تهذيب اللغة

وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال جنَيتُ فلَانا جَنًى أَي جنَيْتُه لَهُ، وَأنْشد:
ولَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً
وَلَقَد نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأوْبَرِ
وَقَالَ شمِر: جنيتُك جنَيْتُ لَكَ وَعَلَيْك، وَمِنْه قَوْلك:
جانِيكَ مَنْ يَجني عَلَيْك وقَدْ
تُعْدِي الصِّحاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُ
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْلهم: جانيكَ مَنْ يَجنِي عَلَيْك، يُضْرَب مَثلاً للرّجل يُعاقَب بِجِنَايَتِهِ، وَلَا يُؤخَذُ غَيره بذَنبه.
وَقيل مَعْنَاهُ: إِنَّمَا يَجنِكَ مَنْ جنايَتُه رَاجِعَة إِلَيْك، وَذَلِكَ أنَّ الْإِخْوَة يجنون على الرجل، يدل على ذَلِك قَوْله:
وَقد تُعْدِي الصِّحاحَ مَباركُ الجُرْبِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَمن أَمْثالهم (أَجنَاؤُها أَبْنَاؤها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الأَجناء، جَمْع الْجَانِي، وَالْأَبْنَاء جمع الْبَانِي، مثل: شَاهِد وأشْهاد، ونَاصِر وأَنصار، وَالْمعْنَى أنَّ الَّذِي جنى فَهَدم هُوَ الَّذِي بَنَى بغَيْر تَدْبير فَاحْتَاجَ إِلَى نقص مَا عَمل وإفساده.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فِي قَوْله: (جانيك مَن يجنى عَلَيْك) يُرَاد بِهِ الْجَانِي لَك الْخَيْر مَن يجني عَلَيْك الشرّ. وَأنْشد:
وَقد تُعدي الصِّحَاح مبارك الجُرْب
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ جنأ فِي عَدْوِه إِذا أَلَحَّ وأَكبّ وَأنْشد:
وَكَأَنَّهُ فَوْتَ الجوالب جانئاً
رِئمٌ يضايفه كلابٌ أخْضَعُ
يُضايفه: يُلحِيه رِئمٌ أخضع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَانِي اللَّقّاح.
قلت والجاني: الكاسب.
وَيُقَال: أَجنتِ الشَّجَرَة، إِذا صَار لَهَا جَنًى يُجنيَ فَيؤكل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَجنَى لَهُ باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
جنأ: أَبُو زيد جَنَأَ الرَّجُل يَجْنأُ جُنُوءًا على الشَّيْء، إِذا أكَبَّ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
أغَاضِرَ لَو شَهِدْتِ غَدَاةَ بِنْتُمْ
جُنُوءَ الْعَائِدَاتِ على وِسَادِي
قَالَ: وجَنيءَ الرجلُ يَجْنَأُ جَنَأَ، إِذا كَانَت فِيهِ خِلْقَةً.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرجل إذَا انْكَبَّ على فَرَسه، يَتَّقي الطَّعْن: قد جَنَأَ يَجْنَأ جُنُوءًا.
وَقَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَمَا مِلْتَ جَانئاً
ورُمْتَ حِياضَ الموتِ كلَّ مَرامِ
قَالَ فإِذا كَانَ مُسْتَقيم الظَّهر، ثمَّ أَصَابَهُ جَنَأ، قيل: جَنِىءَ يَجنَأ جَنأ، فَهُوَ أَجنَأَ، قَالَ: وَإِذا أكَبَّ الرجلُ على الرَّجلَ يَقِيه

(11/134)


شَيْئا، قيل: أَجنَأَ عَلَيْهِ إجناء.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ يهوديّاً زَنَى بِامْرَأَة، فأَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرْجِمهما، فَعَلِقَ الرَّجلُ يجانىءُ عَلَيْهَا يَقِيها الحِجَارَة) ، أَي يُكِبُّ عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجْنَأ التُّرْس. قَالَه أَبُو قيس:
وَمُجْنَإٍ اسْمَرَ قَرَّاعِ
قَالَ: والمُجْنَأ حُفْرَةُ الْقَبْر.
قَالَ الْهُذَلِيْ:
إِذَا مَا زَارَ مُجْنأةً عَلَيْهَا
ثِقال الصَّخْرِ والخشَبُ الْقَطِيلُ
وَقَالَ اللَّيْث: الأَجنأ الَّذِي فِي كَاهِله انْحنَاءٌ على صَدره، وَلَيْسَ بالأحْدَب.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: رَجلٌ أَجنَأ وأَدْنأ مهموزان، بِمَعْنى الأقْعَس، وَهُوَ الَّذِي فِي صَدره انْكبابٌ إِلَى ظَهْره.
وَقَالَ اللَّيْث: ظَليم أَجنَأ، ونَعَامَةٌ جَنْآء، وَمن حذف الْهَمْز قَالَ: جَنْواء، والمصدر: الجنَأ، وَأنْشد:
أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأذْنَيْن أَجنَا
قُلت: وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: أجنَى، صَار لَهُ التّنُّومُ والآءُ جَنًى يَأْكُلهُ، وَهُوَ أصَحّ.
نجا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال نَجَا الرَّجل من الشّر يَنْجو نَجْواً أَوْ نَجاةً، وَهُوَ يَنْجُو فِي السُّرعة نَجاءً مَمْدُود، فَهُوَ نَاجٍ سريعٌ، وناقةٌ ناجيَة ونجاةٌ، إِذا كَانَت سريعة.
سَلَمة، عَن الْفراء: الْعَرَب تَقول: النّجاءَ النّجاءَ. والنَّجا النَّجاءَ. (والنَّجاءَكَ النَّجاءَكَ) . والنجاكَ النَّجاكَ، وَأنْشد غَيره:
إنّا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنّجا النَّجا
وَقَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} (النِّسَاء: 114) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنى النَّجوى فِي الْكَلَام مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الجَماعَة والاثنان سِرّاً كَانَ أَو ظَاهرا. قَالَ: وَقَوله جلَّ وَعزَّ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) . قَالَ: هَذَا فِي معنى الْمصدر. وإذْ هم ذُوو نجوى.
والنَّجْوى: اسمٌ للصْدَر، قَالَ: وَمعنى نَجَوْتُ الشَّيْء فِي اللُّغَة: خَلُّصْتُه وأَلقَيتَه، وَيُقَال: نَجَوْتُ الشَّيْء أَنجوه إِذا ناجَيْتَه.
سَلَمة، عَن الفرّاء: نجوْتُ الدَّوَاءَ، إِذا شَرِبْتَه، وَقَالَ: إِنَّمَا كنت أسْمَع من الدَّوَاء مَا أَنْجَيتُه، ونجوْتُ الْجلد وأَنْجَيْتُه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجاني الدَّواء، أَي أقعَدَنِي.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَى فلانٌ إنْجاءاً إِذا جلس على الْغائِطِ فَتَغَوَّطَ، وَقد نجَا الغائِطُ نَفْسُه يَنْجُو.
قَالَ: وَقَالَ بعض الْعَرَب: اللَّحْمُ أَقَلُّ الطَّعَام نَجْواً، والنَّجْوُ: الْعَذِرَةُ نَفْسُها.
قَالَ: واسْتَنْجَيْتُ اسْتِنجاءً، إِذا لَقَطْتَها،

(11/135)


والنَّجو: السَّحابُ الذَّي هَراق ماءَه، وناقة نجاةٌ، أَي سَرِيعَةٌ، واسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ الْحِجَارَة، أَي تَطَهّرْتُ بهَا.
وَقَالَ الكسائيّ: جَلَسْتُ عَن الغائِط فَمَا أَنْجَيْتُ.
أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: أَنجَيْتُ قَضِيباً من الشَّجرةِ، إِذا قَطَعْتَه، واسْتَنْجَيْتُ الشَّجرةَ إِذا قَطَعْتَها من أَصْلِهَا.
وَقَالَ شَمِر: نَجَيْتُ غُصنَ الشَّجرة، واسْتَنْجَيْتُه، إِذا قَطَعْتَه.
قَالَ: وأَرَى الاسْتنجاءَ فِي الوضُوء من هَذِه القَطِعة القَذِرَة بِالْمَاءِ.
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: أَنجَى فلَان شَيْئا وَمَا نَجا شَيْئا منذُ أَيَّام، أَي لم يَأْتِ الْغَائِط.
وَقَالَ اللَّيْث: نَجا فلَان يَنْجو، إِذا أَحْدَثَ ذَنْباً، أَوْ غير ذَلِك ثمَّ يَنْجو. قَالَ: واسْتَنْجى اسْتَفْعل من النجَاة، والاسْتِنجاء هُوَ التَّنظيف بماءٍ أَوْ مَدَر، والنَّجاة: هِيَ النَّجوَةُ من الأَرْض لَا يعلوها السَّيْل، وَأنْشد:
فَأَصُونُ عِرضِي أَنْ ينَال ينَجْوَةٍ
إنَّ البَرىءَ من الْهَنَاتِ سَعِيدُ
وفلانٌ نَجِيُّ فلَان، أَي يُناجيه دون مَنْ سِواه.
وَقَالَ الله: {خَلَصُواْ نَجِيًّا} (يُوسُف: 80) مَعْنَاهُ: اعْتَزلوا النَّاس مُتَناجِين، تَقول: قَوْمٌ نَجِيٌّ وأنجِيَة، وَأنْشد:
إنِّي إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أنْجِيَهْ
واضْطَرَبْت أعْناقُهم كالأَرْشِيَهْ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَجِيٌّ لفظٌ وَاحِد فِي معنى جَميع، وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) ، وَيجوز: قَوْمٌ نَجِيٌّ، وقَوْمٌ أنْجِيَةٌ، وقَوْمٌ نَجْوَى.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجَى، إِذا عَرِق، وأنْجَى، إِذا سَلَحَ، وأنجَى، وَإِذا كشف الجُلَّ عَن ظَهْرِ فَرسه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: {وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا} (العنكبوت: 33) أَي نُخَلِّصَكَ من الْعَذَاب وَأهْلك.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: أنْشد الْفراء، وَذكر أَن الكسائيّ أنْشدهُ:
أقولُ لِصَاحِبَيَّ وقَدْ بَدَا لِي
مَعالِمُ منْهما وهما نَجِيّاً
قَالَ الكسائيّ: أَرَادَ نَجِيّان، فَحذف النُّون. وَقَالَ الْفراء: أَي هما بِموضع نَجْوَى، فنَصب نَجِيّاً على مَذْهب الصِّفة.
وَفِي حَدِيث النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سافرتم فِي الجَدْبِ فاسْتَنْجو) ، مَعْنَاهُ: أسْرِعوا السّير وانجُوا.
وَيُقَال للْقَوْم إِذا انهزَموا: اسْتَنْجُوا، وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد: أوَّلُنا إِذا غَدَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجيْنا) أَي هُوَ حامِيَتُنا، إِذا انهزمنا يَدْفع عَنَّا.

