تهذيب اللغة كتاب حرف الضّاد [/ كت]
(أَبْوَاب مضاعف الضّاد)
قَالَ اللَّيْث: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الضَّاد مَعَ الصَّاد
معْقُومٌ، لم تدخلا مَعًا فِي كلمة من كَلَام الْعَرَب إلاَّ فِي كلمة
وُضِعت مِثَالا لبَعض حِسَاب الجمّل، وَهِي (صعفض) هَكَذَا تأسيسها،
وبيانُ ذَلِك أَنَّهَا تُفَسَّر فِي الْحساب على أَن الصَّاد سِتُّونَ،
وَالْعين سَبْعُونَ، وَالْفَاء ثَمَانُون، وَالضَّاد تسعون، فَلَمَّا
قبحث فِي اللَّفْظ، حولت الضَّاد إِلَى الصَّاد، فَقيل: (صعفص) .
ض س
مهمل.
(بَاب الضَّاد وَالزَّاي)
ض ز
اسْتعْمل مِنْهُ: ضزّ.
ضز: قَالَ اللَّيْث: الأَضَزّ مَصْدَره الضَّزَزَ، وَهُوَ الَّذِي إِذا
تكلم لم يَسْتَطع أَن يفرّج بَين حَنكيه، خِلْقَةً خُلِقَ عَلَيْهَا،
وَهِي من صلابة الرَّأْس فِيمَا يُقَال: وَأنْشد لرؤبة:
دَعْنِي فقد يُقْرَعُ للأضَزِّ
صَكِّى حِجَاجَيْ رأسِه وبَهْزِي
والفِعل ضزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: فِي لَحْيه ضَززٌ وكَزَزٌ، وَهُوَ ضيق
الشِّدْق، وَأَن تَلْتَقِي الأضراس العُليا والسُّفلى، إِذا تكلم لم
يَبِنْ كَلَامه.
قَالَ: والضُّزَّازَ: الَّذين تقرُب أَلْحِيتُهم فيضيق عَلَيْهِم مخرجُ
الْكَلَام حَتَّى يستعينوا عَلَيْهِ بالضاد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَكْبٌ أَضَرُّ: شَدِيد، وَأنْشد:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ تلَزُّلزَّا
بالفْخذين رَكَباً أَضَزَّا
وبئر فِيهَا ضزَزٌ، أَي ضيق، وَأنْشد:
وفَحَّت الأَفْعَى حِذَاءَ لِحْيَتِي
ونَشِبَتْ كَفّيَ فِي الجال الأضَزّ
(11/312)
(بَاب الضَّاد والطاء)
ض ط
أهمله اللَّيْث.
ضط: وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الضُّطَط:
الدَّواهِي.
وَقَالَ غَيره: الضَّطِيط: الوَحَل الشَّديد من الطِّين، يُقَال:
وقَعْنا فِي ضَطيِطَة مُنْكَرَة، أَي وَحَلٍ وَرَدْغَة.
(بَاب الضَّاد وَالدَّال)
ض د
ضد: قَالَ اللَّيْث: الضِّدُّ: كل شَيْء ضَادَّ شَيْئا ليغْلِبَه،
والسَّوادُ ضدُّ الْبيَاض، والموتُ ضدُّ الْحَيَاة، تَقول: هَذَا ضِدّه
وضَدِيده، والليلُ ضدُّ النَّهَار، إِذا جَاءَ هَذَا ذهب ذَاك، ويُجمع
على الأضْداد.
قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} (مَرْيَم:
82) ، قَالَ الْفراء: أَي يكونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً.
قلت: يَعْنِي الأصْنام الَّتِي عَبدها الْكفَّار، تكونُ أعواناً على
عابديها يومَ الْقِيَامَة.
ورُوِي عَن عِكْرَمَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ
ضِدّاً} (مَرْيَم: 82) قَالَ: أَعدَاء. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي
يكونُونَ عَلَيْهِم.
وأخْبرني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي
قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} ، لِأَن الضِّدَّ يكونُ
وَاحِدًا وَجَمَاعَة، مثل الرَّصَد والأرْصاد، قَالَ: والرّصد يكون
للْجَمَاعَة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ فِي التَّفْسِير:
وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً، فَلذَلِك وُحِّد.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: حكى لنا أَبُو عَمْرو: والضِّدُّ
مثل الشيْءِ، والضِّدّ خلافُه.
قَالَ: والضَّدّ: الملء يَا هَذَا.
وَقَالَ أَبو زيد: ضَدَدْتُ فلَانا ضَدّاً، أَي غَلَبْته وخَصَمْته،
وَيُقَال: لَقِيَ القومُ أضدادهم وأَنْدَادَهم وأَيْدادهم، أَي
أقرانهم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: ضادَّني فلَان إِذا
خالفك، فأردتَ طولا وَأَرَادَ قِصَراً، وَأَرَدْت ظُلْمة وأرادَ
نُوراً، فَهُوَ ضِدُّكَ وضَدِيدُك وَقد يُقَال: إِذا خالفك تذهبُ
فأردتَ وَجها فِيهِ، ونازعَك فِي ضِدِّه.
وَفُلَان نِدِّي ونَدِيدي، للَّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تريده،
وَهُوَ مستقلّ من ذَلِك بِمثل مَا تستقلّ بِهِ.
شمِر عَن الْأَخْفَش: النِّدُّ: الضِّدُّ، والشِّبه، {يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ} (فصلت: 9) ، أَي أضداداً، أَي أشباهاً.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت زَائِدَة يَقُول:
(11/313)
صَدَّه عَن الْأَمر وضَدَّه، أَي صرفه
عَنهُ بِرِفْق.
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ الضُّدُدُ: الَّذين يملئون للنَّاس الْآنِية
إِذا طلبُوا، المَاء واحدهم ضَادّ، فَيُقَال: ضَادَد وضَدَد.
ض ت ض ظ ض ذ ض ث
أهملت وجوهها.
(بَاب الضَّاد وَالرَّاء)
ض ر
ضرّ، رض: (مستعملان) .
ضرّ: قَالَ اللَّيْث: الضَّرّ والضُّرُّ: لُغَتَانِ، فَإِذا جمعت بَين
الضَّر والنّفع فتحت الضَّاد، وَإِذا أفردتَ الضُّرّ ضَمَمْتَ الضَّاد
إِذا لم تَجْعَلهُ مصدرا، كَقَوْلِك: ضَررت ضُرّاً. هَكَذَا
يَسْتَعْمِلهُ الْعَرَب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: الضُّرُّ: ضِدّ النَّفْع: والضُّر:
الهُزَال وسُوء الْحَال، والضَّرَرُ: النُّقصان، تَقول: دخَل عَلَيْهِ
ضَرَرٌ فِي مَاله.
قلت: وَهَكَذَا قَالَ أَهلُ اللُّغَة، وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ:
{وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ} (يُونُس: 12)
، وَقَالَ: {كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} (يُونُس: 12)
. وكلّ مَا كَانَ من سُوء حالٍ وفقر، فِي بدنٍ، فَهُوَ ضُرٌّ، وَمَا
كَانَ ضِدّاً للنّفع فَهُوَ ضَرٌّ.
وَأما الضِّرُّ، بِكَسْر الضَّاد، فَهُوَ أَن يَتَزَوَّج الرَّجلُ
امْرَأَة على ضَرَّة، يُقَال: فلَان صَاحب ضِرِّ؛ هَكَذَا قَالَه
الْأَصْمَعِي.
قَالَ: وَيُقَال: امْرَأَة مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ، ورجُل
مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهُ ضرائر. وَجمع الضَّرَّة ضرائر. والضَّرتان:
امْرَأَتَانِ للرّجل، سُمِّيتا ضَرَّتين، لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا
تُضَارُّ صاحبتها، وكُرِه فِي الْإِسْلَام أَن يُقَال لَهَا: ضَرّة،
وَقيل: جارَة، كَذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث ورُوِي عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي
الْإِسْلَام) ولكلِّ واحدةٍ من اللَّفْظتين معنى غير الآخر.
فَمَعْنَى قَوْله: (لَا ضَرَر) أَي لَا يَضُرُّ الرجلُ أخاهُ فينقص
شَيْئا من حَقه أَو مسلكه، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْع.
وَقَوله: (لَا ضِرَار) أَي لَا يُضَارّ الرجل جَاره مُجَازاة فينقصه
ويُدخِل عَلَيْهِ الضَّرر فِي شَيْء فيجازيه بِمثلِهِ، فالضِّرّار
مِنْهُمَا مَعًا، والضّرر فعل وَاحِد، وَمعنى قَوْله: (وَلَا ضرار) ،
أَي لَا يُدخلَ الضَّرَر، وَهُوَ النُّقْصَان على الَّذِي ضَرَّه،
وَلَكِن يعْفُو الله عَنهُ، كَقَوْل الله: {السَّيِّئَةُ ادْفَعْ
بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ} (فصلت:
34) الْآيَة.
ورُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قيل لَهُ: أَنَرَى
رَبَّنا يومَ الْقِيَامَة؟ فَقَالَ: (أَتُضارّون فِي
(11/314)
رُؤْيَة الشَّمس فِي غَيْر سَحاب؟) ،
قَالُوا: لَا، قَالَ: (فَإِنَّكُم لَا تُضارون فِي رُؤْيته تبَارك
وَتَعَالَى) .
قلت: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث بالتَّشديد من الضّرّ. وَرُوِيَ: (تضارُون)
بِالتَّخْفِيفِ من الضّيْر، وَالْمعْنَى وَاحِد. يُقَال: ضَارَّه
ضِرَاراً وضَرَّه ضَرّاً وضَارَهُ ضَيْراً، وَالْمعْنَى: لَا يُضَارُّ
بَعْضكُم بَعْضًا فِي رُؤْيته، أَي لَا يخالِفُ بَعْضكُم بَعْضًا
فيكذِّبه؛ يُقَال: ضارَرْتُه ضِراراً ومُضارَّة؛ إِذا خالفته.
وَقَالَ الجعديُّ:
وَخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَى تُدْرَإ
مَتَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَب
ويُرْوَى: (لَا تُضامُون فِي رُؤْيته) ، أَي لَا يَنْضَمّ بَعْضكُم
إِلَى بعض فيُزَاحمه، وَيَقُول لَهُ: أَرِنيهِ، كَمَا يَفْعَلُونَ
عِنْد النَّظر إِلَى الهِلال، وَلَكِن ينْفَرد كلّ مِنْكُم برُؤْيته.
ورُوِيَ من وَجْهٍ آخر: (لَا تضامُون) بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ:
لَا ينالُكُمْ ضَيْمٌ فِي رُؤْيَته، أَي تَرَوْنَهُ حَتَّى تَسْتووا
فِي الرُّؤْية، فَلَا يَضِيمُ بَعْضكُم بَعْضًا؛ وَمعنى هَذِه
الْأَلْفَاظ وَإِن اخْتلفت مُتَقَارِبَة، وكل مَا رُوِيَ فِيهِ صَحِيح،
وَلَا يدْفع لفظ مِنْهَا لفظا، وَهُوَ من صِحاح أَخْبَار رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغُرَرها، وَلَا ينكرها إِلَّا مُبْتَدِعٌ
صاحبُ هوى.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرورة: اسْم لمصدر الاضْطرار، تَقول: حَملتنِي
الضَّرورة على كَذَا، وَقد اضْطُرَّ فلَان إِلَى كَذَا وَكَذَا،
بِنَاؤُه: (افْتُعل) ، فَجعلت التَّاء طاء؛ لِأَن التَّاء لم يَحْسُن
لَفظهَا مَعَ الضَّاد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: هِيَ الضّارُورَة، والضارُورَاء، مَمْدُود.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرِير: الْإِنْسَان الذَّاهِب الْبَصر، يُقَال:
رجل ضَريرٌ البَصر، إِذا ضَرَّ بِهِ ضَعْفُ الْبَصر، وَيُقَال: رجل
ضَرِير، وَامْرَأَة ضَرِيرَة. والضَّرِيرُ: اسْم للمضَارّة، وَأكْثر
مَا يسْتَعْمل فِي الْغَيْرَة؛ يُقَال: مَا أشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيْهَا
وَقَالَ الراجز يصف عَيْراً:
حَتَّى إذَا مَا لاَنَ مِنْ ضَرِيرِه
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الضَّرِير: بَقِيَّة النَّفَس.
وَقَالَ الأصمعيّ: إنَّه لذُو ضَرير على الشَّيْء، إِذا كَانَ ذَا
صَبْرٍ عَلَيْهِ ومقاساةٍ، وَأنْشد:
وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ
يُقَال ذَلِك فِي النّاس والدّواب، إِذا كَانَ لَهَا صَبْر على مقاساة
الشرّ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الشَّاعِر:
بِمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرَافِها والْعِيسُ بادٍ ضَريرُها
قَالَ: ضَرِيرُها شدّتُها، حَكَاهُ الباهليّ عَنهُ.
وَيُقَال: انْزِلْ بِأحد ضرِيرَي الوادِي، أَي
(11/315)
بِإِحْدَى ضِفّتيْه.
وَقَالَ أَوْس:
وَمَا خَليجٌ من الْمرُّوت ذُو شُعَبٍ
يَرْمِي الضَّرِير بخُشْبِ الطَّلحِ والضَّالِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الْإِضْرَار: التَّزْوِيج على ضَرّة.
يُقَال مِنْهُ: رجل مُضِر، وَامْرَأَة مُضِرٌ بِغَيْر هَاء. والمضرّ
أَيْضا، الدَّاني من الشَّيْء. وَمِنْه قولُ الأخطل:
ظَلَّتْ ظباء بَنِي الْبَكَّار راتعَةً
حَتَّى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرارِ
وَيُقَال: مَكَان ذُو ضِرار، أَي ضَيّق. وَيُقَال: لَيْسَ عَلَيْك
فِيهِ ضَرَر وَلَا ضارُورة. وَيُقَال: أضرّ الْفرس على فَأْسِ
اللِّجام؛ إِذا أَزَمَ عَلَيْهِ.
اللَّيْث: الضَّرَّتان للألية من جَانب عظمها، وهما الشَّحمتان
اللَّتَان تَهدَّلان من جانبيها، وضِرّةُ الْإِبْهَام: لحمةٌ تحتهَا،
وضَرَّةُ الضَّرْع لحمهما، والضَّرْعُ يذكّر وَيُؤَنث. والمِضرُّ
الرجلُ: الَّذِي عِنْده ضَرَّةٌ من مَال، وَهِي الْقطعَة من الْإِبِل،
وَأنْشد:
بِحَسْبكَ فِي القومِ أَن يَعْلَموا
بأَنَّكَ مِنْهُم غَنِيٌّ مُضِرّ
وَفِي حَدِيث مُعاذ: (أَنه كَانَ يُصلّي فأَضَرُّ بِهِ غُصْنٌ، فَمَدَّ
يَدَه فكَسره) قَوْله: (أَضَرَّ بِهِ) ، أَي دَنا مِنْه.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمة الضبيّ:
لأُمِّ الأَرض وَيْلٌ مَا أَجَنَّتْ
بِحَيْثُ أضَرَّ بالحَسَن السبيلُ
أَي بِحَيْثُ دنا حَبل الْحسن من السَّبِيل.
وَقَالَ الأخطل:
لِكلِّ فَراشةٍ مِنْهَا وَفَجَ
أَضَاةٌ مَاؤُهَا ضَررٌ يمورُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَاؤُهَا ضَرَرٌ، أَي يَمُرَّ فِي مضيق،
وَأَرَادَ أنَّه كثيرٌ غَزِيرٌ فمجاريه تضيق بِهِ وَإِن اتَّسَعَت.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: يُقَال: رجل ضِرُّ أضْرارٍ، وعِضُّ أَعْضاضٍ
وَصِلُّ أَصْلالِ، إِذا كَانَ داهِيَةً فِي رَأْيه، وَأنْشد:
والقَومُ أَعْلَمُ لَو قُرْطٌ أُرِيد بهَا
لكانَ عُرْوةُ فِيهَا ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لَا يَسْتَنْقِذُه ببَأْسه وحِيَله.
وَعُرْوَة أَخُو أبي خِراش، وَكَانَ لأبي خِراش عِنْد قُرْطٍ منَّة،
وأَسرت أزدُ السَّراةِ عُروة، فَلم يحمَد نِيَابَة قُرْط، عِنْد أبي
خرَاش فِي إسارهم أَخَاهُ:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيفِ من رجلٍ
من سادة الْقَوْم أَو لاَلْتَفَّ بِالدَّار
سَلمَة عَن الْفراء: سَمِعت أَبَا ثَرْوان يَقُول: مَا يضرُّك
عَلَيْهَا جَارِيَة، أَي مَا يزيدك.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: سمعتهم يَقُولُونَ: مَا يَضرك على الضَّبّ
صَبْراً، وَمَا يَضيرُكَ على الضَّب صبرا، أَي مَا يزيدك.
(11/316)
ثَعْلَب، عَن ابْن الإعرابيّ: يُقَال: مَا
يَضُرُّك عَلَيْهِ شَيْئا وَمَا يزيدُك عَلَيْهِ شَيْئا، بِمَعْنى
وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي أَبْوَاب النَّفي: يُقَال: لَا يَضرك
عَلَيْهِ رجل، أَي لَا يزيدك وَلَا يضرَّك عَلَيْهِ حمل.
وَسُئِلَ أَبُو الْهَيْثَم عَن قَول الْأَعْشَى:
ثُمَّ وَصّلْتَ ضَرَّةً بربيع
فَقَالَ: الضَّرَّة: شدَّة الْحَال، فَعْلَة من الضرّ. قَالَ:
والضُّرُّر أَيْضا هُوَ حَال الضَّرِير، وَهُوَ الزَّمِنُ. والضَّرَّاء
الزَّمانة، والضَّرّاء: السَّنَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الضَّرّة: الأذاة، والضَّرَّةُ:
المَال الْكثير، وَمِنْه قيل: رجل مُضِرّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرَّةُ: الضَّرْعُ كلُّه مَا خلا الأطْباء،
وَإِنَّمَا تُدْعى ضَرَّة إِذا كَانَ بهَا لَبن، فَإِذا قَلُص الضَّرْع
وَذهب اللّبن، قيل لَهُ: خَيْف.
