لسان العرب فصل النون
نبب: نَبَّ التَّيْسُ يَنِبُّ نَبّاً ونَبِيباً ونُباباً، ونَبْنَبَ
صاحَ عِنْدَ الهِيَاجِ.
وَقَالَ عُمَرُ لوفْدِ أَهلِ الْكُوفَةِ، حِينَ شَكَوْا سَعْداً:
لِيُكَلِّمْني بعضُكم، وَلَا تَنِبُّوا عِنْدِي نَبِيبَ التُّيوسِ
أَي تَصيحوا. ونَبْنَبَ الرجلُ إِذا هَذَى عِنْدَ الْجِمَاعِ. وَفِي
حَدِيثِ الْحُدُودِ:
يَعْمِدُ أَحدُهم، إِذا غَزَا الناسُ، فيَنِبُّ كَنَبِيبِ التَّيْسِ
؛ النَّبِيبُ: صَوْتُ التَّيْسِ عِنْدَ السِّفادِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمر: أَنه أَتى الطائفَ، فإِذا هُوَ يَرَى
التُّيُوسَ تَلِبُّ أَو تَنِبُّ عَلَى الغَنم.
ونَبْنَبَ إِذا طَوَّلَ عَمَلَه وحَسَّنَه. ونَبَّ عَتُود فُلان إِذا
تَكَبَّر؛ قَالَ الْفَرَزْدَقِ:
وكُنَّا إِذا الجَبَّارُ نَبَّ عَتُودُه، ... ضَرَبْناهُ تَحْتَ
الأُنْثَيَين عَلَى الكَرْدِ
اللَّيْثُ: الأُنْبُوبُ والأُنْبُوبة: مَا بَيْنَ العُقْدتين فِي
الْقَصَبِ والقَناةِ، وَهِيَ أُفْعُولة، وَالْجُمَعُ أُنْبُوبٌ
وأَنابيبُ. ابْنُ سِيدَهْ: أُنْبُوبُ القَصَبة والرُّمْح: كعبُهما.
ونَبَّبَتِ العِجْلَةُ، وَهِيَ بَقلَة مُسْتَطِيلَةٌ مَعَ الأَرض:
صَارَتْ لَهَا أَنابيبُ أَي كُعُوبٌ؛ وأُنْبُوبُ النَّبَاتِ، كَذَلِكَ.
وأَنابيبُ الرِّئَةِ: مخارجُ النَّفَس مِنْهَا، عَلَى التَّشْبِيهِ
بِذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَصْهَبُ هدَّارٌ لكُلِّ أَرْكُبِ، ... بِغِيلَةٍ تَنْسَلُّ بَيْنَ
الأَنْبُبِ
يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِالأَنْبُبِ أَنابيبَ الرِّئةِ، كأَنه حَذَفَ
زَوَائِدَ أُنبوب، فَقَالَ نَبٌّ؛ ثُمَّ كَسَّره عَلَى أَنُبٍّ، ثُمَّ
أَظْهر التَّضْعِيفَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. وَلَوْ قَالَ:
بَيْنَ الأُنْبُبِ، فَضَمَّ الْهَمْزَةَ، لَكَانَ جَائِزًا
ولَوَجَّهْناه عَلَى أَنه أَراد الأُنْبُوبَ، فَحَذَفَ، ولَساغ لَهُ
أَن يَقُولَ: بَيْنَ الأُنْبُبِ، وإِن كَانَ بيْن يَقْتَضِي أَكثر مِنْ
وَاحِدٍ، لأَنه أَراد الْجِنْسَ، فكأَنه قَالَ: بَيْنَ الأَنابيب.
وأُنْبُوبُ القَرْن: مَا فَوْقَ العُقَدِ إِلى الطَّرف؛ وأَنشد:
بسَلِبٍ أُنْبُوبُه مِدْرَى
والأُنْبُوبُ: السَّطر مِنَ الشَّجَرِ. وأُنْبُوبُ الجَبل: طَرِيقَةٌ
فِيهِ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الخُناعيّ «1» :
فِي رأْسِ شاهِقةٍ، أُنْبُوبُها خَصِرٌ، ... دونَ السَّماءِ لَهَا فِي
الجَوِّ قُرناسُ
الأُنْبُوبُ: طريقةٌ نادرةٌ فِي الجَبَل. وخَصِرٌ: باردٌ. وقُرْناسٌ:
أَنْفٌ مُحَدَّدٌ مِنَ الجَبَل. وَيُقَالُ لأَشْرافِ الأَرض إِذا كانتْ
رَقاقاً مُرْتفعةً. أَنابيبُ؛
__________
(1) . قوله [الخناعي] بالنون كما في التكملة، ووقع في شرح القاموس
الخزاعي بالزاي تقليداً لبعض نسخ محرفة. ونسخة التكملة التي بأيدينا
بلغت من الصحة الغاية وعليها خط مؤلفها والمجد والشارح نفسه.
(1/747)
وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ورُودَ العَيْر
الماءَ:
بكُلِّ أُنْبُوبٍ لَهُ امْتِثالُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا احْتَفَّتِ الأَعْلامُ بالآلِ، والْتَقَتْ ... أَنابيبُ تَنْبُو
بالعُيونِ العَوارِفِ «1»
أَي تُنْكِرُها عَينٌ كانَتْ تَعْرِفُها. الأَصمعي: يُقَالُ الْزَم
الأُنْبُوبَ، وَهُوَ الطريقُ، والزَم المَنْحَر، وَهُوَ القَصْدُ.
نتب: الْجَوْهَرِيُّ: نَتَبَ الشيءُ نُتُوباً، مِثْلُ نَهَدَ؛ وَقَالَ:
أَشْرَفَ ثَدْياها عَلَى التَّريبِ؛ ... لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ
فِي النُّتُوبِ
نجب: فِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ كلَّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَباءَ رُفَقاءَ.
ابْنُ الأَثير: النَّجيبُ الفاضلُ مِنْ كلِّ حيوانٍ؛ وَقَدْ نَجُبَ
يَنْجُبُ نَجَابَةً إِذا كَانَ فَاضِلًا نَفيساً فِي نَوْعِهِ؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن اللَّهَ يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِيبَ
أَي الْفَاضِلَ الكَريم السَّخِيَّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: الأَنعامُ مِنْ نَجائبِ القُزَانِ، أَو نواجِبِ
الْقُرْآنِ
أَي مِنْ أَفاضل سُوَره. فالنَّجائِبُ جَمْعُ نَجيبةٍ، تأْنيثُ
النَّجِيبِ. وأَما النَّواجِبُ، فَقَالَ شَمِر: هِيَ عِتاقُه، مِنْ
قَوْلِهِمْ: نَجَبْتُهُ إِذا قَشَرْتَ نَجَبَه، وَهُوَ لِحاؤُه
وقِشْرُه، وتَرَكْتَ لُبابَه وخالصَه. ابْنُ سِيدَهْ: النَّجِيبُ مِنَ
الرِّجَالِ الكريمُ الحَسِيبُ، وَكَذَلِكَ البعيرُ والفرسُ إِذا كَانَا
كَرِيمَيْنِ عَتِيقين، وَالْجَمْعُ أَنجاب ونُجَباءُ ونُجُبٌ. وَرَجُلٌ
نَجِيبٌ أَي كِرِيمٌ، بَيِّنُ النَّجابة. والنُّجَبةُ، مثالُ الهُمَزة:
النَّجِيبُ. يُقَالُ: هُوَ نُجَبَةُ القَوم إِذا كَانَ النَّجِيبَ
مِنْهُمْ. وأَنْجَبَ الرجلُ أَي ولَدَ نَجِيباً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنْجَبَ أَزْمانَ والداهُ بِهِ، ... إِذ نَجَلاهُ، فنِعْمَ مَا نَجَلا
والنَّجيبُ مِنَ الإِبل، وَالْجَمْعُ النُّجُبُ والنَّجائبُ. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّجِيبِ مِنَ الإِبل، مُفْرَدًا
وَمَجْمُوعًا، وَهُوَ القويُّ مِنْهَا، الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، وناقَةٌ
نَجِيبٌ ونجيبةٌ. وَقَدْ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً، وأَنجَبَ،
وأَنجَبَتِ المرأَةُ، فَهِيَ مُنْجِبةٌ، ومِنْجابٌ. وَلَدَتِ
النُّجَبَاءَ؛ ونسوةٌ مَناجِيبُ، وَكَذَلِكَ الرجلُ. يُقَالُ: أَنجَبَ
الرجلُ والمرأَةُ إِذا وَلَدَا وَلَدًا نَجِيباً أَي كَرِيماً. وامرأَة
مِنْجابٌ. ذَاتُ أَولادٍ نجَباء. ابْنُ الأَعرابي: أَنجَبَ الرجلُ جاءَ
بِوَلَدٍ نَجِيبٍ. وأَنجَبَ: جاءَ بِوَلَدٍ جَبانٍ، قَالَ: فَمَنْ
جَعَلَهُ ذَمّاً، أَخَذَه مِنَ النَّجَب، وَهُوَ قِشْرُ الشَّجَرِ.
والنَّجابةُ: مَصْدَرُ النَّجِيبِ مِنَ الرِّجال، وَهُوَ الْكَرِيمُ
ذُو الحَسَب إِذا خَرَج خُروجَ أَبيه فِي الكَرَم؛ والفِعْلُ نَجُبَ
يَنْجُبُ نَجابةً، وَكَذَلِكَ النَّجابةُ فِي نجائبِ الإِبل، وَهِيَ
عِتاقُها الَّتِي يُسابَقُ عَلَيْهَا. والمُنْتَجَبُ: المُختارُ مِنْ
كُلِّ شيءٍ؛ وَقَدْ انْتَجَبَ فلانٌ فُلَانًا إِذا اسْتَخْلَصَه،
واصْطَفاه اخْتياراً عَلَى غَيْرِهِ. والمِنْجابُ: الضَّعِيفُ،
وَجَمْعُهُ مَناجيبُ؛ قَالَ عُرْوة بنُ مُرَّة الهُذَليُّ:
بَعَثْتُه فِي سَوادِ اللَّيلِ يَرْقُبُني، ... إِذ آثَرَ النَّومَ
والدِّفْءَ المَناجيبُ
وَيُرْوَى المَناخِيبُ، وَهِيَ كالمَناجيب، وَهُوَ مذكور
__________
(1) . قوله [وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ إِذَا احتفت إلخ] وبعده كما في
التكملة:
عسفت اللواتي تهلك الريح بينها ... كلالا وجنّان الهبلّ المسالف
أي البلاد اللواتي. وجنان، بكسر أوله وتشديد ثانيه. والهبل كهجف أي
الشياطين الضخام، والمسالف اسم فاعل الذي قد تقدم.
(1/748)
فِي مَوْضِعِهِ. والمِنْجابُ مِنَ
السِّهَامِ: مَا بُرِيَ وأُصْلِحَ وَلَمْ يُرَشْ وَلَمْ يُنْصَلْ،
قَالَهُ الأَصمعي. الْجَوْهَرِيُّ: المِنْجابُ السَّهْمُ الَّذِي
لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ وَلَا نَصلٌ. وإِناءٌ مَنْجُوبٌ: واسعُ
الْجَوْفِ، وَقِيلَ: وَاسِعُ القَعْر، وَهُوَ مَذْكُورٌ بالفاءِ
أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ:
يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ تَعَاقَبَتَا، وسيأْتي
ذِكْرُهُ فِي الفاءِ أَيضاً. والنَّجَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: لِحَاءُ
الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: قِشْرُ عُرُوقِهَا؛ وَقِيلَ: قِشرُ مَا صَلُبَ
مِنْهَا. وَلَا يُقَالُ لِمَا لانَ مِنْ قُشُور الأَغصانِ نَجَبٌ،
وَلَا يُقَالُ: قِشْرُ العُروق، وَلَكِنْ يقالُ: نَجَبُ العُروق،
وَالْوَاحِدَةُ نَجَبةٌ. والنَّجْبُ، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ
نَجَبْتُ الشَّجَرَةَ أَنْجُبُها وأَنجِبُها إِذا أَخذت قِشرَة ساقِها.
ابْنُ سِيدَهْ: ونَجَبه يَنْجُبُه، ويَنْجِبُه نَجْباً، ونجَّبه
تَنْجِيباً، وانْتَجَبَه: أَخذه. وذَهَبَ فلانٌ يَنتَجِبُ أَي يجْمَعُ
النَّجَبَ. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ: المُؤْمنُ لَا تُصيبُه ذَعْرة، وَلَا عَثْرة، وَلَا نَجْبةُ
نملةٍ إِلَّا بذَنْبٍ
؛ أَي قَرْصَةُ نملةٍ، مِن نَجَبَ العُودَ إِذا قَشَرَه؛ والنَّجَبَةُ،
بِالتَّحْرِيكِ: القِشرَةُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى
هاهنا، وَيُرْوَى بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وأَما
قَوْلُهُ:
يَا أَيُّها الزاعِمُ أَني أَجْتَلِبْ، ... وأَنني غَيرَ عِضاهي
أَنْتَجِبْ
فَمَعْنَاهُ أَنني أَجْتَلِبُ الشِّعْرَ مِنْ غَيري، فكأَني إِنما
آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ بِهِ مِنْ عِضاهٍ غَيْرِ عِضاهي. الأَزهري:
النَّجَبُ قُشُورُ السِّدْر، يُصْبَغُ بِهِ، وَهُوَ أَحمر. وسِقاءٌ
مَنْجوبٌ ونَجَبيٌّ: مَدْبُوغٌ بالنَّجَب، وَهِيَ قُشور سُوق الطَّلْح،
وَقِيلَ: هِيَ لِحَاءُ الشَّجَر، وسِقاءٌ نَجَبيٌّ. وَقَالَ أَبو
حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو مِسْحَل: سِقاءٌ مِنْجَبٌ مَدْبُوغٌ بالنَّجَب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بشيءٍ، لأَن مِنْجَباً مِفْعَلٌ،
ومِفْعَلٌ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَفْعُولٍ. والمَنجوبُ: الجلْدُ
الْمَدْبُوغُ بقُشور سُوق الطَّلْح. والمَنْجُوبُ: القَدَحُ الواسِع.
ومِنْجابٌ ونَجَبةُ: اسْمَانِ. والنَّجَبَةُ: موضعٌ بِعَيْنِهِ، عَنِ
ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فنحنُ فُرْسانٌ غَداةَ النَّجَبَهْ، ... يومَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ
أُرَبَهْ،
عَقْداً بعَشْرِ مائةٍ لَنْ تُتْعِبَهْ
قَالَ: أَسَرُوهم، ففَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ. والنَّجْبُ: اسْمُ
مَوْضِعٌ؛ قَالَ القَتَّالُ الكِلابيُّ «1» :
عَفا النَّجْبُ بَعْدي فالعُرَيْشانِ فالبُتْرُ، ... فبُرْقُ نِعاجٍ
مِنْ أُمَيْمَة فالحِجْرُ
ويومُ ذِي نَجَبٍ: يومٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ مشهور.
نحب: النَّحْبُ والنَّحِيبُ: رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ، وَفِي
الْمُحْكَمِ: أَشدُّ البكاءِ. نحَبَ يَنْحِبُ بِالْكَسْرِ «2» ،
نحِيباً، والانْتِحابُ مِثْلُهُ، وانتَحَبَ انتِحاباً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ لَمَّا نُعِيَ إِليه حُجْرٌ: غَلَب عَلَيْهِ النَّحِيبُ
؛ النَّحِيبُ: البكاءُ بصَوْتٍ طَويلٍ ومَدٍّ. وَفِي حَدِيثِ
الأَسْوَدِ بْنِ المُطَّلِبِ: هَلْ أُحِلَّ النَّحْبُ؟
أَي أُحِلَّ البُكاءُ. وَفِي حَدِيثِ
مجاهدٍ: فنَحَبَ نَحْبَةً هاجَ مَا ثَمَّ مِنَ البَقْل.
وَفِي حديث
عليٍّ:
__________
(1) . قوله [قال القتال الكلابي] وبعده كما في ياقوت:
إلى صفرات الملح ليس بجوّها ... أنيس ولا ممن يحل بها شفر
شفر كقفل أي أحد. يقال ما بها شفر ولا كتيع كرغيف ولا دبيج كسكين.
(2) . قوله [نَحَبَ يَنْحِبُ، بالكسر] أي من باب ضرب كما في المصباح
والمختار والصحاح، وكذا ضبط في المحكم. وقال في القاموس النحب أشد
البكاء وقد نَحَبَ كمَنَعَ.
(1/749)
فَهَلْ دَفَعَتِ الأَقاربُ، ونَفَعَتِ
النَّواحِبُ؟
أَي الَبَوَاكِي، جَمْعُ ناحِبةٍ؛ وَقَالَ ابْنُ مَحْكان:
زَيَّافَةٌ لَا تُضِيعُ الحَيَّ مَبْرَكَها، ... إِذا نَعَوها لِرَاعِي
أَهْلِها انْتَحَبا
ويُرْوَى: لَمَّا نَعَوْها؛ ذكَر أَنه نَحَر نَاقَةً كَرِيمَةً
عَلَيْهِ، قَدْ عُرِفَ مَبرَكُها، كَانَتْ تُؤتى مِرَارًا فتُحْلَبُ
للضَّيْف والصَّبيِّ. والنَّحْبُ: النَّذْرُ، تَقُولُ مِنْهُ: نَحَبْتُ
أَنْحُبُ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ:
فإِني، والهِجاءَ لآِلِ لأْمٍ، ... كذاتِ النَّحْبِ تُوفي بالنُّذورِ
وَقَدْ نَحَبَ يَنْحُبُ؛ قَالَ:
يَا عَمْرُو يَا ابنَ الأَكْرَمينَ نسْبا، ... قَدْ نَحَبَ المَجْدُ
عَلَيْكَ نَحْبا
أَراد نَسَباً، فخَفَّفَ لِمَكَانِ نَحْبٍ أَي لَا يُزايِلُك، فَهُوَ
لَا يَقْضي ذَلِكَ النَّذْرَ أَبَداً. والنَّحْبُ: الخطَرُ الْعَظِيمُ.
وناحَبَهُ عَلَى الأَمر: خاطَرَه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
بِطَخْفَة جالَدْنا المُلوكَ، وخَيْلُنا، ... عَشِيَّةَ بَسْطامٍ،
جَرَينَ عَلَى نَحْبِ
أَي عَلَى خَطَر عَظِيمٍ. وَيُقَالُ: عَلَى نَذْرٍ. والنَّحْبُ:
المُراهَنة وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ «3» . والنَّحْبُ: الهِمَّة.
والنَّحْبُ: البُرْهانُ. والنَّحْبُ: الْحَاجَةُ. والنَّحْبُ:
السُّعَالُ. الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: مِنْ أَمراض الإِبل النُّحابُ،
والقُحابُ، والنُّحازُ، وَكُلُّ هَذَا مِنَ السُّعال. وَقَدْ نَحَبَ
البعيرُ يَنحِبُ نُحاباً إِذا أَخَذه السُّعال. أَبو عَمْرٍو:
النَّحْبُ النَّومُ؛ والنَّحْبُ: صَوْتُ البكاءِ؛ والنَّحْبُ:
الطُّولُ؛ والنَّحْبُ: السِّمَنُ؛ والنَّحْبُ: الشِّدَّة؛ والنَّحْبُ:
القِمارُ، كُلُّهَا بِتَسْكِينِ الحاءِ. وَرُوِيَ عَنِ الرِّياشيِّ:
يومٌ نَحْبٌ أَي طويلٌ. والنَّحْبُ: الموتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
؛ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: قُتِلوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فأَدْرَكوا مَا
تَمَنَّوْا، فَذَلِكَ قَضاءُ النَّحْب. وَقَالَ الزَّجَّاجُ
وَالْفَرَّاءُ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَه أَي أَجَلَه.
والنَّحْبُ: المدَّةُ وَالْوَقْتُ. يُقَالُ قَضى فلانٌ نَحْبَه إِذا
مَاتَ. وَرَوَى
الأَزهري عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسحاق فِي قَوْلِهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ
قَضى نَحْبَهُ
، قَالَ: فَرَغَ مِنْ عَمَلِه، وَرَجَعَ إِلى رَبِّهِ؛ هَذَا لِمَنْ
اسْتُشْهِدَ يومَ أُحُدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ مَا وَعَدَه
اللَّهُ تَعَالَى مِن نَصْرِه، أَو الشَّهَادَةِ، عَلَى مَا مَضَى
عَلَيْهِ أَصْحابُه
؛ وَقِيلَ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نحْبه أَي قَضى نَذْره، كأَنه أَلْزَم
نَفْسَه أَن يموتَ، فوَفَّى بِهِ. وَيُقَالُ: تَناحَبَ القومُ إِذا
تَوَاعَدُوا لِلْقِتَالِ أَيَّ وقتٍ، وَفِي غَيْرِ الْقِتَالِ أَيضاً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
طَلْحةُ مِمَّنْ قَضى نَحْبَه
؛ النَّحْبُ: النَّذْرُ، كأَنه أَلزم نَفْسَهُ أَن يَصْدُقَ الأَعْداءَ
فِي الحرْب، فوفَّى بِهِ وَلَمْ يَفْسَخْ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ
النَّحْبِ الْمَوْتِ، كأَنه يُلْزِمُ نَفْسَهُ أَن يُقاتِلَ حَتَّى
يموتَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النَّحْبُ النَّفْسُ، عَنْ أَبي
عُبَيْدَةَ. والنَّحْبُ: السَّيرُ السَّرِيعُ، مِثْلَ النَّعْبِ.
وسَيرٌ مُنَحِّبٌ: سَرِيعٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ونَحَّبَ القومُ
تَنْحِيباً: جَدُّوا فِي عَمَلهم؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
يَزُرْنَ أَلالًا، مَا يُنَحِّبْنَ غَيرَه، ... بكُلِّ مُلَبٍّ
أَشْعَثِ الرَّأْسِ مُحْرِمِ
وسارَ فلانٌ عَلَى نَحْبٍ إِذا سَارَ فأَجْهَدَ السَّيرَ، كَأَنه
خاطَرَ عَلَى شَيْءٍ، فَجَدَّ؛ قَالَ الشاعر:
__________
(3) . قوله [والفعل كالفعل] أي فعل النحب بمعنى المراهنة كفعل النحب
بمعنى الخطر والنذر وفعلهما كنصر وقوله والنحب الهمة إلخ. هذه الأَربعة
من باب ضرب كما في القاموس.
