تهذيب اللغة

 (بَاب الْغَيْن مَعَ الْقَاف)
غ ق
غق: قَالَ ابْن المَظْفّر: تقولُ العَرَبُ: غَقَّ القِدرُ يَغِقُّ غَقيقاً.
قَالَ وَفِي الحديثِ: (أَنّ الشَّمْسَ لَتُقَرَّبُ مِنْ رُؤوسِ الخَلْقِ يومَ القيامَةِ حتّى أَنَّ بطونَهُم تَقول: غِقْ غِقْ) .
قَالَ: والصَّقرُ يُغَقْغِقُ فِي بعضِ أصواتِهِ.
قلتُ: غَقِيقُ القِدْرِ: صوتُ غليانِهِ، سُمّى غَقيقاً؛ لحكايتهِ صوتَ الغَلَيانِ، وَكَذَلِكَ: غَقْغَقَهُ صوتِ الصّقرِ، حِكَايَة، وَمن هَذَا قيل للمرأةِ الواسعةِ المتاعِ حَتَّى يُسْمَعَ لِهَنِها صوتٌ عندَ الخِلاط؛ غَقَاقةٌ، وَغَقوقٌ، وخَقاقَةٌ وخَقُوقٌ.
والغَقُّ: حكايةُ صوتِ الماءِ، إِذا دَخَل فِي مَضيقٍ، وَهُوَ حِكايةُ صوتِ الغُدَافِ، إِذا بُحَّ صوتُهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: الغَقَقَةُ: العَواهِقُ، وَهِي الخَطاطِيفُ الْجَبَليةُ.
غ ك غ ج
أهملت وجوهها:

(بَاب: الْغَيْن مَعَ الشين)
غ ش
غش، شغ: مستعملان:
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قالَ: (لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشّنَا) .
قالو أَبُو عُبيد: معناهُ: لَيْسَ مِنْ أَخْلاَقِنَا الْغِشُّ، وَهَذَا شبيهٌ بالحَدِيث الآخر: (الْمُؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كلِّ شَيْء إِلَّا الخِيانَة) .

(8/5)


قلتُ: والغِشُّ: نقيضُ النُّصْح، وَهُوَ مأخوذٌ من الْغَشَشِ، وَهُوَ المشْرَبُ الْكَدِرُ، كَذَلِك قَالَ ابنُ الْأَنْبَارِي.
قَالَ: وأَنشد ابنُ الْأَعرَابِي:
وَمَنهَلٍ تَرْوَى بهِ غَيرُ غَشَشْ ...
أَي: غير كَدِرٍ، وَلَا قَلِيل.
قَالَ. وَمن هَذَا: الغِشُ فِي الْبَيَاعَاتِ.
وَقَالَ الليثُ: غَشّ فُلانٌ فُلاناً يَغُشُّهُ غِشّاً، إِذا لم يَمْحَضْهُ النُّصْحَ، وأغْتَشَشْتُ فلَانا، أَي: عَدَدْتُهُ غاشّاً.
قالَ: ويُقَالُ: لَقِيتُهُ غشَاشاً، وذلكَ عِنْدَ مُغَيرِبَانِ الشَّمْسِ.
قلتُ: هَذَا التفسيرُ غيرُ صحيحٍ، وصوابُه: لَقيتُهُ غِشَاشَا، وعَلى غِشَاشٍ، إِذا لَقِيتُهُ على عَجَلَةٍ.
وَقَالَ القُطامِيّ:
على مكَانٍ غِشاشٍ مَا يُنِيخُ بهِ
إِلَّا مُغَيِّرُنا والْمُسْتَقي العَجِلُ
وَقَالَ الليثُ: شُرْبٌ غِشَاشٌ، أَي: قَليلٌ.
قلتُ: شُرْبٌ غِشاشٌ: غيرُ مريءٍ، لأنَّ الماءَ لَيْسَ بصافٍ وَلَا عَذْبٍ، فَلَا يَسْتَمْرِئُهُ شاربُهُ، وَقَالَ الفَرَزْدَقُ فِي الْمَعْنى الأول:
فَمَكّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَوَاتِ رِماحِهَا
غِشاشاً وَلم أحفِلْ بكاءَ رِعائيا
أَرادَ: مَكَّنْتُ سَيْفِي من سِمَانِها على عَجَلَةٍ.
شغ: قَالَ الليثُ: الشّغَغَةُ فِي الشَّرب: التّصْرِيدُ، وَهُوَ القَليلُ، قالَ رُؤبة:
لَو كُنْتُ أَسْطِيعُكَ لم تُشَغْشِغِ شُربي وَمَا الْمَشْغُولُ مثلَ الأفْرَغِ قلتُ: وَمعنى قولِ رؤبَةَ: لم تُشَغْشغْ شُربي، أَي: لم تُكَدِّرْهُ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: شَغْشغَ البئرَ، إِذا كدَّرَهَا.
قلتُ: وَكَأَنَّهُ مقلوبٌ من: التّغشِيش، والغَشَش، وَهُوَ الكَدَر. وللشغْشغَةِ معنى آخر، وَهِي حكايةُ صوتِ الطعنةِ، إِذا ردّدها الطاعنُ فِي حوفِ المطعونِ. وَقَالَ الْهُذلِيّ:
الطعنُ شغشغَةٌ والضّرْبُ هيقَعَةٌ
ضربَ الْمُعَوِّلِ تحْتَ الديمةِ العَضَدَا
وَيُقَال: شَغْشَغ الملجمُ اللجامَ فِي فمِ الدَّابَّة، إِذا امتَنَع (الدابةُ) عَلَيْهِ، فردّده فِي فِيهِ تأديباً.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
ذُو عَيّثٍ بَشْرٍ يَبَذُّ قَذالَهُ
إذْ كانَ شغْشَغَةً سوارُ المُلْجِمِ
وَمن رَوَاهُ: إنّ كانَ ... فتحَ: سوارَ.

(بَاب الْغَيْن مَعَ الضَّاد)
غ ض
غض ضغ: مستعملان.
غض: قالَ الليثُ: الغَضُّ والغَضِيضُ:

(8/6)


الطريُّ. وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال: شَيْءٌ غضٌّ بضٌّ، وغاضٌّ باضٌّ.
واختُلفَ فِي: فَعَلْتَ، من: غَضَ، فبعضهُم يَقُول: غَضِضْتُ تَغَضُّ، وبعضهُم يَقُول: غَضَضْتَ: تَغِضُّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ إِذا بَدَأَ الطَّلع، فهُوَ الغَضِضُ، فإِذا اخْضَرّ، قيل خَضَبَ النخلُ، ثمَّ: هُوَ البَلَحُ.
ثَعْلَب عَن ابنِ الأعرابيّ: يُقَال للطّلْعِ: الغِيضُ والغَضيضُ والإغْرِيضُ، قَالَ: وَيُقَال: أَنَّك لَغَضِيضُ الطرفِ، نقيّ الظّرْفِ.
قَالَ: والظّرفُ: وعاؤُه: يَقُول: لستَ بِخَائِنٍ.
قَالَ: وَيُقَال: غَضَّضَ، إِذا أكَلَ الغَضَّ، وَهُوَ الطّلع الناعِمُ.
وغَضَّضَ: إِذا أصابَتْهُ غضاضَةٌ، وغَضَّضَ: صَار غَضّاً متنعّماً، وَهِي: الغُضُوضَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَضُّ والغَضَاضعةُ: الفُتُورُ فِي الطَّرْفِ.
وَيُقَال: غَضَّ وأغْضَى، إِذا دَانَى بينَ جَفْنَيهِ، وَلم يلاقِ، وَأنْشد:
واحمَقَ عِرّيضٍ عَلَيه غَضَاضَةٌ
تَمَرَّسَ بِي مِنْ حيْنِه وَأَنا الرّقِمْ
(قلتُ: قَوْله عَلَيْهِ غَضَاضَة) أَي: ذُلٌّ.
ورجلٌ غضيضٌ، أَي؛ ذَليلٌ بَيِّنُ الغَضَاضَةِ، وَمن قومٍ أغِضَّةٍ وأَغِضَّاءَ، وهمُ الأدلاّءُ.
ويقالُ: مَا أردْتُ بذا غَضِيضَة فلانٍ، وَلَا مَغَضَّتَهُ، كَقَوْلِك: مَا أردتُ نَقِيصَتَه، ومَنْقَصَتَهُ.
وقالَ اليثُ: الغَضُّ: وزعُ العَذلِ، وَأنْشد:
غضَّ الْمَلاَمَةَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
ويقالُ: غُضَّ من بَصَرِكَ، وغُضَّ من صَوْتِكَ، قالَ الله جلّ وعزّ {فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ} (لُقْمَان: 19) ، أَي: إخفِضِ الصوتَ، وَيُقَال؛ غُضَّ الطرفَ، أَي: كُفَّ النظَرَ، وَقَالَ جرير.
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنّكَ من نُمَيرٍ
فَلَا كَعْباً بَلَغْتَ وَلا كِلابا
معناهُ: غُضَّ نظَرَكَ ذلاً ومهانة.
وَيُقَال: غُضَّ من لجامِ فرسِكَ، أَي: صَوّبهُ، وانقُضْ من غربه وحِدَّتِهِ.
وَيُقَال: مَا غَضَضْتُكَ شَيئاً، وَمَا غِضْتُكَ شَيْئا أَي: مَا نَقَصْتُكَ شَيْئا.
وَتقول للراكِب، إِذا سألْتَهُ أَن يُعَرِّجَ عَلَيْك قَلِيلا: غُضَّ سَاعَة، وقالَ الْجَعْدِي:
خَلِيلَيَّ غُضَّا سَاعَة وَتَهَجَّرا
أَي: غُضّا من سيرِكما، وعرّجا قَلِيلا، ثمَّ روّحا مُهَجِّرِينِ.
وَيُقَال: غَضَغضّتُ الشّيء، فَتَغَضْغَضَ، أَي: نَقَصْتُه، فَنَقَصَ.

(8/7)


وَقَالَ الْأَحْوَص:
هُوَ البَحْرَّ ذُو التَّيّارِ لَا يَتَغَضْغَضُ
وَلما مَاتَ عبدُ الرحمانِ بنُ عوفٍ، قَالَ عمرْو بنُ العاصِ: (هَنِيئًا لكَ ابنَ عوفٍ، خَرَجْتَ من الدُّنيا بِبِطْنَتِكَ لم يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيْءٌ) .
قلتُ: ضربَ البِطْنَةَ مثلا، لوفُورِ أجرهِ الَّذِي استوجَبَهُ بهجرتِه وجهادِه مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَّه لم يَتَلَبّسْ بشيءٍ من وَلايةٍ وعملٍ ينقُصُ أجورَهُ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ.
وروى ابْن الفَرَجِ عَن بعضِهم: غَضَضْتُ الغُصنَ، وغَضَفْتُه، إِذا كَسَرْتَهُ، فَلم تنْعِمْ كسرَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ فِي بابِ: موتِ الْبَخِيل، ومالهُ وافرٌ لم يُعْطِ مِنْهُ شَيْئا: من أمثالهم فِي هَذَا: (ماتَ فلانٌ بِبِطْنَتِهِ لم يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شيءٌ) .
قلتُ: والقولُ الأولُ أجودُ، (فِي تَفْسِير حَدِيث ابْن عَوْف) .
ضغ: سَلمَة عَن الْفراء: إِذا كَانَ العجينُ رَقِيقا، فَهُوَ الضَّغِيغَة والرَّغِيغَةُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الرّوضَةُ والضّغِيغَة والْمَرْغَدَةُ والْمَغْمَغَةُ، وَالْمَرْغَةُ، والْحَدِيقَةُ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: تركنَا بَني فُلانٍ فِي ضَغِيغَةٍ من الضغائِغ، وَهِي العشبُ الكثيرُ.
وَقَالَ الليثُ: الضَّغِيغَةُ: لوكُ الدّرداء.
قَالَ: وَتقول: أقمتُ عِنْده فِي ضغيغِ دهرِه، أَي: قدرِ تمامهِ.

(بَاب الْغَيْن وَالصَّاد)
(غ ص)
غص صغ: مستعملان.
غص: قَالَ اللَّيْث: الغَصَّةُ شجىً يَغَصُّ بِهِ فِي الْحِرْقِدَةِ.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
لَو بغيرِ المَاء حَلْقي شَرِقٌ
كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَاري
وَقَالَ غَيره: أَغصَّ فلانٌ الأرضَ علينا إغْصاصاً، أَي: ضَيِّقَها فغصَّتْ بِنَا، أَي: ضَاقَتْ.
وَقَالَ الطّرِمّاح:
أغَصّتْ عليكَ الأرضَ قحطانُ بالقَنا
وبالهُنْدُ وَانِياتِ والقُرَّحِ الجُرْد
ويقالُ: غَصِصْتُ باللُّقْمَةِ أغَصُّ بهَا غَصَصاً.
صغ: أَبُو زيد: ضَغْصَغَ ثريدَهُ صَغْصَغَةً، أَي: رَوّاهُ دَسَماً.

(بَاب الْغَيْن وَالسِّين)
غ س
غس، سغ: مستعملان.
غس: ثعلبُ عَن ابنِ الأعرابيّ: الغُسُسُ: الضعْفى فِي آرائِهِمْ، وعقولِهِمْ، والغُسُسُ:

(8/8)


الرُّطَبُ الفاسِدُ، الواحدُ: غَسِيسٌ.
قَالَ: والمَنْسُوسَةُ من النّخيلِ: الَّتِي تُرْطِبُ وَلَا حلاوةَ لَها.
قَالَ: ويُقالُ للهِرَّةِ: الخَازِبازِ والمَغْسُوسَة.
وَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ الأعرابيُّ: هَذَا الطعامُ غَسُوسْ.
صِدْقٍ، وغَلُولُ صِدْقٍ، أَي طَعَامُ صِدْقٍ، وَكَذَلِكَ: الشرابُ.
قَالَ: وَغَسَّ الرجُلُ فِي البِلادِ، إِذا دَخَل فِيهَا، ومضَى قُدُماً، وَهِي لغةُ تَميم، وَقَالَ رؤبةُ:
كالحُوتِ لما غَسَّ فِي الأَنْهارِ
قَالَ: وقَسَّ مثلُه.
وَقَالَ الليثُ: الغَسُّ: زَجْرٌ للقطِّ، قَالَ: والغُسُّ والغَسْلُ من الرِّجَال، وجمعُهُ: أَغْساسٌ، وَأنْشد:
أَن لَا تُبلّى بِجِبْسٍ لَا فُؤادَ لَهُ
وَلَا بِغُسَ عَبيدِ الفُحْش إزْميلِ
وَقَالَ غيرُهُ: غَسَسَتْهُ بالماءِ، وغَتَتُّه، أَي: غَطَطْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
وأتْغَسَّ فِي كَدِرِ الطِّمالِ دَعَامِصٌ
حُمْرُ البُطونِ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهَا
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ: الغُسُّ: الضَّعيفُ اللّئِيمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زيد، وَأنْشد، لزُهيرٍ بنِ مَسعودِ:
فَلم أرقِهِ إِن يَنْجُ مِنْهَا وإِنْ يَمُتْ
فَطَعْنَةُ لَا غُسَ وَلَا بِمُغَمِّرِ
سغ: قَالَ: الليثُ يُقَال: سَغْسَغْتُ شَيْئا فِي التُرابِ، إِذا دَخْدَخْتَهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سَغْسَغْتُ الطَّعامَ سَغْسَغَةً، إِذا أوسَعْتَهُ دَسَماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَغْسَغَ رأسَهُ وامْرَغَهُ، إِذا رَوّاه دُهْناً، وَأنْشد اللَّيْث:
أَن لم يُعِقْني عائقُ التّسَغْسُغِ
فِي الأَرضِ فآرقُبْنِي وَعُجْمَ المُضَّغِ

(بَاب الْغَيْن وَالزَّاي)
(غ ز)
غز زغ: مستعملان.
غز: قَالَ الليثُ: غَزّةُ: أرضُ بمشارِفِ الشّامِ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيِّ:
مَيْتٌ بِرَدْمَانَ وميتٌ بِسَلْ
مَانَ ومَيْتٌ عِنْدَ غَزّاتِ
قلتُ: ورأيتُ فِي بلادِ بني سَعْدٍ بنِ زيدِ مناةَ رَملَة، يُقالُ لَهَا: غَزّةُ، وفيهَا أَحْسَاءٌ جمة، ونخلٌ بَعْلٌ.
عمروٌ عَن أَبِيه: الغَزَز: الخُصُوصِيَّةُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: تَقول العربُ: قد غَزّ فلانٌ بِفُلانٍ، فاغْتَزّ بِهِ، واغْتَزَى بهِ، إِذا أُخْتَصّهُ من بينِ أصْحابِهِ.
وَأنْشد:

(8/9)


فَمَنْ يَعْصِبْ بِليَّتِهِ اغْتِزازاً
فإنكَ قد مَلأْتَ يَداً وَشَامَا
قَالَ أَبُو الْعَبّاسِ أحمدُ بنُ يحيى: مَنْ: شَرْطٌ هَاهُنا، ويعصِب: يَلزَم. بِليّتِهِ: بِقَراباتِهِ، اغْتِزازاً، أَي؛ آخْتِصاصاً. واليَدُ هَاهُنَا، يريدُ: اليَمَنَ.
قَالَ: معناهُ: من يَلْزَمْ ببرِّهِ أهلَ بيتِهِ، فإنكَ قد مَلأتَ بمعروفِكَ من اليَمَنِ إِلَى الشامِ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الغُزّانِ: الشِّدْقانِ، وأحدُهُما غُزٌّ. وَقَالَ اللَّيْث: أَغَزَّتِ البَقَرَةُ، فَهِيَ مُغِزٌّ، إِذا عَشَّرَ حَمْلُهَا.
قلتُ: الصوابُ: أغْزَتْ فهيَ: مُغْزٍ من ذَوَاتِ الْأَرْبَعَة، يُقَال للناقَةِ إِذا تأخَّر حَمْلُها، فاستأخَرَ نتَاجُها:
قد أَغْزَتْ فَهْيَ مُغْزٍ، وَمِنْه قولُ رُؤْبَة:
والحربُ عَسْراءُ اللّقاحِ مُغْزِ
أَرَادَ: بَطُؤَ إقلاعُ الحَرْبِ، وقالَ ذُو الرُمّةِ.
بِلَحْيَيْهِ صَكٌّ المُغْزِيَاتِ الرَّواكِلِ
قَالَ شمر: أَغَزّتِ الشجرةُ إغْزازاً، فَهِيَ مُغِزٌّ، إِذا كَثُر شَوْكُها، وأَلتَفَّتْ.
زغ: قَالَ اللَّيْث: زَغْزَغْتُ الرجُلَ إِذا سَخِرتَ بِهِ.
وَقَالَ: المُفَضّل: الزْغْزَغَةُ: أَن تَخْبَأَ الشّيْءَ وتُخْفِيَهُ.
وروى أَبُو الأزهرِ للكِسائيِّ: زغزغ الرجل فَمَا أَحْجَمَ، أَيْ: حَمَل فلمْ يَنْكِصْ، ولقيتُهُ فَمَا زَغْزَغَ، أَيّ: فَمَا أَحْجَمَ.
قلتُ: وَلَا أَدْرِي: أصحيحٌ هُوَ أم: لَا.

