غريب الحديث للخطابي مقطعات من الحديث
بلا طرق
* قال أبو سليمان: جاء في الحديث: "لا يصلى على النَّبِيِّ1".
سمعت محمد بن سعدويه يقول: سمعت أحمد بن اليمان يقول: معناه: لا يصلى
على المكان المرتفع المحدودب، مأخوذ من النَّبْوَةِ وهو الارتفاع.
قال أوس بن حجر:
لأصبح رَتمًا دُقاق الحصى ... مكان النَّبِىِّ من الكاثبِ2
"271" / قال اليزيدي: إنما سمي الأنبياء؛ لأنهم قد ارتفعت منزلتهم,
واستعلت درجتهم على سائر الخلق.
قال غيره: النَّبِيُّ: الطريق، وسمي رسل الله أنبياء؛ لأنهم الطرق إلى
الله.
وقال بعضهم: النَّبِىُّ مأخوذ من النَّبأ فَعِيل بمعني مُفْعَل: أي
مُنْبَأ، كما قيل: حَبِيب بمعني مُحَبّ, ويجمع على النُّبَّاء إذا
همزته؛ لأنه غير معتل, كقولهم: حَكِيم وحُكَمَاء, وعَظِيم وعُظَمَاء,
قال العباس بن مرداس:
__________
1 النهاية: "نبا": "11/5", برواية: "لا تصلوا على النَّبِي", واللسان:
"نبو": "302/11", والتاج: "نبأ": "123/1", و"نبو": "354/1".
2 اللسان التاج: "كثب" "بني", وهو في رثاء فضالة بن كلدة الأسدي،
وقبله:
على السيد الصعب لو أنه ... يقوم على ذروة الصاقبِ
وهو في الديوان: 11.
(3/193)
يا خاتم النُّبَّاء إنك مرسلٌ ... بالحق كل
هُدَى السبيل هداكا1
فإذا لم تهمزه, وهو الاختيار, جمعته على: الأنبياء, كما تقول: وَصِيٌّ
وأوصياء، وتَقِيٌّ وأتقياء.
* جاء في الحديث: "لا تستنسئوا الشيطانَ2".
من حديث أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، نا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ.
قال يحيى: وتفسيره: إذا أردت اليوم صدقة أو عملًا صالحًا, فلا تؤخره
إلى غد، وهو مِن قولك: نَسَأْتُ الشَّيء إذا أخرَّته.
* جاء في الحديث: "من غَيَّرَ المَطْرَبَة والمَقْرَبَة, فعليه لعنة
الله3".
المَطَارِب والمَقَارِب طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار, قَالَ
أُميَّةُ بنُ أَبِي الصَّلت:
وَمَطَارِب للريح تخدم ربها ... عجلي تخب بأمره وتخوِّد4
أي مسالك وطرق, وقال كثير:
__________
1 اللسان, والتاج: "نبأ", وجاء بعده:
إن الإله ثنى عليك محبة ... في خلقه ومحمداً سَمَّاكَا
وهو في الديوان/ 95.
2 ح: "للشيطان", والحديث أخرجه ابن معين في: تاريخه: "50/4", من حديث
المسعودي: رقم النص: "3093", وهو في النهاية: "نسأ": "44/5", والفائق:
"نسأ": "427/3".
3 الفائق: "طرب": "360/2", وجاء في الشرح: المَقْرَبَة والمَقْرَب:
الطريق المختصر، والحديث في: النهاية: "طرب": "117/3".
4 في شعراء النصرانية: "227/3" قصيدة طويلة على الوزن والقافية, وليس
فيها هذا البيت, فلعله ساقط منها.
(3/194)
ولو تنقب الأضلاع أُلفي تحتها ... لحبك
أوساط الفؤاد مَطَارِبُ1
* جاء في الحديث أن بعض الأنبياء كان يقول: "اللهم احفظني حفظ
الوليد"2.
الوليد: الصبي الصغير, قال الشاعر:
فُجعنا به لما رجونا إيابه ... على خير حال, لا وليدًا ولا قحما
ويُتأول عَلَى وَجْهَين: أحدهما أن يكون إنما تمثل بالصبي؛ لأنه قد
يتعرض للمعاطب, ولا يبصر المحاذر، ثم يحفظه الله ويقيه.
وأخبرني أبو عمر، عن أبي العباس, ثعلب, قال: العرب تقول: "اللهم واقية
كواقية الوليد2".
والوجه الآخر: أن يكون أراد العصمة من الذنوب؛ لأن القلم مرفوع عن
الصبي.
* جاء في الحديث: "خير نسائكم العطرة المطرة4".
العطرة: من العطر، والريح الطيبة: يريد المرأة التي تكثر استعمال
__________
1 الديوان: 155 برواية: "لسعدى بأوساط الفؤاد مضارب".
2 الفائق: "ولد": "82/4".
3 ذكره الهيثمي في: مجمعه: "182/10", عن ابن عمر أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول في دعائه: "واقية كواقية الوليد",
وعزاه لأبي يعلى, وهو في كنز العمال: "187/2"، وفي: النهاية: "ولد":
"224/5" برواية: "واقية كواقية الوليد", وجاء فيها: أراد بالوليد موسى
عليه السلام؛ لقوله تعالى: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً} أي كما
وقيت موسى شر فرعون وهو في حجره, فقني شر قومي وأنا بين أظهرهم.
4 الفائق: "مطر": "372/3", والنهاية: "مطر": "339/4", وجاء في الشرح:
وقيل: هي التي تلازم السواك.
(3/195)
الطيب، والمطيرة: من المطر، يريد التي تكثر
الاغتسال والتنظف بالماء.
* جاء في الحديث: "إذا دخل أحدكم الحمام, فعليه بالنشير, ولا يخصف1".
يريد بالنشير: المئزر، وسمي نشيراً؛ لأنه ثوب ينشر, فيُتَّزَرُ به.
وقوله: لا يَخْصِف، ومعناه لا يضع يده على فرجه, ومنه قولهم: خصفت
النعل: إذا أطبقت عليها قطعة, ومن هذا قوله تعالى: {وَطَفِقَا
يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} 2.
* جاء في الحديث: "إذا أراد الله بعبد سوءاً جعل ماله في الطبيخين3".
فسروه الآجُرَّ والجِصَّ.
* جاء في الحديث: "اتقوا الله في الضعيفين: المرأة والمملوك4".
* جاء في الحديث: "لعن الله النائحة والمستفقهة5".
المستفقهة: هي التي تجيب النائحة في نوحها، وهو من قولك: فَقِهْتُ
__________
1 الفائق: "نشر": "432/3", والنهاية: "نشر": "55/5".
2 سورة الأعراف: 22، سورة طه: 121.
3 الفائق: "طبخ": "356/2", والنهاية: "طبخ": "111/3"، وجاء فيها:
الطبيخين: قيل هما الجص والآجُرُّ، فعيل بمعني مفعول.
4 ذكره السيوطي في: الجامع الكبير: "16/1", وعزاه لابن عساكر, وكذلك
في: الجامع الصغير: "128/1", مع فيض القدير.
5 أخرجه أبو داود في: الجنائز: "194/3", وأحمد في: مسنده: "65/3"
كلاهما بلفظ: "لعن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
النائحة والمستمعة", وذكره السيوطي في: الجامع الكبير: "642/1", بلفظ:
"لعن الله النائحة والمستمعة", بدل "المستفقهة", وانظر في: الفائق:
"فقه": "136/3", والنهاية: "فقه": "465/3".
(3/196)
الشيء إذا فهمته: "272" / يريد أنها تتلقف
قول النائحة وتتفهمه؛ لتجيبها عن ذلك.
* جاء في الحديث: "لا يقبل الله من الدعاء إلا الناخلة" 1.
يريد: الخالص المنتخل، والناخلة بمعني المنخولة فاعل بمعنى مفعول، كما
قيل: ماء دافق, بمعنى مَدْفُوقٌ، وسِرٌّ كاتمٌ: أي مَكْتُومٌ.
* جاء في الحديث: "كل مؤذٍ في النار" 2.
يُتَأول عَلَى وَجْهَين: أحدهما: أن من آذى الناس في الدنيا آذاه الله
وعاقبه في النار.
والقول الآخر: بلغني عن أبي عبد الله نفطويه قال: معناه أن كل شيء مما
يتأذى به الناس في الدنيا من السباع العادية والهوام القاتلة والأشياء
الضارة المؤذية قد جعله الله في النار, وأعده عقوبة لأهلها، وعلى نحو
هذا يُتأول قوله صلى الله عليه: "الذباب في النار" 2, يريد أنها تكون
في النار عقوبة لأهلها، لا أن كونها في النار عقوبة لها.
* جاء في الحديث: "أن آدم رمى إبليس بمنًى, فأجمر بين يديه؛ فسميت
الجمار به الجمار" 4.
__________
1 أخرجه البخاري في: الأدب المفرد: 212 في: باب الناخلة من الدعاء.
2 أخرجه الخطيب في: تاريخه: "99/11", عن علي مرفوعًا في ترجمة عثمان بن
أبي الدنيا الأشج, وذكره السيوطي في: الجامع الصغير: "30/5", مع فيض
القدير, وانظر كنز العمال: "523/14".
3 ذكره الحافظ في: المطالب العالية: "296/2", وعزاه لأبي يعلى,
والهيثمي في: مجمعه: "41/4", والسيوطي في: الجامع الكبير: "414/1", وفي
النهاية: "ذبب": "152/2".
4 أخرجه الأزرقي في: أخبار مكة: "180/2", عن الكلبي بلفظ: "إنما سميت
الجمار الجمار؛ لأن آدم عليه السلام كان يرمي إبليس, فيجمر من بين
يديه، والإجمار: الإسراع، الفائق: "جمر": "236/1", والنهاية: "جمر":
"292/1", برواية: "فأجمر إبليس بين يديه".
(3/197)
الإجمار: الإسراع, يقال: أجمر الرجل, إذا
ولى في سرعة, والجمار أيضا: الحجارة الصغار, ويقال: جمَّر الرجل
تجميرًا: إذا رمى الجمار.
قَالَ عمر بن أبي ربيعة:
فلم أر كالتجمير منظر ناظر ... ولا كليالي الحج أَفْلَتْن ذا هوى1
* جاء في الحديث: "كل قوم على زينة من أمرهم, ومَفْلَحَةِ من أنفسهم"2.
معناه: أنهم راضون بعلمهم، مغتبطون بذلك عند أنفسهم, كقوله تعالى:
{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} 3, يريد، والله أعلم،
راضون.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه: "لله أشد فرحًا بتوبة
العبد" 4: أي أشد رضًا بها, وقبولًا لها.
* جاء في الحديث: "من أكل, وتَحَتَّمَ, دخل الجنة"5.
سمعت أبا عمر يرويه عن بشر بن موسى بإسناد له لا أحفظه.
قال أبو عمر: تَحَتَّمَ, من الحُتَامة، وهي دقاق الخبز والطعام.
قال أبو عمر: أصحاب الحديث يقولون: تحثم-بالثاء المثلثة- يصحفون فيه.
__________
1 الديوان: 459, وسبق في هذا الجزء، لوحة: 238.
2 الفائق: "فلح": 142/3, والنهاية: "فلح": 469/3.
3 سورة المؤمنون: 53.
4 أخرجه البخاري في: الدعوات: 84/8, من حديث ابن مسعود وأنس, ومسلم في:
التوبة: "2102/4-2104", من حديث أبي هريرة وغيره, والترمذي في:
القيامة: 659/4, وأحمد في: مسنده: 383/1, وغيرهم.
5 الفائق: "حتم": 260/1, والنهاية: "حتم": 338/1.
(3/198)
وقال أبو زيد: ما فضل على الطَّبقَ الَّذِي
يُؤكَل عليه الطَّعامُ فهو الجُثَامة، وما فضل في الإناء من طعام
وأُدْم فهو الثُّرْتُم, وأنشد:
لا تحسبن طعان قيس بالقنا ... وضرابهم بالبيض حَسْو الثرتمِ1
قال أبو زيد: والقُشامة والخُشارة جميعًا: ما بقي على المائدة مما لا
خير فيه, قَالَ الشّاعر:
وبَاعَ بنيْهِ بَعضُهم بخُشارة ... وبعت لذبيان العلاء بمالكِ2
* جاء في الحديث: "شر الناس المُثَلِّثُ"3, تفسيره في الحديث: أنه
الرجل الذي يمحل بأخيه إلى إمامه, فيهلك ثلاثة: نفسه وأخاه وإمامه.
* جاء في الحديث, وأراه عن عمر: "عليكم بتعليم العربية؛ فإنها تدل على
المروءة, وتزيد في المودة4".
قال أبو سليمان: قد بقيت زمانًا أقول: ما معني زيادته في المودة؟ حتى
وقع لي أنه يريد مودة المشاكلة, وذلك أن المعرفة بكل صناعة تجمع بين
أهلها, وقال بعض الشعراء:
أدب بيننا تولد منه ... نسب, والأديب صنو الأديبِ
__________
1 اللسان، التاج: "ثرتم": دون عزو.
2 سبق في الجزء الأول، لوحة 223.
3 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 317/11, بلفظ " يا أمير المؤمنين احذر
قاتل الثلاثة، قال عمر: ويلك, وما قاتل الثلاثة؟ قال: الرجل يأتي إلى
الإمام بالكذب.."
وهو في: النهاية: "ثلث": 219/1.
4 الفائق: "ودد": 51/4, النهاية: "ودد": 165/4, وفي: كنز العمال:
253/10, بلفظ: "تعلموا العربية، فقط".
(3/199)
*جاء في الحديث: "أن بعض العباد كان يفطر
كل ليلة على هِفَّة يشويها1".
"273" / ذكره أبو عمر، عن المبرد قال: والهِفُّ: كبار الدَّعَامِيص2,
قال: هِفَّة وهِفٌّ.
قال أبو عمر: "جُعنا حتى أكلنا الآباس والمُنُوع"، فالآباس: السلاحف,
والمُنُوع: السرطانات، واحدها إبْس ومَنْع.
قال: وقال ثعلب: والهِفَّة أيضًا: الشُّهدة3.
* جاء في الحديث: "من سعادة المرء خِفَّة عارضيه"4.
يُتَأَوّلُ عَلَى وَجْهَين: أحدهما: أن يخف عارضاه عن الشعر.
والوجه الآخر: أن تكون خفة العارضين كناية عن كثرة الذكر، لا يزال
يحركهما بذكر الله.
وقال ابن السكيت: يقال فلان خفيف الشفة: إذا كان قليل السؤال للناس.
* جاء في الحديث: "خير الناس للناس خيرهم لنفسه"5.
__________
1 الفائق: "هفف": 107/4, والنهاية: "هفف": 267/5.
2 القاموس: "دعمص": الدُّعمُوص بالضم: دويبة، أو دودة سوداء تكون في
الغدران إذا نشَّت.
3 المعجم الوسيط: "هفف": الهِفَّة: الشهدة الرقيقة الخفيفة القليلة
العسل.
4 ذكره الذهبي في: الميزان: 481/4, والحافظ في: لسان الميزان: 327/6,
وأخرجه الخطيب في: تاريخه: 297/14, في ترجمته بلفظ: "من سعادة المرء
خفة لحيته", وبلفظ ".. خفة لحييه بذكر الله".
5 النهاية: "خير": 91/2, برواية: "خير الناس خيرهم لنفسه".
(3/200)
معناه أنه إذا جامل الناس جاملوه، وإذا
أحسن إليهم كافؤوه بمثله.
* جاء في الحديث: "أن الرجل ليُسأل عن كل شيء حتى يُسأل عن حَيَّةِ
أهله1".
يريد أنه مسؤول عن كل شيء تحت يده حتى الهر وصغار الطير ونحوها، وأنث
الحية؛ لأنه أراد النفس ذات الحياة.
* جاء في الحديث: "ادع ربك بأنأج ما تقدر عليه3".
أي أضرع ما تقدر عليه من الدعاء, ويقال: نأج الرجل بصوته، إذا جار به.
قال العجاج:
واتخذته النائجات منأجَا4
* جاء في الحديث: "أقلعوا عن المعاصي قبل أن يأخذكم الله, فيدعكم هتًّا
بتًّا5".
حدثنا ابن عتاب، نا الكديمي في إسناد له: "أن قوما خرجوا على ساحل
البحر, فسمعوا مناديًا ينادي من جوف البحر يقول ذلك".
__________
1 الفائق: "حيا": 343/1, من حديث ابن عمير, والنهاية: "حيا": 472/1,
وأخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 319/11, بمعناه عن ابن عمر.
2 الفائق: "قزز": 192/3, والنهاية: "قزز": 58/4.
3 الفائق: "نأج": 399/3, والنهاية: "نأج": 3/5.
4 الديوان: 349.
5 الفائق: "هتت": 92/4, والنهاية: "هتت": 242/5.
(3/201)
الهتُّ: الكسر, والبتُّ: القطع, يقال:
تركهم هتًّا بتًّا: أي كسرهم وقطعهم.
قال أبو عمر: كلام العرب حتًّا بتًّا.
قال غيره: يقال: تركهم جوثًا بوثًا: إذا أغار عليهم, فلم يبق لهم
شيئًا.
* جاء في الحديث: "لُعِنت الغائصة والمغوصة1".
فسروا الغائصة: الحائض التي لا تعلم زوجها أنها حائض, فيجتنبها2,
والمغوصة: أن لا تكون حائضًا, فتكذب زوجها, فتقول: أنها حائض.