(1/750)
ورَدَ القَطا مِنْهَا بخَمْسٍ نَحْبِ
أَي دَأَبَتْ. والتَّنْحِيبُ: شِدَّةُ القَرَبِ للماءِ؛ قَالَ ذُو
الرُّمَّةِ:
ورُبَّ مَفازةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ، ... تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ
اغْتِيالا
والقَذَفُ: البرِّيَّةُ الَّتِي تَقاذَفُ بِسَالِكِهَا. وتَغول:
تُهْلِكُ. وسِرْنا إِليها ثلاثَ ليالٍ مُنَحِّباتٍ أَي دائباتٍ.
ونحَّبْنا سَيْرَنا: دَأَبناهُ؛ وَيُقَالُ: سارَ سَيْرًا مُنَحِّباً
أَي قَاصِدًا لَا يُريد غيرَه، كأَنه جَعَلَ ذَلِكَ نَذراً عَلَى
نَفْسِهِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ؛ قَالَ الكُمَيْت:
يَخِدْنَ بِنَا عَرْضَ الفَلاةِ وطولَها، ... كَمَا صارَ عَنْ يُمْنى
يَدَيه المُنَحِّبُ
المُنَحِّبُ: الرجلُ؛ قَالَ الأَزهري: يَقُولُ إِن لَمْ أَبْلُغْ
مَكانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ يَمِيني. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي هَذَا
الْبَيْتِ: أَنشده ثَعْلَبٌ وَفَسَّرَهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ حَلَف
إِن لَمْ أَغْلِبْ قَطَعْتُ يَدِي، كأَنه ذهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى
النَّذْرِ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنّ هَذَا الرَّجُلَ جَرَتْ لَهُ
الطَّيرُ مَيامينَ، فأَخَذ ذَاتَ اليمينِ عِلْماً مِنْهُ أَن الخَيرَ
فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يريدَ كَمَا صارَ
بيُمْنى يَدَيه أَي يَضْرِبُ يُمْنى يَدَيْه بالسَّوْط لِلنَّاقَةِ؛
التَّهْذِيبُ، وَقَالَ لَبِيدٌ:
أَلا تَسْأَلانِ المَرْءَ مَاذَا يحاوِلُ: ... أَنَحْبٌ فيُقْضَى أَمْ
ضلالٌ وباطِلُ
يَقُولُ: عَلَيْهِ نَذْرٌ فِي طُول سَعْيه. ونَحَبَه السَّيرُ:
أَجْهَدَه. وناحَبَ الرجلَ: حاكمَه وفاخَرَه. وناحَبْتُ الرجلَ إِلى
فلانٍ، مثلُ حاكمْتُه. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لكَ
أَن أُناحِبَكَ وتَرْفَعَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ الأَصمعي: ناحَبْتُ الرَّجلَ إِذا حاكمْتَه
أَو قاضيتَه إِلى رَجُلٍ. قَالَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ناحَبْتُه،
ونافَرْتُه مثلُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد طلحةُ هَذَا
الْمَعْنَى، كأَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أُنافِرك أَي أُفاخِرك
وأُحاكمُكَ، فَتَعُدُّ فَضائِلَكَ وحَسَبَكَ، وأَعُدُّ فَضائلي؛ وَلَا
تَذْكُرْ فِي فَضَائِلِكَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وقُرْبَ قَرَابَتِكَ مِنْهُ، فإِن هَذَا الفضلَ مُسَلَّم
لَكَ، فارْفَعْه مِنَ الرأْس، وأُنافرُكَ بِمَا سِوَاهُ؛ يَعْنِي أَنه
لَا يَقْصُرُ عَنْهُ، فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ المَفاخر. والنُّحْبةُ:
القُرْعة، وَهُوَ مِن ذَلِكَ لأَنها كَالْحَاكِمَةِ فِي الاسْتِهامِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَوْ عَلِم النَّاسُ مَا فِي الصفِّ الأَوَّل، لاقْتَتَلوا عَلَيْهِ،
وَمَا تَقَدَّموا إِلَّا بِنُحْبَةٍ
أَي بقُرْعةٍ. والمُناحَبَةُ: المُخاطَرَة والمراهَنة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي مُناحَبَةِ: الم غُلِبَتِ
الرُّومُ
؛ أَي مُراهَنَتِه لقُرَيْشٍ، بَيْنَ الرُّومِ والفُرْس. وَمِنْهُ
حَدِيثُ الأَذان «1» :
اسْتَهَموا عَلَيْهِ.
قَالَ: وأَصله مِنَ المُناحبَة، وَهِيَ المُحاكمة. قَالَ: وَيُقَالُ
للقِمار: النَّحْب، لأَنه كالمُساهَمَة. التَّهْذِيبُ، أَبو سَعِيدٍ:
التَّنْحِيبُ الإِكْبابُ عَلَى الشيءِ لَا يُفَارِقُهُ، وَيُقَالُ:
نَحَّبَ فُلان عَلَى أَمْره. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي أَصابته شَوكةٌ،
فَنَحَّبَ عَلَيْهَا يَسْتَخْرِجُها أَي أَكَبَّ عَلَيْهَا؛ وَكَذَلِكَ
هُوَ فِي كُلِّ شيءٍ، وَهُوَ مُنَحِّبٌ فِي كَذَا، وَاللَّهُ أَعلم.
نخب: انْتَخَبَ الشيءَ: اختارَه. والنُّخْبَةُ: مَا اخْتَارَهُ،
مِنْهُ. ونُخْبةُ القَوم ونُخَبَتُهم:
__________
(1) . قوله [وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَذان اسْتَهَمُوا عليه إلخ] كذا
بالأَصل ولا شاهد فيه إلا أن يكون سقط منه محل الشاهد فحرره ولم يذكر
في النهاية، ولا في التهذيب ولا في المحكم ولا في غيرها مما بأيدينا من
كتب اللغة.
(1/751)
خِيارُهم. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ هُمْ
نُخَبة الْقَوْمِ، بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الخاءِ. قَالَ أَبو
مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ نُخْبة، بإِسكان الخاءِ، وَاللُّغَةُ
الْجَيِّدَةُ مَا اخْتَارَهُ الأَصمعي. وَيُقَالُ: جاءَ فِي نُخَبِ
أَصحابه أَي فِي خِيَارِهِمْ. ونَخَبْتُه أَنْخُبه إِذا نَزَعْتَه.
والنَّخْبُ: النَّزْعُ. والانْتِخابُ: الانتِزاع. والانتخابُ:
الاختيارُ والانتقاءُ؛ وَمِنْهُ النُّخَبةُ، وَهُمُ الْجَمَاعَةُ
تُخْتارُ مِنَ الرِّجَالِ، فتُنْتَزَعُ مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ عُمَر: وخَرَجْنا فِي
النُّخْبةِ
؛ النُّخْبة، بِالضَّمِّ: المُنْتَخَبُون مِنَ النَّاسِ،
المُنْتَقَوْن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكْوَع: انْتَخَبَ مِنَ الْقَوْمِ مائةَ رَجُلٍ.
ونُخْبةُ المَتاع: المختارُ يُنْتَزَعُ مِنْهُ. وأَنْخَبَ الرجلُ: جاءَ
بِوَلَدٍ جَبان؛ وأَنْخَبَ: جاءَ بِوَلَدٍ شُجَاعٍ، فالأَوَّلُ مِنَ
المَنْخُوب، وَالثَّانِي مِنَ النُّخْبة. اللَّيْثُ: يُقَالُ
انْتَخَبْتُ أَفْضَلَهم نُخْبَةً، وانْتَخَبْتُ نُخْبَتَهُمْ.
والنَّخْبُ: الجُبْنُ وضَعْفُ الْقَلْبِ. رجل نَخْبٌ، ونَخْبةٌ،
ونَخِبٌ، ومُنْتَخَبٌ، ومَنْخُوبٌ، ونِخَبٌّ، ويَنْخُوبٌ، ونَخِيبٌ،
وَالْجَمْعُ نُخَبٌ: جَبَانٌ كأَنه مُنْتَزَعُ الفُؤَادِ أَي لَا
فُؤَادَ لَهُ؛ وَمِنْهُ نَخَبَ الصَّقْرُ الصيدَ إِذا انْتَزَعَ
قَلْبَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْداءِ: بِئْسَ العَوْنُ عَلَى الدِّين قَلْبٌ نَخِيبٌ،
وبَطْنٌ رَغِيبٌ
؛ النَّخِيبُ: الجبانُ الَّذِي لَا فُؤَادَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ
الفاسدُ الفِعْل؛ والمَنْخُوبُ: الذاهبُ اللَّحْم المَهْزولُ؛ وَقَوْلُ
أَبي خِراشٍ:
بَعَثْتُه فِي سَوادِ اللَّيْل يَرْقُبُني، ... إِذْ آثَرَ، الدِّفْءَ
والنَّوْمَ، المناخيبُ
قِيلَ: أَراد الضِّعافَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَا خَيْرَ
عِنْدَهُمْ، واحدُهم مِنْخابٌ؛ ورُوي المَناجِيبُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ
فِي مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ للمَنْخوب: النِّخَبُّ، النُّونُ
مَكْسُورَةٌ، وَالْخَاءُ مَنْصُوبَةٌ، وَالْبَاءُ شَدِيدَةٌ،
وَالْجَمْعُ المَنْخُوبُونَ. قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ فِي الشَّعَرِ
عَلَى مَفاعِلَ: مَناخبُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: يُقَالُ للجَبانِ
نُخْبَةٌ، وللجُبَناءِ نُخَباتٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْفَرَزْدَقَ:
أَلم أَخْصِ الفَرَزْدَقَ، قَدْ عَلِمْتُمْ، ... فأَمْسَى لَا يَكِشُّ
مَعَ القُرُوم؟
لَهُمْ مَرٌّ، وللنُّخَباتِ مَرٌّ، ... فقَدْ رَجَعُوا بِغَيْرِ شَظًى
سَلِيم
وكَلَّمْتُه فَنَخَبَ عَلَيَّ إِذا كَلَّ عَنْ جَوابك. الْجَوْهَرِيُّ:
والنَّخْبُ البِضاع؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النَّخْبُ: ضَرْبٌ مِنَ
المُباضَعةِ، قَالَ: وعَمَّ بِهِ بعضُهم. نَخَبَها الناخِبُ يَنْخُبها
ويَنْخَبُها نَخْباً، واسْتَنْخَبَتْ هِيَ: طَلَبَتْ أَن تُنْخَبَ؛
قَالَ:
إِذا العَجُوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخُبْها، ... وَلَا تُرَجِّيها، وَلَا
تَهَبْها
والنَّخْبةُ: خَوْقُ الثَّفْر، والنَّخْبَةُ: الاسْتُ؛ قَالَ:
واخْتَلَّ حَدُّ الرُّمْح نَخْبةَ عامِرٍ، ... فَنَجا بِهَا،
وأَقَصَّها القَتْلُ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
وهَلْ أَنْتَ إِلّا نَخْبةٌ مِنْ مُجاشِعٍ؟ ... تُرى لِحْيَةً مِنْ
غَيْرِ دِينٍ، وَلَا عَقْل
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ أَباكِ كانَ عَبْداً جازِرا، ... ويَأْكُلُ النَّخْبَةَ
والمَشافِرا «1»
__________
(1) . قوله [وَقَالَ الرَّاجِزُ إِنَّ أَبَاكِ إلخ] عبارة التكملة
وقالت امرأة لضرتها إن أباك إلخ وفيها أيضاً النخبة، بالضم، الشربة
العظيمة.
(1/752)
واليَنْخُوبةُ: أَيضاً الاسْتُ «1» ؛ قَالَ
جَرِيرٌ:
إِذا طَرَقَتْ يَنْخُوبةٌ مِنْ مُجاشعٍ
والمَنْخَبةُ: اسْمُ أُمّ سُوَيْدٍ «2» . والنِّخابُ: جِلْدَةُ
الفُؤَاد؛ قَالَ:
وأُمُّكُمْ سارِقَةُ الحِجابِ، ... آكِلَةُ الخُصْيَيْنِ والنِّخاب
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَصابَ المؤْمنَ مِنْ مَكْرُوهٍ، فَهُوَ كَفَّارة لِخَطَايَاهُ،
حَتَّى نُخْبةِ النَّملةِ
؛ النُّخْبةُ: العَضَّةُ والقَرْصة. يُقَالُ نَخَبَتِ النملةُ تَنْخُبُ
إِذا عَضَّتْ. والنَّخْبُ: خَرْقُ الجِلْدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُبَيّ: لَا تُصِيبُ المؤمنَ مُصيبةٌ ذَعْرَةٌ، وَلَا عَثْرَةُ قَدَمٍ،
وَلَا اخْتِلاجُ عِرْقٍ، وَلَا نُخْبَةُ نَمْلَةٍ، إِلا بذَنبٍ، وما
يَعْفُو اللهُ أَكثرُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مَرْفُوعًا،
وَرَوَاهُ بالخاءِ وَالْجِيمِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى
بِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ لِيَّةَ، فاستقبلَ نَخِباً ببصره
؛ هو اسْمُ مَوْضِعٍ هُنَاكَ. ونَخِبٌ: وادٍ بأَرض هُذَيْل؛ قَالَ أَبو
ذؤَيب «3» :
لَعَمْرُك، مَا خَنْساءُ تَنْسَأُ شادِناً، ... يَعِنُّ لَهَا بالجِزْع
مِنْ نَخِبِ النَّجلِ
أَراد: مِنْ نَجْلِ نَخِبٍ، فقَلَبَ؛ لأَنَّ النَّجْلَ الَّذِي هُوَ
الْمَاءُ فِي بُطون الأَوْدية جِنْسٌ، وَمِنَ المُحال أَن تُضافَ
الأَعْلامُ إِلى الأَجْناس، وَاللَّهُ أَعلم.
نخرب: النَّخارِبُ: خُرُوقٌ كبُيوتِ الزَّنَابِيرِ، واحدُها نُخْرُوبٌ.
والنَّخاريبُ أَيضاً: الثُّقَبُ الَّتِي فِيهَا الزَّنَابِيرُ؛
وَقِيلَ: هِيَ الثُّقَبُ المُهَيَّأَةُ مِنَ الشَّمَعِ، وَهِيَ الَّتِي
تَمُجُّ النَّحْلُ العسلَ فِيهَا؛ تَقُولُ: إِنه لأَضْيَقُ مِنَ
النُّخْرُوبِ؛ وَكَذَلِكَ الثَّقْبُ فِي كُلِّ شيءٍ نُخْروبٌ.
ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ: ثَقَبها؛ وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي
ثُلَاثِيًّا مِنَ الخَرابِ. والنُّخْرُوبُ: وَاحِدُ النَّخاريبِ،
وَهِيَ شُقُوقُ الحجَرِ. وشَجَرَةٌ مُنَخْربَة إِذا بَلِيَتْ وصارت
فيها نَخاريبُ.
ندب: النَّدَبَةُ: أَثَرُ الجُرْح إِذا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ
الْجِلْدِ، وَالْجَمْعُ نَدَبٌ، وأَنْدابٌ ونُدُوبٌ: كِلَاهُمَا جَمْعُ
الْجَمْعِ؛ وَقِيلَ: النَّدَبُ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ أَنْدابٌ
ونُدُوبٌ، وَمِنْهُ
قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِياكم ورَضاعَ السَّوْءِ، فإِنه لَا
بُدَّ مِنْ أَن يَنْتَدِبَ
أَي يَظْهَرَ يَوْمًا مَا؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومُكَبَّلٍ، تَرَك الحَديدُ بساقِه ... نَدَباً مِنَ الرَّسَفانِ فِي
الأَحجالِ
وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وإِنَّ
بالحَجَر نَدَباً سِتَّةً أَو سَبْعَةً مِن ضَرْبِهِ إِياه
؛ فَشَبَّه أَثر الضَّرْبِ فِي الحَجر بأَثر الجَرْح. وَفِي حَدِيثِ
مُجاهد: أَنه قرأَ سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ؛
فَقَالَ: لَيْسَ بالنَّدَب، وَلَكِنَّهُ صُفْرَةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ
؛ وَاسْتَعَارَهُ بعضُ الشُّعَرَاءِ للعِرْضِ، فَقَالَ:
نُبِّئْتُ قَافِيَةً قِيلَتْ، تَناشَدَها ... قومٌ سأَتْرُكُ، فِي
أَعْراضِهِم، نَدَبا
أَي أَجْرَحُ أَعْراضَهم بالهجاءِ، فيُغادِرُ فِيهَا ذَلِكَ الجَرْحُ
نَدَباً.
__________
(1) . قوله [والينخوبة أيضاً الاست] وبغير هاء مَوْضِعٍ؛ قَالَ
الأَعشى:
يَا رَخَمًا قاظ على ينخوب
(2) . قوله [وَالْمَنْخَبَةُ اسْمُ أُمِّ سُوَيْدٍ] هي كنية الاست.
(3) . قوله [قال أبو ذؤيب] أي يصف ظبية وولدها، كما في ياقوت ورواه
لعمرك ما عيساء بعين مهملة فمثناة تحتية.
(1/753)
ونَدِبَ جُرْحُه نَدَباً، وأَنْدَبَ:
صَلُبَتْ نَدَبَتُه. وجُرْحٌ نَديبٌ: مَنْدُوبٌ. وجُرْحٌ نَديبٌ أَي
ذُو ندَبٍ؛ وَقَالَ ابْنُ أُم حَزْنَةَ يَصِفُ طَعْنة:
فإِن قَتَلَتْه، فلَم آلهُ، ... وإِنْ يَنْجُ مِنْهَا، فَجُرْحٌ نَديبْ
ونَدِبَ ظَهْرُه نَدَباً ونُدوبةً، فَهُوَ نَدِبٌ: صَارَتْ فِيهِ
نُدُوبٌ. وأَنْدَبَ بظَهْره وَفِي ظَهْره: غادرَ فِيهِ نُدوباً.
ونَدَبَ الميتَ أَي بَكَى عَلَيْهِ، وعَدَّدَ مَحاسِنَه، يَنْدُبه
نَدْباً؛ وَالِاسْمُ النُّدْبةُ، بِالضَّمِّ. ابْنُ سِيدَهْ: ونَدَبَ
الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيِّد بِبُكَاءٍ،
وَهُوَ مِنَ النَّدَب لِلْجِرَاحِ، لأَنه احْتِراقٌ ولَذْعٌ مِنَ
الحُزْن. والنَّدْبُ: أَن تَدْعُوَ النادِبةُ الميتَ بحُسْنِ الثناءِ
في قولها: وا فُلاناهْ وا هَناه وَاسْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ: النُّدْبةُ،
وَهُوَ مِنْ أَبواب النَّحْوِ؛ كلُّ شيءٍ فِي نِدائه وَا فَهُوَ مِنْ
بَابِ النُّدْبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ نادِبةٍ كاذِبةٌ، إِلَّا نادِبةَ سَعْدٍ
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وأَن تَذْكُرَ النائحةُ الميتَ بأَحسن أَوصافه
وأَفعاله. وَرَجُلٌ نَدْبٌ: خَفِيفٌ فِي الْحَاجَةِ، سريعٌ، ظَريف،
نَجِيبٌ؛ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَالْجَمْعُ نُدوبٌ ونُدَباءُ،
تَوَهَّمُوا فِيهِ فَعِيلًا، فكسَّروه عَلَى فُعَلاء، وَنَظِيرُهُ
سَمْحٌ وسُمَحاء؛ وَقَدْ نَدُبَ نَدابةً، وَفَرَسٌ نَدْبٌ. اللَّيْثُ:
النَّدْبُ الفرسُ الْمَاضِي، نَقِيضُ البَليدِ. والنَّدْبُ: أَن
يَنْدُبَ إِنسانٌ قَوْمًا إِلى أَمر، أَو حَرْبٍ، أَو مَعُونةٍ أَي
يَدْعُوهم إِليه، فيَنْتَدِبُون لَهُ أَي يُجِيبونَ ويُسارِعُون.
ونَدَبَ القومَ إِلى الأَمْر يَنْدُبهم نَدْباً. دَعَاهُمْ وحَثَّهم.
وانْتَدَبُوا إِليه: أَسْرَعُوا؛ وانْتَدَبَ القومُ مِنْ ذَوَاتِ
أَنفسهم أَيضاً، دُونَ أَن يُنْدَبُوا لَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: ندَبَه
للأَمْر فانْتَدَبَ لَهُ أَي دَعاه لَهُ فأَجاب. وَفِي الْحَدِيثِ:
انْتَدَبَ اللهُ لِمَنْ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِهِ
أَي أَجابه إِلى غُفْرانه. يُقَالُ: نَدَبْتُه فانْتَدَبَ أَي
بَعَثْتُه ودَعَوْتُه فأَجاب. وَتَقُولُ: رَمَيْنا نَدَباً أَي
رَشْقاً؛ وارْتَمَى نَدَباً أَو نَدَبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو
وَجْهَيْنِ. ونَدَبُنا يومُ كَذَا أَي يومُ انْتِدابِنا للرَّمْي.
وتكلَّم فانْتَدَبَ لَهُ فلانٌ أَي عارَضَه. والنَّدَبُ: الخَطَرُ.
وأَنْدَبَ نَفْسَه وَبِنَفْسِهِ: خاطَر بِهِمَا؛ قَالَ عُرْوة بنُ
الوَرْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، وَلَمْ أَقُمْ ... عَلَى نَدَبٍ،
يَوْمًا، وَلِي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزيدٌ: بَطْنانِ مِنْ بُطُونِ الْعَرَبِ، وَهُمَا جَدَّاه
«1» . وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّبَقُ، والخَطَرُ، والنَّدَبُ،
والقَرَعُ، والوَجْبُ: كُلُّه الَّذِي يُوضَعُ فِي النِّضال
والرِّهانِ، فَمَنْ سَبَقَ أَخذه؛ يُقَالُ فِيهِ كُلِّه: فَعَّلَ
مُشَدَّداً إِذا أَخذه. أَبو عَمْرٍو: خُذْ مَا اسْتَبَضَّ،
واسْتَضَبَّ، وانْتَدَمَ، وانْتَدَبَ، ودَمَع، ودَمَغ، وأَوْهَفَ،
وأَزْهَفَ، وتَسَنَّى، وفَصَّ وإِن كَانَ يَسِيرًا. والنَّدَبُ:
قَبِيلَةٌ. ونَدْبةُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ أُم خُفافِ بْنُ نَدْبةَ
السُّلَمِيّ، وَكَانَتْ سَوْداءَ حَبَشِيَّةً. ومَنْدُوبٌ: فَرَسُ أَبي
طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْل، رَكِبَه سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِيهِ:
إِنْ وجَدْناه لَبَحْراً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَهُ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ المَنْدُوبُ
أَي الْمَطْلُوبُ، وهو من النَّدَبِ،
__________
(1) . قوله [وهما جداه] مثله في الصحاح وقال الصاغاني هو غلط وذلك أن
زيداً جدّه ومعتم ليس من أجداده وساق نسبهما.
