لسان العرب فصل الحاء
حبج: حَبَجَه بِالْعَصَا يَحْبِجُه حَبْجاً: ضَرَبَهُ. وحَبَجَ
يَحْبِجُ حَبْجاً: ضَرَطَ. وخَبَجَ يَخْبِجُ أَيضاً. وَيُقَالُ:
حَبَجَهُ بالعَصا حَبْجَةً وحَبَجاتٍ ضَرَبَهُ بِهَا، مِثْلُ خَبَجَه
وهَبَجَه. والحَبَجُ: الحَبْقُ. قَالَ أَعرابي: حَبَجَ بِهَا، وربِّ
الْكَعْبَةِ. وحَبِجَت الإِبلُ، بِالْكَسْرِ، حَبَجاً، فَهِيَ حَبْجَى
وحَباجَى، مِثْلُ حَمْقَى وحَماقى، وحَبِجَةٌ: ورِمَتْ بطونُها مِنْ
أَكل العَرْفَجِ وَاجْتَمَعَ فِيهَا عُجَرٌ حَتَّى تَشْتَكِيَ مِنْهُ،
فتمرَّغت وزَحَرَتْ. ابْنُ الأَعرابي: الحَبْجُ أَن يأْكل البعيرُ
لِحاءَ العَرْفَجِ فَيَسْمَنَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَصِيرَ فِي بَطْنِهِ
مثلُ الأَفْهارِ، وَرُبَّمَا قَتَلَهُ ذَلِكَ. والحَبِجُ: السَّمِينُ
الكثيرُ الأَعْفاجِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنه قَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَمُوتُ
عَلَى مَضَاجِعِنَا حَبَجاً، كَمَا يَمُوتُ بَنُو مَرْوَانَ،
وَلَكِنَّا نَمُوتُ قَعْصاً بالرِّماح ومَوْتاً تَحْتَ ظِلَالِ
السُّيُوفِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَبَجُ، بِفَتْحَتَيْنِ، هُوَ مَا
ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَكل الْبَعِيرِ لِحَاء العَرْفَجِ وَيَسْمَنُ
عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا بَشِمَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ؛ يُعَرِّضُ بِبَني
مَرْوَانَ لِكَثْرَةِ أَكلهم وإِسرافهم فِي مَلَاذِّ الدُّنْيَا،
وأَنهم يَمُوتُونَ بِالتُّخَمَةِ. الأَزهري: حَبَجَ البعيرُ إِذا أَكل
العَرْفَج فتَكَبَّبَ فِي بَطْنِهِ وَضَاقَ مَبْعَرُه عَنْهُ وَلَمْ
يَخْرُجْ مِنْ جَوْفِهِ، فَرُبَّمَا هَلَكَ وَرُبَّمَا نَجَا؛ قَالَ
وأَنشدنا أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَشْبَعْتُ رَاعِيَّ مِنَ اليَهْيَرِّ، ... وظَلَّ يَبْكي حَبَجاً
بِشَرِّ،
خَلْفَ اسْتِهِ مِثْلَ نَقِيقِ الهِرِّ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: الحَبَجُ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ اللَّوَى
للإِنسان، فإِن سَلَحَ أَفاق وإِلَّا مَاتَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَبَجَ
الرَّجُلُ حُباجاً وَرِمَ بطنُه وارْتُطِمَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ:
الحَبَجُ الِانْتِفَاخُ حَيْثُمَا كَانَ، مِنْ مَاءٍ أَو غَيْرِهِ.
وَرَجُلٌ حَبِجٌ: سَمِينٌ. والحَبْجُ والحِبْجُ: مُجْتَمَعُ الحَيّ
ومعظمُه. وأَحْبَجَتْ لَنَا النارُ: بَدَتْ بَغْتَةً، وَكَذَلِكَ
العَلَمُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَلَوْتُ أَحْشاهُ إِذا مَا أَحْبَجَا
وأَحْبَجَ لَكَ الأَمرُ إِذا اعْتَرَضَ فأَمكن. والحَبَجُ: شُجيرة
سُحَيْماءُ حِجَازِيَّةٌ تُعمل مِنْهَا الْقِدَاحُ، وَهِيَ عَتِيقَةُ
الْعُودِ، لَهَا وُرَيْقَةٌ تَعْلُوهَا صُفْرَةُ، وَتَعْلُو صُفْرَتَها
غُبْرَةٌ دُونَ وَرَقِ الخُبَّازَى. والحَوْبَجَةُ: وَرَمٌ يُصِيبُ
الإِنسان فِي يَدَيْهِ، يَمَانِيَةٌ، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ:
وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا، فَلِذَلِكَ أُخرت عن موضعها.
(2/225)
حبرج: الحُبْرُجُ والحُبارِجُ: ذَكَر
الحُبَارَى كالحُبجُرِ والحُباجِر. والحُبرُجُ والحُبارِجُ: دُويْبَّة.
ابْنُ الأَعرابي: الحَبارِيجُ طُيُورُ الْمَاءِ المُلَعَّمَة «2» .
وَقَالَ: الحَبارِجُ مِنْ طَيْرِ الماء.
حجج: الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه
يَحُجُّه حَجّاً: قَصَدَهُ. وحَجَجْتُ فُلَانًا واعتَمَدْتُه أَي
قَصَدْتُهُ. ورجلٌ محجوجٌ أَي مَقْصُودٌ. وَقَدْ حَجَّ بَنُو فُلَانٍ
فُلَانًا إِذا أَطالوا الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ؛ قَالَ المُخَبَّلُ
السَّعْدِيُّ:
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كثِيرةً، ... يَحُجُّونَ سِبَّ
الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
أَي يَقْصِدُونه وَيَزُورُونَهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ
يُكْثِرُونَ الِاخْتِلَافَ إِليه، هَذَا الأَصل، ثُمَّ تُعُورِفَ
اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقَصْدِ إِلى مَكَّةَ للنُّسُكِ والحجِّ إِلى
الْبَيْتِ خَاصَّةً؛ تَقُولُ حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا. والحجُّ قَصْدُ
التَّوَجُّه إِلى الْبَيْتِ بالأَعمال الْمَشْرُوعَةِ فَرْضًا وسنَّة؛
تَقُولُ: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قَصَدْتَهُ، وأَصله
مِنْ ذَلِكَ. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَطَبَ الناسَ
فأَعلمهم أَن اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الحجَّ، فَقَامَ رَجُلٌ
مِنْ بَنِي أَسد فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض
عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ
الرجلُ ثَانِيَةً، فأَعرض عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ ثَالِثَةً، فَقَالَ
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن أَقولَ نَعَمْ،
فَتَجِبَ، فَلَا تَقُومُونَ بِهَا فَتَكْفُرُونَ؟
أَي تَدْفَعُونَ وُجُوبَهَا لِثِقَلِهَا فَتَكْفُرُونَ. وأَراد
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن يُوحَى إِليَّ
أَنْ قُلْ نَعَمْ فَأَقولَ؟ وحَجَّه يَحُجُّه، وَهُوَ الحجُّ. قَالَ
سِيبَوَيْهِ: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كَمَا قَالُوا: ذَكَرَهُ ذِكْراً؛
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا، ... وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلًا مَؤُوجا، ... ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا
فسَّره فَقَالَ: يَسْتَخِفُّ الناسُ الذهابَ إِلى هَذِهِ الْمَدِينَةِ
لأَن الأَرض دُحِيَتْ مِنْ مَكَّةَ، فَيَقُولُ: يَذْهَبُ النَّاسُ
إِليها لأَن يُحْشَرُوا مِنْهَا. وَيُقَالُ: إِنما يَذْهَبُونَ إِلى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ. ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ:
جماعةُ الحاجِّ. قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُهُ غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ
ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ يَتَناجَوْنَ وَيَجْتَمِعُونَ فِي
مَجْلِسٍ، وللعادِينَ عَلَى أَقدامهم عَدِيٌّ؛ وَتَقُولُ: حَجَجْتُ
البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ. وَرُبَّمَا أَظهروا التَّضْعِيفَ
فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ
وَيُجْمَعُ عَلَى حُجٍّ، مِثْلِ بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُوذٍ؛ وأَنشد
أَبو زَيْدٍ لِجَرِيرٍ يَهْجُو الأَخطل وَيَذْكُرُ مَا صَنَعَهُ
الجحافُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلمي مِنْ قَتْلِ بَنِي تَغْلِبَ قَوْمِ
الأَخطل باليُسُرِ، وَهُوَ ماءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ:
قَدْ كانَ فِي جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ، ... أَو فِي الذينَ عَلَى
الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ ... حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ
نُزُولُ
يقول: لما كثر قَتْلَى بَنِي تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا
لِيَزُولَ نَتْنُهُمْ. والرَّحُوبُ: ماءٌ لِبَنِي تَغْلِبَ.
وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْتِ: حِجٌّ، بالكسر،
__________
(2) . لم نجد لهذه اللفظة أَصلًا في المعاجم، وربما كانت محرّفة.
(2/226)
وَهُوَ اسْمُ الحاجِّ. وعافِيةُ
النُّسُورِ: هِيَ الْغَاشِيَةُ الَّتِي تَغْشَى لُحُومَهُمْ. وَذُو
الْمَجَازِ: سُوقٌ مِنْ أَسواق الْعَرَبِ. والحِجُّ، بِالْكَسْرِ،
الِاسْمُ. والحِجَّةُ: المرَّة الْوَاحِدَةُ، وَهُوَ مِنَ الشَّواذِّ،
لأَن الْقِيَاسَ بِالْفَتْحِ. وأَما قَوْلُهُمْ: أَقْبَلَ الحاجُّ
والداجُّ؛ فَقَدْ يَكُونُ أَن يُرادَ بِهِ الجِنسُ، وَقَدْ يَكُونُ
اسْمًا لِلْجَمْعِ كَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ
أَبي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ: مَا حَجَّ وَلَكِنَّهُ دَجَّ؛ قَالَ:
الْحَجُّ الزِّيَارَةُ والإِتيان، وإِنما سُمِّيَ حَاجًّا بِزِيَارَةِ
بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ دُكَين:
ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ، ... وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى
مُبَوَّبُهْ
قَالَ: والداجُّ الَّذِي يَخْرُجُ لِلتِّجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَتْرُكْ حاجَّةً وَلَا داجَّة.
الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ:
الأَتباعُ؛ يُرِيدُ الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن مَعَهُمْ مِن أَتباعهم؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
هَؤُلَاءِ الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال لِلرَّجُلِ الْكَثِيرِ الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بِفَتْحِ
الْجِيمِ، مِنْ غَيْرِ إِمالة، وَكُلُّ نَعْتٍ عَلَى فَعَّال فَهُوَ
غَيْرُ مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسْمًا خَاصًّا تَحَوَّلَ عَنْ
حالِ النَّعْتِ، وَدَخَلَتْهُ الإِمالَةُ، كَاسْمِ الحَجَّاجِ
والعَجَّاجِ. والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قَالَ:
كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي، ... أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عَادِي
هَكَذَا أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ:
وَقَالُوا حَجَّةٌ واحدةٌ، يُرِيدُونَ عَمَلَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ
الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الْحَاءَ،
فَيَقُولُ: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وَقُرِئَ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ
، وَالْفَتْحُ أَكثر. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
؛ يقرأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ الأَصل. والحَجُّ:
اسْمُ العَمَل. واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عَنِ الْهَجَرِيِّ؛
وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حَتَى تَظَاهَرَتْ ... عليَّ ذُنُوبٌ،
بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ
؛ هِيَ شوَّال وَذُو الْقَعْدَةِ، وعشرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَقَالَ
الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَجِّ هَذِهِ الأَشهرُ. وَرُوِيَ عَنِ
الأَثرم وَغَيْرِهِ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ حَجَجْتُ حَجَّةً،
وَلَا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما يَقُولُونَ حَجَجْتُ حِجَّةً. قَالَ:
والحَجُّ والحِجُّ لَيْسَ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ بَيْنَهُمَا فُرْقانٌ.
وَغَيْرُهُ يَقُولُ: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ
السَّنَةِ. وَتَقُولُ: حَجَجْتُ فُلَانًا إِذا أَتَيْتَه مرَّة بَعْدَ
مَرَّةٍ، فَقِيلَ: حُجَّ البَيْتُ لأَن الناسَ يأْتونه كلَّ سَنَةٍ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَلَامُ الْعَرَبِ كُلُّهُ عَلَى فَعَلْتُ
فَعْلَةً إِلّا قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ رُؤْيَةً.
والحِجَّةُ: السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ حِجَجٌ. وَذُو الحِجَّةِ: شهرُ
الحَجِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلحَجِّ فِيهِ، وَالْجَمْعُ ذَواتُ
الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، وَلَمْ يَقُولُوا: ذَوُو عَلَى
وَاحِدِهِ. وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ اللَّهِ
بالإِضافة إِذا كُنَّ قَدْ حَجَجْنَ، وإِن لَمْ يَكُنَّ قَدْ حَجَجْنَ،
قُلْتَ: حَواجُّ بَيْتَ اللَّهِ، فَتَنْصِبُ الْبَيْتَ لأَنك تُرِيدُ
التَّنْوِينَ فِي حَواجَّ، إِلا أَنه لَا يَنْصَرِفُ، كَمَا يُقَالُ:
هَذَا ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زَيْدًا غَدًا، فَتَدُلُّ بِحَذْفِ
التَّنْوِينِ عَلَى أَنه قَدْ ضَرَبَهُ، وبإِثبات التَّنْوِينِ عَلَى
أَنه لَمْ يَضْرِبْهُ. وأَحْجَجْتُ فُلَانًا إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ.
وَقَوْلُهُمْ: وحَجَّةِ
(2/227)
اللَّهِ لَا أَفْعَلُ بِفَتْحِ أَوَّله
وخَفْضِ آخِرِهِ، يمينٌ لِلْعَرَبِ. الأَزهريُّ: وَمِنْ أَمثال
الْعَرَبِ: لَجَّ فَحَجَّ؛ مَعْنَاهُ لَجَّ فَغَلَبَ مَنْ لاجَّه
بحُجَجِه. يُقَالُ: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حَتَّى
حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ الَّتِي أَدْلَيْتُ بها؛ وقيل:
مَعْنَى قَوْلِهِ لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى بِهِ لَجاجُه،
وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى أَن حَجَّ البيتَ الْحَرَامَ، وَمَا أَراده؛
أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا.
