غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
رَضِيَ الله عنها
حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ حَوْفٌ فَمَا هُوَ إِلا
أَنْ تَزَوَّجَنِي فَأُلْقِيَ عَلَيَّ الحياء".
...
حَدِيثُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
[209] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا
قَالَتْ: تزوجني رسول اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ / وَعَلَيَّ حَوْفٌ
فَمَا هُوَ إِلا أَنْ تَزَوَّجَنِي فَأُلْقِيَ عَلَيَّ الْحَيَاءُ1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بن إبراهيم بن مالك أخبرنا بشر بن موسى أخبرنا
الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا سعيد بن المرزبان عن عبد الرحمن بْنِ
الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَ سفيان: الحوف: ثياب من سيور تلبسه الأعراب أولادهم.
قَالَ الأصمعي: الحوف البقيرة يلبسها الصبي.
وَقَالَ غيره: الحوف: جلد يشق كهيئة الإزار فيلبسه الصبيان.
أرادت أنها كانت من الصبا وحداثة السن في حال من يلبس هذا اللباس.
وَفِي حَدِيثٍ لَهَا آخَرُ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا
ابْنَةُ سَبْعٍ وَبَنَى بِي وأنا ابنة تسع وقالت: إِنِّي لأُرَجِّحُ
بَيْنَ عَذْقَيْنِ إِذَ جَاءَتْنِي أُمِّي فَأَنْزَلَتْنِي حَتَّى
انْتَهَتْ بِي إِلَى الْبَابِ وَأَنَا أَنْهَجُ فمسحت وجهي بشيء من
__________
1 أخرجه الحميدي في مسنده "1/114" وذكر تفسير سفيان للحوف, وذكره
الهيثمي في مجمعه "9/227" بأتم من هذا وفيه: "على خوف" تصحيف وعزاه
لأبي يعلى والطبراني وذكره الحافظ في المطالب العالية "4/128" وعزاه
لأبي يعلى الحميدي.
والحديث في الفائق "حوف" "1/338" والنهاية "حوف" "1/462".
(2/574)
مَاءٍ وَفَرَقَتْ جُمَيْمَةً كَانَتْ
عَلَيَّ ودخلت على رسول الله1.
العَذق: مفتوحة العين النخلة. والعِذق: الكباسة.
وَقَوْلُهَا: أنهج تريد أَنَّهُ2 علاها البهر يُقَالُ: أنهج الرجل إذا
انبهر ووقع عليه النفس والبهر وقد أنهجت الدابة إذا سرت عليها حتى صارت
كذلك.
قَالَ الكسائي: يُقَالُ: عدا الرجل حتى أفثخ وأفثأ وباخ إذا أعيا
وانبهر.
__________
1 د, ح: "ودخلت بي على رسول الله" وفي مسند أحمد "6/211" "ثم دخلت بي
فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم جالس".
أخرجه البخاري في مناقب الأنصار "5/71" وابن ماجة في النكاح "1/603"
والدارمي في النكاح أيضا "2/159" باختلاف بعض الألفاط وأخرجه الإمام
أحمد في مسنده "6/211" بهذه الألفاظ في حديث طويل وهم متفقون في قولهم:
"بنت ست سنين" بدل "سبع سنين" وأخرجه الحميدي في مسنده "1/113" مختصرا
بلفظ "وأنا بنت ست سنين أو سبع" وانظر مجمع الزوائد "9/226" وأخرجه ابن
سعد في طبقاته "8/60 – 61" حديثين في احدهما: "بنت سبع".
2 ح, ط: "بريد أنها قد علاها البهر".
(2/575)
المروط: أكسية من صوف واحدها مرط.
وقولها: أكنف معناه أستر وأغلظ وأصل الكنف الستر ومنه سمي الترس كنيفا
وذلك لأنه يستر صاحبه ويحوطه. والكنيف الحظيرة تعمل من أغصان الشجر
والحجارة للإبل والغنم تسترها من الريح وتحفظها من عوادي السباع قَالَ
رؤبة:
إذا ارتمى الأرواح بالكنيف1
ومن هذا قيل للمواضع التي يستخلي فيها الناس لقضاء الحاجة في دورهم
الكنف وكانوا من قبل ينتابون الغيطان وهي بطون الأرض فيقول القائل
منهم: أتيت الغائط فلما حفرت الآبار وضربت عليها الجدر سميت كنفا.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ
عَنِ الْعِرَاكِ فَقَالَتْ: كان رسول الله يَتَوَشَّحُنِي وَيَنَالُ
مِنْ رَأْسِي وَأَنَا حَائِضٌ2.
مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ.
العراك: الحيض يُقَالُ: عركت المرأة تعرك فهي عارك بغير هاء ونساء
عوارك قَالَ الشاعر:
غسل العوارك حيضا بعد أطهار3
ويقال أيضا: نفست المرأة ودرست إذا حاضت ونفست من النفاس.
وقولها يتوشحني من المعانقة وينال من رأسي تريد القبلة.
__________
1 في الديوان "101" قصيدة بهذه القافية ولم يرد فيها هذا البيت.
2 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "6/219" بطوله وأخرجه في "6/187"
والدارمي في كتاب الوضوء "1/244" مختصرا.
3 اللسان والتاج "عرك" وعزي للخنساء وصدره: "لا نوم أو تغسلوا عارا
أظلكم".
وفي شرح الديوان "117" وروي الشطر الأول: "فتغسلوا عنكم عارا تجللكم".
(2/576)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّ أَيْمَنَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا
دِرْعٌ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمٍ [210] وَقَالَتْ:1 إِنَّ
جَارِيَتِي تُزْهَى أَنْ تَلْبِسَهُ فِي الْبَيْتِ وَقَدْ كَانَ لِي
مِنْهَا دِرْعٌ عَلَى عهد رسول الله فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ
بِالْمَدِينَةِ إِلا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ2.
حَدَّثَنِيهُ خلف الخيام أخبرنا إبراهيم بن معقل أخبرنا البخاري أخبرنا
أبو نعيم أخبرنا عبد الواحد بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ.
قولها تقين أي تزف فتزين لزمانها والتقين التزين.
قَالَ أَبُو عمرو: وأصله من اقتان النبت اقتيانا إذا حسن.
قَالَ: ومنه قيل للمرأة مقينة أي أنها تزين.
وَقَالَ غيره: القينة الماشطة والقينة المغنية والقينة الجارية وكل
صانع عند العرب قين. قال الشاعر:
ولي كبد مقروحة قد بدت بها ... صدوع الهوى لو كان قين يقينها3
__________
1 ح: "فقال".
2 أخرجه البخاري في الهبة "3/216"ز
3 اللسان والتاج "قين" أنشده الكلابي أبو الغمر لرجل من أهل الحجاز
برواية:
"صدوع الهوى لو أن قينا يقينها"
(2/577)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ مِنَ الدُّوَارُ أَوِ الدُّوَامِ
بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ فِي سَبْعِ غَدَوَاتٍ عَلَى الريق1.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "8/18" عن ابن نمير وانظر الفائق "دوم"
"445" وليس فيه لفظ "الدوار" وكذلك في النهاية "2/132" "دوم".
(2/577)
يرويه عبد الله بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ
بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
الدوام كالدوار وهو ما يأخذ الإنسان في رأسه فيدار به ومنه تدويم
الطائر وهو أن يستدير في طيرانه ومنه اشتقت الدوامة التي يلعب بها وقد
استدام الرجل إذا استدار قَالَ جرير:
إذا أرسلت صاعقة عليهم ... رأوا أخرى تخرق فاستداموا1
أي يدار بهم الفزع.
والتدويم أيضا في الطير: أن يسكن الطائر جناحيه يُقَالُ: دوم الطائر
ومنه قولهم ماء دائم إذا راكدا لا يجري.
__________
1 اللسان والتاج "دوم" والديوان "417" برواية:
إذا أوقعت صاعقة عليهم ... رأوا أخرى تحرق فاستداموا
(2/578)
ويقال هذا كلام أعور قَالَ الشاعر:
وداهية داهى بها القوم مفلق ... شديد بعوران الكلام أزومها1
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ
لَمْ تَكُنْ واحدة من نساء النبي تُنَاصِينِي فِي حُسْنِ الْمَنْزِلَةِ
عِنْدَهُ غَيْرَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ2.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قولها: تناصيني: أي تنازعني والأصل في
المناصاة: أن يختصم اثنان فيأخذ هذا بناصية ذاك وذاك بناصية هذا.