(1/754)
وَهُوَ الرَّهْنُ الَّذِي يُجْعَل فِي
السِّباقِ؛ وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ لِنَدَبٍ كَانَ فِي جِسْمه، وَهِيَ
أَثَرُ الجُرْح.
نرب: النَّيْرَبُ: الشَّرُّ وَالنَّمِيمَةُ؛ قَالَ الشاعرُ عَدِيُّ
بْنُ خُزاعِيٍّ:
ولَسْتُ بِذِي نَيْرَبٍ فِي الصَّديقِ، ... ومَنَّاعَ خَيْرٍ،
وسَبَّابَها
وَالْهَاءُ لِلْعَشِيرَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَصَوَابُ إِنشاده:
ولستُ بِذِي نَيْرَبٍ فِي الكَلامِ، ... ومَنَّاعَ قَوْمِي،
وسَبَّابَها
وَلَا مَنْ إِذا كانَ فِي مَعْشَرٍ، ... أَضاعَ العَشِيرةَ، واغْتابَها
ولكِنْ أُطاوِعُ ساداتِها، ... وَلَا أُعْلِمُ الناسَ أَلْقابَها
ونَيْرَبَ الرجلُ: سَعَى ونَمَّ. ونَيْرَبَ الكلامَ: خَلَطه.
ونَيْرَبَ، فَهُوَ يُنَيْرِبُ: وَهُوَ خَلْطُ القَوْل، كَمَا تُنَيْربُ
الريحُ الترابَ عَلَى الأَرض فَتَنْسُجُه؛ وأَنشد:
إِذا النَّيْرَبُ الثَّرثارُ قَالَ فأَهْجَرا
وَلَا تُطْرَح الْيَاءُ مِنْهُ، لأَنها جُعِلَتْ فَصْلًا بَيْنَ الراءِ
وَالنُّونِ. والنَّيْرَبُ: الرجلُ الجَلِيدُ. ورجلٌ نَيْرَبٌ وَذُو
نَيْرَب أَي ذُو شَرٍّ وَنَمِيمَةٍ، ومَرَةٌ نَيرَبةٌ. أَبو عَمْرٍو:
المَيربةُ النَّميمة.
نزب: النَّزيبُ: صوتُ تَيْسِ الظباءِ عِنْدَ السِّفاد. ونَزَبَ
الظَّبْيُ يَنْزِبُ، بِالْكَسْرِ، فِي الْمُسْتَقْبَلِ، نَزْباً
ونَزيباً ونُزاباً إِذا صَوَّت، وَهُوَ صوتُ الذَّكَرِ مِنْهَا
خَاصَّةً. والنَّيْزَبُ: ذَكَرُ الظباءِ والبَقَر عَنِ الهَجَرِيّ؛
وأَنشد:
وظَبْيةٍ للوَحْشِ كالمُغاضِبِ، ... فِي دَوْلَجٍ ناءٍ عَنِ
النَّيازِبِ
والنَّزَبُ: اللَّقَبُ، مثل النَّبَزِ.
نسب: النَّسَبُ: نَسَبُ القَراباتِ، وَهُوَ واحدُ الأَنْسابِ. ابْنُ
سِيدَهْ: النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ: القَرابةُ؛ وَقِيلَ:
هُوَ فِي الْآبَاءِ خاصَّةً؛ وَقِيلَ: النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ؛
والنُّسْبَةُ: الاسمُ. التَّهْذِيبُ: النَّسَبُ يَكُونُ بالآباءِ،
ويكونُ إِلى الْبِلَادِ، وَيَكُونُ فِي الصِّناعة، وَقَدِ اضْطُرَّ
الشَّاعِرُ فأَسكن السِّينَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا عَمْرُو، يَا ابنَ الأَكْرَمِينَ نَسْبا، ... قَدْ نَحَبَ المَجْدُ
عَلَيْكَ نَحْبا
النَّحْبُ هُنَا: النَّذْرُ، والمُراهَنة، والمُخاطَرة أَي لَا
يُزايلُك، فَهُوَ لَا يَقْضِي ذَلِكَ النَّذْرَ أَبداً؛ وَجَمْعُ
النَّسَب أَنْسابٌ. وانْتَسَبَ واسْتَنْسَبَ: ذَكَرَ نَسَبه. أَبو
زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سُئِلَ عَنْ نَسَبه: اسْتَنْسِبْ
لَنَا أَي انْتَسِبْ لَنَا حَتَّى نَعْرفَك. ونَسَبَه يَنْسُبُه
ويَنْسِبُهُ «2» نَسَباً: عَزاه. ونَسَبه: سَأَله أَن يَنْتَسِبَ.
ونَسَبْتُ فُلاناً إِلى أَبيه أَنْسُبه وأَنْسِبُهُ نَسْباً إِذا
رَفَعْتَ فِي نَسَبه إِلى جَدِّه الأَكبر. الْجَوْهَرِيُّ: نَسَبْتُ
الرجلَ أَنْسبُه، بِالضَّمِّ، نِسْبةً ونَسْباً إِذا ذَكَرْتَ نَسَبه،
وانْتَسَبَ إِلى أَبيه أَي اعْتَزَى. وَفِي الْخَبَرِ:
أَنَّها نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنا لها
،
__________
(2) . قوله [ونسبه ينسبه] بضم عين المضارع وكسرها والمصدر النسب والنسب
كالضرب والطلب كما يستفاد الأَوّل من الصحاح والمختار والثاني من
المصباح واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأَول لشهرته واتكالًا على
القياس، هذا في نسب القرابات وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب
محركة والنسيب.
(1/755)
رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: وناسَبَه:
شَرِكَه فِي نَسَبِه. والنَّسِيبُ: المُناسِبُ، وَالْجَمْعُ نُسَباءُ
وأَنْسِباءُ؛ وفلانٌ يناسِبُ فُلَانًا، فَهُوَ نَسِيبه أَي قَريبه.
وتَنَسَّبَ أَي ادَّعَى أَنه نَسِيبُكَ. وَفِي الْمَثَلِ: القَريبُ مَن
تَقَرَّبَ، لَا مَنْ تَنَسَّبَ. وَرَجُلٌ نَسِيبٌ مَنْسُوب: ذُو حَسَبٍ
ونَسَبٍ. وَيُقَالُ: فلانٌ نَسِيبي، وَهُمْ أَنْسِبائي. والنَّسَّابُ:
الْعَالِمُ بالنَّسَب، وَجَمْعُهُ نَسَّابونَ؛ وَهُوَ النَّسَّابةُ؛
أَدخَلوا الهاءَ لِلْمُبَالَغَةِ وَالْمَدْحِ، وَلَمْ تُلْحَقْ
لتأْنيثِ الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ، وإِنما لَحِقَتْ لإِعْلام
السَّامِعِ أَن هَذَا الموصوفَ بِمَا هِيَ فِيهِ قَدْ بَلَغَ الغايةَ
وَالنِّهَايَةَ، فجَعَل تأْنيثَ الصِّفَةِ أَمارة لِما أُريد مِنْ
تأْنيث الغايةِ والمبالغةِ، وَهَذَا القولُ مُسْتَقْصًى فِي عَلَّامة؛
وَتَقُولُ: عِنْدِي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلَّاماتٍ، تُريد ثلاثةَ
رجالٍ، ثُمَّ جئتَ بنَسَّاباتٍ نَعْتاً لَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَكَانَ رَجُلًا نَسَّابةً
؛ النَّسَّابةُ: الْبَلِيغُ الْعَالِمُ بالأَنسابِ. وَتَقُولُ: لَيْسَ
بَيْنَهُمَا مُناسَبة أَي مُشاكَلةٌ. ونَسَبَ بالنساءِ، يَنْسُبُ،
ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِيباً، ومَنْسِبة: شَبَّبَ «1» بِهِنَّ فِي
الشعْر وتَغزَّل، وَهَذَا الشِّعْر أَنْسَبُ مِنْ هَذَا أَي أَرَقُّ
نَسِيباً، وكأَنهم قَدْ قَالُوا: نَسيبٌ ناسِبٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ،
فبُني هَذَا مِنْهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: النَّسِيبُ رَقيقُ الشِّعْر فِي
النساءِ؛ وأَنشد:
هَلْ فِي التَّعَلُّلِ مِنْ أَسْماءَ مَن حُوبِ، ... أَم فِي القَريضِ
وإِهْداءِ المَناسِيبِ؟
وأَنْسَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ، واسْتافَتِ التُّرابَ والحَصى.
والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ: الطريقُ الْمُسْتَقِيمُ الواضحُ؛
وَقِيلَ: هُوَ الطريقُ المُسْتَدِقُّ، كطَريق النَّمْل والحَيَّةِ،
وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلى مَواردها؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لدُكَينٍ:
عَيْناً، تَرى الناسَ إِليه نَيْسَبا، ... مِنْ صادرٍ أَو وارِدٍ،
أَيْدي سَبَا
قَالَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: نَيْسَم، بِالْمِيمِ، وَهِيَ لُغَةٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: النَّيْسَبُ الَّذِي تَرَاهُ كالطَّريق مِنَ النَّمْلِ
نَفْسِهَا، وَهُوَ فَيْعَلٌ؛ وَقَالَ دُكَيْنُ بنُ رَجاء الفُقَيْميُّ:
عَيْناً تَرَى الناسَ إِليها نَيْسَبا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَالَّذِي فِي رَجزه:
مُلْكاً، تَرَى الناسَ إِليه نَيْسَبا، ... مِنْ داخِلٍ وخارجٍ، أَيْدي
سَبَا «2»
وَيُرْوَى مِنْ صَادِرٍ أَو وَارِدٍ. وَقِيلَ: النَّيْسَبُ مَا وُجِدَ
مِنْ أَثر الطَّرِيقِ. ابْنُ سِيدَهْ: والنَّيْسَبُ طريقُ النَّمْلِ
إِذا جاءَ منها واحدٌ فِي إِثرِ آخَرَ. وَفِي النَّوَادِرِ: نَيْسَبَ
فلانٌ بَيْنَ فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبةً إِذا أَدْبَرَ وأَقْبَلَ
بَيْنَهُمَا بِالنَّمِيمَةِ وَغَيْرِهَا. ونُسَيْبٌ: اسْمُ رَجُلٍ عَنِ
ابْنِ الأَعرابي وَحْدَهُ.
نشب: نَشِبَ الشيءُ فِي الشيءِ، بِالْكَسْرِ، نَشَباً ونُشوباً
ونُشْبةً: لَمْ يَنْفُذْ؛ وأَنْشَبَه ونَشَبَه؛ قَالَ:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا فِي صُدُورِهِم، ... وبِيضاً تَقِيضُ
البَيْضَ مِنْ حيثُ طائرُهْ
__________
(1) . قوله [ومنسبة شبب إلخ] عبارة التكملة المنسب والمنسبة (بكسر
السين فيهما بضبطه) النسيب في الشعر. وشعر منسوب فيه نسيب والجمع
المناسيب.
(2) . قوله [وقال ابن بري إلخ] وعبارة التكملة والرواية ملكاً إلخ أي
أعطه ملكاً.
(1/756)
وأَنْشَبَ الْبَازِي مَخالِبَه فِي
الأَخيذَة. ونَشِبَ فلانٌ مَنْشَبَ سَوْءٍ إِذا وَقَعَ فِيمَا لَا
مَخْلَص مِنْهُ؛ وأَنشد:
وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها، ... أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ
لَا تَنْفَعُ
ونَشَّبَ فِي الشيءِ، كنَشَّمَ؛ حَكَاهُمَا اللِّحْيَانِيُّ، بَعْدَ
أَن ضَعَّفَهما. قَالَ ابْنُ الأَعرابي قَالَ الحرث بْنُ بَدْرٍ
الغُدانيُّ: كنتُ مَرَّةً نُشْبَةً، وأَنا الْيَوْمَ عُقْبَةٌ أَي كنتُ
مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَي عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مِنِّي شَرًّا،
فَقَدْ أَعْقَبْتُ اليومَ، ورَجَعْتُ. والمِنْشَبُ، والجمعُ
المَناشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المِنْشَبُ
الخَشْوُ؛ يُقَالُ: أَتَوْنا بخَشْوٍ مِنْشَبٍ يأْخُذُ بالحَلْق.
اللَّيْثُ: نَشِبَ الشيءُ فِي الشيءِ نَشَباً، كَمَا يَنْشَبُ
الصَّيْدُ فِي الحِبالة. الْجَوْهَرِيُّ: نَشِبَ الشيءُ فِي الشيءِ،
بِالْكَسْرِ، نُشوباً أَي عَلِقَ فِيهِ؛ وأَنْشَبْتُه أَنا فِيهِ أَي
أَعْلَقْتُه، فانْتَشَب؛ وأَنْشَبَ الصائدُ: أَعْلَقَ. وَيُقَالُ:
نَشِبَت الحربُ بَيْنَهُمْ؛ وَقَدْ ناشَبه الحرْبَ أَي نابَذَه. وَفِي
حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ، يَوْمَ حُنَيْنٍ: حَتَّى تَناشَبُوا حَولَ رَسُولِ
اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي تَضامُّوا، ونَشِبَ بعضُهم فِي بَعْضٍ أَي دَخَلَ وتَعَلَّقَ.
يُقَالُ: نَشِبَ فِي الشيءِ إِذا وَقَعَ فِيمَا لَا مَخْلَص لَهُ
مِنْهُ. وَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ فَعَل كَذَا أَي لَمْ يَلْبَثْ؛ وحقيقتُه
لَمْ يَتَعَلَّقْ بشيءٍ غَيْرِهِ، وَلَا اشْتَغَلَ بِسِوَاهُ. وَفِي
حَدِيثِ
عائشةَ وزينبَ: لَمْ أَنْشَبْ أَن أَثْخَنْتُ عَلَيْهَا.
وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنَفِ: أَنَّ الناسَ نَشِبُوا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ
أَي عَلِقُوا. يُقَالُ: نَشِبَتِ الحرْبُ بَيْنَهُمْ نُشُوباً:
اشْتَبَكَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لشُرَيح: اشتريتُ سِمْسِماً، فنَشِبَ فِيهِ رجلٌ
، يَعْنِي اشْتَرَاهُ؛ فَقَالَ شُرَيْحٌ: هُوَ للأَوَّل؛ وَقَوْلُهُ
أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وتِلْكَ بَنُو عَدِيٍّ قَدْ تَأَلَّوْا، ... فَيَا عَجَبا لناشبةِ
المَحالِ «1»
فَسَّرَهُ فَقَالَ: ناشِبةُ المَحالِ البَكْرَةُ الَّتِي لَا تجْري «2»
أَي امْتَنَعُوا مِنَّا، فَلَمْ يُعِينُونا؛ شَبَّهَهُم فِي
امتِناعِهِم عَلَيْهِ، بامتِناعِ البَكْرَة مِنَ الجَرْي.
والنُّشَّابُ: النَّبْلُ، واحدتُه نُشَّابة. والناشِبُ: ذُو
النُّشَّاب، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ ناشِباً. والناشِبةُ: قومٌ
يَرْمونَ بالنُّشَّابِ. والنُّشَّابُ: السِّهامُ. وَقَوْمٌ نَشَّابة:
يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى النَّسَب لأَنه لَا فِعْلَ
لَهُ، والنَّشَّابُ مُتَّخِذُه. والنُّشَبةُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي
إِذا نَشِبَ بشيءٍ، لَمْ يَكَدْ يُفارِقُه. والنَّشَبُ والمَنْشَبةُ:
المالُ الأَصيلُ مِنَ الناطقِ وَالصَّامِتِ. أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ
أَسماءِ المال عندهم، النَّشَبُ والنَّشَبَةُ؛ يُقَالُ: فلانٌ ذُو
نَشَبٍ، وفلانٌ مَا لَهُ نَشَبٌ. والنَّشَبُ: المالُ والعَقارُ.
وأَنْشَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ وسافتِ الترابَ. وانْتَشَبَ فلانٌ
طَعَامًا أَي جَمَعَه، واتَّخذ مِنْهُ نُشَباً. وانْتَشَبَ حَطَباً:
جَمَعَه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَنْفَدَ النملُ بالصَّرائم مَا ... جَمَّعَ، والحاطِبون مَا
انتَشَبوا
ونُشْبَةُ: مِنْ أَسماءِ الذِّئْب. ونُشْبة، بِالضَّمِّ: اسْمُ رَجُلٍ،
وَهُوَ نُشْبة بنُ غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوف بنِ سعدِ بنِ ذِبْيانَ،
وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(1) . قوله [قد تألوا إلخ] كذا بالأَصل ونقله عنه شارح القاموس والذي
في التهذيب قد تولوا.
(2) . قوله [الْبُكْرَةُ الَّتِي لَا تَجْرِي] قال شارح القاموس ومنه
يعلم ما في كلام المجد من الإطلاق في محل التقييد.
(1/757)
نصب: النَّصَبُ: الإِعْياءُ مِنَ العَناءِ.
والفعلُ نَصِبَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، نَصَباً: أَعْيا وتَعِبَ؛
وأَنْصَبه هُوَ، وأَنْصَبَني هَذَا الأَمْرُ. وهَمٌّ ناصِبٌ مُنْصِبٌ:
ذُو نَصَبٍ، مِثْلُ تامِرٍ ولابِنٍ، وَهُوَ فاعلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ،
لأَنه يُنْصَبُ فِيهِ ويُتْعَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُنْصِبُني مَا أَنْصَبَها
أَي يُتْعِبُني مَا أَتْعَبَها. والنَّصَبُ: التَّعَبُ؛ قَالَ
النَّابِغَةُ:
كِليني لهَمٍّ، يَا أُمَيْمَةَ، ناصِبِ
قَالَ: ناصِب، بِمَعْنَى مَنْصُوب؛ وَقَالَ الأَصمعي: ناصِب ذِي
نَصَبٍ، مثلُ لَيْلٌ نائمٌ ذُو نومٍ يُنامُ فِيهِ، وَرَجُلٌ دارِعٌ ذُو
دِرْعٍ؛ وَيُقَالُ: نَصَبٌ ناصِبٌ، مِثْلُ مَوْتٌ مائِت، وشعرٌ
شَاعِرٌ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هَمٌّ ناصبٌ، هُوَ عَلَى النَّسَب.
وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكرة: نَصَبه الهَمُّ؛ فناصِبٌ إِذاً
عَلَى الفِعْل. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ناصِبٌ فَاعِلٌ بِمَعْنَى
مَفْعُولٍ فِيهِ، لأَنه يُنْصَبُ فِيهِ ويُتْعَبُ، كَقَوْلِهِمْ:
لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فِيهِ، وَيَوْمٌ عاصِفٌ أَي تَعْصِفُ فِيهِ
الرِّيحِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ،
وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ أَن يَكُونَ ناصِبٌ بِمَعْنَى مُنْصِبٍ،
مِثْلَ مَكَانٌ باقلٌ بِمَعْنَى مُبْقِل، وَعَلَيْهِ قَوْلُ
النَّابِغَةِ؛ وَقَالَ أَبو طَالِبٍ:
أَلا مَنْ لِهَمٍّ، آخِرَ اللَّيْلِ، مُنْصِبِ
قَالَ: فناصِبٌ، عَلَى هَذَا، ومُنْصِب بِمَعْنًى. قَالَ: وأَما
قَوْلُهُ ناصِبٌ بِمَعْنَى مَنْصوب أَي مَفْعُولٍ فِيهِ، فَلَيْسَ
بشيءٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
؛ قَالَ قَتَادَةُ: فإِذا فرغتَ مِنْ صَلاتِكَ، فانْصَبْ فِي
الدُّعاءِ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ نَصِبَ يَنْصَبُ نَصَباً إِذا
تَعِبَ؛ وَقِيلَ: إِذا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، فانْصَبْ فِي
النَّافِلَةِ. وَيُقَالُ: نَصِبَ الرجلُ، فَهُوَ ناصِبٌ ونَصِبٌ؛
ونَصَبَ لهُمُ الهَمُّ، وأَنْصَبَه الهَمُّ؛ وعَيْشٌ ناصِبٌ: فِيهِ
كَدٌّ وجَهْدٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ الأَصمعي قَوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بعيشٍ ناصِبٍ، ... وإِخالُ أَني لاحِقٌ
مُسْتَتْبِعُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ الأُمَوِيِّ إِن مَعْنَى ناصِبٍ
تَرَكَني مُتَنَصِّباً، فَلَيْسَ بشيءٍ؛ وعَيْشٌ ذُو مَنْصَبةٍ
كَذَلِكَ. ونَصِبَ الرجلُ: جَدَّ؛ وَرَوَى بيتُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا مَا رَكْبُها نَصِبُوا
ونَصَبُوا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ ناصِب: نَصَب نَحْوي أَي
جَدَّ. قَالَ اللَّيْثُ: النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ؛ يُقَالُ: أَصابه
نَصْبٌ مِنَ الدَّاءِ. والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ: الداءُ
والبَلاءُ والشرُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَسَّنِيَ
الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ
. والنَّصِبُ: المريضُ الوَجِعُ؛ وَقَدْ نَصَبه الْمَرَضُ وأَنْصَبه.
والنَّصْبُ: وَضْعُ الشيءِ ورَفْعُه، نَصَبه يَنْصِبُه نَصْباً،
ونَصَّبَه فانْتَصَبَ؛ قَالَ:
فباتَ مُنْتَصْباً وَمَا تَكَرْدَسا
أَراد: مُنْتَصِباً، فَلَمَّا رأَى نَصِباً مِنْ مُنْتَصِبٍ، كفَخِذٍ،
خَفَّفَهُ تَخْفِيفَ فَخِذٍ، فَقَالَ: مُنْتَصْباً. وتَنَصَّبَ
كانْتَصَبَ. والنَّصِيبةُ والنُّصُبُ: كلُّ مَا نُصِبَ، فجُعِلَ
عَلَماً. وَقِيلَ: النُّصُب جَمْعُ نَصِيبةٍ، كَسَفِينَةٍ وسُفُن،
وَصَحِيفَةٍ وصُحُفٍ. اللَّيْثُ: النُّصُبُ جَمَاعَةُ النَّصِيبة،
وَهِيَ عَلَامَةٌ تُنْصَبُ لِلْقَوْمِ.