والمَحَجَّةُ: الطَّرِيقُ؛ وَقِيلَ: جادَّةُ الطَّرِيقِ؛ وَقِيلَ:
مَحَجَّة الطَّرِيقِ سَنَنُه. والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تَسْتَقِيمُ
مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد:
أَجَدُّ أَيامُك مِنْ حَجَوَّجِ، ... إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجَّة: البُرْهان؛ وَقِيلَ: الحُجَّة مَا دُوفِعَ بِهِ الْخَصْمُ؛
وَقَالَ الأَزهري: الحُجَّة الْوَجْهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الظَّفَرُ
عِنْدَ الْخُصُومَةِ. وَهُوَ رَجُلٌ مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ. والتَّحاجُّ:
التَّخاصُم؛ وَجَمْعُ الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ. وحاجَّه مُحاجَّةً
وحِجاجاً: نَازَعَهُ الحُجَّةَ. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غَلَبَهُ
عَلَى حُجَّتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَجَّ آدمُ مُوسَى
أَي غَلَبَه بالحُجَّة. واحْتَجَّ بالشيءِ: اتَّخَذَهُ حُجَّة؛ قَالَ
الأَزهري: إِنما سُمِّيَتْ حُجَّة لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن
الْقَصْدَ لَهَا وإِليها؛ وَكَذَلِكَ مَحَجَّة الطَّرِيقِ هِيَ
المَقْصِدُ والمَسْلَكُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
إِن يَخْرُجْ وأَنا فِيكُمْ فأَنا حَجِيجُه
أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عَلَيْهِ. والحُجَّةُ:
الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ. يُقَالُ: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ
وحَجِيجٌ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي
أَي أَغْلِبُه بالحُجَّة. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فَهُوَ مَحْجوجٌ
وحَجِيج، إِذا قَدَحَ بالحَديد فِي العَظْمِ إِذا كَانَ قَدْ هَشَمَ
حَتَّى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بِالدَّمِ فيَقْلَعَ الجِلْدَة الَّتِي
جَفَّت، ثُمَّ يُعالَج ذَلِكَ فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ وَيَكُونَ آمَّةً؛
قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ امرأَة:
وصُبَّ عَلَيْهَا الطِّيبُ حَتَّى كأَنَّها ... أَسِيٌّ، عَلَى أُمِّ
الدِّماغ، حَجِيجُ
وَكَذَلِكَ حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ
ليُعالِجَها؛ قَالَ عذارُ بنُ دُرَّةَ الطَّائِيُّ: يَحُجُ
مَأْمُومَةً، فِي قَعْرِها لَجَفٌ، ... فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها
كالمَغاريدِ
المَغاريدُ: جَمْعُ مُغْرُودٍ، هُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ. وَقَالَ:
يَحُجُّ يُصْلِحُ مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛
وَفَسَّرَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا الشِّعْرَ فَقَالَ: وَصَفَ هَذَا
الشَّاعِرُ طَبِيبًا يُدَاوِي شَجَّةً بعيدَة القَعْر، فَهُوَ يَجْزَعُ
مِنْ هَوْلِها، فَالْقَذَى يَتَسَاقَطُ مِنِ اسْتِهِ كالمَغاريد؛
وَقَالَ غَيْرُهُ: استُ الطَّبِيبِ يُرادُ بِهَا مِيلُهُ، وشَبَّهَ مَا
يَخْرُجُ مِنَ القَذى عَلَى مِيلِهِ بِالْمَغَارِيدِ. والمَغاريدُ:
جَمْعُ مُغْرُودٍ، وَهُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ. وَقِيلَ: الحَجُّ أَن
يُشَجَّ الرجلُ فَيَخْتَلِطَ الدَّمُ بِالدِّمَاغِ، فَيُصَبَّ عَلَيْهِ
السَّمْنُ المُغْلَى حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ، فيؤْخذَ بِقُطْنَةٍ.
الأَصمعي: الحَجِيجُ مِنَ الشِّجاجِ الَّذِي قَدْ عُولِجَ، وَهُوَ
ضَرْبٌ مِنْ عِلَاجِهَا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَجُّ أَن تُفْلَقَ
الهامَةُ فَتُنْظَرَ هَلْ فِيهَا عَظْم أَو دَمٌ. قَالَ: والوَكْسُ أَن
يقَعَ فِي أُمِّ الرأْس دَمٌ أَو عِظَامٌ أَو يُصِيبُهَا عَنَتٌ؛
وَقِيلَ: حَجَّ الجُرْحَ
(2/228)
سَبَرَهُ لِيَعْرِفَ غَوْرَهُ؛ عَنِ ابْنِ
الأَعرابي: والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ. وَقِيلَ: حَجَجْتُها
قِسْتُها، وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فَهُوَ حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه
بالمِيل لِتُعالِجَه. والمِحْجاجُ: المِسْبارُ. وحَجَّ العَظْمَ
يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ مِنَ الجُرْح وَاسْتَخْرَجَهُ، وَقَدْ
فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ. ورأْسٌ أَحَجُّ:
صُلْبٌ. واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ
يَصِفُ الرِّكَابَ فِي سَفَرٍ كَانَ سَافَرَهُ:
ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ ... أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ
نَصِيلُ
والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عَلَيْهِ الحاجِبُ. والحِجاجُ:
العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ الأَعلى
تَحْتَ الْحَاجِبِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الحَجَّاجُ «3» . والحَجَاجُ:
العَظْمُ المُطْبِقُ عَلَى وَقْبَةِ الْعَيْنِ وَعَلَيْهِ مَنْبَتُ
شعَر الْحَاجِبِ. والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بِفَتْحِ الحاءِ وَكَسْرِهَا:
الْعَظْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ، وَالْجَمْعُ
أَحِجَّة؛ قَالَ رؤْبة:
صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ الضبُعُ وأَولادُها فِي حِجاجِ [حَجاجِ] عينِ رَجُلٍ مِنَ
الْعَمَالِيقِ.
الحِجاج، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ
الْعَيْنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَيْشِ الخَبَطِ: فَجَلَسَ فِي حَجَاج عَيْنِهِ كَذَا كَذَا نَفَرًا
؛ يَعْنِي السَّمَكَةَ الَّتِي وَجَدُوهَا عَلَى الْبَحْرِ. وَقِيلَ:
الحِجاجان الْعَظْمَانِ المُشرِفانِ عَلَى غارِبَي الْعَيْنَيْنِ؛
وَقِيلَ: هُمَا مَنْبَتا شعَرِ الْحَاجِبَيْنِ مِنَ الْعَظْمِ؛
وَقَوْلُهُ:
تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها ... كَلالٌ، فَحالَتْ فِي
حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ
فإِن ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: يُرِيدُ فِي حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ،
فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد
بِالْحِجَا هَاهُنَا النَّاحِيَةَ؛ وَالْجَمْعُ: أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ.
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: حُجُجٌ شَاذٌّ لأَن مَا كَانَ مِنْ هَذَا
النَّحْوِ لَمْ يُكَسَّر عَلَى فُعُلٍ، كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ؛
فأَما قَوْلُهُ:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ، ... للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ
الهَزالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جَمَعَ حِجاجاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وأَظهر التَّضْعِيفَ
اضْطِرَارًا. والحَجَجُ: الوَقْرَةُ فِي الْعَظْمِ. والحِجَّةُ،
بِكَسْرِ الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسْمٌ
كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ نِسَاءً:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ فِي كلِّ حِجَّةٍ، ... وإِنْ لَمْ تَكُنْ
أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا
غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ، ... وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ
الوَصائِلا
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ. والوصائِلُ: بُرُودُ
اليَمن، وَاحِدَتُهَا وَصِيلة. والعُونُ جَمْعُ عَوانٍ: للثيِّب.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحِجَّةُ هَاهُنَا المَوْسِمُ؛
__________
(3) . قوله [الحجاج] هو بالتشديد في الأَصل المعوّل عليه بأَيدينا، ولم
نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي بأيدينا.
(2/229)
وَقِيلَ: فِي كُلِّ حِجَّة أَي فِي كُلِّ
سَنَةٍ، وَجَمْعُهَا حِجَجٌ. أَبو عَمْرٍو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ
ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن. والحَجَّة أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ
تُعَلَّق فِي الأُذن؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ
حاجَّةً. وحِجاجُ [حَجاجُ] الشَّمْسِ: حاجِبُها، وَهُوَ قَرْنها؛
يُقَالُ: بَدَا حِجاجُ الشَّمْسِ. وحِجاجا [حَجاجا] الْجَبَلِ:
جَانِبَاهُ. والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ. والحَجَّاجُ: اسْمُ
رَجُلٍ؛ أَماله بَعْضُ أَهل الإِمالة فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الإِعراب
عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ
النَّاسُ فِي الجرِّ خَاصَّةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما
مَثَّلْتُهُ بِهِ لأَن أَلف الْحَجَّاجِ زَائِدَةٌ غَيْرُ
مُنْقَلِبَةٍ، وَلَا يُجَاوِرُهَا مَعَ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الإِمالة،
وَكَذَلِكَ النَّاسُ لأَن الأَصل إِنما هُوَ الأُناس فَحَذَفُوا
الْهَمْزَةَ، وَجَعَلُوا اللَّامَ خَلَفاً مِنْهَا كَاللَّهِ إِلا
أَنهم قَدْ قَالُوا الأُناس، قَالَ: وَقَالُوا مَرَرْتُ بِنَاسٍ
فأَمالوا فِي الْجَرِّ خَاصَّةً، تَشْبِيهًا للأَلف بأَلف فاعِلٍ،
لأَنها ثَانِيَةٌ مِثْلُهَا، وَهُوَ نَادِرٌ لأَن الأَلف لَيْسَتْ
مُنْقَلِبَةً؛ فأَما فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَلَا يُمِيلُهُ أَحد،
وَقَدْ يَقُولُونَ: حَجَّاج، بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، كَمَا يَقُولُونَ:
الْعَبَّاسُ وَعَبَّاسٌ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي
مَوَاضِعِهِ. وحِجِجْ: مِنْ زَجْرِ الْغَنَمِ. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
اللَّهُمَّ ثَبِّت حُجَّتي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
أَي قَوْلي وإِيماني فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ
فِي الْقَبْرِ.
حجحج: الحَجْحَجَة: النُّكُوصُ. يُقَالُ: حَمَلُوا عَلَى الْقَوْمِ
حَمْلَةً ثُمَّ حَجْحَجُوا. وحَجْحَجَ الرجلُ: نَكَصَ، وَقِيلَ:
عَجَزَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ضَرْباً طِلَحْفاً لَيْسَ بالمُحَجْحِجِ
أَي لَيْسَ بِالْمُتَوَانِي المُقَصِّر. وحَجْحَجَ الرَّجُلُ إِذا
أَراد أَن يَقُولَ مَا فِي نَفْسِهِ ثُمَّ أَمسك، وَهُوَ مِثْلُ
المَجْمَجَة. وَفِي الْمُحْكَمِ: حَجْحَجَ الرَّجُلُ: لَمْ يُبْدِ مَا
فِي نَفْسِهِ. والحَجْحَجَةُ: التَّوَقُّفُ عَنِ الشيءِ والارتداعُ.
وحَجْحَجَ عَنِ الشَّيْءِ: كفَّ عَنْهُ. وحَجْحَجَ: صَاحَ.