يُقَالُ: تناصى الرجلان إذا فعلا ذلك.
وَمِنْهُ حديث عبيد الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَنَاهُ
محمد بن هاشم أخبرنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ:3 أَنَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ لما قتل خرج ابنه عبيد الله فَقَتَلَ [211]
الْهُرْمُزَانِ وَابْنَةً لَهُ صَغِيرَةً ثُمَّ أَتَى جُفَيْنَةَ
فَلَمَّا أَشْرَفَ لَهُ عَلاهُ بِالسَّيْفِ فَصُلِبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
فَأَنْكَرَ عُثْمَانُ قَتْلَهُ النَّفَرَ فَثَارَ إِلَيْهِ
فَتَنَاصَيَا حَتَّى حَجَزَ النَّاسُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ثَارَ إِلَيْهِ
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَتَنَاصَيَا4: أَيْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بِنَاصِيَةِ صَاحِبِهِ5 والناصية: الشعر المسترسل على الجبهة
ومنه الحديث في الخيل أنها معقود
__________
1 الكامل للمبرد "1/107".
2 لم أجده بلفظ "تناصيني" وقد أخرجه البخاري في مواضع منها في الشهادات
"3/231" بلفظ "تساميني" في سياق حديث آخر وكذلك مسلم في فضائل الصحابة
"4/1892" والتوبة "4/213" والنسائي في عشرة النساء "7/65" وغيرهم
وأخرجه أبو نعيم في الحلية "2/53" بلفظ "تساميني" وبلفظ "تساويني".
3 د: "عن سعيد بن المسيب".
4 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "5/478 – 479" وليس فيه "ثُمَّ ثَارَ
إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ أبي وقاص فتناصيا" وابن سعد في طبقاته "3/355"
بأتم من هذا عن الزهير.
5 ط: "أَيْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ناصية صاحبه".
(2/579)
بنواصيها الخير1 وَقَالَ عمرو بن معد يكرب:
أعباس لو كانت شيارا جيادنا ... بتثليث ما ناصيت بعدي الأحامسا2
والشيار: السمان يُقَالُ: اشتارت الإبل إذا سمنت.
__________
1 أخرجه البخاري في مواضع منها في الخمس "4/104" ومسلم في الإمارة
"3/1493" وسعيد بن منصور في سننه "2/174" وغيرهم.
2 معحم ما استعجم "تثليث" "1/304" وجاء فيه "يخاطب عباس بن مرداس.
والبيت في شعر عمرو بن معد يكرب "111" واللسان "شور" برواية "ما ناصيت"
وناصيت: نازعت والأحامس: جمع أحمس وهو المشتد الصلب في الدين.
قال ابن الأعرابي: أراد قريشا وقال ابن هشام والأصمعي: أراد بني عامر
بن صعصعة لأن قريشا ولدتهم وقال ابن قتيبة الأحامس: الأشداء.
(2/580)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْعَقِيقَةِ: تُذْبَحُ يَوْمَ
السَّابِعِ وَتُقَطَّعُ جُدُولا وَلا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ1.
يَرْوِيهِ يحيى بن حكيم المقوم2 أخبرنا يزيد بن هارون أنبأنا عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءَ عَنْ أُمِّ كَرَزٍ عن
عائشة.
الجدول: جمع جدل وهو العضو ومثله الكسر والوصل والإرب والشلو قَالَ
الشاعر:
لو كنت عيرا كنت عير مذلة ... ولو كنت كسرا كنت كسر قبيح3
والقبيح: العظم الَّذِي يلي المرفق من العضد ويقال من الساعد.
__________
1 أخرجه الحاكم في المستدرك "4/238" عن يزيد بن هارون.
2 في التقريب "2/345" يحيى بن حكيم المقوم بتشديد الواو المكسورة أبو
سعيد البصري ثقة حافظ عابد مصنف مات سنة "256" هز
3 اللسان والتاج "كسر" دون عزو وجاء في اللسان قال ابن خالويه: وهذا
النوع من الهجاء هو عندهم من أقبح ما يهجى به.
