وُوِأَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} (النُّور: 31) إِلَّا
ابْن عَامر فَإِنَّهُ قَرَأَ (أيه الْمُؤْمِنُونَ) وَلَيْسَت بجيدة.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: هِيَ لُغَة، وَأما قولُ جرير:
يَقُول ليَ الأصحابُ هَل أَنت لاحِقٌ
بأهلِكَ إنّ الزاهِرِيَّة لاهِيَا
وَمعنى قَوْله لاهِيَا، أَي لَا سَبيلَ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إِذا
ذَكَر الرجُل شَيْئا لَا سَبيلَ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ الْمُجيب: لاهُوَ،
أَي لَا سبيلَ إِلَيْهِ، فَلَا تَذْكُرْه.
(6/262)
وَيُقَال: هُوَ هُوَ، أَي هُوَ مَن قَد
عرفتَه، وَيُقَال: هِيَ هِيَ، أَي هِيَ الداهية الّتي عرفتَها، وهُم
هُم أَي هم الَّذين أنكرتَهم، وَقَالَ الهُذَليّ:
رفَوْني وَقَالُوا يَا خُوَيلِد لَا تُرَعْ
فقلتُ وأَنكرتُ الوجُوهَ هُمُ هُمُ
عَمْرو عَن أَبِيه: ظَبْيَة مَوْءُوهة ومَأْوُوهةٌ، وَذَلِكَ أنّ
الغَزال إِذا نجا من الكلْب أَو مِن النَّبْل وَقَف وقْفةً، ثمَّ
قَالَ: أوْه، ثمَّ عَدَا.
وَقَالَ النَّضر: الهَوَّةُ، بِفَتْح الْهَاء، هِيَ الكُوّة حَكَاهَا
عَن أبي الهُذَيل، قَالَ: والهُوَّةُ المَهْواة بَين جَبَلين.
وَقَالَ ابْن الْفرج: سمعتُ خليفةَ يَقُول: للبيت كِواءٌ كثيرةٌ
وهِواءٌ كَثِيرَة، والواحدة كَوّة وهَوَّة، وَأما النّضر فإنّه زعم أنّ
الهَوَّة بِمَعْنى الكَوّة تُجمَع هُوًى، مثل قَرْية وقُرًى.
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: إِذا أخصب
الزَّمَان جَاءَ الغاوي والهاوي. قَالَ: الغاوي الْجَرَاد، وَهُوَ
الغوغاء، والهاوي: الذُّبَاب، أَي يهوِي حَتَّى أَتَى الخصب.
(6/263)
كتاب الرباعي من حرف الْهَاء
(بَاء الْهَاء وَالْخَاء)
هـ خَ
هذخر: أُهمِلت الهاءُ مَعَ الْخَاء فِي الرباعي، فَلم أَجد فِيهِ
شَيْئا مُسْتَعْملا غيرَ حَرْفٍ وَاحِد، وَهُوَ التَّهَذْخُر، أَنشد
لبَعض اللّغويّين:
لكلّ مَولًى طَيْلَسانٌ أخضرُ
وكافَحٌ وكَعَكٌ مُدَوَّرُ
وطِفْلةٌ فِي بَيتِه تَهَذْخَرُ
أَي تَبختَر. وَيُقَال: تَقُوم لَهُ بأَمْر بَيته.
(بَاب الْهَاء والغين)
هرنغ: قَالَ اللَّيْث: الهَرْنُوغ: شِبْه الطُّرْثُوث يُؤْكَل.
هذلغ: والهُذْلُوغَة: الرجلُ الأحمق القبيحُ الخَلْق.
هنبغ: قَالَ: والهُنْبُغ: شِدّة الْجُوع.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال للقَمْلة
الصَّغِيرَة: الهُنْبُغ، والهُنبوغ، والقَهْبَلِس.
ورَوَى عَمروٌ عَن أَبِيه: جُوعٌ هُنْبُغ وهِنباغ، وهَلَّقْسٌ،
وهَلَّقْتٌ: أَي شَدِيد.
غمهج: قَالَ هميان بن قُحَافَة يصف إبِلا: ضربهَا فَحلهَا:
تتبعُ قَيدوماً لَهَا غُماهجا
الغُماهج: الضخم السمين، وَيُقَال عُماهج بِالْعينِ بِمَعْنَاهُ.
وَهَذِه الْحُرُوف جميعُ مَا وجدنَا فِي رباعي الْهَاء وَالْخَاء،
وَالْهَاء والغين.
(بَاب الْهَاء وَالْقَاف)
هـ ق
هلقس: قَالَ اللَّيْث: بعير هِلَّقْس وهِلَّكْس: شديدٌ، وأنشَد:
والبازِلَ الهِلَّكْسَا
جلهق: قَالَ النَّضر: قوسٌ جُلاهق. الجُلاهِق: الطين المدَوَّر
والمُدَمْلَق. جُلاهقَة وَاحِدَة وجُلاهِقَتان.
قَالَ: وَيُقَال: جَهْلَقْتُ جَلاَهق قدَّم الْهَاء وأخَّر اللَّام.
صهلق: وَقَالَ اللَّيْث: صوتٌ صَهْصَلِقٌ: شَدِيد، وَأنْشد:
قد شَيَّبت رأسِي بصوتٍ صَهْصَلِقْ
(6/264)
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: عَجُوز صَهْصَلِق:
صَخّابة، وأَنشَدْ:
صَهْصَلِقُ الصَّوْت بعَيْنَيْها الصَّبِرْ
هقلس الهجارس: ورُوِي عَن المفضَّل أَنه قَالَ: الهَقَالس والهَجارِس:
الثّعالب، وأنشَد:
وتَرى المَكاكِيَ بالهجير يُجيبُها
كُدْرٌ بَواكرُ والهَجارِسُ تَنْحَبُ
زهمق: وَقَالَ الأصمعيّ: الزَّهْمَقة: الزُّهوَمة السَّيِّئةُ تجِدِها
من اللّحم الغَثّ، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ اللَّيْث: وَهِي النَّمسَة.
زهلق: وَقَالَ: الزِّهْلِق هُوَ السّراج مَا دامَ فِي الْقنْدِيل.
وأنشَده اللّيث:
زِهْلقٌ لاحَ مُسَرجُ
قَالَ: شبَّه بياضَ الثَّور بضياء السّراج، لَيْسَ بالّذي عَلَيْهِ
سَرْج.
وَروَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الزِّهْلق:
الْحمار الخَفيف، قَالَ: وأمّا الهِزْلِق فَهِيَ النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الزِّهْلِقيُّ من الرّجال الّذي إِذا أَرَادَ
امْرَأَة أنزل قبلَ أَن يَمَسّها وَهُوَ الزُّمَّلِقُ.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ: والزِّهْلِقيُّ أَيْضا: فحلٌ
يُنسب إِلَيْهِ عِتاق الخَيْل، وَأنْشد:
فَمَا يَنِي أولادُ زِهْلِقيِّ
بناتُ ذِي الطَّوْق وَأَعْوَجِيّ
يَشْجُجْن باللّيل على الوَنِيّ
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للحُمُر إِذا استَوَتْ مُتونُها من
الشّحم: حُمُرٌ زَهالِق.
وَقَالَ غيرُه: صَفاً زِهْلِق: أَملسُ، وَأنْشد:
فِي زِهْلِق زَلَقٍ من فَوْقِ أطوادِ
قهمز: اللَّيْث: امرأةٌ قَهْمَزةٌ: قَصيرةٌ جدا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القَهْمَزَى: الْإِحْضَار، وأنشَد ابنُ
الأعرابيّ لبَعض بني عقيل:
من كلّ قَبّاءَ نَحوصٍ جَرْيُها
إِذا عَدَوْنَ القَمهزَى غيرُ شَنِجْ
أَي غير بطيء.
هزرق: اللَّيْث: الهزْرَقة: من أَسوأ الضحك. قلتُ: لم أسمع الهزْرَقَة
بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللّيث.
ورَوَى شمر عَن المؤرِّج أَنه قَالَ: النَّبَط تُسمِّي المَحْبُوسَ:
المُهَزْرَق، الزّاي قبل الرَّاء.
زهزق دهدق: قلتُ: وَالَّذِي صحّ عِنْد أبي زيد فِي بَاب الضّحك: زَهزَق
ودَهدَقَ زَهزَقَةً ودَهدقَه.
دهقن: وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهْقَنة: الِاسْم من الدَّهْقَان، وَهُوَ
يَتدَهقَن.
ولِوَى دِهْقَان: رَملةٌ مَعْرُوفَة فِي ديارِ قَيس قَالَ الرَّاعِي
يصف ثَوْراً:
فظَلَّ يَعلُو لِوَى دَهْقَانَ معترِضاً
يَرْدِي وأظلافُه خُضْرٌ من الزَّهَرِ
(6/265)
دهمق: ورُوِي عَن عمرَ أنّه قَالَ: لَو
شئتُ أَن يُدَهمَقَ لي لفعلتُ، ولكنّ الله جلّ وعزّ نَعَى على قومٍ
أذْهبُوا طيّباتهم فِي حياتهم الدُّنْيَا.
قَالَ أَبو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الدَّهْمَقَة: لِين الطَّعام وطِيبُه
ورِقّته، وَكَذَلِكَ كل شَيْء لَيِّن. قَالَ: وأنشَدني خَلَف
الْأَحْمَر:
جَوْنٌ رَوابِي تُرْبِه دُهامِقُ
يَعْنِي تُربةً ليّنة.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ غَيره: الدهْمَقة والدَّهقَنَة سواءٌ،
وَالْمعْنَى فيهمَا وَاحِد، لأنّ لِينَ الطّعام من الدَّهْقَنة.
وَقَالَ شمر: قَالَ الغَطَفانيّ: المُدَهْمَق: المدقَّق. وسمعتُ ابْن
الفَقْسيّ يَقُول: المُدَهمَق الجيِّد من الطَّعَام.
قَالَ: وأنشدني أعرابيٌّ:
إِذا أَردتَ عملا سُوقِيّا
مُدَهْمَقاً فَادع لَهُ سِلْمِيَّا
قَالَ: والمدهمَق: الَّذِي لم يجوَّد، وَهَذَا ضدُّ الأول.
وَقَالَ ابْن سِمعان: المدهمَق: المستوِي، وأنشَدَني:
كأنّ رِزّ الوَتَرِ المُدهَمَقِ
إِذا مَطاها هَزَمٌ مِنْ فُرَّقِ
قَالَ شمر: وَقَالَ أَعرابيّ كَانَ مُدرِك الفَقْعسِيّ يسمَّى (مدهمقا)
لبَيانِ لسانِه وجودة شِعْرِه.