وتَحَجْحَجَ: صَاحَ. وَتَحَجْحَجَ القومُ بِالْمَكَانِ: أَقاموا بِهِ
فَلَمْ يَبْرَحُوا. وكَبْشٌ حَجْحَجٌ: عَظِيمٌ؛ قَالَ:
أَرْسَلْتُ فِيهَا حَجْحَجاً قَدْ أَسْدَسا
حدج: الحِدْجُ: الحِمْلُ. والحِدْجُ: مِنْ مَرَاكِبِ النساءِ يُشْبِهُ
المِحَفَّة، والجمعُ أَحْداجٌ وحُدُوجٌ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ:
حُدُجٌ، وأَنشد عَنْ ثَعْلَبٍ:
قُمْنا فآنَسْنا الحُمُولَ والحُدُجْ
وَنَظِيرُهُ سِتْرٌ وسُتُرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
والمَسْجِدانِ وبَيْتٌ نَحْنُ عامِرُهُ ... لَنا، وزَمْزَمُ
والأَحْواضُ والسُّتُرُ
والحُدُوجُ: الإِبلُ بِرِحَالِهَا؛ قَالَ:
عَيْنا ابنِ دَارَةَ خَيرٌ مِنْكُمَا نَظَراً ... إِذِ الحُدُوجُ
بأَعْلى عاقِلٍ زُمَرُ
والحِداجَةُ كالحِدْجِ، وَالْجَمْعُ حَدائِجُ. قَالَ اللَّيْثُ:
الحِدْجُ مَرْكَبٌ لَيْسَ بِرَحْلٍ وَلَا هَوْدَجٍ، تَرْكَبُهُ نساءُ
الأَعراب. قَالَ الأَزهري: الحِدْجُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مَرْكَبٌ مِنْ
مَرَاكِبِ النِّسَاءِ نَحْوُ الْهَوْدَجِ والمِحَفَّة؛ وَمِنْهُ
الْبَيْتُ السَّائِرُ: شَرَّ
يَوْمَيْها، وأَغْواهُ لَهَا، ... رَكِبَتْ عَنْزٌ، بِحِدْجٍ، جَمَلا
(2/230)
وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذَا
الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ عنز؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
فَجَرَ البَغِيُّ بِحِدْجِ رَبَّتِها، ... إِذا مَا الناسُ شَلُّوا
وحَدَجَ البعيرَ والنَّاقَةَ يَحْدِجُهما حَدْجاً وحِداجاً،
وأَحْدَجَهما: شَدَّ عَلَيْهِمَا الحِدْجَ والأَداةَ ووَسَّقَهُ. قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ شَدُّ الأَحمال وتوسيقُها؛ قَالَ الأَعشى:
أَلا قُلْ لِمَيْثاءَ: مَا بالُها؟ ... أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ
أَحْمالُها؟
وَيُرْوَى: أَجمالُها، بِالْجِيمِ، أَي تُشَدُّ عَلَيْهَا،
وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: تُحْدَجُ أَجمالُها. قَالَ الأَزهري:
وأَما حَدْجُ الأَحمال بِمَعْنَى تَوْسِيقِهَا فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ
عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ غَلَطٌ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً
يَقُولُ: انْظُرُوا إِلى هَذَا الْبَعِيرِ الغُرْنُوقِ الَّذِي
عَلَيْهِ الحِداجَةُ، قَالَ: وَلَا يُحْدَجُ البعيرُ حَتَّى تَكْمُلَ
فِيهِ الأَداةُ، وَهِيَ البِدادانِ والبِطانُ والحَقَبُ، وجمعُ
الحِداجَةِ حَدائِجُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَخَالِي القَتَبِ
أَبِدَّةً، وَاحِدُهَا بِدادٌ، فإِذا ضُمَّتْ وأُسرت وَشُدَّتْ إِلى
أَقتابها مَحْشُوَّةً، فَهِيَ حِينَئِذٍ حِداجَةٌ. وَسُمِّيَ
الْهَوْدَجُ الْمَشْدُودُ فَوْقَ الْقَتَبِ حَتَّى يُشَدَّ عَلَى
الْبَعِيرِ شَدًّا وَاحِدًا بِجَمِيعِ أَداته: حِدْجاً، وَجَمْعُهُ
حُدُوجٌ. وَيُقَالُ: احْدِجْ بَعِيرَكَ أَي شُدَّ عَلَيْهِ قَتَبَهُ
بأَداته. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحُدُوجُ والأَحْداجُ والحَدائجُ مراكبُ
النساءِ، واحدُها حِدْجٌ وحِداجَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يُفَرِّقِ
ابْنُ السِّكِّيتِ بَيْنَ الحِدْجِ والحِداجَةِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ
عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ:
سَمِعْتُ أَبا صَاعِدٍ الكلابيَّ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ
لِصَاحِبِهِ فِي أَتانٍ شَرُودٍ: الْزَمْها، رَمَاهَا اللَّهُ
بِرَاكِبٍ قليلِ الحِداجَةِ، بعيدِ الحاجَةِ أَراد بالحِداجَةِ أَداةَ
القَتَبِ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: حَجَّةً هَاهُنَا
ثُمَّ احْدِجْ هَاهُنَا حَتَّى تَفْنى
؛ يَعْنِي إِلى الْغَزْوِ، قَالَ: الحَدْجُ شَدُّ الأَحمال
وَتَوْسِيقُهَا؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى
قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ احْدِجْ هَاهُنَا
أَي شُدَّ الحِداجَةَ، وَهُوَ الْقَتَبُ بأَداته عَلَى الْبَعِيرِ
لِلْغَزْوِ؛ وَالْمَعْنَى حُجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أَقبل عَلَى
الْجِهَادِ إِلى أَن تَهْرَمَ أَو تموتَ، فَكَنَّى بالحِدْجِ عَنْ
تَهْيِئَةِ الْمَرْكُوبِ لِلْجِهَادِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ
الأَعرابي:
تُلَهِّي المَرْءَ بالحُدْثانِ لَهْواً ... وتَحْدِجُهُ كَمَا حُدِجَ
المُطِيقُ
هُوَ مَثَلٌ أَي تَغْلِبُهُ بِدَلِّها وَحَدِيثِهَا حَتَّى يكونَ مِنْ
غَلَبَتِها لَهُ كالمَحْدُوجِ الْمَرْكُوبِ الذَّلِيلِ مِنَ الجِمال.
والمِحْدَجُ مِيسَمٌ مِنْ مَياسِم الإِبل. وحَدَجَهُ: وسَمَهُ
بالمِحْدَجِ. وحَدَجَ الفرسُ يَحْدِجُ حُدوجاً: نَظَرَ إِلى شَخْصٍ أَو
سَمِعَ صَوْتًا فأَقام أُذنه نَحْوَهُ مَعَ عَيْنَيْهِ. والتحدِيجُ:
شدَّة النَّظَرِ بَعْدَ رَوْعَةٍ وفَزْعَةٍ. وحَدَجَهُ بِبَصَرِهِ
يَحْدِجُهُ حَدْجاً وحُدُوجاً، وحَدَّجَهُ: نَظَرَ إِليه نَظَرًا
يَرْتَابُ بِهِ الآخرُ وَيَسْتَنْكِرُهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ شدَّة
النَّظَرِ وحِدَّته. يُقَالُ: حَدَّجَهُ بِبَصَرِهِ إِذا أَحَدَّ
النَّظَرَ إِليه؛ وَقِيلَ: حَدَجَه بِبَصَرِهِ وحَدَجَ إِليه رَمَاهُ
بِهِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: حَدِّثِ القومَ مَا حَدَجُوك
بأَبصارهم
أَي مَا أَحَدُّوا النَّظَرَ إِليك؛ يَعْنِي مَا دَامُوا مُقْبِلِينَ
عَلَيْكَ نَشِيطِينَ لِسَمَاعِ حَدِيثِكَ، يَشْتَهُونَ حَدِيثَكَ
وَيَرْمُونَ بأَبصارهم، فإِذا رأَيتهم قَدْ مَلُّوا فَدَعْهُمْ؛ قَالَ
الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الحَدْجَ فِي النَّظَرِ يَكُونُ
(2/231)
بِلَا رَوْعٍ وَلَا فَزَعٍ. وَفِي حَدِيثِ
الْمِعْرَاجِ:
أَلَمْ تَرَوْا إِلى مَيِّتِكُمْ حِينَ يَحْدِجُ بِبَصَرِهِ فإِنما
يَنْظُرُ إِلى الْمِعْرَاجِ مِنْ حُسْنه؟
حَدَجَ بِبَصَرِهِ يَحْدِجُ إِذا حَقَّقَ النَّظَرَ إِلى الشَّيْءِ.
وحَدَجَهُ بِبَصَرِهِ: رَمَاهُ بِهِ حَدْجاً. الْجَوْهَرِيُّ:
التَّحْدِيجُ مِثْلُ التَّحْدِيقِ. وحَدَجَهُ بسَهْمٍ يَحْدِجُهُ
حَدْجاً: رَمَاهُ بِهِ. وحَدَجَه بِذَنْبِ غَيْرِهِ يَحْدِجُه حَدْجاً:
حَمَلَهُ عَلَيْهِ وَرَمَاهُ بِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ
الْحِمَارَ والأُتُنَ:
إِذا اسْبَجَرَّا مِنْ سوادٍ حَدَجَا
وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
يُقَتِّلُنا مِنْها عُيُونٌ، كأَنَّها ... عُيُونُ المَهَا، مَا
طَرْفُهُنَّ بِحَادِجِ
يُرِيدُ أَنها سَاجِيَةُ الطَّرْفِ؛ وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: حَدَجَهُ
بِالْعَصَا حَدْجاً، وحَبَجَهُ حَبْجاً إِذا ضَرَبَهُ بِهَا. أَبو
عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: يُقَالُ حَدَجْتُهُ بِبَيْعِ سَوْءٍ أَي
فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ؛ قَالَ وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
حَدَجْتُ ابنَ مَحْدُوجٍ بِسِتِّينَ بَكْرَةً، ... فلمَّا اسْتَوَتْ
رِجْلاهُ، ضَجَّ مِنَ الوَقْرِ
قَالَ: وَهَذَا شِعْرُ امرأَة تَزَوَّجُهَا رَجُلٌ عَلَى سِتِّينَ
بَكْرَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَجْتُهُ ببيعِ سَوْءٍ وَمَتَاعِ سَوْءٍ
إِذا أَلزمته بَيْعًا غَبَنْتَهُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَعِجُّ ابنُ خِرْباقٍ مِنَ البَيْعِ، بَعْدَ ما ... حَدَجْتُ ابنَ
خِرْباقٍ بِجَرْباءَ نازِعِ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَهُ كَبَعِيرٍ شدَّ عَلَيْهِ حِدَاجَتهُ حِينَ
أَلزمه بَيْعًا لَا يُقَالُ مِنْهُ. الأَزهري: الحَدَجُ حَمْلُ
الْبِطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ مَا دَامَ رَطْبًا، والحُدْجُ، لُغَةٌ
فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَدَجُ والحُدْجُ الْحَنْظَلُ
وَالْبِطِّيخُ مَا دَامَ صِغَارًا أَخضر قَبْلَ أَن يَصْفَرَّ؛ وَقِيلَ
هُوَ مِنَ الْحَنْظَلِ مَا اشتدَّ وَصَلُبَ قَبْلَ أَن يَصْفَرَّ؛
قَالَ الرَّاجِزُ:
فَيَاشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدالِ، ... بَدَوْنَ مِنْ مُدَّرِعَيْ
أَسْمَالِ
وَاحِدَتُهُ حَدَجَةٌ. وَقَدْ أَحْدَجَت الشجرةُ؛ قَالَ ابْنُ
شُمَيْلٍ: أَهل الْيَمَامَةِ يُسَمُّونَ بِطِّيخًا عِنْدَهُمْ أَخضر
مِثْلَ مَا يَكُونُ عِنْدَنَا أَيام التِّيرْمَاهْ «1» بِالْبَصْرَةِ:
الحَدَجَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: رأَيت كأَني أَخذت حَدَجَةَ حنظلٍ فَوَضَعْتُهَا
بَيْنَ كَتِفَيْ أَبي جَهْلٍ.
الْحَدَجَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْحَنْظَلَةُ الفَجَّة الصُّلْبَةُ.
ابْنُ سِيدَهْ: والحَدَجُ حَسَكُ القُطْبِ مَا دَامَ رَطْباً.
ومَحْدُوجٌ وحُدَيْجٌ وحَدَّاجٌ: أَسماء. والحَدَجَةُ: طَائِرٌ
يُشْبِهُ الْقَطَا، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ هَذَا الطَّائِرَ
الَّذِي نُسَمِّيهِ اللَّقْلَقَ: أَبا حُدَيْجٍ. الْجَوْهَرِيُّ:
وحُنْدُجٌ اسْمُ رَجُلٍ.
حدرج: الحُدْرُجُ والحُدْرُوجُ والمُحَدْرَجُ، كُلُّهُ: الأَمْلَسُ.
والمُحَدْرَجُ: الْمَفْتُولُ. ووتَرٌ مُحَدْرَجُ المَسِّ: شُدَّ
فَتْلُه؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الجَيِّدُ الْغَارَةِ المُسْتَوي.
وسَوْطٌ مُحَدْرَجٌ: مُغَارٌ. وحَدْرَجَه أَي فَتَلَهُ وأَحكمه؛ قَالَ
الْفَرَزْدَقُ:
أَخافُ زِياداً أَن يكونَ عطاؤُهُ ... أَدَاهِمَ سُوداً، أَو
مُحَدْرَجَةً سُمْرا
يَعْنِي بالأَداهِم القيودَ، وبالمُحَدْرَجَةِ السياطَ؛ وَقَوْلُ
القُحَيْفِ العُقَيْليّ:
صَبَحْناها السِّيَاطَ مُحَدْرَجاتٍ، ... فَعَزَّتْها الضَّلِيعَةُ
والضَّلِيعُ
__________
(1) . قوله [التيرماه] هو رابع الشهور الشمسية عند الفرس، كذا بهامش
شرح القاموس المطبوع.
(2/232)
يَجُوزُ أَن تَكُونَ المُلْسَ، وَيَجُوزُ
أَن تَكُونَ الْمَفْتُولَةَ؛ وَبِالْمَفْتُولَةِ فَسَّرَهَا ابْنُ
الأَعرابي. وحَدْرَجَ الشيءَ: دَحْرَجَه. والحِدْرِجانُ، بِالْكَسْرِ:
الْقَصِيرُ؛ مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ، وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
وحِدْرِجانُ: اسْمٌ، عَنِ السِّيرَافِيِّ خَاصَّةً؛ التَّهْذِيبُ
أَنشَدَ الأَصمعِي لِهمْيان:
أَزامِجاً وزَجَلًا هُزامِجَا، ... يَخْرُجُ مِنْ أَجْوافِها
هَزالِجَا،
تَدْعُو بِذاكَ الدَّجَجَانَ الدَّارِجا، ... جِلَّتَهَا وعَجْمَها
الحَضَالِجا،
عُجُومَهَا وحَشْوَها الحَدَارِجا
الحَدَارِجُ والحَضالِجُ: الصِّغارُ.
حرج: الحِرْجُ والحَرَجُ: الإِثمُ. والحارجُ: الْآثِمُ؛ قَالَ ابْنُ
سِيدَهْ: أُراه عَلَى النَّسَبِ، لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ. والحَرَجُ
والحَرِجُ والمُتَحَرِّجُ: الكافُّ عَنِ الإِثم. وَقَوْلُهُمْ: رَجُلٌ
مُتَحَرِّجٌ، كَقَوْلِهِمْ: رجلٌ مُتَأَثِّمٌ ومُتَحَوِّبٌ
ومُتَحَنِّثٌ، يُلْقِي الحَرَجَ والحِنْثَ والحُوبَ والإِثم عَنْ
نَفْسِهِ. ورجلٌ مُتَلَوِّمٌ إِذا تَرَبَّصَ بالأَمر يُرِيدُ إِلْقَاءَ
الْمُلَامَةِ عَنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ حُرُوفٌ جاءَت
مَعَانِيهَا مُخَالِفَةً لأَلفاظها؛ وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَحمد بْنُ
يَحْيَى. وأَحْرَجَه أَي آثَمَهُ. وتَحَرَّجَ: تأَثَّم.
وَالتَّحْرِيجُ: التَّضْيِيقُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَدِّثوا عَنْ بَنِي إِسرائيل وَلَا حَرَجَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَرَجُ فِي الأَصل الضِّيقُ، وَيَقَعُ عَلَى
الإِثم وَالْحَرَامِ؛ وَقِيلَ: الحَرَجُ أَضْيَقُ الضِّيقِ؛
فَمَعْنَاهُ أَي لَا بأْس وَلَا إِثم عَلَيْكُمْ أَن تُحَدِّثُوا
عَنْهُمْ مَا سَمِعْتُمْ، وإِن اسْتَحَالَ أَن يَكُونَ فِي هَذِهِ
الأُمة مِثْلُ مَا رُوِيَ
أَن ثِيَابَهُمْ كَانَتْ تَطُولُ
،
وأَن النَّارَ كَانَتْ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فتأْكل القُرْبانَ
وَغَيْرَ ذَلِكَ، لَا أَن نَتَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِالْكَذِبِ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا التأْويل مَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ فإِن
فِيهِمُ الْعَجَائِبَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْحَدِيثَ عَنْهُمْ
إِذا أَديته عَلَى مَا سَمِعْتَهُ، حَقًّا كَانَ أَو بَاطِلًا، لَمْ
يَكُنْ عَلَيْكَ إِثم لِطُولِ الْعَهْدِ وَوُقُوعِ الفَتْرَةِ،
بِخِلَافِ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، لأَنه إِنما يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ
رِوَايَتِهِ وَعَدَالَةِ رُوَاتِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْحَدِيثَ
عَنْهُمْ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ لأَن قَوْلَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ،
فِي أَوّل الْحَدِيثِ:
بَلِّغُوا عَنِّي
؛ عَلَى الْوُجُوبِ، ثُمَّ أَتبعه بِقَوْلِهِ:
وحدِّثوا عَنْ بَنِي إِسرائيل وَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ إِن لَمْ
تحدِّثوا عَنْهُمْ.