(11/136)


وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ نُلْقيكَ عُرياناً لتَكون لمن خَلْفك عِبْرة، وَقيل: نُلْقيكَ على نَجْوَةٍ من الأرْض.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَّجْوَةُ الْمَكَان الْمُرْتَفع الَّذِي تَظُنُّ أَنه نَجاؤك.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقال للوادي نَجْوَة، وللجَبْلِ نَجْوَة، وللجَبَلِ نجوة، فأمَّا نَجْوَةُ الْوَادي فَسَنَداه جَمِيعًا مُستقيماً؛ ومُسْتَلْقِيا، كُلُّ سَنَدٍ نَجْوة وَكَذَلِكَ هُوَ من الْجَبَل وَمن الأكمة، وكُلُّ سَنَد مُشْرِفٍ لَا يَعْلوه السَّيل فَهُوَ نَجوَةٌ من الأَرْض. وَهِي النجوَات. والرّمل كُله زعم نجوة؛ لأنَّه لَا يكون فِيهِ سَيْلٌ أبدا؛ ونَجْوَةُ الْجَبَل: مَنْبِتٌ للبقل، وَيُقَال: نَجَوْتُ الْجِلْدَ إِذا أَلْقَيْتَه عَن الْبَعِير وَغَيره. وَأنْشد:
فَقُلْتُ: انْجُوَا عَنْها نَجَا الْجِلْدِ إنَّه
سَيُرْضِيكُما مِنْهَا سَنَامٌ وغارِبُهْ
وَقد نَجَوْتُ فلَانا، إِذا اسْتَنْكَهْتَه، قَالَ الشَّاعِر:
نَجَوْتُ مُجَالِداً فوجدْتُ مِنْهُ
كَريحِ الكلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ
وَنَجَوْتُ الْوَتَر واسْتَنْجَيْتُه؛ إِذا خَلَّصْتَه وَأنْشد:
فَتَبازَتْ فتبازَخْتُ لَهَا
جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجِي الْوَتَر
وَقيل: أصل هَذَا كُله من النَّجْوَة، وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض؛ وَقيل: إِن الاسْتَنجاء من الحَدَثَ مأخوذٌ من هَذَا؛ لِأَنَّهُ إِذا أَرَادَ قَضاء الْحاجَة اسْتَتَر بنجْوَةٍ من الأَرْض.
وَقَالَ عَبِيد:
فَمن بِنَجْوَتِه كمنْ بعَقْوَتِهِ
والْمُستَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِفرْوَاحِ
نجأ: قَالَ اللّحيانيّ: يُقَال للرَّجل الشَّديد الإصَابَة بِالْعينِ: إنَّهُ لَنَجُؤُ الْعين، على فَعُل ونَجُوء الْعَين على فَعُول، ونَجِيءُ الْعين على فَعِلَ، ونَجِيءُ الْعين على فعيل. وَقد نَجأْتَه وتَنَجأْته، أَي أصَبْتَهُ. وَيُقَال ادْفع عَنْك نَجْأَةَ السَّائل، أَي أعْطه شَيْئا مِمَّا تأَكل لتدفع بِهِ عَنْك شِدَّةَ نَطَره، وأنشده:
أَلا بِكِ النَّجْأَةُ يَا ردَّادُ
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، والأمَوِيّ: نَجَأْتُ الدَّابَّةَ وَغَيرهَا، أَي أصَبْتُها بعيني، وَالِاسْم: النّجأَة.
ونج: قَالَ اللَّيْث: الْوَنَج ضَرْبٌ من الصَّنْجِ ذِي الأوْتار، وَقَالَ غَيره: الْوَنْجُ: مُعَرّب، وَأَصله: وَنَهْ، والعربُ قَالَت: الْوَنُّ بتَشْديد النُّون.
نأج: قَالَ اللَّيْث: نأَجَ الْبُومُ، يَنْأَجُ نَأْجاً، والإِنسانُ إِذا تَضَرّع فِي دُعَائِهِ نَأَجَ إِلَى الله، بَنْأَجُ، وَهُوَ أضْرعُ مَا يكون وأحْزَنُه، وَأنْشد:

(11/137)


فَلَا يَغرَّنَّكَ قولُ النُّؤَّجِ
الْخَالجِين القولَ كلُّ مَخْلَجِ
وَقَالَ العجاج فِي الْهَام:
واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا
وَقَالَ غَيره: النَّائِجاتُ الرِّياحُ الشَّديدةُ الْهُبوب، ونَأَجَت الإبِلُ فِي سَيرها، وَأنْشد ابْن السِّكّيت:
قَدْ عَلِمَ الأحْماءُ والأزَاوِيجْ
أنْ لَيْس عَنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤوج
قَالَ: والْمَنْؤوجُ الْمَعْطُوفُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: النَّؤوج الريحُ الشَّديد المرّ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: نَأَج الخبرُ: ذَهَب فِي الأرْض.
أجن: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أجِنَ المَاء يَأْجِنُ أُجُوناً، إِذا تَغير غير أَنه شَرُوب. وأسِنَ يأسَنْ أسَناً وأسُوناً، وَهُوَ الَّذِي لَا يَشْربه أحد من نَتْنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: أجُونُ المَاء، وَهُوَ أنْ يَغشاه الْعِرمِضُ والْوَرَقُ.
وَقَالَ العجاج:
عَلَيهِ من سَافِي الرِّياحِ الْخُطَّطِ
أَجْنٌ كِنِّي اللّحْم لم يُشَيَّطِ
قَالَ: ولغة أُخْرَى: أجِنَ يأجَنُ أجَناً.
سَلمَة، عَن الْفراء: يُقَال: إجَّانة وإنجانه وإلْجانَة، بِمَعْنى وَاحِد وأفصحُها إجَّانَة.
وجن: قَالَ اللَّيْث: الوَجْنَةُ مَا ارتفعَ من الخدَّين، الشِّدْق والمَحْجِر، والأَوْجَنُ من الجِمال، والْوَجْنَاءُ من النُّوق: ذَات الوَجْنَةِ الضَّخْمَة، وقَلَّما يُقَال: جَمَلٌ أَوْجَن، وَيُقَال: الوَجْنَةُ: الضخمة، شُبِّهَت بالوَجِين من الأَرْض، وَهُوَ مَتْنٌ ذُو حِجَارةٍ صَغِيرَة.
أبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الوَجِينُ: العارِضُ من الأَرْض يَنْقَادُ ويرتفعُ، وَهُوَ غَليظ.
شَمِر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الأوْجَنُ: الأفْعَلُ من الوَجِين، فِي قَول رُؤْبة:
أَعْيَسَ نَهَّاضٍ كَحَيْدِ الأَوْجَن
قَالَ: والأَوْجَن الجَبَلُ الغَليظ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَجِينُ قُبُلُ الجَبَلِ وسَنَدُه، وَلَا يكون الوَجِينُ إلاَّ لِوَادٍ وَطِىء، يُعَارِضُ فِيهِ الوادِي الدَّاخِل فِي الأَرْض الَّذِي لَهُ أَجْرافٌ كأَنَّها جُدُر، فَتلك الوُجُنُ والأسناد، قَالَ: والناقةُ الوَجْناء تُشَبَّهُ بالوَجِين، وَهِي الْعَظِيمَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِنَّمَا سُمِّيت الوَجْنَةُ وجْنَةً لِنُتُوئها وغِلَظِها.
ابْن السّكيت، عَن الْفراء: حكى الْكسَائي: وُجْنَةٌ وأجْنَةٌ وَوَجْنةٌ، قَالَ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: وِجْنَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا أَدْرِي أيُّ مَنْ وَجَّنَ الجِلدَ هُوَ؟ أيْ أيُّ النَّاس هُوَ؟

(11/138)


وَقَالَ اللِّحيانيّ: المِيَجَنة الَّتِي يُوجَّن بهَا الأدِيم، أَي يُدَقُّ لِيَلِين عِنْد دِباغِه، وَوَجَنَت الدَّابِغَةُ أدِيمَها، إِذا دَقَّته.
وَقَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:
وَلم أرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوَةً
أسَبَّ لأضْيافٍ وأقْبَحَ مَحْجِرا
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: المِيجَنة المِدَقَّة، وَجَمعهَا: مَوَاجِن، وأنشدنا عَن المفَضّل لعامر بن عُقيل السَّعديّ:
رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خَاطِئاتٌ
وأسْتَاهٌ على الأكْوارِ كُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: وَجَّنْتُ بِهِ الأرضَ، وعَدَّنْتُ ومَرَّنْتُ، إِذا ضَربتَ بِهِ الأَرْض.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّوَجُّن: الذُّلُّ والخُضوع، وَامْرَأَة مَوْجُونَة، وَهِي الخَجِلَةُ من كثْرةِ الذُّنوب.
ابْن السِّكيت: رَجُلٌ مُوَجَّن إِذا كَانَ عَظِيمَ الوَجَنَات.
جون: قَالَ اللَّيْث: الجَوْنُ الأسْوَدُ اليَحْمُومِيُّ، وَالْأُنْثَى جَوْنَة، والجميع جُون، وَيُقَال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ من بَعِيد، وكلّ حمارِ وَحْشٍ جَوْنٌ من بعيد، وعينُ الشَّمْس تُسَمّى جَوْنَة، وكلُّ لونِ سوادٍ مُشْربٍ حُمْرَة جَوْن، أَو سوادٍ مُخالِطُه حُمْرة كلَوْنِ القَطا.
ابْن السِّكيت: القطا ضَرْبَان: جُونيُّ وكُدْرِيُّ، أَخْرجُوهُ على فعْلِيّ؛ فالجُونيُّ والكُدْرِيُّ وَاحِد، والضَّربُ الثَّانِي: القَطاط.
قَالَ: والكُدْرِيُّ والجُونيُّ مَا كَانَ أكْدَر الظّهْر أسْود باطِنَ الْجنَاح مُصْفَرَّ الحَلْق قصير الرِّجْلين، فِي ذَنَبه رِيشَتان أطولْ من سَائِر الذَّنب.
قَالَ: والقَطاطُ مِنْهُ مَا كَانَ أسود بَاطِن أجنحته، وطالت أرْجُله، واغْبَرَّتْ ظُهُوره، غُبرة لَيست بالشديدة، وعظمت عُيونه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُونَةُ سُلَيْلَةٌ مستديرة مُغَشَّاةُ أَدَماً، تكون مَعَ العطَّارين، وَجَمعهَا جُوَنٌ وَمِنْهُم من يهمز الجُؤَن. وَقَالَ الْأَعْشَى:
إذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ
وَكَانَ المِصاعُ بِمَا فِي الجُوَنْ
يصف نسَاء تَصَدَّيْن للرِّجَال حاليات.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّجوُّنُ تَبْيِيض بَاب العَروس، والتَّجوُّنُ تَسْوِيدُ بَاب الميّت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَوْنُ الأسْودَ، والجَونُ الأبْيض. قَالَ وأتِيَ الحجاجُ بِدِرْعٍ وَكَانَت صافِية، فَجعل لَا يَرى صَفاءها، فَقَالَ لَهُ فلَان، وَكَانَ فَصيحاً: إِن الشَّمْس جَوْنَة، يَعْنِي أَنَّهَا شَدِيدَة البَرِيق، والصفاء فقد قَهَرَتْ لونَ الدِّرع، وَأنْشد الأصمعيّ:
غَيَّر يَا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْنِي
طولُ اللَّيالي واختلافَ الجَوْنِ
يريدُ النَّهار. وَقَالَ آخر:

(11/139)


يُبَادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا
وَقَالَ الفرزدق:
وجَوْنٍ عَلَيْهِ الجِصُّ فِيهِ مَرِيضةٌ
تَطَلَّعُ مِنْهَا النَّفْسُ والمَوْتُ حاضِرُهُ
قَالَ: والجَوْن هَا هُنَا: الْأَبْيَض، يصف قصراً أَبيض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الجَوْنَةُ الْعَجَمَة، قَالَ: وَيُقَال لِلْخابِية جَوَنة، وللدّلْو إِذا اسْوَدَّتْ جَوْنة، ولِلْعَرَق جَوْنٌ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لماتِحٍ، قَالَ لماتِحٍ فِي الْبِئْر:
إنْ كانَتِ أُمّاً امَّصَرت فَصُرَّها
إنَّ امِّصَارَ الدَّلو لَا يَضُرُّها
أَهيَ جُوَيْنٌ لاَقِها فبِرَّها
أَنْتَ بِخيْرٍ إِن وُقيتَ شَرَّها
فأَجابه:
وُدِّي أُوَقَّيَ خَيْرَها وشَرّهَا
قَالَ: مَعْنَاهُ: على وُدِّي فأَضْمر الصّفة، وأَعملها.
وَقَوله: أَهِيَ جُوَيْن، أَرادَ أَخِي كَانَ اسمُه جُوَيْنا، وكل أَخ يُقَال لَهُ: جُوَيْنٌ، وجَوْنٌ.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الجَوْنَان: طَرَفا القَوْس.
نوج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ناجَ يَنُوجُ، إِذا راءى بعَمَله، قَالَ: والنَّوْجَةُ، الزَّوْبَعَةُ من الرِّياح.

(بَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف (وَا يء)
جَفا، جفأ، جَاف، فجأ، وجف، فَوْج، (فاج) .
جَفا: عَمْرو، عَن أَبِيه: الْجُفايةُ السَّفِينَةُ الْفَارِغَة، فَإِذا كَانَت مَشْحونَةً فَهِيَ غامِدُ وآمِد، وَيُقَال أَيْضا: غامِدَةٌ وآمِدَةٌ، والْخِنُّ: الْفَارِغَةُ أيْضاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَفَا الشيْءُ يَجْفو جَفَاءً، ممدودٌ كالسَّرج، يَجْفو عَن الظّهر إِذا لم يَلْزَم، وكالْجَنْبِ يَجفو عَن الْفِراشِ، وتَجافَى مثله.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إنَّ جَنْبِي عَن الفِراشِ لَنَابٍ
كتَجافِي الأسَرِّ فَوق الظِّرابِ
والحُجةُ فِي أنَّ جَفا يكونُ لازِماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يَصفُ ثَوراً وَحْشِياً:
وَشَجَرَ الهُدَّابَ عَنهُ فَجَفَا
يَقُول: رفع هُدّاب الأَرْض بقَرْنه حَتَّى تجَافَى عَنهُ، وَيُقَال: جَافَيْتُ جَنبي عَن الْفراش فتجافِي، وأجْفَيْتُ الْقَتَبَ عَن ظَهْرِ الْبَعِير فَجفا.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: أجْفَيْتُ الماشيةَ فَهِيَ مُجْفَاةٌ، إِذا اتْعبْتَها وَلم تَدَعْها تَأْكُل، وَذَلِكَ إِذا سَاقهَا سَوْقاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَفَاءُ يُقْصَرُ ويمَدّ: نَقِيضُ

(11/140)


الصِّلَة. قلت: الْجَفاءُ مَمدود عِنْد النَّحْوِيين، وَمَا عَلِمْتُ أحدا أجَاز فِيهِ الْقَصْرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: والجَفْوَة ألْزمُ فِي تَرْك الصلّة من الْجفَاء، لأنّ الْجفَاء قد يكون فِي فَعَلاته إِذا لم يكن لَهُ مَلَقٌ وَلَا لَبَق.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عليّ بن حَرْب، قَالَ: حَدثنَا المحاربيّ عبد الرحمان بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحيَاء من الْإِيمَان، وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة، والبذَاء من الْجفَاء، والجفاءُ فِي النَّار) .
قلت: يُقَال جَفَوْتُه أجْفُوه جَفْوَةً، أَي مَرَّة وَاحِدَة، وجَفَاءً كثيرا، مصدر عَام، والجفاءُ يكون فِي الخِلْقَة والخُلُق، يُقَال: رجل جافِي الخِلْقَة، وجافِي الخُلُقِ، إِذا كَانَ كَزّاً غليظَ العِشْرة، وَيكون الْجفاء فِي سُوء الْعِشْرَة، والْخُرْق فِي الْمعاملة، والتَّحامل عِنْد الْغَضَب، والثَّوْرَة على الجليس.
ابْن السِّكّيت، يُقَال: جَفَوْتُه فَهُوَ مَجْفُوٌّ، وَجَاء فِي الشِّعْر مَجْفِيّ، وَأنْشد:
مَا أنَا بالجَافِي وَلَا الْمجْفِيُّ
بُنِيَ على جُفِي فَهُوَ: مَجْفِيّ. وَالْأَصْل مَجْفوّ.
جفأ: قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
قَالَ الْفراء: أَصله الْهَمْز، يُقَال: جَفَأَ الْوادِي غُثَاءَه جَفْأً، وَقيل الجُفَاء كَمَا يُقَال الغُثاء، وكلُّ مصدر اجتَمع بعضُه إِلَى بعض، مثل الْقُماش، والدُّقَاق، والحُطام، مصدرٌ يكونُ فِي مَذهبِ اسْم على هَذَا الْمَعْنى، كَمَا كانَ العَطاءُ اسْما للإعطاء، فَكَذَلِك القُماش، لَوْ أرَدْت مصدرا، قلت: قَمشْتُه قَمْشاً.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجُفَاء مَا جَفَأَةُ الوادِي إِذا رَمَى بِهِ، وَيُقَال: جَفَأَتِ القِدْر بزَبَدِها.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال جَفَأْتُ الغُثاءَ عَن الوَادي، وجَفَأْتُ القِدْرَ، أَي مَسَحْت زَبَدَها الَّذِي فوقَها من غَلْيها، فَإِذا أمَرْتَ قلت: اجفَأْهَا، وَيُقَال: أجفَأَت الْقِدْرُ، إِذا عَلا زَبَدُهَا. وَقَالَ غَيره: تَصْغِير الجُفَاء جُفَيْءٌ، وتصغير الغُثاء غُثَيُّ بِلَا هَمْز.
وَقَالَ الزّجاج: مَوضعُ قَوْله: {فَيذْهَبُ جُفَاءً نَصْبٌ على الْحَال. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال جَفَأْتُ الرَّجلَ، إذَا صَرَعْتَه، قَالَ: وأجفَأَت الْقدْرُ بزَبَدِها، إِذا ألْقَت زَبَدَها، من هَذَا اشْتقاقه.
وروى ابْن جبلة عَن شِمر عَن ابْن الأعرابيّ: تجَفَّأت الأرضُ: إِذا رُعِيَتْ.

(11/141)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جفأتُ النَّبْتَ واجتفأته، إِذا قلعته.
وَأَخْبرنِي عَن الطوسي عَن أَحْمد بن الْحَارِث عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: تَجفَّأت الأرضُ إِذا أكل نبتَها الجدْبُ.
قَالَ: وَقَالَ فِي قَوْله: وتجتفِئوا بَقْلاً. قَالَ: تصيبوا بقلا، وَأنْشد:
فَلَمَّا رَأَتْ أنَّ البلادَ ثجفَّأتْ
أَي أُكل نبتها.
وَقَالَ أَبُو عَوْن الحِرمازِيّ: أجفَأَتُ الْبابَ وجَفَأْتَه، إِذا فتَحْتَه، وَيُقَال: جَفَأتُ القِدْرَ جَفْأً، وكَفَأْتَها كَفْأً، إِذا قَلَبْتَها، فصَبَبْتَ مَا فِيهَا، حَكَاهُ النَّضر. وَأنْشد:
جَفْؤكَ ذَا قِدْرِكَ للضِّيفانِ
جَفْؤٌ على الرُّغفَانِ فِي الجفانِ
خَيرٌ من العَكِيسِ بالألبان
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النبيّ حَرَّمَ يَوْم خَيْبر الحُمُرَ الأهلِيَّة فَجفَئوا القدورَ) ويُروى: (فأَجفئوا) أَي قَلَبُوها وفرَّغُوها.
جَوف جيف: أَبُو عبيد عَن الأُمويّ: رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف: جَائِع، وَقد جُئِفَ.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ الْكسَائي: جُيفَ فلانٌ وجُيثَ، إِذا ذُعر فَهُوَ مجؤوف ومجئوث.
وَفِي حَدِيث المبعَثِ: (فجَثيت فَرَقاً حِين رَأَيْت جِبْرِيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاف ضرب من الْخَوْف والفزع.
وَقَالَ العجاج:
كَأَن تحتي ناشِطاً مُجافاً
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: انجأفت النَّخْلَة وانجأَثَتْ، إِذا تقَعَّرت وَسَقَطت.
قَالَ اللَّيْث: الجَوْفُ مَعْرُوف، وَجمعه أَجْوَاف، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف، والجَوْفُ خَلاَءُ الجَوْفِ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَوف الوادِي، يُقَال: جَوْفٌ لاَخٌّ، إِذا كَانَ عَميقاً، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ: واسعٌ، وجوف زَقَبٌ: ضَيِّق، وباليمين وادٍ يُقَال لَهُ: الْجَوْف، وَمِنْه قَول الراجز:
الْجَوْفُ خيرٌ لَك من أَغْوَاطِ
ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ
أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِياً بعَيْنِه أُضِيف إِلَى العَيْر، وعُرِفَ بِهِ.
أَبُو عبيد: رَجُلٌ مُجَوَّفٌ، جَبَانٌ لَا قَلْبَ لَهُ، وَمِنْه قولُ حَسّان:
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفيَانَ عَنِّي
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

(11/142)


أَي خَالِي الجوفِ من القَلْبِ.
وَيُقَال: جَافت الجيفة، واجْتَافَت، إِذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ، إِذا أَصَلَّتْ، وَجمع الجِيفة، وَهِي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه: جِيَف.
وَيُقَال: اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ، إِذا دَخل جَوْفَه، والْجُوَافُ: ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة. وَيُقَال: أَجَفْتُ البابَ فَهُوَ مُجَافٌ، إِذا رَدَدْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (أَجِيفوا الأبوابَ، واكْفِتُوا إِلَيْكُم صِبْيانِكم) .
وَيُقَال: طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه. وجافَه الدّواءُ فَهُوَ مَجُوفٌ، إِذا دخَل جَوفَه، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ: واسعُ الجَوف، قَالَ الشَّاعِر:
فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها
مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدتُه أجوَف.
عَمْرو، عَن أَبِيه: إِذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إِلَى حِقْوَيْهِ فَهُوَ مُجَوَّفٌ بَلَقاً، وأنشدَ:
ومُجَوَّفٍ بَلَقاً مَلكْتُ عنانه
يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا
أَرَادَ أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش، فيَصِيدُها، وقوائمه زَكاً، أَي ليْست خَمساً. وَلكنهَا أزوَاج، ملكْتُ عِنانه: أَي اشتريتُه وَلم أستعِرْه:
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أجوَف، وَهُوَ الْأَبْيَض الْبَطْن إِلَى منتهَى الجَنبَيْن، ولوْنُ سائِره مَا كَانَ، وَهُوَ المُجوَّف بالبَلَقِ، ومجوَّفٌ بَلَقاً، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة، وتِلاَعٌ جَوائف، وجوائفُ النّفس: مَا تَقَعّرَ من الْجوف، ومقارّ الرُّوح.
وَقَالَ الفرزدق:
ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه
زِياداً ورَدّ النفْسَ بَين الجَوائِفِ
وَفِي الحَدِيث: (لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ وَلَا جَيَّاف) . والجَيَّاف: النَّبَّاش، سُمِّيَ جَيَّافاً لِأَنَّهُ يَكْشِفُ الثيابَ عَن جِيَفِ الْمَوْتَى. قَالَ وَجَائِز أَن يكون سمي بِهِ لنتنِ فعله أَي لقبح فِعله.
ابْن شُمَيْل: الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار. وَكَانَت بَنو فَزَارَة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان. وَقَالَ سَالم بن دارة يهجو بني فَزَارَة:
أطعمتُمُ الضيفَ جُوفاناً مُخاتَلةً
فَلَا سقاكم إلاهي الخالقُ الْبَارِي
أَوله:
لَا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ
على قلوصِكَ واكتُبها بأَسْيار
لَا تأمنَنْه وَلَا تأمَن بَوائقَه
بعد الَّذِي امتلّ إير العَيْر فِي النَّار
وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي قَوْله: لَا تَنسَوا الجَوفَ وَمَا وَعَى، فِيهِ قَولَانِ، يُقَال: أَرادَ بالجَوفِ الْبَطْنَ والفَرْج، كَمَا قَالَ: إنَّ أَخْوَفَ مَا أخافُ عَلَيْكُم الأجْوفان،

(11/143)


وَقيل: أَرَادَ بالجوف القَلْب، وَمَا وَعَى، أَي حَفِظَ من مَعْرِفةِ الله.
فجأ: قَالَ اللَّيْث: فَجَأَه الأمْرُ يَفْجَؤُه، وفاجَأَه يُفاجِئُه، وفَجِئَه يفجؤُه فجأَة، وكلُّ مَا هَجَمَ عَلَيْك من أمْرٍ لَمْ تَحتَسِبْه فقد فَجِئَكَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْجَأَ، إِذا صادَفَ صديقه على فَضيحة، وأفْجَى: إِذا وَسَّعَ على عِيَاله فِي النَّفَقة، قَالَ: والأفْجَى المُتَبَاعِدِ الْفَخذَينِ الشَّديدُ الْفَجَجَ، وَهُوَ الأفْجَجُ.
الأصمعيّ: فَجَا قَوْسَه يفجُوها، وقَوْسٌ فَجْوَاءُ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَمن ثَمَّ قيل: وَسَطُ الدّار فَجْوَة، وَيُقَال: بفلان فَجاً شَدِيد، إِذا كَانَ فِي رِجْليه انتِفاخ، وَقد فَجِيَ يَفجَا فجاً.
ابْن الأنباريّ: فَجِئَت النَّاقة، إِذا عظم بَطنهَا. والمصدر الفَجَأ مَهْمُوز مَقْصُور.
وَقَالَ شمر: فجأ بَابه يفجؤه، إِذا فَتحه بلغةِ طَيء، قالهُ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ، وأنشدَ للطرماح:
كجُبَّةِ الساج فَجا بابَها
صُبْحٌ جَلا خُفْرَةَ أهدامها
قَالَ: قَوْله فجا بَابهَا، يَعْنِي الصُّبْح، وَأما أجاف الْبَاب، فَمَعْنَاه ردَّه، وهما ضِدّان، وانفجى الْقَوْم عَن فلَان: انفرجوا عَنهُ وانكشفوا. وَقَالَ:
لما انْفجى الخَيلان عَن مُصعَبٍ
أدّى إِلَيْهِ قرضَ صاعٍ بِصَاع
فَوْج: وَقَول الله تَعَالَى: النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ} (النَّصْر: 2) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي جماعاتٍ كَثِيرَة بعد أنْ كَانُوا يدْخلُونَ فِي الدِّين وَاحِدًا وَاحِدًا، واثنين اثْنَيْنِ، صَارَت الْقَبِيلَة بأَسرها تدخل فِي الْإِسْلَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الفوْج قطيعٌ من النَّاس، وَجمعه أَفواج، قَالَ: والفائجُ من قَوْلك مَرَّ بِنَا فائجُ وَليمةِ فلَان، أَي فَوْجٌ مِمَّن كَانَ فِي طَعامه، قَالَ: والْفائج من الفَيْج، كَأَنَّهُ مشتقٌّ من الفارسية وَهُوَ رَسُول السُّلْطَان على رِجْله، والفُيُوج: جمَاعَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الفَيْج الْجَمَاعَة من النَّاس.
قلت: وَأَصله فَيِّج من فاجَ يَفُوج، كَمَا يُقال: هَيِّن، من هَانَ يَهُون، ثمَّ يُخَفَّف فَيُقَال: هَيْنٌ. ويُجمع الفَوْج أَفاوِيج.
وَقَول عَدي:
أمْ كَيف جُزْتَ فُيُوجاً حَولهمْ حَرَسٌ
وَمُتْرَصاً بَابُه بالسَّكِّ صَرَّار
قيل: الفُيُوج الَّذين يدْخلُونَ السجْن وَيخرجُونَ يَحرسون.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الفوائج مُتَّسَعُ مَا بَين كلِّ مُرْتفعين من غِلَظٍ أَو رمل، واحدتها فائجة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفائج البِساطُ الْوَاسِع

