تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْجِيم والذال)
ج ذ ث: مهمل
ج ذ ر
جذر، جرذ: مستعملان.
جذر: قَالَ اللَّيْث: الجَذْرُ: أَصْلُ اللِّسان، وأصل الذَّكَر، وأَصلُ كلِّ شيءْ، قَالَ: وأَصلُ الْحساب الَّذِي يُقال: عَشَرة فِي عشرَة أَو كَذا فِي كَذَا، نقُول: مَا جَذْرُه؟ أَي مَا مَبْلَغُ تمامِهِ فَتَقول: عَشَرة فِي عشرَة، مائَة. وَخَمْسَة فِي خَمْسَة، خَمْسَة وَعِشْرُونَ؛ فَجذْر مائَة عَشرة، وجَذْر خَمسةٍ وَعشْرين، خَمْسَة.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ بنِ الْيَمَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلتِ الأَمانَةُ فِي جَذْرِ قُلُوب الرّجال، ثمَّ نَزَلَ الْقُرْآن، فعلِموا من القُرآن، وَعَلمُوا من السّنة، ثمَّ حدَّثنا عَن رَفْع الْأَمَانَة فِي حَدِيث طَوِيل.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الْأَصْمَعِي، وَأَبُو عَمْرو الجَذْرُ: الأَصْل من كلِّ شَيْء.
وَقَالَ زُهَيْر يصف بقرة وحشية:
وسامِعَتَيْن تَعْرِفُ العِتْقَ فيهمَا
إِلَى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعوب مُحَدَّدِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الجِذْرُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: بالفَتح.
وَقَالَ ابْن جبلة: سَأَلت ابنَ الأعرابيّ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ جَذْرٌ وَلَا أَقولُ جِذْر بِالْكَسْرِ. قَالَ: والجَذْرُ: أصْلُ حِسَاب ونَسب، والجِذْرُ بِالْكَسْرِ: أصلُ شَجَرَة، وَنَحْو ذَلِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجَذَّرُ: القَصِيرُ من الرّجال.
أَبُو زيد: جَذَرْتُ الشّيء جَذْراً وَأَجْذَرْتُه إِذا اسْتَأْصلْتَه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَذَرْتُ الشيءَ

(11/9)


أجْذِرُه جَذْراً: إِذا قطعتَه.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال إِنَّه لَشديدُ جَذرِ اللّسان أَي أَصله، وشَديدُ جَذْر الذَّكَر: أَي أَصله.
قَالَ الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجلامِيدِ فُتِّحَتْ
أَحالِيلُها حَتَّى اسْمَأَدَّتْ جُذُورها
أَي أُصُولهَا.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الجَذْرُ: جَذْرُ الْكَلَام، وَهُوَ أَن يكونَ الرجلُ مُحْكماً لَا يَسْتعين بأَحد، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يُعاب. فَيُقَال: قاتلَه الله، كَيفَ يَجْذِرُ فِي المُجادلة؟
وقالَ أَسِيد: الجَذْرُ أَيْضا: الانْقطاع من الحَبْل والصَّاحب والرُّفقة وَمن كُلِّ شَيْء، وَأنْشد:
يَا طَيبَ حَالَ قَضَاهُ الله دونكم
واسْتحصَد الحبْلُ مِنْك اليومَ فانجذَرا
أَي انْقَطع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجِذْرُ بِكَسْر الْجِيم: الأَصل.
جرذ: أَبُو عُبيدة: الْجَرَذُ: كلُّ مَا حَدَثَ فِي عُرقوبِ الْفرس من تَزَيُّد أَو انْتفاخِ عَصَبِ، وَيكون فِي عُرضِ الكَعْب من ظاهِرٍ أَو بَاطِن، وقرأت فِي (كتاب الْخَيل) لِابْنِ شُمَيل، قَالَ: أمَّا الْجرَذُ بالذَّال فَوَرَمٌ يأخُذُ الفَرس فِي عُرض حافِره، وَفِي ثَفِنَتِهِ من رِجله حَتَّى يَعْقِرَه وَرَمٌ غَليظ يَتَعَقَّر، وَالْبَعِير يَأْخُذُه أَيْضا.
قَالَ: والجَرْدُ بِالدَّال بِلَا تعجيم: ورَمٌ فِي مُؤخَّر عُرقوب الفَرس، يَعظُم حَتَّى يمنعُه المشيَ والسَّعْي.
قلت: وَلم أسْمع الجَرَدَ بالدَّال فِي عُيوب الْخَيل لغير ابْن شُمَيْل، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُون، وَقد ذكرَ الجَرَدَ والجَرَذَ فِي عُيوب الْخَيل بمعنيين مُختلفين.
وَأما أَبُو عُبَيْدة فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الجردَ بِالدَّال، وَكَذَلِكَ الْأَصْمَعِي وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَرَذُ، بِالذَّالِ: داءٌ يأْخُذُ فِي قَوائم البِرْذَوْن. دَابَّةٌ جَرِذ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الجرَذ داءٌ يأْخذ فِي مَفْصِل العُرقوب، فيكوي مِنْهُ تمشيطاً فَيبْرأُ عُرقوبه آخِراً ضَخْماً غليظاً، فَيكون رديئاً فِي حمله ومشيه.
قَالَ: والجُرَذُ: اسمُ الذكرَ من الفار، وَجمعه جِرْذَان.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: جَرَّذَه الدَّهْر، ودَلَّكَه، وديَّثَه، ونَجَّذَه، وحَنَّكَه بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ المُجَرَّذُ والمُجَرَّسُ. روى ذَلِك أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: نَجَّذَه الدهرُ، وقلّحَهُ، وجرَّذَه إِذا أحكمه. قَالَ: وأجْرَذْت فلَانا من مَاله إِذا أخرجته من

(11/10)


مَاله. رَوَاهُ الإياديّ عَنهُ. أَبُو عبيد، عَن أبي عمرٍ و: المُجَرَّذُ، والمجرَّسُ والمُضَرَّسُ، والمُقَتَّلُ؛ كُله الَّذِي قد جرّب الْأُمُور.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجّرَذْتُه إِلَى كَذَا وَكَذَا، أَي اضْطَررته وَأنْشد:
كأَنَّ أوْبَ صَنْعَةِ الملاّذِ
يَسْتَهْيعُ المُراهِقَ المُحَاذِي
عافِيه سَهْواً غير مَا إجْراذِ
وعافيه: مَا جاءَ من عَدْوِه عفوا.
سَهْواً: عَفْواً سَهلاً، بِلَا حَثَ شَدِيد وَلَا إكْراه عَلَيْهِ.
جذل، جلذ، لجذ، ذجل، لذج، ذلج: مستعملة.
(ج ذ ل)
جذل: قَالَ اللَّيْث: الجَذْلُ: انتصابُ الحِمارِ الوحْشيّ وَنَحْوه ناصباً عُنُقَه.
وَالْفِعْل: جذَلَ يَجْذُلُ جُذُولاً.
قَالَ: وجَذِلَ يَجْذَلُ جَذَلاً، فَهُوَ جَذِلٌ، وجَذْلانٌ، وامرأةٌ جَذْلى، مثل فَرِح وفَرحان.
قلت وَقد أجَاز لبيد (جاذِلاً) بِمَعْنى (جَذِل) فِي قَوْله:
وعانٍ فَكَكْناه بِغَيْر سُوَامه
فأصْبح يَمشي فِي المَحلَّةِ جاذِلاً
أَي أصْبحَ فَرِحاً.
والجاذِل، والجاذي: المنْتَصِب، وَقد جَذا وجذَلَ يَجْذُو ويَجْذُلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْلُ: أصْل كلّ شَجرة حِين يذهب رَأسهَا، تَقول: صَار الشَّيْء إِلَى جِذْلِه أَي إِلَى أصْله.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لأصل الشَّيء جَذْلٌ وجِذْلٌ بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَكَذَلِكَ أصْل الشَّجَرة تَقْطَع، ورُبما جُعِلَ العُودُ جِذْلاً.
وَفِي الحَدِيث: كيفَ تُبْصِرُ القَذَاةَ فِي عين أخيكَ، وَلَا تُبْصِرُ الجِذْلَ فِي عَيْنك) .
جلذ: قَالَ اللَّيْث: الجُلْذِيُّ: الشَّديد من السّير.
قَالَ العجّاج يصفُ فلاة:
الخِمْسُ والْخِمسُ بهَا جُلْذِيّ
يَقُول: سَيْرُ خِمْس بهَا: شديدٌ.
الْأَصْمَعِي: ناقَةٌ جُلْذِيَّةِ: صُلْبةٌ شَدِيدَة. قَالَ: والجِلْذَاءَةُ: الأَرْض الغليظة، وَجَمعهَا جَلاَذِيّ، وَهِي الحِزْباءَة.
شَمِر، عَن ابْن شمَيْل: الجُلْذِيَّة: المكانُ الخَشِنُ الغليظُ من القُفّ، لَيْسَ بالمُرتفع جدا، يَقْطَع أخْفاف الْإِبِل، وقَلَّما يَنْقَادُ وَلَا يَنْبُتُ شَيْئا.
قَالَ اللَّيْث: والجُلْذِيَّةُ من الفَراسن أَيْضا: الغليظة الوكيعَةُ.
وسيْرٌ جُلْذِي وخمْسٌ جُلْذِيٌّ: شَدِيد.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي الاجْلِوَّاذُ، والاجْرِوَّاط فِي السّير: المضاءُ والسُّرعة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِلْذيَّةُ: النَّاقة

(11/11)


الغليظةُ الشَّدِيدَة شَبَّهها بِجِلْذَأَةِ الأَرْض وَهِي النَّشْر الغليظ.
واجْلَوَّذَ الْمَطَر: إِذا ذَهَب وقَلَّ، وَأَصله من الاجْلِوَّاذِ فِي السّير، وَهُوَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: والجَلاذِيُّ فِي شِعْر ابْن مُقْبل، جمع الجُلْذِيَّةِ، النَّاقة الصُّلبة. وَهُوَ:
صوتُ النَّواقيس فِيهِ مَا يُفرِّطُه
أيْدي الجَلاذِي وجُونٌ مَا يُعَفِّينا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَلاذِيّ: الصُّنَّاعُ، واحدهم جُلْذِيّ.
وَقَالَ غيرَة: الْجَلاذِيّ. خَدَمُ الْبيعَة؛ جَعَلهم جَلاذِيّ لِغِلَظِهِم.
ابْن الْأَعرَابِي: اجْلَوَّذ، إِذا أَسْرَع، وَمثله اجْرَهَدَّ، وَمثله قَوْله: واجْلَوَّذَ الْمَطَر.
ذجل: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الذَّاجِل: الظَّالم، وَقد ذَجَلَ إِذا ظلَمَ.
لجذ: أهمله اللَّيْث. ورَوى عَمْرو عَن أَبِيه: لجِذَ الكلبُ، ولَجَذَ، ولَجَنَ: إِذا وَلَغَ فِي الْإِنَاء. قَالَ: واللَّجْذُ: الْأكل بِطَرَفِ اللّسان، ونَبْتٌ مَلْجوذٌ: إِذا لم يتمكَّن مِنْهُ السِّن من قِصَرِه فَلَسَّتْه الْإِبِل.
قَالَ الراجز:
مثل الوَأَي المُبْتَقِلِ اللَّجَّاذِ
وَيُقَال للماشية إِذا أكلت الْكلأ، قد لُجِذَ الْكلأ، ولَجِذَ الكلبُ الْإِنَاء، إِذا لَحِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا سَأَلَك رجُلٌ فأعطيْتَه، ثمَّ سَأَلَك، قلت: لَجَذَني، يَلْجُذُني لجْذاً.
لذج ذلج: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْدِ: لَذَجَ الماءُ فِي حَلْقِهِ وذَلَجه بِمَعْنى وَاحِد.
ج ذ ن
استُعمِل من وجوهه: نجذ.
نجذ: قَالَ اللَّيْث: النَّجْذُ شِدَّةُ العَضِّ بالنَّاجِذ، وَهِي السِّنُّ، بَين النَّاب والأضْرَاس.
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: بَدَتْ نواجِذه، إِذا أظْهرها غَضَباً أَو ضَحِكاً.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل مُنَجَّذٌ، ومُنَجِّذٌ، وَهُوَ المجرَّب والمُجرِّب، وَهُوَ الَّذِي جرَّب الأمورَ وعَرفها، وَأنْشد:
أَخُو خَمْسين مُجْتمِعٌ أشُدِّي
ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُون
وَيُقَال للرجل إِذا بَلَغَ أشُدَّه: قد عَضَّ على ناجِذِه؛ وَذَلِكَ أنَّ الناجِذَ يَطلُعُ إِذا أسَنَّ، وَهُوَ أقْصَى الأضْراس.
وروى أَبُو عُمَر؛ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاس فِي النَّواجذ فِي الخَبَر الَّذِي جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه فَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّواجِذُ: أقْصى الأضْراس.

(11/12)


وَقَالَ غَيره: النَّواجِذ أدْنى الأضراس.
وَقَالَ غَيرهمَا: النَّواجِذ المضَاحِك.
قَالَ: وروى عبدُ خَيْرٍ، عَن عليّ أَنه قَالَ: إنَّ الملَكيْن قاعدان على ناجِذَي العَبد يِكْتُبان.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّواجِذُ فِي قَول عَلِيَ: الأَنْياب، وَهُوَ أَحْسنُ مَا قيل فِي النَّواجِذ، لأنّ الْخَبَر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جُلّ ضَحِكه تَبَسُّما.
ج ذ ف
أهمله اللَّيْث.
جذف: وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: جَذَفْتُ الشَّيْء: قطعْته بالذَّال.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
قاعِداً حوله الندامى فَمَا يَنْ
فَكُّ يُؤتَى بمُوكَرٍ مَجْذُوفِ
أَرادَ بالمُوكَر السِّقَاءُ الْمَلآنَ من الْخمر، والمجذوف: الَّذِي قُطِعَ قوائمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَذَفَه: قَطَعَه، قَالَ: والمجذُوف والمجدُوف: الْمَقْطُوع، وجَذَفَ الطائرُ إِذا كَانَ مقْصوصاً، وَقد مرَّ. أَبُو عَمْرو، وجَذَفَ الرَّجل فِي مَشْيه: إِذا أَسْرَع.
رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
ج ذ ب
جذب، جبذ، بذج: (مستعملة) .
جذب جبذ: قَالَ اللَّيْث: الجَذْبُ: مدُّك الشّيءَ. والجَبْذُ: لُغةُ تَمِيم:
قَالَ: وَإِذا خَطب الرجلُ امرأَةً فردَّته، قيل: جَذَبَتْه، وجَبَذَتْه.
قَالَ: وكأنَّه من قَوْلك جاذَبْته فجذَبْته، أَي غَلَبتْه، فَبَان مِنْهَا مَغلوباً.
قَالَ: وَيُقَال: انْجَذَبَ الرجل فِي سيره، وَقد انجذب بِهِ السّير.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَذَبَ الشَّهْرُ يَجْذِبُ جَذْباً، إِذا مضى عامَّتُه وَيُقَال للصبيِّ، أَو السَّخْلة إِذا فُصِل: قد جُذِب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
ثمَّ جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُه
وَيُقَال للناقة إِذا غَرَزَت وذَهب لبنُها: قد جَذَبَتْ، فَهِيَ جاذب والجمعُ: جَواذب.
قَالَ الْهُذلِيّ:
بِطَعْن كرَمْح الشَّوْل أَمْست غوارِزا
جواذبُها تأْبَى على المتَغَبِّر
وَيُقَال للرّجل إِذا كَرِعَ فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين: جَذَبَ نفسا أَو نفسين.
عَمْرو، عَن أَبِيه، يُقَال: مَا اَغنى عَنِّي جِذِبّاناً، وَهُوَ زِمامُ النَّعل وَلَا ضِمْناً، وَهُوَ الشِّسْع.
ابْن شُميل: بَيْننَا وَبَين بني فلَان نَبْذَةٌ وجَذْبَةٌ، أَي هُمْ مِنَّا قَريب.
والجَذْبُ: جُمَّارُ النّخل، والواحدة جَذَبة،

(11/13)


وَهِي الشَّحْمَةُ الَّتِي تكون فِي رَأس النَّخْلة، يُكْشَطُ عَنْهَا اللَّيفُ فتُؤكل، وَهُوَ الكَثْرُ.
وجَذَبَ فلانٌ حَبْلَ وِصاله وجَذَمَه: إِذا قَطَعَه.
وَقَالَ البعيث:
أَلاَ أَصْبَحَت خَنْساء جاذِمَة الْوَصْلِ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: ناقَةٌ جاذِبٌ: إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وَقْت مضْرِبها.
وَقَالَ النَّضر: يُقَال تَجَذَّبَ اللَّبَن: إِذا شَرِبَه.
وَقَالَ العُدَيْل:
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْل للظَّعن بَعْدَمَا
تَجَذَّبَ راعي الإبْلِ مَا قد تَحَلَّبا
بذج: رُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يُؤْتَى بابْنِ آدمَ يَوْم الْقِيَامَة كأَنَّه بذَجٌ من الذُّلِّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الفرّاء: البَذَجُ: ولد الضَّأْنِ، وَجمعه بِذْجَان، وَأنْشد:
قَدْ هَلكَتْ جارَتُنا من الْهَمَجَ
وَإِن تَجُعْ تأْكُلْ عَتُوداً أَوْ بَذَج
والعَتُودُ: من أَوْلاد المِعزَى.
ج ذ م
جذم: قَالَ الأصمعيّ: جِذْمُ الشَّجرة وجِذْيُها بِالْيَاءِ: أَصْلُها، وَكَذَلِكَ من كُلِّ شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْمَةَ: القِطعة من الشّيء، يُقْطَع طَرَفه وَيبقى جِذْمه، وجذْمُ الْقَوْم: أَصْلُهم، والجِذْمَةُ من السَّوْط: مَا تَقْطَّعَ طَرَفُه الدّقيق وبَقِيَ أَصله.
قَالَ لبيد:
صائِبُ الجِذْمَةِ فِي غَيْر فَشَلْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِذْمَةُ فِي بَيت لبيد الإسْراع، جَعله اسْما من الإِجْذام، وَجعله الأصمعيّ بَقِيِّة السَّوْط، وأَصْله.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الإِجْذامُ السُّرعة فِي السَّير، والإِجذام الإقلاع عَن الشَّيْء وجِذْمُ الْأَسْنَان: مَنابِتُها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
الْآن لما ابْيضَّ مَسْرَبَتِي
وعَضِضْتُ من نابِي على جِذْم
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زَيد: أَنَّه رأى فِي الْمَنَام كَأَنَّ رجُلاً نزل من السَّمَاء فَعلا جذْمَ حائِط، فأَذَّن. وجِذْمُ الْحَائِط: أَصْلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَذْم: سُرْعَةُ الْقطع، والجَذَمُ: مصدر الأجْذَم اليَد، وَهُوَ الَّذِي ذهبت أَصَابِع كَفَّيه. وَيُقَال مَا الَّذِي جَذَّمَ يَدَيْهِ؟ وَمَا الَّذِي أَجْذَمه حَتَّى جَذِم؟ والجاذِمُ: الَّذِي وَلِيَ جَذْمَه، والمُجْذَّمُ: الَّذِي يَنْزِل بِهِ ذَلِك، وَالِاسْم الْجُذام.
ورُوِيَ عَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: (من تعلَّم الْقُرْآن ثمَّ نَسِيَه لقى الله وَهُوَ أَجْذَم) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الأجْذم المقطوعُ الْيَد، يُقَال مِنْهُ: جَذِمَتْ يَده تَجْذَمُ جَذَماً، إِذا انْقطعت وَذَهَبت وَإِن قَطَعْتَها أَنْت، قلت: قد جَذَمْتُها، أَجْذِمُها جَذْماً.
قَالَ فِي حَدِيث عليّ: (من نَكَثَ بيعَته لَقِي

(11/14)


الله وَهُوَ أَجْذم، لَيست لَهُ يَد) ، فَهَذَا يُفسر لَك الأجْذم.
وَقَالَ المتَلمِّس:
وَهل كُنْتُ إِلَّا مثلَ قَاطع كَفِّه
بكفَ لَهُ أُخْرَى فأصبحَ أجذما؟
وَقَالَ غير أبي عُبَيْد: الأجْذم فِي هَذَا الحَدِيث: الَّذِي ذهبت أَعضاؤها كلُّها، قَالَ وَلَيْسَت يدُ النَّاسِي لِلْقُرْآنِ بالجَذَمِ أَوْلَى من سَائِر أَعْضَائِهِ، قَالَ: وَيُقَال: رجُلٌ أجْذَم ومَجْذوم ومُجَذَّم إِذا تهافتت أطْرافه من دَاء الْجُذَام.
وروى أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو، أَنه قَالَ: الأجْذَم: الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: والجَذْم والخَذْمُ كِلَاهُمَا الْقَطع.
والجَذْماء: امرأةٌ من بني شَيْبان كَانَت ضَرَّة للبَرشاء، وَهِي امْرَأَة أُخْرَى، فرمت الجَذْماءُ البَرْشَاءَ بنارٍ فأحرقتها، فسُميت البَرْشاء، فَوَثَبت عَلَيْهَا البرشاءُ فَقطعت يَدهَا، فسميت الجذماء.
وَبَنُو جَذِيمة: حيٌّ من عبد الْقَيْس، كَانُوا ينزلون الْبَحْرين ومنازلهم الْبَيْضَاء من نَاحيَة الخَط.
وروى عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (أربعٌ لَا يَجُزْنَ فِي البيع، وَلَا النِّكاح: الْمَجْنُونَة، والمَجْذومة، والبَرْصاء والعَفْلاء) : كَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس مَجْذومة، كَأَنَّهَا من جُذِمَتْ فَهِيَ مجذومة.
ورُوِي عَن عليَ أَنه قَالَ: إِذا تزوج الْمَجْنُونَة أَو المجذومة أَو العَفْلاء، فَإِن دخل بهَا جَازَت عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن دخل بهَا فُرِّق بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: القَوْل مَا قَالَ أَبُو عُبَيد فِي تَفْسِير الأجذم، وَأَنه الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: وَمعنى قَوْله: لَقِيَ الله وَهُوَ أجْذَم، لَا يَدَ لَهُ، أَي لَا حُجة لَهُ، وَالْيَد: يُراد بهَا الحُجة، أَلا ترى أَن الصَّحيح الْيَد وَالرجل يَقُول لصَاحبه: قَطَعْتَ يَدي ورِجْلي أَي أذْهَبْتَ حُجَّتي.

(أَبْوَاب) الْجِيم والثّاء)
ج ث ر
ثجر، جرث، جثر: (مستعملة) .
جثر: أهمله اللَّيثُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: مكانٌ جَثْرٌ: فِيهِ تُرابٌ يُخالِطه سَبَخ.
ثجر: قَالَ اللَّيْث: الثَّجير: مَا عُصِرَ من الْعِنَب فجرت سُلافته، وَبقيت عصارته فَهُوَ الثَّجير، وَيُقَال: الثَّجير: ثُفْلُ الْبُسْر يُخْلَطُ بِالتَّمْرِ فيُنْتَبَذُ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تَثْجُرُوا) .
وَقَالَ شَمِر، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثُّجْرَةُ: وَهْدَةٌ من الأرْض منخفضة.
قَالَ، وَقَالَ غَيره: ثُجْرَةُ الْوَادي: أولُ مَا تَنْفَرجُ عَنهُ المضايق قبل أَن يَنْبَسط فِي

(11/15)


السَّعة، ويُشَبَّه ذَلِك الموضعُ من الْإِنْسَان بثُجْرة الْوَادي.
وَقَالَ الأصمعيّ: الثُّجَر الأوساط، واحدتها ثُجْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: ثُجْرَةُ الحشا: مُجْتَمَعُ أَعلَى السَّحْر بقَصَبِ الرئة.
والثُّجَرَ: سِهَام غِلَاظ الْأُصُول عِراض.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَجَاوَبَ فِيهِ الخيزرانُ المُثَجَّرُ
والمثَجَّرُ: المعرَّض حوفه وَقد ثُجِّرَ تَثْجيراً.
وَأما قَول تَمِيم بن أُبيّ بن مقبل:
والعَيْرُ يَنْفُحُ فِي المكْتانِ قد كَتِنَتْ
مِنْهُ جحافِلُه والعَضْرَسِ الثَّجِرِ
ويروى: الثُّجَرِ. فَمن رَوَاهُ الثَّجِر: فَمَعْنَاه المُجْتَمِع، والعَضْرَسُ: نبت أَحْمَر النَّوْر.
وَمن روى الثُّجَرُ: فَهُوَ جمع ثُجْرَة، وَهُوَ مَا تَجَمَّعَ فِي نَبَاته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ثُجْرَةٌ من لَحْمٍ، أَي قِطْعَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثُّجَرُ: جماعات مُتَفرِّقَةٌ، والثَّجِر: العريض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: انْثَجَرَ الجُرح، وانْفَجَر: إِذا سَالَ مَا فِيهِ.
جرث: الجِرِّيثُ: من السّمك مَعْروف، وَيُقَال لَهُ: الجِرِّيُّ بِلَا ثَاء.
وروى سُفْيَان، عَن عبد الْكَرِيم الجَزَري: عَن عِكْرمة، عَن ابْن عَبَّاس: أنَّه سُئِلَ عَن الجِرِّيّ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شيءٌ حَرَّمه اليَهود.
وروى شَمِرَ، عَن أَحْمد بن الحَرِيش، عَن ابْن شُميل بإِسنادٍ لَهُ، عَن عمار، أَنه قَالَ: لَا تَأْكُلُوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلِيس.
قَالَ أَحْمد، قَالَ النَّضر: الصِّلَّوْرُ: الجِرِّيث، والأنْقَلِيس: المارْمَاهِي.
ج ث ل
جثل، ثلج، ثجل: مستعملة.
ثجل: أَبُو عُبَيد، عَن اليزيديّ: الأثْجَلُ: العظيمُ البَطْن.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الْعَثْجَلُ أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّجَلُ عِظَمُ الْبَطن، ورَجُل أَثْجَل، وامْرَأَةٌ ثَجْلاَء.
وَفِي حَدِيث أمِّ معبد فِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تُزْرِ بِهِ ثُجْلَة) أَي ضِخَمُ بَطن.
جثل: قَالَ اللَّيْث: الجَثْلُ من الشَّعر: أَشَدُّهُ سَواداً وأَغْلَظه.
وَقَالَ غَيره: الشَّعرُ الجَثْل: المُلْتَفّ، وَفِيه جُثُولةٌ وجَثَالَة. واجْثَأَلَّ النَّبْتُ: إِذا الْتَفَّ وَطَالَ وغَلُظ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُثَالُ: الْقُبَّر، واجْثَأَلَّ الْقُبَّرُ: إِذا انْتَفَشَتْ قُنْزُعَتُه، وَأنْشد:

(11/16)


جَاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ
قَالَ والجَثْلَةُ: النملةُ السَّوداء.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: تَقول الْعَرَب: ثَكِلَتْه الْجَثَل، وثَكِلَتْهُ الرّعيل أَي ثَكِلَتْهُ أمُّه.
ثلج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الثُّلُجُ: الْفَرِحون بالأخْبَار، والثُّلُجُ: البُلَداءُ من الرِّجال.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبي عَمْرو: ثَلَجَتْ نَفْسِي تَثْلِجُ: إِذا اطْمَأَنَّتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ثَلَجَتْ تَثْلَجُ، وثَلَجَتْ تثلُجُ. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّلْج: مَعرُوفٌ، وَقد ثُلِجْنَا أَي أَصَابَنَا ثَلْجٌ. وَيُقَال: ثَلِجَ الرجل، إِذا بَرَدَ قلبُه عَن شَيْء، وَإِذا فَرِحَ أَيْضا، فقد ثَلج.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت: ثَلِجْتُ بِمَا خَبَّرَني، أَي اشْتَفَيْتُ بِهِ وسَكَن قلبِي إِلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثُلِجَ قلبُه أَي بَلُدَ، وثَلِجَ بِهِ أَي سُرَّ بِهِ وَسكن إِلَيْهِ، وَأنْشد:
فَلَو كُنْتُ مَشْلُوجَ الفُؤادِ إِذا بَدَتْ
بلادُ الأعادِي لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي
أَي لَو كنتُ بَلِيدَ الفؤادِ، كنت لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي، أَي لَا آتِي بمُرَ وَلا حُلْوٍ من الفِعل.
غيرُه: حَضَرَ فأَثْلَجَ، إِذا بلغ الثَّرَى والنَّبَط.
وَيُقَال: قد أَثْلَجَ صدرِي خَبَرٌ وَارِدٌ، أَي شَفَانِي وَسَكَّنَني، فَثَلِجْتُ إِلَيْهِ.
وَنَصْلٌ ثُلاَجِيُّ، إِذا اشتَدَّ بياضُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي عَمْرو: إِذا انْتهى الحافرُ إِلَى الطين فِي الْبِئْر قَالَ: أَثْلَجْتُ.
وَقَالَ شَمِر: ثَلِج صَدْرِي لذَلِك الْأَمر، أَي انشرَحَ ونَقَعَ بِهِ، يَثْلَجُ ثلَجاً، وَقد ثَلَجْتُه، إِذا بَلَلْتَهُ وَنَقَعْتَه.
وَقَالَ عَبِيد:
فِي رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرَارَها
مَوْلِيَّةٍ لم يَسْتَطِعْهَا الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلِجٌ: بَارِد.
ج ث ن
جنث، نثج، نجث، ثجن: مستعملة.
جنث: قَالَ اللَّيْث: الْجِنْثُ: أَصْلُ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ العِرقُ المستقيمُ أرومَتُه فِي الأَرْض، وَيُقَال: بل هُوَ من ساقِ الشَّجرةِ مَا كَانَ فِي الأَرْض فَوق العُروق.
أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: جِنْثُ الْإِنْسَان: أَصْلُهُ، وَإنَّهُ ليرجعُ إِلَى جِنْثِ صِدْق.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّجَنُّثُ أَن يَدَّعيَ الرجلُ غَيْرَ أَصْلِهِ.
وَقَالَ ابنُ السّكّيت، قَالَ الأصمعيّ: سمِعتُ خَلَفاً يَقُول: سِمعْتُ الْعَرَب تُنْشِد بَيت لَبِيد:
أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ عَن عَوْراتها

(11/17)


كلَّ حِرْبَاءٍ إِذا أُكْرِه صَلّ
قَالَ: الجِنثِيّ: السَّيْف بِعَيْنِه، وَقَوله أَحْكَمَ: أَي رَدَّ. يَقُول: رَدَّ الحرباءُ وَهُوَ المسمار عَن عورتها السَّيْف، وَأنْشد خلف:
ولَيْست بأَسْواقٍ يكون بِياعُها
بِبَيْضٍ تُشَافُ بالجِيادِ المنَاقِلِ
وَلكنهَا سوقٌ يكون بِياعُها
بِجُنْثِيَّةٍ قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ
قَالَ: وَمن روى:
أَحكمَ الجِنْثيُّ من عوراتها
كلَّ حرباء ...
فَإِن الجِنْثِيّ: الحدّاد إِذا أحكم عَوْرات الدِّرْع؛ لم يَدَع فِيهَا فَتْقاً وَلَا مَكَانا ضَعِيفا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة الجِنْثى، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر: من أَجْوَد الْحَدِيد، هَذَا الَّذِي سمعناه من بني جَعْفَر.
وقا أَبُو عُبَيد: الجُنْثِيّ: الحدَّاد، وَيُقَال الزَّرّاد.
نثج: أَهْمله اللَّيث.
ثَعْلَب: عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْثَجَةُ: الاست، سُمِّيت مِنْثَجَة، لِأَنَّهَا تَنْثجُ، أَي تُخْرِجُ مَا فِي الْبَطن.
وَقَالَ غَيره: يُقال لأحد العِدْلَيْن إِذا اسْتَرْخَى: قد اسْتَنْثَج فَهُوَ مُسْتَنْثِج. قَالَ هِمْيان:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَهُ الضَّماعِجا
بصَفْنَةٍ تَزْقِي هَديراً ناثِجا
أَي مُسّتَرخِياً.
نجث: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: النَّجِيثُ: الهدَف، سُمِّي نَجِيثاً لانْتِصابه واسْتِقْباله.
والاسْتِنْجاث: التَّصَدِّي للشَّيْء، والإقبال عَلَيْهِ، والولُوع بِهِ.
أَبُو عبيدُ: خرج فلَان يَنْجُثُ بني فلَان، أَي يَسْتَغويهم ويستَغِيثُ بهم، وَيُقَال: يَسْتَعْوِيهم بِالْعينِ، وأتانا نَجِيثُ الْقَوْم، أَي أَمرهم الَّذِي كَانُوا يُسِرّونه.
قَالَ لَبِيد يذكر بقرة:
مَدَى الْعين مِنها أَن تُراعَ بنَجْوَةٍ
كَقَدْرِ النَّجيث مَا يَبُذُّ المُناضِلا
أَرَادَ أَن البقرةَ قريبةٌ من وَلَدِها، تُراعيه كَقدْر مَا بَين الرَّامِي والهدف.
الأصمعيّ: نَبَثوا عَن الْأَمر، ونَجَثُوا عَنهُ، وَبَحَثُوا عَنهُ، بِمَعْنى وَاحِد. وَرجل نجَّاث ونَجِثٌ يتَتبَّعُ الْأَخْبَار ويَسْتَخْرِجُها.
وَقَالَ الأصمعيّ:
لَيْسَ بِقَسَّاسٍ وَلَا نَمَ نَجِثْ
وَيُقَال: بُلِغَتْ نَجِيثَتُه ونكيثتُه: أَي بُلِغَ مَجْهوده.
والنُّجُثُ: غِلافُ الْقلب، وَجمعه أنجاث. وَأنْشد:

(11/18)


تَنْزُو قلوبُ القَوم من أَنْجاثِها
وَأنْشد شَمِر:
أَزْمانَ غَيُّ قلبِكَ المْسْتَنْجِثُ
بمَأْلَفٍ من جمعكم مُسْتَنبِثُ
قَالَ: المستَنْجِثُ: المُسْتَخْرِج. يُقَال: نَجَثَهُ أَي أَخْرَجَه. وَقيل: المستَنْجِث: مثل المُنْهَمِك.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: من أمثالهم فِي إعلان السِّرِّ، وإبدائه بعد كتْمانه، قَوْلهم: (بَدا نَجِيثُ الْقَوْمِ) أَي سِرُّهم الَّذِي كَانُوا يخفونه.
ثجن: أَهْمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الثَّجَنُ طَرِيق فِي غِلَظٍ من الأَرْض لغةٌ يمَانيَّة.
ج ث ف
فثج، ثفج: أهملهما اللَّيْث.
فثج: وروى عَمْرو عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: إِذا نَقَص فِي كلِّ شَيْء.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: عدا الرجل حَتَّى أَفْثَج، وأفْثَأَ، وَذَلِكَ إِذا أعيا وانبَهَر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عدا حَتَّى أَفْثَج، وأُفْثِج، وَيُقَال: فَثَجتُ الماءَ الحارّ بالبارد إِذا كَسرتَ حرّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: هَذَا ماءٌ لَا يُفْثَجُ وَلَا يُنْكشُ: أَي لَا يُنْزَح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: ماءٌ لَا يُفْثَجُ أَي لَا يُبْلَغُ غَوْرُه.
الأصمعيّ: الفاثجُ والفاسِجُ: النَّاقة الَّتِي لَقِحَتْ فَسَمِنَتْ، وَهِي فَتيَّة.
وَقَالَ هِمْيان:
والبَكِراتِ اللُّقحَ الْفَواثِجا
ثفج: أهمله اللَّيْث.
عَمْرو، عَن أَبِيه: ثَفَجَ ومَفَجَ: إِذا حَمُق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ ثَفَّاجَةُ مَفَّاجَة، وَهُوَ الأَحْمَق.
ج ث ب
استُعْمِل من وجوهه: ثبج.
ثبج: أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: الثَّبَجُ: مَا بَين الكاهِل إِلَى الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الثَّبَجُ: مَا بَين العَجُز إِلَى المَحْرَك.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثّبَجُ: مُسْتدارُ أعْلى الكاهِلِ إِلَى الصّدر، قَالَ: وَالدَّلِيل على أَن الثَّبَجَ من الصَّدْر أَيْضا، قَوْلهم: أَثْباجُ الْقَطَا.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الثَّبَجُ: نُتُوُّ الظَّهْر، والثَّبَجُ: عُلُوُّ وسط الْبَحْر إِذا تلاطمت أمواجه، والثَّبَجُ: اضْطِرَاب الْكَلَام وتفْنينُه، والثَّبَجُ: تَعْمِيَةُ الخَطِّ وتَرْكُ بيانِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّثْبيجُ: التَّخْليط.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الثَّبَجُ: من عَجْبِ الذَّنب إِلَى عُذْرَيْه.

