غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَحِمَهُ الله
حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلاةً خَفِيفَةً ذفيفة كأنها صلاة
مسافر
...
/ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَحِمَهُ الله [186]
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي
أُمَامَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلاةً
خَفِيفَةً ذَفِيفَةً كَأَنَّهَا صَلاةُ مُسَافِرٍ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابن داسة أخبرنا أبوداود أخبرنا أحمد بن صالح أخبرنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سعيد بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي
الْعَمْيَاءِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ.
الذفيفة بمعنى الخفيفة ومنه قولهم رجل مذفف الخلق إذا كان ضرب اللحم
خفيفا ومنه اشتق ذفافة.
ومن هذا أخذ قولهم: دففت على الجريح بمعنى أجهزت عليه وأوحيت2 قتله.
ويقال: رجل ذفيف خفيف وخفاف ذفاف قَالَ الأعشى:
يطوف بها ساق علينا منطف ... خفيف ذفيف لا يزال مقدما3
المنطف: المقرط والنطفة الشنف.
__________
1 أخرجه أبو داود في الأدب "4/276" بلفظ"فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلاةً
خَفِيفَةً دقيقة ولعل "دقيقة" تحريف من "ذفيفة" وقد ذكره الخطابي في
معالم السنن "7/226" بلفظ "خفيفة ذفيفة" وقال: الذفيفة الخفيفية يقال:
رجل خفيف ذفيف وخفاف ذفاف بمعنى واحد, والحديث في النهاية "ذفف"
"2/162".
2 د: "وأوجبت".
3 الديوان "186" ريواية "متوم" بدل "منطف" ومفدما" بدل مقدما" والمقوم:
الواضع في أذنه تومتين أي لؤلؤتين, المفدم الذي شد على فمه الفدام, وهو
شيء تشده العجم والمجوس على أفواهها عند السقي.
(2/509)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَنَسٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ فِي يَوْمٍ
مَطِيرٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَطَطٍ وَالأَرْضُ فَضْفَاضٌ صَلَّى
بِنَا عَلَى حِمَارِهِ صَلاةَ الْعَصْرِ يومىء بِرَأْسِهِ إِيمَاءً
وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هاشم أخبرنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ.
قوله: الأرض فضفاض يريد كثرة المطر وأن الماء قد علاها فطَبَّقَهَا.
يُقَالُ: رأيت الحوض ملآن يتفضفض وثوب فضفاض أي واسع وبدن فضفاض أي
كثير اللحم رخصه قَالَ رؤبة:
أزمان ذات الكفل الرضراض ... رقراقة في بدنها الفضفاض2
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "2/573" بلفظ "أطيط" بدل "أطط" وابن أبي
شيبة في مصنفه "2/90" بلفظ "ضخضاخ" بدل "فضفاض" وفيه أطط مثل ما جاء
عند الخطابي.
2 الديوان "81".
(2/510)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَنَسٍ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَلَغَهُ1 عَنْ عَرِيفِ
الأَنْصَارِ أَمْرٌ فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَهَمَّ بِهِ قَالَ: أَنَسٌ
فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ2 اللَّهَ فِي وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ
قَالَ: فَنَزَلَ عَنْ فِرَاشِهِ وَقَعَدَ عَلَى بِسَاطِهِ وَتَمَعَّنَ
عَلَيْهِ وَقَالَ: أَمْرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَأَطْلَقَهُ3.
حَدَّثَنِيهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ العنبري أخبرنا ابن
أبي قماش أخبرنا ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن أنس.
__________
1 د: "من عريف".
2 ح: "أنشك الله" من أنشد.
3الفائق "معن" "3/375" والنهاية "معن" "4/343".
(2/510)
قوله: تمعن أي اعترف له وأظهره1. يُقَالُ
أمعَنِ الرجل بحقي إذا اعترف به وأظهره.
قَالَ أَبُو العباس ثعلب: هو مأخوذ من الماء المعين وهو الجاري الظاهر.
وَقَالَ غيره: معناه أَنَّهُ تصاغر له وتقلل خضوعا لأمره وانقيادا له.
قَالَ: وأراه مأخوذا من المعن وهو الشيء القليل.
ويقال: ما لفلان في هذا الأمر سعن ولا معن2 أي كثير ولا قليل وأنشد
للنمر بن تولب:
فإن هلاك مالك غير معن3
أي غير قليل ولا هين.
وَأَخْبَرَنِي أبو محمد الكراني أخبرنا عبد الله بن شبيب أخبرنا
المنقري أخبرنا الأَصْمَعيُّ عَنْ أَبِي عَمْرو بْن العلاء قَالَ إذا
لم يكن الرجل له سداد في الأمر قيل له ما أنت في هذا الأمر بسعن ولا
معن.
وَقَالَ إبراهيم بن السري: إنما سميت الزكاة ماعونا لأنه قليل يؤخذ من
كثير مشتق من المعن قَالَ: / ووزنه فاعول من المعن. [187]
قَالَ أَبُو عبيدة: الماعون في الجاهلية كل منفعة وعطية وفي الإسلام
الطاعة والزكاة وأنشد للراعي:
قوم على الإسلام لما يمنعوا ... ما عونهم ويضيعوا التهليلا4
__________
1 د: "اعترف به وأظهر قبوله".