قَالَ: وَمِنْ أَحاديث الْحَرَجِ قَوْلُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي
قَتْلِ الْحَيَّاتِ:
فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهَا
؛ هُوَ أَن يَقُولَ لَهَا: أَنت فِي حَرَجٍ أَي فِي ضِيقٍ، إِن عُدْتِ
إِلينا فَلَا تَلُومِينَا أَن نُضَيِّقَ عَلَيْكِ بالتَّتَبُّع
وَالطَّرْدِ وَالْقَتْلِ. قَالَ: وَمِنْهَا حَدِيثُ الْيَتَامَى:
تَحَرَّجُوا أَن يأْكلوا مَعَهُمْ
؛ أَي ضَيَّقُوا عَلَى أَنفسهم. وتَحَرَّجَ فلانٌ إِذا فَعَلَ فِعْلًا
يَتحَرَّجُ بِهِ، مِن الحَرَج، الإِثم وَالضِّيقُ؛ وَمِنْهُ
الْحَدِيثُ:
اللَّهم إِني أُحَرِّجُ حَقَّ الضعيفَين: الْيَتِيمِ والمرأَة
أَي أُضيقه وأُحرمه عَلَى مَن ظَلَمَهُمَا؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةِ: كَرِهَ أَن يُحْرِجَهم
أَي يُوقِعَهُمْ فِي الحَرَج. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَوَرَدَ الحَرَجُ
فِي أَحاديث كَثِيرَةٍ وَكُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلى هَذَا الْمَعْنَى.
ورجلٌ حَرَجٌ وحَرِجٌ: ضَيِّق الصَّدْرِ؛ وأَنشد:
لَا حَرِجُ الصَّدْرِ وَلَا عَنِيفُ
والحَرَجُ: الضِّيق. وحَرِجَ صَدْرُهُ يَحْرَجُ حَرَجاً: ضَاقَ فَلَمْ
يَنْشَرِحْ لِخَيْرٍ، فَهُوَ حَرِجٌ وحَرَجٌ، فَمَنْ قَالَ حَرِج،
ثَنَّى وجَمَعَ، ومَن قَالَ حَرَجٌ أَفرد، لأَنه مَصْدَرٌ. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً
وحَرِجاً؛
(2/233)
قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ
«2» وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَرَجاً، وقرأَها النَّاسُ
حَرِجاً؛ قَالَ: والحَرَجُ فِيمَا فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ
الْمَوْضِعُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ الَّذِي لَا يَصِلُ إِليه الراعيةُ؛
قَالَ: وَكَذَلِكَ صَدْرُ الْكَافِرِ لَا يَصِلُ إِليه الحكمةُ؛ قَالَ:
وَهُوَ فِي كَسْرِهِ وَنَصْبِهِ بِمَنْزِلَةِ الوَحَدِ والوَحِدِ،
والفَرَدِ والفَرِدِ، والدَّنَفِ والدَّنِفِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
الحَرَجُ فِي اللُّغَةِ أَضْيَقُ الضِّيقِ، وَمَعْنَاهُ أَنه ضَيِّقٌ
جِدًّا. قَالَ: ومَن قَالَ رَجُلٌ حَرَجُ الصَّدْرِ فَمَعْنَاهُ ذُو
حَرَجٍ فِي صَدْرِهِ، وَمَنْ قَالَ حَرِجٌ جعلَهُ فاعِلًا؛ وَكَذَلِكَ
رجل دَنَفٌ ذو دَنَفٍ، ودَنِفٌ نَعْتٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَكَانٌ
حَرَجٌ وحَرِجٌ أَي مَكَانٌ ضَيِّقٌ كَثِيرُ الشَّجَرِ. والحَرِجُ:
الَّذِي لَا يَكَادُ يَبْرَح القتالَ؛ قَالَ:
مِنَّا الزُّوَينُ الحَرِجُ المُقَاتِلُ
والحَرِجُ: الَّذِي لَا يَنْهَزِمُ كأَنه يَضِيقُ عَلَيْهِ العُذْرُ
فِي الِانْهِزَامِ. والحَرِجُ: الَّذِي يَهَابُ أَن يتقدَّم عَلَى
الأَمر، وَهَذَا ضَيِّقٌ أَيضاً. وحَرِجَ إِليه: لَجَأَ عَنْ ضِيقٍ.
وأَحْرَجَه إِليه: أَلْجَأَهُ وضَيَّق عَلَيْهِ. وحَرَّجَ فلانٌ عَلَى
فلانٍ إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وأَحْرَجْتُ فُلَانًا: صَيَّرْتُهُ إِلى
الحَرَجِ، وَهُوَ الضَّيِّقُ، وأَحْرَجْتُهُ: أَلْجَأْتُهُ إِلى
مَضِيقٍ، وَكَذَلِكَ أَحْجَرْتُهُ وأَحْرَدْتُهُ، بِمَعْنًى واحدٍ؛
وَيُقَالُ: أَحْرَجَني إِلى كَذَا وَكَذَا فَحَرِجْتُ إِليه أَي
انضممتُ. وأَحْرَجَ الكلبَ والسَّبُعَ: أَلجَأَهُ إِلى مَضِيقٍ
فَحَمَلَ عَلَيْهِ. وحَرِجَ الغُبارُ، فَهُوَ حَرِجٌ: ثَارَ فِي
مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ، فَانْضَمَّ إِلى حَائِطٍ أَو سَنَدٍ؛ قَالَ:
وغَارَةٍ يَحْرَجُ القَتامُ لَها، ... يَهْلِكُ فِيهَا المُناجِدُ
البَطَلُ
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: يُقَالُ لِلْغُبَارِ السَّاطِعِ
الْمُنْضَمِّ إِلى حَائِطٍ أَو سَنَدٍ قَدْ حَرِجَ إِليه؛ وَقَالَ
لَبِيدٌ:
حَرِجاً إِلى أَعْلامِهِنَّ قَتَامُها
ومكانٌ حَرِجٌ وحَرِيجٌ؛ قَالَ:
ومَا أَبْهَمَتْ، فَهْوَ حَجٌّ حَرِيجْ
وحَرِجَتْ عينُه تحْرَجُ حَرَجاً أَي حَارَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَزْدَادُ لِلْعَيْنِ إِبْهاجاً إِذا سَفَرَتْ، ... وتَحْرَجُ العَيْنُ
فِيهَا حينَ تَنْتَقِبُ
وَقِيلَ: معْناه أَنها لَا تَنْصَرِفُ وَلَا تَطْرِفُ مِنْ شِدَّةِ
النَّظَرِ. الأَزهري: الحَرَجُ أَن يَنْظُرَ الرَّجُلُ فَلَا
يَسْتَطِيعُ أَن يَتَحَرَّكَ مِنْ مَكَانِهِ فَرَقاً وَغَيْظًا.
وحَرِجَ عَلَيْهِ السُّحورُ إِذا أَصبح قَبْلَ أَن يَتَسَحَّرَ،
فَحَرُمَ عَلَيْهِ لِضِيقِ وَقْتِهِ. وحَرِجَتِ الصلاةُ عَلَى المرأَة
حَرَجاً: حَرُمَتْ، وَهُوَ مِنَ الضِّيقِ لأَن الشَّيْءَ إِذا حَرُمَ
فَقَدْ ضَاقَ. وحَرِجَ عليَّ ظُلْمُكَ حَرَجاً أَي حَرُمَ. وَيُقَالُ:
أَحْرَجَ امرأَته بِطَلْقَةٍ أَي حَرَّمَها؛ وَيُقَالُ: أَكَسَعَهَا
بالمُحْرِجَات؟ يُرِيدُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. الأَزهري: وقرأَ ابْنُ
عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وحَرْثٌ حِرْجٌ أَي حَرَامٌ؛
وقرأَ النَّاسُ: وَحَرْثٌ حِجْرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والحِرْجُ لغةٌ فِي
الحَرَجِ، وَهُوَ الإِثم؛ قَالَ: حَكَاهُ يُونُسُ. والحَرَجَةُ:
الغَيْضَةُ لِضِيقِهَا؛ وَقِيلَ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَهِيَ
أَيضاً الشَّجَرَةُ تَكُونُ بَيْنَ الأَشجار لَا تَصِلُ إِليها
الآكِلَةُ، وَهِيَ مَا رَعَى مِنَ الْمَالِ. وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ
ذَلِكَ: حَرَجٌ وأَحْرَاجٌ وحَرَجَاتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيا حَرَجَاتِ الحَيِّ، حِينَ تَحَمَّلُوا، ... بذِي سَلَمٍ، لَا
جَادَكُنَّ ربِيعُ
__________
(2) . قوله [قرأها ابن عباس إلخ] كذا بالأَصل.
(2/234)
وحِرَاجٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَاذَا بِكُمْ مِنْ سَنَةٍ مِسْحَاجِ، ... شَهْبَاءَ تُلْقِي وَرَقَ
الحِراجِ
وَهِيَ المَحاريجُ. وَقِيلَ: الحَرَجَةُ تَكُونُ مِنَ السَّمُرِ
والطَّلْحِ والعَوسَجِ والسَّلَمِ والسِّدْرِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا
اجْتَمَعَ مِنَ السَّدْرِ وَالزَّيْتُونِ وَسَائِرِ الشَّجَرِ؛
وَقِيلَ: هِيَ مَوْضِعٌ مِنَ الْغَيْضَةِ تَلْتَفُّ فِيهِ شَجَرَاتٌ
قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: سمِّيت بِذَلِكَ
لَالْتِفَافِهَا وَضِيقِ الْمَسْلَكِ فِيهَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
الحَرَجَةُ مُجْتَمَعُ شَجَرٍ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو
الْهَيْثَمِ: الحِراجُ غِياضٌ مِنْ شَجَرِ السلَم ملتفةٌ، لَا يَقْدِرُ
أَحدٌ أَن يَنْفُذَ فِيهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَاينَ حَيًّا كالحِرَاجِ نَعَمُهْ، ... يَكُونُ أَقْصَى شَلِّهِ
مُحْرَنْجِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
حَتَّى تَرَكُوهُ فِي حَرَجَةٍ
؛ الحَرَجَة، بِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ: مُجْتَمَعُ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ
كَالْغَيْضَةِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو: نظرتُ إِلى أَبي جهلٍ فِي مِثْلِ الحَرَجَةِ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِنَّ مَوْضِعَ الْبَيْتِ كَانَ فِي حَرَجَةٍ وعِضَاه.
