تهذيب اللغة

كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف السِّين

(بَاب السِّين وَالزَّاي: مهمل)
(أَبْوَاب السّين والطاء)
س ط د س ط ت س ط ظ
س ط ذ س ط ث. مهملات.
س ط ر
سطر، سرط، طرس، وسط، رطس.
أمّا رَسَط ورَطَس: فَإِن ابْن المظفَّر أهمَلهما.
رسط: وأهلُ الشَّام يسمُّون الخمرَ: الرَّساطون، وسائرُ الْعَرَب لَا يعرفونه. وأراها روميّة دخلتْ فِي كَلَام مَن جاوَرَهم من أهلِ الشَّام. وَمِنْهُم من يقلب السِّين شَيْئا، فَيَقُول: الرشاطون.
رطس: قَالَ ابْن دُرَيد: الرَّطَسُ: الضَّرْبُ بَبَطْن الكفّ، يُقَال: رطسَه رَطْساً، قلت: وَلَا أحفظ الرّطس لغيره.
طرس: قَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطّه: يُقَال للصَّحيفة إِذا مُحيتْ: طِلْسٌ وطِرْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْسُ: الكتابُ الممحُو الّذي يُسْتَطَاع أنْ تُعاد عَلَيْهِ الْكِتَابَة؛ وفِعلُك بِهِ التَّطْريس.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتطَرِّس والمُتَنَطِّس: المتنوِّقُ الْمُخْتَار.
وَقَالَ المَرّار الفَقْعَسيّ يصف جَارِيَة:
بيضاءُ مُطعَمةُ المَلاحةِ مِثلُها
لَهْوُ الجَلِيس وَنيقَةُ المتطرِّسِ
سطر: الحّراني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: سَطْر وسَطَر؛ فَمن قَالَ سَطْر فَجَمعه الْقَلِيل أَسطُر، وَالْكثير سُطُور. وَمن قَالَ: سَطَر جمَعَه أسطاراً. قَالَ جرير:
من شاءَ بايَعْتُه مالِي وخُلْعَتَه
مَا تكمُل التِّيم فِي ديوانهمْ سَطَرَا
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سَطَرٌ من كُتُب، وسَطْرٌ من شجر مغروس وَنَحْو ذَلِك، وَأنْشد:
إِنِّي وأَسطارٍ سُطِرنَ سَطْرا
لقَائلٌ يَا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاطِيرُ الاَْوَّلِينَ} (الْفرْقَان: 5) ، خَبَرٌ لابتداءٍ محذوفٌ، الْمَعْنى: وَقَالُوا الّذي جَاءَ بِهِ أساطيرُ الأوّلين، مَعْنَاهُ: مَا سَطَّره

(12/229)


الأوّلون. قَالَ: وواحدُ الأَساطير أُسْطُورة، كَمَا قَالُوا أُحْدُوثَة وأحَادِيث.
وَقَالَ اللّحياني: وَاحِد الأساطير أسطُور وأسْطُورة، وأسْطِير.
قَالَ: وَيُقَال: سَطْر ويُجمع إِلَى العَشَرة أَسْطاراً، ثمَّ أساطيرُ جمعُ الجَمْع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَطَّر فلانٌ علينا تَسْطيراً: إِذا جَاءَ بِأَحَادِيث تُشبِه الباطلَ، يُقَال: هُوَ يسطِّر مَا لَا أصْلَ لَهُ، أَي: يؤلِّف. وسَطَر يَسْطُر: إِذا كَتَب؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَّعِينٍ} {ن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - وَالْقَلَمِ وَمَا} (الْقَلَم: 1) ، أَي: وَمَا يَكْتُب الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد الضَّرير: سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً يَقُول: أسَطَرَ فلانٌ اسمِي، أَي: تجاوَزَ السَّطر الّذي فِيهِ اسْمِي، فَإِذا كَتَبه قيل: سَطَره. وَيُقَال: سَطَر فلانٌ فلَانا بالسَّيف سَطَراً: إِذا قَطَعَهُ بِهِ، كأنّه سَطْرٌ مَسْطور. وَمِنْه قيل لسيف القَصّاب ساطُور.
سَلَمة عَن الْفراء: يُقَال للقصّاب ساطِرٌ وسَطّار، وشصّاب ومُشَقِّص ولَحّام وجَزّار وقُدار.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يَقُولُونَ للرّجل إِذا أَخطأَ فكنَوْا عَن خطئه: أسطَرَ فلانٌ اليومَ، وَهُوَ الإسْطار بمعنَى الإخطاء.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: السَّطْرُ: العَتُودُ من الغَنَم.
قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} (الطّور: 37) ، قَالَ: المصَيْطرون كتَابَتهَا بالصَّاد، وقراءتُها بالسّين وبالصاد. ومثلُه قَوْله: {مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} (الغاشية: 22) ، ومثلُه: {بَسْطَةً} (الْبَقَرَة: 247) و (بَصْطة) كُتب بَعْضهَا بالصَّاد وَبَعضهَا بِالسِّين، وَالْقِرَاءَة بالسِّين.
وَقَالَ الزّجّاج: المسيطِرون: الأرباب المسلطون؛ يُقَال: قد تَسيطَر علينا وتصيطر بِالسِّين وَالصَّاد، وَالْأَصْل السّين، وكلّ سين بعدَها طاءٌ يجوز أَن تُقلبَ صاداً، نقُول: سَطْر وصَطَر، وسَطَا عَلَيْهِ، وصَطَا.
وَقَالَ اللّيث: السَّيطَرة مَصْدَرُ المُسيطِر، وَهُوَ كالرّقيب الحافظِ المتعهّدِ للشَّيْء، تَقول: قد سَيْطَر علينا، قَالَ: وَتقول: سُوطِر يُسيْطِر فِي مَجْهُول فعلِه، وَإِنَّمَا صَارَت سُوطِرَ وَلم تقل سُيْطِر لِأَن الياءَ سَاكِنة لَا تثبت بعد ضَمّة، كَمَا أَنَّك تَقول: من آيَسْتُ: أويس يُؤيْس.
وَمن الْيَقِين: أوقِنَ يوقَن، فَإِذا جَاءَت يَاء سَاكِنة بعد ضمّة لم تثبت، ولكنّها يَجْترّها مَا قَبلَها فيصيِّرها واواً فِي حالٍ؛ مثل قَوْلك: أعْيَشُ بيّنُ العِيشَة، وأبيَض وجمعُه بِيض، وَهِي فُعْلَة وفُعْل، فاجترّت الياءُ مَا قبلَها فكسَرتْه. وَقَالُوا: أكيَسُ كُوسَى وأَطيَبُ طُوبى، وإنّما توخُوْا فِي ذَلِك

(12/230)


أوْضَحَه وأحْسَنه، وأيَّاً مَا فعلوا فَهُوَ الْقيَاس، وَلذَلِك يَقُول بَعضهم فِي {إِذاً قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) ، إِنَّمَا هِيَ فُعلَى وَلَو قيل: بُنِيتْ على فِعلَى لم يكن خطأ. أَلا ترى أنّ بَعضهم يهمزها على كسرتها. فاستَقْبَحوا أَن يَقُولُوا: سِيطِرَ لِكَثْرَة الكَسَرات. فَلَمَّا تراوحَتِ الضمّة والكسرة كَانَت الْوَاو أحسن.
وأمّا يُسَيطَر فلمّا ذهبت مِنْهُ مَدّة السِّين رجعت الياءُ.
قلتُ: سَيْطَرَ: يُسَيْطِر. جَاءَ على فَيْعل فَهُوَ مُسَيْطر، وَلم يُستعمَل مجهولُ فِعلِه. ويُنتهَى فِي كَلَام الْعَرَب إِلَى مَا انتهَوْا إِلَيْهِ.
وَقَول اللّيث: لَو قيل: بُنِيْت {قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) على فِعْلى لم يكن خطأ وَهُوَ عِنْد النحويِّين خطأ أَن فِعلى جَاءَت اسْما. وَلم تَجِيء صِفةً. و (ضيزى) هِيَ عِنْدهم فُعلَى. وكُسِرت الضّاد من أَجل الْيَاء الساكنة. وَهِي من ضِزْته حقَّه أَضِيزُه: إِذا نقصْته. وَقد مرّ تفسيرُه فِي كتاب الضَّاد.
وأمّا قَول أبي دُوَاد الإياديّ:
وأَرَى الموتَ قد تَدَلَّى من الحَضْ
ر على رَبِّ أهلِهِ السّاطِرُونِ
فَإِن السّاطرون اسمُ مَلِك من مُلوك العَجَم كَانَ يَسكُن الحَضر. وَهِي مدينةٌ بَين دِجْلة والفُرات. غَزاهُ سابُورُ ذُو الأكتاف وأَخَذَه وقتلَه وقولَ عديّ بن زيد:
كأنّ رِيقَه شُؤبوبُ غادِيةٍ
لما تقفّى رقيبَ النَّفْع مُسْطارا
قَالَ أَبُو نصر: المُسْطار: هُوَ الْغُبَار المرتفِع فِي السّماء. وَقيل: كَانَ فِي الأَصْل مُستطاراً فحذفت التَّاء. كَمَا قَالُوا: اسْطَاع فِي مَوضِع اسْتَطَاعَ. وَقَالَ عديُّ بنُ الرْقاع:
مُسطَارةٌ ذهبتْ فِي الرّأس سَوْرتُها
كأنّ شَارِبها مِمّا بِهِ لَمَمُ
وَقَالَ أَيْضا:
نَقْرِي الضيوف إِذا مَا أزمة أزْمَت
مُسطارَ ماشيةٍ لم يَعْد أَن عُصِرا
جعل اللَّبنَ بِمَنْزِلَة الخَمْر. يَقُول: إِذا أجدَبَ النَّاس سقَيناهم الصَّرِيف وَهَذَا يدلّ على أَن المستطار الحديثةُ. وَأَن من قَالَ هِيَ الحامضة لَم يُجد.
سرط: أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: سَرِطتُ الطّعام وزَرَدْتُه: إِذا ابْتَلَعْتَه، أَسْرِطه سَرْطاً، وَلَا يجوز سَرَطتُ. وَمن أَمْثَال العَرَب: الأخْذُ سَرَطان، والقضاءُ لَيّان. وَبَعْضهمْ يَقُول: الأخْذُ سُرّيْطى والقَضَاءُ ضُرّيْطى. وبعضٌ يَقُول: الأخْذُ سُرَّيْطٌ، والقَضاءُ ضُرّيْط.
وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: الأخْذُ سِرِّيَطى والقضاءُ ضِرِّيَطِى؛ وَهِي كلُّها لُغَاتٌ صَحِيحَة قد تكلّمتْ الْعَرَب بهَا، وَالْمعْنَى فِيهَا كلّها: أَنْت تُحِبُّ الأخْذ، وتَكره الإعْطاء.

(12/231)


وَيُقَال: استَرَط الطعامَ: إِذا ابْتَلَعَه. وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الْفَاتِحَة: 6) ، كُتِبَتْ بالصَّاد، وَالْأَصْل السِّين، وَمَعْنَاهُ: ثَبِّتْنَا على الْمِنْهَاج الْوَاضِح.
وَقَالَ جرير:
أميرُ الْمُؤمنِينَ على صِراطٍ
إِذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيم
وَقَالَ الفرّاء: المَوارد: الطُّرُق إِلَى المَاء، واحِدَتُها مَوْرِدة.
وَقَالَ الفرّاء: إِذا كَانَ بعد السّين طاءٌ أَو قافٌ أَو غينٌ أَو خاءٌ فَإِن تِلْكَ السِّين تُقْلَب صاداً. قَالَ: وَنَفر من بَلْعَنْبَرِ يصيّرون السِّين إِذا كَانَت مقدَّمة ثمَّ جَاءَت بعْدهَا طاءٌ أَو قافٌ أَو غَين أَو خاء صاداً. وَذَلِكَ أَن الطَّاء حرف تضَع فِيهِ لسَانك فِي حَنَككِ فينْطَبِق بِهِ الصَّوْت، فقُلِبَتْ السِّين صاداً صُورتها صورةُ الطَّاء، واستخَفُّوها ليَكون المَخْرَج وَاحِدًا، كَمَا اسْتَخَفُّوا الإدْغامَ؛ فَمن ذَلِك قولُهم: السِّراطُ والصِّراط، قَالَ: وَهِي بالصَّاد لُغَة قُريش الأوَّلين الَّتِي جَاءَ بهَا الكِتَابُ؛ قَالَ: وعامّة العَرَب تَجْعَلُها سِيناً. وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيل للطريق الْوَاضِح: سِراط لأنّه كَانَ يَسْتَرِط المارّة لِكَثْرَة سُلوكِهم لاحِبَه.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّرِطْراطُ والسَّرَطْراط بِفَتْح السّين وَالرَّاء: وَهُوَ الفالُوذَج.
قلت: أما بِالْكَسْرِ فَهِيَ لُغَة جيِّدَة لَهَا نَظَائِر، مِثل جِلِبْلاَب وسِجِلاَّط. وَأما سَرَطْرَاط فَلَا أعرف لَهُ نظيراً. وَقيل للفالوذ: سِرِطْرَاطٍ؛ فكررت فِيهِ الطَّاء وَالرَّاء تبليغاً فِي وصفِه واستلذاذ آكِلِه إيّاه، إِذا سَرَطَه وأَساغَه فِي حَلْقِه.
وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ سريعَ الأكْل: مِسْرَط وسُرَط وسَرَّاط.
وَقَالَ اللّيث: السَّرطان: من خَلْق المَاء، تسمِّيه الفُرْس: (عُخْ) . قَالَ: والسَّرَطان: بُرْجٌ من بُرُوج السَّمَاء، والسَّرَطان: داءٌ يَظْهَرُ بِقَوائم الدَّوَابّ.
وَقَالَ غيرُ الْخَلِيل: السَّرَطان: داءٌ يَعْرِض للْإنْسَان فِي حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يشبه الدُّبَيْلَة، انْتهى وَالله أعلم بذلك.

(بَاب السِّين والطاء مَعَ اللَّام)
س ط ل
طسل، سطل، طلس، لطس، سلط: مستعمَلَة.
طسل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: طَسَل السرَابُ: إِذا اضْطَرَبَ؛ وَقَالَ رُؤبة:
يُقَنِّعُ المَوْمَاةَ طَسْلاً طاسِلاً
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطَّيْسَل: السّراب البرّاق. وَيُقَال للماءِ الْكثير: طَسْل وطَيْسَل.

(12/232)


سطل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للطسْت: السَّيْطَل. وَقَالَ اللَّيْث: السَّيْطَل: الطُّسَيْسَةُ الصَّغِيرَة، وَيُقَال: إنَّهُ عَلَى صَنْعَة تَوْرٍ، وَله عُرْوَةٌ كعُرْوَة المِرْجَل، والسَّطْلُ مِثْلُه، قَالَ الطِّرِمَّاح:
فِي سَيْطَلٍ كُفِئَتْ لَهُ يَتَرَدَّدُ
وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحافةَ فِي الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسَى القَتَامَ الطّاسِلاَ
أَمْرَقْتُ فِيهِ ذُبْلاً ذَوَابِلا
قَالُوا: الطَّاسِلُ: المُلْبِس. وَقَالَ بَعضهم: الطاسِلُ والسّاطِل من الْغُبَار: المرتفعُ. وأيَّدَ قَوْلُ هِمْيَانَ قولَ رؤبةَ الأوَّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّيْسَلُ والطَّسْيَلُ: الطّسْت. قَالَ: وطَيْسَلَ الرجلُ: إِذا سافَرَ سَفَراً قَرِيبا وكَثُرَ مَاله. وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
تَرْفَعَ فِي كلِّ رَقاقٍ قَسْطَلا
فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمَانَ مَنْهَلاَ
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلاَ
يصف حَمِيراً وَرَدَتْ مَاء. قَالَ: والطَّيْسُ والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبِيسُ بِمَعْنى وَاحِد فِي الْكَثْرَة.
طلس: رُوِي عَن النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أَمَر بطَلْس الصُّوَر الّتي فِي الكَعْبة) .
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ بطَمْسِها. يُقال: اطْلِسِ الكتابَ، أَي: امحُه. وطَلَسْتُ الكتابَ، أَي: مَحَوْتُه. وَيُقَال للصحيفة إِذا مُحِيَت: طِلْسٌ وطِرْس؛ وأَنشَد:
وجَوْنِ خَرْقٍ يَكتَسى الطُّلُوسَا
يَقُول: كَأَنَّمَا كُسِي صُحُفاً قد مُحِيتْ مرَّةً لدُروس آثارِها. قَالَ: وَرجل أطلَسُ الثِّياب: وَسِخُها. وثيابٌ طُلْس: وَسِخة. ورجلٌ أطلَس: إِذا رُمِيَ بقبيح، وأَنشَد أَبُو عُبَيد:
ولسْتُ بأَطْلس الثَّوْبَين يُصْبِي
حَلِيلَتَه إِذا هَدَأَ النِّيامُ
لم يُرد بحليلتِه: امْرَأَته، ولكنّه أَرَادَ جارتَه الّتي تُحالُّه فِي حِلّته.
قَالَ: والطَّلْس والطَّمْس واحدٌ. والطُّلْسةُ: غُبْسة فِي غُبْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّلْسُ: كتابٌ قد مُحِيَ وَلم يُنعَم مَحوهُ فَيصير طِلْساً. وَيُقَال لِجلْد فخِذ الْبَعِير: طِلْسٌ لتَساقُط شَعرِه ووَبرِه.
قَالَ: وَإِذا محوتَ الكتابَ ليَفسُد خَطُّه قلت: طَلَسْته، فَإِذا أنعمتَ محوَه. قلت: طَرَسْتُه.
قَالَ: والطَّلَس والطَّلسة: مصدرُ الأَطْلَس من الذئاب، وَهُوَ الّذي تَساقَط شَعرُه، وَهُوَ أخبثُ مَا يكون.
وَفِي حَدِيث أبي بكر: أنّ مُوَلَّداً أطلسَ سَرَقَ فقَطَع يدَه.
قَالَ شمر: الأطلس: الأسوَد كالحَبشيّ وَنَحْوه، قَالَ لَبيد:

(12/233)


فأجازني مِنْهُ بِطِرْس ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المَنْكِبِ
أطلس: عبدٌ حَبشيٌّ أسوَد.
وَيُقَال للثوب الأسوَد الوَسِخ: أطلَس؛ وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمَّة:
بَطْلساء لَمْ تَكْمُل ذِرَاعا وَلَا شِبْرا
يَعني خرقَة وسِخة ضَمَّنها النَّار حِين اقتَدَح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأطلَس: اللِّص، يشبَّه بالذِّئب.
قَالَ: والطَّيْلسان بِفَتْح اللَّام مِنْهُ ويُكسَر وَلم أسمَع فيعِلان بِكَسْر الْعين، إنّما يكون مضموماً كالخَيْزران. والجَيْسُمان، وَلَكِن لمّا صَارَت الكسرةُ والضمّة أختَيْن واشترَكتا فِي مواضعَ كَثِيرَة دخلتْ عَلَيْهَا الكسرة مَدخَل الضمّة.
وحُكي عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: الطيلَسان لَيْسَ بعَربيّ. قَالَ: وأصلُه فارسيّ إِنَّمَا هُوَ تالشان فأُعرب. قلت: وَلم أَسمع الطيلسان بِكَسْر اللَّام لغير اللَّيث.
وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: السُّدُوسُ: الطَّيْلَسَان، هَكَذَا رَوَاهُ، ويُجمع طَيالسة.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّلْس والطَّيْلسان: الأسوَد. والطِّلْس: الذِّئب الأمْعَط، والجميع الطُلْس مِنْهَا.
لطس: سَلَمة عَن الفرّاء: المِلْطاسُ: الصَّخرةُ الْعَظِيمَة. والمُدُقُّ: المِلْطاس.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطْسُ: ضربُك الشيءَ بالشَّيْء العريض، يُقَال: لَطَسَه البعيرُ بخُفّه والملطاسُ: حَجَرٌ عريضٌ فِيهِ طُول، وربّما سُمِّي خُفُّ الْبَعِير مِلطاساً.
وَقَالَ شمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: المَلاطِيس: المَناقيرُ من حَدِيد يُنقَر بهَا الْحِجَارَة والواحدة مِلْطاس. والمِلْطاسُ: ذُو الخَلْفَين الطَّوِيل الّذي لَهُ عَنَزَة، وعَنَزتُه حدُّه الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: المِلَطس: مَا نُقِرت بِهِ الأرحاء؛ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وتَرْدى على صُمَ صِلابٍ مَلاطِسٍ
شَديدات عَقْدٍ ليّناتٍ مِتانِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِلْطَسُ: الحافرُ الشَّديد الوطيء.
وَقَالَ الفرّاء: ضربه بمِلْطاسٍ، وَهِي الصَّخْرة الْعَظِيمَة، ولطَسَ بهَا، أَي: ضَربَ بهَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: اللَّطْسُ: اللَّطْم، وَقَالَ الشّماخ: فَجعلَ أخفافَ الْإِبِل مَلاَطِسَ:
يهوِي على شَراجِعٍ عَلِيّاتْ
مَلاطِسٍ أفتَلِيات الأَخْفافِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ أنّها تَضرِب بأخفافها تَلطُس الأرضَ، أَي: تدقّها بهَا.

(12/234)


سلط: قَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (هود: 96) ، أَي: وحجّة مبيَّنة.
حدّثنا أَبُو زيد عَن عبد الجبّار عَن سُفيانَ عَن عَمْرو عَن عِكرِمة عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله: {كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 15، 16) ، قَالَ: فِي بَيَاض الفضّة، وصفاء القَوارِير. قَالَ: وكلُّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجّة.
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمّي سُلْطَانا لأنّه حجّة لله جلّ وعزّ فِي أرضه.
قَالَ: واشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط، قَالَ: والسَّلِيط مَا يُضاءُ بِهِ، وَمن هَذَا قيل للزَّيْت: السَّلِيط. قَالَ: وقولُه: {وَالاَْرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ} (الرَّحْمَن: 33) ، أَي: حيْثما كُنْتُم شاهدتمْ حُجَّةً لله وسُلطاناً يَدلّ على أنّه وَاحِد.
وَقَوله: {مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ} (الحاقة: 29) ، مَعْنَاهُ: ذهبَ عنّي حجّتي. والسُّلطانُ: الحُجّة، وَلذَلِك قيل لِلْأُمَرَاءِ: سَلاطِين، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج والحُقُوق.
قَالَ: وقولُه: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عليهمْ من حجّة، كَمَا قَالَ: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (الْحجر: 42) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم من حجّة يضلُّهم بهَا إلاَّ أنّا سلّطناه عَلَيْهِم {سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) .
وَقَالَ ابْن السّكّيت: السُّلْطَان مؤنَّثة، يُقَال: قَضَتْ بِهِ عَلَيْهِ السُّلْطان، وَقد آمَنَتْه السّلطان.
قلت: وربّما ذُكِّر السُّلْطَان لأنّ لفظَه مذكَّر، قَالَ الله تَعَالَى: {مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ} (إِبْرَاهِيم: 10) ، قَالَ أَبُو بكر: فِي السّلطان قَولَانِ: أحدُهما: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لتسليطه. وَالْقَوْل الآخر: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج الله.
قَالَ الفرّاء: السُّلطان عِنْد الْعَرَب: الحُجّة، ويذكَّر ويؤنَّث، فَمن ذكّر السُّلْطَان ذهب بِهِ إِلَى معنى الرَّجُل، ومَن أنّثه ذَهبَ بِهِ إِلَى معنى الحجّة.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ يزِيد: من ذكّر السُّلْطَان ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الْوَاحِد، وَمن أَنَّثه ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الجَمع.
قَالَ: وَهُوَ جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ وسُلْطان، قَالَ: وَلم يَقلْ هَذَا غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السّلطان: قدرةُ المَلِك، مثل قَفِيز وقُفْزان، وبَعيرٍ وبُعْران، وقُدرةُ من جُعِل ذَلِك لَهُ وَإِن لم يكن مَلِكاً، كَقَوْلِك: قد جعلت لَهُ سُلطاناً على أَخذ حَقِّي من فلَان. والنُّون فِي السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائِهِ من التَّسليط.

(12/235)


وَقَالَ ابنُ دُرَيد: سلطانُ كلِّ شَيْء: حِدّتُه وسَطْوَته؛ من اللِّسان السليطِ الحديدِ.
قلت: والسَّلاطةُ بِمَعْنى الحِدّة، وَقَالَ الشَّاعِر يصف نِصالاً مُحَدَّدة:
سلاطٌ حِدَادٌ أرهقَتْها المَواقِعُ
وَإِذا قَالُوا: امرأةٌ سَليطةُ اللِّسان، فَلهُ معنَيان: أحدُهما: أنّها حَدِيدَة اللِّسان، وَالثَّانِي: أَنَّهَا طويلةُ اللِّسَان.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السُّلُط: القوائمُ الطِّوال.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: إِذا كَانَ الدّابة وقاحَ الْحَافِر، والبعيرُ وقاحَ الخُفّ، قيل: إِنَّه لسَلْطُ الْحَافِر، وَقد سَلِط يسَلَط سَلاطةً، كَمَا يُقَال: لِسانٌ سَلِيط وسَلِط.
سَلْطِيط: جَاءَ فِي شعر أميّةَ بِمَعْنى المُسَلَّط، وَلَا أَدرِي مَا حَقِيقَته.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلاطة: مَصدرُ السليط من الرِّجَال والسليطةِ من النّساء، وَالْفِعْل سلُطَت وَذَلِكَ إِذا طَال لسانها واشتدّ صَخْبُها.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السليط عِنْد عامّة الْعَرَب: الزَّيْت، وَعند أهلِ اليَمن: دُهْنُ السِّمْسِم، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أهان السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المفَتَّلِ

س ط ن
سنط، سطن، نطس، طنس، نسط، (طسن) .
طنس ونسط: أهمله اللَّيْث
روى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّنَسُ: الظُّلْمة الشَّدِيدَة.
قَالَ: النُّسُط: الَّذين يستخرجون أَوْلَاد النُّوق إِذا تَعسَّر وِلادُها.
قلت: النُّون فِي هذَيْن الحرفين مبدَلةٌ من الْمِيم؛ فالطّنْس أصلُه الطّمْس والطَّلْس، والنَّسْط مِثل المَسْط سَوَاء، وسنَقِفُ عَلَيْهَا فِي بَابهَا.
(نطس) : وَأما نَطَس فقد رُوِي عَن عمرَ أنّه خرج من الخَلاء فَدَعَا بِطَعَام، فَقيل لَهُ: ألاَ تتوضّأ؟ فَقَالَ: لَوْلَا التنطُّس لما بالَيْتُ أَن لَا أَغسِل يَدي.
قَالَ أَبُو عُبَيد: سُئِلَ ابْن عُلَيَّة عَن التّنطُّس فَقَالَ: هُوَ التّقذُّر. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ المبالَغة فِي الطَّهور، وَكَذَلِكَ كلّ من أدقّ النظَر فِي الْأُمُور، واستقصَى عَلَيْهَا فَهُوَ متنطِّس؛ وَمِنْه قيل للطبيب: نِطَاسِيّ ونطِّيس، وَذَلِكَ لدقة نظرِه فِي الطبّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نَحوه، وَأنْشد أَحدهمَا للبَعيث يصف شَجَّةً:
إِذا قاسها الآسي النِّطاسيُّ أدبَرَتْ
غَثِيثَتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها

(12/236)


وَقَالَ رُؤْبة:
وَقد أكون مرّة نَطِيسَاً
طَبَّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسَا
قَالَ: والنِّقْرِيس: قريب الْمَعْنى من النِّطِّيس، وَهُوَ الفَطن للأمور العالِمُ بهَا.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عَمرو: امرأةٌ نطسة: إِذا كَانَت تنطِّسُ من الفُحْش، أَي: تَقَزَّز. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لشديد التنطس، أَي: التَقزَّز. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتنطِّس والمتطرِّس: المتنوِّق الْمُخْتَار. قَالَ: والنُّطس: المتَقَزِّزون. والنطس: الْأَطِبَّاء الحُذَّاق. وَقَالَ اللَّيْث: النِّطاسيّ والنِّطِّيس: العالِم بالطبّ، وَهِي بالروميّة النِّسْطاس، يُقَال: مَا أَنْطَسَه. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّطس: الْمُبَالغَة فِي الطَّهارة. والنَّدس: الفطْنة والكيس.
سنط: قَالَ اللَّيْث: السَّناط: الكَوْسَجُ من الرِّجَال، وفعلُه سَنُط، وَكَذَلِكَ عَامَّة مَا جَاءَ على بناءِ فِعال، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ على بِنَاء الْمَجْهُول ثَلَاثًا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السنُط: الخفيفو العوارِض وَلم يَبلُغوا حَال الكواسج.
وَقَالَ غَيره: الْوَاحِد سنوط.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ سُناط وسِناط: لَا شَعْر فِي وَجهه قَالَ: والسِّنْطُ المَفْصل بَين الكَفِّ والساعد. وعُبيد سنوط: اسْم رجل مَعْرُوف.
سطن: قَالَ اللَّيْث: الأسطُوانة مَعْرُوفَة. وَيُقَال للرجل الطويلِ الرِّجْلين والظَّهْر: أُسْطوانة قَالَ: وَنون الأسْطُوانة من أصل بناءِ الْكَلِمَة، وَهُوَ على تَقْدِير أُفعُوالة؛ وَبَيَان ذَلِك أنّهم يَقُولُونَ: أساطِينُ مسطَّنة.
وَقَالَ الفرّاء: النُّون فِي الأسطُوانة أصليّة. قَالَ: وَلَا نظيرَ لهَذِهِ الْكَلِمَة فِي كَلَامهم. وَيُقَال للرجل الطَّوِيل الرجْلين، وللدَابةِ الطَّوِيلَة القوائم مُسطَّن، وقوائِمُهُ أساطينُه.
وَقَالَ ابْن دُريد: جَمَلٌ أسْطُوانة: إِذا كَانَ طويلَ العُنُق، وَمِنْه الأسطوانة ورَوَى ابْن هانىء عَن أبي مَالك: الساطُن الْخَبيث، وَلم يَعرفه أَصْحَابنَا.
وروى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأَسَطان: آنِية الصُّفْر.
قلت: لَا أَحسب الأُسطُوان مُعَرَّباً، والفُرس تَقول: أُستُون.
طسن: قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَت الْعَامَّة فِي جمع طس وحم: طواسين، وحواميمُ، وَالصَّوَاب ذَوَات طس وَذَوَات حم وَذَوَات ألم وَمَا أشبه ذَلِك، وَأنْشد بيتَ الكُمَيت:
وجدْنا لكمْ فِي آل حَامِيم آيَة
تأوَّلها مِنَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ

(12/237)


س ط ف
فطس، طفس، سفط، فسط: (مستعملة) .
فطس: قَالَ اللَّيْث: الفَطسُ: حبُّ الآس، والواحدةُ فطسة. والفَطسُ: انخفاضُ قَصَبة الْأنف. وَيُقَال لخَطْم الخِنزير: فطسة. ورجلٌ أفطس وامرأةٌ فطسَاء، وَقد فَطس فَطساً.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: الفِطِّيس: المطرقةُ الْعَظِيمَة. وأَخبرني المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: هِيَ الشَّفَة من الْإِنْسَان، وَمن الخُف المِشفَر، وَمن السبَاع الخَطْمُ والخرطوم، وَمن الْخِنْزِير الفِنْطيسة، وَهَكَذَا رَوَاهُ على فِنْعيلة وَالنُّون زَائِدَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: فَطس يَفْطس فُطوساً: إِذا مَاتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَطسَ وفَقَس: إِذا مَاتَ من غير داءٍ ظَاهر.
طفس: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: طفَس وفَطس: إِذا مَاتَ، فَهُوَ طافِس وفاطس.
وَقَالَ غَيره: الطَّفَسُ: قذَر الْإِنْسَان إِذا لم يعْهَد نَفسه بالتنظيف، يُقَال: فلَان نجسٌ طفسٌ: قَذِرٌ.
فسط: قَالَ اللَّيْث: الفسيط: غِلاف مَا بَين القَمِح والنَّواة وَهُوَ التُّفْروق، والواحدة فسيطة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَسيط مَا يقلَّم من الظُّفُر إِذا طَال، وَأنْشد:
كأنّ ابْن مُزْنتها جانحاً
فَسيطٌ لَدَى الأُفق من خنْصرِ
أَرَادَ بِابْن مزنتها هِلالاً أهلّ بَين السَّحَاب فِي الأُفق الغربيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفسْطَاط: ضرب من الْأَبْنِيَة. والفسطاط أَيْضا؛ مُجْتَمع أهل الكورة حوالَي مَسْجِد جَمَاعَتهمْ. يُقَال: هَؤُلَاءِ أهلُ الْفسْطَاط.
وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يدَ الله على الْفسْطَاط) يُرِيد الْمَدِينَة الَّتِي فِيهَا مجتَمع النَّاس، وكل مَدِينَة فُسطاط، وَمِنْه قيل لمدينة مِصْرَ الَّتِي بناها عَمْرو بنُ الْعَاصِ: الفُسطاط.
ورُوِي عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي العَبْدِ الآبِق: إِذا أُخِذ فِي الفُسْطاط فَفِيهِ عشرةُ دَرَاهِم، وَإِذا أُخِذ خارجَ الفُسطاط فَفِيهِ أَرْبَعُونَ.
قلت: وللعَرَب لغاتٌ فِي الفُسطاط، يُقَال: فُسْطَاط وفِسْطاط، وفُسّاط وفِسّاط، وفُسْتَاط وفِسْتَاط، وَيجمع فَساطيط وفساتِيط.
سفط: السَّفَط: الّذي يعبَّأ فِيهِ الطِّيب وَمَا أشبَهه من أدوات النِّسَاء، ويُجمع أسفاطاً.

(12/238)


وَرُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه يُقَال: سَفَّطَ فلانٌ حوضَه تَسْفيطاً: إِذا شَرّفه ولاطَه، وأَنشَد:
حَتَّى رَأَيْت الحَوْضَ ذُو قَدْ سُفِّطَا
قَفْراً من المَاء هَواءً أَمْرَطَا
ذُو بِمَعْنى الّذي، لُغَة طَيء. وَأَرَادَ بالهواء: الفارغَ من المَاء.
ابْن السكّيت عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه لسَفِيط النّفْس، وسخيُّ النَّفس، ومَذْلُ النّفس: إِذا كَانَ هَشّاً إِلَى الْمَعْرُوف جَواداً. وَأنْشد:
حَزَنْبَلِ يَأْتِيك بالْبَطِيطِ
لَيْسَ بذِي حَزْمٍ وَلَا سَفِيطِ
وَقَالَ اللَّيْث: السفِيط: السخيّ. وَقد سَفُط سَفاطةً.
قَالَ: والسفَط مَعْرُوف.
س ط ب
سبط، سطب، بسط، بطس، طبس، طسب: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: سطب، وطبس، وبطس.
سطب: ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: المساطِب: سنادِينُ الحدّادين.
قَالَ: والمطَاسِب: المِياه السُّدْم، الْوَاحِدَة سَدُوم.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ المَسْطبة، وَهِي المَجَرّة، وَيُقَال للدّكّان يَقعُد الناسُ عَلَيْهِ: مَسْطَبة؛ سمعْتُ ذَلِك من الْعَرَب.
بطس: قَالَ الفرّاء: بِطْياسُ: اسمُ مَوضِع على بِنَاءٍ الجِرْيال والكِرْياس. قَالَ: وكأنّه أعجَميّ.
طبس: قَالَ اللَّيْث: التَّطبِيس: التّطبين.
قَالَ: والطَّبَسَان: كورتان من كُوَر خُراسان.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّبْسُ: الأسوَد من كلّ شَيْء، والطِّبْسُ: الذِّئب.
سبط: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (الْأَعْرَاف: 160) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أحمدَ بن يحيى قَالَ: قَالَ الأخفشُ فِي قَوْله: {اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} فأنَّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ اثنتَيْ عشرةَ فِرْقةً، ثمَّ أخبر أَن الفِرَق أسباطٌ: وَلم يَجْعَل الْعدَد وَاقعا على الأسْبَاط.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هَذَا غَلَط، لَا يخرج العَدَد على غير الثَّانِي، وَلَكِن الفِرَق قبل ثِنْتَيْ عشرَة حَتَّى تكون اثْنَتَيْ عشرَة مؤنّثة على مَا قبلهَا؛ كَأَنَّهُ قَالَ: قَطعناهم فِرَقاً اثْنَتَيْ عشرَة، فيصحّ التَّأْنِيث لما تقدّم.
قَالَ قُطرُب: واحدُ الأسْباط سِبْط.
يُقَال: هَذِه سِبْط، وَهَذَا سِبْط، وَهَؤُلَاء سِبْط، جَمْع، وَهِي الفِرقة.
وَقَالَ الفرَّاء: لَو قَالَ اثنَيْ عشَرَ سِبْطاً لتذكير السِّبط كَانَ جَائِزا.