(1/758)
والنَّصْبُ والنُّصُبُ: العَلَم
المَنْصُوب. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ؛ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا
، وَقِيلَ: النَّصْبُ الْغَايَةُ، والأَول أَصحّ. قَالَ أَبو إِسحاق:
مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ، فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون
إِليه؛ وَمَنْ قرأَ إِلى نُصُبٍ، فَمَعْنَاهُ إِلى أَصنام كَقَوْلِهِ:
وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ: والنَّصْبُ واحدٌ، وَهُوَ
مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ الأَنْصابُ. واليَنْصُوبُ: عَلم يُنْصَبُ فِي
الفلاةِ. والنَّصْبُ والنُّصُبُ: كلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
تَعَالَى، وَالْجَمْعُ أَنْصابٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النُّصُبُ
جَمْعٌ، وَاحِدُهَا نِصابٌ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ وَاحِدًا،
وَجَمْعُهُ أَنْصاب. الْجَوْهَرِيُّ: النَّصْبُ مَا نُصِبَ فعُبِدَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ النُّصْب، بِالضَّمِّ، وقد
يُحَرّكُ مثل عُسْر؛ قَالَ الأَعشى يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ
اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ... لعافيةٍ، واللهَ
رَبَّكَ فاعبُدا «3»
أَراد: فاعبدنْ، فَوَقَفَ بالأَلف، كَمَا تَقُولُ: رأَيت زَيْدًا؛
وَقَوْلُهُ: وَذَا النُّصُبَ، بِمَعْنَى إِياك وَذَا النُّصُبَ؛ وَهُوَ
لِلتَّقْرِيبِ، كَمَا قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنَ الحَياةِ وطولِها، ... وسُؤَالِ هَذَا الناسِ
كَيْفَ لَبيدُ
وَيُرْوَى عَجُزُ بَيْتِ الأَعشى: وَلَا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ
فاعْبُدا التَّهْذِيبُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ
الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ مِنْ أَحجار. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَعَلَ
الأَعشى النُّصُبَ وَاحِدًا حَيْثُ يَقُولُ:
وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه
والنَّصْبُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ الأَنْصابُ؛ قَالَ
ذُو الرُّمَّةِ:
طَوَتْها بِنَا الصُّهْبُ المَهاري، فأَصْبَحَتْ ... تَناصِيبَ،
أَمثالَ الرِّماحِ بِهَا، غُبْرا
والتَّناصِيبُ: الأَعْلام، وَهِيَ الأَناصِيبُ، حجارةٌ تُنْصَبُ عَلَى
رُؤُوسِ القُورِ، يُسْتَدَلُّ بِهَا؛ وَقَوْلُ الشاعر:
وَجَبَتْ لَهُ أُذُنٌ، يُراقِبُ سَمْعَها ... بَصَرٌ، كناصِبةِ
الشُّجاعِ المُرْصَدِ
يُرِيدُ: كَعَيْنِهِ الَّتِي يَنْصِبُها لِلنَّظَرِ. ابْنُ سِيدَهْ:
والأَنْصابُ حِجَارَةٌ كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، تُنْصَبُ فيُهَلُّ
عَلَيْهَا، ويُذْبَحُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وأَنْصابُ الْحَرَمِ:
حُدوده. والنُّصْبةُ: السَّارِية. والنَّصائِبُ: حِجَارَةٌ تُنْصَبُ
حَولَ الحَوض، ويُسَدُّ مَا بَيْنَهَا مِنَ الخَصاص بالمَدَرة
الْمَعْجُونَةِ، وَاحِدَتُهَا نَصِيبةٌ؛ وكلُّه مِنْ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ
، وَقَوْلُهُ: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
؛ الأَنْصابُ: الأَوثان. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصاب، فذَبحنا
لَهُ شَاةً، وَجَعَلْنَاهَا فِي سُفْرتِنا، فلَقِيَنا زيدُ بْنُ
عَمْرو، فقَدَّمْنا لَهُ السُّفرةَ، فَقَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا ذُبحَ
لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وسلم، فَدَعَاهُ إِلى الطَّعَامِ فَقَالَ زيدٌ: إِنَّا لَا
نأْكل مِمَّا ذُبحَ عَلَى النُّصُب.
قَالَ ابْنُ الأَثير، قَالَ الحربيُّ: قَوْلُهُ ذَبحنا لَهُ شاةً له
وجهان:
__________
(3) . قوله [لعافية] كذا بنسخة من الصحاح الخط وفي نسخ الطبع كنسخ شارح
القاموس لعاقبة
(1/759)
أَحدهما أَن يَكُونَ زَيْدٌ فَعَلَهُ مِنْ
غَيْرِ أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَلَا رِضاه،
إِلَّا أَنه كَانَ مَعَهُ، فنُسِب إِليه، ولأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ
مَعَهُ مِنَ العِصْمة، مَا كَانَ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِي أَن يَكُونَ ذَبَحَهَا
لِزَادِهِ فِي خُرُوجِهِ، فَاتَّفَقَ ذَلِكَ عِنْدَ صَنَمٍ كَانُوا
يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ، لَا أَنه ذَبَحَهَا لِلصَّنَمِ، هَذَا إِذا
جُعِلَ النُّصُب الصَّنم، فأَما إِذا جُعِلَ الْحَجَرَ الَّذِي
يُذْبَحُ عِنْدَهُ، فَلَا كَلَامَ فِيهِ، فَظَنَّ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو
أَن ذَلِكَ اللَّحْمَ مِمَّا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَذْبَحُهُ لأَنصابها،
فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ، وَكَانَ زَيْدٌ يُخَالِفُ قُرَيْشًا فِي كَثِيرٍ
مِنْ أُمورها، وَلَمْ يَكُنِ الأَمْرُ كَمَا ظَنَّ زَيْدٌ.
القُتَيْبيُّ: النُّصُب صَنَم أَو حَجَرٌ، وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ
تَنْصِبُه، تَذْبَحُ عِنْدَهُ فيَحْمَرُّ للدمِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذَرٍّ فِي إِسلامه، قَالَ: فخَررْتُ مَغْشِيّاً عَلَيَّ ثُمَّ
ارْتَفَعْتُ كأَني نُصُبٌ أَحمر
؛ يُرِيدُ أَنهم ضَرَبُوه حَتَّى أَدْمَوْه، فَصَارَ كالنُّصُب
المُحْمَرِّ بِدَمِ الذَّبَائِحِ. أَبو عُبَيْدٍ: النَّصائِبُ مَا
نُصِب حَوْلَ الحَوْضِ مِنَ الأَحْجار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَرَقْناهُ فِي بَادِي النَّشِيئةِ داثرٍ، ... قَديمٍ بعَهْدِ الماءِ،
بُقْعٍ نَصائِبُهْ
والهاءُ فِي هَرَقْناه تَعُودُ عَلَى سَجْلٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
الْجَوْهَرِيُّ: والنَّصِيبُ الحَوْضُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّصْبُ
رَفْعُك شَيْئًا تَنْصِبُه قَائِمًا مُنْتَصِباً، والكلمةُ المَنْصوبةُ
يُرْفَعُ صَوْتُها إِلى الْغَارِ الأَعْلى، وكلُّ شيءٍ انْتَصَبَ بشيءٍ
فَقَدْ نَصَبَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّصْبُ مَصْدَرُ نَصَبْتُ الشيءَ
إِذا أَقَمته. وصَفِيحٌ مُنَصَّبٌ أَي نُصِبَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ.
ونَصَّبَتِ الخيلُ آذانَها: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ أَو لِلْمُبَالَغَةِ.
والمُنَصَّبُ مِنَ الخَيلِ: الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى خَلْقه كُلِّه
نَصْبُ عِظامه، حَتَّى يَنْتَصِبَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إِلى عَطْفه.
ونَصَبَ السَّيْرَ يَنْصِبه نَصْباً: رَفَعه. وَقِيلَ: النَّصْبُ أَن
يسيرَ القومُ يَوْمَهُم، وَهُوَ سَيْرٌ لَيِّنٌ؛ وَقَدْ نَصَبوا
نَصْباً. الأَصمعي: النَّصْبُ أَن يَسِيرَ القومُ يومَهم؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ راكِبَها، يَهْوي بمُنْخَرَقٍ ... مِنَ الجَنُوبِ، إِذا ما
رَكْبُها نَصَبوا
قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ جَدُّوا السَّيْرَ. وَقَالَ النَّضْرُ:
النَّصْبُ أَوَّلُ السَّيْر، ثُمَّ الدَّبيبُ، ثُمَّ العَنَقُ، ثُمَّ
التَزَيُّدُ، ثُمَّ العَسْجُ، ثُمَّ الرَّتَكُ، ثُمَّ الوَخْدُ، ثُمَّ
الهَمْلَجَة. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ شيءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ بِهِ
شيءٌ، فَقَدْ نُصِبَ. ونَصَبَ هُوَ، وتَنَصَّبَ فلانٌ، وانْتَصَبَ إِذا
قَامَ رَافِعًا رأْسه. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
لَا يَنْصِبُ رأْسه وَلَا يُقْنِعُه
أَي لَا يَرْفَعُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا فِي سُنَنِ أَبي
دَاوُدَ، وَالْمَشْهُورُ: لَا يُصَبِّي ويُصَوِّبُ، وَهُمَا
مَذْكُورَانِ فِي مَوَاضِعِهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مِنْ أَقْذَرِ الذُّنوبِ رجلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً صَداقَها
؛ قِيلَ للَّيْثِ: أَنَصَبَ ابنُ عُمَرَ الحديثَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: وَمَا عِلْمُه، لَوْلَا
أَنه سَمِعَهُ مِنْهُ أَي أَسنَدَه إِليه ورَفَعَه. والنَّصْبُ:
إِقامةُ الشيءِ ورَفْعُه؛ وَقَوْلُهُ:
أَزَلُّ إِنْ قِيدَ، وإِنْ قامَ نَصَبْ
هُوَ مِنْ ذَلِكَ، أَي إِن قَامَ رأَيتَه مُشْرِفَ الرأْس والعُنُق.
قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا يَكُونُ النَّصْبُ إِلا بِالْقِيَامِ. وَقَالَ
مَرَّةً: هُوَ نُصْبُ عَيْني، هَذَا فِي الشيءِ الْقَائِمِ
(1/760)
الَّذِي لَا يَخْفى عليَّ، وإِن كَانَ
مُلْقًى؛ يَعْنِي بِالْقَائِمِ، فِي هَذِهِ الأَخيرة: الشيءَ الظاهرَ.
الْقُتَيْبِيُّ: جَعَلْتُه نُصْبَ عَيْنِي، بِالضَّمِّ، وَلَا تَقُلْ
نَصْبَ عَيْنِي. ونَصَبَ لَهُ الحربَ نَصْباً: وَضَعَها. وناصَبَه
الشَّرَّ والحربَ والعَداوةَ مُناصبةً: أَظهَرَهُ لَهُ ونَصَبه، وكلُّه
مِنَ الانتصابِ. والنَّصِيبُ: الشَّرَكُ المَنْصوب. ونَصَبْتُ للقَطا
شَرَكاً. وَيُقَالُ: نَصَبَ فلانٌ لِفُلَانٍ نَصْباً إِذا قَصَدَ لَهُ،
وَعَادَاهُ، وتَجَرَّدَ لَهُ. وتَيْسٌ أَنْصَبُ: مُنْتَصِبُ
القَرْنَيْنِ؛ وعَنْزٌ نَصْباءُ: بَيِّنةُ النَّصَب إِذا انْتَصَبَ
قَرْناها؛ وتَنَصَّبَتِ الأُتُنُ حَوْلَ الحِمار. وَنَاقَةٌ نَصْباءُ:
مُرْتَفِعةُ الصَّدْر. وأُذُنٌ نَصْباءُ: وَهِيَ الَّتِي تَنْتَصِبُ،
وتَدْنُو مِنَ الأُخرى. وتَنَصَّبَ الغُبارُ: ارْتَفَعَ. وثَرًى
مُنَصَّبٌ: جَعْدٌ. ونَصَبْتُ القِدْرَ نَصْباً. والمِنْصَبُ: شيءٌ
مِنْ حَدِيدٍ، يُنْصَبُ عَلَيْهِ القِدْرُ؛ ابْنُ الأَعرابي:
المِنْصَبُ مَا يُنْصَبُ عَلَيْهِ القِدْرُ إِذا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ.
قَالَ أَبو الْحَسَنِ الأَخفش: النَّصْبُ، فِي القَوافي، أَن تَسْلَمَ
القافيةُ مِنَ الفَساد، وتكونَ تامَّةَ البناءِ، فإِذا جاءَ ذَلِكَ فِي
الشِّعْرِ المجزوءِ، لَمْ يُسَمَّ نَصْباً، وإِن كَانَتْ قَافِيَتُهُ
قَدْ تَمَّتْ؛ قَالَ: سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنَ العربِ، قَالَ: وَلَيْسَ
هَذَا مِمَّا سَمَّى الخليلُ، إِنما تؤْخَذ الأَسماءُ عَنِ الْعَرَبِ؛
انْتَهَى كَلَامُ الأَخفش كَمَا حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ. قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمَّا كَانَ مَعْنَى النَّصْبِ مِنَ
الانْتِصابِ، وَهُوَ المُثُولُ والإِشْرافُ والتَّطاوُل، لَمْ يُوقَعْ
عَلَى مَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ مَجْزُوءًا، لأَن جَزْأَه عِلَّةٌ
وعَيْبٌ لَحِقَه، وَذَلِكَ ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُل. والنَّصِيبُ:
الحَظُّ مِنْ كلِّ شيءٍ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: أُولئِكَ
يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ
؛ النَّصِيب هُنَا: مَا أَخْبَرَ اللهُ مِنْ جَزائهم، نَحْوَ قَوْلِهِ
تَعَالَى: فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى؛ ونحوُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً؛ وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ
الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ؛ وَنَحْوَ
قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ،
فَهَذِهِ أَنْصِبَتُهم مِنَ الْكِتَابِ، عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهم فِي
كُفْرِهِمْ؛ وَالْجَمْعُ أَنْصِباءُ وأَنْصِبةٌ. والنِّصْبُ: لُغَةٌ
فِي النَّصِيبِ. وأَنْصَبَه: جَعَلَ لَهُ نَصِيباً. وَهُمْ
يَتَناصَبُونَه أَي يَقْتَسمونه. والمَنْصِبُ والنِّصابُ: الأَصل
والمَرْجِع. والنِّصابُ: جُزْأَةُ السِّكِّين، وَالْجَمْعُ نُصُبٌ.
وأَنْصَبَها: جَعَلَ لَهَا نِصاباً، وَهُوَ عَجْزُ السِّكِّينِ.
ونِصابُ السِّكِّينِ: مَقْبِضُه. وأَنْصَبْتُ السِّكِّينَ: جَعَلْتُ
لَهُ مَقْبِضاً. ونِصابُ كلِّ شيءٍ: أَصْلُه. والمَنْصِبُ: الأَصلُ،
وَكَذَلِكَ النِّصابُ؛ يُقَالُ: فلانٌ يَرْجِعُ إِلى نِصاب صِدْقٍ،
ومَنْصِبِ صِدْقٍ، وأَصْلُه مَنْبِتُه ومَحْتِدُه. وهَلَكَ نِصابُ مالِ
فلانٍ أَي مَا اسْتَطْرفه. والنِّصابُ مِنَ الْمَالِ: القَدْرُ الَّذِي
تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذا بَلَغَه، نَحْوَ مائَتَيْ دِرْهَمٍ،
وخَمْسٍ مِنَ الإِبل. ونِصابُ الشَّمْسِ: مَغِيبُها ومَرْجِعُها
الَّذِي تَرْجِعُ إِليه. وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ: مُسْتَوي النِّبْتةِ كأَنه
نُصبَ فسُوِّيَ. والنَّصْبُ: ضَرْبٌ مِنْ أَغانيّ الأَعراب. وَقَدْ
نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إِذا غَنَّى النَّصْبَ. ابْنُ سِيدَهْ: ونَصْبُ
العربِ ضَرْبٌ مِنْ أَغانِيّها.
(1/761)
وَفِي حَدِيثِ نَائِلٍ «1» ، مَوْلَى
عُثْمَانَ: فَقُلْنَا لرباحِ بْنِ المُغْتَرِفِ: لَوْ نَصَبْتَ لَنَا
نَصْبَ العَرب أَي لَوْ تَغَنَّيْتَ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: لَوْ غَنَّيْتَ
لَنَا غِناءَ العَرَب، وَهُوَ غِناءٌ لَهُمْ يُشْبِه الحُداءَ، إِلا
أَنه أَرَقُّ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّصْبُ حُداءٌ يُشْبِهُ
الغِناءَ. قَالَ شَمِرٌ: غِناءُ النَّصْبِ هُوَ غِناءُ الرُّكْبانِ،
وَهُوَ العَقِيرةُ؛ يُقَالُ: رَفَعَ عَقيرته إِذا غَنَّى النَّصْبَ؛
وَفِي الصِّحَاحِ: غِناءُ النَّصْبِ ضَرْب مِنَ الأَلْحان؛ وَفِي
حَدِيثِ
السائبِ بْنِ يَزِيدَ: كَانَ رَباحُ بنُ المُغْتَرِفِ يُحْسِنُ غِناءَ
النَّصْبِ
، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ أَغانيّ العَرب، شَبيهُ الحُداءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ
الَّذِي أُحْكِمَ مِنَ النَّشِيد، وأُقِيمَ لَحْنُه ووزنُه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
كُلُّهم كَانَ يَنْصِبُ
أَي يُغَنِّي النَّصْبَ. ونَصَبَ الْحَادِي: حَدا ضَرْباً مِنَ
الحُداءِ. والنَّواصِبُ: قومٌ يَتَدَيَّنُونَ ببِغْضَةِ عَلِيٍّ،
عَلَيْهِ السَّلَامُ. ويَنْصُوبُ: مَوْضِعٌ. ونُصَيْبٌ: الشَّاعِرُ،
مصغَّر. ونَصيبٌ ونُصَيْبٌ: اسْمَانِ. ونِصابٌ: اسْمُ فَرَسٍ.
والنَّصْبُ، فِي الإِعْراب: كَالْفَتْحِ، فِي البناءِ، وَهُوَ مِنْ
مُواضَعات النَّحْوِيِّينَ؛ تَقُولُ مِنْهُ: نَصَبْتُ الحرفَ،
فانْتَصَبَ. وغُبار مُنْتَصِبٌ أَي مُرْتَفِع. ونَصِيبينَ: اسمُ
بَلَدٍ، وَفِيهِ لِلْعَرَبِ مَذْهَبَانِ: مِنْهُمْ مَن يَجْعَلُهُ
اسْمًا وَاحِدًا، ويُلْزِمُه الإِعرابَ، كَمَا يُلْزم الأَسماءَ
المفردةَ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ نَصِيبينُ،
وَمَرَرْتُ بنَصِيبينَ، ورأَيتُ نَصِيبينَ، وَالنِّسْبَةُ نَصِيبيٌّ،
وَمِنْهُمْ مَن يُجْريه مُجْرى الْجَمْعِ، فَيَقُولُ هَذِهِ
نَصِيبُونَ، وَمَرَرْتُ بنَصِيبينَ، ورأَيت نَصِيبينَ. قَالَ:
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي يَبْرِينَ، وفِلَسْطِينَ، وسَيْلَحِينَ،
وياسمِينَ، وقِنَّسْرينَ، وَالنِّسْبَةُ إِليه، عَلَى هَذَا:
نَصِيبينيٌّ، ويَبْرينيٌّ، وَكَذَلِكَ أَخواتها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ،
رَحِمَهُ اللَّهُ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنه يُقَالُ: هَذِهِ
نَصِيبينُ ونَصِيبون، وَالنِّسْبَةُ إِلى قَوْلِكَ نَصِيبين، نصيبيٌّ،
وإِلى قَوْلِكَ نَصِيبُونَ، نَصِيبِينِيٌّ؛ قَالَ: وَالصَّوَابُ عَكْسُ
هَذَا، لأَن نَصِيبينَ اسْمٌ مُفْرَدٌ مُعْرَبٌ بِالْحَرَكَاتِ، فإِذا
نسبتَ إِليه أَبقيته عَلَى حَالِهِ، فَقُلْتَ: هَذَا رجلٌ نَصِيبينيٌّ؛
وَمَنْ قَالَ نَصِيبُونَ، فَهُوَ مُعْرَبٌ إِعراب جُمُوعِ
السَّلَامَةِ، فَيَكُونُ فِي الرَّفْعِ بِالْوَاوِ، وَفِي النَّصْبِ
وَالْجَرِّ بالياءِ، فإِذا نَسَبْتَ إِليه، قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ
نَصِيبيّ، فَتَحْذِفُ الْوَاوَ وَالنُّونَ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ كلُّ مَا
جَمَعْتَهُ جَمْعَ السَّلَامَةِ، تَرُدُّه فِي النَّسَبِ إِلى
الْوَاحِدِ، فَتَقُولُ فِي زَيْدُونَ، اسْمُ رَجُلٍ أَو بَلَدٍ:
زَيْدِيٌّ، وَلَا تَقُلْ زَيْدُونِيٌّ، فَتَجْمَعُ فِي الِاسْمِ
الإِعرابَين، وَهُمَا الْوَاوُ وَالضَّمَّةُ.
نضب: نَضَبَ الشيءُ: سالَ. ونَضَبَ الماءُ يَنْضُبُ، بِالضَّمِّ،
نُضوباً، ونَضَّبَ إِذا ذَهَبَ فِي الأَرض؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: غارَ
وبَعُدَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَعْدَدْتُ للحَوْض، إِذا مَا نَضَبا، ... بَكْرَةَ شِيزى، ومُطاطاً
سَلْهَبا
ونُضُوبُ الْقَوْمِ أَيضاً: بُعْدُهم. والنَّاضِبُ: الْبَعِيدُ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
مَا نَضَبَ عَنْهُ البحرُ، وَهُوَ حُيٌّ، فَمَاتَ، فكُلُوه
؛ يَعْنِي حيوانَ الْبَحْرِ أَي نَزَحَ ماؤُه ونَشِفَ. وَفِي حَدِيثِ
الأَزْرَقِ بْنِ قَيْس:
__________
(1) . قوله [وفي حديث نائل] كذا بالأَصل كنسخة من النهاية بالهمز وفي
أخرى منها نابل بالموحدة بدل الهمز.