(11/144)


من الأَرْض.
وَقَالَ حُميد الأرقط:
إلَيْكَ رَبَّ الناسِ ذَا المعارجِ
يَخْرُجْنَ من نَخْلة ذِي مَضَارجِ
فِي فائجٍ أفْيَجَ بعد فائجِ
وَقَالَ آخر:
باتَتْ تَدَاعَى قَرَباً أَفائجا
تَدْعو بذَاك الدّحَجانَ الدّارِجا
أفائج وأفاوج يجمع أفْواج، أَي باتَتْ تَقْرُب المَاء فَوْجاً بعد فَوْج، قد رَكِبَتْ رؤوسها لقرب المَاء، وَقَالَ العجاج يصف القمة:
وَيَأْمُر البعّال أَن يموجا
وجبل الأمرار أَن يفيجا
يفيج: يجْرِي.
فِي النّفْر حِين رِيعَ واستُفيجا
أَي استُجِفَّ ففاج يفيج.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: أفاجَ الرجلُ فِي الأَرْض، إِذا ذَهبَ فِيهَا.
وَأنْشد:
لَا تَسْبِق الشَّيْخَ إِذا أفَاجَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْفَائِجة، كَهَيئَةِ الْوَادي بَين الجبلين، أَو بَين الأبْرَقَين، كَهَيئة الخَليف إلاّ أَنَّهَا أوسع، وَجَمعهَا فوائِج.
وجف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} (النازعات: 8، 9) .
قَالَ الزّجاج: واجِفَة، شَدِيدَة الاضْطراب. وَقَالَ قَتادة: وَجَفتْ ممّا عَايَنتْ.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: واجِفَةٌ، خائِفَة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ} (الْحَشْر: 6) ، يَعْنِي مَا أفَاءَ اللَّهُ على رَسُوله من أمْوال بني النَّضِير، مِمَّا لم يُوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ خَيْلاً وَلَا ركاباً، والرِّكاب: الْإِبِل، والوَجيف: دُونَ التَّقريب من السَّير.
يُقَال: وَجَفَ الفَرَسُ وأوْجَفْتُه أَنا.
وَقَالَ اللّيث: الْوَجْفُ: سُرَعة السَّير.
يُقَال: وَجَفَ البعيرُ يَجِفُ وجِيفاً، وأوْجَفَهُ رَاكِبُه.
قَالَ: وَيُقَال: رَاكِبُ البَعيرِ يُوضِع، وراكبُ الْفرس يُوجِف.
قلت: الوَجِيفُ يصلُحُ للبعير وَالْفرس.
وَيُقَال: اسْتوجَفَ الحُبُّ فُؤادَه: إِذا ذَهَب بِهِ، وَأنْشد:
ولكِنَّ هذَا الْقَلبَ قَلْبٌ مُضَلَّلٌ
هَفَا هَفْوَةً فاسْتَوجَفَتْهُ المقادِرُ

(بَاب الْجِيم وَالْبَاء)
ج ب (وَا يء)
جبا، جاب، جأب، جبأ، باج، وَجب.
جبأ: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الْجَبا مَقْصُورٌ مَا حَوْلَ الْبِئْر، والجِبا بِكسر الْجِيم: مَا جَمَعت فِي الْحَوْض من المَاء، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: جُبْوَةٌ وجِباوَةٌ. قلت:

(11/145)


الجِبَى مَا جُمع فِي الْحَوْض من المَاء الَّذِي يستقى من الْبِئْر. قَالَ ابْن الأنباريّ وَهُوَ جمع جُبْيَة، قَالَ: والجَبَى مَا حول الْحَوْض يكْتب بِالْيَاءِ، والجَبَا: مَوضِع.
الكِسَائيّ: يُقَال مِنْهُ جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض أجبِيه جَبًى مَقْصُور. وَقَالَ شمر: جَبَيتُ أجِبي جَبْياً، وجَبَوْتُ أجْبُو جَبْواً وجِبَايَةً وجَبَاوةً، والْجَابِي: الْجَرادُ.
وَقَالَ الهُذَليّ:
صَابُوا بِسِتَّةِ أبْيَاتٍ وأرْبَعةٍ حَتَّى كأنّ عَلَيْهم جابياً لُبَدَاً
وهَمَزَ الأصمعيّ: الْجَابيءُ، الجَرادُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، الْعَرَب تَقول: إِذا جَاءَت السّنَةُ جَاءَ مَعهَا الْجَابي والْحَابي؛ فالجابي: الجرادُ، والحابي: الذِّئب وَلم يهمِزْهما قَالَ شمر: أَخْبرنِي يزِيد بن مُرة عَن أبي الْخطاب قَالَ: الاجباء: بيع الْحَرْث قبل صَلاحه. قلت: أَبُو الْخطاب هُوَ الْأَخْفَش الْكَبِير، وَهُوَ من الثِّقَات.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} (الْأَعْرَاف: 203) مَعْنَاهُ: هَلاّ اجتَبَيتَها، هلا اخْتلقتها وافْتَعَلَتها من قِبلَ نفسِك وَهُوَ فِي كَلَام الْعَرَب جَائِز أنْ تَقول: لقد اختارَ لَك الشيءَ واجْتبَاهُ وارْتَجَلَه.
وَقَالَ الله: {وَكَذالِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} (يُوسُف: 6) .
قَالَ الزّجّاج: مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ يَختارُك ويَصْطَفِيكَ، وَهُوَ مُشْتَقّ من: جَبَيْتُ الشَّيْء، إِذا حَصّلْتَه لنفسِك، وَمِنْه: جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض.
قلت: وجِبَايَةُ الخَرَاج جَمْعُه وتحْصِيلُه، مأخُوذة مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث وَائِل بن حجر أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتبَ لَهُ فِي كِتَابه: (وَمَنْ أَجْبَى فقَدْ أرْبَى) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الإجْبَاءُ بَيْعُ الحَرْثِ قبلَ أَن يَبْدُوَ صَلاحُه، وَقيل: (مَنْ أَجْبَى فقَدْ أَرْبَى) ، أَي من عَيَّنَ فقد أرْبَى.
أَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: (من أجْبَى فقد أربى) . فَقَالَ: لَا خِلافَ بَيْننَا، أنهُ من بَاعَ زَرْعاً قبل أَن يُدْرِك، كَذَا قَالَ أَبُو عبيد، فَقيل لَهُ: قَالَ بَعضهم: أَخطَأ أَبُو عُبيد فِي هَذَا، من أَيْن كَانَ زَرْعٌ أَيَّام النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَقَالَ: هَذَا أحْمق. أَبُو عبيد تَكَلّمَ بِهَذَا على رُؤُوس الخَلْق وَتكلم بعده الخلقُ من سنة ثمانَ عشْرَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا لم يُرَدّ عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الإجْبَاءُ أَن يُغَيِّبَ الرجلُ إبلَه عَن المُصَّدِّق، يُقَال: جَبَأَ عَن الشَّيْء، إِذا تَوَارَى عَنهُ، وأجبَأْتُه، إِذا

(11/146)


وَارَيْتَه، وجَبَأَ الضَّبُّ فِي جُحْره إِذا اسْتَخْفَى، ورَجُلُ جُبَّأٌ جَبَأٌ، وَأنْشد:
فَمَا أَنا من رَيْبِ الزَّمانِ بِجُّبَّأٍ
وَمَا أَنا مِنْ سَيْبِ الإلاه بآيِسِ
وَحدثنَا السَّعْدِيّ عَن عَليّ بن حَرْب، عَن مُحَمَّد بن حُجر، عَن عَمه سعيد، عَن أَبِيه، عَن أمه عَن وَائِل بن حُجر، قَالَ: كتب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا جَلَبَ وَلَا جَنَب وَلَا شِغار وَلَا رِواط، وَمن أجْبَى فقد أرْبَى) وفسّر من أجبى فقد أربى، أَي من عيَّن فقد أربى، وَهُوَ حسن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَأتُ عَلَيْهِ، خرجتُ عَلَيْهِ، وجَبأت عَنهُ، إِذا تواريت. أَخْبرنِي المنذرِيّ عَنهُ بِهِ.
أَبُو زيد: يُقَال: جَبأتُ عَن الرَّجل وَغَيره جُبُوءاً، إِذا خَنَسْتُ عَنهُ.
وَأنْشد:
وهلْ أَنا إلاّ مِثلُ سَيِّقَةِ العِدَا
إِن استَقْدَمتْ نحْرٌ وَإِن جبأَتْ عَقْرُ
وَيُقَال: جَبَأَتْ عَلَيَّ الضّبُعُ جُبُوءاً، إِذا خَرجتْ عَلَيْك مِنْ جُحْرِها.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت كريهة المَنظرِ لَا تُسْتَحلَى: إنْ العيْن لَتُجبَأُ عَنْهَا.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر الْهِلَالِي:
ليستْ إِذا سَمِنتْ بجابئةٍ
عَنْهَا العُيونَ كريهةَ المَسِّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجُبَّأُ مهموزٌ مَقْصُور: الجَبَان.
أَبُو عَمْرو: الجبّأ: النَّاجِي من الْأَمر الَّذِي انفلت مِنْهُ، وَأنْشد:
وَمَا أَنا من ريب الْمنون بجُبَّأ
وَيُقَال: جَبَأَ عَلَيْهِ الأسْوَدُ من جُحْرِه، إِذا خرج عَلَيْهِ، يَجبَأ جَبْأ وجُبُوءاً، وجَبَأْتُ عَن أَمر كَذَا وَكَذَا إِذا هِبتَهُ، وارْتَدعتَ عَنهُ. والجَبْأَةُ: خَشَبَةُ الحَذّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَقَالَ الجعديّ:
فِي مِرفَقيْهِ تَقارُبٌ وَله
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخزَمِ
والجَبْأ: حُفْرَةٌ يستنقعُ فِيهَا المَاء. وَيُقَال: الجَبْيُ للحفرة، وَيجمع جُبِيّاً.
قَالَ جندل:
مثل الجُبيّ فِي الصّفا الصهارج
أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ: من الكمأَة والجَبَأَة. قَالَ، وَقَالَ أَبُو زيد: الجِبَأَة) الحُمُرُ مِنْهَا، وَوَاحِد الجِبَأَة جَبْء، وَثَلَاثَة أجْبُؤ.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
إنْ أُحَيْحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ
ووُجْدَ فِي مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمض
عَسَاقِلٌ وجِبَأٌ فِيهَا فَضَضْ
عَسَاقِل: بِيض، وجِبَأ: سُود.