(12/239)


وَقَالَ ابْن السكّيت: السِّبط: ذَكر، ولكنّ النيّة وَالله أعلم ذهبتْ إِلَى الأُمَم.
وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى: وقطّعناهم اثْنَتَيْ عشرةَ فِرْقةَ {أَسْبَاطًا} من نعتِ فِرْقة، كأَنه قَالَ: جعلناهم أسباطاً، فَيكون {أسباطاً بَدَلا من اثْنَتَيْ عشرةَ، وَهُوَ الْوَجْه.
وَقَوله: أُمَمًا} من نعت {أَسْبَاطًا} .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: الأسباطُ: القبائلُ.
قَالَ: والحَسن والحُسين سِبْطا النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: هما طَائِفَتَانِ مِنْهُ؛ قطعتان مِنْهُ.
وَقَالَ الزَّجّاج: قَالَ بَعضهم: السِّبْطُ: القَرْن الَّذِي يَجِيء بعد قَرْن.
قَالَ: وَالصَّحِيح أنّ الأسباط فِي ولد إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام بِمَنْزِلَة الْقَبَائِل فِي ولدِ إِسْمَاعِيل.
فولد كلِّ ولد من أَوْلَاد يعقوبَ سِبْط، وولدُ كلِّ ولدٍ من أَوْلَاد إِسْمَاعِيل قَبيلَة، وَإِنَّمَا سُمُّوا هَؤُلَاءِ بالأسباط، وَهَؤُلَاء بالقبائل ليُفْصل بَين ولد إسماعيلَ وَولد إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَالَ: وَمعنى: ولد إِسْمَاعِيل فِي الْقَبِيلَة معنى الْجَمَاعَة.
يُقَال لكلِّ جمَاعَة من أبٍ وَاحِد: قَبيلَة.
قَالَ: وَأما الأسباط فمشتقٌّ من السَّبَط، والسَّبَطُ: ضَربٌ من الشّجر ترعاه الْإِبِل.
يُقال: الشجرةُ لَهَا قبائل، وَكَذَلِكَ الأسباط من السَّبَط، كأَنّه جعل إِسْحَاق بِمَنْزِلَة شَجَرَة، وَجعل إِسْمَاعِيل بِمَنْزِلَة شجرةٍ أُخْرَى.
وَكَذَلِكَ يفعل النَّسَّابون فِي النّسَب، يجْعَلُونَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة الشَّجَرَة، والأولادَ بِمَنْزِلَة أَغْصَانهَا.
فَيُقَال: طوبَى لفَرْع فلَان، وفلانٌ من شَجَرَة مباركة، فَهَذَا وَالله أعلم معنى الأسباط والسِّبْط.
وَقَالَ اللَّيْث: السّبَط: نباتٌ كالثِّيل، إلاّ أَنه يطول وينبُت فِي الرِّمال، الْوَاحِدَة سَبَطة وتُجْمع على الأسباط.
قَالَ: والساباط: سَقيفةٌ بَين دارَيْن من تحتهَا طريقٌ نَافِذ.
والسّبِطُ: الشَّعرُ الَّذِي لَا جُعُودَةَ فِيهِ.
ولغةُ أهلِ الْحجاز: رجلٌ سَبِط الشَّعرِ، وامرأةٌ سَبِطة، وَقد سَبُط شعرُه سُبُوطةً.
وَيُقَال للرّجل الطَّوِيل الْأَصَابِع: إِنَّه لسَبْط الْأَصَابِع، وَإِذا كَانَ سَمْحَ الكفّين.
قيل: إِنَّه لسَبْط اليَدَين والكفّين، وَقَالَ حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ لَوْ أَبْصَرْتَهُ
سَبِطِ الكَفَّيْن فِي اليَوْمِ الخَصِرْ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رجلٌ سَبِط الجِسم بيّن السَّباطة، وَهُوَ طُولُ الأَلْوَاح

(12/240)


واستواؤُها مِن قومٍ سِباط. وَرجل سَبْطٌ بِالْمَعْرُوفِ: إِذا كَانَ سَهْلاً.
وَقَالَ شمر: مَطرٌ سَبْط وسَبِط، أَي: متدارِكٌ سَحٌّ، وسَبَاطتُه سَعتُه وكثرتُه، وَقَالَ القُطاميّ:
صافَتْ تَعَمَّجُ أعرافُ السُّيولِ بِه
من باكِرٍ سَبِطٍ أَو رائحٍ يَبِلِ
يُرِيد بالسَّبِط: المطرَ الواسعَ الْكثير.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي مَا مَعْنَى السِّبْط فِي كَلَام الْعَرَب؟ فَقَالَ: السِّبْط والسِّبْطان والأَسْباط: خاصّة الْأَوْلَاد، أَو المُصَاص مِنْهُم.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَضرِب اليتيمَ يكونُ فِي حِجْرِها حَتَّى يُسْبِط، معنى يُسبِط، أَي: يمتدّ على وَجْه الأَرْض سَاقِطا.
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ أنّه قَالَ: أسبط الرجلُ إسباطاً: إِذا امتدّ وانبَسَط على الأَرْض من الضَّرْب، وَأنْشد غَيره:
قد لبِثَتْ من لَذّة الخِلاَط
قد أَسبَطتْ وأيُّما إسْباطِ
يَعْنِي امْرَأَة أُتِيتْ، فلمّا ذاقت العُسَيلةَ مدّت نَفْسَها على الأَرْض.
وَفِي حَدِيث النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه أَتَى سُباطَة قومٍ فبالَ ثمَّ توضّأ ومَسَح على خُفّيه) . قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السُّباطة: نحوٌ من الكُناسة. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للنّاقة إِذا ألقَتْ ولدَها قبل أَن يستبينَ خَلْقُه: قَدْ سَبَّطَت وغَضَّنَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سبّطت الناقةُ بوَلَدها وسبّغَتْ: إِذا ألقَتْه وَقد نَبَتَ وبَره قبل التَّمام.
وَقَالَ اللّيث: سُباط: اسمُ شهرٍ تسمّيه أهلُ الرّوم شَبَاط، وَهُوَ فِي فصل الشّتاء، وَفِيه يكون تَمامُ اليومِ الّذي تَدُور كُسورُه فِي السِّنين، فَإِذا تمّ ذَلِك اليومُ فِي ذَلِك الشهرِ سَمَّى أهلُ الشأم تِلْكَ السّنة عامَ الكَبِيس، وهم يتيمّنُون بِهِ إِذا وُلِدَ فِيهَا مولودٌ أَو قَدِم قادم من بَلَد. وسَباطٍ: اسمٌ للحمّى مبنيّ على الْكسر، ذكَره الهذَلي فِي شعرِه. قَالَ: والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاءُ مَضروبةٌ بالعَقَب يرْمى فِيهَا سهامٌ صغارٌ، تنفخ فِيهَا نَفْخاً فَلَا تكَاد تُخطىء.
بسط: قَالَ اللّيث: البَسْطُ: نَقِيضُ القَبْض. والبَسِيطةُ من الأَرْض كالبِساط من الثِّياب، والجميع البُسُط. والبَسْطة: الْفَضِيلَة، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (الْبَقَرَة: 247) ، وَقَالَ الزجّاج: أعلَمهم الله أنّه اصطفاه عَلَيْهِم، وزادَه فِي العِلْم والجِسم بَسْطةً، وأَعلَمَ أَن العِلم الّذي بِهِ يجب أَن يَقع الاختيارُ لَا المالَ، وَأعلم أَن الزّيادة فِي الْجِسْم مِمَّا يهَيَّبُ بِهِ العدوُّ، فالبَسْطة: الزِّيادة.

(12/241)


وَقَالَ اللّيث: البَسِيط: الرجل المنبسط اللِّسَان وَالْمَرْأَة بسيطة، وَقد بَسُط بَساطةً.
والبَصْطة بالصَّاد لغةٌ فِي البَسْطة. وَيُقَال: بسطَ فلَان يدَه بِمَا يُحبّ ويَكرَه. وَيُقَال: إِنَّه ليَبْسُطني مَا بَسَطك، ويَقبِضُني مَا قبَضك، أَي يسرّني مَا سَرَّك، ويسوءُني مَا ساءَك.
ورَوَى شُعْبَة عَن الحكم قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله: (بل يَدَاهُ بسطان) (الْمَائِدَة: 64) ، قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: معنى: (بُسْطان) : مَبْسُوطتان. قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مكتوبٌ فِي الحِكمة: لِيكنْ وجهُك بُسْطاً تكن أحبَّ إِلَى النَّاس ممّن يُعطيهم الْعَطاء. قَالَ: وبِسْطٌ وبُسْط بِمَعْنى مبسوطتين.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَتَب لوَفْد كلْب كتابا فِيهِ: فِي الهَمُولة الراعية البِسَاط الظؤار فِي كلّ خمسين من الْإِبِل ناقةٌ غير ذَات عَوَارٍ) . الهَمُولةُ: الإبلُ الراعية. والحمولة: الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، والبُساط: جمع بِسْط، وَهِي النَّاقة الَّتِي تُرِكت وولدُها لَا يمنَع مِنْهَا، أَو لَا تعطف على غَيره، وَهِي عِنْدَ الْعَرَب بِسْط وبَسوط، وجمعُ بِسْط بُساط، وَجمع بَسوط بُسُط، هَكَذَا حفظتُه عَن الْعَرَب، وَقَالَ أَبُو النّجم:
يَدفَع عَنْهَا الجوعَ كلَّ مَدفِع
خَمْسُونَ بُسْطاً فِي خَلايَا أَربَع
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنشَدَه للمرار الْأَسدي يصف إبِلا:
مَتابِيعُ بُسْط مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ
كَمَا رَجعتْ فِي لَيلِها أُمُّ حائلِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بُسْطٌ: بُسطِتْ على أولادِها لَا تنقبض عَنْهَا. مُتْئِمات: مَعهَا حُوار وَابْن مَخاض، كَأَنَّهَا وَلدتْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ من كَثْرَة نَسْلِها. رَواجِع: تَربِع إِلَى أَوْلَادهَا وتَنزِع إِلَيْهَا.
قلت: بَسُوط: فَعُول بِمَعْنى مفعولة، كَمَا يُقَال: حَلوب ورَكوب للَّتِي تُحْلَب وتركَب. وبِسْط: بِمَعْنى مبسوطة، كالطِّحن بِمَعْنى المطحون، والقِطْف بِمَعْنى المَقْطوف.
أَبُو عُبَيد: البَساط: الأَرْض العريضة الواسعة.
وسمعتُ غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: بَيْننَا وَبَين المَاء مِيلٌ بِسَاط، أَي: مِيلٌ مَتّاح.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ودَوِّ ككفّ المشترِي غيرَ أَنه
بَساطٌ لأخفاف المَراسِيلِ واسعُ
وَقَالَ الفرّاء: أرضٌ بَسَاط وبِساط: مستويةٌ لَا نَبَك فِيهَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التبسُّط: التنزُّه يُقَال: خرج يَتَبَسَّط، مَأْخُوذ من البَساط، وَهِي الأَرْض

(12/242)


ذَات الرَّياحين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَسَاط والبَسيطة: الأرضُ العريضة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فرَش لي فلَان فِراشاً لَا يَبسُطُني: إِذا ضَاقَ عَنهُ، وَهَذَا فِراشٌ يَبسُطني: إِذا كَانَ سابغاً.
ابْن السكّيت: سِرْنا عَقَبةً جواداً، وعَقَبةً باسطةً، وَعقبَة حَجُوفاً، أَي: بعيدةَ طَوِيلَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَفَر الرجلُ قامةً باسطةً: إِذا حَفَرَ مَدَى قامتِه وَقد مدَّ يَدَه.
وَقَالَ غَيره: الباسُوط من الأقتاب ضدّ المفروق.
وَيُقَال أَيْضا: قَتَبٌ مَبْسُوط، ويُجمع مَباسيط، كَمَا يُجمع المفروق مَفاريق.
س ط م
سمط، سطم، طمس، طسم، مسط، مطس.
سمط: من أَمْثَال الْعَرَب السائرة قَوْلهم للرجل يُجِيزون حُكْمَه: حكمُك مسمَّطاً.
قَالَ المبرّد: هُوَ على مَذْهَب (لَك حُكمُك مسمَّطاً) أَي: متمَّماً إِلَّا أَنهم يحذفون مِنْهُ (لَك) .
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للرجل: حكمك مسمّطاً. قَالَ: مَعْنَاهُ: مُرسَلاً، يُعْنى بِهِ جَائِز.
قَالَ: وَيُقَال: سَمَّط غَرِيمَه، أَي: أَرسَله.
قَالَ: وَيُقَال سَمَطْتُ الرجلَ يَمِينا على حَقِّي، أَي: استحْلفْتُه. وَقد سَمَط على الْيَمين يَسمُط، أَي: حلف.
قَالَ: وَيُقَال: سَبَط فلانٌ على ذَلِك الْأَمر يَمِينا، وسمَط عَلَيْهِ يَمِينا بِالْبَاء وَالْمِيم، أَي: حَلَف عَلَيْهِ. وَقد سَمَطْتُ يَا رجلُ على أَمر أَنْت فِيهِ فاجِرٌ، وَذَلِكَ إِذا وَكَّد الْيَمين وأحْلطها.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: إِذا كَانَت النَّعلُ غيرَ مَخْصُوفة قلت نَعْلٌ أسماط. وَيُقَال: سَراويلُ أَسْماط، أَي: غيرُ محشوّة. وَيُقَال: نَعْلٌ سَمِيط: لَا رُقْعةَ لَهَا.
وَقَالَ الأسوَد:
فأَبلِغ بني سَعدِ بن عجلٍ بأَنّنا
حَذَوْناهُم نعلَ المِثالِ سَمِيطَا
وَقَالَ شمر فِيمَا أفادني عَن الإياديّ: نَعلٌ سُمْط وسُمُط.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السِّمْط: الثّوبُ الَّذِي لَيست لَهُ بِطانةُ طَيْلَسان، أَو مَا كَانَ من قُطن، وَلَا يُقَال: كِساءٌ سِمْط، وَلَا مِلْحفةُ سِمْط، لِأَنَّهَا لَا تُبطَّن.
قلت: أَرَادَ بالمِلْحَفة إزارَ اللّيل، تُسمّيه الْعَرَب اللِّحافَ والمِلْحفة: إِذا كَانَ طاقاً وَاحِدًا.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السِّمط: الخَيْط الْوَاحِد والسِّمْطان اثْنَان، يُقَال: رأيتُ فِي يدِ فلانَة سِمْطاً، أَي: نَظْماً وَاحِدًا يُقَال لَهُ

(12/243)


يَكْ سَنْ، فَإِذا كَانَت القِلادة ذاتَ نَظْمَين فَهِيَ ذاتُ سِمْطَين، وأَنشَد:
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ وزَبَرْجَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّعرُ المسمَّط الَّذِي يكون فِي صَدْرِ الْبَيْت أَبْيَات مشطورة أَو مَنْهوكة مقفّاة تجمعُها قافيةٌ مخالِفةٌ لازمةٌ للقصيدة حَتَّى تَنْقضي.
قَالَ: وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس قصيدتين على هَذَا المثالِ يُسمَّيان السِّمْطَين، فصدرُ كلِّ قصيدة مصراعان فِي بيتٍ، ثمّ سائره ذُو سُموط، فَقَالَ فِي إِحْدَاهمَا:
ومُسْتلئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمح ذَيْلَهُ
أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذِي سفاسِقَ مَيْلَهُ
فَجَعْتُ بِهِ مُلتقَى الْخَيْلِ خَيْلَهُ
تركتُ عِثَّاقَ الطير يخجَلْن حَوْلَه
كأنّ على سِرْبالِهِ نَضْحَ جِرْيالِ
وناقةٌ سُمُط وأَسماط: لَا وَسم عَلَيْهَا، كَمَا يُقَال: ناقةٌ غُفْل.
وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً وصيَّاداً وكِلابه فَقَالَ:
عايَنَ سِمْطَ قَفْرةٍ مُهَفْهَفا
وسَرْمَطِيّاتٍ يُجِبْن السُّوَّفَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بخَطه: فلَان سِمْط قَفْره، أَي: واحدُها لَيْسَ فِيهَا أحدٌ غَيره.
قَالَ: والسَّرْمطيّات: كلابٌ طِوالُ الأشرق والألحى. والسُّوف: الصيادون، يَعْنِي أنّهن يجئن الصيادين إِذا صَفّروا بهنّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: المَحْصن من اللَّبَن: مَا لم يُخالِطْه ماءٌ حلواً كَانَ أَو حامضاً فَإِذا ذهبتْ عَنهُ حَلاوة الحَلَب وَلم يتغيّر طعمُه فَهُوَ سامِط، فَإِن أَخَذَ شَيْئا من الرِّيح فَهُوَ حَامط.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ أَبُو زيد: الخميط: اللحمُ المشويُّ، يَعْنِي إِذا سُلِخ ثمَّ شُوِي.
وَقَالَ غَيره: إِذا مُرِط عَنهُ صوفه ثمَّ شوِي بإهابه فَهُوَ سميط: وَقد سمط الحَمل يسمطه سمطاً فَهُوَ مسموط وسميط.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السامِط: السَّاكِت. والسَّمْط، السُّكُوت عَن الفضول. وَيُقَال: سَمَط وسَمّط وأَسْمَط: إِذا سكت.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّمط من الرِّجَال: الخفيفُ فِي جِسْمه، الداهيةُ فِي أمرِه، وأكثرُ مَا يوصَف بِهِ الصَّيّاد؛ وَأنْشد لرؤبة:
سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعَابِلاَ
قَالَ أَبُو عَمْرو: يَعْنِي الصَّائد كأنّه نظامٌ منْ خِفّته وهُزَاله. والزَّعابِل: الصِّغار.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَعْجَةٌ مَنْصوبة: إِذا كَانَت مَسْمُوطةٌ محلوقَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: يُقال للآجُرّ القائِم بعضُه فوقَ بعض عِنْدهم: السُّمَيْط، وَهُوَ الَّذِي يسمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ براسْتَق.

(12/244)


وَيُقَال: قَامَ القومُ حولَه سِماطَيْن، أَي: صَفّين، وكلّ صَفّ من الرِّجَال سِماط. وسُمُوطُ العِمامة: مَا أُفضِل مِنْهَا على الصَّدر والأكتاف.
سطم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِسَدادِ القِنِّينَة: الفِدَامُ. والسِّطامُ والعِفاص والصّماد والصِّبَار.
وَفِي حَدِيث النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من قضيتُ لَهُ بشيءٍ من حقِّ أَخِيه فَلَا يأخُذَنَّه، فَإِنَّمَا أقْطَعَ لَهُ إسطاماً من النَّار) . أَرَادَ بالإسْطام: القطعةَ مِنْهَا. وَيُقَال للحديدة الَّتِي تحرث بهَا النَّار: سِطامٌ وإسطام، إِذا فُطِحَ طرفها. وَقد صحّت هَذِه اللَّفْظَة فِي هَذِه السُّنّة وَلَا أَدْرِي أعربيّة مَحْضَة أَو مُعَرَّبة.
وَفِي حَدِيث آخر: (العَرَبُ سِطام النَّاس) ، أَي: حدّهم. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: السَّطْم والسِّطام: حدُّ السَّيف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّطُم: الْأُصُول. وَيُقَال لِلدَّرَوَنْد: سِطام. وَقد سَطَّمْتُ البابَ وَسَدَمْتُه: إِذا ردمتَه فَهُوَ مَسطُوم ومَسْدوم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلانٌ فِي أسْطُمَّة قومِه: إِذا كَانَ وَسِيطاً فيهم مُصاصاً. قَالَ: وأُسطُمَّة الْبَحْر: وَسطُه. وَقَالَ رُؤْبَة:
وَسَطْتُ من حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا
ورُوِي الأطسُمّا سمعناه.
مسط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المَسْطُ أَنْ يُدْخِلَ الرّجُل يدَه فِي رَحِم النّاقة فيَستخرج وَتْرَهَا، وَهُوَ ماءُ الْفَحْل يجْتَمع فِي رَحِمها، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَ ضِرابُهَا ولَمْ تَلْقَح.
وَقَالَ اللّيثُ: إِذا نَزَا على الفَرَس الْكَرِيمَة حِصَانٌ لئيمٌ أَدخَل صاحبُهَا يَدَه فَخَرط مَاءَهُ من رَحِمها، يُقَال: مَسَطَهَا وَمَصَتها ومَساها. قَالَ: وَكَأَنَّهُم عاقَبوا بينَ التّاء والطاء فِي المَصْت والمَسْط. قَالَ: والْمَسْطُ: خَرْطُ مَا فِي المِعَى بالإصبَع لإِخْرَاج مَا فِيهِ، يُقَال: مَسَطَ يَمسُطُ. قَالَ: والماسِطُ: ضَرْبٌ من شجر الصَّيف إِذا رَعَتْه الْإِبِل مَسَطَ بُطونها فَخَرطَها، وَقَالَ جرير:
يَا ثَلْطَ حَامِضَةٍ تربَّع ماسِطا
من وَاسِطٍ وتَرَبَّعَ الُقُلاَّما
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَحْل مَسِيط ومَلِيخ ودَهِين: إِذا لم يُلْقِح. وَقيل: ماسِط: ماءٌ مِلْح إِذا شَرِبته الْإِبِل مَسَطَ بطونَها، وروى الْبَيْت:
... ... ... ... . . تَرَوَّحَ أهلُها
عَن ماسِطٍ وتَنَدَّتِ القُلاَّما
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كنتُ أَمشي مَعَ أعرابيّ فِي الطِّين، فَقَالَ: هَذَا المَسِيط، يَعْنِي الطِّين.

(12/245)


وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّغِيطُ: الرَّكيّة يكون إِلَى جَانبهَا ركيّة أُخْرَى فَتُحْمَأ، وتَنْدَفِن فيُنْتِن مَاؤُهَا ويسيل مَاؤُهَا إِلَى العَذْبة فيُفسِدُها فَتلك الضَّغِيط والْمَسِيط، وَأنْشد:
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغِيط
وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْمَسيطَةُ: الماءُ الَّذِي يَجري بَين الحوضِ والبئر فيُنْتِن، وأنشَد:
ولاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائِط
يَمُدُّهَا من رِجْرِجٍ مَسَائِطُ
ابْن السكّيت قَالَ أَبُو الغَمْر: إِذا سَالَ الْوَادي بسَيْل صَغِير فَهِيَ مَسيطة، وأصغَرَ من ذَلِك مُسَيِّطَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصْمَعِي: الْمَسِيطَة: الماءُ الكَدِر الَّذِي يَبقَى فِي الْحَوْض، والْمَطِيطة نحوٌ مِنْهَا.
طمس: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَمَسَ الطَّرِيقُ وطَسَم: إِذا دَرَسَ.
وَقَالَ شمر: طموسُ البَصَر: ذَهابُ نُورِه وضَوئِه، وَكَذَلِكَ طُموسُ الكَواكب: ذَهاب ضوئها. وَيُقَال: طَمَسَ الرجلُ يطمس: إِذا تبَاعد. والطامس: البَعيد، وَقَالَ ذُو الرّمة:
وَلَا تحسِبي شَجِّي بك البِيدَ كلَّما
تَلألأ بالفَوْر النّجُوم الطّوامسُ
وَهِي الّتي تَخفَى وتَغيب. وَيُقَال: طمَسْتُه فطمَس؛ وَيُقَال: طَمَس الله على بصَرِه يطمس. وطمَسَ طُمُوساً: إِذا ذَهَب بَصَرُه. وطُموسُ القَلْب: فسادُه، قَالَ الله جلّ وعزّ: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} (يس: 66) ، يَقُول: لَو نشَاء لأَعْميناهم، وَيكون الطُّموس بِمَنْزِلَة المَسْخ للشَّيْء، قَالَ الله جلّ وعزّ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} (يُونُس: 88) ، قَالُوا: صَارَت حِجَارَة، وَكَذَلِكَ قَوْله: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ} (النِّسَاء: 47) .
وَقَالَ الزّجاج: فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال: قَالَ بَعضهم: نَجعل وُجُوههم كأقفائهم. وَقَالَ بَعضهم: نَجعل وجوهَهم مَنَابت الشَّعْر كأقفائهم. وَقيل: الْوُجُوه هَاهُنَا تمثيلٌ بأَمر الدِّين، المعنَى: من قبل أَن نُضِلَّهم مُجازاةً لما هم عَلَيْهِ من العِناد فنضلّهم إضلالاً لَا يؤمِنون مَعَه أبدا.
قَالَ: وَقَوله: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} قَالَ: المَطْمُوس: الّذي لَا يتبيّن لَهُ حَرْفُ جَفْنِ عَيْنَيْهِ، لَا يُرَى شُفْرُ عَيْنَيْهِ؛ الْمَعْنى: لَو نشَاء لأَعْمَيْنَاهم.
وَقَالَ فِي قَوْله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه جعل شكرهم مجارة وَتَأْويل الْحسن إذهابُه عَن صُورته.
وَقيل: إِن الطَّمْس إِحْدَى الْآيَات التِّسع الَّتِي أُوتِيَتْ مُوسى.

(12/246)


ابْن بُزُرْج قَالَ: لَا تسبقنّ فِي طميس الأَرْض، مثل جَدِيد الأَرْض.
وَقَالَ الفرّاء فِي كتاب (المَصادِر) : الطَّمَاسة كالحَزْرِ وَهُوَ مصدر، يُقَال: كم يَكفِي دَاري هَذَا من آجُرّة؟ قَالَ: طَمّس، أَي: احْزُرْ قَالَ: وطَمَس بَصرُه، يَطمِس طَمْساً، وَيطمِس طُمُوساً.
أَبُو زيد: طَمَس الكتابُ طُموساً: إِذا دَرَس. وطُموسُ القَلْب: فسادُه. وطَمَس الرجلُ يَطمُس طُموساً: إِذا تَباعَد. والطامسُ: البَعِيد، وَأنْشد شمر لِابْنِ مَيَّادة:
ومَوْمَاةٍ يَحارُ الطَّرفُ فِيهَا
صَمُوتِ اللَّيلِ طامِسةِ الْجِبالِ
قَالَ: طامسة بعيدَة: لَا تتبيّن من بُعْدٍ، وَتَكون الطّوامس الّتي غطّاها السّراب فَلَا تُرَى.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: رأيتُه فِي طسَام الغُبارِ، وطُسّامه، وطسَّامِه وطيْسانِهِ، تُرِيدُ بِهِ فِي كَثِيره.
مطس: قَالَ اللَّيْث: مَطَس المعذِرة يَمْطُس: إِذا رمى بمرَّة.
وَقَالَ ابْن دُرِيد: المَطْسُ: الضَّرْب بِالْيَدِ كاللَّطْمة.
انْتهى، وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) السّين والدّال)
س د ت س د ظ س د ذ س د ث: أهملت وجوهها.
س د ر
سدر، سرد، دسر، درس، ردس: مستعملة.
سدر: السِّدر: اسْم الْجِنْس، والواحدة سِدْرَة.
السِّدْر من الشَّجَر سِدْران: أحدُهما سِدْرٌ بَرّيّ لَا يُنتَفَع بثَمره، وَلَا يصلُح ورقُه للغَسول، وَرُبمَا خُبِط ورقُه للرّاعية، وَله ثمَر عَفِصٌ لَا يُؤْكَل، والعرَب تسمِّيه الضّال، والجِنْس الثَّانِي من السِّدر ينبُت على المَاء، وثمرُه النَّبِق، ورَقُه غَسولُ، يُشبه شجر العُنّاب، لَهُ سُلاّء كسُلاّئه وورَقٌ كوَرَقِه، إِلَّا أنَّ ثمرَ العُنَّاب أَحْمَرُ حُلْو، وثمرُ السِّدْر أصفَرُ مُزّ يتفكَّه بِهِ، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {) أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى} { (الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (النَّجْم: 14، 15) ، فَإِن اللّيث زعم أنّها سِدْرةٌ فِي السَّمَاء السَّابِعَة لَا يجاوِزُها ملك وَلَا نبيّ، وَقد أَظَلّت السماءَ والجَنّة ويُجمَع السِّدْرةُ سِدْراً وسِدَراً وسِدِرات. والسدر: اسمُ للْجِنْس، الْوَاحِدَة سِدْرة.
أَبُو عبيد: السادِرُ: الّذي لَا يَهتمّ لشَيْء وَلَا يُبالِي مَا صَنَع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَر،

(12/247)


يُقَال: سَدِر بصرُه يسْدر سَدَراً: إِذا لم يكن يُبصِر فَهُوَ سَدِر. وعينٌ سَدَرة.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السَّدَر: قَدَع الْعين؛ والسَمادِير: ضَعْفُ البَصَر. والسَّدْرُ والسَّدْل: إرسالُ الشَّعر، يُقَال: شعر مَسْدُور ومَسْدول وَشعر مُنْسَدِر ومُنْسَدِل: إِذا كَانَ مسترسِلاً. أَبُو عُبَيْد: يُقَال: انسَدَرَ فلانٌ يَعْدُو، وانّصَلت يَعْدُو: إِذا أسْرَع فِي عَدْوه.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدِير: نهرٌ بِالْحيرَةِ.
وَقَالَ عديّ:
سَرَّه حالُه وكثرةُ مَا يملِك
والبحرُ مُعرِضاً والسَّدِير
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: السَّدِير فارسية، كَأَن أَصله سادِلٌ، أَي: قُبّة فِي ثَلَاث قِبابٍ مُداخَلة، وَهُوَ الّذي تسمِّيه الناسُ اليومَ سِدْليّاً فأعرَبته العَرَب فَقَالُوا سَدِير. وَفِي (نَوَادِر الْأَصْمَعِي) الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ أَبُو يَعلى قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاء: السَّدِيرُ: العُشْبُ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقَال للرجل إِذا جَاءَ فَارغًا: جَاءَ يَنْفُض أَسْدَرَيه. قَالَ: وبعضُهم يَقُول: جَاءَ ينفض أصْدَريْه. وَقَالَ: أسدراه: مِنكباه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ ينفُض أزْدَرَيْه إِذا جَاءَ فَارغًا.
وَقَالَ اللّحياني: سَدَرَ ثَوْبه سَدْراً: إِذا أرسَله طُولاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تَسدَّر بثَوْبه: إِذا تجَلَّل بِهِ. قَالَ: وسمعتُ بعضَ قيس يَقُول: سَدَل الرجل فِي الْبِلَاد وسَدَر: إِذا ذَهَب فِيهَا فَلم يَثْنه شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَدر: قَمر. وسَدِر: تحير مِن شدّة الحرّ. قَالَ: ولُعبةٌ للعَرب يُقَال لَهَا: السُّدّر والطُّبن.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عُبيدة: جَاءَ فلَان يَضرب أَسْدَرَيه وأَصْدَرَيه، أَي: عِطْفَيْه، وَذَلِكَ إِذا جَاءَ فَارغًا.
دسر: قَالَ اللَّيْث: الدَّسْر: الطَّعن والدفْعُ الشَّديد، يُقَال: دَسَره بالرُّمح، وَأنْشد:
عَن ذِي قَدَامِيسَ كَهَامٍ لَو دَسَرْ
قَالَ: والبُضْعُ يُستعمَل فِيهِ الدَّسْر، يُقَال: دسَرَها بأَيْرِه.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (الْقَمَر: 13) ، قَالَ: الدُّسُر: مَسامِيرُ السَّفِينَة وشُرُطُها الّتي تُشَدُّ بهَا.
وَقَالَ الزّجّاج: كلّ شيءٍ يكون نَحْو السَّمْر. وَإِدْخَال شَيْء فِي شَيْء بقوّة وشِدّة فَهُوَ الدَّسْر، يُقَال: دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره وأدسِره دَسْراً. قَالَ: وَوَاحِد الدُّسْرِ دِسَار.
وسُئِل ابْن عبّاس عَن زكاةِ العَنْبَر فَقَالَ: إنّما هُوَ شَيْء دَسَره البحرُ، وَمَعْنَاهُ: أَن موج الْبَحْر دَفعه فَأَلْقَاهُ إِلَى الشطّ فَلَا زَكَاة فِيهِ.

(12/248)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّسْر: السَّفِينة.
وَقَالَ ثَعْلَب فِي قَوْله: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ} .
قَالَ بَعضهم: هُوَ دَفْعُها الماءَ بكلْكلِها. وَيُقَال: الدُّسُر: المسامير. وَيُقَال: الدِّسارُ: الشَّريط من اللِّيف الّذي يشدّ بعضُه ببَعض.
وَقَالَ اللَّيْث: جَمَلٌ دَوْسَرِيٌّ ودَوْسَر: وَهُوَ الضَّخْم ذُو الهامة والمَناكِب.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الدَّوْسَرِيُّ: القَوِيُّ من الْإِبِل. ودَوْسَر: كتيبةٌ كَانَت للنُّعمان بن الْمُنْذر، وأنشَد:
ضَرَبتْ دَوْسَرُ فِينَا ضَرْبةً
أَثبتَتْ أوتاد مُلْكٍ فاستَقَرّ
وَبَنُو سَعْد بنِ زيد مَناةَ كَانَت تُلَقَّبُ: دَوْسَر فِي الجاهليّة.
سرد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ} (سبأ: 11) .
قَالَ الفرَّاء: يَقُول: لَا تجْعَل مِسمارَ الدِّرْع دَقِيقاً فيَنفَلق، وَلَا غَليظاً فيَفْصِم الحَلَق.
وَقَالَ الزّجّاج: السّرْد فِي اللّغة: تَقدِمة شَيْء إِلَى شَيْء حَتَّى يتّسق بعض إِلَى إثْرِ بعض متَتابعاً.
وَيُقَال: سَرَدَ فلانٌ الحديثَ يَسرُدُه سَرْداً: إِذا تابَعَه. وسَرَد فلانٌ الصَّوْمَ: إِذا وَالاه.
وَقَالَ فِي التَّفْسِير: السَّرْدُ: السَّمْرُ، وَهُوَ غير خارجٍ من اللّغة، لأنّ السَّمْر تقديرُك طرَف الحَلْقة إِلَى طَرَفها الآخر.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: رجل سَرَنْدَى: مشتقّ من السّرْد، وَمَعْنَاهُ: الّذي يَمضِي قُدُماً. قَالَ: والسَّرَد: الحَلَق، وَهُوَ الزَّرَد، وَمِنْه قيل لصَاحِبهَا سرّاد وزَرّاد.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْد: اسمٌ جامعٌ للدُّروع وَمَا أَشبَهَها من عَمَل الحَلَق، وسُمِّي سَرْداً لِأَنَّهُ يُسرَّد فيُثقب طرفَا كلّ حَلقَة بالمسمار، فَذَلِك الحَلَق المُسَرَّد، والمِسْرَد هُوَ المِثقَب، وَهُوَ السِّراد.
وَقَالَ لَبيد:
كَمَا خَرَج السِّرادُ من النِّقال
وَقَالَ طَرَفة:
حِفَافَيْه شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمِسْرَدِ
ويسمَّى اللّسان مِسرَداً.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: سردَ فلانٌ الكتابَ مَعْنَاهُ: دَرَسه مُحكماً مجوَّداً، أَي: أَحكَمَ دَرْسَه وأجادَه، من قَوْلهم: سَرَدْتُ الدِّرعَ إِذا أحكمتَ مَسامِيرها، ودِرْع مسرودةٌ: محكمةُ المسامير والحَلَق.
والسَّرَادُ من الثَّمر: مَا أَضَرَّ بِهِ الْعَطش فيبِس قبلَ ينْعِه. وَقد أَسرَد النخلُ، والواحدة سَرَادَة.
وَقَالَ الفرَّاء: السَّرادة: الخَلالة الصُّلبة. والسراد من الزَّبِيب يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: زنجير.

(12/249)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السّرادُ: المتتابع.
وَقيل لأعرابيّ: مَا أَشهُرُ الحُرُم؟ فَقَالَ: ثلاثةٌ سَرْد، وَوَاحِد فَرْد.
عَمْرو عَن أَبِيه: السارِدُ: الخرّاز. والإشْفَى يُقَال لَهُ: السِّرادُ والمِسرَدُ والمخْصَف.
ردس: قَالَ اللَّيْث: الرَّدْس: دَكُّك أَرضًا أَو حَائِطا أَو مَدَراً بِشَيْء صُلْبٍ عريضٍ يُسمى مِرْدَساً، وأَنشد:
يُغَمِّد الأعداءَ جَوْزاً مِرْدَسا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: المِرْداسُ: الصَّخْرة يُرمَى بهَا فِي الْبِئْر ليُعلمَ أفيها ماءٌ أم لَا.
قَالَ الراجز:
قَذْفَك بالمِرْداس فِي قَعْرِ الطَّوِي
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَدَسه بالحَجَر، أَي: ضرَبَه ورَمَاه بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
هُنَاكَ مِرْداناً مِدَقٌّ مِرْداسْ
أَي: داقٌّ. وَيُقَال: رَدَسَه بحَجَر ونَدَسَه ورَداه: إِذا رَماه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّدُوس: النُّطوح المِزحَم، وَقَالَ الطِّرمّاح:
تَشُقّ مُغمِّضاتِ اللَّيل عَنْهَا
إِذا طَرقَتْ بمرْداسٍ رَعُونِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: المِرْدَاسُ: الرَّأْس لِأَنَّهُ يردُسُ بِهِ، أَي: يردُّ بِهِ ويُدفَع. والرَّعُون المتحرّك؛ يُقَال: رَدَس بِرَأْسِهِ، أَي: دَفَع بهَا.
درس: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ بالبَعير شيءٌ خَفيف مِن الجَرَب قيل: بِهِ شَيْء من دَرْس وأَنشد:
من عَرَق النَّضْج عَصِيمُ الدَّرْسِ
وأخبَرَ المنذريُّ عَن أبي العبّاس فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكَذالِكَ نُصَرِّفُ الاَْيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} (الْأَنْعَام: 105) ، قَالَ: مَعْنَاهُ: وَكَذَلِكَ نُبيِّن لَهُم الْآيَات مِن هُنا وهُنا لكَي يَقُولُوا: إِنَّك دَرَسْتَ، أَي: تَعَلّمتَ، أَي: هَذَا الّذي جئتَ بِهِ عُلِّمتَ.
قَالَ: وَقَرَأَ ابنُ عبّاس وَمُجاهد: (دارَسْتَ) ، وفسّرها: قرأتَ على الْيَهُود وقرءوا عليكَ، وقرئت: (وليقولوا دُرِسَت) ، أَي: قُرِئَتْ وتُلِيَتْ. وقُرىء: (دَرِسَتْ) ، أَي: تَقادَمت، أَي: هَذَا الّذي تتلوه علينا شَيْء قد تَطاوَل ومَرَّ بِنَا.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: دَرَسَ الشيءُ يَدْرُس دُرُوساً، ودَرَسْتُ الكتابَ أدرُسُه دِراسةً. والمِدْرَسُ: الْمَكَان الَّذِي يُدرَس فِيهِ. والمِدْرَس: الكِتاب. والدِّراس: المُدارَسة.
قَالَ: والدُّروس: دُرُوس الْجَارِيَة إِذا طَمِشَتْ، يُقَال: جَارِيَة دارِسُ، وجوارٍ دُرَّس وَدَوارِس.