(بَاب الْغَيْن والطاء)
(غ ط)
غط: قَالَ الليثُ: يُقالُ: غَطّهُ فِي المَاء يَغُطُّهُ عَطّاً، أَي: غَمَسَهُ وغَطّسَه وَقَدِ أَنْغَطّ فِي الماءِ انْغِطَاطَاً.
والغَطْغَطَةُ: صوتُ غَلَيانِ القِدْرِ، وَهِي: الغَطْمَطَةُ: قَالَ الراجز:
للرّضْفِ فِي مَرْضُوفِهَا غَطاغِطُ.
أَبُو عبيد: التّغْطِيطُ والغَرْغَرةُ: الصوتُ، ورواهُ بعضهُم: التّغَطْمُطُ. والغَرْغَرةُ أَيْضا صوتُ القِدْرِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَطْغَطَةُ: يُحكى بهَا ضربٌ من الصَّوْتِ. قَالَ: والغَطَاغِطُ: أُناثُ السِّخالِ.
قلتُ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وصوابُه: العَطَاعِطُ. بالعَيْنِ، الواحدُ: عُطْعُطٌ، وعُتْعت، قَالَ ذَلِك ابنُ الْأَعرَابِي وغيرُه.
وَيُقَال: غَطّ النائمُ يَغِطّ غَطّاً وغَطيطاً، فَهُوَ غَاطٌّ.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الغَطاطُ: القَطا بفَتْح الغَينِ واحدتُها: غَطاطَةٌ، وَأنْشد:
فَأَثَارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثّماً
أصواتُهُ كَتَراطُنِ الفُرْسِ
قَالَ: والغُطَاطُ: الصُّبْحُ بضَمّ الغَيْنِ وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيلٍ: وَأنْشد أَبُو

(8/10)


الْعَبَّاس:
قَامَ إِلَى ادْماءَ فِي الغُطَاطِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَطَا ضَرْبانِ: جُوْنٌ، وغَطاطٌ، الغَطاط مِنْهَا مَا كَانَ أسوَدَ باطنِ الجَناحِ، طويلَ الرِّجْلَيْنِ، مُصْفرّةَ الحُلُوقِ، أغبرَ الظّهْرِ، عظيمَ العَيْنِ.
والجُونُ هِيَ الكُدْرُ، تكونُ كُدْرَ الظُّهُورِ، سودَ باطنِ الجَناحِ مُصْفَرّةِ الحُلُوقِ قصيرةَ الأرجُلِ، فِي ذَنَبِها رِيْشَاتٌ أطوَلُ من سَائِر الذّنَبِ.

(بَاب الْغَيْن وَالدَّال)
(غ د)
غ د د غ: (مستعملان) .
غَد: قَالَ الليثُ: أغدّتِ الإبِلُ، إِذا صَار لَهَا بَيْنَ الجِلْدِ واللّحْمِ غُدَدٌ من داءِ، وأنشدَ:
لَا بَرئَتْ غُدَّةُ مَنْ أَغَدّا
قَالَ: والغدّةُ تكونُ أَيْضا فِي الشّحْم.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصْمَعيّ، قَالَ: من أدواءِ الإبِلِ: الغُدّةُ، وَهُوَ طاعُونُهَا، يُقالُ: بَعِيْرٌ مُغِدٌّ.
شَمِر عَن ابنِ الأعرابيّ قَالَ: الغُدَّةُ لَا تكونُ إِلَّا فِي البَطْنِ، فَإِذا مَضَى إِلَى نَحْرِهِ ورُفْغِهِ: قِيلَ: بَعِيرٌ دَارِيّ.
قلتُ: وسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: غُدّتِ الناقَةُ فَهِيَ مَغْدُودَةٌ، من الغُدَّةِ، وغَدَّدْتُ الإبلَ فَهِيَ مُغَدّدَةٌ. وبَنُو فلانٍ مُغِدُّونَ، إِذا ظَهَرْتِ الغُدَّةُ فِي إبلِهِمْ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: أغَدّتِ الناقَةُ وأُغِدَّتْ، ويقالُ أَيْضا: غُدَّتْ، فَهِيَ مَغْدُودَةٌ من الغُدَّةِ، وبعيرٌ مَغْدُودٌ، وغادٌّ، ومُغِدٌّ، ومُغَدٌّ، وإبِلٌ مَغادٌّ، وَأنْشد فِي الغادِّ:
عَدِمْتُكُمُ ونَظَرْتُكُمْ إلَيْنَا
بِجنْبِ عُكاظِ كالإبِلِ الغِدَادِ
قَالَ: الغِدَادُ: جمْعُ الغَادِّ.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
وأحْمَدْتَ إذْ نَجَّيْتَ بالأمْسِ صِرمَةً
لَهَا غُدَدَاتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ
قَالَ: الغُدَدَاتُ: فُضُولُ السِّمَنِ، وَمَا كانَ من فُضولٍ وبرَ حَسَنٍ، وَهُوَ قَوْلُ أبي عمرٍ و.
وَقَالَ فِي قولِ لبيد:
تَطِيرُ غَدَائِدُ الأشْراكِ شَفْعاً
قَالَ: الغدائِدُ: الفُضُولُ.
الأصمعيّ: رأيتُ فلَانا مُغِدّاً ومُسْمَغِدّاً، إِذا رأيتَهُ وارِماً من الغَضَبِ، وامرأةٌ مِغْدَادٌ، إِذا كانَ من خُلُقِها الغَضَبُ، وأنشدَ:
يَا ربَّ مَنْ يكتُمُني الصِّعَادا
فَهَبْ لَهُ حَلِيلَةً مِغْدَادا
أَبُو تُرَاب، قَالَ الأصمعيّ: أغدّ الرجُلُ، فَهُوَ مُغِدٌّ، وأضَدَّ فَهُوَ مُضِدٌّ، أَي: غَضْانُ.

(8/11)


سلمةُ عَن الفَرّاء، قَالَ: الغِدَادُ والغَدَائِدُ: الأنْصِبَاءُ، فِي قولِ لبيد:
تطيرُ غدائِدُ الأشراكِ شَفْعاً
دغ: قَالَ الليثُ: الدَّغْدَعَةُ فِي الْبضْع: التحريك.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقالُ للمَغْمُورِ فِي حَسَبِهِ، أَو فِي نسبِهِ: مُدَغْدَغٌ، ويُقَالُ: دَغْدَغَهُ بكلمةٍ، إِذا طَعَنَ عَلَيْهِ، وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وَعِرْضي لَيْسَ بالْمُدَغْدِغِ
أَي: لَا يُطْعَنُ عَلَيّ فِي حَسَبي.

(بَاب الْغَيْن وَالتَّاء)
(غ ت)
غت تغ: مستعملان.
غت: قَالَ الليثُ: الغَتُّ كالغَطِّ.
وَفِي الحديثِ: (يَغُتُّهُمُ الله فِي الْعَذَابِ غَتّاً) .
قَالَ: والغَتُّ: أَن تُتْبِعَ القولَ القولَ، أَو الشُّرْبَ الشُّرْبَ، وَأنْشد:
فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ أنْفَاسَها
غَتّ الغَطَاطِ مَعاً عَلَى إعْجالِ
وَفِي حديثِ ثَوْبَانِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَوْضِ: (يَغُتُّ فيهِ مِيزابَان مِدَادُهُما من الجَنَّة) .
قُلْتُ: هكذَا سمعتُهُ من محمدٍ بنِ إسحاقَ: يَغُتُّ، بِضَمِّ الْغَيْن، قَالَ: وَمعنى: يَغُتُّ: يَجْري جَرْياً، لَهُ صوتٌ وخَريرٌ.
وقِيلَ: تَغُطُّ، وَلَا أَدْرِي مِمَّن حَفِظَ هَذَا التفسيرَ، قلت: وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ، لقيل: يَغِتُّ ويَغِطُّ بِكَسْر الغَينِ وَمعنى: يَغُتُّ عِنْدِي يُتابِعُ الدفقَ فِي الحَوْضِ لَا يَنْقَطِعَانِ، مأخوذٌ من (قولِكَ) : غَتّ الشاربُ الماءَ جَرْعاً بَعْدَ جَرْعٍ، ونَفَساً بعد نَفَسٍ، من غير إبانَةِ الإنَاءِ عَنْ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيدٍ الأنصاريُّ: غَتَتُّ الرّجُلَ أغتُّهُ غتّاً؛ إِذا عَصَرْتَ بِحَلْقِهِ نَفَساً أَو اثْنَيْنِ أَو أكثَرَ.
قَالَ شمر: غُتَّ فَهُوَ مَغْتُوتٌ، وغُتَّ: فَهُوَ مَغْمُومٌ. وَقَالَ رُؤْبَة، يذكر يُونُسَ، والحوتَ.
ويونسُ الحوتُ لَهُ مَبِيتُ
يدْفَعُ عنهُ جَوْفه الْمَسْحُوتُ
كِلَاهُمَا مُغْتَمِسٌ مَغُتوتُ
والليلُ فَوْقَ الماءِ مُسْتَمِيتُ
قَالَ: فالمغتوتُ: المغمومُ.
قَالَ: وغَتَتُّ الدَّابةَ شَوْطاً. أَو شَوْطَيْن، إِذا ركَّضْتُهَا وأتْعَبْتُهَا.
قَالَ: وغَتَّ فِي الماءِ يَغُتُّ غَتّاً، وَهُوَ مَا بَيْنَ النَّفْسَيْنِ مِنَ الشُّرْبِ، والإناءُ عَلَى فِيهِ.
وَأنْشد بَيت الْهُذلِيّ:
ثَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بواضِعٍ

(8/12)


غَتَّ الغَطاطِ مَعاً على إعْجالِ
أيْ: شَرِبْنَ أنفاساً، غَيْرَ بواضع: غَيْرَ رواءِ.
وَقَالَ الدَّيْنَوري: إِذا والى الكأسَ دِكاما، قيلَ: غَتّهُ يَغُتُّهُ غَتّاً.
وغتَّ الرجُلُ الضَّحِكَ، يَغُتَّهُ غَتّاً، إِذا وَضَعَ يَدَهُ أَو ثَوْبَهُ على فَمِهِ حينَ يَضْحَكُ، كَيْمَا يُخْفِيَهُ. قُلْتُ: فَمَعْنى قولِهِ: (يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ أَي: يَدْفُقَانِ فِيهِ المَاء دَفْقاً دَائِما لَا يَنْقَطِعُ، كَا يَغُتُّ الشَّارِبُ المَاء، أَي: يُتَابِعُ جَرْعَهُ نَفَساً بعدَ نَفَسٍ من غيرِ إيانةٍ للإناءِ عَن الفمِ.
ويَغُتُّ: مُتَعَدَ على هَذَا التأويلِ: لِأَن المُضَاعَفَ إِذا جَاءَ يَفْعَلُ) ، فَهُوَ مُتَعَدَ، وَإِذا جَاءَ على (فَعَل يَفْعِلُ) ، فَهُوَ لازِمٌ، إِلَّا مَا شَذَّ عنهُ، قَالَه الفراءُ، وغيرُهُ.
تغ: قَالَ الليثُ: التّغْتَغَةُ فِي حكايةِ صوتِ الحُلِي قلت: لم أسْمَع: التّغْتَغَةَ فِي صوتِ الحُلِيِّ.
وَقَالَ الفَرّاءُ: العَرَبُ تَقُولُ: سِمِعْتُ (طَاقٍ طَاقٍ) ، لِصَوْتِ الضَّرْبِ، ويقولونَ: سَمِعْتُ (تَغٍ تَغٍ) ، يُرِيدُونَ: صوتَ الضَّحِكِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ عَن ثعلبٍ عَن سَلَمَة عَن الفرَّاءِ، قَالَ: أَقبلُوا تَغٍ تَغِ، وَأَقْبلُوا قِهٍ قِقٍ، إِذا قَرْقَرُوا بالضّحِكِ، وَقد انْتَغُوا بالضَّحِكَ وأوْتَغُوا.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: تَغْتَغَ الضَّحِكَ تَغْتَغَةً، إِذا أخْفَاهُ.
قلتُ: وقولُ الليثِ فِي التّغْتَغَةِ: أنَّهُ صَوْتُ الحُلِيِّ، خَطأ إِنَّمَا هُوَ حِكايَةُ صوتِ الضّحِكِ.

(بَاب الْغَيْن والظاء)
غ ظ
غظ: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو تُرابٍ: قَالَ أَبُو عمرٍ و: المُغَطْغَطَةُ والمُغَطْغَطَةُ بالطّاء والظّاء: القِدْرُ الشْدِيدَةُ الغَلَيانِ.

(بَاب الْغَيْن والذال)
(غ ذ)
غذ: قَالَ الليثُ: غَذَّ الجُرْحُ يَغِذُّ، إِذا وَرِمَ. قلتُ: أخْطَأَ الليثُ فِي تفسيرِ غَذَّ، أنَّه بِمَعْنى: وَرِمَ، والصّوابُ غَذّ الجُرْحُ يَغِذُّ، إِذا سَالَ مَا فيهِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ وقَدْ خَرَجَتْ غَذِيذَةُ الجُرْجِ وغَثِيثَتُهُ وَهِي مِدَّتُهُ.
وَقد أَغَذَّ الجُرْحُ وأغَثَّ، إِذا أَمَدّ. وعِرْقٌ غَاذٌّ: لَا يَرْقأُ وَقَالَ أَبُو زيد: تقولُ العَرَبُ: للَّتِي نَدْعوها نَحن:
الغَرَبَ: الغّاذُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: إِن كانَتْ بالْبعيرِ دَبَرَةٌ، فبرأَتْ، وَهِي تَنْدى، (قيل) : بِهِ غَاذٌّ. وَتَرَكْتُ جُرْحَهُ يَغِذُّ.

(8/13)


ورَوى ابنُ الفَرَجِ عَن بَعْضِ العَرَبِ: غَضَضْتُ منهُ وغَذَذْتُ، أَي: نَقَصْتُ.
وَقَالَ الليثُ وغيرُه: الإِغْذاذُ: الإسراعُ، فِي السَيرِ، وَأنْشد:
لمّا رأيتُ القَوْمَ فِي إغْذاذِ
وأَنَّهُ السَّيْرُ إِلَى بَغْداذِ قُمْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى مَعَاذِ تَسْليمَ مَلاَّذٍ عَلَى مَلاذِ طَرْمَذَةً منّي على الطِّرْمَاذِ وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: هِيَ الغَاذَّةُ والغَاذِيَةُ: لِرمَّاعَةِ الصَّبِيّ.