وحِراجُ الظَّلْمَاءِ: مَا كَثُفَ والتفَّ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
أَلا طَرَقَتْنا أُمُّ أَوْسٍ، ودُونَها ... حِراجٌ مِنَ الظَّلْماءِ،
يَعْشَى غُرابُها؟
خَصَّ الغرابَ لِحِدَّةِ الْبَصَرِ، يَقُولُ: فإِذا لَمْ يُبْصِرْ
فِيهَا الغرابُ مَعَ حِدَّةِ بَصَرِهِ فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ؟
والحَرَجَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الإِبل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
والحَرَجَةُ مِائَةٌ مِنَ الإِبل. وَرَكِبَ الحَرَجَةَ أَي الطَّرِيقَ؛
وَقِيلَ: مُعْظَمُهُ، وَقَدْ حُكِيَتْ بِجِيمَيْنِ. والحَرَجُ: سَرِيرٌ
يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَرِيضُ أَو الْمَيِّتُ؛ وَقِيلَ: هُوَ خَشَبٌ
يُشدُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَإِمَّا تَرَيْني فِي رِحَالَةِ جَابِرٍ ... عَلَى حَرَجٍ، كالقَرِّ
تَخْفِقُ أَكْفاني
ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بالرِّحالة الخَشَبَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ
فِي مَرَضِهِ، وأَراد بالأَكفان ثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ لأَنه
قدَّر أَنها ثِيَابُهُ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا. وخَفْقُها ضَرْبُ
الرِّيحِ لَهَا. وأَراد بِجَابِرٍ جابرَ بنَ حُنَيٍّ التَغْلَبيَّ،
وَكَانَ مَعَهُ فِي بِلَادِ الرُّومِ، فَلَمَّا اشْتَدَّتْ علَّته
صُنِعَ لَهُ مِنَ الْخَشَبِ شَيْئًا كالقَرِّ يُحْمَلُ فِيهِ؛
والقَرُّ: مَرْكب مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ بَيْنَ الرَّحْلِ
وَالسَّرْجِ. قَالَ: كَذَا ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ:
هُوَ الْهَوْدَجُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرَجُ خشبٌ يُشدُّ بَعْضُهُ إِلى
بَعْضٍ تُحْمَلُ فِيهِ الْمَوْتَى، وَرُبَّمَا وُضِعَ فَوْقَ نَعْشِ
النِّسَاءِ. قَالَ الأَزهري: وحَرَجُ النعشِ شَجَارٌ مِنْ خَشَبٍ
جُعِلَ فَوْقَ نَعْشِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ سَرِيرُهُ. قَالَ الأَزهري:
وأَما قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ ظَليماً وقُلُصَة:
يَتْبَعْنَ قُلَّةَ رَأْسِهِ، وكَأَنَّهُ ... حَرَجٌ عَلَى نَعْشٍ
لَهُنَّ مُخَيَّمِ
هَذَا يَصِفُ نَعَامَةً يَتْبَعُهَا رِئالُها، وَهُوَ يَبْسُطُ
جَنَاحَيْهِ وَيَجْعَلُهَا تَحْتَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَرَجُ
مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ لَيْسَ لَهُ رأْس. والحَرَجُ
والحِرْجُ: الشَّحَصُ. والحَرَجُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا تُركب وَلَا
يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ لِيَكُونَ أَسمن لَهَا إِنما هِيَ مُعَدَّةٌ؛
قَالَ لَبِيدٌ:
حَرَجٌ فِي مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ
قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ، وَهُوَ مَدْخُولٌ. والحَرَجُ
والحُرْجُوجُ: النَّاقَةُ الْجَسِيمَةُ الطَّوِيلَةُ عَلَى وَجْهِ
الأَرض؛ وَقِيلَ: الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّامِرَةُ،
(2/235)
وَجَمْعُهَا حَراجِيجُ. وأَجاز بَعْضُهُمْ:
نَاقَةٌ حُرْجُجٌ، بِمَعْنَى الحُرْجُوجِ، وأَصل الحُرْجُوجِ حُرْجُجٌ،
وأَصل الحُرْجُجِ حُرْجٌ، بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَ وَفْدُ مَذْحِجَ عَلَى حَرَاجِيجَ
، جَمْعُ حُرْجُوجٍ وحُرْجِيجٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ؛
وَقِيلَ الضَّامِرَةُ، وَقِيلَ: الحُرْجُوجُ الوَقَّادَةُ الحادَّة
الْقَلْبِ؛ قَالَ:
أَذَاكَ ولَمْ تَرْحَلْ إِلى أَهْلِ مَسْجِدٍ، ... بِرَحْلِيَ،
حُرْجُوجٌ عَلَيْهَا النَّمَارِقُ
والحُرْجُوجُ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ ذُو
الرُّمَّةِ:
أَنْقَاءُ سارِيَةٍ حَلَّتْ عَزَالِيَها، ... مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ،
رِيحٌ غيرُ حُرْجُوجِ
وحَرَجَ الرَّجُلُ أَنْيابَهُ يَحْرُجُها حَرْجاً: حَكَّ بعضَها إِلى
بَعْضٍ مِنَ الحَرَدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ويوْمٌ تُحْرَجُ الأَضْرَاسُ فيهِ ... لأَبْطالِ الكُمَاةِ، بِهِ
أُوَامُ
والحِرْجُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ:
هِيَ نَصِيبُ الْكَلْبِ مِنَ الصَّيْدِ وَهُوَ مَا أَشبه الأَطرافَ
مِنَ الرأْس والكُراعِ والبَطْن، والكلابُ تَطْمَعُ فِيهَا. قَالَ
الأَزهري: الحِرْجُ مَا يُلقى لِلْكَلْبِ مِنْ صَيْدِهِ، وَالْجَمْعُ
أَحْرَاجٌ؛ قَالَ جَحْدرٌ يَصِفُ الأَسد:
وتَقَدُّمِي لِلَّيْثِ أَمْشِي نحْوَهُ، ... حَتَّى أُكَابِرَهُ عَلَى
الأَحْرَاجِ
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يَبْتَدِرْنَ الأَحْراجَ كالثَّوْلِ، والحِرْجُ ... لِرَبِّ الكِلابِ
يَصْطَفِدُهْ
يَصْطَفِدُه أَي يَدَّخِرُه وَيَجْعَلُهُ صَفَداً لنَفْسِهِ
وَيَخْتَارُهُ؛ شبَّه الْكِلَابَ فِي سُرْعَتِهَا بِالزَّنَابِيرِ،
وَهِيَ الثَّوْلُ. وَقَالَ الأَصمعي: أَحْرِجْ لِكلبكَ مِنْ صَيْدِه
فإِنه أَدْعَى إِلى الصَّيْدِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الحِرْجُ حِبَالٌ
تُنصب لِلسَّبُعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشَرُّ النَّدامَى مَن تَبِيتُ ثيابُهُ ... مُجَفَّفَةً، كأَنَّها
حِرْجُ حابِلِ
والحِرْجُ: الوَدَعَةُ، وَالْجَمْعُ أَحْرَاجٌ وحِراجٌ؛ وَقَوْلُ
الْهُذَلِيِّ:
أَلم تَقْتُلوا الحِرْجَينِ، إِذ أَعْرَضَا لكمْ ... يَمُرَّان
بالأَيْدِي اللِّحاءَ المُضَفَّرَا؟
إِنما عَنَى بالحِرْجَينِ رَجُلَيْنِ أَبيضين كالوَدَعَةِ، فإِما أَن
يَكُونَ البياضُ لَوْنَهما، وإِما أَن يَكُونَ كَنَى بِذَلِكَ عَنْ
شَرَفِهِمَا، وَكَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ قَدْ قَشَرَا لحاءَ شَجَرِ
الْكَعْبَةِ ليتخفَّرا بِذَلِكَ. وَالْمُضَفَّرُ: الْمَفْتُولُ
كَالضَّفِيرَةِ. والحِرْجُ: قِلَادَةُ الْكَلْبِ، وَالْجَمْعُ
أَحْرَاجٌ وحِرَجَةٌ؛ قَالَ:
بِنَواشِطٍ غُضْفٍ يُقَلِّدُها الأَحْرَاجَ، ... فَوْقَ مُتُونِها
لُمَعُ
الأَزهري: وَيُقَالُ ثَلَاثَةُ أَحْرِجَةٍ، وكَلْبٌ مُحَرَّجٌ، وكِلاب
مُحَرَّجَةٌ أَي مُقَلَّدَةٌ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ عَضْرَسَ:
مُحَرَّجَةٌ حُصٌّ كَأَنَّ عُيُونها، ... إِذا أَيَّهَ القَنَّاصُ
بالصَّيْدِ، عَضْرَسُ «1»
مُحَرَّجَةٌ: مُقَلَّدَةٌ بالأَحْرَاج، جَمْعُ حِرْجٍ للوَدَعةِ.
وحُصٌّ: قَدِ انْحَصَّ شَعَرُها، وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
طَاوِي الحَشَا قَصُرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجَةٌ
__________
(1) . قوله [إِذا أَيه] كذا بالأَصل بهذا الضبط بمعنى صاح، وفي شرح
القاموس والصحاح إِذا أَذن، والضمير في عيونها يعود على الكلاب، وتحرفت
في شرح القاموس بعيونه.
(2/236)
قَالَ: مُحَرَّجَةٌ: فِي أَعناقها حِرْجٌ،
وَهُوَ الوَدَعُ. والوَدَعُ: خَرَزٌ يُعَلَّقُ فِي أَعناقها. الأَزهري:
والحِرْجُ الْقِلَادَةُ لِكُلِّ حَيَوَانٍ. قَالَ: والحِرْجُ:
الثِّيَابُ الَّتِي تُبسط عَلَى حَبْلٍ لِتَجِفَّ، وَجَمْعُهَا حِراجٌ
فِي جميعها. والحِرْجُ: جَمَاعَةُ الْغَنَمِ، عَنْ كُرَاعٍ، وَجَمْعُهُ
أَحْرَاجٌ. والحُرْجُ: موضعٌ معروف.
حربج: إِبِلٌ حَرَابِجُ: ضِخَامٌ. وبعير حُرْبُجٌ.
حرزج: الحَرَازِجُ، الرَّاءُ قَبْلَ الزَّايِ: مِيَاهٌ لبَلْجُذام؛
قَالَ رَاجِزُهُمْ:
لقَدْ وَرَدْتُ عافِيَ المَدَالِجِ ... مِن ثَجْرَ، أَو أَقْلِبَةِ
الحَرَازِجِ
حشرج: الحَشْرَجَةُ: تَرَدُّدُ صَوْتِ النَّفَس، وَهُوَ الغَرْغَرَةُ
فِي الصَّدْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَشْرَجَةُ الْغَرْغَرَةُ عِنْدَ
الْمَوْتِ وتَرَدُّدُ النَّفَسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَكِنْ إِذا شَخَصَ البَصَرُ وحَشْرَجَ الصَّدْرُ
، هُوَ مِن ذَلِكَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: وَدَخَلَتْ عَلَى أَبيها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عِنْدَ
مَوْتِهِ فأَنشدت:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْني الثَّرَاءُ وَلَا الغِنى، ... إِذا حَشْرَجَتْ
يَوْمًا، وضاقَ بِهَا الصَّدرُ
فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ: وجاءَت سَكْرَةُ الحَقِّ بالموتِ،
وَهِيَ قِرَاءَةٌ مَنْسُوبَةٌ إِليه.
وحَشْرَجَ: رَدَّدَ صوتَ النَّفَس فِي حَلْقه مِنْ غَيْرِ أَن
يُخْرِجَهُ بِلِسَانِهِ. والحَشْرَجَةُ: صوتُ الحمارِ مِنْ صَدْرِهِ؛
قَالَ رؤْبة:
حَشْرَجَ فِي الجَوْفِ سَحِيلًا، أَو شَهَقْ
وحَشْرَجَةُ الْحِمَارِ: صَوْتُهُ يُرَدِّدُه فِي حَلْقِهِ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
وإِذا لَهُ عَلَزٌ وحَشْرَجَةٌ، ... مِمَّا يَجِيشُ بهِ مِنَ الصَّدْرِ
والحَشْرَجُ: شِبْهُ الحِسْيِ تَجْتَمِعُ فِيهِ الْمِيَاهُ، وَقِيلَ:
هُوَ الحِسْيُ فِي الحَصَى. والحَشْرَجُ: الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي
عَلَى الرَّضْرَاضِ صَافِيًا رَقِيقًا. والحَشْرَجُ: كُوزٌ صَغِيرٌ
لَطِيفٌ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
قالتْ: وعَيْشِ أَبي وحُرْمَةِ إِخْوَتي، ... لأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ،
إِنْ لَمْ تَخْرُجِ
فَخَرَجْتُ خِيفَةَ قَوْلِها، فَتَبَسَّمَتْ ... فَعَلِمْتُ أَنَّ
يَمِينَها لَمْ تُحْرَجِ
فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذاً بقُرُونِها، ... شُرْبَ النَّزيفِ بِبَرْدِ
ماءِ الحَشْرَج
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِجَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ وَلَيْسَ
لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ. وَالنَّزِيفُ: الْمَحْمُومُ الَّذِي
مُنِعَ مِنَ الْمَاءِ. وَلَثَمْتُ فَاهَا: قَبَّلْتُهُ. وَنَصَبَ
شُرْبَ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لأَنه لمَّا قبَّلها
امْتَصَّ رِيقَهَا، فكأَنه قَالَ: شَرِبْتُ رِيقَهَا كَشُرْبِ
النَّزِيفِ لِلْمَاءِ الْبَارِدِ. الأَزهري: الحَشْرَجُ الْمَاءُ
الْعَذْبُ مِنْ مَاءِ الحِسْيِ، قَالَ: والحَشْرَجُ الْمَاءِ الَّذِي
تَحْتَ الأَرض لَا يُفْطَنُ لَهُ فِي أَباطح الأَرضِ، فإِذا حُفِرَ
عَنْهُ ذِراعٌ جَاشَ بِالْمَاءِ، تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الأَحْساءَ
والكِرَارَ والحَشَارِجَ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: فَلَثَمْتُ
فَاهَا الْبَيْتَ؛ وَنَسَبَهُ إِلى جَرِيرٍ. الْمُبَرِّدُ: الحَشْرَجُ
فِي هَذَا الْبَيْتِ الْكُوزُ الرَّقِيقُ النَّقِيُّ الحارِيُّ.
والنَّزِيف: السَّكْرَانُ وَالْمَحْمُومُ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِكُثَيِّرٍ:
فَأَوْرَدَهُنَّ مِنَ الدَّوْنَكَيْن ... حَشَارِجَ، يُخْفُونَ مِنْهَا
إِرَاثَا
الإِراث: بَقَايَا قَدْ بَقِيَتْ هَذِهِ مِنْهَا. وَهُوَ فِي إِرْثِ
صِدْقٍ أَي أَصل صِدْقٍ. والحَشْرَجُ: الكَذَّانُ، الواحدةُ
حَشْرَجَةٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الحِسْيُ الحَصِبُ،
(2/237)
وَهُوَ أَيضاً النَّارِجِيلُ، يَعْنِي
جَوْزَ الْهِنْدِ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. الأَزهري: الحَشْرَجُ
النُّقرة فِي الْجَبَلِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فيصفو.
حضج: حَضَجَ النارَ حَضْجاً: أَوقدها. وانْحَضَجَ الرجلُ: الْتَهَبَ
غَضَباً واتَّقَدَ مِنَ الْغَيْظِ. وانْحَضَجَ: اتَّقَدَ مِنَ
الْغَيْظِ فَلَزِقَ بالأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ قَالَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ: أَمَّا
أَنا فَلَا أَدَعُهما، فَمَنْ شَاءَ أَن يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ
أَي يَنْقَدَّ مِنَ الْغَيْظِ ويَنْشَقَّ. وحَضَجَ بِهِ يَحْضُجُ
حَضْجاً: صَرَعَهُ. وحَضَجَ البعيرُ بِحِمْلِه وحِمْلَهُ حَضْجاً:
طَرَحَهُ. وحَضَجَ بِهِ الأَرضَ حَضْجاً: ضَرَبَهَا بِهِ. وانْحَضَجَ:
ضَرَبَ بِنَفْسِهِ الأَرضَ غَيْظًا، فإِذا فعلتَ بِهِ أَنت ذَلِكَ،
قُلْتَ: حَضَجْتُه. وانْحَضَجَتْ عَنْهُ أَداته انْحِضاجاً. وَقَالَ
ابْنُ شُمَيْلٍ: يَنْحَضِجُ يَضْطَجِعُ. وحَضَجَه: أَدخل عَلَيْهِ مَا
يَكَادُ يَنْشَقُّ مِنْهُ ويَلْزَقُ لَهُ بالأَرض. وكلُّ مَا لَزِقَ
بالأَرض: حِضْجٌ؛ والحِضْجُ: الطِّينُ اللَّازِقُ بأَسفل الْحَوْضِ؛
وَقِيلَ: الحِضْجُ هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَالطِّينُ يَبْقَى فِي
أَسفل الْحَوْضِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ الطِّينُ،
فَهُوَ يَتَلَزَّجُ وَيَمْتَدُّ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الكَدِرُ.