(12/250)


وَقَالَ الأسوَد بنُ يَعفُر يصف جَواريَ حِين أدركنَ:
اللاّتِ كالبَيضِ لمّا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ
صُفْرُ الأَناملِ من نقْف القَوارِيرِ
ودرَسَت الجاريةُ تَدْرُس دُرُوساً. والدَّرْسُ: الجَرَب أوّلُ مَا يظْهر مِنْهُ. والدَّرْس والدِّرْس والدَّرِيس: الثوبُ الخَلَق.
قَالَ ابنُ أَحْمَر:
لَم تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَج قَبْلَها
ودِراسُ أعوَصَ دارِسٍ متخدِّد
قَالَ ابْن السكّيت: ظنّ أَن اليَرَنْدَج عمل من عَمَل النَّاس يُعمَل، وإنّما اليَرَنْدج جلودٌ سُود. وقولُه: ودِراس أعوَصَ، لَم يُدارِس الناسَ عَوِيصَ الْكَلَام، وقولُه: دارسٍ متخدِّر، أَي: يَغْمضُ أَحْيَانًا فَلَا يُرَى، وَيظْهر أَحْيَانًا فَيرى، مَا تخدّد مِنْهُ غُمضَ، وَمَا لم يتخدّد ظَهَر. ويُروَى: متجدِّد بِالْجِيم، وَمَعْنَاهُ: أَن مَا ظَهَر مِنْهُ جَدِيد وَمَا لم يظْهر دارس.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الهَيْثَم يَقُول: دَرَس الأَثرُ يَدرسُ دُرُوساً، أَو دَرَسهُ الرِّيح تَدْرُسه دَرْساً، أَي: مَحَتْه وَمن ذَلِك قيل:
دَرَسْتُ الثوبَ أدرُسُه دَرْساً فَهُوَ مَدْرُوس ودَرِيس، أَي: أَخْلَقْته وَمن قيل للثّوب الخَلُق دريس، وجمعُه دِرْسَان.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: دَرَس البعيرُ: إِذا جَرب جَرَباً شَدِيدا فقُطِرَ، قَالَ جرير:
رَكِبتْ نَوارُكُمُ بَعيراً دارِساً
فِي السَّوْقِ أَفْضَح راكبٍ وبَعيرِ
قَالَ: وَقيل: دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسه دَرْساً، أَي: ذَلَّلتُه بِكَثْرَة الْقِرَاءَة حَتَّى خَفّ حِفْظُه عليّ من ذَلِك، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الحِلْم إدْهانٌ وَفِي العَفْو دُرْسةٌ
وَفِي الصِّدق مَنْجاةٌ من الشّرّ فاصدُقِ
قَالَ: الدُّرْسةُ: الرّياضة؛ وَمِنْه دَرَسْتُ السُورة حتّى حفِظتُها؛ ودَرَستُ الْقَضِيب، أَي: رُضْتُه. والإدْهان المَذَلة واللِّين.
وَقَالَ غَيره: دُرِسَ الطعامُ يُدْرس دِراساً: إِذا دِيسَ. والدِّراسُ: الدِّياسُ بِلُغة أهلِ الشَّام، وَقَالَ:
حَمراءُ مِمّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق
أَي: داسَ، وأرادَ بالحَمراءِ برّةً حَمْراءَ فِي لَونها.
وَقَول لَبيد:
يَوْمَ لَا يُدخل المُدارِسَ فِي
الرَّحْمة إِلَّا براءةٌ واعتذارُ
قَالَ الْمُدارِس: الَّذِي قَرَأَ الْكتب ودَرَسها. وَقيل: المُدَارِسُ: الَّذي قارَفَ الذُّنوبَ وتَلَطَّخَ بهَا، من الدَّرْسِ وَهُوَ الجَرَب. والمِدْراسُ: البيتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ الْقُرْآن، وَكَذَلِكَ مِدْرَاسُ اليَهود.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدِّرْوَاسُ:

(12/251)


الكبيرُ الرَّأْس من الكلابِ. والدِّرْباس بِالْبَاء: الكلبُ العَقُور، وَأنْشد:
أَعْدَدْتُ دِرْوَاساً لِدِرْباسِ الْحُمْتْ
هَذَا كلبٌ كَأَنَّهُ قد ضَرِيَ فِي زِقَاقِ السَّمْن يأكلها، فأَعَدَّ لَهُ كَلْبا آخَر يُقَال لَهُ دِرْوَاس.
وَقَالَ غيرُه: الدَّرَاوس من الْإِبِل: الذُّلُل الغِلاظ الْأَعْنَاق، واحِدها دِرْواس.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاءِ: الدَّرَاوِس: العِظامُ من الْإِبِل.
س د ل
سدل، لدس، لسد، دلّس: (مستعملة) .
سدل: فِي حَدِيث عليّ: أنّه خرج فَرَأى قوما يُصلُّون قد سَدَلوا ثِيابَهم فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ اليهودُ خَرجوا من فُهْرِهم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: السَّدْل: هُوَ إِسبالُ الرَّجل ثوبَه من غير أَن يَضُمّ جانبيه بَين يَدَيْهِ، فَإِن ضَمَّه فَلَيْسَ بسَدْل؛ وَقد رُوِيتْ فِيهِ الكَراهيةُ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ اللَّيْث: شَعرٌ مُنسَدِل ومُنْسَدِر: كثيرٌ طويلٌ قد وَقع على الظَّهر.
الأصمعيّ: السُّدول والسُّدُون بالنُّون وَاللَّام: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب.
قَالَ الراجز:
كأنّ مَا جُلِّلن بالأُسْدانِ
يانِعَ حُمّاض وأرْجُوانِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سَوْدَل الرجلُ: إِذا طَال سَوْدلاه؛ أَي: شارِباه.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة (أَنَّهَا سدَلت طرف قناعها على وَجههَا وَهِي مُحرمَة) ، أَي: أسبلته.
وَفِي الحَدِيث (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدِم الْمَدِينَة وأهلُ الكتابَ يسدِلون أشعارَهم وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرُقون؛ فسَدَل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَعرَه ففَرّقه، وَكَانَ الفَرْقُ آخِرَ الأمرَين) .
قَالَ ابْن شُمَيْل: المسدَّلُ من الشَّعر. الكثيرُ الطَّوِيل، يُقَال: سَدَّل شعرَه على عاتقَيه وعُنقِه، وسَدَله يَسدِله. والسَّدْل: الْإِرْسَال لَيْسَ بمَعْقُوف وَلَا مُعقَّد. وشَعرٌ مُنسَدِلٌ ومُنسَدِرٌ.
وَقَالَ الفرّاء: سَدَلْتُ السِّترَ وسَدَنْتُه: أرخَيْتُه.
دلّس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّلَسُ: السّواد والظلمة. وَفُلَان لَا يُدالس وَلَا يُوالس قَالَ: لَا يدالس وَلَا يظلم، وَلَا يوالس: أَي: لَا يخون لَا يُوارِب.
وَقَالَ شَمر: المُدالسةُ: إِذا باعَك شَيْئا فَلم يُبَيِّنْهُ لَك، يُقَال: دلّس لي سِلعةَ سَوْء. واندلس الشَّيْء: إِذا خَفِي. ودلّسْتُه فتدلَّس، وتَدلُّسُه أَلا يشْعر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دلّس فِي البيع وَفِي كل شَيْء: إِذا لم يبيّن عَيْبَه.

(12/252)


قلت: ومِنْ هَذَا أُخِذ التدليسُ فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ أَن يُحدِّث بِهِ عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر وَقد كَانَ قد رَآهُ، وَإِنَّمَا سَمعه عَمَّن دونه مِمَّن سَمعه مِنْهُ، وَقد فعل ذَلِك جماعةٌ من الثِّقات. والدُّلْسةُ: الظلمَة. وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: لامرىء قُرفَ بِسوء فِيهِ، مَا لي فِي هَذَا الْأَمر وَلْسٌ وَلَا دَلْسٌ، أَي: مَا لي فِيهِ خِيانة وَلَا خديعة.
سَلمة عَن الْفراء قَالَ: الإدلاس: بقايا النَّبت والبَقْل، وَاحِدهَا دَلَس، وَقد أدلست الأَرْض، وَأنْشد:
بَدَّلتْنَا من قَهْوَسٍ قِنْعاسَا
ذَا صَهَوات يَرْتَع الأَدلاسَا
لدس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَلدَسَتِ الأرضُ إلْداساً: إِذا طَلَع فِيهَا النّبات. وناقةٌ لَدِيس رَدِيس: إِذا رُميت باللّحم رَمْياً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَموسٌ شِمِلَّةٌ
تُبارُ إِلَيْهَا المُحصنَاتُ النَّجائبُ
الْمُحْصنَات النّجائب: اللّواتي أحصنَها صاحبُها أَن لَا يضْربهَا إِلَّا فحلٌ كريم. وَقَوله: تبارُ يَقُول: يُنظَر إليهنّ وَإِلَى سَيْرهنّ بسَيْر هَذِه الناقةِ، ويختَبرْن بهَا وبسيرها. وَيُقَال: لَدّسْتُ الخُفَّ تلدِيساً: إِذا نَقَّلْتَه ورَفَعْتَه. ولَدَّسْتُ فِرْسِنَ البعيرِ: إِذا أَنْعَلته.
وَقَالَ الراجز:
حَرْف عَلاَة ذَات خُفَ مِرْدَسِ
دَامِي الأظَلِّ مُنْعلٍ مُلَدَّسِ
لسد: أَبُو عبيد: لَسَدَ الطَّلَى أمَّه يَلْسِدها: إِذا رَضَع جَمِيع مَا فِي ضَرْعها، رَوَاهُ أَبُو عُبيدة عَنهُ. وأَنشَد النّضر:
لَا تَجزَعَنَّ على عُلاُلةِ بَكْرةٍ
بسْطٍ يُعارضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
قَالَ: اللَّسْدُ: الرَّضْع. والمِلسَد: الَّذي يَرضَع أُمَّه من الفُصْلان.
س د ن
سدن، سَنَد، ندس، دنس: (مستعملة) .
سدن: ذَكَر النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِدَانةَ الكَعْبة وسقاية الْحَاج فِي حَدِيث.
قَالَ أَبُو عبيد: سِدَانة الْكَعْبَة: خِدمْتَها.
يُقَال مِنْهُ: سَدَنْتُ أسْدُنُ سِدَانة. ورجُلٌ سادِن من قومٍ سَدَنة: وهم الخَدَم.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الأسْدانُ والسُّدُون: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب. واحدُها سَدَن.
عَمْرو عَن أَبِيه: السَّدِين: الشَّحْمُ. والسَّدِين: السَّتر.
سَنَد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: مِن عُيوب الشِّعر السِّناد، وَهُوَ اخْتِلَاف الأرداف. كَقَوْلِه:
كأنّ عُيونهُنّ عُيونُ عِينِ

(12/253)


ثمَّ قَالَ:
وأَصبَحَ رأسُه مِثلَ اللُّجَيْنِ
وأخبَرَني أَبُو محمّد المُزَنيّ عَن أبي خَليفَة عَن محمّد بن سلاّم الجَمَحيّ أَنه قَالَ: السِّنَاء فِي القافية مِثل شَيْبٍ وشِيبٍ.
يُقَال: سانَدَ فلانٌ فِي شِعرِه، قَالَ: وَمن هَذَا يقالُ خرج الْقدَم متساندين إِذا خرج كلُّ بني أبٍ على رايةٍ وَلم يَجتمعوا على راية وَاحِدَة.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: أَسنَدَ فِي الشِّعْر إِسْنَادًا بِمَعْنى سانَدَ مثل إِسناد الْخَبَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّنَدُ: ضَرْبٌ من البُرود.
وَفِي الحَدِيث: (أنّه رأى على عَائِشَة أربعةَ أَثوَاب سَنَد) . وَهُوَ وَاحِد وَجمع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد: ضَربٌ من الثّياب: قَمِيص، ثمَّ فوقَه قميصٌ أقصرَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قُمُص قِصار من خِرَق مُغَيَّب بعضُها تَحت بعض. وكلُّ مَا ظهر من ذَلِك يسمَّى سِمْطاً سِمطاً.
وَقَالَ العجَّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً:
كَتّانها أَو سَنَدٍ أَسْماط
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: السَّندُ وَاحِد الأَسْناد من الثِّياب، وَهِي مِنَ البُرود، وَأنْشد:
جُبّةُ أَسْنادٍ نَقِيٌّ لَوْنها
لَم يَضرِب الخيّاطُ فِيهَا بالإبَر
قَالَ: وَهِي الْحَمْرَاء من جِبَابِ البُرُود.
قَالَ: والسَّنَد مثقَّلٌ: سُنود القومِ فِي الجَبَلِ. والإسناد: إِسْنَاد الرّاحلة فِي سيْرها، وَهُوَ سيْرٌ بَين الذَّميل والهمْلَجة.
وَقَالَ: سنَدْنا فِي الْجَبَل، وأَسنَدْنا إبِلَنا فِيهَا.
ابْن الْأَعرَابِي: سَنَد الرجلُ: إِذا لبس السَّنَد، وَهُوَ ضرْب من البُرود.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الهبِيطُ: الضامر. وَقَالَ غيرُه السِّناد مثلُه. وَأنْكرهُ شمر. وَقَالَ: قَالَ أَبُو عمْرو: ناقةٌ سِنَاد: شديدةُ الخُلق.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ سنادٌ: طَوِيلَة القَوائم مُسنَدة السَّنام.
وَقَالَ ابْن بزرج: السِّناد: من صِفَات الْإِبِل أَن يُشرِفَ حارِكُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ المُشرِفة الصَّدْر والمُقدَّم، وَهِي المُساندة. قَالَ شمر: أَي: يساند بعضُ خَلْقها بَعْضًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الكِسائيّ يَقُول: رجلٌ سِنْدَأْوَة وقِنْدَأْوَة: وَهُوَ الْخَفِيف.
وَقَالَ الْفراء: من النُّون الجريئة. وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد مَا ارْتَفع من الأَرْض فِي قُبل جبَل أَو وَادِ، وكلُّ شَيْء أسنَدْتَ إِلَيْهِ شَيْئا فَهُوَ مُسنَد. قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الْكَلَام سنَد ومُسنَد، فَالسَّنَد كَقَوْلِك: عبدُ الله رجلٌ صَالح، فعبدُ الله سنَد، ورجلٌ صَالح مُسنَدٌ إِلَيْهِ.

(12/254)


قَالَ: والمسنَدُ: الدّعِيّ. والمسند: الدهْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتيه يَد الدهْر، ويدَ المُسنَد: أَي: لَا آتِيه أبدا.
وَقَالَ أَبُو سعيد: السِّنْدَأوَةُ: خرْقةُ تكون وقايةً تَحت العِمامة من الدُّهن.
قلتُ: والمسنَد من الحَدِيث: مَا اتّصل إِسْنَاده حَتَّى يُرفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمرسلُ والمنقطع: مَا لَم يتَّصل. وَيُقَال للدَعِيّ: سنيد، وَقَالَ لَبيد:
كريمٌ لَا أَحَدُّ وَلَا سنيدُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْمسند: كلامُ أولادِ شِيث.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: سندتُ إِلَى الشَّيْء أَسنُد سُنوداً: إِذا استَنَدْتَ إِلَيْهِ وأسندت إِليه غَيْرِي.
وَيُقَال: سانَدْتُه إِلَى شَيْء يتسانَدُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زيد:
سانَدُوه حَتَّى إِذا لَمْ يَرَوْه
شُدَّ أجلاَدُه على التَّسْنِيدِ
وَمَا يسْتَند إِلَيْهِ يسمَّى مِسنَداً ومُسنَداً.
السنْد: جيلٌ من النَّاس تُتاخم بلادُهم بِلَاد أهلِ الْهِنْد، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم سنْدِيّ. والسَّنَدُ: بلد مَعْرُوف فِي الْبَادِيَة. وَمِنْه قَوْله:
يَا دارمَيَّةَ بالْعَلْياءِ فالسَّنَدِ
والعلياء: اسمُ بلدٍ آخر.
ندس: الحَراني عَن ابْن السكّيت: رجلٌ نَدِسٌ ونَدُسٌ: إِذا كَانَ عَالما بالأخبار.
ورجلٌ نَطِسٌ ونُطُسٌ: للمُبالِغ فِي الشَّيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تندّستُ الخبَر وتحسسْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: النّدُسُ: السريعُ الِاسْتِمَاع للصّوت الخفيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّدْسُ: الطَّعن، وَقَالَ الكُميت:
وَنحن صَبَحْنا آل نَجْرَانَ غَارة
تَميمَ بنَ مُرَ والرِّماح النَّوَادِسَا
حَكَاهُ أَبُو عُبيد عَنهُ.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيرة (أَنه دخل المسجدَ وَهُوَ يَنْدُس الأَرْض برجلِه) ، أَي: يَضربها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَسمَاء الخُنْفساء: المَنْدُوسة والفاسيَاء.
قيل: وتَندَّسَ ماءُ البئرِ: إِذا فاض من حَوَاليْها.
دنس: قَالَ اللَّيْث: الدَّنس فِي الثِّيَاب: لطخ الوَسخ، وَنَحْوه فِي الْأَخْلَاق.
رجُلٌ دَنسُ المُروءَةِ، وَقد دَنِس دنساً، وَالِاسْم الدَّنس. ودنَّس الرجلُ عرضَه إِذا فَعل مَا يشينُه.

(12/255)


س د ف
سدف، سفد، فسد، فَدس، دسف، دفس: مُسْتَعْمل.
سدف: أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: السُّدْفة فِي لُغة تَمِيم: الظُّلْمة. قَالَ: والسُّدْفة فِي لُغَة قيْس: الضَّوْء، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيديّ، وأنشدنا للعجّاج:
وأَقطَع الليلَ إِذا مَا أَسْدَفَا
أَي: أُظلم. قَالَ: وَبَعْضهمْ يَجعل السُّدفةَ اخْتِلَاط الضَّوء والظُّلمة مَعًا كوقتِ مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى أوّل الْإِسْفَار.
الحرّاني: عَن ابْن السكّيت قَالَ: السَّدَفُ والسُّدفة: الظُّلْمة والضَّوء أَيْضا.
وَيُقَال: أَسدفِ السِّترَ، أَي: أرفَعه حَتَّى يُضيءَ الْبَيْت. قَالَ:
وَقَالَ عمَارَة: السدْفة ظُلمةٌ فِيهَا ضوءٌ من أوّل اللَّيْل وَآخره، مَا بَين الظلمَة إِلَى الشَّفق وَمَا بَين الفَجْر إِلَى الصَّلَاة.
قلتُ: وَالصَّحِيح مَا قَالَه عمَارَة.
اللحياني: أتيتُه بسُدْفةٍ من اللَّيْل، وشُدْفة وشَدْفة وَهُوَ السَّدَف والشَدَف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: أَسدَفَ الليلُ وأَشْدَفَ: إِذا أَرخَى سُتورَه وأَظلَم.
قَالَ: والإسدافُ من الأضداد.
يُقَال: أَسدِفْ لنا، أَي: أضِيءْ لنا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ رجلٌ قائمٌ بِالْبَابِ قلتَ لَهُ: أسدِف، أَي: تَنَحَّ عَن الْبَاب حَتَّى يُضيءَ لنا البيتُ.
وَقَالَ الفرّاء: السَّدَف والشَّدَف: الظُّلْمة والسَّدَف أَيْضا: الصُّبْح وإقبالُه، وَأنْشد:
بِيضٌ جِعادٌ كأنَّ أعيُنَهُمْ
يكْحَلُها فِي المَلاحِمِ السَّدَفُ
يَقُول: سوَادُ أَعينهم فِي الْمَلَاحِم باقٍ، لأنّهم أَنجادٌ لَا تَبرقُ أعينُهم من الفَزَع فيغيب سَوادُها.
وَيُقَال: سَدَفْتُ الحجابَ، أَي: أرخيتُه. وحجاب مَسدوف؛ قَالَ الْأَعْشَى:
بحِجابٍ مِن دُونِنا مَسْدُوفِ
وَرَوَاهُ الرُّواة: مَصْدوف بالصَّاد، وفسّروه أَنه المَسْتُور.
وَفِي حَدِيث أمِّ سَلَمة أَنَّهَا قَالَت لعَائِشَة لمّا أَرَادَت الخُروجَ إِلَى البَصْرة: تَرَكْت عُهَّيْدَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجَّهْتِ سِدَافَتَه.
أَرادت بالسِّدَافة الحِجابَ، وتوجيهُها كشفُها.
وَيُقَال: وجّه فلانٌ سِدافته: إِذا ترَكها وَخرج مِنْهَا.
وَقيل للسِّتْر: سِدافة، لِأَنَّهُ يُسْدَف، أَي: يُرخى عَلَيْهِ.
وَقَالَ الليثُ: السُّدْفةُ: اللّبَاب وَأنْشد لامرأةٍ من قيسٍ تهجو زَوْجَها:
لَا يَرْتَدِي بِرَادِيَ الحريرِ
وَلَا يُرَى بسُدْفة الأميرِ

(12/256)


أَبُو عُبَيد: السَّدِيف: شَحْمُ السَّنام، وَمِنْه قَول طَرَفة:
ويُسعى علينا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ
وَقَالَ غَيره: السُّدوف والشدُوف: الشُّخوص ترَاهَا من بُعْد، وَقَالَ الهُذَلِيّ:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها
من المغارِبِ مَخْطوفُ الحشَا زَرِمُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: أسْدَف الرجلُ وأَزْرَفَ وأغْدَف: إِذا نَام.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَسدَف الليلُ وأَزْدَف: إِذا أظلَم.
سفد: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للسِّباع: كلهَا سَفَدَ أُنْثاه يسفِدُها سِفاداً، والتَّيْسُ والثَّوْرُ مِثلُها.
وَقَالَ أَبُو زيد نحوَه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا ضَرَب الجملُ الناقَة قيل: فَقَا وقَاعَ، وسَفِد يَسفَد.
وأجازَ غيرُه: سَفَد يَسفِد. والسَّفُّود مَعْرُوف، وجمعُه سفافِيد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: استسفد فلَان بعيره: أَتَاهُ من خَلفه فَرَكبهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتَاهُ فتسفَّده، وتعرقبه مثله.
دسف: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدْسفَ الرجل إِذا صارَ مَعاشُه من الدُّسْفة، وَهِي القِيادة، وَهُوَ الدُّسْفان.
وَقَالَ اللَّيْث: والدُّسْفانُ: شِبْه الرَّسول يطلبُ الشيءَ.
وَقَالَ أميّة:
وأَرْسَلُوه يسوفُ الغَيْثَ دُسْفانَا
دفس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدفس الرَّجلُ: إِذا اسوَدَّ وجهُه من غير عِلَّة.
قلتُ: لم أسمَع هَذَا الحرفَ لغيره.
فَدس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: أفْدَسَ الرجلُ: إِذا صارَ فِي إنائه الفِدَسة، وَهِي العَناكِبُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفُدْسُ: العنكبوت.
قلتُ: ورأيتُ بالخَلْصاء دَحْلاً يُعْرَف بالفِدَسيّ، وَلَا أَدْرِي إِلَى أيّ شَيْء نُسِبَ.
فسد: قَالَ اللَّيْث: الفَساد: نقيضُ الصَّلاح، وَالْفِعْل فَسَد يَفْسُدُ فَسَادًا.
قلتُ: ولغة أُخْرَى: فَسُد فُسُوداً.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {وَيَسْعَوْنَ فِى الاَْرْضِ فَسَاداً} (الْمَائِدَة: 33) ، نصب (فَسَادًا) لِأَنَّهُ مفعول لَهُ، كأنّه قَالَ: يَسعَوْن فِي الأَرْض للْفَسَاد.
وَيُقَال: أفسَدَ فلانٌ المالَ يُفسِدُه إفساداً وَفَسَادًا {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (الْبَقَرَة: 205) وفَسَّد الشيءَ: إِذا أَبارَه.
وَقَالَ أَبُو جُنْدَب:
وقلتُ لهمْ قد أدركَتْكُمْ كتِيبَةٌ
مُفَسَّدةُ الأدْبارِ مَا لَمْ تُخَفّرِ
أَي: إِذا شَدَّتْ على قوم قَطَّعَتْ أدبارهم مَا لم تُخفَّر الأدبار، أَي: مَا لم تُمنَع.

(12/257)


واستسفد السُّلْطَان قائده: إِذا سَاءَ إِلَيْهِ حَتَّى استعصى عَلَيْهِ.
س د ب
سبد، دبس: (مستعملان) .
سبد: قَالَ اللَّيْث: السَّبَد: الشَّعْر. وَقَوْلهمْ: مَا لَه سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه ذُو شَعْر وَلَا ذُو وَبَر متلبِّد، وَلِهَذَا الْمَعْنى سُميَ المالُ سَبَداً.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه قَليل وَلَا كثير.
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: السَّبَد من الشَّعْر واللَّبَد من الصُّوف.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكر الخوارجَ فَقَالَ: (التَّسبيد فيهم فاشٍ) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سألتُ أَبَا عُبيدة عَن التسبيد فَقَالَ: هُوَ تَرْك التّدهُّن وغَسل الرَّأْس. قَالَ وغيرُه يَقُول: إِنَّمَا هُوَ الحَلْق واستئصالُ الشّعْر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: وَقد يكون الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، وَقَالَ النَّابِغَة فِي قصر الشَّعر يَذكُر فَرخَ قَطاةٍ حَمَّم:
فِي حاجِبِ العَيْنِ من تَسْبِيده زَغَبٌ
وَقَالَ: يَعْنِي بالتّسبيد طلوعَ الزَّغَب.
قَالَ: وَقد رُوِي فِي الحَدِيث مَا يثبِت قَول أبي عُبَيدة: قَالَ ابْن جريج عَن محمدِ بنِ عبّاد بنِ جَعْفَر: رأيتُ ابنَ عَبَّاس قَدِمَ مكّة مسبِّداً رأسَه، فأَتَى الحجَر فقبَّله.
قَالَ أَبُو عُبَيد: فالتّسبيد هَا هُنَا: تَرْكُ التَّدَهُّن والغَسل. وَبَعْضهمْ يَقُول: التسميد بِالْمِيم ومعناهما وَاحِد.
وَقَالَ غيرُ وَاحِد: سبَّد شَعرَه وسَمَّد: إِذا نَبَت بعد الحَلْق حِين يَظهر.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب سمعتُ سليمانَ بنَ المُغيرة يَقُول: سبَّد الرجلُ شعرَه: إِذا سرَّحه وبَلّه وتَرَكه. قَالَ: والشَّعر لَا يُسبِّد وَلكنه يُسبَّد.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سبّد شعرَه وسَمَّدَه: إِذا استأصَلَه حَتَّى ألصقَه بالجلْد. قَالَ: وسبَّد شعرَه: إِذا حلَقه ثمَّ نبت مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَبَد شعره وسَبّده وسبَتَه وأسبته: إِذا حلقه. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس، عَن عمْرو عَن أَبِيه.
أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السُّبَد: طائرٌ ليّن الريش إِذا قطر على ظَهره قطرتان من مَاء جرى، وَجمعه سِبْدان.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبَد: طَائِر مثلُ العُقاب.
قَالَ: وحَكَى أَبُو مَنجوف عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: السُّبَد هُوَ الخطّاف البَرّيّ.
وَقَالَ أَبُو نصر: هُوَ مِثل الخطّاف إِذا أَصَابَهُ الماءُ جرى عَنهُ سَرِيعا، وَقَالَ طُفَيل الغَنَوِي:

(12/258)


كأنَّه سُبَدٌ بالماءِ مَغْسولُ
وَقَالَ أَبُو سعيد: السُّبَد: ثوبٌ يُسدّ بِهِ الحَوْض المَرْكُوُّ لئلاّ يتكدّر الماءُ، يفرش فِيهِ وتسقى عَلَيْهِ الْإِبِل، وإيّاه عَنَى طُفيل.
قلتُ: وقولُ الراجز يحقِّق مَا قَالَه الأصمعيّ:
حَتَّى ترى المئزَر ذَا الفُضولِ
مثل جَناح السُّبَد المغسول
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: بِأَرْض بني فلَان أسباد، أَي: بقايَا من نَبْت وَاحِدهَا سِبْد وَقَالَ لَبيد:
سَبِداً من التَّنوُّم يَخْبِطُه النّدَى
ونوادراً من حَنظلٍ خُطْبانِ
وَقَالَ غَيره: أَسبَدَ النَّصيُّ إسباداً، وتسبَّد تَسْبِيداً: إِذا نَبَت مِنْهُ شَيْء حَدِيث فِيمَا قَدُم مِنْهُ، وَقَالَ الطِّرماح:
أَو كأسْباد النَّصيةِ لم يجتدِلْ
فِي حاجزٍ مُستَنامْ
قَالَ أَبُو سعيد: إِسبادُ النصية، سَنَمَتُها وتسميها العَرب الفورَان، لِأَنَّهَا تَفُور.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: أَسبادُ النَّصيِّ: رُؤُوسُه أولَ مَا يطلع، جمع سَبَد.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح فِي قصيدة أُخْرَى يصف قِدْحاً فائزاً:
مُجرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ
خَصْلُ الجوارِي طرائفٌ سبَدُه
أَرَادَ أَنه يُستطرَف فَوْزُه وكسْبُه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: يُقَال للرجل الدّاهي فِي اللُّصوصِيَّة: إِنَّه لسِبْدُ أَسبادٍ.
اللَّيْث: السُّبَد: الشؤمُ، حَكَاهُ عَن أبي الدُّقَيش فِي قَوْله:
امرؤُ القَيْس أَيْن أَرْوَى مؤلياً
إِن رَآني لأَبُوأَنْ بسُبَدْ
قلتُ بَجْراً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يمنعُني سَيْفي ويَدْ
دبس: قَالَ اللَّيْث: الدِّبْسُ: عُصارة الرُّطَب. والدُّبسة: لونٌ فِي ذَوَات الشّعر أحمرُ مُشربٌ سَواداً. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لرَكّاض الدُّبَيريّ:
لَا ذَنْبَ لي إذْ بنتُ زُهْرةَ دَبَّسَتْ
بغيرِك أَلْوَى يُشبِه الحَقَّ باطلُهْ
قَالَ: دَبَّسْتُه: واريتُه، وأَنشَدَنا:
قَرمٌ إِذا رَآهُ فَحل دبسَا
قَالَ: والدَّبُوسُ خِلاص تَمرٍ يُلقَى فِي مَسلَإِ السمْن فيَذوب فِيهِ، وَهِي مطيّبة للسّمن. قَالَ: والدَّبْسُ: الكثيرُ. وَقيل: دَبس خُفَّه: إِذا رقَّعه ولَدّمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّبسُ الأسودُ من كل شَيْء. والدَّبسُ: الجمعُ الْكثير من النَّاس.
قَالَ: وَيُقَال للسماء إِذا مَطَرت: دُرِّي دُبَسُ.

(12/259)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: مالٌ ربسٌ، أَي: كثير بالراء وَجَاء بأمرٍ رِبس، أَي: معكر، وكلُّ ذَلِك صَحِيح.
والدَّبوس مُعرب. وَأَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: دبَّسْتُ الشَّيْء: إِذا واريتَهْ. ودَبَّس: إِذا توارى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: جِئْت بِأُمُور دُبس، وَهِي الدّواهي فِي بَاب الدَّوَاهِي فِي الْمُؤلف.
س د م
سدم، سمد، دسم، دمس، مسد: مستعملة.
سدم: قَالَ اللَّيْث: السَّدَمُ: همٌّ ونَدَمٌ، تَقول: رَأَيْته سادِماً، ورأيته سَدْمانَ نَدْمانَ. وقلَّما يُفرَد السَّدَمُ من النّدم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّدِيمُ: الضَّباب. والسَّدِيمُ: التَّعبُ. والسديم: السّدِر. والسديم: المَاء المندفقُ. والسدِيمُ: الْكثير الذِّكْرِ. الدَّسيمُ: القليلُ الذّكر.
قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
لَا يَذْكُرون اللَّهَ إلاّ سَدْماً
وَقَالَ اللَّيْث: ماءٌ سُدُم، وَهُوَ الَّذِي وَقعت فِيهِ الأقمشة والجَوْلانُ حَتَّى يكَاد يندفن، وَقد سَدَم يَسْدُم، ومياهٌ أسْدام.
قَالَ: وَيُقَال: مَنْهَلٌ سَدُوم فِي مَوضِع سُدُمٍ، وَأنْشد:
ومَنْهَلاً ورَدْتَهُ سَدُوما
قَالَ: وسَدُوم: مَدِينَة من مَدَائِن قوم لوط، كَانَ قاضيها يُقَال لَهُ: سدُوم.
قلت: قَالَ أَبُو حَاتِم فِي كتاب (المُزال والمُفْسَد) : إنّما هُوَ سَذُوم بِالذَّالِ، وَالدَّال خطأ.
قلتُ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّحِيح.
أخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المَسْدومُ: المَمْنوعُ من أَن يَضرِب الإبلَ، يَعْنِي الفحلَ. قَالَ: وسدمتُ البابَ وسَطَمْتُه واحدُ وَهُوَ بَاب مَسْطُوم ومَسْدُوم، أَي: مَرْدوم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: رجلٌ نادِمٌ سادِمٌ. قَالَ قوم: السادِم: مَعْنَاهُ: المتغيِّر من الغَمِّ، وأَصلُه من قَوْلهم: ماءٌ مُسْدم، ومياهٌ سُدْم وأَسْدام: إِذا كَانَت متغيرة.
قَالَ ذُو الرمّة:
أَوَاجِنُ أَسْدامٌ وبعْضٌ مُعوَّرُ
وَقَالَ قومٌ: السّادمُ: الحزين الّذي لَا يُطيق ذَهاباً وَلَا مجيئاً. من قَوْلهم بَعيرٌ مَسْدوم: إِذا مُنع من الضِّراب.
وأَنشَد:
قَطَعْتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى
والمُسدَّم من فُحول الإبِل. والسَّدِمُ: الّذي يُرغَب عَن فَحْلتِه فيُحالُ بَينه وَبَين أُلاَّفِه، ويقيَّد إِذا هاج فيَرعَى حَوالَي الدّار، وَإِن

(12/260)


صالَ جُعل لَهُ حِجامٌ يمنَعهُ عَن فتح فمِه، وَمِنْه قَوْله:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المعنَّى
يُهدِّد فِي دِمَشقَ وَمَا تَرِيمُ
وَقَالَ ابْن مُقْبل:
وكلّ رَباعٍ أَو سَديسٍ مُسدَّمٍ
يَمُدُّ بذِفْرَى حُرّةٍ وجِرَانِ
وَيُقَال للبعير إِذا دَبِر ظهرُه فأُعْفِيَ عَن القَتَب حَتَّى صلَح دَبَرُه: مسدَّم أَيْضا، وإيّاه عنَى الكُمَيت بقوله:
قد أَصبَحتْ بكَ أَحْفاضِي مسدَّمةً
زُهْراً بِلَا دَبَرٍ فِيهَا وَلَا نَقَبِ
أَي: أَرحتها من التَّعب فابيضّتْ ظهورُها ودَبرُها وصلحت. والأُحْفاض جمع حَفَض، وَهُوَ البَعير الّذي يُحمَل عَلَيْهِ خُرَثيُّ المَتاع وسَقَطُه.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبيدة: بعيرٌ سَدِمٌ، وعاشِقٌ سَدِمٌ: إِذا كَانَ شديدَ العِشْق، ورجُلٌ نَدِمٌ سَدِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للنَّاقة الهَرِمة: سَدِمَة وسَدِرة وسادَّةٌ وسَلَّة وكافَّة.
دسم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّسِيمُ: القليلُ الذِّكْر، قَالَ: وَمِنْه قولُه:
لَا يَذكُرون الله إلاّ دَسْماً
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يكون هَذَا مَدْحاً وَيكون هَذَا ذَمّاً، فَإِذا كَانَ مَدْحاً فالذِّكْر حَشْوُ قُلُوبهم وأفواههم، وَإِذا كَانَ ذَمّاً فَإِنَّمَا هُمْ يَذكرون الله ذكْراً قَلِيلا: من التَّدسِيم، وَهُوَ السّواد الَّذِي يُجعَل خَلْفَ أُذُنِ الصبيّ كَيْلاَ تُصيبَه العَينُ. قَالَ: ومثلُه أنّ رجلا ذُكر بَين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
(ذاكَ رجلٌ لَا يتَوَسَّد الْقُرْآن) يكون هَذَا أَيْضا مَدْحاً وذَماً، فالمَدح أنّه لَا يَنام اللّيل وَلَا يتوسَّد، فَيكون الْقُرْآن متوسَّداً مَعَه، والذَّمّ أَنه لَا يَحفظ من الْقُرْآن شَيْئا، فَإِذا نَام لم يتوسَّدْ مَعَه القرآنَ.
قلت: والقولُ هُوَ الأول.
ورُوِي فِي حديثٍ: (إنّ للشَّيْطَان لَعُوقاً ودِساماً) ، فالدِّسام: مَا تُسَدّ بِهِ الأُذُن فَلَا يَعي ذِكْراً وَلَا مَوْعظة. وكلُّ شَيْء سَدَدْته فقد دَسَمْتَه دَسْماً، وَيُقَال للرجل إِذا غَشِيَ جاريتَه قَدْ دَسمَها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّسْمةُ: السَّوادُ.
وَمِنْه قيل للحَبَشيّ: أَبُو دُسْمة، وَقَالَ رؤبةُ يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنفَجَرَ الكَوْكَب أَو مَدْسُوماً
فَخَمْنَ إذْ هَمَّ بأنْ يَخيمَا
المنفَجِر: المنفَتح الكثيرُ المَاء. وكَوكَبُ كلِّ شَيْء: مُنظمه. والمَدْسُوم: المَسْدود. والدَّسم: حَشْوُ الجَوْف.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:

(12/261)


لَا يذكرُونَ الله إلاَّ دَسْماً
مَا لَهمْ هَمُّ إلاّ الأكْل، ودَسْم الأجواف.
قَالَ: ونَصب دَسْماً على الخِلاف، وفلانٌ أَدسَمُ الثَّوبِ، وأَطلَسُ الثَّوْب ودَنسُ الثَّوبِ: إِذا لم يكن زاكياً. وَقَالَ: أوجب حَجاً فِي ثِيابٍ دُسم.
والدَّيسَم: الظُّلمة. وَيُقَال: مَا أنتَ إلاّ دَسْمَة، أَي: لَا خير فِيهِ.
وَرَأى رجلٌ غُلَاما مليحاً فَقَالَ: دَسِّموا نُونَته، أَي: سوِّدوها لئلاّ تُصيبَه العَين. قَالَ: ونُونَتُه: الدائرةُ المليحة الَّتِي فِي حَنَكِه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خطَب وعَلى رأسِه عِمَامَة دَسماء) ، أَي: سَوْداء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْسَمُ: الدُّبّ وَأنْشد:
إِذا سَمِعْتُ صَوت الوَبيل تَشَنعَتْ
تَشَنُّعَ فُدْسِ الغَارِ أَو دَيْسَمٍ ذَكَر
قَالَ عَمْرو: الدّيْسَم: ولَدُ الذِّئب من الكَلبة.
وسألتُ أَبَا الفَتْح صاحبَ قُطْرُب وَاسم أبي الفَتْح دَيْسَم فَقَالَ: الدَّيْسَم: الذُّرَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المبرّد أَنه قَالَ: الدَّيْسَم: ولدُ الكَلبة من الذِّئب. والسِّمْع: ولَدُ الضَّبُع من الذِّئب.
وَقَالَ اللّيث: الدَّيْسَم: الثَّعْلَب. والدَّسم: كل شَيْء لَهُ وَدَكٌ من اللَّحم والشَّحْم، والفعلُ دسمَ يَدْسَم فَهُوَ دَسِم.
وَيُقَال للرّجل إِذا تَدَنَّس بمذامّ الْأَخْلَاق: إِنَّه لدَسِم الثَّوْب.
وأَنشَد أَبُو عُبَيدة:
لَا هُمَّ إِن عامرَ بنَ جَهْم
أوذَمَ حَجّاً فِي ثِيابٍ دُسْم
وَهُوَ كَقَوْلِهِم: فلانٌ أطلَسُ الثَّوب.
سمد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (النَّجْم: 61) .
قَالَ المفسِّرون فِي قَوْله: {وَأَنتُمْ} : لاهُون.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} : مستكبرون. وَيُقَال للفَحل إِذا اغْتَلم: قد سمَدَ، رَوَاهُ شَمِر عَنهُ بإسنادٍ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيث: {وَأَنتُمْ} : لاهون، والسُّمود فِي النَّاس: الغَفْلة والسّهْوُ عَن الشيءِ.
ورُوِي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه خرج إِلَى الْمَسْجِد والناسُ ينتظرونه للصّلاة قيَاما، فَقَالَ: (مَا لي أَرَاكُم سامِدِين؟) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله: {وَأَنتُمْ} : يَعْنِي القُيَّام وكل رافعٍ رَأسه فَهُوَ سامِد، وَقد سَمَد يَسمَد ويسمُد سُموداً.
وروِي عَن عِكرمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: السُّمود: الغناءُ فِي لُغَة حِميَر، يُقَال:

(12/262)


اسْمُدي لنا، أَي: غَنِي لنا.
وَقَالَ المبرّد: السّامدُ: الْقَائِم فِي تحيُّر. وأَنشد:
قِيل قُمْ فَانْظُر إليهمْ
ثمَّ دَعْ عنكَ السُّمُودا
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَادَ: تُرابٌ يُسمَّدُ بِهِ النّبات.
قَالَ: وسَمَّد شَعْرَه: إِذا أَخَذه كلّه.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّمَد من السَّير: الدَّأَب.
يُقَال: سَمَدت الإبلُ سمُوداً: إِذا لم تَعرِف الإعياءُ.
وأَنشَد:
سَوامِد اللَّيل خِفافُ الأزْوادْ
أَي: دوائبُ لَيْسَ فِي بطونها كَبِير عَلَف.
وَقَالَ اللّحياني: هُوَ لَك سَمْداً سَرْمداً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ: السُّمود يكون سُرُورًا وحُزْناً، وَأنْشد:
رَمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ
بأمرٍ قد سَمَدْنَ لَهُ سُمُودَا
فَردَّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضاً
ورَدَّ وُجوهُهَنّ البيضَ سودَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللاهي، والسامد: الغافل. والسامد: السّاهي. والسامد: المتكبِّر، والسامد: الْقَائِم.
أَبُو زيد: المُسْمَئدّ: الوارِم، وَقد اسمأدّ الجُرْح: إِذا وَرِم. والسامد: المتحيِّر بَطَراً وأَشراً. والسامد: المُغَنِّي.
دمس: قَالَ اللَّيْث: ادمَس الظلامُ وأدمَس: وليلٌ دامس: إِذا اشتدّ ظلامُه. والتَّدْميسُ: إخْفاء الشَّيْء تحتَ الشَّيْء، وَيُقَال بِالتَّخْفِيفِ، وَأنْشد:
إِذا ذُقْتَ فاهَا قلتَ عِلْقٌ مُدمس
أريدَ بِهِ قَيلٌ فغُودِرَ فِي سأبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: دَمَسْتُ الشيءَ: غطّيْتُه. والدَّمَس: مَا غُطِّي.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِلَا دَمَسٍ أَمْر الغَرِيبِ وَلَا غَمْلِ
قَالَ: والدَّمِيس: المغطّى.
أَبُو زيد: تَقول: أَتَانِي حيثُ وَارَى دَمَسٌ دَمْساً. حَيْثُ وارَى رُؤْيٌ رُؤْياً، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَذَلِكَ حينَ يُظلم أولُ اللَّيل شَيْئا. ومِثلُه: أَتَانِي حِين يَقُول أَخُوك أم الذِّئب.
ورَوَى أَبُو تُرَاب لأبي مَالك: المدمَّسُ والمُدنَّس بِمَعْنى وَاحِد، وَقد دَنس ودمِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُدَمَّس: المخبوء.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: المدمَّس: الَّذِي عَلَيْهِ وَضَر العَسل، وأَنكر قولَ أبي زيد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَمَسَ الموضعُ، ودَسم وسَمَد: إِذا درَس.