ر ض: قَالَ اللَّيْث: الرّضُّ: دَقُّكَ الشَّيْء، ورُضَاضُه: قطعه.
قَالَ: والرَّضْراضَةُ: حِجَارَة تُرَضْرَضُ على وَجه الأَرْض، أَي
تتحرك وَلَا تثْبت.
قلت: وَقَالَ غَيره: الرَّضْراض والرَّصراص: مَا دَقَّ من الْحَصَى.
وَقَالَ الباهليّ: الرّضُّ: التَّمر الَّذِي يُدَقُّ ويُنَقَّى من
عَجَمِه، ويُلْقى فِي المَخْض.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المُرِضَّة: تمر يُنقع فِي اللَّبن فتشربه
الْجَارِيَة، وَهُوَ الكُدَيْراء. وَقَالَ: المُرِضَّةُ بِهَذَا
الْمَعْنى.
قَالَ: وسألتُ بعض بني عَامر عَن المُرِضَّة، فَقَالَ: هِيَ اللَّبَن
الشَّديد الحموضة الَّذِي إِذا شربه الْإِنْسَان أصبح قد تكَسَّر.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: إِذا صْبّ لبنٌ حليب على لبن حَقين، فَهُوَ
المرِضَّة والريْبَة، وَأنْشد قَول ابْن أَحْمَر:
إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ قَالَ: أَوْكِي
على مَا فِي سقائِك قد رَوينَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الرَّضْرَاضَة: الْمَرْأَة الْكَثِيرَة
اللَّحم.
قَالَ رُؤْبَة:
أَزْمانَ ذاتُ الكفَلِ الرّضْراضِ
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الفَضفاض
وَرجل راضْراض، وبعير رَضْرَاض: كثير اللَّحْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرَضَّ الرُّجُل إِرْضَاضاً: إِذا شَرِبَ
المُرِضَّةَ فَثَقُلَ عَنْهَا.
وَأنْشد:
ثمَّ اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُرِضَّةُ من الْخَيل: الشَّديدة العَدْو.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُرضَّةُ: الأُكلة والشُّرْبَةُ إِذا أكلتها أوْ
شَرِبتها
(11/317)
أَرَضَّتْ عَرَقَك، فأَسالته.
قَالَ: وَيُقَال للراعية إِذا رضّت العشب أكلا وهَرْساً: رَضَارض،
وَأنْشد:
يَسْبُتُ راعيها وَهِي رِضارضُ
سَبْتَ الوَقيدِ والورِيدُ نابضُ
وَقَالَ الْجَعْدِي يصف فرسا:
فَعَرَفْنا هزّةً تأْخُذُه
فقرنّاهُ برَضْرَاضٍ رِفَلْ
أَرَادَ: قرَنّاهُ بِبَعِير ضخمٍ، والرّضُّ: التّمر والزُّبْد
يُخْلطان. وَقَالَ:
جاريةٌ شَبّتْ شبَابًا غَضّاً
تشرب مَحْضاً وتَغَذَّى رَضّا
وَقَالَ ابْن السّكيت: الإرْضاض شِدةُ العَدْو، وأَرَضّ فِي الأَرْض:
ذَهَب.
(بَاب الضَّاد واللاّم)
ض ل
ضلّ، لضلض: (مستعملان) .
لضلض: قَالَ اللَّيْث: اللّضْلاض الدَّلِيل، ولَضْلَضْتُه: التفَاتُه
وتَحْفُّظُه، وَأنْشد:
وبَلَدٍ بعيَا على اللّضلاضِ
أَيْهَمَ مغبِّر الفِجاج فَاضى
أَي واسعٌ، من الفضاء.
ضل: الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: أَضْلَلْتُ بَعِيري وَغَيره،
إِذا ذهب مِنْك، وَقد ضلِلْتُ المسجدَ والدّار، إِذا لم تعرفْ
موضعَهما.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ضَلِلْتُ الدَّار وَالطَّرِيق، وكلِّ شَيْء
ثابتٍ لَا يَبْرَح. وَيُقَال: ضَلَّني فلانٌ فَلم أَقْدِرْ عَلَيْهِ،
أَي ذَهَبَ عني، وَأنْشد:
والسَّائِلُ المُبْتَغِي كرائمها
يعلم أَنِّي تَضِلُّني عِلِلي
أَي تذْهب عني، وَيُقَال: أضللت النَّاقة. وَالدَّرَاهِم وكلَّ شَيْء
لَيْسَ بِثَابِت قَائِم؛ مِمَّا يَزُول وَلَا يثبت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله عزّ وجلّ؛ {فِى كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ
رَبِّى وَلاَ يَنسَى} (طه: 52) . أَي لَا يَضِلُّه رَبِّي وَلَا ينساه.
وَيُقَال: أَضْلَلْتُ الشَّيْء، إِذا ضَاعَ مِنْك، مثل الدّابة
والنّاقة، وَمَا أشبههما إِذا انْفَلَت مِنْك. وَإِذا أخطأتَ مَوضِع
الشَّيْء الثَّابِت، مثل: الدَّار وَالْمَكَان قلت: ضَلِلْتُه
وضَلَلْتَه، وَلَا تَقل: أَضْلَلْتُه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن فهمْ عَن مُحَمَّد ابْن سلاّم، قَالَ:
سمِعْتُ حمّاد بن سَلمة يقْرَأ (فِي كتاب لَا يُضِلُّ رَبِّي وَلَا
ينسى) فسألتُ عَنْهَا يُونُس فَقَالَ: (يُضلّ) جَيِّدَةٌ، يَقُولُونَ:
ضَلَّ فلَان بعيرَه، أَي أَضَلّه.
قلت: خالفهم يُونُس فِي هَذَا.
وَقَالَ الزَّجاج: ضَلِلْتُ الشَّيْء أَضِلُّهُ إِذا جعلتَه فِي مَكَان
وَلم تَدْرِ أَين هُوَ، وأضْلَلْتُه، أَي أضَعْته.
(11/318)
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {مِمَّن تَرْضَوْنَ
مِنَ الشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا
الاُْخْرَى} (الْبَقَرَة: 282) . وقُرىء (إنْ تَضِلَّ) بِالْكَسْرِ،
فَمن كسر (إنْ) فَالْكَلَام على لَفْظ الْجَزَاء وَمَعْنَاهُ.
وَقَالَ الزَّجاج: الْمَعْنى فِي (إِن تضلّ) : إنْ تَنْسَ إِحْدَاهمَا
تُذَكِّرْها الْأُخْرَى الذاكرة.
قَالَ: وتُذَكِّرُ وتُذْكِرُ، رفعٌ مَعَ كسر (إنْ) لَا غير. وَمن
قَرَأَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهمَا فتذكِّرَ، وَهِي قِرَاءَة أَكثر
النَّاس.
قَالَ: وَذكر الْخَلِيل وسيبويه أَن الْمَعْنى: اسْتَشهِدُوا
امرأَتَين، لِأَن تُذَكّرَ إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، وَمن أجل أَن
تُذَكّرها.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِن قَالَ إِنْسَان: فلمَ جَازَ أَن تضِلَّ،
وَإِنَّمَا أُعِدَّ هَذَا للإذكار، فَالْجَوَاب عَنهُ أنّ الإذكار لما
كَانَ سبَبُه الإضلال، جَازَ أَن يذكر أَن تَضِلَّ، لِأَن الإضلال هُوَ
السَّبَب الَّذِي بِهِ وَجب الإذْكار. قَالَ: ومثلُه أَعْدَدْتُ هَذَا
أَن يَمِيلَ الْحَائِط فأَدْعَمه، وَإِنَّمَا أَعْدَدْتُه للدَّعْم،
لَا للميل؛ وَلَكِن الْميل ذُكِرَ، لِأَنَّهُ سَبَب الدَّعْم، كَمَا
ذكر الإضلال، لِأَنَّهُ سَبَب الإذكار، فَهَذَا هُوَ الْبَيِّن إِن
شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَوله: عزّ وجلّ: تَشْكُرُونَ وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ
جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ} (السَّجْدَة: 10) .
مَعْنَاهُ: أإذا مِتْنَا وصِرْنا تُراباً وعِظاماً، فضللنا فِي الأَرْض
فَلم يتبيَّن شيءٌ من خَلْقِنا.
وَقَوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ}
(إِبْرَاهِيم: 36) .
قَالَ الزّجاجُ: أَي ضَلُّوا بِسَبَبِهَا، لِأَن الأصْنام لَا تعقل
وَلَا تفعل شَيْئا، كَمَا تَقول: قد فتَنَتَنِي. وَالْمعْنَى: إِنِّي
أحببتها، وافْتَتَنتُ بِسَبَبِهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ
يَهْدِى مَن يُضِلُّ} (النَّحْل: 37) .
قَالَ الزّجاج: هُوَ كَمَا قَالَ جلّ وعزّ: {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ
فَلاَ هَادِيَ لَهُ} (الْأَعْرَاف: 186) .