(11/19)


وَقَالَت بنت القَتَّال الْكلابِي. ترثي أَبَاهَا:
كأَنَّ نَشِيجَنا بِذَوَات غِسْلٍ
نَهيمُ المنزلِ تُثْبُجُ بالرِّحالِ
أَي تُوضَعُ الرحالُ على أثْباجها، وكتابٌ مُثَبّجٌ، وَقد ثُبِّجَ تَثبيجاً.
وَأما قَول الْكُمَيْت يمدح زِيَاد بن مَعْقَلِ:
وَلم يُوايِم لَهُم فِي ذَبِّها ثَبَجاً
وَلم يكُنْ لَهُم فِيهَا أَبَا كَرِبِ
وثَبجٌ هَذَا رَجُلٌ من أهل الْيمن غَزاه ملِكٌ من الْمُلُوك فصالَحه عَن نَفسه وَأَهله وَولده، وَترك قومه فَلم يدخلهم فِي الصُّلْح، فغزا الملكُ قومه، فَصَارَ ثَبَجٌ مَثَلاً لمن لَا يَذُبُّ عَن قَوْمه، وأرادَ الْكُمَيْت أَنه لم يفْعَل فعل ثَبج، وَلَا فِعْل أبي كَرِب، وَلكنه ذَبَّ عَن قومه.
ج ث م
جثم، ثجم، مثج: (مستعملة) .
جثم: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (الْأَعْرَاف: 78) أَصَابَهُم البلاءُ فبركوا فِيهَا.
والجاثمُ: البارِكُ على رِجْلَيه، كَمَا يَجْثِمُ الطَّير، أَي أَصَابَهُم الْعَذَاب فماتوا جاثمين، أَي باركين.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المصْبُورة والمُجثَّمةُ.
قَالَ أَبُو عبيد: المُجَثَّمَةُ الَّتِي نهى عَنْهَا هِيَ المَصْبُورةُ؛ وَلكنهَا لَا تكونُ إِلَّا فِي الطَّير والأرانب، وأشْباهِها؛ لِأَن الطَّير تَجثِمُ بِالْأَرْضِ إِذا لَزِمتْها ولَبَدَت عَلَيْهَا، فإنْ حَبَسها إنْسانٌ قيل: قَدْ جُثِّمَتْ، فَهِيَ مُجثَّمَة إِذا فُعِلَ ذَلِك بهَا، وَهِي المحبوسَة، فَإِذا فعلت هِيَ من غيرِ فعْل أحد، قيل: جَثَمَت تَجْثِمُ جُثوماً، وَهِي جاثمة.
وَقَالَ شَمِر فِي تَفْسِير المجَثَّمَة: هِيَ الشَّاة الَّتِي تُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوت، ثمَّ تُؤُكل.
قَالَ والشَّاة لَا تَجْثِمُ؛ إِنَّمَا الجثومُ للطَّير، وَلكنه اسْتُعير.
قَالَ، ورُوِيَ عَن عِكْرِمةَ أَنه قَالَ: المُجَثَّمَةُ: الشَّاة، تُرْمَى بالنَّبْل حَتَّى تُقْتَل.
وَيُقَال: جَثَم فلَان بِالْأَرْضِ يَجْثِمُ جُثُوماً إِذا لَصِق بهَا ولَزِمَها، فَهُوَ جاثِم.
وَقَالَ النَّابِغَة يصفَ رَكَبَ امْرَأَة:
وإذَا لَمسْتَ لمسْتَ أجْثَمَ جاثماً
مُتَحَيِّزاً بمكانه مِلْءَ اليَد
قَالَ: وجَثَمت العُذُوق: إِذا عَظُمت، فلَزِمَتْ مَكَانهَا، وَقَوله:
وباتت بِجُثْمانِيَّةِ المَاء نِيبُها
إِذا ذَاتُ رَحْلِ كالمآتم حُسَّرا
جُثمانية المَاء: الماءُ نَفْسُه.
وَيُقَال جُثْمانيَّةُ المَاء: وسَطُه ومُجْتَمعه،

(11/20)


ومكانه وَالْبَيْت للفرزدق.
وَقَالَ رؤبة:
واعْطِفْ على بَازٍ تَرَاخَى مَجْثَمُه
قيل: تَراخى مَجْثَمُه، أَي بَعُدْ وكْرُه.
قَالَ: ويُقال للَّذي يَقَعُ على الْإِنْسَان وَهُوَ نائمٌ: جاثُومٌ وجُثَمٌ وجُثَمَة، ورازِمٌ، وركَّاب، وجثّامة.
قَالَ: وَهُوَ هَذَا النّجْثُ الَّذِي يَقع على النَّائم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاثُوم: هُوَ الكابوس، وَهُوَ الدَّيْثان.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاثِمُ: اللاَّزمُ مكانَه لَا يَبْرح.
وَيُقَال: إِن العَسلَ يَحثِمُ على المِعدة ثمَّ يَقْذِفُ بالدَّاء.
وَقَالَ غَيره: الجَثَّامَةُ: الرجل الَّذِي لَا يبْرَحُ بيتَه، وَهُوَ اللُّبَدُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُثمان بمنزله الجُسْمان، جامعٌ لِكلِّ شَيء، تُرِيدُ بِهِ جِسْمه وألْواحَه. والجَثَمةُ، والحَثَمة كِلَاهُمَا الأكمة، وَهِي الجَثوم.
قَالَ تأبط شرا:
نَهَضْتُ إِلَيْهَا من جَثُومٍ كأنَّها
عجوزٌ عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَل
الْأَصْمَعِي: جَثَمْتُ وجَثَوْتُ وَاحِد.
ثجم: قَالَ اللَّيْث: الثَّجْمُ مِثْلُ الصَّرف عَن الشّيء.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: أثجم الْمَطَر وأغْضَن، إِذا دَامَ أَيَّامًا لَا يُقْلِع.
مثج: يُقَال: مَثَج البِئْرَ، إِذا نَزَحَها.

(أَبْوَاب) الْجِيم والرّاء)
ج ر ل
استُعْمِلَ منْ وُجُوهِهِ: جرل، رجل.
جرل: قَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الجَرَاوِلُ: الحِجَارَةُ. واحِدَتُها جَرْوَلَةٌ.
ويُقالُ: منْهُ أَرْضٌ جَرِلَةٌ، وجَمْعُها أَجْرَالٌ.
وقالَ جَرير:
مِنْ كلِّ مُشْتَرِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى
ضَرِم الرِّقَاقِ مُنَاقِلِ الأَجْرَالِ
وقالَ غيرُه: الجَرَلُ: الخَشِنُ من الأرْض، الكثيرُ الحِجَارَة، ومكانٌ جَرِلٌ.
قَالَ: ومنهُ الجَرْوَلُ، وهوَ من الحَجَرِ مَا يُقِلُّهُ الرَّجُلُ ودونه، وفيهِ صَلاَبَة، وَأنْشد:
لَوْ هَبَطُوهُ جَرِلاً شَرَاساً
لَتَرَكُوهُ دَمِثاً دَهَاساً
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: أَمَّا الجَرْوَلُ فَزَعَمَ أَبُو خَيْرَةَ أنَّهُ مَا سالَ بِهِ الماءُ من الحِجَارَة حَتَّى ترَاهُ مُدَلَّكاً من سَيْلِ الماءِ بِهِ فِي بطْنِ الْوَادِي، وَأنْشد:
مُتَكَفِّتٌ ضَرِمُ السِّبا
ق إذَا تَعَرَّضَتِ الْجَرَاولْ

(11/21)


مُتَكَفِّتٌ: سَرِيعٌ، ضَرِمٌ: مُحْتَرِقٌ. والسِّياق: طَرْدُهُ إيَّاها إِلَى الماءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرْوَلُ اسمٌ لبَعْضِ السِّباع.
قُلْتُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئا من السِّباع يُدْعَى جَرْوَلاً.
واسْمُ الحُطَيْئَةِ جَرْوَل، سُمِّيَ بالحَجَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْيالُ لَوْنُ الحُمْرَة.
وَقَالَ غَيره: الْجِرْيالُ الْبَقَّمُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ النَّشَاسْتَج
وَقَالَ شَمِر: العَربُ تَجْعَلُ الْجِرْيالَ الخَمْر نَفسهَا، وَهِي الْجِرْياله.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كَأَنِّي أَخُو جِرْيالَةٍ بَابِلِيَّةٍ
كُمَيْتٍ تُمَشَّي فِي العِظامِ شَمُولَها
فَجَعَلَ الجِرْيالَة الخَمر بِعَيْنِها.
وَقيل: هُوَ لَوْنها الأَحْمَرُ أَو الأصْفَر.
وسُئِلَ الأعْشَى عَن قَوْله:
كدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
فَقَالَ: شَرِبْتُها حَمْراء. وبُلْتُها بَيْضاء.
سلَمة، عَن الْفَرَّاءِ، قَالَ: الجِرْيالُ: البَقَّم.
أَبُو تُراب عَن الكلابِيّ: وادٍ جَرِل، إذَا كانَ كثيرَ الجِرَفَةِ، والعَتَبُ والشَّجَر.
قَالَ: وَقَالَ حَتْرَشَ: مكانٌ جَرِلُ، فِيهِ تَعَادٍ واخْتِلاف.
قَالَ: وَقَالَ غيْرهُ من أَعراب قَيْس: أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفَةٌ، وقِدحٌ جَرِفٌ ورَجلٌ جَرِفٌ كَذَلِك.
رجل: قَالَ الليثُ: الرجلُ مَعْرُوف.
وَفِي معنى تَقُول: هَذَا رجلٌ كامِلٌ، وهذَا رَجُلٌ، أيْ فَوْقَ الغُلام.
وتَقُولُ: هذَا رَجُلٌ، أيْ راجِلٌ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنى للمرْأَةِ، هِيَ رَجُلَةٌ. أَيْ رَاجِلَةٌ، وَأنْشد:
وَإِنْ يَكُ قَوْلُهُمْ صادِقاً
فَسِيقَتْ نِسائي إليكمْ رِجالاً
أَيْ رَوَاجِل.
ويقالُ: هَذَا أَرْجَلُ الرَّجُلَيْن، أيّ فِيهِ رُجْلِيَّةٌ، لَيْسَتْ فِي الآخرَ.
والرَّجْلُ: جَماعَةُ الرّاجِل، وهُم الرَّجَّالة والرُّجَّال. وَأنْشد:
وظَهْرِ تَنُوفَةٍ حَدْباءَ يمْشي
بهَا الرُّجَّالُ خَائفَةً سِراعاً
وقدْ جاءَ فِي الشِّعر الرَّجْلَة.
وَقَالَ تميمُ بنُ أُبَيّ بن مُقْبِل:
ورَجْلَةٍ يضْرِبُونَ الّبيضَ عَن عُرُضٍ
ضرْباً تَواصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيناً
قَالَ أَبُو عَمرٍ و: الرَّجْلَةُ الرَّجَّالَةُ فِي هَذَا البَيْت؛ وليسَ فِي كلامِهم فَعْلَةٌ جاءَتْ جَمْعاً غَيرُ رَجْلَةٍ جَمْعُ رَاجل؛ وكَمأَة جَمْعُ كَمْء.
وَقَالَ الله: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا}

(11/22)


(الْبَقَرَة: 239) . أَي فصلُّوا رِجَالاً أَو رُكْبَاناً، جمعُ راجلٍ مثلُ صاحبٍ وصِحَابٍ، أَي إِن لم يُمْكِنْكُمْ أَن تقوموا قانِتينَ أَي عابدينَ مُوَفِّينَ الصَّلَاة حَقَّهَا لخوفٍ ينالكم فصلُّوا رُكْباناً.
وَقَالَ شَمِر: الرِّجَل مَسَايِلُ المَاء، واحِدُها رَجْلَة. قَالَ لَبِيد:
يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً فِي النَّدى
منْ مَرَابيعِ رِيَاضٍ ورِجَل
وَقَالَ الليثُ: الرِّجْلَةُ مَبِيتُ العَرْفَج الْكثير فِي رَوْضةٍ وَاحِدَة.
قَالَ: والتَّرَاجِيلُ: الكَرَفْسُ بلغَة الْعَجمِ، وَهُوَ اسمٌ سَوادي من بُقُول الْبَساتين.
والرِّجْل خِلافُ الْيَد، وَكَذَلِكَ رِجْلُ الْقَوْسِ وَهِي سِيَتُهَا السُّفْلَى، ويدُها سِيتُها الْعُلْيا.
وَيُقَال: فلانٌ قائمٌ على رِجل، إِذا أخَذَ فِي أمْرٍ حَزَبَه.
ثعلبُ عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقالُ: لي فِي مالكَ رِجْل أَي سَهْم.
والرِّجْل: الْقَدَم، والرِّجل: الْقطعةُ من الجَراد، والرِّجْلُ: السَّراويل الطاقُ، وَمِنْه الْخَبَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَرى رِجْل سَرَاوِيل، ثمّ قَالَ لِلْوَزَّانُ: (زِنْ وأرْجِحْ) .
والرِّجْل: الخَوْفُ والفزعُ من فَوْتِ الشيءِ، أَنَا من أمْرِي على رِجْلٍ أَي على خوْفٍ من فَوْته.
والرِّجْل، قَالَ أَبُو المكارمِ: تَجْتَمعُ الْقُطُر، فَيَقُول الجمَّال: لي الرِّجْل، أَي أنَا أتَقَدّم.
ويقولُ الآخر: لَا، بل الرِّجل لي. ويشَاحُّون على ذَلِك أَي يتضَايقُون.
والرِّجْلُ: الزَّمان، يُقَال: كل ذَلِك على رِجْل فلَان أَي فِي حَيَاته وزمانه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّجْلَة نجَابة الرَّجيل من الدَّواب والإبلِ، وَهُوَ الصَّبور على طول السَّير، وَلم أسْمَع مِنْهُ فِعلاً إِلَّا فِي النُّعوت، ناقةٌ رجيلةٌ، وحمارٌ رجيل، ورجلٌ رجيل: مَشَّاء.
شَمِر: الرُّجْلة: القُوَّة على الْمَشْي، يُقَال: رَجِلَ الرَّجُلُ يَرجَلُ رَجَلاً ورُجلَةً، إِذا كَانَ يمشي فِي السَّفر وَحده، وَلَا دابَّة لَهُ يَرْكبهَا.
ورجلٌ رُجْليّ، للَّذي يَغْزُو على رِجلَيْهِ، منْسُوبٌ إِلَى الرُّجلة، والرَّجيلُ: القويُّ على الْمَشْي، الصَّبُور عَلَيْهِ، وَأنْشد:
حَتَّى أُشِبَّ لَهَا وطالَ أيابُهَا
ذُو رُجلَةٍ شَثْنُ البراثِنِ جَحْنَبُ
وَامْرَأَة رجيلة: صبورٌ على الْمَشْي. وناقَةٌ رَجيلة.
أَبُو عُبَيد عَن الكِسائي: رَجلٌ بيِّنُ الرُّجولةِ، ورَاجلٌ بيِّنُ الرُّجْلَة.

(11/23)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ بيِّنُ الرُّجولة والرُّجوليَّة.
قَالَ: وقومٌ رجَّالةٌ، ورجَّالٌ ورجالَي ورُجلة ورُجَّال.
وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول للرَّاجل رَجَّالٌ، ويجْمع رجاجيل. والرَّجيل من الخَيْلِ الَّذِي لَا يَعرق. والرَّجيلُ من النَّاس: المشَّاءُ الجَيِّد الْمَشْي.
وَقَالَ اللَّيْث: ارْتَجَلَ الرَّجل إِذا ركب رِجلَيه فِي حَاجته وَمضى.
ويُقال: ارتَجِلْ مَا ارْتَجَلْتَ من الْأَمر، أَي ارْكَب مَا ركبْتَ من الْأَمر. وَارْتَجَلَ الرَّجل الزَّنْدَ، إِذا أَخذهَا تَحت رجله وتَرَجَّل الْقَوْم، أَي نزلُوا عَن دوابِّهم فِي الْحَرْب لِلْقِتَالِ.
ويُقَال: حَمَلَكَ اللَّهُ عَن الرُّجْلَةِ وَمِنَ الرُّجْلَة.
والرُّجْلَةُ هَاهُنَا: فِعْلُ الرَّجُلِ الَّذي لَا دَابَّةَ لَه. والرُّجْلَة أَيْضاً مَصْدَرُ الأَرْجَلِ من الدَّواب، وهُوَ الَّذي بإِحْدَى رِجْلَيْه بياضٌ لَا بَيَاضَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ غَير ذلَكَ.
قَالَ: وتَصْغِيرُ رَجُلٍ رُجَيْل، وعامَّتَهُمْ يَقُولون: رُوَيْجِلُ صِدْقٍ، ورُويْجِلُ سُوء، يَرْجِعُون إلَى الرَّاجِل، لأنَّ اشْتِقَاقَه مِنه. كَمَا أَنَّ العَجِلَ من الْعَاجِل، والحَذِرَ من الْحاذِر.
ويُقال: ارْتَجَلَ النَّهار وتَرَجَّلَ النَّهار أَي ارْتَفَعَ. وشَعْرٌ رَجِلٌ بَيِّنُ الرَّجَل، وحَرَّةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْمُسْتَوِيَةُ بالأَرض الْكَثيرَةُ الحِجَارَة.
وقالَ أَبُو الهَيْثَم فِي قَوْله: وحَرَّةٌ رَجْلاء؛ الحرَّةُ أرْضٌ حِجارتُها سُود، والرَّجْلاءُ الصُّلْبَة الخشْنة، لَا يَعْمَلُ فِيهَا خَيْلٌ وَلَا إبل، وَلَا يَسْلُكُها إلاَّ رَاجِل.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: الأرْجَلُ من الرِّجال، الْعظيمُ الرِّجْل قَالَ: والأَرْكَبُ، الْعظِيمُ الرُّكُبَة، والأَرأَس، الْعظيمُ الرَّأْس، والْعَرَبُ تَقول: تَرَجَّلْتُ الْبِئْرَ تَرَجُّلاً، إِذْ أنَزَلْتَها مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدَلَّى.
وَفِي الحَدِيث: (الْعَجْماءُ جَرْحُها جُبَار) .
ورَوَى بَعْضُهم: الرِّجْلُ جُبَار، وفَسَّرَهُ مَن ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَاكِبَ الدَّابَّة إذَا أَصَابَتْ وهُو راكِبُها إنْسَانا، أَو وَطِئَتْ شَيئاً، فضَمانُه على رَاكبها، وإِنْ أصابَتْه بِرِجْلها فَهُو جُبَار، أَي هَدَر، وَهَذَا إِذا أَصابَتْهُ وهِيَ تَسِير.
فَأَما أَنْ تُصيبَه وهِي واقِفَةٌ فِي الطَّريق فالرَّاكب ضامنٌ مَا أَصابَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْل. وَكَانَ الشَّافعيّ يَرَى الضَّمانَ واجِباً على راكبها على كُلِّ حَال، نَفَحَتْ (الدَّابةُ) بِرِجْلها، أَو خَبَطَتْ بِيَدها، سائِرَةً كانَتْ أوْ وَاقِفَة. والحديثُ الَّذي رَوَاهُ الكُوفيَّون أنَّ الرِّجْل جُبَار غَيرُ صَحيح عِنْد الحُفّاظ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: إِذا خَلَطَ الْفَرَسَ

(11/24)


الْعَنَقَ بالْهَمْلَجَة، قيل: ارْتَجَلَ ارْتِجالاً.
قَالَ: وقالَ أَبُو عُبَيْدة: ارْتَجلْتُ الكَلامَ ارْتِجالاً، واقْتَضَبتُهُ اقْتِضَاباً، مَعْنَاهُمَا: أَلاَّ يكونَ هَيَّأَه قَبْلَ ذَلِك.
وَقَالَ غَيره فِي بَيت الرَّاعي:
كَدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلَى تَلْعَةٍ
غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولاً
المُرْتَجِلُ: الَّذي أَخَذَ رِجْلاً مِن جَرَادٍ فَشَواها.
وَقيل: المُرتَجِلُ، الَّذي اقْتَدَحَ النَّارَ بِزَنْدَةٍ جَعَلَها بَيْن رِجْلَيْه وفَتَلَ فِي فُرْضَتِها بِيَده حَتَّى يُورِي.
وَقيل: المُرْتَجِلُ. الَّذي نصَبَ مِرْجَلاً يَطْبُخ فِيهِ طَعَاما. قَالَ المتنخل:
إِن يُمْسِ نشوان بمصْروفَةٍ
مِنْهَا بِريَ وعَلى مِرْجَلِ
لَا تَقِهِ الموتَ وقَيَّاتُه
خُطَّ لَهُ ذَلِك فِي المَحْبَلِ
نشوان: سَكرَان، بمصروفةٍ، أَي بِخَمْر صِرْفٍ، وعَلى مِرْجَلٍ، أَي على لحمٍ فِي قِدرٍ أَي وَإِن كَانَ هَذَا فَلَيْسَ يَقِيه من الْمَوْت، فِي المَحْبَل أَي حِين حَبَلَت بِهِ أمه، ويُروى المَحْبِل، أَي فِي الْكتاب، وكلٌّ رِوَايَة.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبِي زَيْد: نَعْجَةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْبَيْضَاءُ، إِحْدى الرِّجْلَين إِلَى الْخَاصِرَة وسائِرُها أَسْوَد.
وقَالَ الأُمَوِيّ: إِذَا وَلَدَت الْغَنَمُ بَعْضُها بَعْد بَعْض قيل: وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاَء، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً.
الْحَرَّانِيُّ، عَن ابْن السِّكِّيت: الرَّجَلُ، أَنْ تُرْسَلُ الْبَهْمةُ مَعَ أُمِّها تَرْضَعُها مَتى شَاءَت.
يُقَال: بَهْمَةٌ رَجَلُ، وبَهْمٌ رَجَلٌ، وَقد رَجَلَ أُمَّهُ يَرْجُلُها رَجْلاً إذَا رَضَعَها، وَقد أَرْجَلَها الرَّاعي مَعَ أمهاتها.
وأَنْشَدَ شمر:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِلَ حَتَّى فُطِمَا
وَفِي (النَّوادِر) : الرَّجْلُ النَّزْوُ؛ يُقَال: بَاتَ الحِصَانُ يَرْجُلُ الْخيْلَ، وأَرْجَلْتُ الحِصانَ فِي الْخَيل إِذا أرْسلت فِيهَا فَحْلاً. وطَرِيقٌ رَجِيلٌ إذَا كانَ غَلِيظاً وَعْراً فِي الْجَبَل.
والْعَربُ تَقُول: أَمْرُكَ مَا ارْتَجلْتَ، مَعْنَاهُ مَا اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْيِكَ فِيه.
قَالَ الْجَعْدِيّ:
وَما عَصَيْتُ أَمِيراً غَيْرَ مُتَّهتم
عِنْدي، ولكنَّ أَمْرَ الْمرْءِ مَا ارْتجلاَ
أَبُو عُبَيْد عَن الْفراء الجُلْدُ الْمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ رِجْلٍ واحِدَة.
قَالَ: والمنجُولُ الَّذي يُشَقُّ عُرْقوباه جَمِيعًا كَمَا يَسْلُخُ النَّاسُ الْيَوْم، والمُزَقَّقُ الَّذي يُسْلَخُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه.

(11/25)


وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله:
أَيَّامَ أَلْحَفُ مِئْزَرِي عَفَر الثَّرى
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
أَراد بالمُرْجَّل الزِّقَّ الْمَلآنَ مِنَ الْخمر، وغَضُّه: شُرْبُه.
قَالَ: والمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: قَالَ المُفَضَّلُ يَصِفُ شَعْره وحُسْنَه. وَقَوله: أَغُضُّن أَيْ أنْقُضُ مِنْهُ بالْمِقْراض لِيَسْتَوِي شَعثُه.
قَالَ: والمرَجَّلُ الشَّعْرُ المُسَرَّح، ويُقالُ للمُشْط مِرْجَل، ومِسْرَحٌ. رَيَّان: مَدْهُون. والْعَفَرُ: التُّراب.
وَقَالَ أَبُو العَبّاس: حَدَّثْتُ ابْنَ الأَعْرابيِّ بِقَوْل الأَصمَعيّ فاسْتَحسنه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: أرجُلُ القِسيّ إِذا وُترتْ أعاليها، قَالَ: وأيديها أسافلُها، قَالَ: وأرجلها أشدُّ من أيديها.
وَأنْشد:
لَيْت القسيَّ كلَّها من أرجُل
قَالَ: وطرفا القويس ظُفراها، وحزَّاها: فُرْضتاها، وعِطفاها، سِيتاهَا؛ وَبعد السِّيتين الطِّائِفان، وَبعد الطّائِفيْن الأَبْهَران وَمَا بَين الأَبْهَريْن كَبدُها وَهُوَ مَا بَين عَقْدي الْحمالَة، وعَقداها يسميان الكُليتين؛ وأوتارُها الَّتِي تُشد فِي يَدِها ورجلها تسمى الوُقوفَ وَهِي المضَائِغ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التَّرَجُّل إلاَّ غِيَّاً، وَمَعْنَاهُ أنَّهُ كَرِه كَثْرَةَ الادّهان، ومَشْط الشَّعر وتَسويته كلَّ يَوْم.
أَبُو عُبيد: رَجَلْتُ الشَّاةَ وارَتَجَلْتُها إِذا عَلَقْتَها برِجْلِها.
ورَوى عليُّ بنُ الخَليل عَن أبِيه أَنَّه قَالَ: يُقَال جاءَتْ رِجْلٌ دَفّاع، أَي جَيشٌ كَثِير، شُبِّهَ بِرِجْلِ الْجَرَاد.
والرِّجْلُ: القِرْطَاسُ الخَالي، والرِّجْلُ: البُؤْسُ والفَقْر، والرِّجْلُ القاذُورَةُ من الرِّجال، والرِّجْل: الرَّجُلُ النَّؤُوم، والرِّجْلَةُ: المَرْأَةُ النَّؤُومُ، كل هَذَا بِكَسْر الرّاء.
وَقَالَ: الرَّجُلُ فِي كلامِ أَهْلِ اليَمن: الكَثِيرُ المجامَعة، حَكَاهُ عَنْ خالٍ للفَرَزْدَق قَالَ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يقولُ ذَلِك. وزَعَمَ أَنَّ من الْعَرَب من يُسَمِّيهِ العُصْفُورِيّ، وأَنشد:
رَجُلاً كُنْتُ فِي زَمان غُرُورِي
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهُودُ
والمَراجِلُ: ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمن.
ويُقال لِلْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ رِجْلَة. يُقَال: فلانٌ أَحْمَقُ من رِجْلة، يعنون هذهِ الْبَقْلَة، لِأَنَّهَا أَكثر مَا تَنْبُتُ فِي المسايل، فَيَقْطَعُها ماءُ السَّيْل.

(11/26)


وَقَالَ أبُو عَمْرو: الرَّاجِلَةُ: كَبْشُ الرَّاعي الَّذي يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَتَاعَه. وأَنْشَدَ:
فَظَلَّ يَعْمِدُ فِي قَوْلٍ وَرَاجِلَةٍ
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ
يُكَفِّتُ: يَجْمَعُ، ويَهْتَبِدُ: يَطْبُخُ الْهَبِيدِ.
ج ر ن
جَرَنَ، رجن، رَنَجَ، نَجَرَ، نَرَجَ: مستعملة.
جرن: قالَ اللَّيْث: الْجِبرانُ: مُقَدَّمُ العُنُق مِنْ مَذْبَح الْبَعِيرِ إلَى مَنْحَرِه، فَإِذا بَرَكَ الْبَعِيرِ ومَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الأرْض، قيل: أَلْقَى جِرانه بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ غَيْرُه: سُمِّيَ جِرَانُ الْعَوْدِ جِرانَ الْعَوْدِ، بقَوْلِهِ يُخاطِبُ ضَرَّتَيْه:
خُذَا حَذَراً يَا جارَتَيّ فإنَّني
رَأَيْتُ جِرَان الْعَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ
أَراد بِجِرَانِ الْعَوْدِ سَوْطًا قَدَّهُ مِنْ جِرَانِ عَوْدٍ نَحَرَه، وَهُوَ أَصْلَبُ مَا يَكُون.
ورَأَيْتُ الْعَرَب تُسَوِّي سِيَاطَهَا من جُرُنِ الجِمال البُزْل لِصَلابَتِها، وإنَّما حَذَّرَ امْرَأَتَيْهِ سَوْطَه وكانتا نشزتا عَلَيْه.
والجَرِينُ: المَوْضِعُ الَّذي يُجْمَعُ فِيهِ التَّمْرُ إِذا صُرِمَ، وَهُوَ الْفَدَاءُ عِنْدَ أَهْلِ هَجَر.
وَقَالَ اللّيْثُ: الجَرِينُ مَوْضِعُ الْبَيْدَرِ بِلُغَةِ أَهْلِ اليَمن، قَالَ: وعامَّتُهُمْ بِكَسْرِ الجِيمِ، وجَمْعُه جُرُن.
والجَرْنُ: الطّحْنُ، بلُغَةِ هُذَيْل، وَقَالَ شاعِرُهم:
ولصوته زَجَلٌ، إِذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحَا بِجَرِينِها الْمَطْحُون
الْجَرين: مَا طَحَنْتَه، وقَدْ جُرِنَ الحَبُّ جَرْناً شَديداً.
وقالَ اللّيْث: الْجَارِنُ: مَا لاَنَ مِنْ أَوْلاَدِ الأفَاعِي. وأَدِيمٌ جَارِنٌ، وقَدْ جَرَنَ جُرُوناً، إِذا لانَ.
وَقَالَ لَبِيد يَصِفُ غَرْبَ السَّانية:
بِمُقَابِلٍ سرِبِ الْمَخارِزِ عِدْلُه
قَلِقُ الْمَحَالَةِ جارِنٌ مَسْلُومُ
قلت: وكُلُّ سِقاءٍ قَدْ أَخْلَقَ أَوْ ثَوْبٍ فقد جَرَنَ جُروناً فَهُوَ جارِن.
ويُقال: جَرَنَ فلَان على العَذْلِ، ومَرَنَ ومَرَدَ بمَعْنًى واحِد، قالَه الفَرَّاءُ وغيرُه.
وَقَالَ شَمِر: الجارِنَةُ اللَّيِّنَةُ من الدُّرُوع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرُو: الْجَارِنَةُ الْمَارِنَة، وكلّ مَا مَرَنَ فقد جَرَن. وَقَالَ لَبِيدٌ يذْكُر الدُّروع:
وجَوَارِن بِيضٌ وكُلُّ طِمِرَّةٍ
يَعْدو عَلَيْها القَرَّتَيْنِ غُلام
وَقَالَت عائِشَةُ فِي حَديثٍ رُوِيَ عَنْهَا أنَّها قَالَت: (حَتَّى ضَرَبَ الحَقُّ بِجِرَانِه) ، أَرَادَتْ أَنَّ الحَقَّ اسْتقامَ وقَرّ فِي قَرارِه، كَمَا أنَّ الْبَعيرَ إِذا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ جِرانَه عَلَى الأرْض.
اللحياني: أَلْقَى فلانٌ على فُلانٍ أَجْرامَه

(11/27)


وأَجْرانَه، وشَرَاشرَه، الواحِدُ جِرْمٌ وجِرْنٌ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدْ: الْجُرْنُ: المِهْرَاسُ الَّذي يُتَطَهَّرُ مِنه.
وَقَالَ الأصمَعيّ: إنَّمَا سَمِعْتُ فِي الْكلامِ أَلْقَى عَلَيْهِ جِرَانَه والجميعُ جُرُنٌ، وَهُوَ باطِنُ العُنُق.
رنج: الرَّانِجُ هُوَ الجَوْزُ الهِنْدِي، وَمَا أَرَاه عربيّاً، لِأَنَّهُ لَا ينْبت فِي بِلَاد الْعَرَب. وَقيل: إِنَّه ينْبت بعُمَانَ ونواحِيها.
رجن: أَبُو عُبَيد عَن الْكِسَائيّ: رَجَنَ الرَّجلُ بالمكانِ يَرْجُنُ رُجُوناً إِذا أَقامَ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجَنَ الرّجُلُ فِي الطَّعام وَرَمَكَ، إِذا لَمْ يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاجِنُ: الآلِفُ مِنَ الطَّيْرِ وغيرِه. قَالَ: ورَجَنَ فلانٌ دَابَّتَه رَجْناً فهيَ رَاجِنٌ ومَرْجُونَةٌ، إِذا أَسَاءَ عَلَفَها حَتى هُزِلَتْ.
أَبُو عبَيد عَن الأصمعيّ: ارْتَجَنَ عَلَيْهِم أمْرُهُم، أَي اخْتَلَطَ، أُخِذَ من ارْتِجَان الزُّبْد إِذا طُبِخَ فَلم يَصْفُ.
وَقَالَ بِشْر:
وكُنْتُم كَذاتِ القِدْرِ لمْ تَدر إِذْ غَلَتْ
أَتُنْزِلُها مذمومةً أَمْ تُذِيبُها
وَقَالَ أَبُو زَيد: رَجَّنْتُ الشَّاةَ فِي الْعَلَف تَرْجِيناً إذَا حَبسْتَها فِي الْمنزل على الْعَلَف؛ قَالَ وَإِذا حَبَسْتَها على المَرْعَى من غَيرِ عَلَف، قلت: رَجَّنْتُها رَجْناً؛ فَهِيَ مَرْجُونَة.
قَالَ: وَرَجِنْتُ الرَّجلَ أَرْجنَةُ رَجَناً، إِذا اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ، وَهَذَا من (نَوادِرِ أَبي زَيْد) .
وَقَالَ ابنُ شُميْل: رَجَن القومُ رِكَابَهم ورَجَنَ فلانٌ راجِلتَه رَجْناً شَدِيدا فِي الدَّار، وَهُوَ أَنْ يحْبِسَها مُنَاخَةً لَا يَعْلِفُها.
ورَجَنَ البعيرُ فِي النَّوى والبَزْرِ رُجوناً ورُجُونَة: اعتلافُه.
نرج: اللَّيثُ النَّيْرَجُ، والنَّوْرَجُ لُغَتَان. وأهْلُ الْيمن يَقُولُونَ: نُورَج، وَهُوَ الَّذي يُدَاسُ بِهِ الطَّعام من حَدِيدٍ كَانَ أَو من خَشَب.
قَالَ: وَيُقَال: أَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوَابُّ نَيْرَجاً؛ وعَدَتْ عَدْواً نَيْرَجاً، وَهُوَ سُرْعةٌ فِي تَرَدُّد.
وَقَالَ العجّاج:
ظَلَّ يُبارِيها وظَلَّتْ نَيْرَجَا
فِي (نَوادِر الأَعْراب) : النَّوْرَجُ السّراب؛ والنَّوْرَجُ سِكَّةُ الحرّاث.
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: النَّوْجَرُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُكْرَبُ بهَا الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيث: النِّيَرجُ أُخَدٌ كالسِّحْر، ولَيْسَ بِسِحْر، إنّما هُوَ تَشْبِيهٌ وتَلْبِيس.
نجر: قَالَ اللَّيثُ: النَّجْرُ: عَملُ النَّجار ونَحْتُه. والنَّجرانُ خَشبَةٌ يَدُورُ عَلَيْهَا رِجْلُ الْباب، وَأنْشد:
صَبَبْتُ البابَ فِي النَّجْرانِ حتّى
تَركْتُ البابَ لَيْسَ لَهُ صَرِيرُ

(11/28)