(12/263)


وَقَالَ: الدُّوْدَمسُ: الحيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: وَهُوَ ضرْبٌ من الحَيّات مُحْرَنْفِش الغَلاصيم، يُقَال: إِنَّه ينفُخ نَفْخاً فيحرِقَ مَا أَصَابَهُ، والجميع الدَّوْدَمسَات والدَّواميس.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَمَسْتُه فِي الأَرْض دَمْساً: إِذا دَفَنْتَه، حيّاً كَانَ أَو مَيّتاً.
وَفِي حَدِيث الدجّال: كَأَنَّهُ خَرج من الدِّيماس، وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماسُ: الكِنّ، أَرَادَ كَأَنَّهُ مُخْدَرٌ لم يرَ شَيْئا، شَمْساً وَلَا ريحًا.
وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماس: الحمّام، وَكَانَ لبَعض المُلوك حبْسٌ سَمَّاهُ دِيماساً لِظُلْمته.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدِّيماس: السَّرَب. وَمِنْه: دَمَستُه: قَبَرْتُه.
مسد: قَالَ الله جلّ وعزّ: { (الْحَطَبِ فِى جِيدِهَا حَبْلٌ} (المسد: 5) ، قَالَ المفسِّرون: هِيَ السِّلسِلة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ: {سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ} (الحاقة: 32) ، يَعْنِي جلّ اسْمه أَن امْرَأَة أبي لَهب تسلك فِي النَّار فِي سلسلة طولهَا سَبْعُونَ ذِرَاعا.
وَقَالَ الزَّجّاج: المَسَدُ فِي اللُّغة: الحَبْل إِذا كَانَ من لِيف المَقْل. ويقالُ لما كَانَ من وَبَر الإِبلِ مِن الحِبال: مَسَد.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الْمَسْدُ: مصدَر مَسَدَ الحبلَ يَمْسُده مَسْداً: إِذا أَجَاد فَتْلَه. ورَجلٌ مَمْسُودٌ: إِذا كَانَ مَجدولَ الخَلْق. وجاريةٌ ممسودةٌ: إِذا كَانَت حسنةَ طيّ الخَلْق. قَالَ: والمَسَدُ: حبْل من جُلُود الْإِبِل، أَو من لِيف، أَو من خُوص. وَأنْشد:
ومَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ
أَرَادَ من جُلُودِ أَيَانِق؛ وأَنشد:
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي
إنْ تَكُ لَدْناً ليِّناً فإنِّي
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ
وَيُقَال: حَبْلٌ مَسَد، أَي: مَمسود، قد مُسِد، أَي: أُجِيد فَتْلُه مَسْداً. فالْمَسْدُ: المصْدَر. والْمَسَد: بِمَنْزِلَة الممْسُود؛ كَمَا يُقَال: نَفَضْتَ الشَّجَر نَفْضاً؛ وَمَا نُفِض فَهُوَ نَفَض. ودلّ قولُ الله جلّ وعزّ: {جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن} (المسد: 5) أَنَّ السِّلسلة الَّتِي ذَكَرها الله تَعَالَى فُتِلَتْ من الْحَدِيد فَتْلاً مُحْكَماً، كَأَنَّهُ قيل: فِي جِيدِها حَبل حديدٍ قد لُوِيَ لَيّاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللّيث وغيرُه: المِسادُ: نِحْيٌ يُجْعَلُ فِيهِ سَمْن وعَسَل، وَمِنْه قولُ أبي ذُؤَيْب:
غَدَا فِي خافَةٍ مَعَهُ مِسادٌ
فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
والخافَة: خريطةٌ يَتَقَلَّدُها المُشْتارُ ليَجعل فِيهَا العَسَل.

(12/264)


وَقَالَ اللَّيْث: الْمَسْدُ: إدْآب السَّيْر فِي اللَّيْل، وأنشَد:
يُكابِدُ الليلَ عَلَيْهَا مَسْدا
وَقَالَ العَبْديّ يَذكر نَاقَة شبّهَها بثوْرٍ وَحْشِيّ:
كَأَنّها أَسْفَعُ ذُو جُدّةٍ
يَمْسُدُه القَفْرُ وليْلٌ سَدِي
كَأَنَّمَا يَنظرُ من بُرْقُعٍ
من تَحت روْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
قولُهُ: يَمْسُده: يَعْنِي الثورَ، يَطوِيه ليلٌ سَدِيٌّ، أَي: نَدِيٌّ، وَلَا يزَال البَقْلُ فِي تمامٍ مَا سقط من النَّدَى عَلَيْهِ، أَرَادَ أَنه يَأْكُل البقل فيجزأ بِهِ عَن المَاء فيطويه ذَلِك. وشبّه السُّفعة الَّتِي فِي وَجه الثّور ببرقُع.
وَجعل اللّيث الدَّأَبَ مَسْداً، لِأَنَّهُ يمسَدُ خَلق من يَدأبُ فيَطْوِيه ويُضَمّرُه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الممسودة من النِّسَاء: المطوِية الممشُوقة، وأنشدنا:
يَمسُدُ أعْلى لَحْمه ويَأرِمُه
أَي: يشده.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المِسَاد: الرِّق الْأسود.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ أحسَنُ مِسَاد شِعْرٍ من فلَان، يُرِيد: أحسنَ قِوامَ شِعر من فلَان.
انْتهى وَالله أعلم بمراده.

(أَبْوَاب) السّين والتّاء)
س ت ظ س ت ذ س ت ث: أهملت وجوهه.
س ت ر
(ستر، ترس: مستعملان) .
ستر: قَالَ اللَّيْث: السِّتْرُ مَعْرُوف، والجميعُ أستارٌ وسُتور، وَالْفِعْل سَتَرْتُه أستُرُه سَتراً، وامرأةٌ سَتيرةٌ: ذاتُ سِتارة. والسَّتْرةُ: مَا استترتَ بِهِ من شَيْء كَائِنا مَا كَانَ، وَهُوَ أَيْضا السِّتارة.
قلتُ: والسِّتاران فِي ديار بني سفد: وادِيان يُقَال لَهما السَّوْدة، يُقَال لأَحَدهمَا: السِّتارُ: الأغبَر، وَللْآخر: السِّتار الجابرِيّ؛ وَفِيهِمَا عُيُونٌ فَوَّارَة تَسقِي نَخيلاً كَثِيرَة زِينةً مِنْهَا عينُ حَنِيذ، وعينُ فِرْياضٍ، وعينُ بَثاء، وعينُ حُلوة، وَعين ثَرْمدا، وَهِي من الأحساء على ثَلَاثَة أَمْيَال.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَا لفُلَان سِتْر وَلَا حِجْر، فالسِّترُ: الْحيَاء، والحِجْرُ: الْعقل.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: سمعتُ العَرَب تَقول للأربعة: إسْتار، لِأَنَّهَا بالفارسيّة جِهَار، فأعربوه وَقَالُوا: إسْتار.
وَقَالَ جَرير:
إنّ الفرزدقَ والبَعيثَ وأُمَّه
وأبَا الفَرزدقِ شَرُّ مَا إسِتارِ

(12/265)


أَي: شَرُّ أَرْبَعَة، و (مَا) صلَة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تُوفى ليومٍ وَفِي ليلةٍ
ثَمَانِينَ يُحسبُ إستارُها
قَالَ: والإستار رابعُ أَرْبَعَة. ورابعُ الْقَوْم إستارُهم.
قلت: وَهَذَا الوَزْن الّذي يُقَال لَهُ الإستار معرَّبٌ أَيْضا أَصله جِهَار. فأُعرب فَقيل: إستار. وَيجمع أساتير.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله عز ذكره: { (يَسْرِ هَلْ فِى ذَلِكَ} (الْفجْر: 5) ، لذِي عقل. قَالَ: وَكله يرجع إِلَى أَمر وَاحِد من الْفِعْل.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: إِنَّه لذُو حِجْر، إِذا كَانَ قاهراً لنَفسِهِ ضابطاً لَهَا كَأَنَّهُ أَخذ من قَوْلك: حجرت على الرجل، وَقَوله: {حِجَابًا مَّسْتُورًا} (الْإِسْرَاء: 45) ، هَهُنَا بِمَعْنى سَاتِر، وَتَأْويل الْحجاب الطَّبْع.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: ثَلَاثَة أساتير وَالْوَاحد إستار، وَيُقَال: لكلّ أَرْبَعَة إستار، يُقَال: أكلتُ إستاراً من خبز، أَي: أربعةَ أرغفة. قَالَ: وَأما أَسْتَار الْكَعْبَة فمفتوحة. ورَوَى شَمِر فِيهِ حَدِيثا: (أيُّما رجلٍ أَغلَق على امْرَأَته بَابا أَو أَرخَى دونَها إستارة فقد تمّ صَداقُها) .
قَالَ شمر: الإستارة من السِّتر، ولَم نَسْمعها إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَقد جَاءَ عَنْهُم السِّتارة والمِسْتَر بِمَعْنى السِّتر، وَقد قَالُوا: أُسْوار للسِّوار، وَقَالُوا: إشْرارة لما يُشْرَر عَلَيْهِ الأَقِطُ وجمعُها الأشارِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: فلَان بيني وبينَك سُترةٌ ووَدَج وصاحِنٌ: إِذا كَانَ سفيراً بَيْنك وبينَه.
ترس: قَالَ اللَّيْث: التُّرس مَعْرُوف، ويُجمع تِرَسة، وكل شَيْء تترَّسْتَ بِهِ فَهُوَ مِتْرَسه لَك. والمَتَرسُ: الشِّجار الَّذِي يُوضَع خَلْف الْبَاب دِعامةً، وَلَيْسَ بعَرَبيّ، مَعْنَاهُ: مَتَّرْس، أَي: لَا تَخَفْ.
س ت ل
ستل، سلت، تلس: مستعملة.
ستل: قَالَ اللَّيْث: السَّتْلُ: من قَوْلك: تساتل علينا الناسُ، أَي: خَرَجوا من موضعٍ وَاحِد بعدَ آخر تِباعاً متساتِلين. وكلُّ مَا جَرَى قَطَراناً فَهُوَ تَساتُلٌ، نَحْو الدمع واللّؤلؤ إِذا انْقَطع من سِلْكِه. قَالَ: والسُّتالة: الرُّذالة من كلّ شيءٍ.
وَقَالَ ابْن دُريد: تَساتَل القومُ: جَاءَ بعضُهم فِي إِثْر بعض، وَجَاء القومُ سَتْلاً.

(12/266)


قَالَ: والمَساتِل: الطُّرُق الضيقة، الْوَاحِدَة مَسْتَل.
سلت: أَبُو تُرَاب عَن الحُصَيْنِيّ: ذهب مني الْأَمر فَلْتةً وسَلْتَةً، أَي: سَبَقني وفاتَني.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّلْت: شَعيرٌ لَا قِشْرَ لَهُ، أجردُ، يكون بالغَوْر، وأهلُ الحِجاز، يتبرّدون بسَوِيقه فِي الصَّيف.
قَالَ: والسَّلْتُ: قَبضُك على الشَّيْء أصابَه قَذَر أَو لَطْخ فتَسْلِتُه عَنهُ سَلْتاً.
والمِعَى يُسْلَت حَتَّى يخرج مَا فِيهِ.
وَيُقَال: سَلَت فلَان أَنْفَ فلانٍ بالسَّيف سَلْتاً: إِذا قَطَعه كلَّه، وَهُوَ من الجدْعان أسْلَت.
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله أَنه لَعَن السَّلْتَاءُ من النِّساء، وَهِي الَّتِي لَا تَخْتضب. واسمُ مَا يخرج من المِعَى سُلاَتَة.
غَيره: سَلَت الحلاّق رأسَه سَلْتاً، وسَبَته سَبْتاً: إِذا حَلَقه. وسَلَتت المرأةُ الخِضَابَ من يَدِها: إِذا مَسَحَتْه. وسَلَتَ القَصْعة من الثّريد: إِذْ مَسَحه.
تلس: التِّلِّيسةُ: وِعاءٌ يُسَوَّى من الخُوص شِبه قَفْعَة، وَهِي القِنِّينَة الَّتِي تكون عِنْد العَصّارين.
س ت ن
سنت، ستن، تنس: (مستعملة) .
(تنس) : أما تنس فَمَا وَجَدْتُ للعَرَب فِيهِ شَيْئا، وأعرِف مَدِينَة بنيتْ فِي جَزِيرَة من جزائر بَحر الرّوم يُقَال لَهَا: تِنِّيس، وَبهَا تُعمَل الشُّروب الثَّمِنية.
ستن: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَسْتان: أصولُ الشّجر.
وَقَالَ غيرُه: الأسْتَنة أصل الشَّجَرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسْتَن الرّجلُ وأَسْنَتَ: إِذا دخل فِي السَّنة.
قَالَ: والأُبْنة فِي القَضِيب إِذا كَانَت تَخفَى فَهِيَ الأَسْتَن.
سنت: ابْن شُمَيْل: أرضٌ مُسْنِتَة: لم يُصِبْها مَطَر فلَم تُنْبِت، وَإِن كَانَ بهَا يبس من يبس عامٍ أوّلَ فَلَيْسَتْ بمُسْنِتَة حَتَّى لَا يكون بهَا شَيْء.
وَيُقَال: أسنَتَ القومُ فهم مُسْنِتون: إِذا أَصَابَتْهُم سنَةٌ وقَحْط، وَمِنْه قَوْله:
ورجالُ مَكةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
ويقالُ: تَسَنَّتَ فلانٌ كريمةَ آلِ فلَان: إِذا تزوّجها فِي سنةِ القحْط.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (عَلَيْكُم بالسَّنَاء والسِّنَّوْتِ) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّنَّوْتُ: العَسَل، والسِّنّوت: الكَمُّون، والسّنُّوت: الشِّبِتُّ، وفيهَا لغةٌ أُخْرَى: السَّنُّوت بِفَتْح السِّين، وَقَالَ الشَّاعِر:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لَا أَلْسَ فيهِمُ
وهم يَمْنَعون جارَهم أَن يقرَّدا

(12/267)


س ت ف
أهملت وجوهها غير: (سفت) .
سفت: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: سَفِتُّ الماءَ أَسْفَتُهُ سَفْتاً: إِذا أكثرتَ مِنْهُ وأنتَ لَا تَرْوَى، وَكَذَلِكَ سَفِهْتُه وسَفِفْتُه.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: السَّفِتُ: الطَّعام الَّذِي لَا بَرَكةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ السِّفْت.
س ت ب
اسْتعْمل من وجوهه: (سبت) .
سبت: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْتُ: الحَلْق، يُقَال: قد سَبَتَ رَأسه يَسْبِته سبْتاً، والسَّبْتُ: السيرُ السّريع، وَأنْشد:
ومَطْوِيّةِ الأقرابِ أَمّا نهارُها
فَسَبْتٌ وأمَّا لَيْلُها فَزَمِيلُ
والسَّبْتُ أَيْضا: من الأيّام. والسَّبْتُ: السُّبات، وَأنْشد الأصمعيّ:
يُصْبِحَ مَخْمُوراً ويُمْسِي سبْتاً
أَي: مَسْبُوتاً، والسَّبْت أَيْضا: بُرْهَةٌ من الدَّهر، وَقَالَ لَبِيد:
وغَنِيتُ سبْتاً قَبْلَ مُجْرَى داحِسٍ
لَو كَانَ للنّفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
قَالَ: والسَّبتُ: جُلُودُ الْبَقر المدبوغة بالقَرَظ.
وَقَالَ شَمِر: السَّبْتُ: ضَرْبٌ من السَّيْر وأنْشَد:
يَمْشِي بهَا ذُو الشِّرَّةِ السَّبُوتُ
وهْوَ مِنَ الأَيْزِوَجِ نَجِيتُ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: فَرَسٌ سبْت: إِذا كَانَ جَواداً كثيرَ العدْو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ} (النبأ: 9) ، أَي: قِطَعاً. والسَّبْت: القَطْع، فَكَأَنَّهُ إِذا نَام فقد انقَطع عَن النَّاس.
وَقَالَ الزَّجَّاج: السُّبَاتُ: أَن يَنْقَطِع عَن الحَركة والرّوحُ فِي بَدَنه، أَي: جعلنَا نومَكم رَاحَة لكم.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: السَّبْت: القَطْع، وسُمّي يَوْم السبت سبْتاً لِأَن الله جلّ وَعز ابْتَدَأَ الخلْقَ وَقطع فِيهِ بعض خلق الأَرْض. وَيُقَال: أُمر فِيهِ بَنو إسرائيلَ بقَطع الْأَعْمَال وَتركهَا.
قَالَ: وَقَوله جلّ وَعز: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} (الْفرْقَان: 47) ، أَي: قطعا لأعمالكم.
قَالَ: وأَخطأَ من قَالَ سُمِّي السبتُ لِأَن الله أَمر فِيهِ بَني إسرائيلَ بالاستراحة وَخلق هُوَ عز وَجل السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي ستَّة أَيَّام آخرهَا يَوْم الْجُمُعَة، ثمَّ استراح. قَالَ: وَهَذَا خطأ، لِأَنَّهُ لَا يُعلم فِي كَلَام العَرَب سبَت بِمَعْنى استراح، وإنّما معنى سبت قَطَع، وَلَا يُوصفُ الله تَعَالَى بالاستراحة لِأَنَّهُ لَا يَتعب، والراحة لَا

(12/268)


تكون إلاّ بعد تَعَبٍ أَو شُغْل، وَكِلَاهُمَا زائل عَن الله جلّ وَعز. قَالَ: واتّفق أهلُ العِلم على أَن الله ابتدأَ الخَلْق يَوْم السبت، وَلم يخلُق يَوْم الْجُمُعَة سَمَاء وَلَا أَرضًا.
قلت: والدّليلُ على صِحَة مَا قَالَ، مَا حدّثناه أَبُو إِسْحَاق الْبَزَّاز عَن عثمانَ بن سعيد عَن عبد الله بن صَالح، عَن خَالِد بن حُمَيْد، عَن مُعَاوِيَة بن يحيى، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: خلَق اللَّهُ التّراب يَوْم السبت، وَخلق الحجارةَ يومَ الْأَحَد، وَخلق الشجَر يومَ الْإِثْنَيْنِ، وَخلق الكروم يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَخلق الدوابَّ يَوْم الْخَمِيس، وخَلَق آدم يَوْم الْجُمُعَة فِيمَا بَين العَصر وغُروب الشَّمْس.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُسبِتُ الَّذِي لَا يتحرّك، وَقد أَسبَت.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبات من النّوم: شبهُ غَشْية، يُقَال: سُبِت الْمَرِيض فَهُوَ مَسبوت.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: ابْنَا سُبات: اللَّيْل وَالنَّهَار، قَالَ ابْن أَحْمَر الباهليّ:
وكنّا وهمْ كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقَا
سوى ثمَّ كانَا مُنْجداً وتِهامِيَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سبَتَ شعرَه وسلَته وسبَّده وسبَّته: إِذا حلَقه. قَالَ: وسبّده إِذا أعْفاه، وَهَذَا من الأضداد.
أَبُو زيد: السبْتاء: الصَّحْراء وجمعُها السَّباتيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا جرى الإرطاب فِي الرُّطَبة كلّها فَهِيَ المُنْسبِتة، وَهُوَ رُطَب مُنْسبِت.
وَفِي الحَدِيث أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَمشي بَين الْقُبُور فِي نَعْلَيه فَقَالَ: (يَا صَاحب السِّبْتَين اخلَعْ سِبْتَيْك) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّبتُ: الجِلدُ المدبوغ. قَالَ: فَإِن كَانَ عَلَيْهِ شَعر وصُوف أَو وَبَر فَهُوَ مُصْحب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النِّعالُ السِّبِتيّة: هِيَ المدبوغة بالقَرَظ.
قلت: وحديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدلُّ على أَن السِّبْت مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ.
حدّثنا مُحَمَّد بن سعيد البوشنجي الْمَعْرُوف بالكوفي قَالَ: حدّثنا الحُلْوانيّ، عَن عبد الرزّاق، عَن مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن عُبَيد بن جُريج أَنه قَالَ لِابْنِ عمر: رأيتُك تلبس النِّعال السِّبتِيَّة، فَقَالَ: رأيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلبس النِّعَال الَّتِي

(12/269)


لَيْسَ عَلَيْهَا شعر ويتوضّأ فِيهَا، وَأَنا أُحبّ أَن أَلبَسَها.
قلت: كَأَنَّهَا سُمّيتْ سِبْتيّة لِأَن شَعَرها قد سُبِت عَنْهَا. أَي: حُلِق وأُزيلَ بعلاج من الدِّباغ مَعْلُوم عِنْد دَباغِيها. يُقَال: سَبَت شَعْرَه: إِذا حَلَقَه.
أسبتتِ الحيّة إسباتاً: إِذا أطرق لَا يَتَحَرَّك. قَالَ:
أصممُّ أعمى لَا يُجيب الرُّقى
من طول إطراق وإسبات
قَالَ أَبُو بكر: أَرض سبتاء: إِذا كَانَت مستوية.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمّيت النِّعَال المدبوغة سبتية لِأَنَّهَا انسبتت بالدباغ، أَي: لانت. قَالَ: وانسبتت الرَّطبة، أَي: لانت، فَهِيَ منسبتة، أَي: لينَة.
وَقَالَ عنترة:
بطلٌ كَأَن ثِيَابه فِي سرحة
يُحدَى نعال السِّبت لَيْسَ بتوأم
مدحه بِأَرْبَع خِصَال كَرِيمَة:
أَحدهَا: أَنه جعله بطلاً، أَي: شجاعاً.
وَالثَّانِي: أَنه جعله طَويلا، شبهه بالسَّرحة.
وَالثَّالِث: أَنه جعله شريفاً للُبْسه نعال السِّبت.
وَالرَّابِع: أَنه جعله تَامّ الْخلق نامياً، لِأَن التوأم يكون أنقص خلقا وقوّة وعقلاً وخُلقاً.
س ت م
اسْتعْمل من وجوهها: سمت، متس.
متس: قَالَ اللَّيْث: المَتْسُ: لغةٌ فِي المَطْس. وَهُوَ الرَّمْي بالجِعْس.
سمت: قَالَ النَّصْر بن شمَيل: التَّسْميت: الدُّعَاء بِالْبركَةِ تَقول بَارك الله فِيك. وَقَالَ اللَّيْث: السمت: حسن النَّحْو فِي مَذْهَب الدّين والفِعل مِنْهُ سَمَت يسمت سَمْتاً وَإنَّهُ لحسَنُ السمت. والسمت: الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السمت.
قَالَ: والسَّمْت أَيْضا: السيْرُ بالحدْس والظّنّ على غير طَرِيق، وَأنْشد:
لَيْسَ بهَا زيغٌ لِسمْتِ السّامِتِ
قَالَ: والتَّسميتُ: ذِكرُ الله على كلّ شَيْء. والتَّسميتُ: قولُك للعاطس: يرحمُك الله.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي العبّاس أَنه قَالَ: يُقَال: سَمَّتَ فلانٌ العاطسَ تسميتاً، وشَمّته تشْميتاً: إِذا دَعَا لَهُ بالهَدْيِ، وقصْدِ السمتِ الْمُسْتَقيم، وَالْأَصْل فِيهِ السِّين فقلبت شيناً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تعمّده تعمُّداً، وتسمّته تسمُّتاً: إِذا قصد نَحوه.
وَقَالَ شمر: السمتُ: تنسُّمُ القَصْد.

(12/270)


وَقَالَ الْفراء: يُقَال: سمَتَ لَهُم يَسْمِتُ سَمْتاً: إِذا هُوَ هَيّأ لَهُم وَجْه الْعَمَل وَوجه الْكَلَام والرأي. وَهُوَ يسمِت سَمْتَه، أَي: يَنحُو نَحوه. وَفُلَان حسَنُ السمْت، أَي: حسن القَصْد.
وَفِي حَدِيث حُذيفة: (مَا أعلم أحدا أشبهَ سمتاً وهَدياً ودَلاًّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ابْن أم عبد) .
قَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: السمتُ: اتّباعُ الْحق والهَدْيِ وَحسن الجِوار وقلّةُ الأذيّة. قَالَ: ودلَّ الرجلُ: حَسُنَ حديثُه ومَزْحُه عِنْد أَهله.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ حسنُ السمت: إِذا كَانَ حسنَ الْقَصْد وَالْمذهب فِي دينه ودنياه.
وَقَالَ أَعْرَابِي من قيس:
سَوف تجُوبين بِغَيْر نَعْتْ
تعسُّفاً أَو هَكَذَا بالسَّمْتِ
السمتُ: القَصد. والعَسْف: السّير على غير علم وَلَا أثر.
وَقد أهملت السِّين مَعَ الطَّاء إِلَى آخر الْحُرُوف، وَمَعَ الدَّال إِلَى آخرهَا، وَمَعَ الثَّاء إِلَى آخرهَا فَلم يُستعمل من جَمِيع وجوهها شَيْء فِي مُصاص كَلَام الْعَرَب.
وَأما قَوْلهم: هَذَا قضاءُ سَذُوم بِالذَّالِ: فقد تقدّم القَوْل فِيهِ أنّه عجمي، وَكَذَلِكَ البُسَّذ لهَذَا الجوْهر لَيْسَ بعربي، وَكَذَلِكَ السَّبَذَة فارسيّ.

(أَبْوَاب: س ظ س ذ س ث: مُهْملَة)
(أَبْوَاب) السّين والرّاء)
س ر ل
اسْتعْمل من وجوهها: رسل، سرل.
سرل: أمّا سرل: فَإِنَّهُ لَيْسَ بعربيّ صَحِيح، والسراويل معرّبة، وَجَاء السَّرَاوِيل على لفظ الْجَمَاعَة، وَهِي وَاحِدَة، وَقد سمعتُ غير وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: سرْوال. وَإِذا قَالُوا سَرَاوِيل أنّثوا.
وَفِي حديثٍ رُوِي عَن أبي هُرَيْرَة (أَنه كره السَّرَاوِيل المخَرْفجة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: هِيَ الواسعة الطَّوِيلَة، وَقد مرَّ تفسيرُها فِي كتاب الْخَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّرَاوِيل: أعجميّة أُعرِبتْ وأُنِّثت، وَتجمع سراويلات. قَالَ: وسرْوَلْتُه: إِذا ألبسته السَّرَاوِيل.
قَالَ أَبُو عُبَيدة فِي شِيات الْخَيل إِذا جَاوز بَيَاض التّحْجيل العَضُدَين والفَخْذَين فَهُوَ أَبْلَق مُسَرْوَل.
قلتُ: والعربُ تَقول للثَّوْر الوَحشيّ: مُسَرْوَلٌ للسواد الَّذِي فِي قوائمه، وَأما قَول ذِي الرُّمّة فِي صفة الثَّور:

(12/271)


تَرَى الثَّوْر يَمْشي رَاجعا من ضحائهِ
بهَا مثلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْولِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالهبرزيّ: الْأسد، جعله مُسرْوَلاً لِكَثْرَة شَعر قوائمه.
وَقيل: الهبْرِزِيُّ: الْمَاضِي فِي أمره. ويُروَى:
مِثلَ مَشْيِ الهِرْبِذِيّ
يَعْنِي مَلِكاً فارسيّاً، أَو دِهْقاناً من دَهاقِينهم، وجعلَه مُسَرْوَلاً لِأَنَّهَا من لباسهم.
يَقُول: هَذَا الثور يتبختر إِذا مَشَى تَبختُر الفارسيِّ إِذا لَبس سراوِيله.
رسل: قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ فِي قَول المؤذِّن: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: معنى أشهَد أُعلم وأُبيِّن أَن مُحَمَّدًا مُتابع للإِخبار عَن الله جلَّ وَعز.
قَالَ: وَالرَّسُول مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الَّذِي يُتَابع أَخْبَار الَّذِي بَعثَه؛ أُخِذ من قَوْلهم: جَاءَت الإبلُ رسلًا، أَي: متتابعة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مُوسَى وأخيه: {فَقُولا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: 16) ، مَعْنَاهُ: إِنَّا رسالةُ ربّ الْعَالمين، أَي: ذَوَا رِسالةِ رَبِّ الْعَالمين، وَأنْشد هُوَ أَو غَيره:
لقد كَذَب الواشُون مَا فُهتُ عندَهم
بسرَ وَلَا أَرْسَلْتهُم برَسولِ
أَرَادَ: وَلَا أرسلتهُم برسالة.
قلت: وَهَذَا قولُ الْأَخْفَش، وسمِّيَ الرسولُ رَسُولا لِأَنَّهُ ذُو رَسول، أَي: ذُو رِسَالَة، وَالرَّسُول اسمٌ من أَرسلْت، وَكَذَلِكَ الرسَالَة.
وَيُقَال: جَاءَت الإبلُ أَرْسالاً: إِذا جَاءَ مِنْهَا رَسل بعد رَسل، وَالْإِبِل إِذا وَرَدت الماءَ وَهِي كَثِيرَة فَإِن القيِّم بهَا يُورِدها الحوضَ رَسلاً بعد رَسل، وَلَا يُورِدُها جملَة فتزدَحم على الْحَوْض وَلَا تَرْوَى. والرَّسلُ: قطيعٌ من الْإِبِل قَدْر عَشر تُرسل بعد قَطِيع.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للفحل العربيّ يُرْسل فِي الشَّوْل ليَضربَها: رَسيلٌ، يُقَال: هَذَا رسيلُ بني فلَان، أَي: فَحْل إبلِهم، وَقد أَرسل بنُو فلَان رَسيلَهم، أَي: فَحلَهم، كَأَنَّهُ فَعِيل، بِمَعْنى مُفعَل من أُرسل.
وَهُوَ كَقَوْل الله: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - م صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} {تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (لُقْمَان: 1، 2) ، يُرِيد وَالله أعلم الكتابَ المُحكَم دَلَّ على ذَلِك قولُه: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - رَ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ} (هود: 1) ، وَمِمَّا يشاكله قَوْلهم للمُنذَر: نَذِير، وللمُسْمَع: سَميع.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الأَرْض إِذا دُفِن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عليّ فَدّاداً ذَا مالٍ كثير وَذَا خُيَلاء) .

(12/272)


وَفِي حديثٍ آخَرَ: (أَيُّما رجلٍ كَانَت لَهُ إبلٌ لم يُؤَدِّ زكاتَها بُطِحَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تَطؤُه بأخفافها إلاَّ من أَعطَى فِي نَجْدَتها ورِسلها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: إِلَّا من أعْطى فِي إبلِه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ عطاؤه، فَيكون نجدةً عَلَيْهِ، أَي: شدَّة، أَو يُعطى مَا يهون عَلَيْهِ عطاؤه مِنْهَا، فيعطِي مَا يعطِي مُسْتهيناً بِهِ على رِسلِه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: (إلاّ من أَعطَى فِي رِسلِها) ، أَي: بطيبِ نَفْس مِنْهُ. والرِّشْل فِي غير هَذَا: اللَّبَنُ.
يُقَال: كثُر الرِّسل الْعَام، أَي: كثُر اللَّبن.
وَقد مر تَفْسِير الحَدِيث فِي بَاب الْجِيم بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَإِذا أورد الرجل إبلَه متقطعةً قيل: أوردهَا أَرْسَالًا. فَإِذا أوردهَا جمَاعَة قيل: أوردهَا عِراكاً.
وَفِي حَدِيث فِيهِ ذِكر السَّنَة: (ووَقِير كثير الرَّسَل، قَلِيل الرِّسْل) .
قَوْله: (كثير الرَّسل) ، يَعْنِي الَّذِي يُرسل مِنْهَا إِلَى الرِّعي كثير. أَرَادَ أَنَّهَا كثيرةُ الْعدَد قَليلَة اللَّبن.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: الرَّسَلُ من الْإِبِل وَالْغنم: مَا بَين عشر إِلَى خمس وَعشْرين.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة مُرَاسِلاً، يَعْنِي ثيّباً.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيّ أَنه قَالَ: رَأَيْت فِي عَام كثُر فِيهِ الرِّسْل البياضَ أكثرَ من السوَاد، ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك فِي عَام كثر فِيهِ التّمر السوادَ أكثرَ من الْبيَاض. الرِّسْلُ: اللَّبن، وَهُوَ الْبيَاض إِذا كثُر قلّ التّمر، وَهُوَ السوَاد. وَأهل البَدْو يَقُولُونَ: إِذا كثر الْبيَاض قل السوَاد، وَإِذا كثر السوَاد قل الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسْل بِفَتْح الرَّاء الَّذِي فِيهِ لِينٌ واسترخاء.
يُقَال: ناقةٌ رَسْلةُ القوائم، أَي: سِلسةٌ ليّنة المفاصل، وَأنْشد:
برَسْلَةٍ وُثِّق مُلتَقاها
مَوضِع جُلْبِ الكُورِ من مَطاهَا
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّسْل بِسُكُون السِّين الطويلُ المسترسل، وَقد رَسل رَسَلاً ورَسَالة.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسترسال إِلَى الْإِنْسَان كالاستئناس والطُّمأنينة.
يُقَال: غَبْنُ المُسترسِل إِلَيْك رِياً.
قَالَ: والتَّرسُّل: من الرِّسْل فِي الْأُمُور والمَنطِق: كالتمهُّل والتوقُّر والتثبت. وجمعُ الرسَالَة الرسائل، وَجمع الرَّسول الرُّسل.
والرسولُ بِمَعْنى الرسَالَة يؤنَّث ويذكّر فَمن أنّث جمعَه أَرسُلاً. وَقَالَ الشَّاعِر:
قد أَتَتْها أَرْسُلِي

(12/273)


وَيُقَال: هِيَ رَسولُك. وناقةٌ مِرْسال: رَسلةُ القوائم، كثيرةُ شعر السَّاقَيْن، طَوِيلَة.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: يُقَال: امرأةٌ مُراسل، وَهِي الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زوجُها أَو طلّقها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تسمِّي المُراسل فِي الغِناء والعَمل: المُتالي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَرسل القومُ فهم مُرسلون: إِذا كَانَ لَهُم رِسل، وَهُوَ اللَّبن. وَقَول الْأَعْشَى:
عُولَيْنِ فوْق عُوّجٍ رِسَالِ
أَي: قَوَائِم طوال.
وَقَالَ اليزيديّ: الترتيل فِي الْقِرَاءَة والتَّرْسيل وَاحِد.
قَالَ: وَهُوَ التَّحْقِيق بِلَا عجلة. وَقيل: بعضه على إِثْر بعض. والمُرْسلةُ: القِلادة فِيهَا الخَرَز وَغَيرهَا.
وَيُقَال: جارِيةٌ رُسُلٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة لَا تَخْتَمِر. وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
وَلَقَد أَلْهُو ببِكْرٍ رُسُلٍ
مَسُّها أَلْيَنُ من مَسِّ الرَّدَنْ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْفرق بَين إرسالِ الله جلّ وعزّ أنبياءَه وإرسالِه الشياطينَ على أعدائه فِي قَوْله: {أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مَرْيَم: 83) ، أَن إرسالَه الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا هُوَ وَحيُه إِلَيْهِم أَن أَنذِروا عِبادي، وإرسالُه الشياطينَ على الْكَافرين تَخليَتُهم وإياهم، كَمَا تَقول: كَانَ فِي يَدي طائرٌ فأرسلتُه، أَي: خلّيته وأطلَقْتُه، وحديثٌ مُرسل: إِذا كَانَ غيرَ متّصل الْإِسْنَاد، وجمعُه مَراسيل.
الخرّاز بن الْأَعرَابِي: أرسل الْقَوْم: إِذا كَثُر رِسلهم، وَهُوَ اللَّبن. وَأَرْسلُوا إبلَهم إِلَى المَاء إرْسَالًا، أَي: قِطعاً. واسترسل: إِذا قَالَ أرسلْ إِلَى الْإِبِل أَرْسَالًا. ورجلٌ مُرَسِّلٌ: كثيرُ الرِّسل وَاللَّبن والشِّرْب. وَقَالَ تأبّط شرّاً:
ولستُ بِرَاعي ثلّة قَامَ وسطَها
طويلِ الْعَصَا غُرْنَيْقِ ضَحْلِ مُرَسَّلِ
مُرسِل: كثير اللَّبن، فَهُوَ كالغُرْنيق، وَهُوَ شبه الكُرَليّ فِي المَاء أبدا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن خَالِد بن جنْبة: الترسلُ فِي الْكَلَام: التّوَقّر والتفهُّم والتَّرفُّق من غير أَن يرفع صَوته شَدِيدا. قَالَ: والترسلُ فِي الرّكُوب: أَن يبسط الدَّابَّة ثُم تُرخى ثِيَابه على رجلَيْهِ حَتَّى يغيّبهما. قَالَ: والترسلُ فِي الْقعُود: أَن يتربَّع، وَأَن يُرْخِي ثِيَابه على رجلَيْهِ حوله.
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: حَدثنَا ابْن منيع عَن جده عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد عَن ابْن أبي ذُؤَيْب عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تزوج رجل من الْأَنْصَار امْرَأَة مُراسلاً يَعْنِي ثيّباً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فهلاّ تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك) .

