غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ وَحْشِيٍّ مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ
مُطْعَمٍ
حَدِيثِ وَحْشِيٍّ فِي قِصَّةِ مَقْتَلِ حَمْزَةَ أَنَّهُ قَالَ:
"كُنْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَبَيَّنَّا أَنَا أَلْتَمِسَهُ
إِذَا طَلَعَ عَلَيَّ رَجُلٌ حَذِرٌ ... ".
...
حَدِيثُ وَحْشِيٍّ مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ وَحْشِيٍّ فِي قِصَّةِ مَقْتَلِ
حَمْزَةَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَطْلُبُهُ يوم أحد فبينا أنبأنا ألتمسه
إذ طَلَعَ عَلَيَّ رَجُلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ كَثِيرُ الالْتِفَاتِ فَقُلْتُ
مَا هَذَا صَاحِبِي الَّذِي أَلْتَمِسُ فَرَأَيْتُ حَمْزَةَ يَفْرِي
النَّاسَ فَرْيًا فَكَمَنْتُ لَهُ إِلَى صَخْرَةٍ وَهُوَ مُكَبِّسٌ
لَهُ كَتِيتٌ فَاعْتَرَضَ لَهُ سَبَّاعُ بْنُ أُمِّ أَنْمَارَ فَقَالَ
لَهُ: هَلُمَّ إِلَيَّ فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى إِذَا بَرِقَتْ قَدَمَاهُ
رَمَى بِهِ فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَسَحَطَهُ سَحْطَ الشَّاةِ ثُمَّ
أَقْبَلَ إِلَيَّ مُكْبِسًا حِينَ رَآنِي وَذَكَرَ مقتله لما وطىء
عَلَى جُرُفٍ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ1.
يَرْوِيهِ الواقدي حدثني محمد بن عبد الله بْنِ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ
مِنْ أَصْحَابِنَا.
قوله: مرس أي شديد الممارسة للحرب بصير بأمرها.
وَقَوْلُهُ: يفري الناس فريا أي يشق صفوفهم شقا.
يُقَالُ: فلان يفري الفري وهو أن يبالغ في الأمر حتى يتعجب منه والفري:
الأمر العظيم. ومنه قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
عُمَرَ: "فَلَمْ أَرَ عَبْقِرِيًّا يَفْرِي فَرْيَهُ" 2. وَقَالَ
الشاعر:
__________
1 أخرجه الواقدي في مغازيه "1/285" وفيه: "فشحطه شحط الشاة" بدل "فسحطه
سحط الشاة".
2 سبق تخريجه وفي النهاية "فرى" وبروى: "يفري فرية" بسكون الراء
والتخفيف وحكى عن الخليل أنه أنكر التثقيل, وغلط قائله.
وفي القاموس "فرى" وهو يقري الفري كغنى: يأتي بالعجب في عمله.
(2/571)
سمعن لها واستفرغت فِي حَدِيثِها ...
فلاشيء يفري باليدين كما تفري
قَالَ الليث: يُقَالُ في صفة الشجاع: ما يفري أحد فريه مخففة ومن ثقل
فقد غلط.
وَقَوْلُهُ: مكبس: أي مطرق وقد كبس الرجل إذا قطب يُقَالُ: عابس كابس
وقد كبس رأسه في ثوبه إذا أدخله فيه وقد يكون المكبس بمعنى المقتحم.
والكتيت: الهدر والغطيط. يُقَالُ كت الفحل. إذا هدر وكتت القدر إذا غلت
قَالَ الطرماح:
ويبيت جلهم يكت كأنه ... وطب يكون إناه بالأسحار1
يريد وقته الَّذِي يمخض فيه.
وَقَوْلُهُ: برقت قدماه:2 يريد أَنَّهُ قد أقله من الأرض حتى ترتفع
قدماه عَنْ وجهها فلا يقدر أن يتماسك ومنه قولهم: برق بصره أي ضعف ونبا
والأصل في هذا أن يرعى الرجل البرق ولمعانه فيضعف بصره ويتحير ثم
استعمل في الضعف في كل شيء.
وَقَوْلُهُ: سحطه: أي ذبحه والسحط:3 الذبح الوحي.
__________
1 الديوان "236" يصفهم بكثرة الأكل وقلة الفكر.
2 ح, ط "برقت قدماه: أي ضعفتا يريد أَنَّهُ قد أقله من الأرض".
3 ط: "شحطه: والشحط" وفي القاموس "شحط" شحط الجمل: ذبحه وبالسين أعلى.
(2/572)
|