ثَعْلَب عَن ابْنُ الأَعْرابيّ: يُقالُ لأَنْفِ الْبَاب: الرِّنَاج ولدَرَوَنْدِه: النّجاف والنَّجران، ولمتْرسِه الْقُنّاح.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: نَجْرانُ الْبابِ: الْخَشَبَةُ الّتي يَدُورُ فِيهَا.
وَقَالَ اللّيث: النَّجيرة سَقِيفَةٌ من خَشَبٍ لَا يُخالِطُها الْقَصب وَلَا غَيْرُه.
وَقَالَ الرِّياشيّ فِيمَا أفادَنِي المُنْذِرِيّ عَن الصَّيْدَاوي عَنهُ: النَّجِيرَةُ بَيْنَ الْحسُوِّ وبَيْنَ الْعَصِيدَة.
قَالَ: وَيُقَال: انْجرِي لِصبْيانِكِ ورعائِك. وَيُقَال: ماءٌ مَنْجورٌ أَيْ مُسَخَّن.
وَقَالَ: وَيُقَال: شَهْرَا نَاجِرِ وآجِر، يَشْتَدُّ فِيهما الْحرّ، وأَنْشَدَ عُركُز الأَسَدِي:
تُبَرِّدُ ماءُ الشَّنِّ فِي لَيْلَةِ الصَّبا
وتَسْقِينِيَ الكُرْكُورَ فِي حَرِّ آجِرِه
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعْرابِيّ، قَالَ: هِيَ الْعَصِيدَةُ ثمَّ النَّجِيرَةُ ثمَّ الحرِيرَةُ ثمَّ الْحَسُوّ.
أَبُو الْحسن اللِّحْيانِي: نَجَرَ يَنْجُرُ نَجْراً، ومَجَرَ يَمْجُر مَجْراً، إذَا أَكْثَر من شُرْبِ الماءِ فَلم يَكَدْ يَرْوى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي النَّجَرِ مِثْلُه.
وَقَالَ اللَّيث: نَجَرْتُ فُلاناً بيَدي، وَهُوَ أنْ تَضُمَّ من كَفِّكَ بِرُجْمَةِ الأصْبُعِ الوُسْطَى ثمَّ تَضْرِب بهَا رَأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ.
قلت: لم أسمَعَ نَجَرتُ بِهَذَا الْمَعْنى لِغَيْر اللَّيث، والَّذي سَمِعْنَاه: نَحَزْتُه (بِالْحَاء وَالزَّاي) إِذا دَفَعْتَه ضَرْباً.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
يُنْحَزْنَ فِي جانِبَيْها وَهِي تَنْسَلِبُ
وأَصَلُ النَّحْزِ: الدَّقّ، ومِنْه قِيلَ للهاوُنِ مِنْحاز.
ابنُ السِّكِّيت عَن أَبِي عَمْرو: النَّجِيرَةُ: اللَّبَن الْحلِيبُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ سَمْن.
قَالَ: وقالَ الطَّائِيّ: النَّجِيرَةُ ماءٌ وطحِين يُطْبَخ.
سَلَمَةُ عَن الْفَراء، قَالَ المفضَّل: كَانَت الْعربُ تَقول فِي الجاهليّةِ للمحَرَّمِ مُؤتَمِر، ولِصَفَر ناجِر، ولِرَبيع الأَوَّل خَوَّان.
وقالَ اللَّيْثُ فِي (كِتَابه) : شَهْرٌ نَاجِرِ هُو رَجَب، قَالَ: وكلُّ شَهرٍ فِي صَميمِ الْحرِّ فاسْمهُ ناجِر، لأَنَّ الإبِلَ تَنْجُرُ فِيهِ، أيْ يَشْتَدُّ عَطَشُها حَتَّى تَيْبَسَ جُلودُها.
وقالَ غَيْرُه: شَهْرا نَاجِر، هما تَمُّوز وحَزِيرَان، وَكَانَ يُقالُ لصفَرَ فِي الْجاهِلِيّة: نَاجِر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْجَر: مِرْساةُ السَّفينة، وَهُوَ اسمٌ عِراقيّ، وَمن أمثالهم: فُلانٌ أَئْقَلُ من أَنْجَر، وَهُوَ أَن تُؤْخَذَ خَشَبَاتٌ

(11/29)


فيُخالَفُ بَين رُؤوسِها، وتُشَدُّ أَوْساطُها فِي مَوْضعٍ وَاحِد، ثمَّ يُفْرَغُ بَينهَا الرَّصاص المُذَاب، فيصيرُ كأَنّه صَخْرَةَ، ورُؤُوسُ الْخَشَب نائِيَةٌ يُشَدُّ بهَا الحِبال، ثمَّ تُرْسَلُ فِي المَاء، فَإِذا رَسَتْ، أَرْسَتْ السَّفِينَة فأَقَامَتْ.
قَالَ: والإنْجَارُ لغةٌ يمانيَّة فِي الإجِّار، وَهُوَ السَّطْح. أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأُمَويّ: النِّجار الأَصْل، وَيُقَال: اللَّون. وَقَالَ غَيره: النَّجْر: اللَّوْن، وأنْشَدَ:
نِجارُ كلِّ إبِلٍ نِجارُها
ونارُ إِبِلِ العالمينَ نارُها
هَذِه إبلٌ مَسروقةٌ من آبال شَتَّى، فَفِيهَا من كلِّ ضَرْبٍ وَلَوْن وسِمَة ضَرْبٌ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرُو: النّجْرُ: السَّوْقُ الشَّديد، وَقد نَجَر إبِلَه، وَأنْشد:
جَوَّاب لَيْلٍ مِنْجَرُ الْعَشِيّاتْ
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: النَّجْرُ شَكلُ الأسْنان، وهَيْئَتُه. وَقَالَ الأخطل:
وَبَيضَاءَ لاَ نَجْرُ النّجاشِيِّ نَجْرُها
إذَا الْتَهَبت مِنْهَا الْقَلاَئِدُ والنّجْرُ
والنَّجْرُ: الْقَطْعُ، وَمِنْه نَجْرُ النَّجار، وَقد نَجَرَ الْعُودَ نَجْراً، وَمِنْه قَوْله:
رَكبْتُ من قَصْدِ الطَّرِيقِ مَنْجَرَه
فَهُوَ الْمَقصَدُ الَّذِي لَا يَعْدِلُ وَلا يُجُورُ عَن الطَّريق.
ج ر ف
جرف، جفر، رجف، رفج، فجر، فرج: مستعملات.
جرف: قَالَ اللَّيْثُ: الجَرْفُ، اجْتِرَافُك الشَّيءَ عَن وَجْهِ الأَرْض، حَتَّى يُقَال: كَانَت الْمرْأَةُ ذَات لِثَةٍ فاجْتَرَفَها الطَّبيب، أَي اسْتَحاها عَن الأسْنَانِ قَطْعاً.
قَالَ: والطَّاعون الجارِفُ نزل بأَهْلِ العِراق ذَرِيعاً، فَسُمِّيَ جَارِفاً.
قَالَ: والجارِفُ شُؤْمٌ أَو بَلِيَّةٌ يجتَرِفُ مَالَ الْقَوْم، ورَجُلٌ مُجَرَّفٌ قد جَرَّفَهُ الدَّهرُ أَي اجْتاح مَاله وأَفْقَره.
وَرَجُلٌ جَرَّافٌ: وَهُوَ الأكُولُ لَا يُبْقِي شَيْئاً.
وجُرْف الْوادي وَنَحْوه من أَسْنادِ المسايِل إذَا نَجَخَ الماءُ فِي أَصْلِه فاحْتَفَره فَصَارَ كالدَّحْل وَأَشرَفَ أَعْلاه، فَإِذا انْصَدَعَ أَعْلاه، فَهُوَ هارٍ، وَقد جَرَّف السيلُ أَسنادَه. وَقَالَ الله: {أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (التَّوْبَة: 109) .
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الجُرْفُ عُرْضُ الْجَبَلِ الأمْلَس.
وَقَالَ شَمِر. يُقَال: جُرْفٌ وَأَجْرَافٌ وَجُرْفَة وَهِي الْمَهَواه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ: أَجْرَفَ الرَّجل إِذا رَعَى إبِلَه فِي الجَرْفِ، وَهُوَ الخِصْبُ والْكَلأُ المزْدَجُّ المُلتَفّ؛ وأَنشد:

(11/30)


فِي حِبّةٍ جَرْفٍ وَحِمْضٍ هَيْكَل
والإبِل تَسْمَنُ سِمَناً مُكْتَنِزاً؛ يَعْنِي على الحِبّة، وَهُوَ مَا تَناثَر من حُبوب الْبُقُول واجْتمعَ مَعهَا وَرَقُ يَبِيسِ البقل فَتَسْمَن الإبِلُ عَلَيْهَا.
وأَجْرَفَ الرجلُ، إِذا أَصَابه سَيْلٌ جُرافٌ.
أَبُو عبيد: الجُرفَةُ من سِماتِ الْإِبِل، أَنْ تُقْطَع جِلدةٌ من فَخِذِ الْبَعِير من غير بَيْنونَةٍ ثمَّ تُجْمَع، ومِثلُها فِي الأنْفِ القُرْمَة.
وَقَالَ بَعضهم: الجَوْرَفُ: الظَّلِيمُ؛ وَأنْشد لكعب بن زُهَيْر الْمُزَنيّ:
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقد لانَت عريكَتُها
كَسَوْتُهُ جَوْرَفاً أَقْرَابُه خَصِفَا
قلت: هَذَا تَصْحيف. وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الجَوْرَق بالْقافِ: الظليم.
قَالَ: وَمن قَالَه بِالْفَاءِ فقد صَحَّف.
أَبُو تُرَاب عَن اللِّحيانيّ: رجل مُجَارَفٌ: وَمُحَارَفٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِبُ خيرا.
ثَعْلَب عَن الأعرابيّ قَالَ: الْجَرْف: المالُ الكثيرِ من الصَّامِت والنَّاطق.
قَالَ ابنُ السِّكّيت: الْجُرافُ: مِكْيال ضَخْم، قَالَ: وَقَوله، الْجُرافُ الأكْبَرُ، يَقُول: كانِ لَهُم من الهوان مِكْيالٌ وَافٍ. وَسَيْلٌ جُرافٌ: يَجْرُف كلَّ شَيء.
رجف: قَالَ اللَّيث: رَجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً وَرَجَفَاناً، كَرَجَفَانِ البَعير تَحت الرَّحْل، وكما ترجُفُ الشَّجرة إِذا رَجَّفَتْهَا الرّيح، وكما يَرْجُف السِّنُّ إِذا نَفَضَ أَصْلُهَا، وَنَحْو ذَلِك رَجْفٌ كلّه. وَرَجَفَت الأرْضُ إِذا تَزَلْزَلَت، وَرَجَفَ الْقَوْم، إِذا تَهَيَّئُوا للحرب.
وَقَالَ الله: {أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} (النازعات: 6، 7) .
قَالَ الفرّاء: هِيَ النَّفْخَةُ الأولى، تَتْبَعُها الرَّادفة، وَهِي النَّفْخة الثَّانِيَة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الرَّاجِفَةُ الأرْض تَرْجُفُ تَتَحَرك حَرَكَة شَدِيدَة.
وَقَالَ مُجَاهِد: الرَّاجِفة: الزَّلْزَلة.
وَقَالَ اللَّيث: الرَّجْفَةُ فِي الْقُرْآن: كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قوما فَهُوَ رَجْفَةٌ وَصَيْحَةٌ. وصَاعِقَة.
والرّجْف: يرجُف رَجْفاً وَرَجِيفاً، وَذَلِكَ تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِهِ فِي السَّحَاب.
وَقَالَ غَيره: الرَّجْفَةُ الزَّلزَلَة مَعهَا الخَسْف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أَرْجَفَ الْبَلَدُ: إِذا تَزَلْزَل، وَقد رَجَفَت الأرْض وأَرْجَفت وأُرْجِفَتْ.
وَقَالَ غَيره: الرَّجَّافُ: الْبَحْر اسمٌ لَهُ، وَمِنْه قَوْله:
المُطعِمون الشَّحْمَ كُلَّ عَشِيَّةٍ
حَتَّى تَغيبَ الشمسُ فِي الرّجّاف

(11/31)


اللَّيْث: أَرْجَفَ القومُ، إِذا خَاضُوا فِي الأخْبار السَّيئة، وذِكْرِ الفِتَن.
قَالَ الله جلّ وعَزَّ: {قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ} (الْأَحْزَاب: 60) وهم الَّذين يُولِّدون الأخْبارَ الكاذِبة، الَّتِي يكونُ مَعهَا اضْطرابٌ فِي النّاس.
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: رَجَفَت الأرْض، إِذا تَزَلْزَلَتْ.
فرج: رُوِيَ فِي الحَدِيث: (وَلَا يُتْرَكُ فِي الإسْلام مُفْرَج) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ جابِرٌ الجُعْفيّ: الْمُفْرَجُ الرجل يكون فِي الْقوم من غَيْرهم، فحقٌّ عَلَيْهِم أَن يَعْقِلُوا عَنهُ.
قَالَ: وَسَمِعْت مُحمد بنَ الْحسن يَقُول: هُوَ يُرْوَى بالْحاءِ والْجيم، فَمن قَالَ مُفرَجٌ فَهُوَ الْقَتِيلُ بأَرْضٍ فَلاةٍ، وَلَا يكون عِنْد قَرْية يَقُول: فَهُوَ يُودَى من بَيْتِ المَال وَلَا يُبْطَلُ دَمه.
وَمن قَالَ: مُفْرَح: فَهُوَ الَّذِي أَثْقَلة الدَّين.
وَقَالَ أَبو عُبيد: قَالَ أَبو عُبيدة: المُفْرَجُ أَن يُسْلِمَ الرجل وَلَا يُوالِي أَحداً، فإِذا جَنى جِنايَةً، كَانَت جِنايَتُهُ على بَيت المَال؛ لِأَنَّهُ لَا عاقِلَة لَهُ، فَهُوَ مُفْرَجٌ بِالْجِيم.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الَّذي لَا دِيوَانَ لَهُ.
وأَخْبرني المُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: المُفرَحُ: المُثْقَلُ بِالدّينِ. والمُفْرَجُ: الَّذِي لَا عَشيرةَ لَهُ. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: المُفْرَحُ: الَّذِي لَا مَالَ لَهُ. والمُفْرَجُ: الَّذي لَا عَشِيرَةَ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفَرَجُ: ذَهَابُ الْغَمّ، وانكِشاف الكَرْب، يُقَال: فَرَجَه الله فانْفَرج، وفَرَّجَهُ تَفْرِيجاً.
وأَنْشد:
يَا فارِجَ الهَمِّ وكَشَّاف الكُرَبْ
قَالَ: والْفَرْجُ اسْم يَجْمع سَوْءات الرّجال والنساءِ والقُبْلانِ وَمَا حَواليهما، كُلُّه فَرْج، وَكَذَلِكَ من الدّواب وَنَحْوهَا من الخَلْق.
وكُلُّ فُرْجَةً بَين شَيْئين فَهُوَ فَرْج؛ كَقَوْلِه:
إلاَّ كُمَيْتاً بالْقَناةِ وضَابِئاً
بالفَرْج بَيْن لبانِه ويَدهِ
جعل مَا بَين يَدَيْهِ فَرْجاً. وَكَذَلِكَ قَول امرىء القَيس:
لَها ذَنَبٌ مثل ذَيلِ الْعَرُوس
تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها من دُبُرْ
أَرَادَ مَا بَين فَخِذيها ورِجْليها.
والفَرْجُ: الثَّغْرُ المخُوف، وَجمعه فُروج، سُمِّي فرْجاً؛ لأنَّه غيرُ مَسْدود.
وفَرُّوجَةُ الدَّجاجة تُجمع فَراريج.
وَفِي الحَدِيث أَن النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى وَعَلَيْه فَرُّوجٌ من حَرير.
قَالَ أَبُو عُبَيد: هُوَ الْقَباءُ الَّذِي فِيهِ شَقٌّ من خَلْفِه.

(11/32)


أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: رَجُلٌ أَفْرَجٌ، وامْرأة فَرْجاء: الْعَظِيمَة الأليتين لَا يَلْتقيان، وَهَذَا من الْحَبَش.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: الفُرُجُ بِضَم الْفَاء والراءِ: الَّذِي لَا يَكْتُمُ السِّرّ، والْفِرْجُ مِثْله.
قَالَ: والْفِرَجُ: الَّذِي لَا يزَال يَنْكَشِف فَرْجُه.
وَقَالَ الهُذَلِيّ يصف دُرَّة:
بكَفَّى رَقاحِيَ يُريدُ نَماءَها
فَيُتْرِزُها للْبيع وَهِي فَرِيجُ
مَعْنَاهُ: أَنه كُشِفَ عَن الدُّرة غطاؤُها لِيَراها النّاس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: فَتحاتُ الْأَصَابِع يُقال لَهَا التَّفاريجُ والحُلْفُقْ.
وَقَالَ النَّضْر: فَرْجُ الْوَادي: مَا بَين عُدْوَتَيْه، وَهُوَ بَطْنه. وفَرْجُ الطَّريق: مَتْنُه وفُوَّهَتُه. وفَرْج الجَبل: فَجُّه.
وَقَالَ القَطاميّ:
مُتَوَسِّدين زِمام كُلِّ نَجِيبَةٍ
ومُفَرَّجٍ عِرْقَ الْمَقَذِّ مُنَوَّقِ
أَرَادَ وزِمامُ كُلِّ مُفَرَّج وَهُوَ الوَسَاع.
وَيُقَال: المُفَرَّجُ: الَّذِي بَان مِرْفقُهُ عَن إِبطِهِ.
ويُقال: أَفْرجَ القومُ عَن قَتيل، إِذا انْكَشفوا، وأَفْرَجَ فلانٌ عَن مَكَان كَذَا وَكَذَا، إِذا أخَلَّ بِهِ وتَركه.
ويُقال: مَا لهَذَا الْغمّ من فُرْجَة وَلَا فَرْجَةٍ وَلَا فِرْجَة، وأَخْبرني المُنذريّ. عَن ابْن اليَزيديّ، عَن أبي ناجِية، عَن ابْن الأَعْرابيّ أَنَّه أَنْشد:
رُبّما تكْرَهُ النُّفوس من الأمْ
رِ لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العقَالِ
قَالَ: يُقَال فُرْجَةْ وفَرْجَةٌ فُرْجَةٌ اسْم، وفَرْجَةٌ مصدر، وفُروجُ الأَرْض نَواحيها.
اللِّحيانيّ: قَوْسٌ فَرِيجٌ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَهِي الفارِجُ أَيْضا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: هِيَ الفارِجُ والفُرُج، وَرَوَاهُ أَبُو عُبيدِ عَنهُ.
وَيُقَال: رَجُل أَفْرَجُ الثَّنايا، وأَفْلَجُ الثَّنايا، بِمَعْنى وَاحِد.
ابْن السِّكّيت: قَالَ الأصمعيّ: الفَرَجانُ: خُراسانُ وسِجِسْتَان، وأَنْشد قَول الغُدانِيّ:
على أَحَدِ الفَرْجَيْن كَانَ مُؤَمَّري
أَبُو زيد: يُقَال للمُشْط: النَّحِيتُ، والمُضَرِّجُ والمِرْجَلُ، وَأنْشد أَحْمد بن يحيى لبَعْضهِم:
فاتَه المَجْدُ والعلاءُ فأَضْحَى
يَنْفُضُ الْخِيسَ بالنَّخِيتِ المُفَرِّج
أَرَادَ بالْخِيس لَحْيَتَه، يَصِفُ رجلا كَانَ شاهِدَ زُور.
وَقَالَ أحمدُ بن عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد:

(11/33)


الْعَرَب تَقول: جرت الدابةُ مَلأى فُروجُها، وفُرُوجُها: مَا بَين قَوائِمها، فالفروج: رَفْعٌ بمَلأَى.
وَيُقَال فِي المذَكَّر: جَرَى الفَرسُ بملأَى فُروجه وَهِي مَا بَين قَوائمه، أَي من شِدَّة إِسْراعه فِي الجري امْتَلأ مَا بَين قوائمه بالغُبار والتُّراب.
وَالْعرب تُسَمِّي مَا بَين القوائم خَوَاء، وَكَذَلِكَ كل فُرْجَةٍ بَين شَيئين.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفَارِج: النَّاقَة الَّتِي انْفَرَجت عَن الْولادَة، فَهِيَ تُبْغِضُ الفَحْلَ وتَكْرَه قُرْبَه.
جفر: فِي حَديثِ عُمرَ أنَّه قَضَى فِي اليَرْبوع إِذا قَتَله المحْرِمُ بجِفْرَة.
أَبُو عبيد عَن أَبي زَيْد قَالَ: إِذا بَلغت أولادُ المِعْزَى أربعةَ أَشهر، وفُصِلَت عَن أُمهاتها فَهِيَ الجفار، واحِدها جَفْر، والأنْثى جَفْرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الجَفْرُ: الحَمَلُ الصَّغِير، والجَدْيُ بعد مَا يُفْطَم ابْن سِتّة أَشْهر. قَالَ: والغُلام جَفْر.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الجَفْرة: العَناقُ الَّتِي شَبِعت من الْبَقل والشَّجر، واسْتَغْنت عَن أمهَا، وَقد تجفَّرَت واسْتَجْفَرت: أَي عَظُمت وسَمِنَت.
وَيُقَال: قد تَراغَب هَذَا واستَجْفَر.
قَالَ: وَيُقَال: أُجفِرَ بَطْنُه، واستَجْفَرَ بطنُه، أَي عَظُم.
حكى ذَلِك كلّه عَنْهُم شِمرٌ فِي كِتابه، وَقَالَ:
جُفْرَةُ البَطْنِ بَاطِن الْمُجْرئِشّ
وَقَالَ غَيره: جُفْرَة كلِّ شَيْء وَسَطه ومُعْظمه.
أَبُو عبيد، عَن أَبي زيد: الجَفْرُ: البِئْر لَيست بمَطْوِيَّة.
وَقَالَ غَيره: الجُفْرةُ: حُفْرةٌ واسِعة من الأَرْض مُستديرة.
أَبُو عبيد، عَن الأَحْمر: الجَفيرُ والْجَشِيرُ مَعًا: الكِنانة وَهِي الجَعْبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَفير شِبْه الكِنانة إلاّ أنَّه أَوْسع، يُجْعَلُ فِيهِ نُشَّابٌ كَثير.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (صُوموا ووفِّروا أَشْعَارَكم، فَإِنَّهَا مَجفَرَةٌ) .
أَبُو عبيد: يَعْني مَقْطَعَةٌ للنِّكَاح، ونَقْصٌ للْمَاء.
وَيُقَال للبعير إِذا أكْثَر الضِّرابَ حَتَّى يَنْقَطع قد جَفَرَ يجْفُر جفوراً، فَهُوَ جافر.
وَقَالَ ذُو الرّمة فِي ذَلِك:
وَقد عارضَ الشِّعْري سُهَيلاً كأنّه
قريعُ هِجانٍ عارَضَ الشوك جافرُ
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مُجْفِر.
وَقد أَجفَرَ إِذا تَغَيَّرت رائحةُ جَسَدِه.
أَبُو عبيد، عَن الفَراء: كُنْتُ آتِيكم، فقد

(11/34)


أجْفَرْتكم، أَي تركتُ زِيارتكم وقَطَعتها.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرَّجل الَّذِي لَا عَقْل لَهُ: إنَّهُ لَمُنْهدِمُ الجال، ومُنْهدِم الجَفْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجُفَرِيُّ والكُفَرِي: وِعاءُ الطَّلْع. وإبلٌ جِفارٌ، إِذا كَانَت غِزَاراً، شُبِّهت بِجِفَار الرَّكايا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أجْفَرَ الرجل، وجَفَر وجَفَّر: إِذا انْقَطع عَن الجِماع، وَكَذَلِكَ اجتَفَرَ، وَإِذا ذَلَّ قيل: اجْتَفَر.
رفج: قَالَ اللَّيْث: الرُّفوجُ: أصْلُ كَرَبِ النَّخل؛ وَلَا أَدْرِي: أَعربِيٌ أمْ دَخيل.
فجر: قَالَ اللَّيْث: الفَجْرُ: ضَوْءُ الصُّبح، وَقد انْفَجر الصُّبح.
وَيُقَال للصُّبْح المُستطير فَجْرٌ، وَهُوَ الصَّادق. والمستطيل الكاذِب يُقَال لَهُ: فجر أَيْضا.
وَأما الصُّبْح فَلَا يكونُ إِلَّا الصَّادق.
والفَجْرُ: تفجيرُك المَاء. والمَفْجَرُ: الْموْضعُ الَّذِي يَفْجَرُ مِنه.
وَيُقَال: انْفجَرت عَلَيْهِم الدّواهي، إِذا جَاءَهُم الكثيرُ مِنْهَا بَغْتَه، وأيّام الفِجار: أَيّام وقائع كَانَت بعُكاظ، تفاخروا فِيهَا فاجْتَربوا واستَحَلُّوا الحُرُمات.
والفجور: الرِّيبة والكَذِب من الفُجور. وَقد رَكِبَ فلانٌ فَجْرةً وفَجار لَا يَجْرِيان إِذا فَجَرَ وكَذب، وَقَالَ النّابغة:
إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنَا بَيْننا
فَرحَلْتُ بَرّةَ، وارْتحلْتَ فجارِ
أَبُو عبيد: الفَجَرُ الجُودُ الْواسعُ، وَالْكَرم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أفْجر الرجل، إِذا جَاءَ بالْفَجَرِ، وَهُوَ المَال الْكثير، وأَفْجرَ إِذا كَذَب، وأفجر إِذا عَصَى بِفَرْجِه، وأُفجر إِذا كَفَر، ومثلُه فَجَرَ وفَجَّرَ.
قَالَ وَقَوله: ونَتْرُك من يَفْجُرُك، أَي من يَعْصيك، ومَنْ يُخَالفك.
وَقَالَ رجلٌ لعمر وَقد اسْتأذنه فِي الجِهاد فمنَعَه لضَعْف بَدَنه، فَقَالَ: إِن أطْلَقْتَني وإلاّ فَجَرْتُك، أَي عَصَيْتُك.
وأفْجَرَ: مَال مِنْ حَقَ إِلَى بَاطِل. وأفجَرَ يَنْبوعاً من مَاء، أَي أخْرجه.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الفَجور والفَاجِر: المخطِىء، والفُجورُ خِلاف البِرّ، والفاجِرُ المائِلُ، والسَّاقطُ على الطَّريق. وفَجَر أَي كَذَب، وَأنْشد:
قَتَلْتُمْ فَتًى لَا يَفْجُر الله عامِداً
وَلَا يَجْتَوِيه جارُهُ حِين يُمْحِلُ
أَي لَا يَفْجُرُ أمْر الله، أَي لَا يَميلُ عَنهُ وَلَا يَتْركه.
وَقَالَ شِمر: قَالَ الْهوازِنيّ: الافْتِجارُ فِي الْكَلَام اخْتِراقُه من غير أَن يَسْمَعه من أحد، أَو يَتَعَلَّمه، وَأنْشد:

(11/35)


نَازعِ القَومَ إِذا نازَعْتَهم
بأريبٍ أَو بَحَلاَّفٍ أبَلْ
يَفْتَجِرُ القولَ وَلم يَسْمَعْ بِهِ
وهُو إنْ قيلَ: اتّق الله، احْتَفَل
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جَلَّ وعَز: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . حدَّثني قيسٌ، عَن ابْن حُصَيْن، عَن سعيد بن جُبَيْر قَالَ: تَقول: سَوف أَتُوبُ، سَوف أَتُوب.
قَالَ: وَقَالَ الكَلْبِيّ: يُكْثِرُ الذُّنوبَ، ويُؤَخِّرُ التَّوْبة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ أَنه يُسَوِّفُ بالتَّوبة، ويُقَدِّمُ الأعمالَ السَّيِّئة. قَالَ: ويجوزُ وَالله أعلم أنَّه يكْفُر بِمَا قُدَّامَه من الْبَعْث.
وَقَالَ المؤرَّج: فَجر إِذا رَكِبَ رَأْسَه، فمضَى غيرَ مُكْتَرثٍ. قَالَ: وَقَوله: {الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ} ، ليمْضيَ رَاكِبًا رَأسه. قَالَ: وفَجرَ أخْطأَ فِي الْجَواب. وفجر من مَرضه، إِذا بَرَأَ. وفَجرَ، إِذا كلَّ بَصَرُه.
وَقَالَ ابْن شُميْل: الفُجورُ رُكوب مَا لَا يَحِلّ. وحَلَفَ فلَان على فَجْرة، واشْتَمَلَ على فجرة، أَي رَكِبَ أمْراً قبيحاً من يَمِين كاذِبة، أوْ زِنًى، أوكَذِب.
قلت: والفَجْرُ أصلهُ الشَّقّ، وَمِنْه أُخِذَ فجرُ السِّكْر، وَهُوَ بَثْقُه. وسُمِّيَ الفَجْر فجراً لانفِجَارِه، وَهُوَ انْصِداعُ الظُّلمة عَن نور الصُّبْح.
والفجورُ أصْلُه الميْلُ عَن القَصْد.
قَالَ لَبيد:
وإنْ أَخَّرتَ فالْكِفْلُ فاجِر
والكاذبُ فاجِر، والمكَذَّبُ بِالْحَقِّ فاجِر، والكافِرُ فاجِر، لميْلِهم عَن الصِّدْق والقَصْد.
وَقَول الأعرابيّ لعُمَر:
اغْفِرِ اللهمَّ إنْ كانَ فَجَرْ
أَي مالَ عَن الْحق.
وَقيل فِي قَول الله: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . أَي: ليُكَذِّب بِمَا أَمامه من البعْث، والحِساب والجَزاء، وَالله أعْلم.
ج ر ب
جرب، جبر، رَجَب، ربج، برج، بجر: مستعملات.
جرب: قَالَ اللَّيث: الجَربُ مَعْروف. والجَرْباءُ من السَّماء: النّاحِيَة الَّتِي لَا يَدور فِيهَا فَلَكُ الشَّمس وَالْقَمَر.
وأَخْبَرني المُنْذِرِيّ، عَن أَبي الهَيْثِمِ أَنه قَالَ: الْجَرْبَاءُ: السَّماءُ الدُّنيا، وَهِي الملْسَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْضٌ جَرْباءُ: إِذا كانَت مُمْحِلَةً لَا شيءَ فِيهَا.

(11/36)


وَقيل سُمِّيت السَّماء الدُّنيا جَرْباء، لما فِيهَا من الْكَوَاكِب. أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ، قَالَ: الْجِربياءُ من الرِّياح الشَّمالُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الْجِربِياءُ الرِّيحُ الَّتِي تَهُبُّ بَين الْجَنوبِ والصَّبا.
وَقَالَ اللَّيث: الْجِرْبياءُ شَمالٌ بارِدَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِنَّما جِرْبِياؤُها بَرْدُها، فَهَمَزَ.
ثعْلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الجَرْباءُ الْجَارِيَةُ المَلِيحَة، سُمِّيتْ جَرْباء لأنَّ النِّساء يَنْفِرْنَ عَنْها لتَقْبِيحِها بمَحاسِنها محاسِنَهُنّ. وَكَانَ لعَقِيل بن عُلَّفَة المُرِّي بِنْتٌ يُقال لَهَا الجَرْباء، وَكَانَت من أَحْسَن النِّساء.
وجَرِبَ البعيرُ يَجْرَبُ جَرَباً فَهُوَ جَرِب وأَجْرَب.
وَقَالَ: والجريبُ من الأَرْض نِصْفُ الفِنْجان، والجريب مِكْيالٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْفِزَة.
قلت: الْجَريبُ من الأرْض مِقدارٌ مَعْلوم الذرع والمساحة، وَهُوَ عَشَرةُ أَقْفِزَة، كلّ قِفيزٍ مِنْهَا عَشَرةُ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزْةٌ من مائَة جُزْءٍ من الْجَرِيب.
وَقَالَ اللَّيث: الْجَرِيبُ الْوادي وجَمْعُه أَجْرِبة، قَالَ: وجَريبُ الأَرْض جمعه جُرْبان، وَالْعدَد أَجْرِبة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجِرْبُ: القَرَاح، وجَمعه جِرَبَه، والجِربة: البُقْعَةُ الحَسَنَةُ النَّبات، وَجَمعهَا جِرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ أبُو عُبَيْدة الجِرْبَةُ المَزْرَعَة.
وَقَالَ بشر:
على جِرْبِةٍ يَعْلو الدِّيارَ غُرُوبها
وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: الْجَرَبُ العَيْب.
وَقَالَ غَيره: الجَرَبُ الصَّدَأُ يرْكَبُ السَّيف.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصْمعيّ: رَجُلٌ مُجَرِّبٌ ومُجَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي قد جَرَّبَ الأمُورَ وعَرفها. والمُجَرَّبُ أَيْضا: الَّذي جُرِّب فِي الْأُمُور وعُرِف مَا عِنْده.
أَبُو عُبيد، عَن الأَحْمر: جِرابُ البِئْر اتِّسَاعُها.
وَقَالَ غَيره: جِرابها مَا حَوْلَها. ويُقال: اطْوِ جِرَابَها بالحِجارة.
وَقَالَ اللَّيث: جِرابُ البِئْر جَوْفُها من أَوَّلِها إِلَى آخِرِها.
قَالَ: والجِرابُ وِعاءٌ من إِهابِ الشّاءِ، لَا يُوعَي فِيهِ إِلاَّ يَابِس، والجميع: الْجُرُب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عِيالٌ جَرَبَّةٌ: يَأكلون أَكْلاً شَديداً وَلَا ينْفعون. قَالَ: والجرَبَّةُ الحُمرُ الشِّداد الغِلاظ. والجرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجَة، يَكونون مُسْتَوِين.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصّلامَةَ من الرِّجال الَّذين لَا يُساء لَهُم، وهم مَعَ أمِّهم.

(11/37)


وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وحَيَ كِرامٍ قد هَنَأْنا جَرَبَّةٍ
ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قَالَ: جَرَبَّةٌ صِغارُهم وكِبارُهم. يَقُول: عَمَمْناهُمْ ولَم نخُصَّ كبارَهم دون صِغَارِهم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَربُّ من الرِّجال القَصيرُ الخَبُّ، وَأنْشد:
إنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبا
تَحْسِبُه، وَهُوَ مُخَنْذٍ، صَبَّا
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء، قَالَ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدهُ. وعَلى لَفْظِه جُرُبَّانُ القَمِيص.
شَمِر، عَن ابْن الأعْرابيّ: الجُرُبَّان قِرابُ السَّيْفِ الضَّخْم، يكون فِيهِ قَوْسُ الرَّجُل وسَوْطُه، وَمَا يَحْتاجُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
وعَلى الشَّمائِلِ أَن يُهاجَ بِنَا
جُرْبان كلِّ مُهَنَّد عَضْبِ
وَقيل: جُرُبَّان الْقَمِيص هُوَ بالْفارِسيَّة كَرِيبان، وَهُوَ الجَيْب.
وَقَالَ اللَّيث: الجَوْربُ لِفَافةٌ الرِّجْل.
ابنُ السِّكّيت: الأجرَبان عَبْسٌ وذُبْيان. وَأنْشد:
وَفِي عِضَادَته اليُمنى بَنو أَسَدٍ
والأجْرَبان: بَنو عبس وذُبْيانُ
والجريبُ: وادٍ مَعْروفٌ فِي بِلاد قَيْس، وحَرَّةُ النَّار بِحِذَائِهِ. أَبُو زيد: من أَمْثالهم: أَنت على المُجَرَّب، قالتها امرأَةٌ لِرَجُل سَأَلَهَا بَعْدَمَا قَعَدَ بَين رِجْليها، أَعَذْراءٌ أَمْ ثَيِّب؟ فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت: أَنْتَ على المُجَرَّب.
يُقالُ: عِنْد جَوَاب السَّائل عَمَّا أَشْفَى على عِلْمِه.
رَجَب: قَالَ اللَّيث: رَجَبُ شَهْر، تَقول: هَذَا رَجَبٌ، فَإِذا ضَمُّوا إِلَيْهِ شَعْبان فهما الرَّجَبان.
وَكَانَت الْعَرَب تُرَجِّبُ، وَكَانَ ذَلِك لَهُم نُسُكاً أَو ذَبائِح فِي رَجَب.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ وَالْفراء: رَجَبْتُ الرَّجُلَ رَجَباً، إِذا هِبْتَهُ وعَظَّمْتَه وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُ الشَّيءَ: هِبْتُه ورَجِبْتُه: عَظَّمتُه وَأنْشد:
أَحْمَدُ رَبِّي فَرَقاً وأَرْجبَه
قَالَ: أرْجَبَهُ، أَي أُعَظِّمهُ. ومِنه سُمِّي شهر رَجَبَ.
وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرو:
إِذَا العجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبها
وَلَا تَهَيَّبْها وَلَا تَرْجَبْها
وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُه عَظَّمْتُه.
أَبُو عَمْروٌ، عَن أَبيه: الرَّاجِبُ المُعظِّمُ لسَيِّده. وَيُقَال: رَجِبَه يَرْجَبُه رَجَباً، ورَجَبَهُ

(11/38)


يَرْجبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبَه تَرجِيباً، وأَرْجَبَه إِرْجَاباً.
ومِنه قَول الحُباب بن المُنْذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيقُها المرجَّب.
قلت: وَأما أَبو عُبَيْدة والأصْمَعيّ، فإنَّهما جَعَلا المُرَجَّبَ هَا هُنَا من الرُّجْبَة، لَا من التَّرْجِيب الَّذِي هُوَ من التَّعظيم.
قَالَا: والرُّجْبَة والرُّجْمَة بالْبَاء وَالْمِيم: أَن تُعْمَدَ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَة إِذا خِيفَ عَلَيْهَا أَنْ تقعَ لِطولها وكثْرَةِ حَمْلها بِبِناءٍ من حِجارَةٍ تُرَجَّبُ بِهِ أَي تُعْمَدُ بِهِ، ويكونُ تَرجيبُها أَن يَجْعَل حولهَا شوك إِذا وقرت، لِئَلَّا يَرْقأ فِيهَا راقٍ، فيجْنى ثَمَرهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرُّجْمَة بِالْمِيم البِناءُ من الصّخر تُعْمَدُ بِهِ النّخْلة، والرُّجْبَةُ أنْ تُعْمَدَ النَّخلةُ بخشَبَة ذاتِ شُعْبَتين.
أَبُو عُبَيْدَة: رَجبتُ فلَانا بقَوْلٍ سِّيء، ورجَمْتُه بِمَعْنى صَككْتُه.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وَقَالَ أَبُو العَميثل مِثْلَه.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الأرْجَابُ الأمْعاءِ، وَلم يَعْرِفْ واحِدَها.
ورَوى ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ، قَالَ: الرَّجْبُ المِعَى: قَالَ: والرَّاجِبَةُ البُقْعَةُ الملساءُ بَين البَراجِم. قَالَ: والبراجمُ المُشَنَّجاتُ فِي مَفَاصِل الأصَابع، وَفِي كلِّ إصْبَع ثلاثُ بُرْجُمات، إلاّ الإبْهام فلهَا بُرْجُمَتان.
وَقَالَ اللَّيْث: بُرْجُمَة الطَّائر. الإصْبَع الَّتِي تلِي الدّائرة من الجانِبين الوحْشِيّيْن من الرِّجلين.
قَالَ: ورجَّبتُ النّخْل تَرْجِيباً، وَهُوَ أَن تُوضَع عُذُوقُها على سَعفِها، ثمَّ تُنْضَدُ وتُشَدُّ بالخوص، لِئَلَّا يَنْفُضُها الرّيح، وَقد يُقَال أَيْضا: هُوَ أَن يُوضَعَ الشَّوك حَوْل العُذُوق لِئَلاَّ تُقْطَف. وَأنْشد أَبُو عبيد:
والعادِياتُ أسابِيُّ الدِّماء بهَا
كأَنَّ أعْناقَها أنْصابُ ترْجِيبِ
وَهَذَا الْبَيْت يَدُلُّ على صِحَّةِ قَول من جَعلَ الترجِيبَ دعْماً للنّخلة.
برج: قَالَ اللَّيْث: البُرْجُ واحِدٌ من بُرُوج الفَلَك، وَهِي اثْنَا عَشَر بُرْجاً، كلّ بُرْج مِنْهَا مَنزِلان، وثُلُثٌ مَنْزِلٌ للقمر، وَثَلَاثُونَ دَرجةً للشمس إِذا غَابَ مِنْهَا سِتّة ولكلّ بُرْج اسمٌ على حِدة فَأَوَّلها الحَمَلُ، وَأول الحَمل الشَّرَطان، وهما قَرْنا الحَمَل كَوْكَبان أَبيضان إِلى جَنْب السَمكة، وخَلْفَ الشَّرَطَيْن البُطَيْن، وَهِي ثَلاثةُ كَواكب، فهذان مَنْزِلان، وثُلثُ الثريا من بُرْج الْحمل.
وَقَالَ أَبو إسْحاق فِي قَول الله: {} (البروج: 1) قيل: ذَات البُروج، ذاتِ الْكَوَاكِب، وَقيل: ذاتِ القصُور، لِقُصُورٍ فِي السَّماء.