(1/762)
كُنَّا عَلَى شاطئِ النَّهْرِ بالأَهواز،
وَقَدْ نَضَبَ عَنْهُ الماءُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلْمَعَانِي. وَمِنْهُ
حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَضَبَ عُمْرُه، وضَحَى ظِلُّه
أَي نَفِدَ عُمْرُه، وانْقَضَى. ونَضَبَتْ عَيْنُه تَنْضُبُ نُضوباً:
غارَتْ؛ وخَصَّ بَعْضُهم بِهِ عَيْنَ النَّاقَةِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ، بَعْدَ ما ... يُرى، فِي فُروع
المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
ونَضَبَتِ المَفازةُ نُضُوباً: بَعُدَتْ؛ قَالَ:
إِذا تَغالَين بسَهْمٍ ناضِبِ
وَيُرْوَى: بسهمٍ ناصبِ، يَعْنِي شَوْطاً وطَلَقاً بَعِيدًا، وكلُّ
بعيدٍ ناضِبٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
جَريءٌ عَلَى قَرْعِ الأَساوِدِ وَطْؤُه، ... سميعٌ بِرِزِّ الكَلْبِ،
والكَلْبُ ناضِبُ
وجَرْيٌ ناضِبٌ أَي بعيدٌ. الأَصمعي: الناضِبُ الْبَعِيدُ، وَمِنْهُ
قِيلَ للماءِ إِذا ذَهَبَ: نَضَبَ أَي بَعُدَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ:
إِن فُلَانًا لَناضِبُ الخَير أَي قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقَدْ نَضَبَ
خيرُه نُضوباً؛ وأَنشد:
إِذا رَأَيْنَ غَفْلةً مِنْ راقِبِ، ... يُومِينَ بالأَعْينِ
والحَواجِبِ،
إِيماءَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناضِبِ
ونَضَبَ الخِصْبُ: قَلَّ أَو انْقَطَعَ. ونَضَبَتِ الدَّبَرَةُ
نُضُوباً: اشْتَدَّت. ونَضَبَ الدَّبَرُ إِذا اشْتَدَّ أَثَرُهُ فِي
الظَّهْر. وأَنْضَبَ القَوْسَ، لغةٌ فِي أَنْبَضَها: جَبَذَ وتَرها
لتُصَوِّتَ؛ وَقِيلَ: أَنْضَبَ القوسَ إِذا جَبَذَ وتَرها، بِغَيْرِ
سَهْمٍ، ثُمَّ أَرسله. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَنْضَبَ فِي قَوْسِهِ
إِنْضاباً، أَصاتَها؛ مَقْلُوبٌ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِن كَانَتْ
أَنْضَبَ مَقْلُوبَةً، فَلَا مَصْدَرَ لَهَا، لأَن الأَفعال
الْمَقْلُوبَةَ لَيْسَتْ لَهَا مَصَادِرُ لِعِلَّةٍ قَدْ ذَكَرَهَا
النَّحْوِيُّونَ: سِيبَوَيْهِ، وأَبو عَلِيٍّ، وسائرُ الحُذَّاق؛ وإِن
كَانَ أَنْضَبْتُ، لُغَةً فِي أَنْبَضْتُ، فَالْمَصْدَرُ فِيهِ سَائِغٌ
حَسَنٌ؛ فأَما أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا ذَا مَصْدَرٍ، كَمَا زَعَمَ أَبو
حَنِيفَةَ، فَمُحَالٌ. الْجَوْهَرِيُّ: أَنْضَبْتُ وتَرَ القَوْس،
مِثْلَ أَنْبَضْتُه، مَقْلُوبٌ مِنْهُ. أَبو عَمْرٍو: أَنْبَضْتُ
القوسَ وانْتَضَبْتُها إِذا جَذَبْتَ وتَرَها لتُصَوِّتَ؛ قَالَ
الْعَجَّاجُ:
تُرِنُّ إِرناناً إِذا مَا أَنْضَبا
وَهُوَ إِذا مَدَّ الوتَرَ، ثُمَّ أَرسله. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ:
وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ. ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نِباضاً، وَهُوَ
تَحَرُّكُه. شَمِرٌ: نَضَّبَتِ النَّاقَةُ؛ وتَنْضِيبُها: قلةُ
لَبَنِهَا وَطُولُ فُواقِها، وإِبطاءُ دِرَّتِها. والتَّنْضُبُ: شَجَرٌ
يَنْبُتُ بِالْحِجَازِ، وَلَيْسَ بِنَجْدٍ مِنْهُ شيءٌ إِلا جِزْعةً
وَاحِدَةً بطَرَفِ ذِقانٍ، عِنْدَ التُّقَيِّدة، وَهُوَ يَنْبُتُ
ضَخْماً عَلَى هَيْئَةِ السَّرْحِ، وعيدانُه بيضٌ ضَخمة، وَهُوَ
مُحْتَظَر، وورقُه مُتَقَبِّضٌ، وَلَا تَرَاهُ إِلا كأَنه يَابِسٌ
مُغْبَرٌّ وإِن كَانَ نَابِتًا، وَلَهُ شَوْكٌ مِثْلُ شَوْكِ
العَوْسَج، وَلَهُ جَنًى مِثْلُ العِنَبِ الصِّغَارِ، يؤْكل وَهُوَ
أُحَيْمِرٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: دخانُ التَّنْضُب أَبيض فِي مِثْلِ
لَوْنِ الْغُبَارِ، وَلِذَلِكَ شَبَّهَتِ الشعراءُ الغُبارَ به؛ قَالَ
عُقَيْل بْنُ عُلَّفة المُرِّي:
وَهَلْ أَشْهَدَنْ خَيلًا، كأَنَّ غُبارَها، ... بأَسفلِ علْكَدٍّ،
دَواخِنُ تَنْضُبِ؟
وَقَالَ مرَّة: التَّنْضُبُ شَجَرٌ ضِخَامٌ، لَيْسَ لَهُ وَرَقٌ،
وَهُوَ يُسَوِّقُ ويَخْرُجُ لَهُ خَشَبٌ ضِخام وأَفنانٌ كَثِيرَةٌ،
وإِنما ورقُه قُضْبان، تأْكله الإِبل وَالْغَنَمُ.
(1/763)
وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: التَّنْضُبُ شَجَرٌ
لَهُ شَوْكٌ قِصارٌ، وَلَيْسَ مِنْ شَجَرِ الشَّواهِق، تأْلفه
الحَرابِيُّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لِلنَّابِغَةِ الجَعْدِيّ:
كأَنَّ الدُّخانَ، الَّذِي غادَرَتْ ... ضُحَيّاً، دواخِنُ مِنْ
تَنْضُبِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما سُمِّي بِذَلِكَ لِقِلَّةِ
مَائِهِ. وأَنشد أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ لِرَجُلٍ واعدتْه امرأَةٌ،
فعَثَر عَلَيْهِ أَهلُها، فَضَرَبُوهُ بالعِصِيِّ؛ فَقَالَ:
رأَيْتُكِ لَا تُغْنِينَ عَنِّي نَقْرَةً، ... إِذا اخْتَلَفَتْ فِيَّ
الهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لَا آتِيكِ، مَا دامَ تَنْضُبٌ ... بأَرْضِكِ، أَو ضَخْمُ
العَصا مِنْ رِجالِكِ
وَكَانَ التَّنْضُبُ قَدِ اعْتِيد أَن تُقْطَعَ مِنْهُ العِصِيُّ
الجِيادُ، وَاحِدَتُهُ تَنْضُبة؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
أَنَّى أُتِيح لَهُ حِرْباء تَنْضُبةٍ، ... لَا يُرْسِلُ الساقَ،
إِلَّا مُمْسِكاً سَاقَا
التَّهْذِيبُ، أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنَ الأَشجار التَّنْضُبُ، واحدتُها
تَنْضُبَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هِيَ شَجَرَةٌ ضَخْمة، تُقطع
مِنْهَا العُمُد للأَخْبِيَةِ، وَالتَّاءُ زَائِدَةً، لأَنه لَيْسَ فِي
الْكَلَامِ فَعْلُل؛ وَفِي الْكَلَامِ تَفعُل، مِثْلَ تَقْتُل
وتَخْرُجُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا حَنَّ بَيْنَ القَوْم نَبْعٌ وتَنْضُبُ
قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: النَّبعُ شَجَرُ القِسِيّ، وتَنْضُبُ شَجَرٌ
تُتَّخَذ منه السِّهامُ.
نطب: النَّواطِبُ: خُروق تُجعل فِي مِبْزَلِ الشَّراب، وَفِيمَا
يُصَفَّى بِهِ الشيءُ، فيُبْتَزَلُ مِنْهُ ويَتَصَفَّى، واحدتُه
ناطبةٌ؛ قَالَ:
تَحلَّبَ مِنْ نَواطِبَ ذِي ابْتِزالِ
وخُروقُ المِصْفاةِ تُدْعَى النَّواطِبَ؛ وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً: ذِي
نَواطِبَ وابْتِزال. والمَنْطَبَةُ والمِنْطَبَةُ والمَنْطَبُ
والمِنطَبُ: المِصفاةُ. ونَطَبه يَنْطُبُه نَطْباً: ضَرَبَ أُذنه
بأُصْبُعِه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الأَحْمق: مَنْطَبَةٌ؛ وَقَوْلُ
الجُعَيْدِ المُرادي:
نَحْنُ ضَرَبْناه عَلَى نِطابهِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد؛ والأَعْرَفُ: عَلَى
تَطْيابه أَي عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الطِّيبِ، وَذَلِكَ أَنه
كَانَ مُعَرِّساً بامرأَة مِنْ مُرادٍ؛ وَقِيلَ: النِّطابُ هُنَا
حَبْلُ العُنُق، حَكَاهُ أَبو عَدْنان، وَلَمْ يُسمع مِن غَيْرِهِ؛
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: النِّطابُ الرأْس. ابْنُ الأَعرابي: النِّطابُ
حَبْلُ العاتِق؛ وأَنشد:
نحنُ ضَرَبْناهُ عَلَى نِطابِه، ... قُلْنا بهِ، قُلْنا بِهِ، قُلْنا
بهِ
قُلْنا بِهِ أَي قتَلْناه. أَبو عَمْرٍو: النَّطْبُ نَقْرُ الأُذُن؛
يُقَالُ: نَطَبَ أُذُنَه، ونَقَرَ، وبَلَّطَ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
الأَزهري: النَّطْمة النَّقْرةُ مِنَ الدِّيكِ، وَغَيْرِهِ، وَهِيَ
النَّطْبة، بالباءِ أَيضاً.
نعب: نَعَبَ الغرابُ وَغَيْرُهُ، يَنْعَب ويَنْعِبُ نَعْباً،
ونَعِيباً، ونُعاباً، وتَنْعاباً، ونَعَباناً: صاحَ وصَوَّتَ، وَهُوَ
صَوْتُه؛ وَقِيلَ: مَدَّ عُنقَه، وحَرَّك رأْسَه فِي صِيَاحِهِ. وَفِي
دُعاءِ داودَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
يَا رازِقَ النَّعَّابِ في عُشِّه
؛ النَّعَّابُ: الغُراب. قِيلَ: إِنَّ فَرْخَ الغُراب إِذا خَرَجَ مِنْ
بَيْضِه، يَكُونُ أَبيضَ كالشَّحْمة، فإِذا رآهُ الغُراب أَنكره
وَتَرَكَهُ، وَلَمْ يَزُقَّه، فيسوقُ اللَّهُ إِليه البَقَّ، فيَقَعُ
(1/764)
عَلَيْهِ لزُهُومة رِيحِهِ، فيَلْقُطُها
ويَعيشُ بِهَا إِلى أَن يَطْلُع ريشُه ويَسْوَدَّ، فيُعاوِدَه أَبوه
وأُمُّه. وَرُبَّمَا قَالُوا: نَعَبَ الدِّيكُ، عَلَى الِاسْتِعَارَةِ؛
قَالَ الشَّاعِرُ:
وقَهْوَةٍ صَهْباءَ، باكَرْتُها ... بجُهْمةٍ، والديكُ لَمْ يَنْعَبِ
ونَعَبَ المُؤَذِّنُ كَذَلِكَ. وأَنْعَبَ الرجلُ إِذا نَعَرَ فِي
الفِتَنِ. والنَّعِيبُ أَيضاً: صَوْتُ الْفَرَسِ. والنَّعْبُ: السيرُ
السَّرِيعُ. وَفَرَسٌ مِنْعَبٌ: جَوادٌ، يَمُدُّ عُنُقَه، كَمَا يَفعَل
الغُرابُ؛ وَقِيلَ: المِنْعَبُ الَّذِي يَسْطُو برأْسه، وَلَا يَكُونُ
فِي حُضْرِه مَزيدٌ. والمِنْعَبُ: الأَحْمَقُ المُصَوِّتُ؛ قَالَ إمرؤُ
الْقَيْسِ:
فلِلسَّاقِ أُلْهُوبٌ، وللسَّوْطِ دِرَّةٌ، ... وللزَّجْرِ مِنه وَقْعُ
أَهْوَجَ مِنْعَبِ
والنَّعْبُ: مِنْ سَيْرِ الإِبل؛ وَقِيلَ: النَّعْبُ أَن يُحَرِّكَ
البعيرُ رأْسَه إِذا أَسرعَ، وَهُوَ مِنْ سَيْرِ النَّجائبِ، يَرْفَعُ
رأْسه، فيَنْعَبُ نَعَباناً. ونَعَبَ البعيرُ يَنْعَبُ نَعْباً: وَهُوَ
ضَرْبٌ مِن السَّيْرِ، وَقِيلَ مِن السُّرْعة، كالنَّحْب. وَنَاقَةٌ
ناعبةٌ، ونَعُوبٌ، ونَعَّابة، ومِنْعَبٌ: سَرِيعَةٌ، وَالْجَمْعُ
نُعُبٌ؛ يُقَالُ: إِنَّ النَّعْبَ تحَرُّكُ رأْسِها، فِي المَشْيِ،
إِلى قُدَّام. وريحٌ نَعْبٌ: سريعةُ المَرِّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَحْدَرْنَ، واسْتَوَى بهنَّ السَّهْبُ، ... وعارَضَتْهُنّ جَنُوبٌ
نَعْبُ
وَلَمْ يُفَسِّرْ هُوَ النَّعْبَ، وإِنما فَسَّرَهُ غَيْرُهُ: إِما
ثعلبٌ، وإِما أَحدُ أَصحابه. وَبَنُو ناعِبٍ: حَيٌّ. وَبَنُو ناعِبةَ:
بطنٌ منهم.
نغب: نَغَبَ الإِنسانُ الرِّيقَ يَنْغَبُه ويَنْغُبه نَغْباً: ابْتلعه.
ونَغَبَ الطائرُ يَنْغَبُ نَغْباً: حَسا مِنَ الماءِ؛ وَلَا يُقَالُ
شَرِبَ. اللَّيْثُ: نَغَبَ الإِنسانُ يَنْغَبُ ويَنْغُب نَغْباً:
وَهُوَ الابْتِلاعُ لِلرِّيقِ والماءِ نَغْبةً بَعْدَ نَغْبةٍ. قَالَ
ابْنُ السِّكِّيتِ: نَغِبْتُ مِنَ الإِناءِ، بِالْكَسْرِ، نَغْباً أَي
جَرَعْتُ مِنْهُ جَرْعاً. ونَغَبَ الإِنسانُ فِي الشُّرْب، يَنْغُبُ
نَغْباً: جَرَعَ؛ وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ. والنَّغْبة والنُّغْبة،
بِالضَّمِّ: الجَرْعة، وَجَمْعُهَا نُغَبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا زلَجَتْ عَنْ كلِّ حَنجَرَةٍ ... إِلى الغَليلِ، وَلِمَ
يَقْصَعْنَه، نُغَبُ
وَقِيلَ: النَّغْبة المَرَّة الواحدةُ. والنُّغْبة: الاسمُ، كَمَا
فُرِقَ بَيْنَ الجَرْعةِ والجُرْعة، وسائِر أَخواتها بِمِثْلِ هَذَا؛
وَقَوْلُهُ:
فَبادَرَتْ شِرْبَها عَجْلى مُثابِرةً، ... حَتَّى اسْتَقَتْ، دُونَ
مَحْنى جِيدِها، نُغَما
إِنما أَراد نُغَباً، فأَبدل الْمِيمَ مِنَ الباءِ لِاقْتِرَابِهِمَا.
والنَّغْبة: الجَوْعةُ، وإِقْفارُ الحَيِّ. وَقَوْلُهُمْ: مَا
جُرِّبَتْ عَلَيْهِ نُغْبةٌ قَطُّ أَي فَعْلة قبيحةٌ.
نقب: النَّقْبُ: الثَّقْبُ فِي أَيِّ شيءٍ كَانَ، نَقَبه يَنْقُبه
نَقْباً. وشيءٌ نَقِيبٌ: مَنْقُوب؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذِكْرِه، مِنْ غيرِ نَوْبٍ، ... كَما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ
نَقِيبُ
يَعْنِي بالمَوْشِيِّ يَراعةً. ونَقِبَ الجِلْدُ نَقَباً؛ وَاسْمُ
تِلْكَ النَّقْبة نَقْبٌ أَيضاً. ونَقِبَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، إِذا
رَقَّتْ أَخْفافُه. وأَنْقَبَ الرجلُ إِذا نَقِبَ بعيرُه. وَفِي
حَدِيثِ
عُمَرَ،
(1/765)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتاه أَعرابيّ
فَقَالَ: إِني عَلَى نَاقَةٍ دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ، واسْتَحْمَله
فَظَنَّهُ كَاذِبًا، فَلَمْ يَحْمِلْه، فانطَلَقَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَقْسَمَ باللهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: ... مَا مَسَّها مِنْ نَقَبٍ
وَلَا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَبِ هَاهُنَا: رِقَّةَ الأَخْفافِ. نَقِبَ البعيرُ
يَنْقَبُ، فَهُوَ نَقِبٌ. وَفِي
حَدِيثِهِ الْآخَرِ قَالَ لامرأَةٍ حَاجَّةٍ: أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ
أَي نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: ولْيَسْتَأْنِ بالنَّقِبِ والظَّالِع
أَي يَرْفُقْ بِهِمَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الجَرَب. وَفِي
حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: فنَقبَتْ أَقْدامُنا
أَي رَقَّتْ جُلودُها، وتَنَفَّطَتْ مِنَ المَشْيِ. ونَقِبَ الخُفُّ
الملبوسُ نَقَباً: تَخَرَّقَ، وَقِيلَ: حَفِيَ. ونَقِبَ خُفُّ
الْبَعِيرِ نَقَباً إِذا حَفِيَ حَتَّى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه، فَهُوَ
نَقِبٌ؛ وأَنْقَبَ كَذَلِكَ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وَقَدْ أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبَ خُفُّها، ... مَناسِمُها لَا
يَسْتَبِلُّ رَثِيمُها
أَراد: ومَناسِمُها، فَحَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ، كَمَا قَالَ: قَسَمَا
الطَّارِفَ التَّلِيدَ؛ وَيُرْوَى: أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها.