يُقَال: هُوَ مُدهمِقٌ: مَا يُطاق لسانُه لتجويدهِ الكلامَ وتحبيره
إِيَّاه.
قَالَ: ودهمَقَ الفاتِلُ الوَترَ، إِذا جَاءَ بِهِ مستوياً إِلَى
آخرِه، وَأنْشد:
دهمَقهُ الفاتلُ بَين الكَفَّيْن
فهوَ أمينٌ مَتنُه يُرضِي العَين.
وَقَالَ أَبو حَاتِم بَعْدَمَا ذَكر أَن قوما غَلِطوا فَقَالُوا
للشَّيْء المجوَّد مُدَهمَق وللذِي شُفِّقَ عَمَلُه أَيْضا: مُدَهْمَق،
واحتجّ بقوله:
إِذا رأيتَ عَملاً سُوقِيَّا
مدهمَقاً فادعُ لَهُ سَلْمِيَّا
فظنوا أَن السُّوقيَّ: الرَّدِيء.
قَالَ: وَأَصْحَاب المَرايا يُعَطْون على جِلاء الْمرْآة، فَإِذا
اشتَرَطوا عَملاً سُوقِيّاً أضعَفوا الكِرَى، وَهُوَ أجوَدُ العَمَل.
قهقر: وَقَالَ اللَّيْث: القَهْقَرُ: الحَجر الْأسود الأملس، وَهُوَ
القُهْقُورَة، وغرابٌ قَهْقَرٌ: شَدِيد السّواد، وحَنْظَلَة قَهْقَرَة:
اسْوَدَّتْ بعد الخُضْرَة.
والرجُلُ يُقَهْقَرُ فِي مِشْيته، إِذا ترَاجَع على قَفاه قَهْقَرَةً،
ورجَعَ القَهْقَرَى.
شمر عَن أبي عَمْرو: القَهْقَرُ: الحَجر الأملس. وَقَالَ أَبُو خَيرة:
هُوَ الْحجر الَّذِي يُسْهَكُ بِهِ الشيءُ، والقِهْر: أعظَمُ مِنْهُ.
قلتُ: وبعضُهم يَقُول: القَهْقَرُّ بتَشْديد الرَّاء وَقد ذكرته فِي
بَاب القَهْر، فأشبَعْتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَهْقَرُ: قشرةٌ حمراءُ تكون على لُبّ
النَّخْلَة، وَأنْشد:
أحمرُ كالقَهقَرِّ وَضّاحُ البَلَقْ
(6/266)
القهرمان القهقب القهقم: وَقَالَ اللَّيْث:
القَهْرَمان هُوَ المسيطِر الحفيظ على مَا تَحت يديْه. وَأنْشد:
مَجْدا وعزّاً قَهْرَماً قَهْقَبَّا
عَمْرو عَن أَبِيه: القَهْقَبُّ، والقَهْقَمُّ: الجملَ الضّخم.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: قَهْرَمان وقَرْهَمان: مقلوب.
قلت: وَهُوَ عِنْدِي معرَّب.
قرهب: أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: القَرْهَب من الثيران: المُسِنّ
هبرق بهلق: أَبُو عبيد: الهِبْرِقيّ: الصَّائِغ. وَيُقَال: الحَدَّاد.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
فَمَا أَلواحُ دُرّةِ هِبْرقِيّ
جَلاَ عَنْهَا مُختِّمها الكُنُونا
ابْن السّكيت، قَالَ: سَمِعت الكلابيّ يَقُول: البُهْلُق والبِهْلِق،
بِالضَّمِّ وَالْكَسْر: الْكَثِيرَة الْكَلَام الَّتِي لَا صَيُّورَ
لَهَا قَالَ: ولَقِينا فلَانا فَبهْلَقَ لنا فِي كَلَامه وعِدَتِه،
فيقولُ السَّامع: لَا يغرَّكم بَهْلَقَتُه، فَمَا عِنْده خير.
(وَقَالَ اللَّيْث: البَهْلَق: الضَّجُورُ الكثيرُ الصَّخَب، وَتقول:
امرأةٌ بَهْلَق، والجميعُ بَهالِق.
أَبُو عَمْرو: جَاءَ بالبهالِقِ، وَهِي الأباطيل، وَأنْشد:
آقَ عَلَيْنَا وهوَ شُرُّ آيِقِ
وجاءنا من بَعْدُ بالبهالِق
وَأنْشد غيرُه:
يُوَلْوِلُ من جَوْبِهنّ الدلي
لُ بِاللَّيْلِ وَلوَلةَ البَهْلَقِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: البِهْلِق بِكَسْر الْبَاء وَاللَّام:
الْمَرْأَة الحَمراء الشَّدِيدَة الحُمرة) .
وَقَالَ أَبُو سعيد: الهِبْرِقيُّ: الَّذِي يُصفِّي الْحَدِيد، وأصلُه
إبْرِقِيّ، فأُبدلت الهمزةُ هَاء وَأنْشد قَول الطِّرمّاح يصف ثوراً:
يُبَربِرُ بَربَرةَ الهِبْرِقيِّ
بأُخْرَى خواذلها الآبخهْ
قَالَ: شَبَّه الثورَ وخُوارَه بصَوْت الرّيح يَخرُج من الكِير. وَقيل:
الهِبْرِقيّ: الثورُ الوَحشيّ، وَهُوَ الإبْرِقيُّ، لِبَرِيق لَوْنه.
هِرقل: من مُلُوك الرّوم، وَهُوَ أوّل من ضَرَب الدَّنَانِير، وَأول من
أحدَث البَيْعَة، وَأما دَير الهِزْقِل، فَهُوَ بالزاي.
هدقل: وَقَالَ اللَّيْث: الهِدْقل: المُنْخُل.
هدلق: وجمَلٌ هِدْلِقٌ: واسعُ الشِدْق، وجمعُه هَدالِق، وأنشدني
أعرابيٌّ:
هَدالِقَا دَلاقِمَ الشُّدُوقِ
هلقم: وَقَالَ اللَّيْث: الهِلقام: السَّيِّد الضَّخم ذُو الحمالاتِ،
وَأنْشد:
وإنْ خطيبُ مَجلسٍ أَلَمَّا
بخُطَّةٍ كنتَ لَهَا هِلْقَمَّا
وبالحمالات لَهَا لَهِمّا
عَمْرو، عَن أَبِيه: رجلٌ هِلْقامة وهِلِّقامة
(6/267)
وهُلَقِمٌ وجُرَضِمٌ، إِذا كَانَ أَكولا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهِلْقام: الفرسُ الطَّوِيل. وَأنْشد:
أولادُ كلِّ نجيبةٍ لِنَجيبةٍ
ومُقَلَّص بشلِيله هِلْقامُ
يَقُول: هُوَ طويلٌ يَقلُص عَنهُ شَلِيلُه لطولِه.
قلهب: وَقَالَ اللَّيْث: القَلْهب: القديمُ الضّخم من الرِّجَال.
وَقَالَ الْفراء: حَيَّا الله قَهبَلَتَه، أَي حيَّا الله وَجْهَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: حيّا الله قَهْبَلتَه ومُحَيَّاه وسَمَامَتَه
وطَلله وآلَه. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْهَاء زَائِدَة، فَتَبقى
حيّا الله قَبَلَه، أَي مَا أقْبَل مِنْهُ.
وَقَالَ المؤرِّج: القَهبَلة. القَمْلة
بلهق لهق: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: فِي فلَان طَرْمَذَةٌ وبَلْهقَة
ولَهْوَقة، أَي كِبْر.
قلهف: وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: رأيتُ شَعَره مُقْلَهِفَّاً
ومُكْرَهِفّاً ومُشْرحِفّاً ومُسْقِفّاً، أَي جافلاً مرتفعاً.
هبنق: وَقَالَ اللَّيْث: هبَنَّقة القيسيُّ كَانَ أَحمَق يُضرب بِهِ
المَثلُ.
قَالَ: والهَبْنِيقُ: الوَصِيف، وَقَالَ لَبيد:
والهبانِيقُ قيامٌ مَعهم
كلُّ مَلْثُومٍ إِذا صُبَّ هَمَلْ
وَقَالَ غَيره: رجل هَبَنَّق، إِذا وُصِف بالنَّوْك، قَالَ ذُو
الرُّمّة:
إِذا فارقَتْه تَبْتَغِي مَا تُعيشُه
كفاهَا رَذاياها الرَّقيعُ الهبَنَّقُ
قيل: أَرَادَ بالرَّقِيع الهَبَنَّقَ القُمْرِيّ.
وَقيل: بل هُوَ الكِرْوان، وَهُوَ يُوصَف بالحمق؛ لتَركه بَيضَه
واحتضانِه بيضَ غَيره، كَمَا قَالَ الآخر:
إِنِّي وَتركِي نَدَى الأكْرمِينَ
وقَدْحِي بكفَّيَّ زنداً شِحاحاً
كتاركةٍ بَيْضَها بالعَراءِ
ومُلْبِسةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَناحَا
وَيُقَال للوَصيف: هُبْنُوق وهِبْنِيق.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الهُنْبوق: المِزْمار، وجمعُه هَنابق، وَأنْشد
لكثيّر:
ورجَّعَ فِي حَيْزُومِه غيرَ باغِمٍ
حَنيناً من الأجواف جُوفاً هَنابِقُهْ
زنبق: قَالَ: والزَّنْبَق: المِزْمار أَيْضا.
هيقم: والهَيقَمانيّ: الطَّوِيل، وَأنْشد:
من الهَيقَمانِيّاتِ هَمْقٌ كأنّه
من السِّنْد ذُو كَبْلَيْن أَفلَتَ من نَبْلِ
قرهد: وَقَالَ اللَّيْث: القرْهَد: الناعَمُ التارّ الرَّخْص.
قلتُ صَحَّفَ اللَّيْث، والصَّواب والقُرْهُدُ بِالْفَاءِ وَالْهَاء،
مَضْمُومَتَين.
قمهد: عَمْرو عَن أَبِيه.
القَمْهَدُ: المقيمُ فِي مَكَان واحدٍ لَا يكَاد يَبرَح. وَأنْشد:
فَإِن تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدُّ مكانياً
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: أقمهدَّ الرجُل: رفعَ رأسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: القَمْهَدُ: الرجلُ اللَّئِيم الأَصْل الدَّميمُ
الْوَجْه.
(6/268)
قَالَ: والاقْمِهْدادُ: شِبْه ارتعاد
الفَرْخ إِذا زَقه أَبَواه، فتَراه يَكْوَهِدُّ إِلَيْهِمَا،
ويَقْمَهدّ نَحْوهمَا.
مهرق: عَمْرو عَن أَبِيه، يُقَال للبحر: المُهْرقان والدَّأْماء،
خَفِيف.