(11/39)


سَلَمة، عَن الْفراء: اخْتَلفوا فِي البُروج، فَقَالُوا: هِيَ النُّجوم، وَقَالُوا: هِيَ البُروجُ المعرُوفَة، اثْنا عَشَر بُرجاً، وَقَالُوا: هِيَ قُصورٌ فِي السَّمَاء.
وَالله أعلمُ بِمَا أَراد.
وَقَوله جَلَّ وعَزَّ: {وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) . البروج هَاهُنَا الحُصُون، واحدُها بُرْج.
وَقَالَ اللَّيث: بُرُوج سُورِ الْمَدِينَة والحصن: بُيوتٌ تُبْنَى على السّور، وَقد تُسمّي بيُوت تُبْنَى على نَواحِي أَركان الْقَصْر بُروجاً.
قَالَ: وثَوْبٌ مُبَرَّج، قَدْ صُوِّرَت فِيهِ تَصاوِيرُ كَبُروج السُّور.
قَالَ العجّاج:
وَقد لَبِسنَا وَشْيَه المبَرَّجا
وَقَالَ أَيْضا:
كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُبَرَّجا
شَبَّه سَنامها ببُرْج السُّور.
قَالَ: والبَرَجُ: سَعَةُ بَياضِ الْعين مَعَ حُسْن الْحَدَقَة. وإذَا أَبْدَت المرأَةُ محاسِنَ جِيدها وَوَجْهَها، قيل: تَبَرَّجَتْ وتُرِي مَعَ ذَلِك من عَيْنَيها حُسْنَ نَظر، كَقَوْل ابْن عِرس فِي الجُنَيْد بن عبد الرحمان يهجوه:
يُبْغَضُ من عَينيكَ تَبْرِيجُها
وصُورةٌ فِي جَسَدٍ فاسدٍ
قَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {جَعَلَ فِى السَّمَآءِ بُرُوجاً} (الْفرْقَان: 61) قَالَ: البروج الْكَوَاكِب الْعِظَام، قَالَ: والْبَرَجُ، تَباعُد مَا بَين الحاجبين. قَالَ: وكل ظَاهر مُرْتَفع فقد بَرَج، وَإِنَّمَا قيل لَهَا البروج لظهورها وبيانها وارتفاعها.
أَبُو عُبيد، عَن أَبي عَمْرو: البَرَجُ، أَن يكونَ بَياضُ الْعين مُحْدِقاً بالسَّواد كُلِّه، لَا يغيبُ من سَوادِها شَيْء.
قَالَ أَبُو زيد: البَرَجُ، نَجَلُ الْعين، وَهُوَ سَعَتها.
وَقيل: الَبَرجُ، سَعَةُ الْعين فِي شِدَّة بَيَاض بَياضِها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: بَرِجَ الرَّجُل إِذا اتَّسَعَ أَمْره فِي الأَكْل والشُّرب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ} (النُّور: 60) ، التَّبرُّحُ إظهارُ الزِّينة، وَمَا يُسْتَدْعَى بِهِ شهوَةُ الرَّجل.
وَقيل: إِنَّهن كُنَّ يتكَسَّرْن فِي مَشْيِهِنَّ ويَتَبَخْتَرْن.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ} (الْأَحْزَاب: 33) ذَلِك فِي زمن وُلِدَ فِيهِ إبراهيمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت المرأةُ إذْ ذَاك تلْبسُ الدِّرع من اللُّؤْلؤ غير مَخيط من الْجَانِبَيْنِ، وَيُقَال: كَانَت تَلبسُ الثِّيَاب تَبلغُ المالَ لَا تُواري جسدَها، فأُمِرْنَ أَلاَّ يفعلْنَ ذَلِك.

(11/40)


وَقَالَ اللَّيْث: حِسابُ البُرجان، هُوَ قَوْلك: مَا جُداءُ كَذَا فِي كَذَا، وَمَا جَذْر كَذَا فِي كَذَا، فجداؤه: مبلَغهُ، وجذرُه: أَصله الَّذِي يُضرَبُ بعضُه فِي بعض، وَجُمْلَته البُرجان.
يُقَال: مَا جَذْرُ مائَة؟
فَيُقَال: عشرَة.
وَيُقَال: مَا جُداء عشرَة فِي عشرَة؟
فَيُقَال: مائَة.
وَقَالَ شَمَر: بُرْجان: جِنْسٌ من الرُّوم ويُسَمَّوْنَ كَذَلِك.
قَالَ الْأَعْشَى:
وهِرَقْلٌ يَوْم ذِي ساتيدَمَا
مِنْ بني بُرْجَانَ فِي البَّأْسِ رُجُحْ
يَقُول: هُمْ رُجُحٌ على بني برجان أَي هُمْ أَرْجحُ فِي القِتال، وَشدَّة الْبَأْس مِنْهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أبْرَج الرجلُ إِذا جاءَ ببنينَ مِلاح.
قَالَ: والْبارِجُ المِلاّحُ الفَارِهُ.
أَبُو نصْر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَوَارِج السُّفُنُ الْكِبَار، واحدتها بارجةٌ، وَهِي القَوادِسُ والخلايا.
وَقَالَ اللَّيْث: البارجة السَّفينةُ من سُفن الْبَحْر تُتَّخَذُ لِلْقِتَالِ.
جبر: قَالَ الله جلّ وَعز: (إنَّ فِيهَا قَوماً جَبَّارين) .
قَالَ أَبُو الْحسن اللِّحيانيّ: أَرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَم، وَالله أعلمُ بذلك.
قلت: كأَنه ذَهبَ بِهِ إِلَى الجبَّارِ من النَّخيل، وَهُوَ الطَّوِيل الَّذِي فاتَ يَد المُتناوِل.
يُقَال: رجلٌ جبّار إِذا كَانَ طَويلا عَظِيما قويّاً، تَشْببها بالجبار من النَّخيل.
وأمل قَوْله جلّ وَعز: {للهوَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} (الشُّعَرَاء: 130) .
فإنَّ الجبارَ هاهُنا القَتَّالُ فِي غير حق، وَكَذَلِكَ قولُ الرجل لمُوسَى: (إنْ تُريدُ إلاَّ أَنْ تكونَ جبَّاراً فِي الأَرْض) . أَي قَتَّالاً فِي غيرِ حق.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: والجبَّار المُتَكبِّرُ عَن عبَادَة الله تَعَالَى، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} (مَرْيَم: 14) ، وَكَذَلِكَ قَول عِيسَى: {وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً} (مَرْيَم: 32) أَي مُتَكبِّراً عَن عبَادَة الله.
والجبار أَيْضا: القاهِرُ الْمُسَلَّط. قَالَ الله: {يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ} (ق: 45) ، أَي بمُسَلَّط فَتَقْهرهم على الْإِسْلَام.
والجبارُ: الله تبَارك وَتَعَالَى، القاهرُ خلْقَه على مَا أَرَادَ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: الجبارُ فِي صفةِ الله الَّذِي لَا ينَال، وَمِنْه قيل للنخلة إِذا فَاتَت يدَ المتناول: جبارَة. مأخوذٌ من جبَّارِ النَّخْل.

(11/41)


وَرَوى سلمةُ عَن الْفراء أَنه قَالَ: لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلاَّ فِي حرفين وهما: جبّار من أَجْبَرْتُ، وَدَرَّاك من أَدركتُ.
قلت: جعَلَ جبّاراً فِي صفَةِ الْعباد من الإجبارِ، وَهُوَ القَهّرُ والأكْراه لَا من (جَبَرَ) .
أبُو عُبيد، عَن الأَحمرِ: فِيه جَبَرِيَّةٌ وجَبَرُوَّةٌ، وجَبَروت وجُبُّورَةُ وجَبُّورَةٌ أَيْضاً، وأَنشَدَنا:
فإنَّك إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الْحصا
عَلَيْكَ، وذُو الْجَبُّورَةِ الْمتَغَترِفُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ امْرَأَة حَضَرت النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَمَرها بأَمْرٍ فتَأَبَّتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (دَعُوها فإِنَّها جَبَّارة) أَي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرة.
وَقَالَ اللَّيْت: قَلْبٌ جَبَّار، ذُو كِبْرٍ لَا يَقْبَلُ مَوْعِظَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال للْملك جَبْرٌ، وَقَالَ: والجَبْرُ الشُّجاع وَإِن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً. والْجَبْرُ: تَثْبيتُ وقّوع الْقَضَاءِ والْقَدَر.
أَبُو عُبَيد عَن أَبي عَمْرو: الْجَبْرُ الرَّجلُ.
وَقَالَ ابنُ أَحْمر:
وانْعَمْ صَباحاً أَيُّها الْجَبْرُ
قيل: أرادَ أَيهَا الرَّجُل، وَقيل: أرادَ أَيُّها المَلْكِ. والْجَبر أَنْ تُغْنِيَ الرَّجُلَ من الْفَقْرِ، أَوْ تَجْبُرَ عظْمَة من الكَسْر.
قَالَ: والإِجْبارُ فِي الحُكْم، يُقَال: أَجْبَرَ الْقاضِي الرَّجُلَ على الحُكْمِ إِذا أكْرَهَه عَلَيْهِ.
وأَخْبَرنِي الإياديّ عَن أَبِي الّهَيْثَم أَنَّه قَالَ: جَبَرْتُ فَاقَة الرَّجُلِ أَجْبُرُها، إِذا أَغَنَيْتَه.
قَالَ: والجَبُرُيَّة، الَّذين يَقُولون: أَجَبَر اللَّهُ الْعِبَادَ على الذُّنُوب أَيْ أَكْرَهَهُمْ ومَعاذَ اللَّهِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ على مَعْصَية ولكنَّه قد عَلِمَ مَا الْعِبادُ عامِلون، وَمَا هُمْ إِلَيْهِ صائِرُون.
قلت: وَهَذَا مَعْنى الْإِيمَان بالْقَضاء والْقَدر إنّما هُوَ عِلْمُ الله السَّابق فِي خَلْقِه، وَقد كَتَبه عَلَيْهِم، فهم صائرون إِلى مَا عَلِمه، وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ لَهُ.
وروى الأَعْمش عَن إِسْمَاعِيل بن رَجاءِ عَن عُمَيْر مَوْلى ابّن عبّاس، عَن ابنِ عبّاس فِي جِبْريل ومِيكائيل: كَقَوْلِك عبد الله، وعبدِ الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يعمر يَقرأ.
قَالَ أَبَو عُبيد قَالَ الأصمعيّ: معنى إيل الرُّبُوبِيَّة، فأُضِيفَ جَبْروميكا إِليه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَبْر هُوَ الرَّجُل.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَكأَنّ مَعناه عَبْد إيل، رَجُلُ إيل.
قَالَ: فَهَذَا تأْويل قَوْله: عبد الله، وَعبد الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يَعْمر يَقْرؤها (جَبْرِئلّ) ، وَيَقُول: جَبْرَ: عبْد، والّ: هُو الله.
قلت: وَفِي جِبْريل لغاتٌ كَثِيرَة، قد

(11/42)


حَصَّلْتُها لَك فِي رُباعيِّ الْجِيم.
وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال: أَجْبَرْتُ فلَانا على كَذا، أُجْبِره إجْباراً، فَهُوَ مُجْبَر، وَهُوَ كَلَام عامَّة الْعَرَب أَي أَكْرَهْتُه عَلَيْهِ.
وتَمِيمٌ تَقول: جَبَرْتُه على الأَمْرِ أَجُبُرُهُ جَبْراً وجُبُوراً بغَير ألف. قلت: وَهِي لُغَةٌ مَعْرُوفَة وَكثير من الحجازين يَقُولُونَهَا.
وَكَانَ الشّافعيّ يَقُول: جَبَرَه السُّلْطَان بِغَيْر ألفِ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ.
وَقيل لِلْجَبرِيَّة: جَبْرِيَّةٌ، لأَنَّهم نُسِبُوا إِلَى القَوْل بالْجَبْر، فهما لُغَتَانِ جَيِّدتان جَبَرتُه وأَجْبَرْتُه، غير أنَّ النَّحويين أسْتَحبوا أَنْ يَجْعلوا حَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْم بعد كَسْره وجَبْر الْفَقِير بعد فَاقَته، وأَن يكون الإِجْبارُ مَقَصوراً على الإكْراه، وَلذَلِك جعل الفَراء الجَبَّار من أَجْبَرْتُ، لَا من جَبَرْت، وَجَائِز أَن يكون الجبَّار فِي صِفَةِ الله، من جَبْرِه الْفَقير بالْغِنَى، وَهُوَ تبَارك وَتَعَالَى جابرُ كُلِّ كَسير وفَقير، وَهُوَ جَابر دِينه الَّذي ارْتَضاه كَمَا قَالَ العَجَّاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الألَهُ فَجَبَرْ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: جَبَرْتُ اليتيمَ والفَقير أَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً، فَجَبَرَ يَجْبُرُ جُبُوراً، وانْجَبَرَ انْجِباراً، واجْتَبَرَ اجْتِباراً، بِمَعْنى واحِد.
وَيُقَال أَيْضا: جَبَّرْتُ الكسيرَ أُجَبِّرُه تَجْبِيراً، وجَبَرْتُه جَبْراً، وأَنْشَد:
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ تَخُبُّ
وأُخْرى مَا يُسَتِّرها وَجَاحُ
وَيُقَال: تَجَبَّر فلَان: إِذا عَاد إِليه من مَاله بعضُ مَا كَانَ ذَهَب. وتَجَبَّر النَّبتُ وَالشَّجر، إِذا نَبَتَ فِي يابِسة الرَّطْب.
وَيُقَال: قد تَجَبَّر فلَان مَالاً، أَي أَصَاب، وَقَوله:
تَجَبَّرَ بَعْدِ الأَكْلِ فَهُوَ نَمِيصُ
فَمَعْنَاه: أَنَّه عَاد نَابتاً مُخَضَرّاً، بَعْدَمَا كَانَ رُعِيَ، يَعْنِي الرَّوض.
وَقَالَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْعَجْمَاءُ جُرْحُها جُبَار) ، والْمَعْدِنُ جُبَار، والبِئْرُ جُبَار وَقد مرّ تَفْسِير العجماء فِي كتاب (الْعين) . والجُبار: الهَدَر وَمَعْنَاهُ أَن تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ العجماءُ فَتُصيب فِي انفِلاتها إِنساناً أَوْ شَيئاً فجَرْحُها هَدَر، وَكَذَلِكَ البِئْر العادِيَّة يَسْقط فِيهَا الْإِنْسَان فَيَهْلِك، فدَمُه هَدَر والمعدن إِذا انهار على حَافره فَقتله فدمه هَدَر. قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا جَابر بن حَبّه: اسْم للخبز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْجَبائِرُ الأسْوِرَة، واحِدتها جِبَارَة وجَبِيرَة.
قَالَ الْأَعْشَى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً فِي الْخِضا
بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الْجِبَارَة
وَيُقَال للخشباتِ الَّتِي تُوضع على مَوْضع الْكسر لِيَنْجَبِر على اسْتِوَاء: جَبائِر، واحدتها جِبَارَة.

(11/43)


سَلمَة، عَن الْفراء قَالَ: قَالَ المُفَضَّل: الجُبَار: يَوم الثُّلَاثَاء. قَالَ: والجَبَارَةُ بِفَتْح الجِيم، فِناء الجَبَّان. والجِبَارُ: الْمُلُوك، واحِدُهم جَبْر.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرَ الْكافِر فِي النَّار، فَقَالَ: ضِرْسهُ مثلُ أُحُد، وكَثافَةُ جِلْدِه أَرْبَعُونَ ذِراعاً بِذِراع الجبَّار. قيل: الجَبَّارُ هَا هُنا المِلك. والجبَابِرَةُ: المُلوك. وَهَذَا كَمَا يُقَال: هُوَ كَذَا وَكَذَا ذِراعاً بِذراع المَلك، وأحسِبُه مَلِكاً من مُلوك العَجَم، نُسِبَ إِلَيْهِ هَذَا الذِّراع، وَالله أعلم.
بجر: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الباجِرُ: المُنْتَفِخُ الجَوْف. الْهِرْدَبَّةُ الْجَبان.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: الباحِر الأحمق بِالْحَاء قلت: وَهَذَا غَيْرُ الباجِر، ولكلَ مَعْنًى.
أَبُو عبيد، عَن الأصْمَعيّ، فِي بَاب إِسْرارِ الرَّجلِ إِلى أَخِيه مَا يَسْتُرُه عَن غَيره أخْبَرْتُه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَظْهَرتُه من ثِقَتِي بهِ على مَعايِبي، وَقد فَسَّرتُ العُجَرَ فِي بَابه. وأمَّا البُجَر: فالعُروقُ المُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْن خاصَّة.
ثَعْلَب، عَن ابنْ الأعرابيّ: العُجْرَةُ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْر، فَإِذا كَانَت فِي السُّرَّة فَهِيَ بُجْرَة.
قَالَ: ثمَّ تُنْتَقلان إِلَى الهُمومِ والأَحْزان.
قَالَ: ومَعْنى قَول عليّ رَضِي الله عَنهُ: إِلَى الله أَشكو عُجَرِي، وبُجَري، أَي هُمومي وأَحْزَانِي.
قَالَ: وأَبْجَرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَغْنَى غِنًى كادَ يُطْغِيه بعد فَقْرٍ كادَ يُكْفِرُه.
وأَخبرني المُنْذِريّ عَن السكُدَيْميّ، قَالَ: سأَلت الأصمعيّ فَقلت لَهُ: مَا عُجَرِي وبُجَرِي؟ فَقَالَ: هُمومِي وغُمومِي وأَحْزانِي.
أَبُو عبيد، عَن أبِي زيد: لَقِيتُ مِنْهُ البَجَارِيّ، واحِدها بُجْرِيّ، وَهُوَ السِّرّ والأَمْرُ الْعَظِيم. والْبُجْرُ: الْعَجَب. وَأنْشد أَبُو عبيد:
أَرْمي عَلَيْهَا وهِي شَيْءٌ بُجْرُ
والْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ
وأمَّا قولُ العَرب: عَيَّر بُجَيْرٌ بَجَرَة، ونَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَره؛ فقد حُكِيَ عَن المْفَضَّل أَنه قَالَ: بُجَيْرٌ وبَجَرَة كَانَا أَخَوين فِي الدَّهْر الْقَدِيم، وَذكر قِصَّةً لَهما، وَالَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ أهْلُ اللُّغة أَنهم قَالُوا البُجَيْرُ: تَصْغِير الأبْجَر، وَهُوَ النّاتِىء السُّرَّة، والمَصْدَرُ الْبَجَر، فَالْمَعْنى: أَنَّ ذَا بُجْرَةٍ فِي سُرَّته عَيَّرَ غَيْرَه بِمَا فِيهِ، كَمَا قيل فِي امْرَأَةٍ عَيَّرت أخْرى بِعَيْب فِيهَا: رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إنَّه لَيَجِيءُ بالأَباجِير، وَهِي الدَّوَاهي، قلت: وكأنَّها

(11/44)


جمع بُجْرٍ وأَبْجار، ثمَّ أباجير جمع الْجمع.
وَقَالَ الفرّاء: الْبَجَرُ والْبَجْرُ انْتِفَاخُ الْبَطن، رَوَاهُ عَنهُ سَلمة.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الْبَجِيرُ: المَال الكَثير.
وَفِي (نِوادِر الأَعْراب) : ابْجارَرتُ عَن هَذَا الْأَمر، وابْتَارَرْتُ، وابْتَاجَجْتُ أَي اسْتَرخَيْتُ وتَثَاقَلت، وَكَذَلِكَ نَجِرْتُ ومَجِرْتُ.
اللِّحيانيّ: يُقال للرَّجُل إِذا أَكثر من شُرب الْماء، وَلم يَكَدْ يَرْوَى: قد بَجِرَ بَجَراً، ومَجَرَ مَجَراً، وَهُوَ بَجِرٌ مَجِر، وَكَذَلِكَ الممتلىء من اللَّبن، ذكَر ذَلِك فِي بَاب الْبَاءِ وَالْمِيم. ومِثْلُه: نَجِرَ ومَجِرَ فِي بَاب النُّون والمِيم.
ربج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَبْرَجَ الرَّجلُ، إِذا جَاءَ بِبَنِين مِلاَح، وأَرْبَجَ، إِذا جَاءَ بِبَنِين قِصار.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّبْجُ الدِّرهم الصَّغيرُ الْخَفيف.
قلت: وسَمِعْتُ أَعرابياً يُنْشِد وَنحن يَوْمئِذٍ بالصَّمّان:
تَرْعَى من الصَّمّانِ رَوْضاً آرجا
مِنّ صِلِّيَانٍ ونَصِيّاً رابجا
ورُغْلاً باتت بِهِ لَواهِجا
فَسَأَلته عَن الرَّابج، فَقَالَ: هُوَ المُمتَلِىء الرَّيان.
وأَنْشَدَنيه أَعْرابيٌّ آخر فَقَالَ: (ونِصِيًّا رَابِجاً) ، وَهُوَ الكَثِيف المُمتَلىء، وَفِي هَذِه الأرْجوزَة:
وأَظْهَر الماءُ بِها روابجاً
يصف إبِلاً ورَدت مَاء عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَهَا، فَلَمَّا رَويت انْتَفَخَت خواصِرها وعَظُمت، وَهِي معنى قَوْله: (رَوابِجَا) .
ج ر م
جرم، جمر، رمج، رجم، مرج، مجر: مستعملة.
جرم: الحرَّاني، عَن ابْنِ السِّكِّيت: الْجَرْمُ: الْقَطْع، يُقَال: جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً إِذا قَطَعه. والْجِرْمُ: الْجَسَد، والجِرْمُ: الصَّوت.
قَالَ: وحَكَى لنا أَبُو عَمْرو: جِلَّةٌ جَرِيمٌ، أَي عِظَامُ الأجْرام، يَعْني الأجْسام.
ثعلبُ عَن عَمْرو، عَن أَبيه: الْجِرْمُ: البَدَن، والْجِرْمُ: اللَّون، والجِرم: الصَّوْت. وَيُقَال: جَرِمَ لَوْنُه إِذا صَفَا، وجَرِمَ إِذا عَظُمَ جِرْمُه، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأعرابيّ: وَقَالَ اللّيث: الجَرْمُ نَقيضُ الصَّرْد. وَيُقَال: هَذِه أَرض جَرْمٌ، وَهَذِه أرضٌ صَرْد، وهما دَخيلان مستعملان فِي الحَرّ والْبَرْد.
قَالَ: والْجُرمُ أَلْواحُ الْجَسَد وجُثْمانُه

(11/45)


ورَجلٌ جَرِيم، وامْرأة جَريمَةٌ: ذاتُ جِرْم وجِسْم.
قَالَ: وجِرْمُ الصَّوت: جَهَارَتُه، تَقول: مَا عَرَفتُه إِلَّا بِجِرْم صَوْته.
قَالَ: والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الَّذِي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً، وفلانٌ لَهُ جَرِيمَةٌ إليَّ: أَي جُرْمُ، وَقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً، إِذا أَذْنَب. والجارم: الْجانِي، والمجرمُ، والمذْنِب، وَقَالَ:
وَلَا الْجارِمُ الجانِي عَلَيْهِم بمُسْلَمِ
وَقَول الله جلّ وعزَّ: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ} (الْمَائِدَة: 2) .
قَالَ الفَراء: القُرّاء قَرءوا: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، وَقرأَهَا يَحيى بن وثّاب، والأعْمَش: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، من أَجْرَمْتُ، وَكَلَام الْعَرَب بفَتْح الْيَاء.
وَجَاء فِي التَّفْسير: وَلَا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.
قَالَ: وسَمِعْتُ العربَ تَقول: فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه، يُريدون كاسِبَهم، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه، أَي يكسِبهم، فَالْمَعْنى فِيهَا مُتَقارب لَا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يُقَال: أَجْرَمَني كَذَا، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بِمَعْنى وَاحَد.
وَقد قيل: لَا يُجْرِمَنَّكم: لَا يُدْخِلَنَّكُم فِي الجُرْم. كَمَا يُقَال: أَثَمْتُه، أَي أَدْخَلْتُه فِي الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: 2) أَي لَا يُحِقَّنَّ لكم لِأَن قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} (النَّحْل: 62) ، إنّما هُوَ حَقٌّ أَنَّ لَهُم النّار.
وَأنْشد:
جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا
يَقُول: حُقَّ لَهَا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أمّا قَوْله لَا يُحقَّنَّ لكم، فَإِنَّمَا أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا لم يَكُن حَقّاً، فَجَعَلته حَقّاً وإِنَّما معنى الْآيَة وَالله أعلم فِي التَّفسير: لَا يَحْمِلنّكم وَلَا يَكْسِبَنَّكُم.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن الحُسَين بنُ فهم عَن مُحمد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ، وأَنْشَد بيتَ أبي أَسمَاء.
وَأما قَوْلهم: لَا جَرَمَ، فَإِن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كَانَت فِي الأصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ، وَلَا مَحالة، فكَثُر اسْتِعمالها حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقّاً.
أَلا تَرى العربَ تَقول: لَا جَرَمَ لآتِينَّكَ، لَا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت، فتراها بمنزلَةِ الْيَمين، وَكَذَلِكَ فَسَّرها الْمُفَسِّرُونَ: حَقّاً إِنَّهُم فِي الْآخِرَة هُمُ الأَخْسرون. وَأَصلهَا من جَرَمْتُ، أَي كَسَبْتُ الذَّنْب.
قَالَ الْفراء: ولَيْس قولُ من قَالَ إِن جَرَمْتُ كَقَوْلِك حُقِقْتُ أَو حَقَقْت بِشيء، وَإِنَّمَا

(11/46)


لَبَّسَ عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر:
جَرَمت فَزارَةُ بعْدهَا أَنْ تَغْضَبا
فَرَفَعوا فَزَارة. وَقَالُوا: نَجْعَل العِفل لِفَزَارَة كأَنَّهُ بِمَنْزِلَة حقَّ لَهَا، أَو حُقَّ لَهَا أَنْ تَغْضَب.
قَالَ: وفَزارة مَنْصوبٌ فِي الْبَيْت، الْمَعْنى: جَرَمَتْهُم الطَّعْنَةُ الغَضَبَ، أَي كَسَبَتْهم.
وَقَالَ غير الفرّاء: حَقِيقَة معنى لَا جَرم، أَنَّ (لَا) نَفْيٌ هاهُنا لمَّا ظَنُّوا أنَّهُ يَنْفَعُهم، فَرُدَّ ذَلِك عَليهم، فَقيل: لَا يَنْفعُهم ذَلِك، ثمَّ ابْتَدأَ وَقَالَ: جَرَم أَنَّهُمْ فِي الآخِرة هُمُ الأخْسرون، أَي كَسب ذَلِك العملُ لَهُم الخُسْران، وَكَذَلِكَ قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، الْمَعْنى: لَا يَنْفَعُهم ذَلِك، ثمَّ ابتَدأ فَقَالَ: جرَمَ إِفْكُهُمْ وكَذِبُهم لَهُم عَذاب النَّار، أَي كَسَب لَهُم عَذابها، وَهَذَا من أَبْينَ مَا قِيلَ فِيهِ.
وَقَالَ الكسائيّ: من العَرَب من يَقُول: لاذَا جَرَم، وَلَا أَنْ ذَا جَرَم، وَلَا عَن ذَا جَرَمَ، وَلَا جَرَ، بِلَا مِيم، وَذَلِكَ أنهُ كَثر فِي كَلَامهم فَحُذِفَت الْمِيم، كَمَا قَالُوا: حاشَ للَّهِ وَهُوَ فِي الأَصْل (حاشى) . وكما قَالُوا: أيْش، وإِنما هُوَ أيّ شَيْء. وكما قَالُوا سَوْتَرى، وإنَّما هُوَ سَوْفَ تَرى.
قلت: وَقد قيل لَا صِلَةٌ فِي جَرَمَ، وَالْمعْنَى كَسَب لَهُم عَمَلُهم النَّدم.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه أنْشدهُ:
يَا أُمَّ عَمْرٍ وبَيِّنِي لَا أَوْ نَعمْ
إنّ تَصْرِمي فراحةٌ ممَّن صَرَم
أوْ تَصلِي الحَبْلَ فَقد رَثَّ ورَمّ
قلت لَهَا: بيني، فَقَالَت: لَا جَرَمَ
إنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظلمَ
قَالَ: وأخبرَني الطُّوسِيّ عَن الخَرَّازِ، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: لَا جَرَمَ، لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا، أَي حقّاً، وَلَا ذَا جَرَ، وَلَا ذَا جَرَم.
والعربُ تَصِلُ كلامَها بِذا، وذِي وذُو، فَيكون حَشْواً وَلَا يعْتد بهَا وَأنْشد:
إنَّ كِلاباً وَالِدِي لَا ذَا جَرَم
أَبُو عُبيد عَن الأصْمَعِيّ: الجُرامَةُ مَا الْتُقِطَ من التَّمر بَعْدَمَا يُصْرَم ويُلْقَطُ من الكَرَب.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَرِمَ الرّجل، إِذا صارَ يأْكل جُرَامةَ النّحْل بَين السَّعَف.
وَقَالَ اللَّيث: جَرْم قَبيلَةٌ من الْيمن، وأقَمْت عندَه حَوْلاً مُجَرَّماً.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيد قَالَ: الْعامُ الْمُجَرَّمُ الْماضي المُكَمَّل.
وروى ابنُ هانِي لأبي زيد: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ، وشَهْرٌ مُجْرَّمٌ، وكَريتٌ فيهمَا، ويَوْمُ مُجْرَّم، وكَرِيتٌ وَهُوَ التَّام.
وَقَالَ اللَّيْث: جَرَّمنا هَذِه السَّنَة، أَي خَرَجْنا مِنْها، وتَجَرَّمت السَّنة.