(12/274)


وَأنْشد الْمَازِني:
يمشي هبيرةُ بعد مقتل شَيْخه
مَشْيَ المُراسِل بُشّرتْ بطلاقِ
قَالَ: المُراسِلُ: الَّتِي طُلقت مَرَّات، فقد بسأت بِالطَّلَاق، فَهِيَ لَا تباليه. يَقُول: فهُبيرة قد بسأ بِأَن يقتل لَهُ قَتِيل وَلَا يطْلب بثأره، فتعوّدَ ذَلِك مثل هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي بسأت بِالطَّلَاق، أَي: أنست بِهِ.
س ر ن
سنر، نسر، نرس، رسن: (مستعملة) .
سنر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّنانِيرُ: عِظامُ حُلوقِ الْإِبِل، وَاحِدهَا سِنَّوْر، وأَنشَد:
مَا بَيْن لَحْيَيْهِ إِلَى سِنَّوْرِهِ
قَالَ: والسِّنَّوْر: السيِّد. وَقَالَ: السَّنانير: رُؤَسَاء كلِّ قَبيلَة، الْوَاحِد سنَّوْر. وَقَالَ: والسِّنَّوْر: الضَّيْوَن، وجمعُه السَّنانير.
وأَخبرني المنذريُّ عَن الصّيداوي عَن الرّياشي قَالَ: السِّنَّوْر: أصلُ الذَّنب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: السَّنَوَّرُ: السِّلاح، وَيُقَال: هِيَ الدّروع.
أَبُو منجوف عَن أبي عُبيدة: السَّنَوَّرُ: الحديدُ كُله.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّنَوَّرُ: مَا كَانَ من حَلَق، يُرِيد الدُّروع، وأَنشَد:
سَهِكِين مِن صَدَإ الحديدِ كأنّهمْ
تحتَ السَّنَوَّرِ جِنَّةُ البَقّارِ
نسر: قَالَ اللّيث: النِّسر: طَائِر مَعْرُوف. والنَّسْران: نَجْمان فِي السّماء يُقَال لأَحَدهمَا الْوَاقِع وَللْآخر الطَّائِر، معروفان. والنَّسْرُ: نَتْفُ اللَّحْم بالمنقار، ومِنقارُ البازِي ونحوِه مَنْسِر ونَسْرُ الْحَافِر لَحمة يُشبههُ الشعراءُ بالنَّوَى، وَقد أَقْتَمها الحافرُ، وجمعُه النُّسور.
وَقَالَ سَلَمة بن الخُرشُب:
غَدَوْت بِهِ تُدافِعُني سبُوحٌ
فَراشُ نُسورِها عَجَم جَرِيرُ
قَالَ أَبُو سعيد: أَرَادَ بفَراش نسورِها حَدَّها، وفَراشةُ كلّ شَيْء حَدُّه، فَأَرَادَ أَن مَا يتقشّر من نُسورِها مِثل العَجَم وَهُوَ النَّوَى.
قَالَ: والنُّسور: الشَّواخص اللّواتي فِي بطن الْحَافِر، شبِّهت بالنّوَى لصلابتها، وَأَنَّهَا لَا تَمَسّ الأَرْض. ونَسْرِين الوَرْد مَعْرُوف، وَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا.
والنّاسور بالسِّن وَالصَّاد عِرْقٌ غَبِر، وَهُوَ عرقٌ فِي باطنِه فَساد، فكلَّما برأَ أَعْلَاهُ رَجَع غَبِراً فاسِداً، يُقَال: أصابَه غَبَرٌ فِي عِرْقه، وَأنْشد:
فَهُوَ لَا يَبرأُ مَا فِي صَدْرِه
مِثْل مَا لَا يَبْرأ العِرْقُ الغَبِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء العُقاب: النُّسارية، شُبِّهت بالنَّسْر، وَيجمع النَّسر نُسوراً، وَفِي الْعَدو الْأَقَل أنسُراً.

(12/275)


أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المَنسِر: مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين من الْخَيل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: المِنْسَر من الْخَيل: مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى العَشَرة، وَقد يُقَال: مَنْسِر، وَأما مِنْسر الطَّائِر وَهُوَ مِنقارُه فَهُوَ بِكَسْر الْمِيم لَا غير، يُقَال: نَسَره بِمِنْسِره نَسْراً.
رسن: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: رَسَنْتُ الفرسَ وأَرْسنْتُه: جعلت لَهُ رسناً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: رسنْتُ البِرْذَوْن: إِذا شَدَدْتَه، وأَرْسنْته: جعلتُ لَهُ رَسناً. وحزَمْتُ الفَرس: شدَدتُ حِزامَه وأَحزَمْته جعلتُ لَهُ حزاماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسَن: الحَبْل وجمعُه أرسان. قَالَ: والمَرْسَن: الْأنف وجمعُه المَراسِنُ.
نرس: فِي سَواد الْعرَاق قريةٌ يُقَال لَهَا: نَرْسٌ، ويُحْمل مِنْهَا الثِّياب النَّرْسيّة. ونِرْسيان: ضَرْبٌ من التَّمْر أجوده يكون بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهَا عربيّاً. وَأهل الْعرَاق يَضْربون الزبدَ بالنِّرْسيانِ مَثَلاً لما يستطاب.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (وأجررت المرسون رَسَنَه) . المرسون: الَّذِي جُعل عَلَيْهِ الرسن. يُقَال: رسنت الدَّابَّة وأرسنته؛ تُرِيدُ خلّيته وأهملته يرْعَى كَيفَ شَاءَ. أخبر عَن مسامحته وسماحة أخلاقه، وَتَركه التَّضْيِيق على أَصْحَابه.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: ثَمَرَة نرسيانة بِكَسْر النُّون؛ والجميع نرسيان.
س ر ف
سفر، سرف، فرس، فسر، رسف، رفس.
سرف: قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (الْإِسْرَاء: 33) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ: لَا يَقتُل غيرَ قَاتله، وَإِذا قَتلَ غيرَ قَاتله فقد أسرَف.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: السَّرَف: تجَاوز مَا حُدَّ لَك. والسَّرَف الْخَطَأ؛ وإخطاءُ الشَّيْء: وضعُه فِي غير مَوْضِعه.
قَالَ: والسَّرَف: الإغفال. والسَّرَف: الْجَهْل.
ورُوي عَن عائشةَ أَنها قَالَت: إِن لِلَّحم سَرَفاً كسَرَف الْخمر.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال: سَرِفْتُ الشيءَ، أَي: أخطأته وأغفَلْتُه.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد الكلابيّ فِي حَدِيث: (أَرَدْتُكُم فَسَرِفْتُكم) ، أَي: أَخْطَأْتُكم.
وَقَالَ جرير يَمْدح بني أميّة:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوها ثمانيةٌ
مَا فِي عطائِهمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ

(12/276)


يُرِيدُ أَنهم لم يُخطِئُوا فِي عَطِيَّتِهم، وَلَكنهُمْ وضَعوها موضِعَها.
وَقَالَ شَمِر: سَرَفُ الماءِ: مَا ذهب مِنْهُ فِي غير سقْي وَلَا نفع، يُقَال: أرْوَت البئرُ النخيلَ، وذهبَ بقيَّةُ الماءِ سَرَفاً؛ وَقَالَ الهُذَليّ:
فَكَأَنَّ أَوْساطَ الجَدِيَّةِ وَسَطَها
سَرَفُ الدِّلاءِ من القَلِيبِ الخِضْرِمِ
قَالَ: سَرِفْتُ يَمِينَه، أَي: لم أعرفهَا. وَقَالَ ساعِدَةَ الهُذَليّ:
حَلِفَ امرىءٍ بَرَ سَرِفْتِ يَمينَه
ولكلِّ مَا قَالَ النُّفوسُ مُجَرّبُ
يَقُول: مَا أخفَيتُ وَمَا أظهَرْت فإنّه سَيظْهر عِنْد التّجربة.
وَقَالَ سُفيانُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ} (الْفرْقَان: 67) ، أَي: لم يَضَعوه فِي غير مَوْضِعه، {وَلَمْ يَقْتُرُواْ} ، أَي: لم يقصِّروا بِهِ عَن حقّه.
قَوْله: {وَلَا تُسرِفوا} (الْأَعْرَاف: 31) : إِن الإِسراف أكلُ مَا لَا يحل أكله، وَقيل: هُوَ مُجَاوزَة الْقَصْد فِي الْأكل مِمَّا أحله الله.
وَقَالَ سُفْيَان: الْإِسْرَاف: أكل مَا أنفِق فِي غير طَاعَة الله.
وَقَالَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة: الْإِسْرَاف مَا قُصِّر بِهِ عَن حق الله. والسَّرَفُ: ضد الْقَصْد. وَقَوله تَعَالَى: {اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} (غَافِر: 34) : كَافِر شَاك. والسَّرفُ: الجهلُ. والسرفُ: الإغفال، أردتكم فسرِفتكم، أَي: أغفلتكم.
وَقَالَ شمر: رُوي عَن محمّد بن عَمْرو أَنه قَالَ فِي قَول عَائِشَة: (إنّ للّحم سَرَفاً كسرَف الْخمر) ، أَي: ضَراوةً كضَراوة الْخَمر.
قَالَ شَمِر: لم أَسمَع أحدا ذَهَب بالسَّرَف إِلَى الضَّراوة، وَكَيف يكون ذَلِك تَفْسِيرا لَهُ وَهُوَ ضدّه، والضَّراوة للشَّيْء: كثرةُ الاعتياد لَهُ، والسّرَف بالشَّيْء: الجهلُ بِهِ إِلَّا أَن تصير الضَّراوة نفسُها سَرَفاً، أَي: اعتيادُه وكثرةُ شِرائه سَرَف.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ أَنه قَالَ لرجل: إِذا أَتيتَ مِنًى، فانتهيتَ إِلَى موضِع كَذَا فَإِن هُنَاكَ سَرْحةً لم تُجْرَد وَلم تُسْرَف، سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبيا فَانْزِل تحتهَا.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ اليزيديّ: لم تُسرَف يَعنِي لم تُصِبْها السُّرْفة، وَهِي دُوَيْبَة صغيرةٌ تَثقُب الشّجر وتَبنِي فِيهَا بَيْتا. قَالَ: وَهِي الَّتِي يُضْرَب بهَا المَثَل فَيُقَال: أصنَع من سُرْفَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّرْفُ ساكنُ الرَّاء: مصدرُ سُرِفت الشّجرة تُسرَف سَرْفاً: إِذا وقعتْ فِيهَا السُّرْفة.
أَبُو عُبيد: السَّرِف: الْجَاهِل.
وَقَالَ طَرَفة:

(12/277)


إنَّ امْرأ سَرِفَ الفُؤادِ يَرَى
عَسَلاً بماءِ سَحابةٍ شَتْمِي
والأُسْرُفُّ: الآتكُ، فارسيَّة معرّبة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسرَف الرجلُ: إِذا جاوَزَ الْحَد، وأسرَف إِذا أخطأَ، وأسرَف: إِذا غَفَل.
سفر: قَالَ الله جلّ وَعز: { (مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ} {سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (عبس: 15، 16) .
قَالَ المفسِّرون: السفرة: الكَتَبَة، يَعْنِي الملائكةَ الَّذين يَكتُبون أعمالَ بني آدَم، واحدُها سَافر، مثل كاتِب وكَتَبة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: واعتباره بقوله: {لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ} {كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا} (الانفطار: 11، 12) ، وَإِنَّمَا قيل للْكتاب سِفْر وللكاتب سافِر، لأنَّ مَعْنَاهُ أَن يبيِّن الشيءَ ويوضِحه، وَمِنْه يُقَال: أسفَر الصبحُ: إِذا أضاءَ إضاءةً لَا يُشكّ فِيهِ.
وَمِنْه قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَسْفِروا بالفَجْر فَإِنَّهُ أعظَم لِلْأجرِ) يَقُول: صلُّوا صلاةَ الْفجْر بَعْدَمَا يتبيَّن الفجرُ ويَظهَر ظهوراً لَا ارتيابَ فِيهِ، فكلُّ من نَظَر إِلَيْهِ عَلِم أَنه الْفجْر الصَّادِق، وَمن هَذَا يُقَال: سفَرَت المرأةُ عَن وَجههَا: إِذا كشفتْ النِّقابَ عَن وَجههَا تَسفِر سفُوراً، وَمِنْه يُقَال: سفَرْتُ بَين القومِ أسفِر سفَارَةً: إِذا أصلحتَ بَينهم وكشفتَ مَا فِي قَلْب هَذَا وقلبِ هَذَا لتُصلح بَينهم. والسَّفِير: المُصلِح بَين النَّاس، قَالَه أَبُو عُبَيد.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: السَّفير: الرسولُ المُصلِح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السفَر: إسفارُ الْفجْر.
وَقَالَ الأخطل:
إنِّي أبِيتُ وهَمُّ الْمَرْء يَصْحَبُهُ
من أوّل اللَّيل حَتَّى يُفْرِجَ السفَرُ
يُرِيد الصُّبْح، يَقُول: أبِيتُ أسرِي إِلَى انفِجار الصّبح.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة وَذكر قوم لوط: أَو تُتُبِّعت أسفارهم بِالْحِجَارَةِ، يَعْنِي الْمُسَافِر مِنْهُم يَقُول: رُمُوا بِالْحِجَارَةِ حَيْثُ كَانُوا فألحقوا بِأَهْل الْمَدِينَة.
يُقَال: سَافر وسفْر، ثمَّ أسافر جمع الْجمع.
وَسُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَل عَن الإِسفار بِالْفَجْرِ فَقَالَ: هُوَ أَن يَضِحَ الفجرُ حَتَّى لَا يُشَكّ فِيهِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ إِسْحَاق، وَهُوَ قولُ الشافعيّ وذوِيه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} (عبس: 38) .
قَالَ الفرَّاء: أَي: مشرِقة مضيئة، وَقد أسفَر الصبحُ وأسفَر الْوَجْه.
قَالَ: وَإِذا ألقَت المرأةُ نِقَابها قيل: سفَرتْ فَهِيَ سافِرٌ بغيرِ هَاء. والسُّفْرة: الَّتِي يُؤكَل

(12/278)


عَلَيْهَا، سُمّيتْ سفْرة لِأَنَّهَا تُبسط إِذا أُكل عَلَيْهَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن عمَر دخل على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله بيتَه فَقَالَ: (لَو أمرتَ بِهَذَا الْبَيْت فسفِر) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: قَوْله: فسفِر، أَي: كُنِس، يُقَال: سفَرْتُ البيتَ وغيرَه: إِذا كنستَه، فَأَنا أسفِره سفرا، وَيُقَال للمِكنسة: المِسفَرة. وَمِنْه قيل لِما سقَط من وَرَق العُشْب: سفِير، لأنّ الرّيح تَسفِره.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
وَحَائِل من سَفِير الحَوْل جائِلُهُ
حَوْلَ الجَراثِين فِي ألوانِ شَهَبٌ
يَعْنِي الْوَرق تغيّر لونُه فحالَ وابيَضّ بعد مَا كانَ أخضَرَ.
وَيُقَال: سفَرَت الرِّيحُ الغَيْمَ عَن وجهِ السَّمَاء: إِذا كَشَطَتْه عَنهُ، وأنْشَدَ:
سَفْرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجَا
حَدثنَا السَّعْدِيّ عَن أَحْمد بن مُصعب عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عمرَان بن مُسلم عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: قَالَ عمر: صَلَاة الْمغرب فِي الفجاج مُسفرة. قَالَ أَبُو مَنْصُور: معنى قَوْله: أَي بيّنة مبصَرة لَا تخفى. وَفِي الحَدِيث: صَلَاة الْمغرب يُقَال لَهَا: صَلَاة الْبَصَر؛ لِأَنَّهَا تُؤَدّى قبل ظلمَة اللَّيْل الحائلة بَين الإبصار والشخوص. والسَّفَرُ: سفران: سفرُ الصُّبْح، وسفَرُ الْمسَاء.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: كَثُرَتْ السافِرَةُ بِموضع كَذَا، يَعْنِي المُسافِرين. قَالَ: والسَّفْر: جمعُ سافِر وسفْر أَيْضا. ورجلٌ مِسْفَر: إِذا كَانَ قويّاً على السَّفر، وَالْأُنْثَى مِسْفَرة.
قلت: وسمّي الْمُسَافِر مُسَافِرًا لكشفِه قِناعَ الكِنِّ عَن وَجهه ومنازل الْحَضَر عَن مَكَانَهُ ومنزل الْخَفْض عَن نَفسه، وبرُوزِه إِلَى الأَرْض الفضاء. وسُمِّيَ السَّفَر سفَراً لِأَنَّهُ يُسْفِر عَن وُجُوه الْمُسَافِرين وأخلاقِهِمْ فيَظْهِر مَا كَانَ خافياً مِنْهَا. وَيُقَال لبقيّةِ بياضِ النَّهَار بعد مَغيب الشَّمْس: سَفَرٌ لِوُضوحه وَمِنْه قولُ الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سفَراً لَهَا، لم تَرَ فِيهَا مَطَراً. أَرَادَ طلوعَها عِشاء. وَيُقَال: سافَر الرجلُ إِذا مَاتَ؛ وأنْشَد:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرٍ
وأنَّهُ يَوْمًا مُسافِرْ
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو زيد: السفارُ: سفارُ البَعير، وَهِي الحديدةُ الَّتِي يُخطم بهَا الْبَعِير.
قَالَ أَبُو زيد: وأَسفَرْتُ البَعيرَ إسفَاراً.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: سفَرْت البعيرَ بالسفار بِغَيْر أَلف.
وَقَالَ اللَّيْث: السفارُ: حَبْلٌ يُشَدُّ طرفُه

(12/279)


عَلَى خِطام الْبَعِير فيُدار عَلَيْهِ ويُجْعَل بقيَّته زِماماً، وَرُبمَا كَانَ السفارُ من حَدِيد، وجمعُه الأسفِرَة، وأمّا قولُ الله جلَّ وَعز: {يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ} (الْجُمُعَة: 5) ، فَإِن الزّجّاج قَالَ: الأسفارُ: الْكتب الْكِبَار، وَاحِدهَا سفْر، أعلَمَ اللَّهُ أنَّ اليَهودَ مَثَلُهم فِي تَركهم استِعمالَ التَّوْرَاة وَمَا فِيهَا كَمَثَلِ الْحمار يُحْمَلُ عَلَيْهِ الكُتُب وَهُوَ لَا يَعرِف مَا فِيهَا وَلَا يَعِيها. وواحدُ الْأَسْفَار: سفْرٌ، يُقَال: السّفر مقدَّم رأسِه من الشَّعْر: إِذا صَار أَجْلَح. وانسفَرَتْ الْإِبِل: إِذا ذَهَبَتْ فِي الأرْض. وفرسٌ سافِرُ اللَّحْمِ: أَي قَلِيلُهُ. وَقَالَ ابنُ مُقْبِل:
لَا سافِرُ اللَّحمِ مَدْخُولٌ وَلَا هَيجٌ
كاسِي العِظامِ لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المُسفَّرَة: كُبَّة الغَزْل.
ورُوِي عَن سعيد بنِ المُسَيِّب أَنه قَالَ: لَوْلَا أصواتُ السافِرة لسمعتم وَجْبَة الشَّمس. قَالَ: والسافرة: أمّةٌ من الرُّوم جَاءَ متَّصلاً بِالْحَدِيثِ ووجبةُ الشَّمْس: وُقوعُها إِذا غَرَبَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ قَالَ: السفْسير: الفَيْجُ، والتّابع وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه فِي قَول أَوْس:
مِن الفَصافِصِ بالنُّمِّيّ سفْسيرُ
إنّه يَعْنِي السمسارَ.
قلت: وَهُوَ معرّب عِنْده. وَقَالَ شمر: هُوَ القيّمُ بِالْأَمر الْمُصلِح لَهُ، وَأنكر أَن يَكونَ بيّاعَ القَتّ. وَيُقَال للثور الوحشيّ: مُسَافر ونابىء وناشط وَقَالَ:
كَأَنَّهَا بعد مَا خفّتْ ثَمِيلَتُهَا
مسافرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسفَرُ: الْأَثر يبْقى عَلَى جِلد الْإِنْسَان وغيرِه، وَجمعه سفور. قَالَ أَبُو وجزَة:
لقد ماحت عَلَيْك مؤبَّدَاتٌ
يلوح لهنَّ أندابٌ سفُورُ
قَالَ ابْن عَرَفَة: سُمِّيت الْمَلَائِكَة سُفَرةٌ لأَنهم يَسفِرون بَين الله وَبَين أنبيائه. قَالَ أَبُو بكر: سمُّوا سفرةً لأَنهم ينزلون بِوَحْي الله وتأديته، وَمَا يَقع بِهِ الصّلاح بَين النَّاس، فشُبِّهوا بالسفير الَّذِي يصلح بَين الرجلَيْن فيصلح شَأْنهمَا.
فرس: سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الفِرسة: الحَدْبة، والفَرْصَة: رِيحُ الحَدَب. والمَفْزُورُ والمَفْرُوس: الأحدَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَرَس السَّبُعُ الدابّة فَرْساً: إِذا دَقّ عُنُقُه.
وَقَالَ: الأَصْل فِي الفَرْس: دَقُّ العُنُق، ثمَّ جُعِل كلُّ قَتْل فَرْساً.
يُقَال: ثورٌ فَرِيس، وبقرةٌ فَريس، وَيُقَال للرجل إِذا ذَبح فنَخع: قد فَرس. وَقد كُرِه الفَرْسُ فِي الذَّبيحة. رَوَاهُ أَبُو عُبيد بإسنادٍ لَهُ عَن عُمر.

(12/280)


قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الفَرْس: هُوَ النَّخْع. يُقَال: فَرَسْتُ الشاةَ ونَخْعتُها، وَذَلِكَ أَن يَنتهيَ بالذبْح إِلَى النُّخاع، وَهُوَ الخَيْط الَّذِي فِي فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فَهِيَ أَن يُنتهىَ بِالذبْحِ إِلَى ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أما النَّخْع فعلى مَا قَالَ أَبُو عُبيدة. وَأما الفَرْس فقد خُولِف فِيهِ، فَقيل: هُوَ الْكسر، كَأَنَّهُ نهَى أَن تُكسَر رقبةُ الذَّبِيحَة قبلَ أَن تَبرُد، وَبِه سمّيت فريسة الْأسد للكسْر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْسُ بِالسِّين الْكسر وبالصاد: الشَّقّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الفَرْس: أَن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أَن تُذبح الشَّاة قَالَ: والفَرْس: رِيح الحَدب، والفِرْس أَيْضا ضَرْبٌ من النَّبَات، واختلَف الأعرابُ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو المكارم: هُوَ القَضْقاض.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ الشِّرْشِر. وَقَالَ غَيره: هُوَ الحَبْن. وَقَالَ غَيره: هُوَ البَرْوَق.
قَالَ: ويكنَى الأسدُ: أَبَا فِراس، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: من أَسماء الأَسد: الفِرْناسُ، مَأْخُوذ من الفَرْس وَهُوَ دقُّ العُنُق وَالنُّون زَائِدَة.
الْأَصْمَعِي: يُقَال: فارسٌ بيّنُ الفُروسة والفَراسة، وَإِذا كَانَ فَارِسًا بعَينه ونَظَره فَهُوَ بيّن الفِرَاسة بِكَسْر الْفَاء.
وَيُقَال: إِن فلَانا لفارِسٌ بذلك الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.
وَيُقَال: اتّقُوا فِراسة الْمُؤمن، فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله. وَقد فَرُس فلَان يَفرسُ فُروسة وفَراسةً: إِذا حَذق أمرَ الْخَيل.
وَيُقَال: هُوَ يتفرّس: إِذا كَانَ يُرِي الناسَ أَنه فَارس على الْخَيل.
وَيُقَال: فلانٌ يتفرَّس: إِذا كَانَ يَتثبَّتُ ويَنظُر.
وروَى شَمِر بإسنادٍ لَهُ حَدِيثا أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَرَض يَوْمًا الخيلَ وعندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري، فَقَالَ لَهُ: (أَنا أعلمُ بِالْخَيْلِ مِنْك) ، فَقَالَ عُيَيْنة: وَأَنا أعلم بِالرِّجَالِ مِنْك. فَقَالَ: خِيارُ الرِّجَال الَّذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم، ويعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كذبتَ، خِيارُ الرِّجَال رجالُ أهلِ الْيمن، الإيمانُ يَمانٍ وَأَنا يَمانٍ) .
وَفِي حديثٍ آخر: (وَأَنا أَفْرَس بِالرِّجَالِ مِنْك) ، يُرِيد: أبصَر.
يُقَال: رجلٌ فَارس بيّن الفُروسة والفَراسة فِي الْخَيل، وَهُوَ الثَّبَات عَلَيْهَا والْحِذْق بأمرِها. قَالَ: والفِراسة بِكَسْر الْفَاء فِي النّظر والتثبّت والتأمّل للشَّيْء والبَصَر بِهِ.
يُقَال: إِنَّه لفارسٌ بِهَذَا الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.

(12/281)


وَفِي حديثٍ آخر: (أفرَسُ النَّاس ثَلَاثَة) ، ثمَّ ذكَر الحَدِيث.
وَفِي حديثٍ آخر: (عَلِّموا رجالَكم العَوْم والفَرَاسة) .
قَالَ: والفَراسة: العِلْم بركوب الْخَيل ورَكْضِها.
قَالَ: والفارس: الحاذقُ بِمَا يمارس من الْأَشْيَاء كلِّها، وَبهَا سمّيَ الرجُل فَارِسًا.
وَفِي حديثِ يأجوجَ ومأجوجَ: (إنّ الله يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى) ، أَي: قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ، وَمِنْه فَريسة الْأسد. وفَرْسى جمعُ فَريس، مِثلُ قَتِيل وقَتلى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال أصابتْه فَرْسة: إِذا زَالَت فَقْرةٌ من فِقَر ظَهره. وَأما الرّيح الَّتِي يكون مِنْهَا الحَدَب فَهِيَ الفَرْصة بالصَّاد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَراس: تَمرٌ أسوَد، وَلَيْسَ بالشِّهْرِيز، وأَنشد:
إِذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً
على الأَنْباكِ مِنْهُم والغُيوبِ
قَالَ: والأَنباكُ: التِّلال.
ابْن السكّيت: الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق، ثمَّ صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً، وبالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس، وَقد رأيتُها. والفِرْس: ضَربٌ من النَّبت.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرِيس: حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ فِي طرف الحَبْل، وَأنْشد غَيره:
فَلَو كَانَ الرِّشا مائتَين باعاً
لَكَانَ مَمَرُّ ذَلِك فِي الفَرِيسِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الفَرْسة: قَرحة تكون فِي الْعُنُق فتَفْرِسها.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفرسة: الحدب.
قَالَ: والفِرسة بِكَسْر الْفَاء: الحَدب. قَالَ: والأحدب مفروس، وَمِنْه فرست عُنُقه.
وَفِي حَدِيث الضَّحَّاك فِي رجل آلَى من امْرَأَته ثمَّ طَلقهَا، قَالَ: هما كفرسيْ رِهان، أَيهمَا سبق أُخِذ بِهِ. تَفْسِيره: بِأَن الْعدة وَهِي ثَلَاث حيض، إِذا انْقَضتْ قبل انْقِضَاء إيلائه وَهُوَ أَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ الْمَرْأَة بِتِلْكَ التطليقة، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ من الْإِيلَاء؛ لِأَن الْأَرْبَعَة الْأَشْهر تَنْقَضِي وَلَيْسَت لَهُ بِزَوْج، وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة الْأَشْهر وَهِي فِي الْعدة بَانَتْ مِنْهُ بالإيلاء مَعَ تِلْكَ التطليقة، فَكَانَت اثْنَتَيْنِ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: فارسٌ فِي النَّاس بيّن الفَراسة، والفِراسة وعَلى الدَّابَّة بيّن الفروسية والفرُوسةِ لُغَة فِيهِ.
فسر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَسْرُ: كشفُ مَا غُطِّيَ.

(12/282)


وَقَالَ اللَّيْث: الفَسْر: التَّفْسِير وَهُوَ بيانٌ وتفصيلٌ للْكتاب.
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّفْسِير والتأويل، وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّفْسِرةُ: اسمٌ للبَوْل الَّذِي يَنظُر فِيهِ الْأَطِبَّاء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل وكلُّ شَيْء يُعْرَف بِهِ تَفْسِير الشَّيْء وَمَعْنَاهُ فَهُوَ تَفسرَته.
وَقَوله عز وَجل: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} (الْفرْقَان: 33) ، الفَسرُ: كشف المغطَّى.
وَقَالَ بَعضهم: التَّفْسِير: كشف المُرَاد عَن اللَّفْظ الْمُشكل. والتأويل: رد أحد المحتملين إِلَى مَا يُطَابق الظَّاهِر.
رسف: قَالَ اللَّيْث: الرَّسْف والرَّسِيف والرَّسَفان: مَشْيُ المقيّد، وَقد رَسَف فِي القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فَهُوَ راسف.
أَبُو الْهَيْثَم عَن نصير: يُقَال للبعير إِذا قَارب الخطو وأسرع الْإِجَارَة، وَهِي رفع القوائم ووضعها: رَسف يرسُف. فَإِذا زَاد عَن ذَلِك فَهُوَ الرَّتَكان. ثمَّ الْحَفْد بعد ذَلِك.
رفس: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْسَةُ: الصَّدمة بالرِّجل فِي الصَّدر. يُقَال: رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.

س ر ب
سرب، سبر، رسب، ربس، بسر. برس.
رسب: قَالَ اللَّيْث: الرُّسوبُ: الذَّهابُ فِي المَاء سفْلاً. وَالْفِعْل رَسب يَرْسب.
قَالَ: وَالسيف الرَّسوبُ: الْمَاضِي فِي الضريبة، الغائبُ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: كَانَ لخَالِد بن الْوَلِيد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً، وَفِيه يَقُول:
ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ
بصارمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيق
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
قُبِّحْتَ من سالفةٍ ومِن قَفَا
عبدٌ إِذا مَا رَسَب القومُ طَفَا
قَالَ أَبُو العبّاس: مَعْنَاهُ: أَن الحُكَماء إِذا مَا تَرزَّنوا فِي مَحافِلهم طَفَا هُوَ بجَهْله، أَي: نَزا بجهله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المرسب: الأواسِي. والرَّسُوب: الْحَكِيم. وَفِي (النّوادر) : الرَّوْسَب والرَّوْسَم: الداهية.
ربس: قَالَ اللَّيْث: الرَّبْسُ مِنْهُ الارتباس؛ يُقَال: عُنقودٌ مرتَبس، وَمَعْنَاهُ: انهضامُ حَبِّه وتداخُلُ بعضِه فِي بعض، وكبشٌ رِبيس ورَبِيز، أَي: مكتنزٌ أَعجَر.
ابْن السّكيت: الرَّبِيس من الرِّجال: الشُجاع.

(12/283)


وأَنشَد:
ومِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جَاءَ بمالٍ ربيس، أَي: كثير. وَجَاء بالدِّبْس والرَّبْس وهما الداهية. وَقَالَ أَبُو زيد: جِئْت بأمورٍ دُبْس وبأمورٍ رُبْس، وَهِي الدّواهي بِالدَّال وَالرَّاء.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: اربَسَّ الرجلُ اربساساً، أَي: ذَهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ارْبسّ: إِذا غَدا فِي الأَرْض.
برس: ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء، وَأَبُو عُبيد عَن الأَصْمَعِي: البُرْسُ: القُطْن، وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ قُطن البَرْدِيّ.
وأَنشَد:
كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ
وبَرْبَسْتُ فلَانا، أَي: طَلَبتُه.
وأَنشَد:
وبَرْبَسْتُ فِي تَطْلابِ أرضِ ابْن مالكٍ
فأعجَزَني والمرءُ غيرُ أَصيلِ
ابْن السّكيت: يُقَال جَاءَ فلَان يَتبربس، أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ دُكين:
فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس
أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَاءَنَا فلَان بتبربس: إِذا جَاءَ متبختراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِرْباسُ: البئرُ العَمِيقة. قَالَ: والبَرْس: حَذاقَة الدَّليل. وبرَسَ: إِذا تَشدَّد على غَرِيمه.
سبر: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْرُ: مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً: إِذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه، وَيُقَال: إِنَّه لحَسَن السِّبْر: إِذا كَانَ حَسَن السَّحَناء والهَيْئة، والسَّحْناء اللّون، وجمعُه أَسْبار.
وَفِي الحَدِيث: (يَخرُج رجلٌ من النَّار قد ذَهَب حِبْرُه وسِبْرُه) ، أَي: هَيئته.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّبْر: اسْتِخْرَاج كُنْه الأَمْر. والسَّبْر: حُسْن الوَجه، وَمِنْه الحَدِيث: (قد ذهب حِبْرُه وسِبرهُ) . والمَسْبور: الحَسْن السبْر. وَفِي حَدِيث الزُّبير أنّه قيل لَهُ: مُرْبَنِيك فليتزوّجوا فِي الغَرانب، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر ونُحولُه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّبر هَهُنَا الشَّبَه. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن، فأمَرَه الرجُل أَن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لَهُم حُسنُ أبي بكر وشدّة غَيره.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السِّبر: مَا عرفت بِهِ لؤمَ الدَّابَّة أَو كرمها أَو لَوْنهَا من قِبَل أَبِيهَا. والسبْرُ أَيْضا: معرفتك الدَّابَّة بخِصب أَو جَدْب.
وَيُقَال: عرفتُه بسبر أَبِيه، أَي: بهَيْئته

(12/284)


وشَبَهِه وَقَالَ الشَّاعِر:
أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل
وهَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ
علينا سبْرُهُ ولِكلّ فَحْلٍ
على أولادِه مِنْهُ نِجارُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبْرة: طَائِر: تصغيرُه سُبَيرة.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: السُّبَر والنُّهس: طائران.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبَر: طائرٌ دونَ الصَّقر. وأَنشَد:
حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ والسُّبُر
قَالَ: والسَّبر: من أَسماء الأَسَد. وَلم أسمعهُ لغير اللَّيْث. وَقَالَ المؤرّج فِي قَول الفرزدق:
بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو
خَوادِرُ فِي الأخْياسِ مَا بَينهَا سِبْرُ
قَالَ: مَعْنَاهُ: مَا بينَها عَدَاوَة. قَالَ: والسِّبر: الْعَدَاوَة، وَهَذَا غَرِيب.
وَقَالَ اللّيث: السبر: التجربة، وَيُقَال: اسْبرُه مَا عندَ فلَان، أَي: ابلُه. قَالَ: والمِسبار: مَا يُقدَّر بِهِ غَوْر الجِراحات، قَالَ: والسِّبار: فَتيلةٌ تُجعَل فِي الجُرح.
وأَنشَد:
ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا
وَحدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا الْمحَاربي عَن مُسَافر الْعجلِيّ عَن الْحسن عَن أنس قَالَ: لم يخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي سفر قطّ إِلَّا قَالَ حِين ينْهض من جُلُوسه: (اللَّهُمَّ بك ابتسرْت، وَإِلَيْك تَوَجَّهت، وَبِك اعتصمت، أَنْت رَبِّي ورجائي. اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أهمني وَمَا لم أهتم بِهِ؛ وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني. وزودني التَّقْوَى، واغفر لي ذَنبي، ووجهني للخير حَيْثُ تَوَجَّهت) ثمَّ يخرج.
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله: (ابتسرت) ، أَي: ابتدأت سَفَرِي. وكلّ شَيْء أخذتَه غضاً فعد بسرته.
وَمِنْه قَول لبيد:
بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه
والبَسْرُ: المَاء الطري سَاعَة ينزل من المزن.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الْوضُوء فِي السَّبرَات.
قَالَ أَبُو عُبيد: السَّبْرة: شِدّة البَرْد.
وأَنشَد قولَ الحطيئة يصف الْإِبِل:
عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها
يُباكِرْنَ حَدَّ المَاء فِي السبراتِ
يَعْنِي شدّه بَرْد الشّتاء والسَّنة.

