غريب الحديث للخطابي

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ
حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهَا فَقَالَتْ: "أَنَا مُصْبِيَةٌ مُؤْتِمَةٌ ... ".
...
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهَا فَقَالَتْ: أَنَا مُصْبِيَةٌ مُؤْتِمَةٌ, فَتَزَوَّجَهَا فَكَانَ يَأْتِيهَا وَهِيَ تُرْضِعُ زَيْنَبَ فَيَرْجِعُ فَفَطِنَ لَهَا عَمَّارٌ وَكَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَانْتَشَطَ زَيْنَبَ مِنْ حِجْرِهَا. وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَاجْتَحَفَهَا وَقَالَ: دَعِي هَذِهِ الْمَقْبُوحَةَ الْمَشْقُوحَةَ الَّتِي قَدْ آذَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ بِهَا1.
مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ.
قولها: مصبية مؤتمة: أي ذات صبيان أيتام وكانت تحت أبي سلمة فتوفي عنها.
وَقَوْلُهُ: فانتشط زينب: أي اجتذبها من حجرها ومنه نشط الدلو من البئر وهو جذبها إذا نزحت الماء.
ويقال: بئر نشطة: إذا كانت قريبة تخرج الدلو منها بجذبة واحدة وبئر أنشاط إذا كانت بعيدة القعر.
وَقَوْلُهُ: اجتحفها: أي استلبها من حجرها. يُقَالُ: جحفت الكرة واجتحفتها من وجه الأرض.
ورواه الْحَسَن بن علي الحلواني عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وأبي عاصم عَنِ ابن
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "6/315, 316" وابن سعد في طبقاته "8/89" والحاكم في المستدرك "4/16" وذكره صاحب كنز العمال "13/699" رواية أخرى بلفظ "فاختلحها" بدل "فاجتحفها" وعزاه لابن عساكر وكذلك ابن سعد في طبقاته "8/93" والشافعي في مسنده كما في بدائع المنن "2/475".

(2/590)


جريج: فاجتلحها, قَالَ: ثم شك أَبُو عاصم فَقَالَ: فاختلجها.
وفي المشقوحة / قولان: أحدهما أَنَّهُ إتْباع, كقولك: حسن بسن وعطشان نطشان, يُقَالُ: فلان قبيح [215] شقيح, وقُبحا له وشُقحا, وقَبحا له وشَقحا وأقبح به وأشقح. قال الراجز:
أقبح به من ولد وأشقح ... مثل جري الكلب لا بل أقبح1
ويروى لم يفقح.
والإتباع في كلامهم على ضربين: أحدهما أن يُقَالُ: بغير واو كما يُقَالُ: حسن بسن, وحار بار ,وكثير بثير2, وضال ثال.
والوجه الآخر: أن يفصل بين الكلمتين بواو كقولهم: جوعا له ونوعا3, وقبحا له وشقحا, وماله عافطة ولا نافطة, وماله حم ولا زم, أي ماله شيء.
والقول الآخر في المشقوحة: أن يكون من سوء اللون وتغيره.
قَالَ أَبُو زيد: قولهم: شقيح هو المتغير اللون من قولك: شقح البسر إذا تغير عَنِ الخضرة.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ4 بِإِسْنَادٍ لَهُ: أَنَّ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ لَمَّا جِيءَ بِهِ إلى
__________
1 في الجمهرة لابن دريد "2/159" وعزي للأحوص هو في شعره "90" برواية "لم يفقح" وفي الحيوان "1/254" معزو لأبي اللأحوص يهجو ابنا له.
2 س:"كثير ثبير" "تصحيف" والمثبت من باقي النسخ وفي القاموس "بثر" وكثير بثير: إتباع.
3 ط: "جوعا له ثوعا" "تصحيف" وفي القاموس "نوع" النوع: العطش, ومنه الدعاء عليه: جوعا ونوعا.
4 المغازي للواقدي "2/513 – 514".

(2/591)


رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءُوا بِهِ مَجْمُوعَةٌ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ شُقَحِيَّةٌ1 قَدْ لَبِسَهَا لِلْقَتْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَلَعَ: "أَلَمْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ؟ ". قَالَ: بَلَى ولَقَدْ قَلْقَلْتَ2 كُلَّ مُقَلْقَلٍ وَلَكِنْ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهُ يُخَذْلُ3.
فيقال: أَنَّهُ أراد حلة حمراء وقد روي من طريق آخر أَنَّهُ أتي به في حلة حمراء ويقال: بل أراد حلة لونها لون البسر إذا تغير عَنِ الخضرة.
__________
1 ط: حلة شقيحة "تحريف" وفي القاموس "شقح" وحلة شقيحة كعرنية: حمراء.
2 القاموس "قلل" قلقل في الأرض: ضرب فيها.
3 أخرجه الواقدي في مغازيه "2/513, 514" في حديث طويل وأخرجه ابن هشام في السيرة "3/241" وابن كثير في السيرة النبوية "3/239" بلفظ "عليه حلة له فقاحية" والحديث في الفائق "شقح" "2/257".

(2/592)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا فَقَالَتْ: زَوْجِي تُوُفِّيَ أَفَأَكْتَحِلُ فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ لا آمُرُكِ بِشَيْءٍ نَهَى اللَّهُ وَرُسُولُهُ عَنْهُ وَإِنْ تَفَاقَعَتْ عَيْنَاكِ1.
يَرْوِيهِ: مُحَمَّدُ بن سنان العوقي أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ.
قولها: تفاقعت: أي رمصت وابيضت أجفانها ومنه قيل للزبد الَّذِي يطفو على متن الماء ويرتفع منه فقاقيع الماء.
والفقعة: الكمأة البيضاء ومنه قولهم حمام فقيع وقد جاءت الرخصة في الاكتحال للمعتدة إذا رمدت ما لم يكن فيه طيب.
__________
1أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "7/43 – 44" عن بديل بلفظ: "قالت: المتوفى عنها زوجها لا تلبس حليا ولا تخضب ولا تطيب" والبيهقي في سننه "7/440" بطريق عبد الرزاق مع زيادة واختلاف في الألفاظ وانظر كنز العمال "9/693".

(2/592)