(11/47)


وَقَالَ لَبِيد:
دِمَنٌ تَجرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسها
حِجَجٌ خَلَوْنَ خَلالُها وحَرامُها
قلت: وَهَذَا كُله من الجَرْم، وَهُوَ الْقَطْع، كأَنَّ السَّنَةَ لما مَضَتْ، صارَت مَقْطوعة من السَّنَةِ المُسْتَقْبلة.
وَيُقَال: جَاءَ زَمن الْجِرَام والْجَرَام، أَي جَاءَ زمن صرام النَّخل، والجُرَّامُ الَّذين يَصْرِمون التَّمر المَجْرُوم، وفلانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَرِيمُهم.
وَقَالَ الهذليّ:
جَرِيمَةُ ناهِضٍ فِي رَأَسِ نيقٍ
ترى لعِظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا
يصف عُقَاباً تُطعمُ فَرْخَها النَّاهض مَا تَأْكله من صَيْدِ صَادَتْه لتأْكلَ لَحْمه وبَقِيَ عظامُه يسيلُ مِنْهَا الوَدَك.
والْجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وَكَذَلِكَ الْجَرِيمَة، وَقَالَ الشَّاعِر:
فإنَّ مَولاي ذُو يُعَيِّرُني
لَا إِحْنَةٌ عندَه وَلَا جَرِمَهْ
والمُدُّ يُدْعى بالحجاز جَرِيماً، يُقَال: أَعْطيتُه كَذا وَكَذَا جَرِيماً من الطَّعام.
وَقَالَ الشَّماخ:
مُفِجُّ الْحَوامِي عَن نسورٍ كأَنَّها
نَوًّى القَسْبِ تَرَّتْ عَن جَرِيمُ مُلَجْلَجِ
أرادَ بالْجَريم: النَّوى. وَقيل: الْجَريم: البُؤْرَةُ الَّتي يُرْضَخُ فِيهَا النَّوى.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الجُرامُ والْجَرِيمْ هما النَّوى وهما أَيْضا: التَّمْرُ الْيابِس.
ورُوِيَ عَن أَوْس بن حَارِثَة أَنه قَالَ: لَا وَالَّذِي أخرج العَذْقَ من الجريمة، وَالنَّار من الوثيمة، أَرَادَ بالجريمة النواة أخرج مِنْهَا النَّخْلَة، والوثيمةُ: الْحِجَارَة المكسورةُ. أَخْبرنِي بذلك المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابنُ الْأَعرَابِي، قَالَ: قَالَ أَوْس بن حَارِثَة، هَكَذَا رَوَاهُ الْعَذْق بِفَتْح الْعين.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة جَرَمتُ النَّخْلَ وجَزَمتُه، إِذا خَرَصْتَه وجَزَزْتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: الجُرْمُ التَّعَدِّي، والجُرْمُ الذَّنْب، والجِرْمُ: اللَّوْن، والْجِرْم الصَّوْت، والْجِرْمُ الْبَدَن.
رجم: الرَّجْمُ: الرَّمْيُ بالحِجارة، يُقَال: رَجَمْتُه فَهُوَ مَرْجوم أَي رَمَيْتُه، والرَّجْم: القَتْل، وَقد جاءَ فِي غير مَوْضع من كتاب الله وإنّما قيل للْقَتْل رجم، لأَنهم كَانُوا إِذا قتلوا رجلا رَمَوْه بِالْحجارة حَتَّى يَقْتُلوه، ثمَّ قيل لكل قَتْلٍ رَجْم، وَمِنْه رجمُ الثَّيِّبَيْن إِذَا زَنَيَا، والرَّجم: السَّبُّ والشَّتْم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن أبي إِبْرَاهِيم لِابْنِهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً} (مَرْيَم: 46) . أَي لأَسُبَّنَّكَ وأَشْتُمَنّكَ، والرَّجْم أيْضاً: اسْم لما يُرْجَمُ بِهِ الشّيْء

(11/48)


ُ المرجُومُ وَجمعه رُجُوم، قَالَ الله فِي الشُّهُب: {بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً} (الْملك: 5) . أَي جَعَلْناها مَرامِيَ لَهُم.
والرَّجْم: اللَّعْن، والشَّيطانُ الرّجيم، بِمَعْنى المَرْجُوم، وَهُوَ الملعون المُبْعَد.
والرّجْمُ: القَوْل بالظَّنِّ والحَدْس، وَمِنْه قَول الله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} (الْكَهْف: 22) . قَالَ الهُذَلِيّ:
إنَّ الْبَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ
مَا كَانَ من غَيْبٍ ورَجْم ظُنونِ
وَقَالَ زُهَيْر:
ومَا هُوَ عَنْها بالْحديثِ المُرَجَّمِ
والرَّجَمُ بفتْح الْجِيم: القَبْر، سُمِّي رَجَما لما يُجْمَعُ عَلَيْهِ من الأحْجار والرِّجام، وَمِنْه قَول كَعْب بن زُهير:
أَنا ابنُ الَّذي لم يُخْزُنِي فِي حَياتِه
وَلم أُخْزِه حَتَّى تَغَيَّبَ فِي الرَّجَمْ
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَول عبد الله بن مُغَفّل فِي وَصيته بنيه: لَا ترجُموا قبْري، مَعْنَاهُ لَا تنوحوا عِنْد قَبْرِي، أَي لَا تَقولُوا عِنْده كلَاما سَيِّئًا قبيحاً. قَالَ: والرجيم فِي نعت الشَّيْطَان المرجومُ بالنجوم. فَصُرفَ إِلَى فعيل من مفعول. قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى المشتوم المسبوب، من قَوْله: {لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ} (مَرْيَم: 46) أَي لأسبّنّك، قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى الملعون، وَهُوَ المطرود. قَالَ: وَهُوَ قَول أهل التَّفْسِير.
وَقَالَ اللَّيث: الرُّجْمَةُ: حِجَارَة مَجْمُوعَة كأَنَّها قُبور عَاد، وَتجمع رِجاماً.
وَقَالَ شَمِرَ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ الرُّجْمَةُ دون الرِّضَام. قَالَ: والرِّضام: صُخُورِ عِظَام تُجْمع فِي مَكان.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ: الْهِضاب واحدهما رُجْمَة. وَقَالَ لَبِيد:
بِمنًى تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجَاحُها
قَالَ: والرَّجَم والرِّجَام الحِجارة الْمَجْمُوعَة على الْقُبور، وَمِنْه قَول عبد الله بن المُغَفَّل المُزَني: لَا تَرْجُموا قَبْري، يَقُول: لَا تَجْعلوا عَلَيْهِ الرَّجَم.
أَرَادَ تَسْوِيَة الْقَبْر بِالْأَرْضِ، وَألا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً.
وَيُقَال: الرَّجَمُ الْقَبْرَ نَفْسُه. وَمِنْه قَوْله:
وَلم يُخْزني حَتَّى تغيَّب فِي الرَّجَمْ
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرِّجام حجر يُشَدُّ فِي طرف الحَبْل، ثمَّ يُدَلَّى فِي الْبِئر، فَتُخَضْخَضُ بِهِ الْحَمأَةُ حَتَّى تَثُور، ثمَّ يُسْتَقَى ذَلِك الماءُ فَتُسْتَنْقَى البِئر، قَالَ: هَذَا إِذا كَانَت البِئر بعيدَة القَعْر لَا يقدرُونَ على أَن ينزلُوا فِيهَا فَيُنَقُّوها، وأَنْشَد شَمِر لصخر الغيّ:
كأَنَّهما إِذا عَلَوَا وَجيناً
ومَقْطَعَ حَرَّةٍ بَعَثَا رِجَاما

(11/49)


يَصِفُ عيرًا وأَتَانا، يَقُول: كأنَّما بَعثَا حِجَارَة، قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ مَا يُبْنَى على الْبِئْر ثمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْخَشَبَةُ للدَّلْو، قَالَ الشَّماخ:
على رِجَامَيْن من خُطّافِ ماتِحَةٍ
تَهدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقيل
قَالَ: والرُّجُماتُ: الْمَنَار، وَهِي الحِجارة الَّتي تُجْمَعَ وَكَانَ يُطاف حَوْلها تُشَبَّهُ بالْبَيْت، وَأنْشد:
كَمَا طافَ بالرُّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
والرُّجْمَةُ هِيَ الرُّجْبَة الَّتِي تُرَجَّبُ النَّخْلَةُ الكريمةُ بهَا، ولِسانٌ مِرْجَمٌ إِذا كَانَ قَوَّالاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فَقَالَ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبِ مِزْحَم، ورُكْنٍ مِدْعَم، ولسانٍ مِرْجَم. والمِرْجامُ الَّذِي تُرْجَمُ بِهِ الحِجَارَة.
اللِّحيانيّ: يُقَال تَرجُمان وتُرجمان، وقَهرمان وقُهرُمان.
قَالَ: والرَّجْمُ الْهِجْران، والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْم اللَّعْن، والرَّجْمُ الظَّنُّ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ارْتَجَمَ الشَّيءوارْتَجَنَ إِذا ركب بعضُه بَعْضاً.
مرج: قَالَ اللَّيْث: الْمَرْجُ أَرْضٌ واسِعةٌ فِيهَا نَبْتٌ كَثير تَمْرَجُ فِيهَا الدَّواب وجمعُها مُروج.
وأَنْشد:
رَعَى بهَا مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرَجَاً
وَقَالَ الفَراءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {جَآءَهُمْ فَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَمْرٍ} (ق: 5) .
يَقُول: هُمْ فِي ضَلال.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق أَي فِي أَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عَلَيْهِم.
يَقُولُونَ للَّنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّةً شاعِرٌ، ومَرَّةً ساحِرٌ ومَرَّةً مُعَلِّمٌ مَجْنون، فَهَذَا الدليلُ أَن قَوْله مَريجٌ مُلْتَبِسٌ عَلَيْهِم.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كَيْف أَنتُم إِذا مَرِج الدِّين وظَهرت الرَّغْبَة، واخْتَلفَ الأخَوَان وحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟) .
وَفِي حديثٍ آخر أَنه قَالَ لعَبْد الله بن عَمْرو: (كَيفَ أَنْتَ إِذا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ من النَّاس، قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأَماناتُهم) وَمعنى قَوْله: مَرِجَ الدّين، أَي اضْطَرَب والْتَبس المخرَجُ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَرَجُ العهود: اضْطِرابُها، وقِلَّةُ الوفاءِ بهَا.
وأَصْلُ المرَج الْقَلقَ، يُقَال: مَرِج الخاتِمُ فِي يَدي مَرَجاً، إِذا قَلِقَ.
قَالَ الفَراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} (الرحمان: 19) يَقُول: أَرسلهما ثمَّ يَلتقيان بعد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرَّحْمَن: 19) قَالَ: خَلاَّهُما ثمَّ جَعَلَهما لَا يَلْتَبس

(11/50)


ُ ذَا بذَا، قَالَ: وَهُوَ كلامٌ لَا يَقُوله إِلَّا أَهْلُ تِهامة.
وأمّا النَّحْويون فَيَقُولُونَ: أَمْرَجْتَه، وأَمْرَجَ دابَّتَه.
وَقَالَ الزَّجَّاج: مَرَجَ خَلَطَ يَعْنِي الْبَحْر المِلح بالبحر العذب، وَمعنى: {بَرْزَخٌ لاَّ} (الرحمان: 20) : لَا يَبْغِي المِلح على العذب وَلَا العذبُ على الْملح.
وَقَالَ فِي قَوْله: { (كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن} (الرحمان: 15) .
قَالَ: المارجُ اللَّهَبُ المختلِطُ بسوَادِ النَّار.
وَقَالَ الفرَّاء: المارِجُ هَا هُنَا نارٌ دُون الحجابِ، مِنْهَا هَذِه الصَّوَاعِق، ويُرَى جِلْدُ السماءِ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: {الْجَآنَّ مِن} ، من خِلْطٍ من نارِ، والْمَرجان: صغارُ اللُّؤُلُؤْ فِي قَوْلهم جَمِيعًا.
قلت: وَلَا أَدْري أَرُباعيُّ هُوَ أم ثُلاثي.
وَقَالَ الليثُ: المارِجُ من النَّار الشُّعْلَةُ الساطعة ذاتُ اللَّهب الشّديد، وغُصْنٌ مَريجُ قد الْتَبَسَتْ شناغِيبُه وَقَالَ الْهُذَلِيّ:
فجَالَت فالْتَمَستُ بهَا حَشاها
فخرَّ كأَنَّه خُوطٌ مَرِيجُ
أَي غصْنٌ لَهُ شُعَبٌ قِصار قد الْتَبَستْ.
وَقَالَ القُتَيْبِيُّ: مَرَج دابَّتَه إِذا خَلاَّها، وأَمْرجها: رعاها.
قَالَ أَبُو الهيثمْ: اخْتلفُوا فِي المِرجانِ، فَقَالَ بَعضهم صغَار اللُّؤْلُؤ، وَقَالَ بَعضهم هُوَ الْبَسْتَذ، وَهُوَ جَوْهَر أَحْمَر، يُقَال إِن الْجِنّ تطرحة فِي الْبَحْر.
حَدثنَا عبد الله بن هاحَك عَن حَمْزَة، عَن عبد الرازق، عَن إِسْرَائِيل، عَن السُّدِّيّ عَن أبي ملك، عَن مَسْرُوق عَن عبد الله، قَالَ: المرجان: الخرز الْأَحْمَر، وَقَول الأخطل حجةُ من قَالَ هُوَ اللُّؤْلُؤ:
كأَنّما القَطْرُ مرجانٌ يساقطه
إِذا علا الرَّوْق والمتْنَيْن والكَفَلا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المرْجُ: الإِجْراءُ، وَمِنْه وَقَوله تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرحمان: 19) أَي أجْراهُما.
الْمرجُ: الْفِتْنةُ المُشكلة، والْمَرَجُ الْفساد.
وَقَالَ غَيره: إبلٌ مَرَجٌ، إِذا كَانَت لَا رَاعي لَهَا وَهِي تَرْعى، ودَابَّةٌ مَرَجٌ لَا يُثَنى وَلَا يُجْمع، وَأنْشد:
فِي رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَيَاصي
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَمْرَجَتِ النَّاقَةُ، إِذا أَلْقَتْ وَلَدهَا بَعْدَمَا يَصيرُ غِرْساً، وناقةٌ مِمْرَاج إِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا.
رمج: قَالَ اللَّيْث: الرَّامجُ الْمِلْواحُ الَّذي يُصادُ بِهِ الصُّقُورةُ وَنَحْوهَا من الجَوارِحِ. والتَّرْميج: إِفْسَاد السُّطور بعد كِتْبتها.
يُقَال: رَمَّج مَا كتَب بالتُّراب حَتَّى فَسد.

(11/51)


أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّمْجُ إلْقاءُ الطّائر سَجَّه، أَي ذَرْقَه.
جمر: قَالَ اللَّيْث: الجمْرُ النَّار المتَّقد، فَإِذا بَرَدَ فَهُوَ فَحْم.
قَالَ: والمِجْمَرُ قد تُؤَنث، وَهِي الَّتِي تُدَخَّن بهَا الثِّياب.
قلت: من أَنَّثَه ذَهبَ بِهِ إِلَى النَّار، وَمن ذكَّره عَنى بِهِ الْموضع وَأنْشد ابنُ السكِّيت:
لَا تَصطلي النارَ إِلَّا مِجْمَراً أرِجاً
قد كَسَّرتُ من يَلَيْجُوجٍ لَهُ وقَصا
أَرَادَ: إِلَّا عوداً أرجاً على النَّار، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صِفَةِ أهل الْجنَّة: (ومَجَامِرُهم الأَلُوّة) . أَرَادَ: وبُخُورهم العُودُ الهندِيّ غير مُطَرًّى.
وَقَالَ اللَّيْث: ثَوْبٌ مُجَمَّرُ، إِذا دُخِّنَ عَلَيْهِ، ورجلٌ جامِرٌ للَّذي يَلِي ذَلِك، وأَنشد:
وريحٌ يَلَنْجُوجٌ يُذَكِّيه جَامِرُه
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَا تُجَمِّروا الجيوشَ فَتَفْتِنوهم) . وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: جَمَرَ الأميرُ الْجَيْش، إِذا أطالَ حَبْسَهم بالثّغْر، وَلم يأذَنْ لَهُم فِي القَفَل إِلَى أَهَالِيهمْ، وَهُوَ التّجْمير.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن ابْن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أنّه أنْشدهُ:
وجَمّرْتَنا تَجْمَيرَ كسْرَى جُنودَه
ومَنيّتنا حَتَّى نَسِينَا الأمانِيَا
قَالَ الأصمعيّ: أَجْمرَ ثَوْبه إِذا بَخَّرَه، فَهُوَ مُجْمِر وأجمرَ الْبعيرُ إِجْماراً إِذا عدا.
وَقَالَ لبيد:
وَإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرت
أَوْ قِرابى عَدْوَجَوْنٍ قَدْ أبَلْ
وأجمرت الْمَرْأَة شعرهَا، وجَمَّرته، إِذا ضَفَرتْه جَمائر، وَاحِدهَا جَمِيرة، وَهِي الضّفائر والضّمائر والجمائر.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَمَرَ بَنو فلَان إِذا كَانُوا أَهْل منعةٍ وشِدّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَمْرَةُ كلُّ قوم يصبرون بِقِتَال من قَاتلهم، لَا يُحَالفون أحدا، وَلَا يَنْضَمُّون إِلَى أحد، تكون القَبيلةُ نفسُها جَمْرَة، تَصبِر لقراعِ الْقَبَائِل كَمَا صبرت عَبْسٌ لقبائل قَيْس.
وبلغنا أَن عمرَ بن الْخطاب سَأَلَ الْحُطيئة عَن ذَلِك، فَقَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ، كُنَّا ألْفَ فَارس، كأننا ذَهَبَةٌ حمراءُ لَا تَسْتَجْمِرُ وَلَا تُحالف.
قَالَ: وَبَعض النَّاس يَقُول: كَانَت الْقَبيلةُ إِذا اجْتَمع فِيهَا ثلثمِائة فَارس، فَهِيَ جَمْرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: جَمَرات الْعَربِ ثَلاث؛ فَعَبْس جَمْرَة، وبَلْحارث بن كَعْب جَمْرة، ونُمَيْرٌ جَمْرَة.

(11/52)


والجَمْرَة: اجْتماعُ الْقَبِيلَة الوَاحدة على من ناوأها من سائِر الْقَبَائِل، وَمن هَذَا قيل لمواضع الجِمار الَّتِي تُرْمى بمِنًى جمرات؛ لأنَّ كلَّ مُجْتَمعِ حَصًى مِنْهَا جَمْرَة، وَهِي ثلاثُ جَمَرات.
وتَجْمير الجيوش: حَبْسُهم أَجْمَعِينَ عَن أَهَالِيهمْ، وتجمير المَرأة شَعْرَها ضَفِيرةً: تَجْمِيعُه.
وَقَالَ عَمْرو بن بَحر: يُقَال لعبْسٍ وضَبَّةَ ونُمَيرِ الْجَمرات، ويُقال: كَانَ ذَلِك عِنْد سُقوط الْجَمْرَة. وفلانٌ لَا يعرف الْجَمْرَة من التّمرة، وَأنْشد لأبي حيَّةَ النُّميْريّ:
فهم جمرةٌ مَا يصطلي الناسُ نارهم
توقَّدُ لَا تَطفأ لرَيْبِ الدَّوابر
وَقَالَ آخر:
لنا جمرات لَيْسَ فِي الأَرْض مِثْلُها
كِرامٌ وَقد جَرَّبن كل التّجارب
نُمير وَعَبس يُتَّقَى نَفيانُهَا
وضَبَّةُ قَوْمٌ بأسهُمْ غير كَاذِب
أنْشد ابْن الْأَنْبَارِي:
وركوبُ الْخَيل تعدو المَرَطَى
قد عَلاها نَجَدٌ فِيهِ اجْمِرار
قَالَ: رَوَاهُ يَعْقُوب بالحاءِ أَي اخْتَلَط عرقُها بِالدَّمِ الَّذِي أَصَابَهَا فِي الْحَرْب، وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَر (فِيهِ اجمرار) بِالْجِيم؛ لِأَنَّهُ يصف تَجَعُّد عرقِها وتَجَمُّعه.
وَقَالَ الأصْمَعيّ: عَدَّ فلَان إبِلَه جَماراً إِذا عَدَّها ضَرْبةً وَاحِدَة، والْجَمار: الْجَماعة بفَتح الْجِيم، وَمِنْه قَول ابْن أَحْمَر:
وظَلَّ رِعاؤُها يَلْقَوْنَ مِنْهَا
إِذا عُدَّتْ نَظائِرَ أَو جَمَاراً
والنَّظائر أَن تُعَدّ مَثْنَى، والجَمار: أَن تُعَدَّ جَماعةَ.
وَقَالَ اللَّيث: الْجُمَّارُ شَحْمُ النَّحْل الَّذِي فِي قِمَّة رَأسه، تَقْطَعُ قِمَّتُهُ ثمَّ تُكْشَطُ من جُمَّارَةٍ فِي جوفها بَيْضَاء كَأَنَّهَا قطعةُ سَنامٍ ضخمَة، وَهِي رَخْصَةٌ تؤكَلُ بالعسل.
قَالَ: والكافورَ يَخْرُج من الجُمَّار بَيْنَ مَشَقّ السَّعْفَتَيْن وَهِي الكُفَرَّى.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعْرابيّ أنَّه سَأَلَ المفضّل عَن قَول الشَّاعِر:
ألَم تَر أَنَّني لاقَيْتُ يَوْمًا
مَعاشِر فيهمُ رَجُلٌ جَماراً
فَقِيرُ اللَّيْل تَلْقاهُ غَنِيّاً
إِذا مَا آنَسَ اللَّيْلُ النَّهارا
فَقَالَ: هَذَا مُقَدَّمٌ أريدَ بِهِ التَّأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لاقيتُ مَعاشِرَ جَماراً، أَي جمَاعَة فيهم رَجُلٌ فَقيرُ اللَّيل، إِذا لم تكن لَهُ إبِلٌ سود، وفلانٌ غَنِيُّ اللَّيْل إِذا كَانَت لَهُ إبل سُودٌ تُرَى باللَّيل.
وتَجَمَّرت القَبائلُ إِذا تَجَمَّعَت، وَأنْشد:
إِذا الجمارُ جَعَلتْ تَجَمَّرُ

(11/53)


وأخْبرني المُنْذريّ عَن أبي العبَّاس أنَّه سُئِلَ عَن الْجِمار الَّتي بِمنًى، فَقَالَ: أَصْلها من جَمَرْتُه وذَمَرْتُه إِذا نَحَّيْتَه.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: الجَمْرَةُ الظُّلمةُ الشَّديدة، والْجَمْرَةُ: الخُصْلَةُ من الشَّعر.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: الجِمارُ طُهَيَّةٌ وبَلَعْدَوِيَّة، وهم من بني يَرْبوع بن حَنْظَلة.
وَفِي حَدِيث النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا تَوَضَّأْتَ فَانْئِر، وَإِذا اسْتَجْمَرت فأَوْتِرْ.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ عبد الرحمان بن مَهديّ: فسَّر مَالك بن أنَس الاسْتِجْمار أنَّه الاسْتِنْجَاء.
قَالَ أَبُو عُبيد وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الاسْتِنْجَاءُ بالحِجارة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو والكِسائي: هُوَ الاسْتِنْجاء أَيْضا.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد، يُقَال: اسْتَجْمَرَ واسْتَنْجى واحِد، إِذا تَمَسَّحَ بالْحجارة.
عَمْرو عَن أَبِيه الْجَمِيرُ: اللَّيل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابنُ الأعرابيّ، أَنه قَالَ: ابنُ جَمِير هُوَ الهِلال وَقَالَ غَيره: ابنُ جَميرٍ أَظْلَمُ لَيْلَةٍ فِي الشُّهر.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقَال لِلَّيلة الَّتِي يَسْتَسِرُّ فِيهَا الْهلَال: قد أَجْمَرِت. قَالَ كَعْب:
وإنْ أَطافَ فَلم يَحلَ بِطائِلَةٍ
فِي لَيْلَة ابنْ جُمَيْر سَاوَرَ الْفُطُما
يصف ذئباً، يَقُول: إِذا لم يُصب شَاة ضَخْمَةً أَخذ فَطيماً.
وَالْعرب تَقول: لَا أَفْعل ذَلِك مَا أجْمَرَ ابنُ جَمِير، وَمَا سَمَرَ ابْنا سمير.
وَيُقَال لِلْخارِص: قد أَجْمَر النَّخْلَ إِجْماراً إِذا خَرَصَهَا ثمَّ حَسَبَ فَجمع خِرْصَها. وأَجْمَرْنَا الخَيْلَ إِذا ضَمَّرْناها وجَمَّعناها، وحافِرُ مُجْمَرٌ وقَاحٌ، والمُفِجُّ: المقَبَّبُ من الْحوافر وَهُوَ مَحْمود.
مجر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المَجْر.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ أَبُو زيد: المَجْرُ أنْ يُباع البَعير أَو غَيره بِمَا فِي بَطْن النَّاقة. يُقَال مِنْهُ: أَمْجَرْتُ فِي الْبَيع إِمْجاراً. وَكَانَ ابنُ قُتَيْبَة جَعَلَ هَذَا التَّفْسيرَ غَلَطاً، وذَهَب بالْمجَر إِلَى الولدَ يَعْظُم فِي بطن الشَّاة والصَّواب مَا فَسَّره أَبُو زيد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن الأثْرَم عَن أبي عُبَيدَة أَنه قَالَ: المَجْرُ مَا فِي بَطْن الشَّاة، قَالَ: والثَّاني حَبَلُ الْحَبَلَة والثَّالِث الغَمِيس.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَأَبُو عُبَيْدة ثِقَة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: المَجْرُ الوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْن الحامِل، قَالَ: والمجْرُ: الرِّبا، والمجْر الْقِمار. قَالَ:

(11/54)


والمحاقَلَة والمُزَابَنَة، يُقَال لَهما: مَجْر.
قلت: فَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة اجْتَمَعوا فِي تَفْسِير المَجْرِ بِسُكُون الْجِيم على شَيْءٍ واحدِ، إِلاَّ مَا زَاد ابْن الأعرابيّ على أنَّه وَافَقَهُم على أنَّ المجْر مَا فِي بَطْنِ الْإِبِل، وَزَاد عَلَيْهِم أَنْ المجْر الرِّبا.
وأَمَّا المَجَرُ بتحريك الْجِيم، فَإِن المنذِرِيّ أَخْبرني عَن أَبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
أَبْقَي لنا اللَّهُ وتَقْعيرُ المَجَرْ
قَالَ: والتَّقْعير أَنْ يَسْقطَ فَيَذْهَب.
قَالَ: والْمَجَرُ انْتِفَاخ البَطْن من حَبَلٍ أَو حَبَنٍ. يُقَال: مَجَرَ بطنُها، وأَمْجَر، فَهِيَ مَجِرَةٌ ومُمْجِر.
قَالَ: والإمْجار أنْ تَلْقَحَ النَّاقةُ أَو الشَّاة فَتَمْرَض، أَو تَحْدَب فَلَا تقدِرُ أَنْ تَمْشي، وَرُبمَا شُقَّ بَطْنُها فأُخْرِجَ مَا فِيهِ لِيُرَبُّوه. وأنشدَ:
تَعْوِي كلابُ الحيِّ من عُوَائها
وتحمِلُ الممْجِرَ فِي كِسائِها
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت قَالَ: الْمجَرُ أنْ يَعْظُمَ بَطْنُ الشّاة الحامِل فَتُهْزَل، يُقَال: شَاة مُمْجِرٌ، وغَنَم مَمَاجِر.
قلت: فقد صَحَّ أنَّ المجْرَ بِسُكُون الْجِيم شيءٌ على حِدَة، وأَنَّه يَدْخل فِي البُيوع الفاسِدَة، وأَن الْمجَرَ شَيءٌ آخر، وَهُوَ انْتِفاخ بَطْنِ النَّعْجة إِذا هُزِلَت.
وَقَالَ الأصْمعِيّ: المَجْرُ الجَيْش الْعَظيم المُجتمِع.
وَيُقَال: مَجَرَ ونَجِرَ إِذا عَطش فأَكْثَر من الشُّرب، وَلم يَرْوَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُمْجِر الشَّاة الَّتِي يُصيبها مَرَضٌ وهُزال، ويَعْسِر عَلَيْهَا الوِلادة.
قَالَ: وأَما المَجْرُ فَهُوَ بَيْع مَا فِي بَطْنها.
وَقَالَ ابنُ هانىء: ناقَةٌ مُمْجِرٌ إِذا جَازَت وَقْتَها فِي النِّتاج. وَأنْشد:
ونَتَجُوها بعد طُول إِمْجار

(أَبْوَاب) الْجِيم وَاللَّام)
ج ل ن
جلن، نجل، لجن، لنج: مستعملة.
جلن: قَالَ اللَّيث: جَلَنَ حِكاية صَوْب بابٍ ذيَ مصْراعين فَيُرَدُّ أَحدهمَا فَيَقُول: جَلَن، ويُرَدُّ الآخَر فَيَقُول: بَلَق. وَأنْشد:
وتَسْمَعُ فِي الحاليْن مِنْه جَلَنْ بَلَقْ
لنج: قَالَ اللَّيث: الألَنْجُوج، والْيَلَنْجُوج: عُودٌ جَيِّد.
وَقَالَ اللِّحْيانيّ: يُقَال عُودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنجُوج ويَلَنجِيج، وَهُوَ عودٌ طَيِّبُ الرِّيح. قَالَ: وعودٌ يَلَنجُوجِيُّ مِثْلُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: عود يَلَنْجُوج وأَلَنْجُوج هُوَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ.

(11/55)


لجن: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: تَلَجَّنَ رَأْسهُ، إِذا اتَّسَخَ وَتَلَزَّجَ، وَهُوَ من تَلجَّنَ وَرَقُ السِّدْرِ إِذا لَجَّن مَدْقُوقاً.
قَالَ الشَّمَّاخ:
وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أرْوَى
عَلَيْهِ الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجِين
وَهُوَ وَرَقُ الْخَطْمِيّ إِذا أوخِفَ.
قَالَ: وَمِنْه قيل: نَاقَة لَجونٌ، إِذا كَانَت ثَقيلة.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لَجَّنْتُ الخَطْمِيّ وأوْخَفْتُه، إِذا ضَرَبْتَه بيَدك.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّجين ورَقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثمَّ يُخْلَط بدقيق أَو شعير فَيُعْلَفُ لِلْإِبِلِ، وكلُّ ورَقٍ أَو نَحوه فَهُوَ لَجِينٌ مَلْجون حَتَّى آسُ الغِسْلَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: اللُّجون واللِّجان فِي كلِّ دَابَّة، والحِرَانُ فِي الحافِر خاصَّة، والخِلاَءُ فِي الْإِبِل. وَقد لَجَنَتْ تَلْجُنُ لُجوناً ولِجَاناً.
وَقَالَ اللُّجَين: الفِضَّة.
وَقَالَ غَيره: اللَّجِين: زَبَدُ أفْواه الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو وجْزَة:
كأنَّ النّاصِعات الغُرَّ مِنْهَا
إِذْ صَرَفُتْ وَقَطَّعَت اللَّجِينا
أرادَ بالناصعات الغر: أنْيابها، وشَبّه لُعَابهَا بلَجِين الخِطْمِيّ.
نجل: سلَمةُ عَن الفرّاء قَالَ: الْإِنْجِيل هُوَ مثل الإكليل والإخْريط من قَوْلك: هُوَ كريمُ النجْل، تريدُ: كريم الأصْل والطَّبع، وَهُوَ من الفِعل إفْعيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النجْلُ الولَد، وَقد نَجَلهُ أَبوهُ، وَأنْشد:
أنْجَبَ أيامَ والداه بِهِ
إذْ نَجَلاه فنعْمَ مَا نَجلا
عَمْرو: عَن أَبِيه: النّاجل: الْكَرِيم النّجل، وَهُوَ الْوَلَد وأنْشد الْبَيْت، وَقَالَ: أرادَ أنْجَبَ والداه بِهِ إِذْ نَجَلاه، وَالْكَلَام مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّر، قَالَ: والنَّجْلُ: الماءُ المسْتَنْقَع، والنّجلُ النّزّ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: النَّجْلُ ماءٌ يُسْتَنْجَلُ من الأَرْض أَي يُسْتَخرج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّجلُ الْجمع الْكثير من النّاس، والنّجل: المحجّة، والنّجل: سَلْخُ الجِلْدِ من قَفاه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: المنْجول الجِلْدُ الَّذِي يُشَقُّ من عُرْقُوبَيْه جَمِيعًا، كَمَا يَسْلُخُ النَّاس الْيَوْم.
أَبُو عَمْرو: النَّجْلُ إثارَةُ أخْفافِ الإبِل الكَمْأةَ وإظْهارُها. والنّجل: السَّير الشَّديد، وَيُقَال للجَمَّال إِذا كَانَ حَاذِقاً: مِنْجل، وَقَالَ لَبِيد:
بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظِّرَّانَ نَاجِيَةٍ
إِذا تَوَقَّدَ فِي الدّيمُومَةِ الظُّررُ

(11/56)


تَنْجلُ الظِّرَّان: تُثيرُها فَترمي بهَا. والنَّجْل: مَحْو الصّبِيِّ اللّوْح. يُقَال: نَجَلَ لوْحَه، إِذا مَحاه.
وَقَالَ اللَّيْث: فَحْلٌ نَاجِلٌ وَهُوَ الْكَرِيم الكثيرُ النَّجْلُ، وَأنْشد:
فَزَوّجوه مَاجداً أَعْراقُها
وانْتَجلوا من خير فحْلٍ يُنْتَجلْ
قَالَ: والنجْل رَمْيُكَ بالشَّيْء.
والمِنْجَلُ: مَا يُقْضَبُ بِهِ الْعود من الشَّجر فيُنْجلُ بِهِ أَي يُرْمى بِهِ، والنَّجَل: سَعَةُ الْعين مَعَ حُسن. يُقَال: رَجلٌ أَنْجلَ، وعَيْن نَجْلاءُ: والأسد أنجل، وطعنة نجلاء وَاسِعَة، وسنَانٌ مِنْجَلٌ، إِذا كَانَ يُوسِّعُ خَرْقَ الطَّعنة، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
سِنانُها مِثلُ القُدَامَى مِنْجَلُ
أَبُو عُبيد: الطَّعْنةُ النَّجْلاءُ الْوَاسِعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّجَلُ: نَقَّالُو الجَعْوِ فِي السَّابل، وَهُوَ مِحْمَلُ الطَّيانين إِلَى البَنّاء، قَالَ: والنَّجِيل ضَرْبٌ من الحَمْص مَعْروف.
ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو: النّواجلُ من الْإِبِل: الَّتِي تَرْعَى النجيل، وَهُوَ الهَرْمُ من الحمض.
ورُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: قَدِمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدينةَ، وَهِي أَوْبَأُ أَرض الله، وَكَانَ واديها نَجْلا يَجْرِي. أَرَادَت: أَنه كَانَ نَزّاً.
واسْتَنْجَلَ الْوَادي، إِذا ظهر نُزُوزُه.
وَقَالَ الأصمعيُ: لَيْلٌ أَنْجَلُ: واسعٌ قد علا كلَّ شَيْء وأَلبَسه، وليلةٌ نَجْلاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التّناجل تنازُع النَّاس، وَقد تَناجَلَ القومُ بَينهم، إِذا تنَازَعوا.
وانْتجل الأمرُ انْتجالاً، إِذا اسْتَبَان وَمضى، ونَجَلْتُ الأَرْض نجْلاً: شَقَقْتَها للزِّراعة.
اللِّحياني: المَرْجولُ والمَنْجُول الَّذِي يُسْلَخُ من رجلَيْهِ إِلَى رَأسه.
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدَع يَقُول: المَنْجُولُ الَّذي يُشَقُّ من رِجليه إِلَى مَذْبَحه، والمَرْجُول: الَّذِي يُشَقُّ من رجلَيْهِ ثمَّ يُقْلَبُ إهابه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْجَلُ: السَّائق الحاذق، والمِنْجَل: الَّذِي يمحو ألواحَ الصّبيان، والمِنْجَلُ: الزَّرع الملتَفّ المُزْدَجّ والمِنْجَلُ: الرَّجل الكثيرُ الأوْلاد، والمِنْجَلُ: البَعير الَّذِي ينْجُلُ الكمأة بخُفِّه.
ج ل ف
جلف، جفل، لجف، لفج، فلج. فجل: مستعْملات.
لفج: سُئِلَ الحَسنُ عَن الرَّجلُ يُدالِكُ أهْلَه، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذا كَانَ مُلْفَجاً.
أَبُو عَبيد عَن أبي عَمْرو: أَلفَجَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُلْفَجٌ، إِذا كَانَ ذَهَبَ مالُه.

(11/57)


وَقَالَ أَبُو عُبيد: المُلْفِجُ المُعْدِمُ الَّذي لَا شَيْء لَهُ، وَأنْشد:
أَحسابُكُم فِي العُسْرِ والألفاجِ
شِيَبتْ بَعذْبٍ طَيِّب المِزَاجِ
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر عَن ابْن الأعرابيّ والمنذريّ عَن ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: كلامُ الْعَرَب كُلّه على (أَفْعَل) ، وَهُوَ (مُفْعِل) إِلَّا فِي ثلاثةَ أحرف: ألْفَجَ فَهُوَ مُلْفَج، وأَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَن، وأَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَلْفَجَنِي إِلَى ذَلِك الاضْطِرار إلْفَاجاً، ورجُلٌ مُلْفَجٌ، تَضْطَره الحاجَةُ إِلَى من لَيْس لذَلِك بأَهْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّفْج الذُّلّ.
فجل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: الفاجل الْقَامِر.
وَقَالَ اللّيث: الفُجْلُ أَرُومَةُ نباتٍ، وإياه عَنَى بقوله: وَهُوَ مُجَهّز السَّفينة يهجو رَجلاً:
أَشْبَهُ شيءٍ بجُشَاءِ الفُجْلِ
ثِقْلاً على ثِقْلٍ وأيُّ ثِقْلِ
جلف: قَالَ اللَّيث: الجَلفُ أَخْفَى من الجَرْف وأَشَدُّ استِئصالاً، تَقول: جَلَفْتُ ظُفْرَه عَن إِصْبعه.
ورجُل مُجَلَّف، قد جَلَّفه الدّهر أَي أَتَى على مَاله، وَهُوَ أَيْضا مُجَرَّف، والجَلائِف السّنون، وَاحِدهَا جَليفة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَفَ الرّجل إِذا نَحَّى الْجُلافَ عَن رأْس الْجُنْبُخة، والجُلاف: الطّين.
الحرَّانِيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الْجَلْفُ مصْدر جَلَفْت أَي قَشَرْت، يُقَال: جَلفْتُ الطِّينَ عَن رَأْس الدَّنّ.
قَالَ: والجِلْف: الأعْرابيُّ الْجافي، والجِلْفُ: بَدَنُ الشَّاة بِلَا رَأْسٍ وَلَا قَوَائِم.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أَبي الهيثمْ، يُقَال للسَّنَةِ الشَّدِيدة الَّتِي تَضُرُّ بالأموال سَنَةٌ جالِفَة، وَقد جَلَفَتُهُم وزمان جالف وجارف.
قَالَ: والْجِلْفُ فِي كَلَام الْعَرَب: الدَّنُّ وَجمعه: جُلُوف. وَأنْشد:
بَيْتُ جُلُوفٍ طيِّبٌ ظِلُّهُ
فِيهِ ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ
الظّباء: جمع الظَّبْية، وَهِي الْجُرَيِّبُ الصَّغير يكون وعَاء للمسك والطِّيب.
قَالَ: وَيُقَال للرَّجُل إِذا جَفَا: فلانٌ جِلْفٌ جَافٍ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ المالُ لَا سِمَنَ لَهُ وَلَا ظَهْر وَلَا بَطْن يَحْمل، قيل: هُوَ كالجِلْف.
وَقَالَ غَيره: الجِلْفُ أَسْفَلُ الدَّنِّ إِذا انكَسر.