2 مثل أورده أبو عبيد "388" والميداني "2/270" الزمخشري "2/331"
واللسان "سعن, معن" مع اختلاف في اللفظ.
3 في اللسان والتاج "معن" وصدره "ولا ضيعته فألام فيه".
وروي العجز "فإن ضياع مالك غير معن" وجاء بهذه الرواية في شعر النمر
"118".
4 في خزانة البغدادي "1/502" والديوان "56" بهذه الرواية وفي اللسان
والتاج "معن" برواية:
قوم على التنزيل لما يمنعوا ... ما عونهم ويبدلوا التنزيلا
وروي في مجاز القرآن "2/313" "ويضيعوا التنزيلا".
(2/511)
قَالَ: وَقَالَ لي رجل: لقد صنعت بناقتك
صنيعا تعطيك الماعون أي تنقاد لك1.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: ورواه بعضهم وتمعك عليه وهذا أصح وأبين.
__________
1 د, ط: "وهذا أوضح وأبين" وتمعك عليه: أي تقلب عليه وتمرغ.
(2/512)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّعْقِيبِ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُمْ
أَنْ يُصَلُّوا فِي الْبُيُوتِ1
مِنْ حَدِيثِ ابن المبارك أخبرنا هَارُونُ بْنُ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ.
التعقيب أن يصلي عقب التراويح وكل من أتي بفعل في إثر آخر فقد عقب به
كره أن يصلوا في المسجد وأحب أن يكون ذلك في البيوت
__________
1 الفائق "عقب" "3/13" والنهاية "عقب" "3/267".
(2/512)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ
كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} قَالَ: الشِّرْيَانُ1.
هَكَذَا رُوِيَ لَنَا عن عبد حُمَيْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ
عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَرَاهُ
غَلَطًا وَإِنَّمَا هُوَ الشَّرِيُّ وَهُوَ الْحَنْظَلُ قَالَ الشاعر:
وله طعمان أري وشري ... وكلا الطعمين قد ذاق كل
__________
1 كذا في د, س وفي ط: الشريان "بضم الشين".
وأخرجه الطبري في تفسيره "13/211" وذكره السيوطي في الدر المنثور
"4/72" والآية في سورة ابراهيم: "26".
(2/512)
قَالَ الأصمعي: الحنظل هو الشري واحدته
شرية فإذا خرج فصغاره الجراء واحدها جرو ويقال لشجرته قد أجرت فإذا
اشتد الحنظل فصلب فهو الحدج واحدته حدجة فإذا صار للحنظل خطوط فهو
الخطبان فإذا اصفر فهو الصراء ممدود واحدتها صراية فأما الشريان فهو
شجر تعمل منه القسي قَالَ ذو الرمة:
وفي الشمال من الشريان مطعمة ... كبداء في عودها عطف وتقويم1
يريد قوسا مرزوقة من الصيد.
ويقال: إن الشريان والنبع والشوحط شجر واحد إلا أن النبع ما نبت في قلل
الجبال وهو أصلب ما يكون والشوحط قالوا: سمي بذلك لأنه شحط من رأس
الجبل إلى أسفله يعني بعد والشريان ينبت في بطون الأودية ومجاري الماء
وإنما تتخذ القسي من هذه الأشجار.
__________
1 اللسان والتاج "شرى, شحط, طعم" وفي الديوان "587" برواية "في عجسها"
بدل "في عودها".
(2/513)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أَنَسٍ: أَنَّهُ بَالَ فَمَسَحَ ذَكَرَهُ بِلِطًى ثُمَّ تَوَضَّأَ
فَمَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى صَلاةَ
فريضة1.
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا الدقيقي2 أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا
عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَعَلَ ذَلِكَ
قوله: بلطى أراه جمع ليطة وهي القطعة تقشرها من وجه الأرض
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "1/189" عن الثوري عن عاصم بدون قوله
"فمسح ذكره بلطى" وابن شيبة في مصنفه "1/183" مختصرا عن يزيد بن هارون
وانظر كنز العمال "9/618" والحديث في الفائق "لطى" "3/316" والنهاية
"4/252".
2 د، ح: "مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ".
(2/513)
وأصل الليط القشر اللازق بالقناة والقصب
ونحوهما وكان القياس أن يقول بليط إلا أَنَّهُ قدم الطاء على مذهبهم في
تأخير حرف العلة كقولهم في جمع القوس قسي وفي جمع الدلو دلي وكقول
العجاج.
وبلد نياطه نطي1
وإنما هو نيط.
ومن هذا الباب قولهم: طامن ثم قالوا: اطمأن فأخروا الهمزة وقدموا الميم
ومثلُ هذا في كلامهم2 كثير.
__________
1 الديوان "317" برواية "وبلدة نياطها نطي".
2 د: "ومثل هذا في كلام العرب كثير".
(2/514)
|