قرمد قرهد: أَبُو عبيد قَالَ: القَرامِيد والقَراهِيد: أولادُ الوُعول.
(بَاب الْهَاء وَالْكَاف)
(هـ ك)
كهمس: أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: الكَهْمَس: الأسَد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ الذّئب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَهْمَس: الْقصير من الرِّجَال، وَنَحْو ذَلِك.
روى ابْن السّكيت، عَن أَبي عَمْرو: أَنه الْقصير.
كمهل: وَقَالَ أَبُو زيد: كمهَلَ فلانٌ الحديثَ، إِذا أَخْفاه وعَمّاه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: كَمْهَلَ، إِذا جَمَع ثِيابَه وحزَمَها
للسَّفَر، وكَمْهَل فلانٌ علينا: مَنعنا حَقّنا.
هنبك: وَفِي (النَّوَادِر) : هَنْبَكَةٌ من دَهْرٍ، وسَنْبَةٌ من
دهْرٍ، بِمَعْنى.
كلهد كهدل: وَأَبُو كَلْهَدَة: من كُنَى الْأَعْرَاب. وَكَهْدَل من
أسمائهم، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
قد طَردَتْ أمُّ الْحَدِيد كَهْدَلاَ
قَالَ أَبُو حَاتِم فِيمَا روى عَنهُ القُتَيبيُّ: الكَهْدَل: العاتقُ
من الْجَوَارِي، وأَنشد:
إِذا مَا الكَهْدَل الْعَار
كُ ماسَتْ فِي جَوارِيها
حسبتَ القمَرَ الباهِ
رَ فِي الْحسنِ يُباهيها
دهكل: وَقَالَ اللَّيْث: دَهْكل من شَدَائِد الدَّهْر.
دهكم: قَالَ: والدَّهكَمُ: الشَّيْخ الفاني. والتَّدَهْكُم: الاقتحام
فِي الْأَمر الشَّديد.
هتكر: وَقَالَ يُونُس: الهَيْتَكُور من الرِّجَال الَّذِي لَا
يَسْتَيقظ لَيْلًا وَلَا نَهَارا.
هركل: وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة هِرْكَوْلة ذاتُ فَخِذَين وجِسْم
وعَجُز. وجَمَلٌ هُراكل جَسِيمٌ ضَخْم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الهِرْكَولة من النّساء: الْعَظِيمَة
الْوَرِكَيْنِ.
وَقَالَ غيرُه: الهرَاكلة: كلابُ المَاء.
وَقَالَ ابْن أحمَر يصف دُرَّةً:
رأَى مِن دُونها الغَوّاصُ هَوْلاً
هَراكلَةً، وحِيتاناً ونُونَا
والهَرْكلَّةُ: ضَرْبٌ من المَشْي فِيهِ اختيال وبُطْء، وَأنْشد:
قامتْ تَهادَى مَشْيها الهِرْ كَلاّ
بَين فِناء البَيْت والمصلَّى
هبرك: وَقَالَ اللَّيْث:
الهَبْرَكة: الْجَارِيَة الناعمة. وَأنْشد:
جاريةٌ شَبّت شَباباً هَبْرَكا
لم يَعْدُ ثَدْيَا نحرها أَن فَلَّكا
هبنك: وَقَالَ اللَّيْث: الهَبَنَّك: الأحمق، وَامْرَأَة هَبَنكةٌ:
حَمْقاء.
(6/269)
بهكن: وَجَارِيَة بَهْكَنة: تارَّة غَريضة.
وهُنَّ البَهْكَنات والبَهاكِن.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ البَهْكَنَةُ الْجَارِيَة الْخَفِيفَة
الرّوح، الطّيبَة الرَّائِحَة، المليحة الحلوة.
كنهر: قَالَ: والكَنَهْوَرُ من السّحاب: المتراكِب الثَّخِين.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ الكَنْهورَ: قِطَعٌ من السَّحاب أَمثالُ
الجِبال ونابٌ كَنَهْوَرةٌ مُسِنَّةٌ.
كفهر: وَقَالَ الأصمعيّ: والمكفهِرّ من السَّحَاب: الَّذِي يَغلُظ
ويركَبُ بعضُه بَعْضًا.
قَالَ: والمُكْرَهفُّ مثله.
وَيُقَال: فلَان مكفَهرُّ الوَجْه، إِذا كَانَ كالح الوَجْه لَيْسَ
فِيهِ أَثَرُ بِشْرٍ. والمُكفَهرّ: الصُّلْب الشَّديد الَّذِي لَا
تُؤثِّر فِيهِ الْحَوَادِث.
يُقَال: ألْقَ الحوادثَ بوجهٍ مكفهرّ، أَي بوجهٍ مُنْقبض لَا طلاقَه
فِيهِ.
كرهف: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اكرَهَفَّ الذَّكَرُ، إِذا انْتَشَر،
وأَنشد:
قَنْفاءُ فَيْشٍ مُكرَهفَ حَوْقُها
كنهل: وكَنهَل: مَاء لبَني تَمِيم مَعْرُوف.
كنهر: وكنهَرَة: موضعٌ بالدَّهنأ بَين جَبَلين فِيهَا قِلاَت تملؤُها
السَّمَاء، والكنهوْرَ مِنْهُ أَخذ.
كمهد: عَمْرو عَن أَبِيه: قَالَ: الكُمْهُدُ: الْكَبِير الكُمَّهْدَة
وَهِي الكَوسَلة.
(بَاب الهَاء وَالْجِيم)
هـ ج
سجهر: اللَّيْث، اسجَهَرَّتِ الرِّماحُ، إِذا أَقبلت إِلَيْك
واسْجَهَرَّ النَّبَات، إِذا طَال.
وَقَالَ غيرُه: اسجَهَرَّ السّرابُ إِذا تَريَّه وجرَى. وَمِنْه قَول
لبيد:
إِذا مَا اسجَهَرَّ الآلُ فِي كلِّ سَبْسَب
وسحابة مُسْجَهِرَّة يترقرقُ فِيهَا المَاء.
الأصمعيّ: الصَّهلج والصَّيْهَج: الصخْرة الْعَظِيمَة.
هجرس: اللَّيْث: الهِجْرِس من أَولاد الثعالب، ويوصف بِهِ اللَّئِيم.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي الهِجْرِس نَحوا مِنْهُ. وَأنْشد:
وهِجْرِسٍ مَسكَنُه الفَدافِدُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: رَمتْني الْأَيَّام عَن هَجارِسها، أَي
شدائدها.
قَالَ: والجِرْهاسُ: الجَسِيم.
وَقَالَ غَيره: وَهُوَ من أَسمَاء الْأسد، وَأنْشد:
يُكْنَى وَمَا حُوِّلَ عَن جِرْهاسِ
من فرسه الأسْدَ أَبَا فِراس
أَبُو مَالك: أهلُ الْحجاز يَقُولُونَ: الهِجْرس: القِرْد، وبنُو
تَمِيم يَجْعلونه الثّعلب.
سمهج: وَقَالَ اللَّيْث: السَّمْهَجَة: الفَتْل الشَّديد، حَبْلٌ
مُسَمْهَجٌ، وَحَلَف حَلِفاً مُسَمهَجاً، وَأنْشد:
يحلِفُ بَجٌّ حَلِفاً مُسَمهَجاً
(6/270)
أَبُو عبيد عَن الْفراء: يُقَال للبن:
إِنَّه لسَمْهَجٌ سَمْلَج، إِذا كَانَ حُلواً دَسِماً.
وفرَسٌ مُسَمْهَجٌ: معتَدِلُ الْأَعْضَاء.
وَقَالَ الراجز:
قد أَغتدِي بسابحٍ وافى الخُصَلْ
معتدِلٍ سُمْهِجَ فِي غير عَصَلْ
أَبُو سعيد: لَبنٌ سَمْهَج قد خُلِط بِالْمَاءِ.
وسَماهِيجُ: اسمُ جَزيرة فِي وسَط البَحْر بَين عُمَانَ والبَحْرَين.
وَقَالَ أَبُو دؤاد:
وَإِذا أدْبَرَت تَقول: قصورٌ
من سَماهيج فَوْقهَا آطَام
الأصمعيّ: مَاء سَمْهَجٌ سَهْلٌ ليِّن، وَأنْشد:
فَوَرَدْت عَذْباً نقَاخاً سَمْهَجَا
هزمج: وَقَالَ الأصمعيّ أَيْضا: الهُزامِجُ: المتدارِك من الصَّوْت،
وَأنْشد قَول هِمْيان بن قُحافة:
أزامِلاً وزَجَلاً هُزَامِجا
هزلج: والهَزالج: السِّراع من الذئاب، وَمِنْه قولُ الراجز:
للطَّيْر واللّغَاوس الهَزَالج
سجهر: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول عديّ بن زيد:
ومَجودٍ قد اسْجهَرّ تناوِي
رَ كلوْنِ العُهُونِ فِي الأعْلاق
قَالَ: اسجهرّ: ظَهر وانبَسط.
زهلج: وَفِي (النَّوَادِر) : زَهلَج لَهُ الحديثَ وَزَهلَقه ودَهْمَجه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدهْمَجة: مَشْيُ الْكَبِير كَأَنَّهُ فِي قَيْد.
هرجل: قَالَ: والهرجلة: الاختلاطُ فِي الْمَشْي، يُقَال مِنْهُ: قد
هرجَلَتْ الْإِبِل.
جَهْضَم: أَبُو عبيد، عَن الْفراء: الجَهضَم: الضخم الهامة، المستَديرُ
الْوَجْه.
وَقَالَ اللَّيْث: تجهضم الفَحْلُ على أَقرانه، إِذا عَلاَها
بكَلْكَلِه. وبعيرٌ جَهضم الْجَنْبينِ، أَي رَحْبُ الجَنْبَين.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجَهضم: الجَبان، فلانٌ جَهضم ماهُ
القلْب: نهايةٌ فِي الجُبْن.
دهنج دهمج: الدَّهانِج: قَالَ اللَّيْث: هُوَ الْبَعِير ذُو
السَّنَامين.
وَقَالَ أَبُو عمر: هُوَ الدَّهامِج أَيْضا، وَأنْشد:
إِذا بَدَا دَهانِجٌ ذُو أَعْدالْ
اللَّيْث: الدَّهْنَج: حصاً أخضرُ يُحكُّ مِنْهُ الفُصوص، وَلَيْسَ من
مَحْض الْعَرَبيَّة.
وَقَالَ الشَّمَّاخ:
تُمسِي مُباذِلُها الفزِندُ وهِبرزٌ
حَسَنُ الوبِيص يَلوحُ فِيهِ الدَّهنَجُ
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّهامِج والدَّهانج: البعيرُ الَّذِي يقارِب
الخَطْوَ ويُسرِع.