*جاء في الحديث: "أن رجلًا كان يختلف إلى بعض الصحابة، أراه إلى ابن
عباس شهرًا قميطًا3", أي شهرًا كاملًا, يقال: مر بنا حول قميط وكريت,
قال الشاعر:
أقامت غزالة سوق الجلاد ... لأهل العراقين عاما قَمِيطا4
* جاء في الحديث: "أن ملك الموت قال لموسى -وهو يريد قبض روحه-: كَهْ
في وجهي5".
__________
1 لم أجده بهذا اللفظ, وذكره الهيثمى في: مجمعه: 296/4, بلفظ "لعن الله
المسوفة والمفسلة", وعزاه لأبي يعلى, وفي القاموس: "فسل", كمحدثة:
المرأة التي إذا أريد غشيانها, قالت: أنا حائض؛ لترده.
2 س: "فيجتبيها", والمثبت من الفائق: "غوص": 81/3 والنهاية: "غوص":
395/3.
3 النهاية: "قمط": 109/4, بلفظ, وفي حديث ابن عباس: "فما يزال يسأله
شهرًا قميطًا".
4 اللسان، التاج: "قمط", برواية: "سوق الضراب", وعزي لأيمن بن خريم,
يذكر غزالة الحرورية، ويروى: "شهرًا قميطًا", وغزالة اسم مرأة شبيب
الخارجي.
5 الفائق: "كهه": 289/3, والنهاية: "كهه": 216/4, برواية: "كُهّ في
وجهي", وجاء في: اللسان: "كهكه" بهذه الرواية، وفيه: يقال: كهَّ
يَكَهُّ, وكُهَّ يا فلان: أي أخرج نَفَسَك، ويروى: "كَهَّ" بهاء واحدة
مسكنة بوزن خف، وهو من "كاه يكاه" بهذا المعني.
(3/202)
معناه: افتح فاك, وتنفس.
يقال منه: كَاهَ يَكَاهُ، وربما قالوا: كِهْتُهُ بمعنى استنكهته.
*جاء في الحديث: "أن رجلًَا كان يجر الجرير, فأصاب صاعين من تمر, فتصدق
بأحدهما, فلمزه المنافقون1".
الجرير: الحبل، يريد أنه كان يستقي الماء.
واللمز: كالغمز بالشفتين ونحوه, يقال: رجل هُمَزة لُمَزة: إذا كان كثير
العيب للناس, والتنقص لهم.
* جاء في الحديث: "مَنْ أحالَ دَخَلَ الجنَّة2".
قال ابن الأعرابي: أحال يريد أسلم, وقد ذكرته فيما مضى من هذا الكتاب،
وأنه مأخوذ من: أحالَ الرجُلُ إذَا تحوَّل من شيء إلى غيره.
وفيه وجه آخر لم أكن ذكرته هناك، وهو أن يقال: من انحال دخل الجنة: أي
من أقلع عن الكفر وعبادة الأصنام, قال حميد بن ثور:
مطوقة خطباء تسجع كلما ... دنا الصيف, وانحال الربيع فأنجما3
* ويقال: انحال عنا, وأنجم عنا: بمعنى أقلع.
* جاء في الحديث: "لا تجد المؤمن إلا في إحدى ثلاث: في مسجد
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 194/10، 195, وذكره ابن كثير في: تفسيره:
375/2, والسيوطي في: الدر المنثور: 262/3.
2 الفائق: "حول": 334/1 والنهاية: "حول": 463/1.
3 الديوان:26, برواية: "تصدح" بدل "تسجع", و"وانجال" بدل "وانحال",
وكذا في: اللسان: "جول" برواية: "وانجال", وجاء في الشرح: انجال: تنحى
وذهب.
(3/203)
يعمره أو بيت يُخَمِّرُهُ, أو معيشة
يدبرها1".
قوله: يُخَمِّرُهُ: أي يستره ويصلح من شأنه.
* جاء في الحديث: "أخاف عليكم الجنادع2".
الجنادع: الفتن والدواهي، واحدها جُندُع.
* جاء في الحديث: "لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس3".
تفسيره عن قتادة فيما أحسب: أن الناس إنما يحبون أن يولد لهم الذكران
دون الإناث, ولو لم تكن الإناث ذهب النسل, فلم يكن ناس.
ومعنى أطاع: استجاب دعاءهم، ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
"اللهم لا تطع فينا مسافرًا" 4, أي: لا تجب دعاءه في حبس القطر.
* جاء في الحديث: "أن الشمس لتقرب من الناس يوم القيامة حتى إن بطونهم
تقول: غِقْ غِقْ غِقْ"5.
[غق] 6: حكاية صوت الغليان, يقال: غَقَّ القار ونحوه, يَغِقُّ غقيقًا.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 21/11, بلفظ: "كان يقال: قلما ترى
المسلم إلا في ثلاث: في مسجد يعمره، أو بيت يكنه، أو ابتغاء رزق من فضل
ربه".
2 ذكره الهروي في: الغريبين: 410/1, وهو في: النهاية: 306/1.
3 الفائق: "طوع": 370/2.
4 أخرجه الخطيب في: تاريخه: 256/4-بلفظ: "اللهم لا تطع فينا تاجرنا ولا
مسافرنا؛ فإن تاجرنا يحب الغلاء, ومسافرنا يكره المطر".
5 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 403/11, عن سلمان، وابن المبارك في:
زوائد كتاب الزهد: 100.
6 من ح.
(3/204)
* جاء في الحديث: "أن موسى قال: كاني برشق
القلم في مسامعي حين جرى على الألواح بكتبه التوراة1", يريد صوت القلم.
*جاء في الحديث: "لا تشترِ لبن الغنم مُضَمَّنًا2".
أي لا تشتره في ضروع الغنم؛ لأنه غرر.
* جاء في الحديث: "اتقوا الله في الحوبات3".
يريد النساء المحتاجات اللواتي لا يستغنين عمن يقوم عليهن ويتعهدهن.
* جاء في الحديث: "أن رجلًا يخرج في آخر الزمان يسمي أمير العُصَب،
أصحابه محسرون محقرون4".
يقال: رجل محسر: أي محقر ذليل.
* جاء في الحديث: "إذا كان يوم القيامة تخرج بحنانة من جهنم, فتلقط
المنافقين لقط الحمامة القرطم5".
__________
1 الفائق: "رشق": 60/2, برواية: "يكتب التوراة", والنهاية: "رشق":
226/2, بمثل ما جاء هنا.
2 الفائق: "ضمن": 348/2, من حديث عكرمة، والنهاية: "ضمن": 102/3.
3 الفائق: "حوب": 330/1, والنهاية: "حوب": 455/1.
4 الفائق: "حسر": 283/1 والنهاية: "حسر": 384/1, و"عصب": 244/3, وفيها:
"ثم يكون في آخر الزمان أمير العصب" هي جمع عصبة، كالعصابة, ولا واحِدٌ
لَهَا من لَفْظِها، وجاء في الفائق: "محسرون: مؤذون محمولون على الحسرة
أو مدفعون مبعدون، من: حسر القناع إذا كشفه، أو مطرودون متعبون من: حسر
الدابة إذا أتعبها".
5 الفائق: "بحن": 81/1, والنهاية: "بحن": 100/1.
(3/205)
البحنانة: الشرارة، من شرر النار، وهو ما
تطاير منها.
*جاء في الحديث: "أن ربيط بني إسرائيل قال: زين الحكيم الصمت1".
يريد بالربيط: الحكيم، ومعناه: ذو العزم والقوة في الرأي، من قولك:
فلان رابط الجأش وربيط الجأش، ويقال: بل الربيط: الحَبْر العالم الذي
ربط نفسه عن الدنيا, وشغلها بالعلم والحكمة.
*جاء في الحديث: "أن إسحاق أتاه إسماعيل, فقال له: إنا لم نرث من أبينا
مالًا، وقد أثريت وأمشيت, فأفي عليَّ مما أفاء الله عليك، فقال إسحاق:
يا إسماعيل، ألم ترض أني لم أستعبدك, حتى تجيئني, فتسألني المال2".
قوله: أمشيت: أي كثرت ماشيتك, يقال: أمشي الرجل إذا كثرت ماشيته، ومثله
مشي بغير ألف, ومن هذا قوله تعالى:
{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى
آلِهَتِكُمْ} 3, كأنه دعاء لهم بالنماء, قال الشاعر:
والشاة لا تمشي على الهملَّعِ4
أي لا تنمي، والهملَّعُ: الذئب, وقال آخر:
__________
1 الفائق: "ربط": 33/2 والنهاية: "ربط": 186/2.
2 الفائق: "مشى": 368/3, والنهاية: "مشى": 335/4.
3 سورة ص: 6.
4 اللسان والتاج: "هملع", وجاء قبله: "لا تأمريني ببنات أسفع",
أسفع: فحل من الغنم، برواية: "لا تمشي مع الهملع": أي: لا تكثر مع
الذئب، ولم يعز.
(3/206)
وكل فتى وإن أمشى وأثرى ... ستخلجه عن
الدنيا منون1 275
وأما قوله: ألم ترض أني لم أستعبدك؟، فإن العرب كانت تستعبد أولاد
الإماء, وكانت هاجر أم إسماعيل أمة لأم إسحاق.
* جاء في الحديث: "ما أطلى نبي قط2".
قال ثعلب: أنا ابن نَجْدَة، عَنْ أَبِي زَيْدٍ قال: معناه: ما مال إلى
هوى قط.
قال أبو سليمان: الأصل فيه أن تميل عنق الإنسان, وتصغى إلى أحد الشقين,
يقال: أطلى الرجل: إذا مالت عنقه للموت, وأنشد يعقوب:
رأيت أباك قد أطلى, ومالت ... عليه القشعمان من النسورِ3
* جاء في الحديث: "إن الله يبغض الشيخ الغِرْبيب"4.
الغِرْبيب: الأسود, ومنه قوله تعالى: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} 5, وإنما
__________
1 اللسان، التاج: "مشى", وعزي للنابغة الذبياني ضمن ثلاث أبيات وهي:
فكل قرينة ومقر إلف ... مفارقة إلى الشحط القرينُ
وكل فتًى وإن أثرى وأمشى ... ستخلجه عند الدنيا منونُ
وكل فتًى بما عملت يداه ... وما أجرت عوامله رهينُ
وليست في ديوانه "ط بيروت"، وفيه قصيدة على الوزن والقافية ليس فيها
هذه الأييات.
2 الفائق: "طلى": 367/2, والنهاية: "طلى": 137/3.
3 الفائق: "طلى": 367/2 دون عزو, وفي اللسان، التاج: "طلى": وقبله:
وسائلة تسائل عن أبيها ... فقلت لها: وقعت على الخبيرِ
4 ذكره العجلوني في: كشف الخفاء: 248/1, عن أبي هريرة مرفوعًا, وعزاه
للديلمي.
وذكره السيوطي في: الجامع الكبير: 182/1, بلفظ: "إن الله يبغض الشيخ
الغريب", وهو تحريف من الغربيب, وعزاه للديلمى أيضا.
5 سورة فاطر: 27.
(3/207)
هذا فيمن يعالج شيبه ويخضبه دون من تمتع
بسواده، والله أعلم.
* جاء في الحديث: "إذا اغتسل أحدكم من الجنابة فَلْيُنَقِّ
المِيْتَنَيْن وليمر على البراجم1".
أخبرني الخريمي قال: سئل أبو عبد الله نفطويه عن الميتنين, فقال: بواطن
الأفخاذ, وقال البراجم: الأظافير.
قَالَ أبو سليمان: ولَسْتُ أعرِف هذا التفسير, ولا أدري ما صحته، وقد
يحتمل أن تكون الرواية بتقديم التاء على الياء، من التينة، وهى اسم من
أسماء الدبر، يريد الفرجين.
* جاء في الحديث: "أن بعض الأمراء أهدى له طيلسان من خز سجلاطى2".
جاء في الحديث: "لا يقبل الله صلاة العبد الآبق، ولا صلاة الزِّنِّين"
3.
يريد: دافع الأخبثين، وهو الزَّناء أيضًا.
وقد رُوِي في حديث آخر: "لا يصلين أحدكم وهو زَنَاء", وقد فسره
__________
1 لم أقف عليه في كتب الحديث التي بين أيدينا.
2 في ح: "أهدى إليه" وفي الفائق: "سجلط": 157/2: "أُهدِيَ له صلى الله
عليه وسلم طيلسان.." وكذا في: النهاية:
"سجلط": 344/2, وفيها: "وقيل: هو على لون السِّجِلَّاط، وهو الياسمين،
وهو أيضًا ضرب من ثياب الكتان، ونمط من الصوف, تلقيه المرأة على
هودجها".
3 أخرج ابن خزيمة في: صحيحه: 69/2, الجزء الأول, فقط من الحديث، وفي
النهاية: "زنن": 316/2, برواية: ".. ولا صلاة الزِّنِّين" كسِكِّيت,
وفي: اللسان: "زنن", مثل ما في: النهاية.
(3/208)
أبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ1, قَالَ أَبُو
عمر: وروي أيضا: لا تقبل صلاة زانئٍ مهموز يعني الحاقن.
* جاء في بعض الأخبار: "أن المختار لما قتل عمر بن سعد جعل رأسه في
مِلَاج وعلَّقه".
المِلاج: المخلاة.
* جاء في الحديث: "أن رجلًا مر على باب قوم وقد لَحَطُوا بابهم2".
لَحَطُوا: رَشُّوا, قال ابن الأعرابي: واللَّحْطُ: الرَّشُّ.
* جاء في الحديث: "أن الخير والشر قد خُطَّا لابن آدم, وهو في
المَهْبِل3".
قَالَ أَبُو عُمَر: قَالَ ابن الأعرابي: والمَهْبِل: موضع الولد من
الرحم.
قال: وقال أبو زياد: المَهْبِل: هو الموضع الذي ينطف أبو عمير فيه
بأُرُونِهِ.
قال: قلت له: من أبو عمير؟ قال: فرج الرجل, وينطف: يقطر, وأرونه: منيه.
* جاء في الحديث: "أن الأشعت بن قيس دخل على رجل من قريش
__________
1 أخرجه أبو عبيد في: غريبه: 149/1, وهو في: النهاية: "زنأ": 314/2,
والزناء: الحاقن بوله.
2 الفائق: "لحط": 311/3, والنهاية: "لحط": 237/4.
3 الفائق: "هبل": 90/4, والنهاية: "هبل": 241/5.
(3/209)
فلم يرفع القرشي به رأسًا, فقال له الأشعت:
ما أراك عرفتني, قال: بلى، وإني لأجد منك بَنَّةَ الغزل, وكان أبوك
ينسج الشمال باليمن1".
بَنَّة الغزل: رائحة توجد منه, يقال: شممت منك بنة طيبة وبنة كريهة: أي
ريحًا، والشمال: جمع شملة, وهي كساء يشتمل به.
* جاء في الحديث: "من أطاع ربه, فلا هَوَارَة عليه2".
قال ابن الأعرابي: اهتور الرجل: إذا هلك, قَالَ غيره: ومن هذا قولهم:
هار البناء, إذا سقط.
جاء في الحديث: "ذلك زمن العثاعث3": أي الشدائد, واحدها: عَثْعَث.
276
* جاء في الحديث أن رجلا من التابعين وأراه الحسن كَانَ يَقُولُ فِي
دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من صناديد القدر, وجنون العمل4".
قال ابن الأعرابي: الصناديد: الشدائد والدواهي, قال: وجنون العمل:
الإعجاب به حتى يبطل عمله، وأنشد:
فدقَّت, وجلَّت واسبكرت وأكملت ... فلو جُنَّ إنسان من الحسن جُنَّتِ5
__________
1 الفائق: "بنن": 71/1 والنهاية: "بنن": 157/1, والغريبين: 212/1, وعزي
لعلي بن أبي طالب, وجاء في نسختي س، ح:
"وكان أبوك ينسج الشمال بيمينه".
وفي النهاية: أي ريح الغزل، رماه بالحياكة، قيل: كان أبو الأشعث يُولع
بالنساجة.
2 الفائق: "هور": 121/4, والنهاية: "هور": 281/5.
3 الفائق: "عثعث": 393/2, والنهاية: "عثعث": 183/3.
4 الفائق: "صند": 317/2, والنهاية: "صند": 55/3.
5 اقتصر اللسان والتاج: "جنن" على الشطر الثاني, وعزي للشنفرى، والبيت
في: العقد الفريد: 412/6, وهو للشنفرى الأزدي من قصيدة له في:
المفضليات: 109/1.
(3/210)
* جاء في الحديث: "أن سكينة بنت الحسين
جاءت إلى أمها الرباب, وهي صغيرة تبكي, فقالت: ما بك؟ فقالت: مرت بي
دُبَيْرَة, فلسعتني بأُبَيْرَة1".
دبيرة: تصغير دبرة، وهي النحلة.
* جاء في الحديث: "أن امرأة كانت تدخل على أَزْوَاجُ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, فكانت تكثر أن تتمثل بهذا البيت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ... على أنه من بلدة الكفر نجَّاني
فسألوها عن ذلك, فقالت: كان عرس, وفقد وشاح فاتهموها ففتشوها, وقالت
عجوز: فتشوا فَلْهَمَهَا، فجاءت الحدأة بالوشاح, فألقته."
يريد بالفَلْهَمِ الفرج2.
* جاء في الحديث: "لا يضر الغَبْط، كما لا يضر الشجر الخبط3".
الغبط: مصدر غبطت الرجل أغبطه غبطًا، إذا كان له يسار ونعمة, فتمنيت أن
يكون في مثل حاله، وهذا غير مكروه ما لم تتمنَّ فقره وزوال النعمة عنه
إليك، وإنما المكروه من ذلك والمذموم منه الحسد، وهو أن تتمني زوال
نعمته وانتقالها إليك.