قلت: والإضلال فِي كَلَام الْعَرَب ضدّ الهِدَاية والإرشاد. يُقَال:
أَضللْتُ فلَانا، إِذا وجهتَه للضلال عَن الطَّرِيق، وإياه أَرَادَ
لبيد:
مَنْ هداه سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ وَمن شَاءَ أَضلّ
وَقَالَ لبيد هَذَا فِي جاهليته، فَوَافَقَ قَوْله التَّنْزِيل يُضلّ
مَنْ يَشَاء، وللاضلال فِي كَلَام الْعَرَب معنى آخر.
يُقَال: أَضللْتُ الميِّتَ، إِذا دَفَنْتَهُ.
وَقَالَ المخَبَّلُ:
أَضلَّتْ بَنو قَيْسِ بن سَعْدٍ عَميدَها
وفارِسَها فِي الدَّهْرِ قَيْسَ بن عَاصِم
وَقَالَ النَّابِغَة:
فَآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيّةٍ
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ
(11/319)
يُرِيد بمضلِّيه: دافِنيه حينَ مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: ضَلِلْتُ بَعِيري إِذا كَانَ معقولاً
فَلم تهتد لمكانه، وأَضْلَلْتُه إضلالاً إِذا كَانَ مُطْلقاً، فَذهب
وَلَا تَدْرِي أَيْن أَخذ، وكُلَّما جَاءَ الضلالُ من قِبَلِكَ قلت:
ضللْتُه، وَمَا جَاءَ من الْمَفْعُول بِهِ، قلت: أَضللْتُه.
قَالَ أَبُو عَمْرو: أصل الضلال الغَيبوبة، يُقَال: ضلَّ الماءُ فِي
اللَّبن، إِذا غَاب، وضلَّ الكافِرُ: غَابَ عَن الحُجَّة، وضلَّ
الناسِي، إِذا غابَ عَنهُ حِفْظُه.
قَالَ الله تَعَالَى: {لاَّ يَضِلُّ رَبِّى} (طه: 52) ، أَي لَا يغيب
عَنهُ شيءٌ، وَلَا يغيب عَن شَيْءٍ، وَقَوله: {أَن تَضِلَّ
إْحْدَاهُمَا} (الْبَقَرَة: 282) أَي تغيب عَن حِفظها، أَو يغيب
حِفْظُها عَنْهَا.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الضُّلَّةُ، بِالضَّمِّ: الحذاقَةُ بالدّلالة
فِي السَّفَر، والضَّلّة: الغيبوبةُ فِي خير أَو شَرّ، والضِّلّةُ:
الضلال.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَضلَّنِي أَمرُ كَذَا وَكَذَا، أَي لم
أَقْدِرْ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
إِنِّي إِذا خُلَّةٌ تَضيّفَنِي
يُريدُ مالِي أَضلَّني عِلَلِي
أَي فارقَتْني، فَلم أَقْدر عَلَيْهَا، وَيُقَال: أَرض مَضَلَّةٌ،
ومَضِلّةٌ: لَا يَهْتَدِي فِيهَا.
وَقَالَ شمِر: قَالَ الأصمعيّ: المَضَلُّ: الأَرْض المَتِيهة.
وَقَالَ غَيره: أَرْضٌ مَضَلَّ يَضلّ فِيهَا الناسُ، والمَجْهل
كَذَلِك.
وَيُقَال: أَخَذْتُ أَرْضاً مَضِلّةً، ومَضَلّة، وأَرْضاً مَضَلاَّ
مَجْهلاً.
وَأنْشد:
أَلاَ طَرَقَتْ صَحْبِي عُمَيْرَةُ إنَّها
لَنا بالمَرَوْرَاةِ المَضَلِّ طَرُوقُ
وَقَالَ غَيره: أَرض مَضِلّة ومَزِلّةٌ، وَهُوَ اسْم، وَلَو كَانَ
نَعْتاً كَانَ بِغَيْر الْهَاء. وَيُقَال: فلاةُ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ
مَضَلةٌ، الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالْجمع سَوَاء، كَمَا قَالُوا:
الْوَلَد مَبْخَلَةٌ، وَقيل: أرضٌ مَضِلةٌ، وأَرَضونَ مَضِلاَّت.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَرْض مَتِيهة مَضِلَّةُ ومَزِلةٌ من
الزّلَق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الضَّلَضِلَةُ: الأَرْض الغليظة. وَيُقَال للدليل
الحاذِق: الضَّلاضِل، والضُّلَضِلَةُ، قَالَه ابْن الأعرابيّ.
وَيُقَال: فلَان ضُلّ بن ضُلّ، إِذا لم يُدْرَ مَنْ هُوَ؟ وممَّنْ
هُوَ؟ وَهُوَ الضُّلالُ بن الأُلاَل، والضُّلالُ بن فَهْلَل، وَابْن
ثَهلل، كلُّه بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: فلَان ضِلُّ أَضْلال وصِلُّ أَصْلال بالضاد
وَالصَّاد، إِذا كَانَ
(11/320)
داهِيَة، وضَلاضِلُ الماءِ وصَلاصِلُه:
بقاياه، واحدتُها ضُلْضُلَة وصُلْصلَة، وضَلَّ الشَّيْءُ، إِذا ضَاعَ،
وضَلَّ فلَان عَن الْقَصْدِ، إِذا جَارَ.
وسُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ضَوَالِّ الْإِبِل،
فَقَالَ: (ضَالَّةُ الْمُؤمن حَرَقُ النَّار) وَخرج جَوابُ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سُؤال السَّائِل، لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَن
ضَوَالِّ الْإِبِل، فَنَهَاهُ عَن أَخذهَا، وحذَّره النَّار لِئَلَّا
يَتَعَرَّض لَهَا، ثمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ثمَّ قَالَ:
(دَعْها، مَا لَك ولَها، مَعهَا حذاؤها وسِقاؤها، ترد المَاء، وتأكل
الشّجر) أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة الْمَذْهَب فِي الأَرْض، طَوِيلَة
الظَّمَأ، ترد المَاء وترعى الشّجر بِلَا رَاع لَهَا، فَلَا تتعرض
لَهَا، ودعها حَتَّى يَأْتِيهَا رَبهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّالَّةُ من الْإِبِل الَّتِي بمَضْيَعة لَا
يُعرف لَهَا مَالك، وَهُوَ اسْم للذّكر وَالْأُنْثَى، والجميع
الضَّوَالّ.
قَالَ: والضَّلال والضَّلالَة مَصْدران، ورجلٌ مُضَلَّل لَا يُوفّق
لخيرٍ، صاحبُ غَوايات وبَطالات. وَفُلَان صاحبُ أَضاليل، واحدتها
أُضْلُولة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وسُؤالُ الظِّبَاءِ عَن ذِي غَدِ الأَمْ
رِ أضاليلُ من فُنون الضَّلال
والضَّليل الَّذِي لَا يُقْلِعُ عَن الضَّلالة، والضَّلَل المَاء
الَّذِي يكون تَحت الصَّخْر لَا تصيبه الشَّمْس. يُقَال: ماءُ ضَلَلٌ.
قَالَ: والضَّلْضِلَة كلُّ حَجَر قدرَ مَا يُقِلُّه الرجل، أَو فَوق
ذَلِك أملس يكون فِي بطُون الأودية. قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَاب
التَّضْعِيف كلمة تشبهها.
وَقَالَ الفرّاء: مَكَان ضَلَضِل وجَنَدِل، وَهُوَ الشَّديد ذِي
الْحِجَارَة، وَقَالَ: أَرَادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بِنَاء
حَمَصِيص، وصَمَكِيك، فحذفوا الْيَاء.
(بَاب الضّاد وَالنُّون)
ض ن
ضنّ، نضّ: (مستعملان) .
ضن: قَالَ اللَّيْث: الضِّنة وَالضِّنُّ والمِضنّة، كل ذَلِك من
الْإِمْسَاك والبُخلُ، تَقول: رجل ضَنِين.
قَالَ الله تَعَالَى: {) الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ}
(التكوير: 24) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَ زيد بن ثَابت، وَعَاصِم، وَأهل الْحجاز:
{بِضَنِين، وَهو حَسَن. يَقُول: يَأْتِيهِ غَيب، وَهُوَ مَنْفوسٌ
فِيهِ، فَلَا يبخلُ بِهِ عَلَيْكُم، وَلَا يَضِنُّ بِهِ عَنْكُم، وَلَو
كَانَ مَكَان (على) (عَن) صَلَح، أَو الْبَاء كَمَا تَقول: مَا هُوَ
بضنين بِالْغَيْبِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَا هُوَ على الْغَيْب ببخيل، أَي هُوَ يُؤَدِّي عَن
الله، ويُعَلِّمُ كتابَ الله، وقُرِيء: بظنين، وَتَفْسِيره فِي
(11/321)
بَابه. وَيُقَال: ضَنِنْتُ أَضَنُّ ضَنّاً
وَهِي اللُّغَة الْعَالِيَة. وَيُقَال: ضَنَنْتُ أَضِنُّ.