(12/285)


بسر: قَالَ الله جلّ وَعز: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} (الْقِيَامَة: 24) .
وَقَالَ تَعَالَى: {نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ} (المدثر: 22) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: (بَسَر) ، أَي: نظر بكراهية شَدِيدَة. وَقَوله عز وَجل: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} ، أَي: مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أَن الْعَذَاب نازِلٌ بهَا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فَذَلِك البَسَر، وَقد بَسَرها الفحلُ فَهِيَ مَبْسورة.
قَالَ شمر: وَمِنْه يُقَال: بَسَرْتُ غَريمي: إِذا تقاضيته قبل محلّ المَال. وبَسَرْت الدُّمُّل: إِذا عَصَرْتَه قبل أَن يتقيّح، وَكَأن البَسْر مِنْهُ.
أَبُو عُبَيْدَة: إِذا هَمت الْفرس بالفحل وأرادت أَن تستودق، فَأول وداقها المباسرة وَهِي مباسِرة، ثمَّ تكون وديقاً. والمباسِرَةُ: الَّتِي هَمت بالفحل قبل تَمام وداقها: فَإِذا ضربهَا الحصان فِي تِلْكَ الْحَال فَهِيَ مبسورة.
قَالَ شمر: وبَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً: إِذا رعيتَه غَضّاً وكنتَ أوّلَ من رَعاه.
وَقَالَ لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه
بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ
سَلَمةَ عَن الفرّاءِ قَالَ: البُسْرُ: الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن، والبَسْرُ: حَفْرُ الْأَنْهَار إِذا عَرا الماءُ أوطانَه.
قلتُ: وَهُوَ التبسّر؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرْض عَنهُ
تبسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسارَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَنَاتُ الأَرْض الأنهارُ الصِّغار، وَهِي الغُدْرانُ فِيهَا بَقايا المَاء، وَيُقَال للشمس بُسْرَة: إِذا كَانَت حَمْراء لم تَصْفُ؛ وَقَالَ البَعِيثُ يذكرهَا:
فَصَبَّحَه والشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ
بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ
وَقَالَ أَبو عُبيدة: إِذا همّت الفَرسُ بالفحْل وَلم تَسْتَوْدِق فَهُوَ مباسَرة، ثمَّ تكون وَدِيقاً؛ فَإِذا سفِدَها الحِصان فِي تِلْكَ الْحَال قيل: تَبَسَّرَها وبَسَرَها.
ورُوِيَ عَن الأشجع العَبْدِيّ أَنه قَالَ: لَا تَبْسُروا وَلَا تَثْجُروا؛ فَأَما البَسْرُ فَهُوَ خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب وانْتِبَاذُهُما مَعاً. والثَّجْرُ: أَن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مَعَ التَّمر، وكرِه هَذَا حِذار الخليطين؛ لنهي النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا. والبُسْر: مَا لَوَّنَ وَلم يَنضَج، وَإِذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدار فَهُوَ جَدالٌ، فَإِذا عَظُمَ فَهُوَ البُسْرُ، فَإِذا احْمَرَّت فَهِيَ شِقْحَةٌ.
اللَّيْث: البسرَة من النّبات مَا قد ارْتَفع عَن وَجْه الأَرْض ولَم يَطُل وَهُوَ غَضٌّ أطيَب

(12/286)


مَا يكون، وأَنشد:
رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعَاءَ حَتَّى آنَفَتْهَا فِصالْها
والبَيَاسِرَةُ: جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم، ورجُلٌ بَيْسرِي. والبِسَارُ: مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد فِي الصَّيف لَا يُقلِع عَنْهُم سَاعَة، فَتلك أيَّامُ البِسار.
والبَاسورُ: داءٌ مَعروفٌ، وَهُوَ معرَّب ويُجْمَع البواسير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البسرةُ رأسُ قضيبِ الْكَلْب، والمبْسُور: طالبُ الْحَاجة فِي غير موضعِها. وبَسَر النهرَ: إِذا حفر فِيهِ بِئْرا وَهُوَ جافّ؛ وَأنْشد:
تَبَسّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسَارَا
وَقَالَ: انبَسَر وبَسَرَ: إِذا خَلَط البُسْرَ بِالتَّمْرِ أَو الرطب فَنَبَذَهُما. وأَبْسرَ وبَسَرَ: إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه، وأَبْسَرَ: إِذا حَفَرَ فِي أرضٍ مَظْلومة.
سرب: قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} (الرَّعْد: 10) ، قَالَ: ساربٌ بِالنَّهَارِ أَي ظاهرٌ بِالنَّهَارِ؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
قَالَ: (وسارِبٌ بِالنَّهَارِ) ظاهرٌ بِالنَّهَارِ فِي سِرْبِه؛ يُقَال: خَلِّ لَهُ سِرْبَه، أَي: طَرِيقَه. فَالْمَعْنى: الظاهرُ فِي الطُّرُقات، والمستخفِي فِي الظُّلُماتِ، والجاهرُ بِنُطْقه، والمُضْمِرُ فِي نَفسه، عِلْمُ الله تَعَالَى فيهم سَوَاء.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله عز وَجل: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ} ، أَي: ظَاهر. والسارب: المتواري.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: المستخفِي: الْمُسْتَتر. قَالَ: والساربُ: الظَّاهِر، الْمَعْنى الظَّاهِر والخفِيّ عِنْده واحِدٌ.
وَقَالَ قَتَادة فِي قَوْله: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} : ظَاهر، وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عبَّاس.
وَقَالَ قُطْرُب: (ساربٌ بالنّهار) ومستتر، يُقَال: انسَرَبَ الوحشُ: إِذا دخلَ فِي كِنَاسِه.
قلت: تَقول العَرَب: سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ، وسَرَبَ الفحلُ سُرُوباً، أَي: مضتْ فِي الأَرْض ظَاهِرَة حَيْثُ شَاءَت. وَقَالَ الْأَخْنَس بن شهَاب التّغْلبي:
وكلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ
وَنحن خَلَعْنَا قَيْدَه فَهُوَ سَارِبُ
وأمّا الانسِراب فَهُوَ الدُّخُول فِي السّرَب كَمَا قَالَ. وَفِي الحَدِيث: (من أصبحَ آمنا فِي سِرْبِه) أَخْبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السِّرْبُ: النَّفْسُ، بِكَسْر السِّين. وفلانٌ آمِنٌ فِي سِرْبِه، أَي: فِي نَفْسِه، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السكّيت. قَالَ: والسِّرْبُ أَيْضا بالكَسْر: القَطيع من

(12/287)


الظِّبَاء والبَقَر والنِّساء.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السِّرْب والسُّرْبة من القَطا والظِّباء والشَّاء: القَطِيعُ.
وَيُقَال: فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب، أَي: وَاسعُ الصَّدر، بَطِيءُ الغَضَب. قَالَ: وفلانٌ آمنٌ فِي سِرْبه بِالْكَسْرِ. وَأما السَّرْبُ بِالْفَتْح فَإِن ابْن السكّيت قَالَ: السَّرْبُ: المالُ الرّاعي يُقَال: أَغير على مَال سَرْب بني فلَان وَيُقَال للْمَرْأَة عِنْد الطَّلَاق: اذهبِي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. وَنَحْو ذَلِك.
حَكَى أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أَنِّي لَا أَرُدُّ إبلك لتذهب حَيْثُ شَاءَت وأَصْلُ النَّدْه: الزَّجْرُ. وَقَالَ غَيره: كَانَ هَذَا من طَلاق أهلِ الْجَاهِلِيَّة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: خَلِّ سَرْبَ الرجل بِالْفَتْح، أَي: خَلِّ طريقَه قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: خل سِرْبَ الرَّجُل بِالْكَسْرِ. وَأنْشد بَيت ذِي الرّمة:
خَلَّى لَهَا سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهَا
مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ
قَالَ شمر: الرِّوَايَة: خَلَّى لَهَا سَرْبَ أُولاها بالفَتح.
قلتُ: وَهَكَذَا سمعتُ العَرَبَ تَقول: خَلِّ سَرْبَه، أَي: طَرِيقه.
وَكَانَ الْأَخْفَش يَقُول: أصبح فلانٌ آمِناً فِي سَرْبه بِالْفَتْح، أَي: فِي مَذْهبه ووَجْهه. والثِّقاتُ من أهل اللّغة قَالُوا: أصبح آمِناً فِي سِرْبه، أَي: فِي نَفْسِه.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: سَرِّبْ عليَّ الْإِبِل، أَي: أَرْسِلْها قِطْعَة قِطْعَة. قَالَ: وَيُقَال: خَرَج الماءُ سَرِباً، وَذَلِكَ إِذا خرج من عُيون الخُرَز؛ وَيُقَال: سَرِّب قِرْبَتَك، أَي: اجْعَل فِيهَا الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ؛ وأَنشد قَول جرير:
نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ
كَمَا عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السرَب: الماءُ السَّائِل.
قَالَ: وَقَالَ الْأمَوِي: السَّرَب: الْخَرز. وَأما قَوْله:
كَأَنَّهُ من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ
فَإِن الروَاة رَوَوْهُ بِالْفَتْح، وَقَالُوا: السَّرَبُ: المَاء. والسربُ: السَّائِل.
يُقَال: سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً: إِذا سَالَ فَهُوَ سَرِب.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} (الْكَهْف: 61) ، قَالَ: كَانَ الْحُوت مالحاً، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من الْعين فوَقَع فِي الْبَحْر جَمَد مَذْهَبُه فِي الْبَحْر، فَكَانَ كالسَّرَب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَت فِيمَا رؤيَ سَمَكةً مملوحةً، وَكَانَت آيَة لمُوسَى فِي الْموضع الّذي يَلقَى فِيهِ الْخَضِر، فاتّخذ سبيلَه فِي البحرَ سَرَباً، أَحْيَا الله تَعَالَى السّمكةَ حتّى

(12/288)


سَرَبتْ فِي البحرَ قَالَ: (وسَرَبا) منصوبٌ على جِهَتَيْنِ: على الْمَفْعُول، كَقَوْلِك: اتّخذتُ طريقي فِي السَّرَب، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كَذَا وَكَذَا، فَيكون مَفْعُولا ثَانِيًا؛ كَقَوْلِك: اتّخذت زيدا وَكيلا. قَالَ: وَيجوز أَن يكون (سَرَباً) مصدرا يَدُلَّ عَلَيْهِ (اتّخذ سبيلَه فِي الْبَحْر) ؛ فَيكون الْمَعْنى: نَسِيَا حُوتَهما. فجَعل الحوتُ طريقَه فِي الْبَحْر، ثمَّ بيّن كَيفَ ذَلِك، فكأنّه قَالَ: سَرِب الحوتُ سَرَباً.
وَقَالَ المُعْترِض الظَّفرى فِي السَّرب وَجعله طَرِيقا:
تركنَا الضَّبع سَارِيَة إِلَيْهِم
تنوب اللحمَ فِي سَرَب المَخِيم
قيل: تنوبه، تَأتيه. والسَّربُ: الطَّرِيق. والمَخِيمُ: اسْم وَاد؛ وعَلى هَذَا معنى الْآيَة: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ} (الْكَهْف: 61) ، أَي: سَبِيل الْحُوت طَرِيقا لنَفسِهِ، لَا يحيد عَنهُ. الْمَعْنى: اتخذ الْحُوت سَبيله الَّذِي سلكه طَرِيقا اطّرقه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} قَالَ: أظنّه يُرِيد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً؛ كَقَوْلِك: يَذهَب ذَهاباً.
وَقَالَ شمِر: الأَسراب من النَّاس: الأَقاطيع، واحدُها سِرْب. قَالَ: وَلم أَسمَع (سِرْبَ) فِي النَّاس إِلَّا للعجّاج:
ورَبِّ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً، أَي: يَجرِي جَرْياً؛ يُقَال: سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السراب: مَا لَصِقَ بِالْأَرْضِ، والآلُ: الّذي يكون ضُحًى كالمُلاَء بَين السَّماء وَالْأَرْض.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السراب: الّذي يَجرِي على وَجْه الأَرْض كأنّه المَاء، وَهُوَ يكون نِصفَ النَّهَار، وَهُوَ الّذي يَلصِق بِالْأَرْضِ؛ وَفِي صفة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ دقيقَ المَسْرُبَة؛ قَالَ أَبُو عبيد: المَسرُبة: الشَّعْرُ النَّابِت وَسطَ الصَّدْر إِلَى البَطْن؛ وأَنشَد:
الآنَ لما ابيَضَّ مَسْرُبَتي
وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: سُرِب الرجلُ فَهُوَ مَسروب سَرْباً، وَهُوَ دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الْإِنْسَان وفمه ودُبُرَه فَيَأْخذهُ حَصَرٌ عَلَيْهِ فرُبما أفرَق وربّما مَاتَ وَالِاسْم الأُسرُبُ.
وَقَالَ شمِر: الأُسرُبُ مخفف الْبَاء، وَهُوَ بالفارسيّة سُرْب.
قَالَ أَبُو عبيد: مَسربةُ كلّ دَابَّة: أعاليه من لدن عُنُقه إِلَى عَجْبه، وَأنْشد:
جلال أَبوهُ عمُّه وَهُوَ خَاله
مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ
قَالَ: أقرابه: مَراقّ بَطْنه. قَالَ الشَّيْخ:

(12/289)


وَفِي الحَدِيث فِي الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ يمسح صفحتيه بحجرين، وَيمْسَح بالثالث المَسْرُبة، يُرِيد أَعلَى الْحلقَة. وَقَالَ بَعضهم: السُّربة: كالصُّفة بَين الغرفة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: تسرّبْتُ من المَاء وَمن الشَّرَاب، أَي: تملأتُ مِنْهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل إِذا حَفَر: قد سرَّب: أَي: أخَذَ يَميناً وشِمالاً. وَإنَّهُ لبَعيد السرْبة: أَي: بَعيد المَذْهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ الشَّنْفَرَى، وَهُوَ ابْن أختِ تأبّط شَرّاً:
خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ
وبَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي
أَي: مَا أَبعدَ الموضعَ الّذي مِنْهُ ابتدأتُ مَسيرِي.
اللَّيْث: فلانٌ آمِن السِّرْب، أَي: آمنُ القَلْب، أَي: لَا يُغزَى مالُه ونعَمُه. . وَفُلَان مُنساح السّرب، يُرِيدُونَ شعر صَدره. قَالَ: ومَسَارِب الدّوابّ: مَراقُّها فِي بطونها وأرفاغِها، ومَسارِب الحيّات: مواضعُ آثارِها إِذا انسابت فِي الأَرْض على بطونها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْبةُ: جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون ويَرجِعون. والسِّرْب: النَّفْس.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السربة: السّفر الْقَرِيب، والسبأة: السّفر الْبعيد، يُقَال: سبأته الشَّمْس، أَي: لوّحته وغيرته. وَيُقَال: إِنَّك تُرِيدُ سبأة، أَي: سفرا بَعيدا.
س ر م
سرم، سمر، مسر، رمس، رسم، مرس.
سرم: أخبرَني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يَقُول: اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً، ومَعِدةً هَضُوماً، وسُرْماً نَثُوراً.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْم: أمُّ سويْد، وَقَالَ اللَّيْث: السرْم: باطنُ طَرف الخَوْران. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السَّرَم: وَجَع العَوَّاء، وَهِي الدُّبُر.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْمُ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب، تَقول: سَرْماً سَرْماً: إِذا هيَّجتَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الطائفيّ: السُّرْمانُ: ضَرْب من الزَّنابير صُفْر، ومِنْها مَا هُوَ مجزَّع بحُمْرة، وصُفْرة، وَهُوَ من أخبثِها، وَمِنْهَا سُودٌ عِظام.
سمر: قَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله عز وَجل: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) ، قَالَ: سامراً بِمَعْنى سمّاراً. قَالَ: والسَّامرُ: الجماعةُ يتحدّثون لَيْلًا. والسَّمَرُ: ظِلُّ الْقَمَر، والسُّمْرة مأخوذةٌ من هَذَا. وأَخبَرني المنذريُّ عَن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً} ، أَي فِي السَّمر،

(12/290)


وَهُوَ حديثُ اللَّيْل، يُقَال: قومٌ سامرٌ وسمْر وسُمَّار وسمَّر.
سلَمة عَن الفرّاء فِي قولِ العَرب: لَا أَفعَل ذَلِك السَّمَرَ والقَمر، قَالَ: السَّمَرُ: كلُّ ليلةٍ لَيْسَ فِيهَا قمر تسمَّى السمر، المعنَى: مَا طَلَع القَمر وَمَا لَم يَطلُع. وَقَالَ غيرُه: السمَر: اللّيل، وأَنشَد:
لَا تَسقِني إِن لَمْ أَزُرْ سمَراً
غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ
وسامِرُ الْإِبِل: مَا رَعى مِنْهَا باللّيل، يُقَال: إنّ إبِلَنا تَسمُر، أَي: تَرعَى لَيْلًا. وسمَر القومُ الخَمرَ: شَرِبوها لَيْلًا، وَقَالَ القُطاميّ:
ومُصَرّعِينَ من الكلاَلِ كأَنّما
سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ
وَقَالَ ابْن أَحْمَر فَجعل السمَر لَيْلاً:
مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً
حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ
أَرَادَ: إِن جئتَهم لَيْلًا.
وَقَالَ اللَّيْث: السامرُ: المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فِيهِ للسمَر. وأَنشَد:
وسامِرٍ طالَ فِيهِ اللَّهْوُ والسمَرُ
قلتُ: وَقد جَاءَت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل وَهِي جمعٌ عَن العَرَب، فَمِنْهَا الجَامِل والسامِر والباقر والحاضِر، فالجَاملُ: الإبلُ فِيهَا الذُّكور وَالْإِنَاث. والسامِرُ: جماعةُ الْحَيّ يَسمُرون لَيْلًا. والحاضرُ: الحيُّ النُّزول على الماءِ. والباقرُ: البقرُ فِيهَا الفُحولُ وَالْإِنَاث.
وَقَالَ اللَّيْث: السمْرُ: شَدُّك شَيْئا بالمسمار والسمْرةُ: لونٌ يَضرِب إِلَى سَوادٍ خَفِيّ. وقَناةٌ سمراءُ وحِنْطةٌ سمْراء.
أَبُو العَبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السمْرة فِي النَّاس: هِيَ الوُرْقة. والسمَرة: الأُحْدوثة باللّيل. قَالَ: وَيُقَال: لَا آتيكَ مَا سمَر السمِير. وهم النَّاس يسمُرون، وَمَا سمَر ابنَا سمِير: وهما اللّيل والنّهار. وَلَا آتِيك السمَرَ والقَمَر، أَي: لَا آتِيك دَوامَهما. وَالْمعْنَى لَا آتِيك أبدا.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: حلف بالسمَر وَالْقَمَر. قَالَ الْأَصْمَعِي: السمر عِنْدهم الظلمَة. وَالْأَصْل اجْتِمَاعهم يسمرون فِي الظلمَة. ثمَّ كثر الِاسْتِعْمَال حَتَّى سمُّوا الظلمَة سمَراً. قَالَ أَبُو بكر: السمَر أَيْضا جمع السامر. وَرجل سامر وَرِجَال سمّر. وَأنْشد:
من دونهم إِن جئتهم سمراً
عَزفُ القِيان ومجلسٌ غَمْرُ
قَالَ: وَيُقَال فِي جمع السامر: سُمَّار وسمَّر. وَقَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) : تهجرون الْقُرْآن فِي حَال سمركم. وقرىء: (سمَّراً) وَهُوَ جمع السامر. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن

(12/291)


ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتِيك مَا سمر السمير. وهم النَّاس يسمرون بِاللَّيْلِ. وَمَا اخْتلف ابْنا سمير، أَي: مَا سمر فيهمَا. وَمَا سمر ابْنا سمير، وهما اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السميرُ: الدهرُ. وابناه: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة أَنه سمع الْفراء قَالَ: بعثت من يسمُر الْخَبَر. قَالَ: وَيُسمى السمر بِهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: لَا آتِيك مَا سمر ابنَا سَمِير، وَلَا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي، وَقَالَ الشَّنْفَرَي:
هُنالِك لَا أرجُو حَياةً تسرُّني
سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلاً بالجَرائرِ
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّميرُ: الدَّهْر. وَفِي (النّوادر) : رجلٌ مَسْمور: قليلُ اللَّحم؛ شديدُ أسْرِ العِظام والعَصَب.
وَفِي حَدِيث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا الْمَدِينَة فأَسلَموا ثمّ ارْتَدُّوا فسَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعينَهم، ويُروَى سمَلَ، فَمن رَوَى سَمَر بالراء فَمَعْنَاه: أنّه أَحْمَى لَهُم مَساميرَ الْحَدِيد ثمَّ كَحَلهم بهَا ومَن رَوَاهُ سَمَل بِاللَّامِ فَمَعْنَاه: فقَأَها بشَوْك أَو غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السِّمسار فارسيّة معرَّبة، والجميع السَّماسرة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمّاهم التُّجّار بَعْدَمَا كَانُوا يُعرَفون بالسَّماسرة والمَصدَر السَّمْسَرة؛ وَهُوَ أَن يتوكّل الرجلُ مِن الْحَاضِرَة للبادية فيَبيع لَهُم مَا يَجلبونه. وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (وَلَا يَبيع حاضرٌ لِباد) أَرَادَ أَنه لَا يكون لَهُ سِمْسَاراً، وَالِاسْم السَّمْسَرة؛ وَقَالَ:
قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة
والسَّمُرُ: ضَرْبٌ من العِضَاه، الْوَاحِدَة سَمُرة.
سَمَر إبِله وسمّرها: إِذا أكمشها. وسَمَّر شوكه: إِذا خَلاهَا، وَكَذَلِكَ شمَّرها إِذا سيّبها، وَالْأَصْل الشين فأبدلوا مِنْهَا السِّين، قَالَ:
أرى الْأسود الحلبوب سمّر شولنا
لشول رَآهَا قد شتَتْ كالمجادل
قَالَ: رأى إبِلا سماناً فَترك إبِله وسمّرها، أَي: خلاّها وسَيّبها.
قَالَ شمر: وناقة سَمُور: نجيبة سريعة. وَأنْشد:
فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل فألحقت
بِنَا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ
وَفِي حَدِيث عمرَ أنّه قَالَ فِي الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها: إِن عَلَيْهِ أَن يحصِّنها فَإِنَّهُ يُلْحِقُ بِهِ وَلدَها. قَالَ: وَمن شَاءَ فليُسَمِّرها.
قَالَ أَبُو عُبيد: الرِّوَايَة فليُسَمِّرها بالسِّين، والمعروفُ فِي كَلَام الْعَرَب التَّشْمير، وَهُوَ الْإِرْسَال، وَقَالَ شَمِر: هما لُغَتان بالشين وَالسِّين مَعْنَاهُمَا الْإِرْسَال.

(12/292)


ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: التّسمير: إرسالُ السَّهْم بالعجلة. والخَرْقَلة: إرْسَاله بالتأني، يُقَال للْأولِ: سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ، وللآخَر: خَرْقِل حَتَّى يُخْطِبك الصَّيْد.
وَقَالَ اللّيث: السامِرةُ: قومٌ من اليَهود يخالفونهم فِي بعض دِينهم، وإليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الَّذِي سُمِع لَهُ خوَار.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السَّمَّار: اللَّبَن الممذوقُ بِالْمَاءِ.
وأَنشَد:
وليَأْزِلَنّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه
ويُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ
وَقَالَ غيرُه: السَّمُّور: دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غَالِيَة الأَثْمان، وَقد ذَكره أَبُو زُبَيد الطَّائِي فَقَالَ يَذكر الأَسد:
حَتَّى إِذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَّ سمُّورِ
جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا، أَرَادَ جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَبَرَه واجتَاب: دَخَل فِيهِ ولَبسهُ.
أَبُو عُبَيدة: الأسمَران: الماءُ والحِنْطة.
رسم: قَالَ اللّيث: الرَّسْمُ: الأثَر. وترسمتُ، أَي: نظرتُ إِلَى رُسُوم الدَّار. والرَّوْسَمُ: لُوَيحٌ فِيهِ كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم بِهِ الطَّعام، والجميع الرَّواسِم والرَّوَاسِيم.
وَقد جَاءَ فِي الشِّعر:
قُرْحة رَوْسَم
أَي: بوجهِ الْفرس، وناقةٌ رَسُومٌ: وَهِي ترسُمُ رَسِيماً، وَهِي الَّتِي تؤثّر فِي الْأَمر من شدَّة وَطْئِهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: تَرَسَّمْتُ المنزلَ: إِذا تأَمَّلتَ رَسْمَه وتفرّسْتَه.
أَبُو عبيد: الارتسامُ: التَّكْبِير والتعوُّذ، وَقَالَ القطاميّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة
إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُول: هُوَ الرَّسْمُ والرّشْمُ للأَثَر، ووَسَمَ على كَذَا ورشَم، أَي: كَتَب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للّذي يُطْبَع بِهِ: رَوْسَم ورَوْشَم، وراسُوم وراشُوم، مثل رَوْسَم الأكداس، ورَوْسَمِ الْأَمِير، وَقَالَ ذُو الرمّة:
ودِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها
كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ
والهِدَمْلاتُ: رمالٌ مَعْرُوفَة بِنَاحِيَة الدَّهْناء.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّسِيم من سَيْرِ الْإِبِل فوقَ الذَّمِيل.
ابْن الأعرابيّ: الرَّسَمُ: حُسْنُ المَشْي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الثَّوْبُ المُرَسَّم: المخطَّط.

(12/293)


رمس: قَالَ اللَّيْث: الرَّمْس: التُّرَاب. ورَمْسُ الْقَبْر: مَا حُثِيَ عَلَيْهِ. وَقد رَمَسْناهُ بِالتُّرَابِ. والرَّمْسُ: تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس بِهِ الآثارَ، أَي: تَعفوها. والرياحُ الرَّوَامِس وكلُّ شيءٍ نُثرَ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَهُوَ مَرْمُوسٌ؛ وَقَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
يَا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ
إِذا أَتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ
لَا، بَلْ تَمِيسُ إِنَّهَا عَرُوسُ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قَالَ: دَمَسْتُ عَلَيْهِم الْأَمر ورَمَسْتُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّامُوس: القَبْر. ورُوِيَ عَن الشَّعْبي أَنه قَالَ: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ فِي الماءِ أَجْزَأَه عَن غُسل الْجَنَابَة.
قَالَ شَمِر: ارْتَمَس فِي المَاء: إِذا انْغَمَسَ فِيهِ حَتَّى يغيبَ رَأسه، وجميعُ جسدِه فِيهِ. والقبرُ يسمَّى رَمْساً. وَقَالَ:
وبينما الْمَرْء فِي الْأَحْيَاء مغتبط
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ
أَرَادَ: إِذْ هُوَ تُرَاب قد دُفِنَ فِيهِ والرياح تطيِّرْه. والرامساتُ: الرِّيَاح الدَّافناتُ.
ورَمَستُ الحديثَ: أَخْفَيْتُه وكَتَمْتهُ. قَالَ ابْن شُمَيْل: الروامس: الطيرُ الَّتِي تطير بِاللَّيْلِ. قَالَ: وكل دَابَّة تخرج بِاللَّيْلِ فَهِيَ رامس، تَرْمُس: تَدفن الْآثَار كَمَا يُرْمَس الْمَيِّت. قَالَ: وَإِذا كَانَ الْقَبْر قدومًا مَعَ الأَرْض فَهُوَ رمس، أَي: مستوياً مَعَ وَجه الأَرْض. ورمست الرجل فِي الأَرْض رمساً، أَي: دَفَنته وسوَّيْت عَلَيْهِ الأَرْض، وَإِذا رفع الْقَبْر فِي السَّمَاء عَن وَجه الأَرْض لَا يُقَال لَهُ رمس.
مسر: قَالَ اللّيث: الْمَسْرُ: فعل الماسِر، يُقَال: هُوَ يَمْسُرُ النَّاس، أَي: يُغْرِيهم.
وَقَالَ غيرُه: مَسَرْتُ بهِ ومَحَلْتُ بِه، أَي: سَعَيْتُ بِهِ. الماسِرُ: السَّاعِي.
مرس: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: المَرْس: مَصْدرُ مَرَسَ التَّمْر يَمرُسه أَو مَرَثَه يَمْرُثه: إِذا دَلَكه فِي المَاء حَتَّى يَنْماثَ فِيهِ؛ وَيُقَال للثَّرِيد المَرِيس؛ لأنّ الخُبْزَ يَنماثُ فِيهِ؛ قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المرَسُ: شِدّة العِلاَج.
يُقَال: إِنَّه لمَرِس بيّن المَرَس: إِذا كَانَ شَدِيد المِراس.
وامْتَرَسَت الشُّجعانُ فِي الْقِتَال، وامتَرَس الخُطباءُ، وامتَرَست الألسُنُ فِي الخِصام.
قَالَ: والمَرْس: الحَبْل أَيْضا.
والمَرْسُ أَيْضا مصدرُ مَرَس الحَبْل يَمْرُس مَرْساً، وَهُوَ أَن يَقع بَين القَعْو والبكْرة، وَيُقَال لَهُ: إِذا مرِس: أَمْرِس حَبْلَك وَهُوَ أَن تُعيده إِلَى مَجراه، وَنَحْو ذَلِك حَكى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ؛ وَأنْشد:

(12/294)


بئسَ مقامُ الشَّيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ
إمّا على قَعْوٍ وإمّا اقْعَنْسِسِ
وبكْرة مَرُوس: إِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن يَمْرُسَ حبلها؛ وأَنشد:
دُرْنا ودَارتْ بكْرَةٌ نخيسُ
لَا ضَيْقَةُ المَجرَى وَلَا مَرُوسُ
وَقد يكون الأمراس إزالةَ الرِّشاء عَن مجْرَاه، فَيكون بمعنيَيْن متصادَّين.
ابْن الأعرابيّ: بَيْننَا وَبَين المَاء ليلةٌ مَرَّاسةٌ لَا وَتِيرَة فِيهَا، وَهِي الدائبة الْبَعِيدَة.
وَفِي الحَدِيث: (إِن من اقتراب الساعةِ أَن يتمرّس الرجلُ بِدِينِهِ كَمَا يتمرّس البعيرُ بالشَّجرة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التمرُّس: شدّة الالتواء وشِدّة العُلُوق.
أَبُو عُبَيد فِي بَاب فعْفَعيل: من المراسة المَرْمَريس الأملس، وَمِنْه قَوْله فِي صفة فرس والكَفَل: المرمريس.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أَخذ المرمريس من المرمر وَهُوَ الرخام الأملس وكسعه بِالسِّين تَأْكِيدًا.
قَالَ شمر: المرمريس: الداهيةُ والدردبيس.
وَقَالَ القتيبِيّ فِي قَوْله: (أَن يتمرَّس الرجلُ بِدِينِهِ) ، أَي: يتلعّب بِهِ ويعبث.
قَالَ: وَقَوله: (تمرُّس البعيرِ بِالشَّجَرَةِ) ، أَي: كَمَا يتحكك بهَا.
وَقَالَ غَيره: (تمرُّسُ البعيرِ بِالشَّجَرَةِ) : تحكُّكه بهَا من جَرَب وأُكال.
وتمرُّسُ الرجلِ بدينِه: أَن يُمارِس الفِتَن ويُشادَّها ويخرُجَ على إمامِه فيضُرَّ بِدِينِهِ وَلَا يَنْفَعهُ غُلُوُّه فِيهِ، كَمَا أَن الجَرِب من الْإِبِل إِذا تحكَّك بالشَّجر أَدْماه وَلم يُبْرِئه من جَرَبه.
وَيُقَال: مَا بفلان مُتمرِّس: إِذا نُعِت بالجَلَدِ والشّدَّة حَتَّى لَا يُقاوِمه من مارَسَه.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: يُقَال للرّجل اللّئيم الّذي لَا ينظر إِلَى صَاحبه وَلَا يُعطي خيرا: إِنَّمَا تنظر إِلَى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَمْلَس لَا خيرَ فِيهِ، أَفلا يتمرَّسُ بِهِ أحدٌ لِأَنَّهُ صُلْبٌ لَا يُستغَلُّ مِنْهُ شَيْء.

(أَبْوَاب) السّين واللاّم)
س ل ن
لسن، نسل: (مستعملان) .
لسن: الحرَّاني عَن ابْن السكّيت: لسَنْتُ الرجلَ أَلْسُنُه لَسْناً: إِذا أخذتَه بلِسانِك؛ وَقَالَ طَرَفة:
وَإِذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها
إنّني لستُ بمَوْهُونٍ فَقِرْ
وَفِي حَدِيث عمر وَذكر امْرَأَة فَقَالَ: إِن دخلتْ عَلَيْك لسنتْك، أَي: أخذتك بلسانها.

(12/295)


قَالَ: وحَكى لنا أَبُو عَمْرو: لكلِّ قومٍ لِسْنٌ؛ أَي: لُغَة يتكلّمون بهَا.
وَيُقَال رجلٌ لَسِن بيّنُ اللَّسَن: إِذا كَانَ ذَا بَيانٍ وفصاحة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الخَلِيَّةُ من الْإِبِل يُقَال لَهَا المتلَسِّنة؛ وأَنشد ابْن أَحْمَر يصف بَكْراً صَغِيرا أعطَاهُ بَعضهم فِي حمالَة فَلم يَرْضَه ضئيلاً:
تلسَّنَ أهلُه عَاما عَلَيْهِ
فلُولاً عِنْد مِقْلاَتٍ نَيُوبِ
قَالَ: والخَلِيّة: أَن تَلِد الناقةُ فيُنحَر وَلدُها عَمْداً ليَدوم لَبنها، وتستَدَرّ بحُوارِ غيرِها، فَإِذا أدَرَّها الحُوار نَحُّوهُ عَنْهَا واحتَلَبوها وَرُبمَا خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أَو أَرْبعا على حُوارٍ وَاحِد، وَهُوَ التَّلسُّنُ.
وَقَالَ غيرُه: نَعلٌ مُلسَّنةٌ: إِذا جُعل طَرف مقدَّمِها كطَرَف اللِّسَان.
وَيُقَال: لسنْتُ الليف: إِذا مَشَنْتَه ثمَّ جعلتَه فتَائِلَ مهيَّأة للفَتْل، ويسمَّى ذَلِك: التّلْسين.
وَاللِّسَان يذكَّر ويؤنَّث؛ فَمن أنّثه جَمَعه أَلسنا، ومَن ذكّره جمعَه أَلسنَةٌ. وَإِذا أردتَ بِاللِّسَانِ اللّغة أنّثْتَ، يُقَال: فلانٌ يتكلّم بلسانِ قومه، وَيُقَال: إِن لسانَ الناسِ عَلَيْك لَحَسنةٌ وحَسنٌ، أَي: ثَناؤهم، وَقَالَ قَسَّاس الكِنْدِيّ:
أَلا أَبلِغْ لدَيْك أَبَا هُنَيَ
أَلَا تَنْهَى لسانَكَ عَن رَدَاها
فأَنّثها، وَيَقُولُونَ: إِن شَفَة الناسِ عَلَيْك لَحَسنة.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (إِبْرَاهِيم: 4) ، أَي: بلغَة قومه، وَقَالَ الشَّاعِر:
أَتَتْني لسانُ بَني عامرٍ
ذهب بهَا إِلَى الْكَلِمَة فأنّثها. وَقَالَ أَعشى باهلة:
إِنِّي أَتاني لسانٌ لَا أُسَرُّ بِهِ
فذكّرَه، ذَهَبَ بِهِ إِلَى الخَبر فَذكره.
والإلسان: إبلاغُ الرسَالَة.
وَيُقَال: ألْسنِّي فلَانا، وألْسنْ لي فلَانا كَذَا وَكَذَا، أَي: أَبلِغ لي. وَكَذَلِكَ أَلِكْني إِلَى فلَان، أَي: ألِك لي إِلَيْهِ. وَقَالَ عَدِيّ بنُ زَيْد:
بَلْ أَلْسنُوني سَراةَ العَمِّ إنكُمُ
لَسْتُم من الْملك والأثقال أَغْمَارًا
أَي: أَبلِغوا لي وعَني.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَلسون: الكَذّابُ. قَالَ الشَّيْخ: لَا أعرفهُ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأسْلان: الرماح الذُّبّل.
نسل: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى} (يس: 51) ،

(12/296)


قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يَنسلونَ: يَخْرُجُون بسُرعة.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّسلان: مِشْيَةُ الذِّئْب إِذا أسْرَع، وأَنشَد:
عَلاَنَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً
بَرَدَ اللّيْلُ عَلَيْهِ فنَسلْ
ابْن السِّكيت: يُقَال: أَنْسَلَتِ النَّاقةُ وَبَرها: إِذا أَلْقَتْه تُنْسِلُه، وَقد نسلَت بِولَدٍ كثير تَنْسِلُ وتَنْسُل. وَقد نَسَل الْوَبر يَنسِل ويَنْسُل: إِذا سقَطَ، وَيُقَال لِمَا سقَط مِنْهُ: النَّسيلُ والنُّسال، وَقد نسلَ فِي العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلاَناً، ونُسَالُ الطَّيْرِ: مَا سَقَطَ من ريشِهَا، وهَو النُّسَالة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: النَّسُولة من الغَنَم: مَا يُتَّخذ نَسْلُها، وَيُقَال: مَا لِبَنِي فلانٍ نَسُولة، أَي: مَا يُطلَب نَسلُه من ذَوَات الْأَرْبَع.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: فلانٌ يَنسِل الوَدِيقة، ويَحمِي الحَقيقة. والنَّسْلُ: الوَلَد، وَقد تَناسَلَ بَنو فلَان: إِذا كَثُر أولادُهم.
وَفِي الحَدِيث: أَنهم شَكَوْا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله الضَّعفَ، فَقَالَ: (عَلَيْكُم بالنَّسْل) .
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّسْل: يُنشِّط وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي المَشْي.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّسْل أَيْضا: الوَلَدُ والذُّرِّيّة.
وَفِي حَدِيث آخر: أَنهم شكوْا الإعياء فَأَمرهمْ أَن ينسلوا، أَي: يُسرعوا فِي الْمَشْي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّسَلُ: اللَّبَن الَّذِي يَخرُج من التِّين الأَخضَر.
وَقَالَ شمر: نَسَل رِيشُ الطَّائِر وأَنْسَل وأَنْسَلَه الطَّائِر وأنسل البعيرُ وبرَه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أنسَل ريشُ الطّائر: إِذا سَقَط، قَالَ: ونسَلْتُه أَنا نَسْلاً.
س ل ف
سلف، سفل، فسل، فلس: مستعملة.
فلس: قَالَ اللَّيْث: الفَلْس مَعْرُوف، وجمعُه فُلوس. وأَفْلَسَ الرجلُ: إِذا صَار ذَا فُلُوس بعد الدَّراهم، وَقد فلَّسَه الْحَاكِم تَفْليساً. وشيءٌ مُفلّسُ اللَّوْن: إِذا كَانَ على جِلْده لُمَع كالفُلوس.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أفلستُ الرجلَ: إِذا طلبتَه فأَخطأْتَ موضِعَه، وَذَلِكَ الفَلَس والإفلاس، وَأنْشد للمعطَّل الهُذَليّ:
يَا حِبُّ مَا حُبُّ القَتُولِ وحُبُّها
فَلسٌ لَا يُنْصِبْكَ حُبٌّ مُفْلِسُ
قَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: حُبُّها فَلَسٌ، أَي: لَا نَيْلَ مَعَه.
قَالَ: وأَفلَس الرجلُ: إِذا لم يَبقَ لَهُ مَال.