والخبط: أن تشد أغصان الشجر، ثم تضرب بعصى؛ ليتحاتَّ ورقها.
__________
1 الفائق: "دبر": 410/1, والنهاية: "دبر": 99/2.
2 أخرجه البخاري في: الصلاة: 113/1, ومناقب الأنصار: 52/5, بلفظ
"قبلها" بدل "فلهمها"، والحديث في: الفائق: "وشح": 63/4، وكذلك الشعر
والبيت في: اللسان والتاج: "وشح", غير معزوٍّ.
3 الفائق: "غبط": 46/3, والنهاية: "غبط": 339/3.
(3/211)
يقول: كما لا يضر هذا بأصول الشجر؛ لأن
ورقها يستخلف، كذلك الغبط لا يضر صاحبه؛ لأنه إنما يسأل الله من فضله.
* جاء في الحديث: "في السُّوَعَاء الوضوء1".
قال ابن الأعرابي: السُّوَعَاء: المذيُّ، ومما جاء على وزنه
الطُّلَعَاء وهو القَيْء.
* جاء في الحديث: "لا يزال الناس بخير ما تفاضلوا، فإذا تساووا
هلكوا2".
معناه: أنهم إنما يتساوون إذا رضوا بالنقص, وتركوا التنافس في طلب
الفضائل ودرك المعالي، وقد يكون ذلك خاصًّا في ترك طلب العلم بالجهل،
وذلك أن الناس لا يتساوون في العلم؛ لأن درج العلم يتفاوت.
قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} 3, وإنما يتساوون
إذا كانوا جهالًا.
وفيه وجه آخر: وهو أن يكون أراد بالتساوي التحزب والتفرق, وألا يجتمعوا
على إمام, ولا ينقادوا لرئيس، لكن كل واحد منهم يدعي الحق لنفسه,
وينفرد برأيه، فإذا فعلوا ذلك هلكوا.
* جاء في الحديث: "يؤكل ما دَفَّ, ولا يؤكل ما صَفَّ4".
معناه أن ما حرك جناحيه في طيرانه كالحمام ونحوه يؤكل، وما صف
__________
1 النهاية: "سوع": 422/2.
2 النهاية: "سوا": 427/2.
3 سورة يوسف: 76.
4 الفائق: "دفف": 431/1, والنهاية: "دفف": 125/2.
(3/212)
جناجه, ولم يحركه كالصقورة والنسور ونحوها
لا يؤكل, ومنه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ
فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} 1.
* جاء في الحديث: "أن قوم صالح سألوه أن يخرج لهم من الصخرة ناقة
مخترجة جوفاء وبراء2".
ذكر مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ, قال: والمخترجة: ما شاكلت
البُخْت من الإبل. 277
* جاء في الحديث: في قصة عُوج بن عُنق مع موسى: "أن الهدهد جاء
بالشَّمُّور, فجاب الصخرة على قدر رأسه3".
لم أسمع في الشَّمُّور شيئًا أعتمده, ولا أراه إلا الألماس4.
* جاء في الحديث: "لا بأس أن يصلي الرجل على عَمَرَيْهِ5".
قال قطرب: العَمَرَان: طرفا الكُمَّين فيما فسره الفقهاء.
__________
1 سورة الملك: 19.
2 أخرجه الطبري في: تفسيره: 226/8, عن محمد بن إسحاق، والوبراء: ذات
وبر, وفي: القاموس: "وبر": الوَبَر محرَّكَة: صوف الإبل والأرانب
ونحوها.
3 الفائق: "شمر": 263/2, والنهاية: "شمر": 500/2: "فجاب الصخرة على قدر
رأس إرة", وجاء في: الفائق: الشمور هو الألماس فعول من الانشمار, وهو
المضي والنفوذ.
وفي: القاموس: "عوج" عوج بن عنق وفي التاج: "عوج": قال الليث: رجل ولد
في منزل أبي البشر آدم، فعاش إلى زمن الكليم موسى عليه السلام, وأنه
هلك على يديه, وذكر من عظيم خلقه شناعة.
قال القزاز في جامع اللغة: عوج بن عنق: رجل من الفراعنة كان يوصف من
الطول بأمر شنيع.
4 ح: "وأراه الألماس"، والمثبت من س.
5 الفائق: "عمر": 30/3, والنهاية: "عمر": 299/3.
(3/213)
قال أبو سليمان: وأنشدني بَعْضُ أصحابنا
عَنْ أَبِي عُمَر، أنشدنا أبو العبّاس ثَعْلَب، عن ابن الأعرابي:
قامت تصلي والقميص من عَمَرْ ... تقصني بأسودين من بصر
قص المقاليت لصنبور ذكر1
قال أبو عمر: يريد أنها صلت, وقد غطت رأسها بكمها.
ويقال: اعتمر الرجل: إذا اعتم بعمامة.
* جاء في الحديث في قصة أحد: "أن المشركين نزلوا على زرع أهل المدينة,
وخلوا فيه ظهرهم، وقد شرب الزرع في الدَّقِيق2".
أي اشتد الحَب, وقارب الإدراك.
* جاء في الحديث: "أكرموا النخلة, فإنها عمتكم3".
لم يرد به مناسبة القرابة, وأية قرابة بين الإنسان والشجر، وإنما أراد
به الشبه والمشاكلة, في أنها إذا قطع رأسها لم تنبت, كالانسان إذا قطع
رأسه مات وهلك.
ويقال في الشيئين إذا تشابها وتشاكلا: هما أخوان, ومن هذا قول أعرابي:
__________
1 البيت الأول في: الفائق: "عمر": 30/3, برواية: "والخمار من عَمَر"،
واقتصر اللسان والتاج: "عمر" على البيت الأول بالرواية نفسها.
2 أخرجه الواقدي في: مغازيه: 207/1, برواية: "وخلوا فيه إبلهم
وخيولهم".
3 ذكره الهيثمي: في: مجمعه: 39/5, وعزاه لأبي يعلى, والحافظ في:
المطالب العالية: 323/2, في حديث طويل, وذكره العجلوني في: كشف الخفاء:
195/1.
(3/214)
شهدت بأن التمر بالزبد طيب ... وأن
الحُبَارى خالة الكروان1
وقال قوم: إنما أراد به أن النخل إنما هى فضلة من طينة آدم.
* جاء في الحديث: "السائمة جُبَار2".
يريد السوائم المرسلة في مراعيها, إذا أصابت إنسانًا كانت جنايتها
هدرًا.
* جاء في الحديث: "القضاة ثلاثة: رجل علم فعدل، فذلك الذي يحرز أموال
الناس, ويحرز نفسه في الجنة، ورجل علم فجدل، فذلك الذي يهلك الناس
ويهلك نفسه في النار"، وذكر الثالث3".
قوله: جَدِل: أي جار وظلم, ويقال: إنه لجدْل غير عدْل.
* جاء في الحديث: "املؤوا أفواهكم من القرآن4".
يريد تفخيم القراءة وتبيين الحروف.
* جاء في الحديث: "أن بني قريظة نزلوا أرضًا غَمِلَة وَبِلَة5".
__________
1 البيان والتبيين: 230/1, دون عزوٍ، وقال الجاحظ: لأن الحبارى وإن
كانت أعظم بدنا من الكروان، فإن اللون وعمود الصورة واحد، فلذلك جعلها
خالته, ورأى أن ذلك قرابة تستحق بها هذا القول.
2 أخرجه أحمد في: مسنده: 335/3، 354, من حديث جابر رضي الله عنه.
3 أخرجه أبو داود في: الأقضية: 299/3, من حديث بريدة, وكذلك ابن ماجة
في: الأحكام: 776/2, وكلاهما بلفظ:
"القضاة ثلاثة: واحد في الجنة, واثنان في النار, فأما الذي في الجنة
فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم, فهو في النار،
ورجل قضى للناس على جهل, فهو في النار", وانظر كشف الخفاء: 97/2،
وأخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 328/11, بمعناه من حديث علي رضي الله
عنه.
4 النهاية: "ملأ": 352/4.
5 الفائق: "غمل": 77/3, والنهاية: "غمل": 388/3.
(3/215)
ذكره محمد بن إسحاق في المغازي.
يقال: أرض غَمِلَة: أي كثيرة النبات أَشِبَة، قد وارت وجه الأرض.
قال الأصمعي: اغمل هذا الأمر: أي واره واسترْه.
ويقال: تركت بالأرض غَمْلَى كثيرة من نَصِىٍّ، يريد أماكن قد ألبسها
النصيِّ حتى واراها، والواحد غميل, قال الراعى:
وغملى نصيٍّ بالمتان كأنها ... ثعالب موتى جلدها قد تزلعا1
والوَبِلَة: الوَبِئَة, يقال: استوبلتُ الأرض: إذا لم توافقك.
* جاء في الحديث: "لا تتزوجن خمسًا: لا تتزوجن شَهْبَرَة، ولا
لَهْبَرَة، ولا نَهْبَرَة، ولا هَيْذَرَة، ولا لَفُوتًا2".
الشهبرة: العجور الفانية, يقال: عجور شهبرة وشنهبرة.
واللهبرة: تفسيره في الحديث القصيرة الدميمة.
وتفسير النهبرة: الطويلة المهزولة.
قال أبو سليمان: ولست أدري ما صحتهما، وأرى اللهبرة إنما هي النهبلة،
وهي العجوز المدبرة.
278 يقال: شيخ نهبل, وعجوز نهبلة, قال الشاعر:
__________
1 الديوان: 219, وسمط اللآلي: 345/1, والحيوان للجاحظ: 306/6، وجمهرة
اللغة: 7/3، 149، 355, واللسان: "زلع، غمل", والفائق: "زلع": 121/2.
2 ذكره المتقي في: كنز العمال: 302/16, وعزاه للديلمي، عن زيد بن
حارثة, وفيه: هيدرة بدل هيذرة, مع شرحه.
(3/216)
مأوى اليتيم ومأوى كل نهبلة ... تأوي إلى
نهبل كالنسر علفوفِ1
والنهبرة إن كل محفوظًا هي التي قد أشرفت على الهلاك، والنهابر:
المهالك.
ومنه الحديث: "من جمع مالا من تهاوُشٍ أذهبه اللَّه في نهابر "2.
وأما تفسير من زعم أنها الطويلة المهزولة، فأراه شبهها بالنهابير، وهي
حبال من رمال صعبة لا ترتقى إلا بمشقة.
والهيذرة: الكثيرة الهذر، وهو الكلام الذي لا يُعبأ به, يقال: هذر
الرجل في منطقه يهذر هذرًا، ورجل هذَّار ومهذار.
واللفوت: ذات الولد من زوج آخر، وسميت لفوتًا؛ لأنها لا تزال تلتفت
إليه وتشتغل به عن الزوج.
قال ابن الأعرابي: أوصى بعض الأعراب ابن عم له أراد التزويج فقال له:
إياك والحنانة والمنانة والمُسَوِّفَةُ واللفوت والمُثَفَّاة.
قال ابن الأعرابي: الحنانة: التي كان لها زوج قبلك, فطلقها, فهي تحن
إليه.
والمنانة: التي لها شيء تعطيك منه تمنُّ عليك بذلك.
والمسوِّفة: التي إذا أراد زوجها منها الخلوة, تقول: سوف سوف، حتى يكسل
وينام.
__________
1 اللسان، التاج: "علف، نهبل", وعزي لأبي زبيد.
2 ذكره الذهبي في: الميزان: 253/3, في ترجمة عمرو بن الحصين, وذكره
العجلوني في: كشف الخفاء: 226/2, كلاهما بلفظ: "من أصاب مالًا من نهاوش
أذهبه الله في نهابر", مرفوعًا, وعزاه للقضاعي عن أبي سلمة الحمصى,
وقال: وفي رواية: "من تهاوش".
(3/217)
واللفوت: التي لها ولد من غيرك, فهي تلتفت
إليه, وتشتغل به عنك.
والمُثَفَّاةُ: التي قد دفنت ثلاثة أزواج, قال ابن الأعرابي: وأنشدنا
المفضل:
مُثَفَّاة إذا علقت بقرن ... دنا ذاك القرين من الحساب
* جاء في الحديث: "أن أول من كسا البيت1 كسوة كاملة تبع، كساها الأنطاع
ثم كساها الوصائل2".
الوصائل: ثياب حبرة من عصب اليمن، وفيه يقول قائلهم:
وكسونا البيت الذي حرم اللـ ... ـهُ ملاءً معضدًا وبرودا3
* جاء في الحديث: "أن إبراهيم فُرَّ به من جبار مترف، فجعل في سَرَب,
وجعل رزقه في أطرافه4".
يريد أنه كان يمص أصابعه, فيجد فيها ما يغذيه.
* جاء عن بعض العلماء أنه قال: "كان الكلبي يُزَرِّفُ في الحديث5": أي
يتزيد.
قيل للأصمعي: ما التَّزْريف؟ قال: التَّزَيُّد6.
__________
1 ح: "الكعبة".
2 أخرجه الأزرقي في: أخبار مكة: 249/1-250.
3 في: أخبار مكة ضمن ثلاثة أبيات لأسعد الحميري، وفي: اللسان: "عضد",
ثوب معضد: مخطط على شكل العضد، أو هو الذي وشيه في جوانبه.
4 أخرجه الطبري في: تفسيره: 246/7, عن قتادة.
5 ذكره الحافظ في: التهذيب: 180/9, في ترجمة الكلبي, عن الأصمعي, عن
قرة بن خالد بلفظ: "كانوا يرون أن الكلبي يُزَرِّفُ يعني يكذب".
6 ح: "الزيادة".
(3/218)
وهذه ألفاظ من الحديث يرويها أكثر الرواة
والمحدثين ملحونة ومحرفة, أصلحناها لهم وأخبرنا بصوابها، وفيها حروف
تحتمل وجوها اخترنا منها أثبتها1 وأوضحها، والله الموفق للصواب.
* قوله صلى الله عليه في البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" 2.
عوام الرواة يولعون بكسر الميم من الميتة, يقولون: مِيْتَتُهُ، وإنما
هو مَيْتَتُهُ مفتوحة الميم، يريد حيوان البحر إذا مات فيه.
سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ المبرد يقول في هذا:
المِيْتَة: الموت، وهو أمر الله عز وجل يقع في البر والبحر، لا يقال
فيه حلال وحرام.
قال أبو سليمان: فأما قوله عليه السلام: "من خرج من الطاعة, فمات,
فَمِيْتَتُهُ جاهلية" 3.
فهي مكسورة الميم يعنى الحال التي مات عليها, يقال: مات فلان 279
مِيْتة حسنة ومات مِيْتَة سيئة، كما قالوا: فلان حسن القِعْدة
والجِلْسة والرِّكْبة والمِشْية والسِّيْرة والنِّيْمة. يراد بها الحال
والهيئة.
__________
1 ح، وإصلاح خطأ المحدثين: 45: "أبينها".
2 أخرجه الإمام مالك في: الموطأ: 22/1, عن أبي هريرة, وأبو داود في:
الطهارة: 21/1, والترمذي: كذلك في: الطهارة: 101/1, وغيرهم.
3 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الأحكام: 78/9, ومسلم في: الإمارة:
1477/3، 1478, والدارمي في: السير: 241/2.
(3/219)
ومثله قوله صلى الله عليه: "إذا ذبحتم
فأحسنوا الذِّبْحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة" 1.
فأما القَتْلة والذَّبْحة مفتوحتين، فالمرة الواحدة من الفعل.
* وأما قوله صلى الله عليه لعائشة: "ليست حِيْضَتُك في يدك" 2,
فإنهم قد يفتحون الحاء منه وليس بالجيد، والصواب حِيْضَتك مكسورة
الحاء، والحِيْضة: الاسم أو الحال، يريد ليست نجاسة المحيض أو أذاه في
يدك.
فأما الحَيْضَة: فالمرة الواحدة من الحَيْض أو الدفعة من الدم3.
* وفي الحديث الذي يرويه سلمان في الاستنجاء: "أن رجلًا من المشركين
قال له: لقد علمكم صاحبكم كل شيء حتى الخِرَاءة4".
عوام الرواة يفتحون الخاء, [فيفحش معناه، وإنما هو الخِرَاءة مكسورة
الخاء ممدودة الألف] 5, يريد الجلسة للتخلي, والتنظف منه, والأدب فيه3.
* قوله صلى الله عليه عند دخول الخلا: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنَ الخُبُثِ والخبائث" 6, أصحاب الحديث يروونه الخُبْث ساكنة الباء،
__________
1 أخرجه الترمذي في: الديات: 23/4, والنسائي في: الضحايا: 229/7, عن
شداد بن أوس.
2 أخرجه مسلم في: الحيض: 245/1 وأبو داود في: الطهارة: 68/1, والترمذي
أيضا في: الطهارة: 241/1.
3 إصلاح خطأ المحدثين: 46.
4 أخرجه مسلم في: الطهارة 223/1 وأبو داود في: الطهارة: 3/1, والترمذي
في: الطهارة أيضا: 24/1.
5 ساقط من ح.
6 أخرجه البخاري في: الوضوء: 47/1 ومسلم في: الحيض: 283/1, وأبو داود
في: الطهارة: 2/1, والترمذي كذلك في: الطهارة: 10/1, وغيرهم.
(3/220)
وكذلك رَوَاهُ أَبُو عُبَيْد فِي كِتَابِهِ
وفسره, فقال: أما الخُبْث فإنه يعني الشر، وأما الخبائث فإنها
الشياطين.
قال أبو سليمان: وإنما هو الخُبُث مضمومة الباء جمع خبيث.
فأما الخبائث: فإنه جمع خبيثة، استعاذ بالله من مردة الجن ذكورهم
وإناثهم.