وَيُقَال: هُوَ عِلْقُ مِضَنَّةٍ ومَضَنَّةٍ، أَي هُوَ شيءٌ نَفِيسٌ
يُضَنُّ بِهِ، ويُتَنافَسُ فِيهِ.
وَيُقَال: فلَان ضِنَّتِي من بَين إخْوَانِي، أَي اخْتَصُّ بِهِ
وأَضِنُّ بمودَّته.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ للَّهَ ضَنَائِنُ من خَلْقِه يُحْيِيِهمْ فِي
عافِية، ويُميتُهُم فِي عَافِيَة) أَي خَصائِص.
وَيُقَال: أضطنَّ يضطَنُّ، أَي بَخِلَ يَبْخَلُ، وَهُوَ افْتِعال من
الضنّ، وَكَانَ فِي الأَصْل: اضتَنَّ، فقُلِبت التَّاء طاءً.
وَقَالَ الأصمعيّ: المَضنُونَةُ: ضَرْبٌ من الغِسْلَةِ وَالطّيب.
وَقَالَ الرَّاعِي:
تضم على مَضنونةٍ فارسيَّةٍ
ضفائرَ لَا ضاحِي القُرون وَلَا جَعْد
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يداك بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ الْبَانِ والمضنُونِ
أكْنَبَتْ: غَلُظَتْ، والمضنُون: ضرب من الْغَوالِي الجَيِّدة.
نض: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ، قَالَ: اسمُ الدَّراهم والدَّنانير
عِنْد أَهْلِ الْحجاز: (النَّاضُّ) وَإِنَّمَا يُسَمُّونَه ناضّاً،
إِذا تحوَّلَ عَيْناً بعد أَنْ يكون مَتَاعاً، وفِعله: نَضَّ المالُ،
أَي صَار عَيْناً بَعْدَمَا كانَ مَتاعاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّضُّ: الإظهارُ، والنَّضُّ: الحاصِل،
يُقَال: خُذْ مَا نَضَّ لَك من غَرِيمكَ. قَالَ: ونَضَّضَ الرّجُلُ،
إِذا كثُر نَاضُّه، وَهُوَ مَا ظَهَر وحَصَلَ مَا مالِه، قَالَ:
وَمِنْه الخَبْر: (خُذُوا صَدَقَةَ مَا نَضَّ من أَمْوَالِهم) ، أَي
مَا ظَهَر وحَصَلَ.
وَوُصِفَ رجلٌ بِكَثْرَة المَال، فَقِيل: هوأكثرُ النّاس نَاضّاً.
وروى شمر بإسْنادٍ لَهُ، عَن عِكْرمة أَنَّه قَالَ: إنَّ الشَّريكَيْن
يَقْتَسِمان مَا نَضَّ مِنْ أَمْوَالِهمَا وَلَا يَقْتسمان الدَّيْن.
قَالَ شمِر: مَا نَضَّ، أَي مَا صَار فِي أَيْدِيهما.
أَبُو عُبيد عَن أَبي زيد: هُوَ نُضَاضَةُ وَلَدِ أَبَوَيْه،
ونُضَاضَةُ المَاء وَغَيره: آخِره وَبِقيَّتُه.
وَيُقَال: نَضِّ إليَّ من مَعْرُوفك نُضَاضَةً، وَهُوَ الْقَلِيلُ
مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: عَلَيْهِم نَضَائِضُ من أَمْوالهم وبَضَائِضُ،
واحدتها نَضِيضَةٌ، وبَضِيضَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَضَّ لَهُ بَشيءٍ، وبَضَّ لَهُ بشيءَ، وَهُوَ
الْمَعروفُ الْقَليل.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّضُّ: نَضِيضُ الماءِ كأَنَّما يخرج من حَجر،
تَقول: نَضَّ الماءُ يَنِضُّ،
(11/322)
وَفُلَان يَسْتَنِضُّ معروفَ فلَان، أَي
يَسْتَخرجه، وَمِنْه قَول رؤبة:
إنْ كَانَ خيرا مِنْكِ مُسْتَنَضّاً
فَاقْنَى فشر الْقَوْلِ مَا أَنضّا
وَقَالَ أَيْضا:
تَمتَاحُ دَلْوَى مكْرَهُ البِضَاضِ
وَلَا الْجَدَى من مُتْعَبٍ حَبَّاض
والنّضُّ: مكرُوهُ الأمْرِ، تَقول: أَصَابَنِي نَضٌّ من أَمْرِ فلَان.
شمر، عَن ابْن الأعرابيّ: اسْتَنْضَضْتُ مِنْهُ شَيئاً، أَي
اسْتَخْرجته وأَخذته، وَأنْشد بَيت رؤبة.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: نَضْنَضْتُ الشيءَ ونَصْنَصته، إِذا
حَرَّكته وأَقْلَقْته، وَمِنْه قيل للحيَّة: نَضْنَاضٌ، وَهُوَ القلق
الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانَهُ بِشرّته ونَشَاطِه. قَالَ
الرَّاعِي:
يَبيتُ الحيّةُ النّضاضُ فِيهَا
مكانَ الْحِبِّ يَسْتَمعُ السِّرارَا
قَالَ: وَأَخْبرنِي الأصمعيّ: أَنه سَأَلَ أَعرابياً عَن النضناض:
فَأخْرج لِسانه وحركه، وَلم يزِدْ على هَذَا، وَهَذَا كُله يرجع إِلَى
الْحَرَكَة.
أَبُو عَمْرو: النَّضِيضة: الْمَطَر الْقَلِيل، وَجَمعهَا نَضائِض،
وَأنْشد:
فِي كُلّ عَام قَطْرُهُ نَضائِضُ
أَبُو عبيد: النّضِيضَةُ من الرِّيَاح الَّتِي تنِضّ بِالْمَاءِ
فَيَسِيل، وَيُقَال: الضّعيفة.
(بَاب الضَّاد وَالْفَاء)
ض ف)
ضف، فض: (مستعملان) .
ضف: قَالَ اللَّيْث: الضَّفَّةُ، والضِّفة، لُغَتَانِ، وهما: جانبا
النَّهر اللَّذَان يَقع عَلَيْهَا النَّبائِتُ، والجميع الضَّفَات،
والضِّفّات.
وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: ضَفَّةُ الْوَادي، وضِيفُهُ جَانِبه.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: الصَّوَاب الضِّفَّةُ بِالْكَسْرِ.
قلت: الضَّفَّة لغةٌ عالية جَيِّدة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبي لم يَشْبَعْ من خبزٍ وَلحم إِلَّا على ضفف،
وبعضُهم يرويهِ: على شَظَف. قَالَ أَبُو عُبَيد، قَالَ أَبُو زيد:
الضَّفَفُ والشَّظَفُ جَمِيعًا: الضِّيقُ والشِّدَّة، تَقول: لم
يَشْبعَ إِلَّا بِضيق وقِلَّة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَيُقَال: فِي الضَّفَفِ: إنَّهُ اجْتماع النَّاس،
يَقُول: لم يَأْكل وَحده، وَلَكِن مَعَ النّاس.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَاء مَضْفُوفٌ، وَهُوَ الَّذِي كَثُر عَلَيْهِ
النَّاس وَأنْشد:
(11/323)
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَح المضْفوفِ
إلاَّ مُدَاراتُ الْغُروبِ الْجُوف
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: الضَّفَفُ: أَن تكون
الأَكْلَة أَكثر من مِقْدَار المَال، والْحَفَفُ: أَن تكون الْأكلَة
بِمِقْدَار المَال.
وَكَانَ النَّبِي إِذا أَكَلَ كانَ من يَأْكُل مَعَه أَكثر عَدَداً مِن
قَدْرِ مبلغ الْمَأْكُول وكفافِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الضّفَفُ: الْقِلّة، والْحفَف: الْحَاجة.
قَالَ: وَقَالَ العُقَيلِي: وُلِدَ الإنسانُ على حَفَف. أَي على حاجَةٍ
إِلَيْهِ. وَقَالَ: الضّفَف والْحفَف وَاحِد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَصَابَهُم من الْعَيْش ضَفَفٌ وحَفَف
وشَظَفٌ، كل هَذَا من شِدّة الْعَيْش.
وَقَالَ اللَّيْث: الضّفف: العَجلَة فِي الأَمْر، وَأنْشد:
وَلَيْسَ فِي رَأْيه وَهْنٌ وَلَا ضَفَفُ
وَيُقَال: لَقيته على ضَفَف، أَي على عَجل من الْأَمر.
شمِر: الضَّفَفُ: مَا دون ملءِ المِكْيال، وكل مَمْلُوء وَهُوَ الْأكل
دون الشِّبع.
أَبُو عبيد: عَن الكسائيّ: ضَبَبْتُ النَّاقة أَضُبُّها ضَبّاً؛ إِذا
حَلَبْتَها بالكف. قَالَ: وَقَالَ الفَرّاء: هَذَا هُوَ الضَّفُّ
بِالْفَاءِ، فَأَما الضّبُّ فأَنْ تَجعلَ إبْهامَك على الْخِلْف، ثمَّ
تَرُدُّ أَصابِعَكَ على الْإِبْهَام والْخِلْف جَمِيعًا.