(11/58)


وَقَالَ اللَّيث: الجِلْفُ: فُحَّالُ النَّخْلِ الَّذِي يُلَقَّحُ بطَلَعة.
الأصمعيّ: طَعنَةُ جالفة إِذا قشرت الجِلْدَ وَلم تَدخُل الْجوف، وخُبْزٌ مَجْلوف، وَهُوَ الَّذِي أَحْرَقه التَّنُّور فلَزِقَ بِهِ قُشُوره.
وأمَّا قَول قَيْس بن الْخطيم يَصف امْرَأَة:
كأنَّ لَبَّاتِها تَبَدَّدَها
هَزْلَى جَرادٍ أَجْوافُه جُلُف
فَإِن شبَّه الحُلِيَّ الَّذِي على لبَّيتها، بجرادٍ لَا رُؤوس لَهَا، وَلَا قَوائم. وَقَالَ: الجُلُفُ جمع جَليف، وَهُوَ الَّذِي قُشِر.
وَذهب ابنُ السّكّيت إِلَى الْمَعْنى الأوَّل، قَالَ: وَيُقَال أصابَتْهُم جَليفَةٌ عَظِيمَة: إِذا اجْتَلَفَت أموالَهم، وهم قوم مُجْتَلِفون.
أَبُو عُبيد: الْمُجَلَّفُ: الَّذِي قد ذَهب مَاله، والْجَالِفَةُ: السّنة الَّتِي تَذهَبُ بِالْمَالِ، وَقَالَ الفَرزدق:
مِن الْمال إِلَّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّف
والجِلْف: الخُبز الْيَابِس بِلَا أُدْم.
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي طَالب قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطيالسيّ قَالَ: أخبرنَا حُرَيث بن السَّائب قَالَ: حَدثنَا الحسَن قَالَ: حَدثنَا حُمران بنُ أبان، عَن عُثْمَان بن عَفّان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ شَيْءٍ سوى جِلْفِ الطّعام، وظِلّ بَيت، وثَوب يَسْتُره فَضْل) :
قَالَ شمر، قَالَ ابنُ الأعرابيّ: الجِلْفَةُ والْقِرْفَةُ والجِلْفُ من الخُبْز: الغليظُ الْيَابِس الَّذِي لَيْسَ بمأْدوم وَلَا يابسِ لَيِّن كالْخَشب وَنَحْوه. وَأنْشد:
القَفْرُ خَيْرٌ من مَبِيتٍ بِتُّه
بجُنوب زَخَّةَ عِنْد آلِ مُعارِكِ
جَاءُوا بِجِلْفٍ من شعير يَابِس
بَيْني وَبَين غُلامهم ذِي الْحارِكِ
لجف: قَالَ اللَّيْث: اللَّجْفُ الحَفْرُ فِي جَنْب الكِناس وَنَحْوه، وَالِاسْم: اللَّجَف.
قَالَ: واللَّجَفُ أَيْضا: مَلْجأُ السَّيْل، وَهُوَ مَحْبِسُه.
قَالَ: واللِّجاف مَا أشْرَفَ على الْغار من صَخْرة أَو غير ذَلِك ناتٍ من الْجَبل، وَرُبمَا جُعِلَ كَذَلِك فَوق الْبَاب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التَّلَجُّفُ الْحفْرُ فِي نواحي الْبِئْر.
وَقَالَ العجاج:
إذَا انْتَحى مُعْتَقِماً أَو لَجَّفاً
قَالَ: واللَّجَيفُ من السِّهام الَّذِي نَصْلُه عَريض.
شكّ أَبُو عُبيد فِي اللَّجيف. قلت: وحُقَّ لَهُ أَن يَشُكَّ فِيهِ؛ لأنَّ الصَّوَاب فِيهِ (النَّجيفُ) بالنُّون، وَهُوَ من السِّهام العريض النّصْل، وجَمْعه نُجفُ. وَمِنْه قَول أبي كَبِير الهُذَلي:

(11/59)


نُجفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ ناهِضِ
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: اللَّجَفَ سُرَّةُ الْوادي، قَالَ وَيُقَال: بِئْرُ فلَان مُتَلّجِّفة.
وَأنْشد شمر:
لَو أَنَّ سَلْمَى وَرَدَتْ ذَاتَ اللَّجَافْ
لَقَصَّرَتْ ذناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ
وَقَالَ ابْن شُميل: أَلْجافُ الرَّكيَّة: مَا أَكل الماءُ من نواحي أَصْلها وَإِن لم يأْكلها وَكَانَت مُسْتَوية الأسْفل فَلَيْسَ لَهَا لِجْف.
وَقَالَ يُونُس: لَجَفَ.
وَيُقَال: اللَّجَفُ مَا حضر الماءُ من أَعلَى الرَّكيَّة وأَسْفِلها، فَصَارَ مثل الْغَار.
فلج: قَالَ اللَّيْث: الْفَلَجُ الماءُ الجارِي من العَين.
وَقَالَ العجاج:
تَذكَّرا عَيناً رَوَاءً فَلَجا
أَي جَارية، يُقَال: عَيْنٌ فَلَجٌ، وماءُ فَلَجٌ.
وأنشدهُ أَبُو نصر:
تذكرا عينا رِوى وفلجا
الروى: الْكثير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْفَلَجُ النَّهْر.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا فَلَجٌ يسْقى جَداولَ صَعْنَبَى
لَهُ مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلَى كلِّ مَوْردِ
وَفِي حَدِيث عُمَر: أنَّه بَعثَ حُذَيفَة، وعُثمان بن جُنيف، إِلَى السّواد، فَفَلجا الْجِزْيَة على أَهْله.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصْمَعيّ قَوْله: فَلَجا، يَعْنِي قَسَما الْجِزْيَة عَلَيْهِم.
قَالَ: وأَصْلُ ذَلِك من الفِلْج، وَهُوَ المكْيال الَّذِي يُقال لَهُ الْفالِج.
قَالَ: وأَصْلُه سُرْيانيُّ، يُقَال لَهُ بالسُّريانية: فَالغاء، فعرِّب، فَقيل: فالِجٌ وفلْجٌ.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الخَمر:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ من مسْك دا
رِينَ وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قَالَ: وإنَّما سمَّى القِسْمة بالْفِلْج؛ لأنَّ خراجَهم كَانَ طَعَاما.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا الْفِلْج، فَأَما الفُلْجُ بضَمِّ الْفَاء، فَهُوَ أَن يَفْلُجَ الرَّجلُ أَصْحابَه، يعلوهم ويفُوقُهُم، يُقَال مِنْهُ: فَلَجَ يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً.
والفَلَجُ: تبَاعد مَا بَين الأسْنان، وَرجل أَفْلجَ، إِذا كَانَ فِي أَسْنانه تَفَرُّق، وَهُوَ التَّفْلِيج أَيْضا.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: والأفْلَجُ الَّذِي اعْوِجاجه فِي يَدَيْهِ فَإِذا كَانَ فِي رِجْلَيه، فَهُوَ أَفْجَج، والفَلِيجَةُ: شُقَّةٌ من شُقَق الْخِباء. قَالَ الأصمعيّ: وَلَا أَدْري أيْن تكون؟

(11/60)


قَالَ عُمر بن لَجأ:
تَمَشَّى غير مُشْتَمِل بثوْبٍ
سِوَى خَلِّ الفَلِيجَة بالخِلالِ
وَقَالَ الأصمعيّ: فَلَجَ فلانٌ على فُلان، وَقد أَفْلَجَهُ الله عَلَيْهِ فُلْجاً وفُلوجاً، والمَفْلوجُ: صاحِبُ الفَالج، وَقد فُلِجَ.
وَقَالَ: الْفَلَج: الْفَحج فِي السَّاقين، والْفَلَجُ فِي الثَّنِيَّتَيْن.
قَالَ: وأَصْلُ الْفَلج النِّصْفُ من كُلِّ شَيْء، وَمِنْه يُقَال: ضَرَبه الفَالِج، وَمِنْه قَوْلهم: كُرٌّ بالفالج وَهُوَ نصْفُ الكُرِّ الْكَبِير.
والْفَالِج: الْجَمل ذُو السَّنامَيْن، والجميع الفَوَالج.
شَمِر: فَلَجْتُ المَال بَينهم، أَي قَسَمْته، وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
فَفَريق يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً
وفَريقٌ لطابخيه قُتَارُ
وَيُقَال: هُوَ يَفْلُجُ الْأَمر أَي يَنْظُر فِيهِ، ويَقْسِمُه ويُدَبِّرُه. وَقَالَ ابْن طُفيل:
تَوَضَّحْن فِي عَلياءِ قَفْرٍ كأَنَّها
مهارِيقُ فَلُّوجٍ يُعارِضْن تَاليا
قَالَ خالدُ بن جَنْبَةَ: الفَلُّوجُ الكاتِب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَج، وَهُوَ الفُلْجُ والفَلْجُ قَالَ: والفَلْجُ والْفُلْجُ: الْقَمَر والفَلْجُ. الْقَسْمُ. وفَلْج: اسْم بَلَد. قُلت: وَمِنْه قيل لِطَريقٍ يَأْخُذُ من طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى الْيَمَامَة، طريقُ بطن فَلْج، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَإِن الَّذِي حانَتْ بفلج دِماؤُهم
هُمُ الْقَومُ كُلُّ القومِ يَا أُمَّ خالِدِ
وَقَالَ اللَّيْث: فَلالِيج السَّوَاد قُراها، الْوَاحِدَة فَلُّوجة، قَالَ: وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: لَيْسَ بمُسْتَقيمٍ على جِهَته، والفَلَجُ: تبَاعُد مَا بَين الثَّنايا والرَّباعيات خِلْقَةً، فَإِن تُكُلِّفَ فَهُوَ التَّفْليج، قَالَ: والفَلَجُ: تباعُد الْقَدَمين أُخُراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا وَقَع فِي أَمْرٍ قد كَانَ عَنهُ بمَعزل: كنت عَن هَذَا الأمْر فَالِجَ بنَ خَلاَوة يَا فَتى.
أَبُو عُبيد: عَن الْأَصْمَعِي: أَنا مِنْهُ فالجُ ابْن خَلاَوة أَي أَنا بَرِيءٌ مِنْهُ، وَمثله لَا نَاقَةَ لي فِيهَا وَلَا جَمل وَقد قَالَه أَبُو زيد، رَوَاهُ شِمر لِابْنِ هانىء عَنهُ.
جفل: قَالَ اللَّيْث: الْجَفْلُ: السَّفينَةُ، والجُفول السُّفُن. قلت: لم أسمع الْجَفْل بِهَذَا المعْنى لِغَير اللَّيْث، والْجفْلُ: السَّحابُ الَّذِي قد هَراقَ ماءَه، فخفَّ رَوَاحه.
وَقَالَ اللَّيْث جَفَلَتُ اللَّحْمَ من الْعظم، والشَّحْمَ عَن الجلْد، والطِّينَ عَن الأَرْض.
قلت: وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى جَلَفْتُ، وكأَنَّ الْجَفلَ مَقْلوبٌ بِمَنْزِلَة جَذَبْتُ وجَبَذْتُ.

(11/61)


وَقَالَ اللَّيْث: الرِّيحُ يجفِلُ السَّحابَ الْخَفِيف من الْجَهام، أَي تَسْتَخفُّه فَتَمْضي بِهِ، وَاسم ذَلِك السَّحاب: الْجَفْلُ.
قَالَ وَيُقَال: إنِّي لآتي الْبَحْر فأَجده قد جَفَل سَمَكاً كثيرا، أَي ألقاهُ على السَّاحل.
وَفِي الحَدِيث أنَّ البَحر جَفَل سمكًا، أَي أَلْقَاهُ وَرمى بِهِ. وَقَالَ ابْن شُميل: جَفَلْتُ المتاعَ بعضَه على بعض، أَي رميته بعضه على بعض.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَحَيْتُ الطيرَ وجَفَلته إِذا جَرَفْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي قَتَادة: أَنه كانَ مَعَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَر، فَنَعَسَ على ظَهْر بَعيره حَتَّى كادَ يَنْجفل فدعَمتْه، معنى قَوْله: يَنْجَفل، أَي يَنْقَلب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف إبِلاً:
يَجْفِلُها كلُّ سنامٍ مِجْفَلِ
لَأْياً بِلَأْيٍ فِي الْمراغ الْمُسهِلِ
يُرِيد: يَقْلِبُها سَنامُها من ثِقلِه إِذا تمرَّغت، ثمَّ أَرادَت الاسْتوَاء، قَلَبَها ثِقْلُ أَسْنِمَتِها.
والجُفول: سُرْعَةُ الذَّهابِ والنُّدودُ فِي الأَرْض، يُقَال: جَفَلت الْإِبِل جُفولاً، إِذا شَرَدَت نادَّة، وجَفَلت النَّعامَةُ، ورجلٌ إجْفِيل، إِذا كَانَ نَفوراً جَبَانًا وجَفَّلَ الفزعُ الإبِلَ تجفيلاً، فجفلت جُفولاً. وَقَالَ: إِذا الحرُّ جَفَّلَ صِيرَانَها. وانْجَفَل الْقَوْم انجفالاً، إِذا هَربوا بسُرعة. وانْجَفَلت الشَّجرة، إِذا هَبَّت بهَا ريح شَديدة فَقَعَرتْها.
والْجُفَالُ من الشَّعْر: المجتمِعُ الكَثِير، وَقَالَ ذُو الرمة يصف شَعر امْرَأَة:
وأسْودَ كالأَسَاوِدِ مُسْبَكِرّاً
على الْمَتْنَيْن مُنْسَدِلاً جُفَالاً
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْجِفْلُ: تَصْليعُ الْفيل. وَقد قَالَه الكسائيّ، وَقد جَفَل الفيلُ يَجْفِلُ، إِذا رَاثَ، قَالَ: وشَعْرٌ جُفَالٌ أَي مُنْتَفِشٌ، وَيُقَال لِرَغْوة القِدر: جُفَال.
ورُوِي عَن رؤْبة أنَّه كَانَ يَقْرأ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
وَفِي كَلَام الْأَعْرَاب، فِيمَا حُكِيَ عَن الْبَهَائِم: أَن الضّائِنَةَ قَالَت: أُجَرُّ جُفَالاً، وأُحْلَبُ كُثَباً ثُفَالاً، وَلم تَرَ مِثْلي مَالا:
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِنه لجافِلُ الشَّعر، إِذا شَعِثَ وَتَنصَّبَ شَعْرُه تَنَصُّباً، قد جَفَلَ شَعْرُه يَجْفِلُ جُفُولاً.
وَقَالَ اللَّيْث: جَفَلَ الظَّليم، وأَجْفَل، إِذا شَرَدَ فَذَهَبَ، وَمَا أَدْري مَا الَّذي جَفَّلها؟ أَي نَفَّرها، قَالَ: والجَفَّالَةُ من النَّاس: جماعَةٌ ذَهَبوا وجاؤوا.
ج ل ب
جلب، جبل، لجب، لبج، بلج، بجل: مستعملات.
جلب: قَالَ اللَّيث: الْجَلَبُ مَا جَلَبَ القومُ

(11/62)


من غَنَمٍ أَو سَبْي، وَالْجمع أَجْلاب، والفِعْل يَجْلِبُون، وعَبْدٌ جَلِيبٌ، وعَبيدٌ جُلَبَاء، قَالَ: والْجَلَبُ: الْجَلَبَةُ فِي جَماعةِ النّاس، وَالْفِعْل أَجْلَبُوا وجَلَّبوا من الصّياح، والْجَلُوبَةُ: مَا جُلِبَ للْبيع، نحوِ النّاب والفَحْل والقَلُوص، فأَمَّا كِرامُ الْإِبِل والفُحولة الَّتِي تُنْتَسَل، فلَيْسَت من الْجَلُوبَة. يُقَال لصَاحب الْإِبِل: هَل فِي إِبِلِكَ جَلُوبة؟ يَعْني شَيْئاً جَلَبه للْبيع.
وَفِي الحَدِيث: (جَلَبَ وَلَا جَنَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الْجلَبُ يكون فِي شَيْئَين، يكونُ فِي سِبَاق الْخَيل، وَهُوَ أَن يَتْبَعَ الرجلُ فَرسَه فَيَزْجُرَه، ويُجَلِّبَ عَلَيْهِ، فَفِي ذَلِك مَعونةٌ للْفرس على الْجَرْي.
والوجْهُ الآخر فِي الصَّدَقة، أَنْ يَقْدُمَ المَصَدِّقُ فَيَنْزِلَ مَوْضِعاً، ثمَّ يُرْسِلَ إِلَى الْمِيَاه من يَجْلُبُ إِلَيْهِ أَغْنَامَ أَهْلِ الْمِيَاه فَيُصَدِّقَها، فَنُهِيَ عَن ذلكَ، وأُمِرَ بأَنْ يَصَّدَّقوا على مِيَاههمْ وبأَفْنِيَتِهم.
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت. قَالَ: يُقَال هم يُجْلِبون عَلَيْهِ، ويُحْلِبُون عَلَيْهِ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي يُعِينُون عَلَيْهِ.
روى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البخاريّ، عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن أبي عَاصِم، عَن حَنْظَلَة، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نَحْو الجُلاّب، فَأخذ بكفه، فَبَدَأَ بِشِقّ رَأسه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، فَقَالَ بهما على وَسَطِ رأسِه) . قلت: أرَاهُ أَرَادَ بالجُلابِ ماءَ الْورْد وَهُوَ فارسيّ مُعرب، والورد يُقَال لَهُ: جُلْ واب مَعْنَاهُ المَاء، فَهُوَ مَاء الْورْد، وَالله أعلم.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَبَ الرجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِالشَّرِّ، وجَمَعَ عَلَيْهِ الْجمع، بِالْجِيم.
قَالَ: وأَجْلَبَ الرَّجل إِذا نُتِجَتْ نَاقَته سَقْباً، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت إِبِلهُ تُنتجُ الذُّكور، فَقد أَجْلَبَ، وَإِذا كَانَت تُنتجُ الْإِنَاث، فقد أَجْلَب، ويَدعو الرجلُ على صاحبِه فَيَقُول: أَجْلَبْتَ وَلَا أَحْلَبتَ، أَي كَانَ نِتاجُ إبِلك ذُكُورا لَا إِنَاثًا لِيَذْهَبَ لَبَنُهُ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (الْإِسْرَاء: 64) أَي اجْمَع عَلَيْهِم وتَوَعَّدْهُم بالشّرّ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصْمَعيّ: إِذا عَلَتْ الْقَرْحَةَ جِلْدَةٌ لَلْبُرْء، قيل جَلَبَ يَجْلِبُ، ويَجْلُبُ، وأَجْلَبَ يُجْلِبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال قرحةٌ مُجْلِبَةٌ وجَالبة، وقروحٌ جوالب وجُلّب، وأَنشد:
عافاك ربِّي من قُروحٍ جُلَّبِ
بعد نُتُوضِ الْجلد والثّقَوُّبِ.
قَالَ أَبُو عُبيد، عَن أبي عمر: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه: عيدانُه وَأنْشد:

(11/63)


كأَنَّ أَعْلاقي وجِلْبَ كُوري
عَلَى سَراةِ رائحٍ فَطُور
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه أَحْنَاؤه قَالَ: الْجِلبُ من السّحاب، مَا ترَاهُ كَأَنَّه جبل، وَأنْشد:
ولستُ بِجِلْبٍ، جِلْبِ ريحٍ وقِرَّةٍ
وَلَا بِصَفَا صَلْدٍ عَن الخيْرِ مَعْزلِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الجُلْبَة الشِّدَّة والجَهْدُ والجوع، وأَنشد الرياشيّ:
كأَنَّما بَين لَحْيَيْه ولَبَّته
من جُلْبَة الْجُوع جَيَّارٌ وإرْزِيرُ
قَالَ: والْجُلْبَةُ الشِّدَّة، وأصابتهم جُلْبَةٌ، وَهِي السَّنة والشِّدَّة والمجاعة. والإرزيز: الطَّعنة. والْجَيَّار: حُرْقةٌ فِي الجَوْف.
رَأَيْت فِي نُسْخَة (ديوَان العجاج) فِي قصيدة لَهُ يذكر فِيهَا العَيْرَ وأُتُنَه:
تكسوه رَهْباها إِذا تَرَهَّبا
عَلَى اضْطِمار اللَّوْح بَوْلاً زَغْرَبَا
عُصارةَ الجُزْءِ الَّذِي تجلَّبا
فَأَصْبَحت مُلْساً وأضحى مُعْجَبَا
قَالَ: عُصارة الْجُزْء: مَا انْعصَر من بَوْلها، وَهِي جازئة.
قَالَ: والتَّجَلُّبُ التماسُ المرعى مَا كَانَ رَطْباً من الْكلأ. رَوَاهُ بِالْجِيم كَأَنَّهُ بِمَعْنى اجْتَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلْبَةُ: العُوذَةُ الَّتِي يُخْرز عَلَيْهَا الْجلد، وَجَمعهَا: الجُلَب.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ يصف فرسا:
بغَوْجٍ لبانُهُ يُتَمُّ بَرِيمُهُ
عَلَى نفْثِ راقٍ خَشْيَة الْعين مُجْلِبِ
الْغَوْجُ: الْوَاسِع جِلْد الصدْر. والبَرِيمُ خيْطٌ يُعْقَدُ عَلَيْهِ عُوذةٌ: يُتَمُّ بَرِيمه: أَي يُطالُ إطالةً لسعة صدْرِه.
والمُجْلِبُ: الَّذِي يجعلُ العوذةِ فِي جِلْبٍ ثمَّ يُخاط علَى الفَرَس عَن أبي عَمْرو وَقَالَ اللَّيْث: الْجُلْبَة: الحديدةُ يُرقع بهَا القَدَح، وَهِي حَدِيدَة صَغِيرَة، والجُلْبَة فِي الْجَبَل، إِذا تراكم بعض الصخر على بعض، فَلم يكن فِيهِ طَرِيق تَأْخذ فِيهِ الدّوابّ.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} (الْأَحْزَاب: 59) .
قَالَ ابْن السكّيت، قَالَت العامِريَّةِ: الجلْباب الخِمار. وَقيل: جلْباب الْمَرْأَة مُلاءَتُها الَّتِي تَشتَمِلُ بهَا، وَاحِدهَا جِلْبَاب، وَالْجَمَاعَة جلابيب.
وَقَالَ اللَّيْث: الجلباب: ثوبٌ أَوسعُ من الخِمار دون الرِّداء، تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وصدرَها، وَقد تجلببت، وَأنْشد:
والعَيْشُ داجٍ كنَفَاً جلْبابُه
وَقَالَ الآخر:
مُجَلْبَبٌ من سَواد اللَّيْل جلْبابا
وَفِي حَدِيث عَليّ: من أَحَبَّنا أَهْلَ الْبَيْت فَلْيُعِدَّ للفقر جلباباً أَو تَجفافاً.

(11/64)


قَالَ القُتَيبيُّ: معنى قَوْله فلْيُعِدّ للفقر جلباباً وتَجفافاً أَي لِيَرْفض الدُّنْيَا وليزهد فِيهَا، وليَصْبِرْ على الْفقر والتَّقَلُّل، وكنى عَن الصَّبْر بالجلباب والتَّجفاف لِأَنَّهُ يستر الْفقر كَمَا يستر الجلباب والتّجفاف الْبدن.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجِلْبابُ الْإِزَار. قَالَ: وَمعنى قَوْله (فلْيُعِدّ للفقر جلباباً) . يُرِيد لفقْرِ الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبيد قلت: وَمعنى قَول ابْن الأعرابيّ: الجلبابُ الْإِزَار، وَلم يرد بِهِ إِزَار الْحَقْو، وَلكنه أَرَادَ بِهِ الْإِزَار الَّذِي يستمل بِهِ فيُجَلِّلُ جَمِيع الْجَسَد، وَكَذَلِكَ إزارُ اللَّيْل هُوَ الثَّوْب السابغ الَّذِي يشتملُ بِهِ النَّائِم فيغطي جسده كلّه.
اللَّيْث: الجُلْبان المُلْكُ، الْوَاحِدَة جُلبانة، وَهُوَ حَبٌّ أَغبَرُ أكْدَرُ عَلَى لون الماشِ، إِلَّا أَنه أشَدّ كُدْرَةً مِنْهُ وأعظمُ جرْماً، يُطبخ.
حَدثنَا ابْن عُروة، عَن البُسْرِيّ، عَن غُنْدَر، عَن شُعْبة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: لما صالحَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين بِالْحُدَيْبِية، صَالحهمْ عَلَى أَن يَدخُلَ هُوَ وَأَصْحَابه من قابلٍ ثلاثةَ أَيَّام؛ وَلَا يُدخِلونها إلاَّ بجُلبَان السِّلَاح.
قَالَ: فَسَأَلته: مَا جُلبان السِّلَاح. قَالَ: القِرَاب بِمَا فِيهِ.
قلت: القِرابُ: هُوَ الغمدُ الَّذِي يُغمدُ فِيهِ السَّيْف، والجِلْبانُ: الجراب من الأدَم يوضع فِيهِ السَّيْف مغموداً، ويَطرح فِيهِ الراكبُ سوطَه وأداتَه ويُعلِّقُه من آخِرةِ الرّحْلِ أَو واسطِه.
وَقَالَ غَيره: امرأَةٌ جِلِبّانَةٌ وجُلُبَّانه وتِكِلاَّبةٌ، إِذا كَانَت سيِّئَة الخُلق، صَاحِبَة جَلَبَةٍ ومُكالبة.
وَقَالَ شَمر: الجُلُبّانة من النِّسَاء الجافيةُ الْغَلِيظة، كَأَن عَلَيْهَا جُلْبَة، أَي قَشْرَةٌ غَلِيظَة.
وَقَالَ حُمَيد بن ثَوْر:
جُلُبَّانَةٌ وَرْهاءُ تُخْصَى خِمارها
بفي من بَغَى خيرا لَدَيْهَا الجلامدُ
والأجلاب: أَن تأخذَ قطعةَ قِدَ فتُلبِسها رَأْسَ القَتَب، فَتَيْبَسُ عَلَيْهِ، وَهِي الْجُلْبةُ.
قَالَ الجعدِيّ:
كتَنْحِية الْقَتَب الْمُجْلَبِ
والتَّجْليبُ: أَن تُؤْخذ صُوفَةٌ، فَتلقى عَلَى خِلْفِ النَّاقة، ثمَّ تُطْلى بطينٍ أَو عجين، لِئَلَّا يَنْهَزَها الفصيل.
يُقَال: جلِّب ضَرْعَ حلوبَتِكَ، وَيُقَال: جَلَّبته عَن كَذَا وَكَذَا تَجْلِيباً وأَصفحتُه، إِذا منَعْتَه.
وَيُقَال: إِنَّه لفي جُلْبة صدْق، أَي فِي بُقْعة

(11/65)


صدق؛ وَهِي الجُلَب.
وَيُقَال: جَلَبْتُ الشَّيْء جَلَباً وجنبت الفرسَ جنبا؛ والمجلوبُ أَيْضا: جَلَبٌ، وَهَذَا كَمَا يُقَال لما نُفضَ من الشّجر نَفَضٌ؛ وللمعدودِ عدد وَجمعه أجْلاب.
وَفِي حديثِ الحُدَيْبِية أَلا يَدْخُلَ الْمُسلمُونَ مَكَّةَ إِلَّا بجُلُبَّان السِّلاح.
قَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: جُلُبَّانُ السِّلاح الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.
قَالَ شِمر: كأَنَّ اشتقاق الجُلُبّان من الجُلْبَة، وَهِي الجلْدة الَّتِي تُجعَلُ على القَتَب، والجلدةُ الَّتِي تُغَشِّي التميمه، لِأَنَّهُ كالغِشاء لِلقِراب، وَقَالَ جِران العَوْد:
نَظَرْتُ وَصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ
وجُلْبُ اللَّيْلِ يَطْرُده النّهارُ
أَرَادَ بجُلْبَ اللَّيل سَوادَه.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ. الجُلْبُ جمع جُلْبَة وَهِي السَّنَةُ الشبهاء والجُلْبُ: جمعِ جُلْبَة وَهِي بَقْلَة.
والجَلْبُ: الجِنايَة على الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ الأجْل.
وَقد جَلَبَ عَلَيْهِ، وأَجَلَ عَلَيْهِ: أَي جَنَى عَلَيْهِ.
جبل: قَالَ اللَّيْث: الْجَبَل اسمٌ لكلِّ وَتِد من أَوْتَاد الأرْض إِذا عَظُمَ وطالَ من الأعْلام والأطْوار، والشَّناخِيب والأنْضاد. فأمَّا مَا صَغُرَ وانْفَرد، فَإِنَّهَا من الآكام والقِيران.
قَالَ: وجَبْلَةُ الْجَبَل تَأْسيسُ خِلْقَتِهِ الَّتي جُبِلَ عَلَيْهَا.
وَيُقَال للثَّوْب الجيِّد النَّسج والغزل والفتل إنَّه لَجيِّدُ الْجَبْلَة. وجَبْلَةُ الْوَجْه بَشرَتُه. ورَجُلٌ جَبْلُ الْوَجْه: غَليظُ بَشَرة الْوَجهْ ورَجُلٌ جَبْلُ الرأْس: غليظُ جِلْدَةِ الرَّأس والْعِظام.
وَقَالَ الراجز:
إِذَا رَمَيْنا جَبْلَةَ الأشَدّ
بمُقْذَفٍ باقٍ على المرَدّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعيّ: الجُبْلُ الناسُ الْكثير، والْعُبْر مثْله.
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) قَالَ أَبُو إِسْحَاق تُقْرَأ. (جُبْلاً) و (جُبُلاٌ) و (جِبِلاً) ، وَيجوز أَيْضا جِبَلاًّ بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْبَاء، جمع جِبْلَة وجِبلَ، وَهُوَ فِي جَميع هَذِه الْأَوْجه خَلْقاً كثيرا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جُبْلٌ وجُبُلٌ، وجِبْلٌ وجِبِلٌ، وَلم يعرف جُبُلاً بالضمّ وتَشْديد اللاَّم.
قَالَ: وجَبِيلٌ وجَبِلَّةَ لُغَات كلهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ {وَالْجِبِلَّةَ الاَْوَّلِينَ} (الشُّعَرَاء: 184) .
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن ابْن جَابر، عَن أبي

(11/66)


عمر الدُّوريّ، عَن الكسائيّ، قَالَ: الجِبِلَّةُ والجُبُلَّةُ تكسر وتُرفع مُشَدّدة كُسِرَت أَو رفعت، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) كَمثل.
قَالَ: فَإِذا أَردت جِماع الْجَبِيل قلت: جُبُلاً، مثل قَبِيل وقُبُلٍ، كلٌّ قد قُرِيء قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة، وَالْكسَائِيّ، والحَضْرميّ: (جُبُلاً) بِضَمَّتَيْنِ، وَتَخْفِيف اللَّام. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَابْن عَامر: (جُبْلاً) بتسكين الْبَاء. وَقَرَأَ عاصمُ، وَنَافِع، (جِبِلاًّ) بِكَسْر الْجِيم وَالْبَاء وَتَشْديد اللَّام، وَلم يقْرَأ أحدٌ جُبُلاًّ.
قَالَ: وسمِعتُ أَبَا طَالب يَقُول فِي قَوْلهم: (أجَنَّ اللَّهُ جِباله) قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ أَجَنَّ الله جِبْلَتَه، أَي خِلْقَتَه.
وَقَالَ لَهُ غَيره: أجَنَّ اللَّهُ جبالَه، أَي الْجبَال الَّتِي يَسكنُها أَي أكْثَر الله فِيهَا الجِنَّ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
جِهاراً ويَسْتَمْتِعْنَ بالأنَسِ الجَبْلِ
أَي الْكثير.
سَلَمَةُ، عَن الْفراء: الجبَلُ سَيِّدُ الْقَوم وعالِمُهم فَمَعْنَى أَجَنَّ الله جباله، أَي سَادَات قومه، يُقَال: هَؤُلَاءِ جبال بني فلانِ، وَهَؤُلَاء أَنْيَاب بني فلَان أَي سادتهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِبِلُّ: الخلْق، جَبَلَهم الله فهم مَجْبُولون، وَأنْشد:
بحَيْثُ شَدَّ الجابِلُ المجابِلا
أَي حَيْثُ شَدَّ أَسْرَ خَلْقِهم، وكلُّ أمَّة مَضَتَ على حِدَةٍ فَهِيَ جِبِلِّة.
وجُبِلَ الإنسانُ على هَذَا الْأَمر، أَي طُبِعَ عَلَيْهِ، وأجْبلَ القومُ، أَي صَارُوا فِي الْجبَال، وتجبَّلوها، أَي دخلوها.
قَالَ: والجُبْل: الشجرُ الْيَابِس.
ابْن السكّيت: مالٌ جِبْلٌ، أَي كثير، وَأنْشد:
وحاجِبٍ كَرْدَسُه فِي الحَبْلِ
منا غلامٌ كَانَ غير وَغْلِ
حَتَّى اقْتَدَى مِنْهُ بمالٍ جِبْلِ
وَرُوِيَ بَيت أَبُو ذُؤَيْب: الجِبْل.
وَقَالَ: الأَنَسُ والإنْس والجِبْلُ: الْكثير، وَيُقَال: أَنْت جَبْلٌ وجَبِل، أَي قَبيح. والمُجْبَلُ فِي الْمَنْع.
وَفِي (النَّوادر) ، اجْتبلتُ فلَانا على أَمر وجَبَلْتُه، أَي أجبرْتُه.
ابْن بُزُرْج: قَالُوا لَا حَيَّا اللَّهُ جَبْلَته، وجَبْلَتُه غُرُّته.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْبَلَ، إِذا صادَفَ جبلا من الرَّمل، وَهُوَ العريض، الطَّوِيل وأَحبل: إِذا صَادف حبلاً من الرمل، وَهُوَ الدَّقِيق الطَّوِيل.
لجب: قَالَ اللَّيْث: اللَّجَب: صَوت الْعَسْكَر، يُقَال: عسكرٌ لَجِبٌ: ذُو لَجب. وسحابٌ لَجِب بالرَّعْد. ولَجَبُ الأمواج كَذَلِك.