(بَاب الْغَيْن والثاء)
(غ ث)
ثغ غث: (مستعملان) .
غث: الليثُ: لحمٌ غثٌّ، غَثِيْتٌ، بَيِّنُ الغُثُوثَةِ، وقَدْ أَغَثَّ الرَّجُلُ اللحْمَ، أَيْ: اشْتَرَى غَثاً.
قالَ: والغَثِيثَةُ: المِدَّةُ، وَقد أَغَثَّ الجُرْحُ، إِذا أَمَدَّ، يُغِثُّ إغثاثاً.
وَقَالَ غيرهُ: أَغَثَّ فُلانٌ فِي حَدِيثِهِ، إذَا جَاء بكلامٍ غَثَ لَا مَعْنى لَهُ.
وَقَالَ اللَّحْيانيُّ: رَجُلٌ غَثٌّ، وَلَقَدْ غَثِثْتَ يَا هَذَا فِي خُلُقِكَ وَحَالِكَ، إِذا سَاءَ خلقُهُ وحالُه، غُثوثَةً وغَثَاثَةً، وإنكمْ لَقَومٌ غَثَثَةٌ.
وَيُقَال: مَا يَغِثُّ عَلَيه أَحَدٌ، أيْ: مَا يَدَعُ أحَداً إلاّ سَألَهُ.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأُمَويِّ: غَثَثَتِ الإبِلُ تَغْثِيثاً ومَلحَتْ تَمْلِيحاً، إِذا سَمِنَتْ قَليلاً قَليلاً.
قَالَ أَبُو سعيد: أَنا أتَغَثثُ، وَمَا أَنا فيهِ، حَتَّى اسْتَسْمِنَ، أَي: أستَقِلّ عَمَلي؛ لأخذَ بِهِ الكثيرَ من الثوابِ.
اللحيانيُّ: اغتَفتِ الخَيلُ وأغتَثتْ: إِذا أصابَتْ شَيْئا من الرّبيعِ، وَهِي الغُفةُ، والغُثةُ، جَاءَ بهما فِي بابِ: (الْفَاء والثاء) . وغيرُهُ: يُجيز: الغُبَّةَ، بِهَذَا الْمَعْنى.
ثغ: قَالَ الليثُ الثغْثَغَةُ: عضُّ الصّبيّ قَبْلَ أَن يَشْقَأَ ويَثغِرَ، وَقَالَ رؤبة:
وعضّ عضّ الأدردِ المُثَغْثَغِ

(بَاب الْغَيْن وَالرَّاء)
(غ ر)
غر رغ: (مستعمان) .
رغ: قَالَ اللَّيْث: الرّغيغَةُ: مَرْقَةٌ تُطْبَخُ للنُّفَسَاءِ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيّ: الرّغيغَةُ: لبَنٌ يُطْبَحُ، وَقَالَ أَوْس:
لقد عَلِمَتْ أسَدٌ أننَا
لهُمْ نُصُرٌ ولَنِعْمَ النُّصُرْ
فكيفَ وَجَدْتُم وَقَدْ ذُقْتُمُ
رَغِيغَتَكُم بينَ حُلْوٍ وَمُرُّ
وَقَالَ الأصمعيُّ: كنى بالرّغِيْغَةِ عَن الوقْعَةِ، أيْ ذُقْتُمْ طعْمَهَا، فكيفَ

(8/14)


وَجَدْتُمُوها؟ ؟
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ فِي (وِرْدِ الإبِلِ) ، قَالَ إِذا رَدُّوها على المَاء. فِي اليومِ مِراراً، فذلكَ الرّغْرغَةُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ، قالَ: المَغْمَغَةُ: أَن تَرِدَ الماءَ كلّمَا شاءتْ يَعْنِي: الإبلَ، والرغْرَغَةُ أَن يسقِيها سَقْيّاً ليسَ بتامٌّ، وَلَا كافٍ.
غر: قَالَ الليثُ: الغَرُّ: الكَسْرُ فِي الجِلْدِ من السِّمَنِ وأنشَدَ:
كأنَّ غَرَّمَتْنِهِ إِذْ نَجْنُبُهْ
سَيْرُ صَنَاعٍ فِي خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
قَالَ: والطائرُ يَغُرُّ فَرْخَهُ غَرّاً، إِذا زَقَّهُ.
قلتُ: وسمِعْتُ أَعْرَابِيًا يَقُولُ لآخَرَ: غُرَّ فِي سِقائِكَ؛ وذلكَ، إِذا وضَعَهُ فِي المَاء وملأهُ بِيَدِهِ، يَدْفَعُ الماءَ فِيهِ دَفْعاً بِكَفِّهِ، وَلَا يَسْتَفِيقُ حَتَّى يَمْلأَهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيّ: الغَرّ: النَّهْرُ الصَّغيرُ، وجمعُهُ: غُرُورٌ، والغُرُورُ: شَرَكُ الطّريقِ، كلُّ طُرْقَةٍ مِنْهَا: غَرٌّ، ومنْ هَذَا يُقالُ: إطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ، وخِنْثِهِ، أَي: على كَسْرِهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الغُرُورُ: مكاسِرُ الجِلْدِ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ فِي صِفَةِ جارِيةٍ:
سَقِيّةَ غَرَ فِي الحِجالِ دَمُوج
يَعْنِي: أَنَّهَا تُخْدَمُ وَلَا تَخْدُمُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن حَمَلَ بنَ مالكٍ، قَالَ لَهُ: إِنِّي كنتُ بينَ جَارَتَيْنِ لي، فَضَرَبَتْ إحداهُما الأخْرَى بِمِسْطَحِ، فألقَتْ جَنِيناً مَيْتاً، وماتَتْ، فَقَضى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بديةِ المقتولَةِ عَلَى عاقِلَةِ القاتِلَةِ، وجعَل فِي الْجَنِين غُرْةً، عبدا أَو أمَةّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الغُرَّةُ: عَبْدٌ أَو أَمَةٌ، وَأنْشد:
كلُّ قَتِيل فِي كُلَيْبٍ غُرَّهْ
حَتَّى ينالَ القتلُ آلَ مُرَّهْ
يقولُ: كلُّهم ليسَ بِكُفْءِ لكُلَيْبٍ، إِنَّمَا هُم بمنزِلَةِ العَبيدِ والإِماء، إِن قَتَلْتُهُمْ، حَتَّى أقتُلَ آلَ مُرَّةَ، فَإِنَّهُم الأكْفاءُ حينئذٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعيدٍ الضريرُ: الغُرَّةُ عندَ العَرَبِ أنْفَسُ شَيء يُمْلَكُ، وأفضَلُهُ فالفَرَسُ غُرَّةٌ مالِ الرجُلِ والعبدُ غُرَّةُ مالِهِ، والبعيرُ النجيبُ: غُرَّةُ مالِهِ، والأمَةُ الفارِهَةُ من غُرَر المالِ.
قلتُ: لم يَقْصِدْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَعْلِهِ: فِي الجَنِينِ: غُرَّةً، إِلَّا جِنْساً واحِداً من أجناسِ الْحَيَوانِ (بِعَيْنِهِ) ، بَيَّنَهُ، فقالَ: عبدا أَو أمة. وغُرَّةُ المالِ: أفضلُه، وغُرَّةُ القومِ: سَيِّدُهُمْ.
يُقالُ: فُلانٌ غُرَّةٌ من غُرُورِ قَوْمِه وَهَذَا غُرَّةٌ مِنْ غُرَرِ قوْمِهِ، وَهَذَا غُرَّةٌ من غُرَرِ المتَاعِ.
وغُرَّةٌ النّبْتِ: رَأسُهُ، وسَرْعُ الكَرْمِ بِسُوقِهِ: غُرّتُهُ.

(8/15)


ورُوي عَن أبي عمرٍ وبنِ الْعَلَاء: أَنه قالَ فِي تفسِيرِ: (غُرَّةِ الجَنِينِ) : إنّهُ لَا يكونُ إِلَّا الأبيضَ مِنَ الرقيقِ.
وتفسيرُ الفُقَهاءِ: أَن الغُرَّةَ من العبيدِ الَّذِي يكونُ ثَمَنُهُ عُشْرَ الدِّيةِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ غيرُ واحدٍ، وَلَا اثنَيْنٍ: يُقالُ: لثلاثِ ليالٍ من أوَّلِ الشّهْرِ: ثلاثُ غُرَرٍ، والواحدُ: غُرَّةٌ.
وأخبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن أبي الهيثَمِ، أنّه قالَ: سُمِّيْنَ غُرَراً، واحِدَتُها غُرَّةٌ، تَشبِيهاً بِغُرّةِ الفَرَسِ فِي جَبْهَتِهِ؛ لأنّ البياضَ فيهِ أقلُّ شَيْءٍ، وكذلكَ بياضُ الهلالِ فِي هَذِه اللَّيَالِي أقلُّ شَيْءٍ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الغُرَّةُ من البياضِ فِي وَجْهِ الفَرَس مَا فوقَ الدِّرْهَمِ، والقُرْحَةُ قَدْرُ الدِّرْهَمَ فَمَا دُونَهُ.
قلتُ: وَأما اللَّيَالِي الغُرُّ الَّتِي أمَرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَوْمِها، فَهِيَ ليلةُ ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ، ويُقال لَهَا: البِيْضُ. وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَوْمِها؛ لأنّهُ خَصَّها بالفَضْلِ.
وَقَالَ الليثُ: الغُرُّ: طَيْرٌ سُوْدٌ، بِيْضُ الرُّؤُوس، من طيرِ المَاء، والواحدُ: غَرّاءُ. ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى.
والأَغَرُّ: الأَبْيَضُ، قَالَ: والغِرُّ كالغِمْرِ، والمَصْدَرُ الغَرارَةُ وجاريةٌ غِرَّةٌ.
وَقَوْلهمْ: (المُؤْمِنُ غِرٌّ كَريمٌ) معناهُ: أَنَّه لَيْسَ بِذِي نَكْراءَ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدٍ: الغِرَّةُ: الجَاريةُ الحَدَثَةُ السِّنِّ، الَّتِي لم تُجَرِّبِ الأُمورَ، ويقالُ لَها أَيْضا: غِرٌّ بِغَيْر هَاءٍ، وَأنْشد:
إِن الفَتَاةَ صَغِيرَةٌ
غِرٌّ فَلَا يُسْرَى بِهَا
وَقَالَ الأصمعيُّ: جَارِيَة غَرِيْرَةٌ، إِذا لَمْ تُجَرِّبِ الأُمُورَ، وَلم تكنْ عَلِمَتْ مَا يَعْلَمُ النِّساءُ من الحُبِّ، وكذلكَ: غُلامٌ غِرٌّ، وجارِيةٌ غِرٌّ.
وَيُقالُ: كَانَ ذَلِك فِي غرارَتي وَحَداثَتي، يُريدُ: فِي غِرّتي.
أَبُو عُبيد عَن الكِسَائي: رجلٌ غِرٌّ، وَامْرَأَة غِرّةٌ: بَيِّنَةُ الغَرَارَةِ من قومٍ أغِرّاءَ.
قالَ: ويُقالُ: عَن الإنسانِ الغِرِّ: غَرِرْت يَا رَجُلُ، تَغِرُّ غَرارةً، وَمن الغَارِّ وَهُوَ الغَافِلُ: اغْتَرَرْتَ.
وقالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقالُ: غَرِرْتَ بَعْدِي تَغِرُّ غَرارةً، فأنتَ غِرٌّ، والجَارِيَةُ غِرٌّ، إِذا تَصَابَى.
وَفِي الحَدِيث: (المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيْمٌ، والكافِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ) .
فالغِرُّ: الَّذِي لَا يَفْطُنُ للشَّرِّ. ويَغْفُلُ عَنْهُ، والخَبُّ: ضِدُّ الغِرِّ، وهوَ الخَدّاعُ المُفْسِدُ.
قَالَ ابنُ الأعرابيِّ: مَا كنتُ خَبّاً، وَلَقَد

(8/16)


خَبِبتَ تَخَبُّ خَبّاً.
قَالَ ابنُ سِيرْنَ: (لستُ بِخَبَ، ولكنّ الخَبّ لَا يَخْدَعُني) .
وَيُقَال: اغتَرَرْتُه واستَغْرَرْتُهُ أيْ: أتيتُهُ على غِرّةٍ، أَي: على غَفْلَةٍ، وانْتَصَحْتُهُ، أيْ: خِلْتُهُ ناصِحاً، واغْتَشَشْتُهُ، أيْ: خِلْتُهُ غَاشّاً، وَقَالَ:
أَلا رُبّ مَنْ مِنْ نَفْسِهِ لَكَ نَاصِحٌ
ومُنْتَصِحٌ بالغَيْبِ وَهُوَ أمِيْنُ
وَغَرّرَ السِّقاءَ، إِذا مَلأهُ، وقالَ حَمَيد:
وَغَرّرَهُ حَتّى اسْتَدَارَ كأنَّهُ
عَلَى الفَرْوِ عُلْفُوفٌ من التُّركِ اقِدُ
يُرِيدُ بالفَرْوِ: مسكَ شاةٍ بُسِطَ تَحْتَ الوطْبِ.
وَقَالَ أَبُو بكرٍ بنُ الْأَنْبَارِي، فِي قَوْلهم: غَرّ فلانٌ فلَانا: وَقَالَ بعضُهُمْ: معناهُ: قد عَرّضَهُ للهَلَكَةِ والبَوارِ، من قولِهِمْ: ناقَةٌ مُغَارٌّ، إِذا ذَهَب لَبَنُها بالجَدْبِ، أَو لِعِلَّةٍ. .
ويقالُ: غَرّ فلانٌ فلَانا: معناهُ: نَقَصَهُ، من الغِرارِ، وَهُوَ النُّقْصانُ.
ويقالُ: مَعْنى قولهمْ: غَرَّ فُلانٌ فُلاناً: فَعَلَ بِهِ مَا يُشْبِهُ القَتْلَ والذَّبْحَ بِغِرارِ الشّفْرَةِ.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصْمعي: من أمثالهم فِي تَعْجِيلِ الشّيْء، قَبْلَ أَوَانِهِ قَوْلُهُمْ: (سَبَقَ دِرَّتهِ غِرارُهُ) . ومثلُه: (سَبَقَ سَيْلُه مَطَرَهُ) .
ابْن السّكّيت: غَارَّتِ النَّاقةُ غِراراً، إِذا دَرَّتْ، ثمَّ نَفَرَتْ فَرَجَعَتِ الدِّرَّةَ. وَفِي مَثَلٍ: (الغِرَّةُ تَجْلِبُ الدِّرّةَ) .
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زَيْدٍ فِي: كِتابِ الأمثالِ قَالَ: من أمثالهم فِي الخِبْرَةِ والعِلم: (أَنا غَرِيرُكَ مِنْ هَذَا الأمرِ) ، أَي: اغْتَرَّنِي فأسأَلْني عنهُ، على غِرّةٍ، أَي: إِنِّي أَنا عالمٌ بِهِ فَمَتَى سألْتَنِي عنهُ من غَيْرِ اسْتِعْدادٍ لذلِكَ، وَلَا رَوِيَّةٍ فِيهِ، قالَ: وقالَ الأصْمَعيُّ فِي هَذَا الْمثل مَعْنَاهُ: أنَّكَ لَسْتَ بِمَغْرُورٍ منِّي، لكنِّي أَنا المَغْرُورُ؛ وذلكَ أنَّهُ بَلَغَني خبرٌ كانَ بَاطِلا، فأخبرتُكَ بهِ، وَلم يكنْ عَلَى مَا قُلْتُ لكَ، وَإِنَّمَا أدَّيْتُ إليكَ كَمَا سَمِعْتُ.
أَبُو عُبيد: الغَريرُ: المغْرُورُ، والغَرَارَةُ من الغِرَّةِ، والغِرَّةُ من بَايَعَ رَجُلاً من غيرِ اتْفاقٍ من المَلإ، لم يُؤَمَّرْ واحِدٌ منْهُما تَغْرِيراً بِدَمِ المُؤمَّرِ مِنْهُما، لِئَلاَّ يُقْتَلا، أَو أحَدُهما.
ونَصَبَ تَغِرَّة لأنّه مَفْعُولٌ لَهُ، وَإِن شِئْتَ: مفعولٌ مِنْ أجْلِهِ. وقولُه: أنْ يُقْتَلا، أَي: حِذَارَ أنْ يُقْتَلا.
وَمَا عَلِمْتُ أحَداً فَسَّرَ من حديثٍ عُمَرَ هَذَا مَا فَسَّرْتُهُ فَتَفَهّمْهُ، فَإِنَّهُ صَعْبٌ.
ورُوىَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قالَ: (لَا غِرَارَ فِي صَلاةٍ، وَلَا تَسْلِيمٍ) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: الغرارُ: النُّقْصَانُ، يُقال