وحِضْجٌ حاضِجٌ: بالَغُوا بِهِ، كَشِعْرٍ شاعرٍ؛ قَالَ أَبو مَهْدِيٍّ:
سَمِعْتُ هِمْيانَ بْنَ قُحافة يُنْشِدُ:
فأَسْأَرَتْ فِي الحوضِ حِضْجاً حاضِجا، ... قَدْ عادَ مِنْ أَنْفاسِها
رَجَارِجَا
أَسأَرت: أَبقت. والسُّؤْرُ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ،
وَقَوْلُهُ حاضِجاً أَي بَاقِيًا. وَرَجَارِجَا: اخْتَلَطَ ماؤُه
وَطِينُهُ. والحِضْجُ: الْحَوْضُ نَفْسُهُ، وَالْفَتْحُ فِي كلِّ
ذَلِكَ لُغَةٌ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَحْضاجٌ؛ قَالَ
رُؤْبَةُ:
مِنْ ذِي عُبابٍ سائلِ الأَحْضاجِ، ... يُرْبِي عَلَى تَعاقُمِ
الهَجَاجِ
الأَحضاجُ: الحِياضُ. وَالتَّعَاقُمُ: الوِرْدُ مرَّةً بعدَ مرَّة،
كَالتَّعَاقُبِ عَلَى الْبَدَلِ. وَرَجُلٌ حِضْجٌ: حميسٌ، وَالْجَمْعُ
أَحْضاجٌ. والحِضاجُ: الزِّقُّ الضَّخْمُ المُسْنَدُ؛ قَالَ سَلَامَةُ
بْنُ جَنْدَلٍ:
لَنَا خِبَاءٌ ورَاووقٌ ومُسْمِعَةٌ، ... لَدَى حِضاجٍ، بِجَوْنِ
النَّارِ، مَرْبوبِ
وانْحَضَجَ الرَّجُلُ: اتَّسَعَ بَطْنُهُ، وَهُوَ مِنه. وامرأَةٌ
مِحْضاجٌ: وَاسِعَةُ الْبَطْنِ؛ وَقَوْلُ مُزَاحِمٍ:
إِذا مَا السَّوْطُ سَمَّرَ حالِبَيْهِ، ... وقَلَّصَ بَدْنَهُ بَعْدَ
انْحِضاجِ
يَعْنِي بَعْدَ انْتِفَاخٍ وَسِمَنٍ. والمِحْضَجَةُ والمِحْضاجُ:
خَشَبَةٌ صَغِيرَةٌ تَضرب بِهَا المرأَة الثوبَ إِذا غَسَلَتْهُ.
وانْحَضَجَ إِذا عَدَا. وحَضِيجُ الْوَادِي: نَاحِيَتُهُ. والمِحْضَجُ:
الْحَائِدُ عَنِ السَّبِيلِ. والمِحْضَبُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ: مَا
يُحَرَّكُ بِهِ النَّارُ. يُقَالُ: حَضَجْتُ النارَ وحَضَبْتُها.
الْفَرَّاءُ: حَضَجْتُ فُلَانًا ومَغَثْتُه ومَثْمَثْتُه وقَرْطَلْتُه،
كُلُّه: بِمَعْنَى غَرَّقْتُه. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
أَن بَغْلَةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا
تَناول الحَصَى لِيَرْمِيَ بِهِ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ، فَهِمَتْ مَا
أَراد فانْحَضَجَتْ
أَي انْبَسَطتْ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو
الْعَبَّاسِ؛ وأَنشد:
ومُقَتِّتٍ حَضَجَتْ بِهِ أَيامُه، ... قَدْ قادَ بَعْدُ قَلائصاً
وعِشارا
(2/238)
مُقَتِّتٌ: فَقِيرٌ. حَضَجَتْ: انْبَسَطَتْ
أَيامه فِي الْفَقْرِ فأَغناه اللَّهُ، وَصَارَ ذَا مَالٍ.
حضلج: التَّهْذِيبُ: مِنْ جُمْلَةِ أَبيات تَقَدَّمَتْ فِي تَرْجَمَةِ
حَدْرَجٍ لِهِمْيَانَ:
جِلَّتَها وعَجْمَها الحَضالِجا
قَالَ: الحَدارِجُ والحَضالِجُ الصغار.
حفج: الحَفَنْجى: الرِّخْوُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ.
حفضج: الحِفْضِجُ والحَفْضَجُ والحِفْضاجُ والحُفاضِجُ: الضَّخْمُ
الْبَطْنِ وَالْخَاصِرَتَيْنِ المُسْتَرْخي اللَّحْمِ. رجلٌ حُفاضِجٌ
وعُفاضِجٌ، والأُنثى فِي كُلِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ هَاءٍ، والاسمُ
الحَفْضَجَةُ. وإِن فُلَانًا لمَعْضُوبٌ مَا حُفْضِجَ لَهُ، وَكَذَلِكَ
العِفْضاجُ، والله أَعلم.
حفلج: الحَفَلَّجُ والحُفالِجُ: الأَفْحَجُ: وَهُوَ الَّذِي فِي
رِجْلِهِ اعْوِجاجٌ.
حلج: الحَلْجُ: حَلْجُ القُطْنِ بالمِحْلاجِ عَلَى المِحْلَجِ. حَلَجَ
القُطْنَ يَحْلِجُهُ ويَحْلُجُهُ حَلْجاً: نَدَفَهُ. والمِحْلاجُ:
الَّذِي يُحْلَجُ بِهِ. والمِحْلَجُ والمِحْلَجَة: الَّذِي يُحْلَجُ
عَلَيْهِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ أَو الحجَرُ، وَالْجَمْعُ محالِجُ
ومَحالِيجُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُجْمَعْ
بالأَلف وَالتَّاءِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّكْسِيرِ، ورُبَّ شَيْءٍ
هَكَذَا. وقُطْنٌ حَلِيجٌ: مَنْدوفٌ مُسْتَخْرَجُ الحَبِّ، وَصَانِعُ
ذَلِكَ: الحَلَّاجُ، وَحِرْفَتُهُ الحِلاجَةُ؛ فأَما قَوْلُ ابْنِ
مُقْبِلٍ:
كأَنَّ أَصْواتَها إِذا سَمِعْتَ بِهَا، ... جَذْبُ المَحابِضِ
يَحْلُجْنَ المحارِينا
وَيُرْوَى صَوْتُ الْمَحَابِضِ، فَقَدْ رُوِيَ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ،
يَحْلُجْنَ ويَخْلُجْنَ، فَمَنْ رَوَاهُ يَحْلُجْنَ فإِنه عَنَى
بالمَحارين حَبَّاتِ الْقُطْنِ. وَيَحْلِجْنَ: يَنْدِفْنَ.
والمَحابِضُ: أَوتار النَّدّافِينَ؛ وَمَنْ رَوَاهُ يَخْلِجْنَ فإِنه
عَنَى بِالْمَحَارِينِ قِطَعَ الشَّهْدِ. ويَخْلِجْنَ: يَجْبِذْنَ
ويَسْتَخْرِجْنَ. والمَحابِضُ: المَشاوِرُ. وَالْقُطْنُ حَلِيجٌ
ومَحْلوجٌ. وحَلَجَ الخُبْزَةَ: دَوَّرَها. والمِحْلاجُ: الْخَشَبَةُ
الَّتِي يُدَوَّرُ بِهَا. والحَلِيجَةُ: السَّمْنُ عَلَى المَخْضِ،
والزُّبْدُ يُلْقى فِي المَخْضِ فَيُشْخِتُه المَخْضُ؛ وَقِيلَ:
الحَلِيجَةُ عُصارة نِحْيٍ، أَو لَبَنٌ يُنْقَعُ فِيهِ تَمْرٌ، وَهِيَ
حُلْوَةٌ؛ وَقِيلَ: الحَلِيجَةُ عُصارَة الحِنَّاءِ. والحُلُجُ:
عُصاراتُ الحنَّاء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَلِيجُ، بِغَيْرِ هَاءٍ،
عَنْ كُرَاعٍ: أَن يُحْلَبَ اللبنُ عَلَى التَّمْرِ ثُمَّ يُماثَ.
الأَزهري: الحُلُجُ هِيَ التُّمُورُ بالأَلْبانِ. والحُلُجُ أَيضاً:
الكثيرُو الأَكْلِ. وحَلَجَ فِي العَدْوِ يَحْلِجُ حَلْجاً: باعَدَ
بَيْنَ خُطاه. والحَلْجُ فِي السَّيْر. وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ صالحةٌ
وحَلجَةٌ بَعِيدَةٌ وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ بَعِيدَةٌ أَو قَرِيبَةٌ أَي
عُقْبَةُ سيْرٍ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ
الخَلْجُ فِي السَّيْر، يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ خَلْجَةٌ
بعيدةٌ، قَالَ: وَلَا أَنكر الْحَاءَ بِهَذَا الْمَعْنَى، غَيْرَ أَن
الخَلْجَ، بِالْخَاءِ، أَكثر وأَفشى مِنَ الحَلْجِ. وحَلَجَ القومُ
لَيْلَتَهُمْ أَي سَارُوهَا. يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ
بعيدةٌ. والحَلْجُ: المَرُّ السريعُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: حَتَّى تَرَوْه يَحْلِجُ فِي قَوْمِهِ
أَي يُسرعُ فِي حُبِّ قَوْمِهِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ. الأَزهري:
حَلَجَ إِذا مَشَى قَلِيلًا قَلِيلًا. وحَلَجَ المرأَةَ حَلْجاً:
نَكَحَهَا، وَالْخَاءُ أَعلى. وحَلَجَ الديكُ يَحْلُجُ ويَحْلِجُ
حَلْجاً إِذا نَشَرَ جَنَاحَيْهِ وَمَشَى إِلى أُنثاه لِيَسْفَدَها.
وحَلَجَ السحابُ حَلْجاً: أَمطر؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهُذلي:
(2/239)
أَخِيلُ بَرْقاً مَتى حابٍ لَهُ زَجَلٌ،
... إِذا تَفَتَّرَ مِنْ تَوْماضِهِ حَلَجا
وَيُرْوَى خَلَجا. مَتَى، هَاهُنَا: بِمَعْنَى مِن أَو بِمَعْنَى
وَسَطٍ أَو بِمَعْنَى فِي. وَمَا تَحَلَّجَ ذَلِكَ فِي صَدْرِي أَي مَا
تَرَدَّدَ فأَشكُّ فِيهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: دَعْ مَا تَحَلَّجَ فِي
صَدْرِكَ وَمَا تَخَلَّج، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ؛ قَالَ شَمِرٌ:
وَهُمَا قَرِيبَانِ مِنَ السَّواءِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: تَحَلَّجَ فِي
صَدْرِي وتَخَلَّجَ أَي شَكَكْتُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لَا يَتَحَلَّجَنَّ فِي صَدْرِكَ طعامٌ ضارَعْتَ فِيهِ
النَّصْرانيَة.
قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَى لَا يتحلَّجن لَا يَدْخُلَنَّ قلبَك مِنْهُ
شيءٌ، يَعْنِي أَنه نَظِيفٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصله مِنَ
الحَلْجِ، وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ،
وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ
الْخَفِيفِ: مِحْلَجٌ ومِحْلاجٌ، وَجَمْعُهُ المَحالِيجُ؛ وَقَالَ فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ: المَحالِيجُ الحُمُرُ الطِّوالُ. الأَزهري: وَفِي
نَوَادِرِ الأَعراب: حَجَنْتُ إِلى كَذَا حُجوناً وحاجَنْتُ
وأَحْجَنْتُ وأَحْلَجْتُ وحالَجْتُ ولاحَجْتُ ولحَجْتُ لحُوجاً؛
وتفسيرهُ: لُصُوقُكَ بِالشَّيْءِ ودخُولُكَ في أَضْعافِه.
حلدج: الحُلُنْدُجَةُ والجُلُنْدُحَةُ «2» : الصُّلْبة مِنَ الإِبل،
وَهُوَ مَذْكُورٌ في جلدح.
حمج: التَّحْمِيجُ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَتَحْدِيدُ النَّظَرِ كأَنه
مَبْهُوتٌ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ:
وحَمَّجَ لِلْجَبانِ المَوْتُ، ... حَتَّى قَلْبُهُ يَجِبُ
أَراد: حَمَّجَ الجبانُ لِلْمَوْتِ، فَقلَبَ؛ وقيل: تَحْمِيجُ العينين
غُؤُورُهُما؛ وَقِيلَ: تَصْغِيرُهُمَا لِتَمْكِينِ النَّظَرِ.
الْجَوْهَرِيُّ: حَمَّجَ الرجلُ عَيْنَهُ يَسْتَشِفُّ النظرَ إِذا
صَغَّرَها؛ وَقِيلَ: إِذا تَخاوَصَ «3» الإِنسانُ، فَقَدْ حَمَّجَ.
قَالَ الأَزهري: أَما قَوْلُ اللَّيْثِ فِي تَحْمِيجِ الْعَيْنِ إِنه
بِمَنْزِلَةِ الغُؤُور فَلَا يُعرف، وَكَذَلِكَ التَّحْمِيجُ بِمَعْنَى
الهُزال مُنْكَرٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وَقَدْ يَقُودُ الخَيْلَ لَمْ تُحَمَّجِ
فَقِيلَ: تَحْمِيجُهَا هُزَالُهَا، وَقِيلَ: هُزَالُهَا مَعَ غُؤُور
أَعينها. وَالتَّحْمِيجُ: التَّغَيُّرُ فِي الْوَجْهِ مِنَ الْغَضَبِ
وَغَيْرِهِ. وحَمَّجَتِ العينُ إِذا غَارَتْ. وَالتَّحْمِيجُ:
النَّظَرُ بِخَوْفٍ. وَالتَّحْمِيجُ: فَتْحُ الْعَيْنِ فَزَعًا أَو
وَعِيدًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ شَاهِدًا كَانَ عِنْدَهُ فَطَفِقَ
يُحَمِّجُ إِليه النظرَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْجِيمِ،
وَهُوَ سَهْوٌ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ لُغَةٌ فِيهِ.
والتَّحْمِيجُ: تَغَيُّرٌ فِي الْوَجْهِ مِنَ الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا لِي أَراك
مُحَمِّجاً؟
قَالَ الأَزهري: التَّحميج عِنْدَ الْعَرَبِ نظرٌ بتَحْديقٍ. وَقَالَ
أَبو عُبَيْدَةَ: التَّحْمِيجُ شدَّة النَّظَرِ. وَقَالَ بَعْضُ
الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي
رُؤُسِهِمْ؛ قَالَ: مُحَمِّجِينَ مُديمي النَّظَرِ؛ وأَنشد أَبو
عُبَيْدَةَ لِذِي الإِصبع:
أَإِنْ رأَيتَ بَني أَبيك ... مُحَمِّجِينَ إِليكَ شُوسا
حملج: حَمْلَجَ الحَبْلَ أَي فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا؛ قَالَ
__________
(2) . قوله [الحلندجة والجلندحة] كذا بالأَصل بهذا الضبط وأَقره شارح
القاموس وزاد فتح اللام والدال فيهما، والنون على كل ساكنة.