(11/147)


أَبُو زيد: أجبَأَتِ الأَرْض فَهِيَ مُجْبِئةٌ، إِذا كثُرَتِ جِبَأَتُهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجُبّاءُ من النِّسَاء بِوَزْن جُبّاع: الَّتِي لَا تَروعُ إِذا نظَرتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الَّتِي إِذا نَظَرت إِلَى الرّجال انْخَذَلَتْ راجِعَةً لِصِغَرِها.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وطَفْلَةٍ غيرِ جُبّاءٍ وَلَا نصفٍ
مِنْ دَلِّ أمثالِها بادٍ ومكتومُ
كأَنَّه قَالَ: لَيست بصغيرة وَلَا كَبِيرَة.
ويُروَى: غير جُبّاع، وَهِي القصيرة، وَقد مر تَفْسِيره شبَّهها بسَهمٍ قصير يَرمِي بِهِ الصبيانُ: يُقَال لَهُ: الجُبّاع. وَيُقَال: ناقةٌ بجَاوِيّةٌ، تُنسبُ إِلَى بجَاوَة، وَهِي أَرض النّوبَة، بهَا إبلٌ نجايب.
وَقَالَ الطرماح:
بَجَاوِيّةٍ لم تَسْتَدِرْ حولَ مَثْبِرٍ
ولَم يَتَخَوَّن دَرَّهاضَبُّ آفِن
وَفِي الحَدِيث: أَن وَفد ثَقِيف اشترطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألاّ يُعشَروا وَلَا يُحشَروا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا خيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ) .
قَالَ شِمر: معنى قَوْله ألاّ يُجَبُّوا، أَي أَلا يَركعوا فِي صلَاتهم وَلَا يسجدوا كَمَا يفعل الْمُسلمُونَ، والعَربُ تَقول: جَبَّى فُلان تَجْبِيَةً، إِذا أكَبَّ على وَجهه باركاً، أَي وَضَعَ يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ مُنْحَنياً، وَهُوَ قَائِم.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعود: أَنه ذكر الْقِيَامَة والنْفْخَ فِي الصُّور، قَالَ: فَيقومُونَ فَيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رَجلٍ وَاحِد قيَاما لرَبِّ الْعَالمين.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله يُجَبُّون، التجْبِيَة تكون فِي حَالين:
أَحدهمَا: أَن يضع يَديه على رُكبتَيه، وَهُوَ قَائِم، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فِي الحَدِيث، أَلا ترَاهُ قَالَ: (قِياماً لرب الْعَالمين) ؟
وَالْوَجْه الآخر: أَن يَنْكَبَ على وَجهه بارِكاً، وَهَذَا الْوَجْه الْمَعْرُوف عِنْد النَّاس وَقد حمله بعض النَّاس على قَوْله: (فَيخِرُّون سُجَّداً لربِّ الْعَالمين) . فَجعل السُّجُود هُوَ التّجْبِيَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَى المالَ يَجبِيهِ، وجَباهُ يَجْبَاه، قَالَ: وَهَذَا ممَّا جَاءَ نَادرا، مثل أبَى يَأبَى.
جوب جيب: قَالَ الله جلّ وَعز: {الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (الْفجْر: 9) .
قَالَ الْفراء: جابُوا: خرقوا الصّخْر، فاتخذوه بُيُوتًا فارِهين. وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الزَّجاج: واعتبره بقوله {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} (الشُّعَرَاء: 149) .
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْبُ قَطعك الشيءَ كَمَا يُجاب الْجَيبُ، يُقَال: جَيْبٌ مجوبٌ ومُجَوَّبٌ، قَالَ: وكل مُجَوَّفٍ وسطُه فَهُوَ

(11/148)


مَجُوبُ. وَقَالَ الراجز:
واجتَابَ قَيظاً يَلْتَظِي التظَاؤُها
اجْتَابَ لَبِسَ.
أَبُو عُبَيد، عَن اليزيدي: جُبْتُ الْقَمِيص، إِذا قَوَّرتَ جَيْبَه، وجَيَّبْتُهُ، إِذا عَمِلْتَ لَهُ جَيْباً.
شَمرٌ، سَمِعت سَلمَة يَقُول: جِبتُ القميصَ وجُبْتُهُ، وَأنْشد:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَجَ الظلامِ
جَيْبَ البَيَطْرِ مِدْرعَ الهُمامِ
ابْن بُزُرْج: جَيَّبتُ القميصَ، وجَوَّبْتُه.
أَبُو عُبيد: الْجَوبُ التَّرْسُ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الجوابُ رَدِيدُ الْكَلَام، وَالْفِعْل: أجَابَ يُجِيبُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: أساءَ سَمْعاً فأسَاءَ جابةً.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جابةٌ اسمٌ يقوم مقَام الْمصدر، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: المالُ عارةٌ، وأطعتُهُ طَاعَة، وَمَا أُطيق هَذَا الْأَمر طاقَةً، فالإجابة مصدرٌ حقيقيّ، والجابه اسمٌ، وَكَذَلِكَ الْجَواب، وَكِلَاهُمَا يقومان مقَامَ الْمصدر.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى} (الْبَقَرَة: 186) .
قَالَ الْفراء، يُقَال: إِنَّهَا التّلْبِية.
وَقَالَ الزَّجاج: أَي فَلْيُجِيبوني، وَأنْشد:
وداعٍ دَعَا منْ يْجِيبُ إِلَى النَّدى
فَلم يَستَجبهُ عِنْد ذَاك مُجِيب
أَي فَلم يجبهُ أحد.
وجَيْبُ اللَّيْل: الصُّبح. قَالَه شمر.
قَالَ العجاج:
حَتَّى إِذا ضوءُ الْقَمِيص جَوَّبا
لَيْلًا كأثناء السَّدوس غَيْهبا
جَوَّبَ: نَوَّر، وكشف، وجلى.
وروى خَالِد الحذَّاء عَن أبي قُلابَة عَن ابْن عمر أَن رجلا نَادَى: يَا رَسُول الله، أَي اللَّيْل أجوَبُ دَعْوَة؟ قَالَ: (جَوف اللَّيْل الغابر) .
قَالَ شمر: قَوْله أجوَبُه من الْإِجَابَة، أَي أسرعه إِجَابَة، كَمَا يُقَال أطوعُ من الطَّاعَة. قَالَ: وَالْأَصْل جاب يجوب، مثل طاع يطوع.
وَقَالَ الْفراء: قيل لأعرابي يَا مُصاب، فَقَالَ: أَنْت أصوبُ مني. قَالَ: وأصل الْإِصَابَة من صاب يَصُوب إِذا قَصَد.
وَيُقَال: جُبْتُ البلدَ أَجُوبُهُ جَوْباً، إِذا قطعْته، واجْتَبْتُه مثله، وَيُقَال: اجْتَاب فلانٌ ثوبا، إِذا لبسه. وَأنْشد:
تحسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهَا فأَنْسَلهَا
واجتاب أخْرَى جَدِيدا بَعْدَمَا ابْتقلا
واجتاب: احتفر، وَمِنْه قَول لبيد:

(11/149)


تجتابُ أَصْلاً قَائِما مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنقاءٍ يميلُ هيامُها
يصفُ بقرة احتفرت كِناساً تكْتَنُّ فِيهِ من الْمَطَر فِي أَصْلِ أرْطاةٍ، ورجلٌ جَوَّابٌ، إِذا كَانَ قَطَّاعاً للبلاد، سيَّاراً فِيهَا. وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد فِي أَخِيه:
جوَّاب ليلٍ سَرْمد
أَرَادَ أنَّه يَسْرِي ليله كُلَّه.
والجوْبةُ: شبْهٌ رَهْوَةٍ تكون بَين ظَهْرانَيْ دُور قوم يسيل إِلَيْهَا مَاء الْمَطَر، وكلُّ مُنْفَتقٍ يتَّسِع فَهُوَ جَوْبةٌ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْجَوْبةُ من الأَرْض الدَّارةُ من الْمَكَان المُنجَاب، الوطىء الْقَلِيل الشَّجر، سُمِّي جَوْبة لانجيَابِ الشَّجرِ عَنهُ، مثل الغائِط المستدير لَا يكونُ إِلَّا فِي جَلَدِ الأَرْض، والجميع جَوْبات وجُوب.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: جَابةُ المِدْرَى من الظِّبا، غير مَهْمُوز حِين طلع قرْنُه.
وَيُقَال: الملساءُ اللَّيِّنَة القَرْن.
وَقَالَ شمر: جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه، أَي حِين جاب قَرْنُها الجِلْدَ فطلع. وَهُوَ غير مَهْمُوز. والجوْبُ: التُّرس.
قَالَ لبيد:
فأجازني منهُ بطِرسٍ ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المِنْكبِ
يَعْنِي بِكُل حبشيّ جَوْبه فِي مَنْكِبه.
جأب: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَأَبَ وجَبَأَ، إِذا باعَ الجَأْبَ، وَهُوَ المَغْرَةُ.
قَالَ: والجأبُ: الكَسْب. وَقَالَ غَيره: الْجَأْبُ أَيْضا: السُّرّة.
أَبُو عُبيد: الجَأبُ الحمارُ الغليظ، وكاهلٌ جَأبٌ: غليظ، وخَلْقٌ جَأب: جافٍ غَليظ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فلمْ أَر إلاَّ آل كلِّ نجِيبةٍ
لَهَا كاهلٌ جَأبٌ وصلْبٌ مُكَدَّح
ابْن بزُرْج: جَأبةُ البَطْنِ، وجبْأتُهُ مَأنتُه وَيُقَال: هَل سمعتَ جائبةَ خبَر. وَقَالَ: يتنازعون جوائِب الْأَمْثَال، يَعْنِي سرائر تجوب الْبِلَاد. وَفُلَان فِيهِ جَوْبان من خُلَق، أَي ضَرْبان، لَا يثبت على خُلُق وَاحِد.
قَالَ ذُو الرّمة:
جُوبَينِ من هماهِمِ الأغْوال
أَي تسمع ضَرْبَيْنِ من أصوات الغيلان. وَفُلَان جَوَّاب جأَّب يجوب الْبِلَاد ويكسب المَال.
بوح بأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: باجَ الرّجُل يَبُوجُ بَوْجاً، إِذا أَسْفَرَ وَجهه بعد شُجوبِ السّفَر، وباجَ الْبَرْقُ يَبُوج بَوْجا

(11/150)


ً وبَوَجَاناً، إِذا بَرَقَ، وتَبَوّجَ تَبَوُّجاً: مِثْله.
ابنُ بُزُرْج: بَعِيرٌ بائج، إِذا أعْيَا، وَقد باج، وبُجْتُ أَنا: مَشَيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ، وَأنْشد:
قد كُنت حِيناً تَرْتجِي رِسْلَهَا
فاطّرَدَ الحائِلُ والبائج
يُريدُ الْمُخِفُّ والمُثْقَل.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال انْبَاجَ البَرْقُ انبِيَاجاً، إِذا تَكَشَّفَ، وانبَاجَتْ عَلَيْهِم بَوَائِجُ مُنْكَرَة، إِذا تَفَتّحَت عَلَيْهِم دوَاهي.
وَقَالَ الشَّماخُ يَرثي عمرَ رَضِي الله عَنهُ:
قَضَيْتَ أُمُوراً ثُمّ غَادَرْتَ بَعدَها
بِوائِجَ فِي أكْمَامِها لم تُفَتّقِ
والبائج عِرق فِي بَاطِن الفخِذ، قَالَ الراجز:
إِذا وَجَعْنَ أبْهَراً وبايجا
وَقَالَ جندل:
بالكاسِ والأَيدي دَمُ البوائج
يَعْنِي الْعُرُوق المُتَفَتِّقَة.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: جاءَ فلَان بالبائِجَة والفَلِيقَةِ، وَهِي من أسماءِ الدّاهِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الباجَةُ الاخْتِلاط.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: البَاجُ يُهْمَز وَلَا يُهْمَز، وَهُوَ الطَّرِيقَة من المَحَاجّ المُسْتَوِيَة، وَمِنْه قَول عُمر: (لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَاجاً وَاحِدًا أَي طَريقَة وَاحِدَة فِي الْعَطاء، ويجْمع بَأْج على أَبْؤُج.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: يُقَال: اجْعَلْ هَذَا الشَّيء بَأْجاً وَاحِدًا مهموزاً.
قَالَ: ويُقال أوَّل من تَكَلَّم بِهِ عُثْمَان، أيْ طَريقة وَاحِدَة، وَمثله: الْجَأْشُ، والْفَأْسُ، والرَّأْس.
وَجب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجْبُ والقَرْعُ: الَّذِي يوضع فِي النِّصال والرِّهان، فَمن سَبَق أخذَه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزَّ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا} (الْحَج: 36) . أَي سَقَطَتْ إِلَى الأَرْض جُنوبُها، فَكُلوا مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَال: وَجَبَ الْحَائِط يَجِب وَجْبَةً، أَي سَقَط، وَوَجَب القَلْب، يَجِبْ وَجِيباً: إِذا تَحَرَّكَ من فَزَع، ووجَب البيعُ وُجوباً وَجِبَةً، والمُسْتَقْبَلُ فِي كُلِّه يَجِبُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وجَبَ القَلْبُ وَجِيباً إِذا خفَق، وَوَجَبَت الشَّمْس تَجِبُ وجوبا إِذا سَقَطت، وَيُقَال للبَعير إِذا بَرك وَضرب بِنَفْسِهِ الأرْض، قد وَجَّبَ تَوْجِيباً، وأوْجَب فلانٌ البيعَ إِيجَابا، وَفُلَان يَأكل كل يَوْم وَجْبَةً، أَي مرّةً واحِدة، وَقد وَجَّبَ لِنَفْسِه تَوْجيباً.
وَفِي الحَدِيث: (من فَعل كَذَا وَكَذَا فَقَدْ أَوْجَبَ) ، أَي وَجبتَ لَهُ الجنَّة أَو النَّار. والمُوجِباتُ: الكبائِرُ من الذُّنُوب الّتي