(8/17)


ُ للنَّاقَةِ، إِذا نَقَصَ لَبَنُها: هِيَ مُغَارُّ، قالَهُ الكِسائيُّ، وَفِي لَبَنِهَا غِرارٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي، غارَّتِ النّاقَةُ غِراراً، إِذا قَلَّ لَبَنُها، وَمِنْه: غِرارُ النَّوْمِ: قِلّتُهُ.
قُلْتُ: غِرارُ النّاقَةِ: أَن تُمْرِي، فَتَدُرّ، فإِن لم يُبادَرَ دَرُّها بالحَلَبِ، رَفَعَتْ دِرّتَها، ثمّ لم تَدُرّ، بَعْدَ ذلكَ، حَتَّى تُفِيقَ.
ورَوى الأوزاعيُّ عَن الزُّهريّ أنّه قالَ: (كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِغِرارِ النَّومِ بَأْسا) ، يَعْنِي: أَنَّه لَا يَنْقُضُ الوَضُوءَ.
وَقَالَ الفَرَزْدَقُ يَرْثي الحَجّاجَ:
أَنَّ الرّزِيّةُ مِنْ ثَقِيفٍ هالِكٌّ
تَرَكَ الْعُيُونَ فَنَوْمُهُنَّ غِرَارُ
أيْ قَليلٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: فمعْنَى الحديثِ: (لَا غِرارَ فِي صَلاَةٍ وَلَا تَسْلِيم) .
أَي: لَا ينقُصُ من ركُوعِهَا وسُجُودِهَا، كقَولِ سَلْمانَ: (الصلاةُ مِكْيالٌ، فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ، وَمن طفَّفَ، فَقَدْ عَلِمْتُم مَا قالَ الله فِي (المُطَفِّفينَ) .
قَالَ: وَأما الغِرارُ فِي التَّسليمِ، فَنُراهُ أَن يَقُولَ لَهُ: (السَّلامُ عَلَيكمْ) ، فيردّ عَلَيهِ الآخَرُ: (وَعَلَيكمْ) ، وَلَا يَقُولَ: (وَعَلَيكمُ السّلامُ) .
قالَ: وقالَ الأصمعيُّ: الغِرَارُ أَيْضاً: غِرارُ الحَمَامِ فَرْخَهَا، إِذا زَقّتْهُ. وَقد غَرَّتْهُ تَغُرُّهُ غَرّاً وغِراراً.
قَالَ: والغِرارُ: الطرِيقَةُ، يُقالُ: وَلَدَتِ المرأةُ ثَلَاثَة على غِرارٍ واحِدٍ، أَي: بعضَهم خَلْفَ بعضٍ. ويُقالُ: بنى القَومُ بُيُوتَهُم على غِرارٍ واحِدٍ.
قَالَ: والغِرَارُ: حَدُّ السّيْفِ وغَيرِهِ: والغِرارُ: المِثَالُ الّذي يُضْرَبُ النَّصالُ: لِتَصْلُحَ.
وَقَالَ الهُذَليُّ، يَصِفُ نَصْلاً:
سَدِيْدُ العَيْرِ لم يَدْحَضْ عَلَيه الْ
غِرارُ فَقْدِحُهُ زَعِلٌ دَرُوجُ
ثعلبٌ عَن أبي نَصْرٍ عَنِ الأصمَعيِّ: يُقَالُ لحدِّ السِّكِّينِ: الغِرَارُ والظُّبَةُ والقُرْنَةُ، وَلِجانِبِها الَّذي لَا يَقْطَعُ: الكلُّ، ويُقَالُ: لَقِيْتُهُ غِرَاراً، أيْ: عَلَى عَجَلَةٍ، وأَصلُهُ: القِلةُ فِي الرُّؤْيَةِ للعَجَلةِ. وَمَا أقَمْتُ عِنْدَهُ إِلَّا غِراراً، أَي: قَلِيلاً.
والغِرَارَةُ: الجُوالِقُ، وجمعُها: غَرائِرُ، وَقَالَ الرَّاجزُ:
... كَأَنَّهُ غِرَارَةٌ مَلأَى حَق
وقالَ أَبُو زَيدٍ: يُقَالُ: غَارّتِ السُّوقُ غِراراً، إِذا كَسَدَتْ، ودَرّتِ السَّوقُ: إِذا نَفَقَتْ، ويقالُ: لَبِثَ اليَومُ على غِرارِ شَهْرٍ، أَي: عَلَى مِثَالِ شَهْرٍ، وطُولِ شَهْرٍ.
ويقالُ: لَبِثَ اليومُ غِرارَ شَهْرٍ أَيْضا، ويقالُ:
غرّ فلانٌ مِنَ العِلْم مَا لمْ يُغَرّ غَيْرُهُ، أَي

(8/18)


ْ زُقّ وعُلِّمَ.
وغَرّرْتُ الأَسَاقِيَ، إِذا مَلأتها.
وغارَّ القُمْريُّ أَنْثَاهُ، إِذا زَقَّها غِراراً.
وقالَ الله: جلّ وعزّ: {اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ} (لُقْمَان: 33) . يَقُولُ: لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيا، وَإِن كانَ لَكُم حَظٌّ فِيهَا، ينقص من دينكُمْ، فَلَا تُؤْثِروا ذلكَ الحَظَّ، {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} (لُقْمَان: 33) .
وَالغَرُورُ: الشيطانُ، وقُرىء بضَمِّ الغَيْنِ وَهَيَ الأباطيلُ، كَأَنَّهُ جَمْعُ: غَرَ، مَصْدرٍ: غَرَرْتُه غَرّاً، وَهُوَ أحسنُ من أنَ يُجْعَل مَصْدَرَ: غَرَرْتُ غُروراً، لأنّ المُتَعَدِّي مِنَ الأَفْعَالِ لاَ تَكَادُ تَقَعُ مَصَادِرُها عَلى: (فُعُول) إِلَّا شَاذاً، وَقد قالَ الفَرّاءُ: غُرَرْتُهُ غُروراً. قالَ: وقولُه: {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} ، يريدُ بِهِ: زِينَةَ الأشياءِ فِي الدّنيا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابنِ فَهْمِ عَن ابنِ سَلاّمِ عَن عمروٍ بن قائِدٍ، فِي قَوْله تَعَالَى: {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} . قَالَ الغَرورُ: الشيطانُ، وَأما الغُرورُ فَمَا اغْتُرّ بِه من مَتَاعِ الدُّنْيا.
وَقَالَ الأصمعيّ: الغَرورُ: الّذي يَغُرُّكَ. وَقَالَ غيرُهُ: الغَرورُ من الدّواء: مَا يُتَغَرْغَرُ بِهِ.
وعيشٌ غَرِيْرٌ، إِذا كانَ لَا يُفزِّعُ أَهْلَهُ.
ويُقَالُ: إيّاكَ وبَيْعَ الغَرَرِ، وَبَيْعُ الغَرَرِ: أَن يكونَ على غَيْرِ عُهْدَةٍ وَلَا ثِقَةٍ، قالَهُ الأصْمَعيُّ.
قلتُ ويدخُلُ فِي بيعِ الغَرَرِ: البُيُوعُ المَجْهُولَةُ، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِكُنْهِهَا المُتَبايِعَانِ، حَتَّى تكونَ مَعْلُومَةً.
وَيَوْمٌ أَغَرُّ. . أَيْ: شديدُ الحَرِّ. ومنهُ قولُ الشَّاعِر:
أغرُّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضَاحِي تُرابِهِ
إذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزّانُهُ وَضَيَاهِبُهْ
ويُقالُ: غَرّتْ ثِنِيَّتا الغُلامِ فِي أوّلِ طُلُوعِهِمَا، لِظُهُورِ بَيَاضِهِما.
ورجلُ أغرُّ الوَجْهِ إِذا كانَ أبيضَ الوَجْهِ، من قومٍ غُرَ وغُرّانٍ، وَقَالَ أمرؤ الْقَيْس، يَمْدَحُ قَوْماً:
ثيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيةٌ
وأَوْجُهُهُمْ بيضُ المَسَافرِ غُرّانُ
وَقَالَ أَيْضا:
أولئِكَ قَوْمي بهَا لِيلُ غُرّ ...
وَفِي حبالِ الرّمْلِ المُعْتَرِضِ فِي طَريقِ مَكَّة حَبْلانِ، يُقَالُ لَهُما: الأَغَرّانِ. وقَالَ الراجِز:
وَقد قَطَعْنَ الرّمْلَ غَيْرَ حَبْلَيْن
حَبْلَي زَرُودٍ وَنَقَا الأَغَرَّيْن
والغَرُّ: مَوضِعٌ: بِعَيْنِهِ، (فِي البادِيَةِ) وَقَالَ:
فالغَرُّ تَرْعَاهُ فَجَنْبَيْ جِفِرَهْ

(8/19)


وَقَالَ مُبْتَكِرٌ الأعرابيُّ: يُقَال: بِمَ غُرِّرَ فَرَسُكَ؟ فَيَقُولُ صاحبُه: بشادِخَةٍ، أَو بِوَتِيرَةٍ، أَو بِيَعْسُوبٍ.
والغَرُّ: حدٌّ السّيْفِ، وَمِنْه قولُ هِجرسٍ بنِ كُلَيب، حينَ رأى قَاتِلَ أبيهِ: (أَمَ وَسَيْفِي وَغَرّيهِ، أرادَ: وَحَدَّيْهِ.
والغِرغِرُ: دَجَاجُ الحَبشِ، تَكُونُ مُصِنَّةً؛ لاغْتِذائِها بالعَذِرَةِ:
وَذكر الزُّهْري قَوْماً، أبادَهُم الله: (فجَعَلَ عِنبَهُم الْأَرَاك ورُمّانعهُم المَظِّ، ودجاجَهُمُ الغِرْغِرَ
وَقَالَ الشاعِرُ:
ألفُّهمُ بالسّيفِ من كلِّ جَانِبٍ
كَمَا لَفتِ العِقْبانُ حِجْلَى وَغِرْغِرا
ويُقَالُ: غَرْغَر اللحمُ على النّارِ، ذَا صَلَيْتَهُ فَسَمِعْتَ لَهُ نَشِيشاً.
وَقَالَ الكُميتُ:
عَجِلْتُ إِلَى مُحْوَرِّها حِيْنَ غَرْغَرا
وَيُقَال: تَغَرْغَرَتْ عينُه بالدّمعِ، إِذا تَرَدَّدَ فِيها المَاء.
ابنُ نَجْدَةَ عنْ أبي زَيْدٍ: هِيَ الحَوْصَلَةُ والغُرْغُرَةُ والغُرَاوَى والزّاوَرَةُ. قَالَ: وجمعُ الغُرَاوي: غَرَاوَى. والغَرْغَرَةُ: حِكايَةُ صَوت الرَّاعي ونحوهِ.
والغَرْغَرَةُ: كَسْرُ قَصَبَةِ الأَنْفِ، وكَسْرُ رأسِ القَارُورةِ، وَأنْشد:
وخَضْرَاءَ فِي وَكْرَيْنِ غَرْغَرْتُ رَأْسَهَا
لأبْلِيَ إنْ فَارَقْتُ ي صَاحِبي عُذْرا
ويُقَالُ: غَرْغَر فلانٌ، وتَغَرْغَر بالدّواءِ: غَرْغَرةً، وَتَغَرْغُراً.
وقالَ أَبُو زيدٍ: سَمِعْتُ أَعْرابيّاً يَقُولُ: أَنا غَرِيرُكَ مِنْ تَقُولَ ذَاك، يقُولُ: مِنْ أَنْ تَقولَ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: اغْتَرَّني فَسَلْني عَن خَبَرِهِ، فإِني عالمٌ بِهِ، أَخْبِرُكَ بهِ على الحَقِّ والصِّدْقِ.
قَالَ: والغَرُورُ: الباطِلُ.
وَمَا اغتَرَرْتَ بِهِ من شَيء، فَهُوَ غُرورٌ.
أَبُو مالكٍ: غُرَّ علَيه الماءَ، وَقُرَّ عَلَيه المَاء:
أَي: صُبَّ عليهِ.
وغُرَّ فِي حَوْضِكَ، أيْ: صُبَّ فِيهِ.
ابنُ الأَعرابيّ: فَرَسٌ أَغرُّ، وبهِ غَرَرٌ، وَقد غَرّ يَغرُّ غَرَراً،
وجَمَلٌ أَغرُّ، وَفِيه غَرَرٌ وغُرُورٌ.

(بَاب الْغَيْن وَاللَّام)
(غ ل)
غل لغ: مستعملان.
غل: قَالَ الفَرَّاءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} (آل عمرَان: 161) وقُرِىء: (أنْ يُغَلَّ) ، مَنْ قَرأَ: (أنْ يُغَلَّ) يُرِيد: أَن يُخَانَ. قَالَ: وقرأه أصحابُ

(8/20)


عبدِ الله كَذَلِك: (أنْ يُغَلَّ) ، يُريدون: أنْ يُسَرَّقَ.
وَقال أَبُو العَبّاس: جَعَلَ: يُغَلُّ، بِمَعْنى: يُغَلَّلُ. وكلامُ العَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذلكَ فِي: (فَعَّلْتُ وأفْعَلْتُ) ، وأفْعَلْتُهُ: أدْخَلْتُ ذاكَ فيهِ، وفَعَّلْتُ: كَثَّرْتُ ذاكَ فِيهِ.
وَقَالَ الفَرّاءُ: جائزٌ أنْ يَكُونَ: يُغَلُّ، مِنْ: أَغْلَلْتَ بِمَعْنى: يُغَلَّلُ، أَي: يُخَوّنُ، كقولِه تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) و ( {لاَ يُكَذِّبُونَكَ} ) .
وَقَالَ الزِجّاجُ: قُرئا جَمِيعًا: (أَن يَغُلَّ، وَأَن يُغَلَّ) . فَمَنْ قَالَ:
{أَنْ يَغُلَّ} : فالمَعْنى: مَا كانَ بِنَبِيَ أَن يَخُونَ أمَّتَهُ. وتَفْسِيرُ ذلكَ؛ أنّ الغَنَائِمَ جَمَعَها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزَاةٍ، فجاءَهُ جماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: (ألاَ تَقْسِمُ بَيْنَنا غَنَائِمنَا؟ ؟) .
فقالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو أَفَاءَ الله عَلَيَّ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا مَنَعْتُكم دِرْهَماً، أَتَرَوْنَني أغُلُّكُمْ مَغْنَمكُمْ؟) .
قالَ: وَمَنْ قَرَأَ: (أنْ يُغَلَّ) فَهُوَ جائِزٌ عَلَى ضَرْبَينِ:
أحدُهُما: مَا كانَ لنبيَ أَن يَغُلَّهُ أصْحَابُه، أيْ: يَخُونُوهُ، وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قالَ: (لَا أَعْرِفَنَّ أحدَكم يجيءُ يومَ القِيامَةِ وَمَعهُ شَاةٌ، قَدْ غَلَّها، لَهَا ثُغَاءٌ، ثمَّ قَالَ: أَدُّوا الخَيْطَ وَالمَخْيَطَ) .
والوجهُ الثّانِي: أَنْ يَكُونَ: (يُغَلَّ) ، أيْ: يُخَوَّنَ.
وَأَخْبرنِي المُنذِريّ عَن الحُسين بنِ فَهْم عَن ابنِ سَلاّم، قالَ: كَانَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاَء، ويونُس يَخْتَارَانِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} . قَالَ يُونُسُ: وكيفَ لَا يُغَلُّ؟ بَلَى، ويُقْتَلُ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه أمْلى فِي كتابِ صُلْحِ الحُدَيبيّةِ: (أنْ لَا إغْلالَ وَلَا إسْلالَ) .
وقالَ أبُو عُبَيدٍ:
قَالَ أَبُو عمرٍ و: الإغْلالُ: الخِيَانَةُ، والأسْلالُ: السَّرِقَةُ. قالَ: وكانَ أَبُو عبيدةَ يقُولُ: رَجُلٌ مُغِلٌّ مُسِلٌّ، أيْ: صاحبُ خِيَانَةٍ وَسَلَّةٍ، ومنهُ قَوْلُ شُريَح: (ليسَ على المُسْتَعِيرِ غيْرُ المُغِلِّ ضَمَانٌ) ، يَعْني: الخَائِنَ.
وقالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ:
جَزَى الله عَنّا حَمْزَةَ أَبْنَةَ نَوْفَلٍ
جَزَاءَ مُغِلَ بالأَمَانَةِ كَاذِبِ
قَالَ: وَأما قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ثلاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ) .
فإِنَّه رُوي: لَا يَغِلُّ، وَلَا يُغِلُّ.
فَمَنْ قَالَ: لَا يَغِلّ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرِ الغَيْنِ فَإنَّه يَجْعَلُ ذلِكَ مِنَ الغِلِّ، وَهُوَ الضِّغْنُ والشَّحْنَاءُ.