(12/297)


فسل: قَالَ اللَّيْث: الفَسلُ: الرَّذْلُ النَّذْلُ الَّذِي لَا مُروءة لَهُ وَلَا جَلَد. وَقد فَسلَ يفسل فُسولةً وفَسالةً. وَيُقَال: أفسلَ فلانٌ على فلانٍ مَتاعَه: إِذا أَرْذَله. وأَفْسل عَلَيْهِ دَرَاهمَه: إِذا زيَّفَها، وَهِي دَرَاهمُ فُسولٌ.
وَقَالَ الفرزدق:
فَلَا تَقبَلوا مِنْهُم أباعرَ تُشْتَرى
بوَكْسٍ وَلَا سُوداً يَصِحُّ فُسولُها
أَرَادَ: وَلَا تقبَلوا مِنْهُم دَراهمَ سُوداً.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه لعن من النِّسَاء المُسوِّفَة والمُفَسِّلة) . المفسلة من النِّسَاء: الَّتِي إِذا أَرَادَ زوجُها غِشْيَانها قَالَت: إِنِّي حَائِض، فتفسل الزوجَ عَنْهَا وتُفَتِّره وَلَا حَيضَ بهَا. والمسوِّفةُ: الَّتِي إِذا دَعاها الزّوج للفِراش ماطَلَتْ ولَمْ تُجِبْه إِلَى مَا يَدْعوها إِلَيْهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي صِغار النّخل قَالَ: أوَّل مَا يُقلَع من صغَار النَّخْل للغَرْس فَهُوَ الفسيل والوَدِيُّ، ويُجمع فسائل، وَقد يُقَال للواحدة: فَسيلة، ويُجمَع فَسيلاً.
وَقَالَ اللَّيْث: فُسالةُ الْحَدِيد: مَا تَناثَر مِنْهُ عِنْد الضَّرْب إِذا طُبِع.
أَبُو عَمْرو: الفسلُ: الرجلُ الأَحمَق.
سفل: قَالَ اللَّيْث: الأسفَل نقيضُ الأَعْلى، والسفْلَى نقيضُ العُلْيا، والسُّفْلُ نقيضُ العُلْو فِي التسفُّل والتَعلِّي.
والسافلة نَقيضُ الْعَالِيَة فِي النَّهْر والرُّمْح وَنَحْوه. والسافلُ نَقيضُ العالي، والسفْلة نقيض العِلْية، والسفَالُ نَقِيض العَلاء، يُقَال: أمْرهمْ فِي سَفال وَفِي عَلاء. والسفُول مصدرٌ، وَهُوَ نقيض العُلُوّ. والسفْلُ نقيضُ العِلْو فِي البِناء.
وَقَوله تَعَالَى: { (تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} (التِّين: 5) ، أَي: رددناه إِلَى أرذل العُمُر، كَأَنَّهُ قَالَ: رددناه أَسْفَل من سَفَل، وأسفل سافل. وَقيل: مَعْنَاهُ: رددناه إِلَى الضلال، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ} {يَفْعَلُونَ إِلاَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} (الْعَصْر: 2، 3) .
وَقَالَ ابْن السكّيت: هم السفِلة لأراذل النَّاس، هم من عِلْيَة النَّاس وَمن الْعَرَب من يخفِّف فَيَقُول: هم السفْلة. وسَفِلة الْبَعِير: قوائمُه وَفُلَان من سَفلة الْقَوْم: إِذا كَانَ من أراذلهم وأَسافل الْإِبِل: صِغارُها، وَأنْشد أَبُو عُبَيد:
تَواكلَها الأزمانُ حَتَّى أَجَأْنَها
إِلَى جَلَدٍ مِنْهَا قليلِ الأسافلِ
أَي: قَلِيل الْأَوْلَاد.
وَيُقَال: كُن فِي عُلاوة الرِّيح وسُفَالةِ الرِّيح، فَأَما عُلاوَتُها فأنْ يكون فوقَ الصَّيد، وأمّا سفَالتُها فَأن يكون تحتَ الصَّيْد، لِأَنَّهُ يستقبِل الرِّيحَ.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} (الْأَنْفَال: 42) ، قرىء بالنّصب

(12/298)


لِأَنَّهُ ظَرْف، وَلَو قرىء: (أسفلُ) بِالرَّفْع فَمَعْنَاه: أشَدُّ تَسفُّلاً.
سلف: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: السَّلَفُ: القَرْضُ، والفِعْل أسْلَفْت، يُقَال: سَلَّفتُه مَالا، أَي: أقرَضْته.
قلتُ: وكلُّ مالٍ قدَّمْته فِي ثمن سِلْعة مضمونةٍ اشتريتَها بصفَةٍ فَهُوَ سَلَف وسَلَم.
ورُوِي عَن النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَن سَلَّف فليُسَلّف فِي كَيْلٍ معلومٍ ووزْنٍ مَعْلُوم) أَرَادَ من قَدّم مَالا ودَفَعه إِلَى رجل فِي سِلعة مَضْمُونَة، يُقَال: سَلّفْتُ وأَسْلَفْتُ وأَسْلَمْتُ بِمَعْنى وَاحِد، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسمّيه عَوامُّ النَّاس عندنَا السَّلَم.
والسَّلَف فِي المعامَلات لَهُ مَعْنيانِ: أحدُهما الْقَرْض الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فِيهِ وعَلى المُقْرَض رَدُّه كَمَا أَخَذه، وَالْعرب تسمِّيه السَّلَف، كَمَا ذكره اللَّيْث فِي أول الْبَاب. وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي السَّلَف: السَّلَمُ وَهُوَ فِي المعنييْن مَعاً اسمٌ مِنْ أَسْلَفْتُ، وَكَذَلِكَ السَّلَم اسمٌ من أسلَمْتُ.
وللسَّلَف مَعْنيانِ آخَران: أحدُهما: أَن كلّ شَيْء قدّمَه العبدُ من عَمَل صالحٍ، أَو ولَدٍ فَرَطٍ تَقدَّمه فَهُوَ سَلَف، وَقد سَلَف لَهُ عَمَلٌ صَالح. والسلَف أَيْضا: مَن تَقدَّمك من آبَائِك وذَوِي قَرابَتك الَّذين هم فوقَكَ فِي السنّ والفَضْل، واحدهم سالِف، وَمِنْه قولُ طُفَيل الغَنَويّ يرثي قومه:
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ
وصَرْفُ المنَايا بالرِّجال تَقَلَّبُ
أَرَادَ أَنهم تقدَّمونا وقَصْدُ سبيلنا عَلَيْهِم، أَي: نَموت كمَا ماتُوا فنَكون سلَفاً لمن بعدَنا كَمَا كَانُوا سلَفاً لنا.
وَقَالَ الفرّاء فِي قولُ الله جلّ وعزّ: { (أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلاَْخِرِينَ} (الزخرف: 56) ، يَقُول: جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخِرون.
قَالَ: وَقَرَأَ يحيى بن وثّابٍ: (سُلُفاً) مضمومةٌ مثقّلة.
قَالَ: وَزعم القاسمُ أنّه سمع وَاحِدهَا سَلِيفاً، قَالَ: وقرىء: (سلَفاً) كأنّ واحدتها سُلْفة، أَي: قِطْعة من النَّاس مِثل أُمّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُمَم السالفة: الماضيةُ أَمامَ الغابرة، وتُجمعُ سوالف، وأَنشَدَ فِي ذَلِك:
ولاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ
كَذَلِك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ
قَالَ: والسالفةُ: أَعْلى العُنُق. وسالِفَة الفَرَس وغيرِها: هادِيَتُه، أَي: مَا تَقَدَّم من عُنُقه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السَّلْف: الجِراب، وجمعُه سُلوف، وأَنشَد شمر لبَعض الهذليِّين:

(12/299)


أَخذتُ لَهُم سَلْفَيْ حَتِيَ وبُرْنْساً
وسَحْقَ سَرَاوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ
أَرَادَ جِرَابَيْ حَتِيَ، وَهُوَ سَويق المُقْل.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للطّعام الَّذِي يتعلّل بِهِ قبلَ الْغذَاء: السُّلْفة. وَقد سلَّفْتُ القومَ، وسلّفتُ للْقَوْم، وَهِي اللُّهنة.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: قَالَ المُسْلِف من النِّسَاء: الَّتِي قد بلغتْ خمْسا وَأَرْبَعين وَنَحْوهَا، وأَنشَد:
إِذا ثَلاَثٌ كالدُّمَى
وكاعِبٌ مُسْلِفُ
ورُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الحنفيّة أَنه قَالَ: أرضُ الجَنّة مَسْلُوفةٌ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هِيَ المستوِيَة. قَالَ: وَهَذِه لُغَة أهلِ اليَمَن والطائف وتيل النَّاحِيَة يَقُولُونَ: سلَفْتُ الأرضَ أسلُفُها. وَيُقَال للحَجَر الَّذِي تُسوَّى بِهِ الأَرْض: مِسلَفة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وأحسبُه حَجَراً مُدْمَجاً يُدحرَج بِهِ على الأَرْض لتَستوِيَ.
وَقَالَ اللّيث: تُسمَّى غُرْلة الصبيِّ سُلْفةً، والسُّلْفةُ: جِلدٌ رَقِيق يُجعَل بِطانةً للخِفاف، وربّما كَانَ أحمرَ وأصفرَ. قَالَ: والسَّلُوف من نِصالِ السِّهام: مَا طَال، وأَنشَد:
شَكّ كُلاها بِسلُوفٍ سَنْدَرِيُّ
والسِّلْفانِ: رجلَانِ تزوَّجا بأختين، كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا سِلْفٌ لصَاحبه. والمرأةُ سِلْفةٌ لصاحبتها: إِذا تزوّجت أختَان بأخَوين.
قَالَ: والسُّلاَفَة من الْخمر: أخلَصُها وأفضَلُها، وَذَلِكَ إِذا تَحَلَّب من الْعِنَب بِلَا عَصْر وَلَا مَرْث وَكَذَلِكَ من التَّمْر والزَّبيب مَا لم يُعَد عَلَيْهِ المَاء بعد تَحلُّب أوّله والسُّلَفُ والسُّلَكُ: من أَوْلَاد الحَجَل، وجمعُه سِلْفان وسِلْكان.
وأَخبَرني المنذريُّ عَن الحَسَن أنّه أنشدَه بيتَ سَعْد القرقرة:
نحنُ بغَرْس الوَدِيِّ أعَلُمنا
مِنّا برَكْض الجيادِ فِي السُّلَفِ
قَالَ: والسُّلَف جمعُ السُّلْفة من الأَرْض، وَهِي الكرْدَة المسوّاة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَاءَ القومُ سُلْفة سُلْفة: إِذا جَاءَ بعضُهم فِي إثْر بعض. وسُلافُ العَسْكَر: مُقدِّمتهُم. وسَلفْتُ القومَ وَأَنا أسلُفُهم سَلَفاً: إِذا تقدّمتهم. قَالَ مرّة بن عبد الله اللحياني:
كَأَن بَنَاته سِلفانُ رَخْم
حواصِلُهن أَمْثَال الزَّقاق
قَالَ: وَاحِد السلفان سُلف، وَهُوَ الفرخ. قَالَ: سُلَكٌ وسِلكان: فِرَاخ الحَجل.
س ل ب
سلب، سبل، لسب، لبس، بلس، بسل.
سلب: قَالَ اللَّيْث: السَّلَب: مَا يُسْلَب بِهِ والجميعُ الأَسْلاب، وكلُّ شَيْء على

(12/300)


الْإِنْسَان من اللبَاس فَهُوَ سَلَب، وَالْفِعْل سَلَبْتُه أسلُبه سلَباً: إِذا أخذتَ سَلَبه. قَالَ: والسَّلوب من النوق الَّتي ترمِي بوَلدِها. وَقد أسلبتْ ناقتكُم، وَهِي سَلوب: إِذا ألقتْ ولدَها قبل أَن يتمّ، والجميعُ السلاَّئب.
اللّحياني: امرأةٌ سَلُوب وسَليبٌ: وَهِي الّتي يَمُوت زوجُها أَو حميمُها فتسَلَّب عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: يُقَال للرّجل مَا لي أراكَ مُسْلَباً: وَذَلِكَ إِذا لم يَألَفْ أحدا وَلَا يَسكُن إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا شُبّه بالوحش، يُقَال: إنّه لوحشيّ مُسْلَب، أَي: لَا يألَف وَلَا تنكسر نفسُه.
وَفِي حَدِيث ابنِ عمَر: أَن سعيدَ بنَ جُبير دخل عَلَيْهِ وَهُوَ متوسِّد مرْفَقَة أَدَمٍ حَشْوها لِيفٌ أَو سَلَب.
قَالَ أَبُو عُبيد: سألتُ عَن السَّلَب فَقيل: ليْس بلِيف المُقْل، ولكنّه شجرٌ مَعْرُوف باليَمَن يُعمل مِنْهُ الحبال وَهُوَ أجْفَى من ليفِ المُقْل وأصلَبُ.
وأَنشَد شمِر فِي السَّلَب:
فَظلَّ يَنزعِ مِنْهَا الجِلْد ضَاحِية
كَمَا يُنَشْنِشُ كَفُّ الفاتِل السَّلَبا
قَالَ: يُنشنِش أَي يُحرِّك.
قَالَ شمر: والسَّلَبُ: قِشْرٌ من قُشور الشّجر يُعمَل مِنْهُ السِّلال، يُقَال لِسوقه سوقُ السَّلاّيين، وَهِي بمكةَ مَعْرُوفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلَب: لِيف المُقْل، وَهُوَ أبيَض.
قلتُ: غَلِط اللّيث فِيهِ، وشجرةٌ سُلُبٌ: إِذا تَناثَر ورَقُها؛ قَالَ ذُو الرمّة:
أَو هَيْشَرٌ سُلُب
قَالَ شمِر: هَيْشَرٌ سُلُبٌ: لَا قِشْرَ عَلَيْهِ. وَيُقَال: اسْلبْ هَذِه القَصَبة، أَي: قَشِّرها، وسَلَبُ القصبَةِ والشَّجَرة قِشْرها. وسَلَبُ الذَّبِيحَة: إهابُها ورأسُها وأكارِعُها وبطنُها. وسَلبُ الرجل: ثيابُه.
وَقَالَ رؤبة:
يَراعُ سَيْر كاليَراعِ الأَسْلَب
اليَراعُ: القَصَب، والأَسْلابُ: الّتي قد قُشِرت، وَوَاحِد الأسلاب سَلَب وسَلِيب.
أَبُو عبيد: السُّلُب: الثِّياب السُّود الَّتِي تَلبَسها النّساء فِي المآتم، واحدُها سِلاَب، وَقَالَ لَبيد:
يَخْمشْ حُرَّ أوجُهٍ صِحاح
فِي السُّلُب السُّود وَفِي الأَمْساح
وامرأةٌ مسلِّبٌ: إِذا كَانَت مُحِدَّاً تَلبَس الثّياب السُّودَ للحِداد.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السَّلِبُ: الطَّوِيل. وَقَالَ اللَّيْث: فرسٌ سَلِبُ القوائِم: خفيفُ نَقْلِها. ورجُل سَلِب اليَدَين بالطَّعن والضَّرب: خفيفُهما. وثورٌ سَلبُ الطَّعْنِ بالقَرْنِ.

(12/301)


وَقَالَ غَيره: فرسٌ سَلِبُ القوائم، أَي: طويلُها، وَهَذَا صحيحٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّلْبة: الجُرْدَة، يُقَال: مَا أَحسَن سُلْبتَها وجُرْدَتها. وَيُقَال للسَّطر من النَّخل: أُسْلوب، وكلُّ طريقٍ ممتدَ فَهُوَ أُسْلوب. قَالَ: والأسلوبُ: الوجهُ والطّريق وَالْمذهب، يُقَال: أنتُم فِي أُسْلوبِ شَرّ، وَيجمع أَساليب.
وأَنشَد شمِر:
أُنوفُهمْ مِلْفَخْرِ فِي أُسْلُوبِ
أَرَادَ من الفَخْر، فحَذَف النُّون.
أخبرنَا ابْن منيع قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكار بن الريان، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا قَالَت: لما أُصِيب جَعْفَر أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (تسَلبي ثَلَاثًا ثمَّ اصنعي مَا شِئْت) تسلّبي، أَي: البسي ثِيَاب الْحداد السود.
سبل: قَالَ ابْن السِّكّيت وغيرُه: السَّبيل الطّريق يؤنَّثان ويذكَّران، قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} (الْأَعْرَاف: 46) ، وَقَالَ: {قُلْ هَاذِهِ سَبِيلِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (يُوسُف: 108) ، وجمعُ السَّبيل سُبُل. وابنُ السَّبِيل: المسافرُ الَّذي انقُطِع بِهِ وَهُوَ يُرِيد الرجوعَ إِلَى بلدِه وَلَا يَجد مَا يَتبلّغُ بِهِ، فلَهُ فِي الصَّدَقات نصيب. وقولُ الله: {وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 60) ، أريدَ بِهِ الّذي يُرِيد الغَزْوَ وَلَا يَجِد مَا يُبلِّغه مَغْزاه فيُعطَى مِن سَهْمه.
وكلُّ سَبِيل أُريدَ بِهِ الله جلَّ وعزّ وَفِيه بِرٌّ فَهُوَ داخلٌ فِي سَبِيل الله. وَإِذا حَبَس الرجلُ عُقْدةً لَهُ وسَبّل ثمَرَها أَو غَلتَها فإنّه يُسلَك بِمَا سَبَّل سُبُل الْخَيْر، يُعْطَى مِنْهُ ابنُ السّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرُهم.
وَقَالَ الشافعيّ: سَهْمُ سبيلِ الله فِي آيَة الصَّدَقات يُعطَى مِنْهُ من أَرَادَ الغَزْوَ مِن أهل الصَّدقة فَقِيرا كَانَ أَو غنيّاً. قَالَ: وابنُ السَّبيل عِنْدِي: ابنُ السَّبيل من أهل الصَّدَقة الّذي يُريد بَلَدا غير بلدِه لأمر يلْزمه. قَالَ: ويُعطى الْغَازِي الحَمولة والسّلاح والنفقةَ وَالْكِسْوَة. ويُعطى ابنُ السَّبِيل قدر مَا يبلّغه الْبَلَد الَّذِي يُريدهُ فِي نفَقَته وحَمُولتَه.
وَقَالَ اللّحياني: المُسْبِل من قِداح المَيْسر: السادسُ وَفِيه ستّة فُروض، وَله غُنْم ستّة أَنصِباء إِن فَازَ، وَعَلِيهِ غُرْم ستّة أنصباء إِن لم يَفُزْ، وجمعُه المسَابِل.
وَحدثنَا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هانىء، قَالَ: حَدثنَا عَفَّان قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة قَالَ: أَخْبرنِي عَليّ بن مدرك قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة بن عَمْرو بن جرير يحدّث عَن خَرشَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله: (ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم

(12/302)


يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا يزكيهم) ، قَالَ: قلت: وَمن هم خابوا وخسِروا؟ فَأَعَادَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مَرَّات: المُسبل والمَنَّان والمُنفِّق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المسبلُ: الَّذِي يطوّل ثَوْبه ويرسله إِلَى الأَرْض وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ النَّضر رِوَايَة أبي دواد.
قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} (الْإِسْرَاء: 48) ، قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ فِي أَمرك حِيلَة.
وَقَوله عز وَجل: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (آل عمرَان: 75) ، كَانَ أهل الْكتاب إِذا بايعهم الْمُسلمُونَ قَالَ بَعضهم لبَعض: لَيْسَ للأميين يَعْنِي للْعَرَب حُرمة أهل ديننَا، وَأَمْوَالهمْ حِلٌّ لنا.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبُولة: هِيَ سُنْبُلة الذُّرَة والأَرُزّ وَنَحْوه: إِذا مَالَتْ.
وَيُقَال: قد أَسْبَلَ الذرعُ إِذا سَنْبَل. والفرسُ يُسْبِل ذَنَبه، والمرأةُ تُسْبِل ذَيْلَها.
قَالَ: والسَّبَلَةُ: مَا على الشَّفَة العُلْيا من الشَّعر بِجمع الشارِبَين وَمَا بَينهمَا. والمرأةُ إِذا كَانَ لَهَا هُناك شعر قيل: امرأةٌ سَبْلاء، والسَّبَلُ: المطرُ المُسبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّبَلُ: أطرافُ السُّنْبُل.
وَيُقَال: أَسبَلَ فلانٌ ثيابَه: إِذا طوَّلها وأرسلَها إِلَى الأَرْض.
وأَسبَلَت السحابة: إِذا أَرْخَتْ عَثانينَها إِلَى الأَرْض.
قَالَ اللّيث: يُقَال: سَبَلٌ سابِلٌ، كَقَوْلِك: شِعْر شَاعِر؛ اشتَقّوا لَهُ اسْما فَاعِلا.
وَفِي الحَدِيث: (إِنَّه وافر السَّبَلة) .
قَالَ أَبُو مَنْصُور: يَعْنِي الشعرات الَّتِي تَحت اللَّحْي الْأَسْفَل.
والسَّبلةُ عِنْد الْعَرَب: مقدَّم اللِّحْيَة، وَمَا أسبل مِنْهَا على الصَّدْر.
يُقَال للرجل إِذا كَانَ كَذَلِك: رجل أسْبَلُ ومسَبَّل.
والسابلةُ: المختلفةُ فِي الطُّرُقات فِي حوائِجهم والجميع السَّوابل.
وَقَالَ غيرُه: السَّبلةُ: مقدَّم اللِّحْية، ورجُلٌ مُسَبَّلٌ: إِذا كَانَ طويلَ اللِّحية، وَقد سُبِّل تَسْبيلاً كَأَنَّهُ أُعْطِيَ سَبَلةً طَوِيلَة.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ وَقد نشرَ سَبَلَته: إِذا جَاءَ يتوعَّد، وَقَالَ الشَّمّاخ:
وجاءَتْ سُلَيْمٌ قَضَّها بقَضيضها
تُنَشِّرُ حَوْلِي بالبقيعِ سِبَالَها
وَيُقَال للأعداء: هم صُهْبُ السِّبال، وَمِنْه قولُه:
فظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسي
واعتناقِي فِي القوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّبلة: مَا ظَهَر من مقدَّم اللِّحية بعد العارِضين. والعُثْنُون: مَا بَطَن.

(12/303)


قَالَ: والسَّبلَة: المَنحر من الْبَعِير، وَهُوَ التَّريبة، وَفِيه ثُغْرة النَّحْر.
يُقَال: وجَأَ بشَفْرَته فِي سَبَلَتِها، أَي: مَنْحَرِها.
وَإِن بَعيرَك لحسَن السَّبلة: يُرِيد رِقَّة خَدّه.
قلتُ: وَقد سمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: لَتَمَ بِالتَّاءِ فلَان فِي سَبلةِ بعيره: إِذا نَحَره فطَعَن فِي نحرِه؛ وكأنّها شَعَرات تكون فِي المَنْحر. وأسْبِيل: اسمُ بلد.
قَالَ خَلَف الأَحمر:
لَا أَرضَ إلاّ اسْبِيلْ
وكلُّ أرضٍ تَضْليلْ
وَقَالَ النَّمِر بنُ تَوْلَب:
بإسْبِيلَ ألقَتْ بِهِ أُمُّهُ
على رأسِ ذِي حُبُكٍ أَيْهمَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبْلةُ: المَطْرَةُ الواسعة.
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّبل: المَطر بَين السَّحَاب والأَرض حِين يَخْرُج من السَّحَاب وَلم يَصل إِلَى الأَرض. وَقد أسبَلَتِ السماءُ إسْبالاً، ومِثْل السَّبل العثانين، واحدُها عُثْنون. ومَلأَ الإناءَ إِلَى سَبَلتِه، أَي: إِلَى رَأْسِه.
بسل: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ} (الْأَنْعَام: 70) .
قَالَ الْحسن: {أُبْسِلُواْ} أُسْلِمُوا بجرائرهم، {أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} (الْأَنْعَام: 70) ؛ أَي: تسلم للهلاك.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَي لِئَلَّا تسلم نفس إِلَى الْعَذَاب بعملها. والمسْتَبْسِلُ: الَّذِي يَقع فِي مَكْرُوه وَلَا مخلص لَهُ مِنْهُ، فيستسلم موقناً لهلكه.
وأخبرَني المنذرِيُّ عَن الأَسديّ عَن الرِّياشي قَالَ: حدّثنا أَبُو مَعْمَر، عَن عبد الوارث عَن عَمْرو، عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى: {أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ} (الْأَنْعَام: 70) قَالَ: أُسلِموا.
قَالَ: وأَنشدَنا الرِّياشيّ:
وإبْسالِي بَنِيَّ بغيرِ جُرْمٍ
بعَوْناه وَلَا بِدَمٍ مُراقِ
قَالَ: وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
هُنالِك لَا أَرْجُو حَياةً تسرُّني
سَميرَ اللَّيالي مُبْسَلاً لجرَائري
أَي: مُسلَماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} (الْأَنْعَام: 70) ، أَي: تُحبَس فِي جهنّم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ} (الْأَنْعَام: 70) ، أَي: ارُتهِنوا، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الكَلْبيّ، ورُوِي عَنهُ أُهلِكوا. وَقَالَ مُجَاهِد: فُضِحوا. وَقَالَ قَتادة: حُبِسوا.

(12/304)


وَأَخْبرنِي المنذرِيّ عَن أبي الهَيْثم أنّه قَالَ: يُقَال: أَبْسَلْته بجَرِيرَتِه، أَي: أَسَلَمْتُه بهَا. قَالَ: وَيُقَال: جَزيْتُه بهَا. قَالَ: وبسلْتُ الرّاقِيَ: أعطيتُه بُسْلَتَه، وَهِي أجرتُه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن المفضَّل بن سَلَمة أنَّه قَالَ البَسْل من الأضداد. هُوَ الحَرَام والحلال جَمِيعًا، وَقَالَ الأعشَى فِي الحَرام:
أجارَتَكُمْ بسْلٌ علينا مُخرَّمٌ
وجارَتُنا حِلٌّ لكمْ وحَلِيلُها
وَقَالَ ابْن هَمّام فِي البسل بِمَعْنى الحَلال:
أينفذ مَا زِدْتُم وتُمحَى زِيادَتِي
دَمِي إِن أجِيزَتْ هَذِه لكم بَسْلُ
وَأَخْبرنِي ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَسْل: المُخَلَّى فِي هَذَا الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو طَالب: البَسْلُ أَيْضا فِي الكِفاية. والبَسْل أَيْضا فِي الدُّعاء، وَيُقَال: بسْلاً لَهُ، كَمَا يُقَال: وَيْلاً لَهُ، قَالَ: وَقَالَ ثَعْلَب: البَسل: اللَّحْيُ فِي المَلامِ، رَوَاهُ عَن ابْن الْأَعرَابِي.
ورَوَى أَبُو عمر عَن ثَعْلب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البَسل: الْحَلَال. والبَسلُ: الْحَرَام. والبَسلُ: أخذُ الشَّيْء قَلِيلا قَلِيلا، والبَسلُ: عُصارة العُصْفُر والحِنّا، والبَسلُ: الحَبْس.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو مَالك: البَسل يكون بِمَعْنى حَلالٍ وبمعنَى حرَام، وَبِمَعْنى التَّوكيد فِي المَلام، مِثْل قولِك تَبّاً.
قلتُ: سمعتُ أعرابيّاً يَقُول لِابْنِ لَهُ عَزَم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: عَسْلاً وبسْلاً، أَرَادَ بذلك لَحْيَه ولَوْمَه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يَقُول الرَّجُل بسْلاً: إِذا أَرَادَ أمِين فِي الاستجابة.
وَقَالَ اللَّيْث: بسل الرجلُ يَبْسل بسولاً فَهُوَ باسِل. وَهِي عُبوسَةُ الشّجاعة وَالْغَضَب. وأَسَدٌ باسِلٌ. واستبسلَ الرجُل للْمَوْت: إِذا وَطَّن نَفسه عَلَيْهِ واستَيْقَنَ بِهِ. وابتَسل الرجُل: إِذا أَخَذ على رُقْيته أَجْراً. قَالَ: وَإِذا دَعَا الرجُل على صَاحبه يَقُول: قَطَع الله مَطاكَ، فَيَقُول الآخَر: بسلاً بسلاً، أَي: آمين آمين، وأَنشَد:
لَا خابَ مِن نَفْعِك من رَجَاكَا
بَسْلاً وعادَى اللَّهُ مَن عاداكا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَاف أعرابيٌّ قوما فَقَالَ: ائْتُونِي بكُسعٍ جَبِيزات وبَنسيلٍ من قَطَاميَ ناقس.
قَالَ: والبسيلُ: الفَضْلة. والقَطَاميُّ: النَّبيذ.
قَالَ: والناقس: الحامض. والكُسَع: الكِسَر. والجَبِيزَات: اليابسات.
وتَبَسَّل لي فلانٌ: إِذا رأيتَه كَرِيهَ المَنظَر.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَكنت ذنُوب الْبِئْر لما تُبُسِّلت

(12/305)


أَي: كرهت. وَيجوز: لما تَبَسَّلت. وبَسّل فلَان وَجهه تبسيلاً: إِذا كرّهه.
أَبُو عُبيد: البسالة: الشَّجاعة. والباسِلُ: الشَّديد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البسل: الشّدّة. والبسل: نَخْل الشَّيْء فِي المُنخل. والبَسْل بِمَعْنى الْإِيجَاب.
وَكَانَ عمرُ يَقُول فِي آخِر دُعَائِهِ: آمينَ وبَسْلاً، مَعْنَاهُ: يَا رَبِّ إِيجَابا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحنظل المُبَسَّل: أَن يُؤكَل وحدَه، وَهُوَ يُحرِق الكَبِد، وأَنشد:
بئسَ الطعامُ الحَنظَلُ المبَسَّلُ
تَيْجَعُ مِنْهُ كَبِدي وأَكْسَلُ
بلس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُلُس بضمّ الْبَاء وَاللَّام العَدَس وَهُوَ البَلْسُ.
قَالَ: والبَلَس: ثَمَرُ التِّين إِذا أَدْرَك، الْوَاحِدَة بَلَسة.
قَالَ: وَيُقَال: اللّبنُ الَّذِي يَسيل من خُضَر التِّين: النّسَل.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: وَكنت أَغفلت النَّسْل فِي بَابه فَأَتَيْته فِي هَذَا الْبَاب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة قَالَ: وَمِمَّا دخل فِي كَلَام العَرَب من كَلَام فَارس: المِسْحُ تُسَمِّيه البَلاَس بِالْبَاء المشبعة وجمعُه بُلُس.
قَالَ غَيره: يُقَال لبَائِعه: البَلاّس. وَقَالَ الْفراء: المبلس: اليائس، وَلذَلِك قيل للَّذي يسكت عِنْد انْقِطَاع حجَّته، وَلَا يكون عِنْده جَوَاب: قد أَبْلَس، وَقَالَ العَجّاج:
قَالَ نَعَمْ أعرِفه وأبْلَسَا
أَي: لم يُحْرِ إليَّ جَوَابا، وَنَحْو ذَلِك قَالَ يُونُس وَأَبُو عُبَيْدَة فِي المُبْلِس. وَقيل: إنَّ إبليسَ سُمّيَ بِهَذَا الِاسْم لأنّه لمّا أَوِيسَ مِن رَحمة الله أَبلَسَ إبلاساً.
وَجَاء فِي حديثٍ آخَرَ: (من أحَبَّ أَن يَرِقَّ قلبُه فليُدْمِن أكل البَلَس) ، وَهُوَ التِّين، إِن كَانَت الرّواية بِفَتْح الْبَاء وَاللَّام، وَإِن كَانَت الرّواية البُلْس فَهُوَ العَدَس.
وَفِي حَدِيث عَطاء: البُلْسنُ وَهُوَ العدس.
وَقَالَ اللّحياني: مَا ذقتُ عَلوساً وَلَا بَلُوساً، أَي: مَا أكلت شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: مَلَسانٌ: شَجَرٌ يُجعَل حَبُّه فِي الدّواء، قَالَ: ولحَبّه دُهْن يُتَنافَس فِيهِ.
قلتُ: بَلَسان: أَراه رُوميّاً.
وَقَالَ أَبُو بكر: الإبلاس: مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الْقنُوط، وَقطع الرَّجَاء من رَحْمَة الله، وَأنْشد:
وحضرتُ يَوْم خَمِيس الأخماسْ
وَفِي الْوُجُوه صفرةٌ وإبلاسْ
وَقَالَ: أبلس الرجلُ: إِذا انْقَطع فَلم تكن لَهُ حجَّة. وَقَالَ:

(12/306)


بِهِ هَدَى الله قوما من ضلالتهم
وَقد أُعِدّت لَهُم إِذا أبلسوا سَقَرُ
لبس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (الْأَنْعَام: 9) ، يُقَال: لَبَسْتُ الأمرَ على الْقَوْم ألبِسه لَبْساً: إِذا شَبهتَه عَلَيْهِم وجعلتَه مُشكِلاً، وَكَانَ رُؤَساء الكفّار يَلبِسُون على ضَعَفَتِهمْ فِي أمرِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: هلاّ أنزِل إِلَيْنَا مَلَك؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً} (الْأَنْعَام: 8) ، فَرَأَوْا المَلَك رَجُلاً لَكَانَ يَلحَقهم فِيهِ من اللَّبْس مِثْل مَا لَحِق ضَعَفَتَهم مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: اللَّبْس: اخْتِلَاط الْأَمر، يُقَال فِي أَمرهم لَبْس. قَالَ: وَيُقَال: كُشِفَ عَن الهَوْدج لِبْسُه. قَالَ: ولِبْس الكَعبة: مَا عَلَيْهَا من اللِّباس، وَقَالَ حُميدُ بن ثَور:
فلمّا كَشَفْن اللِّبْس عَنهُ مَسَحْنَه
بأطرافِ طَفْلٍ زانَ غَيْلاً مُوَشَّمَا
يصف فرسا خدمته جواري الْحَيّ.
قَالَ: وَيُقَال: لبَسَت عَلَيْهِ الأمرَ فَأَنا أَلبِسه لَبْساً: إِذا خَلَطْتَه عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَعرفَ جِهتَه. ولبِسْت الثوبَ ألبَسه لُبْساً. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ} (الْأَنْبِيَاء: 80) ، قَالُوا: هِيَ الدُّروع تُلبَس فِي الحَرْب. وثوبٌ لَبِيس: إِذا أُكثِر لُبْسه. ومُلاءَةٌ لَبِيس بِغَيْر هَاء.
وَقَالَ اللّيث: اللَّبَسة: بقْلة.
قلتُ: لَا أَعْرِف اللَّبَسَة فِي البُقول، وَلم أَسمَع بهَا لغير اللّيث. واللِّبْسة: حالةٌ من حالات اللُّبْس، ولبِستُ الثوبَ لَبْسةً وَاحِدَة، وَيُقَال: لبِستُ امْرَأَة، أَي: تمتّعت بهَا زَماناً، ولَبِستُ قوما، أَي: تملّيتُ بهم دَهْراً.
وَقَالَ الجَعْدِيّ:
لَبستُ أُناساً فأَفنَيْتُهمْ
وأفنَيْتُ بَعدَ أُناسٍ أُناسَا
وَيُقَال: ألبست الشَّيْء بِالْألف إِذا غطيته. يُقَال: ألبست السماءُ السحابَ: إِذا غَطَّتها. وَيُقَال: الْحرَّة الأَرْض الَّتِي لبستها حِجَارَة سود. ولبِست الثَّوْب لبساً. ولبَست عَلَيْهِ الْأَمر ألبِسه: إِذا خلطته.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً} (الْفرْقَان: 47) ، أَي: تَسكُنون فِيهِ، وَهُوَ مشتمِل عَلَيْكُم. وَقَالَ فِي النِّسَاء: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (الْبَقَرَة: 187) ، قيل: الْمَعْنى: تُعانِقوهُنّ ويعانِقْنَكم. وَقيل أَيْضا: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} ، أَي: كلُّ فريق مِنْكُم يَسكُن إِلَى صَاحبه ويُلابِسه. كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الْأَعْرَاف: 189) ، والعَرَبُ تسمِّي الْمَرْأَة لِباساً وإزاراً، وَقَالَ الجَعْديّ يصف امْرَأَة:
إِذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَهُ
تَثَنّتْ فكانتْ عَلَيْهِ لِباسَا

(12/307)


وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (النَّحْل: 112) ، جَاعُوا حَتَّى أَكَلوا الوَبَر بالدّم، وَبلغ مِنْهُم الجُوع الحَال الَّتِي لَا غايَة بعدَها، فضُربَ اللِّباسُ لِمَا نالهم مَثَلاً لاشْتِمَاله على لابِسه.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: من أمثالهم: (أَعرَضَ ثوبُ المُلْبِس) ، وَيُقَال: ثوبُ المُلْبَس.
وَيُقَال: ثوب المَلْبَس، وَيُقَال: ثوب المُلْبس. يضْرب هَذَا الْمثل لمن اتسعت قرفته، أَي: كثر من يتهمه فِيمَا سَرقه.
قَالَ: والمُلْبِس: الّذي يُلبِسُك ويُحلِّك. والمِلْبَس: اللبَاس بعَيْنه، كَمَا يُقَال: إِزَار ومِئْزَر، ولِحاف ومِلْحَف. وَمن قَالَ: المَلْبَس أَرَادَ ثوبَ اللُّبْس. كَمَا قَالَ:
وبَعدَ المَشيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسا
ورُوِي عَن الأصمعيّ فِي تَفْسِير هَذَا الْمثل قَالَ: يُقَال ذَلِك للرّجل يُقَال لَهُ: ممّن أَنْت؟ فَيَقُول: مِن مُضَر، أَو من رَبيعة أَو من اليمَن، أَي: عمَمْتَ ولَم تَخُصَّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إنّ فِي فلانٍ المَلْبَسا، أَي: لَيْسَ بِهِ كِبْر، وَيُقَال: كِبَر، وَيُقَال: لَيْسَ لفلانٍ لَبِيس، أَي: لَيْسَ لَهُ مِثل، وَقَالَ أَبُو مَالك: هُوَ من المُلابَسة، وَهِي المُخالَطة. قَالَ: وَيُقَال: لَبِسْتُ فُلَانَة عُمْرِي، أَي: كَانَت معي شَبابي كلّه، والتَبَس عليّ الأمرُ يَلتَبِس، أَي: اختَلَط، وتَلبَّسَ حُبُّ فلانةَ بدَمي ولَحْمي، أَي: اختَلَط.
شَمِر: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للشَّيْء إِذا غطاه كُله: ألبسهُ، وَلَا يكون لبسه، كَقَوْلِهِم: ألبسنا اللَّيْل. وألبس السماءَ السحابَ، وَلَا يكون: لبِسْنا اللَّيْل. وَلَا لبس السماءُ السحابَ.
قَالَ الشَّيْخ: وَيُقَال: هَذِه أَرض ألبستها حِجَارَة سود، أَي: غطتها. والدَّجْنُ: أَن يُلبس الغيمُ السَّمَاء. وَفِي الحَدِيث: (فيأكل مَا يتلبَّس بِيَدِهِ طَعَام) ، أَي: لَا يَلزَق بِهِ لنظافة أكله.
وَفِي المَوْلد والمَبْعَث فجَاء الْملك فشقّ عَن قلبه. قَالَ: (فَخفت أَن يكون قد التُبس بِي) ، أَي: خولطت. من قَوْلك: فِي رَأْيه لَبْسٌ، أَي: اخْتِلَاط. وَيُقَال للمجنون: مخالَط.
لسب: الحرّاني عَن ابْن السكّيت أَنه قَالَ: لَسبَتْه العقربُ تَلْسِبُه لَسْباً: إِذا لَسَعَتْه، وَيُقَال: لَسِبتُ العَسَل والسَّمْن أَلْسَبه لَسْباً: إِذا لَعِقْته.
وَقَالَ اللَّيْث: لسَبته الحيّةُ لَسْباً، وأكثرَ مَا يُستعمَل فِي الْعَقْرَب.