(11/151)


أوْجَبَ الله بهَا النَّار.
حدَّثنا السعديُّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرَ: كنتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين وَجَبَت الشَّمْس. فَقَالَ: يَا أَبَا ذرّ، هَل تَدْرِي أَيْن ذَهَبَتْ؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد بَين يَدي رَبهَا تستأذن فِي الرُّجُوع لَهَا مَكَانهَا قد قيل لَهَا ارجعي من حَيْثُ جئتِ، فَتَطلع وَذَلِكَ مُسْتَقر لَهَا.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ أقْوَاماً أتَوا النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رسولَ الله، إنَّ صاحباً لَنَا أوْجَب، فَقَالَ: (مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبة) .
قَالَ هُدْبَة بن خَشْرَم:
فَقلت لَهُ لَا تَبْكِ عينُك إنّه
بكَفَّي مَا لاقيتُ إِذْ حانَ مَوْجِبي
أَرَادَ بالموجِبِ موتَه، يُقَال: وَجَبَ: إِذا مَاتَ مَوْجِباً. وَأنْشد الْفراء:
وَكَأن مُهرِي ظلّ محتفراً
بقفا الأسنة مَغْرَةَ الجَأْبِ
والجأْبُ: مَاء لبني الهُجَيم عِنْد مَغْرَة عِنْدهم. وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا قَرَأت لَهُ فِي بعض النّسخ: المُوَجَّبُ من الدَّوَابّ الَّذِي يفزع من كل شَيْء، قلت: وَلَا أعرفهُ. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أَن ابْن الأعرابيّ أنْشدهُ:
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ فِي الْفراش
ووَجَّابةٍ يَحْتَمِي أَن يُجيبا
وَلَا ذِي تلازم عِنْد الحِيَاضِ
إِذا مَا الشّريبُ أنابَ الشّريبا
قَالَ: وجّابةٌ: فرق، دُمَّيجة: يندمج فِي الْفراش.
ابْن السّكيت، عَن أبي عَمْرو: الْوَجِيبَة أنْ يُوجِبَ الرجلُ البَيْعَ على أنْ يأخُذَ مِنْهُ بَعْضًا فِي كلِّ يَوْم، فَإِذا فَرَغَ قيل: قَد اسْتَوْفَى وَجِيبَتَه.
أَبُو زَيد، يُقَال: وَجَّبَ فلَان عِيَالَه تَوْجِيباً إذَا جَعَلَ قُوْتَهُمْ كُلّ يَوْم وَجْبَة.
قَالَ شَمِر: وأقرأنا ابنُ الأعرابيّ لِرُؤْبَة:
فَجَاء عَوْدٌ حِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ
مُوَجَّبٌ عَاريّ الضُّلوعِ جِرْضِمُه
قَالَ: مَوَجَّبٌ أَي لَا يَأكل فِي النَّهَار إِلَّا أكْلة وَاحِدَة، جِرْضِمٌ: عَرِيضٌ ضَخْم.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاء يَعودُ عبدَ اللَّهِ بن ثَابت فوَجَدَه قد غُلِبَ، فاستَرْجَعَ، وَقَالَ: غُلِبْنَا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع، فَصاحَ النِّساءُ وَبَكَيْن، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنّ، فإِذا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ باكية، فَقَالُوا: ومَا الوُجُوب؟ قَالَ: إِذا مَاتَ) .
وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
أطاعَت بَنُو عَوْف أَمِيرا نَهَاهُم
عَن السِّلم حَتَّى كانَ أولَ واجِبِ

(11/152)


أَي أول مَيِّت.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال وَجَبتُه عَن كَذَا، ووَكَبتُهُ: إِذا رَدَدتَهُ عَنهُ، حتّى طَال وُجُوبُه ووُكُوبُه عَنهُ. قَالَ الدينوريّ فِي بَاب الْعَسَل: ويُوعَى العَسَلُ فِي الوِجَاب وَهِي أسقِيَةٌ عِظام، وَوَاحِد الوِجَاب وَجْبٌ.

(بَاب الْجِيم وَالْمِيم)
ج م (وَا يء)
جما، جِيم، وجم، مأج، أمج، أجم، موج، جوم.
جما: سَلَمة، عَن الفرّاء: جُمَاءُ كلِّ شيءٍ حَزْرُه وَمِقدارُه، مَمدود.
وقالَ ابْن دُرَيْد: جَمَاءُ كلِّ شيءٍ شَخصه، وَأنْشد:
وقُرْصَةٍ مِثلَ جَمَاءِ التُّرْسِ
ابْن السّكّيت: تَجَمَّى القَومُ، إِذا اجْتَمَع بَعضهم إِلَى بعض، وَقد تَجَمَّوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن بُزرج: جَمَاءُ كلِّ شَيْء اجتماعُه وحَركته، وَأَنشد:
وبَظْرٍ قد تَفَلَّقَ عَن شَفِيرٍ
كأَنَّ جَماءَهُ قَرْناً عَتُودِ
أَبُو بكر: يُقَال جَماءُ الترس وجُماؤه وَهُوَ اجتماعه ونتوّه، قَالَ: وجُماء الشَّيْء قدره. أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو الجُماء: شخص الشَّيْء ترَاهُ من تَحت الثَّوْب.
قَالَ الشَّاعِر:
فيا عجبا للحب دَاء فَلَا يُرى
لَهُ تَحت أَثوَاب المحبِّ جُماءُ
أَبُو عمر: التجمُّؤ: أَن ينحنِي على الشَّيْء تَحت ثَوْبه. الظليم يتجمَّا على بيضه.
جوم: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأَعرابيّ: الْجَامُ الفَاثُورُ من اللُّجيْن.
قَالَ: ويُجمع على أَجْؤُم. قَالَ: وجامَ يَجُومُ جَوماً، مثل حام يَحُومُ حَوماً، إِذا طلبَ شَيْئا خَيراً أَو شرَّاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْمُ كأَنَّها فارسية، وهم الرُّعَاةُ، أمْرُهُمْ وكلامُهُمْ ومَجْلِسُهُم واحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال يُجمع الجامُ جامَات، ومِنْهم مَنْ يَقُول، جُومٌ.
موج مأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: ماجَ فِي الأمرِ إِذا دارَ فِيهِ.
قَالَ: والْمَيْجُ الاخْتَلاط.
اللّيث: المَوْجُ: مَا ارتفَعَ من المَاء فوقَ المَاء، والفِعل: ماجَ الْمَوْجُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ماجَ يَمُوجُ إِذا اضْطرب وتَحيَّر، وماج البحرُ، وماجَ النَّاس إِذا دَخَلَ بَعضُهم فِي بعض.
والمُؤوجُ: مُؤُوج الدَّاغِصَة، ومُؤوج السِّلعة تَمَوُّرٌ بَين الجِلْدِ والعظم، وَمن مهموزه:
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الْمَأْجُ الماءُ

(11/153)


المِلح.
وَقَالَ ابْن هَرْمَة:
فإنَّكَ كالْقَرِيحَةِ عَام تُمْهَى
شُرُوبُ الماءِ ثمَّ تَعُودُ مأجَا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَؤُجَ الماءُ، يَمْؤُجُ مُؤُوجَةً فَهُوَ مَأجُ، وَأنْشد:
بأرْضٍ نَأَتْ عَلَيْهَا الْمُؤُوجَةُ والبَحْر
وجم: قَالَ اللَّيْث: الْوُجُوم السكوتُ على غَيْظ. يُقَال: رَأيْتُه وَاجماً.
أَبُو عُبيد: إِذا اشتدَّ حُزْنُه حَتَّى يُمْسِكَ عَن الْكَلَام، فَهُوَ الواجِم، وَقد وَجَمَ يَجِمُ.
قَالَ شَمِر، قَالَ أَبُو عُبيد: الْوَجَمُ جَبَلٌ صَغِير، مِثل الإرَمَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْوَجَمُ حِجَارَة مَرْكُومةٌ بَعْضهَا فَوق بعض على رُؤُوس القُورِ والإكام، وَهِي أغْلظ وأطول فِي السَّمَاء من الأُرومِ.
قَالَ: وحجارتها عِظامٌ كحجارة الصِّيَرةِ والأمَرَة، لَو اجْتمع على حجرٍ ألفُ رجل لم يُحَرِّكوه، وَهِي أَيْضا من صَنعة عَاد، وأصلُ الوَجَمِ مُستَدِيرٌ، وَأَعلاهُ مُحدَّد، وَالْجَمَاعَة الوُجُومُ.
وَقَالَ رؤبة:
وَهَامَةٌ كالصَّمِدْ بَيْنَ الأصْمَادْ
أوْ وَجَم العَادِيّ بَيْنَ الأجْمَادْ
قَالَ شَمِر، وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: بَيْتٌ وَجْمٌ وَوَجَمٌ، والأوْجامُ: الْبُيوت، وهيَ العِظَام مِنْهَا.
وَقَالَ رُؤْبة:
لَو كَانَ من دون رُكَامِ الْمُرتَكَم
وأرْمُلِ الدهْنَا وَصَمَّانِ الْوَجَم
قَالَ: الوَجَمُ الصَّمَّانُ نَفسُه، ويُجمع أوجاماً. قَالَ رؤبة:
كَأَنَّ أوجاماً وصَخْراً صَاخِراً
أجم: قَالَ اللَّيْث: يُقال أكَلْتُه حَتَّى أْجِمتُه.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي، وَأبي زيد: إذَا كَرِهَ الطعامَ فَهُوَ آجِم، على فَاعِل، وَقد أجَم يَأْجَمُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ماءُ آجِنٌ وآجِمٌ إِذا كَانَ مُتَغَيِّراً.
وَقَالَ ابنُ الخَرْعِ:
ونَشْرَبُ أسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُها
ولَو وَرَدَتْ مَاءَ المُرَيْرةِ آجِمَا
أَرَادَ آجِنَا.
وَقَالَ غَيره: آجِمٌ بِمَعْنى مأجومٌ، أَي تَأجِمُهُ وتَكرَهُه.
وَيُقَال: أجَمت الشيءإذا لم يُوافِقكَ فكرِهتَه.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: تَأَجَّمَ النّهار تأَجُّما إِذا اشتَدّ حَرُّه. والأَجَمةُ: مَنْبِتُ الشّجر، كالْغَيْضة، والجميع الآجام.
والأُجُم والأُطُم: الْقَصْر بلُغَة أهل

(11/154)


الْحجاز، وَهِي الآجام والآطام. قَالَ:
وَلَا أُجُماً إلاَّ مَشيداً بجَنْدَل
أمج: الأصمعيّ: الأَمَجُ تَوَهُّج الحَرِّ قَالَ العجاج وَأنْشد:
حَتَّى إِذا مَا الصَّيْفُ كَانَ أمَجَا
وَقَالَ اللَّيْث: أَمِجَت الْإِبِل تأْمَج، إِذا اشْتَدَّ بهَا حَرٌّ أَو عَطش.
عَمْرو، عَن أَبِيه: أَمَج، إِذا سَار سَيْراً شَدِيدا، بِالتَّخْفِيفِ.
جِيم: قَالَ اللَّيْث وَالْجِيم من الْحُرُوف تؤنث، وَيجوز تَذْكيرها، وَقد جَيَّمتُ جيماً إِذا كَتَبْتَها.
بَاب اللفيف من حرف الْجِيم
جو، جوى، جأى، أجا، جئاوة، جيأه، جا، أجّ، وجأ، وجّ، جؤجؤ، جأْجاء، أوجى، جيّا، يأجج، جاجه، يَأْجُوج، ويج.
جو: قَالَ اللَّيْث: الجَوُّ الْهَوَاء، وَكَانَت اليمامَةُ تُسَمَّى جَوّاً، وَأنْشد.
أخْلَقَ الدّهْرُ بِجَوّ طَلَلاَ
قلت: الجَوُّ مَا اتّسع من الأَرْض واطمأَنَّ وبرز، وَفِي بِلَاد الْعَرَب أَجوِيَةٌ كَثِيرَة يُعرف كل جو مِنْهَا بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ؛ فَمِنْهَا جوُّ غِطْرِيف وَهُوَ فِيمَا بَين السِّتار وَبَين الجماجم، وَمِنْهَا جوّ الخُزَامى، وَمِنْهَا جوّ الإحساء، وَمِنْهَا جوّ الْيَمَامَة، وَقَالَ طرفَة:
خَلاَ لَكِ الجَوُّ فبيضي واصْفِرِي
وَيُقَال: هَذَا جوٌّ مُكْلِىءٌ، أَي كَثير الْكَلأ، وَهَذَا جوٌّ مُمْرِعٌ. وجوُّ السَّمَاء: الهواءُ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ الله: {إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) .
ودَخَلتُ مَعَ أَعْرَابِي دَخْلاً بالخَلصاءِ، فَلَمَّا انتهينا إِلَى المَاء قَالَ: هَذَا جوٌّ من المَاء لَا يُوقف على أقصاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجَوُّ الآخرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجِوَاء مَوضع. قَالَ: والفُرْجَةُ الَّتِي بَين مَحَلَّةِ الْقَوْم وسْط الْبيُوت تُسَمَّى جِوَاءً، يُقَال: نَزَلْنا فِي جِوَاءِ بَني فلَان قلت: الجِوَاء جمع الجَوّ، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
عَفَا مِنْ آلِ فاطِمَةَ الجِوَاءُ
وَيُقَال: أَرَادَ بالجِوَاءِ موضعا بِعَيْنِه.
وَقَول اللَّيْث: الجِوَاءُ الفُرْجةُ وسْط الْبيُوت لَا أعرفهُ، ويُجمع الجوُّ جواءً وَهُوَ عِنْدِي تَصْحِيف وَصَوَابه الحِواء وَجمعه أحوية وَقد يجمع الجوُّ جِواءً، وَمِنْه قَوْله:
أيا أُمَّ عَمْرٍ وَمن يَكن عَقْرُ دَاره
جِواءَ عَدِيَ يَأْكُل الحشرات
الْبَيْت يُروى للنابغة ولأوس بن حجر.
ورُوِي عَن سَلمان، أَنه قَالَ: لكل أمرىء جَوّانيّاً وبَرّانيّاً، فَمن أصْلَحَ جوّانيَّهُ أصلَحَ