(8/21)


ومَنْ قَالَ. يُغِلُّ بِضَم الْيَاء جَعَله من الخِيانَةِ.
وَقيل فِي قولهِ: (ثلاثٌ لَا يُغِلُّ عليهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٍ) ، أيْ: لَا يكونُ مَعَهما فِي قلبِهِ غِشٌّ وَلَا دَغَلٌ من نِفاقٍ، ولكنْ يَكُونُ مَعَها الاخلاصُ فِي ذاتِ الله (جلّ وعزّ) .
قَالَ: وَأما غَلَّ يَغُلُّ غُلُولاً، فإنَّهُ الخِيَانَةُ فِي المَغْنَمِ خَاصَّةً.
والإغْلالُ: الخيانَةُ فِي المغانِمِ، وغيرِها، ويُقَالُ منَ الغِلِّ، غَلَّ يَغِلُّ، وَمن الغُلُولِ: غَلَّ يَغُلُّ.
وَقَالَ الزَجّاج: غَلَّ الرّجُلُ يَغِلُّ: إذَا خَانَ؛ لأنّه أخَذَ شَيْئا فِي خَفَاء. وكلُّ مَا كانَ من هذَا البابِ، فَهُوَ راجِعٌ إِلَى هَذَا، من ذلِك: الغَالُ، وَهُوَ الوادِي المُطْمَئِنُّ الكثيرُ الشَّجَرِ، وجمعُه: غُلاّنٌ.
ومِنْ ذلِكَ: الغِلُّ، وَهُوَ الحِقْدُ الكَامِنُ، ويقالُ: قد أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ، فَهْيَ مُغِلَّةٌ، إِذا أَتَتْ بِشَيءٍ، وَأَصلهَا باقٍ ومنْهُ قَوْلُ زُهَيرٍ:
فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لَا تُغِلُّ لأهْلِهَا
قُرًى بالعِراقِ من قَفِيزٍ ودِرْهَمٍ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ (فِي النوادِرِ) غَلَّ بَصَرُ فُلانٍ: حادَ عنِ الصَّوابِ وأَغَلَّ الرجلُ، إِذا خَانَ.
قُلْتُ: قولُه: غَلَّ بَصَرُ فُلانٍ، أيْ: حَادَ عَن الصَّوابِ، مِنْ غَلَّ يَغِلُّ، وَهُوَ معنى قولِهِ: (ثلاثُ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤمنٍ) ، أيْ: لَا يَحِيدُ عَن الصَّوابِ غاشّاً. وَأَغلَّ الخَطِيبُ، إِذا لم يُصِبْ فِي كلامِهِ.
وَقَالَ أَبُو وجزَةَ:
خُطَبَاءُ لَا خُرُقٌ وَلاَ غُلَلٌ إذَا
خُطَبَاءُ غيرُهُمُ أَغَلَّ شِرارُهَا
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أغْلَلْتُ الإِبِلَ، إِذا أصْدَرْتَها، وَلم تُرْوِها، فَهِيَ عَالَّةٌ بالعَينِ.
وَقَالَ نُصيرُ الرّازي: إِذا صَدَرَتِ الإِبِلُ عِطاشاً، قُلْتَ: صَدَرَت غَلَّة وَغوالَّ، وَقد أَغْلَلْتَها أْتَ، إِذا أسَأتَ سَقْيها. قالتُ والصّوابُ: أغْلَلْتُ: الأبلَ، إِذا أصْدَرتَها، وَلم تُرْوِها فَهِيَ: غَالَّةٌ بالغيْنِ من الغُلَّةِ، وَهِي حَرارَةُ العَطَشِ.
وَفِي (نوادِرِ أبي زَيْدٍ) : أغْلَلْتُ فِي الإِهابِ، إِذا سَلَخْتَهُ وتَركْتَ على الجِلْدِ اللّحْمَ، قالَ: وَأغللتَ أبِلَكَ إغْلالً، إِذا أَسَأَتَ سَقيَها، فأَصْدَرْتَها وَلم تُرْوِهَا، وصَدَرَتْ غوالَّ؛ الواحدةُ: غَالَّةٌ، وكَأَنَّ الرّاوِيّ عَن أبي عُبيدٍ غَلِطَ فِيهِ. وَقولُ الله جلّ وعزّ: {لاَ يُؤمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَعْناقِهِمْ أَغْلَالاً فَهِىَ إِلَى} (يس: 8) هِيَ الجَوَامِعُ تَجْمَعُ أيْدِيهُم إِلَى أَعْنَاقِهِمْ، وَأما قولُهُ جلّ وعزّ فِي صفةِ نبيِّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (الْأَعْرَاف: 157) . قَالَ أهلُ التَفْسِيرِ: كانَ عليهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ، لَا يُقْبَلُ فِي ذلكَ دِيَةٌ، وَكَانَ عَلَيْهمْ،

(8/22)


إِذا أصابَ جلودَهُم شَيْءٌ من البَوْلِ أَن يُقْرِصُوا. وَكان عَلَيْهِم أَن لَا يَعْمَلُوا فِي السّبْتِ، فَهَذِهِ الأغلالُ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهمْ، وَهذا تَمْثِيل، كَقَوْلِك: (جَعَلْتُ هَذَا طَوْقاً فِي عُنُقِكَ) .
وليسَ هُنَاكَ طَوْقٌ، وتأَويلُه: إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا وألْزَمْتُكَ القِيَامَ بهِ، فَجَعَلْتُ لُزومَهُ لَكَ كالطَّوْقِ فِي عُنُقِك.
قَالَ: والغِلالَةُ: الثوبُ الَّذِي يُلْبَس تَحْتَ الثِّيَابِ، أَو تَحْتَ الدِّرْعِ. درعِ الحَدِيد.
قَالَ: وَمِنْه الغَلَلُ، وَهُوَ الماءُ الَّذِي يَجْري فِي أصولِ الشَّجَرِ.
قَال: ويُقَالُ: أَغْلَلْتُ الجِلْدَ، إِذا سَلَخْتَهُ، فأَبقَيْتَ فِيهِ شَيْئاً من الشَّحْمِ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الْأَعرَابِي، قَالَ: العُظْمَةُ والغِلالَةُ والرُّفَاعَةُ والأُضْخُومَةُ: الثَّوْب الذِّمِّيّ تَشُدُّهُ المرأةُ على عَجِيزتِهَا.
قَالَ: والغُلَّةُ: خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى رَأسِ الإبريقِ، وجَمْعُها: غُلَلٌ والغُلَّةُ: مَا تَوَارَيْتَ فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقالُ: نِعْمَ غُلُولُ الشَّيْخِ هَذَا، يَعْني: الطَعامَ الَّذي يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ.
قالَ: وغَلَّ فِي الشَّيْءِ يَغُلُّ، وانغَلّ، وتَغَلْغَلَ، فيهِ: إِذا دَخَلَ فِيهِ.
قالَ: ويقالُ: تَغَلَّيْتُ، مِنَ الغَالِيَةِ.
قَالَ أَبُو نصرٍ: سألتُ الأصمعيَّ: هَلْ يكونُ: تَغَلَّتْ؟ ؟ فقالَ: إِن أَرَدْتَ أنَّكَ أدْخَلْتَهُ فِي لِحْيَتِكَ وَشَارِبِكَ، فجائِزٌ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: تَغَلَّلتُ بالغالِيَةِ، وكلّ شَيْءٍ ألْصَقْتَهُ بِجِلْدِكَ، وأُصولِ شَعْرِكَ، فَقَدْ تَغَلَّلْتَهُ.
قَالَ: وتَغَلّيْتُ: مُوَلّدَةٌ.
والغُلّةُ والغَلِيلُ: حَرَارةُ العَطَشِ، ورَجُلٌ مَغْلُولٌ من الغُلّةِ.
وَقَالَ ابْن السّكِّيتِ: يُقالُ: غَلّ الرجلُ من الغُلِّ وَهُوَ الجامِعَةُ، يُغَلُّ بِها، فَهُوَ مَغْلُولٌ.
وغُلّ أَيْضا من غُلّةِ العَطَشِ، فَهُوَ مَغْلُولٌ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عبيد نَحوا من ذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقالُ: فلانٌ يُغِلُّ عَلَى عِيالِهِ، إِذا أتَاهُمْ بِغُلةٍ.
وَقَالَ الليثُ: يقالُ: غُلّ البَعِيرُ يُغَلُّ غَلةً، إِذا لم يَقْضِ رِيّهُ، قالَ: وَالغَلِيلُ: حَرُّ الْجَوْفِ لَوْحاً أَو امْتِعاضاً.
قَالَ: ورجلٌ مُغِلٌّ: يُنْصِتُ عَلَى غِلٌّ وحِقْدٍ.
وَذكر عُمَرُ النِّسَاء، فَقَالَ: (مِنْهُنَّ غُلٌّ قَمِلٌ) . وَذَلِكَ أَن الأسيرَ يُغَلُّ بالقِدِّ، فَإِذا قَبَّ، أَي: يَبِسَ، قَمِلَ فِي عُنُقِه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بِهِ غل من الْعَطش، وَفِي رقبته غل من حَدِيد وَفِي صَدره غل.
وَقَالَ ابنُ الفَرَجِ: قَالَ السُّلميُّ: غُسّ لَه

(8/23)


ُ الخِنْجَرَ والسِّنانَ، وغُلهُ لَهُ، أَي: دُسَّهُ لَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُر بِهِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَلْغَلَةُ: سرْعَةُ السَّيْرِ، يُقَالُ: تَغَلْغَلُوا، فَمَضَوا ورسالةٌ مُغَلْغَلَةٌ: محمولَةٌ من بلدٍ إِلَى بلدٍ. قالَ: ويُقالُ، من الغَالِيةِ: غَلّلْتُ، وغَلّفْتُ، وغَلَيْتُ، قَالَ: والغَلْغَلَةُ، كالْغَرْغَرَةِ، فِي مَعْنَى: الكَسْرِ.
وأنشدَ ابنُ السِّكّيتِ فِي صفةِ فَرَسٍ:
يُنْجِيهِ من مثلِ حَمامِ الأغْلاَلْ.
وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ
قالَ: أرادَ: يُنْجِي هَذَا الفرسَ من خَيْلٍ، مثل حَمَام. يَرِدُ غَللاً من الماءِ، وَهُوَ ماءٌ يجْرِي فِي أُصولِ الشَّجَرِ، جَمَعَهُ عَلَى أغْلالٍ.
أَبُو عبيد: غَلَلْتُ الشَّيْءَ: أدْخَلْتُهُ، قالَ ذُو الرُّمة:
غَلَلْتُ المَهاري بَيْنَها كلّ ليلَةٍ
وبينَ الدُّجى حَتَّى تَرَاها تَمَزَّقُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يُقالُ: لَا يَذْهَبُ كلامُكَ غَلَلاً. أَي لَا يَنْبَغِي أَن يَنْطَوِي عَن النّاسِ، بل يَجِبُ أَن يَظْهَر.
قَالَ: وَالغَلَلُ: اللَّحْم الَّذِي تُرِكَ على الإِهابِ حينَ سُلِخَ.
قالَ: ويُقال لِعِرْقِ الشَّجَرِ، إِذا أمْعَنَ فِي الأرضِ: غَلْغَلَ، وَجَمعُهُ: غَلاغِلُ، وقالَ كعبٌ:
وَتَفْتَرُّ عَنْ غُر الثّنايا كَأَنها
أقاحٍ تَرَوّى مِنْ عُرُوقٍ غَلاغِلِ
قَالَ: وغلائِلُ الدَّروعِ: مساميرُهَا المُدْخَلَة فِيهَا، الواحِدُ: غَلِيل، وقالَ لبيد:
وَأحْكَمَ أضْغانَ القَتِيرِ الغَلائِلِ
وَيُقالُ: نِعْمَ الغَلولُ شَرَابٌ شَرِبْتُهُ أوْ طَعامٌ، إِذا وافَقَني، ويُقالُ للإبِلِ، إِذا صَدَرَتْ عَن غَيْرِ رِيَ: قَدْ أغْلَلْتُها، ويُقالُ: اغْتَلَلْتُ الشَّرَابَ: شَرِبْتُهُ، وَأَنا مُغْتَلٌ إلَيْهِ، أيْ: مُشْتاقٌ إلَيْهِ، وَاغْتَلَلْتُ الثّوْبَ، أَي: لَبِسْتُهُ تَحْتَ الثَّيابِ.
لغ: أهْمَلَهُ الليثُ.
وَروَى أَبُو العَبّاسِ عَن عمرٍ وَعَن أبيهِ، قالَ: لَغْلَغَ ثَريْدَهُ وسَغْسَغهُ، وَرَوَّغَهُ، إِذا رَواهُ مِنَ الأُدْمِ، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: ويُقالُ: فِي كلامِهِ لَغْلَغةٌ ولَخْلَخَةٌ، أَي: عُجْمَةٌ. وَاللّغْلَغُ: طائرٌ مَعْرُوفٌ.

(بَاب الْغَيْن وَالنُّون)
(غ ن)
غن نغ: مستعملان.
غن: قَالَ الليثُ: الغُنَّةُ: صَوْتٌ فِيهِ تَرْخِيْمٌ، نحوَ الخَياشِيمِ، تكونُ من نَفْسِ الأَنْفِ.
قالَ: وقالَ الخَليل: النُّونُ أشَدُّ الحُروفِ غُنَّةً. وأَخْبَرَني المُنْذري عَن المُبَرِّدِ، أنَّهُ قَالَ: الغُنَّةُ: أَن يَشْرَبَ الحَرْفُ صَوْتَ

(8/24)


الخَيْشُومِ، والخُنّةُ: أشَدُّ مِنْهَا.
قالَ: وَالتَّرْخِيمُ: حَذْفُ الكَلاَمِ.
وَقَالَ الليثُ: قَرْيَةٌ غَنّاءُ: الأَهْلِ والبُنْيانِ.
وَقَالَ غيرُهُ: وادٍ مُغِنٌّ، إذَا كَثُرَ ذُبَابُه: لالتِفَافِ عُشْبِهِ، حَتَّى تَسْمَعَ لِطَيَرَانِهَا غُنَّةٍ. وَقَدْ أَغَنَّ إغْنَاناً.
شِمْر: أَرضٌ غَنّاءُ، قَدِ الْتَجَّ عُشْبُهَا وَاعْتَمَّ وَعُشْبٌ أَغَنُّ. وَيُقَالُ للقَرْيَةِ الكَثِيرَةِ الأَهْلِ: غَنَّاءُ، وَأَغَنَّ الله غُصْنَهُ، أيْ: جَعَل غُصْنَهُ نَاضِراً أَغَنَّ.
قالَ: وَإِنَّمَا قِيلَ: وادٍ مُغِنٌّ، إِذا أَعْشَبَ فكَثُرَ ذِبانُه؛ حَتَّى تَسْمَعَ لأَصْواتِها غُنَّةً، وَهِي شَبِيهَةٌ بالبُجَّةِ؛ وَلذَلِك قيل قَرْيَةٌ غَنّاءُ.
أَبُو زيدٍ: الأَغَنُّ: الّذي يَجْرِي كَلاَمُهُ فِي لَهَاتِهِ، والأخَنُّ: السّادُّ الخَياشِيمِ.
نغ: قَالَ الليثُ: النُّغْنُغَةُ: موضعٌ بينَ اللَّهَاةِ وَشَوارِبِ الحُنْجُورِ، فإِذا عَرَضَ فِيهِ داءٌ قيل: تَنَغْنَغَ فُلانُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّغَانِغُ: لحَماتٌ، تكونُ عِنْدَ اللَّهَواتِ، واحِدُها: نُغْنُغٌ، وهيَ: اللّغَانِينُ، واحدُها لُغْنونٌ.

(بَاب الْغَيْن وَالْفَاء)
(غ ف)
غف: مستعملة.
قَالَ الليثُ: الغُفَّةُ بُلغَةٌ مِنَ العَيْشِ، وَأنْشد:
وَغُفّةٌ من قِوَامِ العَيْشِ تَكْفِينِي
قَالَ: والفَأرُ غُفَّةُ السِّنَّوْرِ.
ثَعْلَب عَن عمروٍ عَن أَبِيه، قَالَ الغُبَّةُ وَالغُفّةُ الْقَلِيل مِنَ العَيْشِ: أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: الغُبَّةُ من العَيْشِ: البُلْغَةُ وَهِي الغُثَّةُ، وَأنشد شَمِر:
وكنّا إِذا مَا اغْتَفَّتِ الخَيْلُ غُفَّةً
تَجَرَّدَ طَلاّبُ التِّرَاتِ مُطَلَّبُ
قَالَ شمر: والغُفَّةُ كالخُلْسَة أَيْضا وَهُوَ مَا تَنَاوَلَهُ البعيرُ بِفِيه عَلَى عَجَلَةٍ منهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: من أسماءِ الفَأرِ: الغُفَّةُ، والفِرْنِبُ والرُّبْيَةُ.