(3) . قوله [تخاوص] كذا بالأَصل بهذا الضبط. قال في القاموس في مادة
خوص: ويتخاوص إِذا غَضَّ مِنْ بَصَرِهِ شَيْئًا، وهو في ذَلِكَ
يُحَدِّقُ النَّظَرَ كأَنه يقوّم قدحاً. وكذا إِذا نظر إِلى عين الشمس
انتهى. وتحرفت في شرح القاموس المطبوع حيث قال إِذا تخافض.
(2/240)
الرَّاجِزُ:
قُلْتُ لِخَوْدٍ كاعبٍ عُطْبُولِ، ... مَيَّاسَةٍ كالظَّبْيَةِ
الخَذُولِ،
تَرْنُو بعَيْنَيْ شادِنٍ كَحيلِ: ... هَلْ لكِ فِي مُحَمْلَجٍ
مَفْتُولِ؟
والحِمْلاجُ: الحَبْلُ المُحَمْلَجُ. والمُحَمْلَجَةُ مِنَ الْحَمِيرِ:
الشديدةُ الطَّيِّ والجَدْلِ. والحِمْلاجُ: قَرْنُ الثَّوْرِ
وَالظَّبْيِ؛ قَالَ الأَعشى:
يَنْفُضُ المَرْدَ والكَباثَ بِحِمْلاجٍ ... لطيفٍ، فِي جانِبَيْهِ
انْفِراقُ
والحَمالِيجُ: قرونُ البَقَرِ، قَالَ: وَهِيَ مَنَافِخُ الصَّاغَةِ
أَيضاً. والحِمْلاجُ: مِنْفاخُ الصَّائِغِ. وَيُقَالُ لِلْعَيْرِ
الَّذِي دُوخِلَ خَلْقُهُ اكْتِنازاً: مُحَمْلَجٌ؛ وَقَالَ رؤْبة:
مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إِدْراجَ الطَّلَقْ
حنج: الحَنْجُ: إِمالَةُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ؛ يُقَالُ: حَنَجْتُه
أَي أَملته حَنْجاً فاحْتَنَجَ، فِعْلٌ لَازِمٌ؛ وَيُقَالُ أَيضاً:
أَحْنَجْتُه. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِحْناجُ أَن تَلْوِيَ الخَبَرَ
عَنْ وَجْهِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَتَحْمِلُ الأَرْواحُ وَحْياً مُحْنَجا ... إِليَّ، أَعْرِفْ وَحْيَها
المُلَجْلَجَا
والمُحْنَجُ: الكَلامُ المَلْوِيُّ عَنْ جِهَتِهِ كَيْلا يُفْطَنَ.
يُقَالُ: أَحْنَجَ كلامَهُ أَي لَوَاهُ كَمَا يَلْوِيهِ المخنَّث.
وَيُقَالُ: أَحْنَجَ عَليَّ أَمْرَه أَي لَوَاهُ. والمُحْنِجُ: الَّذِي
إِذا مَشَى نَظَرَ إِلى خَلْفِهِ برأْسه وَصَدْرِهِ؛ وَقَدْ أَحْنَجَ
إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. والأَحْناجُ: الأُصول، وَاحِدُهَا حِنْجٌ. قَالَ
الأَصمعي: يُقَالُ رَجَعَ فُلَانٌ إِلى حِنْجِهِ وبِنْجِهِ أَي رَجَعَ
إِلى أَصله. أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ الحِنْجُ والبِنْجُ. وحَنَجَ الحبلَ
يَحْنِجُه حَنْجاً: شَدَّ فَتْلَهُ، وَابْتَذَلَتِ العامَّة هَذِهِ
الْكَلِمَةَ فسمَّت المخنَّث حَنَّاجاً، لِتَلَوِّيهِ، وَهِيَ
فَصِيحَةٌ. وأَحْنَجَ الفرسُ: ضَمُرَ كأَحْنَقَ. والحَنْجَةُ: شَيْءٌ
مِنَ الأَدوات، وَهُوَ فِي نُسْخَةِ التَّهْذِيبِ المحْنَجَةُ.
حنبج: الحِنْبِجُ: الْبَخِيلُ. والحِنْبِجُ: أَضْخَمُ القَمْلِ؛
وَقَالَ الأَصمعي: الخِنْبِجُ، بِالْخَاءِ وَالْجِيمِ: الْقَمْلُ.
قَالَ الرِّيَاشِيُّ: وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مَا قَالَ الأَصمعي.
والحُنْبُجُ: الضَّخْمُ الْمُمْتَلِئُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَرَجُلٌ
حُنْبُجٌ وحُنابِجٌ. والحُنْبُجُ: الْعَظِيمُ. ابْنُ الأَعرابي:
الحُنابِجُ صِغَارُ النَّمْلِ. وَرَجُلٌ حُنْبُجٌ: مُنْتَفِخٌ عَظِيمٌ؛
وَقَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحَافَةَ:
كَأَنَّها، إِذْ ساقَتِ العَرافِجا ... مِنْ داسِنٍ، والجَرَعَ
الحَنابِجا
والحُنْبُجُ: السُّنْبُلَة الْعَظِيمَةُ الضَّخْمَةُ، حَكَاهُ أَبو
حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِجَنْدَلِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي صِفَةِ الْجَرَادِ:
يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الحُنابِجِ ... بالقاعِ، فَرْكَ القُطْنِ
بالمَحالِجِ
حندج: الحُنْدُجُ والحُنْدُجَةُ: رَمْلَةٌ طَيِّبَةٌ تُنْبِتُ أَلواناً
مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى أُقْحُوانٍ فِي حَنادِجَ حُرَّةٍ، ... يُناصي حَشاها عانِكٌ
مُتَكاوِسُ
حَشاها: نَاحِيَتُهَا. يُناصي: يُقَابِلُ. وَقِيلَ: الحُنْدُجَةُ
الرَّمْلَةُ الْعَظِيمَةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو
خَيْرَةَ وأَصحابه: الحُنْدوجُ
(2/241)
رَمْلٌ لَا يَنْقَادُ فِي الأَرض
وَلَكِنَّهُ مُنْبِتٌ. الأَزهري: الحَناديجُ حِبال الرَّمْلِ الطوالُ،
وَقِيلَ: الحَناديجُ رِمالٌ قِصارٌ، وَاحِدُهَا حُنْدُجٌ وحُنْدوجَةٌ؛
وأَنشدَ أَبو زَيْدٍ لجَنْدَلٍ الطَّهَوِيِّ فِي حَنادِجِ الرِّمَالِ
يَصِفُ الْجَرَادَ وَكَثْرَتَهُ:
يَثُورُ مِنْ مَشافِرِ الحَنادِجِ، ... وَمِنْ ثَنايا القُفِّ ذِي
الفَوائِجِ
مِنْ ثائرٍ وناقرٍ ودارِجِ، ... ومُسْتَقِلٍّ، فَوْقَ ذَاكَ، مائِجِ
يَفْرُك حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنافِجِ ... بِالْقَاعِ، فَرْكَ القُطْنِ
بالمَحالِجِ
الكُنافِج: السَّمِينُ الْمُمْتَلِئُ. التَّهْذِيبُ: الحَنادِجُ الإِبل
الضِّخامُ، شُبِّهَتْ بِالرِّمَالِ؛ وأَنشد:
مِنْ دَرِّ جُوفٍ جِلَّةٍ حَنادِجِ
والله أَعلم.
حنضج: رَجُلٌ حِنْضِجٌ: رِخْوٌ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ وأَصله من
الحَضْجِ [الحِضْجِ] ، وَهُوَ الْمَاءُ الْخَاثِرُ الَّذِي فِيهِ
طَمْلَةٌ «1» وطِينٌ. وحِنْضِجٌ: اسم.
حوج: الحاجَةُ والحائِجَةُ: المَأْرَبَةُ، مَعْرُوفَةٌ. وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي الأَسْفارَ، وجمعُ الْحَاجَةِ حاجٌ وحِوَجٌ؛
قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ طالَ مَا ثَبَّطْتَني عَنْ صَحابَتي، ... وعَنْ حِوَجٍ،
قَضَاؤُها مِنْ شِفَائِيَا
وَهِيَ الحَوْجاءُ، وَجَمْعُ الحائِجَة حوائجُ. قَالَ الأَزهري: الحاجُ
جمعُ الحاجَةِ، وَكَذَلِكَ الْحَوَائِجُ وَالْحَاجَاتُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
والشَّحْطُ قَطَّاعٌ رَجاءَ مَنْ رَجا، ... إِلَّا احْتِضارَ الحاجِ
مَنْ تَحَوَّجا
قَالَ شَمِرٌ: يَقُولُ إِذا بَعُدَ مَنْ تُحِبُّ انْقَطَعَ الرَّجَاءُ
إِلَّا أَن تَكُونَ حَاضِرًا لِحَاجَتِكَ قَرِيبًا مِنْهَا. قَالَ:
وَقَالَ رجاء من رجاء، ثُمَّ اسْتَثْنَى، فَقَالَ: إِلا احْتِضَارَ
الْحَاجِ، أَن يَحْضُرَهُ. وَالْحَاجُ: جَمْعُ حَاجَةٍ؛ قَالَ
الشَّاعِرُ:
وأُرْضِعُ حاجَةً بِلِبانِ أُخْرى، ... كَذَاكَ الحاجُ تُرْضَعُ
باللِّبانِ
وتَحَوَّجَ: طَلَبَ الحاجَةَ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
إِلَّا احْتِضارَ الحاجِ مَنْ تَحَوَّجا
والتَحَوُّجُ: طَلَبُ الْحَاجَةِ بَعْدَ الْحَاجَةِ. والتَحَوُّج: طلبُ
الحاجَةِ. غَيْرُهُ: الحاجَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، الأَصل فِيهَا
حائجَةٌ، حَذَفُوا مِنْهَا الْيَاءَ، فَلَمَّا جَمَعُوهَا رَدُّوا
إِليها مَا حَذَفُوا مِنْهَا فَقَالُوا: حاجةٌ وحوائجُ، فَدَلَّ
جَمْعُهُمْ إِياها عَلَى حَوَائِجَ أَن الْيَاءَ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا.
وحاجةٌ حائجةٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ. اللَّيْثُ: الحَوْجُ، مِنَ
الحاجَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: الحِوَجُ الحاجاتُ. وَقَالُوا: حاجةٌ
حَوْجاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: وحُجْتُ إِليك أَحُوجُ حَوْجاً وحِجْتُ،
الأَخيرةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ بْنِ مَعْرُوفٍ
الأَسدي:
غَنِيتُ، فَلَم أَرْدُدْكُمُ عِنْدَ بُغْيَةٍ، ... وحُجْتُ، فَلَمْ
أَكْدُدْكُمُ بِالأَصابِع
قَالَ: وَيُرْوَى وحِجْتُ؛ قَالَ: وإِنما ذَكَرْتُهَا هُنَا لأَنها
مِنَ الْوَاوِ، قَالَ: وَسَنَذْكُرُهَا أَيضا فِي الْيَاءِ
لِقَوْلِهِمْ حِجْتُ حَيْجاً. واحْتَجْتُ وأَحْوَجْتُ كَحُجْتُ.
__________
(1) . قوله [فيه طملة] بفتح الطاء وضمها وبتحريك الكلمة كلها كما في
القاموس.
(2/242)
اللِّحْيَانِيُّ: حاجَ الرجلُ يَحُوجُ
ويَحِيجُ، وَقَدْ حُجْتُ وحِجْتُ أَي احْتَجْتُ. والحَوْجُ: الطَّلَبُ.
والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه اللَّهُ. والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ مِنْ
قَوْمٍ مَحاويجَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَحاويجَ إِنما
هُوَ جَمْعُ مِحْواجٍ، إِن كَانَ قِيلَ، وإِلَّا فَلَا وَجْهَ
لِلْوَاوِ. وتَحَوَّجَ إِلى الشَّيْءِ: احْتَاجَ إِليه وأَراده.