(2/580)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتِ امْرَأَةً شَلاءً فَقَالَتْ: رَأَيْتُ
أُمِّي فِي الْمَنَامِ وَفِي يَدِهَا شَحْمَةٌ وَعَلَى فَرْجِهَا
جُرَيْدَةٌ وَهِيَ تَشْكُو الْعَطَشَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيهَا
فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلا مَنْ سَقَاهَا شُلَّتْ يَمِينُهَا
فَأَصْبَحْتُ كَمَا تَرَيْنَ1.
حَدَّثَنِيهُ أَبُو بكر الرازي حدثنا عمر بن أحمد أخبرنا محمد بن الليث
أخبرنا عبد الله بن عثمان أخبرنا الْحَكَمُ عَنْ مُنَيْفَةَ بِنْتِ
زَرْبِيٍّ عَنْ عَائِشَةَ.
جُرَيْدَةٌ: تَصْغِيرُ جَرْدَةٍ وَهِيَ الْخِرْقَةُ الْبَالِيَةُ
وَثَوْبٌ جَرْدٌ أَيْ خَلِقٌ.
يُقَالُ: عِنْدِي جَرْدُ ثَوْبٍ وَسَحْقُ ثَوْبٍ وَسَمْلُ ثَوْبٍ.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/370" بنحوه بلفظ "أن امرأة جاءت إلى
بعض أَزْوَاجُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وبطريقه أخرجه
الحاكم في المستدرك "4/461, 472" وانظر الفائق "جرد" "1/207" والنهاية
"جرد" "1/257"
(2/581)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الإِفْكِ أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْنَا الْجَيْشَ
بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي حَرِّ الظَّهِيرَةِ وفيها أن رسول
الله أَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبَرْحَاءِ عِنْدَ
الْوَحْيِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ
مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
قولها: موغرين: أي مهجرين. يُقَالُ: رأيت فلانا في وغرة2 الهاجرة وذلك
حين تكون الشمس في كبد السماء ومنه وغر الصدر وهو التهاب الحقد وتوقده
في القلب ومن هذا إيغار الماء.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "5/410 – 419" في حديث طويل وهو حديث
الإفط وقد بقدم تخريجه.
2ح: "في وغز الهاجرة".
(2/581)
قال يعقوب: هو أن تسخن الحجارة ثم تلقي في
الماء لتسخنه.
والبرحاء: شدة الكرب مأخوذ من قولك: برحت بالرجل إذا بلغت به غاية
الأذى والمشقة ويقال: لقيت منه البرح أي شدة الأذى.
ومما جاء على وزنه الرحضاء وهو عرق المحموم. والعرواء نافض الحمى
والمطواء من التمطي والطلعاء [212] القيء لطلوعه من الحلق والسوعاء
المذي قاله / ابن الأعرابي.
وحكى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ قلت لرؤبة ما الودي
قَالَ السوعاء.
(2/582)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ الله عَلَى بَيْتٍ
قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا1.
مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَعْنِي مَتَاعَ بَيْتٍ
قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
قَالَ الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: إِنَّ قَوْمًا
يَقُولُونَ: عَلَى بَتٍّ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَقَالَ
يَحْيَى: لا وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا عَلَى بَيْتٍ تَعْنِي مَتَاعَ
بَيْتٍ.
فأما البتُّ: فهو الكساء الغليظ وقد يكون البت أيضا بمعنى البتات وهو
المتاع والأثاث. ويقال بتت الرجل بعد فقرة إذا صار له بتات.
وَحَدَّثَنِي إبراهيم بن فراس أخبرنا أبو ميسرة الهمداني أخبرنا أبو
هشام الرفاعي أخبرنا ابن اليمان أخبرنا الأَغَرُّ الرُّقَاشِيُّ عَنْ
عَطِيَّةَ الْعُوفِيِّ عن أبي
__________
1 أخرجه ابن معين في تاريخه "3/308" رقم النص "1462" وابن سعد في
طبقاته "8/60" عن وكيع وغيره وفي "8/59" بلفظ "متاع بيت" عن عطية.
(2/582)
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ عَلَى مَتَاعِ
بَيْتٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ درهما"1.