(11/67)


أَبُو عُبَيْد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أَتَى على الشاةِ بعد نِتاجِها أَرْبَعَة أشهر، فخفّ لَبنهَا وقلَّ فَهِيَ لِجابٌ، الْوَاحِدَة لَجْبَة.
وَقَالَ أَبُو زيد اللَّجْبَةُ من المِعْزَى خَاصَّة.
رُوي لأبي ذُؤَيْب:
فجاءَ بهَا كالتّين فِي جَوف وَرْبَةٍ
مُلَمْلَمةٍ بيضاءَ فِيهَا لِجَابُها
قَالَ اللِّجابُ: الشمع يكون فِي الشُّهد، والوَرْبةُ مَا يُجعلُ فِيهِ الشُّهْد، والتِّين الزُّبد.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال مِنْهُ لجبتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَجُبتْ لُجوبةٌ. وشياه لَجْباتٌ، وَيجوز لَجَّبتْ.
لبج: أَبُو عُبيد: يُقَال لُبِجَ، بفلان، ولُبطَ بِهِ إِذا صُرعَ يُلْبَجُ لَبْجاً. وَيُقَال: لَبَج بِهِ الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّبَجَةُ: حديدةٌ ذَات شُعَبٍ، كَأَنَّهَا كفٌّ بأَصابعها، تنفرجُ فتوضع فِي وسَطها لحمةٌ، ثمَّ تُشَدُّ إِلَى وَتِدٍ، فَإِذا قبَضَ عَلَيْهَا الذِّئْبُ. الْتَبَجَتْ فِي خَطمِه فقبضت عَلَيْهِ فَصَرعَتْه، والجميع اللَّبَج.
بلج: ابْن شُمَيْل: بَلَجَ الرجلُ يَبْلَجُ بلَجاً، إِذا وضح مَا بَين عَيْنَيْهِ وَلم يكن مقرونَ الحواجب، فَهُوَ أبلَج.
ابْن السّكيت هِيَ البَلْجة والْبُلْجَةُ. قلت يَعْنِي مَا بَين الحاجبين المفروقين.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: هِيَ البُلْجَةُ والبُلْدَة، وَهُوَ الأبلجُ والأبلَد إِذا لم تكن أقْرن.
وَيُقَال هَذَا أمرٌ أَبْلَج، أَي واضحٌ وَقد أبلجه وأوْضحه، وَمِنْه قَوْله:
الحقُّ أبلجُ لَا تَخفَى مَعالمُه
كالشَّمس تظهرُ فِي نُورٍ وإِيلاجِ
قَالَ: والبَلجُ أَيْضا الفرحُ وَالسُّرُور، وَهُوَ بَلِجٌ فَرح، وَقد بَلِجت صدورُنا وفرِحَت.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ: بلِجَ بالشَّيْء، وثَلِجَ بِهِ، بِالْبَاء والثّاء، إِذا فَرح بِهِ، يَبلَجُ بَلَجاً، وَقد أبلجني وأثلجني، أَي سَرَّني.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الطّلْق الْوَجْه: أبلَجٌ وبَلْجٌ، وأبلجت الشمسُ، إِذا أَضَاءَت.
وَيُقَال: انبلج الصُّبحُ، إِذا أضاءَ.
أَبُو عُبيد: بلج الصُّبْح يبلَجُ، وَيُقَال: أَتَيْته ببُلْجَةٍ من اللَّيْل وبَلْجةٍ، وَذَلِكَ حِين ينْبَلِجُ الصُّبْح حَكَاهُ عَن الكسائيّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيُّ، قَالَ: البلْجُ النَّقِيُّو مَوَاضِع القَسماتِ من الشّعْر.
ورجلَ بلْجٌ: كَقَوْلِك طلق، وأَبلَجَ الحقُّ إِذا أَضَاء.
بجل: أَبُو عُبيد: يُقَال: بجلكَ درهمٌ وَقد أبجلني ذَاك، أَي كفاني.
وَقَالَ الْكُمَيْت:

(11/68)


ومِنْ عِندِه الصَّدَرُ المُبْجِلُ
وَقَالَ لبيد:
بَجلِي الْآن من العَيش بَجَلْ
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ مجزوم لاعتمادِه على حَرَكَة الْجِيم، وَلِأَنَّهُ لَا يَتمكَّن فِي التَّصريف.
وَفِي حَدِيث لُقمان بن عَاد، وَوَصفه إخْوَته لامرأةٍ كَانُوا خَطبوها فَقَالَ لُقْمَان فِي أحدهم: خُذِي منِّي أخي ذَا البَجَل.
قَالَ أَبُو عبيد: معنى البجَل: الْحسب، قَالَ: وَوَجهه أَنه ذَمَّ أَخَاهُ، وَأخْبر أَنه قصير الهِمَّة، لَا رغبةَ لَهُ فِي معالي الْأُمُور، وَهُوَ راضٍ بأَنْ يُكَفي الْأُمُور وَيكون كَلاًّ على غير، وَيَقُول: حَسْبي مَا أَنا فِيهِ.
قَالَ: وَأما قَوْله فِي أَخ آخر: خُذِي منِّي أخي ذَا الْبَجْلة، يَحْملُ ثِقْلِي وثِقْلَه، فإنَّ هَذَا مَدْحٌ لَيْسَ من الأوَّل.
يُقال: رَجُلٌ ذُو بَجْلَة، وذُو بَجَاله، وَهُوَ الرُّواء والحُسْن والنُّبل، وَبِه سُمِّي الرجل بَجَالة.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: رَجُلٌ بَجَالٌ كبيرٌ عَظِيم.
قَالَ شَمِر: الْبَجَالُ من الرجالِ: الَّذِي يُبَجِّلُه أَصْحَابه ويُسَوِّدونَه، والبَجيلُ: الأمرُ الْعَظِيم، وَإنَّهُ لذُو بَجْلَةٍ، أَي ذُو شارةٍ حسنَةٍ، وَرجل بجال: حسن الْوَجْه. قَالَ والبَجْلَةُ: الشيءُ إِذا فُرحَ بِهِ.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: حدَّثني أَبُو سُفْيَان، أَنه سَأَلَ الْأَصْمَعِي عَن قَوْله: خُذِي مِنّي أَخِي ذَا البَجَل، فَقَالَ: يُقَال: رَجلٌ بَجالٌ وبَجيلٌ، إِذا كَانَ ضَخْماً، وَأنْشد:
شَيْخاً بَجالاً وغُلاماً حَزْوَراً
وبَجَّلْتُ فلَانا: عَظَّمْتُه. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى القُبور، فَقَالَ: (السَّلَام عَلَيْكُم، أَصَبْتُم خَيْراً بجيلاً، وسَبَقْتُم سَبْقاً طَويلا) .
وَلم يُفَسِّر قَوْله: أَخي ذَا البَجْلَة، وكأَنَّه ذَهب إِلَى معنى البَجَل.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل بَجالٌ: ذُو بَجالةٍ وبَجْلة، وَهُوَ الكَهْلُ الَّذِي ترى لَهُ هَيْبَة، وتَبْجيلاً وسِنّاً.
وَأنْشد:
قامَتْ وَلَا تَنْهزُ حَظّاً واشِلاَ
قَيْسٌ تُعدُّ السَّادة البَجابلا
قَالَ: وَلَا يُقَال: امرأةٌ بَجالةَ ورَجل باجِلٌ، وَقد بَجَلَ يَبْجُلُ بُجولاً، وَهُوَ الْحسن الجَسيم، الخَصيبُ فِي جِسْمه.
وَأنْشد:
وَأَنت بِالْبَابِ سَمينٌ باجل
وبَجْلَة: حيٌّ من قيسِ عَيْلان، والنِّسْبة إِلَيْهِم: بَجْلِي.
وَقَالَ غَيره:

(11/69)


وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ
وبجيلة: حيُّ من الأزْد وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم: بَجَلِيّ، وإليهم نسب جَريرُ بن عبد الله البَجَليّ.
اللَّيْث: البُجُل البُهتان الْعَظِيم، يُقَال: رَمَيْتَه بِبُجلِ.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ الإياديّ:
امْرُؤُ القَيْسِ بن أَرْوَى مُولياً
إِن رَآني لأَبُوءَنْ بُسْبَدْ
قلتَ: بُجلاً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يَمنعني سَيْفي وَيَدْ
قلت: وغيرُ اللَّيْث يَقُول: رْمَيْته بِبُجْر بالراء، وَقد مر فِي بَاب الرَّاء وَالْجِيم من هَذَا الْكتاب، وَلم أسمعهُ بِاللَّامِ لغير اللَّيْث، وَأَرْجُو أَن تكونَ اللَّام لُغة.
فَإِن الرَّاء وَاللَّام متقاربا الْمخْرج، وَقد تعاقبا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأبْجل من الفَرس وَالْبَعِير بمنزل الأكحل من الْإِنْسَان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأبْجل والأكحل والصَّافِنُ عروق، تُفْصَد، وَهِي من الجداول لَا من الأوْردة وَقَالَ اللَّيْث: الأبْجلان العِرقان فِي الْيَدَيْنِ، وهما الأكحلان من لَدُن المنكبِ إِلَى الكفّ، وَأنْشد:
عارِي الأشاجِع لم يُبْجَل
أَي لم يُفْصَدْ أَبْجَلُه.
ج ل م
جلم، جمل، لجم، لمج، مجل، ملج: مستعملات.
جلم: قَالَ اللَّيْث: الجَلَمُ اسْم يَقع على الجَلَميْن. كَمَا يُقَال المِقْراضُ والمِقْراضان، والقلم والقلمان.
قَالَ: وجَلَمْتُ الصُّوفَ والشَّعر بالجَلَم، كَمَا تَقول: قَلَمْتُ الظُّفر بالقلم.
وَأنْشد:
لما أُتيتُم فَلم تنْجُوا بمَظْلمةٍ
قِيسَ القُلامَةِ مِمَّا جَزَّهُ الجَلَمُ
والقَلَم كلُّ يُرْوى.
وأَخبرني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمه، عَن الفرّاء، عَن الكسائيّ قَالَ: يُقَال للمِقراض المِقلام والقَلَمان والجَلَمانُ، هَكَذَا رَوَاهُ بِضَم النُّون، كَأَنَّهُ جعله نَعْتاً على (فَعلان) من القَلْم والجلْم وَجعله اسْما وَاحِدًا.
كَمَا يُقَال: رجلٌ صَحَيَان وأَبَيان. قَالَ: وشَحَذانُ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرانيّ عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجَلْمُ مصدر جَلَم الجزُورَ يَجْلِمُها جَلْماً، إِذا أخَذَ مَا على عظامها من اللَّحم.
يُقَال: خُذْ جَلْمَةَ الْجَزُور أَي لَحمهَا أجْمع.

(11/70)


وَيُقَال: قد أَخَذَ الشيءَ بِجَلْمَتِه، بِإِسْكَان اللَّام، إِذَا أخَذَه أجمع وَقد جَلَمَ صُوفَ الشَّاة، وَإِذا جَزَّه، والْجَلَمُ: الَّذِي يُجَرُّبه.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَخذ الشّيءَ بجَلْمَتِه، إِذا أخَذَه كُلَّه.
وَقَالَ أَبُو مَالك: جَلْمة مثل حَلْقَه، وَهُوَ أَن يُحْتَلَمَ مَا على الظَّهر من الشَّحم واللَّحم.
أَبُو حَاتِم: يُقال لِلْإِبِلِ الْكَثِيرَة: الجَلَمَة والعكَنَانُ.
وَقَالَ اللَّيْث: جَلْمَة الشَّاة وَالْجَزُور بِمَنْزِلَة المسْلوخة إِذا أُخِذ أكارِعُها وفُضولها.
قلتُ: وَهَذَا غير مَا روينَاهُ عَن الْعلمَاء، وَالصَّحِيح مَا قَالَ أَبُو زيد، وَأَبُو مَالك.
أَبُو عبيد: الجِلامُ الجدَاء.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَوَاهِمُ جُذْعانُها كالجِلا
مِ قد أَقْرَحَ القَوْدُ مِنْهَا النُّسُورا
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الجِلامُ شاءُ أهل مكَّة، وَاحِدهَا جَلمَة، وَأنْشد:
شَواسِفٌ مِثلُ الجِلامِ قُبُّ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجَلَمُ القَمر، واللُّجْمُ الشُّؤم، والجلاَّم الثُّيوس المَحْلُوقَة.
لجم: قَالَ اللَّيْث: اللِّجام لجامُ الدَّابة، واللِّجام ضربٌ من سِمات الْإِبِل، من الخَدَّيْن إِلَى صَفْقَتي العُنق، والجميعُ مِنْهُمَا اللُّجُم والْعَدَدُ أَلْجِمَة.
وَيُقَال: أَلْجَمْتُ الدّابة، وَالْقِيَاس على الآخر مَلْجُوم، وَلم أسمع بِهِ، وَأحسن مِنْهُ أَن تَقول: بِهِ سِمَةُ لِجامٍ، قَالَ: واللُّجَمُ دابَّةٌ أَصْغَرُ من العَظَايَة، وَأنْشد لِعَدِيّ بن زيد:
لَهُ سَبَّةٌ مِثْلُ جُحْر اللُّجَمْ
يصف فرسا.
وأمّا قَول الأخطل:
ومَرَّتْ عَلَى الأَلْجامِ ألْجامِ حَامِرٍ
يُثِرْنَ قَطاً لَوْلَا سُراهُّنَّ هُجَّدا
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالألجام جمع لُجْمةِ الْوَادي، وَهِي نَاحيَة مِنْهُ. وَقَالَ رؤبة:
إِذا ارْتَمَتْ أَصْحانُه ولُجَمُه
قَالَ ابْن الأعرابيّ: واحدتها لُجْمة؛ وَهِي نواحيه.
قَالَ النَّضر: اللجام سمةٌ تكون من الْجُنُون؛ تكون مُجْتَمع شِدْقيه؛ وتُمَدُّ حَتَّى تبلغ عَجْب الذَّنب من كلا الْجَانِبَيْنِ خَطّاً، وبعير ملجوم ومُلْجَمٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّجَم: الصَّمْد المرْتفع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللُّجْمة: الْجَبَل المسطّح لَيْسَ بالضّخْم. واللّجَم: مَا يُتَطَيّرُ مِنْهُ، واحدته لَجَمَه؛ وَقَالَ رؤبة:

(11/71)


وَلَا يخافُ اللُّجمَ العَواطسا
وتلجَّمَتْ المرأَة، إِذا اسْتنفرت لمحيضها.
ولُجْمَة الدَّابَّة: موقع اللِّجام من وَجْهها، وأَلْجَمَتُ الدَّابَّة، فَهِيَ مُلجَمة؛ وَالَّذِي يُلْجِمه مُلجِم.
لمج: أَبُو عبيد: لمجْتُ أَلْمُجُ لَمْجاً، إِذا أَكلت.
قَالَ لبيد يصِف عِيراً:
يَلْمُج البارِضَ لمجاً فِي النّدى
من مَرابيع رياضٍ ورِجَلْ
أول مَا يطلع من النّبات تَلْمَجه لمجاً، أَي تنْتِفه، والشّماج: الَّذِي لَا يُتنوَّقُ فِي مَضغه كَمَا يَشْمَج الْخياط.
وَقَالَ اللَّيْث: اللّمْج تنَاول الْحَشِيش بِأَدْنَى الْفَم.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَا ذُقْت لمَاجاً وَلَا شمَاجاً، قَالَ: وَأَصله الشَّيْء الْقَلِيل.
واللُّمْجَة: مَا يُتعلَّل بِهِ قبل الْغِذَاء، وَقد لَمَّجْتُه ولَهَّنْته بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللّميج الْكثير الْأكل، واللَّميج: الْكثير الجِماع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: لَمَجَ أُمَّه ومَلَجَها، إِذا رَضَعَها.
وَيُقَال: إِنَّه تسمِيج لَمِيج، وسَمِجٌ لَمِج وسَمْجٌ لَمْجٌ، كل ذَلِك حَكَاهُ اللحيانيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: اللاَّمج: الكثيرُ الجِماع، والمالج: الراضع.
قَالَ: وقَدَّمَ رجلٌ رجُلاً إِلَى السُّلْطَان، وادَّعَى عَلَيْهِ أَنه قَذَفه، وَقَالَ لَهُ: لَمَجْتَ أمَّك، فَقَالَ المدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّمَا قلتُ لَك: مَلَجْتَ أُمَّك، فخلَّى سَبيله.
ملج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تُحرِّمُ الإملاجةُ، وَلَا الإمْلاجتَان) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ وَأَبُو الجرَّاح: يَعْنِي المرأةَ تُرْضع الصبيَّ مرّة أَو مرَّتَيْنِ، مَصَّة أَو مَصَّتين. والمصُّ: الملْج. يُقَال: ملَجَ الصَّبيُّ أُمه يملُجُها ملْجاً، وملِج يملَجُ، وَمن هَذَا يُقَال: رجل مَصَّان وملْجان ومكَّانٌ، كلُّ هَذَا من الْمَصّ، يعنُونَ أَنه يَرْضَعُ الْغنم من اللُّؤم لَا يحتَلِبها فيُسمَعُ صوتُ الحلْب.
وَيُقَال: قد أملجت المرأةُ صبِيَّها إملاجاً. فَذَلِك قَوْله: الإملاجةُ والإملاجتان، يَعْنِي أَن تُمِصَّهُ هِيَ لبنَها.
الخرَّازُ عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: املاجَّتْ عَيناهُ إِذا رأيتهما كَأَنَّهُمَا شهلاوان من الكبَر، قَالَ: واملاجّ الصبيُّ واشهابّ إِذا طلع، مهموزاً وَغير مَهْمُوز.
قلت: هَكَذَا سَمِعت المنذريّ عَن الطوسيّ عَن الخراز عَنهُ بِالْجِيم وَيحْتَمل: املاحَّت بالحاءُ من الأملح، والأملح بالأشهب أشبه، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْكتب: الأملجُ من الألوان

(11/72)


بَين الْأسود والأبيض، وَمن النَّبَات بَين الْأَخْضَر والأبيض. قَالَ مُليج:
هملن بِهِ حَتَّى دنا الصَّيف وانقضى
ربيع وَحَتَّى صارعُ الْقلب أملَجُ
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلْج نَوَى المُقْل، وَجمعه أملاج.
وَفِي الحَدِيث: أَن قوما من أهل الْيمن وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَشكونَ الْقَحْط، فَقَالَ قَائِلهمْ: سقط الأُملوج، وَمَات العُسلوج، قلت: الأملوج عِنْدِي نَوَى المُقْل مثل المُلْج سَوَاء.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: الأمْلوجُ ورق كالعِيدان لَيْسَ بعرِيضٍ مثل وَرَق الطّرْفاء والسَّرْو، وَيكون لبَعض الشّجر، والجميع الأماليج. قلت: وَلَا أحفظ مَا قَالَ لغيره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: المُلْج نَواةُ المُقْلَة، قَالَ ومَلَجَ الرّجل: إِذا لاك الملْج.
قَالَ: والمُلْجُ: الجِدَاءُ الرُّضَّع.
والملْجُ السُّمْر من النَّاس، وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَسْوَدُ أَمْلَج، وَهُوَ اللَّعِس.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَليجُ الرَّضيع، والمَلِيجُ الْجَلِيل من النَّاس أَيْضا.
مجل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَجِلت يَده تَمَجَلُ، ومَجَلَتْ تَمْجُلُ، لُغَتَانِ، إِذا كَانَ بَين الْجلد واللّحْم مَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: مَجِلتْ يَده، إِذا مَرَنَتْ وصَلُبَتْ، وَكَذَلِكَ الرَّهْصَةُ تُصيبُ الدَّابَّة فِي حافرها، فيشتَدّ ويَصْلُب.
قَالَ رؤبة:
رَهْصاً ماجِلاً
قلت: وَالْقَوْل فِي مَجِلتْ يَده مَا قَالَ أَبُو زيد، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَيُقَال: جَاءَت إبلُ فلانٍ كَأَنَّهَا المَجلُ من الرِّيّ.
قَالَ: والمجْلُ أَن يُصيب الجِلدَ نارٌ أَو مشَقّة، فيَتَنَفَّطُ ويمتَلِىءُ مَاء، والرَّهْص الماجل الَّذِي فِيهِ مَاء فإِذَا بُزِغَ خرج مِنْهُ المَاء وَمن هَذَا قيل لمستنقع المَاء ماجِل. هَكَذَا رَوَاهُ بِكَسْر الْجِيم ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ غير مَهْموز.
وَأما أَبُو عبيد فَإِنَّهُ رَوَى عَن أبي عَمْرو: المأْجَلُ، بِفَتْح الْجِيم وهمزة قبلهَا، وَقَالَ: هُوَ مثل الْجَيْئَة، وَجمعه مآجِل.
وَقَالَ رؤبة:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمآجِلا
وَقد قَالَ أَبُو عُبيد: المَجْلُ أثرُ الْعَمَل فِي الكَفّ يُعالجُ بهَا الإنسانُ الشيءَ حَتَّى يَغلظَ جِلدُها، وَأنْشد غَيره:
قد مَجَلَتْ كفَّاه بَعْدَ لِينِ
وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرونِ

(11/73)


جمل: قَالَ اللَّيْث: الْجمل يستحِقُّ هَذَا الِاسْم إِذا بزَل.
وَقَالَ شمر: البَكْرُ والبَكْرَةُ بِمَنْزِلَة الْغُلَام وَالْجَارِيَة، والجملُ والنَّاقة بِمَنْزِلَة الرجل وَالْمَرْأَة. وَقَالَ الله: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (الْأَعْرَاف: 40) .
قَالَ الْفراء: الْجمل هُوَ زَوْجُ النَّاقة. وَقد ذكِرَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (الجُمَّل) ، يَعْنِي الجِمال الْمَجْمُوعَة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن أبي طَالب أَنه قَالَ: رَوَاهُ الْفراء الجُمَّل بتَشْديد الْمِيم، وَنحن نظن أَنه أَرَادَ التَّخْفِيف.
قَالَ أَبُو طَالب: وَهَذَا لِأَن الْأَسْمَاء إِنَّمَا تَأتي على (فُعَل) مُخفّف، وَالْجَمَاعَة تَجِيء على فُعَّل، مثل صُوَّم ونُوَّم.
وَقَالَ فِيمَا وجدتُ بخطِّ أبي الْهَيْثَم، قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْحسن وَهِي قراءةُ ابْن مَسْعُود: (حتَّى يَلجَ الجُمَل) ، مثل النُّغَر فِي التَّقْدِير.
قلت: الصَّحِيح لأبي عَمْرو (الْجَمَلُ) ، وَعَلِيهِ الْقُرَّاء، وَأَبُو الْهَيْثَم مَا أرَاهُ حفظ لأبي عَمْرو: (الجُمَل) . اتّفق قراء الأمْصارِ على الجَمَل وَهُوَ زوج النَّاقة.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: (الجُمَّلُ) ، بالتَّثْقيل وَالتَّخْفِيف أَيْضا، فَأَما الجُمَلُ بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الحبْلُ الغليظ، وَكَذَلِكَ الجُمَّلُ مشدَّد.
وَحكى عَن عبد الله وأُبَيّ: (حَتَّى يَلجَ الجُمَلُ) .
وَأما قَول الله جلَّ وعزَّ: {كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (المرسلات: 33) فَإِن سَلَمة رَوى عَن الْفراء أَنه قَالَ: قَرَأَ عبدُ الله وأَصحابه: (جِمَالةٌ) .
وروى عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ: (جِمالات) . قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إليَّ، لِأَن الجِمَال أكثرُ من الجِمالة فِي كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ يجوز، كَمَا يُقَال: حَجَرٌ وحِجارة، وذَكَرٌ وذِكارة، إلاَّ أَن الأول أَكثر، فَإِذا قلت: (جِمالات) : فواحدها جِمال، مثل مَا قَالُوا: رِجالٌ ورِجالات، وبيُوت وبيُوتات، وَقد يجوز أَن تجْعَل واحدَ الجِمالات جِمالة.
وَقد حكى عَن بعض القُراء: (جُمالات) بِرَفْع الْجِيم، فقد يكون من الشَّيْء. المُجْمَل، وَيكون الجُمالات جمعا من جمع الجِمال كَمَا قَالُوا: الرَّخِل والرُّخال، والرِّخال.
قلت: ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الجِمالات: حِبالُ السفن يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى تكون كأَوساط الرِّجَال، وَقَالَ مُجَاهِد: جِمالات حِبال الجُسور.
وَقَالَ الزجّاج: من قَرَأَ جُمالات فَهِيَ جمع جُمالة، وَهُوَ القَلس من قلوس سُفُن الْبَحْر أَو كالقَلْس من قلوس الجِسر،

(11/74)


وقرئت: (جُمالة صُفر) على هَذَا الْمَعْنى.
قلت: كَأَن الحبلَ الغليظ سُمِّي جُمالة، لِأَنَّهَا قُوى كَثِيرَة جُمِعت فأُجْمِلت جُمْلة، وَلَعَلَّ الجُملة أُخِذَت من جملَة الحبال.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمْلة جمَاعَة كُلِّ شَيْء بكمالة من الْحساب وَغَيره، يُقَال: أجملت لَهُ الحسابَ وَالْكَلَام.
وَقَالَ الله: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الْفرْقَان: 32) .
وَقَالَ اللَّيْث: حسابُ الجُمَّلُ: مَا قُطِعَ على حُرُوف أبي جاد.
وَفِي (نَوَادِر أبي عَمْرو) : الجميلةُ جميلَة الظِّباء والحمامِ وَهِي جماعتها. قلت: وَكَأن الجُملَةَ مأخوذةٌ من الجميلة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه قَالَ: الجامِلُ الجِمال.
وَقَالَ غَيره: الجامل قطيع من الْإِبِل، مَعهَا رُعْيانُها وأَرْبابها كالبَقَر والباقِر.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَعْرَابِي: الجامِلُ الحَيُّ الْعَظِيم، وأَنكَرَ أَن يكون الجامِلُ الجِمال، وَأنْشد:
وَجَامِلٍ حَوْمٍ يَروحُ عَكَرُه
إِذا دنا من جُنْح ليل مَقِصْرُه
يُقَرْقِرُ الْهَدْرَ وَلَا يُجرْجِرُه
قَالَ: وَلم يَضْع الأعرابيّ شَيْئا فِي إِنكاره أَن الجامِلَ الجِمال.
أَبُو زيد: جَمَّل الله عَلَيْك تجميلاً، إِذا دَعوْتَ لَهُ أَن يَجْعَلَه الله جميلاً حسنا.
وَأما قَول طرفَة:
وجَامِلٍ خَوَّعَ من نِيبه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيحْ
فَإِنَّهُ دلّ على أَن الجامِل يجمع الجِمال والنوّق، لِأَن النِّيب إناث وَاحِدهَا نَاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الجَمَلُ الكُبَعُ. قلت: أرادَ بالجَمْل والكُبَع، سمكةٌ بَحْرية تُدْعى الْجَمَل.
قَالَ رؤبة:
واعْتَلَجَتْ جِمالُه ولُخمُه
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَمَلُ سَمَكَة تكون فِي الْبَحْر، وَلَا تكون فِي العَذْب.
قَالَ: واللُّخْمُ الكَوْسَج، يُقَال: إِنَّه يَأْكُل النَّاس.
وروى سَلمَة، عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الجَملُ الكُبَع.
وَفِي حَدِيث المُلاعَنةِ أَنه قَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن جاءَت بِه أُمُّه أَوْرَقَ جَعْداً جُماليّاً فَهُوَ لِفلان) . والجمالَيّ: الضَّخْم الأعْضاء التّامّ الأوْصال، ونَاقَةٌ جُمالية كَأَنَّهَا جَمَلٌ عِظَماً.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
جُمَالِيَّةٌ تَغْتَلِي بالرِّدَافِ
إِذا كَذَّبَ الآثماتُ الْهَجِيرا

(11/75)


وَقَالَ اللَّيْث: طَائِر من الدَّخاخيل، يُقَال لَهُ: جُمَيلٌ وجُمْلانة. قلت: يُجمَعُ جُمَيْلُ جُملاناً.
وَمن أَمْثال الْعَرَب: اتَّخذ فلانُ اللَّيل جَملاً إِذا سرى اللَّيلَ كُلَّه.
والْجُميلُ: طَائِر شَبيه بالعصفور والقُنبر والغُرّ، وَقَالَ:
وصِدْتُ غُرَّا أَو جُمَيلاً آلِفَا
وبرْقشاً يَعْلُو على مَعالِفَا
والجَمِيلُ: الإهالةُ المُذَابة، وَاسم ذَلِك الذّائب: الجُمالة، والاجْتِمال: الادِّهانُ بِهِ، والاجْتِمالُ أَيْضا: أَنْ تَشْوِيَ لَحْماً، فكُلما وَكَفَتْ إِهالَته اسْتَودَقْتَه على خُبْز، ثمَّ أَعَدْتَهُ. والجمَال: مصدر الْجَمِيل، والفِعل مِنْهُ: جَمُلَ يَجْمُلُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النَّحْل: 6) . أَي بَهاءٌ وحُسْن.
وَيُقَال: جامَلْتُ فلَانا مُجاملةً، إِذا لم تُصْف لَهُ الموَدَّة وماسَحْتَه بالْجَميل، وَيُقَال: أَجْمَلْتُ فِي الطَّلب.
وَقَالَ غَيره: جَمَّلْتُ الْجَيْش تَجْميلاً، وجَمَّرته تَجْميراً، إِذا أَطَلْتَ حَبْسه.
وَقَالَ شَمِر، أَقْرَأَنِي ابْن الأعرابيّ:
فَأَنا وَجَدْنا النِّيبَ إذْ يَفْصدونها
يُعيشُ بَنِينَا وجَمُّها وجَميلُها
قَالَ: الْجَمِيلُ المرَقُ، وَمَا أُذيب من شَحْم أَو إهَالةٍ فَهُوَ جَميل. وَأنْشد:
ومَكنونةٍ عِنْد الْأَمِير عظيمةٍ
إِذا قَحطَ السُّيَّامُ فار جَميلُها
قَالَ: المكنونة الْقِدْرُ، والسُّيَّام الرُّعاه، والجمالةُ: الصُّهارة.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: جَمَلْتُ الشّحم أَجْمُلُه جَمْلاً، وَيُقَال: أَجْمَلْتُه، وجَمَلْت أَجْوَد، واجْتَمَلَ الرجل.
وَقَالَ لبيد:
فاشْتوى لَيْلَة رِيحٍ واجْتَمَلْ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: المُجامِل الَّذِي يَقْدر على جوابك فيتركه إبْقَاء على مَوَدَّتك. والمُجامل: الَّذي لَا يَقْدر على جوابك فيتركه ويَحقد عَلَيْك إِلَى وَقْتٍ مَا.
ابْن السِّكِّيت: استجمل البعيرُ إِذا صَار جَمَلاً، قَالَ: وَيُسمى جَمَلا إِذا أَرْبع، واسْتَقْرَم بكْرُ فلَان إِذا صَار قَرْماً.

(أَبْوَاب) الْجِيم وَالنُّون)
ج ن ف
جنف، جفن، نجف، نفج، فجن، فنج: مستعملة.
جنف: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) .
قَالَ اللَّيْث: الجَنَفُ الْميل فِي الْكَلَام، وَفِي الأُمور كلِّها، تَقول: جَنَفَ فلَان

(11/76)


ٌ علينا، وأَجْنَفَ فِي حُكمه، وَهُوَ شَبيهٌ بالْحَيْف، إلاَّ أنَّ الحَيف من الْحَاكِم خاصّة، والجَنَفُ عَام.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} (الْمَائِدَة: 3) أَي مُتَمَايل مُتَعَمِّد.
ورجلٌ أَجْنَف: فِي أَحَدِ شَقَّيْه مَيَلٌ على الآخر.
قلت: أمَّا قَوْله الحَيْفُ من الْحَاكِم خاصَّة، فَهُوَ خطأ، والحَيْفُ يكون مِن كل مَنْ حاف، أَي جارَ. وَمِنْه قَول بعض الْفُقَهَاء:
يُرَدَّ مِنْ حَيْف النَّاحِلِ مَا يُرَدُّ من جَنَفِ المُوصِي، والنّاحِل إِذا فَضَّل بعض أَوْلَاده على بعض بنُجْل فقد حافَ وَلَيْسَ بحاكم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الحِنَفُ: الميْلُ والجَوْر، جَنِف جَنَفاً.
قَالَ الْأَغْلَب:
غِرٌّ جُنَافِيُّ جَميلُ الزِّيِّ
والجُنافِيُّ: الَّذِي يَتَجانَف فِي مَشْيه اختِيالاً.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَجُلٌ جُنافِيُّ بِضَم الْجِيم مُخْتال فِيهِ مَيَل، قَالَ: وَلم أسْمع جُنَافِيّ إِلا فِي بَيْت الْأَغْلَب وقَيَّده شَمِر بخَطِّه بِضَم الْجِيم.
وَقَالَ الْفراء: الجَنَفُ الجَوْر.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) أَي مَيْلاً، أَو إِثْمًا، أَي قَصْدَ الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: لَجَّ فِي جِنافِ قَبيج، وجِنابٍ قَبِيح، إِذا لَجَّ فِي مجانَبَة أَهلِه.
جفن: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَفْنَةُ الأصْل من أُصولِ الكَرْم، وجمعهما الجَفْن، وَهِي الحبَلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجفْنُ ضَرْبٌ من العِنب، ويُقال: بل الجَفْنُ الكَرْمُ نفسُه، بلغَة أهل الْيمن، قَالَ: وَيُقَال: الجفْنُ والجفْنَةُ: قَضِيبٌ من الكَرْم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجَفْنُ الكَرْمُ، والْجَفْنُ جَفْنُ الْعَين، والجَفْنُ جَفْنُ السَّيف الَّذِي يُغْمَدُ فِيهِ، والْجَفْنَةُ مَعْرُوفَة، وَتجمع جفاناً، وَالْعدَد: الْجَفَنات.
وآلُ جَفْنَةَ ملوكٌ من أهل الْيمن كَانُوا استوطنوا الشَّام، وَقَالَ حسان يذكرهم:
أولادُ جَفْنَةَ عِنْد قَبْرِ أَبيهمُ
قَبرِ ابنِ مارِيَةَ الكَرِيم المُفْضِلِ
وَأَرَادَ بقوله: عِنْد قَبْرِ أَبيهم أَنهم فِي مسَاكِن آبَائِهِم ورِباعهم الَّتِي ورثوها عَنْهُم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَفْنُ ظَلْفُ النَّفْس عَن الشَّيْء الدّنيّ، يُقَال: جَفَنها جَفْنا، وَأنْشد:

(11/77)


وَفَّرَ مالَ الله عَمْداً وجَفَنْ
نَفْساً عَن الدُّنيا إِذْ الدُّنيازِيَنْ
وَقَالَ أَبُو سعيد: لَا أَعْرِفُ الجَفْنَ بِمَعْنى ظَلْفِ النَّفْس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّجفِين كثرةُ الجِماع.
قَالَ: وَقَالَ أَعْرَابِي: أَضْوَانِي دَوَامُ التَّجَفِين.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَنه انْكَسَرت قَلوصٌ من نَعَمِ الصَّدقة فَجَفَّنَها) معنى جَفَّنها، أَي نَحرَها وطَبَخَها، وأطعَم لَحمَها فِي الْجِفان، ودَعَا عَلَيْهَا النَّاس حَتَّى أكلوها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنُ قِشْرُ الْعِنَب الَّذِي فِيهِ المَاء، ويُسَمَّى الْخَمْر ماءَ الْجَفْنِ، والسَّحابُ جَفْن المَاء.
وَقَالَ الشَّاعِر يصفُ امْرَأَة شَبَّه طعْمَ رِيقهَا بِالْخمرِ:
تُحسِي الضَّجِيعَ مَاءَ جَفْنٍ شابَه
صَبِيحةَ الْبَارِقِ مَثْلوجٌ ثَلِجْ
قلت: أَرَادَ بِمَاء الْجَفْنِ الْخمر، والجَفْنُ: أَصل العِنَب، شيب أَي مُزِجَ بماءٍ بَارِد.
قَالَ الدينوَرى: وَمن الشّجر الطّيب الرّيح الجَفْنُ والغَارُ. وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:
آلَتْ إِلَى النِّصْف من كَلْفَاءَ أنْزَعَها
عِلْجٌ ولَثَّمها بالْجَفْنِ والغارِ
لَثَّمَها: عَصَبَ فمها بالجَفْن، قَالَ: والجفن أَيْضا جَفْنُ الكَرْمَ.
وَقَالَ اللحياني: لُبُّ الخُبْز مَا بَين جَفْنَيْه، وجَفْنَا الرَّغيف وَجْهاه من فوقٍ وَمن تَحت.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنَةُ الكَرْمَة، والْجَفْنَة الْخمر، والْجَفْنَةُ الرَّجُل الْكَرِيم، قَالَ: وأَجّفَن إِذا أَكثر الجِماعَ.
وَمن أمثالهم: وَعند جُفَيْنَةَ الْخَبَرُ اليَقِين.
قَالَ ابْن السّكيت: وَلَا تَقُل (جُهَيْنَة) وجُفَيْنَةُ: اسمُ رَجُلٍ فِي الْمثل.
فجن: قَالَ اللَّيْث: الفِجَّانة إناءٌ من صُفْر، وَجَمعهَا فجاجين. قَالَ: والفِجَّانُ مقدارٌ لأهل الشَّام فِي أَرَضِيهم.
قلتُ: هُوَ مِقدارٌ للْمَاء إِذا قُسمَ بالفِجَّانِ، وَهُوَ معرّب، وَمِنْهُم يَقُول فِنجان، وَالْأول أفصحَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَيْجنُ والفَيْجَلُ: السَّذَاب، وَقد أَفْجَن الرَّجلُ، إِذا أدام على أكْلِ السَّذاب.
نجف: قَالَ اللَّيْث: النَّجَفةُ تكون فِي بَطْنِ الْوَادي، شِبه جِدارٍ لَيْسَ بعريض، لَهُ طولٌ مُنْقادٌ من بَين مُعْوَجَ ومستقيم لَا يعلوها الماءُ، وَقد تكون فِي بطن الأَرْض.
وَقد يُقَال لإبِطِ الكثِيب نَجفَةٌ، وَهُوَ

(11/78)


الموضِعُ الَّذِي تُصَفِّقُه الرِّياحُ فَتَنْجُفُه، فيصيرُ كأَنه جُرُفٌ مَنْجُوف.
وقَبْرٌ مَنْجُوف وَهُوَ الَّذِي يُحْفَرُ فِي عُرْضَةٍ، وهوغير مَضْروح.
وغارٌ منجوف: مُوَسَّع، وَأنْشد:
يَفْضِي إِلَى جَدَثٍ كالغارِ مَنْجوفِ
وإناءٌ مَنْجُوف: واسِعُ الأسْفَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّجَفَةُ المُسَنَّاة والنَّجَفُ التَّلّ.
قلت: والنَّجفَةُ هِيَ الَّتِي بِظَاهِر الكُوفَة، وَهِي كالمُسَنَّاةِ تمنعُ ماءَ السَّيل أَن يَعْلُوَ منَازِل الكُوفة ومقابِرَها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النِّجَافُ هُوَ الدَّرَوَنْد والنَّجْران.
وَقَالَ ابنُ شُميل: النِّجاف الَّذِي يُقال لَهُ الدَّوَّارة، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقبِلُ البابَ من أَعْلَى الأُسْكُفَّة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النِّجافُ أَيْضا شِمال الشَّاة الَّذِي يُعَلِّقُ على ضَرْعِها، وَقد أَنْجَفَ الرجل إِذا علق على شَاته النِّجاف، والمِنْجَفُ الزَّبيل، والنَّجَفُ قُشور الصِّلِّيان، والنّجْفُ: الحَلَبُ الجَيِّد حَتَّى يُنْفِضَ الضَّرْعَ.
وَقَالَ الراجز يصف نَاقَة غَزِيرَة:
تَصُفُّ أَو تُرْمِي على الصِّفوفْ
إِذا أَتاها الحالِبُ النَّجوفْ
والنَّجيفُ: النَّصْل الْعريض، وَجمعه نُجُفٌ، وَقَالَ أَبُو كَبِير:
نُجُفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ طائرٍ
حَشْرِ القوادم كاللِّفاعِ الأَطْحَلِ
أَبُو عبيد، عَن الأمويّ: انتَجَفْتُ الشيءَ انتجافاً، وانتجثتُه انتجاثاً، إِذا استخرجته.
وَقَالَ الْفراء: نِجافُ الْإِنْسَان مَدْرَعَتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: نِجَافُ التَّيْس جِلْدٌ يُشَدُّ بَطنِه والقضِيب، فَلَا يقدر على السِّفاد، وَيُقَال تَيْس مَنْجُوف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِنْجَفُ الزَّبِيل، وهوالمِجْفَنُ والمِسْمَدُ، والخِرْص والمِنْثَلة.
نفج: قَالَ اللَّيْث: نَفَجَت الأَرْنَبُ تَنْفُجُ، وتَنفِجُ نُفُوجاً وانْتَفَجَت انْتِفاجاً، وَهُوَ أَوحَى عَدْوِها، وَقد أَنْفَجَها الصَّائِد إِذا أثارها من مَجْثَمِها.
وَرجل مُنْتَفِجُ الجَنْبين، وبَعيرٌ مُنْتَفِجُ، إِذا خرجت خَواصِرُه. وَرجل نَفَّاج ذُو نَفْج، يَقُول مَا لَا يَفعل، ويَفْتَخِرَ بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: النّافِجَةُ أوّلُ كُلَّ ريحٍ تَبْدأُ بِشدَّة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
حَفِيفُ نافِحَةٍ عُثْنُونُها حَصِبُ
ويروى: (نافِجةٍ) .