فأما الخُبْث: ساكنة الباء, فهو مصدر خبث الشيء يخبث خُبْثا، وقد يجعل
اسما.
قال ابن الأعرابي: أصل الخُبْث في كلام العرب المكروه، فإن كان من
الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو
الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار, [فأما] 1 الخَبَث، مفتوحة الخاء
والباء، فهو ما تنفيه النار من رديء الفضة والحديد ونحوهما.
وأما الخِبْثَة فالريبة والتهمة, يقال: هو ولد الخِبْثَة إذا كان لغير
رِشْدَة.
ويقال: بِعْ، وقل: لا خِبْثَة: أي لا تهمة فيه من غصب أو سرقة,
ونحوهما2.
* وقوله في الاستنجاء: "وأعدوا النُّبَل3".
__________
1 ساقطة من: س.
2 إصلاح خطأ المحدثين: 47.
3 كنز العمال: 365/9, بلفظ: "أبعدوا الآثار إذا ذهبتم للغائط, وأعدوا
النبل, واتقوا الملاعن" عن الشعبي.
(3/221)
يروى بضم النون وفتحها، وأكثر المحدثين
يرويه النَّبَل مفتوحة النون، وأجودهما الضمة.
قال الأصمعي: إنما هو النُّبَل، بضم النون وفتح الباء، واحدها نُبْلَة,
قال غيره: إنما سميت نُبْلَة بالتناول من الأرض, يقال: انتبلت حجرًا من
الأرض: إذا أنت أخذته، وأنبلت غيري حجرًا، ونَبَّلْتُهُ إذا أنت أعطيته
إياه، واسم الشيء الذي تتناوله نُبْلة, كما تقول: اغترفت بيدي ماء،
واسم ما في كفك غُرْفَة1.
* قوله لأم سلمة حين حاضت: "أَنَفِسْتِ2؟ "، إنما هو بفتح النون وكسر
الفاء، معناه حضت.
يقال: نَفِسَت المرأة إذا حاضت، ونُفِسَت: مضمومة النون من النَّفَاس3.
280 * وحديثه الذي يرويه علي في المذي4, العامة يقولون: المّذِيُّ،
مكسورة الذال مثقلة، وإنما هو المَذْيُ، ساكنة الذال, وهو ما يخرج من
قبل الإنسان عند نشاط، أو ملاعبة أهل, أو نحوهما.
والوَدْيُ، ساكنة الدال غير معجمة، ما يخرج عقب البول.
فأما المَنِيُّ ثقيلة الياء: فالماء الدافق الذي يكون منه الولد, ويجب
فيه الاغتسال.
__________
1 إصلاح خطأ المحدثين: 47.
2 أخرجه البخاري في: الحيض: 84/1, والصوم: 39/3, ومسلم في: الحيض:
243/1.
3 إصلاح خطأ المحدثين: 48.
4 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الغسل: 73/1 ومسلم في: الحيض:
247/1, وأبو داود في: الطهارة: 53/1, وغيرهم.
(3/222)
يقال: وَدَى الرجل وَمَذَى بغير ألف،
وأَمْنَى بالألف, قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} 1.
* قول عائشة: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أملككم
لأَرَبِهِ"2.
أكثر الرواة يقولون: لِإِرْبِهِ، والإِرْب: العضو, وإنما هو الأَرَب
-مفتوحة الألف والراء- وهو الوَطَر وحاجة النفس، وقد يكون الإِرْب
الحاجة أيضًا, والأول أبين.
* قوله صلى الله عليه: "من توضأ للجمعة فبها ونِعْمَت" 3 -مكسورة النون
ساكنة التاء- أي نِعْمَت الخلة، والعوام يروونه، ونَعِمَت: يفتحون
النون ويكسرون العين وليس بالوجه، ورواه بعضهم ونَعِمْتَ: أي نعمك
الله.
* قوله في الجمعة: "من غسل واغتسل4".
يرويه بعضهم بتشديد السين، من غسل واغتسل وليس هو بجيد، إنما هو غسل
واغتسل بالتخفيف، ويتأول عَلَى وَجْهَين: أحدهما أن يكون أراد به
إتباع5 اللفظ, والمعنى واحد، كما قال في هذا الحديث: واستمع وأنصت،
ومشى ولم يركب.
__________
1 سورة الواقعة: 58.
2 أخرجه البخاري في: الحيض: 5/1, وفي: الصوم: 39/3, ومسلم في: الحيض:
242/1, وغيرهما.
3 أخرجه أبو داود في: الطهارة: 97/1, والنسائي في: الجمعة: 94/3,
كلاهما عن سمرة، وابن ماجة في: إقامة الصلاة: 347/1, عن أنس بن مالك,
وغيرهم.
4 أخرجه أبو داود في: الطهارة: 95/1، 96, والنسائي في: الجمعة: 95/3،
97، 103, والترمذي في: الصلاة: 368/2, وغيرهم.
5 س: "إشباع", والمثبت من: ح.
(3/223)
والوجه الآخر: أن يكون قوله: غسل، إنما
أراد غسل الرأس، وخص الرأس بالغسل لما على رؤوسهم من الشعر، ولحاجتهم
إلى معالجته وتنظيفه, وأما الاغتسال فإنه عام للبدن كله.
* قوله: في حديث لقيط بن صبرة1 وافد بني المنتفق: "أراح الراعي غنمه
ومعه سَخْلَة تَيْعَر, فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما
وَلَّدْت يا غلام؟ " فقال: بَهْمَة, قال: "فاذبح لنا مكانها شاة"، ثم
قال: "لا تحسبن أنا من أجلك ذبحناها". 2
الرواية: ما وَلَّدْتَ؟ بتشديد اللام على وزن فَعَّلْتَ خطاب المواجه،
وأكثر المحدثين يقولون: ما وَلَدَت، يريدون ما وَلَدَت الشاة، وهو غلط.
تقول العرب: وَلَّدْتُ الشاة إذا نتجت عندك، أنشدني أبو عُمَر، أنشدنا
أبو العباس ثعلب:
إذا ما وَلَّدُوا يوما تنادوا ... أَجَدْيٌ تحت شاتك أم غُلَام؟ 3
ويقال: وَلَدَت الغنم وِلَادا, وفي الآدميات: وَلَدَت المرأة وِلَادة,
ومن الناس من يجعلهما شيئًا واحدًا.
وقوله: لا تحسبن أنا ذبحناها من أجلك: معناه نفى الرياء, وترك الاعتداد
بالقرى على الضيف.
__________
1 في التقريب: 138/2: لقيط بن صبرة -بفتح المهملة وكسر الموحدة- صحابي
مشهور.
2 أخرجه أبو داود في: الطهارة: 35/1, وأحمد في: مسنده: 33/4، 211,
بلفظ: "هل ولدت؟ " وبلفظ "أولدت؟ ".
3 اللسان والتاج: "ولد", برواية: "إذا ما ولَّدوا شاة تنادوا" دون
عزوٍ، وقال ابن الأعرابي في قوله: وَلَّدُوا شاة، رماهم بأنهم يأتون
البهائم.
(3/224)
*حديث ابن أم مكتوم: "إن لي قائدا لا
يلاومني1".
هكذا يرويه المحدثون، وهو خطأ، والصواب: لا يلائمني: أي لا يوافقني,
ولا يساعدني على حضور الجماعة, قال أبو ذؤيب:
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا ... إلا أقض عليك ذاك المضجعُ2
فأما الملاوَمَة فإنما تكون من اللوم, ومنه قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} 3.
* حديث زيد بن ثابت: قال: "رأيت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقرأ في المغرب بطُولَى الطولَيَيْن4"، يعني سورة الأعراف.
يرويه المحدثون بطِوَل الطوليين وهو خطأ فاحش، والطِوَل: 281
الحبل، وإنما هو بطُوْلَى تأنيث أطول, والطُّولَيَان تثنية الطُّولىَ.
يريد أنه كان يقرأ فيها بأطول السورتين، يريد الأنعام والأعراف.
قال الشاعر:
فأعضضته الطُّولَى سناما وخيرها ... بلاء وخير الخير ما يتخيرُ
__________
1 أخرجه أبو داود في: الصلاة: 151/1, وأحمد في: مسنده: 423/3, والبغوي
في: شرح السنة: 349/3, على الصحة, وأخرجه ابن ماجة في: المساجد: 260/1,
بلفظ: "لا يلاومني", وهو خطأ.
وابن خزيمة في: صحيحه: 368/2، 369, بلفظ: "لا يلازمني", تحريف أيضا.
2 شرح أشعار الهذليين: 5/1.
3 سورة القلم: 30.
4 أخرجه البخاري في: الصلاة: 133/1, بلفظ: "طول الطوليين" تحريف, وأبو
داود في: الصلاة: بلفظ: "طولى الطوليين", وكذلك ابن خزيمة في: صحيحه:
259/1, والنسائي في: الافتتاح: 170/2, بلفظ: "بأطول الطوليين", والحديث
في الفائق: "طول": 370/2, برواية أم سلمة رضي الله عنها.
(3/225)
* نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن الحِلَق قبل الصلاة يوم الجمعة, وعن التَّحَلُّق أيضًا1", يرويه
كثير من المحدثين: "عن الحَلْقِ قبل الصلاة"، ويتأولونه على حِلَاق
الشعر, وقال لي بعض مشايخنا: لم أحلق رأسي قبل الصلاة نحوًا من أربعين
سنة بعدما سمعت هذا الحديث.
قال أبو سليمان: وإنما هو الحِلَق-مكسورة الحاء مفتوحة اللام- جمع
حَلْقَة.
يقال: حَلْقَة وحِلَق تقديره: بَدْرَة وبِدَر، وقَصْعَة وقِصَع.
نهاهم عن التحلق والاجتماع على المذاكرة والعلم قبل الصلاة، واستحب أن
يكون ذلك منهم بعد الصلاة.
* وفي حديثه الذى يرويه ذو اليدين قال: "فخرج سَرَعَان الناس2".
يرويه العامة سِرْعَان الناس -مكسورة السين, ساكنة الراء- وهو غلط.
والصواب: سَرَعَان الناس -بنصب السين, وفتح الراء- هكذا يقول الكسائي.
وقال غيره: سَرْعَان -ساكنة الراء-, والأول أجود.
وأما قولهم: سَرْعَان ما فَعَلْت، ففيه ثلاث لغات، يقال: سَرْعَان
__________
1 أخرجه الإمام أحمد، في حديث نهيه عن الحلق: 179/2, وابن خزيمة في:
صحيحه: "274/2، 275"، "158/3"، وأبو داود في: الصلاة: 283/1, بلفظ:
"التحلق".
2 أخرجه البخاري في مواضع منها في: السهو: 86/2, ومسلم في: المساجد:
403/1, والنسائي في: السهو: 20/3, وغيرهم.
(3/226)
وسِرْعان وسُرْعان، والراء فيها ساكنة
والنون نصب أبدًا.
* ومما يكثر فيه تصحيف الرواة حديث سمرة بن جندب في قصة كسوف الشمس
والصلاة لها, يقال: "فَدُفِعْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا هُوَ
بَأْزَز1": أي بجمع كثير غص بهم المسجد.
رواه غير واحد من المشهورين بالرواية: فإذا هو بارز من البروز, وهو
خطأ.
ورواه بعضهم: فإذا هو يَأْرِز، وقد فسرته في موضعه من الكتاب، وأعدت لك
ذكره ليكون منك ببال.
* وفي حديث أبي ذر: "أنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم عن الصلاة فقال: "خيرٌ موضوعٌ, فاستكثر منه" 2.
يُروَى عَلَى وجْهَيْن: أحدهُما أن يكون "موضوع" نعتًا لما قبله، يريد
أنها خير حاضر, فاستكثر منه.
والوجه الآخر: أن يكون الخير مضافًا إلى الموضوع، يريد أنها أفضل ما
وضع من الطاعات, وشرع من العبادات.
* ومما يروى من هذا الباب أيضًا على وجهين حديث ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر
منبوذ3".
__________
1 أخرجه أبو داود في: الصلاة: 308/1, بلفظ: "بارز" وهو خطأ, كما قال
الخطابي، والنسائي في: صلاة الكسوف 140/3: "فدفعنا إلى المسجد, قال
فوافينا" بدون هذا اللفظ، وأخرجه الترمذي في: الصلاة: 451/2, مختصرًا
جدًّا.
2 ذكره الهيثمي في: مجمعه: 249/2, من حديث أبي هريرة، وعزاه للطبراني
في: الأوسط.
3 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الجنائز: 109/2، 110, وأحمد في:
مسنده: 338/1, والنسائي في: الجنائز: 85/4 بلفظ: "منتبذ".
(3/227)
فمن رواه أنه نعت للقبر, أراد قبرا منتبذًا
من القبور، ومن رواه على الإضافة أراد بالمنبوذ اللقيط، يريد أنه صلى
على قبر لقيط.
* ومثل هذا قوله عليه السلام: "ليس لعرقِ ظالمٍ حق من الناس" 1.
من يرويه على إضافة العرق إلى الظالم, وهو الغارس الذي غرس في غير حقه,
ومنهم من يجعل الظالم من نعت العرق، يريد الغراس والشجر، وجعله ظالما؛
لأنه نبت في غير حقه.
* وَفِي حَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أنه صلى إلى جدار،
فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فما زال يُدَارِئُها حتى
لصق بطنه بالجدار2".
282 قوله: يُدَارئها، مهموز من الدَّرْء ومعناه يدافعها, ومنه قول الله
تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} 3.
ومن رواه يُدَارِيها غير مهموز، أحال المعنى؛ لأنه لا وجه ها هنا
للمداراة التي تجري مجرى المساهلة في الأمور, وأصل المداراة من قولك:
دريت الصيد إذا ختلته, لتصطاده.
* قال أبو سليمان: ومما سبيله أن يهمز لرفع الإشكال، وعوام الرواة
__________
1 أخرجه البخاري تعليقًا في: الحرث: 140/3, والإمام في: الموطأ: "في
الأقضية": 743/2، والترمذي في: الأحكام: 653/3, وغيرهم.
2 أخرجه أبو داود في: الصلاة: 188/1, بلفظ: "يدارئها"، وكذلك أحمد في:
مسنده: 196/2.
3 سورة البقرة: 72.
(3/228)
يتركون الهمز فيه قوله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الضحايا: "كلوا, وادخروا وأْتَجِروا": أي
تصدقوا؛ طلب الأجر فيه, والمحدثون يقولون: "واتَّجِروا"، فينقلب المعنى
فيه عن الصدقة إلى التجارة، وبيع لحوم الأضاحي فاسد غير جائز.
ولولا موضع الإشكال, وما يعرض من الوهم في تأويله, لكان جائزا أن يقول:
"واتَّجروا" بالادغام، كما قيل من الأمانة: اتَّمن، إلا أن الإظهار
هاهنا واجب، وهو مذهب الحجازيين.
يقال: ائتزر فهو مؤتزر، وائْتدع هو مؤتدع، وائتجر فهو مؤتجر.
قال أبو دهبل:
يا ليت أني بأثوابي وراحلتي ... عبد لأهلك هذا الشهر مؤتجر2
* ومن هذا الباب قول عمر: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء, لقتلتهم به"3.
مهموز من الملأ: أي لو صاروا كلهم ملأً واحدا في قتله, ويقال: مالأت
الرجل على الشيء إذا واطاته عليه، والمحدثون يقولون: "لو تمالا عليه"
غير مهموز، والصواب أن يهمز، والملا مقصور غير مهموز: الفضاء الواسع,
قال الشاعر:
__________
1 أخرجه أبو داود في: الأضاحي: 100/3, على الصواب، وكذلك الدارمي في:
الأضاحي أيضًا: 79/2, وأحمد في: 75/5، 76.
2 اللسان والتاج: "أجر", وعزي لأبي دهبل، والصحيح: أنه لمحمد بن بشير
الخارجي، كما جاء في: اللسان, والديوان: 93.
3 أخرجه الإمام مالك في: العقول: 871/2, وعبد الرزاق في: مصنفه: 476/9,
والبيهقي في: سننه: 41/8, عن طريق مالك، كلهم بلفظ: "لو تمالأ".
(3/229)
ألا غنِّياني, وارْفَعا الصَّوْتَ بالمَلا
... فإنَّ المَلا عِنْدي يَزِيدُ المَدَى بعدا1
* ومن هذا أيضا حديث ثوبان: "استقاء رسول الله عامدًا فأفطر2".
ممدود مهموز: أي تعمد القيء, ومن قال: استقى على وزن اشتكى, فقد وهم.
* وكذلك قوله عليه السلام: "العائد في هبته, كالعائد في قيئه" 3.
مهموز، والعامة تثقله, ولا تهمزه.
* ومن هذا قوله: "يقاتلكم فِئَام الروم" 4.
يريد جماعات الروم، مهموزة بكسر الفاء، وأصحاب الحديث يقولون: فَيَّام
الروم، مفتوحة الفاء مثقلة الياء، وهو غلط، وإنما هو الفِئَام مهموز,
قال الشاعر:
كأن مواضع الربلات منها ... فِئَام ينظرون إلى فِئَامِ5
* وَفِي حَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حين قال لنسائه:
"أيتكن تنبحها
__________
1 اللسان والتاج: "ملا", دون عزو، وتقدم في الجزء الأول، لوحة 250.
2 أخرجه أحمد في: 449/6, بهذا اللفظ من حديث أبي الدرداء ,وجاء بعده:
"فأُتِي بماء فتوضأ" أما حديث ثوبان, فبلفظ: "قاء فأفطر", فأخرجه أبو
داود في: الصوم: 311/2, وابن خزيمة في: صحيحه: 224/3.