__________
1 أخرجه ابن ماجة في النكاح "1/608" عن أبي هسام الرفاعي وفيه "الأغر
الرقاشي". وفي النسخ كلها "الأغر الرؤاسي" "تحريف" وفي التقريب "1/82"
الأغر الرقاشي كوفي مجهول يحتمل أن يكون هو فضيل بن مرزوق.
(2/583)
حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
بَعَثَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَرَجُلا آخَرَ فَقَالَ: "كُونَا
بِمَكَانِ كَذَا حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَانِهَا
وتأتياني بها".
...
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عائشة أن رسول اللَّه صَلَّى
الله عليه وسلم بَعَثَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَرَجُلا آخَرَ فَقَالَ:
"كُونَا بِمَكَانِ 1 كَذَا حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ
فَتَصْحَبَانِهَا وَتَأْتِيَانِي بِهَا". قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ
بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ أَوْ شَيْعِهِ2.
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يحيى بن عباد بن عبد الله بْنِ
الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَوْلَهَا: أو شيعه: تريد قدر
شهر أو نحوه يُقَالُ: أقمت بالمكان شهرا أو شيع شهر أي مقدار شهر.
__________
1 د: "بمكان كذا كذا" وفي السيرة "2/215" لابن هشام "بمكان يأجج" بدل
"كذا وكذا".
2 أخرجه ابن هشام في السيرة "2/215" عن ابن إسحاق وابن كثير في السيرة
التبوية "2/516".
(2/583)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَذَتْهُ غَشْيَةُ مِنَ الْمَوْتِ
فَبَكَتْ عَائِشَةُ عَلَيْهِ بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ فَقَالَتْ:
مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... لا بُدَّ يَوْمًا إنَّهُ
مُهَرَاقُ
قَالَ: فَأَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بل جاءت سَكْرَةُ الْمَوْتِ
بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كنت منه تحيد1.
__________
1أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "3/563" وابن سعد في طبقاته "3/197" عن
حماد بن أسامة عن هشام وجاء الشطر الثاني بلفظ "فإنه لا بد مرة مدفوق"
والبيت في الفائق "قنع" "3/230" برواية الخطابي.
وقوله: بل جاءت سكرة. إلخ اقتباس من الآية الكريمة {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} وهي برقم 19
من سورة ق.
(2/583)
أخبرناه محمد بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد
الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ1 عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الأعرابي أخبرنا أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ لَهُ.
قوله:2 مقنعا تفسيره عَنِ الخليل محبوسا في جوفه وروي البيت على هذا
النحو:
ومن لا يزال الدم فيه مقنعا ... فلا بد يوما أنه مهراق
__________
1 في مصنف عبد الرزاق "3/39" عن معمرو بن جريج.
2 ط, ح: "قولها".
(2/584)
حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
"لَمَّا قبض رسول الله ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ قَاطِبَةً وَعَادَ
أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّهُمْ مِعَزَى مَطِيرَةٌ في خفش".
...
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ قَاطِبَةً وَعَادَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ
كَأَنَّهُمْ مِعَزَى مَطِيرَةٌ فِي خِفْشٍ1.
حَدَّثَنِيهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ فراس أخبرنا موسى بن هارون أخبرنا
الهيثم بن أيوب أخبرنا عبد العزيز ابن محمد الدراوردي أخبرنا عبد
الواحد بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مَنَاحٍ عَنِ الْقَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدٍ. قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ
بْنُ إِسْمَاعِيلَ الثَّقَفِيُّ عَنِ الدَّرَاوُرْدِيِّ بِإِسْنَادِهِ
فَقَالَ: فِي حِفْشٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي خِفْشٍ.
أما الحفش: فإنه معروف وهو كالبيت الصغير وسمي حفشا لضيقه وانضمامه.
__________
1 ذكره الحافظ في المطالب العالية "39" بلفظ "كأنهم معزى طرت في حوش"
بدل "مطيرة في خفش" وعزاه لابن أبي عمر وذكره الهيثمي في مجمعه "9/50"
مختصرا وانظر النهاية "خفش" "2/53".