والمَنْقَبُ مِنَ السُّرَّة: قُدَّامُها، حَيْثُ يُنْقَبُ البَطْنُ،
وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْفَرَسِ؛ وَقِيلَ: المَنْقَبُ السُّرَّةُ
نَفْسُها؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الْفَرَسَ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفِه، ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ
فالمَنْقَبِ، لُطِمْنَ بتُرْسٍ، شَدِيدِ الصِّفَاقِ، ... مِنْ خَشَبِ
الجَوْز، لَمْ يُثْقَبِ
والمِنْقَبةُ: الَّتِي يَنْقُب بِهَا البَيْطارُ، نادرٌ. والبَيْطارُ
يَنْقُبُ فِي بَطْنِ الدَّابَّةِ بالمِنْقَبِ فِي سُرَّته حَتَّى يَسيل
مِنْهُ مَاءٌ أَصْفر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كالسِّيدِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، ... وَلَمْ يَسِمْه،
وَلِمَ يَلْمِسْ لَهُ عَصَبا
ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدَّابَّةِ؛ وَتِلْكَ الحديدةُ مِنْقَبٌ،
بِالْكَسْرِ؛ وَالْمَكَانُ مَنْقَبٌ، بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد
الْجَوْهَرِيُّ لمُرَّة بْنِ مَحْكَانَ:
أَقَبّ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، ... وَلَمْ يَدِجْهُ،
وَلَمْ يَغْمِزْ لَهُ عَصَبا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه اشْتَكَى عَيْنَه، فكَرِهَ
أَنْ يَنْقُبَها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: نَقْبُ العَيْنِ هُوَ الَّذِي تُسَمِّيه
الأَطباءُ القَدْح، وَهُوَ مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الَّذِي يَحْدُثُ
فِي الْعَيْنِ؛ وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حَافِرَ الدَّابَّةِ
ليَخْرُجَ مِنْهُ مَا دَخل فِيهِ. والأَنْقابُ: الآذانُ، لَا أَعْرِفُ
لَهَا وَاحِدًا؛ قَالَ القَطامِيُّ:
كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً ... أَنْقابُهُنَّ، إِلى حُداءِ
السُّوَّقِ
وَيُرْوَى: أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ. التَّهْذِيبُ: إِن
عَلَيْهِ نُقْبةً أَي أَثَراً. ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ: أَثَرُه
وهَيْأَتُهُ. والنُّقْبُ والنُّقَبُ: القِطَعُ المتفرّقَةُ مِنَ
الجَرَب، الْوَاحِدَةُ نُقْبة؛ وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلُ مَا يَبْدُو مِنَ
الجَرَب؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
مُتَبَذِّلًا، تَبدُو مَحاسِنُه، ... يَضَعُ الهِناءَ مواضِعَ
النُّقْبِ
وَقِيلَ: النُّقْبُ الجَربُ عَامَّةً؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قولَ
أَبي محمدٍ، الحَذْلَمِيِّ:
وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عَنْ لِثامِها
(1/766)
يَقُولُ: تُبْرِئُ مِنَ الجَرَب. وَفِي
الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا يُعْدي
شيءٌ شَيْئًا؛ فَقَالَ أَعرابيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ
النُّقْبةَ تَكُونُ بِمِشْفَرِ البَعيرِ، أَو بذَنَبِه فِي الإِبل
الْعَظِيمَةِ، فتَجْرَبُ كُلُّها؛ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا أَعْدى الأَوّلَ؟
قَالَ الأَصمعي: النُّقْبةُ هِيَ أَوَّل جَرَبٍ يَبْدُو؛ يُقَالُ
لِلْبَعِيرِ: بِهِ نُقْبة، وَجَمْعُهَا نُقْبٌ، بِسُكُونِ الْقَافِ،
لأَنها تَنْقُبُ الجِلْد أَي تَخْرِقُه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
والنُّقْبةُ، فِي غَيْرِ هَذَا، أَن تُؤْخذَ القِطْعةُ مِنَ الثَّوْبِ،
قَدْرَ السَّراويلِ، فتُجْعل لَهَا حُجْزةٌ مَخِيطَةٌ، مِنْ غَيْرِ
نَيْفَقٍ، وتُشَدّ كَمَا تُشَدُّ حُجْزةُ السَّرَاوِيلِ، فإِذا كَانَ
لَهَا نَيْفَقٌ وساقانِ فَهِيَ سَرَاوِيلُ، فإِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا
نَيْفَقٌ، وَلَا ساقانِ، وَلَا حُجْزة، فَهُوَ النِّطاقُ. ابْنُ
شُمَيْلٍ: النُّقْبَةُ أَوَّلُ بَدْءِ الجَرَب، تَرَى الرُّقْعَة
مِثْلَ الكَفِّ بجَنْبِ البَعير، أَو وَرِكِه، أَو بِمِشْفَره، ثُمَّ
تَتَمَشَّى فِيهِ، حتَّى تُشْرِيَه كُلَّهُ أَي تَمْلأَه؛ قَالَ أَبو
النَّجْمِ يَصِفُ فَحْلًا:
فاسْوَدَّ، مِنْ جُفْرتِه، إِبْطاها، ... كَمَا طَلى، النُّقْبةَ،
طالِياها
أَي اسْوَدَّ مِنَ العَرَق، حينَ سَالَ، حَتَّى كأَنه جَرِبَ ذَلِكَ
الموضعُ، فطُلِيَ بالقَطِرانِ فاسْوَدَّ مِنَ العَرَق؛ والجُفْرةُ:
الوَسَطُ. والناقِبةُ: قُرْحة تَخْرُجُ بالجَنْب. ابْنُ سِيدَهْ:
النُّقْب قرْحة تَخْرج فِي الجَنْب، وتَهْجُمُ عَلَى الْجَوْفِ،
ورأْسُها مِنْ دَاخِلٍ. ونَقَبَتْه النَّكْبةُ تَنْقُبه نَقْباً:
أَصابته فبَلَغَتْ مِنْهُ، كنَكَبَتْه. والناقبةُ: داءٌ يأْخذ
الإِنسانَ، مِنْ طُول الضَّجْعة. والنُّقْبة: الصَّدَأُ. وَفِي
الْمُحْكَمِ: والنُّقْبة صَدَأُ السيفِ والنَّصْلِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
جُنُوءَ الهالِكِيِّ عَلَى يَدَيْهِ، ... مُكِبّاً، يَجْتَلي نُقَبَ
النِّصالِ
وَيُرْوَى: جُنُوحَ الهالِكِيِّ. والنَّقْبُ والنُّقْبُ: الطريقُ،
وَقِيلَ: الطريقُ الضَّيِّقُ فِي الجَبل، وَالْجَمْعُ أَنْقابٌ،
ونِقابٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِابْنِ أَبي عَاصِيَةَ:
تَطَاوَلَ لَيْلي بالعراقِ، وَلَمْ يَكُنْ ... عَليَّ، بأَنْقابِ
الحجازِ، يَطُولُ
وَفِي التَّهْذِيبِ، فِي جَمْعِهِ: نِقَبةٌ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ
الجُرْفُ، وجَمْعُه جِرَفَةٌ. والمَنْقَبُ والمَنْقَبةُ، كالنَّقْبِ؛
والمَنْقَبُ، والنِّقابُ: الطَّرِيقُ فِي الغَلْظِ؛ قَالَ:
وتَراهُنَّ شُزَّباً كالسَّعالي، ... يَتَطَلَّعْنَ مِنْ ثُغُورِ
النِّقابِ
يَكُونُ جَمْعًا، وَيَكُونُ وَاحِدًا. والمَنْقَبة: الطَّرِيقُ
الضَّيِّقُ بَيْنَ دارَيْنِ، لَا يُسْتطاع سُلوكُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شُفْعةَ فِي فَحْل، وَلَا مَنْقَبةٍ
؛ فسَّروا المَنْقبةَ بِالْحَائِطِ، وسيأْتي ذِكْرُ الْفَحْلِ؛ وَفِي
رِوَايَةٍ:
لَا شُفْعةَ فِي فِناءٍ، وَلَا طريقٍ، وَلَا مَنْقَبة
؛ المَنْقَبةُ: هِيَ الطَّرِيقُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ، كأَنه نُقِبَ
مِنْ هَذِهِ إِلى هَذِهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ الَّتِي تَعْلُو
أَنْشازَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنهم فَزِعُوا مِنَ الطَّاعُونِ، فَقَالَ: أَرْجُو أَن لَا يَطْلُع
إِلينا نِقابَها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ جُمَعُ نَقْبٍ، وَهُوَ الطَّرِيقُ بَيْنَ
الْجَبَلَيْنِ؛ أَراد أَنه لَا يَطْلُع إِلينا مِنْ طُرُق
الْمَدِينَةِ، فأَضْمَر عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
عَلَى أَنْقابِ المدينةِ مَلَائِكَةٌ، لَا يَدْخُلُها الطاعُونُ، وَلَا
الدجالُ
؛ هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ للنَّقْب.
(1/767)
والنَّقْبُ: أَن يَجْمَعَ الفرسُ
قَوَائِمَهُ فِي حُضْرِه وَلَا يَبْسُطَ يَدَيْهِ، وَيَكُونَ حُضْرُه
وَثْباً. والنَّقِيبةُ النَّفْسُ؛ وَقِيلَ: الطَّبيعَة؛ وَقِيلَ:
الخَليقةُ. والنَّقِيبةُ: يُمْنُ الفِعْل. ابْنُ بُزُرْجَ: مَا لَهُمْ
نَقِيبةٌ أَي نَفاذُ رَأْيٍ. وَرَجُلٌ مَيْمونُ النَّقِيبة: مباركُ
النَّفْسِ، مُظَفَّرٌ بِمَا يُحاوِلُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا
كَانَ مَيْمونَ الأَمْرِ، يَنْجَحُ فِيمَا حاوَل ويَظْفَرُ؛ وَقَالَ
ثَعْلَبٌ: إِذا كَانَ مَيْمُون المَشُورة. وَفِي حَدِيثِ
مَجْدِيِّ بْنِ عَمْرٍو: أَنه مَيْمُونُ النَّقِيبة
أَي مُنْجَحُ الفِعَال، مُظَفَّرُ المَطالب. التَّهْذِيبُ فِي
تَرْجَمَةِ عَرَكَ: يُقَالُ فُلَانٌ مَيْمُونُ العَريكَة، والنَّقِيبة،
والنَّقِيمة، والطَّبِيعَةِ؛ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمَنْقَبة: كَرَمُ
الفِعْل؛ يُقَالُ: إِنه لكريمُ المَناقِبِ مِنَ النَّجَدَاتِ
وَغَيْرِهَا؛ والمَنْقَبةُ: ضِدُّ المَثْلَبَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ:
النَّقِيبةُ مِنَ النُّوقِ المُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً،
بَيِّنةُ النِّقابةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ، إِنما
هِيَ الثَّقِيبَةُ، وَهِيَ الغَزيرَةُ مِنَ النُّوق، بالثاءِ. وَقَالَ
ابْنُ سِيدَهْ: نَاقَةٌ نَقِيبةٌ، عظيمةُ الضَّرْع. والنُّقْبةُ: مَا
أَحاطَ بِالْوَجْهِ مِنْ دَوائره. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَقِيلَ لامرأَة
أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليكِ؟ قَالَتِ: الحَديدَةُ الرُّكْبةِ،
القَبيحةُ النُّقْبةِ، الحاضِرَةُ الكِذْبةِ؛ وَقِيلَ: النُّقْبة
اللَّوْنُ والوَجْهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا:
ولاحَ أَزْهَرُ مَشْهُورٌ بنُقْبَتهِ، ... كأَنَّه، حِينَ يَعْلُو
عاقِراً، لَهَبُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فلانٌ مَيْمُونُ النَّقِيبة والنَّقِيمة أَي
اللَّوْنِ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ نِقابُ المرأَةِ لأَنه يَسْتُر نِقابَها
أَي لَوْنَها بلَوْنِ النِّقابِ. والنُّقْبةُ: خِرْقةٌ يُجْعَلُ
أَعلاها كَالسَّرَاوِيلِ، وأَسْفَلُها كالإِزار؛ وَقِيلَ: النُّقْبةُ
مِثْلُ النِّطَاقِ، إِلا أَنه مَخِيطُ الحُزَّة نَحْوُ السَّراويلِ؛
وَقِيلَ: هِيَ سَرَاوِيلُ بِغَيْرِ ساقَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ:
النُّقْبة ثَوْبٌ كالإِزار، يُجْعَلُ لَهُ حُجْزة مَخِيطةٌ مِنْ غَيْرِ
نَيْفَقٍ، ويُشَدُّ كَمَا يُشَدُّ السَّرَاوِيلُ. ونَقَبَ الثوبَ
يَنْقُبه: جَعَلَهُ نُقْبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها
؛ هِيَ السراويلُ الَّتِي تَكُونُ لَهَا حُجْزةٌ، مِنْ غَيْرِ
نَيْفَقٍ، فإِذا كَانَ لَهَا نَيْفَقٌ، فَهِيَ سَراويلُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ مَوْلاةَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَت مِنْ كُلِّ شيءٍ
لَهَا، وكلِّ ثَوْبٍ عَلَيْهَا، حَتَّى نُقْبَتِها، فَلَمْ يُنْكِرْ
ذَلِكَ.
والنِّقابُ: القِناع عَلَى مارِنِ الأَنْفِ، وَالْجَمْعُ نُقُبٌ.
وَقَدْ تَنَقَّبَتِ المرأَةُ، وانْتَقَبَتْ، وإِنها لَحَسَنة
النِّقْبة، بِالْكَسْرِ. والنِّقابُ: نِقابُ المرأَة. التَّهْذِيبُ:
والنِّقابُ عَلَى وُجُوهٍ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ
نِقابَها إِلى عَيْنها، فَتِلْكَ الوَصْوَصَةُ، فإِن أَنْزَلَتْه دُونَ
ذَلِكَ إِلى المَحْجِرِ، فَهُوَ النِّقابُ، فإِن كَانَ عَلَى طَرَفِ
الأَنْفِ، فَهُوَ اللِّفَامُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: النِّقابُ عَلَى
مارِنِ الأَنْفِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِين: النِّقاب مُحْدَثٌ؛
أَراد أَنَّ النساءَ مَا كُنَّ يَنْتَقِبْنَ أَي يَخْتَمِرْن؛ قَالَ
أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ هَذَا وجهَ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّ النِّقابُ،
عِنْدَ الْعَرَبِ، هُوَ الَّذِي يَبْدُو مِنْهُ مَحْجِرُ الْعَيْنِ،
وَمَعْنَاهُ أَنَّ إِبداءَهُنَّ المَحَاجِرَ مُحْدَثٌ، إِنما كَانَ
النِّقابُ لاحِقاً بِالْعَيْنِ، وَكَانَتْ تَبْدُو إِحدى
الْعَيْنَيْنِ، والأُخْرَى مَسْتُورَةٌ، والنِّقابُ لَا يَبْدُو مِنْهُ
إِلا الْعَيْنَانِ، وَكَانَ اسْمُهُ عِنْدَهُمُ الوَصْوَصَةَ،
والبُرْقُعَ، وَكَانَ مِنْ لباسِ النساءِ، ثُمَّ أَحْدَثْنَ النِّقابَ
بعدُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
بأَعْيُنٍ منها مَلِيحاتِ النُّقَبْ [النِّقَبْ] ، ... شَكْلِ
التِّجارِ، وحَلالِ المُكْتَسَبْ
يُرْوَى: النُّقَبَ والنِّقَبَ؛ رَوَى الأُولى سِيبَوَيْهِ، وَرَوَى
الثانيةَ الرِّياشِيُّ؛ فَمَن قَالَ النُّقَب، عَنَى
(1/768)
دوائرَ الْوَجْهِ، ومَن قَالَ النِّقَب،
أَرادَ جمعَ نِقْبة، مِن الانتِقاب بالنِّقاب. والنِّقاب: الْعَالِمُ
بالأُمور. وَمِنْ كَلَامِ الْحَجَّاجِ فِي مُناطَقَتِه للشَّعْبِيِّ:
إِن كَانَ ابنُ عَبَّاسٍ لنِقاباً، فَمَا قَالَ فِيهَا؟ وَفِي
رِوَايَةٍ: إِن كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لمِنْقَباً. النِّقابُ،
والمِنْقَبُ، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ: الرَّجُلُ الْعَالِمُ
بالأَشياءِ، الكثيرُ البَحْثِ عَنْهَا، والتَّنْقِيبِ عَلَيْهَا أَي
مَا كَانَ إِلا نِقاباً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النِّقابُ هُوَ
الرَّجُلُ العَلَّامة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الرَّجُل العالمُ
بالأَشياءِ، المُبَحِّث عَنْهَا، الفَطِنُ الشَّديدُ الدُّخُولِ
فِيهَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَر يَمْدَحُ رَجُلًا:
نَجِيحٌ جَوادٌ، أَخُو مَأْقِطٍ، ... نِقابٌ، يُحَدِّثُ بالغائِبِ
وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: كَرِيمٌ جَوَادٌ؛ قَالَ
ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالرِّوَايَةُ:
نَجِيحٌ مَلِيحٌ، أَخو مأْقِطٍ
قَالَ: وإِنما غَيَّرَهُ مَنْ غَيَّرَهُ، لأَنه زَعَمَ أَن
الْمَلَاحَةَ الَّتِي هِيَ حُسْن الخَلْق، لَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ
لِلْمَدْحِ فِي الرِّجَالِ، إِذ كَانَتِ المَلاحة لَا تَجْرِي مَجْرَى
الْفَضَائِلِ الْحَقِيقِيَّةِ، وإِنما المَليحُ هُنَا هُوَ
المُسْتَشْفَى برأْيه، عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، قَالَ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بِهِمْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: المَلِيحُ فِي بَيْتِ أَوْسٍ، يُرادُ بِهِ
المُسْتَطابُ مُجالَسَتُه. ونَقَّبَ فِي الأَرض: ذَهَبَ. وَفِي
التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ
؟ قَالَ الفَرَّاء: قرأَه القُراء فَنَقَّبوا «2» ، مُشَدَّداً؛
يَقُولُ: خَرَقُوا البلادَ فَسَارُوا فِيهَا طَلَباً للمَهْرَبِ،
فَهَلْ كَانَ لَهُمْ محيصٌ مِنَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: وَمَنْ قرأَ
فنَقِّبوا، بِكَسْرِ الْقَافِ، فإِنه كَالْوَعِيدِ أَي اذْهَبُوا فِي
الْبِلَادِ وجِيئُوا؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فنَقِّبُوا، طَوِّفُوا
وفَتِّشُوا؛ قَالَ: وقرأَ الْحَسَنُ فنَقَبُوا، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَقَدْ نَقَّبْتُ فِي الآفاقِ، حَتَّى ... رَضِيتُ مِنَ السَّلامةِ
بالإِيابِ
أَي ضَرَبْتُ فِي البلادِ، أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ. ابْنُ الأَعرابي:
أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سَارَ فِي الْبِلَادِ؛ وأَنْقَبَ إِذا صَارَ
حاجِباً؛ وأَنْقَبَ إِذا صَارَ نَقِيباً. ونَقَّبَ عَنِ الأَخْبار
وَغَيْرِهَا: بَحَثَ؛ وَقِيلَ: نَقَّبَ عَنِ الأَخْبار: أَخْبر بِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ الناسِ
أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ. والنَّقِيبُ: عَريفُ الْقَوْمُ، والجمعُ
نُقَباءُ. والنَّقيب: العَريفُ، وَهُوَ شاهدُ الْقَوْمِ وضَمِينُهم؛
ونَقَبَ عَلَيْهِمْ يَنْقُبُ نِقابةً: عَرَف. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً
. قَالَ أَبو إِسحاق: النَّقِيبُ فِي اللغةِ كالأَمِينِ والكَفِيلِ.
وَيُقَالُ: نَقَبَ الرجلُ عَلَى القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً، مِثْلَ
كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً، فَهُوَ نَقِيبٌ؛ وَمَا كَانَ الرجلُ
نَقِيباً، وَلَقَدْ نَقُبَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا أَردتَ أَنه لَمْ
يَكُنْ نَقِيباً ففَعَل، قُلْتَ: نَقُبَ، بِالضَّمِّ، نَقابة،
بِالْفَتْحِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: النِّقَابَةُ، بِالْكَسْرِ، الِاسْمُ،
وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، مِثْلُ الوِلاية والوَلاية. وَفِي حَدِيثِ
عُبادة بْنِ الصَّامِتِ: وَكَانَ مِنَ النُّقباءِ
؛ جَمْعُ نَقِيبٍ، وَهُوَ كالعَرِيف عَلَى الْقَوْمِ، المُقَدَّم
عَلَيْهِمُ، الَّذِي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم، ويُنَقِّبُ عَنْ أَحوالهم
أَي يُفَتِّشُ. وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَدْ جَعلَ، ليلةَ العَقَبَةِ، كلَّ وَاحِدٍ مِنَ الجماعة
الذين
__________
(2) . قوله [قرأه الفراء إلخ] ذكر ثلاث قراءات: نقبوا بفتح القاف مشددة
ومخخفة وبكسرها مشددة، وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان
فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الأنقاب حتى لزمهم الوصف به.
(1/769)
بَايَعُوهُ بِهَا نَقيباً عَلَى قَوْمِهِ
وَجَمَاعَتِهِ، ليأْخُذوا عَلَيْهِمُ الإِسلامَ ويُعَرِّفُوهم
شَرائطَه، وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ نَقيباً كُلُّهُمْ مِنَ الأَنصار،
وَكَانَ عُبادة بْنُ الصَّامِتِ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: النَّقِيبُ الرئيسُ
الأَكْبَرُ. وَقَوْلُهُمْ: فِي فلانٍ مَنَاقِب جميلةٌ أَي أَخْلاقٌ.
وَهُوَ حَسَنُ النَّقِيبةِ أَي جميلُ الْخَلِيقَةِ. وإِنما قِيلَ
للنَّقِيب نَقيبٌ، لأَنه يَعْلَمُ دخيلةَ أَمرِ الْقَوْمِ، وَيَعْرِفُ
مَناقبهم، وَهُوَ الطريقُ إِلى مَعْرِفَةِ أُمورهم. قَالَ: وَهَذَا
الْبَابُ كلُّه أَصلُه التأْثِيرُ الَّذِي لَهُ عُمْقٌ ودُخُولٌ؛
وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ: نَقَبْتُ الْحَائِطَ أَي بَلغت فِي النَّقْب
آخرَه. وَيُقَالُ: كَلْبٌ نَقِيبٌ، وَهُوَ أَن يَنْقُبَ حَنْجَرَةَ
الكلبِ، أَو غَلْصَمَتَه، ليَضْعُفَ صوتُه، وَلَا يَرْتَفِع صوتُ
نُباحِه، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ البُخلاء مِنَ الْعَرَبِ، لِئَلَّا
يَطْرُقَهم ضَيْفٌ، بِاسْتِمَاعِ نُباح الْكِلَابِ. والنِّقَابُ:
البطنُ. يُقَالُ فِي المَثل، فِي الِاثْنَيْنِ يَتَشَابَهانِ:
فَرْخَانِ فِي نِقابٍ. والنَّقِيبُ: المِزْمارُ. وناقَبْتُ فُلَانًا
إِذا لَقِيتَه فَجْأَةً. ولَقِيتُه نِقاباً أَي مُواجَهة؛ وَمَرَرْتُ
عَلَى طَرِيقٍ فَناقَبَني فِيهِ فلانٌ نِقاباً أَي لَقِيَني عَلَى
غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَا اعْتِمَادٍ. وورَدَ الماءَ نِقاباً، مِثْلُ
التِقاطاً إِذا ورَد عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْعُرَ بِهِ قَبْلَ
ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ. ونَقْبٌ:
مَوْضِعٌ؛ قَالَ سُلَيْكُ بنُ السُّلَكَة:
وهُنَّ عِجَالٌ مِنْ نُباكٍ، وَمِنْ نَقْبِ
نكب: نَكَبَ عَنِ الشيءِ وَعَنِ الطَّرِيقِ يَنْكُب نَكْباً ونُكُوباً،
ونَكِبَ نَكَباً، ونَكَّبَ، وتَنَكَّبَ: عَدَلَ؛ قَالَ:
إِذا مَا كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى، ... فَنَكِّبْ كلَّ مُحْتِرةٍ
صَناعِ
وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَعراب، وَقَدْ كَبِرَ، وَكَانَ فِي دَاخِلِ
بَيْتِهِ، ومَرَّتْ سَحابةٌ: كيفَ تَراها يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: أَراها
قَدْ نَكَّبَتْ وتَبَهَّرَتْ؛ نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ؛ وأَنشد
الْفَارِسِيُّ:
هُمَا إِبلانِ، فِيهِمَا مَا عَلِمْتُمُ، ... فَعَنْ أَيِّها، مَا
شِئْتُمُ، فتَنَكَّبُوا
عدَّاه بِعَنْ، لأَن فِيهِ مَعْنَى اعْدلوا وتباعَدُوا، وَمَا
زَائِدَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَكَبَ فلانٌ
عَنِ الصَّوَابِ يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عَنْهُ. ونَكَّبَ عَنِ
الصَّوَابِ تَنْكِيبًا، ونَكَّبَ غيرَه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِهُنَيّ مَوْلَاهُ:
نَكِّبْ عَنَّا ابْنِ أُمّ عَبدٍ
أَي نَحِّه عَنَّا. وتَنَكَّبَ فلانٌ عَنَّا تَنَكُّباً أَي مَالَ
عَنَّا. الْجَوْهَرِيُّ: نَكَّبه تَنْكيباً أَي عَدَل عَنْهُ
وَاعْتَزَلَهُ. وتَنَكَّبَه أَي تَجَنَّبَه. ونَكَّبَه الطريقَ،
ونَكَّبَ بِهِ: عَدَلَ. وطريقٌ يَنْكُوبٌ: عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ.
والنَّكَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَيَلُ فِي الشيءِ. وَفِي التَّهْذِيبِ:
شِبْهُ مَيَل فِي المَشْي؛ وأَنشد: عَنِ الحَقِّ أَنْكَبُ أَي مائلٌ
عَنْهُ؛ وإِنه لَمِنْكابٌ عَنِ الحَقِّ. وقامةٌ نَكْبَاءُ: مَائِلَةٌ،
وقِيَمٌ نُكْبٌ. والقامةُ: البَكْرَةُ. وَفِي حَدِيثِ حَجَّة
الْوَدَاعِ:
فَقَالَ بأُصْبُعه السَّبَّابة يَرْفَعُها إِلى السماءِ، ويَنْكُبُها
إِلى النَّاسِ
أَي يُميلُها إِليهم؛ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَن يُشْهِدَ اللهَ عَلَيْهِمْ.
يُقَالُ: نَكَبْتُ الإِناءَ نَكْباً ونَكَّبْتُه تَنْكيباً إِذا أَماله
وكَبَّه. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
نَكِّبُوا عَنِ الطَّعام
؛ يُريد
(1/770)
الأَكُولةَ وذواتِ اللَّبَنِ ونحوَهما أَي
أَعْرِضُوا عَنْهَا، وَلَا تأْخذوها فِي الزَّكَاةِ، ودَعُوها لأَهلها،
فَيُقَالُ فِيهِ: نَكَبَ ونَكَّبَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
نَكِّبْ عَنْ ذَاتِ الدَّرِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ،
قَالَ لوَحْشِيٍّ: تَنَكَّبْ عَنْ وَجْهي
أَي تَنَحَّ، وأَعْرِضْ عَنِّي. والنَّكْبَاءُ: كلُّ ريحٍ؛ وَقِيلَ
كلُّ رِيحٍ مِنَ الرِّيَاحِ الأَربع انْحَرَفَتْ ووقَعَتْ بَيْنَ
رَيِحَيْنِ، وَهِيَ تُهلِكُ المالَ، وتحْبِسُ القَطْرَ؛ وَقَدْ
نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: النَّكْبَاءُ
الَّتِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا، هِيَ الَّتِي تَهُبُّ بَيْنَ الصَّبَا
والشَّمَال. والجِرْبِيَاءُ: الَّتِي بينَ الجَنُوب والصَّبَا؛ وَحَكَى
ثعلبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَنَّ النُّكْبَ مِنَ الرِّيَاحِ أَربعٌ:
فنَكْبَاءُ الصَّبا والجَنُوبِ مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيباسٌ للبَقْلِ،
وَهِيَ الَّتِي تجيءُ بَيْنَ الرِّيِحَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
تُسَمَّى الأَزْيَبَ؛ ونَكْبَاءُ الصَّبا والشَّمَال مِعْجَاجٌ
مِصْرَاد، لَا مَطَر فِيهَا وَلَا خَيْرَ عِنْدَهَا، وَتُسَمَّى
الصَّابِيةَ، وَتُسَمَّى أَيضاً النُّكَيْبَاءَ، وإِنما صَغَّروها،
وَهُمْ يُرِيدُونَ تَكْبِيرَهَا، لأَنهم يَسْتَبْرِدُونها جِدّاً؛
ونَكْبَاءُ الشَّمَال والدَّبُور قَرَّةٌ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهَا
مَطَرٌ قَلِيلٌ، وَتُسَمَّى الجِرْبِياءَ، وَهِيَ نَيِّحَةُ
الأَزْيَبِ؛ ونَكْبَاءُ الجَنُوبِ والدَّبُور حارَّة مِهْيافٌ،
وَتُسَمَّى الهَيْفَ، وَهِيَ نَيِّحَةُ النُّكَيْبَاء، لأَن الْعَرَبَ
تُناوِحُ بَيْنَ هَذِهِ النُّكْبِ، كَمَا ناوحُوا بَيْنَ القُوم مِنَ
الرياحِ؛ وَقَدْ نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً. ودَبور نَكْبٌ: نَكْباءُ.
الْجَوْهَرِيُّ: والنَّكْباءُ الرِّيحُ النَّاكِبَةُ، الَّتِي تَنْكُبُ
عَنْ مَهَابِّ الرياحِ القُومِ، والدَّبُور رِيحٌ مِنْ رِيَاحِ
القَيْظِ، لَا تَكُونُ إِلا فِيهِ، وَهِيَ مِهْيَافٌ؛ والجَنوبُ
تَهُبُّ كلَّ وَقْتٍ. وَقَالَ ابنُ كِناسَةَ: تَخرج النَّكْباءُ مَا
بَيْنَ مَطْلَعِ الذِّراع إِلى القُطْب، وَهُوَ مَطْلَع الكَواكب
الشَّامِيَّةِ، وجعَلَ مَا بَيْنَ القُطْبِ إِلى مَسْقَطِ الذِّرَاعِ،
مَخْرَجَ الشَّمال، وَهُوَ مَسْقَطُ كُلِّ نَجْمٍ طَلَعَ مِنْ مَخْرج
النَّكْباءِ، مِنَ الْيَمَانِيَةِ، وَالْيَمَانِيَةُ لَا يَنْزِلُ
فِيهَا شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ، إِنما يُهْتَدَى بِهَا فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ، فَهِيَ شَامِيَّةٌ. قَالَ شَمِرٌ: لِكُلِّ رِيحٍ مِنَ
الرِّيَاحِ الأَربع نَكْباءُ تُنْسَبُ إِليها، فالنَّكْباءُ الَّتِي
تُنْسَبُ إِلى الصَّبا هِيَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّمَالِ،
وَهِيَ تُشْبِهُهَا فِي اللِّينِ، وَلَهَا أَحياناً عُرامٌ، وَهُوَ
قَلِيلٌ، إِنما يَكُونُ فِي الدَّهْرِ مَرَّةً؛ والنَّكْباءُ الَّتِي
تُنْسَبُ إِلى الشَّمال، وَهِيَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدَّبُور،
وَهِيَ تُشْبِهها فِي البَرْد، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الشَّمال:
الشامِيَّةُ، كلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عِنْدَ الْعَرَبِ شَامِيَّةٌ؛
والنَّكْباءُ الَّتِي تُنْسَبُ إِلى الدَّبُور، هِيَ الَّتِي بَيْنَهَا
وَبَيْنَ الجَنُوب، تجيءُ مِنْ مَغِيبِ سُهَيْل، وَهِيَ تُشْبِه
الدَّبور فِي شِدَّتها وعَجاجِها؛ والنَّكْباءُ الَّتِي تُنْسَبُ إِلى
الجَنوب، هِيَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّبا، وَهِيَ أَشْبَهُ
الرِّياح بِهَا، فِي رِقَّتِهَا وَفِي لِينِهَا فِي الشتاءِ. وَبَعِيرٌ
أَنْكَبُ: يَمْشي مُتَنَكِّباً. والأَنْكَبُ مِنَ الإِبل: كأَنما
يَمْشِي فِي شِقٍّ؛ وأَنشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ، وَمَا فِيهِ نَكَبْ
ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ: مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكتِفِ، وحَبْلُ
العاتِق مِنَ الإِنسانِ والطائرِ وكلِّ شيءٍ. ابْنُ سِيدَهْ:
المَنْكِبُ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: مُجْتَمَعُ رأْسِ الكَتِفِ
والعَضُدِ، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرَ، حَكَى ذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ. قَالَ
سِيبَوَيْهِ: هُوَ اسْمٌ للعُضْو، لَيْسَ عَلَى الْمَصْدَرِ وَلَا
الْمَكَانِ، لأَن فِعْلَه نَكَبَ يَنكُبُ، يَعْنِي أَنه لَوْ كَانَ
عَلَيْهِ، لَقَالَ: مَنْكَبٌ؛ قَالَ: وَلَا يُحْمَل عَلَى بَابِ
مَطْلِع، لأَنه نَادِرٌ، أَعني بابَ مَطْلِع. وَرَجُلٌ شديدُ
المَناكِبِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي
يُفَرَّقُ فَيُجْعَلُ جَمِيعًا؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا
كَثِيرًا، وقياسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، أَن
(1/771)
يَكُونُوا ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلى
تَعْظِيمِ الْعُضْوِ، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْهُ
مَنْكِباً. ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشْتَكى مَنْكِبَهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: خِيارُكم أَلْيَنُكُمْ مَناكِبَ فِي
الصَّلَاةِ؛ أَراد لزُومَ السَّكِينَةِ فِي الصَّلَاةِ؛ وَقِيلَ أَراد
أَن لَا يَمْتَنِعَ عَلَى مَنْ يجيءُ لِيَدْخُلَ فِي الصَّفِّ، لِضِيقِ
الْمَكَانِ، بَلْ يُمَكِّنُه مِنْ ذَلِكَ. وانْتَكَبَ الرجلُ
كِنانَتَهُ وقَوْسَه، وتَنَكَّبها: أَلْقاها عَلَى مَنْكِبِه. وَفِي
الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا خَطَبَ بالمُصَلَّى، تَنَكَّبَ عَلَى قَوْسٍ أَو عَصاً
أَي اتَّكأَ عَلَيْهَا؛ وأَصله مِن تَنَكَّبَ القوسَ، وانْتَكَبها إِذا
عَلَّقها فِي مَنْكبه. والنَّكَبُ، بِفَتْحِ النُّونِ وَالْكَافِ: داءٌ
يأْخذ الإِبلَ فِي مَناكبها، فَتَظْلَعُ مِنْهُ، وَتَمْشِي
مُنْحَرِفةً. ابْنُ سِيدَهْ: والنَّكَبُ ظَلَعٌ يأْخذ البعيرَ مِنْ
وَجَع فِي مَنْكِبه؛ نَكِبَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يَنْكَبُ نَكَباً،
وَهُوَ أَنْكَبُ؛ قَالَ:
يَبْغِي فيُرْدِي وخَدانَ الأَنْكَبِ
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ العَدَبَّسُ: لَا يَكُونُ النَّكَبُ إِلا فِي
الكَتِفِ؛ وَقَالَ رجلٌ مِنْ فَقْعَسٍ:
فهَلَّا أَعَدُّوني لمِثْلي تَفاقَدُوا، ... إِذا الخَصْمُ، أَبْزى،
مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
قَالَ: وَهُوَ مِنْ صِفَةِ المُتَطاوِل الجائرِ. ومَناكِب الأَرضِ:
جبالُها؛ وَقِيلَ: طُرُقها؛ وَقِيلَ: جَوانِبُها؛ وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: فَامْشُوا فِي مَناكِبِها
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ فِي جَوَانِبِهَا؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
مَعْنَاهُ فِي جِبَالِهَا؛ وَقِيلَ: فِي طُرُقها. قَالَ الأَزهري:
وأَشبَهُ التَّفْسِيرِ، وَاللَّهُ أَعلم، تَفْسِيرُ مَنْ قَالَ: فِي
جِبَالِهَا، لأَن قَوْلَهُ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
ذَلُولًا، مَعْنَاهُ سَهَّلَ لَكم السُّلوكَ فِيهَا، فأَمكنكم
السُّلُوكُ فِي جِبَالِهَا، فَهُوَ أَبلغ فِي التَّذْلِيلِ.
والمَنْكِبُ مِنَ الأَرض: الموضعُ الْمُرْتَفِعُ. وَفِي جَناح الطائرِ
عِشْرُونَ رِيشَةً: أَوَّلُها القَوادِمُ، ثُمَّ المَناكِبُ، ثُمَّ
الخَوافي، ثُمَّ الأَباهِرُ، ثُمَّ الكُلى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا
أَعْرِفُ للمَناكب مِنَ الرِّيشِ وَاحِدًا، غَيْرَ أَن قِيَاسَهُ أَن
يَكُونَ مَنْكِباً. غَيْرُهُ: والمَناكِبُ فِي جَناحِ الطَّائِرِ
أَربعٌ، بَعْدَ القَوادِم؛ ونَكَبَ عَلَى قَوْمِهِ يَنْكُبُ نِكابَةً
ونُكوباً، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، إِذا كَانَ مَنْكِباً
لَهُمْ، يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُحْكَمِ عَرَفَ عَلَيْهِمْ؛
قَالَ: والمَنْكِبُ العَرِيفُ، وَقِيلَ: عَوْنُ العَريفِ. وَقَالَ
اللَّيْثُ: مَنْكِبُ الْقَوْمِ رأْسُ العُرَفاءِ، عَلَى كَذَا وَكَذَا
عَرِيفًا مَنْكِبٌ، وَيُقَالُ لَهُ: النِّكابةُ فِي قَوْمِهِ. وَفِي
حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: كَانَ يَتَوَسَّطُ العُرَفاءَ والمَناكِب
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المَناكِبُ قومٌ دُونَ العُرَفاءِ، واحدُهم
مَنْكِبٌ؛ وَقِيلَ: المَنْكِبُ رأْسُ العُرفاءِ. والنِّكابةُ:
كالعِرافَةِ والنِّقابة. ونَكَبَ الإِناءَ يَنْكُبُه نَكْباً: هَراقَ
مَا فِيهِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ شيءٍ غَيْرِ سَيّالٍ،
كَالتُّرَابِ وَنَحْوِهِ. ونَكَبَ كِنانَتَه يَنْكُبُها نَكْباً:
نَثَرَ مَا فِيهَا، وَقِيلَ إِذا كَبَّها ليُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنَ
السِّهام. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ، قَالَ يَوْمَ الشُّورَى: إِني نَكَبْتُ قرَني «3» ، فأَخَذْتُ
سَهْمِي الفالِجَ
أَي كَبَبْتُ كِنانَتي. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَن أَمير المؤْمنين نَكَبَ كنانَتَه، فَعَجَم عِيدانَها.
والنَّكْبَةُ: المُصيبةُ مِنْ مَصائب الدَّهْرِ، وإِحْدى
__________
(3) . قوله [إني نكبت قرني] القرن بالتحريك جعبة صغيرة تقرن إلى
الكبيرة والفالج السهم الفائز في النضال. والمعنى إني نظرت في الآراء
وقلبتها فاخترت الرأي الصائب منها وهو الرضى بحكم عبد الرحمن.
(1/772)
نَكَباتِه، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا.
والنَّكْبُ: كالنَّكْبَة؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ ذُرَيْح:
تَشَمَّمْنَه، لَوْ يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَه، ... إِذا سُفْنَهُ،
يَزْدَدْنَ نَكْباً عَلَى نَكْبِ
وَجَمْعُهُ: نُكُوبٌ. ونَكَبه الدهرُ يَنْكُبه نَكْباً ونَكَباً:
بَلَغَ مِنْهُ وأَصابه بنَكْبةٍ؛ وَيُقَالُ: نَكَبَتْهُ حوادثُ
الدَّهْر، وأَصابَتْه نَكْبَةٌ، ونَكَباتٌ، ونُكُوبٌ كَثِيرَةٌ،
ونُكِبَ فلانٌ، فَهُوَ مَنْكُوبٌ. ونَكَبَتْه الحجارةُ نَكْباً أَي
لَثَمَتْه. والنَّكْبُ: أَن يَنْكُبَ الحجرُ ظُفْراً، أَو حَافِرًا،
أَو مَنْسِماً؛ يُقَالُ: مَنْسِمٌ مَنْكوبٌ، ونَكِيبٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وتَصُكُّ المَرْوَ، لمَّا هَجَّرَتْ، ... بِنَكِيبٍ مَعِرٍ، دَامِي
الأَظَلّ
الْجَوْهَرِيُّ: النَّكِيبُ دائرةُ الحافِر، والخُفِّ؛ وأَنشد بَيْتَ
لَبِيدٍ: ونَكَبَ الحَجرُ رِجْلَهُ وظُفْره، فَهُوَ مَنْكُوبٌ
ونَكِيبٌ: أَصابه. وَيُقَالُ: لَيْسَ دونَ هَذَا الأَمر نَكْبة، ولا
ذُياحٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، ثُمَّ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: النَّكْبةُ أَن يَنْكُبه الحَجَرُ؛ والذُّياحُ:
شَقٌّ فِي بَاطِنِ القَدَم. وَفِي حَدِيثِ قُدوم المُسْتَضْعَفين
بِمَكَّةَ:
فجاؤُوا يَسُوقُ بِهِمُ الوليدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَارَ ثَلَاثًا
عَلَى قَدَمَيْه، وَقَدْ نَكَبَتْه الحَرَّةُ
أَي نَالَتْهُ حجارتُها وأَصابته؛ وَمِنْهُ النَّكْبةُ، وَهُوَ مَا
يُصيبُ الإِنسان مِنَ الحَوادث. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نُكِبَتْ إِصبَعُه
أَي نَالَتْهَا الْحِجَارَةُ. ورجلٌ أَنْكَبُ: لَا قَوْسَ مَعَهُ.
ويَنْكُوبٌ: ماءٌ معروفٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
نهب: النَّهْبُ: الغَنيمة. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُتِيَ بنَهْبٍ
أَي بغَنيمة، وَالْجَمْعُ نِهابٌ ونُهُوبٌ؛ وَفِي شِعْرِ الْعَبَّاسِ
بنِ مِرْدَاسٍ:
كانتْ نِهاباً، تَلافَيْتُها ... بِكَرِّي عَلَى المُهرِ، بالأَجرَعِ
والانْتِهابُ: أَن يأْخُذَه مَنْ شاءَ. والإِنْهاب: إِباحَتُه لِمَنْ
شاءَ. ونَهَبَ النَّهْبَ يَنْهَبُه نَهْباً وانْتَهَبَه: أَخذه.
وأَنْهَبَه غَيرَه: عَرَّضَه لَهُ؛ يقالُ أَنْهَبَ الرجلُ مالَه،
فانْتَهبوه ونَهَبُوه، وناهَبُوه: كلُّه بِمَعْنًى. ونَهَبَ الناسُ «1»
فُلَانًا إِذا تَناولوه بِكَلَامِهِمْ؛ وَكَذَلِكَ الكلبُ إِذا أَخَذَ
بعُرْقُوبِ الإِنسان، يُقَالُ: لَا تَدَعْ كلْبَك يَنْهَبِ الناسَ.
والنُّهْبَة، والنُّهْبَى، والنُّهَيْبَى، والنُّهَّيْبَى: كلُّه اسمُ
الانْتِهاب، والنَّهْبِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: النَّهْبُ مَا
انْتَهَبْتَ؛ والنُّهْبةُ والنُّهْبى: اسمُ الانْتِهابِ. وَفِي
الْحَدِيثِ:
لَا يَنتَهِبُ نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ، يَرْفَعُ الناسُ إِليها أَبصارَهم،
وَهُوَ مؤْمِنٌ.
النَّهْبُ: الغارةُ والسَّلْبُ؛ أَي لَا يَخْتَلِسُ شَيْئًا لَهُ قيمةٌ
عاليةٌ. وَكَانَ للفِزْرِ بَنُونَ يَرْعَوْنَ مِعْزاه، فتَواكلُوا
يَوْمًا أَي أَبَوْا أَنْ يَسْرَحُوها، قَالَ: فساقَها، فأَخْرَجَها،
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: هِيَ النُّهَّيْبَى، وَرُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ
أَي لَا يَحِلُّ لأَحدٍ أَن يأْخُذَ مِنْهَا أَكثر مِنْ واحدٍ؛
وَمِنْهُ المَثَلُ: لَا يَجْتَمِعُ ذَلِكَ حَتَّى تجْتَمِعَ مِعْزَى
الفِزْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نُثِرَ شيءٌ فِي إِمْلاكٍ، فَلَمْ يأْخُذُوه، فَقَالَ: مَا لَكَمَ
لَا تَنْتَهِبُون؟ قَالُوا: أَوَليس قَدْ نَهَيْتَ عَنِ النُّهْبى؟
قَالَ: إِنما نَهَيْتُ عَنْ نُهْبى العساكِر، فانْتَهِبُوا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: النُّهْبَى بِمَعْنَى النَّهْبِ، كالنُّحْلى
والنُّحْلِ، للعَطِيَّةِ. قال:
__________
(1) . قوله [ونهب الناس إلخ] مثله ناهب الناس فلاناً كما في التكملة.
(1/773)
وَقَدْ يَكُونُ اسمَ مَا يُنْهَبُ،
كالعُمْرَى والرُّقْبى. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي اللَّهُ عَنْهُ: أَحْرَزْتُ نَهْبي وأَبْتَغِي
النوافلَ
أَي قَضَيْتُ مَا عَليَّ مِنَ الوِتْر، قَبْلَ أَنْ أَنامَ لِئَلَّا
يَفُوتَني، فإِن انْتَبَهْتُ، تَنَفَّلْتُ بِالصَّلَاةِ؛ قَالَ:
والنَّهْبُ هَاهُنَا بِمَعْنَى المَنْهوبِ، تَسميةً بِالْمَصْدَرِ؛
وَفِي شِعْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداسٍ:
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْدِ، ... بينَ عُيَيْنَةَ
والأَقْرَعِ؟
عُبَيْدٌ، مصغَّر: اسْمُ فَرَسِهِ. وتَناهَبَتِ الإِبلُ الأَرضَ:
أَخَذَتْ بقَوائمها مِنْهَا أَخْذاً كَثِيرًا. والمُناهَبَةُ:
المُباراةُ فِي الحُضْرِ والجَرْيِ؛ فرسٌ يُناهِبُ فَرَسًا. وتَناهَبَ
الفَرسانِ: ناهَبَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ناهَبْتُهم بنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وفرسٌ مِنْهَبٌ «1» ، عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، أَو عَلَى أَنه
نُوهِبَ، فَنَهَبَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه:
وإِن تُناهِبْه، تَجِدْهُ مِنْهَبا
ومِنْهَبٌ: فرسُ عُوَيَّة بنِ سَلْمى. وانْتَهَبَ الفرسُ الشَّوْطَ:
اسْتَوْلَى عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للفَرَسِ الجَوادِ: إِنه لَيَنْهَبُ
الغايةَ والشَّوطَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
والخَرْقُ، دُونَ بَناتِ السَّهْبِ، مُنْتَهَبُ
يَعْنِي فِي التَّباري بَيْنَ الظَّلِيم والنَّعامة. وَفِي
النَّوَادِرِ: النَّهْبُ ضَرْبٌ مِنَ الرَّكْضِ. والنَّهْبُ:
الْغَارَةُ «2» . ومِنْهَبٌ: أَبو قَبِيلَةٍ.