جرهد: وَقَالَ اللَّيْث: الجَرْهَدة: الرخاءُ فِي السّير، يُقَال:
اجرَهدَّ الطريقُ: إِذا اسْتمرّ، وأَنشد:
على صَمُودِ النَّقْب مُجْرَهِدِّ
وَقَالَ الأخطل:
(6/271)
مسَاميحُ الشتَاء إِذا اجرَهدَّت
وعزَّتْ عِنْد مَقسَمها الْجَزُورُ
أَي اشتدّت وامتدَّ أمرُها
أَبُو عَمْرو: الجُرهُد: السَّيار النشيط.
هجدم: هِجْدَم. قَالَ اللَّيْث: هِيَ لُغَة فِي إِجْدَم فِي إِقْدامِك
الْفرس، وزَجْرِكه، يُقَال: أول من رَكِب الفرسَ ابنُ آدم القاتلُ،
حَمَل على أَخِيه فزَجر فَرساً، وَقَالَ: هِج الدَّمَ، فَلَمَّا كثر
على الْأَلْسِنَة اقتَصَروا على هِجْدَم وإجْدَمْ.
جرهم: سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الجُرهُم: الجريء فِي الْحَرْب
وَغَيرهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّهْمَجة: مشيُ الْكَبِير كَأَنَّهُ فِي قَيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَهرَمِيّة: ثيابٌ منسوبة، وَأنْشد:
لَا يُشْتَرى كَتّانُه وجَهرَمُهْ
جعَله اسْما بِإِخْرَاج يَاء النِّسبة.
جُرْهُم: حَيٌّ من الْيمن، نزلُوا بِمَكَّة وَتزَوج فيهم إسماعيلُ،
ثمَّ أَلحَدُوا فِي الحرَم فأَبادَهم الله.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَمَلٌ جُراهِم وعُراهِم وعُراهِن: عَظِيم.
ابْن دُرَيْد رجلٌ جِرهامٌ فِي أَمره، وَبِه سُمِّي جُرْهُم.
جمهر همرج: وَقَالَ اللَّيْث: الجمهُور: الرَّمل الْكثير المُتراكِم
الواسِعُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الرَّملة المشرِفة على مَا حولهَا، وجَمْهَر
الترابَ إِذا جمع بعضَه فوقَ بعض، وَمِنْه قولُه: جَمْهِرُوا قَبرِي
جمهرة، وجَمْهرتُ الْقَوْم، إِذا جمعتهم، وجماهيرُ الْقَوْم: أشرافُهم،
وعدَدٌ مجمهَر مكثِّر.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: إِذا أخبرتَ الرجلَ بطرفٍ من الخبَر وكتمتَه
الَّذِي يُرِيد. قلتَ: قد جمهرتُ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هَمْرجتُ عَلَيْهِ الخَبَر هَمْرَجة:
خلَطَته عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد: الجُمهورِيّ: اسمٌ شراب يُسكِر.
ابْن الأعرابيّ: ناقةٌ مَجَمْهرةٌ، إِذا كَانَت مداخَلة الخَلْق،
كَأَنَّهَا جُمْهورُ رَمْل.
مهجر: ابْن السّكيت: التمهجُر التكبُّر مَعَ الغِنى، وَأنْشد:
تمهجَروا وأيُّما تَمهجُرِ
وهم بَنو العَبدِ اللَّئِيم العنْصرِ
هبرج: وَقَالَ اللَّيْث: الهَبرُجة: اختلاطٌ فِي الْمَشْي.
وَقَالَ العجاج:
يتبَعْن ذَيَّالاً مُوشَّى هَبرَجا
هرجب هرجل: وَقَالَ ابْن الْفرج: الهراجِيب والهراجيل: الضِّخام من
الْإِبِل.
وَقَالَ جِران العَوْد:
حَتَّى إِذا مَتعت والشمسُ حامِيةٌ
مدّت سَوالفَها الضُّهبُ الهَراجيلُ
وَقَالَ رؤبة:
من كلّ قَرواءَ وهِرجابٍ فُنُقْ
وَهُوَ الضخم من كلّ شَيْء.
أَبُو عبيد: الهرجلة: الِاخْتِلَاط فِي المشيء، وَقد هرجل.
(6/272)
بهرج: والبهرَج: الدِّرْهَم الَّذِي
فضَّتُه رَدِيئَة، وكل رديءِ من الدَّرَاهِم وَغَيرهَا بهرَج، وَهُوَ
إِعْرَاب نَبْهَرَهْ وبُهرِج بهم أَي أُخِذ بهم فِي غير المَحَجَّة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَهْرَج: الدِّرْهم المُبْطَل السِّكّة،
والبَهْرَج: التَّعْوِيج من الاسْتوَاء إِلَى غير الاسْتوَاء.
والبَهْرَج: الشيءُ المُباح. وَيُقَال: بُهرِجَ دمُه.
والهِرْجاب: الضَّخْمَةُ من النُّوق.
جلهم: ورُوي أنّ أَبَا سُفيانَ قَالَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مَا كِدْتَ تأذنُ لي حَتَّى تَأذنَ لحجارة الجُلْهُمَتَيْنِ.
قَالَ شمر: لم أَسْمَع الجُلهُمة إلاّ فِي هَذَا الحَدِيث وحرفاً آخر.
رُوِي عَن أبي زيد. يُقَال: هَذَا جُلْهُمٌ. والجُلهُمة: القارَةُ
الضَّخْمة.
قَالَ: وحَيٌّ من ربيعةَ يُقَال لَهُم: الجَلاَهِم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: أرَاهُ أرادَ الْجَلهة، وَهُوَ فَم الْوَادي،
فزادَ فِيهِ ميماً: فَقَالَ: جَلْهَمة، وَهَكَذَا رَوَاهُ بفَتح
الْجِيم وَالْهَاء وَأنْشد:
بِجِلْهَةِ الْوَادي قَطاً نَواهِضُ
قلت الْعَرَب زَادَت الميمَ فِي حروفٍ كثيرةٍ، مِنْهَا قولُهم: قَصْمَل
الشيءَ، إِذا كسَرَه وَأَصله قَصَل، وجَلْمَطَ شَعْرَه، إِذا حَلَقه،
وَالْأَصْل جَلَط، وفَرْصَم الشَّيْء إِذا قطّعَه، وَالْأَصْل فَرَص،
ومثلُه كثير.
هملج: وَقَالَ اللَّيْث: الهِملاَج: الحَسَن السَّير فِي سرعةٍ،
وبَخْتَرَة.
وَيُقَال للذَّكَر وَالْأُنْثَى: هِمْلاَج، وأمرٌ مُهَمْلَجٌ مُذَلَّل،
وَأنْشد العجَّاج:
قد قلَّدوا أَمْرهُمُ المُهَمْلَجا
جهل: وَقَالَ اللَّيْث: امرأةٌ جَهْيْلَة: قبِيحةٌ دَمِيمة.
هلبج: والهلْبَاجة: الثَّقيلُ من النَّاس الأحْمَق المائق. وَقَالَ
الأصمعيّ مثله. وَيُقَال للّبن الخاثر: هِلباجةٌ أَيْضا.
جبهل جبجب: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ جَبْهَلٌ، إِذا كَانَ جَافيا،
وَأنْشد لعبد الله بن الحجَّاج الثعلبيّ يخاطِب امْرَأَة:
إيَّاكِ لَا تستبدِلي قَرِدَ القَفَا
حَزَابِيَةً وهَيَّباناً جُبَاجِبا
ألَّفَ كأنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه
من الصُّوفِ نِكْثاً أَو لئيماً دُبادِبا
الأَلَفُّ: العَيِيُّ الفَدْم، والدُّبادِبُ: الْكثير الشَّرّ
والجَلَبة.
جَبَهْلاً ترَى مِنه الجَبينَ يَسُوءُها
إِذا نَظَرَت مِنْهُ الجَمالَ وحاجِبا
قَالَ: والجُباجِب مثل الدُّبادِب، وَهُوَ الْكثير الشَّرّ والجَلَبة.
جَهَنَّم: فِي جَهَنَّم قَولَانِ:
قَالَ يُونُس: جهنَّمُ اسمٌ للنّار الَّتِي يُعذِّبُ الله بهَا فِي
الْآخِرَة، وَهِي أعجميَّةٌ لَا تُجْرَى للتعريف والعُجْمَة، وَقيل:
جَهَنَّم اسمٌ عربيّ، سُمِّيَتْ نارُ الْآخِرَة بِهِ لبُعد قَعْرِها،
وَإِنَّمَا لم تُجْرَ لثُقْل التَّعْرِيف مَعَ التَّأْنِيث.
ورُوِي عَن رؤبة أَنه قَالَ: رَكِيَّةٌ جِهِنَّام: بعيدةُ القَعْر.
هلجب: وَقَالَ النَّضر: الهِلْجَاب: الضخمة من القُدُور، وَكَذَلِكَ
العَيْلَم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شاةٌ هِمْلاج: لَا مُخّ فِيهَا لهُزالها،
وَأنْشد:
(6/273)
أَعطَى خَليلي نَعْجةً هِمْلاَجا
رَجَاجةً إنَّ لَهَا رَجَاجا
والرّجاجة: الضعيفة الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا وَلَا مُخّ. ورجالٌ
رجاجٌ: ضَعْفَى.
(بَاب الْهَاء والشين)
(هـ ش)
هرشم: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال للجَبل اللّين المَحْفِر هِرْشَمّ،
وَأنْشد:
هِرْشَمَّةٌ فِي جبلٍ هِرْشَمِّ
وَيُقَال للناقة الخَوَّارة: هِرْشَمَّةٌ أَيْضا.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: الهِرْشمّ: الرِّخْوُ النَّخِرُ من الْجبَال.
همرش: وَقَالَ اللَّيْث: عجُوزٌ هَمَّرشٌ، فِي اضْطِرَاب خَلْقِها
وتَشَنُّجِ جِلدها.
أَبُو عبيد: عَن الأصمعيّ، عجوزٌ هَمَّرِاشٌ كَبِيرَة، وَأنْشد شمر:
إِنَّ الجِرَاءَ تختَرِشْ
فِي بَطْن أمِّ الهَمَّرِشْ
فيهنَّ جرْوٌ بَخْوَرِشْ
هرشف: قَالَ أَبُو عبيد: وعجوزٌ هِرْشَفَّةٌ: كَبِيرَة، وَأنْشد:
كلُّ عجوزٍ رأسُها كالكِفَّه
تَحْمِلُ جُفّاً مَعهَا هِرْشَفَّهْ
قَالَ أَبُو عبيد: والهِرَشَفَّة أَيْضا يُقَال: إِنَّهَا خِرقةٌ
يُحْمَلُ بهَا المَاء، أَو قطعةُ كِساء أَو نَحوه يُنَشَّفُ بهَا
الماءُ من الأَرْض ثمَّ يُعصَر فِي الْجُفِّ، وَذَلِكَ فِي قلّة
المَاء.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للناقة الهَرِمة: هِرْشَفَّةٌ،
وهِرْدَشَّة، وهِرْهِر.