(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء)
(غ ب)
غب بغ: مستعملان.
غب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الغُبَبُ: أَطْعِمَةُ النُّفَسَاءِ.
ابنُ السّكّيتِ: الغَبِيْبَةُ مِنْ ألْبانِ الْغنم: صَبُوحُ الْغنم بُكْرَةً، حتّى يَحْلُبُوا عَلَيهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثمَّ يَمْخُضُوهُ من الْغَدِ.
وقالَ أَبُو عُبَيْدِ، قَالَ أَبُو زيادٍ الكلابيُّ: يُقَال للرائِبِ من اللَّبَنِ: الْغَبِيْبَةُ.
قَالَ: وَيُقَالُ: غَبَّ فلانٌ عِنْدَنا، إذَا باتَ، وَمِنْه سُمِّي اللّحْمُ الْبائِتُ غابّاً، وأَغَبَّنَا فُلانٌ: إِذا أتانَا غِبّاً، ومنهُ قولُه:

(8/25)


. مَا تُغِبُّ نَوافِلُهْ
قَالَ: وقالَ أَبُو زَيدٍ: الْغُبَّةُ: الْبُلْغَةُ من الّعيشِ.
الليثُ: غَبَّتِ الأُمورُ، إِذا صارَتْ إِلَى أواخِرِها، وأنْشَدَ:
غِبَّ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمَ السُّرَى
قالَ: والغِبُّ: وِرْدُ يومٍ، وَظِمْءُ يَوْمٍ. ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّهُ قالَ لأبي هُرَيْرَةَ: (زُرْ غِباً تَزْدَدْ حُبّاً) .
وَيُقالُ: مَا يَغِبُّهُمْ بِرِّي، ويُقَالُ: إِن لهَذَا العِطْرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً، أَي: عاقِبَةً.
وتَقُولُ: غَبَّ اللَّحْمُ يَغِبُّ غبُوباً، فَهُوَ غابٌّ، إِذا تَغَيْرَ، وَكَذَلِكَ الثِّمارُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الغِبُّ، إِذا شَرِبَتِ الإبِلُ يَوْماً وَغَبَّتْ يَوْماً يُقالُ: شَرِبَتْ غِبّاً، وكذاكَ الغِبُّ مِنَ الحُمَّى.
ويُقالُ: بَنُو فُلانٍ مُغِبُّونَ، إِذا كانَتْ إبلهِمْ تَرِدُ الغِبَّ، وَيُقَال بَعيرٌ غابٌّ، وإبِلٌ غَوَابُّ، إِذا كانَتْ تَرِدُ الغِبَّ.
ويقالُ: أغبَّ عَطَاؤُهُ، إِذا لم يَأْتِنَا كلّ يَوْمٍ وأغبّتِ الإبِلُ إِذا لم تَأْتِنَا كلَّ يَوْمٍ بَلَبَنٍ.
وأغَبّتِ الحُمّى، وَغَبَّتِ الإبِلُ، بِغَيرِ ألِفٍ، إِذا شَرِبَتْ غِبّاً. ولحمٌ غابٌ، وَقَدْ أَغَبّ اللَّحْمُ، وَغَبّ، إِذا أنْتَنَ، وغَبّتِ الحُمّى من الغِبِّ بِغَيْرِ ألِفٍ.
ويقالُ للإبلِ بعْدَ العِشْرِ: هِيَ تَرْعَى عِشْراً وغِبّاً، وعشْراً ورِبْعاً، كلُّ ذَلِك إِلَى العِشْرين.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الكِسَائيِّ: أغْبَبْتُ القَوْمَ، وغَبَبْتُ عَنْهُمْ، مِنَ الغِبِّ: جِئْتهُمْ يَوْماً وَتَركّتُهُمْ يَوْمًا، فَإِذا أردتَ الدّفْعَ قُلتَ: غَبّبْتُ عَنْهُ بالتَّشْدِيدِ.
شَمِرَ عَن ابْنِ نَجْدَة: (رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبَّ) ، وَلَا يكون: يُغِبُّ. مَعْنَاهُ: دَعْهُ يَمْكُثُ يَوْمًا، أَو يَوْمَيْنِ، قالَ نَهْشَلُ بْنُ حُرِّي:
فَلَمَّا رَأى أَنْ غَبّ أمْرِي وَأَمْرُهُ
وَوَلّتْ بِأَعْجَازِ الأمُورِ صُدُورُ
ويقالُ: مياهٌ أغْبابٌ، إِذا كانَتْ بعيدَةً. وَقَالَ:
يَقُولُ: لَا تُسْرِفُوا فِي أمْرِ ريِّكُمُ
إنّ المِياهَ بِجَهْدِ الرّكْبِ أغْبَابُ
هَؤلاءِ قومٌ سَفْرٌ، وَمَعَهُمْ من الماءِ مَا يَعْجِزُ عَن رِيِّهِمْ، فَهُمْ يَتَواصَوْنَ بِتَركِ السّرفِ فِي المَاء.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الغَبَبُ: الجِلْدُ الَّذِي تَحْتَ الحَنَكِ.
والغَبْغَبُ: المَنْحَرُ بِمِنَى.
وَقَالَ الليثُ: الغَبَبُ للبَقَرِ والشَّاءِ: مَا تَدَلَّى عِنْدَ النَّصِيلِ، والغَبْغَبُ: للدِّيكِ والثَّوْرِ.
قَالَ: والغَبْغَبُ: نُصُبٌ كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهِ، وَقَالَ جرير:

(8/26)


والتَّغْلِبِيَّةُ حِينَ غَبَّ غَبِيبُها
تَهْوِي مَشافِرُهَا بِشَرِّ مَشافِرِ
أرادَ بِقَوْلِهِ: (حِينَ غَبَّ غَبِيبُها) مَا أنْتَنَ من لحومِ مَيْتَتِها وَخَنازِيرِها. ويُسَمّى اللحمُ البائتُ: غاباً وغَبِيباً.
وَأَخْبرنِي المُنذري عَن ثَعْلب عَن سلمةَ عَن الفَرَّاء: قالَ: يقالُ: غَبَبٌ وَغَبْغَبٌ.
قَالَ أَبُو طالبٍ، فِي قولِهِمْ: (رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ) أوَّلُ من قالَهُ. الحَكَمُ بنُ عبدِ يَغُوثَ، وكانَ أرمى أهلِ زَمانِهِ، فآلى: لَيَذْبَحَنّ عَلَى الغَبْغبِ مَهاةً، فَحَمَلَ قَوْسَهُ، وَكِنانَتَهُ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيئاً، فقالَ: لأذبَحَنَّ نَفْسي، فَقَالَ لَهُ آخَرُ: إذْبَحْ مكانَها عَشْراً من الإبلِ، وَلَا تَقْتُلْ نَفْسَك، فقالَ: (لَا أظْلِمُ عاتِرَةً، وأتْرُكُ النافِرَةَ) . ثمَّ خَرَجَ ابنُهُ، ومَعَهُ قوسُهُ، فَرَمَى بقَرَةً فَأَصابَها، فقالَ لَهُ أبُوهُ: (رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ) .
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: غَبْغَبَ، إِذا خَانَ فِي شِرَائِهِ، وبَيْعِهِ، قَالَ: وغَبّ الرّجُلُ، إِذا جَاءَ زَائِرًا يَوْمًا بعدَ أيَّام، ومنهُ قَوْلُهُ: (زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً) .
وَأما الغِبُّ مِنْ وِرْدِ المالِ، فَهُوَ أنْ يَشْرَبَ يَوْماً، ويَوْماً لَا.
بغ: أَبُو عَمْرٍ و: بَغَّ الدّمُ، إِذا هَاجَ:
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: بِئْرٌ بُغْبُغٌ، وَبُغَيْبِغٌ: قَريبُ الرِّشَاءِ، وَأنْشد:
يَا ربّ ماءٍ لَكَ بالأَجْبَالِ
أجْبَالِ سَلْمَى الشُّمّخِ الطِّوَالِ
بُغَيْبغٌ يُنْزَعُ بالعِقالِ
طَامٍ عَلَيْهِ وَرَقُ الْهَدَالِ
قالَ: يُنْزَعُ بالعِقَالِ: لِقُرْبِ رِشَائِهِ.
وَقَالَ الليثُ: البَغْبَغَةُ: حِكايَةُ ضَرْبٍ مِنَ الهدِير، وَأَنْشَدَ:
بِرَجْسِ بَغْبَاغِ الهَدِيرِ البَهْبَهِ
وَبُغَيْبَغَةُ: ماءٌ لآلِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهْيَ عَيْنٌ غَزِيرَةُ المَاء، كثيرةُ النَّخِيلِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُغَيْبِغُ أَيْضا: تَيْس الظِّباءِ السَّمينُ.

(بَاب الْغَيْن وَالْمِيم)
(غ م)
غم مغ: مستعملان.
غم: قَالَ الليثُ: تَقُولُ: يَوْمٌ غَمٌّ، وَلَيْلَةٌ غُمَّةٌ، وَأمْرٌ غَامٌّ، وَرَجُلٌ مَغْمُومٌ، ومُغْتَمٌّ: ذُو غَمَ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} (يُونُس: 71) . قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَي: مُبْهَماً، من قولِهمُ: غُمّ عَلَيْنا الهِلاَلُ، فَهُوَ مَغْمُومٌ: إِذا الْتَبَسَ.
قالَ: والغُمَّةُ: الغَمُّ أَيْضا والأَصْلُ وَاحِدٌ.
قَالَ طَرْفَةُ:

(8/27)


لعَمْري وَمَا أَمْري عَلَيَّ بِغُمَّةٍ
نَهاري، وَمَا لَيْلي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: إنَّه لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ، إذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ.
وَقال رُؤبَةُ:
وغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
وَقَالَ الآخر:
لَا تَحْسَبَنْ أَنَّ يَدِيْ فِي غُمَّهْ
فِي قَعْرِ نِحْي أستَثِيرُ حُمَّهْ
وَرُوي عَنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قالَ: (صُوْمُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكمِلُوا العِدَّةَ) .
قَالَ شِمر: يُقالُ: غُمَّ عَلَيْنَا الهِلالُ غَمّاً، فهوَ مَغْموم، إذَا حَالَ دونَ الهِلالِ غَيْمٌ رَقيقٌ. وَصُمْنَا للغَمَّى والغُمَّى وَلِلغُمِّيَّةِ، إِذا صَامُوا على غَيْرِ رُؤْيةِ، وقالَ أَبُو دُؤادٍ الإياديُّ:
وَلَهَا قُرْحَةٌ تَلَلأْلَأُ كَالشِّ
عْرى أَضَابتْ وَغُمَّ عَنْها النُّجُومُ
يقولُ: غَطّى السَّحَابُ غَيْرَها منَ النُّجُومِ.
وَقَالَ جرير:
إِذا نَجْمٌ تَعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ
ولَيْسَتْ بالمُحَاقِ وَلَا الغُمُومِ
قَالَ: والغُمُومُ من النُّجومِ: صِغارُها الخَفِيَّةُ.
قلتُ: ورُوي هَذَا الحَدِيثُ: (فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكم) ، وَرَوَاهُ بعضهُم: (فَإِن أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ) ، وَأَنا مُفَسِّرُهُما فِي (مُعْتَلِّ الغَيْنِ) ، إنْ شَاء الله.
أَبو عَبَيْد عَن أبي زَيْدٍ: ليْلَةٌ غَمَّى مِثَال: كَسْلَى. إِذا كانَ على السَّماء: غَمْيٌ مثلُ: رَمْيٍ وغُمٌّ، وَهُوَ أنْ يُغَمَّ عَلَيْهِمُ الهِلاَلُ.
شَمِر: والغِمَّةُ بِكَسْرِ الغَيْنِ اللِّبْسَةُ، تَقُولُ: اللِّباسُ، والزّيُّ، والقِشْرَةُ، والهَيْئَةُ، والغِمَّةُ: بِمَعْنى واحدٍ.
أَبُو عُبيد: الغِمَامَةُ: ثَوبٌ يُشَدُّ بِهِ أَنْفُ النّاقَةِ، إِذا ظُئِرَتْ عَلَى حُوَارِ غَيْرِهَا، وجمعُها: غَمَائِمُ، وقالَ القُطامي:
إذَا رَأْسٌ رأيتُ بِهِ طِمَاحاً
شَدَدْتُ لَهُ الغَمائِمَ وَالصِّقَاعَا
وَأما السَّحابةُ، فَهِيَ: الغَمَامَةُ بفَتْحِ الغَيْنِ وتُجْمَعُ غماماً.
وحبُّ الغَمامِ: البَرَدُ.
وَقَالَ الليثُ: الغِمَامَةُ: شِبْهُ فِدَامٍ أَو كِعَامٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: غَمَمْتُ الحِمَارَ والدّابَّةَ غَمّاً، فَهْوَ مَغْمُومٌ، إِذا ألْقَمْتُ فَاهُ مِخْلاةً، أَو مَا أشْبَهَهَا، تَمْنَعُهُ مِنَ الاعتِلافِ، واسمُ مَا يُغَمُّ بِهِ: غِمَامَةٌ، وجمعُها: غَمائِمُ.
ابنُ السِّكّيت: الغَمُّ الكَرْبُ، وَالغَمُ: أنْ يَسِيلَ الشَّعَرُ، حتّى نَصِيقَ الجَبْهَةُ وَالقَفَا، يُقالُ: رجلٌ أَغمُّ الوجهِ، وأغمُّ القَفَا، وَقَالَ هُدْبَةُ بنُ خَشْرَمٍ.

(8/28)


فَلَا تَنْكِحِي أَن فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا
أَغمَّ القَفَا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزِعا
وَقَالَ غيرُهُ: سَحَلبٌ أَغمُّ: لَا فُرْجَةَ فيهِ.
الليثُ: الغَمَّاءُ: الشديدةُ من شدائِدِ الدّهْرِ. ويقالُ: إنّهم لَفِي غُمَّىْ من أمرِهم، إِذا كَانُوا فِي أمرٍ مُلْتَبِسٍ، وأنْشَدَ:
وأضْرَبَ فِي الغَمَّى إِذا كَثُر الوَغَى
وَأهْضَمَ أنْ أضْحَى المَراضِيعُ جُوَّعا
أَبُو عبيد: التَّغَمْغُمُ: الكَلامُ الّذي لَا يُبَيِّنُ.
وَقَالَ الليثُ: الغَمْغَمَةَ: أصواتُ الثّيرانِ عندَ الذُّعْرِ، والأبطالِ عِنْدَ الْقِتَالِ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّرِيمِ غَماغمٌ
إِذا دَعَسُوها بالنَّصِيِّ المُعَلَّبِ
قَالَ: وتَغَمْغَمَ الغَريقُ تَحْتَ الْمَاءِ، إِذا تَدَاكَأَتِ فَوْقه الأمْواجُ، وَأنْشد:
مَنْ خَرَّ فِي قَمْقَامِنَا تَقَمْقَمَا
كَمَا هَوَى فِرْعَوْنُ إِذا تَغَمْغَمَا
تَحْتَ ظِلالِ الْمَوجِ إذْ تَدَأَمَا
أيْ: صارَ فِي دَأَمَاءِ الْبَحْرِ.
وَالْغَميمُ: الْغَمِيسُ، وَهُوَ الأَخْضَرُ من الكَلإ تَحْتَ الْيابِسِ.
وَفِي (النَّوادِرِ) : أعتَمَّ الْكَلأُ، وَأعْتَمَّ، وَأرضٌ معِمَّةٌ وَمُغِمَّةٌ.
ومُغْلُوْلِيَةٌ، وأرضٌ عَمْياءُ وكَمْهاءُ، كل هَذَا فِي كَثْرَةِ النّباتِ والتِفافِهِ.
مغ: أَبُو عَمْرو: إِذا روّى الثّريدَ دَسَماً، قيلَ مَغْمَغَهُ وَرَوَّغَهُ.
وَقَالَ غيرهُ: تَمَغْمَغَ المالُ، إِذا جَرَى فيهِ السِّمَنُ.
وَقَالَ الليثُ: الْمَغْمَغةُ: الاختِلاطُ، وقالَ رؤبة:
مَا مِنْكَ خَلْطُ الخُلُقِ المُمَغْمِغِ

(8/29)


كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْغَيْن (أَبْوَاب) الْغَيْن وَالْقَاف
غ ق ك: أهملت وجوهه
غ ق ج: أهملت وجوهه.
غ ق ش: مهمل.
غ ق ض: مُهْملَة.
غ ق ص: مهمل.