3 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الهبة: 207/3، 215, وكذلك مسلم في:
الهبات: 1239/3، 1241, وأبو داود في: البيوع: 291/3.
4 لم أقف عليه فيما بين أيدينا من مراجع.
5 ح، اللسان والتاج: "فأم" برواية: "ينهضون إلى فئام", ولم يعز.
(3/230)
كلاب الحوءب" 1.
أصحاب الحديث يقولون: الحُوَّب - مضمومة الحاء مثقلة الواو - وإنما هو
الحوءب - مفتوحة الحاء مهموزة - اسم بعض المياه, أنشدني الغنوي، قال
أنشدني ثعلب:
ما هو إلا شربة بالحوءبِ ... فصعدي من بعدها أو صوبي2
والحوءب: الوادي الواسع.
قال بعض رجاز الهذليين يصف حافر الفرس:
يلتهم الأرض بوأب حوءب ... كالقمعل المنكب فوق الأثلب3
الوأب: الخفيف، والقمعل: القدح الضخم بلغة هديل.
* قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكمأة من المن, وماؤها
شفاء للعين" 4.
الكمأة: مهموزة, والعامة يقولون: الكماة, بلا همز. 283
* قوله: "رفع الخطأ والنيسان عن أمتي" 5.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 365/11, وأحمد في: مسنده: 52/6، 97,
والحاكم في: المستدرك: 120/3.
2 اللسان والتاج: "حَأَبَ" دون عزو.
3 ح: "يلتهب الأرض", وفي اللسان والتاج: "قمعل" باختلاف في بعض
الألفاظ.
4 ساقط من ح، والحديث أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 152/11، 153
والحميدي في: مسنده: 44/1, والبخاري في: التفسير: 22/6, وفي: الطب:
164/7, وغيره.
5 ذكره السيوطي في: الجامع الصغير، كما في: فيض القدير: 34/4, وعزاه
للطبراني عن ثوبان، وكذلك العجلوني في: كشف الخفاء: 433/1, وابن ماجة
في: الطلاق: 659/1 بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي", وبلفظ: "إن الله تجاوز
عن أمتي".
(3/231)
العامة تقول: النَّسَيَان على وزن
الغَلَيَان، وإنما هو النِّسْيَان، بكسر النون ساكنة السين.
والخطأ مهموز غير ممدود, يقال: أخطأ الرجل خطأ: إذا لم يصب الصواب أو
جرى منه الذنب, وهو غير عامد، وخَطِئَ خَطِيئة إذا تعمد الذنب, قال
الله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً} 1.
* قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صدقة في أقل من خمس
أواقيَّ" 2.
الأواقيُّ: مفتوحة الألف, مشددة الياء غير مصروفة، جمع أُوقِيَّة مثل:
أضحية وأضاحي، وبختية وبخاتي.
والعامة تقول: خمس أَوَاقٍ، ممدودة الألف بغير تاء, والآواق: جمع
أَوْق.
* ومما يجب أن يثقل وهم يخففونه, قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "العَارِيَّة مردودة" 3، مشددة الياء، وتجمع على العواريِّ
مشددة كذلك، وهي في اللغة العالية, ويقال أيضا: هذه عَارِيَّة
وَعَارَة.
* ومن ذلك حديثه الآخر: لما أتاه نَعِيُّ جعفر, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا" 4.
__________
1 سورة النساء: 112.
2 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الزكاة: 143/2، 147، 156, وكذلك
مسلم في: الزكاة: 674/2، 675, وغيرهما, وكلهم بلفظ أواقٍ، وفي:
القاموس: "وقي": الأوقية: وتجمع على أواقيَّ وأواقٍ ووقايا.
3 أخرجه أبو داود في: البيوع: 297/3, وأحمد في: مسنده: 222/4، 267/5
بلفظ: "العَارِيَّةُ مؤدَّاة", وغيرهما.
4 أخرجه ابن ماجة في: الجنائز: 514/1 وأحمد في: مسنده: 205/1, من حديث
عبد الله بن جعفر.
(3/232)
النَّعِيُّ: بتشديد الياء الاسم, فأما
النَّعِيُّ، فهو مصدر نَعَيتُ الميت أَنْعَاه.
* ومن هذا الباب: "نهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لبس
القَسِّيِّ"1.
وأصحاب الحديث يقولون: القِسِيُّ، مكسورة القاف، خفيفة السين -وهو
غلط-؛ لأن القِسِيَّ جمع قوس، وإنما هو القَسِّيُّ، مفتوحة القاف مثقلة
السين، وهي ثياب تنسب إلى بلاد يقال لها القَسُّ, ويقال: إنها ثياب
فيها حرير يؤتي بها من مصر.
فأما الدراهم القَسِيَّة فإنها الرديئة, يقال: درهم قَسِيٌّ -محففة
السين مشددة الياء على وزن شَقِيٌّ، وأراه مشتقا من قولهم: في فلان
قَسْوَة: أي جفاء وغلظة، وإنما سمي الدرهم الزائف قَسْيًا لجفائه
وصلابته، وذلك أن الجيد من الدراهم يلين وينثني.
* قول عمر: "إن قريشًا تريد أن تكون مُغَوَّيات لمال الله2".
مشددة الواو مفتوحتها جمع مُغَوَّاة وهي كالحفيرة، والوهدة تكون في
الأرض, وعوام الرواة يقولون: مُغْوِيَات، ساكنة الغين مكسورة الواو،
وهو خطأ، والصواب هو الأول.
* ومما سبيله أن يخفف وهم يثقلونه, قوله عليه السلام في دعائه: "وأعوذ
بك من شرِّ المسيح الدَّجَّال" 3.
__________
1 أخرجه مسلم في: اللباس: 1648/3، 1659, وأبو داود في: اللباس أيضًا:
49,47/4, والترمذي في مواضع منها: اللباس: 226/4, وغيرهم من حديث علي
رضي الله عنه.
2 أخرجه أبو عبيد في: غريبه: 323/3، 324, بلفظ: "مُغويات" ثم قال: هكذا
يروى الحديث بالتخفيف وكسر الواو، وأما الذي تكلم به العرب
فالمُغَوَّيَات "بتشديد الواو المفتوحة".
3 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الأذان: 200/1، والترمذي في:
الدعوات: 525/5, وغيرهما.
(3/233)
قد أولعت العامة بتشديد السين وكسر الميم؛
ليكون، زعموا، فصلًا بين مسيح الضلالة وبين عيسى عليه السلام، وليس ما
ادعوه بشيء، وكلاهما مسيح, مفتوحة الميم خفيفة السين، فعيسى مسيح بمعنى
ماسح، فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه كان إذا مسح ذا عاهة عوفي, والدجال مسيح،
فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه ممسوح إحدى العينين.
* ومن هذا الباب في حديث الزكاة: "امْرِ الدم بما شئت" 1.
من قولك: مَرَاهُ يَمْرِيْهِ مَرْيًا، إذا أساله، ومريت عيني في
البكاء، ومريت الناقة إذا حلبتها، وناقة مَرِيَّة, وأصحاب الحديث
يقولون: أَمِرَّ الدم، مشددة، يجعلونه من الإمرار، وهو غلط، والصواب ما
قلته لك.
ومنه قوله: "المُعوَل عليه يعذب ببكاء أهله" 2.
284 ساكنة العين خفيفة الواو, ومن أعول يعول، إذا رفع صوته بالبكاء,
والعامة ترويه المُعَوَّلُ عليه، يشددون الواو وليس بالجيد، إنما
المُعَوَّل من التعويل بمعني الاعتماد, يقال: ما على فلان مُعَوَّل أي
محمل, وقال بعضهم: عَوَّلَ بمعني أعول.
* قول عمر: "لا ينكحن أحدكم إلا لُمَتَه من النساء3": أي مثله في السن.
__________
1 أخرجه الإمام أحمد في: مسنده: "256/4، 258، 377".
2 أخرجه مسلم في: الجنائز: 640/2, وابن سعد في: طبقاته: 362/3, والإمام
أحمد في: مسنده: 39/1.
3 أخرجه سعيد بن منصور في: سننه: 201/1, بلفظ: "يا أيها الناس اتقوا
الله, ولينكحن الرجل لَُمَتَه من النساء, ولتنكحن المرأة لُمَتَهَا من
الرجال، يعني شبهها".
وفي الفائق: "لمة": 330/3, وجاء فيه: اللمة: المثل في السن، وهي مما
حذف عينه كسه ومذ، فعلة من الملاءمة وهي الموافقة، ألا ترى إلى قولهم
في معنى اللمة اللئيم، يقال: هو لمتي ولئيمي، ومنها قيل: إن فيه لمة
لك: أي أسوة، وقيل للأصحاب الملائمين لمة.
(3/234)
اللُّمَةُ خفيفة, ومن الرواة من يثقله وهو
خطأ, قال الشاعر:
فدع ذكر اللُّمَات, فقد تفانوا ... ونفسك, فابكها قبل المماتِ1
فأما لِمَّةُ الشعر, فمكسورة اللام مثقلة الميم.
* وأما قوله: "إن للملك لَمَّة وللشيطان لَمَّة2"، فإنها مفتوحة اللام
مثقلة الميم.
* وقوله: "إن اللَّبَن يشبه عليه3".
قد يثقله الرواة وهو مخفف، أراد أن الطفل الرضيع ربما نزع به الشبه إلى
الظئر.
ومما ثقلوه من الأسماء وهي خفيفة: سنة الحُدَيْبِيَة، وعمرة
الجِعْرَانة4.
*وقوله: "في الحوض ما بين بصرى وعَمَان5" مفتوحة خفيفة الميم.
وقال بعضهم: مشددة الميم، فأما عُمَان التي هي فُرضة البحر، فهي
__________
1 اللسان والتاج: "لما" دون عزوٍ.
2 أخرجه الترمذي في: التفسير: 219/5, في تفسير قوله تعالى:
{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} .
3 الفائق: "شبه": 219/2, من قول عمر رضي الله عنه.
4 في القاموس: "جعر": الجعرانة "وقد تكسر العين وتشدد الراء", وقال
الشافعي: التشديد خطأ, وجاء في هامشه: نقل شيخنا عن المشارق للقاضي
عياض: الجعرانة، أصحاب الحديث يقولونه بكسر العين وتشديد الراء, وبعض
أهل الإتقان والأدب يقولونه بتخفيفها ويخطئون غيره، وكلاهما صواب
مسموع، حكى القاضي: إسماعيل بن إسحاق، عن علي بن المديني أن أهل
المدينة يقولونه فيها، وفي الحديبية بالتثقيل، وأهل العراق يخففونها،
ومذهب الأصمعي في الجعرانة التخفيف، وحكى أنه سمع من العرب من يثقلها.
5 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 406/11, عن ثوبان رضي الله عنه.
وفي معجم البلدان: "عَمَّان" بالفتح ثم التشديد, وآخره نون: بلد في طرف
الشام.
(3/235)
مضمومة العين خفيفة.
* وقوله: "اختتن إبراهيم بالقّدُوم"1، مخفف, ويقال: إنه اسم موضع،
وكذلك القَدُوم الذي يعتمل به خفيف أيضًا, [وأنشد للأعشى:
أطاف به شاهبور الجنو ... دَ حولين يضرب فيه القُدُم] 2
* ومما يخفف والرواة يثقلونه ما جاء في قصة بني إسرائيل في تفسير قوله:
{وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} إنه السُّمَانَى3.
أصحاب الحديث يقولون4 بتشديد الميم فيه، وإنما هو السُّمَانَى خفيف:
اسم طائر.
* ومن حديثه في الكتاب الذي كتبه أبو بكر في الصدقات أنه قال: "ولا
يؤخذ في الصدقة هرمة, ولا ذات عوارٍ, ولا تيس إلا أن يشاء المصَدِّق5".
بكسر الدال، يريد العامل الذي يأخذ الصدقة، ومعناه إلا أن يرى العامل
في أخذه حظًّا لأهل الصدقة، فيأخذ ذلك على النظر لهم.
وأخبرني الحسن بن صالح، عن ابنِ المُنذِر قَالَ: كان أبو عبيد ينكر
__________
1 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الأنبياء: 170/4, ومسلم في: الفضائل
1839/4, وأحمد في: مسنده: 322/2, مع تفسيره بالقَدُوم مخففة.
2 ساقط من: س، وهو في: ح, والبيت في: الديوان: 200, برواية: "أقام"
بدل: "أطاف".
3 أخرجه الطبري في: تفسيره: 295/1، 296, والآية في سورة البقرة: 57.
4 ح "يولعون".
5 أخرجه البخاري في: الزكاة 147/2, وأبو داود في: الزكاة أيضًا: 96/2،
97, وكذلك النسائي في: الزكاة: 28/5.
(3/236)
قوله: إلا أن يشاء المُصَدِّق, يقول: هكذا
يقول المحدثون, وأراه المُصَدَّق يعني رب الماشية1.
* وفي حديثه الذي يرويه جبير بن مطعم في سهم ذي القربى قَالَ: "قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا
وقرابتنا واحدة؟ فقال: "إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام،
إنما نحن وهم شيء واحد، وشبك بين أصابعه".
هكذا يقول أكثر المحدثين.
ورواه لنا ابن صالح، عن ابن المنذر فقال: إنما نحن وهم سِيٌّ واحد2: أي
مثل سواء، وهذا أجود, يقال: هذا سي فلان: أي مثله.
أخبرني الغَنَوِيّ، أنا أبو العباس ثعلب, قال: يقال: وقع فلان في سِيِّ
__________
1 في النهاية: "صدق": 18/3: رواه أبو عبيدة بفتح الدال والتشديد، يريد
صاحب الماشية: أي الذي أخذت صدقة ماله، وخالفه عامة الرواة فقالوا:
بكسر الدال, وهو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها, يقال: صدَّقهم
يصدِّقهم فهو مصدِّق، وقال أبو موسى: الرواية بتشديد الصاد والدال معًا
وكسر الدال وهو صاحب المال، وأصله المتصدق، فأدغمت التاء في الصاد.
والاستثناء في التيس خاصة، فإن الهرمة وذات العوار لا يجوز أخذهما في
الصدقة, إلا أن يكون المال كله كذلك عند بعضهم, وهذا إنما يتجه إذا كان
الغرض من الحديث النهي عن أخذ التيس؛ لأنه فحل المعز، وقد نُهِي عن أخذ
الفحل في الصدقة؛ لأنه مضر برب المال؛ لأنه يعز عليه إلا أن يسمح به
فيؤخذ, والذي شرحه الخطابي في: المعالم أن المصدَّق "بتخفيف الصاد"
العامل، وأنه وكيل الفقراء في القبض، فله أن يتصرف لهم بما يراه مما
يؤدي إليه اجتهاده.
2 أخرجه أبو داود في: الخراج والإمارة والفيء: 146/3 بلفظ: "شيء واحد"
وابن ماجة في: الجهاد: 961/2.
وقال الخطابي في: معالم السنن مع مختصر سنن أبي داود: 220/4: وكان يحيى
بن معين يرويه: إنما بنو هاشم وبنو المطلب سي واحد، بالسين غير
المعجمة، أي مثل سواء, يقال: هذا سي هذا، أي مثله ونظيره.
(3/237)
رأسه من النعيم: أي في مثل رأسه, وأنشدنا
للحطيئة:
فإياكم وحيةَ بطن وادٍ ... هَمُوزِ النَّاب ليس لكم بِسِيِّ1
* في حديث ابن عمر: "يطرق الرجل فحله, فيبقى حِيْرِيَّ الدهر2".
يصحفون فيه فيقولون: حَيْر الدهر.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، نا عَبَّاسٌ الدوري قال: رواه
فلان, ونحن عند يحيى بن معين: "فيبقى حير الدهر".
285 قال: وكان أبو خيثمة حاضرًا فقال: قال لنا عبد الرحمن بن مهدي:
حِينَ الدهر.
قال أبو سليمان: والصواب حِيرِيَّ الدهر، وهي كلمة تقولها العرب في
__________
1 الديوان: 38 برواية: "حديد الناب" بدل: "هموز الناب", وفي: اللسان:
"سوا", برواية الخطابي.
2 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 42/4، 43, رقم النص: 3047.
وفي الفائق: "طرق": 358/2: حيريّ، أي أبدًا، وفيه ثلاث لغات: حيريَ
دهر, وحيريْ دهر, بياء ساكنة، وحَيْرَيَ دهر، بياء مخففة.
وفي الفائق أيضًا: قال ابن جني: في حيريْ دهر "بالسكون": عندي شيء لم
يذكره أحد، وهو أن أصله حيريّ دهر، ومعناه مدة الدهر، فكأنه مدة تحيّر
الدنيا وبقائه، فلما حذفت إحدى الياءين بقيت الياء الساكنة ساكنة كما
كانت، يعني حذفت المدغم فيها, وأبقيت المدغمة, ومن قاله بتخفيف الياء,
فكأنه حذف الأولى وأبقى الآخرة، فعذر الأول تطرف ما حذف، وعذر الثاني
سكونه, وعندي أن اشتقاقه من قولهم: حيروا بهذا الموضع، أي أقيموا.
ويحكي عن تبَّع الأكبر الذي يقال له: ذو المنار، أنه لما رأى أن يأتي
خراسان خلَّف ضعفة جنده بالموضع الذي كان به, قال لهم: حيروا بذا، أي
بهذا المكان، فسمي الحيرة، وكان يجري عليهم, فسموا العباد، والمعنى ما
أقام الدهر.
(3/238)
التأبيد, يقول1: إن أجره يبقى ما بقي
الدهر.