وَقَالَ اللَّيْث: عجوزٌ هِرْشَفّة: بالية ودَلْوٌ هِرشَفّة: مُتَشَنجة
بالية. وَيُقَال لصُوفة الدَّواة إِذا يبِسَتْ هِرشَفَّة. وَقد
هَرْشَفَت واهرَشَّفَت
شهرب: عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: الشَّهْرَبةُ: الحُوَيضُ الَّذِي يكون
أسفلَ النَّخْلَة.
هرشب: وَقَالَ: عجوزٌ هِرْشَفَّةٌ وهِرْشبّةٌ، بِالْفَاءِ وَالْبَاء.
شهنز: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سمعتُ أَبَا الدُّقَيش يَقُول للشُّونِيز:
الشِّهنيز.
شهبر: وَقَالَ اللَّيْث: عجوزٌ شَهْبَرة وشَهْرَبةٌ، وَلَا يُقَال
للرّجل، شَهبَر وَلَا شَهرَب، وَأنْشد:
رُبَّ عجوزٍ مِن لُكَيْزٍ شَهبَرهْ
علَّمتُها الإنقاضَ بعد القَرْقَرهْ
أَرَادَ أَنَّهَا كَانَت ذاتَ إبل فأغَرْتُ عَلَيْهَا وَلم أترُك لَهَا
غيرَ شُوَيهاتٍ تُنْقِضُ بهَا.
نهشل: وَقَالَ اللَّيْث: نَهْشَل: اسمُ الذّئب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ نَهْشَل الرجل: إِذا عَضَّ إنْسَانا
تجميشاً. ونَهْشَلَ الرجل: إِذا أكلَ أكلَ الجائع.
دهفش: قَالَ: ودَهْفَشَ الرجلُ المرأةَ، إِذا جَمَّشَها.
هرشم: وجبَلٌ هِرشَمٌّ: دقيقٌ كثير المَاء.
همرش: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الهمْرَشَة الحَركة.
(6/274)
دهفش: سَلَمة عَن ابْن الأعرابيّ:
الدَّهفَشةُ التَّجْمِيش.
هرشف: أَبُو خَيْرَة التَّهَرْشُفُ: التَّحسِّي قَلِيلا قَلِيلا،
وَكَانَ الأَصْل الترشُّف فزيدت الهاءُ. وَكَذَلِكَ الشَّهْرَبة
الحُوَيْض حَول أَسْفَل النَّخْلَة، الأصلُ فِيهِ الشّرْبة فزِيدَت
الهاءُ.
وأُهمِلَت الْهَاء مَعَ الضَّاد فِي الرّباعي.
(بَاب الهَاء وَالصَّاد)
(هـ ص)
بهصل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: إِذا جَاءَ الرجل عُرْياناً فَهُوَ:
البُهْصُل والضَّيكَل.
هرنص: سَلمة عَن الفرّاء: الهَرْنَصَةُ مَشْيُ الدُّودَة، والدُّودة
يُقَال لَهَا: الهِرْنِصَانة.
هنبص: قَالَ: والهَنْبَصةُ: الضَّحِك العالي.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ فِي الهَنْبَصة مثله.
بهصل: أَبُو عبيد عَن الأُموي: البُهْصَلَة من النِّسَاء: القصيرة.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الصّخَّابة.
صلهب: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْهب هُوَ الْبَيْت الْكَبِير، وأَنشد:
وشادَ عَمْرٌ ولكَ بَيْتاً صَلْهَبا
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيّ: الصَّلْهب والسَّلهب: الرجل
الطَّوِيل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّلاهب من الْإِبِل: الشِّداد.
وَقَالَ الأمويّ: ناقةٌ صَلَهْبَى شديدةٌ.
بلهص: أَبُو عَمْرو التَّبَلهُص: خُرُوج الرجل من ثِيَابه، تَقول
تَبَلْهَصَ من ثِيَابه.
وَمِنْه قولُ الراجز:
لَقِيتُ أَبَا ليلى فلمّا أخَذْته
تَبَلْهَصَ مِن أثوابه ثمَّ جَبَّيا
قلت: الأَصْل تَبَهْصَل من البُهْصَل فقُلِبَ فَقيل تَبَهْلَصَ:
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: بلْهَصَ أَي أَسْرع وفَرَّ، وأنشَد:
ولوْ أُرِي فاكَرِشٍ لبَلْهَصا
قَالَ: فاكَرِش، أَي مَكَانا ضيقا يستخفي فِيهِ، لأسرعَ إِلَيْهِ.
صهتم: ابْن السكّيت: رجل صَهْتَمٌ شديدٌ عَسِر، لَا يُردُّ وجههُ،
وَهُوَ مِثلُ الصِّهْمِيم، وَأنْشد غَيره:
فَعَدَا على الرُّكْبان غيرَ مهلِّلٍ
بهِراوَةٍ سَلِسِ الخليقةِ صَهْتَمِ
أَرَادَ: غير مهلَّل سَلِس الخليقة، وصَهْتم: اسمُ رجلٍ بِعَيْنِه.
(بَاب الْهَاء وَالسِّين)
(هـ س)
سبهل: قَالَ أَبُو زيد الأنصاريّ: يُقَال: رأيتُ فلَانا يمشي
سَبَهْلَلاً، وَهُوَ المختالُ فِي مشيته، وَإِذا مَشى بِغَيْر سِلاح،
فَهُوَ سَبَهْلَلٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال للفارغ
النشيط: سَبَهْلَلٌ، يُقَال: جَاءَ سَبَهْلَلا لَا شيءَ مَعَه.
(6/275)
وَيُقَال: مَشَى فلَان السِّبَهْلى، كَمَا
تَقول: مَشى السِّبَطْرَى. والسِّبَطرى: الانبساط فِي الْمَشْي. قَالَ:
والسَّبهلى التبخترُ.
هلبس: أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح، يُقَال: مَا عَلَيْهِ هَلْبَسِيسةٌ،
أَي مَا عَلَيْهِ شيءٌ من الحَلْي.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: يُقَال: أَنْت فِي الضّلال ابْن الأَلاَل
ابْن السَّبَهلل، يَعْنِي الْبَاطِل. وَيُقَال جَاءَ مُسَبْهَلاً، أَي
مُهْمَلاً.
طهلس: وَقَالَ اللَّيْث: الطِّهْليسُ: الْعَسْكَر الكثيف وَمِنْه
قَوْله:
جحْفَلاً طِهليساً
هطلس هلطس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَهَطْلَسَ فلانٌ من عِلَّته:
إِذا أَفلقَ مَرَضه وأَقبل.
شمر: الهِلْطَوْس. الخفيُّ الشَّخْص من الذّئاب، قَالَ الراجز:
قد ترك الذئبَ شديدَ العَوْلَتِي
أطلسَ هِلْطوساً كثير العَسَّتي
وَقَالَ غَيره: لص هَطَلَّسٌ: قطَّاعُ يُهطلِس كلَّ مَا وَجَده.
سهمد: وَقَالَ اللَّيْث: السَّهْمَدُ: الشيءُ الْيَابِس الصُّلْب.
قَالَ: والسمهدد: الجسيمُ من الْإِبِل. وَقد اسْمَهدَّ سَنامُه، إِذا
عظم.
هندس: والمهندِس: الَّذِي يقدِّر مجاريَ القُنِيِّ واحتفارَها، وَهُوَ
مُشْتَقّ من الهِنْداز، وَهِي فارسية أَصْلهَا أَوَانداز أَي: مقدِّر
المَاء. والعَرَبُ تسمِّيه: القُناقِنُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أسَدٌ هِنْدِس، أَي جريء.
وَقَالَ جَندل:
يَأْكُل أَو يَحْسُو دَمًا ويلحَسُ
شِدْقَيه هوّاسٌ هِزْبرٌ هِنْدِسُ
وفلانٌ هِنْدَوْسُ هَذَا الْأَمر، وهم هَنادِسةُ هَذَا الْأَمر، أَي
العلماءُ بِهِ. ورَجُل هندَوْس، إِذا كَانَ جيد النّظر مُجَرِّباً.
هدبس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهَدَبَّس: ولد البَبْر،
وَأنْشد المبرّد:
وَلَقَد رأيتُ هَدَبَّساً وفَزَارةً
والفِزْرَ يتبع فِزْرةً كالضَّيْوَنِ
دهرس: وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهاريس الدّواهي، الْوَاحِدَة دَهْرَسَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هِيَ الدّراهيس أَيْضا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ناقةٌ ذاتُ دَهْرَس، أَي ذاتُ خفَّة ونشاط.
وأَنشد:
ذاتُ أَزابِيّ وذاتُ دِهْرَسِ
وَأنْشد اللَّيْث:
حَنَّت إِلَى النَّخْلَة القُصْوى فقلتُ لَهَا
حِجْرٌ حرامٌ ألاَ تلكَ الدهاريسُ
سرهد: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المسرهَد: الحَسَن الغِذاء، وَقد
سَرهَدته أُمُّه. وسَنامٌ مُسَرْهَدٌ إِذا كَانَ سميناً قد قُطع قطعا
عَرْضاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ماءٌ سُرهُد: كثير.
بهنس: أَبُو عبيد عَن أبي زيد، قَالَ: التَّبهنُسُ التبختُر، وَهُوَ
البهنسة، وجَملٌ بهنسٌ وبُهَانِسٌ: دَلول.
(6/276)
سرهف سرعف: وَقَالَ الريَّاشي: المسرْهف
والمسرعَف والمسرهد الحَسنَ الغذاءُ، والسَّرْهفة: نَعْمة الغِذاء.
فهرس: وَقَالَ اللَّيْث: الفِهرسُ: الْكتاب الَّذِي تجمع فِيهِ الكُتب.
قلتُ وَلَيْسَ بعربيّ مَحْض، وَلكنه معرَّب.
سرهب: قَالَ: والسَّرْهبُ هُوَ المائق الأَكول الشَّروب.
سهبر: والسِّهبرة من أَسمَاء الرَّكايا.
سهرز: والسهريز جنسٌ من التّمر مَعْرُوف، وَهُوَ معرّب.
وَيُقَال: شهريز، وَالسِّين أعرب.
رهمس دهمس: سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الرَّهمسة والدَّهمسة: السِّرار.
وأُتي الْحجَّاج بن يُوسُف برجلٍ فَقَالَ: أَمِن أهل الرَّسّ
والرَّهمسة أَنْت؟
وَيُقَال: هُوَ يُرهْمِسُ ويُرَهْسِم إِذا سارَّ وساوَدَ.