(11/79)


قَالَ الأصمعيّ: وَأرى فِيهَا بَرْداً.
وَقَالَ شَمَر: النّافِجَة من الرِّيَاح الَّتِي لَا تَشْعُر حَتَّى تَنْتَفِجُ عَلَيْك، وانتِفاجُها: خُروجُها عاصِفاً عَلَيْك وَأَنت غافل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو، قَالَ: النَّوافج بِالْجِيم مُؤخَّرات الضلوع، وَاحِدهَا نافِجٌ ونافِجَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّفاجَةُ رُقْعَة للقميص تَحت الكُمّ، وَهِي تِلْكَ المربّعة.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: تُسَمى الدَّخاريص التّنافيج، لِأَنَّهَا تَنفُجُ الثَّوْب فتوَسِّعه، وَيُقَال: مَا الَّذِي استَنْفَجَ غضبك؟ أَي أَظهره وأَخرجه. وامرأةٌ نُفُجُ الحقيبة، إِذا كَانَت ضخمةَ الأرداف والمآكم، وَأنْشد:
نُفُجُ الحقِيبَةِ بضَّةُ المَتَجرَّدِ
وَقَالَ الراجز:
تسمعُ للأعْبُد زَجراً نافجاً
من قِيلهِم أَيا هجَا أَيا هَجا
قَالَ بَعضهم: صوتٌ نافجٌ جَاف غليظ، وَقيل أَرَادَ بالزّجْر النافج: الَّذِي يَنْفُج الإبِلَ حَتَّى تتوسَّع فِي مَراعيها وَلَا تَجْتَمع.
وَكَانَت الْعَرَب تَقول للرّجل إِذا وُلدت لَهُ بنت: هَنِيئًا لَك النّافجة، يَعنُون أَنه يزَوِّجها بإِبل تُمْهَرها، فَينفجُ بهَا إبِلَهُ أَي يُكثِّرها.
وَيُقَال لِلْإِبِلِ الَّتِي يَرِثُها الدَّجل فيكثر بهَا إبِله: نافِجَةٌ أَيْضا.
وَفِي الحَدِيث: ذِكر فتْنَتَيْن فَقَالَ: (مَا الأولى عِنْد الْآخِرَة، إلاَّ كَنَفْجَةِ أَرْنَب) يَعْنِي فِي تقليل المُدَّة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَفْجَةُ الأَرْنَب وثْبته من مَجْثمِه.
ورُوي عَن أبي بكر، أَنه كَانَ يَجْلُبُ بَعِيرًا، فَقَالَ: (أأُنفِجَ أم أُلْبِد) ؟ وَمعنى الإنْفاج، إبَانَةُ الإناءِ من الضَّرْع عِنْد الحَلب، والإلباد، إِلْصَاقُ الإِناء بالضِّرع، ونَفَجت الفَرُّوجة من بَيْضَتها إِذا خَرجت.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّفيج، بِالْجِيم، الَّذِي يَجِيء أَجْنَبِيّا فيدخُل بَين الْقَوْم، ويسْمُل بَينهم، ويُصْلح أمرَهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّفيجُ: الَّذِي يَعْترض بَين الْقَوْم لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفْسد.
فنج: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُنُجُ: الثُّقلاءَ من النَّاس.
ج ن ب
جنب، جبن، نجب، نبج، بنج: مستعملات.
جنب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
سَلمة، عَن الفرّاء: الجَنْبُ: القُرْب، وَقَوله: {ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} . أَي

(11/80)


فِي قُرْبِ الله وجواره، قَالَ والجَنْبُ: معظمُ الشَّيْء وأكثرُه، وَمِنْه قَوْلهم: هَذَا قَلِيل فِي جَنْبِ مودَّتك.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} : فِي قُرْب الله، من الْجَنَبَةِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ عَلَى مَا فَرَّطَتْ فِي الطَّرِيق الَّذِي هُوَ طريقُ الله الَّذِي دَعاني إِلَيْهِ، وَهُوَ توحيدُ الله، وَالْإِقْرَار بنبوَّةِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} هُوَ الرَّفيق فِي السَّفر، {وَابْنِ السَّبِيلِ} (النِّسَاء: 36) : الضَّيْف، وَهُوَ قولُ عِكْرِمة ومُجاهد وَقَتَادَة.
وَيُقَال: اتَّقِ الله فِي جَنْب أَخيكَ، وَلَا تَقْدَح فِي شَأْنه، وَأنْشد اللَّيْث:
خلِيلَيَّ كُفَّا واذكرا الله فِي جنْبِيْ
أَي فِي الوَقِيعَةِ فيَّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} (الْمَائِدَة: 6) .
يُقَال للْوَاحِد: رجُلٌ جُنُبٌ، وامرأةٌ جُنُب، ورجلان جُنُبٌ، وقَوْمٌ جُنُبٌ، كَمَا يُقَال: رجلٌ رِضاً، وقومٌ رِضاً، وَإِنَّمَا هُوَ على تَأْوِيل ذوِي جُنب، فالمصْدَرُ يقومُ مقَام مَا أُضيف إِلَيْهِ. وَمن الْعَرَب من يُثَنِّي وَيجمع وَيجْعَل الْمصدر بمنزله اسمِ الْفَاعِل، وَإِذا جُمعَ جُنُب قيل فِي الرّجال: جُنُبُون، وَفِي النِّسَاء: جُنُبَات، وللاثنين: جُنُبَان.
سَلمَة عَن الفرّاء: يُقَال من الجنَابة أَجْنَبَ الرجل وجنِب، وجنَّب، وتَجَنَّب.
شمر: قَالَ الْفراء: أجنبت المرأةُ الرّجلَ إِذا ألْزَمهَا الْجَنَابَة، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يُجْنِب شَيْئا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْنَبَ: تَبَاعَدَ.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: الْإِنْسَان لَا يُجْنب، والثَّوْبُ لَا يُجنب، وَالْمَاء لَا يُجنب، وَالْأَرْض لَا تُجنب، وَتَفْسِيره: أَنَّ الجُنُب إِذا مَسَّ رَجُلاً لَا يُجْنِب، أَي لم يَنجُسَ بمُماسة الجُنب إِيَّاه، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ إِذا لَبِسَه الْجُنب لم يَنجس، وَالْأَرْض إِذا أَفضى إِلَيْهَا الجُنُب لم تَنجس، وَالْمَاء إِذا غَمَس الجُنُب فِيهِ يَده لم يَنجس.
وَقيل للجُنُب: جُنُب، لِأَنَّهُ نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصَّلَاة مَا لم يتطَهَّر فتجنَّبها وَأَجنب عَنْهَا، أَي بَعُدَ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا جَنَبَ، وَلَا جلب) .
وَهَذَا فِي سِباق الْخَيل والجَنبُ: أَن يَجْنبُ فَرساً عُرْياً إِلَى فَرسه الَّذِي يُسابق عَلَيْهِ؛ فَإِذا فَتَرَ المركوبُ تَحوَّل على المجْنوبُ.
وَقد مرَّ تَفْسِير قَوْله: (لَا جَلَب) فِي الْبَاب قبله.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الشّيخيّ عَن الرياشيّ فِي تَفْسِير قَوْله (لَا جَنب) . قَالَ: الجَنبُ أَن يكون الفرسُ قد أعْيا فَيُؤتى

(11/81)


بفرسٍ مُرَيَّح فَيجْرِي إِلَى جنبه ليجري الآخر بجريه كَأَنَّهُ يُنشِّطه.
وَيُقَال: جَنَبتُ الْفَرس أَجْنُبُه جَنباً إِذا قُدْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث خالدَ بن الْوَلِيد يَوْم الفَتح على المُجنِّبة الْيُمْنَى؛ والزُّبير على المُجَنِّبة الْيُسْرَى، وجعَلَ أَبَا عُبيدة الحُسَّر وهم البياذقة.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ الأعرابيّ، يُقَال: أَرْسَلوها مُجَنَّبين، أَي كتيبتين أَخذتا ناحِيَتي الطَّريق.
وَقَالَ غَيره: المُجَنِّبة الْيُمْنَى هِيَ: مَيْمَنَة العَسْكَر؛ والمُجنِّبة الْيُسْرَى. هِيَ الميْسرة، والحسَّرُ: الرَّجَّالة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: نَزَل فلانٌ جَنْبةً يَا هَذَا، أَي نَاحيَة.
وَقَالَ عمر فِي أَمْر النِّسَاء: (عَلَيْكُم بالجَنْبة، فَإِنَّهَا عفاف) .
وَقَالَ الرَّاعِي:
هَمّان باتا جَنْبةً ودَخِيلاً
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ ذُو جَنْبَة أَي ذُو عُزْلَة من النّاس.
وَقَالَ شَمِر: جَنَبَتَا الوادِي ناحِيتاه، وَكَذَلِكَ جِنَاباه وَضِيفاه. وَيُقَال: أَصابنا مَطرٌ نَبَتت عَنهُ الجَبَبَة.
قلت: والجَنْبَةُ اسمٌ وَاحِد لنُبُوتٍ كَثِيرَة، هِيَ كلُّها عُرْوَة، سُمِّيت جَنْبة لأنّها صَغُرت عَن الشّجر الْكِبَار، وَارْتَفَعت عَن الَّتِي لَا أَرومه لَهَا فِي الأَرْض، فَمن الجَنْبة: النَّصِيّ، والصِّلِّيان، والعَرْفج، والشّيح والمَكْر والجدَر وَمَا أشبههَا مِمَّا لَهُ أَرُومة تبقى فِي الْمحل، وتَعْصِمُ المَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَعْطني جَنْبة، فيعطيه جِلْداً فيتّخِذُه عُلْبَه.
والجَنْوب من الرِّياح: حارَّة، وَهِي تَهْبّ فِي كلِّ وَقت، ومَهَبُّها مَا بَين مَهَبّي الصَّبا والدَّبُّور، على صوب مَطْلعَ سُهَيل، وَجمع الجَنُوب: أَجْنُب، وَقد جَنَبَت الريحُ تَجْنُبُ جُنُوباً.
قَالَ ابْن بُزرْج: وَيُقَال: أَجْنبْت أَيْضا.
وَقَالَ الأصمعيّ: سَحابةٌ مَجْنوبَةُ: هبتَّ بهَا الجَنوب؛ وأَجْنَبْنَا منذُ أَيام، أَي دَخَلنا فِي الْجنُوب، وجُنِبْنا، أَي أَصابَتنا الجَنوب.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: قَالَ الأصمعيّ مَجيءُ الجَنوبُ مَا بَين مَطلَعَ سُهَيلٍ إِلَى مطلع الشَّمْس فِي الشّتاء.
قَالَ وَقَالَ عُمارة: مَهَبّ الْجنُوب مَا بَين مَطْلَع سُهَيل إِلَى مَغْرِبِه.
وَيُقَال: جُنِبَ فلَان؛ وَذَلِكَ إِذا مَا جُنبَ إِلَى دَابَّة والجَنببةُ: الدَّابةُ تُقاد، وَقد جَنِبَت الدابةُ جَنَباً، وفَرَسٌ طَوْعُ الجَنب والجِناب، وَهُوَ الَّذِي إِذا جُنب كَانَ سَهْلاً مُنقاداً وجَنب فلَان فِي بني فلَان، إِذا نَزل

(11/82)


فيهم غَرِيباً يَجنِب ويَجنُب.
وَمن ثَمَّ قيل: رجل جانِبٌ؛ أَي غَرِيب، والجميع جُنّابٌ، وَرجل جُنُب غَرِيب، والجميع أَجْناب.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْمُ هُمْ لِجارِ الجنَابَة، أَي لجارِ الغُرْبة.
وجَنِب البعيرُ جَنَباً إِذا طَلَعَ من جنْبه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الجَنب أَن يَعطَشَ البعيرُ عَطَشاً شَدِيدا حَتَّى تلتصق رِئته بجَنبه؛ وَقد جَنَب جنبا.
قَالَ ذُو الرمة:
كأَنهُ مُسْتَبان الشَّكِّ أَو جَنب
وجَنَّب بَنو فلَان؛ فهم مُجَنِّبون، إِذا لم يكن فِي إِبلهم لَبن.
وَقَالَ الْجُمَيح:
لما رَأَتْ إِبِلى قَلّتْ حَلوبتُها
وكلُّ عامٍ عَلَيْهَا عامُ تجَنيب
يَقُول: كلُّ عَام يمرُّ بهَا، فَهُوَ عَام قِلّةٍ من اللَّبن.
سَلمة؛ عَن الفرَّاء؛ قَالَ: الجَنابُ الجانِب، وَجمعه أجْنبه.
ابْن السِّكّيت: الجَنيبة صُوف الثَّنِيِّ والعقِيقةُ: صُوفُ الجذَع.
قَالَ: والجنيبة من الصُّوف أفضلُ من العَقيقة وَأكْثر.
قَالَ: والجَبَنية النَّاقَةُ يُعطيها الرَّجلُ القومَ يمتارون عَلَيْهَا لَهُ، وَهِي العَلِيقَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَجنَبُ الخيْرُ الْكثير.
يُقَال: خَيْرٌ مَجْنَبٌ.
وَقَالَ كثَيِّر:
وإذْ لَا ترى فِي النَّاس شَيْئاً يَفُوقُها
وفيهنّ حُسْنٌ لَو تَأَمَّلتَ مَجْنَبُ
قَالَ شمر: والمَجْنَبُ، يُقَال فِي الشَّر إِذا كَثُر، وَأنْشد:
وكُفْراً مَا يُقوَّجُ مَجْنَبَا
والمِجْنَبُ: التُّرْس، قَالَ سَاعِدَة:
صَب اللَّهِيفُ السُّبُوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبِي العُقاب كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهيف الْمُشْتار، وسُبُوبُه: حِبالُه الَّتِي يُدَلَّى بهَا إِلَى العَسَل، والطَّغْيَةُ: والصَّفَاةُ الْمَلْساء.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: المُجَنَّبُ من الْخَيل: الْبعيد مَا بَين الرجلَيْن من غير فَجج، وَهُوَ مَدْح.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: التّحْنِيبُ: أَن يُنَحِّي يَدَيْهِ فِي الرّفع والوَضْع. وَقَالَ الأصمعيّ: التَّجْنِيب بِالْجِيم فِي الرِّجْلين، والتَّحْنِيب بِالْحَاء فِي الصُّلْتِ وَالْيَدَيْنِ.
والجِنابُ: أَرْض معروفَةٌ بنَجْد.
وَيُقَال: لَجَّ فلَان فِي جِنابٍ قَبيح، أَي فِي مُجانَبَةِ أَهْلِه، وضَرَبه فَجَنَبَه، إِذا أَصابَ جَنْبَه.

(11/83)


وأخْصَبَ جَنابُ الْقَوْم بِفَتْح الْجِيم، وَهُوَ مَا حَوْلهم.
وَيُقَال: مَرُّوا يَسِيرُونَ جِنابَيْه، وجِنَابَتيْه، وَجَنَبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْه، وقَعَدَ فلَان إِلَى جَنْبِ فلَان؛ وَإِلَى جَانب فلَان.
ابْن الْأَعرَابِي: جَنِبْتُ إِلَى لقائك، وغَرِضْتُ إِلَى لِقائك جَنَباً، وغَرَضاً، أَي قَلِقْتُ من شدَّة الشَّوْق إلَيْك.
وذَاتُ الْجَنب: عِلَّةٌ صَعْبَةٌ، تأخُذُ فِي الجَنب.
وَقَالَ ابْن شُميل: ذاتُ الجَنْب هِيَ الدُّبَيْلة، وَهِي قَرْحَةٌ قبيحة تثقبُ الْبَطن، وَرُبمَا كَنَوْا عَنْهَا فَقَالُوا: ذاتُ الجَنْب، قَالَ: وجَنِبَت الدَّلْوُ تَجْنِبُ جَنَباً، إِذا انْقَطَعت مِنْهَا وَذَمَةٌ، أَوْ وَذَمتان فمالَت.
سَلمَة، عَن الْفراء: الجَناب الْجَانِب، وَجمعه أَجْنِبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل ليّن الْجَانِب والجَنْب، أَي سهل القُرْب، وَأنْشد:
الناسُ جَنْبٌ والأمير جَنب
كَأَنَّهُ عدلَه بِجَمِيعِ النَّاس. وَقَوله عزْ وجَلَّ مُخْبِراً عَن دُعَاء إِبْرَاهِيم إِيَّاه: {وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاَْصْنَامَ} (إِبْرَاهِيم: 35) أَي نَجِّني.
يُقَال: جَنَبتُه الشَّرَّ وأجْنَبتُه، وجَنَّبتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَه الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَأْنب بالْهمز، الرَّجل الْقَصِيرُ الجافي الخِلقة، وَرجل جأنب إِذا كَانَ كزّاً قَبيحاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلَا ذاتُ خَلْقٍ إنْ تأَمَّلتَ جَأَنب
قَالَ: والجُنابيَ، لُعْبةٌ لَهُم، يتَجانَب الغُلامان فَيعتَصِمُ كل وَاحِد من الآخر.
ورَجلٌ أَجْنب: وَهُوَ الْبَعيد مِنْك فِي القَرابة، وأَجْنبيُّ مثله، والجارُ الجُنب، هُوَ الَّذِي جاوَرَك ونَسَبُه فِي قومٍ آخَرين.
وَقَالَ عَلْقَمَة:
فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عَن جَنَابَةٍ
فَإِنِّي امرؤٌ وَسْط القِبابِ غَريبُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: (عَن جَنَابَةٍ) أَي بعد غُرْبَةٍ.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْم هم لِجَارِ الجَنَابَة، أَي لِجار الغُرْبَة، والجنَابة: ضِدُّ القَرابة.
وَفِي الحَدِيث: (المَجْنُوبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهيد) .
قيل: المجنُوبُ، الَّذِي بِهِ ذَات الجَنْب، يُقَال: جُنِبَ فَهُوَ مَجْنُوب، وصُدِرَ فَهُوَ مَصْدُور، وَيُقَال: جَنِبَ جَنَباً، إِذا اشْتَكَى جَنْبَه، فَهُوَ جَنِب.
كَمَا يُقَال: رجل فَقِرٌ وظَهِرٌ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره وفَقارَه.
جبن: فِي الحَدِيث: أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتضَنَ أَحَدَ ابْنَيْ بِنْتَه، وَهُوَ يَقُول: (إِنَّكُم

(11/84)


لَتُجِّبنُون، وتُبَخِّلون، وتُجَهِّلُون، وَإِنَّكُمْ لمن رَيْحان الله) .
يُقَال: جَبَّبْتُ الرّجل، وبَخَّلْتُه، وجَهَّلْتُه، إِذا نَسَبْته إِلَى الجُبن، والبُخل، وَالْجهل.
وأَجْبَنْتُه، وأَبُخَلْتُه، وأَجْهَلْتُه، إِذا وَجدْتَه جَباناً بَخيلاً جَاهِلا، يُرِيد: أَن الْوَلَد لما صَار سَببا لجُبن الْأَب عَن الْجِهَاد، وإنْفاق المَال، والافْتِتان بِهِ، كَانَ كأَنَّه نَسَبَه إِلَى هَذِه الْخلال، ورماه بهَا، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: (الْوَلَد مجْنَبَةٌ مَبْخَلَة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، عَن المُفَضَّل: الْعَرَب تَقول: فلانٌ جَبَان الْكَلْب، إِذا كَانَ نِهَايَة فِي السَّخاء، وَأنْشد:
وأَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ كَلْبُهُمْ
وإنْ قَذَفَتْهُ حَصَاةٌ أَضافا
قَذَفته: أَصَابَته. أضَاف: أَي فرّ وأَشْفَق.
أَبُو زيد: امرأةٌ جَبان وجَبانَة.
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ جَبان، وامرأَة جَبانة، وَرِجَال جُبناء، وَنسَاء جَبانات.
قَالَ: وأَجْبَنْتُه، حَسِبْتُه جَباناً.
والجبين: حرف الجَبْهة مَا بَين الصُّدْغَيْن، عِدَاءَ النّاصية، كل ذَلِك جبين وَاحِد.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول هما جَبينان.
قلت: وعَلى هَذَا كَلَام الْعَرَب، والجبهة بَين الجبينين.
وَقَالَ اللَّيْث: جَبّانَةٌ واحدةٌ، وجَبَابِينُ كَثِيرة.
وَقَالَ شِمر: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الجَبَّان مَا اسْتَوى من الأَرْض فِي ارْتِفَاع، ويكونُ كريمَ المَنْبِت.
وَقَالَ ابنُ شُميل: الجَبَّانَة مَا اسْتَوَى من الأَرْض ومَلُسَ وَلَا شَجَر فِيهِ، وَفِيه آكامٌ وجِلاهٌ، وَقد تكون مستويةٌ لَا آكامَ فِيهَا وَلَا جِلاه، وَلَا تكونُ الجَبَّانَةُ فِي الرَّمْل وَلَا فِي الْجَبَل، وَقد تكون فِي القِفاف والشَّقائق، وكل صحراءَ جَبَّانة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبُنُّ مُثَقَّل الَّذِي يُؤْكَل، الْوَاحِدَة جُبُنَّة، وَقد تَجَبَّنَ اللّبن، إِذا صارَ كالجُبُنِّ.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، أَنه قَالَ: كُلِ الْجُبُنَّ عُرْضاً، رَوَاهُ أَبُو عُبيد بتَشْديد النُّون، وَيُقَال: اجْتَبَنَ فلانٌ اللّبَن، إِذا اتَّخذهُ جُبُنّاً.
نجب: قَالَ اللَّيْث: النَّجَبُ قُشُورُ الشَّجر، وَلَا يُقال لما لاَنَ من قِشْرِ الأغْصَان نَجَب، وَلَا يُقال قِشْرُ العُروق، وَلَكِن يُقَال: نَجَبُ العُروق، والقِطعة مِنْهُ نَجَبَةٌ، وَقد نَجَّبْتُه تَنجيباً، وَذهب فلانٌ يَنْتَجِبُ أَي يَجْمَعُ النَّجَب.
قلت: النَّجب قشورُ السِّدْرِ يُصْبَغُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سِقَاءُ مَنْجُوب، أَي دُبِغَ بالنَّجَب، وَهُوَ قُشورُ، سُوقِ الطَّلْح، وسِقاء نجَبِيّ.

(11/85)


أَو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: المَنْجُوبُ الْجِلْدُ المدبوغُ بالنَّجَب وَهُوَ لحاءُ الشَّجر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْجَب الرجلُ جَاءَ بِولد نجيب، وأَنجب، إِذا جَاءَ بِولد نجيب، قَالَ: وَمن جَعَله ذَمّاً أخذَه من النَّجب، وَهُوَ قِشْرُ الشَّجر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: المِنْجابُ الرَّجل الضَّعيف وَجمعه مَناجِيب، وَأنْشد لعُرْوَة:
بَعَثْتُهُ فِي سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُنِي
إِذْ آثَرَ النَّومَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
وَقَالَ الأصمعيّ: المِنْجابُ من السِّهام مَا بُرِيَ وأُصْلِح، وَلم يُرَشْ وَلم يُنَصَّل.
وأَنجَبَت الْمَرْأَة، إِذا وَلَدتْ ولدا نجيباً، وامرأَةٌ مِنْجاب: ذَات أَوْلَاد نُجَباء، ونساءٌ مَناجِيب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجابَةُ مَصْدرِ النَّجِيب من الرِّجَال، وَهُوَ الكريمُ ذُو الحسَب إِذا خَرج خُروج أَبِيه فِي الْكَرم، وَالْفِعْل نَجُب يَنْجُب نجابَةً، وَكَذَلِكَ النَّجابَة فِي نَجَائِب الْإِبِل، وَهِي عِتاقها الَّتِي يُسابَقُ عَلَيْهَا، وَقد انْتَجب فلانٌ فلَانا، إِذا استخلَصَه واصطفاه على غَيره.
نبج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: رَجُلٌ نَبَّاجُ، ونَبَّاحُ: شَدِيد الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: هُوَ نَبيجُ الْكَلْب، ونَبُجُه، ونَبيحُه، ونَبْحُه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبْجُ ضَرب من الضُّرَاط قَالَ: وَنَبَجَتِ القَبَجةُ، إِذا خَرجت من جُحْرِها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَنْبجَ الرَّجُل، إِذا خَلَّطَ فِي كَلَامه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْبجُ حَمْلُ شَجَرَةٍ هِنْدِية، تُرَبَّب بالعَسَل على خِلْقة الخَوْخ، مُجَرَّفُ الرَّأْس، يُجْلب إِلَى العِراق وَفِي جَوْفِه نَواةٌ كنواة الخَوْخ، وَمِنْه اشتُقَّتْ الأَنْبجات الَّتِي تُرَبَّب بالعسل من الأَتْرُجِّ، والأَهْلِيلَجة وَنَحْوهَا.
اللّحيانيّ: يُقال للضَّخْم الصَّوْتِ من الْكلاب: إِنَّه لَنَبّاجٌ، ونُبَاجِيّ، وَإنَّهُ لَشَدِيدُ النُّباج والنِّباج.
وَقَالَ ابْن الْفرج: وَسَأَلت مُبْتكراً عَن النُّباج فَقَالَ: لَا أَعْرفُ النُّباجَ إِلَّا الضُّراط.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّابِجَةُ والنَّبيجُ كَانَ من أَطعمة العَرب فِي المجاعة، يُخاضُ اللَّبن فِي الْوَبرَ ويُجْدَح.
وَقَالَ الجعديّ يذكر نسَاء:
تَركْنَ بَطالَةً وأَخَذن جِذّاً
وأَلْقَيْنَ المكاحِلَ للنَّبِيج
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الجِذُّ والمِجَذُّ: طَرَفُ المِرْوَد.
وَمِنْه قَول الراجز:

(11/86)


قالَتْ وَقد سَافَ فَجَذُّ المِرْوَدِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْبَجَ الرَّجُلُ: جَلَس على النِّباج، وَهِي الآكام الْعَالِيَة.
قَالَ، وَقَالَ المفَضّل: الْعَرَب تَقول للمِخْوَض: المِجْدَحَ، والمِزْهَف، والنَّبَّاج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَبَجَ، إِذا قَعَدَ على النَّبَجة، وَهِي الأكمة. ونَبَجَ إِذا خَاضَ سَويقاً أَو غَيره. والنُّبُجُ: الغرائر السُّود، وَفِي بلادِ الْعَرَب نِباجان، أَحدهمَا على طَرِيق الْبَصْرَة، يُقَال لَهُ: نِبَاجُ بني عَامر، وَهُوَ بحذاء فَيْد، والنِّباج الآخر نِباجُ بني سَعْد بالقَرْيتين.
بنج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أَبنَجَ الرجل إِذا ادَّعى إِلَى أصل كريم، قَالَ: والبُنْجُ الأُصول.
وَقَالَ ابْن السِّكيت عَن الأصمعيّ: رَجَع فلَان إِلَى جِنْجِه، وبِنْجِه، أَي إِلَى أَصْلِه وعِرْقِه.
ج ن م
جنم، جمن، نجم، مجن، منج: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: جنم.
جنم: روى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْجَنْمَةُ جماعَةُ الشَّيْء.
قلت: أَصْلُه الجَلْمَه، فَصُيِّرت اللَّام نوناً، وَقد أَخَذ الشَّيْء بجَلْمَته وجَنْمته، إِذا أَخَذَه كلَّه.
جمن: قَالَ اللَّيْث: الجُمانُ من الفِضّة، يُتَّخَذُ أَمْثال اللُّؤْلُؤ.
وَقَالَ غَيره: توهَّمه لبيدُ لُؤْلُؤَ الصَّدف البَحريَّ فَقَالَ فِيهِ:
كَجُمانَةِ البَحْرِيّ سُلَّ نِظامُها
نجم: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {} (النَّجْم: 1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَقسم الله جلَّ وعزَّ بالنَّجم، وَجَاء فِي التَّفْسِير، أَنه الثريا، وَكَذَلِكَ سَمَّتها الْعَرَب.
وَمِنْه قَول ساجعهم: طَلَعَ النجْمُ غُدَيَّهْ، ابتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فباتَتْ تَعُدُّ النجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ
سَريعٍ بأَيدي الآكلين جُمودُها
أَرَادَ الثُّريا.
قَالَ: وَجَاء فِي التَّفْسِير أَيْضا، أَن النَّجم نزولُ القرآنِ نَجْماً بعد نجْم، وَكَانَ ينزل مِنْهُ الْآيَة والآيتان، وَكَانَ بَين أوَّل مَا نَزل مِنْهُ وَآخره عِشرون سنة.
قَالَ، وَقَالَ أهل اللُّغَة: النَّجْم بِمَعْنى النُّجُوم، وَأما قَوْله جلّ وَعز: {بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (الرحمان: 6) . فَإِن

(11/87)


أهل اللُّغَة وَأكْثر أهل التَّفْسِير قَالُوا: النَّجم: كل مَا نَبَتَ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ لَهُ سَاق، وَمعنى سجودهما: دَوَران الظِّلِّ مَعَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قد قيل إِن النَّجم يُرَاد بِهِ النُّجُوم، وَجَائِز أَن يكونَ النَّجْم هَا هُنَا، مَا نَبت على وَجه الأَرْض، وَمَا طلع من نُجُوم السَّمَاء، وَيُقَال لكلِّ مَا طلع: قد نجمَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} (الصافات: 88، 89) .
وأُثْبِتَ لنا عَن أَحْمد بن يحيى، أَنه قَالَ فِي قَوْله: (فَنظر نظرةً فِي النُّجوم) ، قَالَ: جمْعُ نجم، وَهُوَ مَا نَجم من كَلَامهم لمّا سأَلوه أَن يخرج مَعَهم إِلَى عِيدهم، قَالَ: ونَظَرَ هُنَا، تَفَكَّرَ لِيُدَبِّر حُجَّة، فَقَالَ: {النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} أَي سقيم من كفْرِكُم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (فَنظر نظرةً فِي النجومِ فَقَالَ إنِّي سقيم) . قَالَ لِقَوْمِهِ وَقد رأى نَجْماً: (إِنِّي سقيمُ) أَوْهمَهم أنَّ بِهِ طاعوناً {للهإِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ} (الصافات: 90) فِرَارًا من عَدْوى الطَّاعُون.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْإنْسَان إِذا تَفَكَّرَ فِي أَمر لينْظر كَيفَ يُدَبِّرُه: نظر فِي النُّجُوم.
وَقَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ عَن الْحسن فِي تَفْسِير قَوْله: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى} أَي تفكر مَا الَّذِي يصرفُهم عَنهُ إِذا كلَّفُوه الْخُرُوج مَعَهم.
قَالَ: والنجومُ تجمعُ الْكَوَاكِب كلَّها، قَالَ: والنجوم وظائف الْأَشْيَاء وكلُّ وظيفَة نجْم.
قَالَ: والنجوم مَا نجم من الْعُرُوق أَيَّام الرّبيع، ترى رؤوسَها أَمْثَال المسالِّ تَشُقُّ الأَرْض شَقّا.
ونجَم النَّبَات، إِذا طلع.
وَقَالَ غَيره: يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها.
قَالَ زهيرٌ يذكر دِياتٍ جُعلت نجوماً على الْعَاقِلَة:
يُنَجّمها قومٌ لقومِ غَرَامَة
وَلم يُهَرِيقُوا بَينهم ملْءُ مِحْجم
فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه، وكَتبوا فِي ذكر حُقُوقهم المؤجَّلة نجوماً،

(11/88)


وَقد جعل فلانٌ مَاله على فلَان نجوماً يُؤدِّي عِنْد انْقِضَاء كلِّ شهر مِنْهَا نجماً، فَهِيَ مُنَجَّمةٌ عَلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّجْمَةُ شَجَرَة، والنجمة الْكَلِمَة، والنجمةَ نَبْتَةٌ صَغِيرَة، وَجَمعهَا نَجْم.
قَالَ: فَمَا كَانَ لَهُ سَاق فَهُوَ شَجر، وَمَا لم يكن لَهُ سَاق فَهُوَ نَجْم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّرَاديخُ أَمَاكِن تنْبت النجمَةَ والنَّصِيّ.
قَالَ: والنجمَة تَنْبُتُ مُمْتَدَّة على وَجه الأَرْض.
وَقَالَ شمِر: النَّجَمَةُ هَا هُنَا بِالْفَتْح، وَقد رَأَيْتهَا بالبادية، وفَسَّرَها غيرُ واحدٍ مِنْهُم، وَهِي الثَّيِّلَةُ، وَهِي شُجَيُرَةٌ خضراء، كَأَنَّهَا أوّل بَذْر الحَبِّ حِين يخرج صِغاراً، قَالَ: وَأما النجمة، فَهُوَ شَيْء ينْبت فِي أصُول النّخْلة وَأنْشد:
أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظلَّ يَكْدِمُ نَجْمةً
أَتُؤْكَلُ جاراتي وجارك سالِمُ
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك، لِأَن الْحمار إِذا أرادَ أَن يَقْلَع النجمة، وكَدَمها ارْتَدّتْ خُصْياه إِلَى مُؤَخَّره.
قلت: النجمة لَهَا قَضْبَة تفترش الأَرْض افتراشاً.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَمَ المطرُ، إِذا أَقْلع، وَكَذَلِكَ أَقْصَم وأَقصى.
وَيُقَال: مَا نَجَم لَهُم مَنْجَمٌ مِمَّا يطْلبُونَ، أَي مَخرَج، لَيْسَ لهَذَا الأَمر نَجْمٌ، أَي أصل.
والمنجَم: الطَّريق الواضِح.
وَقَالَ البَعيثُ:
لَها فِي أَقَاصِي الأَرْض شَأْوٌ ومَنْجم
ومِنْجَما الرِّجل: كَعْباها.
وَقَالَ شمر فِي قَول ابْن لَجأ، قَالَ: وأنشده أَبُو حبيب الأعرابيّ:
فَصَجَّتْ وَالشَّمْس لم تُنعم
أَن تَبلُغَ الجُدَّةَ فَوق المَنْجَمِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لم تُردْ أَن تبلغ الجُدَّة، وَهِي جُدَّة الصُّبح؛ طَرِيقَته الْحَمْرَاء، والمَنْجَمُ: مَنْجَمُ النَّهَار حِين يَنْجُم.
منج: قَالَ اللَّيْث: المَنْجُ إِعراب المَنْك، دَخيل فِي الْعَرَبيَّة.
قَالَ: وَهُوَ حَبٌّ إِذَا أُكِل أَسْكَر آكِلَه، وغَيَّر عَقْلَه.
مجن: قَالَ اللَّيْث: الماجِنُ والماجِنَةُ معروفان، والمجَانة أَلا يُبالي مَا صَنَع وَمَا قِيل لَهُ، والفِعْل: مَجَن مُجُوناً.
قلت: وَسمعت أَعرابياً يَقُول لخادم لَهُ كَانَ يَعْذِلُه وَهُوَ لَا يَريعُ إِلَى قَوْله: أَراكَ قد مَجَنتَ عليّ الْكَلَام. أَرَادَ أَنه مرَن عَلَيْهِ، لَا يَعْبأ بِهِ، وَمثله: مَرد على الْكَلَام. قَالَ

(11/89)


الله تَعَالَى: {مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
والماجِنُ عِنْد الْعَرَب: الَّذِي يرْتكب المقابِحَ المُرْدِية، والفضائحَ المُخزية، وَلَا يمضُّه عَذْلُ العاذل، وتأنيبُ المُوبِّخ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المجْنُ خَلْطُ الجِدِّ بِالْهَزْلِ، يُقَال: قد مَجَنْتَ فاسْكُتْ، وَكَذَلِكَ المسْنُ، وَقد مسَنَ ومجَن بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: المَجَّانُ عطيةُ الشَّيْء بِلَا مِنَّةٍ وَلَا تَمَنّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: سَمِعت ابنَ الأعرابيّ يَقُول: المَجَّانُ عِنْد الْعَرَب الْبَاطِل، وَقَالُوا: ماءٌ مَجَّان.
قلت: وَالْعرب تضع المجّان مَوضِع الشَّيْء الْكَبِير الْكَافِي، يُقَال تمْرٌ مجان وماءٌ مجان، أَي كثير وَاسع، واستَطعَمني أعرابيٌّ تَمرا فأطعمته كُتْلة، واعتذرتُ إِلَيْهِ من قلَّته، فَقَالَ: هَذَا وَالله مَجّان، أَي كثيرٌ كافٍ.