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ السِّين)
غ ق س
اسْتعْمل من وجوهه:
غسق: قَالَ الفَرَّاءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: { (الْمِهَادُ هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} (ص: 57) .
قَالَ: رُفِعَتِ: الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِ (هَذَا) ، مُقَدَّماً ومُؤخَّراً، وَالْمعْنَى: هَذَا حميمٌ، وَغَسَّاقُ، فَلْيَذوقُوهُ.
قَال الغَسَّاقُ: تشدّد سينُهُ، وَتُخَفَّفُ. ثَقَّلَها يَحيَ بنُ وَثَّابٍ، وعامةُ أَصْحَاب عبدِ الله، وَخَفَّفَها الناسُ بَعْدُ، وذَكَروا: أَن الغَسَّاقَ باردٌ يُحْرِقُ كإحْراقِ الحَمِيمِ.
ويقَالُ إنَّه مَا يغْسِقُ وَيَسِيلُ من صَدِيدهمْ وجُلُودِهِم.
وَقَالَ الزّجَاج نَحوا مِنْهُ.
واختارَ أَبُو حاتمٍ: غَسَاق بتَخْفِيفِ السّينِ.
قرأَ حفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائيُّ: (وَغَسّاقٌ) مشدّدةً ومثلَه فِي: {} (النبإ: 1) . وَقَرَأ الْبَاقُونَ من القُرّاءِ (غَسّاق) بِتَخْفِيفٍ فِي السُّورَتين.
ورُوى عَن ابنِ عبّاس وَابْن مَسْعودِ: أَنَّهُمَا قَرَأ: (غَسّاق) بالتَّشْدِيدِ وفسَّراه:

(8/30)


الزَّمْهَرِيرَ:
وَقَالَ أهلُ العَرَبِيَّةِ، فِي تفسيرِ: (الغَسّاق) : هُوَ الشَّديد البَرْدِ يُحْرِقُ من بَرْدِهِ.
وَفِي الحديثِ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَو أنَّ دَلْواً من غَسَاقٍ، يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيا، لأنْتَنَ أهْلَهَا) .
قلتُ: وَهَذَا يدلُّ على أنَّ الغَسَاقَ: هُوَ المُنْتِن.
وَقَالَ الليثُ: وغَسَّاقاً، أيْ: مُنْتِنَا.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: (وَمن شَرِّ غاسِقٍ، إِذا وَقَبَ) .
فإِنَّ الفراءَ قَالَ: الغَاسِقُ. الليلُ، إِذا وَقَبَ: إِذا دَخل فِي كلِّ شيءٍ، وَأظلَمَ.
وَقَالَ الليثُ: الغاسِقُ: الليلُ، إِذا غابَ الشَّفَقُ أقبلَ الغَسَقُ، قَالَ: وغسَقَتْ عينهُ تغسِقُ.
وروى أَبُو سَلمَة عَن عَائِشَة أَن صَحَّ أَنَّهَا قَالَت: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما طلعَ القمرُ: هَذَا الغاسِقُ، إِذا وقَب، فتعوَّذْنَ بِاللَّه من شرِّه) .
وَرُوِيَ عَن أبي هُريرة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} (الفلق: 3) قَالَ: الثُرّيا: وقالَ الزَّجّاج فِي قولهِ: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} يَعْنِي بِهِ اللَّيْل، وقيلَ، لليلِ: غاسقٌ، وَالله أعلمُ، لأنّه أبردُ من النَّهارِ، والغاسقُ: الباردُ.
شِمْر عنِ العِتريفي، قالَ غَسقُ اللّيلِ: حينَ يُطَخْطِخُ بَين العِشاءَينِ.
وَقَالَ ابْن شُميل: غَسَقُ الليلِ: دخولُ أولِه.
وأتيتُه حِين غَسق الليلُ، أَي: حِين يختلِطُ، ويُعسكِرُ الليلُ. ويَسُدُّ المَنَاظِرَ، يَغْسِقُ غَسَقاً، وأنشَدَ شمر فِي الغاسِقِ بمَعنى: السائِلِ:
أبكى لِفَقِدِهِمُ بِعَيْنٍ ثَرَّةٍ
تَجْرِي مَسَارِبُهَا بِعَيْنٍ غاسِقٍ
أيْ: سائلٍ، وَليس من الظلمَة فِي شَيْء. قَالَ: وَقَال أَبُو زيد: غَسَقت العينُ تغسِقُ غَسقاً، وَهُو هَملانُ العينِ بالغَمَص وَالماءِ.
وَكان الربيعُ بن خُشَيم يقولُ فِي اليومِ المَغِيم لمؤذنِهِ: أغْسِقْ أَغْسِقْ، يَقُول: آخِر المغربَ حَتَّى يغسِقَ الليلُ، وَهُو إظْلاَمُهُ.
وَقَالَ الفراءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: {إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} (الْإِسْرَاء: 78) : وَهُوَ أولُ ظلمتِه.
قلت: غَسقُ الليْلِ عِنْدِي: غَيْبُوبةُ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ، حينَ تَحِلُّ صلاةُ العِشَاءِ الآخرةُ، يدلّ على ذَلِك سِيَاقُ الْآيَة. إِلَى آخرهَا، وَقد دَخَلَتِ الصلواتُ الخمسُ فِيمَا أَمر الله جلّ وعزّ بِهِ، فقالَ: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (الْإِسْرَاء: 78) ، وَهُوَ زوالُها، {إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} : العِشَاء

(8/31)


الآخِرَةِ، فهذهِ أربعُ صَلَواتٍ، ثمَّ قالَ: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} (الْإِسْرَاء: 78) تَتِمَّةَ خمسٍ.
وأَخبرني الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقالُ: غَسَقَتْ عينُه، إِذا انصبّتْ، قَالَ: والغَسَقانُ: الإنْصِبابُ، وغَسَقَتِ السّماءُ: أَرشَّتْ، وَمِنْه قَول عُمَرَ: (حِين غسَقَ الليلُ على الظِّرابِ) ، أَي: أنصبَّ الليلُ على الجِبالِ.
وَقَالَ الأَخفش: غسقُ الليلُ: ظلمتُه.
وَقَالَ القتيبي، فِي قَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} . الغاسقُ: القمرُ، سمي بِهِ، لأنهُ يكْسَفُ، فيَغْسِقُ، أَي: يَذْهَبُ ضوؤُهُ، وَيَسْوَدُّ، قَالَ: وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعائشةَ: تعوّذي بِاللَّه من شرّ هَذَا إِذا غَسَقَ) ، أَي: من شِرّه، إِذا كُسِفَ) .
قلت: هَذَا حديثٌ غيرُ صحيحٍ، والصوابُ فِي تَفْسِير قَوْله: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} : من شَرّ اللَّيْل إِذا دخلَ ظلامُه فِي كلّ شَيْء، وَهُوَ قَول الْفراء وَالزجاج؛ وَإِلَيْهِ ذهب أهل التَّفْسِير. قَالَ الفراءُ: الغَسَقُ: من قُماشِ الطّعامِ. قَالَ: وَيُقَال: فِي الطَّعَام: زَوَان وزُوَان وزُؤَان بالهمزِ وَفِيه غَسَقٌ، وغَفاً، مَقْصُور.
غ ق ز غ ق ط: أهملت وُجُوههمَا.

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ الدَّال)
غ ق د: اسْتعْمل من وُجُوههمَا: غدق.
غدق: قَالَ اللَّيْث: غدقت الْعين، فَهِيَ غَدِقَةٌ عَذْبة. وَمَاء غَدَق.
قَالَ: وَقوله تَعَالَى {الطَّرِيقَةِ لاََسْقَيْنَاهُم مَّآءً} (الْجِنّ: 16) أَي لَفَتَحْنا عَلَيْهِم أبوابَ المعيشةِ، لِنَفْتِنَهُم بالشُّكرِ والصّبرِ.
وَقَالَ الْفراء نَحوه، يَقُول: لَو استقاموا على طريقةِ الكفرِ لزِدنا فِي أَمْوَالهم فتْنَة عَلَيْهِم، وبليةً.
وَقَالَ غَيره: (وأنْ لَو استقَامُوا على طريقةِ الهُدى، لأسقيناهُمْ مَاء غَدَقا، أَي: كثيرا، وَدَلِيل هَذَا قولُ الله جلّ وعزّ: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَآءِ} (الْأَعْرَاف: 96) ، أَرَادَ بِالْمَاءِ الغَدَق: المالَ الكثيرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: مطر مُغْدَودِقُ: كثيرٌ، قَالَ: والغَيْدَقُ: والغيداقُ، والغيدقانُ: الناعم: وَأنْشد:
بعدَ التصابي والشبابِ الغيدَقِ
وَقَالَ آخر:
رب خليلٍ، لي غيداقٍ رِفَلّ
وَقَالَ آخر:
جَعْد العَناصِي غَيْدَقانا أَغْيَدا
أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال لولد الضَّب: حِسْلٌ، ثمَّ يصير غيْدَاقاً، ثمَّ مُطَبِّخاً.

(8/32)


أَبُو عَمْرو: غيثٌ غيداقٌ: كثير المَاء. وَشدُّ غيداقٌ: هُوَ الحُضْرُ الشديدُ، وعام غيداقٌ مُخْضِبٌ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا أنشأتِ السحابةُ من العينِ، فَتِلْكَ: عين (غُدَيقَةٌ) ، أَي. كثيرةُ المَاء.
وَقَالَ شمْر: أَرْضٌ غَدِقَةٌ، وَهِي النديّةُ المبتلّةُ الرّيَّا، الكثيرةُ المَاء، وعشبُها غَدِقٌ. وغَدَقُهُ: بَلَلُهُ وَرِيُّهُ.
غ ق ت غ ق ظ غ ق ذ غ ق ث: أهملت وجوهها

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ الرَّاء)
غ ق ر
اسْتعْمل من وجوهها: غرق.
غرق: قَالَ الليثُ: الغَرَقُ: الرسوبُ فِي المَاء، وَيُشَبَّهُ بِهِ الَّذِي رَكِبَهُ الدَّيْنُ، وَغَمَرَتْهُ الْبَلاَيا، يُقَالُ: رَجُلٌ غَرِقٌ وَغَرِيقٌ.
ويقالُ: أغرقتُ النبل، وغرقته، إِذا بلغت بِهِ غَايَة الْمَدّ فِي الْقوس.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال نزعَ فِي قوسِه، فأَغْرَقَ. قَالَ: والأغراقُ: الطرحُ، وَهُوَ أَن يباعدَ السهمَ من شدَّةِ النَّزْعِ، يقالُ: إِنَّهَا لطروحٌ.
شمر: الغَرِقُ: الَّذِي عَلَيْهِ الدَّينُ، وَالْمُغْرَقُ: الَّذِي أغْرَقَهُ قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ، وَهُوَ هاربٌ عجلانُ.
فِي الْحديث: (يَأْتِي على الناسِ زمانٌ، لَا ينجو مِنْهُ إِلَّا من دَعا دُعاء الغَرِقِ) .
قَالَ أَبُو عبدنان: الغَرِقُ: الَّذِي قد غلبَهُ الماءُ، وَلما يَغْرَقْ، فَإِذا غَرِقَ، فَهُوَ الغريقُ.
شمر، قَالَ أُسَيْدُ الغَنَوي: الإِغراقُ فِي النَّزْعِ: أَن يَنْزعَ حَتَّى يُشْرِبَ بالرِّصافِ، وَيَنْتَهِي إِلَى النَّصْل إِلَى كَبِدِ الْقَوْسِ فَرُبمَا قَطَعَ يَد الرَّامِي، قَالَ: وشُرْبُ الْقَوْسِ الرِّصافَ: أنْ يَأتيَ النزعُ عَلَى الرِّصافِ كُله إِلَى الحديدةِ. يُضْرَبُ مثلا للغلوِّ والأفراطِ وَقَالَ الله جلّ وعزّ {} (النازعات: 1) .
قَالَ الْفراء: ذُكِرَ أنَّها الملائكةُ، وَأَنَّ النَّزْعَ نزعُ الأنْفُسِ من صُدُورِ الكُفّارِ، وَهُوَ كَقَوْلِك: والنازِعَاتِ إغْراقاً، كَمَا يُغْرِقُ النازِعُ فِي القوسِ.
قلت: الغَرْقُ: اسمٌ أُقيم مُقَامَ المصدرِ الحقيقيّ من: أَغْرَقْتُ.
وَقَالَ الليثُ: والفرسُ إِذا خالطَ الخيلَ، ثمَّ سَبَقَها، يُقَال: اغْتَرَقَها، وَأنْشد للبيد:
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ فِي شِرَّتِهِ
صائبُ الْجِذْمَةِ فِي غيرِ فَشَلْ
قلت: لَا أَدْرِي، لِمَ جَعَلَ قولَه:
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ فِي شِرَّتِهِ
حُجَّةً لِقَوْلِهِ: (اغْتَرَقَ الخيلَ: إِذا سَبَقَها) .
وَمعنى الإغراقِ غير معنى: الاغتراقِ،

(8/33)


والاغتراقُ: مثل الاستغراقِ.
قَالَ أَبُو عبيدةَ: يُقَال للفرسِ: إِذا سبقَ الْخيلَ: قد اغتَرَقَ حَلْبَةَ الخيلِ المتقدمةِ، وَيُقَال: فلانةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ الناسِ، أَي: تَشْغَلُهُمْ بالنظرِ إِلَيْهَا عَن النَّظَرِ إِلَى غَيرهَا، لِحُسْنِها، وَمِنْه قولُ قيسِ بنِ الخطيم:
تَغتَرِقُ الطَّرْفَ وَهِي لاهِيَةٌ
كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ
والطّرفُ هَاهُنَا: النظرُ، لَا العينُ، يُقَال: طرَفَ يطرِفُ طَرْفاً، إِذا نَظَر.
أَرَادَ: أَنَّهَا تَسْتَمِيلُ نظرَ الناظرينَ إِلَيْهَا بِحُسْنِهَا، وَهِي غير محتفِلةٍ، وَلَا عامدةٍ لذلكَ، وَلكنهَا لاهية غافلة، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك حسْها.
وَيُقَال للبعيرِ، إِذا أجفَرَ جَنْباهُ، وضخُمَ بطنُهُ فاستوعبَ الحِزامَ، حَتَّى ضاقَ عَنْهَا: قد اغترقَ التصديرَ والبِطَانَ، واستَغْرَقَهُ.
وَأما قَول لبيد:
يغرقُ الثعلبِ فِي شِرَّتِهِ
فَفِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه يَعْنِي الفرسَ يسبقُ الثعلبَ بحُضْرِهِ، فيخلّفه؛ وَالثَّانِي: أَن الثعلبَ هَاهُنَا: ثعلبُ الرمْح، وَهُوَ مَا دَخَلَ من الرمحِ فِي السِّنانِ، فَأَرَادَ أَنه يطعُنُ بِهِ حَتَّى يُغِيِّبَهُ فِي المطْعُونِ، لِشِدَّةِ حُضْرِهِ.
وَالْغَرَقُ فِي الأَصْل: دخولُ المَاء فِي سَمْي الأنفِ، حَتَّى تمتلىءَ مَنَافِدُهُ، فيَهْلَكَ.
والشَّرَقُ فِي الْفَمِ: أَن يَغَصَّ بِهِ، لكثرتِهِ، يُقَال: غَرِقَ فلانٌ فِي الماءِ، وَشَرِقَ، إِذا غمرَهُ الماءُ، فَمَلَأ مَنافِدَهُ حَتَّى يموتَ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ، وَذلكَ إِذا لم تَرْفُقْ بالمولودِ، حَتَّى تَدْخُلَ السابياءُ أنْفَهُ، فَتَقْتُلَه. وَمِنْه قَوْله:
أَلا ليتَ قيسا غَرَّقَتْهُ الْقَوَابِلُ
وَالعَشْرَاءُ من النوقِ، إِذا شُدَّ عَلَيْهَا الرّحْلُ بالحِبالِ، رُبمَا غَرِقَ الجَنِينُ الَّذِي فِي بطنِها فِي مَاء السابياء، فتُسْقِطُهُ.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
إِذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْي بَكْرَةٍ
بِتَيْماءَ، لم تُصْبِحْ رُؤوماً سَلُوبُها
وَقَالَ النَّضر: الْغِرْقيءُ: الْبَياضُ الَّذِي يُؤكلُ.
قلتُ: واتفقَ النحويونَ عَلَى همز: الْغِرْقيء، وأنَّ هَمْزَتَهُ لَيست بأَصْلِيَّةَ.
أَبُو عبيد: الْغُرْقَةُ مثل الشَّرْبَةِ من اللَّبَنِ وَغيرِهِ، مِنَ الأَشْرِبَةِ، وجَمعها: غُرَقٌ. وَقال الشماخ يصف الْإِبِل:
تُضْحي وَقد ضَمِنَتْ ضرَّاتُها غرقاً
مِنْ نَاصِعِ اللونِ حُلْوٍ غير مَجْهودِ
ويقالُ: لجام مُغَرَّقٌ، إِذا عَمَّتْهُ الْحِليَةُ. وَقد غُرِّقَ. وأَغْرَوْرَقَتْ عَيْناهُ، إِذا امْتَلأَتا دُمُوعاً، وَلم تُفِيضاها.