(2/584)
والتحفش: الاجتماع والانضمام. قَالَ
الأصمعي: تحفش القوم إذا اجتمعوا قَالَ رؤبة:
بعد احتضان الحظوة الحفوش1
وأما الخفش: بالخاء معجمة فلا أراه شيئا إنما هو الخفش مفتوحة الخاء
والفاء مصدر / خفشت [213] عينه خفشا أي في عمى وحيرة أو في ظلمة ليل أو
نحو ذلك وإنما ضربت المثل بالمعزى لأنها من أضعف الغنم وأصردها2 على
الندى والمطر.
وَقَالَ دغفل في بني مخزوم: معزى مطيرة علتها قشعريرة.
__________
1 الديوان "79" وفي اللسان "حفش" برواية "الحفوة" بدل "الحظوة".
2 القاموس "صرد" صرد كفرح: وجد البرد سريعا.
(2/585)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ ليُهْدَى لَنَا الْقِنَاعُ
فِيهِ تَمْرٌ فِيهِ كَعْبُ مِنْ إِهَالَةٍ ثُمَّ نَفْرَحُ بِهِ1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي عبد الله بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ
الْهَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
القناع: الطبق يجعل عليه الطعام وهوالقنع أيضا والكعب الشيء اليسير من
السمن أو الودك ونحوه.
__________
1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "1/404".
(2/585)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رسول الله لَيْلَةَ
الْمُزْدَلِفَةِ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَهُ وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ
وَكَانَتِ امْرَأَةً ثبطة فأذن لها1.
__________
1أخرجه البخاري في الحج "2/203" عن سفيان عن ابن القاسم وعن أَفْلَحُ
بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بلفظ "ثبطة" وبلفظ "بطيئة" ومسلم في
الحج أيضا "2/939" عن القعنبي عن أفلح وعن عبيد الله بن عمر عن عبد
الرحمن وابن ماجة في المناسك "2/1007" عن سفيان والدارمي في المناسك
"2/58" عن عبيد الله بن عبد المجيد عن أفلح والإمام أحمد في مسنده
"6/30, 94".
(2/585)
حدثناه ابن الفارسي أخبرنا علي بن عبد
العزيز أخبرنا القعبني أخبرنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ.
وَحَدَّثَنَاهُ الصفار أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ
العامري أخبرنا محمد بن عبيد عن عبيد الله عن عبد الرحمن بْنِ
الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
الثبطة: البطيئة وقد ثبطت الرجل عَنْ أمره. ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} 1.
__________
1 سورة التوبة: "46".
(2/586)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ لَبِيدٍ:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أكنافِهم ... وبَقيتُ في خَلْفٍ كجِلد
الأَجْرَبِ
يَتَحَدَّثُونَ مَخَافَةً وَمَلاذَةً ... وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ
لَمْ يَشْغَبِ1
أَخْبَرَنَاهُ محمد بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلا أَنَّهُ قَالَ
مَخَافَةً وَمَلامَةً.
ورواه ابن المبارك ملاذة وهو الصواب.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/246, 247" بلفظه وابن أبي شيبة في
مصنفه "8/703" بلفظ "يتأكلون مشيحة وخيانة" عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ أبيه وأخرجه ابن المبارك في الزهد "60" رقم الحديث "183" بلفظ
"مخافة" بدل "مخانة" وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "2/139" مختصرا
والحافظ في الإصابة "3/327" مختصرا أيضا وفي المطالب العالية "2/400"
والبيتان في ديوانه "153" برواية "يتأكلون مغالة وخيانة".
(2/586)
قَالَ المبرد: قوله: في خلف يُقَالُ: هو
خلف فلان لمن يخلفه من رهطه وهؤلاء خلف فلان إذا قاموا مقامه من غير
أهله وقلما يستعمل خلف إلا في الشر وأصله ما ذكرناه.
قَالَ: والمخانة: مصدر من الخيانة والملوذ الَّذِي لا يصدق في مودته.
يُقَالُ رجل ملوذ وملذان وملاذة مصدر.
قَالَ غيره: أصل الملذ السرعة في المجيء والذهاب. يُقَالُ: ذئب ملاذ
ورجل ملاذ أي كذاب له قول وليس له فعل قال: والمصدر الملذان.