(11/155)


اللَّهُ بَرّانيَّة، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.
قَالَ شمر، قَالَ بَعْضهم: عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه، وبِبَرّانيِّة عَلاَنِيَّه.
قَالَ: وجوُّ كل شَيْء بَطْنُه وداخِله، وَهُوَ الجَوّه بِالْهَاءِ أَيْضا؛ وَأنْشد قَوْله:
يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن
ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ
قَالَ: جَوّتُه: بَطنُ ذَلِك الْموضع.
وَقَالَ آخر:
لَيست تَرَى حولهَا شخصا وَراكبُها
نَشْوانُ فِي جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ
قَالَ شمر، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْباغُوت مَوْضع، وجوَّتُه: دَاخِلُه، وَقَالَ قَتَادة فِي قَول الله: {فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) فِي كَبِدِ السَّمَاء، وَيُقَال كُبَيداء السَّمَاء.
جوى: قَالَ اللَّيْث: الجَوَى مَقْصُور، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ فِي الْبَاطِن لَا يُستَمرَأَ مَعَه الطَّعَام. يُقَال: رَجلٌ جَوٍ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كَمَا ترى، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه، وَصَارَ الاجتواء أَيْضا لما يُكرَهُ ويُبْغَض.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا الْمَدِينَة فاجتَوَوْها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: (اجَتَويت الْبِلَاد إِذا كَرِهْتها، وَإن كَانَت مُوافِقَةً لَك فِي بَدَنك، واسْتَوْبَلَتها إِذا لم تُوَافِقك فِي بدنك وَإِن كنتَ مُحِبّاً لَهَا.
قلت: قَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : الاجتِوَاء النزاعُ إِلَى الوَطن، وكراهَةُ الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ وَإِن كنتَ فِي نِعمة.
قَالَ: وَإِن لم تكُن نازِعاً إِلَى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أَيْضا.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد يكونُ الاجتَوَاءُ أَيْضا أَلا تَسْتمرىءَ الطعامَ بِالْأَرْضِ وَلَا الشَّراب، غير أَنَّك إِذا أحبَبْتَ المقامَ بهَا وَلم يُوافِقك طعامُها وَلَا شَرابُها، فأَنتَ مُسْتوبِل، ولستَ بمجتَوٍ.
قلت: جعل أَبُو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.
وَقَالَ ابْن بُزرْج: يُقَال للَّذي يجتَوِي الْبَلَد: بِهِ اجتِوَاء، وجوًى مَنْقوص، وَجِيةٌ.
قَالَ: وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.
حدَّثنا السعديُّ عَن الرماديّ عَن يزِيد بن هَارُون عَن الْعَوام بن حَوْشَبِ، عَن جَبَلةً بن صُحَيْم، عَن مُؤثر بن عفازة عَن عبد الله، قَالَ:
(لما كَانَت لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى، فتذاكروا السَّاعَة، ورَدّوا الحَدِيث إِلَى عِيسَى فَذكر الدَّجال وقتلَهُ إِيَّاه، وَخُرُوج يأجُوج ومأجُوج، وإفسادهم الأَرْض، ودعاءه عَلَيْهِم فيموتون، وتَجوى الأرضُ من

(11/156)


ريحهم) . ثمَّ ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ:
قَالَ أَبُو عُبيد: قولُه تجتَبىء الأرضُ مِنْهُم، أَي تُنِتن، وَهُوَ جَوٍ من أَي مُنْتِن؛ وَأنْشد:
ثمَّ كَانَ المِزاجُ ماءَ سَحَاب
لَا جَوٍ آجنٌ وَلَا مطروقٌ
قَالَ: الجَوِي المنْتنُ المتغيّر. وَقَالَ:
بَسَأْتَ بَنِيهَا؛ وجَوِيتَ عَنْهَا
وَعِنْدِي لَو أرَدْتَ لَهَا دَوَاء
جويت عَنْهَا: أَي لم تُوافقك فكرهتها.
أَبُو عبيد: الْجَوى الْهَوى الباطِن.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رَجُلٌ جَوِي الجَوْف: وامْرَأَةٌ جَوِيَة، أيْ دَوِي الْجَوف.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: جَوِيَتْ نفْسِي جَوًى، إِذا لم توافِقك البِلاد.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْجِواءُ الواسعُ من الأوْدِية، وَأنْشد:
يمْعَسُ بالماءِ الْجِوَاءُ مَعْساً
جأى: قَالَ اللَّيْث: الجُؤْوَةُ بِوَزْن الجُعْوَة: لَوْنُ الأجْأَى، وَهُوَ سوادٌ فِي غُبْرَةٍ وحُمْرَة.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: كَتِيبَةٌ جَأْوَاءُ إِذا كَانَت عليتها صَدَأُ الْحَدِيد. قَالَ: وَإِذا خَالَطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَأ الْحَدِيد، فَهُوَ الجُؤْوَة، وبَعيرٌ أَجأَى.
قَالَ، وَقَالَ الأُمويّ: الجُوَّةُ غير مَهْمُوز: الرُّقعة فِي السِّقاء.
يُقَال: جَوَّيتُ السِّقَاءَ: رَقَعْتُه.
وَقَالَ شمِر: هِيَ الجُؤْوَةُ، تَقديرُ الجُعْوَة.
يُقَال: مِقَاءٌ مُجْئِيٌّ، وَهُوَ أنْ يُقَابِلَ بَين الرُّقعتين على الوَهْيِ من ظَاهرٍ وباطن.
قَالَ شمر: وكلّ شيءٍ غَطَّيتَه أَو كَتَمْته، فقد جَأَيتَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: جَأَيت سِرَّه كَتَمته، وَمَا يَجأَى سِقاءُك شَيْئاً، أَي لَا يَحبِس المَاء، وَمَا يَجأَى الرَّاعي غَنَمه، إِذا لم يَحفَظها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: فلَان أحْمَق مَا يَجأَى مَرْغَه، أَي لَا يَسْتُر لُعَابَه.
قَالَ: وجأَى، إِذا مَنَعَ.
وَقَالَ شِمر: جَيَّأْتُ الْقِرْبةَ خِطتُها. وَأنْشد:
تخَرّقَ ثَفْرُها أَيَّام خُلَّتْ
على عَجَلٍ فَجِيبَ بهَا أَدِيمُ
فَجيَّأَها النساءُ فخان مِنْهَا
كَبَعْثَاةٌ ورَادِعَةٌ رَدُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، وَالْفراء: الْجِئَاوَةُ مثل فِعالة: الشيءُ الَّذِي يوضع عَلَيْهِ القِدْرُ إِن كَانَ جِلداً، أَو خَصَفَةً أَو غَيرهَا.
قَالَ، وَقَالَ الْأَحْمَر: هِيَ الْجِئَاءُ، والجِواءُ أَيْضا.
وَفِي حَدِيث عليّ: (لأنْ أَطَّلِيَ بجِواءِ جِلْدٍ أحَبّ إليّ من أَن أطَّلِيَ بزعْفَران) .

(11/157)


قَالَ: وجمْع الجِئَاء أَجِئيَة، وَجمع الجِوَاءَ أَجْوِية.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: جأَوْتُ البُرْمَةَ إِذا رَقعتها، وَكَذَلِكَ النّعل، وَقد جأَى على الشَّيْء إِذا عَضَّ عَلَيْهِ.
أَبُو عدنان، عَن أبي عُبيدة: أَجِيءْ هَذَا، أَي غَطّه.
قَالَ لبيد:
حَوَاسِرُ لَا يُجِئنَ عَلَى الْجِذَام
أَي لَا يَسْتُرْنَ. وَيُقَال: أحيءْ عَلَيْك ثَوْبك.
ابْن السّكّيت: امرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ، إِذا أُفضِيَتْ، فَإِذا جُومعَتْ أَحْدَثت، وَرجل مُجَيَّأ، إِذا جامعَ سلح.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} (مَرْيَم: 23) هُوَ من جِئْتُ، كَمَا تَقول: فجاءَ بهَا الْمَخَاض، فلمَّا أُلقِيَت الباءُ جُعل فِي الْفِعْل ألف، كَمَا تَقول: آتَيْتُكَ زَيْداً، تُرِيدُ أتَيْتُكَ بزيْد.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: شَرٌّ مَا أجَاءك فِي مُخَّةِ عُرْقوب، وَمِنْهُم من يَقُول: شَرٌّ مَا ألجَأَك. وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَتَمِيم تَقول: شَرٌّ مَا أشاءَك، وَأنْشد غَيره:
وشَدَدْنَا شَدَّةً صادقَة
فأجاءَتْكم إِلَى سَفْحِ الْجَبَل
وَقَالَ زُهَيْر:
وجارٍ سارَ مُعْتمداً إِلَيْنَا
أجاءَتْهُ المخافةُ والرّجاءُ
أَي ألجأتْه معنى قَوْله: إِلَى مُخَّةِ عُرقوب، أَن العرقوبَ لَا مُخَّ فِيهِ، فَلَا يحتاجُ إِلَيْهِ إِلَّا من لَا يقدر على شَيْء.
قَالَ أَبُو عبيد: ويُضرَبُ هَذَا لكلِّ مُضْطَر إِلَى مَا لَا خير فِيهِ وَلَا يَسُدُّ مَسَدّاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: جَايأَني الرجلُ من قُرْب، أَي قابلني، ومَرّ بِي مُجَايأَةً أَي مُقَابَلة.
قلت: هُوَ من جِئْتُهُ مَجيئاً ومَجِيئةً، فأَنَا جاءٍ وجِيءَ بِهِ يُجاء بِهِ، فَهُوَ مَجِيءٌ بِهِ.
أجأ: قَالَ اللَّيْث: أَجَأٌ وسَلْمَى جَبَلا طيِّء، وَإِذا نُسب إِلَى أجأ قلت: هَؤُلَاءِ أَجِئيُّون بِوَزْن أجَعِيُّون.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَجَأَ، إِذا قَرَّ.
جأي: قَالَ اللَّيْث: جِئاوَة اسمُ حَيَ من قيس، قد دَرَجُوا وَلَا يُعْرفون.
جيأ: والجَيْأة: مُجْتمَعُ ماءٍ فِي هَبْطةٍ حَوالي الْحُصُون.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، وَأبي عُبَيدة، والأمويّ: الجَيْأة الموضعُ الَّذِي يجْتَمع فِيهِ المَاء.
شمر، عَن أبي زيد: الجَيْأَةُ الحُفْرَةُ الْعَظِيمَة، يجْتَمع فِيهَا مَاء الْمَطَر، ويَشْرَعُ

(11/158)