سمهر: والرِّماح السَّمْهَرِيَّة تُنسَب إِلَى رجل كَانَ اسْمه سَمْهَر
كَانَ يَبِيع الرماح بالْخَطّ وَكَانَت امْرَأَته رُدَيْنَة.
النَّضر عَن الجعديّ: سَمْهَرَ الزرعُ إِذا لم يتوالَدْ كأنّه كلّ
حَبّة برأسها.
هرمس: الكسائيّ: أَسَدٌ هِرْماس وهُرَامِس وَهُوَ الجَريء الشَّديد.
وَقَالَ غَيره: الهِرْماس: الأسَد العادِي على النَّاس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الهِرْماس ولد النَّمِر.
قَالَ: والهِرْمِيس: الكَرْكَدَّن، وَأنْشد:
والفيل لَا يَبقَى وَلَا الهِرْمِيسُ
وَأنْشد اللَّيْث فِي الْأسد:
يَعْدُو بأشبالٍ أبُوها الهِرْماسْ
نهمس رهمس: وَقَالَ شَبابَة: أمرٌ مُرَهْمَس مُنَهْمَس، أَي مَسْتُور.
سمهر: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المُسْمَهِرّ: المعتدِل.
وَقَالَ اللَّيْث: شوك مُسْمَهِرٌّ: يَابِس. واسمَهَرَّ الظلامُ: إِذا
تَنكَّر. وعُرْدٌ مُسْمَهِرّ، إِذا اتْمَهَلَّ، وَأنْشد غَيره لرؤبة:
إِذا اسمهرّ الحَلِسُ المُغالِثُ
أَي تَنكَّر وتكَرَّه.
أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح، وَأبي زيد: مَا عَلَيْهِمَا هَلْبَسِيسة،
أَي شَيْء من الحَلْي.
سلهب: وَقَالَ اللَّيْث: السَّلْهَب: الطويلُ من الخَيْل وَالنَّاس.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الدُّقَيش يَقُول: امْرَأَة سَرْهَبَة كالسلهبة
فِي الْخَيل فِي الْجِسْم والطُّول.
هملس: وَقَالَ اللَّيْث: رجل هَمَلَّس قويُّ الساقَين شديدُ المَشْي.
سلهم: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُسْلَهِمّ المتغيِّر اللّون.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذِي بَرَاه المَرَضُ والدُّؤُوب فَصَارَ
كَأَنَّهُ مَسْلُول.
سهنش: أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلَمة عَن الْفراء، قَالَ: يُقَال: افْعَل
هَذَا سِهِنشاه وسِهِنْساه، أَي افْعله آخرَ كلّ شَيْء.
(6/277)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَلَا يُقَال
هَذَا إِلَّا فِي الْمُسْتَقْبل، وَلَا يُقَال: فعلتُه سِهنْساه، وَلَا
فعلتُه آثِرَ ذِي أَثِير.
(بَاب الهَاء وَالزَّاي)
(هـ ز)
بهزر: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: البَهازِرُ من
النَّخيل وَالْإِبِل: العِظام المَواقِير، وَأنْشد:
أعطاكَ يَا بحرُ الَّذِي يُعطِي النِّعَمْ
مِن غيرِ لَا تَمنُّنٍ وَلَا عَدمْ
بَهازِراً لم تَنْتَجِعْ مَعَ الغَنَمْ
لم تَكُ مَأوًى للقُرادِ والْحَلَمْ
بَين نَواصيهِنَّ والأرضِ قِيمْ
اللَّيْث: البَهْزَرة: النَّخْلَة الَّتِي لَا تنالُها بيَدِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: البَهْزرة النَّاقة الْعَظِيمَة وجمعُها
بَهازِر.
زَهْدَم: وَقَالَ اللَّيْث: زَهْدَمٌ: من أَسمَاء الْأسد.
هبرز: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الهِبْرِزِيُّ الدِّينار
الْجَدِيد، وَأنْشد لرجُل رَثَى ابْنا لَهُ:
فَمَا هِبْرِزِيٌّ من دنانيرِ أَيْلَةٍ
بأَيْدِي الوُشاةِ ناصِعٌ يتأَكَّل
قَالَ: الوُشاة ضَرَّابُو الدَّنانير. يتأَكّل: يأكلُ بعضُه بَعْضًا من
حُسْنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الهِبْرِزِيُّ: الجَلْدُ النَّافِذ.
قَالَ: والهِبْرِزِيُّ الخفُّ الجيِّد بلُغة أهلِ الْيمن.
والهِبْرِزِيُّ الْأسد، وَمِنْه قَوْله:
بهَا مِثْلُ مَشْي الهِبْرِزِيّ المُسَرْوَلِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الهِبْرِزِيّ: الإسْوَارُ من
أساوِرة فَارس.
وَقَالَ غَيره: الهِبْرِزِيُّ والإبْرِزِيّ: الذَّهب الْخَالِص، وَهُوَ
الإبْرِيز.
هزبر: والهِزَبْر: من أَسمَاء الْأسد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَاقَة هِزَبْرَة: صُلْبة، وَأنْشد:
هِزَبْرَةٌ ذاتُ سَبِيبٍ أَصْهَبا
دهلز: وَقَالَ اللَّيْث: دِهْليزِ: إِعْرَاب دَالِيح، فارسية.
بهوز بهزر: قَالَ: والبَهاوِيزُ من النُّوق والنخيل: الجِسامُ
الصَّفايا، الْوَاحِدَة بَهْوازة.
قلت: لم أسمع البَهاوِيز لغيره. وأظنُّه البَهازِير.
زمهر: وَقَالَ اللَّيْث: الزَّمْهرِير: شِدَّة الْبرد، وَقد ازمَهرَّ
ازْمِهراراً.
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: المُزْمَهِرُّ الَّذِي قد احمرَّت عَيناهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الازْمِهرارُ فِي العَين عِنْد الغَضَب والشدة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الزَّمْهرير البردُ وزَمْهرت عَيناهُ إِذا
احمرَّتا.
هُرْمُز: وَقَالَ اللَّيْث: هُرْمُز: من أَسمَاء العَجَم.
قَالَ: والشيخُ يُهَرْمِز، وهَرْمَزَتُهُ لَوْكُه لُقمتَه فِي فِيهِ
لَا يُسيِغه وَهُوَ يُدِيرُه فِي فِيهِ.
(6/278)
لهزم: وَقَالَ اللَّيْث: اللِّهزِمَتان:
مُضَيْغَتان عُلَيَّيَان فِي أصل الحَنَكَيْن فِي أَقْصَى
الشِّدْقَيْن، وَأنْشد أَبُو زيد:
إمَّا تَرَى رأسِي عَلاَنِي أغْثَمُهْ
لَهَزَمَ خَدَّيَّ بِهِ مُلَهزِمُهْ.
يُقَال: لهزَه الشيبُ ولَهزَمَهُ بِمَعْنى.
زمهل: وَيُقَال: ازْمَهلَّ المطرُ ازمِهلالاً، إِذا وَقع، وازمَهلّ
الثلجُ إِذا سالَ بعد ذَوَبانه. وماءٌ مُزْمَهِلٌ: صافٍ.
زهزم: والزَّهْزَمة: الصوتُ، مِثلُ الزَّمْزَمة.
هزبل: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الهَزْبَلِيلُ: الشيءُ التافِه
الْيَسِير. وهَزْبَلَ: إِذا افتَقَر مُدقِعاً.
هزبر: ابْن السّكيت: رجل هَزَنْبَز وهَزَنْبزانُ أَي حَدِيد وَثّاب.
لهزم: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: اللهازم هم: عِجْلٌ، وتَيْمٌ الّلاتِ،
وقيسُ بن ثَعلبَة، وعَنَزُة. والأَراقم: بَنو بكر، وجُشَم، ومالكٌ،
والحارثُ، وَمُعَاوِيَة.
زنهر: وَفِي (نَوَادِر الأَعراب) : فلَان مُزَنْهِرٌ إليّ بعَيْنه،
ومُزَنِّر ومُبَنْدِق وحالِقٌ إليَّ بِعَيْنِه، ومُحَلِّق، وجاحِظ،
ومُجَحِّظ، ومُنْدِرٌ إليَّ بِعَيْنِه ونادِرٌ، وَهُوَ شدّة النّظر،
وإخراجُ العَين.
زَهْدَم: وَقَالَ الأَصمعيّ: العَرَب تَقول للصَّقْر: الزَّهْدَمُ،
وللبَحر: الدَّهثَم.
قَالَ: والدَّهثَم: الرجل السخِيُّ.
هبزر: وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَقول للحُمَّى: أُمُّ الهِبْزِرِيّ.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: الدَّهْليز: الجِيئة الَّتِي يَجتمَع فِيهَا
المَاء.
زلهم: والمُزَلْهِمُ الخفيفُ من الرِّجال.
(بَاب الهَاء والطاء)
(هـ ط)
طهمل: عَمْرو عَن أَبِيه: الطَّهْمَلِيُّ: الْأسود الْقصير. وَأنْشد
أَبُو عبيد:
لَا جَعْبَرِيّاتٍ وَلَا طَهامِل ا
قَالَ اللَّيْث: يَعْنِي القِباحَ الخِلقة.
طرهم: أَبُو عبيد، عَن أبي زِيَاد الكِلابيّ: المُطْرَهِمّ: الشَّباب
المعتدِل المتام.
شمر عَن ابْن الأَعرابيّ: المطرهِمُّ: الممتلىءُ الحَسَن.
وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ المشرِف الطَّوِيل، وَقد اطرهمَّ واطْرَخَمَّ،
وَأنْشد أَبو عبيد:
أُرجِّي شَباباً مُطْرَهِمّاً وصِحّة
هرمط: غَيره: هرمَط عِرْضَه وهرطَه وهرتَه وهردَه، بِمَعْنى وَاحِد.
طهفل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَهفَل: إِذا أكل خُبْزَ الذُّرَة
وداوَم عَلَيْهِ.
هرطل: قَالَ: وَيُقَال للرجل الطَّوِيل الْعَظِيم الجِسْمِ: هرطال،
وهِردَبَّه وهَقَوَّر وقِنَوَّرٌ
(بَاب الهَاء وَالدَّال)
(هـ د)
هردب: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الهِردَبَّة: المنتفِخ الجَوف، الَّذِي
لَا فؤاد لَهُ.
(6/279)
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الجَبان الضخم،
القليلُ العَقْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهِرْدَبَّة العَجوز.