(2/587)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ إِنِّهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُهَاجِرَاتِ
الأُوَلِ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَقْنَ أَكْنَفَ مُرُوطِهِنَّ
فَاخْتَمَرْنَ بِهَا1.
أخبرناه ابن داسة حدثنا أبو داود أخبرنا أحمد بن صالح أخبرنا ابْنُ
وَهْبٍ أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عبد الرحمن الْمَعَافِرِيُّ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عروة عن عائشة.
__________
1 أخرجه أبو داود في اللباس "4/61" بلفظ "أكنف وأكثف" وأخرجه البخاري
في تفسير سورة النور "6/136" عن ابن شهاب بلفظ "شققن مروطهن" والآية في
سورة النور: "31".
(2/575)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ
الطَّيِّبِ وَلا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْعَوْرَاءِ يَقُولُهَا1.
حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنِ
الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ عَائِشَةَ.
العوراء: الكلمة الزائغة عَنِ الرشد قال حاتم الطائي:
وعوراء قد أعرضت عنهافلم تضر ... وذي أود قومته فتقوما2
والعور الزيغ والذهاب عَنِ الحق قَالَ العجاج:
وعور الرحمن من ولى العور3
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "1/127" وابن أبي شيبة في مصنفه "1/134"
بلفط "من الكلمة الخبيثة يقولها لأخيه".
2 الديوان "81".
3 الديوان "4" وقبله "قد جبر الدين الإله فجبر".
(2/578)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتِ الدُّنْيَا فَقَالَتْ: قَدْ مَضَى
لَذْوَاهَا وَبَقِيَ بَلْوَاهَا1.
اللَّذْوَى اللَّذَّةُ
يُقَالُ لذ الشيء لذاذا ولذاذاة فهو لذيذ ولذ قال الشاعر:
ولذ كطعم الصرخدي تركته ... بأرض العدى من خشية الحدثان2
__________
1 الفائق "لذا" "3/314" والنهاية "لذا" "4/247".
2 اللسان والتاج "لذذ" قال ابن بري: البيت للراعي ولم أقف عليه في شعره
ط: دمشق وفي شعره بيتان على وزن والقافية.
(2/587)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي خُطْبَتِهَا حِينَ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ وَذَكَرَتْ
أَبَاهَا فَقَالَتْ: مضى رسول الله مُطَوِّقَهُ وَهْفَ الأَمَانَةِ
أَوِ الإِمَامَةِ.
حدثنيه ابن الفارسي أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي أخبرنا سكن بن سعيد
أنبأنا يحيى بن زكريا حَدَّثَنِي عَم أَبِي زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ عَنْ
جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبِ الْخُطْبَةَ / بِطُولِهَا. [214]
(2/587)
وقد فسرها ابن قتيبة في كتابه1 فأحسن وبالغ
إلا في هذا الحرف فإنه قَالَ وهف الأمانة يعني به الصلاة ولست أعرف
اشتقاق الحرف.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وبلغني عَنِ العتبي أَنَّهُ قَالَ: وهف
الأمانة ثقل الأمانة ولم يذكر فيه شيئا غيره.
وَقَالَ بعض المتأخرين: وهف الأمانة مأخوذ من قول العرب: وهف لي الشيء
إذا عرض.
وحكي عَنْ أَبِي زيد: يُقَالُ: ما يوهف له الشيء إلا أخذه وما يطف له
شيء أي ما يرتفع له شيء إلا أخذه إيهافا وإطفافا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: والجلية في هذا قول ابن الأعرابي قَالَ: وهف
الإمامة القيام2 بأمر الدين. قال: وَقَالَ المفضل: الواهف: قيم البيعة.
يُقَالُ: وهف يهف وهفا ذكره أَبُو عُمَر عن أبي العباس ثَعْلب عَنِ ابن
الأعرابي.
وقد روى في بعض الحديث: لا يمنع واهف عَنْ وهفيته ولا قسيس عَنْ
قسيسيته ويروى أيضا عَنْ وهافته وقد ذكرناه فيما مضى من هذا الكتاب3.
__________
1 أخرجه ابن قتيبة في غريبه "2/455, 456" والحديث في الفائق "2/161".
2 س: "القيام بأمر الدين".
3 تقدم تخريجه.
(2/588)
|