غَيْرُهُ: وَجَمْعُ الحاجةِ حاجٌ وحاجاتٌ وحَوائِجُ عَلَى غَيْرِ
قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا حائِجَةً، وَكَانَ الأَصمعي يُنْكِرُهُ
وَيَقُولُ هُوَ مولَّد؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما أَنكره
لِخُرُوجِهِ عَنِ الْقِيَاسِ، وإِلَا فَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ؛ وَيَنْشُدُ:
نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى ... حَوائِجُهُ، مِنَ
اللَّيْلِ الطَّويلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَنكره الأَصمعي لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ
جَمْعِ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ يَزْعُمُونَ أَنه جَمْعٌ
لِوَاحِدٍ لَمْ يُنْطَقْ بِهِ، وَهُوَ حَائِجَةٌ. قَالَ: وَذَكَرَ
بَعْضُهُمْ أَنه سُمِعَ حائِجَةٌ لُغَةٌ فِي الحاجةِ. قَالَ: وأَما
قَوْلُهُ إِنه مُوَلَّدٌ فإِنه خطأٌ مِنْهُ لأَنه قَدْ جَاءَ ذَلِكَ
فِي حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَفِي أَشعار الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ، فَمِمَّا جَاءَ فِي
الْحَدِيثِ مَا رُوِيَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن لِلَّهِ عِبَادًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ
النَّاسِ، يَفْزَعُ الناسُ إِليهم فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولئك
الْآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
اطْلُبُوا الحوائجَ إِلى حِسانِ الْوُجُوهِ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اسْتَعِينُوا عَلَى نَجاحِ الْحَوَائِجِ بالكِتْمانِ لَهَا
؛ وَمِمَّا جَاءَ فِي أَشعار الْفُصَحَاءِ قَوْلُ أَبي سَلَمَةَ
الْمُحَارِبِيِّ:
ثَمَمْتُ حَوائِجِي ووَذَأْتُ بِشْراً، ... فبِئْسَ مُعَرِّسُ
الرَّكْبِ السِّغابُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ثَمَمْتُ أَصلحت؛ وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ
عَلَى أَن حَوَائِجَ جَمْعُ حَاجَةٍ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ
جَمْعُ حَائِجَةٍ لُغَةٌ فِي الحاجةِ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخِ:
تَقَطَّعُ بَيْنَنَا الحاجاتُ إِلَّا ... حوائجَ يَعْتَسِفْنَ مَعَ
الجَريء
وَقَالَ الأَعشى:
الناسُ حَولَ قِبابِهِ: ... أَهلُ الْحَوَائِجِ والمَسائلْ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَلِي ببلادِ السِّنْدِ، عندَ أَميرِها، ... حوائجُ جمَّاتٌ، وعِندي
ثوابُها
وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحَافَةَ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحوائِجَا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها
الخَلانِجَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكُنْتُ قَدْ سُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ
الرَّئِيسِ أَبي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ فِي
كِتَابِهِ دُرَّة الغَوَّاص: إِن لَفْظَةَ حَوَائِجَ مِمَّا توهَّم فِي
اسْتِعْمَالِهَا الْخَوَاصُّ؛ وَقَالَ الْحَرِيرِيُّ: لَمْ أَسمع
شَاهِدًا عَلَى تَصْحِيحِ لَفْظَةِ حَوَائِجَ إِلا بَيْتًا وَاحِدًا
لِبَدِيعِ الزَّمَانِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فَسِيَّانِ بَيْتُ العَنْكَبُوتِ وجَوْسَقٌ ... رَفِيعٌ، إِذا لَمْ
تُقْضَ فِيهِ الحوائجُ
فأَكثرت الِاسْتِشْهَادَ بِشِعْرِ الْعَرَبِ وَالْحَدِيثِ؛ وَقَدْ
أَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَيضاً:
صَرِيعَيْ مُدامٍ، مَا يُفَرِّقُ بَيْنَنا ... حوائجُ مِنْ إِلقاحِ
مالٍ، وَلَا نَخْلِ
(2/243)
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
مَنْ عَفَّ خَفَّ، عَلَى الوُجُوهِ، لِقاؤُهُ، ... وأَخُو الحَوائِجِ
وجْهُه مَبْذُولُ
وأَنشد أَيضاً:
فإِنْ أُصْبِحْ تُخالِجُني هُمُومٌ، ... ونَفْسٌ فِي حوائِجِها
انْتِشارُ
وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ:
خَلِيلَيَّ إِنْ قامَ الهَوَى فاقْعُدا بِهِ، ... لَعَنَّا نُقَضِّي
مِنْ حَوائِجِنا رَمّا
وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِبَعْضِ الرُّجّاز:
يَا رَبَّ، رَبَّ القُلُصِ النَّواعِجِ، ... مُسْتَعْجِلاتٍ بِذَوِي
الحَوائِجِ
وَقَالَ آخَرُ:
بَدَأْنَ بِنا لَا راجِياتٍ لخُلْصَةٍ، ... وَلَا يائِساتٍ مِنْ قَضاءِ
الحَوائِجِ
قَالَ: وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ إِيضاحاً مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ؛
قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ فِي فَصْلِ [رَاحَ] يُقَالُ: يَوْمٌ
راحٌ وكَبْشٌ ضافٌ، عَلَى التَّخْفِيفِ، مِن رَائِحٍ وَضَائِفٍ،
بِطَرْحِ الْهَمْزَةِ، كَمَا قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فَاهَا، فَلَوْنهُ ... كَلَوْنِ النَّؤُورِ،
وهْي أَدْماءُ سارُها
أَي سَائِرُهَا. قَالَ: وَكَمَا خَفَّفُوا الْحَاجَةَ مِنَ
الْحَائِجَةِ، أَلا تَرَاهُمْ جَمَعُوهَا عَلَى حَوَائِجَ؟ فأَثبت
صِحَّةَ حَوَائِجَ، وأَنها مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وأَن حَاجَةً
مَحْذُوفَةٌ مِنْ حَائِجَةٍ، وإِن كَانَ لَمْ يُنْطَقْ بِهَا عِنْدَهُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فِي كِتَابِهِ
اللُّمَعِ، وَحَكَى الْمُهَلَّبِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه قَالَ
حَاجَةٌ وَحَائِجَةٌ، وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ
الْعَلَاءِ أَنه يُقَالُ: فِي نَفْسِي حاجَةٌ وَحَائِجَةٌ وحَوْجاءُ،
وَالْجَمْعُ حاجاتٌ وحوائجُ وحاجٌ وحِوَجٌ. وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ
فِي كِتَابِهِ الأَلفاظ بَابُ الْحَوَائِجِ: يُقَالُ فِي جَمْعِ حاجةٍ
حاجاتٌ وحاجٌ وحِوَجٌ وحَوائجُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ،
فِيمَا جَاءَ فِيهِ تَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ، بِمَعْنًى، يُقَالُ:
تَنَجَّزَ فلانٌ حوائِجَهُ واسْتَنْجَزَ حوائجَهُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ
مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِلى أَن حَوَائِجَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ
حَوْجَاءَ، وَقِيَاسُهَا حَواجٍ، مِثْلُ صَحارٍ، ثُمَّ قُدِّمَتِ
الْيَاءُ عَلَى الْجِيمِ فَصَارَ حَوائِجَ؛ وَالْمَقْلُوبُ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ كَثِيرٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بُداءَاتُ حَوائجك، فِي
كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ ابْنُ السِّكِّيتِ:
إِنهم كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْبَسَاتِينِ
وَالرَّاحَاتِ، وإِنما غَلِطَ الأَصمعي فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا
حُكِيَ عَنْهُ حَتَّى جَعَلَهَا مُوَلَّدَةً كونُها خَارِجَةً عَنِ
الْقِيَاسِ، لأَن مَا كَانَ عَلَى مِثْلِ الْحَاجَةِ مِثْلَ غارةٍ
وحارَةٍ لَا يُجْمَعُ عَلَى غَوَائِرَ وَحَوَائِرَ، فَقَطَعَ بِذَلِكَ
عَلَى أَنها مُوَلَّدَةٌ غَيْرُ فَصِيحَةٍ، عَلَى أَنه قَدْ حَكَى
الرَّقَاشِيُّ وَالسِّجِسْتَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ
الأَصمعي أَنه رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وإِنما هُوَ شَيْءٌ كَانَ
عَرَضَ لَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ، قَالَ: وَهَذَا الأَشبه
بِهِ لأَن مِثْلَهُ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ إِذ كَانَ مَوْجُودًا فِي
كَلَامِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَلَامِ
الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ؛ وكأَن الْحَرِيرِيَّ لَمْ يَمُرَّ بِهِ إِلا
الْقَوْلُ الأَول عَنِ الأَصمعي دُونَ الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعلم.
والحَوْجاءُ: الحاجةُ. وَيُقَالُ مَا فِي صَدْرِي بِهِ حَوْجَاءُ وَلَا
لَوْجاءُ، وَلَا شَكٌّ وَلَا مِرْيَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ:
لَيْسَ فِي أَمرك حُوَيْجاءُ وَلَا لُوَيْجاءُ وَلَا رُوَيْغَةٌ، وَمَا
فِي الأَمر حَوْجاء وَلَا لَوْجاء أَي شَكٌّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وحاجَ
يَحوجُ حَوْجاً أَي احْتَاجَ. وأَحْوَجَه إِلى غَيْرِهِ وأَحْوَجَ
أَيضاً: بِمَعْنَى احْتَاجَ. اللِّحْيَانِيُّ: مَا لِي فِيهِ
(2/244)
حَوْجاءُ وَلَا لَوْجَاءُ وَلَا حُوَيجاء
وَلَا لُوَيجاء؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ:
مَنْ كانَ، فِي نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فَإِني لَهُ
رَهْنٌ بإِصْحارِ
أُقِيمُ نَخْوَتَه، إِنْ كَانَ ذَا عِوَجٍ، ... كَمَا يُقَوِّمُ،
قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ:
أُقِيمُ عَوْجَتَه إِن كَانَ ذَا عِوَجٍ
وَهَذَا الشِّعْرُ تَمَثَّلَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعْدَ قَتْلِ
مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ
بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ:
وَمَا أَظنكم تَزْدَادُونَ بعدَ المَوْعظةِ إِلَّا شَرًّا، وَلَنْ
نَزْدادَ بَعد الإِعْذار إِليكم إِلّا عُقُوبةً وذُعْراً، فَمَنْ شَاءَ
مِنْكُمْ أَن يَعُودَ إِليها فَلْيَعُدْ، فإِنما مَثَلي ومَثَلكم كَمَا
قَالَ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ:
مَنْ يَصْلَ نارِي بِلا ذَنْبٍ وَلَا تِرَةٍ، ... يَصْلي بنارِ كريمٍ،
غَيْرِ غَدَّارِ
أَنا النَّذِيرُ لَكُمْ مِنِّي مُجاهَرَةً، ... كَيْ لَا أُلامَ عَلَى
نَهْيي وإِنْذارِي
فإِنْ عَصِيْتُمْ مَقَالِي، اليومَ، فاعْتَرِفُوا ... أَنْ سَوْفَ
تَلْقَوْنَ خِزْياً، ظاهِرَ العارِ
لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً، ... لَهْوَ المُقِيمِ، ولَهْوَ
المُدْلِجِ السارِي
مَنْ كانَ، فِي نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فإِني لَهُ
رَهْنٌ بإِصْحارِ
أُقِيمُ عَوْجَتَه، إِنْ كانَ ذَا عِوَجٍ، ... كَمَا يُقَوِّمُ، قِدْحَ
النَّبْعَةِ، البارِي
وصاحِبُ الوِتْرِ لَيْسَ، الدَّهْرَ، مُدْركَهُ ... عِندي، وَإِنِّي
لَدَرَّاكٌ بِأَوْتارِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى سَعْدَ بنَ زُرارَةَ وَقَالَ: لَا أَدع فِي نَفْسِي
حَوْجاءَ مِنْ سَعْدٍ
؛ الحَوْجاءُ: الْحَاجَةُ، أَي لَا أَدع شَيْئًا أَرى فِيهِ بُرْأَة
إِلّا فَعَلْتُهُ، وَهِيَ فِي الأَصل الرِّيبَةُ الَّتِي يَحْتَاجُ
إِلى إِزالتها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَتَادَةَ قَالَ فِي سَجْدَةِ حم: أَن تَسْجُدَ بالأَخيرة مِنْهُمَا،
أَحْرى أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِكَ حَوْجاءُ
أَي لَا يَكُونُ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَن مَوْضِعَ
السُّجُودِ مِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، هَلْ هُوَ فِي آخِرِ الْآيَةِ
الأُولى أَو آخِرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، فَاخْتَارَ الثَّانِيَةَ
لأَنه أَحوط؛ وأَن يَسْجُدَ فِي مَوْضِعِ المبتدإِ، وأَحرى خَبَرُهُ.
وكَلَّمه فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ حَوْجاء وَلَا لَوْجاء، مَمْدُودٌ،
وَمَعْنَاهُ: مَا ردَّ عَلَيْهِ كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً،
وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: فَمَا رَدَّ عليَّ سَوْدَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ
أَي كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً. وَمَا بَقِيَ فِي صَدْرِهِ
حَوْجَاءُ وَلَا لَوْجَاءُ إِلا قَضَاهَا. وَالْحَاجَةُ: خَرَزَةٌ «2»
لَا ثَمَنَ لَهَا لِقِلَّتِهَا وَنَفَاسَتِهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَجاءَت كخاصِي العَيْرِ لَمْ تَحْلَ عاجَةً، ... وَلَا حاجَةٌ مِنْهَا
تَلُوحُ عَلَى وَشْمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَكْتُ مِنْ حاجَةٍ
وَلَا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ
؛ أَي مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنَ الْمَعَاصِي دَعَتْنِي نَفْسِي إِليه
إِلا وَقَدْ رَكِبْتُهُ؛ وداجَةٌ إِتباع لِحَاجَةٍ، والأَلف فِيهَا
مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ. وَيُقَالُ لِلْعَاثِرِ: حَوْجاً لَكَ أَي
سلامَةً
__________
(2) . قوله [والحاجة خرزة] مقتضى إيراده هنا أنه بالحاء المهملة هنا،
وهو بها في الشاهد أيضاً. وكتب السيد مرتضى بهامش الأَصل صوابه:
والجاجة، بجيمين، كما تقدم في موضعه مع ذكر الشاهد المذكور.
(2/245)
وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ: حُجْ حُجَيَّاكَ، قَالَ:
كأَنه مقلوبٌ مَوْضِعُ اللَّام إِلى الْعَيْنِ.
حيج: حِجْتُ أَحِيجُ حَيْجاً: احْتَجْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ
وَاللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ نَادِرَةٌ لأَنَّ أَلف الحاجَةِ وَاوٌ،
فَحُكْمُهُ حُجْتُ كَمَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
وَلَوْلَا حَيْجاً لَقُلْتُ إِنَّ حِجْتُ فَعِلْتُ، وإِنه مِنَ
الْوَاوِ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي طِحْتُ. والحاجُ: نَبْتٌ
مِنَ الحَمْضِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ مِنَ الشَّوْكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِليه الْحَاجَةَ: انْطَلِقْ إِلى هَذَا
الْوَادِي وَلَا تَدَعْ حَاجًا وَلَا حَطَباً وَلَا تأْتني خَمْسَةَ
عَشَرَ يَوْمًا
؛ الحاجُ: الشَّوْك، الْوَاحِدَةُ حَاجَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الْحَاجُ
ضَرْبٌ مِنَ الشَّوْكِ وَهُوَ الكَبَرُ، وَقِيلَ: نَبْتٌ غَيْرُ
الْكَبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْحَاجُ
مِمَّا تَدُومُ خُضْرَته وَتَذْهَبُ عُرُوقُهُ فِي الأَرض مَذْهَباً
بَعيداً، ويُتَداوَى بِطَبِيخِهِ، وَلَهُ وَرَقٌ دِقاق طِوال، كأَنه
مُساوٍ لِلشَّوْكِ فِي الْكَثْرَةِ، وَتَصْغِيرُهُ حُيَيْجَةٌ؛ عَنِ
الْكِسَائِيِّ. وأَحاجَتِ الأَرضُ وأَحْيَجَتْ: كَثُرَ بِهَا الحاجُ؛
وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنها الحاجُ أَفاضَتْ عَصَبُهُ
أَراد الحاجَّ، فَحَذَفَ إِحدى الْجِيمَيْنِ وخَفَّفه كَقَوْلِهِ:
يَسُوءُ الفالِياتِ إِذا فَلَيْني
أَراد فَلَيْنَني، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ في
حوج. |