دِرْهَم: اللَّيْث، يُقَال: رجلٌ دَرْهَم ودِرْهِم، ورجُل مُدَرْهَمٌ:
كثير الدَّرَاهِم، ورجلٌ مُدَرْهِم: كثيرُ الدَّرَاهِم ورجلٌ
مُدْرَهِمٌّ، وَقد ادرَهَمّ هَرَماً وادْرِهْماماً، إِذا هَرِمَ.
هبرد: وَقَالَ اللَّيْث: ثريدةٌ هِبْرِدَانةٌ مِبْرِدانةٌ مُصَعْنَبة:
مُسَوَّاة.
فرهد: أَبُو عُبيد، عَن الأمويّ: الفُرْهُدُ: الحادِرُ الغَليظ.
وَقَالَ اللحياني: وَيُقَال: فُلْهُد. وفُرْهُود: حيٌّ من اليَمن،
وَيُقَال لَهُم فَراهِيد، وَكَانَ الْخَلِيل بن أحمدَ ح مِنْهُم.
هلدم: وَقَالَ اللَّيْث: الهِلْدِم: اللِّبْد الجافي الغليظ.
وَقَالَ رؤبة:
عَلَيْهِ من لِبدِ الزمانِ هِلْدِمُهْ
دلهم: وادْلَهمَّ الليلُ والظلام، إِذا كَثُف، وفَلاةٌ مُدْلهِمَّة:
لَا أَعْلاَمَ فِيهَا.
هندب: وَقَالَ اللَّيْث: هِنْدَب وهِنْدَباء وهِنْدَباءة وَاحِدَة،
وَهِي من أَحْرَار البُقول.
وَقَالَ ابْن بزرج: يُقَال: هَذِه هِنْدَباء وباقِلاءُ، فأَنَّثُوا
ومَدُّوا، وَهَذِه كَشُوثاءُ مؤنَّثة.
هدبد: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الهُدَبِدُ: الشَّبْكرة وَهُوَ
العَشاء يكون فِي العَين، يُقَال: بِعيْنه هُدَبِدٌ.
والهُدَبِد: الصَّمْغ الَّذِي يسيل من الشّجر أَسوَدَ، ولبنٌ هُدَبِدٌ
وفُدَفِدٌ، وَهُوَ: الحامض الخاثِر.
رهدن رهدل: الأصمعيّ وغيرُه: الرَّهادِن والرَّهادِلُ، وَاحِدهَا
رَهْدَنَة ورَهْدَلَة، وَهُوَ طائرٌ شَبيه بالقُبَّرة إِلَّا أَنه
لَيْسَ لَهُ قُنْزُعة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَهْدَن: الرجلُ الجَبان شُبِّه بِهَذَا
الطَّائِر. والأزْدُ تُرَهِدْن فِي مِشْيتها كَأَنَّهَا تَستدير.
دهثم: اللَّيْث: مَكَان دَهْثَم: دَمِثٌ سَهْل.
هدمل: أَبُو عبيد: الهِدْمِل: ثوب خَلَق، وَأنْشد:
عَجوزٌ عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ
قَالَ: والهِدَمْلة الرملة الْكَثِيرَة الشَجَر، وَأنْشد غَيره:
حيِّ الهِدَمْلَةَ من ذاتِ الموَاعِيسِ
بهدل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: بَهْدَل الرجلُ إِذا عَظُمتْ
ثَنْدُوَتُه، وَيُقَال للْمَرْأَة: إِنَّهَا لذات بَهادِلَ وبآدِل،
وَهِي لَحماتٌ بَين العُنق إِلَى التَّرْقُوَة.
والبَهْدَلة والبَحْدَلة: الخِفَّة فِي المَشي والإسراع فِيهِ، يُقَال:
بَهْدَل وبَحْدَل، إِذا أسرَعَ.
وَبَنُو بَهْدَل: حيٌّ من بني سعد.
دهدن: أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: الدُّهْدُنّ الْبَاطِل، وَأنْشد:
لأجْعَلَنْ لابنةِ عمرٍ وفَنَّا
حَتَّى يكون مَهْرُها دُهْدُنّا
دهدر: وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الدُّهْدُرّ أَيْضا بالراء للباطل.
(6/280)
قَالَ: وَمِنْه قولُهم: دُهْدُرَّين
ودُهْدُرَّيْه للرجل الكذوب.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَرَب تَقول: دُهْدُرّان لَا يُغنِيان عَنْك
شَيْئا.
دلهث: وَقَالَ اللَّيْث: الدِّلهاث: هُوَ السَّرِيع المتقدِّم. قلت:
كَأَن أصلَه من الاندلاث، وَهُوَ التقدُّم فزيدت الْهَاء. وَقيل:
الدِّلْهاث: الجريء المِقدام وَيُقَال للأسد: دِلْهاث.
دهبل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَهْبَلَ، إِذا كَبَّر اللُّقَمَ
ليُسَابِق فِي الْأكل.
دهدم: وَيُقَال: دَهْدَمْتُ البناءَ، إِذا كسَرتَه.
وَقَالَ العجاج:
والنُّؤَى بعدَ عهدِه المُدَهْدَمِ
وتدَهْدَمَ الحائطُ وتَجَرْجَمَ، إِذا سَقط
دهدأ: أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: مَا أَدْرِي أيُّ الدَّهْدأ هُوَ؟ ،
مهموزٌ كَقَوْلِك: مَا أَدْرِي أيُّ الطَّمْشِ هُوَ.
بهدر: شمر، عَن أبي عدنان قَالَ: البُهْدُرِيّ والبُحْدُرِي:
المُقَرْقَم الَّذِي لَا يَشبُّ.
أَبُو عبيد: الفُرْهُد: الحادِرُ الغليظ من الغِلْمان.
(بَاب الْهَاء وَالتَّاء)
(هـ ت)
هتمل: أَبُو عبيد: الهَتْمَلَة: الْكَلَام الخَفِيُّ، وَأنْشد قولَ
الكُمَيت:
وَلَا أشهد الهُجْرَ والقائليه
إِذا هُمْ بَهينمةٍ هَتْملُوا
وَقَالَ أَبُو زيد: المتْمَهِّلُّ: المعتدِل وَقد اتْمَهَلّ سَنام
الْبَعِير واتمألّ، إِذا انتصب واستقام، فَهُوَ مُتْمَهِلّ
ومُتَمَئِّل.
ورَوى الرّياشيُّ عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: عَن يَسارِ ضَرِّية وَهِي
قريةٌ رَكايا يُقَال لَهَا: هَرامِيت وحولها جِفار، وَأنْشد:
بقايا جِفارٍ من هراميتَ نُزَّحِ
وَقَالَ النَّضر فِي هراميتَ: هِيَ ركايا خَاصَّة.
بهتر: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ قَالَ: البُهْتُر والبُحْتُر: الْقصير،
وَامْرَأَة بُهْتُرة. قلتُ: وجمعُها البهاتر والبَحاتِر، وَأنْشد ابْن
السّكيت:
عَنَيْتُ قَصِيراتِ الْحِجالِ وَلم أُرِدْ
قِصَارَ الخُطَى شَرُّ النِّساءِ البهاتِرُ
أهملت الْهَاء مَعَ الظَّاء.
(بَاب الهَاء والذال)
(هـ ذ)
لهذم: اللَّيْث: اللَّهْذَم: كلُّ شَيْء حادَ من سِنانٍ وسَيف قَاطع.
ولَهذَمَتُه: فِعْلُه.
هذرم: والهَذْرَمة: كثرةُ الْكَلَام. ورجلٌ هُذارِم وهُذارِمَةٌ، وَقد
هَذْرَمَ فِي كَلَامه، والهَذْرَمة: قِراءةٌ فِي سرعَة، وَأنْشد أَبُو
عبيد:
وَكَانَ فِي الْمجْلس جَمَّ الهذْرَمَهْ
أَرَادَ أَنه كَانَ كثيرَ الْكَلَام.
والتَّلَهْذُمُ: الْأكل، قَالَ سُبَيع:
لَوْلَا الإلاهُ وَلَوْلَا حَزْمُ طالبها
تَلَهذَمُوها كَمَا نالوا من العِيرِ
هذلم: والهَذْلمَةُ: مشيٌ فِي سرعَة، وَأنْشد فِيهِ:
(6/281)
قد هذْلَم السارقُ بعد العَتَمَهْ
نَحْو بيوتِ الحيِّ أيّ هذْلَمهْ
هربذ: أَبُو عبيد: الهِرْبِذَى: مِشية تُشبِه مِشية الهَرابذَة وهمْ
حكام المَجُوس.
(بَاب الهَاء والثاء)
(هـ ث)
هرثم: هَرْثَمةُ: من أَسمَاء الْأسد. والهَرثمةُ: العرْثمةُ، وَهِي
الدائرة، الَّتِي وَسَط الشَّفة الْعليا. وهَرْثَمةُ: من أَسمَاء
الرِّجَال.
هنبث: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول رؤبة:
وكنتُ لمّا تُلْهِني الهَنابِثُ
يُقَال: وقعتْ بَين النَاس هَنابِثُ، وَهِي أمورٌ وهَناتِ، قلتُ:
واحدتُها هَنْبَثَة، وَأنْشد غيرُه قَول الشَّاعِر:
قد كَانَ بَعْدَكَ أنباءٌ وهَنْبَثَةٌ
لَو كنتَ شاهدَ هالم تَكثُر الخُطَبُ
(بَاب الْهَاء وَالرَّاء هـ ر)
هرمل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هَرْمَلَ شَعْرَه، إِذا
زَلَقَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: شَعرُه هَرَامِيل إِذا سقَط، وَأنْشد غَيره:
قد هَرْمَلَ الصيفُ من أَعْناقِها الوَبرَا
وَقَالَ اللَّيْث: الهُرْمُولةُ: الرُّعْبُولة تَنْشَقُّ مِن ذَناذِن
القَمِيص، وَأنْشد:
كأَنَّ رِيشَ ذُناباها هَرَامِيلُ
برهم: وَقَالَ الأصمعيّ: بَرْهم وبَرْشمَ، إِذا أدامَ النّظر، وَأنْشد:
ونظراً هَوْنَ الهُوَينى بَرْهَما
وَقَالَ اللَّيْث: بَرْهَمةُ الشّجر: بُرْعُمَتُه، وَهُوَ مُجْتَمع
نوْرِه.
والبهْرَمانُ: ضَربٌ من العُصفُر.
بهرامج: وَقَالَ أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الرَّنْفُ: بَهرامَج البرّ،
قَالَ: وَلَا أَدْرِي مَا بَهْرَامَجُ البرّ؟
هنبر: وَقَالَ اللَّيْث: الهِنبِرَة: الأتان.
أَبُو عبيد، عَن أَبي عَمْرو: الهِنْبِر: الجحش. وَمِنْه قيل للأَتان:
أُمُّ الهِنْبِر.