الناسُ فِيهِ حُشُوشَهُم.
قَالَ الْكُمَيْت:
ضفادعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً
مُنَضِّبَةً ستَمْنَعُهَا وطيناً
وَقَالَ الفرّاء: جَاءَ فلانُ جَيْأَةً. قَالَ: وَأما الجِيَّةُ بِغَيْر همز، فَهُوَ الَّذِي يَسيل إِلَيْهِ الْمِيَاه.
وَقَالَ الهُذَليّ:
من فَوْقه شَعَفٌ قُرٌّ وأسْفَلُه
جِيءٌّ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ
وَقَالَ شمر: يُقَال لَهُ جِيَّةٌ وجَيأَةٌ، وكلٌّ من كَلَام الْعَرَب.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: قِيّةٌ من مَاء، وجِيّةٌ من مَاء، أَي ماءٌ ناقعٌ خَبيث، إمَّا مِلْحٌ، وَإِمَّا مَخْلوط بِبَول.
وَقَالَ اللَّيْث: الجائية مَا اجتمعَ فِي الخُراجِ من المِدَّة والقَيْح، يُقَال: جاءَتْ جائيَةُ الجِرَاح.
وَفِي حَدِيث: يَأْجوجَ ومأجُوج (فَتَجْوَى مِنْهُم الأَرْض) قَالَ أَبُو عُبيد: أيّ تُنْتِنُ، وَأنْشد:
ثمّ كانَ المِزَاجُ مَاء سحابٍ
لَا جَوٍ آجِنٌ وَلَا مطرُوقُ
قَالَ: والجَوِي المُنْتِن، والأجِنُ دونَه فِي التَّغيُّر.
أجج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجَّ فِي سيره، يَؤُجُّ أَجّاً، إِذا أسْرع وهَرْوَل، وَأنْشد:
يؤُجُّ كَمَا أجَّ الظَّليمُ المُنَفَّرُ
وَقَالَ اللَّيْث: أجَّت النارُ تَؤُجُّ أَجيجاً، وأجَّجْتها تأجِيجاً، وائتجَّ الحَرُّ ائتجاجاً. والأُجَاجُ: شِدَّةُ الحَرّ.
قَالَ رؤبة:
وحَرَّقَ الحَرُّ أجاجاً شاعلاً
قَالَ: والأُجاجُ الماءُ المُرَّ المِلْح، قَالَ الله تَعَالَى: {وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (الْفرْقَان: 53) وَهُوَ الشديدُ الملوحة والمرارةَ، مثل مَاء الْبَحْر.
وَيُقَال: جَاءَت أجَّةُ الصَّيف.
أَبُو عُبيد: الائتجاج: شدّة الحَرّ.
قَالَ ذُو الرمة:
بِأجةٍ نَشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطَبُ
يَأْجُوج: قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي (يَأْجُوج، وَمَأْجُوج) : هما قبيلان من خَلق الله، جَاءَت القراءةُ فيهمَا بهمزٍ وَبِغير همز.
قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: (أنَّ الخلقْ من النَّاس عشرَة أَجزَاء، تِسْعة مِنْهَا يأجُوج ومأجُوج) قَالَ: وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهمَا من كَلَام الْعَرَب يخرج من أَجَّتِ النَّار، وَمن الماءِ الأُجاج، وَهُوَ الشّديد الملوحة والمرارة، مثل مَاء الْبَحْر، المُحْرِق من مُلوحته، وَيكون التَّقْدِير فِي يَأْجُوج يَفْعُول، وَفِي مأجوج

(11/159)


مفعول.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون يَأْجوج فاعُولاً، وَكَذَلِكَ مأجوج.
قَالَ: وَهَذَا لَو كَانَ الاسمان عَرَبِيَّين لَكَانَ هَذَا اشتقاقُهما، فَأَما الأعجميَّة فَلَا تُشْتَقُّ من الْعَرَبيَّة.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَجَّجَ، إِذا حمل على العدوّ، وجَأَجَ، إِذا وقف جُنْباً.
ويج: قَالَ اللَّيْث: الوَيْجُ خَشبةُ الفَدَّان بلُغةِ عُمَان.
وجأ: فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: (من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الباءَة فَليَتَزَوَّج، ومنْ لم يستطِعْ فَعَلَيهِ بالصَّوْم فَإِنَّهُ لَهُ وِجاء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد يُقَال للفحل إذَا رُضَّت أُنثيَاه: قد وُجِيءَ وِجاءً مَمْدُود، فَهُوَ مَوجوءٌ، وَقد وَجَأتُه، فَأَرَادَ أنَّه يَقْطَعُ النِّكاح لأنَّ المَوْجوءَ لَا يَضْرِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجْءُ بِالْيَدِ، والسِّكين. يُقَال: أَجَأتُه أَجَؤُهُ وَجْأْ مَقْصُور.
وجا: وَأما الوَجا فَهُوَ شدَّة الحَفَا. يُقَال: وَجِيَت الدّابةُ تَوْجَى، وَجاً، مَقْصُور، وإنّهُ لَيَتَوَجَّى فِي مِشْيته، وَهُوَ وَجٍ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: أَنْ يشتكِي البعيرُ باطنَ خفِّه، والفرسُ بَاطِن حافرِه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الوَجَا: قبل الحَفا، والحفا قبل النَّقَب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِئَة البقَرة.
ابْن نَجدة، عَن أبي زيد: الوَجِيءُ: الخَصِيّ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: يُقَال وَجَأْتَه وَوَجَيْتُه وِجاءً.
قَالَ: والوِجاءُ فِي غيرِ هَذَا وِعاءٌ يُعمَلُ من جران الْإِبِل، تَجعلُ فِيهِ المرأةُ غِسْلَتَها، وقُماشَها، وَجمعه أَوجيَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: جاءَ فلانٌ مْوجًى، أَي مرْدُوداً عَن حاجَته وَقد أوْجَيْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الإيجاءُ أنْ تَزْجرَ الرجلَ عَن الْأَمر، تَقول: أوْجَيتُه فَرَجع.
قَالَ: والإيجاءُ إِن يَسأَلَ فَلَا يُعْطِي السائِلَ شَيئاً.
وَقَالَ رَبيعةُ بنُ مَقروم:
أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَر قَصْدَه
وكَوَيتُهُ فَوقَ النَّواظِر مِنْ عَلِ
وَقَالَ:
فإنْ تَكُ لَا تَصيدُ الْيَوْم شَيْئا
فآب قميصُها أوجى وخابا
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: أوْجيتُه أعطيتُه.
قَالَ شمِر: لَا أعْرِفه بِهَذَا الْمَعْنى، وأوْجيتُه: رَدَدتُه.
وَقَالَ غَيره: حَفَر فَأَوْجَى، إِذا انتَهى إِلَى صَلابَة وَلم يُنْبِط. قَالَ: وأوْجى الصَّائِدُ إذَا أخْفَقَ وَلم يَصِدْ، وأوْجأَتِ الكَرِبَّةُ

(11/160)


وأوْجتْ، إِذا لم يَكُن فِيهَا مَاء، وَكَذَلِكَ الصَّائد.
وأتينَاه فَوَجيْناه، أَي وَجَدْناه وَجِيئاً لَا خَيرَ عِنْده.
وَيُقَال: أوْجَتْ نَفسه عَن كَذَا، أَي أضْرَبت وانتزعتْ، فَهِيَ مُوجِيَة، وأوْجَيْتُ عَنْكُم ظُلْمَ فُلان، أَي دَفَعتُه. وَأنْشد:
كأَنَّ أبي أوْصَى بِكم أَن أضُمَّكم
إليَّ وأَوجِي عَنْكُمُ كلَّ ظَالِم
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أوْجَى، إِذا صَرَفَ صَدِيقَه بِغَيْر قَضاءٍ حاجتِه، وأوْجَى أَيْضا باعَ الأوْجِيَة، وَاحِدهَا وِجاء، وَهِي العُكُومُ الصِّغار، وَاحِدهَا عِكْم. وَأنْشد:
كَفَّاكَ غَيثَانِ عَليهم جُودَانْ
تُوجَى الأكُفُّ وهما يَزيدان
قَالَ: تُوجِي تَنقطع. وَيُقَال: ماءٌ يُوجِي، أَي يَنقطع.
وَيُقَال: رَمى الصَّيَد فَأَوْجَى، وسَأَلَ حَاجَةً فَأَوْجَى، أَي أخْفَق.
ابْن السّكيت: الوَجِيَئةُ، التَّمْر، يُدَقُّ حَتَّى يَخْرُجَ نَواه، ثمَّ يُبَلُّ بلَبَنٍ أَو سَمْن حَتَّى يَتَّدِنَ، أَي يَبْتَلَّ ويَلزمَ بعضُه بَعْضًا فيؤكل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِيئَةُ التَّمْر، يُوجَأُ ثمَّ يؤكلُ باللَّبن.
وجج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنّ آخِر وطأةٍ لله بِوَجّ) . وَجّ، هُوَ الطَّائِف.
وَأَرَادَ بالوطْأَةِ الغَزَاةَ هَا هُنَا، وَكَانَت غَزْوَة الطَّائف آخر غزواتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسمُها وَجّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجُّ عِيدانٌ يُتَدَاوَى بهَا. قلت: مَا أراهُ عَرَبيا مَحْضاً.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْوَجُّ السُّرْعة والوُجُجُ: النعام السريعة الْعَدو. وَقَالَ طرفَة:
ورِثَتْ فِي قيسَ مَلْقَى نُمْرُقٍ
ومَشَتْ بَين الحشايا مَشْيَ وَجْ
قيل: الوَجُّ السرعة، وَقيل: الوَجُّ: القُطَا.
جأجأ: عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الجَأجأُ الْهَزِيمَة، قَالَ: وتجأجأتُ عَنهُ، أَي هِبتُه، فلَان لَا يتجأجأُ عَن فلَان؛ أَي هُوَ جَرِيء عَلَيْهِ.
أَبُو عبيدٍ، عَن الأمويّ: جأجأتُ بِالْإِبِلِ، إِذا دَعَوْتها إِلَى الشُّرب، وهَأهأتُ بهَا للعَلَفِ، وَالِاسْم مِنْهُ الجِيءُ والهِيءُ. وَقَالَ مُعَاذ الهرّاء:
وَمَا كَانَ عَلَى الجِيءُ
وَلَا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وَقَالَ:
ذكّرها الوِرْدَ بقولِ جِيجا
فأقبلتْ أعناقُها الفَرُّوجا
يَعْنِي فروج الْحَوْض.
اللَّيْث، تجأجأتُ أَي كَفَفْتُ وانتهيت،

(11/161)


وَأنْشد:
سَأنزِعُ منكَ عِرْسَ أَبِيك إِنِّي
رأيتُكَ لَا تَجَأجأُ عَن حِمَاها
جي: اسْم مَدِينَة أصْبَهان، وَكَانَ ذُو الرمة وَرَدَها، فَقَالَ:
نَظَرتُ ورائي نَظرَةَ الشَّوق بَعْدَمَا
بَدَا الجَوُّ من جَيَ لنا والدَّسَاكِرُ
قَالَ:
جؤجؤ: عظامُ صَدْرِ الطَّائِر، والجُؤْجُؤْ: صَدْرُ السَّفينة، والجميع الجآجِيء.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: جايأتُ، إِذا وَافَقَتَ مَجِيئه، وَيُقَال لَو قدْ جاوزْتَ هَذَا المكانَ لجايأتَ الْغَيْثَ مُجَايأةً وجِيَاءً، أَي وَافَقْتَه.
وَقَالَ الأصمعِيّ: يَأجِجُ مهموزٌ، مكانٌ من مَكَّةَ على ثَمَانِيَة أمْيال، وَكَانَ من مَنَازل عبد الله بن الزبير، فَلَمَّا قَتَلَه الْحجَّاج أنزَله الْمُجَذَّمين، فَفِيهَا المجذَّمُون قد رأيْتُهُم وإيَّاها، أرادَ الشَّماخ بقوله:
كأَنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ أحقَبَ قَارحاً
من اللآءَ مَا بَين الجنابِ فَيَأحِجِ
جاج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاجةُ: جمعهَا جاج، وَهِي خَرَزَةٌ لَا تُساوِي فَلْساً، وَقَالَ غَيره: يُقَال: مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا جاجةٌ وَلَا عَاجةُ، وَأنْشد:
فجاءَتْ كخَاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجةً
وَلَا جَاجةٌ فِيهَا تَلُوحُ على وَشمِ
وَقَالَ أَبُو زَيْد: الجَاجةُ الخَرزَةُ الَّتِي لَا قيمَةَ لهَا ياجِ وأَياجِج من زجر الْإِبِل. قَالَ الراجز:
فَرَّجَ عَنهُ حَلَقَ الرَّتَايجِ
تَكَفْكُفُ الرَّسايِمِ الأوَاجِجِ
وَقيل: ياجٍ، وأيا جِجِ
عاتٍ عَن الزَّجْرِ، وَقيل: جاهِجِ

(11/162)