(8/34)


(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَاللَّام)
(غ ق ل)
اسْتعْمل من وجوهه: غلق.
غلق: قَالَ الليثُ: (احتدَّ فلَان، فَغَلَقَ فِي حِدّتِهِ، أَي: نَشِبَ. قالَ: وَغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، إِذا لم يُفَكّ.
وَقَالَ شمر: يقالُ لكلّ شَيْء نَشِبَ فِي شَيْء، فلَزِمَهُ: قدْ غَلِقَ فِي الْباطِلِ، وَغَلِقَ فِي الْبَيْعِ، وَغَلِقَ بيعُهُ، وَاسْتَغْلَقَ.
وَاسْتَغْلَقَ عَلَى الرَّجُلِ كَلاَمَهُ، إِذا أُرْتِجَ عَليهِ، فَلم يَتَكَلَّم قَالَ: وَسَمِعْتُ ابنَ الأَعْرابيّ يقولُ، فِي حديثِ: (داحِسٍ وَالغَبْراءِ) : (أَنَّ قيسا أَتى حُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ، فَقَالَ لَهُ حُذَيفَةُ: مَا غَدا بِكَ؟ قَالَ: غَدَوْتُ لأُواضِعَكَ الرِّهانَ) أَراد بالمواضَعَةِ: إبْطَالَ الرِّهانِ، أَي: أضعُهُ وتَضَعُهُ فقَالَ حُذَيفَةُ: بل غَدَوْتَ: لِتُغْلِقَهُ، أَي: تُوجِبَهُ.
قالَ: وَقالَ ابنُ شُمَيل: اسْتَغْلَقَنِي فلانٌ فِي بَيْعِي، أَي: لم يَجْعَل لي خِياراً فِي رَدِّهِ.
قَالَ: وَاسْتَغْلَقَتْ عَلَيَّ بَيْعَتُهُ، وَأَغْلَقْتُ الرَّهنَ، أَي: أوْجَبْتُهُ، فَغَلِقَ للمرْتهِنِ، أَي: وَجَبَ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: غَلِقَ الرهنُ، إِذا استحقَّه المرتَهِنُ غَلَقاً.
وَرُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) أَي: لَا يسْتَحِقّهُ الْمُرْتَهِنُ، إِذا لم يَرُدَّ الرَّاهِنُ مَا رَهِنَهُ فيهِ. وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ أهلِ الْجَاهِلِيّة، فأَبْطَلَهُ عَلَيْهِ السلامُ بقولِهِ: (لَا يَغْلَقُ الرهنُ) . وَقَالَ زُهير يذكرُ امْرَأَة:
وَفَارَقَتْكَ بِرِهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ
يَوْمَ الْوَدَاعِ فأَمْسَى الرهنُ قَدْ غَلِقَا
يَعْنِي: أنَّهَا ارْتَهنَتْ قلبَهُ، فذهبَتْ بهِ، وَأنشد شمر:
هلْ مِنْ نَجَازٍ لموعودٍ بَخِلْتِ بِهِ
أَو للرّهينِ الَّذِي اسْتَغْلَقْتِ مِنْ فَادِي
قَالَ: واقرأني ابْن الأعْرابي، لأَوسِ بنِ حجر:
على العُمْرِ واصطادَتْ فؤاداً كأنّهُ
أَبُو غَلِقٍ فِي ليلَتَينِ مُؤجّلِ
وفسَره، فَقَالَ: أَبُو غلِقٍ، أَي: صاحبُ رهنٍ غلِقَ أَجلُهُ، ليلتانِ أَن لم يُفَكَّ، غَلِقَ، فذهَب.
عَمْرو عَن أبيهِ: الغَلَقُ: الضَّجَرُ، ومكانٌ غلِقٌ وضَجِرٌ، أَي: ضَيِّقٌ، والضجْرُ: الاسمُ، والضَّجَرُ: المصدَرُ. والغَلَقُ: الهَلاكُ.
وَمعنى: لَا يغلَقُ الرهنُ، أَي: لَا يَهلِكُ.
((ابْن الاعرابيّ: أغلَقَ زيدٌ عمرا على

(8/35)


شيءٍ يَفْعله: إِذا أكرهه عَلَيْهِ.
والمِغْلَفُ والمِغْلاف: السهْم السَّابِع من قداح المَيْسِر. والمَغَلِفُ الأَزلام، وكل سهم فِي الميسر مِغْلَق؛ قَالَ لبيد:
وجَزُور أيسارٍ دَعَوتُ، لحتفِها،
بمَغَلِقٍ متشابِهٍ أجرامُها
والمَغالقُ قِداح الميسر؛ قَالَ قَالَ الاسود يَعْفُر:
إِذا قحطت والزَّجِرين المغالِقَ
قَالَ اللَّيْث: المِغْلَقُ: السهْم السَّابِع فِي مُضَعَّفِ المَيْسِرِ، وسمّي مِغلَقاً لِأَنَّهُ يَسْتَغلِقُ مَا يبْقى من آخر المَيسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وَأنْشد بَيت لبيد:
وجزور أيسارٍ دعوتُ لحتفها
قَالَ أَبُو مَنْصُور: غلط اللَّيْث فِي تَفْسِير قَوْله بمَغالق، والمَغالقُ من نُعُوت قداح الميسر الَّتِي يكون لَهَا الْفَوْز، وَلَيْسَت المَغالِقُ 1) .
من أسمائِها، وَهي الَّتِي تغْلق الخطرَ فتوجِبُهُ للفائز القامرِ، كَمَا يَغْلَقُ الرهنُ لمستحقِّهِ، وَمِنْه قَول عمرِو بنِ قَميئة:
بأيديهِمُ مقرومةٌ ومغالِقٌ
يَعُودُ بِأَرْزَاقِ الْعِيَالِ مَنِيحُها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: بابٌ غُلُقٌ، أَي: مُغْلَقٌ. وَقال أَبو زَيدٍ: بابٌ فتُحٌ، أَي: واسعٌ ضَخْم.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: إهابٌ مغلوقٌ، إِذا جُعِلَتْ فِيهِ الْغَلْقَةُ، حِين يُعْطن، وَهِي شَجَرةٌ يُعْطِنُ بهَا أهلُ الطائفِ. قَالَ مزرّدٌ:
جَرِبْنَ فَمَا يُهْنَأْنَ إِلَّا بِغَلْقَةٍ
عَطِينٍ وأبوالِ النِّساءِ الْقَوَاعِدِ
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قالَ: (لاطلاق فِي إغلاقٍ) . ومَعنى الإغلاق: الإكراهُ، (لِأَن المُغلق مكرهٌ عَلَيْهِ فِي أمره ومضيَّق عَلَيْهِ فِي تصرفه) كأَنه يُغْلَقُ عَلَيْهِ البابُ، وَيُحْبَسُ ويُضَيِّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ. وإغلاق الْقاتلِ: اسلامُهُ إِلَى وليِّ الْمَقْتُول، فيحكمُ فِي دمهِ مَا شاءَ، يقالُ: أُغْلِقَ فلانُ بجريرتِهِ، وَقال الفرزدق:
أُسَارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمَائِهَا
وَالِاسْم مِنْهُ الغلاق ... وَقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
وَتَقُولُ الْعُداةُ: أَوَدَى عَدِيُّ
وَبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالْغَلاَقِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَغْلَقَ زيدٌ عَمْراً على شَيءٍ يَفْعَلُه، إِذا أكْرَهَهُ عَلَيْهِ ويقالُ: أُغْلِقَ فُلانٌ فغَلِقَ غَلَقاً، إِذا أُغْضِبَ فَغَضِبَ، وَاحتَدَّ.
وأَنشدَ شِمْر للفَرَزْدَق:

(8/36)


وَعَرَّدَ عَنْ بَنِيهِ الْكَسْبَ مِنْهُ
وَلَوْ كانُوا أُولى غَلَقٍ سِغَابَا
أُولى غَلَق، أَيْ: قَدْ غَلِقوا فِي الْفَقْر والجُوعِ. والْغِلقُ: الكثيرُ الغَضَبِ، قَالَ عمرٌ وبنُ شَأسٍ:
فَأغْلَق مِنْ دُونِ امْرِىءٍ إِنْ أَجَرْتُهُ
فَلاَ أَبْتَغِي عَوْراتِهِ غَلَقَ الْبَعْلِ
أَي أَغضَبُ غَضَباً شَدِيداً، ويُقالُ: الْغَلَقُ: الصَّيِّقُ الْخُلُقِ الْعَسْرُ الرِّضَا.
وَفِي (النَّوادِرِ) : شَيْخٌ غَلْقٌ وَجمَلٌ غَلْقٌ، وَهُوَ: الكبيرُ الأَعْجَفُ.

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالنُّون)
(غ ق ن)
اسْتعْمل من وجوهه: نغق.
نغق: قَالَ الليثُ: يقالُ: نَغَقَ الْغُرابُ. وَهُوَ يَنْغِقُ نَغِيقاً، إِذا صاحَ: غِيقْ غِيْقْ.
وَيُقالُ: نَغَقَ بِخَيْرٍ، وَنَعَب بِبيْنٍ، وَأَنْشَدَ:
وازْجُرُوا الطَّيْرَ فَإِن مَرَّ بِكُمْ
ناغِقٌ يَهْوي فَقُولُوا سَنَحَا
وقَال أَبُو عَمْرو: نَغقَتِ النَّاقَةُ نَغِيقاً؛ إِذا بَغَمَتْ.
قالَ حُميد:
وأظْمَى كَقَلْبِ السَّوْذَ قَانِيَّ نَازَعَتْ
بِكَفَيَّ فَنْلاءُ الذِّرَاعِ نَغُوقُ
أَي: بَغُومٌ، وأرادَ بالأَظْمَى: الزّمامَ الأَسْوَدَ، وإِبِلٌ ظُمْيٌ، أَي: سُودٌ:

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْفَاء)
(غ ق ف)
اسْتعْمل من وجوهه: غفق.
غفق: رُوي عَن إِيَاس بنِ سَلَمَةَ عَن أَبِيه، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. وَأَنا قاعِدٌ فِي السُّوقِ، وَهُوَ مارٌّ لحاجةٍ لَهُ، مَعَهُ الدِّرَّةُ، فَقَالَ: هَكَذَا يَا سَلَمةُ عَنِ الطريقِ، فَغَفَقني بهَا فَمَا أَصَابَ إِلَّا طَرفُها ثَوْبي. قالَ: فأمَطْتُ عَنِ الطّريقِ، فَسَكَتَ عَنّي حتّى إِذا كانَ العَامُ المُقْبِلُ، لَقِيَنِي فِي السُّوقِ، فقالَ: يَا سَلَمةُ، أردْتَ الحَجَّ، العَامَ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَخَذَ يَدِي، فَمَا فَارَقَ يَدَهُ يَدِي، حَتَّى أدْخَلَني بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ كَيْساً، فيهِ سِتُّمائةِ دِرْهَمٍ، فقالَ: يَا سَلَمةُ خُذْ هَذَا، واسْتَعِنْ بهَا عَلَى حَجِّكَ، واعلَمْ أَنَّها مِنَ الغَفْقَةِ الّتي غَفْقتُكَ عَاما أوّلَ. قُلْتُ: يَا أميرَ المُؤمِنينَ، وَالله مَا ذَكَرْتُها، حَتَّى ذَكَّرْتَنِيها، فقالَ عُمَرُ: وَأَنَا وَالله مَا نَسِيْتُها) .
قَوْله: (فَغَفَقَنِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: غَفقْتُهُ بالسَّوْط، أَغْفِقُهُ وَمَتْنتُهُ بالسّوطِ أَمْتِنُهُ وَهُوَ أشَدُّ مِنَ الغَفْقِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَفْقُ: الهجُومُ عَلَى الشَّيْء، والإِيابُ من الغَيْبَةِ فَجَاءَةً.

(8/37)


ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ قالَ: إِذا تَحَسَّى مَافِي إنَائِهِ، فِقَدْ تَمَزَّزَهُ، وَسَاعَة بعدَ ساعةٍ، فَقَدْ تَفَوَّقَهُ، وَإِذا أكْثَرَ الشُّرْبَ، فَقَدْ تَغَفَّقَ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: تَغَفَّقْتُ الشَّرَابَ (تَغَفُّقاً) ، إِذا شَرِبْتَه. وَقالَ: التَّغْفِيقُ النَّوْمُ، وأنتَ تَسْمَعُ حَدِيثَ القَوْمِ، ويُقالُ: غَفِّقُوا السَّلِيمَ تَغْفِيقاً، أيْ: عَالِجُوهُ وسَهِّمُوهُ. وَقال مُلَيحُ الهُذَليّ:
وَدَاوِيَّةٍ مَلْساءَ تُمْسِي سهَامُها
بِها مِثْلَ عُوّادِ السَّلِيمِ المُغَفَّقِ
وَجُمْلَةُ التَّغْفِيقِ: نومٌ فِي أَرَقٍ.
عمروٌ عَنْ أَبِيهِ: غَفَقَ وعَفَقَ، إِذا خَرَجّتْ مِنْهُ رِيْحٌ.
أَبُو عَمْرٍ و: الغَيْفَقَة: الإهْراقُ، وكذلِكَ الدَّغْرَقَةُ.
وَقالَ الفَرّاء: شَرِبَتِ الإِبِلُ غَفَقاً، وَهِي تَغْفِقُ، إِذا شَرِبَتْ مَرّةً بَعْدَ أُخْرى، وَهُوَ الشّربُ الواسِعُ.

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْبَاء)
(غ ق ب)
اسْتعْمل من وجوهه: غبق.
غبق: قَالَ الليثُ: الغَبْقُ: شُرْبُ الغَبُوقِ، والفِعْلُ: الاغْتِباقُ: عَشِيّاً.
قُلْتُ: يُقَالُ: هَذِه النّاقَةُ غَبُوقِي، وَغَبُوقَتِي، أَيْ: اغْتَبِقُ لَبَنَها وَجَمْعُها: الغَبائِقُ.
وَأنشدَني أَعرابيّ:
مَالي لَا أَسْقِي حُبَيِّبَاتِي
صَبَائِحِي غَبَائِقِي قَيْلاتِي
وَقَدْ غَبَقْتُهُ أَغْبِقُهَ غَبْقاً، فاعتَبَقَ اغتِباقاً.
بن دُرَيدٍ: الغَبْقَةُ: خَيْطٌ أَو عرَقَة، تُشَدُّ فِي الخَشَبةِ المُعْتَرِضَةِ عَلَى سَنَامِ الثّوْرِ، إِذا كَرَب أَو سَنَا، لتَثْبُتَ الخَشَبَةُ على سَنَامِهِ.
وَقال الأزهريُّ: لم أسْمَعِ: الغَبَقَةَ، بِهَذَا الْمَعْنى، لغيرِ ابنِ دُريدٍ) .

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْمِيم)
(غ ق م)
اسْتعْمل من وجوهه: غمق.
قَالَ اللّيْثُ: غَمِقَ النَّباتُ يَغْمَقُ غَمَقاً، إذَا وَجَدْتَ لِرِيحِهِ خَمّةً، وفَساداً، من كَثْرةِ الأَنْداءِ عَلَيْهِ.
قلتُ: غَمَقُ البَحْرِ، ومَدّهُ فِي الصَّفَرِيّةِ، وَبَلدٌ غَمِقٌ: كَثِيرُ المِيَاهِ، رَطْبُ الهَواء.
وكَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إِلَى أبي عُبَيدَةَ بنِ الجَرّاحِ: (أنَّ الأُرْدُنَّ أَرْضٌ غَمِقَةُ، وأَنَّ الجَابِيَةَ أرضٌ نَزِهَةٌ، فأظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَيْهَا) .
والنَّزِهَةُ: البَعِيدَةُ منَ الرِّيفِ، والغَمِقَةُ: القَرِيْبَةُ مِنَ المِيَاهِ والخُضِر والنُزُوزِ، وإذَا كانتْ كذلِكَ، قَارَبَتِ الأَوْبِئَةِ.

(8/38)


وقالَ أَبُو زَيد: غَمِقَ الزَّرْعُ غَمَقاً، إِذا أصابَهُ نَدى فَلم يَكَدْ يَجِفَّ. ابنُ شُميل: أرضٌ غَمِقَةٌ: لَا تجِفُّ بواحدةٍ. وَلا يَخْلُفها المَطَرُ، وعُشْبٌ غَمِقٌ: كَثِيْرُ المَاءِ، لَا يُقْلِعُ عَنْهُ المَطَرُ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الغَمَقُ: النَّدى.