(12/308)


س ل م
سلم، سمل، لمس، لسم، ملس، مسل.
سلم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ} (الْأَنْعَام: 127) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي: للْمُؤْمِنين دارُ السَّلَام. قَالَ: وَقَالَ بَعضُهم: السَّلام هَهنا اسمٌ من أَسمَاء الله تَعَالَى، ودَليلُه قولُه: {الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} (الْحَشْر: 23) .
قَالَ: وَيجوز أَن تكون الجنّة سُمّيَتْ دارَ السّلام لأنّها دارُ السَّلامة الدائمة الَّتِي لَا تَنقطِع وَلَا تَغنَى.
وأَنشَد غيرُه:
تُحيَّا بالسّلامةِ أمُّ بَكْرٍ
وهلْ لكِ بعد قومِكِ من سَلامِ
وَقَالَ بعضُهم: قيل: لله السَّلامُ لِأَنَّهُ سَلِم ممَّا يَلحَق الخلقَ من آفَات الغِيَر والفَناء، وأنّه الْبَاقِي الدَّائِم الَّذِي يُفنِي الخَلْق، وَلَا يَفنَى، وَهُوَ على كلّ شَيْء قدير.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ} (الْأَنْعَام: 54) ، الْآيَة، سمعتُ محمدَ بنَ يزيدَ يَذكُر أنّ السّلام فِي لُغَة الْعَرَب أربعةُ أَشْيَاء فَمِنْهَا: سَلّمتُ سَلاما مَصدَر سلّمت، وَمِنْهَا السَّلَام جمعُ سَلامة، وَمِنْهَا السَّلام اسمٌ من أسماءِ الله تَبَارك وَتَعَالَى، وَمِنْهَا السَّلام شجر.
قَالَ: وَمعنى السلاَم الّذي هُوَ مَصدَر سَلَّمت أنَّه دعاءٌ للْإنْسَان بِأَن يَسلَم من الْآفَات فِي دِينه ونَفْسِه، وتأويلُه التَّخْليص.
وَقَالَ: والسَّلام اسمُ الله، وتأويلُه وَالله أعلم: إِنَّه ذُو السَّلَام الَّذي يَملِك السَّلَام، هُوَ تخليصٌ من الْمَكْرُوه. وأمّا السَّلَام الشَّجَر فَهُوَ شَجَر قويٌّ عَظِيم أَحْسبهُ سَمِّي سَلاما لسلامته من الْآفَات.
قَالَ: والسِّلام بِكَسْر السِّين: الْحِجَارَة الصُّلْبة، سُمِّيتْ سِلاَماً لسلامتها من الرَّخاوة وأَنشد غيرُه:
تَدَاعَيْنَ باسمِ الشِّيب فِي مُتثَلِّمٍ
جَوانِبُه من بَصْرَةٍ وسِلامِ
والواحِدَة سَلِمة.
وَقَالَ لَبيد:
خَلَقاً كَمَا ضَمِن الوُحِيَّ سِلامُها
وَأنْشد أَبُو عُبَيدة فِي السلِمة:
ذَاكَ خَليلي وذُو يُعاتِبُني
يَرمِي ورائي بِأمْسَهِم وامْسلَمهْ
أَرَادَ والسِلمة، وَهِي من لُغات حِمْيَر.
وَقَالَ أَبُو بكر بنُ الأنباريّ: سُمِّيتْ بغدادُ مدينةَ السَّلَام لِقُرْبِها من دِجْلة، وَكَانَت دجلة تسمَّى نَهْرَ السَّلَام.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: السَّلَام: جماعةُ الحِجارة، الصغيرُ مِنْهَا وَالْكَبِير لَا يوحِّدونها.

(12/309)


وَقَالَ أَبُو خَيْرة: السَّلَام: اسْم جَمِيع.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ اسمٌ لكلّ حَجَر عريض.
وَقَالَ: سَلِيمة وسَلِيم مثل سِلام، وَقَالَ رؤبة:
سالِمُه فَوَّقَك السلِيمَا
روى ابْن الْمُبَارك عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن أبي سَلمَة الْحِمصِي عَن يحيى بن جَابر أَن أَبَا بكر قَالَ: السلامُ: أَمَان الله فِي الأَرْض. وَعبد الله بن سلاَم بتَخْفِيف اللَّام وَكَذَلِكَ سلاَم بن مِشكم: رجل كَانَ من الْيَهُود مخفَّف. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَمَّا تداعَوْا بِأَسْيَافِهِمْ
وحان الطعانُ دَعونَا سَلاما
يَعْنِي: دَعونَا سلاَم بن مِشكم، وَأما الْقَاسِم بن سلاّم، وَمُحَمّد بن سلاّم، فَاللَّام فِيهَا مُشَدّدَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} (الْوَاقِعَة: 91) ، وَقد بيَّن مَا لأَصْحَاب الْيَمين فِي أوّل السُّورَة، وَمعنى: {الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} : أَي: إنَّك ترى فيهم مَا تحبّ من السَّلامَة، وَقد علمتَ مَا أُعِدّ لَهُم من الْجَزَاء.
وَأما قولُ الله جلَّ وعزَّ: {قَالُواْ سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ} (هود: 69) ، وقرئت الْأَخِيرَة: (قَالَ سَلِيم) .
قَالَ الفرّاء: وسِلْم وَسَلام وَاحِد.
وَقَالَ الزجَّاج: الأوّل منصوبٌ على سلَّموا سلاَماً، وَالثَّانِي مرفُوعٌ على معنى أَمْرِي سلاَمٌ.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السَّلَام والتحية مَعْنَاهُمَا وَاحِد، ومعناهما السلاَمة من جَمِيع الْآفَات وقولُه جلَّ وعزَّ: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} (الْفرْقَان: 63) ، أَي: سداداً من القَوْل وقصداً لَا لَغوَ فِيهِ.
ورَوَى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّلامَة والعافية، والسلاَمة شَجَرَة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت قَالَ: السلْمُ: الدَّلْوُ الّتي لَهَا عُرْوة وَاحِدَة، قَالَ: والسلْم والسلْمُ: الصُّلْح.
وَقَالَ الطِّرِمّاح فِي السلْم بمعنَى الدَّلْو:
أَخُو قَنَصٍ يَهْفُو كأنّ سراتَه
ورِجْلَيْه سلْمٌ بَين حَبْلَي مُشاطِنِ
قَالَ: والسلَم: شجرةٌ من العِضاه، الْوَاحِدَة سلَمة. والسلَم: الاستسلام، والسلَم: السلَف، يُقَال: أسلَمَ فِي كَذَا وَكَذَا وأَسلَف فِيهِ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً} (الزمر: 29) ، وقرىء: (ورجلاً سالما لرجل) ، وقرىء (سلْماً) فَمن قَرَأَ (سالما) فَهُوَ اسْم الْفَاعِل على سلِم فَهُوَ سالِم، وَمن قَرَأَ (سلْماً) و (سلَماً) فهما مَصدَران وُصِف بهما على معنى: ورجلاً ذَا سلْم لرجل وذَا سلْم لرَجُل، وَالْمعْنَى: أَن من وحَّد الله مَثلُه مَثل

(12/310)


ُ السَّالِم لرجل لَا يَشرَكه فِيهِ غَيره، ومَثَل الَّذِي أَشرَك لله، مَثَل صَاحب الشُّرَكَاء المتشاكِسين، قَالَ: وقولُه تَعَالَى: {ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} (الْبَقَرَة: 208) ، قَالَ: عُنِي بِهِ الإسلامُ وشرائعُه كلّها، والسلْم والسلْم: الصُّلح، وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (النِّسَاء: 94) ، وقرئت (السَّلَام) بِالْألف، فَأَما السَّلَام فَيجوز أَن يكون من التّسليم، وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى السلَم وَهُوَ الاستسلام وإلْقاءُ المَقادَة إِلَى إِرَادَة الْمُسلمين.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: المَسلُوم: من الدِّلاء الَّذِي قد فُرِغ من عَمله، يُقَال: سلَمْتُه أَسلِمه فَهُوَ مسلوم، وَأنْشد بَيْتَ لبيد:
بمُقابَلٍ سرِبِ المخَارِزِ عِدْلُه
قَلِقُ المَقادَةِ جارِنٌ مَسلُومُ
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: السلْم: الدَّلْو الّذي لَهُ عُرْوة وَاحِدَة يَمشِي بهَا الساقي مِثل دِلاء أصحابِ الرَّوَايا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الجِلْدُ المسلُوم: المَدْبوغُ بالسلَم.
وَقَالَ اللَّيْث: ورقُ السلَم القَرَظ الَّذِي يُدبَغ بِهِ الأدَم.
وَقَالَ الزّجّاج: السلَّم: الَّذِي يُرتَقَى عَلَيْهِ سمِّي بِهَذَا لأنّه يُسلِّمُك إِلَى حَيْثُ تُريد.
قَالَ: والسلَّمُ: السبَبُ إِلَى الشَّيْء، سمِّي بِهَذَا لأنّه يؤدِّي إِلَى غَيره كَمَا يؤدِّي السُّلَّم الَّذِي يُرْتَقَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ شمر: السَّلَمة: شَجَرَة ذَات شوك يدبغ بورقها وقشرها، وَيُسمى وَرقهَا القَرَظ، لَهَا زهرَة صفراء فِيهَا حَبَّة خضراء طيبَة الرّيح تُؤْكَل فِي الشتَاء، وَهِي فِي الصَّيف تخضر.
وَقَالَ:
كُلِي سَلَم الجرداء فِي كل صَيْفة
فَإِن سَأَلُونِي عَنْك كل غَريم
إِذا مَا نجا مِنْهَا غريمٌ بخيْبةٍ
أَتَى مَعِكٌ بالدَّين غيرُ سَؤوم
الجرداء: بلد دون الفَلْج بِبِلَاد بني جعدة، وَإِذا دُبغ الأَديم بورق السَّلَم فَهُوَ مقروظ، وَإِذا دُبغ بقشر السّلم فَهُوَ مسلوم، وَقَالَ:
إِنَّك لن تروقها فَاذْهَبْ ونمْ
إِن لَهَا رَبّاً لمِعْصال السَّلَم
وَقَالَ اللّيث: السَّلْمُ: لَدْغُ الْحَيَّة، والمَلْدُوغ مَسْلُوم وسَلِيم، ورجُلٌ سَلِيم بِمَعْنى سالِم.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِنَّمَا سُمِّي اللّدِيغ سَلِيماً لأنّهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقَلَبوا المعنَى، كَمَا قَالُوا للحَبَشِي: أَبُو البَيْضاء، وكما قَالُوا للفَلاة: مَفازَة، تَفَاءلُوا بالفَوْز وَهِي مَهْلَكة.
ورَوَى ابْنُ جَبَلة عَن ابْن الأعرابيّ أَنه

(12/311)


قَالَ: إِنَّمَا قيل للدّيغِ سَلِيم لِأَنَّهُ أُسْلِمَ لِما بِهِ.
قلت: وأمّا قولُ اللّيث: السَّلْم: اللَّدْغ فَهُوَ من غُدَدِ اللّيث، وَمَا قَالَه غَيره. ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (على كلّ سُلامَى من أَحَدِكم صَدَقة، ويُجْزِىء من ذَلِك رَكْعتان يصلِّيهما مِنَ الضُّحى) . قَالَ أَبُو عُبَيد السُّلاَمَى فِي الأَصْل عَظْم يكون فِي فِرْسِنِ البَعِير، وَيُقَال: إنَّ آخِرَ مَا يَبْقَى فِيهِ المُخّ من الْبَعِير إِذا عَجُف فِي السُّلاَمى وَفِي الْعين، وَأنْشد:
لَا يَشْتَكِينَ عَمَلاً مَا أَنْقَيْن
مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلامَى أَوْ عَيْن
قَالَ: فكأَنَّ معنى الحَدِيث: إِن على كلّ عَظْم من عِظَام ابْنِ آدمَ صَدَقة، والرّكعتان تجزئان من تِلْكَ الصَّدَقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُلامَى: عِظامُ الْأَصَابِع والأشاجعُ والأكارعُ، وَهِي كعابِرُ كأَنّها كِعَابٌ، والجميعُ سُلاَمِيّات.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ شُمَيل فِي القَدَم قَصَبُهَا وسُلامِيَاتُهَا. وَقَالَ: عِظام القَدَم كلُّها سُلاَميَات، وقَصَبُ عِظام الْأَصَابِع أَيْضا سُلاَمِيَات، والواحدة سُلاَمَى. قَالَ: وَفِي كل فِرْسِنٍ سِتُّ سُلاَمِيَات ومَنْسِمان وأظَلُّ.
الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: استلأَمتً الحَجَر بِالْهَمْز، وإنّما هُوَ من السِّلام من الْحِجَارَة، وَكَانَ الأَصْل اسْتَلَمْت. وَقَالَ غَيره: اسْتِلام الحَجَر افْتِعالٌ فِي التَّقْدِير، مأخوذٌ من السِّلام وَهِي الْحِجَارَة، واحدتها سَلِمة؛ تَقول: استَلمْتُ الحجَر: إِذا لَمَسْتَه من السّلِمة، كَمَا تَقول: اكْتَحَلْتُ من الكُحْل.
قلتُ: وَهَذَا قولُ القُتَيْبيّ، والّذي عِنْدِي فِي استلام الحجَر أنّه افتعالٌ من السَّلام وَهُوَ التَّحِيَّة، واستلامُه لَمْسُه باليَدِ تحرّياً لقَبُول السّلام مِنْهُ تبُرُّكاً بِهِ؛ وَهَذَا كَمَا يُقَال: اقْترأْتُ مِنْهُ السَّلام، وَقد أَمْلَى عَلَيَّ أعرابيٌّ كِتَاباً إِلَى بعض أهاليه فَقَالَ فِي آخرِه: اقتَرِىءْ منّي السّلام، وممّا يدلّك على صِحَة هَذَا القَوْل أنَّ أهْلَ اليَمَن يسمُّون الرُّكْنَ الأسوَد المُحَيَّا، مَعْنَاهُ: أنَّ النّاس يحيُّونه بالسَّلام فافهَمْه.
وَأما الْإِسْلَام فإنّ أَبَا بكر محمّد بنَ بشّار قَالَ: يُقَال: فلانٌ مُسْلِم، وَفِيه قَولَانِ: أحدُهما: هُوَ المُستَسْلِم لأمر الله، وَالثَّانِي: هُوَ المُخلِص لله العبادةَ، من قولِهم: سَلَّمَ الشيءَ لفلانٍ، أَي: خَلَّصَه، وسَلِمَ لَهُ الشَّيْءُ، أَي: خَلَّصَ لَهُ.
ورُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) .
قلتُ: فَمَعْنَاه: أنّه دَخل فِي بَاب السّلامة حتّى يَسلَمَ الْمُؤمنِينَ من بَوَائِقِه، وَحدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا زِيَاد بن

(12/312)


أَيُّوب قَالَ: حَدثنَا يَعْلى قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد يَعْنِي ابْن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: اسْتقْبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله الحَجَر فاستلمه، ثمَّ وضَع شَفتيه عَلَيْهِ يبكي طَويلا، فَالْتَفت فَإِذا هُوَ بِعُمَر يبكي فَقَالَ: (يَا عُمَر هَهُنَا تسكب العبرات) .
وَحدثنَا يَعْقُوب الدَّورقي قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن مَعْرُوف بن خَرْبوز قَالَ: حَدثنَا أَبُو الطُّفَيْل قَالَ: (رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله يطوف على راحلتِه يسْتَلم بمِحْجَنِهِ ويقبِّل المِحْجَن) .
وَقَالَ اللَّيْث: استلام الْحجر: تنَاوله بِالْيَدِ وبالقُبلة، ومسحُه بالكفّ. قلت: وَهَذَا صَحِيح. وَأما قولُ اللَّهِ جلّ وعزّ: {خَبِيرٌ قَالَتِ الاَْعْرَابُءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ} (الحجرات: 14) ، فإنّ هَذَا يَحتاجُ الناسُ إِلَى تفهّمه ليَعْلَموا أَيْن يَنْفَصِل الْمُؤمن من المُسلِم، وأَيْنَ يَسْتَويَان.
فالإسلامُ: إظهارُ الخُضوع والقَبول لِما أَتَى بِهِ الرسولُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَبِه يُحْقَنُ الدّم، فإِن كَانَ مَعَ ذَلِك الإظهارِ اعتقادٌ وتَصديقٌ بِالْقَلْبِ فَذَاك الْإِيمَان الّذي هَذِه صِفَتُه، فأمّا من أَظْهَر قبولَ الشّريعة واستسلَم لدَفْع المَكْروه فَهُوَ فِي الظَّاهِر مُسْلمٌ وباطنُه غيرُ مصدِّق، فَذَلِك الّذي يَقُول: أَسْلَمْتُ، لأنَّ الإيمانَ لَا بدَّ أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً لِأَن الإيمانَ التّصديقُ، فالمُؤمن مُبْطِنٌ من التّصديق مِثْلَ مَا يُظهِر؛ والمُسلِم التامُّ الْإِسْلَام مُظْهِرُ الطَّاعَة مُؤمنٌ بهَا، والمؤمنُ الّذي أَظهَرَ الإِسلام تَعوّذاً غيرَ مُؤمن فِي الْحَقِيقَة، إلاّ أنّ حُكمَه فِي الظَّاهِر حُكْمُ الْمُسلمين. وَإِنَّمَا قُلتُ: إِن المؤمِنَ مَعْنَاهُ المصدِّق لأنّ الْإِيمَان مأخوذٌ من الْأَمَانَة، لأنّ الله جَلّ وعزّ تولَّى عِلمَ السّرائر ونياتِ العَقْد، وجَعَل ذَلِك أَمَانَة ائتَمَنَ كلَّ مُسْلِمٍ على تِلْكَ الْأَمَانَة، فَمن صَدَّق بِقَلْبِه مَا أَظهَرَه لسانُه فقد أَدَّى الْأَمَانَة واستوجَب كريمَ الْمَآبِ إِذا مَاتَ عَلَيْهِ، ومَن كَانَ قلبه على خلاف مَا أظهَر بلسانِه فقد حَمَل وِزْرَ الْخِيَانَة، وَالله حَسِيبه.
وَقيل: المصدِّق مُؤمن، وَقد آمن لأنّه دخل فِي حَدِّ الْأَمَانَة الّتي ائتَمَنه الله عَلَيْهَا.
وَكَذَلِكَ سائرُ الْأَعْمَال الّتي تظهر من العَبْد وَهُوَ مُؤتمَن عَلَيْهَا.
وبالنيّة تَنفصل الْأَعْمَال الزاكية من الْأَعْمَال البائرة أَلا ترَى أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَعَل الصَّلَاة إِيمَانًا، والوضوءَ إِيمَانًا.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: كُنتُ رَاعِيَ إبلٍ فَأسلَمْتُ عَنْهَا، أَي: تركتُها، وكلُّ صَنِيعة أَو شيءٍ تركتَه وَقد كنتَ فِيهِ فقد أَسْلَمْتَ عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الاستلام للحَجَر: تَناوُله باليَدِ وبالقُبْلة ومسْحُه بالكفّ.

(12/313)


وَقَالَ ابْن السكّيت: تَقول الْعَرَب: لَا بِذِي تَسْلَم مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وللاثنين لَا بِذِي تسلَمان، وللجماعة لَا بِذِي تَسلَمون، وللمؤَنثة لَا بِذِي تَسلَمين، وللجماعة لَا بِذِي تَسْلَمْنَ، والتأويل: لَا وَالله الَّذِي يُسلِّمك مَا كَانَ كَذَا، وَكَذَا. لَا وسلامتك مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وسلمى: اسْم رجل وَأَبُو سُلْمَى: أَبُو زُهير الشَّاعِر المُزَنيّ على فُعْلى، وسلْم: من الْأَسْمَاء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُلَيمان تصغِير سلمَان. وَعبد الله بن سلاَم الحِبْر مخفَّف اللَّام. وَأما مُحَمَّد بن سَلاَّم الجُمَحيّ فَهُوَ بتَشْديد اللاّم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَبُو سَلْمان كُنْية الجُعْل، وسلامان بن غَنْم: اسْم قَبِيلة. وسلامان: ماءٌ لبني شَيْبان، وَقَول الحُطَيْئة:
جَدْلاءُ مُحْكمة من صُنع سَلام
أَرَادَ من صُنْع سُليمان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فجَعَله سلاّماً كَمَا قَالَ النَّابِغَة:
ونَسْج سُلَيم كلّ قَضّاءَ ذائلِ
أرادَ ونَسْجَ داودَ، فَجعله سُليمان، ثمَّ غَيَّر الِاسْم فَقَالَ سُلَيم، ومثلُ ذَلِك فِي أَشعار العرَب كثير.
وَحكى اللّحياني عَن أبي جَعْفَر الرُّؤاسِيّ أَنه قَالَ: يُقَال: كَانَ فلانٌ يسمَّى مُحَمَّدًا ثمَّ تمَسْلَم، أَي: تسمَّى بمُسلِم. قَالَ: وَقَالَ غَيره: كَانَ فلانٌ كَافِرًا ثمَّ تَسَلّم، أَي: أسلم.
عَمْرو: السَّلامُ: ضربٌ من الشّجر، الْوَاحِدَة سَلامَة.
وسَلَمِية: قريةٌ. وينسب إِلَى بَنِي سَلَمة: سَلَمِيّ، وَإِلَى بني سُلَيْم سُلْميّ، وَإِلَى سَلامَة: سلاميّ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: كذَّابٌ لَا تُسايرُ خيلاه، أَي: لَا يصدق فَيقبل مِنْهُ. وَالْخَيْل إِذا تسالمت وتسايرت لَا يهيج بَعْضهَا بَعْضًا. قَالَ: وأنشدنا لرجل من محَارب:
وَلَا تَسايرُ خيلاه إِذا التقيا
وَلَا يُقَرَّعُ عَن بَاب إِذا وردا
وَيُقَال: لَا يَصْدُق أَثَره: يكذب من أَيْن جَاءَ. وَقَالَ الفراءُ: فلَان لَا يُرَدّ عَن بَاب، وَلَا يُعوَجّ عَنهُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سلامان: ضرب من الشَّجر. وهما بطْنَان: بطن فِي قَضَاء، وبطن فِي الأزد. وَسلم: قَبيلَة.
وسلميّة: قَبيلَة من الأزد. قَالَ: والأسيلم: عرق فِي الْجَسَد.
ومَسلمة: اسْم، مفعلة من السَّلم وسليم بن مَنْصُور: قَبيلَة.
وسلامان بن غَنْم: قَبيلَة. وسلامان: مَاء لبني شَيبَان.

(12/314)


سمل: فِي حَدِيث قَيْلَة: (أَنَّهَا رَأَتْ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسمالَ مُلَبّتَيْن) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الأسمال: الْأَخْلَاق، وَالْوَاحد مِنْهَا سمل. وَيُقَال: قد سمل الثوبُ وأسمل: إِذا أَخْلَق.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: ثوبٌ أسمال، وثوبٌ أخلاقٌ: إِذا أخلق.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سمل الثوبُ وأسمل: إِذا أَخلَق.
سَلمَة عَن الْفراء: سمل عَينَه واستَملها: إِذا فقَأها.
وَفِي حَدِيث العُرَنِيِّين الَّذين ارتدّوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَر بسمْل أَعينهم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: السَّمْلُ أَن تفَقَأ العينُ بحديدة مُحْماةٍ أَو بِغَيْر ذَلِك، يُقَال: سملتُ عينَه أَسمُلُها سملاً. قَالَ: وَقد يكون السَّمل بالشَّوْك، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يرثي بَنِينَ لَهُ مَاتُوا:
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كَأنّ حِداقَها
سُمِلَتْ بشوْكٍ فهيَ عُورٌ تدمعُ
ولَطَم رجلٌ من العَرَب رجلا فَفقأ عينَه فسُمِّي سَمَّال، وأولادُه يُقَال لَهُم: بَنو سَمَّال؛ والسَّمَل محرَّك الْمِيم بقيّةُ المَاء فِي الْحَوْض؛ وَقَالَ حُميد الأرقَط:
خَبْطَ النِّهالِ سَمَلَ المَطائِطِ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أسْمَلْتُ بَين الْقَوْم إسْمالاً: إِذا أصلحتَ بَينهم. وَقَالَ غيرُه: سَمَلْتُ بَينهم أسمُل سَمْلاً بغيرِ ألف مِثله؛ وَقَالَ الكُمَيت:
وتَنأَى قُعودُهمُ فِي الْأُمُور
عَمَّن يَسُمُّ وَمن يُسْمِلِ
أَبُو عبيد: المُسمَئِلُّ: الضامر. واسمَألّ الظّلُّ: إِذا ارتَفَع؛ وَقَالَت الْجُهَنيَّة:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً
ورْدَ القَطاةِ إِذا اسمَأَلَّ التُّبَّعُ
وَقيل: التُّبَّع: الدَّبَران؛ واسْمِئلالُه: ارتِفاعه طالعاً.
ابْن السكّيت: هُوَ السموأل بن عادِياء بِالْهَمْز. وسَمْوِيل: اسْم طَائِر؛ وَأَبُو السَّمَّال العَدَويّ: رجلٌ من الْأَعْرَاب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَبُو بَرَاء طَائِر، واسمُه السَّمَوْأَل.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْمَلة: فيَالجة صَغِيرَة؛ وَيُقَال: فِنْجانَه صَغِيرة.
أَبُو زيد: السُمْلةُ: جُوعٌ يَأْخُذ الإنسانَ فتأخُذُه لذَلِك وَجَع فِي عَيْنَيْهِ فيُهراقُ عَيناهُ دَمْعاً، فيُدْعَى ذَلِك الدَّمْع السُّمْلة، كأنّه يفقأ العَيْن.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: السَّوْملة: الطَّرجهارة والحَوْجلة القارورةُ الْكَبِيرَة. قَالَ: وَيُقَال: حَوْجلة مثل دَوْخلة. وَأنْشد ابْن الْأَنْبَارِي قَول الرّبيع بن زِيَاد:

(12/315)


بِحَيْثُ لَو زنت لَخْمٌ بأجمعها
لم يَعْدلوا ريشةً من ريش سَمْوِيلا
قَالَ: سَمْويل: طَائِر. وَيُقَال: سَمْويل: بلد كثير الطير:
ترعى الروائمُ أَحْرَار البُقول بهَا
لَا مِثل رعيكم مِلحاً وغِسْويلاَ
قَالَ غِسويل: نبت ينْبت فِي السباخ.
لمس: قَالَ اللَّيْث: اللَّمس بِالْيَدِ: تَطلُّب الشَّيْء هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَمِنْه قولُ لَبيد:
يَلْمِس الأَحلاسَ فِي مَنزِله
بيَدَيْه كاليهودي المُصَلْ
ولَمِيس: اسْم امْرَأَة.
وَقَالَ اللّيث: إكافٌ مَلْمُوسُ الأَحْفاء: وَهُوَ الَّذِي قد أُمِرَّ عَلَيْهِ اليَدُ ونُحِت مَا كَانَ فِيهِ فرق ارْتِفَاع وأَوَد. وَفِي الحَدِيث: النَّهيُ عَن المُلامَسة، قَالَ أَبُو عُبَيد: المُلامَسة أَن يَقُول: إِذا لمَستَ ثوبي أَو لَمسْتُ ثَوْبَك فقد وَجَب البَيْع بِكَذَا وَكَذَا، وَيُقَال: هُوَ أَن يَلْمِسَ المتاعَ من وَراءِ الثّوب، وَلَا يَنظر إِلَيْهِ فَيَقَع البيعُ على ذَلِك، وَهَذَا كلّه غَرَر وَقد نُهيَ عَنهُ.
وأمّا قولُ الله جلّ وعزّ: {أَو لَمَسْتُم النِّسَاء} (النِّسَاء: 43) ، وقرىء: (أوْ لاَمَسْتُم النِّسَاء) ورُوي عَن عبد الله بن عمرَ وابنِ مَسْعُود أنّهما قَالَ: القُبْلة من اللَّمس وفيهَا الْوضُوء، وَكَانَ ابْن عبّاس يَقُول: اللَّمس واللِّماس والمُلامَسة كنايةٌ عَن الجِماع، وممّا يُستدلّ بِهِ على صحّة قولِه قولُ العَرَب فِي الْمَرْأَة: تُزَنُّ بالفُجور، هِيَ لَا تَرُدُّ يدَ لاَمِسٍ؛ وَجَاء رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إنّ امْرَأَتي لَا تَرُدّ يَدَ لامِس فأَمَره بتطليقها. أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَرُدّ عَن نَفسهَا كلَّ من أَراد مُراوَدَتها عَن نَفسهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: اللَّمْسُ: الجِماع. واللَّمِيسُ: الْمَرْأَة اللَّيّنة المَلمَس.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: لمَسْتُه لَمْساً، ولامَسْتُه مُلامَسة، وفَرَّقَ بَينهمَا فَقَالَ: اللَّمْس قد يكون مَسُّ الشَّيْء بالشَّيْء، وَيكون مَعرِفة الشَّيْء وَإِن لم يكن ثَمَّ مَسّ لجَوْهر على جَوْهر. قَالَ: والمُلامَسة أَكْثَرهَا جَاءَت من اثْنَيْنِ. قَالَ: واللَّمَاسَة واللُّمَاسة: الْحَاجة، والمتلمِّسةُ من السِّمات، يُقَال: كَواهُ المُتلَمِّسة والمتلوّمة. وكواه لمّاس: إِذا أصَاب مَكَان دائه بالتلمّس، فَوَقع على دَاء الرجل أَو على مَا يكتم وسُمّي المتلمِّس الشَّاعِر بقوله:
فَهَذَا أَوانُ العِرْض جُنَّ ذُبابُه
زَنابيرُه والأزْرَق المتلمِّسُ
يَعْنِي الذُّبَاب الْأَخْضَر.
ملس: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: المَلْسُ: سَلُّ الخُصْيَتين، يُقَال: مَلَسْتُ خُصْيَتَيه أملسُهُمَا مَلْساً.

(12/316)


وَقَالَ اللّيث: خِصْيٌ مَمْلوس. قَالَ: والمُلُوسة مصدر الأَمْلَس، وَأَرْض مَلْساء، وسَنَةٌ مَلْساء، وَإِذا جَمَعوا قَالُوا سِنُون أَمالِس وأَمالِيس. ورُمّانٌ مَلِيس: أطيَبُه وأحلاه، وَهُوَ الّذي لَا عَجم لَهُ.
ابْن الْأَنْبَارِي: المُلَيساءُ: نصف النَّهَار. قَالَ: وَقَالَ رجل من الْعَرَب لرجل: أكره أَن تزورني فِي المليساء، قَالَ: لم؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يقرب الغَداء، وَلم يتهيّأ الْعشَاء. والحُجَيْلاءُ: مَوضِع. والغُمَيْصاءُ: نجم. وناقةٌ مَلَسَى: تمَلُس، تمرّ مرّاً سَرِيعا. قَالَ ابْن أَحْمَر:
مَلسى يَمانِيّة وشيخٌ هِمّة
متقطع دون الْيَمَانِيّ المُصْعِد
أَبُو عُبَيد وَغَيره: المَلَسى: لَا عُهْدة لَهُ، يُضرَب مَثَلاً للّذي لَا يُوثق بوفائه وأَمانتِه. وَالْمعْنَى، وَالله أعلم: ذُو المَلسى لَا عُهْدة لَهُ. والمَلَسى: أَن يَبيعَ الرجلُ الشيءَ وَلَا يَضمَن عُهدته، وَقَالَ الراجز:
لمّا رأيتُ العامَ عَاما أَغْبَسَا
وصارَ بَيْعُ مالِنا بِالمَلَسَى
وَذُو المَلَسى مثلُ السّلال والخارب يَسرِق المَتاعَ فيبيعه بِدُونِ ثمنِه، ويملَس من فَوْره فيستخفِي، فَإِن جاءَ المستحقّ ووَجد مالَه فِي يَدِ الّذي اشْتَرَاه أخَذَه، وبَطل الثّمن الّذي فازَ بِهِ اللّص وَلَا يتهيّأ أَن يَرجع بِهِ عَلَيْهِ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر أَنه قَالَ: من أمثالهم فِي كَرَاهَة المَعَايِب: المَلِّسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ، أَي: إِنَّه خرج من الأمْر سالما وانقَضَى عَنهُ لَا لَه وَلَا عَلَيْهِ، وَالْأَصْل فِي الملسى مَا أَعْلَمْتُكَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الْمُلَيْسَاء: شهر صَفَر. والمُلَيْسَاءُ: نصفُ النَّهار.
وَقَالَ الأصمعيّ: المُلَيْسَاء: شهرٌ بَين الصَّفَرِيّة والشِّتاء، وَهُوَ وَقْت تَنْقَطِع فِيهِ المِيرة، وأنشَد:
أَفِينَا تَسُومُ السَّاهِرِيَّة بَعْدَمَا
بَدَا لَكَ من شَهْرِ الْمُلَيْسَاءِ كَوْكَبُ
يَقُول: أَتَعْرِض علينا الطِّيبَ فِي هَذَا الْوَقْت وَلَا مِيرَةَ. وَيُقَال: أَنَيْتُه مَلْسَ الظّلام: ومَلْثَ الظّلام: وَذَلِكَ حِين يَختلِط اللّيل بالأرْض.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: اختلَط الملْس بالمَلْث، والملْث: أوّلُ سَوادِ المَغْرِب، فَإِذا اشتدّ حَتَّى يأتيَ وقتُ الْعشَاء الْآخِرَة فَهُوَ الملْس، وَلَا يتميّز هَذَا من هَذِه، لِأَنَّهُ قد دخل الملْثُ فِي الملْس.
وَقَالَ غيرُه: مَلَّسْت الأرضَ تَمْليساً: إِذا أَجْرَيتَ عَلَيْهَا المَمْلَقَةَ بعد إثارتِهَا. وَيُقَال: مَلَسْتُ بالإبلِ أَمْلُسُ بهَا مَلْساً: إِذا سُقْتَها سَوْقاً شَدِيداً، قَالَ الراجز:
مَلْساً بذَوْدِ الحَلَسِيّ مَلْسَا

(12/317)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الملس: ضَرْبٌ من السَّيرِ الرفيقِ. والمَلْسُ: اللَّيِّن من كلّ شيءٍ قَالَ: والمَلاَسَة: لِينُ المَمْلوس. وَقد مَلَسَ الشيءُ يَمْلُسُ مَلاَسَةً. والمَلْس: التَّمْليس أَيْضا يُقَال: مَلَسْتُه مَلْساً.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَلُوسُ من الإبلِ: المِعْنَاق الّتي ترَاهَا أوَّل الْإِبِل فِي المَرْعَى والمَوْرِد. وكلِّ مَسير. وَيُقَال: خِمْسٌ أَمْلَسُ: إِذا كَانَ مُتعِباً شَدِيدا، وَقَالَ المَرّار:
يَسِيرُ فِيهَا القومُ خِمْساً أَمْلَسَا
ومَلَسَ الرجُلُ يَمْلُسُ مَلْساً: إِذا ذَهب ذَهاباً سَرِيعاً؛ وأَنشَد:
تَملُسُ فِيهِ الرِّيحُ كلَّ مَمْلَسِ
وَقَالَ شَمِر: الأماليس: مَا اسْتَوَى من الأَرْض، وَالْوَاحد: إمليس. .
وَقَالَ ابْن شُميل: الأماليس: الأَرْض الَّتِي لَيْسَ بهَا شيءٌ وَلَا شجرٌ وَلَا كلأ وَلَا يَبِيس، وَلَا يكون فِيهَا وحْش، وَقَالَ الحُطَيئة:
إِذا لم تكن إلاّ الأماليسُ أصبَحَتْ
مُحَلّقةً ضَرّاتُها شَكِراتُ
وَالْوَاحد إمليس، وَكَأَنَّهُ إفعيل من الملاسة، أَي: أَن الأَرْض الملساء لَا شيءَ بهَا. وَقَالَ أَبُو زبيد فسمّاها مليساً:
فإيّاكمْ وَهَذَا العرْقَ وآسمُوا
لمَوْماةٍ مآخِذُها مليسُ
وَيُقَال للخمر ملساءَ: إِذا كَانَت سلِسَةً فِي الحَلْق، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
بالقَهْوة الملْسَاءِ من جِرْيَالِهَا
لسم: أَبُو الْعَبَّاس عَن الأعرابيّ: اللّسْم: السُّكوت حَياءً لَا عَقْلاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ألسَمْتُه الحُجَّة وألزَمْتُه كَمَا يُلسَم ولَدَ المَنْتُوجة ضَرْعَها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإلْسام: الْقِامُ الفَصِيل الضَّرْعَ أوّلَ مَا يُولَد؛ يُقَال: ألسَمْتُه إلْسَاماً فَهُوَ مُلْسِم، وَيُقَال: ألسَمْتُه حُجّتَه إلْساماً، أَي: لَقّنْتُه إيّاها؛ وَأنْشد غيرُه:
لَا تُلْسَمَنَّ أَبَا عِمْرانَ حُجّتَه
وَلَا تَكُونَنْ لَهُ عَوْناً على عُمَرَا
مسل: عَمْرو عَن أَبِيه: المَسِيلُ: السَّيَلان، والمَصْل: القَطْر، وسمعتُ أعرابيّاً من بني سَعْد نَشَأ بالأحْساء يَقُول لجَرِيد النَّخْل الرَّطْبِ: المُسُل، وَالْوَاحد مَسِيل ويُجمَع مَسِيل المَاء مُسُلاً ومُسْلاناً.
قلتُ: وَهَذَا عِنْدِي على توهُّم ثُبوت المِيم أصليَّةً فِي المَسيل، كَمَا جَمَعوا المكانَ أمكِنة، وَأَصله مَفْعَل من كَانَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَسَالَة: طُولُ الوَجْه مَعَ حُسْنٍ.
قَالَ سَاعِدَة بن جؤبة يصف النَّحْل:
مِنْهَا جوارس للسَّراة وتحتوي
كَرَبات أَمْسلة إِذا تتصَوَّب

(12/318)


تَحتوِي: تَأْكُل اللحواء. والكَرَب: مَا غلط من أصُول جريد النّخل. والأَمْسلة: جمع المسيل، وَهُوَ الجريد الرطب، وجمعُه المُسُل. ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: ضرب بِيَدِهِ إِلَى السَّيْف فامتشقه وامتعده. واحتواه: إِذا استلّه.

(12/319)