وَيُقَال: من الضَّفِّ: ضَفَفْتُ، أَضُفُّ.
أَبُو عَمْرو: ناقةٌ ضَفوف: كثيرةُ اللَّبن، وَعين ضَفُوف: كَثِيرَة
المَاء، وَأنْشد:
حَلْبَانَةٌ رَكبانَةٌ ضَفُوفُ
وَقَالَ شمِر نَحوا مِنْهُ، وَقَالَ الطرماح:
وتَجُودُ من عَيْنِ ضَفو
فِ الْغَرْبِ مُتْرَعَةِ الْجَدَاوِل
قَالَ: وَمَاء مضفوف كثير الغاشية، وَأنْشد:
مَا يَسْتَقِي فِي النَّزحِ المضْفوف
إلاّ مُدَاراتُ الْغُروب الْجُوفِ
قَالَ: والمدار الْمَسوَّى إِذا وقعَ فِي الْبِئر اجْتَحَفَ ماؤُها،
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب: تُوُفَّى أَبُو صِبْياني، فَمَا رُئِيَ
عَلَيْهِم حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ، أَي لم يُرَ عَلَيْهِم حُفُوفٌ وَلَا
ضيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّفُّ: الْحَلب بالكَفِّ كلِّه، وَأنْشد:
بِضَفِّ القوادِم ذاتِ الْفُضو
لِ لَا بالْبكاء الكِمَاشِ اهْتِصارا
أَبُو عُبيد: عَن الكسائيّ: الْجَفّة والضَّفَّة جمَاعَة الْقَوْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: دخلتُ فِي ضَفَّة الْقَوْم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: دخل فلَان فِي ضَفّة الْقَوْم
(11/324)
وضَفْضَفَتهم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: يُقَال فلَان من لَفِيفَنا وضَفِيفِنا، أَي
مِمَّن نَلُفُّهُ بِنَا، ونَضُفُّه إِلَيْنَا، إِذا حَزَبَتْنَا
الْأُمُور.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شَاة ضَفّةُ الشَّخْبِ، أَي وَاسِعَة الشّخب.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: قوم مُتضافّون: خَفِيفَة أَمْوَالهم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: قوم متضافُّون: مُجْتمعون، وَأنْشد:
فراحَ يَحْدُوها على أكْسائِها
يضُفُّها ضَفّاً على انْدِرائِها
أَي يجمعها. وَقَالَ غيلَان:
مَا زالَ بالْعُنفِ وفَوقَ الْعُنفِ
حَتَّى اشْفَتَرّ الناسُ بعد الضَّفِّ
أَي تفرّقوا بعد اجْتِمَاع. قَالَ: والضُّفّ، والجميع الضِّفَفَة:
هُنَيَّةٌ تشبه الْقراد إِذا لَسعت شَرِيَ الْجِلْدُ بَعْدَ
لَسْعَتِها، وَهِي رَمْداء فِي لَوْنهَا، غبراء.
فض: قَالَ اللَّيْث: الفَضُّ تفريقُك حَلقَةً من النَّاس بعد
اجْتِمَاعهم، وَيُقَال فَضَضْتُهم فانفضُّوا، وَأنْشد:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهم
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كَانُوا بَدَادِ
وفَضَضْتُ الخاتَم من الْكتاب، أَي كَسَرْته، وَمِنْه قَوْلهم: لَا
يَفْضُض اللَّهُ فاكَ.
ورُوِي فِي حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه قَالَ: (يَا رَسُول
الله، أَي إريدُ أَن أَمْتَدِحَكَ) فَقَالَ: (قل، لَا يَفْضُض اللَّهُ
فَاكَ) ؛ ثمَّ أنْشدهُ قصيدة مدحه بهَا، وَمَعْنَاهُ: لَا يُسقِط الله
أَسْنانَك، والفَم يقوم مَقامَ الْأَسْنَان، وَهَذَا من فَضّ الْخَاتم
والجموع، وَهُوَ تَفْرِيقها.
قَالَ الله جلّ وعزّ: لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمرَان: 159)
أَي: تفَرقُوا.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد أَنه كتب إِلَى مَرازبة فَارس: (أما
بعد؛ فَالْحَمْد للَّهِ الَّذِي فَضّ خَدَمَتكم) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ فرَّق جمعكم؛ وكل مُنْكَسِرٍ مُتَفَرِّق،
فَهُوَ منفضّ، وأصل الخَدَمَة الخَلْخَال، وَجَمعهَا خِدَام.
والفِضة مَعْرُوفَة. قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {قَوَارِيرَاْ
قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 16) .
يسْأَل السَّائِل: فَتَقول: كَيفَ تكون الْقَوَارِير من فضَّة جوهَرُها
غير جَوْهَرِها؟ . فَقَالَ الزَّجَّاج: معنى قَوَارِير من فِضة: أصل
الْقَوَارِير الَّذِي فِي الدُّنْيَا من الرَّمْل، فأَعْلَمَ الله أنَّ
أفضلَ تِلْكَ الْقَوَارِير أصْله من فضَّة يُرَى من خَارِجهَا مَا فِي
داخلها.
قلت: فَجمع مَعَ صفاء قواريره الأمْنَ من الكسْر، وقبوله الْجَبْر مثل
الفِضة، وَهَذَا من أَحْسن مَا قيل فِيهِ.
(11/325)
وَقَالَ شمر: الفَضْفاضَةُ: الدِّرْعُ
الواسِعَة.
وَقَالَ عَمْرو بن معدي كرب:
وأَعْدَدْتُ للْحَرْبِ فَضْفاضَةً
كأَنَّ مَطَاوِيهَا مِبْرَدُ
قَالَ: وقميص فَضفاض: واسعٌ، وَجَارِيَة فضفاضة: كَثِيرَة اللَّحْم
مَعَ الطُّول والجسم. وَقَالَ رؤبة:
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الْفَضْفَاضِ
والفَضفاض: الْوَاسِع.
وَقَالَ رؤبة:
يُسْعِطْنَهُ فَضفَاضَ بَوْلٍ كالصَّبِرْ
أَبُو عُبيد الفَضِيض: المَاء السَّائِل، والسّربُ مثله.
وَقَالَت عَائِشَة لمروان: (إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لأبيكَ كذَا وَكَذَا؛ فأَنت فَضَضٌ مِنْهُ) . أَرَادَت أَنَّك
قِطْعَة مِنْهُ، وفَضَضُ المَاء: مَا انْتَشَر مِنْهُ إِذا تُطُهِّرَ
بِهِ.
وَفِي حَدِيث أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: (جاءتْ امرأةٌ إِلَى رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إنّ ابنَتي تُوُفِّيَ عَنْهَا،
زوجُها وَقد اشْتَكتْ عينهَا، أَفتَكْحُلُها؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لَا، مَرَّتين أَو ثَلَاثًا، إِنَّمَا هِيَ
أَرْبَعَة أشهر وَعشر، وَقد كَانَت إحداكُنَّ ترمى بالبَعْرة على رَأس
الحوْل، قَالَت زَيْنَب بنت أم سَلمَة: وَمعنى الرَّمْي بالبَعْرَةِ:
أَن المرأةَ كَانَت إِذا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُها دخلت خِفْشاً،
ولَبِسَتْ شرّ ثِيَابهَا حَتَّى تَمُرّ بهَا سنة، ثمَّ تُؤْتى بَدابّة:
شاةٍ أَو طَيْر، فتَفْتَضُّ بهَا، فقلما تَفْتَضُّ بِشَيْء إلاّ مَاتَ،
ثمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بهَا) .
وَقَالَ القُتَيْبِي سَأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَن الافْتضاض فَذكرُوا
أَن المُعْتَدَّةَ كَانَت لَا تَغْتَسِل، وَلَا تَمَسُّ مَاء، وَلَا
تُقَلِّم ظُفْراً، وَلَا تَنْتِفُ من وَجههَا شعرًا، ثمَّ تخْرج بعد
الحوْل بأَقْبَح مَنْظرٍ، ثمَّ تَفْتَضُّ بطائر تمسح بِهِ قُبُلَها
وتَنْبِذُه، فَلَا يكَاد يعِيش.
قَالَ: وَهُوَ من فضضّتُ الشَّيْء، أَي كَسَرته، كَأَنَّهَا تكون فِي
عِدّة من زَوجهَا فتكسِر مَا كَانَت فِيهِ، وَتخرج مِنْهُ بالدَّابّة.
قلت: وَقد رَوى الشافعيُّ هَذَا الحَدِيث، غير أَنه رَوى هَذَا
الْحَرْف بعيْنه، فَتَقْبِضُ بِهِ بِالْقَافِ وَالصَّاد، وَقد مَرّ
تَفْسِيره فِي بَاب الْقَاف.
وَرجل فضفاض: كثير الْعَطاء، شُبِّه بِالْمَاءِ الفضفاض، وتَفَضْفَضَ
الْبَوْل، إِذا انْتَشَر على فَخذي النَّاقة. والمِفَضُّ مَا يُفَضُّ
بِهِ مَدَرُ الأَرْض المُثَارَة، وَهُوَ المِفْضاض، وَيُقَال: افْتَضّ
فلانٌ جَارِيَته واقْتَضَّها، إِذا افْتَرعها.