نوب: نابَ الأَمْرُ نَوْباً ونَوبةً: نزلَ. ونابَتْهم نَوائبُ
الدَّهْر. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَر:
قسَمها نِصْفَينِ: نِصْفاً لنَوائِبِه وحاجاتِه، ونِصفاً بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ.
النَّوائِبُ: جَمْعُ نائبةٍ، وَهِيَ مَا يَنُوبُ الإِنسانَ أَي
يَنْزِلُ بِهِ مِنَ المُهمَّات والحَوادِثِ. والنَّائِبَةُ: المُصيبةُ،
واحدةُ نوائبِ الدَّهْر. وَالنَّائِبَةُ: النازلةُ، وَهِيَ النَّوائِبُ
والنُّوَبُ، الأَخيرةُ نَادِرَةٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: مَجِيءُ فَعْلةٍ
عَلَى فُعَلٍ، يُرِيكَ كأَنها إِنما جاءَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ فُعْلَة،
فكأَنَّ نَوْبَةً نُوبَةٌ، وإِنما ذَلِكَ لأَن الْوَاوَ مِمَّا
سَبِيلُهُ أَن يأْتي تَابِعًا لِلضَّمَّةِ؛ قَالَ: وَهَذَا يؤَكد
عِنْدَكَ ضَعْفَ حُرُوفِ اللِّينِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَلِكَ القولُ فِي
دَوْلَةٍ وجَوبةٍ، وكلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَيُقَالُ: أَصبَحْتَ لَا نَوْبةَ لَكَ أَي لَا قُوَّة لَكَ؛
وَكَذَلِكَ: ترَكْتُه لَا نَوْبَ لَهُ أَي لَا قُوَّةَ لَهُ.
النَّضْرُ: يُقَالُ للمَطَرِ الجَوْد: مُنِيبٌ، وأَصابنا رَبيعٌ صِدْقٌ
مُنِيبٌ، حَسَنٌ، وَهُوَ دُونُ الجَوْدِ. ونِعْمَ المَطَرُ هَذَا إِن
كَانَ لَهُ تابعةٌ أَي مَطْرةٌ تَتْبَعه. ونابَ عَنِّي فلانٌ يَنُوبُ
نَوْباً ومَناباً أَي قَامَ مَقَامِي؛ ونابَ عَني فِي هَذَا الأَمْرِ
نِيَابَةً إِذا قَامَ مقامَك. والنَّوْب: اسْمٌ لِجَمْعِ نائبٍ، مثلُ
زائرٍ وزَوْرٍ؛ وَقِيلَ هُوَ جَمْعٌ. والنَّوْبةُ: الجماعةُ مِنَ
النَّاسِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
انْقَطَع الرِّشاءُ، وانحَلَّ الثَّوْبْ، ... وجاءَ مِنْ بَناتِ
وَطَّاءِ النَّوْبْ،
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ النَّوْبُ فِيهِ مِنَ
الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفارق واحدَه إِلَّا بالهاءِ، وأَن يَكُونَ
جمعَ نائبٍ، كزائرٍ وزَوْرٍ، عَلَى مَا تَقَدَّم. ابْنُ شُمَيْلٍ:
يُقَالُ لِلْقَوْمِ في السَّفَر: يَتَناوبونَ،
__________
(1) . قوله [وفرس منهب] أي كمنبر فائق في العدو.
(2) . قوله [والنهب الغارة] واسم موضع أيضاً. والنهبان، مثناه: جبلان
بتهامة. والنهيب، كأمير: موضع، كما في التكملة.
(1/774)
ويَتَنازَلُونَ، ويَتَطاعَمُون أَي يأْكلون
عِنْدَ هَذَا نُزْلةً وَعِنْدَ هَذَا نُزْلةً؛ والنُّزْلةُ: الطعامُ
يَصْنَعه لَهُمْ حَتَّى يَشْبَعُوا؛ يُقَالُ: كَانَ اليومَ عَلَى
فُلَانٍ نُزْلَتُنا، وأَكلْنا عِنْدَهُ نُزْلَتَنا؛ وَكَذَلِكَ
النَّوْبة؛ والتَّناوُبُ عَلَى كُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ نَوْبةٌ يَنُوبُها
أَي طعامُ يومٍ، وجمعُ النَّوْبةِ نُوَبٌ. والنَّوْبُ: مَا كَانَ
مِنْكَ مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ، وأَصله فِي الوِرْدِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بِهَا، ... لَمْ تُمْسِ نَوْباً مِني،
وَلَا قَرَبا
وَقِيلَ: مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيام؛ وَقِيلَ: مَا كَانَ عَلَى
فَرسخين، أَو ثَلَاثَةٍ؛ وَقِيلَ: النَّوْبُ، بِالْفَتْحِ، القُرْب،
خِلافُ البُعْد؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذكْرِهِ مِنْ غَير نَوْبٍ، ... كَمَا يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ
نَقِيبُ
أَراد بالمَوْشِيِّ الزَّمَّارةَ مِن القَصَبِ المُثَقَّبِ. ابْنُ
الأَعرابي: النَّوْبُ القَرَبُ «1» . يَنُوبُها: يعهَدُ إِليها،
يَنَالُهَا؛ قَالَ: والقَرَبُ والنَّوْبُ واحدٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو:
القَرَبُ أَن يأْتيَها فِي ثَلَاثَةِ أَيام مرَّة. ابْنُ الأَعرابي:
والنَّوْبُ أَن يَطرُدَ الإِبلَ باكِراً إِلى الماءِ، فيُمْسي عَلَى
الماءِ يَنْتابُه. والحُمَّى النائبةُ: الَّتِي تأْتي كلَّ يَوْمٍ.
ونُبْتُه نَوْباً وانْتَبْتُه: أَتيتُه عَلَى نَوْب. وانْتابَ الرجلُ
القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم، وأَتاهم مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة، وَهُوَ
يَنتابُهم، وَهُوَ افْتِعال مِنَ النَّوبة. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
يَا أَرْحَمَ مَن انْتابه المُسْتَرحِمُون.
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:
كَانَ الناسُ يَنْتابونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنازِلهم
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
احْتاطُوا لأَهْلِ الأَمْوالِ فِي النَّائبة والواطِئَةِ
أَي الأَضْيافِ الَّذِينَ يَنُوبونهم، ويَنْزلون بِهِمْ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أُسامةَ الهُذَليّ:
أَقَبُّ طَريدٌ، بِنُزْهِ الفَلاةِ، ... لَا يَرِدُ الماءَ إِلَّا
انْتِيابا
وَيُرْوَى: ائْتِيَابَا؛ وَهُوَ افْتِعال مِنْ آبَ يَؤُوبُ إِذا أَتى
لَيْلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ يَصِفُ حمارَ وَحْشٍ. والأَقَبُّ:
الضَّامِرُ البَطْنِ. ونُزْهُ الفَلاةِ: مَا تَباعَدَ مِنْهَا عَنِ
الماءِ والأَرْياف. والنُّوبةُ، بِالضَّمِّ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ
نَابَهُ أَمْرٌ، وانْتابه أَي أَصابه. وَيُقَالُ: المَنايا تَتَناوبُنا
أَي تأْتي كُلًّا مِنَّا لنَوْبَتِه. والنَّوبة: الفُرْصة والدَّوْلة،
وَالْجَمْعُ نُوَبٌ، نَادِرٌ. وتَناوَبَ القومُ الماءَ: تَقاسَمُوه
عَلَى المَقْلةِ، وَهِيَ حَصاة القَسْم. التَّهْذِيبِ: وتَناوَبْنا
الخَطْبَ والأَمرَ، نَتَناوَبه إِذا قُمنا بِهِ نَوبةً بَعْدَ نَوبة.
الْجَوْهَرِيُّ: النَّوبةُ واحدةُ النُّوَبِ، تَقُولُ: جاءتْ
نَوْبَتُكَ ونِيابَتُك، وَهُمْ يَتَناوبون النَّوبة فِيمَا بَيْنَهُمْ
فِي الماءِ وَغَيْرِهِ. ونابَ الشيءُ عَنِ الشيءِ، يَنُوبُ: قَامَ
مَقامه؛ وأَنَبْتُه أَنا عَنْهُ. وناوَبه: عاقَبه. ونابَ فلانٌ إِلى
اللَّهِ تَعَالَى، وأَنابَ إِليه إِنابةً، فَهُوَ مُنِيبٌ: أَقْبَلَ
وتابَ، ورجَع إِلى الطَّاعَةِ؛ وَقِيلَ: نابَ لَزِمَ الطَّاعَةَ،
وأَنابَ: تابَ ورجَعَ. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
وإِليك أَنَبْتُ.
الإِنابةُ: الرجوعُ إِلى اللَّهِ بالتَّوبة. وَفِي التَّنْزِيلِ
الْعَزِيزِ: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ*
؛ أَي رَاجِعِينَ إِلى مَا أَمَرَ بِهِ، غَيْرَ خَارِجِينَ عَنْ شيءٍ
مِنْ أَمرِه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ
وَأَسْلِمُوا لَهُ
؛ أَي تُوبوا إِليه وارْجِعُوا، وَقِيلَ إِنها نزلتْ فِي قَوْمٍ
فُتِنُوا فِي دِينِهم، وعُذِّبُوا بِمَكَّةَ، فرجَعُوا عَنِ الإِسلام،
فَقِيلَ: إِنَّ هؤُلاء لَا يُغْفَرُ لَهُمْ بَعْدَ رُجوعهم عَنِ
الإِسلام، فأَعْلم اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ،
__________
(1) . قوله [ابْنُ الأَعرابي النَّوْبُ الْقَرَبُ إلخ] هكذا بالأَصل
وهي عبارة التهذيب وليس معنا من هذه المادة شيء منه فانظره فإنه يظهر
أن فيه سقطاً مِنْ شِعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(1/775)
أَنهم إِن تَابُوا وأَسلموا، غَفَرَ
لَهُمْ. والنُّوبُ والنُّوبةُ أَيضاً: جِيلٌ مِنَ السُّودانِ،
الْوَاحِدُ نُوبيّ. والنُّوبُ: النَّحْلُ، وَهُوَ جمعُ نائبٍ، مِثْلُ
عائطٍ وعُوطٍ، وفارهٍ وفُرْه، لأَنها تَرْعى وتَنُوبُ إِلى مَكَانِهَا؛
قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنَ النُّوبةِ الَّتِي تَنُوبُ الناسَ لِوَقْتٍ
معروفٍ، وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ، لَمْ يَرْجُ لَسْعَها، ... وحالفَها فِي
بَيْت نُوبٍ عَواسِلِ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سميتْ نُوبًا، لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد؛
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها تَرْعَى ثُمَّ تَنُوبُ
إِلى موضِعها؛ فمَن جَعَلَهَا مُشَبَّهةً بالنُّوبِ، لأَنها تَضْرِبُ
إِلى السَّواد، فَلَا وَاحِدَ لَهَا؛ ومَن سَمَّاهَا بِذَلِكَ لأَنها
تَرْعى ثُمَّ تَنُوبُ، فواحدُها نائبٌ؛ شَبَّه ذَلِكَ بنَوبةِ الناسِ،
والرجوعِ لوَقتٍ، مَرَّةً بَعْدَ مرَّة. والنُّوبُ: جَمْعُ نائبٍ مِنَ
النَّحْلِ، لأَنها تَعُودُ إِلى خَلِيَّتها؛ وَقِيلَ: الدَّبْرُ
تُسَمَّى نُوباً، لسوادِها، شُبِّهَتْ بالنُّوبةِ، وَهُمْ جِنْس مِنَ
السُّودانِ. والمَنابُ: الطريقُ إِلى الماءِ. ونائِبٌ: اسمُ رجل.
نيب: النَّابُ مُذَكَّرٌ «1» : مِنَ الأَسنانِ. ابْنُ سِيدَهْ:
النَّابُ هِيَ السِّنُّ الَّتِي خَلْفَ الرَّباعِيَةِ، وَهِيَ أُنثى.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمالوا نَابًا، فِي حَدِّ الرَّفْعِ، تَشْبِيهًا
لَهُ بأَلِف رَمَى، لأَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ ياءٍ، وَهُوَ نَادِرٌ؛
يَعْنِي أَن الأَلِف الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الياءِ وَالْوَاوِ، إِنما
تُمَالُ إِذا كَانَتْ لَامًا، وَذَلِكَ فِي الأَفعال خَاصَّةً، وَمَا
جَاءَ مِنْ هَذَا فِي الِاسْمِ، كالمَكا، نَادِرٌ؛ وأَشذُّ مِنْهُ مَا
كَانَتْ أَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ عَيْنًا، وَالْجَمْعُ أَنْيُبٌ،
عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَنْيابٌ ونُيُوبٌ وأَناييبُ، الأَخيرة عَنْ
سِيبَوَيْهِ، جمعُ الْجَمْعِ كأَبْياتٍ وأَبايِيتَ. وَرَجُلٌ أَنْيَبُ:
غَليظُ النابِ، لَا يَضْغَمُ شَيْئًا إِلَّا كَسَرَه، عَنْ ثَعْلَبٍ؛
وأَنشد:
فَقُلْتُ: تَعَلَّمْ أَنَّني غيرُ نائمٍ ... إِلى مُسْتَقِلٍّ
بالخِيانَةِ، أَنْيَبا
ونُيُوبٌ نُيَّبٌ: عَلَى المُبالغة؛ قَالَ:
مَجُوبةٌ جَوْبَ الرَّحَى، لَمْ تُثْقَبِ، ... تَعَضُّ مِنْهَا
بالنُّيُوبِ النُّيَّبِ
ونِبْتُه: أَصَبْتُ نَابَهُ، وَاسْتَعَارَ بعضُهم الأَنْيابَ للشَّرِّ؛
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
أَفِرُّ حِذارَ الشَّرِّ، والشَّرُّ تارِكي، ... وأَطْعُنُ فِي
أَنْيابِه، وَهُوَ كالِحُ
والنَّابُ والنَّيُوبُ: الناقةُ المُسِنَّة، سَمَّوْها بِذَلِكَ حِينَ
طَالَ نابُها وعَظُم، مؤَنثة أَيضاً، وَهُوَ مِمَّا سُمِّي فِيهِ
الكُلُّ بِاسْمِ الجُزْءِ. وتصغيرُ النَّابِ مِنَ الإِبل: نُيَيْبٌ،
بِغَيْرِ هَاءٍ، وَهَذَا عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِمْ للمرأَة: مَا أَنتِ
إِلَّا بُطَيْنٌ، وَلِلْمَهْزُولَةِ: إِبْرةُ الكَعْبِ وإِشْفَى
المِرْفَقِ. والنَّيُوبُ: كالنَّابِ، وَجَمْعُهُمَا مَعًا أَنْيابٌ
ونُيُوبٌ ونِيبٌ، فَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن نِيباً جمعُ نابٍ،
وَقَالَ: بَنَوها عَلَى فُعْل، كَمَا بَنَوا الدارَ عَلَى فُعْل،
كَرَاهِيَةَ نُيُوبٍ، لأَنها ضَمَّةٌ فِي ياءٍ، وَقَبْلَهَا ضَمَّةٌ،
وَبَعْدَهَا وَاوٌ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا فِيهَا أَيضاً:
أَنْيابٌ، كقَدَم وأَقْدامٍ؛ هَذَا قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ،
وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ أَنْياباً جَمْعُ نابٍ، عَلَى مَا فَعَلْتُ
فِي هَذَا النَّحْوِ، كقَدَمٍ وأَقْدامٍ؛ وأَن نِيباً جَمْعُ نَيُوب،
كَمَا حَكَى هُوَ عَنْ يُونُسَ، أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ صِيدٌ
وبِيضٌ، فِي جَمْعِ صَيُود وبَيُوض، عَلَى مَنْ قَالَ رُسْل، وَهِيَ
التميميَّة؛ وَيُقَوِّي مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ أَن نِيباً، لَوْ كَانَتْ
جَمْعَ نَيُوبٍ، لكانتْ خَليقةً بِنُيُب، كَمَا قالوا في
__________
(1) . قوله [الناب مذكر] مثله في التهذيب والمصباح.
(1/776)
صَيُود صُيُد، وَفِي بَيُوض بُيُض، لأَنهم
لَا يَكْرَهُونَ فِي الياءِ، مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، كَمَا يَكْرَهُونَ
فِي الْوَاوِ، لخفَّتها وَثِقَلِ الْوَاوِ، فإِن لَمْ يَقُولُوا نُيُب،
دليلٌ عَلَى أَن نِيباً جمعُ نابٍ، كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ،
وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ قياسٌ إِذا صَحَّتْ نَيُوب، وإِلَّا فنِيبٌ
جَمْعُ نابٍ، كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ، قِيَاسًا عَلَى دُورٍ.
وَنَابَهُ يَنِيبُه أَي أَصابَ نَابَهُ. ونَيَّبَ سَهْمَه أَي عَجمَ
عُودَه، وأَثَّرَ فِيهِ بِنَابِهِ. والنَّابُ: المُسِنَّة مِنَ
النُّوق. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَهُمْ مِنَ الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ.
وَفِي الْحَدِيثِ،
أَنه قَالَ لقَيْسِ بْنِ عاصمٍ: كيفَ أَنْتَ عِنْدَ القِرَى؟ قَالَ:
أُلْصِقُ بالنَّاب الفانيةِ
، وَالْجَمْعُ النِّيبُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مَا
حَنَّتِ النِّيبُ؛ قال مَنْظُورُ ابنُ مَرْثَدٍ الفَقْعَسِيُّ:
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ، ... فَمَا تَكادُ نِيبُها تُوَلِّي
أَي تَرْجِعُ مِنَ الضَّعْفِ، وَهُوَ فُعْلٌ، مِثْلُ أَسَدٍ وأُسْدٍ،
وإِنما كَسروا النُّونَ لِتَسْلَمَ الياءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: أَعْطاهُ ثلاثةَ أَنيابٍ جَزائر
؛ وَالتَّصْغِيرُ نُيَيْبٌ؛ يُقَالُ: سُمِّيَتْ لِطُولِ نابِها، فَهُوَ
كَالصِّفَةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَلْحقه الْهَاءُ، لأَن الهاءَ لَا
تَلحقُ تَصْغِيرَ الصِّفَاتِ. تَقُولُ مِنْهُ: نَيَّبَتِ الناقةُ أَي
صَارَتْ هَرِمَةً؛ وَلَا يُقَالُ لِلْجَمَلِ نابٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ:
وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فِي تَصْغِيرِ نابٍ: نُوَيْبٌ، فيجيءُ
بِالْوَاوِ، لأَن هَذِهِ الأَلف يَكْثُرُ انقلابُها مِنَ الْوَاوَاتِ،
وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: هَذَا غَلَطٌ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَن ابْنَ السَّرَّاجِ غلَّط
سِيبَوَيْهِ، فِيمَا حَكَاهُ، قَالَ: وَلَيْسَ الأَمر كَذَلِكَ، وإِنما
قَوْلُهُ: وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ،
إِلَّا أَنه قَالَ: مِنْهُمْ؛ وغَيَّره ابْنُ السَّرَّاجِ، فَقَالَ:
مِنْهُ، فإِن سِيبَوَيْهِ قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ أَي مِنَ
الْعَرَبِ الَّذِينَ يَقُولُونَهُ كَذَلِكَ. وَقَوْلُ ابْنِ
السَّرَّاجِ غَلَطٌ مِنْهُ، هُوَ بِمَعْنَى غَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ،
وَهُوَ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، لَيْسَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ
السَّرَّاجِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: النَّابُ مِنَ الإِبل مؤَنثة
لَا غَيْرَ، وَقَدْ نَيَّبَتْ وَهِيَ مُنَيِّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثابتٍ: أَن ذِئباً نَيَّبَ فِي شَاةٍ، فذَبَحُوها بمَرْوَة
أَي أَنْشَبَ أَنْيابَه فِيهَا. والنَّابُ: السِّنُّ التي خلف
الرَّباعِية. ونابُ الْقَوْمِ: سيدُهم. والنَّابُ: سيدُ الْقَوْمِ،
وَكَبِيرُهُمْ؛ وأَنشد أَبو بَكْرٍ قولَ جَمِيلٍ:
رَمَى اللهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى، ... وَفِي الغُرِّ مِنْ
أَنْيابِها، بالقَوادِحِ
قَالَ: أَنْيابُها ساداتُها أَي رَمَى اللهُ بِالْهَلَاكِ وَالْفَسَادِ
فِي أَنيابِ قَومِها وساداتِها إِذ حَالُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
زِيَارَتِي؛ وَقَوْلُهُ:
رَمَى اللهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنةَ بالقَذَى
كَقَوْلِكَ: سُبحانَ اللهِ مَا أَحْسَنَ عَيْنَها. ونحوٌ مِنْهُ:
قاتَله اللهُ مَا أَشْجَعه، وهَوَتْ أُمُّه مَا أَرْجَلَه. وَقَالَتِ
الكِنْدِيَّة تَرْثي إِخْوَتَها:
هَوَتْ أُمُّهُمْ، مَا ذامُهُمْ يَوْمَ صُرِّعُوا، ... بنَيْسانَ مِنْ
أَنْيابِ مَجْدٍ تَصَرَّمَا
وَيُقَالُ: فلانٌ جَبَلٌ مِنَ الجِبالِ إِذا كَانَ عَزِيزًا، وعِزُّ
فلانٍ يُزاحِمُ الجِبالَ؛ وأَنشد:
أَلِلبأْسِ، أَمْ لِلْجُودِ، أَمْ لمُقاوِمٍ، ... مِنَ العِزِّ،
يَزْحَمْنَ الجِبالَ الرَّواسِيا؟
ونَيَّبَ النَّبْتُ وتَنَيَّبَ: خرجتْ أَرومَتُه، وَكَذَلِكَ
الشَّيْبُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى التَّشبيه بالنَّابِ؛
قَالَ مُضَرِّسٌ:
(1/777)
فَقَالَتْ: أَما يَنْهاكَ عَنْ تَبَع الصِّبا ... مَعالِيكَ،
والشَّيْبُ الذي قد تَنَيَّبا؟ |