ويقال أيضًا: حيريَّ الدهر, وحاريَّ الدهر، وهو بكسر الحاء أشهر.
* قوله: ["لا صيام لمن لم يَبُتَّ الصيام من الليل" 2.
ورواه العامة: يُبِتّ، مضمومة الياء, واللغة العالية: يَبُتّ، من بَتَّ
يَبُتّ: إذا قطع, ومن رواه يَبِتّ فقد وهم، إنما يَبِتّ من بات يبيت،
وقد روى أيضا: "لمن لم يُبَيِّتِ الصيامَ من الليل" 3.
* ونظير هذا من رواية العامة قولهم في حديث العباس: "لا يُفْضِضِ الله
فاك".
هكذا يقولون: مضمومة الياء، وإنما هو: لا يَفْضُضِ الله فاك، مفتوحة
الياء من فَضَّ يَفُضُّ] 4.
* قوله: "لَخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" 5.
أصحاب الحديث يقولون خَلُوف6: بفتح الخاء، وإنما هو خُلُوف، مضمومة
الخاء، مصدر خَلَف فمه يخلف خُلُوفا: إذا تغير.
__________
1 ح: "يريد".
2 لم أجده بهذا اللفظ، وقد أخرجه الترمذي في: الصوم: 99/3, بلفظ: "من
لم يجمع الصيام قبل الفجر, فلا صيام له", وبنحوه أبو داود في: الصوم:
329/2.
3 أخرجه الدارمي في: الصوم: 7/2, عن حفصة مرفوعا بلفظ: "من لم يبيت
الصيام قبل الفجر, فلا صيام له"، وكذلك البيهقي في: سننه: 202/4، 203
من حديث حفصة وعائشة.
4 ساقط من: ح.
5 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الصوم: 31/3، 34 وكذلك مسلم في:
الصيام: 807/2, وغيرهما.
6 من: ح.
(3/239)
فأما الخَلُوف: فهو الذي يعد ثم يُخْلِف,
قال النمر بن تولب:
جزى الله عني جمرة ابنة وائل ... جزاء خَلُوف بالخلالة كاذبِ1
* قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صيام عاشوراء كَفَّارة
سنة" 2.
عاشوراء: ممدودة والعامة تقصره.
ويقال: ليس في الكلام فاعولاء ممدود إلا عاشوراء, هكذا قال بعض
البصريين، وهو اسم إسلامي, لم يعرف في الجاهلية.
* ومما يمد وهم يقصرونه، قوله عليه السلام: "اثْبُت حِرَاءُ". 3
سمعت أبا عمر يقول: أصحاب الحديث يخطئون في هذا الاسم، وهو ثلاثة أحرف
في ثلاثة مواضع: يفتحون الحاء، وهي مكسورة، ويكسرون الراء وهي مفتوحة،
ويقصرون الألف وهي ممدودة, قال: وإنما هي
__________
1 شعر النمر: 38, والأغاني: 158/19, والحيوان: 15/1, برواية:
جزى الله عني جمرة بنة نوفل ... جزاء مغل بالأمانة كاذبِ
وجاء بعده:
بما خبرت عني الوشاة؛ ليكذبوا ... عليَّ, وقد أوليتها في النوائبِ
إلى أن يقول:
وصدت كأن الشمس تحت قناعها ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب
ولهذه الأبيات قصة في شعر النمر, وجمرة: زوجته.
2 في سنن الترمذي: 126/3, قال الترمذي: لا نعلم في شيء من الروايات أنه
قال: "صيام يوم عاشوراء كفارة سنة" وفي حديث أبي قَتَادَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "صيام يوم عاشوراء، إني
أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
3 أخرجه أبو داود في: السنة: 211/4, من حديث سعيد بن زيد، والترمذي في:
المناقب: 625/5, من حديث أبي عبد الرحمن السلمي، وابن ماجة في:
المقدمة: 48/1, من حديث سعيد بن زيد.
وفي معجم البلدان: "حراء" بالكسر والتخفيف والمد: جبل من جبال مكة.
(3/240)
حِرَاء, قال الشاعر:
وراقٍ لبر في حِرَاء ونازلِ
وكذلك قِبَاء لمسجد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
ممدود.
* وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذهب بالذهب ربا,
إلا هاءَ وهاءَ" 1.
ممدودان.
والعامة ترويهما: "ها, وها" مقصورين، ومعنى هاء: خذ.
يقال: للرجل هاء، وللمرأة هائي, وللاثنين من الرجال والنساء هاؤما،
وللرجال هاؤم، والنساء هاؤُمْنَ, وهذا يستعمل في الأمر, ولا يستعمل في
النهي, فإذا قلت: هَاكِ، قصرت، وإذا حذفت الكاف مددت, فكانت المدة
بدلًا من كاف المخاطبة.
* وَفِي حَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أنه ركب ناقته
القصواء يوم عرفة"2.
القصواء: مفتوحة القاف ممدودة الألف، هي المقطوعة طرف الأذن, يقال:
قصوت البعير فهو مقصوٌّ، وناقة قصواء, ولا يقال: جمل أقصى.
وأكثر أصحاب الحديث يقولون: القُصْوَى, وهو خطأ فاحش، إنما القصوى نعت،
تأنيث الأقصى كالسفلى في نعت تأنيث الأسفل.
* حديث أبي رزين العقيلي أنه قال: "يا رسول الله، أين كان
__________
1 أخرجه البخاري في: البيوع: 97/3, ومسلم في: المساقاة: 1210/3, وأبو
داود في: البيوع: 248/3, وانظر لسان العرب:
"ها": 373/20.
2 أخرجه مسلم في: الحج: 886/2، 892 من حيث جابر, والدرامي في المناسك:
45/2، 47, وابن ماجة في: المناسك: 1022/2، 1025.
(3/241)
ربنا قبل أن يخلق السماوات؟ , قال: "كان في
عَمَاء تحته هواء, وفوقه هواء" 1. 286
يرويه بعض المحدثين في عمًى مقصور على وزن عصى, وقفا، يريد أنه كان في
عَمًى عن الخلق، وليس هذا بشيء وإنما هو في عماء ممدوداً.
هكذا رواه أبو عبيد2, وغيره من العلماء.
قال: والعَمَاء: السحاب, قال غيره: الرقيق من السحاب, ورواه بعضهم: "في
غمام"، وليس بمحفوظ.
وقال بعض أهل العلم قوله: أين كان ربنا؟ , يريد أين كان عرش ربنا؟ ,
فحذف اتساعًا واختصارًا كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} 3, يريد: أهل
القرية, وكقوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} 4, أي حب
العجل.
قال: وَيَدُّلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا قَوْلُهُ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ} 5, قال: وذلك أن السحاب محل الماء, فكنى به عنه.
* ومما يمد, وهم يقصرونه, فيفسد معناه, حديث الشارفين، وأن القينة
غَنَّتْ حمزة, فقالت:
__________
1 أخرجه الترمذي في: تفسير سورة هود: 288/5, وابن ماجه في: المقدمة:
65/1, والإمام أحمد في: مسنده: 11/4، 12, والفائق: "عمي": 26/3.
2 أخرجه أبو عبيد في: غريبه: 8/2.
3 سورة يوسف: 82.
4 يوسف البقرة: 93.
5 سورة هود: 7.
(3/242)
أَلا يَا حَمْزُ ذَا الشُّرُفِ النِّواءِ1
عوام الرواة يقولون: ذا الشَّرَف النَّوَى, يفتحون الشين ويقصرون
النوى.
وفسره محمد بن جرير الطبرى, فقال: النَّوَى جمع نَوَاة، يريد الحاجة،
وهذا وهم وتصحيف، وإنما هو الشُّرُفُ النِّوَاء جمع شارف, والنِّوَاء:
جمع ناوية، وهي السمينة.
* ويصحفون أيضًا في قوله: "أناخ بكم الشُّرُف الجُونُ"2.
يروونه: الشُّرُف الجَوْن، وإنما هو الشُّرُف الجُون، مضمومة الشين
والراء، جمع شَارِف، والجيم من الجُون مضمومة أيضًا، يريد الإبل
المَسَانَّ، والجون: السود، شبه بها الفتن.
وقد يروى أيضا الشُّرُقُ الجُون، بالقاف، أي الجائية من قبل المشرق.
* فأما ما سبيله أن يقتصر, وهم يمدونه، فكقوله في الحرم: "لا يُخْتَلَى
خَلَاها" 3.
والخَلَا مقصور: الحشيش، والمِخْلَى: الحديدة التي يحتش بها من الأرض،
وبه سميت المِخْلَاة.
__________
1 أخرجه البخاري في: الشرب: 149/3, والمغازي: 105/5، 106, ومسلم في:
الأشربة: 1568/3, والرجز في: اللسان, والتاج: "شرف", وبعده: "فهن
معقلات بالفناء", وقد تقدم في الجزء الأول: لوحة 244.
2 كنز العمال: 245/11, بلفظ: "أتتكم الشُّرف الجون, قالوا: وما الشرف
الجون؟ " عن أبي هريرة, وعزاه للعسكري في: الأمثال.
3 أخرجه البخاري في مواضع متعددة منها في: الحج: 19/3, ومسلم في: الحج:
987/2, وأبو داود في: المناسك: 212/2, وغيرهم.
(3/243)
فأما الخلاء ممدودًا, فهو المكان الخالي.
* وقوله: "لا ثِنَى في الصدقة" 1.
مقصورة مكسورة الثاء: أي لا تؤخذ في السنة مرتين.
قاله الأصمعي, ومن رواه: "لا ثناء في الصدقة" ممدودًا يذهب إلى أن من
تَصَدَّقَ على فقير؛ طلب المدح والثناء، فقد بطل أجره, فقد أبعد الوهم.
* وقوله: "المؤمن يأكل في مِعًى واحد" 2.
مكسور3 الميم مقصور لا يمد المِعَى، والمعنى أنه يتناول دون شبعه,
ويؤثر على نفسه، ويبقى من زاده لغيره.
* ومن هذا الباب حديثه الذي يروى: "أن جبريل أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, عند أضاة بنى غفار"4.
أَضَاة: على وزن قَطَاة, يقال: أَضَاة وأَضًا، كما قالوا: قَطَاة
وقَطًا.
والعامة يقولون: أَضَاءَة بني غفار، ممدودة الألف، وهو خَطَأ.
* قوله صلى الله صلى عليه وسلم: "خمس لا جناج على من قتلهن في الحل
والحرم، فذكر الحِدَأَة، والعامة يقولون: الحَدَاة، مفتوحة الحاء ساكنة
__________
1 أخرجه أبو عبيد في: الأموال: 518-519, عن فاطمة بنت حسين, مرفوعًا,
وذكره المتقي في: كنز العمال: 332/6, عن أنس, وعزاه للديلمي.
2 أخرجه مالك في: الموطأ: 924/2, والبخاري في: الأطعمة: 92/7, ومسلم
في: الأشربة: 1631/3, وغيرهم.
3 ح: مكسورة الميم, مقصورة.
4 أخرجه مسلم في: المسافرين: 562/1, وأبو داود في: أبواب الوتر: 76/2,
وغيرهما.
5 أخرجه مسلم في: الحج: 857/2، 858, وأبو داود في: المناسك: 170/2,
وابن ماجة في: المناسك أيضًا: 1031/2, وغيرهم.
(3/244)
الألف، وإنما هي الحِدَأَة مكسورة الحاء
مهموزة.
* قول عائشة: "طيبت رسول الله لحرمه حين أحرم"1.
مضمومة الحاء، والحرم: الإحرام, فأما الحرم: بكسر الحاء, فهو بمعنى
الحرام, يقال: حرم وحرام، كما قيل: حل وحلال.
* وقوله: "لا يعضد شجرها, ولا يخبط إلا الإِذْخِر".
مكسورة الأول2.
والعامة تقول: "الأَذخَر"، مفتوح الألف، وإنما هو "الإذخِر".
* ومثله: الإثمد, في قوله: "عليكم بالإِثْمِد, فإنه يجلو 287 البصر" 3.
* قوله في المدينة: "من أَحْدَثَ حَدَثًا, أَوْ آوَى مُحْدِثًا" 4.
الوجه أن يقال: مُحْدِثا بكسر الدال، وقد يحتمل أن يقال: مُحْدَثًا
بفتحها، والأول أجود.
ونظير هذا قوله: في قصة إبراهيم بن القبطية: "أن له مُرْضِعًا في
الجنة" 5.
__________
1 أخرجه البخاري في: اللباس: 210/7, ومسلم في: الحج: 846/2, والنسائي
في: الحج: 138/5. 2 ح: "مكسورة الألف",
2 وتقدم تخريجه مع حديث: "لا يختلى خلاها".
3 أخرجه أبوداود في: الطب: 8/4, واللباس: 51/4, والترمذي في: اللباس:
234/4، 235, وغيرهما.
4 أخرجه البخاري في مواضع: منها في: الحج في: حرم المدينة: 26/3, ومسلم
في: الحج: 999/2, وأبو داود في: المناسك: 216/2.
5 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الجنائز: 125/2, وابن ماجة في:
الجنائز: 484/1, وأحمد في: مسنده: 284/4، 289.
(3/245)
يروى على وجهين: مرضِعًا: من أرضعت المرأة,
فهي مرضع، والمرضِع: ذات اللبن, فأما المُرْضِعَة: فهي التى لها ولد.
ويروى أيضا: مَرْضَعًا، مفتوحة الميم: أي رضاعًا.
* قوله: "لبيك, إن الحمد والنعمة لك".
إن مكسورة الألف أحسن من رواية العامة، أن مفتوحة الألف.
أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب قال: من قال: أن بفتح الألف خص،
ومن قال: إن بكسرها عمَّ.
* في قصة سَوْق الهدي: أن الأسلمي قال: "أرأيت إن أُزْحِفَ عليَّ منها
شيء؟ قال: "تنحرها، ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضربها على صفحتها, ولا
تأكل منها أنت, ولا أحد من أهل رفقتك" 1.
يرويه المحدثون: أَزْحَفَ، والأجود أن يقال: أُزْحِفَ، مضمومة الألف.
يقال: زَحَف البعير إذا قام من الإعياء، وأَزْحَفَهُ السفر، وإنما منعه
وأهل رفقته أن يأكلوا منها؛ لئلا يتخذوه ذريعة إلى نحرها.
* وفي حديث سعد حين قيل له: "إن فلانًا ينهى عن المتعة, قال: تمتعنا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وفلان كافر بالعُرُش"2.
يريد بالعُرُش بيوت مكة جمع عريش، يريد أنه كان كافراً, وهو مقيم بمكة.
__________
1 أخرجه أحمد في: مسنده: 217/1.
2 أخرجه مسلم في: الحج 898/2.
(3/246)
وبعضهم يرويه: وهو كافر بالعَرْشِ وهو غلط.
* في حديث أبي بردة بن نيار في الجَذَعة التى أمره أن يضحي بها قال:
"ولا تَجْزِي عن أحد بعدك" 1.
تَجْزِي: مفتوحة التاء، من جَزَا عني هذا الأمر، يَجْزِي عني: أي يقضي,
يريد أنها لا تقضي الواجب عن أحد بعدك، فأما قولك: أَجْزَأني الشيء
مهموزًا، فمعناه كفاني.
* في حديث ابن عمر: "اضْحَ لمن أحرمت له" 2.
يرويه أكثر المحدثين: أَضْحِ، مقطوعة الألف وهو غلط، والصواب: اضح: أي
ابرز للشمس, وأما أضح: فإنما هو أضحى يضحي، كما قيل: أمسى يمسي.
* في قصة صفية بنت حيي حين قيل لرسول الله يوم النفر: إنها قد حاضت،
فقال: "عَقْرَى حَلْقَى، ما أراها إلا حابستنا" 3.
أكثر أصحاب الحديث يقولون: عَقْرَى حَلْْقَى على وزن غَضْبَى وعَطْشَى,
قال أبو عبيد4: وإنما هو عَقْرًا حَلْقًا على معنى الدعاء.
معناه: عقرها الله وحلقها, فقوله: عقرها: يعني عقر جسدها, وحلقها:
أصابها بوجع في حلقها.
__________
1 أخرجه مسلم في: الأضاحي: 1552/3, والترمذى في: الأضاحي أيضًا: 93/4,
والنسائي في: الضحايا: 223/7.
2 أخرجه البيهقي في: سننه: 70/5، والفائق: "ضحى": 334/2.
3 أخرجه البخاري في مواضع: منها في: الحج: 174/2, ومسلم في: الحج
965/2, وابن ماجة في: المناسك: 1021/2.
4 أخرجه أبو عبيد في: غربيه: 94/2.
(3/247)
قال أبو سليمان: وقال غيره: العرب تقول:
لأمه الحلق والعقر: أي ثكلته أمه, فتحلق شعرها، وهي عاقر لا تلد.
وروى علي بن خشرم، عن وكيع بن الجراح, قال: قوله: حَلقى، هي المشؤومة,
والعَقرى: التي لا تلد من العقر, قال الخليل: يقال امرأة حلقى وعقرى,
توصف بخلاف وشؤم.
قال الليث صاحبه: إنما اشتقاقها من أنها تحلق قومها وتعقرهم: أي
تستأصلهم من شؤمها.
288
* قَولُه: "إذا أُتْبِعَ أحدكم عَلَى مَلِيءٍ, فليتبع" 1.
عوام الرواة يقولون: إذا اتِّبِعَ، على وزن افتعل، وإنما هو أُتْبِعَ
ساكنة التاء على وزن أُفْعِلَ من الإِتْبَاع، ومعناه: إذا أحيل على
مَلِيء, فليحتل.
* قوله: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القيامة، فذكر
المُنَفِّقَ سلعته بالحلف الفاجرة" 2.