وفَضَّاض: من أَسْماءِ الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان فُضَاضَةُ وَلَدِ أَبِيه، أَي آخِرهم.
قلت: والمعروفُ بِهَذَا الْمَعْنى فلَان نُضَاضَةُ وَلَد أَبِيه
بالنُّون.
(11/326)
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: الفاضّةُ:
الداهِية، وَهن الْفَوَاضّ.
وَقَالَ شِمر فِي قَوْله: (أَنا أول من فَضّ خَدَمةَ الْعَجَم) :
يُرِيد كَسَرهم وفرّق جَمعهم، وكلُّ شَيْء كسرتَه وفَرَّقتْه فقد
فَضَضتَه. وطارت عِظامُه فُضاضاً، إِذا تَطايرَتْ عِنْد الضَّرب.
قَالَ: والفَضَضُ: المتفرق من المَاء، والعَرق. وَأنْشد لِابْنِ
ميّادة:
(تجلو بأخضر من فروع أراكة ... حسن المنصب كالفضيض الْبَارِد)
قَالَ: الفضض المتفرق من مَاء الْبرد أَو الْمَطَر، وَفِي حَدِيث عمر:
حِين انقطعنا من فضَض الْحَصَا. قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي مَا تفرق
مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الفضيض. وَقَالَ شمر فِي قَول عَائِشَة لمروان: "
أَنْت فضَض من لعنة رَسُول الله ". قَالَ: الفضض اسْم مَا انفض، أَي
تفرق. والفضاض نَحوه.
بَاب الضَّاد وَالْبَاء
ض ب
ضَب، بض: [مستعملان] .
ضَب: قَالَ اللَّيْث: الضَّب يكنى أَبَا حسل، وَالْأُنْثَى ضبة، وَيجمع
ضبابا. وَفُلَان أضب. قَالَ: والضبة حَدِيدَة عريضة يضبب بهَا الْخشب،
والجميع الضباب. قلت: يُقَال لَهَا: الضبة والكتيفة، لِأَنَّهَا عريضة
كَهَيئَةِ خلق الضَّب، وَسميت كتيفة، لِأَنَّهَا عرضت على هَيْئَة
الْكَتف. وَيُقَال للطلعة قبل انشقاقها عَن الْغَرِيض: ضبة، وَتجمع
ضبابا. وَأنْشد ابْن السّكيت:
(يطفن بفجال كَأَن ضبابه ... بطُون الموَالِي يَوْم عيد تغدت)
أَرَادَ بضباب الفحال مَا خرج مَا طلعه الَّذِي يؤبر بِهِ طلع
الْإِنَاث. وَيُقَال: أضبت أَرض بني فلَان، وَإِذا كثر ضبابها، وَأَرْض
مضبة، ومربعة: ذَات ضباب، ويرابيع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال:
وقعنا فِي مضاب منكسرة، وَهِي قطع من الأَرْض يكثر ضبابها، وَسمعت غير
وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: خرجنَا نصطاد المضبة، أَي نصيد الضباب،
جمعوها على مفعلة كَمَا يُقَال للشيوخ: مشيخة، وللسيوف: مسيفة. أَبُو
نصر، عَن الْأَصْمَعِي: أضب فلَان مَا فِي نَفسه، أَي أخرجه. وَقَالَ
شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قَالَ أَبُو حَاتِم: أضب الْقَوْم، إِذا
سكتوا، وأمسكوا عَن الحَدِيث، وأضبوا إِذا تكلمُوا وأفاضوا فِي
الحَدِيث. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الْقَوْم، إِذا تكلمُوا،
(11/327)
وأضبوا، إِذا سكتوا، وَزعم أَنه من
الأضداد. وَقَالَ أَبُو زيد: أضب الرجل، إِذا تكلم، وَمِنْه يُقَال:
ضبب يَده دَمًا، إِذا سَالَتْ، وأضببتها أَنا، إِذا أسلمت مِنْهَا
الدَّم؛ فَكَأَنَّهُ أضب الْكَلَام، أَي أخرجه كَمَا يخرج الدَّم.
وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب، وَهُوَ يضب إضباباً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تركت لثته تضب ضبيبا من الدَّم، إِذا
سَالَتْ. وجاءنا فلَان تضب لثته، إِذا وصف بِشدَّة النهم للْأَكْل، أَو
الشبق للغلمة، أَو الْحِرْص على حَاجته وقضائها. وَأنْشد أَبُو عبيد
بشر بن أبي حَازِم:
(وَبني تَمِيم قد لَقينَا مِنْهُم ... خيلا تضب لثاتها للمغنم)
وَقَالَ آخر:
(أَبينَا أَبينَا أَن تضب لثاتكم ... على مرشقات كالظباء عواطبا)
يضْرب هَذَا مثلا للحريص النهم. وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه كَانَ
يُفْضِي بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض إِذا سجد وهما تضبان دَمًا، أَي
تسيلان. وَقَالَ أَبُو عبيد: الضَّب: دون السيلان الشَّديد، وَيُقَال
مِنْهُ: ضَب يضب، وبض يبض، إِذا سَالَ المَاء وَغَيره. قَالَ أَبُو
عبيد، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضبيبة سمن وَرب يَجْعَل للصَّبِيّ فِي
العكة يطعمهُ. يُقَال: ضببوا لصبيتكم. وَيُقَال: ضَب نَاقَته، يضبها
ضبا، إِذا حلبها بِخمْس أَصَابِع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أضبت
السَّمَاء، إِذا كَانَ لَهَا ضباب، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ خبا
منوعا: إِنَّه لخب ضَب. قَالَ: والضب: الحقد فِي الصَّدْر، والضب: ورم
فِي خف الْبَعِير. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب
وَهُوَ يضب إضباباً. وَيُقَال: الضَّب: الْقَبْض على الشَّيْء بالكف.
والضب: دَاء يَأْخُذ فِي الشّفة فترم، أَو تجسو، وَيُقَال: تجسأ حَتَّى
تيبس وتصلب. قَالَ: والضباب والضبابة: ندى كالغبار يغشى الأَرْض
بالغدوات. يُقَال: أضب يَوْمنَا، وَيَوْم مضب، وسماء مضبة. وَقَالَ
اللَّيْث فِي الحَدِيث: " إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا ضَبَابَة كضبابة
الْإِنَاء " يَعْنِي فِي الْقلَّة وَسُرْعَة الذّهاب. قلت: الَّذِي
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا صبَابَة كَصُبَابَةِ
الْإِنَاء بالصَّاد. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد وَغَيره. أَبُو عبيد،
عَن الْكسَائي: أضببتُ على
(11/328)
الشَّيْء: أشرفت عَلَيْهِ أَن أظفر بِهِ.
قلت: وَهَذَا من أضبى يضبي، وَلَيْسَ من بَاب المضاعف، وَقد جَاءَ بِهِ
اللَّيْث فِي بَاب المضاعف، وَالصَّوَاب مَا روينَاهُ للكسائي. وَقَالَ
أَبُو زيد: أضب، إِذا تكلم، وأضبأ على الشي، إِذا سكت عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ضبضب، وَرجل ضباضب: فحاش جريء. قَالَ:
وَرجل ضباضب أَيْضا، أَي قصير سمين مَعَ غلظ. قَالَ: والتضبب: السّمن
حِين يقبل. وروى أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل ضباضب، إِذا كَانَ
قَصِيرا سمينا. أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: بعير أضب، وناقة ضباء
بَيِّنَة الضبب، وَهُوَ وجع يَأْخُذ فِي الفرسن. قَالَ أَبُو عبيد:
وَقَالَ الْعَدَبَّس الْكِنَانِي: الضاغط والضب شَيْء وَاحِد، وهما
انفتاق من الْإِبِط، وَكَثْرَة من اللَّحْم. ابْن السّكيت: ضبب
الْبَلَد: كثرت ضبابه، ذكره فِي حُرُوف أظهر فِيهَا التَّضْعِيف، وَهِي
متحركة، مثل قطط شعره، ومششت الدَّابَّة، وألل السقاء: تغير رِيحه.
والمضبب الَّذِي يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرة الضباب، حَتَّى يذلقها،
فَتبرز فيصيدها. قَالَ الْكُمَيْت:
(بغبية صيف لَا يُؤْتى نطافها ... ليبلغها مَا أخطأته المضبب)
يَقُول: لَا يحْتَاج المضبب أَن يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرتها حَتَّى
يسْتَخْرج الضباب ويصيدها؛ لِأَن المَاء قد كثر، والسيل علا الرِّبَا،
فكفاه ذَلِك. شمر عَن ابْن شُمَيْل: التضبيب شدَّة الْقَبْض على
الشَّيْء؛ كَيْلا ينفلت من يَده، يُقَال: ضبب عَلَيْهِ تضبيباً. أَبُو
عبيد، عَن أبي عَمْرو: التضبب: السّمن حِين يقبل. وَالْعرب تشبه كف
الْبَخِيل إِذا قصر عَن الْعَطاء بكف الضَّب، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(مناتين أبرام كَأَن أكفهم ... أكف ضباب أنشقت فِي الحبائل)
أَبُو زيد: رجل ضبضب، وَامْرَأَة ضبضبة، وَهُوَ الجريء على مَا أَتَى،
وَهُوَ الأبلخ أَيْضا، وَامْرَأَة بلخاء، وَهِي الجريئة الَّتِي
تَفْخَر على جِيرَانهَا. أَبُو عَمْرو: ضَب، إِذا حقد. ابْن بزرج: أضبت
الأَرْض بالنبات: طلع نباتها جَمِيعًا. وأضب الْقَوْم: نهضوا فِي
الْأَمر جَمِيعًا.