وَقَالَ اللَّيْث: أُمُّ الهِنْبِر وَأَبُو الهِنبِر: هما: الضَّبُعُ،
والضِّبْعَانُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الهِنْبِر الضَّبُع، وَأنْشد:
مُلْفَيْنَ لَا يَرمُون اًّمَّ الهِنْبِرِ
وَقَالَ غَيره: أمّ الهِنْبِر: هِيَ الحِمارة الأهليَّة.
وَفِي حَدِيث كَعْب أَنَّه ذكَر الجنّة فَقَالَ: فِيهَا هَنابِيرُ
مِسكٍ يَبعثُ الله عَلَيْهَا ريحًا تُسمَّى المُثِيرَة، فتُثِير ذَلِك
المِسكَ على وُجُوههم.
قيل: الهنابيرُ والنَّهابيرُ: رمالٌ مُشرِفةٌ واحدتُها هُنْبورَة
ونُهبورة.
نهبر: وَقَالَ: النهابير: الرِّمال، واحدُها نُهبور، وقوماً أَشرف
مِنْهُ.
تيهر: قَالَ: والتَّيْهُورُ: مَا اطمأنّ مِنْهُ.
ورويّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: من جَمعَ مَالا من مَهَاوِشَ
أَذْهَبه الله فِي نهابر.
قَالَ أَبُو عبيد: النهابر: المهالك هَهُنَا.
وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لعُثْمَان: إنّك قد ركبتَ
بِهَذِهِ الأمّة نهابِيرَ من الْأُمُور، فتُبْ مِنْهَا، يَعْنِي
بالنهابير
(6/282)
أموراً شِداداً صعبةً، شَبهها بنَهابير
الرَّمل، لِأَن الْمَشْي يَصعُب على مَن رَكِبَها.
وَقَالَ نَافِع بن لَقِيط، أَنشده ابْن الْأَعرَابِي لَهُ:
ولأَحْمِلنْكَ على نَهابر إنْ تَثِبْ
فِيهَا وإنْ كنتَ المُنَهِّتَ تعْطَبِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الهنَّبْر: الأدِيم، والهِنْبِرُ: ولدَ
الأَتان، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
يَا فَتًى مَا قتلْتُمُ غير رُعْبُو
بٍ وَلَا من قُوارَة الهِنَّبْرِ
قَالَ: الهِنَّبْر: الْأَدِيم هَاهُنَا.
وَقيل فِي قَوْله: فِيهَا هَنابيرُ مِسْك، يُرِيد أَنابير مِسْك، وَهِي
كُثْبان مُشرفة، أُخِذ من انتِبار الشَّيْء، وَهُوَ ارتفاعُه.
والإنْبارُ من الطَّعَام مأخوذُ مِنْهُ قُلِبت الهمزةُ هَاء.
(بَاب الْهَاء وَاللَّام)
هـ ل)
نهمل: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: نهْمَلَ، إِذا أَسَنَّ.
نهبل: وَقَالَ اللَّيْث: شيخٌ نَهْبَل، وعَجوزٌ نهْبَلة.
وَقَالَ أَبُو زَبيد الطائيّ:
مأوَى الْيَتِيم ومأوى كلِّ نهْبَلةٍ
تأوِي إِلَى نهْبَلٍ كالنَّسرِ عُلفوفِ
هنبل: قَالَ: وهَنْبل فلانٌ، وجاه مُهَتْبِلاً، إِذا مَشَى مِشْيَة
الضَّبُع وَأنْشد قَوْله:
مثل الضِّباع إِذا راحتْ مُهَنْبِلةً
أدْنى مآوِيها الغِيرانُ واللُّجُفُ
فَلهم: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ الفَلْهَم فرَجُ الْمَرْأَة.
ملهم: قَالَ: ومَلْهَم: قَرْيَةٌ بِالْيَمَامَةِ.
قَالَ: والمِلْهَمُ: الكثيرُ الْأكل.
مرهم: وَقَالَ اللَّيْث: مَرْهَم هُوَ أَلينُ مَا يكونُ من الدّواء
الَّذِي يُضمَّد بِهِ الجرْحُ.
يُقَال: مرهَمْتُ الجُرحَ.
سرهف وشرهف: أَبُو تُرَاب: سَرْهَفَ غِذاءَه، وشَرهفَه، إِذا أحسَن
غِذاءَه.
بهكل بهكن: وَقَالَ: المؤرّج: امْرَأَة بَهْكَلة وبهْكَنة: للغَضَّة،
وَهِي ذاتُ شَبَابَ بهَكَل وبَهْكَن وَأنْشد:
وكَفَلٍ مِثلِ الكَثيبِ الأهْيَلِ
رُعْبُوبةٍ ذَات شَباب بهْكَلِ
هلبت: أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: الهِلْبَوْتُ: الأحمق.
بلهن رفهن: والبُلَهْنِيَة والرُّفَهْنِيَة والرُّفَغْنِيةُ: سَعَةُ
العَيْش والخِصْب
(6/283)
بَاب خماسي الهَاء
قلهزم القلهبسة: قَالَ ابْن المظفّر: القَلَهْزَمُ: الرجل المرتَبِعُ
الجَسِيمُ الَّذِي لَيْسَ بِفرْجِ الرَّأْي وَلَا طريرٍ فِي المنطِق،
لَيْسَ من عِظَم رَأسه، وَلَا مِن صِغَره. وَيُقَال: هُوَ الضّخم
الرَّأْس واللِّهْزِمَتَين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَلَهْزَم: القَصير.
قَالَ: والقَلَهْبَسَةُ: من حُمُر الْوَحْش: المسِنَّةُ.
قهبلس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَهْبَلِس: القَمْلَة
الصَّغِيرَة.
همرجل: اللَّيْث: الهَمَرْجَلُ: الْجواد السَّرِيع، وجملٌ هَمَرْجَل:
سريع، وَأنْشد:
يَسُفْنَ عِطْفَى سَنِمٍ هَمَرْجَلِ
ونَجاءٌ هَمَرْجَل.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا جَدَّ فيهنّ النَّجاءُ الهَمَرْجَلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الهَمَرْجَلة: النَّاقة السريعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهَمَرْجَل: الجملُ الضَّخم. وَمثله
الشَّمردَل، وَتجمع الهَمَرْجَلة هَمَرْجَلاَت.
دلهمس: والدَّلَهْمَسُ: من أَسمَاء الْأسد، وَمِنْه قَول الرّاجز:
أَوْ أَسَدٌ فِي غِيله دَلَهْمَسُ
برهمن: والبِرَهْمَنُ بالسُّمَنيَّة: عالمهُم وعابدهم.
كنهبل: وَقَالَ أَبُو عبيد: الكَنهبَلُ: شجرٌ، واحدتها كَنَهْبَلة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هِيَ شجرٌ عِظَام مَعْرُوفَة.
سمهدر: سَلمَة عَن الْفراء: غلامٌ سَمَهْدَر، يَمدَحُه بِكَثْرَة
لحمِه.
وَقَالَ الْأَخْفَش: بلدٌ سَمَهْدَرٌ: بعيدُ الْأَطْرَاف، وَأنْشد:
ودُونَ ليلَى بلدٌ سَمَهْدَرُ
هبركل: وَقَالَ ابْن الْفرج غلامٌ هَبَرْكل: قويّ.
قَالَ: وأَنشدتْنا أمّ البُهلُول:
يَا رُبّ بيضاءَ بِوَعْثِ الأَرْمُلِ
قد شُغِفَتْ بِناشيءٍ هَبَركلِ
قهبلس: أَبُو عَمْرو: القَهْبَلِسُ تُوصَف بِهِ الكَمَرَةُ، وأَنشد:
كَمرَةٍ قَهْباء قَهبَى قَهْبَلِسْ
يَجْمِلُهَا راعِي خَلِيَّاتٍ شُمُس
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: القَهْبَلِسُ: الْأَبْيَض الَّذِي تعلُوه
كُدْرَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَإِذا صَغُرَ خَلْقُه وجَعُد قيل لَهُ: قَلَهْزَمٌ.
(6/284)
كنهبل: النَّضر عَن الجَعديّ: الكَنَهْبُلُ
من الشَّعِير: أضخمُه سُنْبلةً، قَالَ: وَهِي شعيرةٌ يَمانيَّة حمراءُ
السُّنبُلة صغيرةُ الحبّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلٌ دَلَهْمَسٌ: شديدُ الظُّلمة، وظلمة
دَلَهمسة: هائلة الظُّلمة، قَالَ الْكُمَيْت:
إليكَ فِي الحِنْدِسِ الدَّلَهْمَسَةِ الطْ
طامِسِ مثل الكواكبِ الثُّقُبِ
أَبُو عبيد: الدَّلَهْمَسُ: الْأسد لجرأته وقوّته، ورجلٌ دَلَهْمَسُ
اللّيل: جريء اللَّيْل إِذا سَرَى فِيهِ.
وَقَالَ النَّضر: الدَّلَهْمَس الَّذِي لَا يهولُه شيءٌ لَيْلًا وَلَا
نَهَارا.
هندويل: أَبُو عَمْرو: الهَنْدَوِيلُ: الضعيفُ الَّذِي فِيهِ استرخاء،
ونُوكٌ.
دهدموز: والدَّهْدَمُوز: الشَّديد الْأكل، وَأنْشد:
لَا تُكْرِيَنَّ بعدَها عجوزاً
واسعةَ الشِّدْقَين دَهدَمُوزا
تَلقَمُ لَقْماً كالْقَطَا مَكنوزَا
هيجبوس: قَالَ: والهَيْجَبُوس: الرجل الأهوَج الجافي، وَأنْشد:
أحقٌّ مَا يُبَلِّغُني ابنُ تُرْنَى
من الأقوامِ أهوجُ هَيْجَبوسُ
جيهبوق: وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ:
الْجَيْهَبُوق: خُرْءُ الفار.
تلهلأ: قَالَ: وتَلَهلأتُ، أَي نَكَصْتُ.
هيدكور: وَقَالَ أَبُو عَمرو: الهَيْدكُور: الخاثر من الألبان،
وَأنْشد:
قلنَا لَهُ اسقِ ضَيْفَك النَّمِيرا
ولبناً يَا عَمرو هَيْدَ كُورا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل؛ الهَيْدكُو: الشّابّة من النِّسَاء، الضَّخمةُ،
الحَسَنة الدَّلّ فِي الثِّيَاب، وَأنْشد:
بَهْكَنَةٌ هَيفاءُ هَيْدكُورُ
هزبلية: ابْن السّكيت: مَا فِيهِ هَزْبَلِيلَةٌ، إِذا لم يكن فِيهِ
شيءٌ.
آخر كتابِ الْهَاء والمِنّةُ لله على نعَمِه.
(6/285)
|