المُنَفِّقَ: مشددة الفاء أجود، يريد المُرَوِّجَ لها من النَّفَاق.
فأما المُنْفِق: ساكنة النون، فإنه يوهم معنى الإنفاق.
__________
1 أخرجه البخاري في: الحوالة: 23/3, ومسلم في: المساقاة: 1197/3, وأبو
داود في: البيوع: 247/3, وغيرهم, وفي الفائق: "تبع": 147/1, برواية:
"إذا أُتْبِع أحدكم عَلَى مَليءٍ فليتَّبِع" بتشديد التاء، وفي:
النهاية: "تبع": 179/1, برواية: "فَلْيَتْبَع" بسكون التاء, وجاء في
الشرح: إذا أحيل على قادر, فليحتل: "أي ليقبل التحويل".
2 أخرجه مسلم في: الإيمان: 102/1, وأبو داود في: اللباس: 57/4,
والترمذي في: البيوع: 507/3, وغيرهم.
(3/248)
* في حديث عثمان: "لا تكلفوا الأمة غير
الصَّنَاع كَسْبا، فإنها تَكْسِب بفَرْجِها" 1.
الصَّنَاع: خفيفة النون: التي تصنع بيدها، ضد الخرقاء التي لا تصنع,
يقال: رجل صَنَع وامرأة صَنَاع, قال الحطيئة:
هم صنعوا لجارهم, وليست ... يد الخرقاء مثل يد الصَّنَاعِ2
ورواية العامة غير الصنَّاع مثقلة النون لا وجه لها.
* في حديث الحجاج بن عمرو: "ما يذهب عني مَذِمَّة الرَّضَاع؟ , قال:
"غُرَّةُ: عبد أو أمة" 3.
مَذِمَّة: بكسر الذال أجود، من الذِّمَام، ومَذَمَّة بفتحها من الذم.
* قوله: في قصة درة بنت أبي سلمة: "أرضعتني, وأباها ثويبة".
أخبرنا ابن الأعرابي، عن عباس الدوري قال: سألت يحيى بن معين عن حديث
أم حبيبة: هل لك في درة بنت أبي سلمة؟ فقال: أرضعتني, وأباها ثويبة،
فقلت ليحيى: أرضعتني وإِيَّاهَا ثويبة فأبي, وقال:
__________
1 أخرجه مالك في: الموطأ في: كتاب الاستئذان: 981/2, بلفظ: ".. غير ذات
الصنعة".
2 الديوان: 62.
3 أخرجه الترمذي في: الرضاع: 450/3, وأبو داود في: النكاح: 224/2,
والنسائي كذلك في: النكاح: 108/6, وغيرهم.
والفائق: "ذمم": 15/2, وجاء في الشرح: "المراد بمذمّة الرضاع: الحق
اللازم بسبب الرضاع, أو حق ذات الرضاع, فحذف المضاف, قال النخعي: كانوا
يستحبون أن يرضخوا عند فصال الصبي للظئر شيئًا سوى الأجر, ويرضخوا:
يعطوا".
(3/249)
"أرضعتني وأباها ثويبة" 1. يريد أنها ابنة
أخيه من الرضاعة.
* حديث عَبْد اللَّه بن عمرو في إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي
أَدْبَارِهِنَّ، فَقَالَ: "تلك اللُّوْطِيَّةُ الصغرى" 2.
رواه بعض أصحابنا: تلك الوَطِيَّة الصغرى، وفيه خطأ فاحش، وفيه ما يوهم
إباحة ذلك الفعل، وإنما هو تلك اللُّوْطِيَّة الصغرى على التشبيه له
بعمل قوم لوط.
* حديث ابن المسيب: "وَهَمَ ابنُ عباس في تزويج ميمونة"3.
يقال: وَهَمَ الرجل إذا ذهب وهمه إلى الشيء, ووَهِمَ: مكسورة الهاء إذا
غلط، وأوهم إذا أسقط.
* فأما قول عائشة، وذكر لها قول ابن عمر في قتلى بدر: "وَهَلَ ابن
عمر"4.
فمعناه غلط، يقال: وَهَلَ الرجل يهل وهلا، إذا غلط.
ويقال: ذهب وَهْلِي إلى كذا: أي وهمي.
فأما وَهِلَ بكسر الهاء, فمعناه فزع, يقال: وَهِلَ يوهل وهلًا.
__________
1 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 66/3, والبخاري في مواضع: منها في:
النكاح: 12/7, بلفظ: "إنها ابنة أخي من الرضاعة, أرضعتني وأبا سلمة
ثويبة ... ", ومسلم في: الرضاع: 1072/2, بلفظ: ".. أرضعتني وأباها",
وبلفظ البخاري أيضًا، وأحمد في: مسنده: 309/6.
2 أخرجه أحمد في: مسنده: 182/2، 210, والطحاوي في: شرح معاني الآثار:
44/3.
3 أخرجه أبو داود في: المناسك: 169/2, بلفظ: "وَهِمَ".
4 أخرجه أحمد في: مسنده: 209/3, وفي: النهاية: "وهل": 233/4.
(3/250)
* حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَجُلا
قال له: ما هذه الفتوى التي شَعَبَت الناس؟ "1.
أي فرقتهم.
كان شعبة يرويه: شَغَبَت، بالغين معجمة، وهو غلط, والصواب شَعَبَت
بالعين غير معجمة.
* قوله: "من قتل نفسًا معاهدة, لم يَرَح رائحة الجنة" 2.
أكثر المحدثين يرويه: لم يَرِحْ مكسورة الراء، ورواه بعضهم لم يُرِح،
وأجودها لم يَرَح، مفتوحة الراء، من رَحْتُ أَرَاح إذا وجدت الريح.
* في حديث الجنين: "كيف أعقل من لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهل,
فمثل ذلك يُطَلُّ"3.
عامة المحدثين يقولون: بَطَل من البطلان، ورواه بعضهم يُطَلُّ: أي
يُهْدر، وهو جيد في هذا الموضع.
__________
1 أخرجه مسلم في: الحج: 912/2, بلفظ: "تشغَّفت أو تشغبت وتفشغ بالناس"
وأحمد في: مسنده: 342/1, بلفظ: "تشغفت أو تشعبت بالناس"، والنهاية:
"شعب": 477/2, وجاء فيها: وفي رواية: "تشعَّبَت بالناس".
2 أخرجه البخاري في: الجزية: 120/4, وفي: الديات: 12/9, والترمذي في:
الديات: 20/4, بلفظ: "لم يَرَح" والنسائي في: القسامة: 25/7, بلفظ: "لم
يجد", وغيرهم, وفي الفائق: "روح": 89/2 " ... معاهدة بغير حلها..",
وجاء في الشرح: فيه ثلاث لغات: راح يريح كباع يبيع، وراح يراح كخاف،
وأراح يريح إذا وجد الرائحة، وقد جاءت الرواية بهن جميعا، وكذلك في:
النهاية: "روح": 272/2.
3 أخرجه البخاري في: الطب: 175/7, والترمذي في: الديات: 24/4, كلاهما
بلفظ: "بطل", وأخرجه مسلم في: القسامة: 1310/3, وأبو داود في: الديات:
192/4، 193, والنسائي في: القسامة: 48/7, وغيرهم، كلهم بلفظ: "يطل"،
النهاية: "طلل": 136/3.
(3/251)
يقال: طُلَّ دم الرجل: إذا ذهب هدرًا، ودم
مطلول, قال الشنفرى:
289 / إن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يُطَلّ1
* في قصة بني قريظة أنه قال لسعد: "لقد حكمت فيهم بحكم المَلِِك" 2.
يرويه بعضهم بحكم المَلَك، والأول أجود؛ لأن المَلِك هو الله عز وجل
والحكم له، ومن قال: المَلَك, أراد الحكم الذي أوحاه إليه الملك: أي
أداه عن الله عز وجل.
* وفي هذه القصة قوله: "لقد حكمت بحكم الله فوق سبعة أرقِعَة" 3،
بالقاف, يريد السماوات, ومن قال: أرفعة، بالفاء، فهو غلط4.
* حديث يزيد بن طارق: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
قال: "ما من أحد إلا وله شيطان، فقيل: وَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ,
قَالَ: وَلِيَ، إِلا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عليه فَأَسْلَمُ" 5.
__________
1 اللسان، التاج: "سلع", وقال ابن بري: يرثي الشنفرى بهذا البيت خاله:
تأبط شرًّا, وهو في الطرائف الأدبية: 39.
2 أخرجه البخاري في مواضع: منها في: الجهاد: 82/4, ومناقب الأنصار:
44/5, والمغازي: 143/5, ومسلم في: الجهاد: 1389/3, وغيرهما، النهاية:
"ملك": 359/4.
3 ذكره ابن كثير في: السيرة النبوية: 233/3 نقلًا عن ابن إسحاق بلفظ:
"أرقعة", النهاية: "رقع": 251/2.
4 ح: "فقط غلط".
5 النهاية: "سلم": 395/2 وجاء فيها: وفي رواية: "حتى أسلم ": أي انقاد
وكف عن وسوستي, ولم أجده من حديث يزيد بن طارق, وقد أخرجه مسلم في:
صفات المنافقين: 2167/4, من حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ,
وفي: 2168/4 من حديث عائشة, وكذلك أحمد في: مسنده: 385/1 و 115/6.
(3/252)
عامة الرواة يقولون: فأسْلَمَ على مذهب
الفعل الماضي، يريدون أن الشيطان قد أسلمَ إلا سفيان بن عيينة, فإنه
يقول: فأسلمُ: أي أسلمُ من شره، وكان يقول: الشيطان لا يُسْلِمُ.
* في قصة موت أبي طالب أنه قَالَ: "لَوْلا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ،
فتقول: أدركه الجزع, لأقررت بها عينك"1.
كان أبو العباس ثعلب يقول: إنما هو الخَرَع، يعني الضعف والخور.
* قوله: "إن من عباد الله لأناسًا ما من أنبياء, ولا شهداء يغبطهم
الأنبياء والشهداء"، قالوا: ومن هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "قوم
تحابوا برُوح الله" 2.
الراء من الرُّوح مضمومة، يريد القرآن, ومنه قول الله تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} 3.
* وقوله: "فينبتون, كما تنبت الحِبَّة في حميل السيل" 4.
الحِبَّة: مكسورة الحاء, بزور البقل والنبات، فأما الحِنْطة ونحوها,
فهو الحَبُّ لا غير.
__________
1 أخرجه مسلم في: الإيمان: 55/1, والترمذي في: التفسير: 341/5, وأحمد
في: مسنده: 434/2، 441.
2 أخرجه أحمد في: مسنده: 341/5, مختصرًا, وفي: 343/5, بطوله بلفظ:
"تحابوا في الله", وذكره الهيثمي في: مجمعه: 277/1, بنحوه.
3 سورة الشورى: 52.
4 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الإيمان: 13/1, وكذلك مسلم في:
مواضع منها في: 165/1، 173، وفي: النهاية:
"حمل": 442/1, وجاء في الشرح: الحَمِيل: هو ما يجيء به السيل من طين أو
غثاء وغيره، فعيل بمعني مفعول، فإذا اتفقت فيه حِبَّة, واستقرت على شط
مجرى السيل, فإنها تنبت في يوم وليلة, فشبه بها سرعة عود أبدانهم
وأجسادهم إليهم بعد إحراق النار لها.
(3/253)
* قول ابن عباس: "حُرِّمت الخمر بعينها,
والسَّكَر من كل شراب" 1.
يرويه عوام المحدثين، والسُّكْر من كل شراب -مضمومة السين-, فيبيحون به
قليل المسكر، والصواب أن يقال: والسَّكَر من كل شراب -مفتوحة السين
والكاف-, كذلك رواه أحمد بن حنبل، ومعناه المُسْكِر من كل شراب, قال
الشاعر:
بئس الصُّحاة, وبئس الشرب شربهم ... إذا جرى فيهم المزاء والسَّكَر2
* حديث جرير قال: "سألت رسول الله عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أَطْرِق
بصري"3.
هكذا يرويه أكثر الناس، وأخبرنا ابن الأعرابي، عن عبَّاسٌ الدُّورِيُّ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ معين، قال: إنما هو "أمرني أن أصرف4 بصري".
* فِي الْحَدِيثِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لبني ساعدة: "من سيدكم؟ " قالوا: جد بن قيس, وإنا
لنَرَنَّه على ذلك بشيئ من البخل, فقال: "وأي داء أدوى من البخل" 5.
__________
1 أخرجه النسائي في: الأشربة: 321/8.
2 اللسان، التاج: "مزز", وعزي للأخطل, يعيب قومًا, وهو في شعر الأخطل:
208/1.
3 أخرجه مسلم في: الأدب: 1699/3, بلفظ: " ... أن أصرف بصري", والترمذي
في: الأدب: 101/5 وفي: النهاية: "طرق": 122/3 برواية: "أطرق بصرك",
وجاء في الشرح: الإطراق: أن يقبل يبصره إلى صدره, ويسكت ساكتًا.
4 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 406/3, رقم النص 1976, بلفظ: "أطرف
بصري".
5 ذكره الهيثمي في: مجمعه: 126/3, بلفظ: " ... وإنا لنبخله, فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: وأي داء أدوى من البخل"،
وعزاه للطبراني في: الأوسط, وأخرجه ابن سعد في: طبقاته: 571/3, بلفظ: "
... أدوأ من البخل", وفي الفائق: "دوأ": 144/1, والنهاية: "دوا":
142/2, وجاء في الشرح، والصواب: أدوأ بالهمز, وموضعه أول الكتاب, ولكن
هكذا يروى, إلا أن يجعل من باب دوي يدوى دوًى فهو دوٍ, إذا هلك بمرض
باطن.
(3/254)
هكذا يرويه أصحاب الحديث: لا يهمزونه,
والصواب أن يهمز.
فيقال: أدوأ؛ لأن الداء أصله من تأليف دال وواو وهمزة.
يقال: داء, وفي الجمع أدواء, والفعل منه داء يداء دوءًا, تقديره: نام
ينام نومًا, ودَوَّأَه المرض مثل نَوَّمَه, أنشدني أبو عمر، أنشدني أبو
العبّاس، عن ابن الأعرابي لرجل عقه ابناه:
وكنت أُرَجِّي بعد عثمان جابرًا ... فدَوَّأَ بالعينين والأنف جابر1
ويقال: دوي الرجل يدوى دوًى, إذا كان به مرض باطن, 290
فأما الداء، ممدود مهموز، فاسم جامع لكل مرض ظاهر وباطن,
وقال عيسى بن عمر: سمعت رجلًا يقول: برئت إليك من كل داء تداؤه الإبل.
* في الحديث: "تَنَفَّل رسول الله ذا الفَقَار يوم بدر"2.
الفاء مفتوحة, والعامة تكسرها.
__________
1 في: تهذيب الأزهري: 447/15 برواية:
وكنت أرجِّي بعد نعمان جابرا ... فلوَّأ بالعينين والوجه جابر
والبيت في: اللسان: "لوأ", وقال: لوأ: أي شَوَّهَ.
2 أخرجه الترمذي في: السير: 130/4, وابن ماجه في: الجهاد: 939/2, وأحمد
في: مسنده: 271/1, والفائق: "فقر": 132/3, وجاء في الشرح: سمي بذلك؛
لأنه كانت في إحدى شفرتيه حزوز شبهت بفقار الظهر، وكان هذا السيف لمنبه
بن الحجاج, فتنفله رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في
السنة السادسة من الهجرة في غزوة بنى المصطلق, وكان صفيه، وهو سيفه
الذي كان عليه السلام يلزمه, ويشهد به الحروب.
(3/255)
* قوله: "أنا سيد ولد آدم, ولا فَخْر" 1.
ساكنة الخاء، يريد أنه إنما يذكر ذلك على مذهب الشكر, والتحدث بنعمة
الله, دون مذهب الفخر والكبر.
وسمعت قومًا من العامة يقولون: ولا فَخَر، مفتوحة الخاء، وهذا خطأ,
ينقلب به المعنى, ويستحيل إلى ضد معنى الأول.
أخبرني أبو عمر، أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي قَالَ: يقال: فَخَر الرجل
بآبائه يفخر فخْرًا، فإذا قلت: فَخِرَ -مكسورة الخاء- فَخَرًا مفتوحها,
كان معناه أنف, وأنشد:
وتراه يفخر أن تحل بيوته ... بمحلة الزمر القصير عنانا2
أي يأنف منه.
قال أبو العباس: ويقال: فخز الرجل -بالزاي معجمة- وفايش: إذا افتخر
بالباطل, وأنشد:
ولا تفخروا إن الفياش بكم مُزر
* قوله: "ما أذن الله لشيء كَأَذَنِهِ لنبيٍّ يتغني بالقرآن"3.
الألف والذال مفتوحتان, مصدر أذنت للشيء أَذَنًا، إذا استمعت له.
ومن قال كإذنه, فقد وهم.
__________
1 أخرجه ابن ماجة في: الزهد: 1440/2, وأحمد في: مسنده: 5/1, بتمامه،
وأخرجه أبو داود في: السنة: 218/4, الجزء الأول فقط من حديث أبي هريرة.
2 اللسان، التاج: "فخر", دون عزو.
3 أخرجه مسلم في: المسافرين: 546/1 بلفظ: "كإذنه".
(3/256)
* في قصة أبي عامر الذي يلقب بالراهب: "أنه
كان يدين الحنيفية, ويدعو إليها، فلما بلغه أن الأنصار بايعوا رسول
الله تغير, وخَبُت1, وعاب الحنيفية"2.