بض: الْأَصْمَعِي وَغَيره: بض الْحسي، وَهُوَ
(11/329)
يبض بضيضا، إِذا جعل مَاؤُهُ يخرج قَلِيلا
قَلِيلا، وَيُقَال للرجل إِذا نعت بِالصبرِ على الْمُصِيبَة: مَا تبض
عينه. وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت لينَة الْجلد، ظَاهِرَة الدَّم:
إِنَّهَا لبضة، وَقد بضت تبض بضاضة. أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: بضضت
لَهُ أبض بضا، إِذا أعطَاهُ شَيْئا يَسِيرا، وَأنْشد شمر:
(وَلم تبضض النكد للجاشرين ... وأنفدت النَّمْل مَا تنقل)
قَالَ: هَكَذَا أنشدنيه ابْن أنس، بِضَم التَّاء، وهما لُغَتَانِ: بض
يبض، وأبض يبض. وَرَوَاهُ الْقَاسِم: " وَلم تبضض ". قَالَ: وَقَالَ
ابْن شُمَيْل: البضة: اللينة الحارة الحامضة؛ وَهِي الصقرة. وَقَالَ
ابْن الْأَعرَابِي: سقاني بضا وبضة؛ أَي لَبَنًا حامضا. وَقَالَ
اللَّيْث: امْرَأَة بضة، تَارَة مكتنزة اللَّحْم فِي نصاعة لون، وبشرة
بضة بضيضة، وَامْرَأَة بضة بضاض. وبئر بضوض، يَجِيء مَاؤُهَا قَلِيلا
قَلِيلا. والبضباض: قَالُوا: الكمأة، وَلَيْسَت بمحضة. وَقَالَ أَبُو
سعيد: فِي السقاء بضاضة من مَاء أَي شَيْء يسير. ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي: بضض الرجل إِذا تنعم؛ وغضض: صَار غضا متنعما، وَهِي
الغضوضة. قَالَ: وغضض، إِذا أَصَابَته غَضَاضَة. قَالَ: والبضة:
الْمَرْأَة الناعمة، سمراء كَانَت أَو بَيْضَاء، والمضة: الَّتِي
تؤذيها الْكَلِمَة، أَو الشَّيْء الْيَسِير. أَبُو عبيد: عَن
الْأَصْمَعِي: البضة من النِّسَاء: الرقيقة الْجلد كَانَت بَيْضَاء،
أَو أدماء. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ اللحيمة الْبَيْضَاء. وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: البض من الرِّجَال الرُّخص الْجَسَد، وَلَيْسَ من
الْبيَاض خَاصَّة، وَلكنه من الرخوصة والرخاصة. وَقَالَ غَيره: هُوَ
الْجيد الْبضْعَة السمين، وَقد بضضت يَا رجل تبض بضاضة.
بَاب الضَّاد وَالْمِيم
ض م
ضم، مض: [مستعملان] .
ضم: قَالَ اللَّيْث: الضَّم: ضمك الشَّيْء، تَقول: ضممت هَذَا إِلَى
هَذَا، فَأَنا ضام، وَهُوَ مضموم، وضاممت فلَانا، إِذا أَقمت مَعَه فِي
أَمر وَاحِد، والضمام كل شَيْء تضم بِهِ شَيْئا إِلَى شَيْء.
والإضمامة: جمَاعَة من النَّاس لَيْسَ أصلهم وَاحِدًا، وَلَكنهُمْ
لفيف، والجميع الأضاميم.
(11/330)
وَأنْشد:
(حَيّ أضاميم وأكوار نعم ... )
قَالَ: والضماضم، من أَسمَاء الْأسد، وضمضمته: صَوته. قَالَ: وَالضَّم
والضمام: الداهية الشَّدِيدَة. قلت: الْعَرَب تَقول للداهية: صمي صمام
بالصَّاد، وأحسب اللَّيْث أَو غَيره: صحفوه فَجعلُوا الصَّاد ضادا،
وَلم أسمع الضَّم والضمام فِي أَسمَاء الدَّوَاهِي. لغير اللَّيْث:
وضمضم، اسْم رجل. وَيُقَال: اضط فلَان شَيْئا إِلَى نَفسه. وَقَالَ
أَبُو زيد: الضماضم: الْكثير الْأكل الَّذِي لَا يشْبع. وَقَالَ
اللحياني: قَالَ الْأمَوِي: يُقَال للرجل الْبَخِيل: الضَّرَر
والضماضم، والعضمز، كُله من صفة الْبَخِيل، وَهُوَ الصوتن أَيْضا.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضمضم: الجسيم الشجاع، بالضاد.
قَالَ: والصمصم: الْبَخِيل، النِّهَايَة فِي الْبُخْل، بالصَّاد.
قَالَ: وضمضم الرجل إِذا شجع قلبه، ومضمض: نَام نوما قَلِيلا.
مض: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: " خباث كل عيدانك قد مضضنا
فَوَجَدنَا عاقبته مرا ". وَقَالَ اللَّيْث: المض: مضيض المَاء كَمَا
تمضه، وَيُقَال: لَا تمض مضيض العنز، وَيُقَال: ارشف وَلَا تمض إِذا
شربت وَفِي الحَدِيث: " وَلَهُم كلب يتمضمض عراقيب النَّاس "، أَي يمض.
قَالَ: مَضَت العنز تمض فِي شربهم مضيضا، إِذا شربت وعصرت شفتيها.
والمضمضة: تَحْرِيك المَاء فِي الْفَم وَفِي الْإِنَاء. أَبُو عبيد عَن
الْكسَائي: مضني الْجرْح وأمضني. وَقَالَ أَبُو زيد والأصمعي: أمضني.
وَهُوَ كخل يمض الْعين، لم يعرفا غَيره. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مضني
الْأَمر. وأمضني وَقَالَ: وأمضني كَلَام تَمِيم. قَالَ اللَّيْث: كحل
يمض الْعين، ومضيضه: حرقته، وَأنْشد:
(قد ذاق أكحالاً من المضاض ... )
ومضضت لَهُ، أَي بلغت مِنْهُ الْمَشَقَّة. وَقَالَ رؤبة:
(فاقني فشر مَا أمضا ... )
وَكَذَلِكَ الْهم يمض الْقلب أَي يحرقه، وَقَالَ: والمضاض. النّوم.
يُقَال: مَا مضمضت عَيْني بنوم، أَي مَا نَامَتْ. وَقَالَ رؤبة:
(من يتسخط فالإله رَاض ... عَنْك وَمن لم يرض فِي مضماض)
أَي فِي حرقة.
(11/331)
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن الْمفضل بن
سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن الْفراء أَنه قَالَ: يُقَال: مَا علمك أهلك من
الْكَلَام إِلَّا مضا وميضا، وبضا وبيضا وَيُقَال فِي مثل: " إِن فِي
بض وبض لمطعما ". وَقَالَ اللَّيْث: المض. أَن يَقُول الْإِنْسَان
بِطرف لِسَانه شبه " لَا "، وَهُوَ " هيج " بِالْفَارِسِيَّةِ،
وَأنْشد:
(سَأَلتهَا الْوَصْل فَقَالَت: مض ... وحركت لي رَأسهَا بالنغض)
وَقَالَ الْفراء: مض كَقَوْل الْقَائِل: " لَا " يَقُولهَا بأضراسه،
فَيُقَال: مَا علمك أهلك إِلَّا مض ومض، وَبَعْضهمْ يَقُول: إِلَّا
مضًا، يُوقع الْفِعْل عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو زيد: كثرت المضائض بَين
النَّاس، أَي الشَّرّ، وَأنْشد:
(وَقد كثرت بَين الْأَعَمّ المضائض ... )
والمضماض: الرجل الْخَفِيف السَّرِيع. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
(يتركن كل هوجل نفاض ... فَردا وكل معض مضماض)
أَبُو تُرَاب، قَالَ الْأَصْمَعِي: مضمض إناءه ومصمصه، إِذا حركه.
وَقَالَ اللحياني: إِذا غسله. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مضض،
إِذا شرب المضاض، وَهُوَ المَاء الَّذِي لَا يُطَاق ملوحة، وَبِه سمي
الرجل مضاضا، وضده من الْمِيَاه القطيع وَهُوَ الصافي الزلَال. وَقَالَ
بعض الكلابيين فِيمَا روى أَبُو تُرَاب: تماض الْقَوْم وتماظوا، إِذا
تلاحوا وعض بَعضهم بَعْضًا بألسنتهم، وَالله أعلم.
(11/332)
|