الرواية: خَبُتَ بالتاء التي هي أخت الطاء, والعامة ترويه: خبث بالثاء,
وهما قريبان في المعنى، إلا أن المحفوظ إنما هو خبت بالتاء لا غير.
* وفي الحديث الذي يرويه عياض بن حماد، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم: "أنه لما أمر بتبليغ الوحي, قال: "اللهم إِنْ
آتِهِم بِهِ, يُفْلَع رَأْسِي كما تفلع العترة" 3.
أي يشق رأسي من الفَلَع وهو الشق, ومن قال: يُقْلَع، فقد صَحَّفَ,
فأما قوله: "يُثْلَغُ رأسه" 4, فإنه من حديث آخر.
* وقوله: "حين رأى الملك, "فجُئِثْتُ فرقًا" 5.
صحفه بعضهم فقال: فجَبُنْت من الجبن، وإنما هو فجئثت: أي فرقت, ويقال:
رجل مَجْؤُوث.
* وقوله: "لا تحرم المَلْجَة والمَلْجَتَان" 6, وقد رويناه أيضا الملحة
والملحتان, وفسرناه في كتابنا هذا.
__________
1 ساقط من هنا من: س, نحو خمس صفحات من حجم الفلوسكاب, وقد تلافينا هذا
النقص من نسخة "ح".
2 في الفائق: "خبت": 350/1: خبت بمعنى خبث, والنهاية: "خبت": 4/2,
وتقدم في الجزء الأول.
3 الفائق: "فلغ": 138/3, والنهاية: "فلغ": 471/3, وفي الفائق: العترة
نبت، وقيل: هي شجرة العرفج, وروي: يُثْلَغُ رأسي كما تُثْلغُ
الخُبْزَةُ.
4 أخرجه مسلم في: الجنة: 2197/4, وأحمد في: مسنده: 162/4.
5 في الغريبين: "جأث": 309/1, والنهاية: "جأث": 232/1: في حديث المبعث,
فجئثت منه فرقًا، معناه ذعرت, يقال: جئث الرجل، وجئف، وزئد، وجث: أي
فزع.
6 النهاية "ملج، ملح": 353/4، 354, وتقدم تخريجه.
(3/257)
* ومما يقارب فيه الروايات, ولا تختلف لها
المعاني:
* "إن شدة الحر من فيح جهنم" 1.
* وقيل لخباب: "أكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
يقرأ في الظهر والعصر؟ , فقال: نعم, قيل له: بم كنتم تعرفون ذلك؟ قال:
باضطراب لحيته"2.
ويروى: لحييه3، وكلاهما قريب.
* ومن هذا النحو قوله: "لا ينبغي لامرأة أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام
إلا على زوج" 4، ويروى: تَحُدّ، وتُحِدّ
__________
1 ح: "قبح جهنم", تصحيف, وأخرجه البخاري في: المواقيت: 134/1, ومسلم
في: المساجد: 431/1, والترمذي في: المواقيت: 295/1.
والنهاية: "فيح": 484/3, وفيها: الفيح: سطوع الحر وفورانه, ويقال
بالواو، وفاحت القدر تفيح وتفوح إذا غلت، وقد أخرجه مخرج التشبيه
والتمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها.
2 أخرجه البخاري في: الصلاة: 183/1, وأبو داود في: الصلاة: 212/1, وابن
ماجة في: إقامة الصلاة: 270/1, والبيهقي في: سننه: 193/2, كلهم بلفظ:
"لحيته".
3 القاموس: "لحى": اللحية بالكسر: شعر الخدين والذقن, "ج" لِحًى
ولُحًى، واللَّحْيُ: منبتها وهما لحيان.
4 تقدم تخريجه، وفي: النهاية: "حدد": 352/1 وجاء في الشرح: أَحَدَّت
المرأة على زوجها تُحِدُّ, فهي مُحِدٌّ, وحَدَّتْ تَحُدُّ وتَحِدُّ,
فهى حاد: إذا حزنت عليه, ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة، وجاء في
المصباح "حدد": وأنكر الأصمعي الثلاثي, واقتصر على الرباعي.
(3/258)
بالضم1 أجود، والله أعلم.
* وقوله: "لا يترك في الإسلام مُفرَح ومُفرَج" 2، وأكثرهما في الرواية
بالجيم، وأعرفهما في الكلام بالحاء, وهو المثقل بالدين.
* قوله: "ثلاثٌ لا يُغِلُّ علَيْهنَ قَلْبُ مؤمن" 3, يروى: لا يَغِلُّ
ولا يُغِلُّ.
قال أبو عبيدة: فمن قَالَ: يَغِل بالفَتْح، فإنه يجْعَلُه من الغِلّ,
وهو الضِّغْنُ والشّحْناء, ومَنْ قَالَ: يُغِل -بضمّ الياء- جعله من
الخِيانَة، من الإغلال.
قال أبو سليمان: وكان أبو أُسامة حَمَّادُ بْن أسامة القرشي يرويه:
يَغِلُّ، يجعله من وغل يغل وغولًا.
* قوله: "لا تضارون في رؤيته" 4، يروى بالتخفيف: أي لا يصيبكم ضير،
ويضارُّون مشددة من الضرار: أي لا يضار بعضكم بعضًا بأن تتنازعوا,
فتختلفوا فيه, فيقع بينكم الضرار.
__________
1 ح: "بالحاء" بدل "بالضم" تحريف.
2 ذكره المتقي في: كنز العمال: 775/5, وعزاه لعبد الرزاق, والفائق:
"فرح": 96/3, وفي: القاموس: "فرج", مفرج أي إذا جنى كان على بيت المال؛
لأنه لا عاقلة له، وفي مادة "فرح": المفرح: المحتاج المغلوب الفقير.
3 أخرجه ابن ماجة في: المقدمة: 84/1, والمناسك: 1015/2, والدارمي في:
المقدمة: 75/1, وغيرهما, والفائق: "غلل": 72/3, والحديث في: النهاية:
"غلل": 381/3, وجاء في الشرح: "عليهن" في موضع الحال، تقديره: لا يغل
كائنًا عليهن قلب مؤمن.
4 أخرجه البخاري في مواضع منها: في: التوحيد: 156/9, ومسلم في: الزهد:
2279/4, وأبو داود في: السنة: 233/4, وغيرهم، وانظر النهاية: "ضرر،
ضير": 82/3، 107.
(3/259)
مثله: "تضامُون في رؤيته، وتضامُّون" 1،
الأول خفيفة من الضيم، والآخر مشددة من التَّضَام والتداخل.
* قوله: "من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك ضيَاعًا فإليَّ" 2.
ضَيَاعًا: بفتح الضاد، مصدر ضاع الشيء يضيع ضَيَاعًا: أي ما هو مؤذن
بأن يضيع من عيال وذرية, ومن كسر الضاد, أراد جمع ضائع وضِيَاع، كما
قيل: جائع وجِيَاع, والمحفوظ هو الأول.
* قوله: "عجب ربكم من أَلِّكُم وقنوطكم" 3.
يرويه المحدثون: من إِلِّكُم -بكسر الألف-, والصواب ألكم بفتحها، يريد
رفع الصوت بالدعاء.
* حديث عبادة: "البُر بالبُر، مُدْي بمُدْي" 4.
المُدْيُ: غير المد, المُدْي: مكيال ضخم لأهل الشام، والمُدُّ: ربع
الصاع.
* في قصة تزويج فاطمة: "أنها لما بنى بها علي، فلما أصبحت دعا
__________
1 النهاية: "ضمم": 101/3.
2 أخرجه البخاري في مواضع منها في: الفرائض: 190/8, ومسلم في: الفرائض:
1238/3, وأبو دواد في: الإمارة: 137/3, وغيرهم.
3 أخرجه أبو عبيد في: غريبه: 269/2, بلفظ "عجب ربكم من إِلِّكم -بكسر
الألف- وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم، ورواه بعد المحدثين من أزلكم، وقال
أبو عبيد: وأصل الأزل: الشدة, وقال: وأراه المحفوظ, وفي كتاب الغريبين:
"ألل": 71/1: والمحفوظ عندنا أَلِّكم بالفتح، وهو أشبه بالمصادر، كأنه
أراد: من شدة قنوطكم.
4 أخرجه أبو داود في: البيوع: 248/3 وفي: النهاية: "مدى": 310/4,
وفيها: أي مكيال بمكيال.
(3/260)
بها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم, فجاءت خَرِقَة من الحياء"1.
خَرِقَة -بالقاف- أي خجلة, وخرفة بالفاء غلط, لا وجه لها ها هنا.
* في الحديث: "من جمع مالا من تهاوش هلك" 2.
يقول أصحاب الحديث: بالنُّون: وهو غَلطٌ، إنما هُوَ من تهاوش، وزنه
تفاعل من الهوش، وهو الاختلاط.
* قوله: "الحرب خَدْعة" 3, اللغة العالية: خَدْعَة- مفتوحة الخاء - قال
أبو العباس: وبلغنا أنها لغة النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
ورواية العامة: خُدْعة.
قال الكسائي وأبو زيد: يقال أيضا: خُدَعة -مضمومة الخاء مفتوحة الدال.
*حديث عمر: "أنه حَمَى غَرْزَ النقيع"4.
__________
1 الفائق: "خرق": 362/1, وتقدم تخريجه في الجزء الأول.
2 ذكره العجلوني في: كشف الخفاء: 226/2، 244, وقد تقدم تخريجه بتمامه.
3 أخرجه البخاري في: الاستتابة: 21/9, ومسلم في: الجهاد: 1361/3,
والترمذي في: الجهاد: 194/4, وغيرهم، وفي: النهاية: "خدع": 14/2, وجاء
في الشرح: يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال، وبضمها مع فتح الدال،
فالأول معناه أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة، من الخداع: أي أن
المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم تكن لها إقالة، وهي أفصح الروايات
وأصحها، ومعنى الثاني هو الاسم من الخداع، ومعني الثالث: أن الحرب تخدع
الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم، كما يقال: فلان رجل لُعَبة وضُحَكة: أي
كثير اللعب والضحك.
4 ذكره السمهودي في: وفاء الوفاء: 1089/3, بنحوه, وقد تقدم هذا الحديث,
وهو في: الفائق: "غرز": 63/3, وجاء في الشرح: الغرز: نوع من الثمام
دقيق لا ورق له, وواد مغرز: به الغرز.
(3/261)
النقيع: موضع، بالنون، وليس بالبقيع الذي
هو مدفن الموتى بالمدينة.
* في الحديث: "مَوَتَان الأرض لله ورسوله" 1، يعني الموات من الأرض؛
وفيه لغتان:
يقال: مَوْتان -مفتوحة الميم ساكنة الواو-, ومَوَتَان: الميم والواو
متحركتان, فأما المُوتان: فهو الموت, يقال: وقع المُوتان في المال.
* قوله: "ما زالت أُكْلَةُ خيبر تُعَادُّنِي" 2.
قال أبوالعباس ثعلب: لم يأكل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم من تلك الشاة, إلا لقمة واحدة، فلا يجوز أن يروى: أَكْلَة خيبر
-مفتوحة الألف- كما رواه بعض أصحاب الحديث، إنما الأَكْلَة بمعني المرة
من الأكل، والأُكْلَة: اللقمة.
* في الحديث: "من غَيَّرَ تُخُومَ الأرض" 3.
أي حدودها، المعربون: يفتحون التاء، والمحدثون يقولون: تُخُوم على أنه
جمع تَخْم.
__________
1 أخرجه البيهقي في: سننه: 143/6, وذكره السيوطي في: الجامع الكبير:
849/1.
2 أخرجه الدرامي في: المقدمة: 21/1- 33, والبخاري في: المغازي: 11/6,
بنحوه, وأحمد في: مسنده: 18/6, وانظر الطب النبوي لابن القيم: 96-97,
وفي: النهاية: "عدد": 189/3, وجاء فيها: تعادُّني أي تراجعني, ويعاودني
ألم سمها في أوقات معلومة.
3 تقدم تخريجه، وانظر الجامع الكبير: 804/1, والنهاية: "تخم": 183/1,
برواية: "ملعون من غيَّر تخوم الأرض" ويروى: تَخوم الأرض، بفتح التاء
على الإفراد، وجمعه تُخُم، بضم التاء والخاء.
(3/262)
* في حديث سؤال القبر: "لا دريت ولا تليت"
1.
هكذا يقول المحدثون، والصواب: ولا ائْتَلَيت، تقديره: افتعلت، أي لا
استطعت, من قولك: ما ألوت هذا الأمر, ولا استطعت.
وفيه وجه آخر: وهو أن يقال: ولا أَتْلَيْت به، يدعو عليه بأن لا تتلى
إبله: أي لا يكون لها أولاد تتلوها، أي تتبعها.
* فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود: "أصل كل داء البَرَدَة" 2.
البَرَدَة مفتوحة الراء: التُّخْمَة, وأصحاب الحديث يقولون: البَرْدُ,
وهو غلط.
* في حديث أبي هريرة: "والراوية يومئذ يستقى عليها أحب إليَّ من لاءٍ
وشاءٍ" 3.
هكذا يرويه المحدثون، وإنما هو من أَلآء, تقديره ألعاء، وهي الثيران,
واحدها: لَأىً تقديره لَعًا، مثل: قَفًا وأقفاء.
* قوله: "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" 4.
__________
1 أخرجه البخاري في: الجنائز: 113/2- 123, وأبو داود في: السنة: 239/4,
وغيرهما بلفظ: "لا دريت ولا تليت".
2 لم أجده من حديث ابن مسعود, وذكره السيوطي في: الجامع الكبير:, 114/1
من حديث أنس, وأبي سعيد, وأبي الدرداء, وهو في: كنز العمال: 4/10, وفي:
النهاية: "برد": 115/1.
3 الفائق: "لأى": 128/3, والنهاية: "لأى": 221/4, وجاء في: اللسان:
"لأى": يريد: بعير يستقى عليه يؤمئذ خير من اقتناء البقر والغنم، كأنه
أراد الزراعة؛ لأن أكثر من يقتني الثيران والغنم الزارعون.
4 أخرجه البخاري في: الأشربة: 146/7, ومسلم في: اللباس: 1634/3, ومالك
في: الموطأ: 924/2, وغيرهم.
(3/263)
أكثر الرواة يقولون: نارُ جهنم، يرفعون
الراء بمعنى أن الذي يدخل جوفه هو النار, وإلى نحو من هذا أشار أبو
عبيد1, وعلى ذلك دل تفسيره؛ لأنه قال: الجرجرة: الصوت, قال: ومعنى
يجرجر، يريد صوت وقوع الماء في جوفه, قال: ومنه قيل للبعير إذا صوت: هو
يجرجر, وَقَالَ بعض أهل اللغة: إنما هو يجرجر في بطنه نارَ جهنم -بنصب
الراء-.
قال: والجرجرة: الصب, يقال: جرجر في بطنه الماء إذا صبه جرجرة، وجرجر
الجرة: إذا صبها, قال: ومعناه كأنه يصب في جوفه نارَ جهنم.
* قوله: "قولوا بقولكم, ولا يستجْرِيَنَّكُم الشيطان" 2.
معناه: لا يتخذنكم الشيطان جَرِيًّا, والجَرِيُّ: الأجير أو الوكيل,
ويروى أيضا: لا يستَجِرَّنَّكُم3.
ورواه قطرب: لا يستحيرنكم، وفسره من الحيرة، وهو غير محفوظ,
والصواب: لا يستجرينكم من الجَرِيِّ.
قوله: "الخال وارث من لا وارث له، يفك عَنِيَّهُ, ويرث ماله" 4.
__________
1 غريب الحديث لأبي عبيد: 253/1.
2 أخرجه أبو داود في: الأدب: 254/4, وأحمد في: مسنده: 241/3, بلفظ
"يستجرينكم", وبلفظ: "لا يستهوينكم"، وقد تقدم الحديث.
3 نهاية الساقط من نسخة س.
4 أخرجه أحمد في: مسنده: 133/4, بلفظ " ... والخال ولي من لا ولي له،
يفك عنه, ويرث ماله" وفي رواية ثانية: "ويفك عانه", وفي رواية ثالثة: "
... والخال وارث من لا وارث له, يعقل عنه ويرثه", والنهاية: "عنا":
314/3.
(3/264)
رواه بعضهم: يفك عينه -الياء قبل النون-
وإنما هو عَنِيَّه، والعَنِيُّ: العاني، وهو الأسير.
وقد يروى أيضا: عُنِيَّه مصدر عَنَا الأسير يعنو عنوًّا وعنيًّا.
* حديث ميمون بن مهران أنه قال: "عليك بكتاب الله، فإن الناس قد بَهَوا
به"1.
هكذا يروى، وإنما هو بَهَؤُوا به، مهموز: أي أَنِسُوا به, واستخفوا
بحقه.
تم الكتاب والحمد لله.
__________
1 النهاية: "بهأ": 164/1, والحديث أخرجه أبو عبيد في: غريبه: 473/4.
(3/265)
آخر الكتاب
كتبه لنفسه عبد الكريم بن الحسن بن جعفر بن خليفة البعلبكي في الثامن
عشر من شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وخمسمائة من الهجرة، وسمع جميع
هذا الجزء والذي قبله، وهما جميع كتاب "غريب الحديث للخطابي" مع
الشيخين: الفقيه الإمام العالم شرف الدين أبي عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد بن أبي الفضل المُرِّي، والحافظ تاج الدين
أبي الحسن محمد بن الإمام أبي جعفر القرطبي بسماع للأول من منصور بن
عبد المنعم المولوي، وبسماع الثاني من الحافظ أبي محمد القاسم بن علي
بن عساكر سنة ستمائة من الهجرة.
(3/266)
|